Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 6

‫دور النشاط الموسيقي في تهذيب الذوق الفني لدى الناشئة‬

‫إعداد ضياء الدين بن يوسف‬

‫منذ نصف قرن تقريبا‪ ,‬ش هد قط اع التعليم عموم ا تط ورات متنوع ة‪ ,‬و ذل ك على‬
‫مستوى المقاربات البيداغوجية‪ ,‬طرق التنشيط و الوسائل الديداكتيكية‪ ,‬بفضل مب دأ‬
‫التنظير و التجربة التي قام بها خ براء و علم اء من مختل ف المي ادين‪ ,‬على س بيل‬
‫المثال فقط ‪ ,1Piaget‬و ‪ ,2Rousseau‬و ‪ , 3Dewey‬و‪. 4Freinet‬‬

‫كل هذه التطورات أدت إلى ظه ور بم ا يس مى البيداغوجي ة الفارقي ة‪ ،‬وهي نتيج ة‬


‫لمحاول ة توحي د العملي ة التعليمي ة م ع األخ ذ بعين اإلعتب ار مختل ف التوجه ات‬
‫والميوالت والقدرات التي يتم يز به ا ك ل ف رد داخ ل الخلي ة االجتماعي ة‪ .‬ومن بين‬
‫مبادئ هذه البيداغوجية الفارقية‪ ،‬نذكر مفهوم الذكاءات المتعددة‪ ،‬وباألخص ال ذكاء‬
‫الفني‪ ،‬الذي‪ ‬هو عبارة على قدرة على التعامل مع األفكار واألساليب المجردة ال تي‬
‫تندرج ضمن الخيال الفني أو باألحرى النزعة الفنية‪ ،‬مثل القدرة على تعلم الع زف‬
‫على آلة معينة‪ ،‬أو على قراءة النوتة الموس يقية‪ ،‬أو على تجس يد األفك ار بإس تعمال‬
‫التعبير والتأليف الموسيقي‪ .‬كل هذه التفسيرات لمفهوم واحد أال وه و ال ذكاء الف ني‬
‫ت ؤدي إلى مب دأ التط ور عن د التعلم‪ ،‬أي أن التلمي ذ ق ادر على تحس ين م ردوده‬
‫بالممارسة وبالتجربة‪ .‬ولكن بشرط توفر هذا النوع من الذكاء الذي يعت بر حلا أمثال‬
‫ووسيلة ناجع ة لتف ادي الخ وض في مس ألة الموهب ة‪ ،‬ه ذا المفه وم ال ذي لم يرتب ط‬
‫بتفسير علمي دقيق وثابت إلى حد اآلن‪ .‬‬

‫‪1‬‬
‫‪PIAGET, Jean, le développement de la notion du temps chez l’enfant, Presses Universitaires, 1946.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ROUSSEAU, Jean-Jacques, Emile ou de l’éducation, 1762.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪DEWEY, John, les écoles de demain, Paris, Flammarion, 1932.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪FREINET, Célestin, les techniques Freinet de l’école moderne, Paris, librairie Arman Collin, 1964.‬‬

