Professional Documents
Culture Documents
9f4bc9438cc3374e8d0735a8ca088d16
9f4bc9438cc3374e8d0735a8ca088d16
م
حقوق الطبع حقوظة لمبرة الآل والآصحاب
إال لمن أراد التوزيع الخيري بشرط عدم التصرف في المادة العلمية
ْ َ ُ ُ َ
الطبعة األول
1439ـهــ 2017م
َ ُ
آداب
َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ
الكبارواملرض ِ َل
ِ معام
ِ
َْ َ َ ُ
اآللواألصحاب
ِ اث
ِ ر ت ِف
ي
احزمالرشبيين
الصفحة الموضوع
مقدمة مركز البحوث والدراسات 13 ...........................
المقدمة 17 ....................................................
تعريف كلمة >آداب< 25 ..........................................
تعريف كلمة >معاملة<27 ..........................................
تعريف كلمة >الكبار<29 ..........................................
تعريف كلمة >المرضى< 30 ........................................
تعريف كلمة >تراث< 32 ..........................................
تعريف كلمة >اآلل< 34 ...........................................
تعريف كلمة >األصحاب< 43 ......................................
5
الصفحة الموضوع
استفسار الولد عن فعل أبيه 63 .....................................
االحتجاج بأفعال الكبار 64 ........................................
إنكار الصغير على الكبير 65 .......................................
زجر الكبير الذي يخالف الشرع 67 ..................................
صور من بر الوالدين 67 ..........................................
تعظيم أهل العلم70 ..............................................
تقبيل يد العلماء 74 ..............................................
اإلقرار لذوي الفضل بفضلهم 76 ....................................
تسليم الصغير على الكبير 81 .......................................
األدب في خطاب الكبار 82 .......................................
مناداة الكبير بـ>العم< 85 ..........................................
مخاطبة الكبير بكنيته 87 ..........................................
خدمة الصغار للكبار89 ...........................................
الصغير يوضئ الكبير أين يقوم منه 92 ................................
خدمة األكبر لذوي الفضل 93 ......................................
إيثار الكبير بال ُق َرب94 ............................................
مناولة األكبر96 .................................................
تقديم الكبير للكالم على الصغير في المهمات 100 .....................
إكرام الكبير ،ويبدأ األكبر بالكالم والسؤال 102........................
الصغير يشتد خلف الكبير وهو راكب 104.............................
* * *
6
الصفحة الموضوع
7
الصفحة الموضوع
التعوذ للمريض136 ..............................................
ما يقول للمريض 137 ............................................
ما يجيب المريض 137 ...........................................
وضع اليد على المريض 139 .......................................
استحباب سؤال أهل المريض عن حاله 141 ...........................
مواساة أهل المريض142..........................................
من جاء لعيادة ،ثم جاء غيره فضاق المجلس ،أن ينصرف األول 144.......
ترك صالة الجمعة ألجل المريض 145...............................
إذا عاد مريض ًا ،فحضرت الصالة فصلى بهم جماعة146..................
سؤال المعتكف عن المريض 147...................................
البكاء عند المريض 147..........................................
التحديث في المرض 151 .........................................
التذاكر في المرض 153 ...........................................
الوصية في المرض156...........................................
النذر في المرض 157 ............................................
من آداب الصحب واآلل عند المرض159.............................
من كره للعائد أن ينظر إلى الفضول من البيت151 .......................
المرأة إذا عسر عليها ولدها165.....................................
من ذهب بالصبي المريض لِ ُيدعى له166..............................
الع ْي ِن و ِذي ُ
الح َمةِ 168 ..................... ال ُر ْق َي َة أَ ْش َفى وأَ ْولَى ِم ْن ُر ْقيَة ِ َ
رقية أهل الكتاب 170............................................
8
الصفحة الموضوع
كتابة الرقية 170.................................................
حرق الحصير لِ ُي َس َّد به ال َّد ُم171 .....................................
تبريد الحمى بالماء172 ...........................................
الحجامة من الخراج 175 ..........................................
خدمة المريض 176 ..............................................
عدم منع المريض من شيء 177 ....................................
إعطاء الدواء للمريض رغم ًا عنه 179 .................................
التلبينة مجمة لفؤاد المريض 180....................................
اهتمام الشقيق بمرض شقيقه181 ....................................
رقية البنت ألبيها 182 ............................................
إحساس الزوجة بزوجها 182 .......................................
رأس المريض في حجر امرأته 184..................................
رقية الزوجة زوجها185 ...........................................
رعاية الزوج لزوجته في مرضها186 ..................................
مالطفة الرجل زوجته في مرضها 187 ................................
مداواة النساء الجرحى وقيامهن على المرضى188 .......................
المرأة َت ْرقِي الرجل 193 ...........................................
طلب المريض الدعاء من الصالحين 194..............................
تمني المريض الموت197 .........................................
تأوه المريض 198 ...............................................
هل يكون قول المريض إني وجع شكاية؟ 199.........................
9
الصفحة الموضوع
دعاء المريض بالمغفرة أو العافية 205 ...............................
محاسبة المريض نفسه 206 .......................................
عظم اآلخرة وصغر الدنيا في عين المريض 209 .......................
التصدق في المرض 210..........................................
محبة العافية 211 ................................................
الحث على االجتهاد حال الصحة 213 ................................
التهنئة بالعافية من المرض 214.....................................
ِذكر األسقام 215................................................
التوجس ممن لم يمرض217 .......................................
جزاء الصبر على المرض 219......................................
أربع للمريض 222 ..............................................
كفارة المريض 222 .............................................
يكتب للمريض ما كان يعمل وهو صحيح229 .........................
عدم الجزع من المرض231 ........................................
عدم السخرية من المريض 234 ....................................
صالة األرمد على وسادة 236 .....................................
جل يحفظ صالته 238 ........................... من كان يَقعد خلفه َر ٌ
من تجهز للغزو فمرض238 .......................................
المرض من الرؤيا239 ...........................................
ما يكره من االحتيال في الفرار من الطاعون 241........................
رجاء الموت يوم االثنين 243 .....................................
10
الصفحة الموضوع
رثاء األخت ألخيها 245 .........................................
ال بأس بالندب اليسير 246 .......................................
الخاتمة .أهم النتائج248 .........................................
قائمة المصادر والمراجع على حروف المعجم 251......................
الفهرست 5 ....................................................
11
مقدمة مركز الباوث والدراسات
الحمد هلل رب العالمين ،وصلى اهلل وسلم وبارك على نبيِّنا محم ٍد
وعلى آله الطيبين الطاهرين ،وصحابته الغر الميامين ،أما بعد؛
أثرا بالغ األهمية في االرتقاء بحياة
فال ريب أن للقدوات الصالحة ً
األمم والشعوب؛ وذلك أنهم هم الذين يقدمون الدليل الواقعي والتطبيق
العملي للتعاليم التي تم ّثل منظومة القيم واألخالق التي تشكّل هوية
تلك األمم ،وتعتبر مثالها السامي الذي تستهدف احتذاء حذوه واالهتداء
بهديه.
وقد ّنبه القرآن الكريم على ذلك المعنى وأشاد به في آيات كثيرة،
فضل االئتساء واالقتداء باألنبياء والصالحين ،قال تعالى{ :ﲾ ﲿ
مبي ًنا َ
ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ
{ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﳎ} [األحزاب ،]21 :وقال عز وجل:
ﲘ ﲙ ﲚ} [الممتحنة ،]4 :وقال سبحانه{ :ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ
ٍ
صفوة ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ} [الممتحنة ،]6 :وقال عقب ذكر
13
مقدمة مركز الباوث والدراسات
تفعي ِل ذلك المعنى ،وتقديمه في صورة بحثية توعوية منضبطة؛ بما هي
مؤسسة متخصصة في تراث اآلل واألصحاب حتى صار لها ــ بفضل
اهلل ــ الريادة في ذلك المجال .فقام مركز البحوث والدراسات بالمبرة
بوضع خطة طموحة تتضمن العديد من الموضوعات الهادفة ،العلمية
والعملية؛ التي نستهدف أن نستضيء فيها بتراث اآلل واألصحاب،
ونكشف عن مالمح تطبيقهم الوحي على جميع األصعدة واألنحاء؛ ثم
أوعزنا إلى مجموعة من الباحثين ليقدموا جهدهم في تحويل تلك
األفكار والموضوعات إلى أبحاث علمية وفق منهجية مركز البحوث
والدراسات المنضبطة ،القائمة على التحقيق العلمي ،واالستدالل
الصحيح ،واالسترشاد بكتب أهل العلم السابقين والمعاصرين؛ فكانت
هذه السلسلة من الموضوعات ،التي تندرج في سلسلة (تراث اآلل
واألصحاب).
صا
وجل أن يوفقنا في مسعانا ،وأن يجعله خال ً
نرجو من اهلل عز ّ
لوجهه الكريم ،إنه ولي ذلك والقادر عليه.
د َ َ ُُ َْ
الحث والراسات مكز
15
املقدمة
J
الحمد هلل كثير ًا كما أنعم علينا كثير ًا ،وصلى اهلل على رسوله
محمد الذي أرسله شاهد ًا ومبشر ًا ونذير ًا ،وداعي ًا إلى اهلل بإذنه وسراج ًا
منير ًا ،وعلى آله الذين أذهب عنهم الرجس وط َّهرهم تطهير ًا ،وعلى
ال كبير اا.
جميع المؤمنين الذين أمر اهلل نبيه أن يبشرهم بأن لهم من اهلل فض ا
أما بعد:
لقد رفع اهلل تعالى شأن ُحسن الخلق حين امتدح خليله محمد ًا
‘ بقوله{ :ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ}( ،)1ونَ َّوه ‘ بقدره حين قال> :إنما
بعثت ألتمم صالح األخالق<( ،)2وأن مجامع الخير في ُحسن الخلق،
فقال> :البر حسن الخلق<(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([ )1القلم.]4 :
( )2أخرجه اإلمام أحمد ( ،)381/2والبخاري في >األدب المفرد< (رقم )273/من
حديث أبي هريرة ،وقال الهيثمي في >مجمع الزوائد< (> :)188/8رجاله رجال
الصحيح< ،وصححه الحاكم (.)613/2
( )3أخرجه مسلم (رقم )2553/من حديث النواس بن سمعان .
17
املقدمة
وأمر اهلل تعالى بحسن الخلق مع الناس كافة ،ولم يستثن ،فقال
عز من قائل{ :ﲶ ﲷ ﲸ}(.)1
وعن علي بن أبي طالب قال{ :ﲶ ﲷ ﲸ} ،قال:
>يعني :الناس كلهم<(.)2
وعن عطاء قال> :للناس كلهم :المشرك وغيره<(.)3
وقال القرطبي> :قال أبو العالية :قولوا لهم الطيب من القول،
وجازوهم بأحسن ما تحبون أن ُت َجا َزوا به ،وهذا كله حض على مكارم
األخالق؛ فينبغي لإلنسان أن يكون قوله للناس لين ًا ،ووجهه منبسط ًا
والسن ِّي والمبتدع ،من غير مداهنة وال مواالة
الب ِّر والفاجرُّ ،
ط ْلق ًا مع َ
محرمة ،ومن غير أن يتكلم معه بكالم يظن أنه يرضي مذهبه؛ ألن اهلل
تعالى قال لموسى وهارون{ :ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ}( ،)4فالقائل ليس بأفضل
من موسى وهارون ،والفاجر ليس بأخبث من فرعون ،وقد أمرهما اهلل
تعالى باللين معه.
وقال طلحة بن عمر :قلت لعطاء :إنك رجل يجتمع عندك ناس
في ح َّدة ،فأقول لهم بعض القول الغليظ؟
ذوو أهواء مختلفة ،وأنا رجل َّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[البقرة.]83 : ()1
أخرجه البيهقي في >شعب اإليمان< (رقم.)6255/ ()2
أخرجه ابن جرير في >تفسيره< ( ،)197/2وابن أبي الدنيا في >الصمت< (رقم.)304/ ()3
[طه.]44 : ()4
18
املقدمة
أي :لهم حقوق أخرى متعددة خاصة بهم؛ لما قام بهم من صفات،
ومن هذه األصناف :كبار السن والمرضى ،فلهم كل ما ثبت من حقوق
المسلم على أخيه المسلم ،ولهم حقوق المسنين والمرضى.
وانطالق ًا من هذه المعاني ،ومما تحققت به مبرة اآلل واألصحاب
من جهود في نشر تراث اآلل واألصحاب ،والعمل على غرس محبتهم
في نفوس المسلمين = تأتي هذه الدراسة في مطلبين رئيسين:
أحدهما :آداب معاملة الكبار في تراث اآلل واألصحاب.
والثاني :آداب معاملة المرضى في تراث اآلل واألصحاب.
معين(،)1
والمقصود هنا :هي القواعد الم َّتبعة في مجال أو سلوك َّ
وهو :معاملة الكبار والمرضى.
قال أبو زيد> :يقال :هذا رجل مريض ،من قوم مرضى ومراض
ومراضى<(.)1
السلف من آثار علمية وفنية وأدبية ،سواء ما ِّديَّة 3ــ ُك ُّل ما خلَّفه َّ
الحضارية
ّ كالكتب واآلثار وغيرها ،أم معنوية كاآلراء واألنماط والعادات
ال بعد جيل ،مما يعتبر نفيس ًا بالنسبة لتقاليد العصر الحاضر المنتقلة جي ً
وروحه(.)1
ويلمح بعض المعاصرين في لفظ >التراث< إيحا اء خاص اا إلى ما خلفه
األدباء من علوم ومعارف ومصنفات ،حتى صارت َعلم اا بالغلبة على
النتاج الفكري ألسالفنا الذين سبقونا بالبحث والدرس ،وارتياد دروب
التصنيف(.)2
>أهل< أخص إذا استعمل بمعنى زوجة ،كما في قوله تعالى خطاب اا لزوجة
()1
إبراهيم عندما قالت{ :ﱃ ﱄ ﱅ} { :ﱕ ﱖ ﱗ
هاشم وبني المطلب دون إخوانهم من بني عبد شمس ونوفل؛ لكون
بني هاشم وبني المطلب شيئ ًا واحد ًا.
فأما دخول أزواجه في آله ‘ :فيدل لذلك قول اهلل :
{ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ
ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ
ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ
ﲊﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ}(.)1
فإن هذه اآلية تدل على دخولهن حتم ًا؛ ألن سياق اآليات قبلها
وبعدها خطاب لهن ،وال ينافي ذلك ما جاء في >صحيح مسلم<( )2عن
عائشة أنها قالت :خرج النبي ‘ غداة وعليه مرط مرحل من شعر
أسود ،فجاء الحسن بن علي فأدخله ،ثم جاء الحسين فدخل معه ،ثم
جاءت فاطمة فأدخلها ،ثم جاء علي فأدخله ،ثم قال{> :ﱷ ﱸ ﱹ
ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ}<؛ ألن اآلية دالة على
دخولهن؛ لكون الخطاب في اآليات لهن ،ودخول علي وفاطمة والحسن
والحسين في اآلية دلت عليه السنة في هذا الحديث ،وتخصيص النبي
‘ لهؤالء األربعة في هذا الحديث ال يدل على قصر أهل بيته
عليهم دون القرابات األخرى ،وإنما يدل على أنهم من أخص أقاربه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([ )1األحزاب 33 :ــ .]34
(( )2رقم.)2424/
39
معاني مفردات العنوان
ونظير داللة هذه اآلية على دخول أزواج النبي ‘ في آله وداللة
حديث عائشة المتقدم على دخول علي وفاطمة والحسن والحسين
في آله ،نظير ذلك داللة قول اهلل { :ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ
ﱦ ﱧ} على أن المراد به مسجد قباء ،وداللة السنة في الحديث الذي
رواه مسلم في >صحيحه<( )1على أن المراد بالمسجد الذي أسس على
التقوى مسجده ‘ ،وقد ذكر هذا التنظير شيخ اإلسالم ابن تيمية
في رسالة >فضل أهل البيت وحقوقهم<(.)2
وزوجاته ‘ داخالت تحت لفظ >اآلل<؛ لقوله ‘> :إن
الصدقة ال تحل لمحمد وال آلل محمد< ،ويدل لذلك أنهن يعطين من
الخمس ،وأيض ًا ما أخرجه ابن أبي شيبة في >مصنفه<( )3بإسناد صحيح
عن ابن أبي مليكة> :أن خالد بن سعيد بعث إلى عائشة ببقرة من
الصدقة فردتها ،وقالت :إنا آل محمد ‘ ال تحل لنا الصدقة<.
ومما ذكره ابن القيم في كتابه >جالء األفهام<( )4لالحتجاج للقائلين
بدخول أزواجه ‘ في آل بيته قوله> :قال هؤالء :وإنما دخل األزواج في
اآلل وخصوص اا أزواج النبي ‘ تشبيه اا لذلك بالنسب؛ ألن اتصالهن
بالنبي ‘ غير مرتفع ،وهن محرمات على غيره في حياته وبعد مماته،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(رقم.)1398/ ()1
(ص 20/ــ .)21 ()2
(رقم.)10811/ ()3
(ص 217/ــ .)219 ()4
40
معاني مفردات العنوان
استتبع ذلك مواليهم ،ولما كان التحريم على أزواج النبي ‘ تبع ًا لم
يقو ذلك على استتباع مواليهن؛ ألنه فرع عن فرع.
{ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ قالوا :وقد قال اهلل تعالى:
ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ}< ،وساق اآليات إلى قوله تعالى:
{ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ} ،ثم قال:
>فدخلن في أهل البيت؛ ألن هذا الخطاب كله في سياق ذكرهن ،فال
يجوز إخراجهن من شيء منه ،واهلل أعلم<.
ويدل على تحريم الصدقة على موالي بني هاشم :أن النبي ‘
ال على الصدقة من بني مخزوم ،فقال ألبي رافع :اصحبني بعث رج ً
فإنك تصيب منها ،قال :حتى آتي رسول اهلل ‘ فأسأله ،فأتاه فسأله،
فقال> :مولى القوم من أنفسهم ،وإنا ال تحل لنا الصدقة<(.)1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :الصارم المسلول< ( 503/2ــ ،)504و>اإلصابة< ( ،)440/3وهذا التعريف
وشرحه من> :النهج المبتكر في شرح نخبة الفكر< لحازم الشربيني (ص 280/ــ
.)282
45
ظ
َ َ َ ُ ُ َ َ
الكبار
َل ِ
آدابمعام ِ
آداب معاملة الكبار
ﳖ ﳗ}( ،)2ف ِمن ثَ َّم قال بعض العلماء> :الفقه من هذه الجملة
أن للكبير ح َّق ًا يُ َت َو َّس ُل به ،كما توسلوا بكبر يعقوب ،وقد ورد في
االستسقاء إخراج الشيوخ<(.)3
حق حقَّه<(.)4
وقال رسول اهلل ‘> :أعط كل ذي ٍّ
فمن محاسن هذه الشريعة اإلةيهل :أنها فرضت لألكابر حقوق ًا
وآداب ًا يجب أن ُتعطى لهم كاملة غير منقوصة ،وأن ُتبذل لهم تعبد ًا وتأدب ًا
عن قناعة ،بل عن طيب خاطر ،وسماحة نفس كخفض الصوت بحضرتهم،
وإعداد المحاريب إلمامتهم ،واالنتفاع بخبرتهم ،وااللتقاط من جواهر
علومهم ،وإفساح المجالس لهم ،وتهيئة الموضع الالئق بشيبتهم في
صدورها ،كما توضع الدرر الكبار في العقد المنضود.
وقد خاطب بعض الشيوخ النشء معلم ًا ومؤدب ًا ،فقال ضمن وصية
جامعة نافعة> :اعرف للكبير قدره وحقه ،فإذا ماشيته ِ
فسر عن يمينه متأخر ًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[األعراف.]85 : ()1
[يوسف.]78 : ()2
انظر> :محاسن التأويل< للقاسمي (.)205/6 ()3
أخرجه البخاري (رقم )1968/من حديث أبي جحيفة . ()4
51
آداب معاملة الكبار
عن النعمان بن بشير ،قال :قال رسول اهلل ‘> :ترى المؤمنين
في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم ،كمثل الجسد ،إذا اشتكى عضو ًا
تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى<(.)2
في هذا الحديث جعل النبي ‘ أهل اإليمان الكامل هم الذين
يرحم بعضهم بعض ًا بإخوة اإليمان ال بسبب شيء آخر ،وهم الذين
ال جالب ًا للمحبة كالتزاور والتهادي ،وهم الذين يعين
يتواصلون تواص ً
بعضهم بعض ًا ،كما يعطف الثوب عليه ليقويه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1من أدب اإلسالم< لعبد الفتاح أبي غدة (ص 45/ــ ،)46وانظر> :اإلعالم بحرمة
أهل العلم واإلسالم< للدكتور محمد إسماعيل (ص.)286/
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)6011/ومسلم (رقم.)2586/
52
آداب معاملة الكبار
عالقة طردية:
فكأن في هذا الحديث عالقة طردية بين المجتمع اإلسالمي
ورعاية المسنين ،فحيثما وجدت مجتمع ًا مسلم ًا فثمة اهتمام ورعاية
خاصة بالمسنين المسلمين ،حيث يعتبر من السخافة والسفاهة والعار
ترك األقارب في دور المسنين والعجزة ،وال شك أن األجيال الكبيرة
في السن هي األجيال البانية التي بنت وزرعت لألجيال الشابة ،فكما
بنى األجداد آلبائنا ،فإن آباءنا بنوا لنا ،ونحن نبني ألبنائنا ،وهكذا
تسير الحياة عبر التاريخ اإلنساني ،وبالتالي فإن من الواجب توقير
األجيال الكبيرة في السن واحترامها ومنحها الرعاية الهامة والمهمة في
حال عجزها وعدم تمكنها من تمضية أوقات فراغها أو عدم استطاعتها
ممارسة الحرف والمهن التي كانت تمارسها قبل تعبها وإرهاقها من
سنوات الحياة الطويلة.
قال القاضي عياض> :فتشبيهه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيل
صحيح ،وفيه :تقريب للفهم وإظهار للمعاني في الصور المرئية ،وفيه:
تعظيم حقوق المسلمين والحض على تعاونهم ،ومالطفة بعضهم
بعض ًا<(.)1
وقال ابن أبي جمرة> :شبه النبي ‘ اإليمان بالجسد ،وأهله
باألعضاء؛ ألن اإليمان أصل وفروعه التكاليف ،فإذا أخل المرء بشيء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1إكمال المعلم< (.)57/8
53
آداب معاملة الكبار
من التكاليف شأن ذلك اإلخالل األصل ،وكذلك الجسد أصل كالشجرة،
وأعضاؤه كاألغصان ،فإذا اشتكى عضو من األعضاء اشتكت األعضاء
كلها كالشجرة ،إذا ضرب غصن من أغصانها اهتزت األغصان كلها
بالتحرك واالضطراب<(.)1
()2
تسويد األكابر
()1
إجالل الكبري
ويحسن معاملته.
والبد أن يعلم الصغار أن توقير واحترام الكبار هو من تعظيم العزيز
الجبار ،فعن أبي موسى األشعري ،قال> :إن من إجالل اهلل :إكرام
ذي الشيبة المسلم ،وحامل القرآن غير الغالي فيه وال الجافي عنه ،وإكرام
ذي السلطان المقسط<(.)1
فأبو موسى في هذه الكلمات الرقيقة يُعظِّم عند المسلمين
قيمة الشيخ الكبير ،حتى إنه ل َ ُيق ِّدمه على حامل القرآن ،وعلى الحاكم
العادل مع عظم قدرهما ،وسمو مكانتهما.
فقوله> :إن من إجالل اهلل< ،يعني :من تبجيل اهلل وتعظيم اهلل.
و>إكرام ذي الشيبة المسلم< ،أي :تعظيم الشيخ الكبير صاحب
الشيبة البيضاء الذي عمر في اإلسالم ،بتوقيره في المجالس ،والرفق به،
والشفقة عليه ،ونحو ذلك ،كل هذا من كمال تعظيم اهلل لحرمته عند
اهلل(.)2
فمن العالمات التي تبين أن هذا اإلنسان يعظم اهلل :إكرام ذي
الشيبة المسلم ،أي :الذي شاب رأسه ولحيته في التوحيد ،وفي
العبادة ،وفي الصيام ،وفي طاعة اهلل ،وفي ذكره .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري في >األدب المفرد< (رقم ،)357/وحسنه األلباني ،وقد روي مرفوع ًا.
( )2انظر> :عون المعبود< (.)132/13
57
آداب معاملة الكبار
فهذا ال شك أنه تتضاعف حرمته بسبب هذا النور الذي جعله اهلل
في شعره ،وهو نور المسلم كما وصفه النبي ‘ ،فهذه الشيبة توجب
له حق ًا زائد ًا على من هو دونه ،فإن من تعظيم اهلل أن تعظم من شاب
رأسه ولحيته في التوحيد.
قال الصنعاني> :أي :أنه تعالى يكرمه فيغفر له ويعظم شأنه،
ويعلمكم أنه يكرمه ،أو من إجاللكم اهلل تعالى أن تكرموا ذا الشيبة
المسلم ،فتعظيمكم إياه وتوقيره إجالل هلل تعالى؛ فإنه يحتمل اإلضافة إلى
الفاعل والمفعول<(.)1
وعن عمرو بن عبسة مرفوع ًا> :من شاب شيبة في اإلسالم كانت
له نور ًا يوم القيامة<(.)2
وعن طاوس ،قال> :من السنة أن يوقر أربعة :العالم ،وذو الشيبة،
والسلطان ،والوالد< ،ويقال> :إن من الجفاء أن يدعو الرجل والده
باسمه<(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1التنوير شرح الجامع الصغير< (.)115/4
( )2أخرجه اإلمام أحمد ( ،)133/وأبو داود (رقم ،)3966/والترمذي (رقم،)1635/
والنسائي ( ،)26/6وصححه الترمذي ،والحاكم ( ،)51/3وفي الباب عن غير
عمرو بن عبسة .
