Professional Documents
Culture Documents
Books Library - Net 10071817Ia3B7
Books Library - Net 10071817Ia3B7
قال تعالى " وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون "
وعبادة هللا مستحيلة على من ال يعرفه ،ولذلك كان أول ما فرضه
هللا على خلقه معرفته قال تعالى " :فاعلم أنه ال إله إال هللا "
(محمد ) 19 :
وقال أبو القاسم األصبهانى " :ولو أراد رجل أن يتزوج إلى
رجل أو يزوجه أو يعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته واسم أبيه
وجده وسأل عن صغير أمره وكبيره .
فاهلل الذى خلقنا ورزقنا ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه
أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها" ومن أجل ذلك فقد
أصدرت هذا المؤلف المتواضع فى أسماء هللا الحسنى راجيا أن
يجعلنى هللا سببا فى معرفته وحبه وعبادته لدى خلقه وقد قسمت
الكتاب إلى اربعة أبواب رئيسية وهى كالتالى .
-1الباب األول :فضائل األسماء الحسنى
-2الباب الثانى :قواعد فى األسماء الحسنى
-3الباب الثالث :أربعة تنبيهات هامة وهى
-1إحصاء األسماء الحسنى "معناه وأنواعه"
-2اإللحاد فى األسماء الحسنى "معناه وأنواعه"
-3الدعاء باألسماء الحسنى "معناه وأنواعه"
-4النهى عن إطالق األسماء الخاصة باهلل على
خلقه
-4الباب الرابع :شرح األسماء الحسنى من خالل عدة
-1المعنى اللغوى لإلسم
-2المعنى الشرعى لإلسم
-3الدليل من القرآن أو صحيح السنة على ورود
اإلسم
-2-
-4آثار اإليمان المترتبة على معرفة اإلسم
" -5ليس كمثله شئ" فى كل أسمائه وصفاته
تبارك وتعالى.
وإقرأ فى هذا الجزء من هذه األسماء " الرحمن – الرحيم –
الملك – القدوس – الغنى – الوهاب – األعلى – الشافى – الغفور
– الودود – الواسع "
-3-
النور األسنى
فى شرح
سنَى
الح ْ
أسماء هللا ُ
الجزء األول
قدم له
فضيلة الشيخ و فضيلة الشيخ
كتبه
-4-
تقديم الكتاب
إن احلمد هلل حنم ده ونس تعينه ونس تغفره ،ونع وذ باللَّه تع اىل من ش رور
أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده اللَّه فال ُمضل له ،ومن يضلل فال هادي له
حممدا عبده ورسوله
،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،وأشهد أن ً
صلى اهلل عليه وسلم .
آمنُ وا َّات ُق وا اللَّهَ َح َّق ُت َقاتِ ِه َوالَ تَ ُم وتُ َّن ِإالَّ َوَأْنتُ ْم ُم ْس لِ ُمو َن} َّ ِ
{ يَا َُّأي َها الذ َ
ين َ
[ آل عمران. ] 103 :
اح َد ٍة َو َخلَ َق ِم ْن َها
سوِ ِ َّ ِ
{ يَا َُّأي َها الن ُ
َّاس َّات ُق وا َربَّ ُك ُم الذي َخلَ َق ُك ْم م ْن َن ْف ٍ َ
ِ َّ ِ ِ ِ َزوجها وب َّ ِ
ام ِإ َّن اءلُو َن بِ ه َو ْ
اَألر َح َ اء َو َّات ُقوا اللَّهَ الذي تَ َس َ
ث م ْن ُه َما ِر َجاالً َكث ًيرا َون َس ً ْ ََ ََ
اللَّهَ َكا َن َعلَْي ُك ْم َرقِيبًا [ } النساء. ] 1 :
ص لِ ْح لَ ُك ْم
آمنُ وا َّات ُق وا اللَّهَ َوقُولُ وا َق ْوالً َس ِدي ًدا ( )70يُ ْ ين َ
َّ ِ
{ يَا َُّأي َها الذ َ
ِ ِ ِ
يما} َأ ْع َمالَ ُك ْم َو َي ْغف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َم ْن يُط ِع اللَّهَ َو َر ُس ولَهُ َف َق ْد فَ َاز َف ْو ًزا َعظ ً
[ األحزاب. ] 71 ،70 :
أما بعد :
فإن اإلسالم عقيدة تنبثق منها شريعة ،وتلك الشريعة تنظم شئون احلياة
ٍ
وال يقبل اللَّه من قوم شريعتهم حىت ّ
تصح عقيدهتم .
فالتوحيد ليس أم ًرا ثانويًّا حىت نؤجله أو ن ؤخره ،بل هو األس اس ال ذي
يق وم عليه ال دين كله ،ومن أجل ذلك ظل النيب ص لى اهلل عليه وس لم ي ريب
-5-
أصحابه على التوحيد ثالث عشرة سنة يف مكة .
وظل النيب صلى اهلل عليه وسلم يريب أصحابه على التوحيد حىت آخر حلظة
يف حياته ؛ ألن قض ية التوحيد هي اليت من أجلها خلق اهلل الس ماوات واألرض
وأرسل الرسل وأنزل الكتب وخلق اجلنة والنار .
والتوحيد الذي تثبته كلمة التوحيد ينقسم إىل ثالث أقسام وهي :
فات ،وهو توحيد الربوبية ،وتوحيد األلوهية ،وتوحيد األمساء والص
موضوع تلك الرسالة املباركة .
وهذا الباب كم زلت فيه أقدام وكم ضلَّت فيه أفهام .
فتوحيد األمساء والص فات :هو إف راد اللَّه تب ارك وتع اىل بأمسائه وص فاته
((
حبيث يؤمن العبد مبا أثبت اللَّه لنفسه يف كتابه أو أثبته له رسوله صلى اهلل عليه
وس لم من األمساء والص فات على الوجه ال ذي أراد اللَّه ورس وله ص لى اهلل عليه
وسلم وعلى الوجه الالئق به من غري إثبات مثيل له ؛ ألن إثبات املثيل هلل تعاىل
شرك به. )1(
))
الص فات وك ثرة األس ئلة يف ذلك املوض وع من الب دع اليت يكرهها الس لف .
واعلم وا أن مبحث آي ات الص فات دل الق رآن العظيم أنه ي رتكز على ثالث
أسس ،من ج اء هبا كلها فقد وافق الص واب وك ان على االعتق اد ال ذي ك ان
عليه النيب ص لى اهلل عليه وس لم وأص حابه والس لف الص احل ،ومن أخل بواح ٍد
من تلك األسس الثالثة فقد ضل .
-6-
وكل هذه األسس الثالثة يدل عليها القرآن العظيم .
األول :تنزيه اللَّه جل وعال أن يُش به ش يء من ص فاته ش يًئا من ص فات
شيء [ } الشورى : ِ ِِ
س َكمثْله َ ْ ٌ األصل يدل عليه قوله تعاىل { :لَْي َ ُ املخلوقني ،وهذا
ِِ
ال} ض ِربُوا للَّه ْ
اَأْلمثَ َ َأح ٌد [ } اإلخالص { ، ] 4 :فَالَ تَ ْ { ، ] 11لَ ْم يَ ُك ْن لَهُ ُك ُف ًوا َ
[ النمل . ] 74 :
الث اين من ه ذه األسس :هو اإلميان مبا وصف اللَّه به نفسه ؛ ألنه ال
أعلم باللَّه من اللَّه َ { :أَأْنتُ ْم َأ ْعلَ ُم َِأم اللَّهُ [ } البقرة . ] 140 :
يصف الله ُ
َّ
واإلميان مبا وص فه به رس وله ص لى اهلل عليه وس لم ألنه ال يصف اللَّه بعد
اللَّه أعلم باللَّه من رسول اهلل الذي قال اللَّه يف حقه َ { :و َما َي ْن ِط ُق َع ِن ال َْه َوى (
ِ )3إ ْن ُه َو ِإالَّ َو ْح ٌي يُ َ
وحى [ } النجم . ] 4 - 3 :
الثالث من هذه األسس :قطع الطمع عن إدراك كيفية ذات اللَّه عز وجل
َ { :والَ يُ ِحيطُو َن بِ ِه ِعل ًْما [ } طه . ] 110 :
وها حنن نتع ايش بقلوبنا من خالل تلك الس طور مع تلك الرس الة الرقيقة
لألخ احلبيب /أمني بن احلسن األنص اري ،حفظه اللَّه ،حيث يأخذ بقلوبنا
لتلك الواحة الغنَّاء اليت حوت من األزهار أمجلها ،ومن الرياحني أطيبها ،ومن
شرح ممت ٍع ألمساء اللَّه احلسىن .
املياه أعذهبا ،لنتعرف على ٍ
فأس أل اللَّه عز وجل أن ينفع بتلك الرس الة كما نفع بأص وهلا ،وأن جيزي
مؤلفها خري اجلزاء ،وأن يرزقنا التوحيد اخلالص ،وأن حيش رنا ي وم القيامة مع
سيد املوحدين حممد بن عبد اللَّه -عليه أفضل الصالة والتسليم .
وصلى اللَّه على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتبه الفقري إىل عفو الرحيم الغفار
-7-
محمود المصري ( أبو عمار )
-8-
مقدمة فضيلة الشيخ /محمد حسان
احلمد هلل والصالة والسالم على سيدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وبعد .
فإنه ال س عادة يف ال دنيا واآلخ رة إال بتحقيق التوحيد ...ال ذي من أجله خلق
اهلل األرض والسماوات ..وهو حمض حق اهلل على مجيع املخلوقات ..وألجله
بعث اهلل الرسل وجاءت مجيع الرساالت .
وبه انقسم الناس إىل شقي وسعيد ..وقريب وبعيد ..ومقبول وطريد ..
وبه انفصلت دار الكفر عن دار اإلميان ،ومتيزت دار النعيم من دار اجلحيم !!
وذلك ألن التوحيد هو أصل ال دين وأساسه ..ورأس أم ره ..وبقية
أرك ان ال دين وفرائضه متفرعة عنه متش عبة منه مكمالت له ..فهو دين ش امل
ومنهج حياة متكامل !!
ومن أعظم وأجل وأش رف أبوابه ب اب توحيد األمساء والص فات ،وهو
إف راد اهلل جل جالله بأمساء اجلالل وص فات الكم ال ،واإلميان هبا كما ج اءت
يف الق رآن والس نة من غري حتريف وال تعطيل وال متثيل ألنه جل وعال ليس
كمثله شيء وهو السميع البصري ،مث التعبد هبا ومبقتضياهتا للملك القدير .
وه ذا الب اب من أش رف وأجل أب واب التوحيد ألنه يتعلق ب ذات اهلل جل
وعال ومعرفة أمسائه احلسىن وص فتاته العال معرفة ص حيحة ص ادقة ت دحض
الشرك والتعطيل والتشبيه والتمثيل واإلحلاد والتأويل امتثاالً عملي اً لقول الرب
الق دير " وهلل األمساء احلسىن ف ادعوه هبا وذروا ال ذين يلح دون يف أمسائه
سيجزون ما كانوا يعملون " .
واحلق أق ول :كم ض لت يف ه ذا الب اب أفه ام ! وكم زلت فيه أقالم
وأقدام! واملوفق من وفقه اهلل تعاىل للفهم عن اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم.
-9-
إذ أن س وء الفهم عن اهلل ورس وله ص لى اهلل عليه وس لم أصل كل بدعة
وض اللة نش أت يف اإلس الم ق دمياً وح ديثاً وما وقع القدرية واملرجئة واخلوارج
واملعتزلة والروافض وسائر طوائف أهل البدع يف القدمي واحلديث ما وقعوا فيما
وقعوا إال بسوء الفهم عن اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم .
لذا نرى اإلمام البخاري يرتجم يف صحيحه يف كتاب العلم بابا بعنوان ":
ب اب الفهم يف العلم " ويف الص حيحني من ح ديث معاوية رضي اهلل عنه أن
النيب صلى اهلل عليه وسلم قال " :من يرد اهلل به خرياً يفقهه يف الدين " .
ولقد وفق اهلل أخانا احلبيب الش يخ /أمني – حفظه اهلل فق دم لنا ه ذا
البستان املاتع يف هذا الباب اجلليل بعد مقدمة يف غاية األمهية يف األبواب الثالثة
األوىل بأس لوب مجيل س هل مث ش رح األمساء احلسىن مبنهاجية مجعت بني
التأص يل العلمي واألس لوب املنهجي والبي ان الرق راق ال وعظي ،فب دأ بالتأص يل
اللغ وي والش رعي لالسم ،مث باألدلة الش رعية مث باآلث ار اإلميانية هلذا االسم
الكرمي فجزاه اهلل خري اجلزاء .
وأس أل اهلل تع اىل أن يتقبل منا ومنه ص احل األعم ال وأن يقر أعيننا مجيع اً
بعودة األمة إىل التوحيد اخلالص بشموله وكماله وأن يرزقنا وإياه اإلخالص يف
ول والعمل وأال جيعل حظنا من ديننا قولنا وأن حيسن نياتنا وأعمالنا وأن الق
خيتم لنا وله وجلميع املس لمني خبامتة املوح دين وص لى اهلل وس لم على نبينا حممد
وعلى آله وصحبه أمجيعن.
- 10 -
المقدمة
بسم اللَّه ، واحلمد هلل ، والصالة والسالم على رسول اهلل.
حنمد اهلل ، ونس تعينه ونس تغفره ، ونس تهديه ،ونع وذ باهلل من ش رور
أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده اللَّهُ فال مضل له ، ومن يُضلل فال
هادي له ، وأشهد أن ال إله إال اللَّه ، وحده ال شريك له ، وأشهد أن ً
حممدا
عبده ورسوله ... وبعد:
آمنُ وا َّات ُق وا اللَّهَ َح َّق ُت َقاتِ ِه َوالَ تَ ُم وتُ َّن ِإالَّ َوَأْنتُ ْم ُم ْس لِ ُمو َن} َّ ِ
{ يَا َُّأي َها الذ َ
ين َ
[ آل عمران. ] 103 :
اح َد ٍة َو َخلَ َق ِم ْن َها
سوِ ِ َّ ِ
{ يَا َُّأي َها الن ُ
َّاس َّات ُق وا َربَّ ُك ُم الذي َخلَ َق ُك ْم م ْن َن ْف ٍ َ
ِ َّ ِ ِ ِ َزوجها وب َّ ِ
ام ِإ َّن اءلُو َن بِ ه َو ْ
اَألر َح َ اء َو َّات ُقوا اللَّهَ الذي تَ َس َ
ث م ْن ُه َما ِر َجاالً َكث ًيرا َون َس ً ْ ََ ََ
اللَّهَ َكا َن َعلَْي ُك ْم َرقِيبًا [ } النساء. ] 1 :
ص لِ ْح لَ ُك ْم
آمنُ وا َّات ُق وا اللَّهَ َوقُولُ وا َق ْوالً َس ِدي ًدا ( )70يُ ْ ين َ
َّ ِ
{ يَا َُّأي َها الذ َ
ِ ِ ِ
يما} َأ ْع َمالَ ُك ْم َو َي ْغف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َم ْن يُط ِع اللَّهَ َو َر ُس ولَهُ َف َق ْد فَ َاز َف ْو ًزا َعظ ً
[ األحزاب. ] 71 ،70 :
مث أما بع د ، ف إن أص دق احلديث كالم اللَّه ، وخري اهلدي ه دي حممد
( عليه الص الة والس الم ) ، وشر األم ور حمدثاهتا ، وكل حمدثة بدع ة ، وكل
بدعة ضاللة ، وكل ضاللة يف النار ... وبعد:
أيها األحبة يف اللَّه ، إين واهلل لس عيد بلق ائكم من خالل ه ذه السلس لة
الطيبة سلس لة أمساء اللَّه احلس ىن ، واليت أمسيتها الن ور األس نى في ش رح
(( )) ((
أسماء اللَّه الحسنى ، واليت حناول أن نق رتب من خالهلا من أمساء اهلل احلسىن ))
بش يء من الش رح ملعانيها اجلميل ة ، وفوائ دها اجلليل ة ، فكل اسم فيها
- 11 -
ك الكوكب الس اطع ، والنجم الالم ع ، هتدي احلائرين ، وتض يء الطريق
للسائرين إىل رب العاملني.
نورا ثاقبًا
يهدي إىل عينيك ً التفت رأيتَه
كالبدر حيث َّ
البالد مشارقًا ومغاربًا
يغشى َ كالشمس يف كبد السماء وضوئها
دد من أك ابر العلم اء وقد س بقين يف الت أليف يف أمساء اللَّه احلسىن ع ٌ
األجالء ،وقد أبل ْوا فيها بالءً حس نًا ، نس أل اللَّه عز وجل أن ي رمحهم رمحة
((
واس عة ، وأن جيزيهم عنا وعن اإلس الم واملس لمني خ ًريا ، وقد اختلفت
))
اجتاهات هؤالء العلماء يف تناول األمساء احلسىن ، فمنهم من اهتم ببيان األمساء
ُ
احلسىن ومجعها من آيات القرآن واألحاديث الصحيحة وبيان الطرق الضعيفة
يف احلديث والتح ذير منه ا ، ومنهم من ك ان ش غله الش اغل ش رح وتوض يح
فريق آخر إىل كشفالقواعد اليت ال تُ ْعلَم األمساء احلسىن إال من خالهلا ، واجته ٌ
عقائد ِ
الف َرق اليت ض لَّت بس وء اعتق ادهم يف أمساء اللَّه احلسىن وص فاته العُلى
جله ٍل منهم ، أو هلوى يف نفوس هم ، فمن تلك الف رق من وقع يف التأوي ل،
ص دى
ومنهم من انزلق يف التعطيل ، وآخرون ذهبوا إىل التكييف والتشبيه ، فتَ َ
األمة املخلص ونَ ، فَبَينُ وا ض الهَل م ، وفنَّدوا أب اطيلهم ، وأوض حوا
هلم علم اء َّ
أخطائهم ، وحذروا عامة األمة منهم ، وجاهدوهم باحلجة الواضحة ، واألدلة
الص رحية من الكت اب والس نة الص حيحة ، وأما البعض اآلخر فقد رأى أن
الطريقة امل ْثلَى لتق ريب الن اس إىل رهبم هي تع ريفهم ِ
بأمساء اللَِّه احلُسىن وص فاته
ُ
حيح وعم ٍل العلى ببي ان معانيها وش رحها ، وما ي رتتب على ذلك من ٍ
إميان ص ٍ ُ
صاحل.