‫‪1‬‬
‫فالموهبة تعتبر ملكة روحانية تشكل في نفس الوقت هاجسا ً وإشكاال بالنسبة للتنظير‬
‫البيداغوجي‪ .‬ولذلك وقع غض النظر على مفه وم الموهب ة‪ ،‬لمص لحة مفه وم تع دد‬
‫الذكاءات عموماً‪ ،‬ومفهوم الذكاء الفني بصفة خاصة‪ .‬‬
‫وإذا انطلقنا من هذا المبدأ‪ ،‬أي العمل على تطبيق البيداغوجي ة الفارقي ة عن طري ق‬
‫مفهوم الذكاءات المتعددة‪ ،‬فتدريس المادة الموسيقية في المعاه د المختص ة أو غ ير‬
‫المختص ة يكمن في إيج اد حل ول وط رق متنوع ة و محدث ة تخ دم في نفس ال وقت‬
‫أهدافا ً إجتماعية و وطنية‪ ،‬وتطب ق قيم ا ً ثقافي ة وإديولوجي ة معين ة من بينه ا العم ل‬
‫على تهذيب الذوق الفني لدى الناشئة‪ ،‬خصوصا ً في هذا الزمن ال ذي أص بحت في ه‬
‫ال رداءة هي المقي اس‪ .‬ل ذلك س أتحدث في بداي ة األم ر على كيفي ة إختي ار المث ال‬
‫الغنائي أو اآللي المقرر تدريسه للتالميذ‪ ،‬وم دى أهمي ة ه ذا األم ر في خدم ة مب دأ‬
‫التهذيب‪ ،‬ألن في ذل ك نق ل رس الة بيداغوجي ة جلي ة ولكنه ا تب دو ض منية بالنس بة‬
‫للمتعلم‪ .‬هذه الرسالة تتجسد في تعليم قطعة موسيقية أو أنش ودة من خالله ا نض من‬
‫توفر األساليب الديداكتيكية المبرمج تدريسها‪ ،‬وفي نفس الوقت‪  ‬يتاح لنا من خاللها‬
‫العمل على زرع روح الفكر النقدي لدى التلميذ‪ ،‬الذي يمكنه من فحص وإنتق اء م ا‬
‫يسمعه كل يوم‪ ،‬وتقييمه تقييما ً تحليليا ً موسيقياً‪.‬‬
‫وكبداي ة لدراس ة ه ذه الظ اهرة‪ ،‬قمن ا بإحص اء بس يط لن وع الموس يقى المس موع‬
‫والمرغوب من قبل بعض التالميذ الملتحقين بأقس ام المرحل ة اإلعدادي ة‪ ،‬في إط ار‬
‫تربصنا بالمرحلة التطبيقية في الماجستير المهني في علوم التربي ة‪ .‬فك انت النتيج ة‬
‫كاآلتي‪ 90 :‬بالمائة يستمعون بكثرة إلى ال راب‪ ،‬و‪ 8‬بالمائ ة يميل ون إلى الموس يقى‬
‫الغربية الخفيفة‪ ،‬أو بما يس مى "‪ ،"pop music‬و‪ 2‬بالمائ ة يحب ون االس تماع إلى‬
‫موسيقى ال"‪ "house‬مع الرقص على ايقاعاتها المتكررة‪ .‬إذاً‪ ،‬فأغلب التالمي ذ في‬
‫هذه المرحلة العمرية يميلون إلى الراب‪ ،‬ال ذي ه و أص الً ال يعت بر نوع ا ً أو نمط ا ً‬

‫‪2‬‬
‫موسيقياً‪ ،‬بل هو مجرد شكل من أشكال التعبير الصوتي ظهر ألول م رة في إح دى‬
‫األحياء الشعبية األمريكية في أوائل الس بعينات‪ .‬إذاً‪ ،‬ه و يعت بر فن ش ارع‪ ،‬وحاش ا‬
‫كلمة فن من هذا‪ ،‬فما بالك إن إنتشر في كل بيت بفض ل وس ائل اإلعالم‪ .‬فالخط أ ال‬
‫يص در من المراه ق بص فة خاص ة‪ ،‬ب ل ه و يعكس توجه ات يظبطه ا ويس يرها‬
‫اإلعالم‪ .‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬إذا أخذنا بعين اإلعتبار مبدأ التنوع واالختالف بين األف راد‪ ،‬يمكن‬
‫لنا أن نتس اءل لم اذا أغلبي ة الناش ئة يميل ون إلى نم ط معين‪ ،‬في حين يوج د أن واع‬
‫عديدة من الموسيقى‪ ،‬نذكر منها الموس يقى الكالس يكية الغربي ة بمختل ف انواعه ا‪،‬‬
‫موسيقى الجاز‪،‬موسيقى المالوف‪ ،‬الموسيقى اآللية‪ ،‬موسيقى األفالم االركس ترالية‪،‬‬
‫الموسيقى الحديثة "‪ ،"new age‬وتطول القائمة‪ .‬لماذا لم نلحظ نس بة ول و ض ئيلة‬
‫من عشاق الجاز مثالً من بين تالمي ذ اإلعدادي ة؟ ألن ه بك ل بس اطة لم يكن بوس عه‬
‫االطالع عليها‪ ،‬وذلك بسبب التأثير السلبي من طرف اإلعالم المحلي والعالمي‪ .‬‬
‫‪ ‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬نالحظ إقب االً كب يراً‪ ،‬ب ل ومتزاي داً من ط رف تالمي ذ المعاه د‬
‫الموسيقية في نفس السن‪ ،‬على أنواع الموسيقى اآللية الكالسيكية‪ ،‬وموسيقى األفالم‬
‫وألعاب الفيديو‪ .‬لماذا؟ ألنهم يمارسون النشاط الموسيقي بإنتظام‪ ،‬ويتعلمون الع زف‬
‫على آلة‪ ،‬وقد ادركوا أن هذه اآلالت تمكنهم من عزف التحف وال درر الفني ة لكب ار‬
‫الموسيقيين‪ ،‬أمث ال م وزارت وش وبين‪ ،‬وخميس ترن ان وعب د الوه اب‪ ،‬س وى من‬
‫العه د الق ديم أو العه د المعاص ر‪ ،‬في حين ال تص لح ه ذه اآلالت آلداء ال راب أو‬
‫اإليقاع الصاخب بدون جدوى لموسيقى المالهي الليلية‪ .‬إذاً‪ ،‬فالوعي بحقيقة المشهد‬
‫الموس يقي الك وني ك ان ض منياً‪ ،‬وذل ك ع بر التعلم من جه ة‪ ،‬ومن خالل وس ائل‬
‫وتقني ات ت دريس تحبب التلمي ذ في الفن ال راقي‪ ،‬وت رقى ب ه إلى مس توى التحلي ل‬