( )3أخرجه معمر في >جامعه< (رقم ،20133/مع >مصنف عبد الرزاق<) ،ومن طريقه
البيهقي في >شعب اإليمان< (رقم ،)7509/والخطيب في >الفقيه والمتفقه<
(.)380/2
58
آداب معاملة الكبار
الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه ،ويعطي الكبير حقه من
الشرف والتوقير<(.)1
ومن صور اإلكرام وتوقير الصغير للكبير :أن يحترمه وينزله منزلته،
وأن ال يؤذيه بقوله وال بفعله ،وأن يعينه ،ويقف معه إذا احتاج إليه،
ويبدأه بالسالم إذا لقيه.
وإن كنا مأمورين بإجالل الكبير ،الذي ليس بيننا وبينه قرابة
نسب ،فال شك أن إجالل الكبير ذي النسب أولى وأولى ،وهذا ما نجده
عند آبائنا األولين.
فعن أبي صالح ذكوان ،عن صهيب مولى العباس قال :رأيت علي ًا
يقبل يدي العباس ورجله ويقول> :يا عم ،ارض عني<(.)2
في جميع مناحي مسيرة الحياة من الوالدة وحتى الممات ،أو كما يقال:
من المهد إلى اللحد ،فالمجتمع المسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه
بعض اا ،ولقد زخر مجتمع سلفنا الصالح بكثير من صور اإلشفاق على
الكبير ،منها:
عن عبد الرحمن بن ُش َماسة ،أن فقيم ًا اللخمي ،قال لعقبة بن
عامر :تختلف بين هذين الغرضين وأنت كبير يشق عليك!
قال عقبة :لوال كالم سمعته من رسول اهلل ‘ لم أعانيه.
فقيل البن ُش َماسة :وما ذاك؟
قــال :إنــه قــال> :ماان علاام الرمااي ،ثاام تركااه ،فلاايس منااا< ،أو >قااد
عصى<(.)1
فكان عقبة بن عامر يعاني ويتكلف التدريب على الرمي ،وهو
كبير السن ،ويشق عليه ممارسته ،ومحاولة إصابة الهدف القريب
والبعيد ،والتحرك بين الهدفين.
والغرض هو :هدف الرامي الذي يحاول إصابته بسهامه.
واالستفهام :إنكاري توبيخي ،أي :ما ينبغي أن تفعل ذلك(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم (رقم.)1919/
( )2انظر> :فتح المنعم شرح صحيح مسلم< (.)591/7
61
آداب معاملة الكبار
عن ابن مسعود قال :كنت مع رسول اهلل جالس ًا فتبسم ،فقلنا:
يا رسول اهلل مم تبسمت؟
قال> :تعجب ًا للمؤمن من جزعه من السقم ،ولو كان يعلم ما له في
السقم أحب أن يكون سقيم ًا حتى يلقى اهلل<.
ثم تبسم ثانية ورفع رأسه إلى السماء ،قلنا :يا رسول اهلل مم
تبسمت ورفعت رأسك إلى السماء؟
قال> :عجبت من ملكين نزال من السماء يلتمسان عبد ًا مؤمن ًا كان
في مصاله يصلى ،فال يجداه فعرجا إلى اهلل ،فقاال :يا رب عبدك فالن
المؤمن كنا نكتب له من العمل في يوم وليلة كذا وكذا ،فوجدنا قد
حبسته في حبالك فلم نكتب له شيئ ًا من عمله! فقال :اكتبوا لعبدي
عمله الذي كان يعمله في يومه وليلته ،وال تنقصوا منه شيئ ًا فعلي أجر
ما حبسته ،وله أجر ما كان يعمل<(.)1
وعن عبد اهلل بن عباس ،قال :خسفت الشمس على عهد
رسول اهلل ‘ ،فصلى ،قالوا :يا رسول اهلل ،رأيناك تناولت شيئ ًا في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه أبو داود الطيالسي (رقم ،)345/والبزار (رقم ،)1761/وضعفه العراقي في
>طرح التثريب< ( ،)240/3وابن حجر في >المطالب العالية< (.)54/11
62
آداب معاملة الكبار
إن كان كما رأينا نهم الصغار إلى معرفة حقيقة فعل الكبار ،فال
شك أنه إذا كان هؤالء الكبار محل قدوة للصغار = سيكون هذا النهم
أشد وأعظم.
فعن أسماء بنت أبي بكر ،قالت :رأيت أبي يصلي في ثوب
واحد وثيابه موضوعة ،فقال> :يا بنية ،إن آخر صالة صالها رسول اهلل
‘ خلفي في ثوب واحد<(.)2
وعن أوس بن أبي أوس قال :رأيت أبي توضأ فمسح على نعليه
فأنكرت ذلك عليه فقلت :أتمسح على النعلين؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)748/ومسلم (رقم.)907/
( )2أخرجه ابن أبي شيبة (رقم ،)3214/وعنه أبو يعلى (رقم ،)51/وقال الهيثمي في
>مجمع الزوائد< (> :)48/2فيه الواقدي ،وهو :ضعيف< ،وحديث صالة النبي ‘
آخر صالة في ثوب واحد :أخرجه اإلمام أحمد ( ،)159/3والترمذي (رقم،)363/
والنسائي ( )79/2من حديث أنس بن مالك ،وصححه الترمذي ،وابن حبان
(رقم ،)2125/والضياء (.)85/5
63
آداب معاملة الكبار
وعن زيد بن أسلم قال> :كان كبار أصحاب رسول اهلل ‘ يدخلون
المسجد ،ثم يخرجون وال يصلون<(.)1
ولما قال ابن بطال> :اتفق جماعة أهل الفتوى على أن تأويل هذا
الحديث (األمر بتحية المسجد) محمول على الندب واإلرشاد مع
استحبابهم الركوع لكل من دخل المسجد ،وهو طاهر ،في وقت تجوز
فيه النافلة<(.)2
ال هذا االتفاق> :لما روي أن كبار أصحاب
قال الكرماني معل ً
رسول اهلل ‘ كانوا يدخلون المسجد ،ثم يخرجون وال يصلون<(.)3
عن عبد اهلل بن عمر ،عن سعد بن أبي وقاص عن النبي ‘ أنه مسح
على الخفين ،وأن عبد اهلل بن عمر سأل عمر عن ذلك فقال :نعم ،إذا
حدثك شيئ ًا سعد عن النبي ‘ ،فال تسأل عنه غيره(.)4
وفي رواية :أن ابن عمر قال :أنكرت على سعد بن أبي وقاص وهو
أمير بالكوفة المسح على الخفين ،فقال :وعلي في ذلك بأس! وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر> :شرح صحيح البخاري< البن بطال (.)94/2 ()1
المصدر السابق (.)93/2 ()2
>الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري< (.)104/4 ()3
أخرجه البخاري (رقم.)202/ ()4
65
آداب معاملة الكبار
مقيم بالكوفة.
فقال عبد اهلل :لما قال ذلك عرفت أنه يعلم من ذلك ما ال أعلم فلم
أرجع إليه شيئ ًا ،ثم التقينا عند عمر فقال سعد :استفت أباك فيما أنكرت
علي في شأن الخفين.
فقلت :أرأيت أحدنا إذا توضأ وفي رجليه الخفان ،عليه في ذلك
بأس أن يمسح عليهما؟
قال عمر :إذا أدخلت رجليك فيهما وأنت طاهر(.)1
فكما رأينا في األثرين السابقين أن استفسار الولد عن فعل أبيه =
ليس عقوق ًا ،فكذلك إنكار الصغير على الكبير ليس من باب سوء األدب
أو قلته ،ما دام خارج ًا في نطاق األدب ،وعدم استعمال ما يشين الكبير.
والكبير هنا كبير سن ًا وقدر ًا ،فسعد هو ابن أبي وقاص ،الذي كان
أمير ًا حين إنكار عبد اهلل بن عمر عليه ،وقبل ذلك هو الذي قال عن
نفسه> :ما أسلم أحد إال في اليوم الذي أسلمت فيه ،ولقد مكثت سبعة
أيام ،وإني لثلث اإلسالم<(.)2
وقال كذلك> :إني ألول العرب رمى بسهم في سبيل اهلل<(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه عبد الرزاق (رقم )762/بإسناد رجاله ثقات ،وله شواهد أخرى.
( )2أخرجه البخاري (رقم.)3727/
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)3728/ومسلم (رقم.)2966/
66
آداب معاملة الكبار
عن ابن أبي ليلى ،قال :كان حذيفة بالمداين ،فاستسقى ،فأتاه
دهقان بقدح فضة فرماه به ،فقال :إني لم أرمه إال أني نهيته فلم ينته،
وإن النبي ‘ نهانا عن الحرير والديباج ،والشرب في آنية الذهب
والفضة ،وقال> :هن لهم في الدنيا ،وهي لكم في اآلخرة<(.)2
ولما حصل منه تكراروالدهقان بالفارسية :زعيم القوم وكبير القريةَّ ،
المخالفة ،لم يمتنع حذيفة من أن يغلظ عليه بالقول ،ويعامله بما ال
يعامل الذي حصل منه الخطأ في االبتداء ،فرماه باإلناء منكر ًا صنيعه؛
لما سبق له أن منعه من ذلك فلم يمتنع.
صور من بر الوادلين
الجيل الذي ربوه ورعوه ،والعناية بكبار السن والمسؤولية عنه قد
أنيطت في اإلسالم باألبناء أو اال ،فمسؤولية األبناء عن بر اآلباء ورعايتهم
مسؤولية إلزامية ،بمعنى :أن أوامر الدين توجب على األوالد رعاية آبائهم
في كبرهم ،وإذا لم يكن لهم أبناء انتقلت المسؤولية عنهم إلى
ال في الدولة بصورة إلزامية ،كذلك يعزز ذلك ما تزخر به المجتمع ،ممث ً
النصوص من ترغيب في الخير ،وفي اإلحسان إلى اآلخرين ،وخاصة
العاجزين بما فيهم كبار السن ،والذي ينشئ في النفس المؤمنة دافع ًا
تلقائي ًا إلى بذل الخير طواعية في تلك الوجوه.
عن عبد اهلل بن عباس ،أنه قال :كان الفضل بن عباس رديف
رسول اهلل ‘ ،فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه ،فجعل الفضل ينظر
إليها وتنظر إليه ،فجعل رسول اهلل ‘ يصرف وجه الفضل إلى الشق
اآلخر ،قالت :يا رسول اهلل ،إن فريضة اهلل على عباده في الحج،
أدركت أبي شيخ ًا كبير ًا ال يستطيع أن يثبت على الراحلة ،أفأحج عنه؟
قال> :نعم<.
وذلك في حجة الوداع(.)1
وفي رواية عن ابن عباس ،عن الفضل :أن امرأة من خثعم ،قالت :يا
رسول اهلل ،إن أبي شيخ كبير ،عليه فريضة اهلل في الحج ،وهو ال يستطيع
أن يستوي على ظهر بعيره؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)1513/ومسلم (رقم.)1334/
68
آداب معاملة الكبار
فقال زيد :أرني يدك .فأخرج يده ،فقبلها ،فقال> :هكذا أمرنا أن
نفعل بأهل بيت نبينا ‘<(.)1
ويقول اإلمام ابن القيمَ > :من له ِع ْل ٌم َّ
بالشرع والواقع يعلم قطع ًا أن
قدم صالحة ،وآثار حسنة ،وهو الرجل الجليل ،الذي له في اإلسالم ٌ
الهفوة وال َّزلة ،هو فيها معذور،
من اإلسالم وأهله بمكان ،قد تكون منه ْ َ
بل مأجور الجتها ِده ،فال يجوز أن يُتبع فيها ،وال يجوز أن ُته َدر مكانته
وإمامته في قلوب المسلمين<(.)2
وروي عن ابن عباس ،قال :لما قبض رسول اهلل ‘ قلت
لرجل من األنصار :هلم فلنسأل أصحاب رسول اهلل ‘؛ فإنهم اليوم
كثير.
قال :واعجب ًا لك يا ابن عباس ،أترى الناس يفتقرون إليك ،وفي
الناس من أصحاب رسول اهلل ‘ من فيهم!
قال :فترك ذلك وأقبلت أنا أسأل أصحاب رسول اهلل ‘ عن
الحديث ،فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل
فأتوسد ردائي على بابه تسفي الريح علي من التراب ،فيخرج فيقول :يا
ابن عم رسول اهلل ‘ ما جاء بك؟ أال أرسلت إلي فآتيك؟
فأقول :أنا أحق أن آتيك ،فأسأله عن الحديث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن المقرئ في >الرخصة في تقبيل اليد< (رقم.)30/
(> )2إعالم الموقعين< (.)283/3
72
آداب معاملة الكبار
قال :فعاش ذلك الرجل األنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس
حولي ،فيقول :هذا الفتى كان أعقل مني(.)1
قــال الحــاكم> :هــذا حــديث أصــل فــي طلــب الحــديث ،وتــوقير
المحدث<(.)2
وكان علي بن الحسين زين العابدين يدخل المسجد فيشق الناس
حتى يجلس في حلقة زيد بن أسلم فعوتب في ذلك فقال> :إن العلم
يبتغى ويؤتى ويطلب من حيث كان<(.)3
وقال عبد الملك بن عمير> :لقد رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى
في حلقة فيها نفر من الصحابة يستمعون لحديثه وينصتون له ،منهم:
البراء بن عازب<(.)4
{ﲈ وفي الصحيحين( )5أن رسول اهلل ‘ قرأ على أبي بن كعب:
ﲉ ﲊ ﲋ}( ،)6وأن اهلل أمره بذلك.
قال بعضهم :قرأ عليه لتعليمه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه الدارمي (رقم ،)590/والحاكم ( ،)188/1وصححه. ()1
>المستدرك< (.)188/1 ()2
انظر> :اآلداب الشرعية< (.)25/2 ()3
أخرجه ابن عساكر في >تاريخه< ( ،)89/36وانظر :المصدر السابق. ()4
>صحيح البخاري< (رقم ،)4959/و>صحيح مسلم< (رقم )799/من حديث ()5
أنس بن مالك .
[البينة ،]1 :أي :السورة التي مطلعها هذه اآلية. ()6
73
آداب معاملة الكبار
تقبيل يد العلماء
قال علي بن أبي طالب > :قبلة الوالد عبادة ،وقبلة الولد
رحمة ،وقبلة المرأة شهوة ،وقبلة الرجل إخاء دين<(.)2
وقال المروذي :سألت أبا عبد اهلل عن قبلة اليد ،فقال :إن كان على
طريق التدين فال بأس؛ قد قبل أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب ،)3(
ال يُخاف سيفه أو سوطه(.)4وإن كان على طريق الدنيا فال ،إال رج ً
وقال إسماعيل بن إسحاق الثقفي :سألت أبا عبد اهلل ،قلت :ترى
أن يقبل الرجل رأس الرجل أو يده؟ قال نعم(.)5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر> :اآلداب الشرعية< (.)25/2 ()1
انظر :المصدر السابق (.)259/2 ()2
أخرجه ابن األعرابي في >القبل والمعانقة والمصافحة< (رقم ،)4/والبيهقي (.)164/7 ()3
انظر> :مختصر الفتاوى المصرية< (ص ،)564/و>اآلداب الشرعية< (.)258/2 ()4
انظر> :اآلداب الشرعية< (.)258/2 ()5
74
آداب معاملة الكبار
>إنما يعرف الفضل ألهل الفضل ذوو الفضل<( ،)1أي :أنه ال
يعرف حق ذي الفضيلة وما يجب له من اإلعظام واإلكرام إال صاحب
الفضيلة؛ ألنه عرف مقدارها ،فيعرف مقدار حاملها.
فهذا عمر بن الخطاب يقر ألبي بكر بفضله:
فعن أبي رجاء العطاردي قال :أتيت المدينة ،فإذا الناس مجتمعون،
وإذا في وسطهم رجل يقبل رأس رجل وهو يقول :إنا فداؤك ،ولوال
الم َق َّبل؟
الم َق ِّبل ،ومن ُ
أنت هلكنا ،فقلت :من ُ
قيل :ذاك عمر بن الخطاب يقبل رأس أبي بكر في قتال أهل
الردة الذين منعوا الزكاة(.)2
وهذا علي بن أبي طالب يقر ألبي بكر وعمر بن الخطاب
بفضلهما:
فعن محمد ابن الحنفية ،قال :قلت ألبي أي الناس خير بعد رسول
اهلل ‘؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1روي مرفوع ًا ،ولكن ال يصح؛ فانظر> :السلسلة الضعيفة< (رقم.)3227/
( )2أخرجه ابن أبي الدنيا في >اإلخوان< (رقم ،)153/وابن المقرئ في >الرخصة في
تقبيل اليد< (رقم.)29/
76
آداب معاملة الكبار
وعن قيس ،قال :قال عبد اهلل بن مسعود > :مازلنا أعزة منذ
أسلم عمر<(.)1
وكان ابن مسعود يقول> :إن عمر بن الخطاب كان حصن ًا حصين ًا
لإلسالم ،يدخل في اإلسالم فال يخرج منه ،فلما مات عمر فثلم من
الحصن ثلمة فهو يخرج منه وال يدخل فيه ،وكان إذا سلك طريق ًا
ال ما بين الزيادة
ال ،فإذا ذكر الصالحون فحيهال بعمر ،فص ً وجدناه سه ً
والنقصان ،واهلل لوددت أني أخدم مثله حتى أموت<(.)2
وهذا عبد اهلل بن عمر يقر لعثمان بن عفان بفضله:
فعن عثمان بن موهب ،قال :جاء رجل من أهل مصر حج البيت،
فرأى قوم ًا جلوس ًا ،فقال :من هؤالء القوم؟
فقالوا :هؤالء قريش.
قال :فمن الشيخ فيهم؟
قالوا :عبد اهلل بن عمر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الطبراني في >المعجم الكبير< ( ،)180/9وقال الهيثمي في >مجمع الزوائد<
(> :)78/9إسناده حسن<.
( )1أخرجه البخاري (رقم.)3684/
( )2أخرجه معمر في >جامعه< (رقم ،20407/مع >مصنف عبد الرزاق<) ،ومن طريقه
الطبراني في >المعجم الكبير< ( ،)179/9وقال الهيثمي في >مجمع الزوائد<
(> :)78/9رواه الطبراني بأسانيد ،ورجال أحدها رجال الصحيح<.
79
آداب معاملة الكبار
قال :يا ابن عمر ،إني سائلك عن شيء فحدثني ،هل تعلم أن
عثمان فر يوم أحد؟
قال :نعم.
قال :تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد؟
قال :نعم.
قال :تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟
قال :نعم.
قال :اهلل أكبر.
قال ابن عمر :تعال أبين لك ،أما فراره يوم أحد :فأشهد أن اهلل
عفا عنه وغفر له.
وأما تغيبه عن بدر :فإنه كانت تحته بنت رسول اهلل ‘ ،وكانت
مريضة ،فقال له رسول اهلل ‘> :إن لك أجر رجل ممن شهد بدر ًا
وسهمه<.
وأما تغيبه عن بيعة الرضوان :فلو كان أحد أعز ببطن مكة من
عثمان لبعثه مكانه ،فبعث رسول اهلل ‘ عثمان ،وكانت بيعة الرضوان
بعد ما ذهب عثمان إلى مكة ،فقال رسول اهلل ‘ بيده اليمنى> :هذه
يد عثمان< .فضرب بها على يده ،فقال> :هذه لعثمان< ،فقال له ابن
80
آداب معاملة الكبار
()3
تسليم الصغري ىلع الكبري
عن أبي هريرة ،عن النبي ‘ قال> :يسلم الصغير على الكبير،
والمار على القاعد ،والقليل على الكثير<(.)4
ففي هذا الحديث حق أصيل للكبير على الصغير ،وهو :أن يبدأه
بإلقاء السالم عليه إذا لقيه؛ لما فيه من تعظيم وتوقير ،ولكن إن سبق
س بالنبي ‘ وصحبه الكبير فألقى السالم ،فهو خير وتفضل منه ،ومتأ ٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه البخاري (رقم.)3698/ ()1
أخرجه معمر في >جامعه< (رقم ،20409/مع >مصنف عبد الرزاق<) ،والطبراني في ()2
>المعجم األوسط< (رقم ،)1166/وقال الهيثمي في >مجمع الزوائد< (:)115/9
>فيه :من لم أعرفه<.
بوب به البخاري في >صحيحه< ( ،)52/8وفي >األدب المفرد< (رقم.)457/ ()3
أخرجه البخاري (رقم.)6234/ ()4
81
آداب معاملة الكبار
الكرام رضوان اهلل عليهم؛ فعن أنس بن مالك :أنه مر على صبيان
فسلم عليهم ،وقال> :كان النبي ‘ يفعله<(.)1
وإذا تأملنا كيف بدأهم بالسالم ،مع قوله> :ليسلم الصغير
على الكبير< ،لكان الجواب :أن هذا من كمال خصاله وجميل فعاله،
بأبي هو وأمي ،وحتى يتربى الصغار على مثل هذا؛ فإن الصبية يحتاجون
للتكرار في التعليم والتربية.
قال :وأصاب الناس سنة ،فما أكل عامئذ سمن اا وال سمين اا حتى أحيي
الناس(.)1
وكما يراعى مضمون الخارج من الكالم تجاه الكبير ،فكذلك
يراعى الخارج من الرائحة ،فال يؤذى بكريه الروائح؛ فعن أبي أيوب
األنصاري ،قال :كان رسول اهلل ‘ إذا أتي بطعام أكل منه،
وبعث بفضله إلي ،وإنه بعث إلي يوم ًا بفضلة لم يأكل منها؛ ألن فيها
ثوم ًا ،فسألته :أحرام هو؟
قال> :ال ،ولكني أكرهه من أجل ريحه<.
قال :فإني أكره ما كرهت(.)2
وفي رواية :أن النبي ‘ نزل عليه ،فنزل النبي ‘ في السفل،
وأبو أيوب في العلو ،فانتبه أبو أيوب ليلة ،فقال :نمشي فوق رأس
رسول اهلل ‘ ،فتنحوا فباتوا في جانب ،ثم قال للنبي ‘.
فقال النبي ‘> :السفل أرفق<.
فقال :ال أعلو سقيفة أنت تحتها ،فتحول النبي ‘ في العلو ،وأبو
أيوب في السفل ،فكان يصنع للنبي ‘ طعام ًا ،فإذا جيء به إليه سأل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه معمر في >جامعه< (رقم ،20381/مع >مصنف عبد الرزاق<) ،ومن طريقه
البيهقي (.)73/9
( )2أخرجه مسلم (.)2053/170
84
آداب معاملة الكبار
عن موضع أصابعه فيتتبع موضع أصابعه ،فصنع له طعام ًا فيه ثوم ،فلما
رد إليه سأل عن موضع أصابع النبي ‘ ،فقيل له :لم يأكل ،ففزع
وصعد إليه ،فقال :أحرام هو؟
فقال النبي ‘> :ال ولكني أكرهه<.
قال :فإني أكره ما تكره ــ أو ما كرهت ــ.
قال :وكان النبي ‘ يؤتى(.)1
وبوب عليه شارح >صحيح مسلم< ،وقال> :باب إباحة أكل الثوم،
وأنه ينبغي لمن أراد خطاب الكبار تركه ،وكذا ما في معناه<.
الكبير باسمه
َ الصغير
ُ ما أجمل هذا األدب الجم ،وهو :أال ينادي
مجرد ًا ،فيسدل عليه ثوب التبجيل والتقدير ،فيناديه بما يشعره بقربه من
قلبه ،ومكانته عنده ،فيقول :يا عم!
ومن ذلك :قول خديجة لورقة> :أي عم< ،فقد نادته بـ>العم<؛
لسنه وجاللة قدره ،وإن كان ابن عمها في القرابة والنسب(.)2
فعن عائشة :أن خديجة انطلقت بالنبي ‘ حتى أتت به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم (.)2053/171
( )2انظر> :مطالع األنوار على صحاح اآلثار< (.)366/1
85
آداب معاملة الكبار
ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ،وهو ابن عم خديجة أخي أبيها،
وكان امر ًءا تنصر في الجاهلية ،وكان يكتب الكتاب العربي ،ويكتب من
اإلنجيل بالعربية ما شاء اهلل أن يكتب ،وكان شيخ ًا كبير ًا قد عمي،
فقالت له خديجة :أي عم ،اسمع من ابن أخيك.)1(...
وعن زيد بن أرقم ،قال :كنت مع عمي ،فسمعت عبد اهلل بن
أبي ابن سلول يقول :ال تنفقوا على من عند رسول اهلل حتى ينفضوا،
وقال أيض ًا :لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن األعز منها األذل ،فذكرت
ذلك لعمي ،فذكر عمي لرسول اهلل ‘ ،فأرسل رسول اهلل ‘ إلى
عبد اهلل بن أبي وأصحابه ،فحلفوا ما قالوا ،فصدقهم رسول اهلل ‘
وكذبني ،فأصابني هم لم يصبني مثله قط ،فجلست في بيتي ،فأنزل اهلل
{ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ { :ﲀ ﲁ ﲂ}( ،)2إلى قوله:
ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ}( ،)3إلى قوله{ :ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ}(،)4
فأرسل إلي رسول اهلل ‘ فقرأها علي ،ثم قال> :إن اهلل قد صدقك<(.)5
فالمراد بعم زيد بن أرقم :سعد بن عبادة ،وليس عمه حقيقة،
وإنما هو سيد قومه الخزرج ،وعم زيد بن أرقم الحقيقي ثابت بن قيس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه البخاري (رقم ،)3/ومسلم (رقم.)160/ ()1
[المنافقون.]1 : ()2
[المنافقون.]7 : ()3
[المنافقون.]8 : ()4
أخرجه البخاري (رقم ،)4901/ومسلم (رقم.)2772/ ()5
86
آداب معاملة الكبار
له صحبة ،وعمه زوج أمه عبد اهلل بن رواحة خزرجي أيض ًا(.)1
وهذا التوقير والتقدير فرع لالحترام بين العم وابن أخيه ،فقد روى
لنا حفص بن عاصم ،عن ابن عمر ،قال :صلى النبي ‘ بمنى
صالة المسافر ،وأبو بكر ،وعمر ،وعثمان ثماني سنين ،أو قال :ست
سنين ،قال حفص :وكان ابن عمر :يصلي بمنى ركعتين ،ثم يأتي فراشه،
فقلت :أي عم لو صليت بعدها ركعتين.