وقد أحسن ك ل من ه ِ
ؤالء العلم اء يف جمال ه ، ش ريطة اتباعه لكت اب اللَّه ٌ
- 12 -
وس نة رس وله وبفهم الس لف الص احل من ه ذه األمة من أص حاب رس ول اهلل
( عليه الص الة والس الم ) ومن تبعهم بإحس ان ممن ُش هد هلم بالثقة والعدالة
واجَتنَبُ وا البدعة والضاللة ، فقد قال النيب ( عليه الصالة والسالم ) : عليكم
((
ْ
وع ُّ
ض وا عليها مس ُكوا به اَ ،
بس نتي وس نة الخلف اء الراش دين المه ديين ، تَ َّ
)) بالنواجذ ،وإياكم ومحدثات األمور ،فإن كل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضاللة
( . )1
وقال ابن مسعود ( رضي اللَّه عنه ) ( :اتبعوا وال تبتدعوا فقد ُك ِفيتم)(.)2
وق ال عمر بن عبد العزيز ( رضي اللَّه عنه ) ( : قف حيث وقف الق وم،
ف إهنم عن علم َو َق ُف وا ، وبِبص ٍر ناف ٍذ َكفُّوا ، وهم على َك ْش ِفها ك انوا أق وى،
أح َدثَه إال
ث بعدهم ، فما ْ أح َرى ، فألن قلتمَ : ح َد َ ِ
وبالفضل لو كان فيها كانوا ْ
وص ُفوا منه ما يَ ْش ِفي ، وتكلَّموا
ب عن سنتهم ، ولقد َ
من خالف ه ْديهمِ ،
ورغ َ
َ َ
وم منه مبا يك ِ
قص ر عنهم ق ٌ قص ر ، لقد َّ ْفي ، فما ف وقهم حُم ِّس ر ، وما دونَ ُهم ُم ِّ
فجفوا وجتاوزهم آخرون فغلوا ،وإهنم فيما بني ذلك لعلى هدى مستقيم )(.)3
وقد ح اولت يف ه ذا املؤلَّف املتواضع أن أمجع للق ارئ املس لم أكرب فائ دة
تفيدا ممن س بقين من العلم اء( ، )4راجيًا عم وم النفع للمس لمني،
ممكن ة ، مس ً
حديث العرباض بن سارية ، رضي هَّللا عنه ، وصححه البزار والترمذي والحاكم،
وابن عبد البر وغيرهم ، وانظر جامع العلوم والحكم البن رجب ، الحديث (. )28
(?) أخرج ه أحم د في الزه د ص ،162وال دارمي ،1/69والط براني في المعجم 2
. 339 ،5/338
(?) من هؤالء العلماء ( ابن قدامة المقدسي في كتابه لمعة االعتقاد ) ، ومن العلماء 4
- 13 -
ُمقتص ًرا على الص حيح من األدلة من كت اب اللَّه وس نة رس وله ( عليه الص الة
والس الم ) على ق در االس تطاعة ؛ إذ َع ِه ُ
()1
دت إىل بعض الثق ات من أهل
ُأجل
احلديث حتقيق أح اديث الكت اب ،ولكن لظ روفهم وض يق ال وقت فقد ِّ
بعضها إىل طبعة قادمة إن شاء اللَّه .
وقد ذك رت س ند احلديث وخترجيه كما ج اء يف املص در ال ذي نقلته منه ،
ورمبا مل أذكر املص در نفسه كما ح دث يف كت اب ص حيح األح اديث القدس ية
فقد نقلت منه أك ثر األح اديث القدس ية ،ونقلت س ند املؤلف من غري عزوها
إليه يف مصدره .
وص دَّرت ه ذا الكت اب بدراسة بعض فض ائل األمساء احلُسىن وبعض
القواعد اهلامة يف معرفته ا ، مث ش رعت يف تن اول كل اسم من األمساء احلسىن
ارعا إىل اللَّه تب ارك وتع اىل أن يرزقين
ببعض الش رح ملعانيه وآث ار اإلميان ب ه ،ض ً
وإياكم معرفته وحبه ،وأن جيعلنا سببًا يف ذلك للناس أمجعني.
كما أرجو من إخ واين النصح يف اللَّه عز وجل ،فمن وجد خ ًريا يف ه ذا
املَّؤ لف املتواضع فلي دعُ اللَّهَ لكل من س اهم فيه من ت أليف وكتابة أو نص يحة
ُ
لتعم به الفائدة إن شاء اهلل ،ومنوالس َداد ،وأن يعطيه لغريه َّ
وإرشاد باملغفرة َّ
وجد تقص ًريا وخلاًل فليب ادر بالنصح حىت نص لحه إن ش اء اللَّه ،فقد ق ال النيب
صلى اهلل عليه وسلم :الدين النصيحة . قالوا :ملن ؟ قال :هلل ولكتابه
(( )) ((
ُ
تفدت من كتاب ه (( القواع د المعاصرين فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه هَّللا ، فقد اس
المثلى )) استفادة كبيرة ، فجزاه هَّللا ُ وعلماء األمة العارفين عنا وعن اإلسالم خيرًا.
(?) فق د فُقِ د منِّي ه ذا الكت اب ع دة م رات بالض ياع وغ يره ،ل ذلك فق د اس تجبت 1
- 14 -
ولرسوله وألئمة المسلمين وعامتهم . )2( وقال عمر رضي اهلل عنه :رحم
(( ))
قس مته
مت الكتاب عدة أجزاء ،وهذا هو اجلزءُ األول منه ،وقد َّ
قس ُ
وقد َّ
كذلك إىل أربعة أبواب رئيسية ، وهي كالتايل:
الباب األول : من فضائل األمساء احلسىن.
)) ((
(?) رواه مسلم عن تميم بن أوس الدار رضي هللا عنه . 2
- 15 -
يرزقنا حبه وحب من حيبه وحب عم ٍل يقربنا إىل حب ه ، وأن يلهمنا فعل
اخلريات وترك املنكرات ، وحب املساكني ، فإنه ويل ذلك والقادر عليه ، وهو
حسبنا ونعم الوكيل . واحلمد هلل رب العاملني.
وكتبه /الفقري إىل اللَّه
أمني بن احلسن األنصاري
القاهرة :يف شوال 1423هـ
ت 4010543 :
***
- 16 -
الباب األول
من فضائل األسماء الحسنى
)) ((
- 17 -
أيها األحبة في اللَّه : أمساء اهلل احلسىن كلها خ ري ، بل كل اخلري ليس إال
مثرة هلا ، وكل الفضل ليس إال زهرة من شجرهتا.
نفح شذاكا
الفواح ُ
ُ هذا الشذا ت األزها ِر عاطر ِة الشذا يا ُمنْبِ َ
انفعالة قطر ٍة لِنداكا يا جُمْ ِري األهنا ِر ما جرياهُن ا إال
دام احملب ِة على ِ
أرض االش تياق إىل جنة فتع الوا بنا أيها األحبة ولتمشي أق ُ
أمساء ربنا تب ارك وتع اىل ، ولن دخل بس اتينها النض رة ، ولنقطف من فض ائلها
زهرة ، ولنرتشف من عسلها قطرة.
-أوالً : األسماء الحسنى من أعظم أسباب دخول الجنة:
)) ((
واح دة ال يحفظها أح ٌد إال دخل الجنة . ويف رواي ة : من أحص اها دخل
(( ))
الجنة. )1(
))
- 18 -
د . ] 19 : فينبغي عب دوه ، وق ال تع اىل { : فَ ا ْعلَ ْم َأنَّهُ الَ ِإلَ هَ ِإالَّ اللَّهُ}
[ حمم
(?) ح ديث ص حيح .أخرج ه أب و داود ( ، )2/1488ومن طريق ه ال بيهقي في 2
- 19 -
القرآن ربيع قلبي. )1( ...
))
اللَّه باالسم ال ذي إذا ُس ِئل به أعطى ، وإذا ُدعي به أج اب . ويف رواية
))
فقال : والذي نفسي بيده ، لقد سأل اهلل باسمه األعظم الذي إذا ُد ِعي به ((
أج اب ، وإذا ُس ِئل به أعطى . ويف رواية ألمحد : أنه مسع رجالً يق ول بعد
))
التش هد : اللهم إين أس ألك يا اللَّه األحد الص مد ، ال ذي مل يَلد ومل يُولد ومل
كفوا أحد أن تغفر يل ذنويب ، إنك أنت الغفور الرحيم . فقال رسول يكن له ً
اللَّه صلى هللا عليه وسلم : قد غُ ِف َر له ، قد غُ ِف َر له . ثالثًا(. )2
)) ((
أسماءه الحسنى:
َ خامسا : إن اللَّه يحب من أحب
ً
عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النيب ص لى هللا علي ه وس لم بعث رجالً
على َس ريَّة ، وك ان يق رأ ألص حابه يف ص الهتم ، فيختم بـ { قُ ْل ُه َو اللَّهُ
َأح ٌد ، } فلما رجع وا ذك روا ذلك للنيب ص لى هللا علي ه وس لم ، فق ال: َ
سلوه ألي شيء يصنع ذلك ؟ فسألوه ، فقال : ألهنا صفة الرمحن ، وأنا
(( )) ((
أحب أن أق رأ هبا . فق ال النيب صلى هللا علي ه وس لم : أخ بروه أن اهلل
(( ))ُّ
(?) أخرج ه أحم د ،452 ،1/391وابن حب ان ( )972من ح ديث ابن مس عود، 1
( ، )3475وابن حبان ( ، )892 ،891والحاكم 504 ،1/267من حديث بريدة بن
الحص يب ومحجن بن األدرع ، رض ي هللا عنهم ا . وانظ ر ال ترغيب وال ترهيب
،2/485وصحيح سنن أبي داود (. )1324 ،869
- 20 -
يحبه. )1(
))
ويف حديث آخر ، قال الرجل : إين أحبها . فقالُ : حبُّك إياها أدخلك
((
الجنة. )2(
))
سادسا :دعاء اللَّه بأسمائه الحسنى أعظم أسباب تفريج الك روب وزوال
ً
الهموم:
عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه صلى هللا عليه وسلم أنه
اللهم إني عب دك ، ابن
هم وال ح ز ٌن ، فق الَّ :
ق ال : ما أص اب أح ًدا قط ٌ ((
يب صلى هللا عليه وسلم وعن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال : كان الن ُّ
رب
احلليم ، ال إله إال اهلل ُّ
العظيم ُُ ي دعو عند الك رب يق ول : ال إله إال اللَّه
رش العظيم(. )4 الع ِ ِ ِ
واألرض ورب َ السماوات
ويف رواية للنسائي وصححه احلاكم عن علي :لقنين رسول اهلل صلى هللا
(?) أخرج ه البخ اري ( -774تعليقً ا ) ، ووص له الترم ذي ( ، )2901من ح ديث 2
أنس ، رضي هللا عنه ، وانظر فتح الباري ،258 ،2/257وصحيح جامع الترمذي
(. )2323
(?) تقدم في ص . 6 3
- 21 -
عليه وسلم هؤالء الكلمات وأمرين إن نزل كرب أو شدة أن أقوهلا.
سابعا : األسماء الحسنى أصل كل شيء:
ً
اهر والْب ِ
ِ ِ
اط ُن [ } احلديد. ] 3 : اَألو ُل َواآلخ ُر َوالظَّ ُ َ َ
قال تعاىلُ { : ه َو َّ
وق ال رس ول اللَّه صلى هللا عليه وسلم : اللهم أنت األول ، فليس
((
وال يوجد خالق سواه . قال تعاىل { : اللَّهُ َخالِ ُق ُك ِّل َش ْي ٍء [ } الرعد. ] 16 :
واألصل في ال رزق أن اللَّه هو ال رزَّاق . ق ال تع اىلِ { : إ َّن اللَّهَ ُه َو
ين [ } ال ذاريات . ] 58 : فهو ال رزَّاق وال رازق س واه ، وكلِ ِ
ال َّرزَّا ُق ذُو الْ ُق َّوة ال َْمت ُ
عطاء إال وهو الذي أعطاه ، قال تعاىل على لسانرزق إمنا هو رازقه ، وما من ٍ
نبيه موسىَ { : رُّبنَا الَّ ِذي َأ ْعطَى ُك َّل َش ْي ٍء َخ ْل َقهُ ثُ َّم َه َدى [ } طه. ] 50 :
(?) أخرجه مسلم ( )2713من حديث أبي هريرة ، رضي هللا عنه. 1
(?) أخرجه مسلم ( )2713من حديث أبي هريرة ، رضي هللا عنه. 2
- 22 -
واألصل في الرحمة أن اللَّه تبارك وتعالى هو الرحمن والرحيم ، فكل
اش تق امسها من امسه ال رمحن ، ق ال
رمحة مش تقة من رمحت ه ، فها هي ال رحم قد ْ
رس ول اللَّه صلى هللا عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تب ارك وتع اىل أنه قال:
اسما من اسمي. )1( ...
))
أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها ً ((
إخوتاه : كل ما نراه من رمحات بني اخلالئق ليست إال آثار رمحة واحدة
لرب األرض والسماوات ؛ اللَّه الرمحن الرحيم تبارك وتعاىل . قال رسول اللَّه
صلى هللا عليه وس لم : إن اللَّه خلق الرحمة ي وم خلقها مائة رحمة-
)) ((
ويف ح ديث آخ ر : كل رحمة طب اق ما بين الس ماء واألرض - فأمسك ((
عن ده تس ًعا وتس عين رحم ة ، وأرسل في خلقه كلهم رحم ةً واح دة . ويف
))
رواي ة : إن للَّه مائة رحم ة ، أن زل منها رحمة واح دة بين الجن واإلنس ((
وحش
ُ والبه ائم واله وام ، فبها يتع اطفون وبها ي تراحمون ، وبها تعطف ال
على ول دها - ويف رواي ة : ح تى ترفع الدابَّةُ حافرها عن ول دها خش ية أن
تصيبه ، وأخَّر اللَّهُ ً
تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة. )2(
))
فكل رمحة مهما عظُمت إمنا هي من اللَّه على احلقيقة ، فأعظم الناس رمحة
بالن اس هو رس ول اللَّه ص لى هللا علي ه وس لم ، قد وص فه اللَّه بقول ه:
يم [ } التوب ة ، ] 128 : فما ه ذه الرمحة العظيمة واألخالق { بِ الْمْؤ ِمنِين رء ٌ ِ
وف َرح ٌُ َ َُ
الكرمية إال نسيم من رمحة اللَّه عز وجل . قال تعاىلَ { : و َما َْأر َسلْنَ َ
اك ِإال َر ْح َم ةً
(?) أخرج ه أحم د ،2/491 ،194 ،1/191وأب و داود ( )1694من ح ديث أبي 1
- 23 -
[ آل ين [ } األنبي اء . ] 107 : وق ال تع اىل { : فَبِ َما َر ْح َم ٍة ِم َن اللَّ ِه لِْن َ
ت ل َُه ْم} ِ ِ
لل َْع الَم َ
عمران. ] 159 :
إخـوتـاه:
كل الرمحات من اللَّه ، فال يرسلها غريه وال ميسكها سواه . قال تعاىل:
ك فَالَ ُم ْر ِس َل لَ هُ ِم ْن َّاس ِم ْن َر ْح َم ٍة فَالَ ُم ْم ِس َ
ك ل ََها َو َما يُ ْم ِس ْ {َ ما َي ْفتَ ِح اللَّهُ لِلن ِ
َب ْع ِد ِه [ } فاطر . ] 12 : فإذا مل يرحم اللَّه فمن إ ًذا الذي يرحم!!
فإذا رددت فمن ذا يرحم تضرعا
ً مددت يدي إليك ريب
واألصل في المغفرة أن اللَّه هو الغفار ، والغفور ، قال تعاىلَ { : و َم ْن
وب ِإالَّ اللَّهُ [ } آل عمران. ] 135 : َي ْغ ِف ُر ُّ
الذنُ َ
وكل عف ٍو ومغف رة إمنا يك ون من مغف رة اللَّه وعف وه ، وهو ال ذي علَّم
عباده كيف يعفون ويغفرون.
قال تعاىلَ { :ولَْي ْع ُفوا َولْيَ ْص َف ُحوا َأالَ تُ ِحبـُّو َن َأ ْن َي ْغ ِف َر اللَّهُ لَ ُك ْم [ } النور.] 22 :
ثام ًنا :معرفة اللَّه بأسمائه وصفاته هي أصل خشيته تبارك وتعالى:
ث خشية ورهبة ِ
إن العلم بأمساء اهلل جل ثناؤه وصفاته ومعرفة معانيها حُيْ د ُ
يف قلب العب د ، فمن ك ان باهلل أع رف فهو منه أخ وف ، ومن ك ان به أعلم
كان على ش ريعته أق وم ، قال تع اىلِ { : إنَّ َما يَ ْخ َش ى اللَّهَ ِم ْن ِعبَ ِادهِ الْعُلَ َم اءُ}
[ فاطر. ] 28 :
ق ال ابن جرير الط ربي يف تفسري اآلي ة : إمنا خياف اللَّهَ فيتقي عقابه بطاعته
العلماءُ بقدرته على ما يشاء من شيء وأنه يفعل ما يريد(. )1
وق ال ابن مس عود رضي اللَّه عن ه : ليس العلم عن ك ثرة الرواي ة ، ولكن
- 24 -
العلم اخلشية(ِ { ، )1إنَّ َما يَ ْخ َشى اللَّهَ ِم ْن ِعبَ ِادهِ الْعُلَ َماءُ [ } فاطر. ] 28 :
ولذلك فقد كان رسول اللَّه صلى هللا عليه وسلم أشد الناس خشية للَّه
تبارك وتعاىل ؛ ألنه كان أعلم الناس به ، فقد قال النيب صلى اهلل عليه وسلم:
أنا أعلمكم باللَّه وأش دكم له خش ية . )2( ويف ح ديث آخر ق ال ص لى اهلل
)) ((
عما
فمعرفة اهلل عز وجل أس اس تعظيمه وخش يته وأعظم أس باب البعد َّ
يغضبه . فقد قال النيب صلى اهلل عليه وسلم : إن اللَّه أذن لي أن أحدث عن
((
ديك قد م رقت رجاله األرض وعنقه مثنية تحت الع رش وهو يق ول:
س بحانك ما أعظمك ربَّن ا ، فيُ رد علي ه : ال يعلم ذلك من حلف بي كاذبًا
))
احلالف باللَّه ك ذبًا عظمة اللَّه جل جالله خلَ ِش يَه واتق اه وما
ُ ( . )4أي : لو َعلِ َم
اجرتأ على هذا الفعل وأمثاله.
تاسعا : من عرف األسماء الحسنى كما ينبغي فقد عرف َّ
كل شيء: ً
ة ، ومن أيها األحبة يف اللَّه ، إن أمساء اللَّه احلسىن كلها ُحسن وبرك
حس نها أهنا تعرفك بكل ش يء على حقيقته من غري إف ٍ
راط وال تفري ط . فمن ُ
(?) أخرج ه أحم د في الزه د ص ،158والط براني في الكب ير ( . )8534وانظ ر 1
. 72 -
(?) أخرج ه الط براني في األوس ط ( ، )7324وأب و الش يخ في العظم ة (، )526 4
والح اكم ،4/297من ح ديث أبي هري رة ، رض ي هللا عن ه ، وص ححه الح اكم.
وانظر المنار المنيف ص ،56 ، 55والسلسلة الصحيحة (. )150
- 25 -
ع رف أن اللَّه ع َّز وج َّل هو الخ الق ، ع رف أن كل ما دونه خمل وق ، ق ال
تعاىل { : اللَّهُ َخالِ ُق ُك ِّل َش ْي ٍء [ } الرعد. ] 16 :
ومن ع رف أن اللَّه عز وجل هو ال رزاق علم أن كل ما دونه م رزوق،
ض ِإالَّ َعلَى اللَّ ِه ِر ْز ُق َها [ } هود ، ] 6 : وكذلك ٍِ ِ
قال تعاىلَ { : و َما م ْن َدابَّة في ْ
اَألر ِ
الس َم ِاء
يعلم أنه ال ميلك ال رزق س واه ، ق ال تع اىلَ { : و َم ْن َي ْر ُزقُ ُك ْم ِم َن َّ
ض َأِئلَهٌ َم َع اللَّ ِه [ } النمل. ] 64 :
اَألر ِ
َو ْ
ومن ع رف أن اللَّه تب ارك وتع الى هو المل ك ، ع رف أن كل ما دونه
اَألر ِ
ض َو َما َب ْيَن ُه َما يَ ْخلُ ُق َما ِ
الس َموات َو ْ
ك َّممل وك ، ق ال تع اىلَ { : ولِلَّ ِه ُم ْل ُ
يَ َشاءُ [ } املائدة. ] 17 :
ولذلك قيلَ : من عرف ربه فقد عرف نفسه.
