Professional Documents
Culture Documents
نسخة لوط
نسخة لوط
ٌر
1
دراسة تأصيلية مقارنة
An opinion on the realization of the name
husam.qaddoori@ircoedu.uobaghdad.edu.iq
+9647711594810
Keywords : . لغات سامية، لغة عربية، مقارنة، تأصيل، لوط: الكلمات المفتاحية 1
The names, or the attributes mentioned in the Holy Qur’an, carry many
connotations, and the assumption of Al-Khalil Al-Farahidi was the
relationship between the name of God’s Prophet Lot (peace be upon him)
and the reprehensible action of his people that raised the question of the
researcher about the validity and value of this claim; Because it contradicts
doctrinally with the infallibility of the Prophets (peace be upon him), which
requires a rational mind that would cleanse them from everything that
harms them.
This matter prompted the researcher to question the meaning of the name
of the Prophet of God Lot (peace be upon him), knowing this meaning
completely refutes that alleged relationship and rejects it. Determining that
meaning according to his vision based on the existence of a general context
that determines the meanings of the names in the Holy Qur’an.
With a review of what Abu Saada mentioned, and the connotations that
were split from the root (l and i) due to the phonetic substitution in Arabic
and the rest of the Semites, it became clear that we can assume other
connotations and meanings for this name. Because it has a different
general context, the name dates back to the era of Ibrahim (peace be upon
him), and not to the time of his people.
2
مقدمة :
يدور في الخلد سؤال مهم ؛ تعليقاً على قول أستاذ العربية الكبير الخليل بن أحمد الفراهيدي
يفسر معنى لوط قائالً " :ولوط :اسم نبي ،كان ذا قرابة إلبراهيم عليهما
( ت 175هـ ) ،وهو ّ
السالم ،بعثه هللا إلى قومه فكذبوه [ وأحدثوا ما أحدثوا ] فاشتق الناس من اسمه فعال لمن فعل فعل
.والسؤال هو :لماذا كان اسم نبي هللا لوط (ع) داالً على حادثة قومه الشهيرة ؟ ، ( )2
قومه "
وما القرابة بين اسمه وتلك الفعلة الشنعاء ؟ ،ولم لم يتصل ذلك الفعل باسم أحد من قومه غيره
(ع) !؟
ٍ
قومه عن ارتكاب
النبي لوط (ع) َ
ّ المصطفوي ّ
أن العالقة مبنية بلحاظ نهي ّ العالمة
وذكر ّ
هذا الفعل المنكر فارتبطت تسمية ذلك الفعل المنكر باسمه ،وكالمه غير دقيق ؛ ألنه يفترض
مسبقاً أن يكون جذر اسمه (ع) من (ل و ط) بالطاء تحديداً ،وال دليل عبيه مطلقاً ،وأنه يلزم
العالمة
.وحكم ّ ( )3
منه ورود هذا اللفظ للفعل المنكر في العبرية وغيرها ،وال دليل عليه أيضاً
المصطفوي بعبرّية اللفظ ؛ فإن كان المقصود بذلك العلمية ففيه وجه ؛ ألنه أقدم مصادر ورود
( . )4
اسمه (ع) وجداناً ؛ ال وجوداً
3
خل ويتعارض والقول فإن ارتباط دالالت الفاحشة القبيحة باسمه ُّ
يعد عيباً وشيناً ُي ّ واالعتقاد ،وعليه ّ
كل قبيح .والزم هذا يقتضي أمرين :
بلوازم العصمة وتنزيه األنبياء (ع) عن ّ
وهذا البحث يحاول إيضاح حقيقة اسم نبي هللا لوط (ع) ،ومعناه معتمداً على دراسة القرابة
اللغوية لجذر هذا االسم ببقية الجذور المشابهة له في الصوت والمعنى من جهة ،وما تكشف بقية
اللغات السامية من معنى اسمه من جهة أخرى ،وليس ما ُيس ّ
ط ُر في هذا البحث على وجه القطع
والجزم ،بل هو افتراض تعضدهُ األدلة ،وهو محل للنقاش قبوالً ،ورفضاً ،وهللا تعالى مولى
الخلق في األولى ،واآلخرة ،وهو أعلم باألمور .
4
-المبحث األول :اسم نبي هللا لوط (ع) رؤية أولى :
إهمال متعمدٌ : •
-1إهمال أغلب ُش ّراح العهد القديم ( التوراة ) إيضاح معنى اسمه (ع) .
تعمد بعض ُكتّاب العهد القديم اإلساءة إلى مقام نبي هللا لوط (ع) ،في قصة ابنتيه
ّ -2
ٍ
مستهجن ال يرتضيه صورت التوراة النبي لوط (ع) وابنتيه في وضع المزعومة ،إذ ّ
تعرض كثير من العلماء
؛ وقد ّ
()5
العقل ،والدين من ارتكاب الفحشاء ،والمنكر
، ()7
سرهما )
قدس هللا ّ
،والسيد الخوئي ( ّ
()6
لتفنيدها ،وتكذيبها كالعالّمة البالغي
وغيرهما .
• سياق النص القرآني ينفي إدعاء الخليل :
5
ورد ذكر نبي هللا لوط (ع) في القرآن الكريم على شكلين ،هما :
-مقترناً بنبي هللا إبراهيم (ع) .ومن ذلك قوله تعالى ( :فل َّما رأى أيدي ُهم ال تص ُل
إليه نكرهُم و أوجس من ُهم خيف ًة قاُلوا ال تخف إَّنا أُرسلنا إلى قوم ُلوط ) (، )8
وقوله تعالى ( :و قو ُم إبراهيم و قو ُم ُلوط ) ( . )9
-منفرداً في قصته ،وقومه .ومنه قوله تعالى ( :قاُلوا يا ُلوطُ إَّنا ُر ُس ُل ربك لن
يصُلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من َّ
الليل و ال يلتفت من ُكم أحٌد إالَّ امرأتك إ َّن ُه
الصب ُح بقريب) (. )10
الصب ُح أ ليس ُّ
يبها ما أصاب ُهم إ َّن موعد ُه ُم ُّ
ُمص ُ
وفي كال السياقين ما ينفي إدعاء الخليل هذا ،إذ يظهر اسم نبي هللا لوط (ع) معروفاً في
الخطاب من دون تقييد زمني ظاهر بالفاحشة وفعل قومه لها ،إذ على ّ
مدعي ذلك الدليل ،ولم
يدل بوضوح على
المكرمين حرجاً بمناداته بهذا االسم بما ّ
ّ يتخذ نبي هللا إبراهيم (ع) ،وال المالئكة
عدم اقتران اسمه ،والمعنى الذي قصده الخليل .وإذا أخذنا بنظر االعتبار ما يحمله نسج سورة
وغيره ؛ فإنه ليس الشعراء من تشكيل خبري متكرر ،على نحو ( َك َّذ َب ْت َق ْوُم ُنو ٍح اْل ُم ْرَسل َ
ين)
()11
هناك َمن ّيدعي أن هناك صلة ،وسبباً لتسمية نوح (ع) باسمه هو نوح قومه مثالً !!!