قال :لو فعلت ألتممت الصالة(.)2
يديه ،فحمد اهلل على ما أمره به رسول اهلل ‘ من ذلك ،ثم استأخر
أبو بكر حتى استوى في الصف ،وتقدم رسول اهلل ‘ ،فصلى ،فلما
انصرف قال> :يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟<.
فقال أبو بكر :ما كان البن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول
اهلل ‘.
فقال رسول اهلل ‘> :ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق ،من رابه
شيء في صالته فليسبح؛ فإنه إذا سبح التفت إليه ،وإنما التصفيق
للنساء<(.)1
فكان حد الكالم أن يقول أبو بكر :ما كان لي ،فعدل عنه إلى
قوله :ما كان البن أبي قحافة؛ ألنه أدل على التواضع ،وفيه كذلك:
إكرام الكبير بمخاطبته بالكنية( ،)2خاصة أن الكبير هنا هو الوالد؛ فعن
طاوس ،قال> :إن من الجفاء أن يدعو الرجل والده باسمه<(.)3
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)684/ومسلم (رقم.)421/
( )2انظر> :فتح الباري< (.)170/2
( )3أخرجه معمر في >جامعه< (رقم ،20133/مع >مصنف عبد الرزاق<) ،ومن طريقه
البيهقي في >شعب اإليمان< (رقم ،)7509/والخطيب في >الفقيه والمتفقه<
(.)380/2
88
آداب معاملة الكبار
من أجمل اآلداب التي يتحلى بها الصغار تجاه كبارهم :خدمتهم؛
وذلك لما فيه من إبراز الشعور بحاجاتهم ،ولما يضفيه من تحاب
وتواد؛ حيث يشعر كل من الطرفين بتقارب أرواحهم بعضهم بعض ًا،
وإن لم تتقارب أرحامهم.
فال شك أن كبير السن قد يعاني صورة واضحة من صور
الضعف ،وذلك في صحته وجسمه ،وقد يكون في شكل آخر من
حا في كتابه فقال{ :ﱳ
أشكال الضعف الكثيرة ،واهلل ذكر ذلك تصري ً
ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ}(.)2
ولم يدع اإلسالم دين السماحة جانب ًا من جوانب الرعاية للمسنين
دون أن يتعرض له ،فدعوة اإلسالم تحرص أشد الحرص على توفير
العناية والرعاية لكبار السن ،وتحضنا على أن نتجنب األلفاظ التي
تسبب لهم آالم ًا نفسية ،وأن نحاول إدخال السرور على نفوسهم ،وأن
نحسن معاملتهم ،ونكثر من الدعاء لهم؛ ألن اإلسالم يدرك أنهم في
هذه المرحلة يحتاجون إلى القول اللين والوجوه الباسمة؛ لما لذلك من
أثر طيب على نفوسهم فيشعرون بالرضا والسعادة ،بل لقد جعل اإلسالم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1بوب به البخاري في >صحيحه< (.)111/7
([ )2الروم.]54 :
89
آداب معاملة الكبار
عن عباية ،قال :وضأت ابن عمر فقمت عن يمينه أفرغ عليه
الماء ،فلما فرغ صعد في بصره ،فقال> :من أين أخذت هذا األدب؟<.
فقلت :من جدي رافع.
قال> :هنالك الرجل<(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم.)3700/
( )2أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )27172/بإسناد رجاله ثقات.
92
آداب معاملة الكبار
هذا األثر يوقفنا على صورة من صور خدمة الصغار للكبار ،التي
تقدمت في الباب السابق ،ولكنها خدمة وزيادة ،والزيادة هي :كيفية
القيام بالخدمة نفسها ،فليست مجرد أداء الخدمة على وجه التأفف
والتبرم ،ولكنها خدمة ذات تفنن في األدب والذوق ،مما لفت انتباه
عبد اهلل بن عمر ،فسأل هذا التابعي عن مصدر هذا األدب الرفيع ،فكان
الجواب المتوقع> :من جدي رافع<؛ فحق ًا إنها مدرسة محمد ‘.
عن ثابت البناني ،عن أنس بن مالك ،قال :خرجت مع جرير بن
عبد اهلل البجلي في سفر فكان يخدمني فقلت له :ال تفعل.
فقال> :إني قد رأيت األنصار تصنع برسول اهلل ‘ شيئ ًا ،آليت
أن ال أصحب أحد ًا منهم إال خدمته< ،وكان جرير أكبر من أنس(.)1
قال النووي> :يستحب خدمة المسافر الذي له نوع فضيلة ،وإن
كان الخادم أكبر سن ًا؛ لحديث أنس<(.)2
فكان جرير أكبر من أنس بكثير في السن ،ومع ذلك كان جرير هو
الذي يخدم أنس ًا ،وجرير كان في قومه كالملك ،فقد كان في قومه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)2888/ومسلم (رقم ،)2513/وبوب عليه البخاري باب:
>فضل الخدمة في الغزو<.
(> )2المجموع< (.)397/4
93
آداب معاملة الكبار
ال مهاب ًا شريف ًا كريم ًا رضي اهلل تبارك وتعالى عنه ،وكان
سيد ًا ،وكان رج ً
بهي ًا جميل المنظر حتى أن عمر كان يقول عنه> :مشرف هذه األمة
جرير بن عبد اهلل البجلي(.)1
ولما خرج جرير مع أنس بن مالك فكان جرير يخدم أنس ًا الذي
هو أصغر منه سن ًا ،فيقول أنس> :فقلت :ال تفعل< ،استحيا أنس .
فقال له جرير بن عبد اهلل > :إني قد رأيت األنصار تصنع لرسول
خدمته< ،أي:
ُ اهلل ‘ شيئ ًا آليت على نفسي أال أصحب أحد ًا منهم إال
إكرام ًا للنبي صلوات اهلل وسالمه عليه ،وإكرام ًا لقومك أن أكرموا النبي
صلوات اهلل وسالمه عليه.
فهنا جرير يكرم أنس بن مالك؛ ألن أنس ًا كان خادم ًا للنبي ‘،
فقد خدمه عشر سنوات ،وأهل وأقارب أنس من األنصار رضوان اهلل
عليهم فعلوا للنبي ‘ كل خير ،لذلك كان جرير البجلي يقول :إن
ال على النبي ‘ ،وكأنه جميل على جرير نفسه ،فيقول: لألنصار جمي ً
>آليت ــ يعني :أقسمت ــ أال أصحب أحد ًا من األنصار إال خدمته...
ُ
إيثار الكبري بالق َرب
()3
مناولة األكرب
وتقدير المسن ،منها :بدء الكبير باألمور كلها ،كأن يتقدم الكبير على
الصغير في صالة الجماعة ،وفي التحدث إلى الناس ،وفي األخذ
والعطاء عند التعامل ،والترهيب من استخفاف الصغير بالكبير ،وفي ذلك
يقول عمار بن ياسر > :ثالث ال يستخف بهم إال منافق :ذو الشيبة
في اإلسالم ،وذو العلم ،وإمام مقسط<( ،)1والحياء من الكبير؛ ألن
الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ،ويمنع من التقصير في حق الكبير
وإنزال الكبير منزلته الالئقة به.
فعن عبد اهلل بن عمر :أن رسول اهلل ‘ قال> :أراني في
المنام أتسوك بسواك ،فجذبني رجالن ،أحدهما أكبر من اآلخر ،فناولت
السواك األصغر منهما ،فقيل لي :كبر ،فدفعته إلى األكبر<(.)2
وعن سهل بن سعد :أن رسول اهلل ‘ أتي بشراب فشرب
منه ،وعن يمينه غالم ،وعن يساره األشياخ ،فقال للغالم> :أتأذن لي
أن أعطي هؤالء؟<.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= >اللهم بارك لنا في مدينتنا ومدنا وصاعنا بركة مع بركة< ،ثم ناوله أصغر من يليه من
الولدان.
فال تعارض بينه وبين أحاديث الباب؛ فمناولة الزهو ألصغر من يحضره من الولدان
لمناسبة بينهما ،كما أن هذه أول باكورة ،فكذا الولد أول باكورة من اإلنسان ،وإنه
يفرح به ما ال يفرح به الكبير.
( )1أخرجه ابن أبي شيبة (رقم ،)22351/وروي مرفوع ًا ،ولكن ال يصح؛ فانظر:
>السلسلة الضعيفة< (رقم.)3249/
( )2أخرجه البخاري (رقم ،246/معلق ًا) ،ومسلم (رقم.)3003/
97
آداب معاملة الكبار
فقال الغالم :واهلل يا رسول اهلل ،ال أوثر بنصيبي منك أحد ًا.
قال :فتله رسول اهلل ‘ في يده(.)1
فالسنة :البدء باألكبر أو األفضل أو األعلم ...أي :عند وجود
ال ،أو زيادة العلم، شخص يتميز عن سائر الحاضرين بمزية كبر السن مث ً
أو نباهة الذكر ،أو شرف النسب النبوي ،أو شرف اإلمامة والقيادة ،أو
شرف الجهاد في سبيل اهلل تعالى ،أو شرف الكرم والجود في أبواب
البدء به ثم بمن على
الخير ،وأشباه ذلك ،فالسنة في الضيافة والتكريمُ :
يمينه أي ًا كان ،جمع ًا بين النصوص الداعية إلى البدء باليمين،
والنصوص القائلةَ > :ك ِّبر َك ِّبر< ،و>ليس منا من لم ُي َوقِّر كبيرنا،<...
و>ابدؤا باألكابر< ،وغيرها من األحاديث.
البدء بمن كان في أول اليمينوزعم بعض الناس غلط ًا :أن السنة ْ
للم ِضيف أي ًا كان ،استناد ًا إلى أحاديث البدء باليمين( .)2وهذا يُشرع ُ
حينما يكون الحاضرون متساوين متقاربين في الخصال أو الفضائل
والسنُ ،فيبدأ بأول من في يمين المضيف ،أما إذا تساووا فيها وتميز ِّ
وصف فيه فضيل ٌة فير َّج ُح
ٌ الُ ،فيبدأ به؛ ألنه
أحدهم ولو بكبر السن مث ً
بها على سواهُ ،فيبدأ به قبل غيره.
قال اإلمام ابن رشد في كتابه الحافل الجليل >البيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)2366/ومسلم (رقم.)2030/
( )2ممن قال بذلك :الشيخ األلباني في تخريج >رياض الصالحين< (رقم.)574/
98
آداب معاملة الكبار
خادم َص ْد ِر المجلس أو َ يمينه ،ولو كان أصغر األوالد واألطفال أو
س العشيرة أو غير مسلم ــ لوجه القوم أو رأ ِ سائق ًا مرافق ًا ــ وقد يكون َ
الج ِّد أو الوالد أو العم تاج المجلس :العالِم الجليل أو األمير النبيل أو َ
الفضيل ،فهل يسوغ في فقه اإلسالم وأدبه :أن يُترك هؤالء ال ِع ْل َية من
القوم من البدء بضيافتهم وتكريمهم ،ويُبدأ بالطفل أو الخادم أو السائق،
عدد الذين على ال؟ وقد يكون ُ ثمن بمن بع َده من أمثاله أو أعلى منه قلي ً
المضيف إلى اليمين قبل كبير القوم وأفضلِهم عشر ًة أو أكثر ،فال ينتهي ُ
عش َر ِة أشخاص أو عشرين شخص ًا! وص ْدرِه إال بع َد َ َوجيه المجلس َ
والتجمل الفطري. ُّ اإلخالل باألدب
َ سوغ هذا فقه اإلسالم وأدبَ ُه أن يُ ِّ
حاشا َ
الس ْق َيا من صغير أو مفضول أو نحوه ،فقد صار هو أما في حال طلب ُّ
صاحب الحق بإجابته والبدء به لطلبه ،ثم بمن على يمينه بع َده ،ولو َ
كان أصغر القوم وأقلهم شأن ًا ،وإذا ل َ َحظَ ــ عند تقديم ما طلبه إليه من
أفض ُل ،له تو ُّج ٌه إلى ما قُ ِّدم إليه، أكب ُر منه أو َالماء أو سواه ــ أ َّن من هو َ
كبير قد
فضل ٌ فآثره بالبدء به ،رعاية لألدب اإلسالمي في اإليثار فذاك ٌ
وأحر َز به أجر ًا(.)1 ِ
حازه ،زاد به عطْر ًا ،وارتفع به قَ ْدر ًا َ
عن عائشة زوج النبي ‘ حين قال لها أهل اإلفك ما قالوا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1من أدب اإلسالم< (ص 58/ــ )64بتصرف يسير ،وانظر> :رياض الصالحين<
(باب رقم.)111/
100
آداب معاملة الكبار
فبرأها اهلل منه ...فلما قضى رسول اهلل ‘ مقالته ،قلص دمعي حتى ما
أحس منه قطرة ،وقلت ألبي :أجب عني رسول اهلل ‘.
قال :واهلل ما أدري ما أقول لرسول اهلل ‘.
فقلت ألمي :أجيبي عني رسول اهلل ‘ فيما قال.
قالت :واهلل ما أدري ما أقول لرسول اهلل ‘.
قالت :وأنا جارية حديثة السن ،ال أقرأ كثير ًا من القرآن ،فقلت:
إني واهلل لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس ،ووقر في أنفسكم
وصدقتم به ،ولئن قلت لكم إني بريئة ،واهلل يعلم إني لبريئة ال تصدقوني
بذلك ،ولئن اعترفت لكم بأمر ،واهلل يعلم أني بريئة لتصدقني ،واهلل ما
أجد لي ولكم مثال ،إال أبا يوسف إذ قال{ :ﱺ ﱻﱼ ﱽ ﱾ
ﱿ ﲀ ﲁ}(.)2(...)1
فقول عائشة ألبيها وأمها> :أجب عنى رسول اهلل ‘< :فيه:
تقديم الكبير للكالم على الصغير في المهمات ،وفي مخاطبة أهل األمر
والموقرين( ،)3وال غرابة في تقديم الكبير في المهمات؛ إذ ال أعظم من
الصالة التي يقدمون فيها ،كما بين رسول اهلل ‘ أنه :إذا استووا في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([ )1يوسف.]18 :
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)2661/ومسلم (رقم.)2770/
( )3انظر> :إكمال المعلم< (.)199/8
101
آداب معاملة الكبار
القراءة فليؤمهم أكبرهم( ،)1فعن أبي مسعود ،قال :قال لنا رسول
اهلل ‘> :يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اهلل ،وأقدمهم قراءة ،فإن كانت
قراءتهم سواء ،فليؤمهم أقدمهم هجرة ،فإن كانوا في الهجرة سواء،
فليؤمهم أكبرهم سن ًا ،وال تؤمن الرجل في أهله ،وال في سلطانه ،وال
تجلس على تكرمته في بيته إال أن يأذن لك ،أو بإذنه<(.)2
وعن مالك بن الحويرث ،قال :أتينا رسول اهلل ‘ ونحن
شببة متقاربون ،فأقمنا عنده عشرين ليلة ،وكان رسول اهلل ‘ رحيم ًا
رقيق ًا ،فظن أنا قد اشتقنا أهلنا ،فسألنا عن من تركنا من أهلنا،
فأخبرناه ،فقال> :ارجعوا إلى أهليكم ،فأقيموا فيهم وعلموهم ،ومروهم
فإذا حضرت الصالة فليؤذن لكم أحدكم ،ثم ليؤمكم أكبركم<(.)3
()4
إكرام الكبري ،ويبدأ األكرب بالالكم والسؤال
عن ابن عمر ،قال :قال رسول اهلل ‘> :أخبروني بشجرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بوب به البخاري في >صحيحه< (.)138/1 ()1
أخرجه مسلم (رقم.)673/ ()2
أخرجه البخاري (رقم ،)685/ومسلم (رقم.)674/ ()3
بوب به البخاري في >صحيحه< ( ،)33/8وقال في >األدب المفرد< (رقم:)165/ ()4
>باب :يبدأ الكبير بالكالم والسؤال< ،وأورد فيه :حديث حويصة ومحيصة ،وقال
كذلك (رقم> :)166/باب :إذا لم يتكلم الكبير هل لألصغر أن يتكلم؟< ،وأورد
فيه :حديث ابن عمر .
102
آداب معاملة الكبار
مثلها مثل المسلم ،تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ،وال تحت ورقها<،
فوقع في نفسي أنها النخلة ،فكرهت أن أتكلم ،وثم أبو بكر وعمر،
فلما لم يتكلما ،قال النبي ‘> :هي النخلة<.
فلما خرجت مع أبي قلت :يا أبتاه ،وقع في نفسي أنها النخلة،
قال :ما منعك أن تقولها؟! لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا.
قال :ما منعني إال أني لم أرك وال أبا بكر تكلمتما فكرهت(.)1
يعطينا عبد اهلل بن عمر درس ًا بليغ ًا في آداب معاملة الكبير،
وهو :إكرامه وتقديمه في الكالم وجميع األمور من آداب اإلسالم
ومعاني األخالق؛ حيث قال> :فكرهت أن أتكلم ،وثم أبو بكر
وعمر< ،وكذلك قوله> :ما منعني إال أني لم أرك وال أبا بكر تكلمتما
فكرهت< ،وال غرابة في ذلك؛ فهو خريج المدرسة المحمدية ،التي
خرجت وعلَّمت كثير ًا من أمثال هذه النماذج ،التي فتحت القلوب
بأخالقها ،فكان لها عظيم األثر في إسالمها هلل رب العالمين ،ومما ورد
من ذلك من المرفوعات:
عن رافع بن خديج ،وسهل بن أبي حثمة ،أنهما حدثاه :أن
عبد اهلل بن سهل ومحيصة بن مسعود أتيا خيبر ،فتفرقا في النخل ،فَ ُقتل
عبد اهلل بن سهل ،فجاء عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا
مسعود إلى النبي ‘ ،فتكلموا في أمر صاحبهم ،فبدأ عبد الرحمن،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)6144/ومسلم (رقم.)2811/
103
آداب معاملة الكبار
وكان أصغر القوم ،فقال له النبي ‘> :كبر الكبر< ــ يعني :ليلي الكالم
األكبر ــ.)1(...
وفي رواية عن سهل بن أبي حثمة :أن النبي ‘ قال لمحيصة:
>كبر كبر< يريد السن ،فتكلم حويصة ،ثم تكلم محيصة.)2(...
وفي رواية عن سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج :أن محيصة بن
مسعود ،وعبد اهلل بن سهل ،انطلقا قبل خيبر ،فتفرقا في النخل ،فقتل
عبد اهلل بن سهل ،فاتهموا اليهود ،فجاء أخوه عبد الرحمن ،وابنا عمه
حويصة ،ومحيصة إلى النبي ‘ ،فتكلم عبد الرحمن في أمر أخيه،
وهو أصغر منهم ،فقال رسول اهلل ‘> :كبر الكبر< ،أو قال> :ليبدأ
األكبر<.)3(...
نختم الكالم عن آداب معاملة الكبار بصورة تدل على عظم منزلة
الكبير عند الصغير ،وعلى أنه بمنزلة السيد من عبده ،وهي :اشتداد
الصغير ماشي ًا خلف الكبير راكب ًا.
فعن يوسف بن المهاجر ،قال> :رأيت أبا جعفر راكب ًا على بغل أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)6142/ومسلم (.)1669/1
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)7192/ومسلم (.)1669/6
( )3أخرجه مسلم (.)1669/1
104
آداب معاملة الكبار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )27221/عن الفضل بن دكين عن يوسف به. ()1
أخرجه معمر في >جامعه< (رقم ،20379/مع >مصنف عبد الرزاق<) عن الزهري به. ()2
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )27220/بإسناد ضعيف جد ًا. ()3
>تقريب التهذيب< (رقم.)8397/ ()4
105
ظ
َ ُ ُ َ َ َ
َل املرض
آداب معام ِ
آداب معاملة املرضى
معنى العيادة :كل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عائد ،وإن اشتهر
في عيادة المريض حتى صار كأنه مختص به(.)2
وقال بكر بن عبد اهلل المزني> :المريض يعاد والصحيح يزار<(.)3
وبوب البخاري هذا الباب في >صحيحه< ،وقال ابن حجر> :كذا
جزم بالوجوب على ظاهر األمر بالعيادة ،وتقدم حديث أبي هريرة في
الجنائز> :حق المسلم على المسلم خمس< ،فذكر منها> :عيادة المري <،
ووقع في رواية مسلم> :خمس تجب للمسلم على المسلم< ،فذكرها
منها ،قال ابن بطال> :يحتمل أن يكون األمر على الوجوب ،بمعنى:
الكفاية ،كإطعام الجائع وفك األسير< ،ويحتمل أن يكون للندب للحث
على التواصل واأللفة ،وجزم الداودي باألول ،فقال :هي فرض يحمله
بعض الناس عن بعض ،وقال الجمهور :هي في األصل ندب ،وقد تصل
إلى الوجوب في حق بعض دون بعض ،وعن الطبري :تتأكد في حق من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1بوب به البخاري في >صحيحه< ( ،)116/7وبوب النووي في >رياض الصالحين<
(رقم )144/باب> :ما يدعى به للمريض<.
( )2انظر> :مجمع بحار األنوار< (.)659/3
( )3أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم.)63/
109
آداب معاملة املرضى
ترجى بركته وتسن فيمن يراعى حاله وتباح فيما عدا ذلك.
وفي الكافر :خالف كما سيأتي ذكره في باب مفرد ،ونقل النووي
اإلجماع على عدم الوجوب ،يعني :على األعيان<(.)1
عن عكرمة ،عن ابن عباس ،قال> :عيادة المريض مرة سنة ،فما
ازددت فنافلة<(.)3
واستدل الغزالي( ،)4وأبو حفص العكبري( ،)5وغيرهما بهذا األثر
على هذا المعنى.
احلث ىلع عيادة املريض
عن عبد اهلل بن عمر ،قال :كنا جلوس ًا مع رسول اهلل ‘ إذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه البخاري (رقم ،)1239/ومسلم (رقم.)2066/ ()1
أخرجه البخاري (رقم.)3046/ ()2
أخرجه الطبراني في >المعجم الكبير< ( ،)112/11و>المعجم األوسط< (رقم،)8310/ ()3
وابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم ،)211/وحسن الهيثمي في >مجمع
الزوائد< ( )296/2أحد أسانيده ،فتعقبه األلباني في >السلسلة الضعيفة< (رقم،)6439/
وضعفه مطلق ًا.
>إحياء علوم الدين< (.)210/2 ()4
انظر> :اإلنصاف< (.)462/2 ()5
111
آداب معاملة املرضى
جاءه رجل من األنصار ،فسلم عليه ،ثم أدبر األنصاري ،فقال رسول
اهلل ‘> :يا أخا األنصار كيف أخي سعد بن عبادة؟<.
فقال :صالح.
فقال رسول اهلل ‘> :من يعوده منكم؟<.
فقام ،وقمنا معه ،ونحن بضعة عشر ،ما علينا نعال ،وال خفاف،
وال قالنس ،وال قمص ،نمشي في تلك السباخ حتى جئناه ،فاستأخر
قومه من حوله ،حتى دنا رسول اهلل ‘ وأصحابه الذين معه(.)1
نجد في هذا الحديث :السؤال عن المريض ،وتشريف سعد بأن
قال النبي ‘ في حقه> :أخي< ،وإنما قال النبي ‘> :من يعوده
منكم؟<؛ لئال يتبعوه بغير نية سوى اتباعه فيفوتهم أجر عيادة المريض؛
وإنما أعلمهم لينووا العيادة( ،)2وأن العيادة مطلوبة على الكفاية(.)3
قال القاضي عياض> :فيه :زيارة األئمة وأهل الفضل المرضى،
وحضه على ذلك أصحابه ،بقوله :من يعوده منكم؟ وفيه :السؤال
للحاضرين عن أحوالهم ،وكذلك إذا كانوا في شدة ،وال يكلفون هم
من ذلك ما عساه يشق من الجواب عليهم ،وفيه :حضور الناس عند من
احتضر ،وهو :مما يتعين على كافتهم ،وبخاصة آلله وقرابته<(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه مسلم (رقم.)925/ ()1
انظر> :اإلفصاح عن معاني الصحاح< (.)183/4 ()2
انظر> :دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين< (.)463/4 ()3
>إكمال المعلم< (.)366/3 ()4
112
آداب معاملة املرضى
تفقد الغائب
ال في
عن بشير بن القاسم بن دينار السلمي ،قال :فقد عمر رج ً
صالة الصبح ،فأرسل إليه فجاء ،فقال> :أين كنت؟<.
فقال :كنت مريض ًا ،ولوال أن رسولك أتاني لما خرجت.
فقال عمر> :فإن كنت خارج ًا إلى أحد فاخرج للصالة<(.)1
نجد في هذا الحديث :تفقد الغائب ،فقد سأل عمر عمن غاب
عن الصالة مرة واحدة!
وفيه كذلك :حرص شديد على صالة الفجر ،فقد قال رسول اهلل
‘> :من صلى العشاء في جماعة ،فكأنما قام نصف الليل ،ومن صلى
الصبح في جماعة ،فكأنما قام الليل كله<(.)2
وما حرص عمر إال نموذج ًا من عدة نماذج مشرقة أخرى،
فهذا الصحابي الجليل الحارث بن حسان ،تزوج في ليلة من الليالي،
فحضر صالة الفجر مع الجماعة ،روى اإلمام الطبراني عن عنبسة بن
األزهر قال :تزوج الحارث بن حسان وكان له صحبة ،فقيل له :أتخرج
وإنما بنيت بأهلك في هذه الليلة؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )3481/بإسناد ال بأس به.