فمن ع رف ربه ب ِ
الغنى ، ع رف نفسه ب الفقر . ق ال تع اىل { : يا َُّأي َها
َ
ْح ِمي ُد [ } فاطر. ] 15 : ِ ِ
َّاس َأْنتُ ُم الْ ُف َق َراءُ ِإلَى اللَّه َواللَّهُ ُه َو الْغَن ُّي ال َ
الن ُ
ومن ع رف ربه بالبق اء ع رف نفسه بالفن اء . ق ال تع اىلُ { : ك ُّل َم ْن
ْجالَ ِل َواِإل ْك َر ِام [ } الرمحن. ] 27 ،26 : َعلَْي َها فَ ٍ
ك ذُو ال َ
ان * َو َي ْب َقى َو ْجهُ َربِّ َ
ومن ع رف اللَّه ب العلم ، ع رف نفسه بالجه ل ، ق ال تع اىلَ { : واللَّهُ
َي ْعلَ ُم َوَأْنتُ ْم الَ َت ْعلَ ُمو َن [ } البقرة. ] 216 :
وحني ركب اخلضر مع موسى عليهما الس الم الس فينة ، نظر إىل عص فور
قد نقر يف البحر نقرة أو نقرتني ، فقال اخلضر ملوسى عليهما السالم : ما
(( )) ((
علمي وعلمك من علم اللَّه إال مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر
))
( . ) 1
(?) أخرجه البخاري ( ، )4727 -7425ومسلم ( ، )2380من حديث ابن عباس، 1
- 26 -
وجل بأمسائه احلسىن وصفاته العُلى ، علم أنه بالكمال فمن عرف اللَّه َّ
عز َّ
أيض ا نفسه بكل
موص وف ، وباإلحس ان واجلم ال واجلالل مع روف ، وع رف ً
نقص وعيب ، إال أن يرزقه اهلل عز وجل كمال اإلميان وصاحل األعمال فيورث
له ذلك عبودية ص ادقة باالنكس ار بني ي دي اجلب ار تب ارك وتع اىل ، في ذل لعزته
وخيضع لقوته.
وهذا هو دأب األنبياء واملرسلني ومن تبعهم بإحسان إىل يوم الدين ، فها
هو رس ول اللَّه ص لى اهلل عليه وس لم يتعبد لربه ب ذلك فيق ول : اللهم أنت
((
فلما عرف أن اللَّه هو ربه وإهله وخالقه ، عرف نفسه بعبوديته له ، فقال:
أيضا يف دعاء االستخارة : فإنك تقدر وال أقدر،
((
وأنا عبدك . ... وقال ً
)) ((
(?) حسن الظن باهلل ع ز وج ل ثم رة لمعرفت ه ؛ إذ كي ف يحس ن الظن برب ه من لم 2
يعرف أنه الكريم وأنه هو البر الرحيم ، وكيف يحسن الظن بوعده إن لم يعرف أنه
صادق الوعد ونجز العهد.
- 27 -
قدرة اخللق ، ومن خشي اللَّه تبارك وتعاىل خرجت من قلبه خشية َم ْن سواه،
ف ورث له ذلك حس َن ظنه باللَّه عز وجل واعتص ام به دون س واه وتوكل عليه
دون غ ريه وس لم له يف كل أم ره ، وه ذا بعينه ما ح دث لرس ول اللَّه ص لى اهلل
عليه وس لم وص احبه رضي اهلل عنه يف الغ ار حني أح اط هبم املش ركون ، فق ال
أبو بكر رضي اهلل عنه : لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا ، فقال عليه الصالة
والسالم : ما ظنك باثنين اللَّه ثالثهما. )1(
)) ((
- 28 -
اس ُم اللَّ ِه ِ ِ
امسُه عليه ا ، بل وأمر باألكل منه ا . ق ال تع اىل { : فَ ُكلُ وا م َّما ذُك َر ْ
ِ ِ ِ ِِ ِ
ين [ } األنع ام . ] 118 : وع اتب من ال يأكل مما ذكر اسم َعلَْي ه ِإ ْن ُك ْنتُ ْم بآيَات ه ُم ْؤ من َ
علَ ْي ِه [ } األنع ام: ِ
اس ُم اللَّ ِه َ ِ
اللَّه عليه ، قال تعاىلَ { : و َما لَ ُك ْم َأالَ تَ ْأ ُكلُوا م َّما ذُك َر ْ
. ] 119
وعن عدي بن حامت قال : سألت النيب صلى اهلل عليه وسلم قلتِ :
ُأرس ُل
رت اسم اللَّه
لت كالبَك المعلم ةَ وذك َكاليب املعلم ة ؟ ق ال : إذا أرس َ ((
وقد هنى عن أكل اللحم أو الص يد ال ذي مل يُ ذكر اس ُم اللَّه علي ه ، ق ال
اس ُم اللَّ ِه َعلَْي ِه َوِإنَّهُ ل َِف ْس ٌق [ } األنعام. ] 121 : ِ
تعاىلَ { : والَ تَْأ ُكلُوا م َّما ل ْ
َم يُ ْذ َك ِر ْ
الثالثة عشرة : العلم بأسماء اللَّه الحسنى أعظم العلوم وأشرفها:
إن أشرف العلوم هي العلوم الشرعية ، وأشرف العلوم الشرعية هو العلم
بأمساء اللَّه احلس ىن ، وص فاته العُلى ؛ لتعلقها بأش رف من ميكن التعلم عنه ؛
وهو اللَّه سبحانه وتعاىل(. )2
ق ال ش يخ اإلس الم ابن تيمية رحمه اللَّه تع الى : والق رآن فيه من ذكر
أمساء اللَّه وص فاته وأفعال ه ، أك ثر مما فيه من ذكر األكل والش رب والنك اح يف
اجلنة ، واآليات املتضمنة لذكر أمساء اللَّه وصفاته أعظم ً
قدرا من آيات املعاد،
ف أعظم آية يف الق رآن آية الكرسي املتض منة ل ذلك - أي ألمساء اهلل وص فاته-
كما ثبت ذلك يف احلديث الص حيح ال ذي رواه مس لم عن النيب ص لى اهلل عليه
وس لم أنه ق ال ُأليب بن كعبَ : أتَ دري أي آية من كت اب اللَّه معك ((
- 29 -
وم [ } البق رة. ] 255 :
))
أعظم ؟ . ق ال : قلت { : اللَّهُ الَ ِإلَ هَ ِإالَّ ُه َو ال َ
ْح ُّي الْ َقيُّ ُ ))
قال : فضرب يف صدري وقال : واللَّه ليهنك العلم أبا المنذر. )1(
)) ((
وقد ثبت يف الصحيح عنه صلى اهلل عليه وسلم من غري وجه أن { قُ ْل ُه َو
اللَّهُ َ
َأح ٌد } تعدل ثلث القرآن(. )3()2
الرابعة عشرة : بركة األسماء الحسنى في المعيشة:
ْجالَ ِل َواِإل ْك َر ِام [ } الرمحن. ] 78 : قال تعاىلَ { : تبار َك اسم ربِّ َ ِ
ك ذي ال َ ََ ُْ َ
ومن بركة األمساء احلسىن أن الش يطان ال يق رب ما ذُكر عليه اس ُم اهلل،
ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم : إذا دخل الرجل بيته ف ذكر اهلل عند
((
دخوله وعند طعامه قال الشيطان : ال مبيت لكم وال عشاء. )4(
))
جنبنا الش يطان وجنب الش يطان ما رزقتن ا ، فإنه إن ُي َق َّدر بينهما ول ُد في
(?) أخرجه مسلم ( )2018من حديث جابر ، رضي هللا عنه. 4
(?) صحيح . أخرجه أبو نعيم في الحلية ( ج 8ص ، )126وأبو الش يخ في كت اب 5
(( العظمة. ))
- 30 -
ذلك لم يضره شيطان أب ًدا. )1(
))
يء يؤذي ك ، ومن شر كل نفس أو عين بسم اللَّه أرقي ك ، من كل ش ٍ ((
- 31 -
( . ) 1
***
(?) أخرجه أبو داود ( . )5110وحسن إسناده األلباني في صحيح س نن أبي داود ( 1
. )4262
- 32 -
قواعد في أسماء اللَّه تعالى
- 33 -
القاعدة األولى : أسماء اللَّه تعالى كلها حسنى(: )1
أي بالغة يف احلسن غايت ه ، ويف اجلم ال ذروت ه ، ق ال اللَّه تع اىلَ { : ولِلَّ ِه
ْح ْسنَى. }
اَألس َماءُ ال ُ
ْ
وذلك ألهنا متض منة لص فات كاملة ال نقص فيها بوجه من الوج وه ال
تقديرا.
احتماالً وال ً
قال ابن القيم رمحه اللَّه:
ومجال سائر هذه األكوان وهو اجلميل على احلقيقة كيف ال
أوىل وأجدر عند ذي العرفان من بعض آثار اجلميل فرهبا
()2
أوصاف واألفعال بالربهان فجماله بالذات واألمساء والـ
أيضا:
وقال ً
()3
مشتقة قد محلت ملعاين أمساؤه أوصاف مدح كلُّها
وحلسن أمساء اللَّه معنيان:
يف معناها ويف نفسها. األولُ : ح ْسىَن
يف أثرها ملن تعبد للَّه هبا. الثانيُ : ح ْسىَن
ال، أما املعىن األول : ف إن أمساء اللَّه كلُّها ُح ْس ٌن ٌ
ومجال ، وخ ريٌ وكم ٌ
وجالل.
ٌ وقوةٌ
مث ال ذل ك : احلي اسم من أمساء اللَّه تع اىل ، متض من للحي اة الكاملة
)) ((
اليت مل تُ ْس بَق بع دم وال يلحقها زوال وال يط رأ عليها خل ل . احلي اة املس تلزمة
لكم ال الص فات من العلم والق درة والس مع والبصر وغريه ا . ق ال تع اىل:
ْح ِّي الَّ ِذي الَ يَ ُم ُ
وت [ } الفرق ان ، ] 58 : وقال النيب صلى اهلل عليه {َ وَت َو َّك ْل َعلَى ال َ
)?( 1انظر كتاب (( القواعد المثلى )) للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.
( )3( ، )2النونية البن القيم .
- 34 -
وسلم : إن اللَّه ال ينام وال ينبغي له أن ينام. )1(
)) ((
مث ال آخ ر : العليم اسم من أمساء اللَّه تع اىل متض من للعلم الكامل
)) ((
ثالثً ا : ومن متام أهنا ُحسىن أن اللَّه تب ارك وتع اىل ال يُ دعى إال بأمسائه
ْح ْس نَى فَ ا ْدعُوهُ بِ َها} ِِ
احلسىن وص فاته العُلى ، ق ال تع اىلَ { : وللَّه ْ
اَألس َماءُ ال ُ
[ األعراف. ] 180 :
القاعدة الثانية : أسماء اهلل تعالى توقيفية:
أي ال جمال للعقل فيها ؛ أي ال بد وأن تك ون معرفتُها من خالل األدلة
(?) أخرجه مسلم ( )179من حديث أبي موسى رضي هللا عنه. 1
- 35 -
الشرعية من القرآن وصحيح السنة املطهرة.
قال السفاريين
لنــا بذا أدلة وفيــة لكنها يف احلق توقيفية
وهذا ألسباب منها:
األول : أنها من أم ور الغيب ال تي ال يَعلمها الخل ُق إال أن يعلمهم اللَّهُ
ب فَالَ إياها من خالل ال وحي إىل األنبي اء والرس ل ، ق ال تع اىلَ { : ع الِ ُم الْغَْي ِ
ك ِم ْن َب ْي ِن يَ َديْ ِه ض ى ِم ْن ر ُس ٍ
ول فَِإ نَّهُ يَ ْس لُ ُ َ
ِ
يُظْ ِه ُر َعلَى غَْيبِ ه َ
َأح ًدا (ِ )26إالَّ َم ِن ْارتَ َ
ص ًدا [ } اجلن. ] 27 ،26 : ِِ ِ
َوم ْن َخلْفه َر َ
قاصر ال ميكنه إدراك ما يستحقه اللَّه تعاىل من
الثاني : أن عقل اإلنسان ٌ
األمساء ، ق ال تع اىلَ { : والَ يُ ِحيطُ و َن بِ ِه ِعل ًْما ، } وق ال النيب ص لى اهلل عليه
وس لم :ال أحصي ثن اءً علي ك . )1( ل ذلك جيب الوق وف يف معرفة أمساء اهلل )) ((
ف ما لَيس ل َ ِ ِ
ص َر
الس ْم َع َوالْبَ َ َك بِ ه عل ٌ
ْم ِإ َّن َّ على الش رع ، ق ال تع اىلَ { : والَ َت ْق ُ َ ْ َ
َوالْ ُفَؤ َاد ُك ُّل ُأولَِئ َك َكا َن َع ْنهُ َم ْسُئوالً. }
ثالثًا : ألن القول على اللَّه بغير علم من أشد المحرمات:
فتس مية اللَّه تع اىل مبا مل يُس ِّم به نفسه أو إنك ار ما مسَّى به نفسه جناية يف
حقه تعاىل وَت َوعَّ َد اللَّهُ من فعل ذلك بالعذاب الشديد يف الدنيا واآلخرة ، قال
ش َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو َما بَطَ َن َواِإل ثْ َم َوالَْبغْ َي بِغَْي ِر ِ
تعاىل { : قُ ْل ِإنَّ َما َح َّر َم َربِّ َي الْ َف َواح َ
َم ُيَن ِّز ْل بِ ِه ُس ْلطَانًا َوَأ ْن َت ُقولُ وا َعلَى اللَّ ِه َما الَ ِ
ْح ِّق َوَأ ْن تُ ْش ِر ُكوا بِاللَّه َما ل ْ
ال َ
اد ُل فِي اللَّ ِه بِغَْي ِر ِعل ٍْم َو َيتَّبِ ُع ُك َّل
َّاس من يج ِ ِ
َت ْعلَ ُمو َن . } وقال تعاىلَ { : وم َن الن ِ َ ْ ُ َ
الس ِعي ِر}
اب َّ ضلُّهُ َو َي ْه ِد ِيه ِإلَى َع َذ ِيد (ُ )3كتِب َعلَْي ِه َأنَّهُ من َتوالَهُ فََأنَّهُ ي ِ
ُ َْ َ َ
ان م ِر ٍ ٍ
َش ْيطَ َ
- 36 -
[ احلج. ] 4 ،3 :
اد ُل فِي اللَّ ِه بِغَْي ِر ِعل ٍْم َوالَ ُه ًدى َوالَ
َّاس من يج ِ ِ
وق ال تع اىلَ { : وم َن الن ِ َ ْ ُ َ
ي َونُ ِذي ُق هُ َي ْو َم يل اللَّ ِه لَه فِي ُّ ِ ض َّل َع ْن َس بِ ِاب منِ ي ٍر ( )8ثَانِي ِعط ِْف ِه لِي ِ ِ
الد ْنيَا خ ْز ٌ ُ ُ َ كتَ ٍ ُ
س بِظَالٍَم لِل َْعبِي ِد} ت يَ َد َ َّ َّ
اك َوَأن اللهَ ل َْي َ ك بِ َما قَ د َ
َّم ْ ْح ِري ِق ( )9ذَلِ َ اب ال َ
ِ ِ
الْقيَ َام ة َع َذ َ
علي كذبًا فليتبوأ
تعمد َّ
[ احلج . ] 10 -8 : وقال النيب صلى اهلل عليه وسلم : من َّ
((
هذا عقاب الكاذب على النيب ص لى اهلل عليه وس لم ، فكيف مبن يكذب
على اللَّه عز وجل ؟!
القاعدة الثالثة { : لَْي َس َك ِم ْثِل ِه َش ْي ٌء: }
قال ابن القيم رحمه اللَّه(: )1
سبحانه عن إفك ذى البهتان ال شيء يشبه ذاته وصفاته
ف إن أمساء اللَّه احلس ىن ، وص فاته العُلى ليس كمثلها ش يءٌ من خلق ه،
فينبغي اإلميان هبا كما جاءت يف الشرع بال تكييف ، وال متثيل ، وال تشبيه،
يع الْبَ ِص ُير [ } الشورى. ] 11 : قال تعاىل { : ل َْيس َك ِمثْلِ ِه َشيء و ُهو َّ ِ
السم ُ ٌْ َ َ َ
فينبغي إج راء النص وص على ظاهرها من غري إنك ار وال تأويل واإلميان هبا
كما أراد اللَّه عز وجل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم.
ق ال الش افعي رحمه اللَّه : آمنت باللَّه ومبا ج اء عن اهلل ، على م راد
((
)) اهلل ، وآمنت برس ول اهلل ، ومبا ج اء عن رس ول اللَّه ، على م راد رس ول اللَّه
( . )2
- 37 -
وق ال اإلم ام أمحد بن حنبل رمحه اللَّه يف ق ول النيب ص لى اهلل عليه وس لم:
إن اللَّهَ ينزل إلى سماء الدنيا ، .. و إن اللَّه يُرى في القيامة وما أشبه
)) (( )) ((
هذه األحاديث : نؤمن هبا ونصدق هبا ، ال كيف ، وال معىن ، وال نرد شيًئا ((
بقول يناقضه،
ٍ الشافعي فإنه حق يجب على كل مسلم اعتقاده ،ومن اعتقده ولم يأت
فإنه سلك سبيل السالمة في الدنيا واآلخرة .)) اهـ.
(?) راجع : الصواعق المنزلة البن القيم ( ، )1/265ومختصر الصواعق المرسلة 3
البن الموص لي ( ، )2/251ومن اقب اإلم ام أحم د البن الج وزي (ص ، )156
وترجمة اإلمام أحمد في تاريخ اإلسالم للذهبي ( ص . )27
- 38 -
يذهب ما تبقى منها ويفىن باملوت ، أين هذا من مسع اللَّه جل جالله وتقدست
أمساؤه ، فإنه يس مع ما تحت األرض كما يس مع ما ف وق الس ماء ، ويس مع
الجماعة كما يس مع الف رد ، والق ريب والبعيد عن ده س واء ، والسر عن ده
[ ط ه: مثل العلن ، ق ال تع الىَ { : وِإ ْن تَ ْج َه ْر بِ الْ َق ْو ِل فَِإ نَّهُ َي ْعلَ ُم ِّ
الس َّر َوَأ ْخ َفى}
الص ُدو ِر} اج َه روا بِ ِه ِإنَّهُ َعلِيم بِ َذ ِ ِ
ات ُّ ٌ ، ] 7وق ال تع اىلَ { : وَأس ُّروا َق ْولَ ُك ْم َأ ِو ْ ُ
[ امللك. ] 13 :
فال تش غله األص وات الكث يرة عن الص وت المنف رد ، وال أص وات
ص اخبة عن ص وت منخفص ، ف إن اللَّه تب ارك وتع الى يس مع دبة النملة
الس وداء على الص خرة الص ماء في الليلة الظلم اء . وانظر إىل عائشة رضي
اهلل عنها وهي تس بِّ ُح رهبا لِما علمت من إحاطة مسعه باألص وات ، فتق ول:
احلمد هلل ال ذي وسع مسعه األص وات ، لقد ج اءت اجملادلة إىل النيب ص لى اهلل ((
عليه وسلم تكلمه وأنا يف ناحية البيت ما أمسع ما تقول ، فأنزل اهلل عز وجل:
ُك فِي َز ْو ِج َها [ )1(} اجملادلة. ] 1 :
))
{ قَ ْد س ِمع اللَّهُ َقو َل الَّتِي تُج ِ
ادل َ َ ْ َ َ
مثال آخ ر : للَّه وجه ، ولكنه ليس كوجوه الخلق ، فمن وجوه اخللق
ناقص تأيت عليه األغيار،
بشري ٌ ٌ مجال
دميما ، ولو كان مجيالً ، فهو ٌ ما يكون ً
بل نض َرته ، واهلِ َرم يطفئ وض اءته ، مث هو على ُك ِّل
واحلوادث ، ف املرض يُ ْذ ُ
األحوال إىل فناء ، أين هذا من وجه اللَّه تبارك وتعالى الذي يفيض بالجالل
ويستحى من جماله الجمال ، فقد قال النيب صلى اهلل عليه وسلم : إن اللَّهَ
((
(?) أخرج ه البخ اري ( -13/372تعليقً ا ) ، وأحم د ،6/46وابن ماج ه (،)188 1
والح اكم . 2/481وص ححه الح اكم ، وانظ ر ص حيح س نن ابن ماج ه (، )155
وانظر اإلرواء . 7/175
- 39 -
جميل يحب الجمال . )1( وقال النيب صلى اهلل عليه وسلم وهو يصف مجال ٌ ))
( )2
ودائم ال يف نى ، ق ال تع اىل:
ٌ ابت ال يتغ ير،
بص ره من خلق ه ، وجماله ث ٌ ))
الصدق أو الكرم ، فقد يُسمى كرميًا ويكون خبيالً يف صفته ، أو يكون )) (( )) ((
مع ا ، حتمل مع اين وتعرب عن أما أمساء اللَّه احلسىن فهي أعالم وأوص اف ً
التامة الكمال واجلمال . فمثالً : من أسماء اللَّه تعالى : الغفور، صفات اللَّه َّ
يم. } والرحيم . قال تعاىل { : وهو الْغَ ُفور َّ ِ
الرح ُ ُ َ َُ
(?) أخرجه مسلم ( )91من حديث ابن مسعود. 1
(?) جزء من حديث (( : إن هَّللا ال ينام ، )) وقد تقدم ص . 19والسبحات بضم السين 2
والباء ورف ع الت اء في أخ ره ، وهي جم ع س بحة . ق ال ص احب العين واله روي:
وجمي ع الش ارحين للح ديث من اللغ ويين والمح دثين مع نى س بحات وجه ه ن وره
وجالله وبهاؤه . انظر صحيح مسلم بشرح النووي ( )14 ،3/13ب اب م ا ج اء في
رؤية هَّللا عز وجل.