وقد ورد في القرآن الكريم اقتران اسم النبي لوط (ع) بقومه على نحو اإلضافة ؛ أي قوم
ّ
اض مبنيمسوغاً لتلك النسبة المزعومة بين اسمه وفعل المنكر ،وهذا االفتر ُ
ولعل هذا كان ّ
لوط ّ ،
ّ
االدعاء أي نسبتهم
على توثيق استعمال قوم لوط في كالم العرب قبل القرآن الكريم حتى يص ّح هذا ّ
إليه بالقول لوطي ثم انزاحت الداللة إلى معنى الفاحشة وحدها ،وال دليل على ذلك كلّه .
الحج ، 43 :وينظر :الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره ،وأحكامه، ()9
6
بالسب ،فال يلزم بل يذهب بعض الفقهاء إلى أن النسبة إلى ٍ
لوط (ع) ال تستوجب اتهاماً
ّ ّ ُ ُ
ال
ال الخرقي :وإذا َق َ
منها تعزي اًر ،أو عقاباً ،قال ابن رجب " :قرأت بخط الشيخ بهاء الدينَ ،ق َ
ان مشركاً ال :أردت أ ََّن ُه من قوم لوط ،فال َش ْيء َعَل ْيهَ .وَق َ
ال :إ َذا قذف من َك َ َل ُه :يا لوطي َّّ ،وَق َ
ال :أردت أَنَّ ُه زنى َو ُه َو مشركَ ،ل ْم يلتفت إَلى َق ْوله َو ُح َّد .سألت موفق الدين َعن الفرق بينهما.
َوَق َ
الَ :ق ْد قيل في األدلة :إنها َعَلى خالف الظاهر ،وأنه ال يلتفت إَلى َق ْوله كالثانية ،ألن قوم لوط
َفَق َ
َقد انقرضوا ،وهذا بحيد .وإن فرق بينهما ،فألنه إ َذا َق َ
ال :أردت إنه زنى َو ُه َو مشركَ ،فَق ْد ألحق به
العار في الحال بقوله :يا زاني ،والزنا عار في حالة الشركَ ،وَق ْد وصفه به َو ُه َو ُم ْسلم ،فال يلتفت
ألن
ال :أردت أنك من قوم لوط َفَق ْد نفى َع ْن ُه العار؛ ّ لوطيَ ،وَق َ ال :يا
َما إ َذا َق َ
إَلى تفسيره ويحدَ .وأ َّ
ّ
كونه من قوم لوط :ال عار فيهَ ،وَق ْد فسر اللفظ ب َما يحتمله .وهللا أعلم" (. )12
طال
ط ُه باْلَقار َ
َج َر َب َال َ
َكأ ْ اعَل َم َّن ب َذ َ
اك فيه ْم َي َرْوَن َك َف ْ
( )14
حتج بلغته ،وهو صحابي ،فلم يستعمل اللفظة في معناها السلبي .
وحميد بن ثور مخضرم ُي ّ
ُ
ّ ّ
()15
ط ُه بدهان
ف لي َ
المثَّق ُ
َد َه َن ُ الضباب َكأَنَّما
حت َالهما تَ َ
َوك ُ
7
عمر بن أبي ربيعة ،فقال :
وكذا استعملها ُ
واألمثلة على ذلك كثيرة تُثبت أن الجذر (ل و ط) ال يحمل ذلك التشدد في استعمال اللفظة بمعناها
يتحرج الفصحاء في استعمالها .
السلبي القبيح ،بل كانت من األلفاظ المألوفة التي ال ّ
الدقة ،وهو ويؤيد هذا االفتراض كالم ألبي هالل العسكر ّي ( ت 395هـ) ُي ّ
حدد فيه أم اًر في غاية ّ
خلو شعر العرب من وصف هذا الفعل القبيح ،فيقول " :وكان ابتداؤه اول ما ظهر من خراسان ّ
في صدر االسالم ولم يعرف أهل الجاهلية من العرب والعجم أصالً ،والدليل على ذلك أنه لم يرو
فيه شعر وال مثل ،وكان من عادتهم ان يقولوا االشعار الكثيرة فى الشىء الزهيد كقولهم فى الفأر
الضب ،واليربوع ،وغير ذلك ،ولو كان معروفاً ذلك الفعل عندهم
ّ والجوز ،وحكايتهم عن لسان
. ( )17
لعيروا به أو وصفوه ،فأنهم يصفون ما دونه "
ّ
أما التسمي ُة بهذا االسم فكانت مألوفة عند العرب ،فممن ُسمي (لوطاً) :
ّ
. ()18
-الشاعر لوط الطائي ،مخضرم يذكر في شعراء اللصوص ترجمته قليلة
اق بن المغيرة بن ْنوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن
إس َح َ
ط بن ْ
ُ -لو ُ
أمه أم إسحاق بنت سعيد بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب،
عبد مناف ،و ّ
عالما قليل الحديث .توفي في خالفة
عابدا ً
وكان لوط ُيكنى أبا المغيرة .وكان ً
. ()19
أبي جعفر المنصور
البراء ْبن عازب األَنصار ّي الصحابي ،وقيل :اسمه : ُّ -
الزَبير ْبن ُلوط ،وعمه َ
ّ
أَبو لُوط ،رٍاو ّ
محدث (. )20
ينظر :التاريخ الكبير . 411 /3 :وينظر :إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال/4 : ()20
. 344
8
-أبو مخنف ؛ لوط بن يحيى ،صاحب األخبار ،وله (مقتل الحسين) مشهور ،
. ()21
ضعيف في الحديث
نرصد خب اًر يمكن أن نتلمس منه بدايات ارتباط هذا االسم بالفعل المنكر؛ أذ روي ألبي نواس
ُ ولعلّنا
للشك فيها ،وال سيما
ّ ما يهجو بيه أبي عبيدة ،والروايات في القصة مضطربة الصياغة بما يدعو
ولكن ما
ّ ذمه ،
أن أباعبيدة ممن ُرمي بالشعوبية ،فال عجب أن تُفتعل القصص واألشعار في ّ
ّ
يدعو للتساؤل في األمر توظيف الشعر لنسبة االسم للفعل المنكر نفسه ،فقد ورد قول أبي نواس
فيه :
وال يفهم من البيت تلك الدعوى ّإال على نحو السخرية واالستهزاء ،و ّإال كيف نجمع بين قوله :
اإلله على لوط ،ثم نعطف (وشيعته) ؟! ،وفي متن القصة محاولة للربط الداللي بين االسم
صّلى ُ
وفعل الحرام ،إذ تنقل الرواية أن أبا عبيدة فوجئ بهذا البيت مكتوباً فوق مجلسه الذي ّ
يدرس عنده
فخجل وأراد أن يمحوه فاستعان بمن معه وهو رجل يدعى كيسان "فقال لكيسان :ويحك أما رأيت
هذا الفاجر وما صنع؟ قم بنا نحكه لئال يراه الناس ...قال له :أوجز .فقال له كيسان :قد بقي
لكنه يؤرخ
اضح االفتعال ّ ،
النص و ُ
عجل ح ّكه فهو المعنى وعليه تدور فضيحتي" ،و ّ
( )22
لوط .فقالّ :
لمحاولة ربط االسم بالفعل المنكر .