( )2أخرجه مسلم (رقم )656/من حديث عثمان بن عفان .
113
آداب معاملة املرضى
{ﲓ ﲔ عن أنس بن مالك ،أنه قال :لما نزلت هذه اآلية:
ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ}( )2إلى آخر اآلية ،جلس ثابت بن قيس في بيته،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :موسوعة األخالق والزهد والرقائق< ( 134/1ــ .)135
([ )2الحجرات.]2 :
115
آداب معاملة املرضى
عن عائشة ،أنها قالت :لما قدم رسول اهلل ‘ وعك أبو بكر
وبالل ،قالت :فدخلت عليهما ،فقلت :يا أبت كيف تجدك؟ ويا بالل
كيف تجدك؟ قالت :وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
والمااوت أدنااى ماان شااراك نعلااه كااال امااار مصااابح فاااي أهلاااه
عن علقمة ،قال :دخل عبد اهلل على أخيه عتبة يعوده ،فوجده
على عود يصلي ،فطرحه ،وقال> :إن هذا شيء عرض به الشيطان،
ضع وجهك على األرض ،فإن لم تستطع فأومئ إيماء<(.)5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه البخاري (رقم ،)5654/ومسلم (رقم.)1376/ ()1
قال ابن حجر في >فتح الباري< (> :)117/10قال الكرماني :ألبي الدرداء زوجتان، ()2
كل منهما أم الدرداء ،فالكبرى :اسمها خيرة بالخاء المعجمة المفتوحة بعدها تحتانية
ساكنة صحابية ،والصغرى :اسمها هجيمة بالجيم والتصغير ،وهي :تابعية ،والظاهر:
أن المراد هنا الكبرى ،والمسجد :مسجد الرسول ‘ بالمدينة ،قلت :وما ادعى أنه
الظاهر ليس كذلك ،بل هي الصغرى<.
علقه البخاري في >صحيحه< ( ،)116/7ووصله في >األدب المفرد< (رقم،)530/ ()3
وضعفه األلباني.
>فتح الباري< ( ،)117/10وانظر :الترجمة (العنوان) السابقة. ()4
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )2846/بإسناد رجاله ثقات. ()5
122
آداب معاملة املرضى
عن حفص بن عاصم ،قال :مرضت مرض اا ،فجاء ابن عمر يعودني،
قال :وسألته عن السبحة في السفر ،فقال> :صحبت رسول اهلل ‘ في
السفر ،فما رأيته يسبح< ،ولو كنت مسبح ًا ألتممت ،وقد قال اهلل
تعالى{ :ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ}(.)2()1
وحفص هو :ابن عاصم بن عمر بن الخطاب( ،)3فعبد اهلل بن
عمر عمه مباشرة ،فنحن أمام صورة عظيمة من صور صلة الرحم؛
فالعائد هنا عم المريض ،أي :منزلة الزائر أعلى من منزلة المزور.
وكما هو معلوم ،قدر عبد اهلل بن عمر في العلم والعمل،
فاهتبل ابن أخيه فرصة مجيئه إليه ،فسأله مسألة شرعية.
عن أبي وائل ،قال :جاء معاوية إلى أبي هاشم بن عتبة ،وهو مريض
يعوده ،فقال :يا خال ما يبكيك أوجع يشئزك أم حرص على الدنيا؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([ )1األحزاب.]21 :
( )2أخرجه مسلم (رقم ،)689/وأخرج البخاري (رقم )999/نحوه من طريق سعيد بن
يسار عن عبد اهلل بن عمر به.
( )3قال ابن حجر في >تقريب التهذيب< (رقم> :)1407/ثقة من الثالثة ،ع<.
123
آداب معاملة املرضى
كل ال ،ولكن رسول اهلل ‘ عهد إلي عهد ًا لم آخذ به ،قال:
قالٌّ :
>إنما يكفيك من جمع المال خادم ومركب في سبيل اهلل< ،وأجدني
اليوم قد جمعت(.)1
فقوله >يشئزك< ،أي :يقلقك ،وزن ًا ومعنى( ،)2يقال :شئز وشئز
فهو :مشئوز وأشأزه غيره ،وأصله :الشأز ،وهو :الموضع الغليظ الكثير
الحجارة(.)3
وأبو هاشم بن عتبة الصحابي الجليل يبكي لجمعه شيئ ًا من حطام
الدنيا ،فلما جاءه معاوية بن أبي سفيان يعوده ،وهو في مرض الموت
ِ
فبكى ،فقال له معاوية :يا خال! ما يبكيك؟ أَ َو َج ٌع يُ ْشئ ُزك؟ ــ يعنيٌ :
ألم
تحس به ــ أم جزع على الدنيا؟ فقد ذهب صفوها وبقي كدرها؟
كل ال ،ال أبكي من وجع ،وال أبكي على الدنيا ،ولكن
فقال :على ٍّ
الرسول ‘ عهد إلي عهد ًا فوددت إني حفظته ،إن رسول اهلل ‘ قال:
>يكفيكم من الدنيا خادم ومركب< ،قال :فأدركنا فجمعن.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه اإلمام أحمد ( ،)443/3والترمذي (رقم ،)2327/والنسائي (،)218/8
وابن ماجه (رقم ،)4103/وصححه ابن حبان (رقم.)668/
( )2انظر> :الترغيب والترهيب< للمنذري (.)112/4
( )3انظر> :التحبير إليضاح معاني التيسير< (.)615/1
124
آداب معاملة املرضى
عيادة الصديق
عن سعيد بن َمو ِهب ،قال :انطلقت مع سلمان إلى صديق له
يعوده من كندة ،فقال> :إن المؤمن يصيبه اهلل بالبالء ثم يعافيه ،فيكون
كفارة لسيئاته ،ويستعتب فيما بقي ،وإن الفاجر يصيبه اهلل بالبالء ،ثم
يعافيه فيكون كالبعير عقله أهله ،ال يدري لم عقلوه ،ثم أرسلوه فال
يدري لم أرسلوه<(.)1
()2
العيادة جوف الليل
عن خالد بن الربيع قال :لما ثقل حذيفة سمع بذلك رهطه واألنصار،
فأتوه في جوف الليل أو عند الصبح ،قال :أي ساعة هذه؟
قلنا :جوف الليل أو عند الصبح.
قال :أعوذ باهلل من صباح النار .ثم قال :جئتم بما أكفن به؟
قلنا :نعم.
قال :ال تغالوا باألكفان؛ فإنه إن يكن لي عند اهلل خير بدلت به خير ًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن أبي شيبة (رقم ،)10918/والبخاري في >األدب المفرد< (رقم،)493/
واللفظ البن أبي شيبة ،وصححه األلباني.
( )2بوب به البخاري في >األدب المفرد< (رقم.)227/
125
آداب معاملة املرضى
عن عبد اهلل بن يسار عن عمرو بن حريث أنه عاد حسن ًا وعنده
علي ،فقال علي :يا عمرو أتعود حسن ًا وفي النفس ما فيها؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري في >األدب المفرد< (رقم ،)496/وضعفه األلباني.
(> )2اآلداب الشرعية< (.)200/2
126
آداب معاملة املرضى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه اإلمام أحمد ( ،)118/1وصححه ابن حبان (رقم ،)2958/والضياء
( ،)319/2واختلف في المرفوع وقف ًا ورفع ًا؛ فانظر> :علل الدارقطني< (رقم.)398/
( )2أخرجه اإلمام أحمد ( ،)81/1وصححه الحاكم ( ،)501/1والضياء (،)319/2
وصححه األلباني في >السلسلة الصحيحة< (رقم ،)1367/واختلف في المرفوع وقف ًا
ورفع ًا؛ فانظر> :علل الدارقطني< (رقم.)398/
127
آداب معاملة املرضى
()1
عيادة الفاسق
()5
العيادة من الرمد
قال ‘> :عودوا المري <( ،)6وهو :دال على مشروعية العيادة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بوب به البخاري في >األدب المفرد< (رقم.)242/ ()1
انظر> :مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح< (.)1145/3 ()2
علقه البخاري ( ،)57/8ووصله في >األدب المفرد< (رقم ،)529/وضعفه األلباني. ()3
أخرجه البخاري (رقم.)1356/ ()4
بوب به البخاري في >األدب المفرد< (رقم.)245/ ()5
أخرجه البخاري (رقم )3046/من حديث أبي موسى . ()6
128
آداب معاملة املرضى
في كل مريض ،لكن استثنى بعضهم األرمد؛ لكون عائده قد يرى ما ال يراه
هو ،وهذا األمر خارجي قد يأتي مثله في بقية األمراض كالمغمى عليه(.)1
وقد جاء في عيادة األرمد بخصوصها حديث زيد بن أرقم قال:
>عادني رسول اهلل ‘ من وجع كان بعيني< ،أخرجه أبو داود في
>السنن<( ،)2وقال> :باب في العيادة من الرمد<.
وقال العيني في >الشرح<> :هذا باب في بيان جوار العيادة من
رمد العين ،واستدل من الحديث أن العيادة تجوز من رمد العينين،
خالف ًا لما تزعمه العامة من الناس أن الرمدان ال يزار ،والحديث يرد
عليهم .وقوله :من وجع كان بعيني عام يشمل سائر أمراض العين من
أنواع الرمد ،وغيرها فافهم<(.)3
ال من أصحاب ومن األدلة كذلك :ما رواه القاسم بن محمد أن رج ا
محمد ذهب بصره فعادوه فقال :كنت أريدهما ألنظر إلى النبي ‘ ،فأما
إذ قبض النبي ‘ فواهلل ما يسرني أن ما بهما بظبي من ظباء َت َبالة(.)5()4
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر> :فتح الباري< (.)113/10 ()1
(رقم ،)3104/وأخرجه كذلك اإلمام أحمد ( ،)375/4وصححه الحاكم (.)492/1 ()2
( 20/6ــ .)21 ()3
َت َبال ُة بالفتح :موضع ببالد اليمن ،انظر> :معجم البلدان< (.)9/2 ()4
أخرجه البخاري في >األدب المفرد< (رقم ،)533/وضعفه األلباني. ()5
129
آداب معاملة املرضى
()1
عيادة املغىم عليه
عن جابر بن عبد اهلل ،قال :مرضت فأتاني رسول اهلل ‘،
وأبو بكر يعوداني ماشيين ،فأغمي علي ،فتوضأ ،ثم صب علي من وضوئه،
فأفقت ،قلت :يا رسول اهلل ،كيف أقضي في مالي؟ فلم يرد علي شيئ ًا،
حتى نزلت آية الميراث{ :ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ}(.)3()2
المغمى عليه :الذي يصيبه غشي تتعطل معه قوته الحساسة.
ويعزف بعض الناس عن عيادة المرضى الذين ال يشعرون بمن
حولهم ،كالذي تنتابه حاالت اإلغماء المتكررة ،أو الذين هم في غياب
عن الوعي بشكل دائم ،بحجة أن هذا المريض ال يشعر بوجوده وال
فهم خاطئ ،وحجة بال دليل،يحس به فال حاجة إذ ًا لزيارته .وهذا ٌ
والدليل بخالفه ،كما في الحديث السابق.
قال ابن بطال> :اإلغماء كسائر األمراض تنبغي العيادة فيه؛ تأسي ًا
بالنبي وأبى بكر الصديق<(.)4
وقال ابن المنير> :ترجم على هذا الباب لئال يعتقد أن عيادة المغمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بوب به البخاري في >صحيحه< ( ،)116/7وفي >األدب المفرد< (رقم.)230/ ()1
[النساء.]176 : ()2
أخرجه البخاري (رقم ،)5651/ومسلم (رقم.)1616/ ()3
>شرح صحيح البخاري< ( 375/9ــ .)376 ()4
130
آداب معاملة املرضى
عليه ساقط الفائدة؛ إذ ال يفيق لعائده .وما في الحديث أنهما علما أنه
مغمى عليه قبل عيادته ،فلعله وافق حضورهما<(.)1
وقال ابن حجر> :مجرد علم المريض بعائده ال تتوقف مشروعية
العيادة عليه؛ ألن وراء ذلك جبر خاطر أهله ،وما يرجى من بركة دعاء
العائد ،ووضع يده على المريض ،والمسح على جسده ،والنفث عليه
عند التعويذ إلى غير ذلك<(.)2
عن جابر بن عبد اهلل ،قال :جاء رسول اهلل ‘ يعودني ،وأنا
مريض ال أعقل ،فتوضأ وصب علي من وضوئه ،فعقلت ،فقلت :يا
رسول اهلل لمن الميراث؟ إنما يرثني كاللة ،فنزلت آية الفرائض(.)3
فالمراد من هذه الترجمة التفرقة بين ما يصدر من المغمى عليه حال
إفاقته ،وما يصدر عنه في حال إغمائه؛ فاإلغماء مرض يعطل القوى
المدركة ،وكل تصرف منه ليس له أثر على اإلطالق.
فاإلغماء :من عوارض األهلية ،وحالة من حاالت انعدام اإلرادة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1المتواري على أبواب البخاري< (ص ،)374/وانظر> :فتح الباري< (.)114/10
(> )2فتح الباري< (.)114/10
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)194/ومسلم (رقم.)1616/
131
آداب معاملة املرضى
التي ال ينعقد العقد فيها ،فهو كالمجنون ،والصبي غير المميز ،والنائم،
والسكران في انعدام اإلرادة.
تبشري املريض
وعن محمد بن خالد السلمي ،عن أبيه ،عن جده ،وكانت لجده
صحبة :أنه خرج زائر ًا لرجل من إخوانه فبلغه أنه شاكي قبل أن يدخل
عليه ،فدخل عليه فقال :أتيتك زائر ًا ،وأتيتك عائد ًا ومبشر ًا.
قال :كيف جمعت هذا كله؟
قال :خرجت وأنا أريد زيارتك فبلغتني شكاتك فكانت عيادة،
وأبشرك بشيء سمعته من رسول اهلل ‘ قال> :إذا سبقت للعبد من اهلل
منزلة لم يبلغها بعمله ابتاله اهلل في جسده ،أو في ولده ،أو في ماله ،ثم
صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من اهلل<(.)1
وعن عمران بن حدير ،قال :كان أبو مجلز يقول> :ال تحدث
المريض إال بما يعجبه< قال :وكان يأتيني وأنا مطعون فيقولَ > :ع ُّدوا اليوم
وع ُّدوك فيهم< ،قال> :فأفرح بذلك<(.)2 في الحي كذا وكذا ممن أَ ْف َر ُق َ
فتبشير المريض أدب نبوي ،اهتدى به الصحب الكرام ،وتعمله منهم
من تبعهم بإحسان.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه اإلمام أحمد ( ،)272/5وأبو داود (رقم ،)3092/وابن أبي الدنيا في
>المرض والكفارات< (رقم ،)39/واللفظ له ،وصححه األلباني.
( )2أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم ،)48/ومن طريقه ابن عساكر
(.)31/64
133
آداب معاملة املرضى
تزكية املريض
عن القاسم بن محمد ،أن عائشة اشتكت ،فجاء ابن عباس فقال:
>يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق على رسول اهلل ‘ وعلى أبي
بكر<(.)1
فـ>اشتكت< :ضعفت ومرضت.
و>فرط صدق< :صادق وحسن.
والفرط :المتقدم من كل شيء والسابق إلى المنزل.
والمعنى :قد سبقك رسول اهلل ‘ وأبو بكر وقد هيأ لك
المنزل في الجنة ،فأنت تلحقين بهما ،فال تحزني ،بل افرحي بذلك.
وقد أخرجه اإلسماعيلي وأبو نعيم في >المستخرج< عن القاسم بن
محمد عن عائشة أنها اشتكت فاستأذن ابن عباس عليها وأتاها يعودها،
فقالت :اآلن يدخل علي فيزكيني ،فأذنت له.
فقال :أبشري يا أم المؤمنين؛ تقدمين على فرط صدق ،وتقدمين
على رسول اهلل ‘ وعلى أبي بكر.
قالت :أعوذ باهلل أن تزكيني(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم.)3771/
( )2انظر> :فتح الباري< (.)484/8
134
آداب معاملة املرضى
قال القرطبي> :قال علماؤنا :قوله > :إذا حضرتم المري أو
الميت فقولوا خير ًا< أمر ندب وتعليم بما يقال عند المريض أو الميت،
وإخبار بتأمين المالئكة على دعاء من هناك ،ولهذا استحب العلماء :أن
يحضروا الميت الصالحون ،وأهل الخير حالة موته ليذكروه ،ويدعوا له
ولمن يخلفه ويقولوا خير ًا ،فيجتمع دعاؤهم وتأمين المالئكة فينتفع
بذلك الميت ومن يصاب به ومن يخلفه<(.)1
()2
اتلعوذ للمريض
عن عبد العزيز ،قال :دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك ،فقال
ثابت :يا أبا حمزة ،اشتكيت!
فقال أنس :أال أرقيك برقية رسول اهلل ‘؟
قال :بلى.
قال> :اللهم رب الناس ،مذهب الباس ،اشف أنت الشافي ،ال
شافي إال أنت ،شفاء ال يغادر سقم ًا<(.)3
ففي هذا الحديث من الفقه :أن هذه رقية(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
>التذكرة بأحوال الموتى وأمور اآلخرة< (ص.)183/ ()1
بوب به الترمذي في >جامعه< (.)294/3 ()2
أخرجه البخاري (رقم ،)5742/وأورد النووي هذا الحديث في >رياض الصالحين< ()3
تحت باب> :ما يدعى به للمريض<.
انظر> :اإلفصاح عن معاني الصحاح< (.)321/5 ()4
136
آداب معاملة املرضى
()1
ما يقول للمريض
عن نافع قال :كان ابن عمر إذا دخل على مريض يسأله :كيف هو:
فإذا قام من عنده قال> :خار اهلل لك< ،ولم يزده عليه(.)2
قوله >خار اهلل لك< ،أي :أعطاك ما هو خير لك(.)3
()4
ما جييب املريض
عن أبي أمامة :أن رسول اهلل ‘ قال> :تمام عيادة المري :
أن يضع أحدكم يده على جبهته أو قال على يده فيسأله :كيف هو؟
وتمام تحياتكم بينكم :المصافحة<(.)3
هذا الحديث يؤسس قاعدة كلية وأدب ًا عام ًا من قواعد وآداب عيادة
المريض ،وهو :وضع اليد على المريض ،ومن األمثلة العملية التي
تجسد لنا هذا المعنى وتبرزه:
عن عائشة بنت سعد ،أن أباها ،قال :تشكيت بمكة شكو ًا شديد ًا،
فجاءني النبي ‘ يعودني ،فقلت :يا نبي اهلل ،إني أترك ما ًال ،وإني لم
أترك إال ابنة واحدة ،فأوصي بثلثي مالي وأترك الثلث؟
فقال> :ال<.
قلت :فأوصي بالنصف وأترك النصف؟
قال> :ال<.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1اإلفصاح عن معاني الصحاح< (.)264/1
( )2بوب به البخاري في >صحيحه< (.)118/7
( )3أخرجه اإلمام أحمد ( ،)259/5والترمذي (رقم ،)2731/وضعفه.
139
آداب معاملة املرضى
فيستحب للعائد أن يضع يده على جسد المريض ويدعو له ،اقتداء
بنبينا ‘ وصحابته الكرام ،وقد يكون لوضع اليد أثر في تخفيف األلم
أو إزالته بالكلية.
قال ابن بطال> :في وضع اليد على المريض تأنيس له ،وتعرف
لشدة مرضه ليدعو له العائد على حسب ما يبدو له منه ،وربما رقاه بيده
ومسح على ألمه ،فانتفع العليل به إذا كان العائد صالح ًا تبرك بيده ودعائه
كما فعل النبي ،وذلك من حسن األدب واللطف بالعليل ،وينبغي امتثال
أفعال النبي كلها واالقتداء به فيها<(.)1
()2
استحباب سؤال أهل املريض عن حاهل
عن عبد اهلل بن عمر ،قال :كنا جلوس ًا مع رسول اهلل ‘ إذ
جاءه رجل من األنصار ،فسلم عليه ،ثم أدبر األنصاري ،فقال رسول
اهلل ‘> :يا أخا األنصار كيف أخي سعد بن عبادة؟<.
فقال :صالح.
فقال رسول اهلل ‘> :من يعوده منكم؟<.
فقام ،وقمنا معه ،ونحن بضعة عشر ،ما علينا نعال ،وال خفاف،
وال قالنس ،وال قمص ،نمشي في تلك السباخ حتى جئناه ،فاستأخر
قومه من حوله ،حتى دنا رسول اهلل ‘ وأصحابه الذين معه(.)1
قال القاضي عياض> :فيه :أنه من جاء لعيادة أو قضاء حاجة عند
كبير ،ثم جاء غيره وقد ضاق المجلس عند الداخل ،أن ينصرف األول
أو يفسح له عن قرب المزور حتى يقضى إربه منه<(.)2
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم (رقم.)925/
(> )2إكمال المعلم< (.)366/3
144
آداب معاملة املرضى
عن نافع ،أن ابن عمر ،ذكر له :أن سعيد بن زيد بن عمرو بن
نفيل ،وكان بدري ًا ،مرض في يوم جمعة ،فركب إليه بعد أن تعالى
النهار ،واقتربت الجمعة ،وترك الجمعة(.)1
فسعيد بن زيد :أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ،وزوج
فاطمة بنت الخطاب عمة عبد اهلل بن عمر ،وابن عم عمر .)2(
وعبد اهلل بن عمر على رغم ما عرف عنه من كثرة عبادته،
واجتهاده في اتباع النبي ‘ ،لكنه كان فقيه ًا عالم ًا ،يعلم أوليات
األمور وترتيبها ،فنراه قدم القيام على المريض على حضور الجمعة!
قال ابن هبيرة> :في هذا الحديث :ما يدل على أن من له نسيب
مريض فإنه يجوز له ترك الجمعة؛ اشتغا ًال بالقيام على مريضه<(.)3
وقال القاضي عياض> :قد ترك ابن عمر صالة الجمعة حين دعي
الحتضار سعيد بن زيد ،لشدة حاجة الميت حينئذ إلى من ينظر منه،
ويرفق به ،ويقوم عليه<(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه البخاري (رقم.)3990/ ()1
انظر> :الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري< ( ،)178/15و>اإلصابة< ()2
(.)87/3
>اإلفصاح عن معاني الصحاح< (.)225/4 ()3
>إكمال المعلم< (.)366/3 ()4
145
آداب معاملة املرضى
()1
إذا اعد مريضا ،فحرضت الصالة فصىل بهم مجاعة
أكمل وجه ،ولو في المرض ،ما دام ليس مرض ًا شديد ًا.
اتفق الفقهاء على عدم جواز خروج المعتكف لعيادة المريض وصالة
الجنازة؛ لعدم الضرورة إلى الخروج ،إال إذا اشترط الخروج لهما عند
الحنفية والشافعية والحنابلة(.)1
ومحل ذلك :ما إذا خرج لقصد العيادة وصالة الجنازة ،أما إذا
خرج لقضاء الحاجة ثم عرج على مريض لعيادته ،أو لصالة الجنازة،
فإنه يجوز بشرط أال يطول مكثه عند المريض ،أو بعد صالة الجنازة عند
الجمهور ،بأن ال يقف عند المريض إال بقدر السالم؛ لقول عائشة :
>إن كنت ألدخل البيت للحاجة ،والمريض فيه ،فما أسأل عنه إال وأنا
مارة<(.)2
()3
ابلاكء عند املريض
عن عبد اهلل بن عمر ،قال :اشتكى سعد بن عبادة شكوى له،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :تحفة الفقهاء< ( ،)373/1و>المجموع< ( ،)512/6و>الشرح الكبير على
متن المقنع< (.)140/3
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)2029/ومسلم (رقم.)297/
( )3بوب به البخاري في >صحيحه< ( ،)84/2وفي >رياض الصالحين< (رقم:)153/
>باب :جواز البكاء على الميت بغير ندب وال نياحة ،أما النياحة :فحرام<.
147
آداب معاملة املرضى
ومن هذا القبيل :ما روته السنة عن عائشة قالت> :كان رسول
اهلل ‘ يحب الحلواء والعسل<( ،)1وكان ‘ يمزح وال يقول إال
ح َّق ًا(.)2
وعن أسامة بن زيد قال :كنا عند النبي ‘ فأرسلت إليه إحدى
صبي ًا لها ،أو اب ًنا لها في الموت ،فقال
بناته ،تدعوه وتخبره :أن َّ
للرسول> :ارجع إليها فأخبرها أن هلل ما أخذ ،وله ما أعطى ،وكل شيء
عنده بأجل مسمى ،فمرها فلتصبر ولتحتسب<.
فعاد الرسول ،فقال :إنها قد أقسمت لتأتينها ،قال :فقام النبي ‘
وقام معه سعد بن عبادة ،ومعاذ بن جبل ،وانطلقت معهم ،فرفع الصبي،
ونفسه تقعقع ،كأنها في شنة ،ففاضت عيناه ،فقال سعد :ما هذا يا
رسول اهلل؟
قال> :هذه رحمة ،جعلها اهلل في قلوب عباده ،وإنما يرحم اهلل من
عباده الرحماء<(.)3
وهذه الظاهرة نفسها حدثت في حديثنا هذا ،فلما رأى القوم بكاء
النبي ‘ بكوا ،أي :حينما رأوه بكى ‘ بكوا ،وهذا يسمى عند العلماء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)5431/ومسلم (رقم.)1474/
( )2أخرجه اإلمام أحمد ( ،)340/2والترمذي (رقم )1990/من حديث أبي هريرة
،وحسنه.
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)7377/ومسلم (رقم ،)923/وانظر> :دستور األخالق في
القرآن< (ص 599/ــ .)600
149
آداب معاملة املرضى
بكاء المجاورة ،أي :أني رأيتك تبكي فبكيت ،وكل دمعة للعين تختلف؛
فدمعة الحزن تختلف عن دمعة الفرح ،وتختلف عن دمعة الخوف،
وتختلف عن دمعة النفاق ،وتختلف عن دمعة المجاملة أو المجاورة.