(?) النونية . 3
- 40 -
مجيع ا ، ق ال تع اىلِ { : إ َّن اللَّهَ َي ْغ ِف ُر
فهو الغف ور فإنه يغفر ال ذنوب ً )) ((
ت ُك َّل َش ْي ٍء. }
َو ِس َع ْ
مثال آخر : اسمه الخالق جل جالله فإنه حيمل صفة اخللق ، قال تعاىل:
َّرهُ َت ْق ِد ًيرا} ٍ ٍ ِ
{ اللَّهُ َخ ال ُق ُك ِّل َش ْيء ، } وقال تعاىلَ { : و َخلَ َق ُك َّل َش ْيء َف َق د َ
مجيعا حييون من
[ الفرق ان ، ] 2 : وكذلك اسمه الكريم عز وجل ، فإن اخللق ً
)) ((
َس َّحاء( )2الليل والنه ار . وق ال : أرأيتم ما أنفق منذ خلق الس ماوات
(( ))
{َ ف ُق ل ربُّ ُكم ذُو ر ْحم ٍة و ِاس ع ٍة ، } وكذلك امسه العزيز حيمل صفة العِ زة ؛
)) ((
َ َ َ َ ْ َ ْ
(?) وقوله سحاء أي : دائمة السح والصب والهطل بالعطاء. 2
(?) أخرجه البخاري ( ، )4684ومس لم ( ، )993من ح ديث أبي هري رة ، رض ي 3
هللا عنه.
- 41 -
لقوله تعاىلِ { : إ َّن ال ِْع َّز َة لِلَّ ِه َج ِم ًيعا [ } يونس ، ] 139 : وهكذا.
ولكن يف الصفات ليس كذلك.
مث ال ذل ك : أن للَّه ص فة الكالم ؛ لقوله تع اىل لنبيه موس ىِ { : إنِّي
َّاس بِ ِر َس االَتِي َوبِ َكالَِمي [ } األع راف ، ] 144 : فهل يصح االدع اء
ك َعلَى الن ِ
اص طََف ْيتُ َ
ْ
ب أن من أمساء اللَّه تع اىل اسم املتكلم ؟ ال يصح ب الطبع ، وك ذلك ص فة
)) ((
املك ر و الكي د ، فقد ثبتت بال دليل من كت اب اللَّه ، فق ال تع اىل: )) (( )) ((
ِ
{َ ويَ ْم ُك ُرو َن َويَ ْم ُك ُر اللَّهُ َواللَّهُ َخ ْي ُر ال َْم اك ِر َ
ين [ } األنف ال ، ] 30 : وق ال تع اىل:
{ِ إَّن ُه ْم يَ ِكي ُدو َن َك ْي ًدا (َ )15وَأكِي ُد َك ْي ًدا [ } الط ارق ، ] 16 ،15 : فال يصح أن يُقال
أن من أمساء اللَّه املاكر أو الكائ د . وذلك ألن أمساء اللَّه كلها ُح ْس ىَن ،
)) (( )) ((
فكل ما حتمله من الص فات العُلَى ، أما الص فات يف اللغة فهي تنقسم إىل ثالثة
أقسام:
األول : أن تك ون ص فات كم ٍال مطلق كاحلي اة ، والعلم ، والق درة،
فهي تثبت هلل كلها ويُنفى عنه ما يض ادها من ص فات النقص مثل إثب ات ص فة
ْح ِّي الَّ ِذي الَ
احلي اة ونفي ص فة املوت ، كقوله تع اىلَ { : وَت َو َّك ْل َعلَى ال َ
وت [ } الفرقان. ] 58 :
يَ ُم ُ
الث اني : نقص مطلق ك العجز ، واملوت ، والفق ر ، فهي تُْن َفى عن اللَّه
كلها ، ولكن يثبت هلل تعاىل ما يضادها.
مثال ذلك : صفة الظلم فإهنا تُنفى كلها عن اللَّه تبارك وتعاىل ويثبت )) ((
له العدل بل الكرم ؛ لقوله تعاىلِ { : إ َّن اللَّهَ الَ يَظْلِ ُم ِم ْث َق َ
ال ذَ َّر ٍة َوِإ ْن تَ ُ
ك َح َس نَةً
َأج ًرا َع ِظ ًيما [ } النس اء ] 40 : ؛ ألن نفي النقص وحده ال اع ْفها ويْؤ ِ ِ
يَِ
ت م ْن لَ ُدنْ هُ ْ ض َ َُ ُ
يعين الكمال ، فالبد من نفي النقص وإثبات لضده.
- 42 -
ت هلل
ونقص ا من وجه آخر ، فيُثْبَ ُ
الثالث : صفات حتتمل كماالً من وجه ً
تعاىل فيها وجوه الكمال ، ويُْن َفى عنه منها وجوه النقص.
مث ال : املك ر و اخلداع فإهنا لو ك انت من ض عيف ال يق وى على
)) (( )) ((
أخذ حقه فهو نقص ، وإن ك انت من من افق خ بيث ميكر ب املؤمنني وخيادعهم
لتحقيق غ رض خ بيث يف نفسه فهو نقص وهو من م ذموم الص فات وه ذا
وأمثاله يُْن َفى كلُّه عن اللَّه جل جالله.
وانتقاما من املخ ادعني فهو من
ً أما إن ك ان املك ر عقوبة باملاكرين )) ((
الكم ال ، وإن ك ان بغري ظلم وال ض عف فهو من الكم ال ، وإن ك ان بعد
ت هلل جل
التحذير واالنذار واإلمهال فهو متام العدل والرمحة ، فهذا وأمثاله يُثْبَ ُ
َأح ًد [ } الكه فَ { ، ] 49 : والَ يَ ِحي ُق ال َْم ْك ُر َّ
الس يُِّئ ِإالَّ ك َ جالله {َ والَ يَظْلِ ُم َربُّ َ
بِ َْأهلِ ِه [ } فاطر. ] 43 :
القاعدة السادسة : األسماء الحسنى ال تزيد وال تنقص:
فإن أمساء اللَّه احلسىن بالغة يف احلسن ذروته ، ويف الكمال غايته ، كماالً
مل يس بقه نقص ان وال ي أيت عليه األغي ار يف األزم ان ، فالزي ادة تك ون أحد
أمرين:
أيض ا ، وه ذا يس تحيل
األول : إما أن تك ون الزي ادة من أمساء اهلل حسىن ً
ص رفت كلُّها هلل وح ده س واءً
يف حق اهلل عز وجل ؛ إذ أن األمساء احلسىن قد ُ
اليت مسَّى هبا نفسه أو اليت أنزهلا يف شرعه أو استأثر هبا يف علم الغيب عنده ، أو
علَّمها ٍ
ألحد من خلقه.
والثاني : أن تكون الزيادة ليست من األمساء احلسىن ، وهذا ال يليق باللَّه
جل جالله وتقدَّست أمساؤه ، وأن الشر ال يصح ص رفُه هلل ، فقد ق ال النيب
- 43 -
صلى اهلل عليه وسلم : والشر ليس إليك. )1(
)) ((
وما استأثر اللَّه تع اىل به يف علم الغيب ال ميكن ألحد حصره وال اإلحاطة
ب ه ، فأما قوله ص لى اهلل عليه وس لم : إن للَّه تس عة وتس عين اس ًما مائة إال
((
واح ًداَ ،من أحصاها دخل الجنة . )3( فال يدل على حصر األمساء هبذا العدد،
))
ولو ك ان املراد احلصر لك انت العب ارة : إن أمساء اللَّه تس عة وتس عون امسًا من
أحصاها دخل اجلنة ، أو حنو ذلك . ونظري ذلك أن تقول : عندي مائة درهم
أعددهُت ا للصدقة ، فإنه ال مينع أن يكون عندك دراهم أخرى مل تعدها للصدقة.
ومل يصح عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم تع يني ه ذه األمساء ، واحلديث
املروي عنه يف تعيينها ضعيف(. )4
***
(?) أخرجه مسلم ( )771من حديث علي ، رضي هللا عنه ، في حديث طويل. 1
(?) أخرج ه الترم ذي ( ، )3507والح اكم 17 ،1/16من ح ديث أبي هري رة، 4
- 44 -
الباب الثالث
أربعة تنبيهات هامة
أوالً : من أحصاها دخل الجنة:
عن أيب هريرة أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال : إن هلل تسعة وتسعين
((
وقال ابن اجلوزي : من أحصاها أي : من عدها ليستوفيها حفظًا.
)) ((
رد هذا القول احلافظ ابن حجر ، فقال : وفيه نظر ؛ ألنه ال يلزم من
وقد َّ
جميئه بلف ظ : حفظه ا تع يني الس رد عن ظهر قلب ، بل حيتمل احلفظ
)) ((
املعنوي( . )4يقصد - واللَّه أعلم - أن حيرتم أمساء اللَّه ويوقرها وحيافظ على ما
(?) انظر كتاب (( النهج األسمى )) للشيخ محمد الحمود النجدي (. )56 :1/52 2
- 45 -
تقتضيه من معاين اإلميان ويعمل به.
وق ال األص يلي : ليس املراد باإلحص اء ع دَّها فقط ؛ ألنه قد يع دها
الفاجر ، وإمنا املراد العلم هبا.
الثاني : أن يكون المراد باإلحصاء اإلطاقة ؛ كقوله تعاىلَ { : علِ َم
)) ((
لن تبلغ وا كل االس تقامة . وق ال أهل اللغ ة : لن تحص وا أي :ال حتص وا
)) ((
ثوابه(. )2
فيكون المعنى : أن يطيق األسماء الحسنى وي ِ
حس ن المراعاة لها وأنُ
نفس ه بواجبه ا . ف إذا ق ال : يا رمحن يا
يعمل بمقتض اها ، وأن يعتربها فيُل زم َ
رحيم ، ت ذكر ص فة الرمحة ، واعتقد أهنا من ص فات اللَّه س بحانه ، ف ريجو
علم أنه ي راه
رمحته وال يي أس من مغفرت ه ، وإذا ق ال : الس ميع البص ريَ
)) ((
معه وأنه ال ختفى عليه خافية وأنه يعلم السر كما يعلم العلن ، ويعلم ويس
الب اطن كما يعلم الظ اهر ، فيحافظ على قدس يتها وي رعي حرمته ا ، فيخافه يف
ذكرها بقدرة اهلل ٍ
مبعصية َّ سره وعلنه ويراقبه يف كافة أحواله ، فإذا حدثته نفسه
وعظمته وأمسائه وصفاته لعلها تنزجر كما قيل:
والنفس داعية إىل العصيان إذا ما دعتك النفس إىل ريبة
هلا إن الذي خلق الظالم يراين فاستحي من نظر اإلله وقل
الثالث : أن يكون اإلحصاء بمعنى العقل والمعرفة:
حديث ثوبان ، رضي هللا عنه ، وانظر صحيح سنن ابن ماجه (. )224
(?) معاني المفردات لألصفاني. 2
- 46 -
فيك ون معن اه أن من عرفه ا ، وعقل معانيه ا ، وآمن هبا دخل اجلنة وهو
مأخوذ من احلصاة وهي العقل ، والعرب تقول : فالن ذو حصاة أي ذو عقل
ومعرفة باألمور(. )3
الرابع:
ق ال القرط يب : املرجو من ك رم اللَّه تع اىل أن من حصل له إحص اء ه ذه
األمساء على أحد ه ذه املراتب مع ص حة النية أن يدخله اهلل اجلن ة . وه ذه
املراتب الثالثة للسابقني والصديقيني وأصحاب اليمني.
َأس َماِئ ِه: } ين ي ْل ِح ُد َ ِ
ون في ْ
ِ
ثانياَ { : و َذ ُروا الَّذ َ ُ
ً
َأس َماِئِه َس يُ ْج َز ْو َن َما َك انُوا ِ ِ َّ ِ
ق ال تع اىلَ { : وذَ ُروا الذ َ
ين ُيلْح ُدو َن في ْ
َي ْع َملُو َن [ } األعراف.] 180 :
ق ال ابن الس ِّكيت : أن امللحد ه و : املائل عن احلق ، املدخل فيه ما ليس
من ه ، واإلحلاد يف اللغ ة : هو الزيغ وامليل وال ذهاب عن س نن الص واب ، ومنه
ملحدا ؛ ألنه مال عن طريق احلق.
امللحد ً
ُ ميسي
واإلحلاد يف أمساء اهلل تعاىل هو امليل هبا عما جيب فيها.
قال ابن القيم رمحه اللَّه:
مشتقة قد محلت ملعان أمساؤه أوصاف مدح كلها
كفر معاذ اللَّه من كفران إياك واإلحلاد فيها إنه
باإلشراك والتعطيل والكفران وحقيقة اإلحلاد فيها امليل
واإللحاد في أسماء اهلل أنواع:
األول : أن تسمي األصنام بها ، فسمى املشركون األحجار واألشجار
- 47 -
واألوثان اليت كانوا يعبدوهنا آهلة ، ومسّوا الالت من اإلله ، والعُ َّزى من
)) (( )) ((
فهذا إحلاد ؛ ألهنم عدلوا ومالوا بأمسائه إىل أوثاهنم وآهلتهم الباطلة.
الث اني : تس ميته بما ال يليق بجالله كتس مية النص ارى له أبً ا،
)) ((
وتسمية الفالسفة له موجبًا بذاته ، أو علة فاعلة بالطبع ، وقول الكرامية
)) (( )) ((
وهذه األمساء باطلة ؛ ألن أمساء اللَّه تعاىل توقيفية ، فتسميته مبا مل يسم به
نفسه ميل هبا عما جيب فيه ا ، كما أن ه ذه األمساء اليت مسوه هبا نفس ها باطلة
يَُنَزه اللَّهُ تعاىل عنها.
الثالث : وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص ؛ كقول اليهود-
عليهم لعائن اهلل املتتابعة إىل يوم القيامة :- إنه فقري ، وقوهلم : إنه اسرتاح بعد
ت َأيْ ِدي ِه ْم َول ُِعنُوا بِ َما قَ الُوا
أن خلق اخللق ، وقوهلم { : يَ ُد اللَّ ِه َم ْغلُولَةٌ { ، } غُلَّ ْ
ف يَ َشاءُ. } ان ُي ْن ِف ُق َك ْي َ
بل ي َداهُ م ْبسوطَتَ ِ
َْ َ َ ُ
الرابع : تعطيل األسماء عن معانيها وجحد حقائقها وأنها مجرد أعالم
فقط ال تتض من ص فات وال مع اني وهو م ذهب الجهمية وأتب اعهم،
فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم.
ويقولون : ال حياة وال مسع وال بصر وال كالم وال إرادة تقوم به ، وهذا
وشرعا ولغة وفطرة ، وهو يقابل إحلاد املشركني،
ً من أعظم اإلحلاد فيها عقالً
فإن أولئك أعطوا أمساءه وصفاته آلهلتهم وهؤالء املعطلة سلبوه صفات كماله
ملحد يف أمسائه جل جالله وتقدست أمساؤه. وجحدوها وعطلوها ، فكالمها ُ
الخامس : تشبيه صفاته بصفات خلقه ، تعاىل اللَّه عما يقول امل َش بِّهون
ُ
- 48 -
س َك ِمثْلِ ِه َش ْيءٌ ، } وه ذا اإلحلاد يقابل إحلاد
ريا ، ق ال تع اىل { : ل َْي َ
عل ًوا كب ً
املعطل ة ، ال ذين س بق ذك رهم ، ف إن أولئك نف وا ص فات كماله وجح دوها،
وه ؤالء ش َّب ُهوها بص فات خلقه فجمعهم اإلحلاد وتف رقت هبم طرق ه ، وقد
عدما.
))
صنما ، ومن عطل فكأمنا يعبد ً
صدق من قال : من شبه فكأمنا يعبد ً ((
الس ادس : الميل عن الص واب في نطق أس ماء اهلل وتغي ير حروفها من
اللغة العربية اليت ُأن زل هبا الق رآن وج اءت به الس نة املتض منة ألمساء اهلل احلُسىن
إىل هلج ات أخ رى مثل العامي ة ، ك أن يق ول الرج ل ( : الاله ) يقصد هبا
(( ( اللَّه ) ويق ولُّ :
اُألدوس يقصد هبا اسم اهلل تع اىل ال ُق دُّوس أو يق ول:
)) )) ((
اجلوى يقصد هبا اسم اهلل الق وي جل جالله وتقدست أمساؤه ، وك ذلك
)) (( )) ((
وهذا خطأ عظيم ، إذ أن معىن الرزاء أي : الذي ي أيت باملصائب والبالي ا،
)) ((
خبالف الرزاق الذي يأيت بالرزق واخلري ، وكذلك يقول الناس : الستار،
)) ((
ولكن الص حيح هو الس تري ، وه ذه من األخط اء اليت جيب التنبيه عليها )) ((
والتح ذير منها واجتناهبا بال ذات ملن عرفها ويس تطيع تغيريها إىل الص واب يف
النطق.
الحسنى
السابع : إدخال أسماء لم يرد بها دليل صحيح في األسماء ُ
ك أن يطلق بعض الن اس على اللَّه اسم املوج ود أو املقص ود أو
)) (( )) ((
امله دي ، وك ذلك اسم الع ال ، ولكن ال ذي ورد العلي ، واألعلى،
(( )) (( )) ((
ُ
واملتعال ، كذلك الونيس ، و املتجلِّي . أو كما يدعي اجلهالء من عباد
)) (( )) (( ))
ُ
القبور أن من أمسائه كلمة هو ، و هو معلوم أنه ضمري قد يضاف إىل أي
)) (( )) ((
- 49 -
ثالثًا : فادعوه بها
وه ذا من أعظم مثرات معرفة األمساء احلسىن ؛ إذ أنه ال يصح دع اءُ اللَّه
تبارك وتعاىل إال بأمسائه احلُسىن وصفاته العلى.
