Professional Documents
Culture Documents
عبد الله بن جحش
عبد الله بن جحش
هو صاحب القلب الطاهر ،رجل وثيق الصلة برسول هللا ،واحد من أصحاب
األوليات في اإلسالم ،المجدع في سبيل هللا ،أول من عقد لواء في اإلسالم ،و أول
من دُعي أمير المؤمنين ،
الصحابي الجليل عبد هللا بن جحش األسدي ،يكنى أبا محمد ،نشأ عبد هللا في مكة
قريبا ً من الكعبة المشرفة ،أمه أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم ،وصهر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ألخته زينب بنت جحش
رضي هللا عنهما ،أسلم قبل دخول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دار األرقم،
فكان من السابقين إلى اإلسالم ،وأخذ يدعو من حوله إلى جنة الدنيا واآلخرة فدعا
أخويه وأختيه إلى اإلسالم فاستجابوا جميعاً ،ولما اشتد أذى قريش في مكة هاجر
إلى الحبشة ثم إلى المدينة ،فعاش في رحاب إخوانه األنصار يستنشق نسيم المحبة
وينعم باألخوة الصادقة.
وبعدما خرج بنو جحش من ديارهم باعت قريش دارهم ،فلما بلغ األمر بني جحش
،ذكر عبد هللا ذلك للرسول صلى هللا عليه وسلم ،فقال له :أال ترضى يا عبد هللا
أن يعطيك هللا بها داراً خيراً منها في الجنة ؟ فقال :بلى ،فقال الرسول صلى هللا
عليه وسلم :فذلك لك.
أمره رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على سرية خرجت لتقصي أخبار قريش ،
فكان أول أمر عسكري في اإلسالم ،فجهز الرسول صلى هللا عليه وسلم اللواء
لعبد هللا ،فكان رضي هللا عنه أول أمير أُمر على طائفة من المؤمنين ،حدد
الرسول الكريم لعبد هللا وجهته وأعطاه كتابا ً وأمره أال ينظر فيه إال بعد مسيرة
يومين ،فلما انقضى اليومان نظر عبد هللا في الكتاب فإذا فيه (( :إذا نظرت في
كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين الطائف ومكة ،فترصد بها قريش وقف لنا
على أخبارهم)) ،فقال عبد هللا وأصحابه سمعا ً وطاعة لرسول هللا صلى هللا عليه
وسلم ،ثم وصل الجيش نخلة ،و أخذ الجيش يترصد أخبار قريش ،فأبصروا قافلة
لقريش فيها أربعة رجال ،فأخذ المسلمون يتشاورون حتى أجمعوا على الوثوب
عليهم وقتلهم وأخذ ما في أيديهم من غنية وكانت في شهر محرم ،فقتلوا واحد منهم
وأسروا اثنين ،وفر الرابع من أيديهم ،ثم عاد عبد هللا بصحبة األسيرين إلى
الرسول صلى هللا عليه وسلم فاستنكر الرسول الكريم ما فعلوه وقال (( :وهللا ما
أمرتكم بقتل ،وإنما أمرتكم أن تقفوا على أخبار قريش ،وأن ترصدوا حركتها))
وأعرض النبي صلى هللا عليه وسلم عن العير فلم يأخذ منها شيء.
أصاب عبد هللا وأصحابه فرطا ً من الحزن والخجل وأيقنوا مخالفتهم أمر رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم ،وأخذت قريش تشهر بين القبائل فقتول :إن محمداً
استحل الشهر الحرام ،فسفك فيه الدم ،وأخذ المال ،وأسر الرجال.
ولما اشتد الكرب على عبد هللا وأصحابه جاءتهم البشارة من هللا ،بأن هللا سبحانه
وتعالى قد رضي عن صنيعهم وأنزل على نبيه الكريم قرآنا ً فقال هللا تعالى (( :
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل هللا وكفر به
والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند هللا والفتنة أكبر من القتل)) ،فطابت
نفس الرسول صلى هللا عليه وسلم ،فكانت غنيمة عبدهللا أول غنيمة غنمها
المسلمون ،وقتيلها أول مشرك أراق المسلمون دمه.
ثم شهد غزوة بدر فقاتل قتاالً شديداً وأبلى فيها بالء يليق بإيمانه ،ثم جاءت غزوة
أُحد ،فلقي عبد هللا بن جحش صاحبه سعد بن أبي وقاص رضي هللا عنهما يوم
الغزوة ،فقال عبد هللا لسعد :أال تدعو هللا ؟ فقال سعد :بلى.
فقال سعد رضي هللا عنه :يا رب إذا لقيت العدو فَلَ ِّقني رجالً شديداً بأسه ،شديداً
َح َردُه ،أقاتله ويقاتلني ،ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله وآخذ سلبه ،فأ َ َّمن عبدهللا
ثم قال :اللهم ارزقني رجالً شديداً َح َردُه ،شديداً بأسه أقاتله فيك ويقاتلني ثم يأخذني
فيجدع أنفي وأُذني فإذا لقيتك غداً قلت :فيم ُجدِّع أنفك وأذنك؟
فأقول :فيك وفي رسولك ،فتقول :صدقت.
فكانت خير دعوة دعا بها ،فاستشهد في معركة أحد ولقيه أصحابه وقد نُكل به أشد
علق أنفه وأذنه على شجرة بخيط .
تنكيل ،و ُ
استجاب هللا تعالى دعوة عبد هللا بن جحش رضي هللا عنه فأكرمه بالشهادة ،فدفنه
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مع خاله حمزة بن عبد المطلب في قبر واحد،
وصلى عليهما ودموعه الطاهرة تروي ثراهما الطيب.