وقد اختلف العلماء في حكم البكاء ،فقال اإلسماعيلي> :ك ُثر كالم
كل مجتهد ًا على حسب ما قُ ِّدر له ،ومنالعلماء في هذه المسألة ،وقال ٌّ
وجه لم أرهم ذكروه ،وهو أنهم كانوا في الجاهلية أحسن ما حضرني ٌ
يُ ِغيرونَ ،و ْيسبون ،ويَ ُقتلُون ،وكان أحدهم إذا مات بكته باكيته بتلك
المحرمة ،فمعنى الخبر :أن الميت يُعذّ ب بذلك الذي يبكي ّ األفعال
عليه أهله به؛ ألن الميت يُندب بأحسن أفعاله ،وكانت محاسن أفعالهم
يستحق العذاب عليها<(.)1
ّ ما ُذكر ،وهي زيادة ذنب من ذنوبه
وقال ابن حزم> :والح بهذا أن هذا البكاء الذي يعذب به الميت
ليس هو الذي ال يعذب به من دمع العين ،وحزن القلب .فصح أنه
البكاء باللسان ،إذ يعذبونه برياسته التي جار فيها فعذب عليها ،وشجاعته
التي يعذب عليها ،إذ صرفها في غير طاعة اهلل تعالى ،وبجوده الذي أخذ
ما جاد به من غير حله ،ووضعه في غير حقه فأهله يبكونه بهذه المفاخر،
وهو يعذب بها بعينها ،وهو ظاهر الحديث لمن يتكلف في ظاهر الخبر
ما ليس فيه ،وباهلل تعالى التوفيق ،وقد روينا عن ابن عباس :أنه أنكر
على من أنكر البكاء على الميت ،وقال :اهلل أضحك وأبكى؟<(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :فتح الباري< (.)155/3
(> )2المحلى< (.)374/3
150
آداب معاملة املرضى
وهذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم بن النبي ‘؛ ألن عبد الرحمن
بن عوف كان معهم في هذه ولم يعترضه بمثل ما اعترض به هناك ،فدل
على أنه تقرر عنده العلم بأن مجرد البكاء بدمع العين من غير زيادة على
ذلك ال يضر(.)1
اتلحديث يف املرض
ندبنا النبي ‘ إلى تبليغ حديثه ،وقال> :بلغوا عني ولو آية،
وحدثوا عن بني إسرائيل وال حرج ،ومن كذب علي متعم ًدا ،فليتبوأ
مقعده من النار<(.)2
فقوله> :ولو آية< ،أي :واحدة؛ ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما
قل؛ ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به ‘، وقع له من الحديث ،ولو َّ
وقد بلغ من حرص سلفنا الصالح على تبليغ سنته الشريفة إلى أن كانوا
يحدثون بها في مرضهم ،ومن هذه الصور:
عن الحسن ،قال :عاد عبيد اهلل بن زياد معقل بن يسار المزني في
مرضه الذي مات فيه ،قال معقل :إني محدثك حديث ًا سمعته من رسول
اهلل ‘ ،لو علمت أن لي حياة ما حدثتك ،إني سمعت رسول اهلل ‘
يقول> :ما من عبد يسترعيه اهلل رعية ،يموت يوم يموت وهو غاش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :فتح الباري< (.)175/3
( )2أخرجه البخاري (رقم )3461/من حديث عبد اهلل بن عمرو .
151
آداب معاملة املرضى
وعن جنادة بن أبي أمية ،قال :دخلنا على عبادة بن الصامت ،وهو
مريض ،قلنا :أصلحك اهلل ،حدث بحديث ينفعك اهلل به ،سمعته من
النبي ‘.
قال :دعانا النبي ‘ فبايعناه(.)1
وعن الحارث بن سويد ،قال :دخلت على عبد اهلل أعوده وهو
مريض ،فحدثنا بحديثين :حديث ًا عن نفسه ،وحديث ًا عن رسول اهلل ‘
قال :سمعت رسول اهلل ‘ ،يقول> :هلل أشد فرح ًا بتوبة عبده المؤمن،
من رجل في أرض دوية مهلكة ،معه راحلته ،عليها طعامه وشرابه ،فنام
فاستيقظ وقد ذهبت ،فطلبها حتى أدركه العطش ،ثم قال :أرجع إلى
مكاني الذي كنت فيه ،فأنام حتى أموت ،فوضع رأسه على ساعده
ليموت ،فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه ،فاهلل أشد
فرح ًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده<(.)2
اتلذاكر يف املرض
على قبره مسجد ًا ،وصوروا فيه تلك الصور ،أولئك شرار الخلق عند
اهلل يوم القيامة<(.)1
وعن بسر بن سعيد( ،)2أن زيد بن خالد الجهني حدثه ــ ومع بسر
عبيد اهلل الخوالني ــ أن أبا طلحة حدثه أن رسول اهلل ‘ قال> :ال
تدخل المالئكة بيت ًا فيه صورة<.
قال بسر :فمرض زيد بن خالد فعدناه ،فإذا نحن في بيته بستر فيه
تصاوير ،فقلت لعبيد اهلل الخوالني :ألم يحدثنا في التصاوير؟
قال إنه قال> :إال رقم ًا في ثوب ،ألم تسمعه؟<.
قلت :ال.
قال> :بلى ،قد ذكر ذلك<(.)3
نالحظ في هذين األثرين صورة أخرى لسلفنا الصالح من حرصهم
على تبليغ حديث رسول اهلل ‘.
ففي األثر األول :صحابيتان جليلتان ،بل اثنتان من أمهات
المؤمنين ،تذاكرتا أمام رسول اهلل في مرضه ،ولم ينكر ذلك ،فأصبحت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)427/ومسلم (رقم.)528/
( )2بسر بن سعيد المدني العابد مولى ابن الحضرمي ،قال ابن حجر في >تقريب
التهذيب< (رقم> :)666/ثقة جليل ،من الثانية ،مات سنة مائة ،ع<
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)3226/ومسلم (رقم.)2106/
154
آداب معاملة املرضى
()1
من كره للعائد أن ينظر إىل الفضول من ابليت
الوصية يف املرض
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ،أن سعد بن أبي وقاص ،قال
في مرضه الذي هلك فيه> :الحدوا لي لحد ًا ،وانصبوا علي اللبن نصب ًا،
كما صنع برسول اهلل ‘<(.)1
فمن هدي سلفنا الصالح :الوصية في مرضهم ،وعند موتهم،
فالذين يوصون عند الموت هم الذين يخافون اهلل ،قال في حق
إبراهيم { :ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ
ﲘ ﲙ ﲚ}( ،)2وصى بها بماذا؟ بـ{ﲒ ﲓ ﲔ}؛
ألن هذا أقرب مذكور للضمير ،وأقرب مذكور للضمير هو المقصود من
الكالم ،فقوله{ :بها} ،والهاء هنا هو الضمير ،وأقرب مذكور{ :ﲒ
ﲓ ﲔ} ،أي :أنه أوصى أوالده باإلسالم.
{ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ويعقوب أيض ًا وصى أوالده:
ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ}( ،)3فهو يطمئن على هذه الذرية،
وعلى دورها في الحياة.
وكذلك النبي ‘ أوصى ،فقال> :استوصوا بالنساء خير ًا<(،)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه مسلم (رقم.)966/ ()1
[البقرة 131 :ــ .]132 ()2
[البقرة.]133 : ()3
أخرجه البخاري (رقم ،)5186/ومسلم (رقم )1468/من حديث أبي هريرة . ()4
156
آداب معاملة املرضى
ِمن آخر ما تكلم به ‘ ،وهذا ومن آخر ما تكلم به أيض اا قوله> :لعن
اهلل اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ،أال إني أنهاكم عن
ذلك<( ،)1ثالث مرات.
ومن هذا المعنى :وصية سعد؛ إذ أمرهم بأن يعتدلوا في دفنه،
وأن يتبعوا السنة ،فال يبالغوا أو يفعلوا شيئ ًا من البدع ،أو يفعلوا بدفنه،
أو وضع قبره خالف ما فعل برسول اهلل ‘.
انلذر يف املرض
عن عبد اهلل بن عباس ،قال :إن امرأة اشتكت شكوى ،فقالت:
إن شفاني اهلل ألخرجن فألصلين في بيت المقدس ،فبرأت ،ثم تجهزت
تريد الخروج ،فجاءت ميمونة زوج النبي ‘ تسلم عليها ،فأخبرتها ذلك.
فقالت :اجلسي فَ ُكلِي ما صنعت ،وصلي في مسجد الرسول ‘؛
فإني سمعت رسول اهلل ‘ ،يقول> :صالة فيه أفضل من ألف صالة
فيما سواه من المساجد ،إال مسجد الكعبة<(.)2
النذر في اللغة :التزام خير أو شر.
وفي الشرع :التزام المكلف شيئ ًا لم يكن عليه منجز ًا أو معلق ًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم (رقم )532/من حديث جندب بن عبد اهلل .
( )2أخرجه مسلم (رقم ،)1396/وقال البخاري في >التاريخ الكبير< (> :)302/1ال
يصح فيه ابن عباس<.
157
آداب معاملة املرضى
ال(.)1
بكفارة اليمين في الجميع ،والمالكية :بأنه ال ينعقد أص ً
والصورة التي في هذا األثر من النذر المعلق.
قال القاضي عياض> :ذهب بعض شيوخنا إلى ما قالت ميمونة،
وأن المكي والمدني إذا نذرا الصالة في بيت المقدس ال يخرجان إليه؛
ألن مكانهما أفضل .ولو نذر المقدسي الصالة في أحد الحرمين ألتاه؛
ألنه أفضل من مكانه .وقياس قول مالك على هذه الطريقة :أن المكي
إذا نذر إتيان مسجد المدينة أتاه ،وإن نذر مدني إتيان مسجد مكة لم يأته؛
ألن مسجد المدينة عنده أفضل من مسجد مكة .وقال بعض شيوخنا:
األولى أن يأتي المكي مسجد المدينة ،والمدني مسجد مكة ،إذا نذراه؛
ليخرجا من الخالف الذي وقع في فضل أحدهما على اآلخر<(.)2
من النهي عما ظنوا إباحته في ظروف مرضهم ،وهو :وصل شعرهم عند
تمرقه أو تمعطه ،كما في الحديثين السابقين ،واالكتحال في عدة
المتوفى عنها زوجها؛ لما في ذلك من التزين والتجمل.
4ــ عرضهم الرقى على النبي ‘:
عن جابر بن عبد اهلل ،قال :نهى رسول اهلل ‘ عن الرقى،
فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا :يا رسول اهلل إنه كانت عندنا رقية نرقي
بها عن العقرب ،فإنك نهيت عن الرقى فعرضوها عليه.
فقال> :ما أرى بها بأس ًا ،من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل<(.)1
وعن عوف بن مالك ،قال :قال ‘> :ال بأس بالرقى ما لم
يكن فيه شرك<(.)2
5ــ االستشفاء بآثار النبي ‘:
عن عبد اهلل ،مولى أسماء بنت أبي بكر عن أسماء بنت أبي بكر
فأخرجت إلي جبة طيالسة
ْ ،قالت :هذه جبة رسول اهلل ‘،
كسروانية لها لبنة ديباج ،وفرجيها مكفوفين بالديباج ،فقالت :هذه كانت
عند عائشة حتى قُبضت ،فلما قُبضت قبضتها ،وكان النبي ‘ يلبسها،
فنحن نغسلها للمرضى يُستشفى بها(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم (رقم.)2199/
( )2أخرجه مسلم (رقم.)2200/
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)5835/ومسلم (رقم ،)2069/واللفظ له.
162
آداب معاملة املرضى
عن ابن عباس ،قال> :إذا عسر على المرأة ولدها ،فيكتب
هاتين اآليتين والكلمات في صحفة ،ثم تغسل فتسقى منها :بسم اهلل
الذي ال إله إال هو الحليم الكريم ،سبحان اهلل رب السموات السبع
ورب العرش العظيم{ ،ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ
()2
ﳞ} { ،ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏﳐ ﳑﳒ ﳓ
ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ}(.)4()3
وقال اإلمام أحمد> :يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولدها في جام أبيض
أو شيء نظيف :بسم اهلل الرحمن الرحيم ،ال إله إال اهلل الحليم الكريم،
سبحان اهلل رب العرش العظيم ،الحمد هلل رب العالمين( ...وذكر آيتي
األحقاف والنازعات) ،ثم تسقى منه ،وينضح ما بقي على صدرها<(.)5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
>شرح صحيح مسلم< ( ،)182/14وانظر> :اآلداب الشرعية< (.)458/2 ()1
[النازعات.]46 : ()2
[األحقاف.]35 : ()3
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم ،)26974/وأخرجه ابن السني (رقم )916/مرفوع ًا، ()4
واستنكر؛ فانظر> :عجالة الراغب المتمني< (رقم.)620/
انظر> :اآلداب الشرعية< ( ،)457/2و>زاد المعاد< (.)327/4 ()5
165
آداب معاملة املرضى
()4
من ذهب بالصيب املريض ييلُدىع هل
َت ْد َغ ْر َن أوالدكن بهذا ال ِعالق! عليكن بهذا العود الهندي؛ فإن فيه سبعة
ويلَ ُّد من ذات الجنب<(.)1
العذرةُ ،
أشفية ،منها :ذات الجنبُ ،يسعط من ُ
أعلقت عنه وعليه :عالجت وجع لهاته بأصبعي.
والعذرة :وجع في الحلق يهيج من الدم ،يقال في عالجها :عذرته
ُ
فهو معذور ،وقيل :هي قرحة تخرج في الحز الذي يبن الحلق واألنف
العذرة ،وهي :خمسة كواكب تحت تعرض للصبيان غالب ًا عند طلوع ُ
الشعرى العبور ،وتسمى :العذارى ،وتطلع في وسط الحز.
ال
وعادة النساء في معالجة العذرة :أن تأخذ المرأة خرقة فتفتلها فت ً
شديد ًا ،وتدخلها في أنف الصبي وتطعن ذلك الموضع ،فينفجر منه دم
أسود وربما أقرحته ،وذلك الطعن يسمى دغر ًا وغدر ًا ،فمعنى تدغرن
أوالدكن :أنها تغمز حلق الولد بأصبعها فترفع ذلك الموضع وتكبسه(.)2
عن الشعبي ،عن عمران بن حصين ،قال :ال رقية إال من عين أو
ُح َمة ،فذكرته لسعيد بن جبير ،فقال :حدثنا ابن عباس :قال رسول اهلل
‘> :عرضت علي األمم ،فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط ،والنبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)5713/ومسلم (رقم.)2214/
( )2انظر> :شرح صحيح مسلم< للنووي (.)200/14
168
آداب معاملة املرضى
ليس معه أحد ،حتى رفع لي سواد عظيم ،قلت :ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل:
بل هذا موسى وقومه ،قيل :انظر إلى األفق ،فإذا سواد يمأل األفق ،ثم
قيل لي :انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء ،فإذا سواد قد مأل األفق،
قيل :هذه أمتك ،ويدخل الجنة من هؤالء سبعون ألف ًا بغير حساب<.
ثم دخل ولم يبين لهم ،فأفاض القوم ،وقالوا :نحن الذين آمنا باهلل
واتبعنا رسوله ،فنحن هم ،أو أوالدنا الذين ولدوا في اإلسالم ،فإنا
ولدنا في الجاهلية.
فبلغ النبي ‘ فخرج ،فقال> :هم الذين ال يسترقون ،وال يتطيرون،
وال يكتوون ،وعلى ربهم يتوكلون<.
فقال عكاشة بن محصن :أمنهم أنا يا رسول اهلل؟
قال> :نعم<.
فقام آخر فقال :أمنهم أنا؟
قال> :سبقك بها عكاشة<(.)1
قال النووي> :قال العلماء :لم يرد به حصر الرقية الجائزة فيهما
ومنعها فيما عداهما ،وإنما المراد :ال رقية أحق وأولى من رقية العين
والح َمة؛ لشدة الضرر فيهما<(.)2
ُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)5705/ومسلم (رقم ،)220/واللفظ للبخاري.
(> )2شرح صحيح مسلم< (.)168/14
169
آداب معاملة املرضى
عن عمرة بنت عبد الرحمن ،أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة،
وهي تشتكي ،ويهودية ترقيها ،فقال أبو بكر> :ارقيها بكتاب اهلل<(.)1
وقال الربيع :سألت الشافعي عن الرقية.
فقال :ال بأس أن يرقي الرجل بكتاب اهلل وما يعرف من ذكر اهلل.
أهل الكتاب المسلمين؟
فقلت :أيرقي ُ
فقال :نعم ،إذا رقوا بما يعرف من كتاب اهلل وذكر اهلل.
فقلت :وما الحجة في ذلك؟
فقال :غير حجة ،وأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالك ًا...
(وذكر الحديث)(.)2
كتابة الرقية
قال المروذي :شكت امرأة إلى أبي عبد اهلل أنها مستوحشة في
بيت وحدها ،فكتب لها رقعة بخطه :بسم اهلل ،وفاتحة الكتاب والمعوذتين
وآية الكرسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مالك ( )943/2عن يحيى بن سعيد عن عمرة به.
( )2انظر> :السنن الكبرى< للبيهقي (.)587/9
170
آداب معاملة املرضى
وقال :كتب أبو عبد اهلل من الحمى :بسم اهلل الرحمن الرحيم ،بسم
اهلل وباهلل ومحمد رسول اهلل{ ،ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ
ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ}( ،)1اللهم رب جبريل وميكائيل
وإسرافيل ،اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك إله الحق
آمين(.)2
وذكر اإلمام أحمد عن عائشة ،وغيرها أنهم سهلوا في ذلك(.)3
َّ ُ ُ َ َّ
()4
ادلم حرق احلصري ل ييسد به
عن فاطمة بنت المنذر ،أن أسماء بنت أبي بكر :كانت إذا
أتيت بالمرأة قد ُح َّم ْت تدعو لها ،أخذت الماء ،فصبته بينها وبين
جيبها ،قالت> :وكان رسول اهلل ‘ يأمرنا أن نبردها بالماء<(.)2
قال ابن الملقن> :اعترض بعض سخفاء األطباء على الحديث
بقوله :استعمال المحموم االغتسال بالماء خطر يقرب من الهالك؛ ألنه
يجمع المثام ويحقن البخار ويعكس الحرارة لداخل الجسم ،فيكون
ذلك سبب ًا للتلف.
وجوابه :أن هذا صدر عن مرتاب في صدق نبينا.
فيقال له :تفهم مراده من هذا الكالم ،فإنه لم ينص على كيفية
تبريد الحمى بالماء ،وإنما أرشد إلى تبريدها به مطلق ًا ،فإن أظهر
الوجود أو صناعة الطب أن غمس المحموم في الماء أو صبه إياه على
جميع بدنه يضره فليس هو الذي قصده ،وإنما قصد استعمال الماء
على وجه ينفع ،فيبحث عن ذلك الوجه ،وتجرب الوجوه التي ال ضرر
فيها ،فإنه سيظهر نفعه قط ًعا ،وقد ظهر هذا المعنى في أمره العائن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1بوب به النسائي في >السنن الكبرى< ( ،)98/7وبوب البخاري في >صحيحه<
(> :)129/7باب :الحمى من فيح جهنم< ،وأخرج فيه حديث أسماء .
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)5724/ومسلم (رقم.)2211/
172
آداب معاملة املرضى
بالغسل ،فإنه وإن كان قد أمره أن يغتسل مطلق ًا ،فلم يكن مقصوده أن
يغسل جميع جسده بل بعضه.
وإذا تقرر هذا :فال يبعد أن مقصوده أن يرش على بعض جسد
المحموم ،أو يفعل كما ذكرنا عن أسماء ،فيكون من باب النشرة الجائزة،
ولئن سلمنا أنه أراد جميع جسد المحموم ،فيجاب :بأنه يحتمل أنه يريد
بذلك بعد قالعها عنه ،وفي وقت مخصوص وبعدد مخصوص ،فيكون
ال شكى إليهذلك من باب :الخواص التي أطلع عليها ،كما روي أن رج ً
الحمى ،فقال> :اغتسل ثالث ًا قبيل طلوع الشمس ،وقل :بسم اهلل اذهبي
يا أم ملدم ،فإن لم تذهب فتغتسل سبع ًا<(.)1
أصاب أحدكم
َ وفي >الترمذي<( )2من حديث ثوبان مرفوع ًا> :إذا
الحمى ــ وهي قطعة من النار ــ فليطفئها عنه بالماء يستنقع في نهر جار،
وص ِّد ْق رسولك،
وليستقبل جريته ويقول :بسم اهلل ،اللهم اشف عبدكَ ،
بعد صالة الصبح قبل طلوع الشمس ،وليغمس فيه ثالث غمسات ثالثة
أيام ،فإن لم يبرأ في ثالث فخمس وإال فسبع ،فإنها ال تكاد تجاوز
تس ًعا بإذن اهلل< ،وقد يكون ذلك من باب الطب ،ومن األطباء سلموا
أن الحمى الصفراوية يدبر صاحبها بسقي الماء الشديد البرودة حتى
يعالجوه وبسقي الثلج ،وتغسل أطرافه بالماء البارد ،فعلى هذا ال يبعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :التمهيد< (.)228/22
(( )2رقم ،)2084/وضعفه األلباني.
173
آداب معاملة املرضى
احلجامة من اخلراج
عن عاصم بن عمر بن قتادة( ،)2قال :جاءنا جابر بن عبد اهلل في
أهلنا ،ورجل يشتكي خراج ًا به أو جراح ًا ،فقال :ما تشتكي؟
قال :خراج بي قد شق علي.
فقال :يا غالم ائتني بحجام.
فقال له :ما تصنع بالحجام يا أبا عبد اهلل؟!
قال :أريد أن أعلق فيه محجم ًا.
قال :واهلل إن الذباب ليصيبني ،أو يصيبني الثوب ،فيؤذيني ويشق
علي.
فلما رأى تبرمه من ذلك قال :إني سمعت رسول اهلل ‘ يقول:
>إن كان في شيء من أدويتكم خير ،ففي شرطة محجم ،أو شربة من
عسل ،أو لذعة بنار< ،قال رسول اهلل ‘> :وما أحب أن أكتوي<.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1فتح الباري< (.)176/10
( )2عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان األوسي األنصاري ،أبو عمر المدني ،ثقة عالم
بالمغازي ،مات بعد العشرين ومائة ،ع ،انظر> :تقريب التهذيب< (رقم.)3071/
175
آداب معاملة املرضى
خدمة املريض
عن عبد اهلل بن عمر ،قال :اشتكى سعد بن عبادة شكوى له،
فأتاه النبي ‘ يعوده مع عبد الرحمن بن عوف ،وسعد بن أبي وقاص،
وعبد اهلل بن مسعود ،فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله،
فقال> :قد قضى؟<.
قالوا :ال يا رسول اهلل ،فبكى النبي ‘ ،فلما رأى القوم بكاء
النبي ‘ بكوا ،فقال> :أال تسمعون إن اهلل ال يعذب بدمع العين ،وال
بحزن القلب ،ولكن يعذب بهذا ــ وأشار إلى لسانه ــ أو يرحم ،وإن
الميت يعذب ببكاء أهله عليه<.
وكان عمر :يضرب فيه بالعصا ،ويرمي بالحجارة ،ويحثي
بالتراب(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)5683/ومسلم (رقم.)2205/
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)5697/ومسلم (.)2205/70
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)1304/ومسلم (رقم.)924/
176
آداب معاملة املرضى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر> :اآلداب الشرعية< (.)358/2 ()1
انظر :المصدر السابق (.)353/2 ()2
المصدر السابق (.)358/2 ()3
[األعراف.]31 : ()4
انظر> :اآلداب الشرعية< (.)353/2 ()5
178
آداب معاملة املرضى
لما أخذ المرض يدب إلى جسم نبينا محمد ‘ حتى ضعف،
ومن قرابته من يحسب أن ما فيه من ذات الجنب ،وكان هذا رأي أقرب
أهله إليه ،وكان من طبهم لذلك أن يُلَ َّد المريض في فمه ،وقد لدوا
رسول الحق ‘ وهو في غفوة منه ،فلما أفاق أحس بأثره في فمه،
فأمر بأن يلد من كان في حضرته واستثنى العباس؛ لعدم شهوده.
فعن عائشة ،قال :لددنا رسول اهلل ‘ في مرضه فجعل يشير
إلينا> :أن ال تلدوني< ،فقلنا :كراهية المريض للدواء ،فلما أفاق قال:
>ألم أنهكم أن تلدوني< ،قلنا :كراهية المريض للدواء ،فقال> :ال يبقى
أحد في البيت إال لد وأنا أنظر إال العباس؛ فإنه لم يشهدكم<(.)1
قال أهل اللغة> :اللدود بفتح الالم هو :الدواء الذي يصب في
أحد جانبي فم المريض ويسفا أو يدخل هناك بأصبع وغيرها ويحنك
به ،ويقال منه :لددته ألده<(.)2
والعبرة هنا بعموم اللفظ ،فيؤخذ منه :عدم االعتداد بكراهية
المريض للدواء ،والعمل بما فيه مصلحته من إعطائه الدواء.