ق ال ابن القيم رحمه اللَّه : فال يُثىن على اهلل إال بأمسائه احلسىن وص فاته
((
ودعاءُ اللَّه تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ثالثة أنوع:
األول : دعاء اإليمان والعبادة:
كما يف قوله تعاىل عن نبيه إبراهيم عليه السالمَ { : وَأ ْعتَ ِزلُ ُك ْم َو َما تَ ْدعُو َن
ون اللَّ ِه َوَأ ْدعُو َربِّي َع َسى َأالَّ َأ ُكو َن بِ ُد َع ِاء َربِّي َش ِقيًّا [ } مرمي. ] 48 :
ِمن ُد ِ
ْ
قال ابن كثري رمحه اللَّه : أي اجتنبكم وأتربأ منكم ومن آهلتكم اليت تعبدوهنا
من دون اهللَ { : وَأ ْدعُو َربِّي } أي : وأعبد ريب وحده ال شريك له(.)2
ِ
وكما يف قوله جل وعال { :قُ ْل ِإنَّ َما َأ ْدعُو َربِّي َوالَ ُأ ْش ِر ُك بِه َ
َأح ًدا[ } اجلن.] 20 :
ق ال ابن كثري رمحه اللَّه : إمنا أدعو ريب أي : إمنا أعبد ريب وح ده ال
)) ((
أحدا(.)3
شريك له وأستجري به وأتوكل عليه وال أشرك به ً
وقال النيب عليه الصالة والسالم : الدعاء هو العبادة. )4(
)) ((
)2969من ح ديث النعم ان بن بش ير ، رض ي هللا عنهم ا ، وص ححه الترم ذي،
انظر صحيح سنن أبي داود (. )1312
- 50 -
وهو ال دعاء ال ذي يُظهر العب ُد فيه حمبَّتَه لربه بالثن اء عليه بأمسائه احلسىن
وص فاته العلى ، وه ذا هو أفضل ال دعاء ؛ لق ول النيب ص لى اهلل عليه وس لم:
ض َل الذكر : ال إله إال اللَّه ، وأفضل الدعاء : الحمد هلل. )1(
))
إن أفْ َ ((
ول ذلك فقد ك ان أفضل ما يقوله أهل اجلنة وهم يف أعظم نعمة وأكمل
رمحة وقد امتألت قلوهبم حبب رهبم هو احلمد هلل ، قال تعاىلَ { : د ْع َو ُ
اه ْم )) ((
والح اكم )1/503من ح ديث ج ابر رض ي هَّللا عن ه ،وص ححه الح اكم ،وانظ ر
صحيح جامع الترمذي (. )2694
(?) أخرجه الطيالسي ( ، )2050وأحمد ،2/21وأبو داود ( ، )1516والترم ذي ( 2
- 51 -
العفُو:
ويسأل العفو ألنه َ
علمت
ُ عن عائشة رضي اهلل عنها ق الت : قلت يا رس ول اهلل ، أرأيت إن
تحب العفو ٍ
عفو ُأي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي : اللهم إنك ٌ
((
ّ
فاعف عني. )1(
)) ُ
ويسأل الهبة ؛ ألنه الوهَّاب:
ب لِي ُم ْل ًكا الَ فك ان من دع اء س ليمان عليه الس الم { : ر ِّ ِ ِ
ب ا ْغف ْر لي َو َه ْ َ
َّاب [ } ص. ] 35 : َألح ٍد ِم ْن َب ْع ِدي ِإنَّ َ
ك َأنْ َ
ت ال َْوه ُ
ِ
َي ْنبَغي َ
ب لَنَا ِم ْن
وبنَا َب ْع َد ِإ ْذ َه َد ْيَتنَا َو َه ْ ومن دع اء املؤم ننيَ { : ر َّبنَا الَ تُ ِز ْ
غ ُقلُ َ
َّاب [ } آل عمران. ] 8 : ك َر ْح َمةً ِإنَّ َ
ك َأنْ َ
ت ال َْوه ُ لَ ُدنْ َ
س ِّمي بأسماء اهلل وتغيير االسم من أجل ذلك:
رابعا : النهي عن التَ َ
ً
قال ابن كث ري : واحلاصل أن من أمساء اللَّه ما يُ َس َّمى به غريه ، ومنها ما ((
ال يُسمى به غريه ، كاسم اللَّه ، و اخلالق و الرازق وحنو ذلك. )2(
)) )) (( )) (( )) ((
عن أيب هريرة رضي اللَّه عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال : إن
((
القيامة وأخبثه وأغيظ من الغي ظ ، وهو مثل الغضب والبغض ، فيك ون ))
- 52 -
قول ه : أخبث ه وهو ي دل على أنه خ بيث عند اللَّه ف اجتمعت يف حقه
)) ((
ولذلك جيب تغيري هذه األمساء ؛ ألهنا ال تُطْلَق إال على اهلل عز وجل.
عن هانئ بن يزيد والد شريح بن هانئ : أنه كان يُكىن أبا احلكم ، فقال
الحكم ، فلم له النيب ص لى اهلل عليه وس لم : إن اللَّه هو َ
الح َكم ، وإليه ُ ((
تك نى أبا الحكم ؟ . فق ال : إن ق ومي إذا اختلف وا يف ش يء أت وين فحكمت
))
بينهم فرضي كال الف ريقني . فق ال ص لى اهلل عليه وس لم : ما أحسن ه ذا.
((
فما لك من الول د ؟ قلتُ : ش ريح ، ومس لم ، وعبد اللَّه ، ق ال : فمن
(( ))
***
(?) أخرجه أحمد ،2/117وأبو داود ( ، )5058من ح ديث ابن عم ر ، رض ي هللا 1
- 53 -
)) الرحمن - الرحيم ((
َّ
جل جالله وتقدست أسماؤه
من فعي ل ونظريمها ن دمي ون دمان . ويف كالم ابن جرير ما يفهم منه حكاية )) ((
يم [ } البق رة ، ] 54 : وقوله تع اىلِ { : إ َّن اللَّهَ بِالن ِ
َّاس ِ {ِ إنَّهُ ُه َو الت َّ
اب ال َّرح ُ َّو ُ
ِ لَ رء ٌ ِ
يم، }
ور َرح ٌ يم [ } البق رة ، ] 143 : وقوله س بحانهِ { : إ َّن اللَّهَ غَ ُف ٌ
وف َرح ٌ َُ
وهو كثري يف القرآن ، انظر سورة البقرة. ) 189 ، 182 ، 173 (
)) ((
ولكن ما الف رق بينهم ا ؟ هن اك ثالثة أق وال يف الف رق بني ه ذين االمسني
- 54 -
الكرميني:
األول : أن اسم ال رمحن : هو ذو الرمحة الش املة جلميع اخلالئق يف )) ((
الدنيا وللمؤمنني يف اآلخرة .و الرحيم : هو ذو الرمحة للمؤمنني يوم القيامة،
)) ((
وف رد على ه ذا الق ول بقوله تع اىلِ { : إ َّن اللَّهَ بِالن ِ
َّاس لَ َرءُ ٌ ولكن قد يُ ُّ
يم [ } البقرة. ] 143 : ِ
َرح ٌ
الق ول الث اين : هو أن ال رمحن دال على ص فة ذاتي ة ، و ال رحيم دال
)) (( )) ((
و ال رحيم دال على تعلقها ب املرحوم أي مبن ي رمحهم اللَّه ، فك ان األول
)) (( )) ((
- 55 -
الراحم برمحته(.)1
القول الثالث : أن الرمحن خاص االسم عام املعىن ، و الرحيم عام
)) (( )) ((
ولذلك قال ابن القيم رمحه اللَّه عن اسم الرمحن : وملا كان هذا االسم
)) ((
صَرف للخلق(. )4
تسمى به تبارك وتعاىل ، ولذا ال جيوز أن يُ ْ
وأما ال رحيم فإنه تع اىل وصف به نبيَّه عليه الص الة والس الم ، حيث )) ((
يم [ } التوب ة ، ] 128 : فيُق ال : رجل قال { :ح ِريص علَي ُكم بِ الْمْؤ ِمنِين رء ٌ ِ
وف َرح ٌَ ٌ َ ْ ْ ُ َ َُ
رحيم ، وال يقال : رمحن.
قال ابن كثري : واحلاصل أن من أمسائه تعاىل ما يُسمى به غريه ، ومنها ما
- 56 -
ال يُس مى به غ ريه ، كاسم اللَّه ، و ال رمحن ، و اخلالق ، و ال رزاق،
)) (( )) (( )) (( )) ((
وحنو ذل ك ، فله ذا ب دأ باسم اللَّه ووص فه ب الرمحن ؛ ألنه أخص وأع رف من
ال رحيم ؛ ألن التس مية أوالً تك ون بأش رف األمساء ، فله ذا ابت دأ ب األخص
فاألخص( . )1اهـ.
من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين :
التعرف على اللَّه برحمته واإليمان بها .
أوالً ُّ :
وجل ،عسى أن
عز َّ ٍ
جانب من رمحة اللَّه َّ وسنحاول فيما يلي التعرض إىل
القلوب إىل خالقها وتشتاق النفوس إىل بارئها .
ُ ترق
-1ربكم ذو رحمة واسعة:
ت ُك َّل َش ْي ٍء [ } األع راف ، ] 156 : وقال تعاىل
قال تعاىلَ { : و َر ْح َمتِي َو ِس َع ْ
ت ُك َّل َش ْي ٍء إخب ًارا عن محلة الع رش ومن حوله أهنم يقول ونَ { : ر َّبنَا َو ِس ْع َ
ْج ِح ِ رحم ةً و ِعلْما فَ ا ْغ ِفر لِلَّ ِذين تَ ابوا و َّاتبع وا س بِيلَ َ ِ
يم [ } غ افر: اب ال َك َوق ِه ْم َع َذ َ َ ُ َ َُ َ ْ ََْ َ ً
. ] 7
-2رحمة اللَّه تغلب غضبه:
ب َربُّ ُك ْم َعلَى َن ْف ِس ِه َّ
الر ْح َم ةَ [ } األنع ام . ] 54 : ق ال ابن ق ال تع اىلَ { : كتَ َ
كثري يف ه ذه اآلي ة : أوجبها على نفسه الكرمية تفض الً منه وإحس انًا
وامتنانًا(. )2
وعن أيب هري رة رضي اهلل عنه عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم ق ال : إن
((
اللَّه لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه : إن رحمتي سبقت غضبي.
))
- 57 -
ويف رواي ة : لما خلق اللَّه الخلق كتب في كتابه هو يكتب على نفس ه، ((
الوحش
ُ وام ، فبها يتعاطفون ، وبها يتراحمون ، وبها تعطف ِ
والبهائم واله ِّ
على ولدها . ويف رواية : حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن
(( ))
رحم ٍة طب اق ما بين الس ماء واألرض ، فأمسك عن ده تس ًعا وتس عين رحمة
وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة. )2(
))
( . ) 3
-4إن اللَّه تبارك وتعالى بيده الرحمة وحده:
أحدا من خلقه ال يستطيع أن حيجب رمحته أو منعها عن
ومن رمحته : أن ً
(?) رواه البخاري ( ، )7554 ،7553 ،7453 ،7404ومسلم (. )2751 1
- 58 -
َّاس ِم ْن َر ْح َم ٍة فَالَ ُم ْم ِس َ
ك ل ََها َو َما أحباب ه ، ق ال تع اىلَ { : ما َي ْفتَ ِح اللَّهُ لِلن ِ
يُ ْم ِس ْك فَالَ ُم ْر ِس َل لَهُ ِم ْن َب ْع ِد ِه [ } فاطر. ] 2 :
فرمحة اللَّه ال تع ُّز على ط الب يف أي زم ان أو مك ان : وج دها إب راهيم
ب وغي اهب الس جن،
وسط ألس نة الن ار ، ووج دها يوسف يف غي ابت اجلُ ِّ
وأمه ه اجر يف ص حراء ج رداء ال زرع فيها وال م اء،
ووج دها إمساعيل ُّ
اليم وهو طفل ويف قصر
ووج دها ي ونس يف بطن احلوت ، ووج دها موسى يف ِّ
فرعون وهو مرتبص به ، ووجدها أصحاب الكهف حني افتقدوها يف القصور
بني أقوامهم ، ووجدها رسول اللَّه صلى اهلل عليه وسلم وصاحبه يف الغار ومها
مطاردان(. )1
-5اللَّه سبحانه وتعالى أرحم بعباده من األم بولدها:
وذلك ألن رمحة وال ديك بك مهما بلغت فهي ج زء من ج ٍ
زء من املائة ٌ
ج ٍ
زء اليت خلقها اللَّه فكيف برمحته هو الواس عة جل جالله وتقدست أمساؤه،
عن عمر بن اخلط اب رضي اهلل عنه أنه ق ال : ق دم على رس ول اللَّه ص لى اهلل
عليه وسلم بسيب ، فإذا امرأة من السيب تبتغي - ويف رواية البخاري :- تسعى
إذا وج دت ص بيًا يف السيب أخذته فألص قته ببطنها وأرض عته . فق ال لنا رس ول
اهلل ص لى اهلل عليه وس لم : أت رون ه ذه الم رأة طارحة َولَ َدها في الن ار ؟
)) ((
قلنا :ال واللَّه ! وهي تقدر على أن ال تطرحه . فقال رسول اللَّه صلى اهلل عليه
وسلم : اللَّه أرحم بعباده من هذه بولدها. )2(
)) ((
والدي
َّ وقال حماد بن سلمة : ما يسرين أن امري يوم القيامة صار إىل ((
(?) من كتاب (( لهذا أحب ربي )) للدكتور خالد أبو شادي . 1
- 59 -
والدي.
َّ
)) إن ريب أرحم يب من
***
ثانيا : فانظر إلى آثار رحمة اللَّه:
ً
إن آثار وعالمات رمحة اللَّه أظهر من أن تُبني وأكثر من أن حُتْ َ
ص ى ، قال
ِ ِ
وها [ } إب راهيم . ] 34 : ففي كل نعمة
ص َتع اىلَ { : وِإ ْن َت ُع ُّدوا ن ْع َم ةَ اللَّه الَ تُ ْح ُ
رمحة يس تدل عليها كل ذي عقل ص حيح ، ويعرفها كل ذي قلب س ليم ، وال
أمر ال حيتاج إىل دليل . كما قال الشاعر: ٍ ٍ
ينكرها إال كل ظلوم كفار ، وهذا ٌ
النهار إىل ٍ
دليل احتاج ُ
َ إذا صح يف األذهان شىءٌ
وكيف يَ ُّ
وقد اخرتنا بعض هذه اآلثار على سبيل املثال ، فمن ذلك:
-1خلق اإلنسان:
فمن رمحة اللَّه تع اىل أنه خلق اإلنس ان من ع دم وأنش أه وجعل له الس مع
وأي نعمة بعد اصطفاءفأي فضل ُّوالبصر والفؤاد والعقل ، كل هذا من تراب ُّ
اللَِّه لبعض ال رتاب والطني ليجعله إنس انًا يعقل ويش عر وي ؤمن مث يدخله اجلن ة،
فس بحان اللَّه وحبم ده . ق ال تع اىل { : ال َّر ْح َم ُن (َ )1علَّ َم الْ ُق ْرآ َن (َ )2خلَ َق
اِإل نْ َسا َن (َ )3علَّ َمهُ الَْبيَا َن [ } الرمحن. ] 4 - 1 :
-2النبوة والرسالة رحمة:
خمربا عن ن وح عليه
فقد مُسَّيت النب وة وال وحي رمحة كما يف قوله تع اىل ً
ت َعلَى َبِّينَ ٍة ِم ْن َربِّي َوآتَ انِي َر ْح َم ةً ِم ْن ِ
ال يَا َق ْوم ََأر َْأيتُ ْم ِإ ْن ُك ْن ُ
الس الم { : قَ َ
جلي، ِع ْن ِد ِه [ } ه ود . ] 28 : قال ابن كثري : يف هذه اآلية : أي على يقني وأم ٍ
ر
ّ
ونبوةٍ صادقة وهي الرمحة العظيمة من اللَّه به(. )1
- 60 -
النبي صلى اهلل عليه وسلم:
ِّ -3إرسال
ِ ِ
اك ِإالَّ َر ْح َم ةً لل َْع الَم َ
ين [ } األنبي اء . ] 107 : وعن أيب قال تعاىلَ { : و َما َْأر َس لْنَ َ
هري رة رضي اللَّه عنه ق ال : ق ال رس ول اللَّه ص لى اهلل عليه وس لم : إني لم
((
ر : إنما أنا رحمة (( ُأبعث لعانًا وإنما بُعثت رحمة . )1( ويف احلديث اآلخ
))
مهداة. )2(
))
-4نزول القرآن:
اب تِْبيَانًا لِ ُك ِّل َش ْي ٍء َو ُه ًدى َو َر ْح َم ةً ق ال تع اىل { : و َن َّزلْنَا َعلَي َ ِ
ك الْكتَ َ ْ َ
ين [ } النحل. ] 89 : وب ْشرى لِل ِ ِ
ْم ْسلم َ
ُ َُ َ
مسلما:
ً -5أن جعلك
ك َفلَْي ْف َر ُح وا ُه َو َخ ْي ٌر ِم َّما
ض ِل اللَّ ِه َوبَِر ْح َمتِ ِه فَبِ َذلِ َ
ق ال تع اىل { : قُ ْل بَِف ْ
يَ ْج َمعُ و َن [ } ي ونس .] 58 : قال ابن كثري : أي هبذا الذي جائهم من اهلدى ودين
احلق فليفرحوا فإنه أوىل ما يفرحون به(. )3
وهذا هو املوضع الوحيد يف القرآن الذي ُأمر فيه بالفرح.
-6ندائه في الثلث األخير من الليل ليرحم عباده:
عن أيب هري رة رضي اهلل عنه أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ، ق ال:
ثلث الليل
كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ُ
يتنزل ربنا تبارك وتعالى َّ ((
ول : من ي دعوني فأس تجيب ل ه ، من يس ألني فأعطي ه ؟ من
اآلخ ُر يق ُ
،1/35من ح ديث أبي هري رة ،رض ي هللا عن ه ،وص ححه الح اكم على ش رط
الشيخين .
(?) تفسير ابن كثير (. )2/406 3
- 61 -
يستغفرني فأغفر له ؟. )1(
))
باهلل عليك لو أن أمري بل دك ، أو رئيس دولتك بعث إليك أنه س وف ي أيت
إليك ليحقق لك ما تتمىن منه ، أال جيعلك هذا له حُم بًّا وإىل لقائه متشوقًا ؟ هل
كنت تنام وترتكه ؟ أو تنسى موعده ؟ وهل ستكون موقنًا على تنفيذ ما تتمىن
أم ال ؟
نفعا وال ض ًرا فكيف ب رب
ه ذا من بشر ض عيف ال ميلك لك وال لنفسه ً
العاملني جل جالله.
تقر ُبه إلى َخ ْل ِق ِه :
ُّ -7
س بحان اللَّه يتق رب من خلقه وهو غين عنهم ، ويت َّ
ود َد إليهم وهم ال
ضرا ، ولكن نعمة منه وفضالً ورمحة وإحسانًا.
نفعا وال ً
ميلكون له ً
دمع له
وب وت ُ
وتأمل ه ذا احلديث ال ذي تنفطر له القل ُ
وانظر أخي الك رمي َّ
العيو ُن . فعن أيب هريرة قالُ : رمَّب ا ذكر النيب صلى اهلل عليه وسلم قال : قال
((
تقرب
ذراع ا ، وإذا َّ
بت منه ً ب العب ُد منِّي ِش ْب ًرا َّ
تقر ُ اللَّه عز وجل : إذا َت َق َّر َ
(?) صحيح .أخرجه البخاري ( ج . )6321 / 11 1
(?) ص حيح .أخرج ه مس لم ( ج - 1ص الة المس افرين ، )169 -والترم ذي ( ج 3
- 62 -
بوعا. )1(
))
باعا أو ً
ذراعا تقربت منه ً مني ً
يا اللَّه ، يا اللَّهَ ، م ْن يتقرب إىل َمن ؟ َ
وم ْن يُهرول إىل َم ْن ؟ يتقرب اخلالق
إىل املخلوق ويهرول ملك امللوك إىل عبد فقري صعلوك .سبحان اللَّه ما أرمحه
وما أكرمه.