ورد في معنى هذا الجذر داللته على اللصوق ،يقول ابن فارس ( " :لوط) الالم والواو والطاء
ط
يء بقلبي ،إذا َلصق .وفي بعض الحديث" :الولد أَْل َو ُ كلمة تدل على اللُّصوق .يقال :الط ّ
الش ُ
لصق بقلبي " ( . )23ومراجعة بصَفري ،أي ال َي َ
ط َصق .ويقولون :هذا أمر ال َيْلتَا ُبالَقْلب ،أي أْل َ
المضعف منه (ل ط ط) تظهر اقتراباً من المعنى نفسه ،قال ابن فارس ( " :لط) الالم
ّ الجذر
الرجل ،إذا َّ
اشتد في َّ
الزَمة وإلحاح من ذلك قولهم :أَلط ّ
وم َمقاربة ُ
يدل على َ
ُصيل صحيحُّ ،
والطاء أ َ
ينظر :تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين ، 162 :وديوان الضعفاء . 333 : ()21
9
الناق ُة ب َذنبها ،إذا جعَلتْه بين
طت ّط به .وَل َّ
بشيء فقد ُل َّ
ٍ ٍ
شيء ُست َر وكل
ط بهَ :لزمهُّ . األمر .ويقال ل ّ
طاط: طاً لمالزمتها النَّحر .والجمع ل َ
طاط .والّل َ ظل ،وسميت َل َّ فخ َذيها في مسيرها .واللَّ ُّ
ط :قالدة من ح ْن ٍ
ُّ َ َ ْ
كل ذلك ألنَّه
وسمي ُّ
وسط رأسه .والملطاط :حا َفة الواديّ ، حرف الجبل .وملطاط البعير :حرف في َ
مالزم ال ُيفارق .واللّ ْ
طلط :العجوز الكبيرة ،ألنها مالزمة لمكانها ال تكاد تبرح " (. )24
وتتبع العالقات األسرية لهذا الجذر تظهر أن داللة اللصوق مالصقة له ،أصل فيه قديم
المضعف ،وغير المضعف الداللة نفسها ،ومن ذلك :
ّ ،وتظهر الجذور ذات الفعل
10
ان ٍ
يدل على اختالط .يقال سكر ُ
-4قال ابن فارس ( " :لخ) الالم والخاء أصل صحيح ُّ
أمرهم :اختَلط والتَ َّخ ُع ْش ُب األرض :اختَلط... .
ُمْلتَ ٌّخ ،أي مختلط .والتَ َّخ على القوم ُ
دمعها ،ويكون ذلك من ك َبر ...ومن الباب ومن البابَ :ل َّخ ْت ُ
عينه ،إذا دام ُ
. المنطق " َّ
الع ْجمة في َ
الل ْخلخانيَّةُ :
()29
الصقة.
وم َ يدل على مالزمة ُ -5قال ابن فارس ( " :لز) الالم والزاء أصل صحيح ُّ
يقال :لُ َّز به ،إذا َلصق به َل َّاًز وَل َاز اًز .و َ
الزْزتُه :الصقته .ورجل ل َز ُاز َخصمٍ ،إذا كان
الخْلق .واللَّ ّزَّ :
الطعن .وهو من قياس الباب. الزه وال َي ُكّعُّ عنه .و َّ
ُي ُّ
الملزُز :المجتم ُع َ
. ()30 واللَّزائز :ما اجتمع من اللَّحم في َّ
الزور مما َيلي المالط" .
مالزٍة ومقار ٍ
بة . يدل على َّ
-6قال ابن فارس ( " :لص) الالم والصاد أُصيل صحيح ُّ
ص :المتقاربيمسان األ ُذنين .واألَل ُّ
الم ْنك َبين ،يكادان َّ َّ
تقارب َصص ،وهو ُ من ذلك الل َ
الضيقة
ّ إن الجبهة صص .ويقال َّ نيان مثل ُر ّ
الب ُص ُ ص َ
األضراس أيضاً .ويقال ُل ّ
ص،أقبل أحد قرَنيها على الوجه .ومن الباب اللّ ُّ
صاء من الغنم :التي َ صاء .واللَّ َّ
اللَّ َّ
صوصية بفتح الالم " َّ ألنَّه يلصق َّ
أخ َذه .وفعلُه الل ُ
بالشيء يريد ْ
()31
َ
مالزمة .يقالَّ :
ألظ يدل على َ َ -7قال ابن فارس ( " :لظ) الالم والظاء أصل صحيح ُّ
الزموا
ظوا بيا َذا الجالل واإلكرام" ،أي َالزمه .وفي الحديث" :أل ُّ الر ُ َّ
جل بالشيء ،إذا َ َ ّ
المطر :دام .ويقولون :اإللظاظ :اإلشفاق هذا وأكثروا منه في دعائكم .ويقال :أَل َّ
ظ
ُ
الشيء؛ وليس ببعيد القياس من الباب " (. )32 على َّ
11
قبائل شتَّى.
َ اجتمع من الناس من
َ التفتا؛ وهو اللَفف ...واللَّفيف :ما
سمنه ،كأنَّهما َّ
َ
الطائر رأسه تحت جناحه " (. )33
ُ ألف
أسه في ثيابه ،و َّجل ر َ
الر ُ
ف ّ وأَل َّ
تداخ ٍل في َّ
الشيء .من ذلك يدل على ُ ُصيل ُّ -9قال ابن فارس ( " :لك) الالم والكاف أ َ
اللَّكيك :اللَّحم المتداخ ُل في العظام .واللُّكالك :البعير المكتن ُز اللَّحم .ويقالَّ :
التك
القوم :ازدحموا. )34( " ....
ُ
يدل على مالزمة
-10قال ابن فارس ( " :لصق) الالم والصاد والقاف أصل صحيح ُّ
لصق َّ
الدع ّي .وفالن ب ْ
الملصقّ :
صوقاً .و ُ لصق لُ ُ الشيء للشيء .يقال َلصق به َي َ
صق في البعير كاللَّ َسق " (. )35 َّ
الحائط وب ْلزقه .والل َ
مصاحبة
َ يدل على
-11قال ابن فارس ( " :لزم) الالم والزاء والميم أصل واحد صحيحُّ ،
للكَّفار"
( )36
يء َيْل َزُمه .واللّ َزام :العذاب المالزم ُ َّ
الشيء بالشيء دائماً .يقالَ :لزمه الش ُ
ّ
يدل على ثبوت ٍ
شيء وُلزومه .يقال -12قال ابن فارس ( " :لزب) الالم والزاء والباء ُّ
الشيء ضرب َة الز ٍب ،أي ال يكاد يفارق " ...