وأما الجمع بين فعله ‘ في هذا الحديث ،وقول عائشة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)4458/ومسلم (رقم.)2213/
( )2انظر> :شرح صحيح مسلم< للنووي (.)199/14
179
آداب معاملة املرضى
>واهلل ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط ،حتى تنتهك حرمات اهلل،
فينتقم هلل<(.)1
فقد حمل الداودي عدم االنتقام على ما يختص بالمال ،وقال:
>وأما العرض :فقد اقتص ممن نال منه ،واقتص ممن لده في مرضه بعد
نهيه عن ذلك ،بأن أمر بَل ِّدهم مع أنهم كانوا في ذلك تأولوا أنه إنما
نهاهم عن عادة البشرية من كراهة النفس للدواء<(.)2
وقال ابن حجر> :الذي يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم؛ لئال يعودوا،
فكان ذلك تأديب ًا ،ال قصاص ًا ،وال انتقام ًا<(.)3
()4
اتللبينة جممة لفؤاد املريض
عن عائشة ،زوج النبي ‘ أنها كانت إذا مات الميت من أهلها
فاجتمع لذلك النساء ،ثم تفرقن إال أهلها وخاصتها ،أمرت ببرمة من
تلبينة فطبخت ،ثم صنع ثريد ،فصبت التلبينة عليها ،ثم قالت :كلن
منها؛ فإني سمعت رسول اهلل ‘ يقول> :التلبينة مجمة لفؤاد المري ،
تذهب بع الحزن<(.)1
وفي رواية :أنها كانت تأمر بالتلبينة وتقول> :هو البغيض النافع<(.)2
و>مجمة< بفتح الجيم والميم الثقيلة ،أي :مكان االستراحة ،ورويت:
بضم الميم ،أي :مريحة ،والجمام بكسر الجيم :الراحة ،وجم الفرس:
إذا ذهب إعياؤه(.)3
ﲌﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)5689/ومسلم (رقم.)2216/
( )2أخرجه البخاري (رقم.)5690/
( )3انظر> :فتح الباري< (.)550/9
181
آداب معاملة املرضى
ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠ ﲡ
ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ}(.)1
ومن صور إحسان الشقيق إلى شقيقه :اهتمامه بأمر صحته ومرضه.
ال أتى النبي ‘ فقال :أخي يشتكي فعن أبي سعيد :أن رج ً
بطنه ،فقال> :اسقه عسالً< ،ثم أتى الثانية ،فقال> :اسقه عس ًال< ،ثم أتاه
الثالثة فقال> :اسقه عس ًال< ثم أتاه فقال :قد فعلت؟ فقال> :صدق اهلل،
وكذب بطن أخيك ،اسقه عس ًال< ،فسقاه فبرأ(.)2
ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ}(.)1
فشعور الزوجة بزوجها ،وشعور الزوج بزوجته يجعل حياتهما
مطمئنة ،ويزيد درجة تعلقهما ببعض.
ومن صور شعور الزوجة بزوجها:
قول أسماء > :فذكرت الزبير وغيرته< برغم أن راحتها أنها تركب
خلف الرسول ،لكن تذكرت الزبير وغيرته.
وهذا من الحرص على شعور الزوج ،فإذا كان الزوج يغضب من
أمر معين ،فال ينبغي للمرأة الوفية المؤمنة أن تفعل ذلك األمر ،وأن
تكدر خاطر زوجها وتعكر صفوه.
قالت :فاستحييت؛ فعلم النبي ‘ ذلك فتركني ،فلما رجعت
تحكي للزبير بن العوام ما حدث ،فقال لها> :لمشيك أشد علي من
ركوبك خلفه<.
وفي >الهجر في المضجع< نفسه :معنى ال يتحقق بهجر المضجع
أو البيت الذي هو فيه؛ ألن االجتماع في المضجع هو الذي يهيج شعور
الزوجية ،فتسكن نفس كل من الزوجين إلى اآلخر ،ويزول اضطرابهما
الذي أثارته الحوادث قبل ذلك ،فإذا هجر الرجل المرأة وأعرض عنها
في هذه الحالة ،رجي أن يدعوها ذلك الشعور والسكون النفسي إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([ )1الروم.]21 :
183
آداب معاملة املرضى
عن أبي بردة بن أبي موسى ،قال :وجع أبو موسى وجع ًا
شديد ًا ،فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله ،فلم يستطع أن يرد
عليها شيئ ًا ،فلما أفاق ،قال :أنا بريء ممن برئ منه رسول اهلل ‘ ،إن
رسول اهلل ‘> :برئ من الصالقة والحالقة والشاقة<(.)4
دل هذا الحديث على تحريم هذه األشياء والتنفير منها للوعيد
المذكور ،ولما تضمنه من عدم الرضا بقضاء اهلل تعالى وقدره.
وتضمن تنبيه أبي موسى أهله على هذا الشيء المحرم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر> :تفسير المنار< (.)83/5 ()1
أخرجه البخاري (رقم ،)5646/ومسلم (رقم.)2570/ ()2
>شرح صحيح مسلم< ( 126/16ــ .)127 ()3
أخرجه البخاري (رقم ،)1296/ومسلم (رقم.)104/ ()4
184
آداب معاملة املرضى
عن عائشة ،قالت> :كان رسول اهلل ‘ إذا أوى إلى فراشه،
نفث في كفيه بـ{ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ} ،وبـ>المعوذتين< جميع ًا ،ثم يمسح
بهما وجهه ،وما بلغت يداه من جسده< قالت عائشة> :فلما اشتكى كان
يأمرني أن أفعل ذلك به<.
قال يونس :كنت أرى ابن شهاب يصنع ذلك إذا أتى إلى فراشه(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)7549/ومسلم (رقم.)301/
([ )2البقرة.]187 :
( )3أخرجه البخاري (رقم.)5748/
185
آداب معاملة املرضى
بيده اليمنى ،ويقول> :اللهم رب الناس أذهب الباس ،اشفه وأنت الشافي
ال شفاء إال شفاؤك شفاء ال يغادر سقم ًا<(.)1
وعن ابن عمر ،قال :إنما تغيب عثمان عن بدر ،فإنه كانت
تحته بنت رسول اهلل ‘ ،وكانت مريضة ،فقال له النبي ‘> :إن لك
أجر رجل ممن شهد بدر ًا وسهمه<(.)2
فثبت بهذا أن تمريض الزوج زوجته هو عمل رسول اهلل ‘،
ودأب الصحابة مع زوجاتهم ،وأنه يتقدم سائر ما تحتاجه الزوجة في
غير حال مرضها.
عن عائشة زوج النبي ‘ حين قال لها أهل اإلفك ما قالوا،
فبرأها اهلل منه( ...قالت ):فقدمنا المدينة ،فاشتكيت بها شهر ًا والناس
يفيضون من قول أصحاب اإلفك ،ويريبني في وجعي أني ال أرى من
النبي ‘ اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض ،إنما يدخل فيسلم،
ثم يقول> :كيف تيكم؟< ،ال أشعر بشيء من ذلك حتى نقهت.)3(...
فقولها > :ويرييني في وجعي أني ال أرى من النبي ‘ اللطف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)5751/ومسلم (رقم.)2191/
( )2أخرجه البخاري (رقم.)3130/
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)2661/ومسلم (رقم.)2770/
187
آداب معاملة املرضى
الذي كنت أرى منه حين أمرض< ،أي :ومما بعث في نفسي الريبة
والشك واإلحساس الداخلي بأن هناك أمر ًا قد حدث ،هو هذا التغير في
معاملة النبي ‘ لي حيث لم أعد أجد منه تلك المعاملة الرقيقة التي
كنت أجدها منه إذا مرضت(.)1
رغم أن اإلسالم فتح المجال أمام المرأة للتعليم ،وسهل لها طرق
الوصول إليه ،بدء ًا من ارتياد المساجد للصالة وسماع القرآن ،ومجالس
العلم ،ضمن الحدود الشرعية التي تشترط سالمة الوسيلة والغاية ،إال
أن المتقنات لعلم الطب وأصوله كن قلة ،ولعل سبب ذلك يعود إلى
اندراج مهنة الطب في فروض الكفاية؛ لذا اكتفوا بذلك العدد القليل
الذي قام بها من النساء ،كما أن لمكانة المرأة في اإلسالم دور ًا كبير ًا
في انصرافها عن هذه المهنة .وذلك لشرف القرار في المنزل وعدم
العمل ،وداللة على دالل الزوج ،وإعزاز المزوج لها.
عرض نفسها إلى
فهذا الوضع االجتماعي لم يكن يسمح لها أن ُت ِّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري< ( 34/4ــ .)35
( )2بوب به البخاري في >صحيحه< ( ،)34/4وبوب كذلك (> :)34/4باب :رد
النساء الجرحى والقتلى إلى المدينة< ،وفي (> :)122/7باب :هل يداوي الرجل
الربَيِّع .
المرأة أو المرأة الرجل< ،وأخرج فيها حديث ُّ
188
آداب معاملة املرضى
ومن الطبيبات أيض ًا :الربيع بنت معوذ األنصارية الصحابية ،كانت
تداوي الجرحى.
الربَيِّع بنت معوذ ،قالت> :كنا نغزو مع النبي ‘ ،نسقي
فعن ُّ
ونداوي الجرحى ،ونرد القتلى إلى المدينة<(.)1
وكذلك :أم عطية .
فعن أم عطية األنصارية ،قالت> :غزوت مع رسول اهلل ‘
سبع غزوات ،أخلفهم في رحالهم ،فأصنع لهم الطعام ،وأداوي
الجرحى ،وأقوم على المرضى<(.)2
وفي رواية عن حفصة ،قالت :كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن
في العيدين ،فقدمت امرأة ،فنزلت قصر بني خلف ،فحدثت عن
أختها ،وكان زوج أختها غزا مع النبي ‘ ثنتي عشرة غزوة ،وكانت
أختي معه في ست ،قالت :كنا نداوي الكلمى ،ونقوم على المرضى،
فسألت أختي النبي ‘ :أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن ال
تخرج؟.)3(...
وكذلك :أم العالء .
فعن خارجة بن زيد األنصاري ،أن أم العالء ــ امرأة من نسائهم ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم.)2882/
( )2أخرجه مسلم (رقم.)1812/
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)324/ومسلم (رقم.)936/
190
آداب معاملة املرضى
>باب مداواة النساء الجرحى في الغزو ،ثم قال ابن حجر> :وفيه :جواز
معالجة المرأة األجنبية الرجل األجنبي للضرورة<(.)1
قال ابن بطال> :قال المهلب :فيه مباشرة المرأة غير ذي محرم
منها في المداواة وما شاكلها من إلطاف المرضى ونقل الموتى ،فإن قيل:
كيف جاز أن يباشر النساء الجرحى وهم غير ذوي محارم منهن؟ فالجواب:
أنه يجوز ذلك للمتجاالت منهن؛ ألن موضع الجرح ال يلتذ بلمسه ،بل
تقشعر منه الجلود ،وتهابه النفوس ،ولمسه عذاب لالمس والملموس،
وأما غير المتجاالت منهن :فيعالجن الجرحى بغير مباشرة منهن لهم،
بأن يصنعن الدواء ويضعه غيرهن على الجرح ،وال يمسسن شيئ ًا من
جسده.
قال غيره :والدليل على صحة هذا التأويل أني لم أجد أحد ًا من
سلف العلماء يقول في المرأة تموت مع الرجال أو الرجل يموت مع
النساء غير ذوي المحارم ال يحضر ذلك غيرهم أن أحد ًا منهما يغسل
صاحبه دون حائل وثوب يستره<(.)2
ويستدل لجواز مداواة المرأة للمحرم بما صح من مداواة فاطمة
للنبي ‘ حين أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك
الدم(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1فتح الباري< (.)80/6
(> )2شرح صحيح البخاري< ( 79/5ــ .)80
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)243/ومسلم (رقم )1790/من حديث سهل بن سعد .
192
آداب معاملة املرضى
َ
()1
املرأة ت ْر يِق الرجل
بإذهاب الباس ،فدعاه باسم يناسب المسألة التي يريد السائل أن يسألها،
وهي قوله> :اشف أنت الشافي< ،يعني :إن أشفيت بسبب فأنت الشافي
بغير سبب.
وقوله> :ال شفاء إال شفاؤك< ،يعني :أن الشفاء من كل طريق
وعلى كل وجه فإنه منك.
وقوله> :شفاء ال يغادر سقم ًا< ،شفا مصدر لقوله >اشف< ،يعني:
اشف شفاء ال يغادر سقم ًا ،أي :ال يخلف سقم ًا.
و>سقم ًا< ها هنا :مصدر نكرة فهو في هذا الموضع أبلغ من
المعرف ،أي :ال يغادر سقم ًا من األسقام(.)1
والدعاء هو سنة رسول اهلل ‘ لنفسه وللناس ،بل هذا جبريل يرقيه(.)1
بل يستحب للعائد أن يدعو للمريض ،إن رجا شفاءه دعا له
بالشفاء ،فعن سعد بن أبي وقاص قال :عاودني النبي ‘ فقال> :اللهم
اشف سعد ًا ،اللهم اشف سعد ًا ،اللهم اشف سعد ًا<(.)2
وعن عائشة :أن رسول اهلل ‘ ،كان إذا أتى مريض ًا أو أتي
به ،قال> :أذهب الباس رب الناس ،اشف وأنت الشافي ،ال شفاء إال
شفاؤك ،شفاء ال يغادر سقم ًا<(.)3
وقد يأتي المريض إلى أهل الصالح راجي ًا بركة دعائهم.
فعن فاطمة بنت المنذر ،أن أسماء بنت أبي بكر :كانت إذا
أتيت بالمرأة قد ُح َّم ْت تدعو لها ،أخذت الماء ،فصبته بينها وبين
جيبها ،قالت> :وكان رسول اهلل ‘ يأمرنا أن نبردها بالماء<(.)4
وأقر عبد اهلل بن عمر عبد اهلل بن عامر في طلبه الدعاء منه.
فعن مصعب بن سعد ،قال :دخل عبد اهلل بن عمر على عبد اهلل بن
عامر يعوده وهو مريض فقال :أال تدعو اهلل لي يا ابن عمر؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر> :التحبير إليضاح معاني التيسير< (.)623/6 ()1
أخرجه البخاري (رقم ،)5659/ومسلم (رقم.)1628/ ()2
أخرجه البخاري (رقم ،)5675/ومسلم (رقم.)2191/ ()3
أخرجه البخاري (رقم ،)5724/ومسلم (رقم.)2211/ ()4
195
آداب معاملة املرضى
قال :إني سمعت رسول اهلل ‘ يقول> :ال تقبل صالة بغير طهور
()1
وكنت على البصرة.
َ ، وال صدقة من غلول<
فـ>الغلول< :الخيانة ،وأصله :السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة.
و>كنت على البصرة< فمعناه :إنك لست بسالم من الغلول؛ فقد
كنت والي ًا على البصرة ،وتعلقت بك تبعات من حقوق اهلل تعالى
وحقوق العباد ،وال يقبل الدعاء لمن هذه الصفة ،كما ال تقبل الصالة
والصدقة إال من متصون ،والظاهر واهلل أعلم :أن ابن عمر قصد زجر
عبد اهلل بن عامر وحثه على التوبة وتحريضه على اإلقالع عن المخالفات،
ولم يرد القطع حقيقة بأن الدعاء للفساق ال ينفع ،فلم يزل النبي ‘
والسلف والخلف يدعون للكفار وأصحاب المعاصي بالهداية والتوبة.
وفي هذا الحديث من الفقه :أن عبد اهلل بن عمر لما عاد عبد اهلل بن
عامر كان راضي ًا عنه إن شاء اهلل؛ فلذلك عاده في مرضه.
وفيه أيض ًا من الفقه :أنه لما سأله أن يدعو له حذره من أشياء
يدخل مثلها كثير ًا على األمراء ،فمنها :أنه ذم عنده الغلول ،فلم يقل له
إنك قد غللت؛ فالذي قاله على سبيل الموعظة؛ ال على سبيل الشهادة
عليه ،وعلى هذا فإن االستحباب لكل عامل يكون على عمل من
األعمال للمسلمين أن يكون ذا عيش مقتصد؛ لئال يتسع من ماله فتسبق
الظنون إلى أنه قد اتسع من مال المسلمين(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم (رقم.)224/
( )2انظر> :اإلفصاح عن معاني الصحاح< ( 280/4ــ .)281
196
آداب معاملة املرضى
()1
تمين املريض املوت
عن قيس بن أبي حازم ،قال :دخلنا على خباب نعوده ،وقد
اكتوى سبع كيات ،فقال> :إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم
الدنيا ،وإنا أصبنا ما ال نجد له موضع ًا إال التراب ،ولوال أن النبي ‘
نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به< ،ثم أتيناه مرة أخرى ،وهو يبني
حائط ًا له ،فقال> :إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه ،إال في شيء
يجعله في هذا التراب<(.)2
وقال عمر > :اللهم كبرت سني ،وضعفت قوتي ،وانتشرت
رعيتي ،فاقبضني إليك غير مضيع وال مفرط<(.)3
قال سعيد :فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر .)4(
حبيب جاء على فاقة ،ال أفلح َمن
وقال حذيفة لما حضرته الوفاةٌ > :
إلي من الغنى ،والسقم أحب ندم ،اللهم إن كنت تعلم أن الفقر أحب َّ
علي الموت
فسهل َّإلي من العيشِّ ،إلي من الصحة ،والموت أحب َّ َّ
()5
حتى ألقاك< .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بوب به البخاري في >صحيحه< (.)121/7 ()1
أخرجه البخاري (رقم.)5672/ ()2
أخرجه مالك ( ،)824/2وقال البوصيري في >إتحاف الخيرة< (رقم> :)3501/هذا ()3
إسناد رجاله رجال الصحيح<.
أخرجه مسدد [كما في >المطالب العالية< (رقم.])3897/ ()4
ذكره أبو نعيم في >حلية األولياء< ( )91/10معلق ًا. ()5
197
آداب معاملة املرضى
قال ابن حجر> :الدعاء بالموت أخص من تمني الموت وكل دعاء
تمني من غير عكس<(.)1
تأوه املريض
عن أبي بردة بن أبي موسى ،قال :دخلت على معاوية بن أبي
سفيان ،وبظهره قرحة وهو يتأوه منها تأو ًها شديد ًا ،فقلت :أكل هذا من
هذه؟
فقال :ما يسرني أن هذا التأوه لم يكن ،ثم قال :سمعت رسول اهلل
‘ يقول> :ما من مسلم يصيبه أذى في جسده إال كان كفارة لخطاياه،
وهذا أشد األذى<(.)2
وفي رواية :قال أبو بردة :كنت عند معاوية وطبيب يعالج قرحة
في ظهره ،فهو يتضور ،فقلت له :لو بعض شبابنا فعل هذا لعتبنا عليه!
فقال :ما يسرني أني ال أجده؛ سمعت رسول اهلل ‘ يقول> :ما
من مسلم يصيبه أذى في جسده إال كان كفارة لخطاياه<(.)3
قال النووي> :يستحب للمريض الصبر ،قال أصحابنا :ويكره له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1فتح الباري< (.)119/10
( )2أخرجه الطبراني في >المعجم الكبير< ( ،)359/19و>المعجم األوسط< (رقم،)5847/
وصححه الحاكم (.)498/1
( )3أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم.)161/
198
آداب معاملة املرضى
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال :دخلت أنا وعبد اهلل بن الزبير
على أسماء قبل قتل عبد اهلل بعشر ليال وأسماء وجعة .فقال لها عبد اهلل:
كيف تجدينك؟
قالت :وجعة.
قال :إني في الموت.
فقالت :لعلك تشتهي موتي ،فلذلك تتمناه؟ فال تفعل .فواهلل ما
أشتهي أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك أو تقتل فأحتسبك ،وإما
أن تظفر فتقر عيني ،فإياك أن تعرض عليك خطة فال توافقك فتقبلها
كراهية الموت.
وإنما عنى ابن الزبير ليقتل فيحزنها ذلك(.)1
وعن كعب بن عجرة ،قال :مر بي النبي ‘ وأنا أوقد تحت
القدر ،فقال> :أيؤذيك هوام رأسك؟<.
قلت :نعم ،فدعا الحالق فحلقه ،ثم أمرني بالفداء(.)2
وعن القاسم بن محمد ،قال :قالت عائشة :وارأساه.
فقال رسول اهلل ‘> :ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو
لك<.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري في >األدب المفرد< (رقم ،)509/وصححه األلباني.
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)5665/ومسلم (رقم.)1201/
200
آداب معاملة املرضى
فقالت عائشة :واثكلياه ،واهلل إني ألظنك تحب موتي ،ولو كان
ذاك ،لظللت آخر يومك معرس ًا ببعض أزواجك.
فقال النبي ‘> :بل أنا وارأساه ،لقد هممت ــ أو أردت ــ أن
أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد :أن يقول القائلون ــ أو يتمنى المتمنون ــ
ثم قلت :يأبى اهلل ويدفع المؤمنون ،أو يدفع اهلل ويأبى المؤمنون<(.)1
قال ابن مفلح> :قال الشيخ مجد الدين في شرح الهداية :وال بأس
أن يخبر بما يجده من ألم ووجع لغرض صحيح ،ال لقصد الشكوى.
واحتج أحمد بقول النبي ‘ لعائشة لما قالت :وارأساه .قال :بل أنا
وارأساه<(.)2
وعن ابن مسعود ،قال :دخلت على النبي ‘ وهو يوعك،
فمسسته بيدي فقلت :إنك لتوعك وعك ًا شديد ًا!
قال> :أجل ،كما يوعك رجالن منكم<.
قال :لك أجران؟
قال> :نعم ،ما من مسلم يصيبه أذى ،مرض فما سواه ،إال حط
اهلل سيئاته ،كما تحط الشجرة ورقها<(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم.)5666/
(> )2اآلداب الشرعية< (.)182/2
( )3أخرجه البخاري (رقم ،)5667/ومسلم (رقم.)2571/
201
آداب معاملة املرضى
قال ابن مفلح> :احتج ابن المبارك بقول ابن مسعود للنبي ‘:
إنك لتوعك وعك ًا شديد ًا! فقال :أجل إني أوعك كما يوعك رجالن
منكم<(.)1
وعن عامر بن سعد ،عن أبيه ،قال :جاءنا رسول اهلل ‘ يعودني
من وجع اشتد بي ،زمن حجة الوداع ،فقلت :بلغ بي ما ترى ،وأنا ذو
مال ،وال يرثني إال ابنة لي ،أفأتصدق بثلثي مالي؟
قال> :ال<.
قلت :بالشطر؟
قال> :ال<.
قلت :الثلث؟
قال> :الثلث كثير ،أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة
يتكففون الناس ،ولن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اهلل إال أجرت عليها،
حتى ما تجعل في في امرأتك<(.)2
وعن عبد الرحمن بن عوف ،قال :دخلت على أبي بكر ،
أعوده في مرضه الذي توفي فيه ،فسلمت عليه وسألته :كيف أصبحت؟
فاستوى جالس ًا ،فقلت :أصبحت بحمد اهلل بارئ ًا؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(> )1اآلداب الشرعية< (.)183/2
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)5668/ومسلم (رقم.)1628/
202
آداب معاملة املرضى
عن عبد اهلل بن أبي أوفى ،عن رسول اهلل ‘ ،قال> :سلوا
اهلل العافية<(.)4
ولكن لما كان المريض يوشك أن ينتهي أجله ،فتراه راجي ًا إحدى
الحسنيين ،إما حب العافية إن كان أم َّد اهلل في عمره ،وإما نيل المغفرة
إن كان اقترب أجله.
فعن يزيد بن خمير ،سمعت أبا زبيد ،قال :دخلت على أبي أيوب
أنا ونوف البكالي ،ورجل من بني عامر ،ورجل آخر لنعوده فقلنا :اللهم
عافه واشفه.
ال فاغفر له وارحمه ،وإن
فقال> :قولوا :اللهم إن كان أجله عاج ً
ال فعافه واشفه<(.)5
كان آج ً
وهذا ما كان يعلمه النبي ‘ للصحابة رضوان اهلل عليهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[األنبياء.]83 : ()1
أخرجه البزار (رقم )8007/من حديث أبي هريرة ،وضعفه. ()2
>اآلداب الشرعية< (.)183/2 ()3
أخرجه البخاري (رقم ،)2966/ومسلم (رقم.)1742/ ()4
أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم )159/بإسناد ال بأس به. ()5
205
آداب معاملة املرضى
عن الحسن :أن عمران بن حصين ابتلي في جسده ،فقال> :ما أراه
إال بذنب ،وما يعفو اهلل أكثر< ،وتال{ :ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ
ﳒ}(.)3()2
وفي راوية :قال الحسن :دخلنا على عمران بن حصين ،فقال رجل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم (رقم.)2688/
([ )2الشورى.]30 :
( )3أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم ،)249/ومن طريقه البيهقي
في >شعب اإليمان< (رقم ،)9356/وصححه الحاكم ( ،)483/2وانظر> :الدر
المنثور< (.)163/13
206
آداب معاملة املرضى
كان قادر ًا على أن ينيله تلك الدرجة بال بلوى! ولكنه يفعل ما يشاء(.)1
وقال القرطبي> :ونظير هذه اآلية في المعنى قوله تعالى{ :ﱠ ﱡ
ﱢ ﱣ ﱤ} ،قال علماؤنا :وهذا في حق المؤمنين ،فأما الكافر
فعقوبته مؤخرة إلى اآلخرة .وقيل :هذا خطاب للكفار ،وكان إذا أصابهم
شر قالوا :هذا بشؤم محمد ،فرد عليهم وقال :بل ذلك بشؤم كفركم.
واألول أكثر وأظهر وأشهر.
{ﳓ ﳔ ﳕ} ،أي :عن كثير من المعاصي أال يكون عليها
حدود ،وهو مقتضى قول الحسن .وقيل :أي يعفو عن كثير من العصاة
أال يعجل عليهم بالعقوبة.
{ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ} ،أي :بفائتين اهلل ،أي :لن تعجزوه
ولن تفوتوه<(.)2
اتلصدق يف املرض
عن عامر بن سعد بن مالك ،عن أبيه ،قال :عادني النبي ‘ عام
حجة الوداع من مرض أشفيت منه على الموت ،فقلت :يا رسول اهلل،
بَلَغ بي من الوجع ما ترى ،وأنا ذو مال ،وال يرثني إال ابنة لي واحدة،
أفأتصدق بثلثي مالي؟
قال> :ال<.