-8ذكره لعباده الصالحين :
وعن أنس ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم : ق ال اللَّه : يا
((
ابن آدم ، إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفس ي ، وإن ذكرتني في مأل
وت م ني
ذكرتك في مأل من المالئك ة ، أو في مأل خ ير منهم ، وإن دن َ
باع ا ، وإن
وت منك ً ذراعا دن ُ
وت م ني ً ذراع ا ، وإن دن َ
دوت منك ً ش ًبراُ ،
أتيتني تمشي ، أتيتك أهرول . قال قتادة : فاللَّه عز وجل أسرع باملغفرة.
))
ت أن ي ذكرك
أخي الكرمي ، هل تص ورت كيف ي ذكرك ربك ؟ هل خَتََّي ْل َ
اللَّهُ بامسك ؟ نعم ي ذكرك أنت بامسك بني مالئكته يف املأل األعلى . من ال ذي
يذكرك ؟ اللَّه . اللَّه . اللَّه الذي يذكرك.
فيا له من عظيم ش ٍ
رف وكبري ق د ٍر ال يعرفه إال من ع رف ربَّه وأحبَّه،
ف انظر إىل واحد من ه ؤالء وهو أيب بن كعب رضي اهلل عنه حني َعلِ َم أن اللَّه
تب ارك وتع اىل قد ذك ره بامسه ، وكيف هطلت عين اه دمع الف رح واحلنني إىل
أرحم الرامحني.
عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
وس لم ُأليب بن كعب : إن اللَّه أم رني أن أق رأ علي ك { : ل ْ
َّ ِ
َم يَ ُك ِن الذ َ
ين ((
(?) أخرج ه البخ اري ( ، )13/7537با ًع ا :مس افة م ا بين الكفين إذا انبس طت 1
- 63 -
َك َفروا ِمن َْأه ِل ال ِ
ْكتَ ِ
اب . } قال : ومسَّاين لك ؟ قال : نعم . فبكى(.)1
)) (( ))
ُ ْ
ق ال حيىي بن مع اذ ال رازي : يا غف ول يا جه ول لو مسعت ص رير األقالم
ملت شوقًا إىل موالك.
وهي تكتب امسك عند ذكرك ملوالك َّ
فليس العجب من قول ه : ف اذكروىن ، ولكن العجب كل العجب من
)) ((
والغىن
ُّ القوى الضعيف،
ُّ العزيز ، إمنا العجب أن يذكر
الذليل َ
ُ الغىن ، أو يذكر
َّ
الذليل.
َ والعزيز
ُ الفقري،
-9صبر اللَّه جالل جالله على األذى من خلقه:
فس بحان اللَّه ما أحلم ه ، وما أكرمه وما أرمحه ، خيلق ويُ ْعبَ ُد غ ريُه،
كر س واه ، خ ريه إىل العب اد ن ازل وش رهم إليه ص اعد من ال ذين وي رزق ويُش ُ
ي دَّعون له الولد يصرب على أذاهم ويبعث إليهم ب أرزاقهم ، عسى أن يص ادف
نفس ا طيبة أو فط رة س ليمة تفيق من
ه ذا الك رم عقالً ذاكيًا أو قلبًا واعيًا أو ً
غفوهتا وترجع عن ض اللتها تع رف رهَّب ا فتعب ده وح ده وحتبه وح ده س بحانه
وتعاىل.
وعن أيب موسى األش عري رضي اللَّه عنه ق ال : ق ال النيب ص لى اهلل عليه
يدعون له الولد ثم يعافيهم وسلم : ما أح ٌد أصبر على أذى سمعه من اللَّه َّ ((
ويرزقهم. )2(
))
(?) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث شعبة به . 1
- 64 -
-10رحمته بالتائبين(: )1
ف إن الت ائبني قد انكس رت قل وهبم لعظمت ه ، وذلَّت جب اهم لعزت ه ، وأت وه
راجني رمحته وخيافون عذابه ، فما عسى أن تكون رمحة اللَّه هبم ؟
فإليك شيء منها:
أوالً :يغفر الذنوب مهما َعظُ َمت:
مسعت رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم
عن أنس رضي اهلل عنه ق الُ :
يق ول : ق ال اللَّه تع الى : يا ابن آدم ، إنك ما دعوت ني ورجوت ني غف ُ
رت ((
لك على ما ك ان منك وال أب الي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عن ان
الس ماء ثم اس تغفرتني غف رت لك وال أب الي ، يا ابن آدم ، إنك لو أتيت ني
)) بق راب األرض خطايا ثم لقيت ني ال تش رك بي ش يًئا ألتيتك بقرابها مغف رة
( . ) 2
ونهارا:
ً ثانيا :ويبسط يده للتائبين ليالً
ً
عن أيب موسى األش عري رضي اللَّه عنه عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم
قال : إن اللَّه تع الى يبسط يده بالليل ل تيوب مسيء النهار ، ويبسط يده ((
(?) انظر شرح االسمين الكريمين (( الغفار ،والغفور . )) كما سيأتي إن شاء هللا . 1
(? ) رواه الترمذي ،وقال :حديث حسن ،عنان السماء :قيل هو السحاب ،وقيل : 2
عن لك منها أي ظهر ،وقراب األرض :هو ما يقارب ِملئها . هو ما َّ
(?) رواه مسلم . 3
- 65 -
اج إىل ٍ
إحسان وبِ ٍّر ولط ف ، ال فرحة حمت ٍ َّ
عد نفسه من األم وات ،وهي فرحة
توبة عبده منتف ٍع هبا.
عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
وسلم : للَّهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في ((
ك ان على راحلته ب أرض فالة ف انفلتت منه وعليها طعامه وش رابه ف أيس
منه ا ، ف أتى ش جرة فاض طجع في ظلها وقد أيس من راحلت ه ، فبينما هو
ك ذلك ؛ إذ هو بها قائمة عن ده بخطامها ثم ق ال من ش دة الف رح : اللهم
أنت عب دي وأنا رب ك ، أخطأ من ش دة الف رح . )2( ففي ه ذا احلديث دليل
))
على فرح اللَّه عز وجل بالتوبة من عبده إذا تاب إليه ، وأنه حيب ذلك سبحانه
وتع اىل حمبة عظيم ة ، ولكن ال ألجل حاجته إىل أعمالنا وتوبتن ا ، فاهلل غين
عنا ، ولكن حملبته سبحانه للك رم فإنه حيب أن يغفر وأن يغفر أحب إليه من أن
ينتقم ويؤاخذ ، وهلذا يفرح بتوبة اإلنسان(. )3
رابعا :ويبدل السيئات حسنات:
ً
ِّل اللَّهُ ص الِ ًحا فَُأولَِئ َ
ك ُيبَ د ُ آم َن َو َع ِم َل َع َماًل َ ق ال تع اىلِ { : إالَّ َم ْن تَ َ
اب َو َ
ِ سيَِّئاتِ ِهم ح ٍ
يما [ } الفرقان. ] 70 : سنَات َو َكا َن اللَّهُ غَ ُف ً
ورا َرح ً َ ْ ََ
وقال احلسن البص ري : أب دهلم اللَّه العمل السيء العمل الصاحل ، وأب دهلم
(?) متفق عليه . 1
(?) شرح كتاب (( رياض الصالحين ، )90 ،1/89( )) باب التوبة ،ش رح العالّم ة 3
- 66 -
إسالما(. )1
إخالصا ، وأبدهلم بالفجور إحصانًا ، وبأدهلم بالكفر ً
ً بالشرك
صالتُه جل جالله على المؤمنين:
َ -11
قال تع اىلُ { : ه و الَّ ِذي يص لِّي َعلَْي ُكم ومالَِئ َكتُ هُ لِي ْخ ِرج ُكم ِمن الظُّلُم ِ
ات َ ُ َ ْ َ ْ ََ َُ َ
يما [ } األح زاب . ] 43 : قال ابن كثري : والصالة من ِإلَى النُّو ِر و َكا َن بِالْمْؤ ِمنِ ِ
ين َرح ً ُ َ َ
اللَّه ثن اؤه على العبد عند املالئك ة . حك اه البخ اري عن أيب العالي ة ... وق ال
غ ريه : الص الة من اللَّه عز وجل الرمحة ، وقد يق ال : ال مناف اة بني الق ولني.
واللَّه أعلم(. )2
-12مضاعفة الحسنات واألجور:
فمن رمحته سبحانه مضاعفة احلسنات إىل ضعاف كثرية ، فعن أيب هريرة
رضي اهلل عنه ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم : كل عمل ابن
((
آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف . )3( ومن األعمال
))
ما ينميها اللَّه حىت جيعلها كاجلب ل . فعن أيب هري رة رضي اللَّه عنه ق ال : ق ال
رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم : من تص دق بع دل تم رة من كسب ٍ
طيب ((
وال يقبل اللَّه إال الطيب ، ف إن اللَّه يتقبلها بيمينه ثم يربيها لص احبها كما
يربي أحدكم َفلُ َّوه حتى تكون مثل الجبل. )4(
))
(?) صحيح :أخرجه مسلم ( ج - 2صيام ، )159 /وبنحوه النس ائي ( ج - 4ص 3
- 67 -
فقد ق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : القل وب بين أص بعين من أص ابع
((
-1ف إذا ش اء اللَّهُ لعبد اهلدى ش رح قلبه لإلس الم . ق ال تع اىل { : فَ َم ْن
ِ ِ
يُ ِرد اللَّهُ َأ ْن َي ْهديَهُ يَ ْش َر ْح َ
ص ْد َرهُ لِإل ْسالَِم [ } األنعام. ] 125 :
ب إليه اإلميان وزينه يف قلبه فع اش باإلميان
-2وإذا أراد بعبد رش ًادا حبَّ َ
ب ِإل َْي ُك ُم ِ
عيدا وعن الكفر والعص يان بعي ًدا . ق ال تع اىلَ { : ولَك َّن اللَّهَ َحبَّ َ س ً
ِ
ك ُه ُم س و َق َوال ِْع ْ
ص يَا َن ُأولَِئ َ ِإ ِ
اِإل َ
يم ا َن َو َز َّينَ هُ في ُقلُ وب ُك ْم َو َك َّر َه ل َْي ُك ُم الْ ُك ْف َر َوالْ ُف ُ
ضاًل ِم َن اللَّ ِه َونِ ْع َمةً [ } احلجرات. ] 8 ،7 : اش ُدو َن ( )7فَ ْ الر ِ
َّ
-3ويُس عد املؤم نني حببهم له ولرس وله وحب املؤم نني يف اللَّه فيش عر
حبالوة اإلميان ولذة القرب من الرمحن جل جالله . عن أنس رضي اهلل عنه عن
النيب ص لى اهلل عليه وس لم ق ال : ثالث من كن فيه وجد حالوة اإليم ان: ((
أن يك ون اللَّهُ ورس وله أحب إليه مما س واهما ، وأن يحب الم رء ال يحبه
إال هلل ، وأن يك ره أن يع ود في الكفر بعد أن أنق ذه اهلل منه كما يك ره أن
يقذف في النار. )2(
))
أنس رضي هللا عنه .وانظر صحيح ابن ماجه (. )3092
(?) متفق عليه . 2
- 68 -
-14الجنة من رحمة اللَّه عز وجل:
عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال : قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:
ت ب المتكبرين والمتج برين، اجت الجنة والن ار ، فق الت الن ارُ : أوثِ ْر ُ
تح َّ ((
وق الت الجن ة : ما لي ال ي دخلني إال ض عفاءُ الن اس وس قطُهم ، ق ال اللَّه
أنت رحم تي أرحم بك من أش اء من عب ادي ، وق ال تب ارك وتع الى للجن ةِ :
ب بك من أشاء من عبادي. )1( عذاب ِّ للنار : إنما ِ
))
أعذ ُ ٌ أنت
-15دخول الجنة برحمة اللَّه عز وجل:
ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم : ال ي دخل أح ًدا الجنة عمله.
)) ((
قالوا : وال أنت يا رسول اهلل ؟ قال : وال أنا ، إال أن يتغمدني اللَّه بمغفرة
((
(?) أخرجه البخاري ( ، )6467 ،6463ومسلم ( ، )2818 ،2816من حديث أبي 2
- 69 -
عن أيب بكر الص ديق رضي اهلل عنه عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم ق ال يف
ح ديث الش فاعة الطوي ل : ثم يق ال : ادع وا الص ديقين فيش فعون ، ثم
((
بي ومعه ِ
العص ابة ، والن بي ومعه يق ال : ادع وا األنبي اء ، ق ال : فيجيء الن ُّ
الخمس ةُ والس تة ، والن بي وليس معه أح د ، ثم يق ال : ادع وا الش هداء
فيشفعون لمن أرادوا ، وقال : فإذا فعلت الشهداء ذلك . قال : يقول اهلل
عز وج ل : أنا أرحم ال راحمينَ ، أ ْد ِخلُ وا َجنَّتِي من ك ان ال يُ ْش ِرك بي
شيًئا . قال : فيدخلون الجنة. )1( ...
)) (( ))
ويف ح ديث آخ ر : فيق ول : وع زتي وجاللي وكبري ائي وعظم تي((
ويف رواية : أن اللَّه تبارك وتعاىل يقول للرسل : اذهبوا ، أو انطلقوا،
((
))
ٍ
خردل من إيمان فأخرجوه . مث يقول فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة من
اللَّه عز وج ل : أنا اآلن ُأ ْخ رِج بعلمي ورحم تي . فيُخ رج أض َ
عاف ما )) ((
أخرجوا وأضعافه فيكتب يف رقاهبم عتقاء اللَّه عز وجل ، مث يدخلون اجلنة(. )3
-17رحمته بالنمل ، سبحان اللَّه وبحمده:
عن أيب هريرة رضي اللَّه عنه قال : مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
فُأحرقت ، فأوحى اللَّه
ت منل ةُ نبيًا من األنبياء ، فأمر بقرية النمل ْص ْ يقولَ : قَر َ
ص ْتك نملة أحرقت أمةً من األمم تُسبح اللَّه . )4( ويف رواي ة:
))
إليه : أ ْن َق َر َ
((
(?) صحيح :أخرجه أحمد ( ج ، )1/15وابن حبان ( -589موارد ) ،وأبو عوانة 1
( ج 1ص . )175
(?) أخرجه البخاي ( ، )13/7510ومسلم ( ج - 1إيمان . )326 2
(?) رواه البخ اري ( ( )6/154رقم الح ديث ، )3019ومس لم ( ج - 4الس الم - 4
- 70 -
فأوحى اللَّه إليه : فهال نملةً واحد ًة. )5(
)) ((
فس بحان من مل متنعه عظمته وكربيائه من رمحة الض عيف الص غري من خلقه
حىت يعاتب نبيًا له من أجل ٍ
منل ، ال حول له وال قوة إال بربه.
ثالثًا :ليس كمثله شيء في رحمته:
وذلك من عدة أوجه :
أوالً : رمحة اخللق خملوقة فتوجد بوج ودهم وتفىن بفن ائهم ، أما رمحة اللَّه
عز وجل فإهنا ص فة ذاتية له ال تفىن وال تبي د ، ق ال تع اىلُ { : ك ُّل َم ْن َعلَْي َها
ْجالَ ِل َواِإل ْك َر ِام [ } الرمحن. ] 27 ،26 : فَ ٍ
ك ذُو ال َ
ان (َ )26و َي ْب َقى َو ْجهُ َربِّ َ
ثانيً ا : رمحة اخللق قليلة حمدودة ، أما رمحة اللَّه فقد وس عت كل ش يء،
حال دون آخر ، فريمحون القريب فكل يرحم بقدر قدرته ، فالناس يرمحون يف ٍ
ٌ
دون الغ ريب ، ويرمحون احلبيب دون الع دو ، أما رمحة اللَّه عز وجل فقد
ت ُك َّل َش ْي ٍء[ } األعراف.] 156 :
مجيعا ، قال تعاىلَ { : و َر ْح َمتِي َو ِس َع ْ
عمت اخللق ً
َّ
ثالثً ا : رمحة الن اس ختتلط باللهفة والض عف ملن ي رحم ، ف األم إذا م رض
ول ُدها حتزن ، وإذا غ اب عنها تقلق وإذا م ات هلعت ، وذلك من حبها له
ورمحتها علي ه ، وقد بكى النيب ص لى اهلل عليه وس لم عند م وت ابنه إب راهيم،
وحزن عليه ، وذلك من رمحته به صلى اهلل عليه وسلم.
عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم دخل
على ابنه إب راهيم رضي اهلل عنه وهو جيود بنفس ه ، فجعلت عينا رس ول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم تذرفان ، فقال له عبد الرمحن بن عوف : وأنت يا رسول
، )148وغيرهما .
(?) صحيح .أخرجه البخاري ( ج ، )6/3319ومسلم ( ج - 4السالم . )150 - 5
- 71 -
اهلل ؟ فق ال : يا ابن ع وف ، إنها رحمة . مث أتبعها ب أخرى ، فق ال : إن
(( )) ((
العين تدمع ، والقلب يحزن ، وال نقول إال ما يرضي ربن ا ، وإنا لفراقك يا
إبراهيم لمحزونون. )1( ))
ولكن اللَّه جل جالله ال حيزن وال يتأمل وال يبكي وال يقلق ، وال يتلهف،
وهك ذا ما هلذه الص فات من نقص وض عف ال خيفى على كل عاقل أن ه ذا ال
يليق باللَّه س بحانه وحبم ده . إمنا ي رحم من ق وة ، ويعفو من ق درة ، ويغفر يف
عزة وال يُسأل عما يفعل وهم يسألون.
َّ
رابعا :ال تقنطوا من رحمة اللَّه:
ً
َأس َرفُوا َعلَى َأْن ُف ِس ِه ْم الَ َت ْقنَطُ وا ِم ْن
ين ْ
ق ال تع اىل { : قُ ل يا ِعب ِاد َّ ِ
ي الذ َ َْ َ َ
الذنُوب ج ِميعا ِإنَّه هو الْغَ ُفور َّ ِ ِ ِ ِ
يم [ } الزمر . ] 53 : قال الرح ُ ُ َر ْح َمة اللَّه ِإ َّن اللَّهَ َي ْغف ُر ُّ َ َ ً ُ ُ َ
النيب ص لى اهلل عليه وس لم : لو يعلم الم ؤمن ما عند اللَّه من العقوبة ما
((
طمع بجنته أحد ، ولو يعلم الكافر ما عند اللَّه من الرحمة ما قنط من جنته
أحد. )2(
))
ول ذا ف إن القن وط من رمحة اللَّه من عالم ات الكفر والض الل ، وما يقنط
من رمحة اللَّه عز وجل إال رج ٌل من اث نني :ض ال ،أو ك افر ،ق ال تع اىل:
ط ِم ْن َر ْح َم ِة َربِِّه ِإالَّ الضَّالُّو َن [ } احلجرات. ] 56 :
{َ و َم ْن َي ْقنَ ُ
وقد نصح يعقوب عليه السالم بنيه بأال ييأسوا من روح اللَّه ً
أبدا ، وذلك
س ِم ْن َر ْو ِح اللَّ ِه ِإالَّ الْ َق ْو ُم َّ ِ ِإ ِ
سوا م ْن َر ْو ِح الله نَّهُ الَ َي ْيَئ ُ
يف قوله تعاىلَ { : والَ َت ْيَئ ُ
الْ َكافِ ُرو َن [ } يوسف. ] 87 :
(?) رواه مسلم ( )4/2755عن العالء عن أبيه عن أبي هريرة . 2
- 72 -
عن جن دب أن رس ول اللَّه ص لى اهلل عليه وس لم ق ال : أن رجالً ق ال:
((
واللَّه ال يغفر اللَّهُ لفالن ، وإن اللَّه تع الى قال : من ذا ال ذي يت ألى َّ
علي أن
وأحبطت عملك. )1(
))
ُ غفرت لفالن
ُ ال أغفر لفالن ، فإني قد
وعن أيب هري رة رضي اللَّه عنه وقد ق ال لضمضم بن ج وس اليم امي : يا
ولن لرج ل : واللَّه ال يغفر اللَّه ل ك ، أو ال ي دخلك اهلل اجلنة أب ًدا.