. ( )37
ُ :لالّزم الزب .وصار هذا
ٍ
بأصل ،ألنَّه من باب اإلبدال. -13قال ابن فارس ( " :لزق) الالم والزاء والقاف ليس
. ( )38
يلزق ،مثل َلصق " يقال َلزق ال ّشيءَّ ،
بالشيء َ
تدل على مالزمة ٍ
شيء لشيء. -14قال ابن فارس ( " :لذم) الالم والذال والميم كلمة ُّ
الرجل"
المْل َذ ُم ّ :
( )39
الرجل َل ْذماً :لزمته .و ُ
يقال لذ ْم ُت ّ
ٍ
بشيء، يدل على إلصاق ٍ
شيء -15قال ابن فارس ( " :لدم) الالم والدال والميم أصل ُّ
. ( )40
بالحجر "
َ الحجر
فاللدم :ضرب َ
ضرباً أو غيرهْ ،
12
تدل على لُصوق شيء
-16قال ابن فارس ( " :لدس) الالم والدال والسين كلمات ُّ
ألول ما َيطُلع من
بات ،أي َلحسه .ويقال َّ ٍ
بشيء حتَّى يأخ َذ منه .يقالَ :ل َدس
الن َ
المال ّ
ُ
الس َمن َل َّما الناق ُة ،أي رميت باللَّحمَّ ،
كأن ّ يلدسه .ولُدست ّ النَّبات اللَّديسَّ ،
ألن المال ُ
الشداد أنعْلتَه .ويقال للفحول ّ
البعير ،إذا َ
َ كالشيء َيلصق َّ
بالشيء .وَل َد ْس ُت لزمها كان َّ
َ َ
. بالصواب "
()41
كل واحد منها ُي َلدس باآلخرُ :يع َرك .وهللا أعلم َّ َمالَدسَّ ،
ألن َّ
ومالزمة.
َ ٍ
اشتمال ، يدل على
-17قال ابن فارس ( " :لحف) الالم والحاء والفاء أصل ُّ
.
السائل :أََل َّح "
( )42
ف ّ الزَمه .وأْل َح َ
الحَفهَ :
يقال :التَ َحف باللّحاف يلتحف .و َ
ٍ
شيء يدل على إدراك -18قال ابن فارس ( " :لحق) الالم والحاء والقاف أصل ُّ
وبلوغه إلى غيره .يقالَ :لح َق فالن فالناً فهو الحق .وأْل َح َق بمعناه .وفي الدعاء" :إن
ُ
بالكَّفار ُمْلحق ،قالوا :معناه الحق .وربما قالواَ :لح ْقتُه :اتََّب ْعتُه ،وألحقتُه:
َع َذابك ُ
َّ
لصق .والل َحق في التَّمر[ :داء ُيص ُ
يبه " (. )43 الم َ
الدعي ُ
ُّ المْل َحق:
وصلت إليه .و ُ
داخلة.
وم َالءمة ُ ، -19قال ابن فارس ( " :لحك) الالم والحاء والكاف أصل يدل على ُم َ
بعضه في بعض .ويقال ذلك في
الحك ،إذا َد َخل ُ
الناقة ،فهو ُم َ
يقال :لُوح َك َفَقار ّ
. ()44
الب ْنيان أيضاً "
ُ
تداخ ٍل،
يدل على ُ
-20قال ابن فارس ( " :لحم) الالم والحاء والميم أصل صحيح ُّ
الحرب َمْل َحم ًة وسميت َّ َّ
ُ بعضه في بعض .من ذلك الل ْحمّ .
كاللحم الذي هو متداخل ُ
أن القتلى كاللَّ ْحم
تداخلُهم بعضهم في بعض .واآلخر َّ
الح ُم الناسُ :
لمعنيين :أحدهما تَ ُ
المْلَقى .واللَّحيم :القتيل " (. )45
يدل على
-21قال ابن فارس ( " :لبس) الالم والباء والسين أصل صحيح واحدُّ ،
وب أْل َب ُسه ،وهو األصل ،ومنه تتفرَّع الفروع. َّ
بس ُت الث َ ومداخلة .من ذلك َل ْ
َ طة
مخاَل َ
األمر أْلب ُسه بكسرها .قال هللا تعالى:
َ واللَّ ْبس :اختالط األمر؛ يقال َل َب ْس ُت عليه
13
{وللبسنا عليهم ما يلب ُسون} [األنعام .]9وفي األمر َل ْب َسة ،أي َل ْي َس بواضح واللَّ ْبس:
الر ُجل؛ َّ
األمر أُالب ُسه .ومن الباب :اللباس ،وهي امرأة ّ
اختالط الظالم ويقال :البست َ
باسها " (. )46
الزو ُج ل ُ
وّ
يدل على َخْلط شيء
-22قال ابن فارس ( " :لبق) الالم والباء والقاف أصل صحيح ُّ
لتطييبه .يقال لب ْق ُت الطعام ولبَّقته ،إذا ليَّنتَه وطيَّبتَه .ومن الباب َّ
اللبق :الحاذق َ
بالشيء َيعملُه .ورجل لبق ولبيق .والمصدر اللَّ َباقة " (. )47
يدل على َخْلط شيء
-23قال ابن فارس ( " :لبك) الالم والباء والكاف أصل صحيح ُّ
طتَه عليه ...ويقال[ :لبكت] الطعام
األمر أْلبكه ،إذا خَل ْ كت على ٍ
فالن َ بشيء .يقال َلَب ُ
. ()48
بعسل وغيره ،إذا خلطتَهما "
ٍ
مالزمة ومخالطة. تدل على
-24قال ابن فارس (" :لتب) الالم والتاء والباء كلمة ُّ
. ثوبهَ :لبسه .والالتب :المالزم ل َّ
لشيء ال يفارُقه " ...
( )49
يقولون :لتَ َب َ
ُ
تدل على ترطيب الماء والمطر -25قال ابن فارس (" :لثق) الالم والثاء والقاف ،كلمة ُّ
. المطر ،إذا َبلَّه "
()50
ُ يء .من ذلك اللَّثَق ،وقد ألثََقه َّ
الش َ
ٍ
لشيء ٍ
شيء اكةيدل على مص َُّصيل ُّ
َُ -26قال ابن فارس (" :لثم) الالم والثاء والميم أ َ
يصك
ُّ وخف مْلثَم:
ٌّ ص َّكها.