‫‪3‬‬
‫النقدي الفني من جهة أخ رى‪ .‬و ل ذلك يمكن لن ا أن نق ول أن لحس ن إختي ار المث ال‬
‫الغنائي أو اآللي دور كبير في تحقيق هذه األهداف الديداكتكية‪.‬‬
‫وال ننسى أيضا ً أن نذكر أن البيداغوجية لها شكالن أساس يان‪ :‬نس مي الش كل األول‬
‫نازل‪ ،‬أي أن األستاذ هو من يقوم بجمع المعلوم ات وايص الها مبس طة للمتعلم‪ ،‬في‬
‫حين أن الش كل الص اعد يب دأ من التلمي ذ ال ذي علي ه البحث على ه ذه المعلوم ة‬
‫ومحاولة تطبيقها في إطار دراسي‪.‬‬

‫ولكن في الحقيقة‪ ،‬تدريس مادة الموسيقى نظرياً‪ ،‬أو تطبيقيا ً كتعلم العزف على آل ة‬
‫موسيقية مثال يبدو معتم داً على خلي ط متج انس من ه ذان الش كالن البي داغوجيان‪:‬‬
‫فمن جهة‪ ،‬يجب على األستاذ تق ديم وض عية اإلنطالق‪ ،‬تفس يرها‪ ،‬ظب ط المعطي ات‬
‫المعرفية المرتبطة بها مباشرةً وتحفيز المتعلم إلدراكها؛ ومن جه ة أخ رى‪ ،‬تك ون‬
‫هناك فرصة للمتعلم للتعرف على اإلطار التاريخي للمقطوع ة ال ذي بص دد ادائه ا‬
‫مثالً‪ ،‬والكتش اف مه ارات وتقني ات ع بر وس ائل عدي دة‪ ،‬منه ا المكتب ة‪،‬‬
‫االنترنت‪،‬السندات السمعية‪ ،‬إلخ‪.‬‬

‫هذا التمشي يندرج ضمن ما يسمى البيداغوجية النشيطة‪ ،‬التي تعتبر العمود الفقري‬
‫للديداكتيكية الحديثة في ميدان التعليم الموسيقي منذ بداية القرن العش رين‪ .‬ومن بين‬
‫مبادئ ه ذه الطريق ة أنه ا تتن اول ال درس الموس يقي بمقي اس ي راعي التغ يرات و‬
‫التطورات التي يشهدها الطف ل في مرحل ة عمري ة معين ة‪ .‬ه ذا إلى ج انب تش ريك‬
‫التلميذ في بناء الدرس أو الحصة التنشيطية‪.‬‬
‫ذكرن ا ه ذا في س ياق موض وعنا األساس ي إلب راز أهمي ة تن وع ط رق ت دريس‬
‫الموسيقى‪ ،‬وذلك تجنبا ً للتكرار واإلعادة التي من شأنها تجميد المهم ة التعليمي ة في‬
‫ط ور معين‪ ،‬ال يمكن من خالله ا مواكب ة العص ر‪ .‬إذاً يمكن أن نق ول انن ا ص حيح‬