ميامي ال تق َّ
فق ال ل ه : يا أبا هري رة ، إن ه ذه الكلم ة ، يقوهلا أح دنا ألخيه وص احبه ، إذا
غض ب ، ق ال أبو هري رة : فال تقله ا ، ف إين مسعت النيب ص لى اهلل عليه وس لم
يقول : كان في بني إسرائيل رجالن ؛ كان أحدهما مجته ًدا في العبادة، ((
وك ان اآلخر مس رفًا على نفس ه ، فكانا مت آخين ، فك ان المجتهد ال ي زال
ي رى اآلخر على ذنب ، فيق ول : يا ه ذا أقص ر ، فيق ول : خلَّني وربي،
يوما على ذنب استعظمه ، فقال له: علي رقيبًا ؟ قال : إلى أن رآه ً
أبعثت َّ
علي رقيبً ا ؟ ق ال : فق ال : واللَّه
ويحك أقص ر ، ق ال : خلَّني وربِّي ابعثت َّ
ال يغفر اللَّهُ ل ك ، أو ال ي دخلك اللَّه الجنة أب ًدا ، ق ال أح دهما : ق ال:
فبعث اللَّه إليهما َملَ ًكا فقبض أرواحهما واجتمعا عن ده ، فق ال للم ذنب:
عالم ا ؟ أكنت
اذهب فادخل الجنة برحم تي ، وق ال لآلخ ر : أكنت بي ً
على ما في ي دي خازنً ا ؟ اذهب وا به إلى الن ار . ق ال : فوال ذي نفس أبي
القاسم بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته. )2(
))
- 73 -
أنفسهم منها بذنوهبم ، وسنذكر فيما يلي جانبًا منهم:
أوالً : من ال َيرحم ال ُيرحم:
ول اللَّه ص لى اهلل عليه وس لم
عن أيب هري رة رضي اهلل عنه ق ال : قبَّ َل رس ُ
جالس ا ، فق ال األق رع : إن
علي وعن ده األق رع بن ح ابس التميمي ً
احلسن بن ٍّ
لت منهم أح ًدا . فنظر إليه رس ول اهلل ص لى اهلل عليه يل عش رة من الولد ما قبَّ ُ
وس لم مث ق ال : من ال َي ْر َح ُم ، ال ُي ْر َحم ، )1( ومِلَ ي رحم اللَّه من مل ي رحم
)) ((
عباده الذين خلقهم بيده ونفخ فيهم من روحه ؟ وقد قال النيب صلى اهلل عليه
وسلم : ال يرحم اللَّه من ال يرحم الناس. )2(
)) ((
منك على ه ذا الغالم . فقلت : ال أض رب مملو ًكا بع ده أب ًدا . ويف رواي ة:
))
- 74 -
ثالثًا : تعذيب الحيوانات:
فقد ح َّرم اللَّه تع ذيب احلي وان واحلش رات ، ويع اقب من فعل ذلك ؛ فعن
ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ق ال : عُ ِّذبت
((
باللَّه ش يًئا إال رجالً ك انت بينه وبين أخيه ش حناء ، فيق الِ :
أنظ ُروا َه َذيْ ِن
حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا. )2(
))
الهدى:
الثانية : ضياع ُ
عن ابن عب اس رضي اهلل عنهما ق ال : ملا ح ِ
ض َر رس ول اهلل ص لى اهلل عليه ُ
وس لم ويف ال بيت رج ال فيهم عم ُر بن اخلط اب ، ق ال النيب ص لى اهلل عليه
لم أكتب لكم كتابًا ال تضلوا بعده . فقال عمر : إن النيب صلى
)) وسلمَ : ه َّ
((
كتاب اللَّه.
ُ حس ُبنَا
اهلل عليه وس لم قد غلب عليه الوج ع ، وعن دكم الق رآنْ ،
فاختلف أهل البيت فاختصموا . منهم من يقولِّ : قربُوا يكتب لكم النيب صلى
اهلل عليه وس لم كتابًا لن تض لوا بع ده . ومنهم من يق ول ما ق ال عم ر . فلما
(?) رواه مسلم ،والشحناء :هي العداوة ،وا ْن ِظروا ،أي ِّ :
أخرُوا . 2
- 75 -
أك ثروا اللغو واالختالف عند النيب ص لى اهلل عليه وس لم ق ال رس ول اهلل ص لى
الرزية ما حال
اهلل عليه وسلم : قوموا عنِّى . وكان ابن عباس يقول : إن َّ )) ((
بين رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم وبين أن يكتب لهم ذلك الكت اب من
اختالفهم ولغطهم(. )1
الثالثة : إخفاء ليلة القدر عن المسلمين:
عن عب ادة بن الص امت ق ال : خ رج رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم
ليخربنا بليلة الق در ، فتالحى رجالن من املس لمني ، فق ال : خ رجت
((
- 76 -
-3تقوى اللَّه تبارك وتعالى:
وسعت كل شيء ومشلت الرب والفاجر ، واملسلم ْ فإن كانت رمحة اللَّه قد
والك افر ، فما من أحد إال وهو يتقلب يف رمحة اللَّه آن اء الليل وأط راف النه ار
وه ذا يف ال دنيا وتلك هي الرمحة العام ة ، أما الرمحة اخلاصة ب دخول اجلنة يف
اآلخرة فهي للمؤمنني واملتقني وحدهم . قال تعاىلَ { : و َر ْح َمتِي َو ِس َع ْ
ت ُك َّل
ين ُه ْم بِآيَاتِنَا ُيْؤ ِمنُ و َن} َّ ِ ِِ ٍ
الز َك ا َة َوالذ َ س َأ ْكتُُب َها للَّذ َ
ين َيَّت ُق و َن َو ُيْؤ تُ و َن َّ
َش ْيء فَ َ
[ األعراف. ] 156 :
-4صلة الرحم:
عن عبد الرمحن بن عوف رضي اهلل عنه قال : مسعت رسول اهلل صلى اهلل
خلقت ال َّر ِح َم
ُ عليه وس لم يق ول : ق ال اللَّه : أنا اللَّه ، وأنا ال رحمن، ((
- 77 -
أصل من وص لك ، وأقطع من قطع ك ؟ ق الت : بلى يا رب ، ق ال:
س ْيتُ ْم ِإ ْن َت َولَّْيتُ ْم َأ ْن
ف ذاك . ق ال أبو هري رة : اق رؤا إن ش ئتمَ { : ف َه ْل َع َ ))
زال ب ذلك ، فيق ول اللَّهُ ع َّز وج َّل لجبري ل : إن فالنًا عب دي
اللَّه ، وال ي ُ
يلتمس أن يرض يني ، أال وإن رحم تي علي ه ، فيق ول جبري ل : رحمة اللَّه
على فالن ، ويقولها حملة الع رش ، ويقولها من ح ولهم ح تى يقولها أهل
ط له إلى األرض. )2( ))
ِ
السماوات السب ِع ، ثم تَهبِ ُ
-6الصبر على االبتالء:
الصابِ ِرين ( )155الَّ ِذين ِإ َذا َأصاب ْت ُهم م ِ
ص يبَةٌ قَ الُوا ِإنَّا ََ ْ ُ َ ش ِر َّ َ قال تعاىلَ { : وبَ ِّ
كات ِم ْن َربِّ ِه ْم َو َر ْح َم ةٌ َوُأولَِئ َ
ص لَ َو ٌ اجعُ و َن (ُ )156أولَِئ َ
ك َعلَْي ِه ْم َ
لِلَّ ِه وِإنَّا ِإل َْي ِه ر ِ
َ َ
ُه ُم ال ُْم ْهتَ ُدو َن [ } البقرة. ] 157 -155 :
ص لَ َو ٌ ِ ِ ق ال ابن كث ريُ { : أولَِئ َ
ك َعلَْي ِه ْم َ
ات م ْن َربِّه ْم َو َر ْح َم ةٌ } أي : ثن اءً
عليهم ، وقال سعيد بن جبري : أي َأمنَة من العذاب(. )3
ومن رحمة اللَّه بمن اس ترجع عند المص يبة أنه يخلف له خ ًيرا منه ا.
عن أم سلمة رضي اهلل عنها أهنا قالت : مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
(?) صحيح .أخرجه البخاري ( ج ، )4830 / 8ومس لم ( ج -4ال بر والص لة - 1
)16وغيرهما .
(?) صحيح .أخرجه أحمد (. )5/279 2
- 78 -
عبد تصيبه مصيبة فيق ول : إنا هلل وإنا إليه راجع ون ، اللهم يق ول :ما من ٍ ((
من أسامة بن زيد رضي اهلل عنها أن صبيًا قد ُرفع يف حجر النيب صلى اهلل
عليه وس لم ونفسه تقعقع ففاضت عينا النيب ص لى اهلل عليه وس لم ، فق ال له
سعد : ما هذا يا رسول اللَّه ؟ قال : هذه رحمةٌ وضعها اللَّهُ في قلوب من
((
من رحم ُرحم ومن تج اوز تج اوز اللَّهُ عنه واجلزاء من جنس
)) ((
العمل.
فعن أيب مس عود األنص اري رضي اهلل عنه ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل
الصحيحة (.)480
(?) أخرجه البخاري ( ، )7448 ،7377 ،6655( )6602 ،5655 ،1284ومسلم 3
- 79 -
عليه وس لم : ح ِ
وس ب رج ٌل ممن ك ان قبلكم ، فلم يوجد له من الخ ير ُ ((
قد يعجب املرءُ من رمحة اللَّه بعب ٍد جتاوز عن فقري فيك افؤه بالنج اة من
الن ار واخلل ود يف اجلن ة ، ولكنه يك ون أك ثر عجبًا حني ي رحم اللَّهُ ام رأة من
البغايا ويغفر هلا من أجل ش ربة م اء س قتها لكلب ، فما أرحم اللَّه ، وما
أكرمه ، وما أعظمه.
فعن أيب هري رة رضي اهلل عنه ق ال : ق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم:
العطش إذ رأته بَ ِغ ُّي من بغايا ب ني
ُ ف بَركِيَّ ٍة قد ك اد يقتله
بينما كلب يُطَيِّ ُ((
أنفعهم للن اس ، وأحب األعم ال إلى اللَّه ع َّز وج َّل س رور يدخله على
جوع ا ، وألن
المسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه دينًا أو يطرد عنه ً
إلي من أن اعتكف في ه ذا المس جد
أمشي مع أخي في حاجة أحب َّ
(?) صحيح .أخرجه مسلم (ج - 3المساقاة ، )30 -والبخاري في األدب المفرد ( 1
- 80 -
هرا ، ومن ك َّ
ف غض به س تر اهلل عورت ه ، ومن كظم غيظه ولو ش اء أن ش ً
اء ي وم القيام ة ، ومن مشى مع أخيه في
يمض يه أمض اه ، مأل اهلل قلبه رج ً
حاجة ح تى تُهيأ له أثبت اللَّه قدمه ي وم ت زول األق دام ، وإن س وء الخلق
يفسد العمل كما يفسد الخل العسل. )1(
))
وعن ابن عمر رضي اهلل عنهما أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ق ال:
المس لم أخو المس لم ، ال يظلمه وال يس لمه ، من ك ان في حاجة أخيه ((
النيب ص لى اهلل عليه وس لم : يد اهلل مع الجماعة . ويقصد باجلماع ة : أي
)) ((
مجاعة املس لمني والرفقة الص احلة ف إن ل زومهم كله خ ري ، ف إهنم ي ذكرونك إن
ت . فعن عمر بن اخلطاب ِ
ك إن ُأصْب َ
واسونَ َ
ت ، ويُ ُ
غفلت ، ويعلمونك إن َجه ْل َ
رضي اهلل عنه ق ال : عليك ب إخوان الص دق تعش يف أكن افهم ف إهنم زينة يف
الرخ اء ، وعُ َّدةٌ يف البالء ، وال تص احب إال األمني وال أمني إال من خشي اهلل
عز وجل ، وال تصاحب الفاجر فتتعلم من فجوره.
سابعا :دعاء اللَّه باسميه الرحمن ، الرحيم:
)) ((
ً
- 81 -
-1دعاء الثناء والحمد:
عن أيب هريرة رضي اهلل عنه عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم أنه قال : قال
اللَّه تعاىل : قسمت الصالة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل، ((
ف إذا ق ال العب د : الحمد هلل رب الع المين ، ق ال اللَّه تع الى : حم دني
عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم . قال اللَّه : أثنى َّ
علي عبدى. )1( ...
))
(?) رواه الترمذي ،وابن ماجه من حديث أبي صالح الخوزي . 2
- 82 -
يب ص لى اهلل عليه وس لم لفاطم ة : ما
((
وعن أنس بن مالك ق ال : ق ال الن ُّ
يمنعك أن تَسمعي ما ُأوصيك به ! أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت : يا
وم برحمتك أس تغيث ، أص لح لي ش أني كلَّه ، وال تكل ني إلى
حي يا قي ُ
ُّ
نفسي طرفة عين. )4(
))
وبنَا َب ْع َد ِإ ْذ ومن دع اء املؤم نني ما ج اء يف قوله تع اىلَ { : ر َّبنَا الَ تُ ِز ْ
غ ُقلُ َ
َّاب [ } آل عم ران . ] 8 : وكان من ك َأنْ َ
ت ال َْوه ُ ب لَنَا ِم ْن لَ ُدنْ َ
ك َر ْح َم ةً ِإنَّ َ َه َد ْيَتنَا َو َه ْ
دع اء أص حاب الكهف ملا هج روا ق ومهم خوفًا منهم وهربًا من طغي اهنم
َّ
وظلمهم فلم جيدوا مال ًذا إال رمحة اللَّه تع اىل ، ق ال اللَّه عز وج لْ { : ذ ََأوى
ِإ
ك َر ْح َم ةً َو َهيِّْئ لَنَا ِم ْن َْأم ِرنَا َر َش ًدا}
ف َف َق الُوا َر َّبنَا آتِنَا ِم ْن لَ ُدنْ َ
ال ِْف ْتي ةُ ِإلَى الْ َك ْه ِ
َ
[ الكهف. ] 10 :
ين. } ت َخ ْير َّ ِ ِ { وقُل ر ِّ ِ
الراحم َ ب ا ْغف ْر َو ْار َح ْم َوَأنْ َ ُ َ َْ
**
ك : هو التص رف ب األمر والنهي يف اجلمه ور ، وذلك خيتص بسياسة امل ْل ُ
ُ
الناطقني ، وهلذا يقال : ملِك الناس ، وال يقال : ملِ
ك األشياء.
َ ُ َ ُ
(?) إسناده حسن ،أخرجه النسائي في (( عمل اليوم والليلة ، )570( )) وابن الس ني 4
في (( عم ل الي وم والليل ة ، )48( )) وال بزار ( (( )3107زوائ د ، )) والح اكم (
، )1/545وال بيهقي في (( األس ماء( )) ص )112من ط رق عن زي د بن الحب اب
حدثني عثمان بن موهب الهاشمي ق ال :س معت أنس بن مال ك يق ول ف ذكره .ق ال
الحاكم :صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي .
- 83 -
و امل ْلك ، و امللِك ، و املليك ، و املالك : ذو امللك.
)) (( )) (( )) (( )) ((
- 84 -
النيب صلى اهلل عليه وسلم قال : ال مالك إال اللَّه. )1(
)) ((
عنه أن َّ
المعنى في حق اللَّه عز وجل:
ق ال الزج اج : وق ال أص حاب املع اين : املل ك ، النافذ األمر يف ملكه إذ
أعم من املالك ، واللَّه
ليس كل مالك ينفذ أمره أو تصرفه فيما ميلكه ، فامللك ُّ
تع اىل مالك املالِكني كلِّهم ، وإمنا اس تفادوا التص رف يف أمالكهم من جهته
تعاىل(. )2
ق ال اخلط ايب : املل ك : هو الت ام امللك اجلامع ألص ناف اململوك ات ، فأما
املالك : فهو خاص امللك(. )3
وق ال الليث : امللك هو اللَّه - تع اىل وتق دس - ملك املل وك له امللك
وهو مالك يوم الدين(. )4
وقال ابن جرير : امللك الذي ال ملك فوقه وال شيء إال حتت سلطانه(.)5
أي: [ الحش ر] 23 : وقال ابن كثيرُ { : ه َو اللَّهُ الَّ ِذي الَ ِإلَهَ ِإالَّ ُه َو ال َْملِ ُ
ك}
املالك جلميع األشياء املتصرف فيها بال ممانعة وال مدافعة(. )6
ق ال ابن القيم رحمه اللَّه : امللك احلق هو ال ذي يك ون له األمر والنهي
فيتصرف يف خلقه بقوله وأمره ، وهذا هو الفرق بني امللك واملالك ؛ إذ املالك
َّ
هو املتص ِّرف بفعل ه ، وامللك هو املتص ِّرف بفعله وأم ره ، وال رب تع اىل مالك
- 85 -
املتصرف بفعله وأمره(. )1
امللك فهو ِّ
من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين
-1ال ملك إال اهلل:
عن أيب هري رة رضي اهلل عنه عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم أنه ق ال : ال
((
. )2/4257
- 86 -
ذلك:
-1في خلق السماوات واألرض:
ض اْئتِيَا
َألر ِِ عن ابن ..... رضي اهلل عنهما يف قوله تع اىلَ { : ف َق َ
ال ل ََها َول ْ
ين [ } فص لت . ] 11 : ق ال للس ماء : أخ رجي ِئِ
((
طَ ْو ًعا َْأو َك ْر ًها قَالَتَا َأَت ْينَا طَ ا ع َ
أهنارك وأخ رجي
شمسك وقم رك ونجومك ، وق ال لألرض : ش قِّقي َ
(( ))
(?) أخرجه الحاكم (ج 1ص )27وقال (( :تفسير الصحابي عند الشيخين مسند. )) 1
- 87 -
اها نَ َك ااًل لِ َما َب ْي َن يَ َد ْي َها َو َما َخ ْل َف َها َو َم ْو ِعظَ ةً
ين ( )65فَ َج َعلْنَ َ ِ ِئ ِ
ُكونُ وا ق َر َدةً َخاس َ
ين [ } البقرة. ] 66 ،65 : لِل ِ
ْمتَّق َ
ُ
ين} ِ ِئ ِ
وقال تعاىلَ { : فلَ َّما َعَت ْوا َع َّما ُن ُه وا َع ْن هُ ُقلْنَا ل َُه ْم ُكونُوا ق َر َد ًة َخاس َ
[ األعراف. ] 166 :
س بحان املل ك ، بكلمة منه أص بحوا ق ردة ، ف إن األجس اد ملك هلل فهو
خالقها ومدبرها ورازقها وملكها وهي تدين له بالوالء والطاعة كبقية خملوقات
اهلل ، فعندما قال هلم : كونوا قردة استقبلت أجسامهم األمر فأصبحت أجسام
ق ردة واس تقبلت أي ديهم وأرجلهم األمر فأص بحت أي دي وأرجل ق ردة ، بل
وقلوهبم أصبحت قلوب قردة ، كما قال جماهد.
سبحان اهلل ، أجسامهم بين أيديهم وقلوبهم في أجوافهم وال يملكون
منها مثق ال ذرة ويملكها اهلل عز وجل من ف وق س بع س موات بكلمة
وت ُك ِّل َش ْي ٍء َوِإل َْي ِه ُت ْر َجعُو َن. }
س ْب َحا َن الَّ ِذي بِيَ ِد ِه َملَ ُك ُ
واحدة { ، فَ ُ
ُ -3ذ َّل الملوك بين يدي ملك الملوك جل جالله وتقدست أسماؤه:
ف إن مل وك األرض قد أختص وا يف ال دنيا ب العزة واملنعة والس لطان والق وة
وهذه نعمة من اهلل عليهم فمن ش كرها فقد فاز ومن كفر تلك النعمة ومل ي ؤد
ش كر ه ذه اخلصوص ية اختصه اهلل بع ٍ
ذاب من عن ده ، واجلزاء من اجلنس
العمل ، فمن ذلك.