قال :فأتصدق بشطره؟
قال> :الثلث يا سعد ،والثلث كثير ،إنك أن تذر ذريتك أغنياء،
خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ولست بنافق نفقة تبتغي بها
وجه اهلل ،إال آجرك اهلل بها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك<.)2(...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم )51/بإسناد رجاله ثقات.
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)3936/ومسلم (رقم.)1628/
210
آداب معاملة املرضى
حمبة العافية
وعن علي بن الحسين ،أنه قال> :إذا لم يمرض الجسد أشر ،وال
خير في جسد ما يشر<( ،)1فمحمول على أثر المرض وكفارته ،وال
تعارض بينه وبين محبة العافية.
عن مجاهد ،عن عبد اهلل بن عمر ،قال :أخذ رسول اهلل ‘
بمنكبي ،فقال> :كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل< ،وكان ابن
عمر يقول> :إذا أمسيت فال تنتظر الصباح ،وإذا أصبحت فال تنتظر
المساء ،وخذ من صحتك لمرضك ،ومن حياتك لموتك<(.)2
فالعمر ال يخلو من الصحة والمرض ،واإلنسان إذا كان صحيح ًا
تجده قادر ًا على األعمال منشرح الصدر ،يسهل عليه العمل؛ ألنه
صحيح ،وإذا مرض عجز وتعب ،أو تعذر عليه الفعل ،أو إذا أمكنه
الفعل تجد نفسه ضيقة ليست منبسطة.
فقول عبد اهلل بن عمر > :وخذ من صحتك< ،أي :اغتنم زمن
القوة ،فاستسلف منك لك ،واعلم أنه سيأتي عليك زمان طويل ،وأنت
تحت األرض ال يمكنك أن تذكر اهلل ،فبادر في زمن سالمتك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن أبي شيبة (رقم.)10931/
( )2أخرجه البخاري (رقم.)6416/
213
آداب معاملة املرضى
وقال ابن حجر> :أي :أن العمر ال يخلو عن صحة ومرض ،فإذا
كنت صحيح ًا فسر سير القصد ،وزد عليه بقدر قوتك ،ما دامت فيك
قوة ،بحيث يكون ما بك من تلك الزيادة قائم ًا مقام ما لعله يفوت حالة
المرض والضعف<(.)1
ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴ ﱵ ﱶ
ﱷ}(.)2
فقوله تعالى{ :ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ} منصوب على المدح،
بتقدير أخص أو أمدح ،ولم يعطف لبيان فضل الصبر على سائر األعمال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :فيض القدير< ( 407/2ــ .)408
([ )2البقرة.]177 :
219
آداب معاملة املرضى
وقوله{ :ﱮ ﱯﱰ} ،أي :وقت شدة القتال في سبيل اهلل ،وهذا
من باب الترقي في الصبر من الشديد إلى األشد ،ألن الصبر على المرض
فوق الصبر على الفقر ،والصبر على القتال فوق الصبر على المرض.
وعدى الصبر إلى األولين بـ{في}؛ ألنه ال يعد اإلنسان من الممدوحين
إذا صبر على شيء من ذلك إال إذا صار الفقر والمرض كالظرف له،
وأما إذا أصاباه وقت ًا ما ،وصبر ،فليس فيه مدح كثير؛ إذ أكثر الناس
كذلك ،وأتى بـ{حين} في األخير؛ ألن القتال حالة ال تكاد تدوم في
أغلب األوقات.
آمن} إلى {والنبيين} ،وإلى الثاني بقوله{ :ﱔ ﱕ األول بقوله{ :من
ﱖ ﱗ} إلى {ﱟ ﱠ} ،وإلى الثالث بقوله{ :ﱡ ﱢ} إلى
آخرها ،ولذلك وصف المستجمع لها بالصدق؛ نظر ًا إلى إيمانه
واعتقاده ،وبالتقوى؛ اعتبار ًا لمعاشرته للخلق ومعاملته مع الحق(.)1
لذلك نرى من صحابة رسول اهلل ‘ من اختار المرض على
العافية؛ ليفوز بهذا الجزاء العظيم!
فعن عطاء بن أبي رباح ،قال :قال لي ابن عباس :أال أريك امرأة
من أهل الجنة؟
قلت :بلى.
قال :هذه المرأة السوداء ،أتت النبي ‘ فقالت :إني أصرع،
وإني أتكشف ،فادع اهلل لي.
قال> :إن شئت صبرت ولك الجنة ،وإن شئت دعوت اهلل أن
يعافيك<.
فقالت :أصبر ،فقالت :إني أتكشف ،فادع اهلل لي أن ال أتكشف.
فذكر عطاء :أنه رأى أم زفر تلك امرأة طويلة سوداء ،على ستر
الكعبة(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري< لمحمد الخضر
الشنقيطي ( 424/1ــ .)425
( )2أخرجه البخاري (رقم ،)5652/ومسلم (رقم.)2576/
221
آداب معاملة املرضى
أربع للمريض
عن يحيى بن أبي هشام ،عن رجل من أهل الشام ،أن قوم ًا عادوا
مريض ًا وفيهم رجل من المهاجرين ،فقال المهاجر> :إن للمريض أربع ًا:
يرفع عنه القلم ،ويكتب له من األجر مثل ما كان يعمل في صحته،
ويتبع المرض كل خطيئة من مفصل من مفاصله فيستخرجها ،فإن عاش
عاش مغفور ًا له ،وإن مات مات مغفور ًا له<.
قال :فقال المريض :اللهم ال أزال مضطجع ًا(.)1
()2
كفارة املريض
عن مسلم بن يسار ،أن أبا بكر الصديق قال> :يكفر اهلل عن
المسلم حتى النكبة وانقطاع شسعه ،والبضاعة يضعها في كم قميصه
فيفقدها فيجدها في ِض ْب ِنه(.)4(<)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه هناد في >الزهد< (رقم ،)439/وابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< ()1
(رقم )209/بإسناد ضعيف.
بوب به البخاري في >األدب المفرد< (رقم.)226/ ()2
ِ
الض ْبن :ما بين اإلبط والكشح ،انظر> :غريب الحديث< إلبراهيم الحربي (.)548/2 ()3
أخرجه هناد في >الزهد< (رقم ،)422/وابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< ()4
(رقم )105/بإسناد رجاله ثقات عن مسلم به ،وأخرج اإلمام أحمد (،)218/6
والترمذي (رقم )2911/نحوه مرفوع ًا من حديث عائشة .
222
آداب معاملة املرضى
فقال :إنما تؤجرون بما أنفقتم في سبيل اهلل واستنفق لكم ،ــ ثم
عد أداة الرحل كلها حتى بلغ عذار البرذون ــ ولكن هذا الوصب الذي
يصيبكم في أجسادكم يكفر اهلل به من خطاياكم(.)1
وعن زياد بن الربيع ،قال :قلت ألبي بن كعب :آية في كتاب اهلل
قد أحزنتني!
قال :ما هي؟
قلت{ :ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ}(.)2
قال :ما كنت أراك إال أفقه مما أرى؛ إن المؤمن ال تصيبه عثرة
قدم وال اختالج عرق إال بذنب ،وما يعفو اهلل عنه أكثر(.)3
وعن ربيع بن ُعميلة ،قال :حدثني هالل بن يساف أو بعض
أصحابنا عنه ،قال :كنا قعود ًا عند عمار بن ياسر فذكروا األوجاع ،فقال
أعرابي :ما اشتكيت قط!
فقال عمار> :ما أنت منا أو لست منا؛ إن المسلم ليبتلى ببالء فتحط
عنه ذنوبه كما يحط الورق من الشجر ،وإن الكافر ــ أو قال الفاجر ــ
وع ِقل فلم يدر
يبتلى ببالء ،فمثله مثل بعير أطلق ،فلم يدر لم أطلقُ ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري في >األدب المفرد< (رقم ،)491/وضعفه األلباني.
([ )2النساء.]123 :
( )3أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم.)100/
224
آداب معاملة املرضى
لم عقل<(.)1
وعن أبي معمر األزدي ،قال :كنا إذا سمعنا من ابن مسعود شيئ ًا
نكرهه سكتنا حتى يفسره لنا ،فقال لنا ذات يوم> :أال إن السقم ال
يكتب له أجر فساءنا ذلك وكبر علينا ،قال> :ولكن يكفر به الخطايا<،
قال :فسرنا ذلك وأعجبنا(.)2
وعن عبد الرحمن بن سعيد عن أبيه قال :كنت مع سلمان وعاد
مريض ًا في كندة ،فلما دخل عليه قال :أبشر؛ فإن مرض المؤمن يجعله
اهلل له كفارة ،ومستعتب اا ،وإن مرض الفاجر كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه،
فال يدري لم عقل ولم أرسل(.)3
قال ابن حجر> :ابتالء اهلل عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه،
بل إما لدفع مكروه أو لكفارة ذنوب أو لرفع منزلة ،فإذا تلقى ذلك
بالرضا تم له المراد ،وإال يصبر كما جاء في حديث سلمان :أن مرض
ستع َتب ًا ،وأن مرض الفاجر كالبعير عقله
وم ْالمؤمن يجعله اهلل له كفارة ُ
أهله ثم أرسلوه ،فال يدري لم عقل ولم أرسل<(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم ،)15/ومن طريقه البيهقي في ()1
>شعب اإليمان< (رقم)9443/
أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم ،)16/وصححه اإلمام أحمد ()2
في >سؤاالت ابن هانئ< (رقم ،)2311/وأخرج ابن أبي شيبة (رقم )10926/نحوه
عن عمرو بن شرحبيل عن عبد اهلل بن مسعود به.
أخرجه البخاري في >األدب المفرد< (رقم ،)493/وصححه األلباني. ()3
>فتح الباري< (.)116/10 ()4
225
آداب معاملة املرضى
وقال> :فأنكر منكر هذه اآلثار ،وقال :كيف يجوز أن يكتب األجر
لرجل بغير عمله ما يستحق به ذلك األجر؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق اهلل :أنه يكتب له األجر
بحسن نيته مع ما قد نزل به ،وصبره عليه ،وتسليمه فيه األمر إلى من
ابتاله به ،فيشكر اهلل ذلك له ويأجره عليه ،ومما قد دل على ذلك ما في
حديثي ابن مسعود ،وأبي سعيد من جواب رسول اهلل ‘ إياهما ،أو
من قبوله من قال له منهما :أنه يضاعف لك األجر ،مما قد دل على أن
التضعيف له هو إعطاؤه على ما به مثل ما يعطى غيره على ما يصيبه منه
من األجر وزيادة مثله عليه ،وهذا من ما قد رواه المدنيون والكوفيون
جميع ًا.
فقال :فإن ابن مسعود قد روي عنه ما دفع ذلك( ...فأخرج قول
ابن مسعود السابق).
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق اهلل وعونه :أن األمراض
واألوجاع ال تكتب أجر ًا كما قال ابن مسعود ،ولكنها تحط بها
الخطايا ويرفع بها في الدرجات ،فيجمع األمرين جميع ًا ،ال ينفرد
بأحدهما دون اآلخر ،وقد يحتمل أن يكون ابن مسعود أراد بذلك
اختالف أحكام الناس فيها ،فمنه من له خطايا تستغرق أجره عليها،
فيكون ثوابه عليها وأجره فيها حط خطاياه ال ما سواها ،ويكون من سواه
ممن ال خطايا له كاألنبياء صلوات اهلل عليهم ،أو كمن سواهم ممن
227
آداب معاملة املرضى
()1
يكتب للمريض ما اكن يعمل وهو صحيح
عن سلمان ،قال> :إذا مرض العبد ،قال الملك :يا رب
ابتليت عبدك بكذا ،فيقول :ما دام في وثاقي اكتبوا له مثل عمله الذي
كان يعمل<(.)2
وعن معاذ ،قال> :إذا ابتلى اهلل العبد بالسقم ،قال لصاحب
الشمال :ارفع ،وقال لصاحب اليمين :اكتب لعبدي ما كان يعمل<(.)3
وعن أبي هريرة ،قال> :إذا مرض العبد المسلم يقال لصاحب
اليمين> :اكتب على عبدي صالح ما كان يعمل ،ويقال لصاحب
الشمال :اقض عن عبدي ما كان في وثاقي<.
فقال رجل عند أبي هريرة :يا ليتني ال أزال ضاجع ًا.
فقال أبو هريرة> :كره العبد الخطايا<(.)4
وكذلك عن أبي هريرة ،قال> :ما من مرض يصيبني أحب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بوب به البخاري في >األدب المفرد< (رقم.)228/ ()1
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم.)10919/ ()2
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم ،)10920/والبيهقي في >شعب اإليمان< (رقم.)9474/ ()3
أخرجه ابن أبي الدنيا في >المرض والكفارات< (رقم ،)14/ومن طريقه البيهقي في ()4
>شعب اإليمان< (رقم )9475/بإسناد رجاله ثقات ،وانظر> :السلسلة الضعيفة<
(رقم.)4999/
229
آداب معاملة املرضى
إلي من الحمى؛ ألنها تدخل في كل عضو مني ،وإن اهلل يعطي كل
عضو قسطه من األجر<(.)1
قال ابن حجر> :ذكر ابن بطال أن بعضهم استدل على حصول
األجر بالمرض بحديث أبي موسى الماضي في الجهاد بلفظ :إذا مرض
العبد أو سافر كتب اهلل له ما كان يعمل صحيح ًا مقيم ًا ،قال :فقد زاد
على التكفير ،وأجاب بما حاصله :أن الزيادة لهذا إنما هي باعتبار نيته،
أنه لو كان صحيح ًا لدام على ذلك العمل الصالح فتفضل اهلل عليه بهذه
النية بأن يكتب له ثواب ذلك العمل ،وال يلزم من ذلك أن يساويه من
لم يكن يعمل في صحته شيئ ًا ،وممن جاء عنه أن المريض يكتب له
األجر بمرضه أبو هريرة<(.)2
وعن أبي نحيلة قيل له :ادع اهلل.
قال> :اللهم انقص من المرض ،وال تنقص من األجر<.
فقيل له :ادع ادع.
فقال> :اللهم اجعلني من المقربين ،واجعل أمي من الحور العين<(.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه ابن أبي شيبة (رقم ،)10922/والبخاري في >األدب المفرد< (رقم،)503/
وصححه ابن حجر في >فتح الباري< (.)110/10
(> )2فتح الباري< ( 109/10ــ .)110
( )3أخرجه البخاري في >األدب المفرد< (رقم ،)504/والطبراني في >المعجم الكبير<
( ،)378/22وقال الهيثمي في >مجمع الزوائد< (> :)398/9رجاله رجال الصحيح<،
وقال البوصيري في >إتحاف الخيرة< (> :)158/6هذا إسناد رواته ثقات<.
230
آداب معاملة املرضى
ومما يشهد لصحة كتابة أجر المريض لما كان يعمله صحيح ًا
مقيم ًا :ما روي عن التابعين ،فليس األمر مقصور ًا على المرفوع أو
الموقوف فقط.
فعن أبي قالبة ،قال> :إذا مرض الرجل على عمل صالح ،جرى
له ما كان يعمل في صحته<(.)1
وعن عكرمة ،قال> :إذا مرض الرجل رفع له كل يوم ما كان
يعمل<(.)2
وعن مسلم بن يسار ،قال> :إذا مرض الرجل ،كتب له أحسن ما
كان يعمل في صحته<(.)3
عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ،عن النبي ‘ قال> :ما
يصيب المسلم ،من نصب وال وصب ،وال هم وال حزن وال أذى وال
غم ،حتى الشوكة يشاكها ،إال كفر اهلل بها من خطاياه<(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )10928/عن الثقفي عن أيوب عن أبي قالبة به. ()1
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )10929/عن معتمر بن سليمان عن الحكم بن أبان عن ()2
عكرمة به.
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )10930/عن أبي أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ()3
ثابت عن مسلم به.
أخرجه البخاري (رقم ،)5641/ومسلم (رقم.)2573/ ()4
231
آداب معاملة املرضى
ففي هذا الحديث :مناقب ألم سليم من عظيم صبرها ،وحسن
رضاها بقضاء اهلل تعالى ،وجزالة عقلها في إخفائها موت ابنها على أبيه
في أول الليل؛ ليبيت مستريح ًا بال حزن ،ثم عشته وتعشت ،ثم تصنعت
له وعرضت له بإصابته فأصابها.
وفيه :استعمال المعاريض عند الحاجة؛ لقولها> :هو أسكن مما
كان< فإنه كالم صحيح مع أن المفهوم منه أنه قد هان مرضه وسهل وهو
في الحياة.
وشرط المعاريض المباحة :أن ال يضيع بها حق أحد ،واهلل أعلم(.)1
وعن شقيق ،قال :مرض عبد اهلل بن مسعود ،فعدناه ،فجعل
يبكي ،فعوتب.
فقال :إني ال أبكي ألجل المرض؛ ألني سمعت رسول اهلل ‘
يقول> :المرض كفارة< ،وإنما أبكي أنه أصابني على حال فترة ،ولم
يصبني في حال اجتهاد؛ ألنه يكتب للعبد من األجر إذا مرض ما كان
يكتب له قبل أن يمرض فمنعه منه المرض(.)2
شقيق :تابعي جليل.
وقوله >فجعل< ،أي :شرع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر> :شرح صحيح مسلم< للنووي (.)124/14
( )2أخرجه رزين [كما في >شرح المشكاة< (رقم ،])1586/وفي >جامع األصول<
(رقم :)7355/بياض بهذا الموضع.
233
آداب معاملة املرضى
الضحك في مثل هذا غير مستحسن وال مباح ،إال أن يكون من غلبة
مما طبع عليه البشر .وأما قصد ًا ففيه شماتة بالمسلم وسخرية بمصابه،
والمؤمنون إنما وصفهم اهلل بالرحمة والتراحم بينهم ومن خلقهم الشفقة
بعضهم لبعض(.)1
وعن حميد بن هالل قال> :كانوا في سفر ،فصلى بهم أبو موسى،
فسقط رجل أعور في بئر ،أو شيء ،فضحك القوم كلهم غير أبي موسى
واألحنف فأمرهم أن يعيدوا الصالة<(.)2
وعن عبد اهلل بن زمعة قال :نهى النبي ‘ أن يضحك الرجل مما
يخرج من األنفس(.)3
فشبه خروج الريح من الدبر بخروج النفس من الفم.
قال ابن مفلح> :الضحك من مثل هذا كما يفعله كثير من الناس
منهي عنه إن أمكن تركه ،وظاهر النهي :التحريم ،وهذا الخبر صريح
في رفع الدرجات ومحو السيئات بالمصائب ،قال في شرح مسلم :هو
قول جماهير العلماء<(.)4
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر> :إكمال المعلم< (.)41/8 ()1
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم ،)3935/والدارقطني ( )320/1بإسناد رجاله ثقات. ()2
أخرجه البخاري (رقم.)6042/ ()3
>اآلداب الشرعية والمنح المرعية< (.)360/3 ()4
235
آداب معاملة املرضى
وعلى قول ابن عمر هذا أكثر أهل العلم من السلف والخلف.
وقال ابن عبد البر> :ليس العمل إال ما روي فيه عن ابن عمر<(.)1
ولكن قد روي عن أم سلمة أنها كانت تسجد على مرفقة من رمد
كان بها ،فعن أم الحسن البصري :أنها رأت أم سلمة ،رمدت عينها،
فبثت لها وسادة من أدم فجعلت تسجد عليها(.)2
>الوسادة< :المخدة.
و>الرمد< :وجع في العينَ ،ر ِم َد يَ ْر َم ُد َر َم ًدا فهو َر ِم ٌدَ ،وأَ ْر َم ُد
العين(.)3
وأم الحسن البصري موالة ألم سلمة ،يقال لها :خيرة ،وكانت
ربما غابت فتضع أم سلمة ثديها في فم الحسن تعلله إلى مجيء أمه،
ودر عليه ثديها ،وعنيت حكمة الحسن وفصاحته من بركة ذلك(.)4
وعن ابن عباس أنه :أجاز ذلك ،وعن عروة بن الزبير أنه :فعله(.)5
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
>االستذكار< (.)335/2 ()1
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )2817/بإسناد رجاله ثقات. ()2
انظر> :الشافي في شرح مسند الشافعي< (.)629/1 ()3
انظر> :شرح مسند الشافعي< للرافعي ( 273/1ــ .)274 ()4
انظر> :االستذكار< (.)335/2 ()5
237
آداب معاملة املرضى
ٌ َ
()1
من اكن يقعد خلفه َرجل حيفظ صالته
رجل
عن جهم بن أبي سبرة :أن الزبير بن العوام ،كان يَقعد خلفه ٌ
()2
يحفظ صالته
وعن محمد بن سيرين قال :كان عمر بن الخطاب ،يخاف النسيان،
ال فيلحظ إليه ،فإن رآه قام قام ،وإن رآه
قال> :فكان إذا صلى َوك ََّل رج ً
قعد قعد<(.)3
وعن الركين ،قال> :دخلت على أسماء ،وهي تصلي وهي
عجوز ،وامرأة تقول لها :اركعي واسجدي<(.)4
عن أنس بن مالك :أن فتى من أسلم قال :يا رسول اهلل ،إني
أريد الغزو وليس معي ما أتجهز.
قال> :ائت فالن ًا ،فإنه قد كان تجهز ،فمرض<.
فأتاه ،فقال :إن رسول اهلل ‘ يقرئك السالم ،ويقول> :أعطني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بوب به ابن أبي شيبة في >مصنفه< (.)346/1 ()1
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )3495/بإسناد ضعيف. ()2
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )3496/بإسناد ضعيف. ()3
أخرجه ابن أبي شيبة (رقم )3497/بإسناد ال بأس به. ()4
238
آداب معاملة املرضى
املرض من الرؤيا
عن أبي سلمة ،قال :إن كنت ألرى الرؤيا تمرضني ،قال :فلقيت
أبا قتادة ،فقال :وأنا كنت ألرى الرؤيا فتمرضني ،حتى سمعت رسول
اهلل ‘ يقول> :الرؤيا الصالحة من اهلل ،فإذا رأى أحدكم ما يحب ،فال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه مسلم (رقم.)1894/
( )2انظر> :شرح صحيح مسلم< للنووي ( ،)39/13و>التحبير إليضاح معاني التيسير<
(.)72/3
( )3انظر> :اإلفصاح عن معاني الصحاح< (.)368/5
239
آداب معاملة املرضى
يحدث بها إال من يحب ،وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثالث ًا
وليتعوذ باهلل من شر الشيطان وشرها ،وال يحدث بها أحد ًا فإنها لن
تضره<(.)1
وفي رواية عن أبي سلمة كذلك ،قال :كنت أرى الرؤيا أعرى
منها ،غير أني ال أزمل ،حتى لقيت أبا قتادة فذكرت ذلك له ،فقال:
سمعت رسول اهلل ‘ يقول> :الرؤيا من اهلل ،والحلم من الشيطان ،فإذا
حلم أحدكم حلم ًا يكرهه فلينفث عن يساره ثالث ًا ،وليتعوذ باهلل من
شرها ،فإنها لن تضره<(.)2
لقد دلت أحاديث كثيرة على بعض اآلداب التي يتأدب بها المسلم
إذا رأى ما يكره(.)3
وجاءت أحاديث أخرى ،ومنها هذا الحديث ببيان أن هناك نوع ًا
من الرؤى يكرهها الرائي ،وقد تبين لنا عالمات هذا النوع ،وأنه من
تهويل الشيطان وتحزينه البن آدم؛ ألن الشيطان يحب إحزان المؤمنين،
{ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ كما قال تعالى:
ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ}(.)4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه البخاري (رقم ،)7044/ومسلم (رقم.)2261/ ()1
أخرجه مسلم (.)2261/1 ()2
انظر> :الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين< (ص 433/ــ .)451 ()3
[المجادلة.]10 : ()4
240
آداب معاملة املرضى
فكل شيء ينكد على اإلنسان في حياته ،ويعكر صفوها عليه؛ فإن
الشيطان حريص عليه سواء ذلك في اليقظة أو في المنام؛ ألن الشيطان
عدو كما قال تعالى{ :ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ}(.)1
ومن عداوته :أن يصور لإلنسان في منامه ما يفزعه في نفسه أو ماله
أو في أهله أو في مجتمعه ،وهذا يحصل لكثير من الناس ويكثر السؤال
عنه ،وهذا النوع من الرؤيا أرشدنا النبي ‘ إلى التحرز منه ،ومع ذلك
تجد كثير اا من الناس يجهل هذه اآلداب التي أرشدنا إليها رسول اهلل ‘.
()2
ما يكره من االحتيال يف الفرار من الطاعون
عن عبد اهلل بن عباس ،أن عمر بن الخطاب ،خرج إلى الشام،
حتى إذا كان بسرغ لقيه أهل األجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه،
فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام.
قال ابن عباس :فقال عمر :ادع لي المهاجرين األولين.
فدعوتهم ،فاستشارهم ،وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام ،فاختلفوا.
فقال بعضهم :قد خرجت ألمر وال نرى أن ترجع عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([ )1فاطر.]6 :
( )2بوب به البخاري في >صحيحه< ( ،)26/9وقال الكرماني في >الكواكب الدراري<
(> :)86/24الطاعون :هو بثر مؤلمة جد ًا تخرج غالب ًا في اآلباط ،مع لهيب وخفقان
وقيء ونحوه<.
241
آداب معاملة املرضى
عن عائشة ،قالت :دخلت على أبي بكر ،فقال :في كم
كفنتم النبي ‘؟
قالــت> :فــي ثالثــة أثــواب بــيض ســحولية ،لــيس فيهــا قمــيص وال
عمامة<.
وقال لها :في أي يوم توفي رسول اهلل ‘؟
قالت> :يوم االثنين<.
قال :فأي يوم هذا؟
قالت> :يوم االثنين<.
قال :أرجو فيما بيني وبين الليل ،فنظر إلى ثوب عليه ،كان يمرض
فيه به ردع من زعفران ،فقال :اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)6973/ومسلم (رقم ،)2219/واللفظ له.