البعير الحجارَة ب ُخّفه ،إذا َ
ُ مضامته له .من ذلكَ :لثَ َم
َّ أو
حسن اللّثْمة ،أي الشفةُ من ٍ
ثوب .وفالن المضامة اللّثام :ما تُ َّ
غطى به َّ َّ الحجارة .ومن
ُ
الر ُجل المرأةَ ،إذا قبَّلها "
وخف ملثوم مثل مرثوم ،إذا َدمي .ومن الباب َلث َم ّ
االلتثامٌّ .
(. )51
14
وهناك من األقرباء كثير غير ما ذكرنا .وسواء أخذنا بنظرية تطور اللغة وتشعبها بتشعب
بالتطور الصوتي ،أو اإلبدال فإننا سنصل إلى النتيجة
ّ وتغيرها ،أم بثنائية اللغة ،أو
أصواتها ّ
نفسها ،اللصوق ،والمالزمة ،والمالبسة
األكدية أقدم الساميات تدويناً ،وافتراض كون لوط (ع) أكدياً – وإن لم يمنع منه مانع – ّ
يدل
االرتباط – لو وج َد – ال عالقة له مطلقاً بقصة قوم لوط (ع) .
-1الجذر (ل ب د) :وهو في الحبشية بمعنى كسا بالمالط ،والطين ،أو مواد
. ( )53
الصقة أخرى
15
-2الجذر (ل ب س) :وقد ورد في " [ األكدية َل ب ا ُش(م)َ :لب َس AHw 523
؛ األوجاريتية ل ب ش ؛ العبرية ل ب ش ؛ اآلرامية والسريانية والمندائية ل
ب ش ؛ السبئية ل ب س ،المهرية ل ي ب س ؛ الحبشـية َل ْب َس :مثله "
،ومعناه كما في العربية . ( )54
ط
-3الجذر (ل ح ق) :ومعناه العام الوصول ،وورد في " الحبشية َل َح َق :رب َ
مسك ] ( . )55
َ ،
لف
ف َّ :
-4الجذر (ل ف ف) ،ومعناه العام العطف ،وورد في " األكدية َل ف ا ُ
AHw 534؛ عبرية ما بعد العهد القديم ل ف ف :مثله ؛ اآلرامية ل ف ف
. ( )56
؛ السريانية َل ف ؛ المندائية ل ف ف ( ل و ف ) :بمعناه ]
-5الجذر (ل و ذ) ومعناه االختفاء ،وقد ورد في " العبرية ل و ز :اختفَى (عن
. ( )57 الن َ
ظر "
16
المادي للفعل (ل و ط) ،وهو العجن لما يرافقه اللزوجة
ّ • افتراض المعنى
وااللتصاق كالعجين ،وخلط الطين بالتبن الذي يستلزم لزوجة المادة ،وانشطار
ٍ
معان كاللصق واالحتماء واللف ...الخ الداللة بعد ذلك إلى
التنوع الداللي ،بمعنى
• تضاؤل قيمة المعنى القبيح لفعل الفاحشة في مقابل ّ
أكثر وضوحاً :يحمل الجذر (ل و ط) ،ومقارباته الصوتية دالالت متنوعة
كثيرة ،وحصر تلك العالقة بين الجذر والفعل القبيح تضييق داللي ال مبرر له
التنوع الداللي يصبح افتراض العالقة بين اسم نبي هللا لوط
،وفي ضوء هذا ّ
(ع) وهذا الفعل المنكر مجازفة داللية ال دليل عليها ،إذ يمكننا مع ما ذكر
ٍ
ومعان كثيرة من تنوع الدالالت افتراض كثير من المحاوالت الرابطة بين اسمه
غير تلك السلبية ،وهو أمر يعيدنا للمالحظة األولى المذكورة في البحث من
جدياً في ما
رصد اإلهمال المتعمد لتفسير اسمه (ع) ،وهو ما يثير الشكوك ّ
دونته التوراة من قصة ال تليق بعصمة األنبياء (ع) ،بل بأي ٍ
رجل يستقبح ّ
المنكر .
17
-المبحث الثاني ،مقاربة تأصيلية في معنى اسم نبي هللا لوط (ع) .
جاد في تحديد معنى اسم نبي هللا لوط (ع) في المصادر ،وعلى
ال نكاد نظفر برأي ّ
الرغم من كون االسم وارداً في العهد القديم ّ
إال أن محاولة تحديد دالالت حقيقية لمعنى
إال في طريقة
مجرد افتراضات ،واالسم لوط الذي ورد في التوراة ال يختلف ّ
اسمه تبقى ّ
( )58
مدية
مدية ،أما في العربية فينطق Lutبواو ّ
نطقه ؛ فهو ينطق Lotبواو غير ّ
جادة له .
،وال نجد في كال الحالين تفسيرات تأصيلية ّ
يطرح الباحث المصر ّي رؤوف أبو سعدة رؤية تأصيلية السم نبي هللا لوط (ع) ،ويرى
ّ
أن القرآن الكريم طرح
– حسب فرضيته في تفسير األسماء األعجمية في القرآن – ّ
معنى اسم نبي هللا لوط للتفسير والفهم في اتّجاهات ثالثة ،هي ( :)59
-1التفسير بالتعريب ،يقول " :فسره بالتعريب ،ألن " لوط" نفسها تفهم عربياً
على أنها اسم فعل بمعنى مفعول ،من الط /يلوط /لوطا ،كما تقول مثال
"جعل" بضم فسكون وتعنى "مجعول" ،من جعل /يجعل جعال .فهو المستور
المحجوب ،أي " الذي ليط" وهو تعريب وليس ترجمة ،ألن " لوط" بضم الالم
. لم تسمع من العرب .ولكنه تعريب مفسر ،إن تمعنت "
( )60
هؤالء
ضده ،كما في قوله تعالى ( :قال إ َّن ُ
-2التفسير بالمقابلة ،أي بذكر ّ
. ( )61
ضيفي فال تفض ُحون)
ينظر :من إعجاز القرآن ،وجه في إعجاز القرآن جديد . 283 -281 /1 : ()59
18
-3التفسير بالسياق العام ،وهو المنهج الذي اعتمده الباحث في تحديد معنى
االسم من خالل السياق العام لآليات التي يرد فيها ذلك االسم ،والسياق العام
الذي ورد فيه ذكر اسم نبي هللا لوط (ع) هو سياق نزول المالئكة بعذاب هللا
على قومه ،واحتجابه هو وآمانه من ذلك كله ،والذي ذهب إليه الباحث مبني
ّ
فإن
على اعتقاده أن معنى لوط في العبرية مأخوذ من الحجاب والستر ،وعليه ّ
. ( )62
يدل على الحجاب ،أي هو المحجوب
معنى لوط عنده ّ
ورد ذكر اسم نبي هللا لوط (ع) 27سبعاً وعشرين مرة ،ويمكننا تقسيم تلك المواضع
على اآلتي :
-1ذكره مع األنبياء (ع) من دون أية إشارة لقصته ،ومن ذلك قوله تعالى ( :و
إسماعيل و اليسع و ُيوُنس و ُلوطاً و كالًّ ف َّ
ضلنا على العالمين) ( . )63أو ذكره
بإشارة على لسان األنبياء (ع) من دون تفصيل ،كقوله تعالى ( :و يا قوم ال
يجرمَّن ُكم شقاقي أن ُيصيب ُكم مث ُل ما أصاب قوم ُنوح أو قوم ُهود أو قوم صالح
ينظر :من إعجاز القرآن ،وجه في إعجاز القرآن جديد. 142 /1 : ()62
19
تصورات
و ما قو ُم ُلوط من ُكم ببعيد) .وهذا الشكل من ورود اسمه ال يمنحنا ّ
( )64
وفي هذه اآليات ورد وصف للوط (ع) نفسه ،كما في قوله تعالى ( :و إسماعيل
أن هللا أدخله
.وورد ّ
( )68 و اليسع و ُيوُنس و ُلوطاً و كالًّ ف َّ
ضلنا على العالمين)
أن هللا تعالى قد أنجاه ،كما يورة
في رحمته ،كما في سورة األنبياء ، 75 :و ّ
األعراف ، ، 83 :وورد على لسانه من الحوار ما وصف به نفسه ،أو حالته ،
كما قوله تعالى ( :قال لو أ َّن لي ب ُكم قُ َّوًة أو آوي إلى ُركن شديد .قاُلوا يا ُلوطُ
إَّنا ُرسل ربك لن يصُلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من َّ
الليل و ال يلتفت من ُكم أحٌد ُ ُ
الصب ُح بقريب )
الصب ُح أ ليس ُّ
يبها ما أصاب ُهم إ َّن موعد ُه ُم ُّ إالَّ ام أرتك إَّنهُ ُمص ُ
( )69
ينظر :سورة العنكبوت ، 35-28 :وسورة الصافات . 138 -133 : ()66
هن .