‫‪4‬‬
‫ندرس الموسيقى الكالسيكية التي سميت كذلك ليس لقول أنها عتيقة و مهجورة‪ ،‬بل‬
‫ألنها موسيقى تستحق اإلنتماء إلى الثقاف ة الكوني ة و ذل ك لت وفر ش روط معين ة في‬
‫بنيته ا‪ ،‬على ح د تعب ير ق اموس ‪ .Larousse‬فه ذا الن وع من الموس يقى يع رف‬
‫بالفرنسية ب‪ ،"la musique savante"-‬أو الموسيقى العالمة‪ ،‬وذل ك إلحتوائه ا‬
‫على كل المعايير والقواع د الالزم ة من حرف ة وتقني ة ومس ارات لحني ة مظبوط ة‬
‫ومدروسة بعناي ة‪ .‬الش يء ال ذي يس اهم في تلبي ة األه داف البيداغوجي ة من جه ة‪،‬‬
‫والمتطلب ات التربوي ة من جه ة أخ رى‪ .‬فال يجب أن ننس ى أن الموس يقى ته ذب‬
‫األخالق‪ ،‬تهذبها ليس بالموعظة والعبر‪ ،‬ألن الموسيقى ال تتكلم‪ ،‬ولكن تهذبها بحث‬
‫المتعلم على االنظب اط في ال وقت‪ ،‬بملء أوق ات فراغ ه بممارس ة آلت ه أو ص قل‬
‫حنجرته‪ ،‬بالتواضع‪ ،‬ه ذا إلى ج انب تحس ين عالقت ه م ع أف راد مجتمع ه وإمكاني ة‬
‫التواصل السوي معهم‪.‬‬
‫الموسيقى تهذب األخالق‪ ،‬وتهذب الفك ر والس لوك أيض اً‪ .‬ق ال أفالط ون في كتاب ه‬
‫الجمهورية‪ » :‬إذا كانت الموسيقى هي الجزء الرئيسي من التعليم (‪ ،)...‬فذلك ألن‬
‫اإليقاع (‪ )le rythme‬واالنسجام (‪ )l’harmonie‬يتالءمان بشكل خاص إلختراق‬
‫الروح ولمسها بقوة (‪ )...‬نحن نتصدى للرذيلة‪ ،‬ونكرهها بدايةً من مرحلة الطفولة‪،‬‬
‫قبل أن نتمكن من إدراك ذلك بالعقل‪ .‬وعندما يأتي العقل‪ ،‬نتقبّلها ونُقِرّها كقريب‪،‬‬
‫مع كل الرقة التي تغذيناها في الموسيقى ‪«.‬‬
‫هذه المقولة توضح جيداً الدور الضمني الذي تلعبه الموسيقى‪ ،‬أو النشاط الموس يقي‬
‫عموما‪ .‬حيث يكون إدراكنا بحقيقة األشياء (الفضيلة والرذيلة مثالً) غ ير واعي في‬
‫البداي ة‪ ،‬ثم يتط ور ه ذا اإلدراك ش يئا ً فش يئاً‪ ،‬وذل ك بفض ل عوام ل داخلي ة (مث ل‬
‫التطورات الذهني ة والنفس ية)‪ ،‬وخارجي ة (مث ل كس ب المعرف ة العلمي ة والثقافي ة‪،‬‬
‫وإكتساب الخبرات اإلجتماعي ة)‪ ،‬لتك ون لن ا في األخ ير ص ورة ول و غ ير مكتمل ة‬

‫‪5‬‬
‫للحقيقة وللكون‪ .‬أليست هذه أداة من أدوات تهذيب الذوق الفني؟ أقص د عوض ا ً عن‬
‫توجي ه االس تماع وتق دير العم ل الف ني بطريق ة عمودي ة‪ ،‬يمكن لن ا تل يين ال رأي‬
‫وتوجيهه بإعتماد الطريقة النشيطة التي تمكن المتعلم من المشاركة في بناء الدرس‪.‬‬
‫ويتحقق ه ذا من خالل تق ديم م ادة مدرس ة سلس ة‪ ،‬وفي نفس ال وقت تتب ع أس لوبا ً‬
‫بيداغوجيا ً يتالءم و الحالة النفس ية للطف ل‪ .‬وله ذا‪ ،‬تح دثنا س ابقا ً عن حس ن اختي ار‬
‫المثال الموسيقي المزمع تدريس ه‪ ،‬س وى ك ان مهي أ للع زف أو للغن اء‪ ،‬أو من درجا ً‬
‫ضمن نشاط اإلستماع‪ ،‬وه و من أهم األنش طة الموس يقية ال تي تكمن و تتأك د فيه ا‬
‫أهداف تهذيب الذوق‪ .‬فكم ا نع رف‪ ،‬أول إحتك اك بالص وت الموس يقي يك ون ع بر‬
‫اإلستماع‪ ،‬وليس عبر قراءة النوتة أو العزف‪ .‬ل ذلك يك ون لنش اط اإلس تماع أهمي ة‬
‫ك برى‪ ،‬خاص ةً لتحف يز المتعلم على الترك يز وظب ط مالحظ ات متعلق ة ب األثر‬
‫الموسيقي‪ ،‬من شأنها أن تفطنه بأهميتها‪ ،‬وتستدرجه إلى التحليل الواعي األك اديمي‬
‫لتق ييم العم ل الموس يقي جمالي ا ً وتقني اً‪.‬تطوي ع التعليم الموس يقي له ذه الطريق ة‬
‫البيداغوجية يمكن التلميذ من التعبير الحر وإبداء الرأي‪ ،‬ولو في إطار تعلم الع زف‬
‫على اآللة الموسيقية‪ .‬فيكون المتعلم في نفس الوقت يمارس اآللة‪ ،‬يغني‪ ،‬يستمع إلى‬
‫نماذج موسيقية مثالية‪ ،‬يفكر في دالالت التطبيق الموسيقي وينشط ثقافيا ً وإجتماعياً‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like