( )2انظر> :شرح صحيح البخاري< البن بطال (.)326/8
243
آداب معاملة املرضى
فكفنوني فيها.
قلت :إن هذا خلق.
قال :إن الحي أحق بالجديد من الميت؛ إنما هو للمهلة ،فلم
يتوف حتى أمسى من ليلة الثالثاء ،ودفن قبل أن يصبح(.)1
بوب البخاري في >جامعه<( ،)2والنسائي في >سننه<( )3باب:
>الموت يوم االثنين< ،وأخرج البخاري الحديث الوارد هنا ،والنسائي
حديث أنس قال> :آخر نظرة نظرتها إلى رسول اهلل ‘ كشف الستارة
والناس صفوف خلف أبي بكر ،فأراد أبو بكر أن يرتد ،فأشار
إليهم أن امكثوا وألقى السجف ،وتوفي من آخر ذلك اليوم ،وذلك يوم
االثنين<.
وقال ابن حجر> :قال الزين ابن المنير :تعين وقت الموت ليس
ألحد فيه اختيار ،لكن في التسبب في حصوله مدخل ،كالرغبة إلى اهلل
لقصد التبرك ،فمن لم تحصل له اإلجابة أثيب على اعتقاده ،وكأن
الخبر الذي ورد في فضل الموت يوم الجمعة لم يصح عند البخاري،
فاقتصر على ما وافق شرطه ،وأشار إلى ترجيحه على غيره ،والحديث
الذي أشار إليه أخرجه الترمذي من حديث عبد اهلل بن عمرو مرفوع ًا :ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)1387/ومسلم (رقم.)941/
(.)102/2( )2
(.)7/4( )3
244
آداب معاملة املرضى
من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إال وقاه اهلل فتنة القبر ،وفي
إسناده ضعف ،وأخرجه أبو يعلى من حديث أنس نحوه وإسناده
أضعف<(.)1
عن أنس ،قال :لما ثقل النبي ‘ جعل يتغشاه ،فقالت فاطمة
:وا كرب أباه!
فقال لها> :ليس على أبيك كرب بعد اليوم<.
فلما مات قالت :يا أبتاه ،أجاب رب ًا دعاه ،يا أبتاه ،من جنة
الفردوس مأواه ،يا أبتاه إلى جبريل ننعاه ،فلما دفن ،قالت فاطمة :
يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول اهلل ‘ التراب(.)1
في هذا الحديث :دليل على أنه ال بأس بالندب اليسير إذا لم يكن
مؤذي ًا بالتسخط على اهلل ؛ ألن فاطمة ندبت النبي ،لكنه ندب
يسير ،وليس ينم عن اعتراض على قدر اهلل .)2(
وجزم المجد ابن تيمية أنه ال بأس بيسير الندب إذا كان صدق ًا،
ولم يخرج مخرج النوح(.)3
وكذلك في الحديث دليل :على أن فاطمة بنت محمد ‘ بقيت بعد
حياته ‘ ،ولكن ليس لها ميراث ،ال هي ،وال زوجاته ،وال عمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم.)4462/
( )2انظر> :شرح رياض الصالحين< البن عثيمين (.)205/1
( )3انظر> :الفروع< ( ،)402/3مع >التصحيح< ،و>كشف اللثام شرح عمدة األحكام<
(.)368/3
246
آداب معاملة املرضى
العباس ،وال أحد من عصبته؛ ألن األنبياء ال يورثون ،كما قال النبي
> :إنا معشر األنبياء ال نورث ،ما تركنا صدقة<( ،)1وهذا من حكمة
اهلل ؛ ألنهم لو ورثوا لقال من يقول :إن هؤالء جاءوا بالرسالة
يطلبون ملك ًا يورث من بعدهم؛ ولكن اهلل منع ذلك ،فاألنبياء ال
يورثون ،بل ما يتركونه يكون صدقة يصرف للمستحقين له ،واهلل
أعلم(.)2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أخرجه البخاري (رقم ،)3092/ومسلم (رقم )1759/من حديث أبي بكر الصديق
،وفي الباب عن غيره.
( )2انظر> :شرح رياض الصالحين< البن عثيمين (.)205/1
247
اخلامتة
E
أهم انلتائج
ﺍ
249
قائمة املصادر واملراجع
8ــ األدب المفرد :للبخاري ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،الطبعة
الثالثة ( 1409هـ = 1989م) ،دار البشائر اإلسالمية ،بيروت.
9ــ األذكار :النووي ،تحقيق :عبد القادر األرنؤوط ،طبعة جديدة،
1414هـ = 1994م ،دار الفكر.
10ــ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري :القسطالني ،الطبعة السابعة،
1323هـ ،المطبعة األميرية.
11ــ إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل :األلباني ،الطبعة
الثالثة1405 ،هـ = 1985م ،المكتب اإلسالمي.
12ــ االستذكار :ابن عبد البر ،تحقيق :سالم محمد عطا ،ومحمد علي
معوض ،الطبعة األولى1421 ،هـ = 2000م ،دار الكتب العلمية.
13ــ اإلسعاف في أحكام األوقاف :إبراهيم الطرابلسي الحنفي ،الطبعة
الثانية1320 ،هـ = 1902م ،مطبعة هندية باألزبكية.
14ــ اإلصابة في تمييز الصحابة :ابن حجر ،تحقيق :عبداهلل بن عبد المحسن
التركي ،طبعة دار هجر.
15ــ إعالم الموقعين عن رب العالمين :ابن القيم ،تحقيق :مشهور
حسن ،الطبعة األولى1423 ،هـ ،دار ابن الجوزي.
16ــ اإلعالم بحرمة أهل العلم واإلسالم :د .محمد إسماعيل ،الطبعة
األولى1419 ،هـ = 1998م ،دار طيبة.
17ــ اإلفصاح عن معاني الصحاح :ابن هبيرة ،تحقيق :فؤاد عبد المنعم،
1417هـ ،دار الوطن.
252
قائمة املصادر واملراجع
18ــ إكمال المعلم بفوائد مسلم :القاضي عياض ،تحقيق :د .يحيى
إسماعيل ،الطبعة األولى1419 ،هـ = 1998م ،دار الوفاء.
19ــ األلفاظ :ابن السكيت ،تحقيق :د .فخر الدين قباوة ،الطبعة
األولى1998 ،م ،مكتبة لبنان.
20ــ األم :الشافعي ،عام النشر1410 ،هـ = 1990م ،دار المعرفة.
21ــ اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف :المرداوي ،الطبعة الثانية،
دار إحياء التراث.
22ــ البارع في اللغة :أبو علي القالي ،تحقيق :هشام الطعان ،الطبعة
األولى1975 ،م ،مكتبة النهضة ببغداد.
23ــ البحر الزخار = مسند البزار :تحقيق :محفوظ الرحمن زين اهلل،
وتتمة المحققين بعده ،مؤسسة علوم القرآن ببيروت ومكتبة العلوم والحكم
بالمدينة المنورة.
24ــ البداية والنهاية :ابن كثير الدمشقي ،تحقيق :عبد اهلل بن عبد المحسن
التركي ،الطبعة األولى 1418هـ ،دار هجر.
25ــ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع :الكاساني ،الطبعة الثانية،
1406هـ = 1986م ،دار الكتب العلمية.
26ــ بيان الوهم واإليهام في كتاب األحكام :ابن القطان الفاسي،
تحقيق :د .الحسين آيت سعيد ،الطبعة األولى1418 ،هـ = 1997م ،دار
طيبة.
27ــ تاج العروس من جواهر القاموس :محمد بن محمد بن عبد الرزاق
مرتضى الزبيدي ،تحقيق :مجموعة من المحققين ،دار الهداية.
253
قائمة املصادر واملراجع
28ــ التاريخ الكبير :البخاري ،تحقيق :السيد هاشم الندوي ،دار الفكر،
بيروت.
29ــ تاريخ دمشق :ابن عساكر ،تحقيق :عمرو العمروي1415 ،هـ =
1995م ،دار الفكر.
30ــ التحبير إليضاح معاني التيسير :الصنعاني ،تحقيق :محمد صبحي
حالق ،الطبعة األولى1433 ،هـ = 2012م ،مكتبة الرشد.
31ــ تحفة األريب بما في القرآن من الغريب :أبو حيان األندلسي،
تحقيق :سمير الجذوب ،الطبعة األولى1403 ،هـ = 1983م ،المكتب
اإلسالمي.
32ــ تحفة الفقهاء :عالء الدين السمرقندي ،الطبعة الثانية1414 ،هـ =
1994م ،دار الكتب العلمية.
33ــ تخريج الدالالت السماعية على ما كان في عهد رسول اهلل ‘ من
الحرف والصنائع والعماالت الشرعية :التلمساني ،تحقيق :د .إحسان عباس،
الطبعة الثانية1419 ،هـ ،دار الغرب اإلسالمي.
34ــ التذكرة بأحوال الموتى وأمور اآلخرة :القرطبي ،تحقيق :د .الصادق
إبراهيم ،الطبعة األولى1425 ،هـ ،دار المنهاج.
35ــ التراتيب اإلدارية = نظام الحكومة النبوية :عبد الحي الكتاني،
تحقيق :عبد اهلل الخالدي ،الطبعة الثانية ،دار األرقم.
36ــ الترغيب والترهيب :المنذري ،تحقيق :مصطفى محمد عمارة،
الطبعة الثالثة1388 ،هـ = 1968م ،مكتبة مصطفى الحلبي.
254
قائمة املصادر واملراجع
37ــ تطريز رياض الصالحين :فيصل النجدي ،تحقيق :د .عبد العزيز آل
الحمد ،الطبعة األولى1423 ،هـ = 2002م ،دار العاصمة.
38ــ تعجيل المنفعة بزوائد رجال األئمة األربعة :ابن حجر ،تحقيق:
إكرام اهلل إمداد الحق ،الطبعة األولى1996 ،م ،دار البشائر.
39ــ التعريفات الفقهية :محمد عميم اإلحسان ،الطبعة األولى1424 ،هـ
= 2003م ،دار الكتب العلمية.
40ــ التعريفات :علي الجرجاني ،الطبعة األولى1403 ،هـ = 1983م،
دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان.
41ــ تفسير الطبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن :للطبري،
تحقيق :د .عبد اهلل بن عبد المحسن التركي ،بالتعاون مع مركز البحوث
والدراسات اإلسالمية بدار هجر ،الطبعة األولى (1422هـ = 2002م) ،دار
هجر ،مصر.
42ــ تفسير القاسمي = محاسن التأويل :جمال الدين القاسمي ،تحقيق:
محمد باسل عيون السود ،الطبعة األولى1418 ،هـ ،دار الكتب العلمية،
بيروت.
43ــ تفسير القرآن الحكيم = تفسير المنار :محمد رشيد رضا ،عام
النشر1990 ،م ،الهيئة المصرية للكتاب.
44ــ تفسير القرطبي = الجامع ألحكام القرآن :للقرطبي ،تحقيق :أحمد
البردوني ،وإبراهيم أطفيش ،الطبعة الثانية (1384هـ = 1964م) ،دار الكتب
المصرية ،القاهرة.
255
قائمة املصادر واملراجع
45ــ تقريب التهذيب :ابن حجر ،تحقيق :محمد عوامة ،الطبعة األولى
1406هـ = 1986م ،دار الرشيد ،سوريا.
46ــ تكملة المعاجم العربية :رينهارت دوزي ،تعريب :محمد نعيمي
وجمال الخياط ،الطبعة األولى 2000م ،وزارة الثقافة العراقية.
47ــ التلخيص الحبير :ابن حجر ،الطبعة األولى1419 ،هـ = 1989م،
دار الكتب العلمية.
48ــ تلخيص المستدرك :الذهبي ،تحقيق :مصطفى عبد القادر عطا،
الطبعة األولى (1411هـ = 1990م) ،دار الكتب العلمية ،بيروت.
49ــ التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد :ابن عبدالبر ،تحقيق:
مصطفى بن أحمد العلوي ،محمد عبد الكبير البكري1387 ،هـ ،وزارة عموم
األوقاف والشؤون اإلسالمية ،المغرب.
50ــ التنوير شرح الجامع الصغير :الصنعاني ،تحقيق :د .محمد
إسحاق ،الطبعة األولى1432 ،هـ = 2011م ،دار السالم.
51ــ تهذيب التهذيب :ابن حجر ،الطبعة األولى 1404هـ = 1984م،
دار الفكر ،بيروت.
52ــ تهذيب اللغة :أبو منصور األزهري ،تحقيق :محمد عوض مرعب،
الطبعة األولى 2001م ،دار إحياء التراث.
53ــ التوضيح لشرح الجامع الصحيح :ابن الملقن ،تحقيق :دار الفالح،
الطبعة األولى1429 ،هـ = 2008م ،دار النوادر.
54ــ الثقات :ابن حبان ،مطبعة دائرة المعارف العثمانية بالهند ،تصوير:
مؤسسة الكتب الثقافية.
256
قائمة املصادر واملراجع
55ــ جامع األصول في أحاديث الرسول :ابن األثير ،تحقيق :عبد القادر
األرنؤوط وبشير عيون ،الطبعة األولى ،مكتبة المالح.
56ــ جامع بيان العلم وفضله :ابن عبدالبر ،تحقيق :أبي األشبال الزهيري،
الطبعة األولى1414 ،هـ = 1994م ،دار ابن الجوزي ،المملكة العربية
السعودية.
57ــ جامع معمر بن راشد( :مع >مصنف عبد الرزاق<) ،تحقيق :حبيب
الرحمن األعظمي ،الطبعة الثانية1413 ،هـ ،المجلس العلمي بباكستان.
58ــ جمهرة اللغة :البن دريد األزدي ،تحقيق :رمزي منير بعلبكي،
الطبعة األولى1987 ،م ،دار العلم للماليين ،بيروت.
59ــ جمهرة أنساب العرب :ابن حزم ،تحقيق :لجنة من العلماء ،الطبعة
األولى 1403هـ ،دار الكتب العلمية.
60ــ حاشية ابن عابدين :الطبعة الثانية1412 ،هـ = 1992م ،دار الفكر.
61ــ حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر :تحقيق :إبراهيم الناصر،
الطبعة األولى1420 ،هـ = 1999م ،دار الوطن.
62ــ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير :دار الفكر.
63ــ حاشية القليوبي1415 :هـ = 1995م ،دار الفكر.
64ــ الحاوي للفتاوى :السيوطي ،عام النشر1424 ،هـ = 2004م ،دار
الفكر.
65ــ حجة اهلل البالغة :الشاه ولي اهلل الدهلوي ،تحقيق :السيد سابق،
الطبعة األولى1426 ،هـ = 2005م ،دار الجيل.
257
قائمة املصادر واملراجع
95ــ شرح مشكل اآلثار = بيان ما أشكل من أحاديث رسول اهلل ‘:
للطحاوي ،تحقيق :شعيب األرنؤوط ،الطبعة األولى (1415هـ = 1994م)،
مؤسسة الرسالة ،بيروت.
96ــ شرح معاني اآلثار :الطحاوي ،تحقيق :محمد النجار ،ومحمد سيد
جاد الحق ،الطبعة األولى1414 ،هـ = 1994م ،عالم الكتب.
97ــ شعب اإليمان :للبيهقي ،تحقيق :د .عبد العلي عبدالحميد حامد،
أشرف على تحقيقه :مختار أحمد الندوي ،الطبعة األولى (1423هـ =
2003م) ،مكتبة الرشد ،الرياض .بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي ،الهند.
98ــ شمائل الرسول ‘ :أحمد زواوي ،دار القمة.
99ــ الشيعة وأهل البيت :إحسان إلهي ظهير ،إدارة ترجمان السنة.
100ــ الصارم المسلول على شاتم الرسول :ابن تيمية ،تحقيق :محمد
محي الدين عبد الحميد ،الحرس الوطني السعودي.
101ــ صحاح تاج اللغة وصحاح العربية :الجوهري ،تحقيق :أحمد
عبد الغفور عطار ،الطبعة الرابعة1407 ،هـ = 1987م ،دار العلم للماليين،
بيروت.
102ــ صحيح ابن حبان = اإلحسان في تقريب صحيح ابن حبان:
ترتيب :األمير عالء الدين علي بن بلبان الفارسي ،تحقيق :شعيب األرنؤوط،
الطبعة األولي (1408هـ = 1988م) ،مؤسسة الرسالة ،بيروت.
103ــ صحيح ابن خزيمة :تحقيق :ماهر ياسين الفحل ،وترقيمه مطابق
لترقيم األعظمي ،دار الميمان للنشر والتوزيع.
261
قائمة املصادر واملراجع
112ــ عمل اليوم والليلة :ابن السني ،تحقيق :كوثر البرني ،دار القبلة.
113ــ العناية شرح الهداية :شمس الدين البابرتي ،دار الفكر.
114ــ عون المعبود شرح سنن أبي داود :العظيم آبادي ،الطبعة الثانية،
1415هـ ،دار الكتب العلمية.
115ــ العين :الخليل بن أحمد ،تحقيق :د .مهدي مخزومي ود .إبراهيم
السامرائي ،مكتبة الهالل.
116ــ غريب الحديث :ابن الجوزي ،تحقيق :عبد المعطي قلعجي،
الطبعة األولى1405 ،هـ = 1985م ،دار الكتب العلمية.
117ــ غريب الحديث :ابن قتيبة ،تحقيق :عبد اهلل الجبوري ،الطبعة
األولى 1397هـ ،مطبعة العاني.
118ــ فتح الباري شرح صحيح البخاري :ابن حجر ،رقَّم كتبه وأبوابه
وأحاديثه :محمد فؤاد عبد الباقي ،وقام بإخراجه وص َّححه :محب الدين
الخطيب ،عام النشر 1379هـ ،دار المعرفة ،بيروت.
119ــ فتح القدير :ابن الهمام ،دار الفكر.
120ــ فتح المغيث بشرح ألفية الحديث :السخاوي ،تحقيق :علي
حسين علي ،الطبعة األولى1424 ،هـ = 2003م ،مكتبة السنة.
121ــ فتح المنعم شرح صحيح مسلم :د .موسى شاهين ،الطبعة
األولى1423 ،هـ = 2002م ،دار الروق.
122ــ الفروع :ابن مفلح ،تحقيق :عبد اهلل بن عبد المحسن التركي،
الطبعة األولى1424 ،هـ = 2003م ،مؤسسة الرسالة.
263
قائمة املصادر واملراجع
123ــ فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة:
عبد المحسن العباد ،الطبعة األولى1422 ،هـ = 2001م ،دار ابن األثير.
124ــ الفقيه والمتفقه :الخطيب البغدادي ،تحقيق :عادل بن يوسف
الغرازي ،الطبعة الثانية1421 ،هـ ،دار ابن الجوزي ،السعودية.
125ــ الفوائد :ابن القيم ،الطبعة الثانية1393 ،هـ = 1973م ،دار
الكتب العلمية.
126ــ في القدير شرح الجامع الصغير :المناوي ،الطبعة األولى
1356هـ ،المكتبة التجارية الكبرى ،مصر.
127ــ القاموس الفقهي :د .سعدي أبو حبيب ،الطبعة الثالثة 1403 ،هـ
= 1988م ،دار الفكر.
128ــ القاموس المحيط :للفيروز آبادي ،تحقيق :مكتب تحقيق التراث
العرقسوسي ،الطبعة الثامنة1426 ،هـ
ُ في مؤسسة الرسالة ،بإشراف :محمد نعيم
= 2005م ،مؤسسة الرسالة ،بيروت
129ــ القبل والمعانقة والمصافحة :ابن األعرابي ،تحقيق :عمرو
عبد المنعم سليم ،الطبعة األولى1416 ،هـ = 1996م ،مكتبة ابن تيمية.
130ــ الكامل في ضعفاء الرجال :البن عدي ،تحقيق :يحيى مختار
غزاوي ،الطبعة الثالثة (1409هـ = 1988م) ،دار الفكر ،بيروت.
131ــ كشاف اصطالحات الفنون والعلوم :محمد بن علي التهانوي،
تقديم وإشراف ومراجعة :د .رفيق العجم ،تحقيق :د .علي دحروج ،نقل النص
الفارسي إلى العربية :د .عبد اهلل الخالدي ،الطبعة األولى1996 ،م ،مكتبة
لبنان ناشرون ،بيروت.
264
قائمة املصادر واملراجع
142ــ مجمع بحار األنوار في غرائب التنزيل ولطائف األخبار :الف َّتني،
الطبعة الثالثة1387 ،هـ = 1967م ،مجلس دائرة المعارف العثمانية.
143ــ المجموع شرح المهذب :النووي ،مع تكملة السبكي والمطيعي،
دار الفكر.
144ــ المحكم والمحيط األعظم :ابن سيده ،تحقيق :عبد الحميد
هنداوي ،الطبعة األولى 1421هـ ،دار الكتب العلمية.
145ــ المحلى باآلثار :ابن حزم ،دار الفكر.
146ــ مختار الصحاح :زين الدين الرازي ،تحقيق :يوسف الشيخ
محمد ،الطبعة الخامسة 1420 ،هـ = 1999م ،المكتبة العصرية.
147ــ مختصر الفتاوى المصرية البن تيمية ،البعلي ،تحقيق :عبد المجيد
سليم ،ومحمد حامد الفقي ،مطبعة السنة المحمدية.
148ــ مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين :ابن القيم،
تحقيق :محمد المعتصم باهلل البغدادي ،الطبعة الثالثة 1416 ،هـ = 1996م،
دار الكتاب العربي ،بيروت.
149ــ المدخل إلى السنن الكبرى :البيهقي ،تحقيق :د .محمد ضياء
الرحمن األعظمي ،دار الخلفاء للكتاب اإلسالمي ،الكويت.
150ــ المرض والكفارات :ابن أبي الدنيا ،تحقيق :عبد الوكيل الندوي،
الطبعة األولى1411 ،هـ = 1991م ،الدار السلفية.
151ــ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :المال القاري ،الطبعة
األولى1422 ،هـ = 2002م ،دار الفكر.
266
قائمة املصادر واملراجع
152ــ مسائل اإلمام أحمد :رواية ابن هانئ ،تحقيق :زهير الشاويش،
عام النشر1400 ،هـ ،المكتب اإلسالمي.
153ــ المستدرك على الصحيحين :للحاكم ،تحقيق :مصطفى عبد القادر
عطا ،الطبعة األولى (1411هـ = 1990م) ،دار الكتب العلمية ،بيروت.
154ــ مسند أبي يعلى الموصلي :تحقيق :حسين سليم أسد ،الطبعة
األولى 1416هـ ،دار المأمون للتراث.
155ــ ُمسنَد اإلمام أحمد بن حنبل :تحقيق :شعيب األرنؤوط ،وعادل
مرشد ،وآخرون ،تحت إشراف :د .عبد اهلل بن عبد المحسن التركي ،الطبعة
األولى 1421 ،هـ = 2001م ،مؤسسة الرسالة ،بيروت.
156ــ المسند الجامع :مجموعة معاصرين ،الطبعة األولى1413 ،هـ =
1993م ،دار الجيل.
157ــ ُمسنَد الدارمي = سنن الدارمي ،تحقيق :حسين سليم أسد الداراني،
الطبعة األولى 1412هـ = 2000م ،دار المغني للنشر والتوزيع ،السعودية.
158ــ ُمسنَد الطيالسي :تحقيق :د .محمد بن عبد المحسن التركي،
الطبعة األولى 1419هـ = 1999م ،دار هجر ،مصر.
159ــ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير :أحمد بن محمد بن علي
الفيومي ،المكتبة العلمية ،بيروت.
160ــ مصنف عبد الرزاق :تحقيق :حبيب الرحمن األعظمي ،الطبعة
الثانية1413 ،هـ ،المجلس العلمي بباكستان.
المصنَّف في األحاديث واآلثار :ابن أبي شيبة ،تحقيق :حمد بن
161ــ ُ
267
قائمة املصادر واملراجع
270
ل
قائمة بعناوين الآ بحاب الحديدة مشروع
لصحاث) (تراث الآل وا آ
* القرآن في حياة اآلل واألصحاب.
* أدب التربية في تراث اآلل واألصحاب :نماذج من تعامل اآلل واألصحاب مع صغارهم.
* السفر وآدابه في تراث اآلل واألصحاب.
* التجارة والمكاسب في تراث اآلل واألصحاب :آداب وقدوات ونماذج متنوعة.
* آداب معاملة الكبار والمرضى في تراث اآلل واألصحاب.
* اإلعاقة في تراث اآلل واألصحاب :نماذج وآداب وعبر.
* آداب التعامل مع غير المسلمين في تراث اآلل واألصحاب.
* العبادة والزهد في تراث اآلل واألصحاب.
* الذكر والدعاء في تراث آل البيت.
* فضل العلم وآداب طلبه في تراث اآلل واألصحاب.
* آداب التعامل مع المرأة في تراث اآلل واألصحاب.
* آداب العشرة في تراث اآلل واألصحاب :استلهام للقيم الزوجية الناجحة في سير سلفنا
الصالح.
* آداب الحوار واالختالف في تراث اآلل واألصحاب :شواهد وآداب.
* قضايا نسائية :قراءات في تراث اآلل واألصحاب.
* األطفال في رحاب اآلل واألصحاب :بحث في أسس المعالجة الفنية واألدبية لنشر تراث
اآلل واألصحاب للمراحل العمرية الصغيرة.
* الوقف في تراث اآلل واألصحاب.
* ال َف ْقد في تراث اآلل واألصحاب :دراسة في الجوانب اإليمانية واإلنسانية.
* المهارات اإلدارية في تراث اآلل واألصحاب.
* إدارة الوقت في تراث اآلل واألصحاب.
* الطعام وآدابه في تراث اآلل واألصحاب.
* المزاح وآدابه في تراث اآلل واألصحاب.
* آداب التعامل مع الحيوان في تراث اآلل واألصحاب.
.