ينظر :سورة ص ، 13 :وسورة القمر ، 33 :وغير ّ ()67
20
،وورد على ( )70
.وورد في حوار قومه معه ( :قاُلوا أ و لم ننهك عن العالمين )
لسان قومه أيضاً ( :فما كان جواب قومه إالَّ أن قاُلوا أخر ُجوا آل ُلوط من قريت ُكم
ُناس يتط َّهُرون) ( ، )71وورد في حواره معهم قوله ( :قاُلوا لئن لم تنته يا ُلوطُ
إَّن ُهم أ ٌ
. ( )72
لت ُكون َّن من ال ُمخرجين .قال إني لعمل ُكم من القالين)
أن يغفل هذا كّله في صناعة التفسير بالسياق العام ؛ الذي يعتمده الباحث
عقل ْ
فهل يُ َ
بأن ما ذكره يمثّل جزءاً
رؤوف أبو سعدة في تأصيل معاني األسماء ؟ وكيف ال يحكم ّ
من ذلك السياق العام ،وليس كلّه .
-1كان استقراء الباحث للسياق العام ناقصاً ،فقد غفل عن كثير من النصوص
النافعة في إظهار سياق حقيقي متكامل يمكن توظيفه في تحديد المعنى
المطلوب .
-2أغفل الباحث ،أو تغافل عن المعنى العربي لالسم ؛ وهو اللصوق ،واكتفى
ّ
بالمعنى العبر ّي ؛ وهو الحجب والستر .
-3افترض مسبقاً أن الجذر األصيل لهذا االسم يعود للغة العبرية ،وال دليل على
ذلك ،أما وروده في العهد القديم فال يلزم منه مطلقاً إرجاع األصل في هذا
االسم للغة العبرية ؛ ألن المؤكد أن العبرية لم تكن على عهد إبراهيم ٍ ،
ولوط ّ ّ
(ع) ،فكيف يجزم الباحث بتأصيل الجذر منها ؟
21
أقدم ن
-4لم يستعن الباحث بتأصيل مقار لالسم ببقية اللغات السامية ؛ التي هي ُ
من العبرية ،كاألكدية ،أو تسير في ٍ
خط زمني مقارب لها ،أو بعدها .
ّ
فإن القول بما ذكره الباحث يحتاج الستكمال الدليل ،وليس رفضه ،فقد يؤيد
وعليه ّ
البحث مقالته ،أو يجعلها من فرضياته المقبولة ،أو يرفضها .
22
ردة ٍ
فعل منأخرة من قومه ،وهي محاولة طرده -تُظهر اآليات القرآنية ّ
،أو تهجيره قس اًر ،كما في قولهم ( :فما كان جواب قومه إالَّ أن قاُلوا
ُناس يتط َّهُرون) .
أخر ُجوا آل ُلوط من قريت ُكم إَّن ُهم أ ٌ
ردة فعل متأخرة من النبي لوط (ع) تجاه قومه -تُظهر اآليات القرآنية ّ
ّ
،وهي رغبته الحقيقية في اعتزالهم والنفور منهم ،وربما يكون هذا
معنى الحجاب ،كما في قوله ( :قال لو أ َّن لي ب ُكم ُق َّوًة أو آوي إلى
ُركن شديد) ،فالحجاب ليس من العذاب ،وإنما يكون من قومه
حياديته إلى
ّ سلبيته ،أو
وأفعالهم المنكرة ،وبذا يخرج معنى االسم من ّ
معنى رفض الكفر ،وهو معنى إيجابي .
23
ٍ
معان كثيرة مع مراعاة فإن السياق العام المفترض يتجاوز حدود الحجاب إلى
وعليه ّ
الظرف الزماني لذلك كلّه .مع إمكان الجمع بين المعاني الموجودة ،وقراءتها بشكل
متكامل .
نرصد إبداالت كثيرة للطاء تبدأ بالتاء ،والثاء ،والشين ،والسين ،والصاد ،والزاي ،
وقد ذكرنا في بداية البحث مجموعة من الجذور في الفعل المضعف اآلخر ،وغير
المضعف ،وهذا التنوع منح العربي فرصة كببرة وناجحة في صناعة كثير من الجذور
ّ
ّ
ذات الدالالت المتنوعة .
24
يدل على تفتيت الخبز ،والصلصة ،والزبدة
تطور في توظيف العجن ؛ فهو ّ
لتدل على ّ
ّ
ويرد فيها latبمعنى نبات له إف ارزات صمغية ( ،)78وكذا في الفعل (ل ب ش) ( )77
هذا التنوع في العربية يجعلنا أمام نواة مركزية للمعنى العام ،وكثير من التشظيات
الداللية الفرعية التي تدور حول المركز ،مع األخذ بنظر االعتبار أن تلك المعاني
يتنبه لهذا التنوع
ليخيل لمن ال ّ
الفرعية بدأت باالستقالل في دالالتها نوعاً ما ،حتى ّ
أن ال قرابة بين هذه الجذور ،والمعنى العام .
التنوع يجعل البحث إيتيمولوجياً في تأصيل معنى اسم نبي هللا لوط (ع) صعباً
هذا ّ
طياته فرضيات كثيرة تتجاوز حدود المعنى الذي التزمه الباحث رؤوف أبو
يحمل في ّ
سعدة إلى ٍ
معان كثيرة يعضدها السياق العام لآليات منفردةً ومجتمعة .
يمكننا طرح مقدمة تدعو للتأمل في كون (لوط) اسماً لنبي هللا المعروف ،أم إنه وصف
ّ
له ؟ وعلى الرغم من تعاهد التوراة من كونه اسمه في سلسلة انتمائه إلبراهيم (ع) ،
وكونه ابن أخيه أرون ،أو هارون ،لكن ذلك ال يكفي في دعم هذا الفهم ،نعم هو
يؤيد هذا الترجيح مع ترك القرآن الكريم قضية كونه اسمه العلم ،وعليه فإننا أمام
فرضيتين ؛ األولى إنه اسمه العلم ،والثانية إنه وصف له .
25
التوجه في التأصيل يتبعه نتيجتان ،فإذا قلنا بأنه اسم علم له فسيتبعه
ّ والثمرة من هذا
ثبات هذا االسم فيه ،وأنه ما يُطرح من فرضيات سيكون في مجال التأويل لمعنى هذا
ٍ
لحدث أن هذه الصفة قد الزمته
االسم العلم ،أما إذا قلنا :إنه صفة له فهذا يعني ّ
ٍ
ظرف معين ،كما ذكرنا في بداية البحث من اعتياد العرب على التسمية معين ،أو
ّ
فإن هذه الصفة الحقة به ،وال دليل ملموس على وجود
باألحداث والوقائع ،وعليه ّ
تقصي دالالت الجذر
مبني على افتراض ّ ٍ
سابق له غير المعروف .وكال النتيجتين اس ٍم
ّ
وما يحيط به من سياقات قصصية ،أو نصوص تكشف حقيقة هذا االفتراض ،أو
ذاك .
تدل على
أن ظهور داللة سلبية للجذر (ل و ط) في اآلراميات ّ
من المالحظ مثالً ّ
اللعنة ،كما في المندائية ( ، )81واآلرامية السامرّية ( ، )82ويمكننا تفهم المعنى الديني
ّ
الناشئ من القصة نفسها ،إذ أصبح االقتران الشرطي بين ذكر لوط (ع) ،واللعنة
ّ
ألي لعنة كانت .
التي حلّت بقومه ،ثم أصبحت دالالتها على العموم ّ
التطور الداللي مؤش اًر لفهم االرتباط الذي ذكره الخليل بين اسم نبي
ّ ربما يمنحنا هذا
ّ
ظل حبيس الظرف الديني ،ولم بجد
داللي ّ تطور
هللا لوط (ع) ،وفعل المنكر ،فهو ّ
ّ ّ
له متنفساً للظهور حتى ولد بصورة أدبية كما وثق ذلك البيت المنسوب ألبي نواس
سالف الذكر .
26
تطرح اآليات ( )84
،وعلى التغطية واإلخفاء في المندائية ( )83
هو التفكير والحسبان
القرآنية مجموعة من السياقات العامة التي تصلّح لتفسير معنى اسم نبي هللا لوط (ع)
ّ
،ومنها :
-1في قوله تعالى ( :قال لو أ َّن لي ب ُكم قُ َّوًة أو آوي إلى ُركن شديد) يمكننا
أن االسم لوط مأخوذ من الجذر (ل و ذ) الدال على معنى اإليواء ،
افتراض ّ
وعليه يكون معنى اسمه الالئذ ،أو الالئذ باهلل ،ويؤيده استعمال الجعزية للجذر
،وأصله ظاهر من ( )85
(ل و ذ) ،و ( ل ا ذ) بمعنى الخادم المتابع للمرأة
االلتصاق
-2في قوله تعالى ( :فآمن لهُ ُلوطٌ و قال إني ُمهاجٌر إلى ربي) معنى اللواذ ،
ألن الهجرة تقتضي االبتعاد عن شيء مع االقتراب من
واالحتجاب والستر ؛ ّ
األول ،وتوصيفه في القرآن
شيء ،وعليه فهو قريب في معناه من االفتراض ّ
يقوي افتراض معنى المهاجر ،ونلمح في اله اررية
بالمهاجر على لسانه هو ّ
. ( )86
هذا المعنى ؛ فقد ورد فيها litaبمعنى غادر ،ومشى
-3في قوله تعالى ( :قاُلوا أ و لم ننهك عن العالمين) معنى المحجوب الذي
ذكره الباحث رؤوف أبو سعدة ،ولكن على نحو اإلقامة الجبرية ،أي بمعنى
المعتقل ،أو الممنوع ،ويؤيد هذا االفتراض ورود litumفي األكدية بمعنى
. ( )87
المعتَقل ،أو الرهينة
27
ٍ
-4يمكن افتراض أن اسم لوط مأخوذ من أصله اللغوي ّ
الماد ّي ،وهو العجن ،
بمعنى امتهانه للعجن ،في الخبز ،أو البناء (اللبن الذي يبنى به) ،ويقرب
منه الجذر (ل ت ت) في العربية قال ابن فارس ( " :لت) الالم والتاء كلمة واحدة.
ٍ
بفالن، بالس ْمن يلُتُّه َلتَّاً ،والفاعل ٌّ
الت .و ُذكر عن ابن األعرابي :لُ َّت فالن ويق َّ
الس َ
لت ّيقالَّ :
ّ
إذا ُقرن به .فإن صح فهو من باب اإلبدال ،كأ َّن التاء َ
مبدلة من زاء " (. )88
اللغوي ّ
الماد ّي الغطاء والدثار ، ّ -5يمكن افتراض أن اسم لوط مأخوذ من أصله
محمداً (صّلى
نبيه األكرم ّوصف هللاُ به ّ
َ فيكون قريباً من معنى المدثر( ، )89الذي
هللا عليه وآله وسلّم) ،ويؤيده وجود داللة الدثار ،والمالبس والغطاء في الجعزية
. ( )90
في الجذر (ل و ط)
28
الخالصة ،والنتائج :
تحمل األسماء ،أو الصفات المذكورة في القرآن الكريم دالالت كثيرة ،وكان افتراض
اهيدي العالقة بين اسم نبي هللا لوط (ع) ،وفعل قومه المنكر مثار تساؤل
الخليل الفر ّ
ّ
عقدياً مع عصمة األنبياء
ّ االدعاء ،وقيمته ؛ ألنه يتعارض
الباحث في صحة هذا ّ
كل ما يخدش بهم .
(ع) التي تقتضي عقالً تنزيههم عن ّ
هذا األمر دعا الباحث للتساؤل عن معنى اسم نبي هللا لوط (ع) ،فمعرفة هذا المعنى
ّ
فند تماماً تلك العالقة المزعومة ،ويرفضها ،وقد استوعب البحث المصادر المعجمية
يُ ّ
العربية ،والسامية المتعلّقة بذلك ،وحاول أن يضع ما طرحه الباحث المصر ّي رؤوف
المبنية في وجود سياق
ّ أبو سعدة نقطة انطالق في تحديد ذلك المعنى على وفق رؤيته
يحدد معاني األسماء في القرآن الكريم .
عام ّ
ومع مراجعة ما ذكره أبو سعدة ،والدالالت التي انشطرت من الجذر (ل و ط) بسبب
اإلبدال الصوتي في العربية وبقية الساميات اتّضح أنه يمكننا افتراض دالالت ومعاني
ّ
ورجح الباحث أن يكون معنى االسم هو المهاجر ،أو الالئذ ؛ أخرى لهذا االسم ّ ،
كونه يمتلك سياقاً عاماً مختلفاً يعود باالسم زمنياً إلى عهد إبراهيم (ع) ،وليس إلى
زمن قومه .
29
المصادر :
30
-9ديوان الضعفاء والمتروكين وخلق من المجهولين وثقات فيهم لين ،شمس الدين
أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن عثمان بن َق ْايماز الذهبي (ت ٧٤٨هـ) ،تحقيق
:حماد بن محمد األنصاري ،مكتبة النهضة الحديثة – مكة ،ط1387 ، 2/
هـ 1967 -م
ديوان اللصوص في العصرين ؛ الجاهلي واإلسالمي ،د .محمد نبيل -10
ّ ّ
طريفي ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط 2004 ، 1/م .
ديوان األعشى الكبير ؛ ميمون بن قيس ،شرح وتعليق :د .محمد -11
حسين ،مكتبة اآلداب ،الجماميز ،مصر ( ،د.ت) .
ديوان ُحميد بن ثور الهاللي ،جمعه وحققه :د .محمد شفيق البيطار -12
ّ
،أبو ظبي للثقافة والتراث ،ط 1431 ، 1/هـ 2010 -م .
قدم له ووضع هوامشه وفهارسه :د .فايز
ديوان عمر بن أبي ربيعة ّ ، -13
محمد ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،ط 1416 ، 2/هـ 1996 -م .
وقدم له :علي فاعور ،دار
ديوان كعب بن زهير ،حققه وشرحه ّ -14
الكتب العلمية ،بيروت ( ،د.ط) 1417 ،هـ 1997 -م .
ذيل طبقات الحنابلة ،عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن -15
الدمشقي ،الحنبلي (ت ٧٩٥هـ) ،تحقيق :د عبد الرحمن بن سليمان العثيمين
،مكتبة العبيكان – الرياض ط 1425 ، 1/هـ 2005 -م.
الطبقات الكبرى ،أبو عبد هللا محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالوالء، -16
البصري ،البغدادي المعروف بابن سعد (ت 230هـ) ،تحقيق :محمد عبد
القادر عطا الناشر :دار الكتب العلمية -بيروت ،ط 1410 ، 1/هـ 1990 -
م.
اهيدي (ت 170هـ) ،
العين ،أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفر ّ -17
تحقيق :د مهدي المخزومي ،د إبراهيم السامرائي ،دار ومكتبة الهالل ،
(د.ت) .
31
القاموس المقارن أللفاظ القرآن الكريم ،د .خالد إسماعيل علي ،دار -18
المتقين للثقافة والعلوم والطباعة والنشر ،بيروت ،ط 1430 ، 1/هـ 2009 -
م.
المحاسن والمساوئ ،إبراهيم بن محمد البيهقي (ت نحو 320هـ) ،دار -19
صادر ،بيروت ( ،د.ت) .
معاني القرآن وإعرابه ،إبراهيم بن السر ّي بن سهل ،أبو إسحاق الزجاج -20
(ت 311هـ) ،تحقيق :عبد الجليل عبده شلبي ،عالم الكتب ،بيروت ،
ط 1408 ، 1/هـ 1988 -م .
معجم مقاييس اللغة ،أحمد بن زكريا بن فارس (ت 395هـ) ،تحقيق -21
:عبد السالم محمد هارون ،دار الفكر – القاهرة ،ط 1399 ، 1/هـ 1979 -
م.
معجم النظائر العربية لألصول األكدية ،د .خالد إسماعيل علي ، -22
بغداد ،ط 1426 ، 1/هـ 2005 -م .
(العلم األعجمي في
من إعجاز القرآن ،وجه في إعجاز القرآن جديد َ -23
ّ
مفس اًر بالقرآن) ،رؤوف أبو سعدة ،دار الهالل ( ،د.ت) .
القرآن ّ
الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره ،وأحكامه ،وجمل -24
من فنون علومه ،أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي (ت ٤٣٧هـ) ،
ّ
مجموعة بحوث الكتاب والسنة -كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية -جامعة
الشارقة ،ط 1429 ، 1/هـ 2008 -م .
32
A Dictionary Of Jewish Babylonian Aramaic Of The
Talmudic And Geonic Periods , by : Michael Sokoloff , The
. Johns Hopkins University Press , 2002
*A Dictionary Of Samaritan Aramaic , by :
Abraham Tal , Brill , Leiden , Boston · KÖLN ,
2000 .
A MANDAIC DICTIONARY, BY: E. S. *
DROWER, Hon. D.Litt. Oxon, Hon. D.D.
Uppsala, HON. FELLOW OF THE SCHOOL
OF ORIENTAL AND AFRICAN STUDIES,
UNIVERSITY OF LONDON , AND R.
MACUCH, Ph.D. PROFESSOR OF
SEMITICS FREIE UNIVERSITÄT, BERLIN .
OXFORD . AT THE CLARENDON PRESS
,1963
JEWISH PROPER NAMES AND *
DERIVATIVES IN THE KORAN , Author(s):
JOSEPH HOROVITZ , Hebrew Union College
.Annual, 1925, Vol. 2 (1925)
AKKADISCHES HANDWÖRTERBUCH , *
des lexikalischen Nachlasses von BRUNO
MEISSNER (1868-1947) , WOLFRAM VON
SODEN, OTTO HARRASSOWITZ
. WIESBADEN, 1965
Comparative Dictionary of Ge'ez(Classical *
Ethiopic) , with an index of the Semitic roots .
by : Wolf Leslau , OTTO HARRASSOWITZ
WIESBADEN . 1991
ETYMOLOGICAL DICTIONARY OF *
HARARI , BY: WOLF LESLAU ,
UNIVERSITY OF CALIFORNIA PRESS
.1963
Concise Dictionary of Ge'ez , (Classical *
Ethiopic) , by : Wolf Leslau , OTTO
HARRASSOWITZ WIESBADEN , 1989
*
33
34