ق أبواب السماء دون حاجتهم:
َ -1غ ْل ُ
فإن اللَّه عز وجل قد مجع هلم أسباب احلكم والعطاء وجعل بيدهم خزائن
األرض فمن حجبها عن الض عفاء واملس اكني حجب اهلل عنه ما ينفعه وعطل
عليه حاجته.
- 88 -
فقد قال النيب صلى اهلل عليه وسلم : ما من إمام أو ٍ
وال يغل ُق بابه دون ((
ذوي الحاجة والخل ة ، والمس كنة ، إال أغلق اهلل أب واب الس ماء دون
خلته ، وحاجته ومسكنته. )1(
))
وق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : ثالثة ال يكلمهم اهلل ي وم القيام ة،
((
زان ، وملكوال ي زكيهم ، وال ينظر إليهم ، ولهم ع ذاب أليم : ش يخ ٍ
َّ
كذاب ، وعائل مستكبر. )3(
))
األزدي وص ححه األلب اني في (( ص حيح الج امع )) رقم ( ، )6471و(( الص حيحة))
- 89 -
قال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : ما من رجل يلي أمر عش رة فما ف وق
((
- 90 -
مفرا من النار . فقد قال النيب
إال إىل اهلل ، ولذلك فإن الظامل من امللوك لن جيد ًّ
شها فهو في النار. )1(
)) راع استرعى َر ِعيَّة َفغَ َّ
صلى اهلل عليه وسلم : أيما ٍ ((
وق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : أشد الن اس ي وم القيامة ع ذابًا إم ام
((
جائر. )2(
))
ِِ
وعن حذيفة رضي اللَّه عن ه : ي ؤتى ب الوالة ي وم القيامة ع ادل ْ
هم ((
وج اِئ ِر ِه ْم ، ح تى يقف وا على جسر جهنم ، فيق ول اللَّه عز وج ل : فيكم
ائر في حكم هُ ، م ٍ
رتش في قض ائه ، ممي ٌل َس ْم َعه أح َد طلب تي ، فال يبقى ج ٌ
الخص مين إال ه وى في الن ار س بعين خري ًف ا ، وي ؤتى بالرجل ال ذي ض رب
ف وق الحد فيق ول اللَّه : لم ض ربت ف وق ما أمرت ك ؟ فيق ول : يا رب،
وي ْؤ تى
غضبت لك . فيقول : أكان لغضبك أن يكون أشد من غضبي ؟! ُ
قص َر فيقول : عبدي لِ َم قصرت ؟ فيقول : رحمته ، فيقول : أكان
بالذي َّ
لرحمتك أن تكون َّ
أشد من رحمتي ؟!. )3( ))
في (( الحلية )) عن أبي سعيد وحسنه األلباني في (( صحيح الجامع )) رقم (. )1012
(?) حسن لغيره .أخرجه أبو يعلى كما في كنز العمال (ج. )6/14769 3
- 91 -
النقى ، ليس
يُ ْح َش ُر الن اس ي وم القيامة على أرض بيض اء عف راء كقرصة ِّ ((
فيها َعلَ ٌم ألحد ، )1( ليس عليها مملكة ملل ك ، وال س لطنة ل ذي س لطان ، وال
))
قوة حلاكم ، وال حكم لقاضي ، وال قدرة لوايل ، ليس على األرض معلم لذي
ْح ُّق لِ َّلر ْح َم ِن. } تاج وال صوجلان ، و{ الْمل ُ ِئ ٍ
ْك َي ْو َم ذ ال َ ُ عرش وال ٍ
وعن أيب هري رة رضي اللَّه عنه ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
وس لم : يقبض اهلل تب ارك وتع الى األرض ي وم القيام ة ، ويط وي الس ماء ((
فقد ذهب املل وك وما ملك وا ، وقد فين احلُ َّكام ، وما حكم وا ، فقد هلك
ْك يومِئ ٍذ الْح ُّق لِ َّلر ْحم ِن. } كسرى وقيصر ، وذي ٍ
يزن ، وساسان ، و{ الْمل ُ
َ َ َْ َ ُ
در القائل:
وهلل ُّ
غر بطيب العيش إنسان
فال يُ َّ شيء إذا ما مت نقصان لكل ٍ
سره زمن ساءته أزمان
من َّ دول
هي األمور كما شاهدهتا ٌ
وال يدوم على ٍ
حال هلا شان وعامل الكون ال تبقى حماسنه
وأين منهم أكاليل وتيجان ذوو التيجان من مي ٍن أين امللوك ُ
وأين ما ساسه يف الفرس ساسان وأين ما شاده شدَّاد من ٍ
إرم
وشداد وقحطان
ٌ عاد
وأين ٌ وأين ما حازه قارون من ذهب
ض ْوا فكأن الكل ما كانوا
قَ َ أمر ال َمَر َّد له
أتى على الكل ٌ
كما حكى عن خيال الطيف وسنان ك ِ
وم ْن وص ار ما ك ان من مل ٍ
ُ
وَأم كسرى فما آواه إيوان
َّ كالزمان على َ د َارا وقائله ملِ
دار ٍ
)) ((
َ
له ،وال َعلَ ُم :أي ليس بها عالمة سكنى أو بناء وال أثر .
(?) أخرجه البخاري ( ، )6519 ،4812ومسلم ( )17/131صفة القيامة . 2
- 92 -
()1
يوما ومل ميلك الدنيا سليمان
ً كأن الصعب مل يسهل له سبب
ق ِل َّلر ْح َم ِن}
{ ا ْل ُم ْل ُك َي ْو َمِئ ٍذ ا ْل َح ُّ
-5النهي عن التسمية بملك الملوك:
عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال : قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:
اسم عند اللَّه . وقال سفيان غري مرة : أخنع األمساء عند اهلل رجل
(( أخنع ٍ )) ((
تس مى بملك األمالك . ويف رواي ة : أخ نى األس ماء ي وم القيامة عند اللَّه
(( ))
قال سفيان : مثل شاهان شاه : أي ملك امللوك باللغة الفارسية.
فنبه س فيان على أن االسم ال ذي ورد اخلرب بذمه ال ينحصر يف ملك
األمالك بل كل ما َّأدى معناه بأي لسان كان فهو مراد بالذم(. )3
ومعىن أخن ع : أي أوضع اسم وأذله ق ال أبو عبي د : اخلانع ال ذليل وخنع
الرجل َّ
ذل.
قال ابن بطال : وإذا كان االسم أذل األمساء كان من تسمى به أشد ذُالً
حىت أخىن : أي أفحش اسم من اخلنا وهو الفحش يف القول.
وجاء يف رواية مسلم : أغيظ رجل على اهلل يوم القيامة وأخبثه.
)) ((
ق ال ابن حج ر : واس تدل هبذا احلديث على حترمي التس مي هبذا االسم
ل ورود الوعيد الش ديد ، ويلتحق به ما يف معن اه مثل خ الق اخللق وأحكم
(?) ش عر ألبي البق اء الرن دي األندلس ي من قص يدته في (( رث اء األن دلس ، )) وق د 1
حذفت البيت الرابع والخامس حتى ال أطيل على القارئ وهما :
-4يمـزق الدهـر حتما كل سابغـة إذا نبت مشـرفيـات وخرصـان
يزن والغمد غمـدانكان ابن ذي ٍ -5وتنتفي كل سيف للفنـاء ولـو
(?) رواه البخاري ( ، )6206 ،10/6205ومسلم (. )1243/21 2
(?) فتح الباري ( )10/590باختصار ،بأي لسان :أي بأي لغة . 3
- 93 -
احلاكمني وسلطان السالطني وأمري األمراء(. )1
أيض ا ق ال : ق ال
وأخ رج اإلم ام أمحد يف مس نده من ح ديث أيب هري رة ً
رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم : اش تد غضب اهلل على من زعم أنه ملك
((
-6التواضع:
ف إن من ع رف أن اللَّه هو امللك احلق ، فال بد له من أن يتواضع وال يرفع
نفسه ف وق منزلة العبيد حىت لو ك ان من املل وك فإنه ال يع دو كونه عب ًدا فق ًريا
يقع حتت قهر اهلل وسلطانه.
عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
وسلم : يطوي اهلل عز وجل السماوات يوم القيامة مث يأخذهن بيده اليمىن، ((
مث يق ول : أنا املل ك ، أين اجلب ارون ، أين املتك ربون . )3( ... فبم اذا جييب
))
اجلبارون واملتكربون بعد هذا النداء ؟ وقد كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
عبدا رسوالً وأىب أن
تواضعا لربه ، ومن أجل ذلك اختار أن يكون ً
ً أشد الناس
يكون مل ًكا نبيًا.
عن أيب هري رة ق ال : جلس جربيل إىل النيب ص لى اهلل عليه وس لم ، فنظر
إىل الس ماء ، ف إذا َملَك ي نزل ، فق ال جربي ل : إن ه ذا الملك ما ن زل من ُذ
((
يوم ُخلِ َق قبل الساعة ، فلما نزل ، قال : يا محمد ، أرسلني إليك ربك،
ق ال : أفَ َملِ ًكا نبيًا يجعلُك أو عب ًدا رس والً ؟ ق ال جبري ل : تواضع لربك يا
- 94 -
محمد ، قال : بل عب ًدا رسوالً. )1(
))
وقالت عائشة رضي اهلل عنها : وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعد
ذلك ال يأكل متكًئا يق ول : آكل كما يأكل العب ُد ، وأجلس كما يجلس
((
يعلمهن كث ٌير من الن اس ،فمن اتَّقى الش بهات فقد اس تبرأ لدينه وعرضهَّ ال
،ومن وقع في الش بهات وقع في الح رام ،ك الراعي ي رعى ح ول ِ
الح َمى
ك ِح َمى ،أال وإن ِح َمى اللَّه محارمه
يوشك أن يرتع فيه ،أال وإن لكل مل ٍ
ُ
.)3( ...
))
وقد كان أصحاب النيب صلى اهلل عليه وسلم يرتكون ثالثة أرباع احلالل
خش ية احلرام ،وك ان ابن ععمر يق ول ُ :أحب أن أجعل بيين وبني احلرام
((
. )13/3683
َ
ص ل َحت ص لح الجس د
(?) متفق عليه ،وبقيته ... (( :أال وإن في الجسد مض غة إذا َ 3
كله ،وإذا فسدت فسد الجسد كله ،أال وهي القلب. ))
- 95 -
-8ليس كمثله شيء في ملكه:
أوالً : ملك الخلق سببي وملك اهلل ذاتي:
فإن اخللق ال يكونوا ملو ًكا إال بأسباب امللك ، فال بد له من مملكة ميلكها
أو ناس حيكمهم ، وال بد له كذلك من ٍ
أعوان على ملكه ، فال بد له من بطانة
حتمي ه ، ووزراء يُش اورهم ، وجن ود ينفِّذون أم ره على الرعي ة ، فمل وك اخللق
حيتاجون إىل ملكهم.
عز وجل ، فإن ملكه ذايت ال حيتاج مساوات وال أرض وال عرض َّأما اللَّه َّ
وال ش ٍ
يء أب ًدا ، فهو امللك قبل اخلل ق ، وهو امللك بعد اخلل ق ، وهو امللك
بدون اخللق ، وكذلك ليس هلل وزير وال نظري وال بطانة ، حىت جنود اهلل فإهنم
ضرا ، إمنا هو الذي بيده النفع والضر وحده
نفعا وال ً
ال حيمونه وال ميلكون له ً
وبي ده امللك وح ده ، واخللق كلهم هلل وباهلل وحيت اجون إىل اهلل وال حيت اج هو
إىل ٍ
أحد منهم.
ملك الخلق ٍ
فان ، وملك اهلل باق:
ف إن الفن اء قد ُكتب على املخلوق ات ، فإما أن يفىن امللك بض ياعه من يد
ُ
ص احبه فتُس لب اململكة من ص احبها أو ي زول املل وك أنفس هم عن ممالكهم
باملرض ، أو جيور عليهم من هو أشد قوة من امللوك ، أو ميوت ويرتك ذلك.
وجل فإنه احلي القيوم ، ملكه ثابت ، ال يتغريٍ ،
باق ال يفىن، عز َّأما اهلل َّ
دائم ال ي زول ، فال يفارقه ملك ه ، وال ي زول عنه جبور ج ائر وال بظلم ظ امل،
ق ال تع اىلَ { : و ُه َو يُط ِْع ُم َوالَ يُط َْع ُمَ { ، } و ُه َو يُ ِج ُير َوالَ يُ َج ُار ، } فهو
ين ظَلَ ُم وا ِإ ْذ َّ ِ
ص احب الق وة والعظمة والكربي اء ، ق ال تع اىلَ { : ولَ ْو َي َرى الذ َ
َأن الْ ُق َّو َة لِلَّ ِه َج ِم ًيعا [ } البقرة. ] 165 :
اب َّ
َي َر ْو َن ال َْع َذ َ
- 96 -
وك ذلك ال يف ارق هو ملكه بالغي اب أو املوت ؛ ل ذلك انظر إىل احلس رة
واألمل الذي حيدث للملوك عند تركهم امللك بل والدنيا وما فيها.
ُ
فقد ُحكي عن ه ارون الرش يد أنه انتقى أكفانه بي ده عند املوت ، وك ان
س ْلطَانِيَ ْه [ } احلاق ة،28 : ينظر إليها ويقولَ { : ما َأ ْغنَى َعنِّي َمالِيَ ْه (َ )28هلَ َ
ك َعنِّي ُ
. ] 29
رمادا واضجع عليه وقال : يا من ال يزول
((
وروي عن املأمون أنه افرتش ً
ُ
ملكه ، ارحم من زال ملكه ، ويا من ال ميوت ارحم من ميوت.
))
- 97 -
إال َر ُج ٌل عمل أكثر منه. )1(
))
-2وعن أيب أي وب األنص اري رضي اهلل عنه عن النيب ص لى اهلل عليه
وس لم ق ال : من ق ال : ال إله إال اللَّه وح ده ال ش ريك ل ه ، له الملك وله
((
الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات ، كان كمن أعتق أربعة أنفس
من ولد إسماعيل. )2(
))
-3عن أيب هري رة رضي اهلل عنه ق ال : مسعت رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
وسلم يقول : قال اللَّه تعالى : قسمت الصالة بيني وبين عبدي نصفين ((
***
(?) ص حيح .أخرج ه مس لم (ج - 1الص الة ، )38وأحم د (ج، )13/7289 3
- 98 -
القُدُّوس تبارك وتعالى)) ((
المعنى اللغوي:
وله معنيان يف اللغة:
)) األول : أن الق دوس فع ول من الق دس وهو الطه ارة ، و ال َق َدس
(( )) ((
بالتحريك السطل بلغة أهل احلجاز ؛ ألنه يُتقدس منه : أي يُتطهر منه.
ال ِإنِّي َأ ْعلَ ُم َما الَ ِ ِ
ك قَ َ وق ال تع اىلَ { : ونَ ْح ُن نُ َس بِّ ُح ب َح ْم د َك َونُ َق د ُ
ِّس لَ َ
َت ْعلَ ُمو َن [ } البقرة.] 30 :
قال الزجاج : معىن نقدس لك أي : نطهر أنفسنا لك.
)) ((
طهر
وهلذا قال : بيت املقدس أي : البيت املطهر ، أو املكان الذي يُتَ َّ)) ((
به من الذنوب.
وق ال الف راء : األرض املقدسة الط اهرة ، وهي دمشق وفلس طني وبعض
األردن ، و روح القدس هو جربيل عليه السالم معناه روح الطهارة ، أي: )) ((
ُخلِ َق من الطهارة.
وقي ل : ألنه ي نزل بال ُق ْدس من اهلل ، أي : مبا يُطَ ِّهر به نفوس نا وهو
القرآن ، واحلكمة ، والفيض اإلهلي.
أن الق دس : هي الربك ة ، واألرض املقدسة أي: المع نى الث انيَّ :
املباركة ، وهو قول قتادة ، وإليه ذهب ابن األعرايب ، ويقويه أن اللَّه تعاىل قد
ِ
َأس َرىبنَّي أن األرض املقدسة مباركة ، وذلك يف قوله تعاىلُ { : س ْب َحا َن الَّذي ْ
ِ ِِ ِِ ِِ ِ
ْصى الَّذي بَ َار ْكنَا َ
ح ْولَهُ [ } اإلس راء: بِ َع ْبده ل َْياًل م َن ال َْم ْسجد ال َ
ْح َر ِام ِإلَى ال َْم ْسجد اَألق َ
، ] 1وهي األرض املقدسة.
- 99 -
وال ُقدُّوس على وزن : فعول بالضم من أبنية املبالغة(.)1
)) (( )) ((
الدليل الشرعي:
والسنة ، أما يف القرآن فقد جاء يف موضعني:
وقد ورد يف القرآن ُّ
األول : يف س ورة احلشر يف قوله تع اىلُ { : ه َو اللَّهُ الَّ ِذي الَ ِإلَ هَ ِإالَّ ُه َو
ُّوس [ } احلشر. ] 23 : ال َْملِ ُ
ك الْ ُقد ُ
الث اني : يف مطلع س ورة اجلمعة وهو قوله تع اىل { : يُ َس بِّ ُح لِلَّ ِه َما فِي
ْح ِك ِيم [ } اجلمعة. ] 1 : ض الْملِ ِ ِ َّ ِ
ُّوس ال َْع ِزي ِز ال َ
ك الْ ُقد ِ اَألر ِ َ
الس َم َوات َو َما في ْ
معنى االسم في حق اهلل تعالى:
ق ال ابن القيم : الق دوس : املَن َّزه من كل شر ونقص وعيب ، كما )) ((
ُ
عما ال يليق به(. )2 ه
َ َّ َّز نامل ، عيب كل
قال أهل التفسري هو الطاهر من ِّ
ُ
ِّس لَ َك} ِ ِ
د
َُ ُق
َ ن و ك
َ د وق ال ابن جرير يف قوله تع اىلَ { : ونَ ْح ُن ُ َ ُ َ ْ
م حب ح ب
ِّ س ن
[ البق رةَ { ،] 30 : ونَ ْح ُن نُ َس بِّ ُح بِ َح ْم ِد َك } : ننزهك ونربئك مما يض يفه إليك أهل
َك} : ننسبك إىل ما هو من صفاتك من الشرك بك ونصلي لكَ { ، و ُن َقد ُ
ِّس ل َ
الطهارة من األدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك . )3( اهـ.
))
وق ال ال بيهقي : الق دوس هو الط اهر من العي وب املنزه عن األوالد
)) ((
(?) من كت اب (( النهج األس مى ، )) وق د ع زاه إلى النهاي ة البن األث ير (، )5/23 1
واللسان ( (( ، )5/3549أسماء هللا الحسنى( )) ص (( ، )30شأن الدعاء ( )) ص )40
.
(?) كتاب األسماء الحسنى من مؤلفات ابن القيم ( ص . )103 2
(?) (( جامع البيان )1/167( )) من كتاب النهج األسمى ص . 110 3
(?) االعتقاد للبيهقي ( ص ، )54وانظر كذلك (( :النهاية )) البن األث ير (، )4/23 4
الذي له الكمال يف كل وصف اختص به ، أو الذي ال حيد وال يتصور(. )3
وقال ابن القيم يف النونية:
تنزيه بالتعظيم للرمحـن هذا ومن أوصافه القدوس ذا الـ
***
( . )1
***
جالله.
خامسا : تقدَّس عن الكذب:
ً
َأص َد ُق ِم َن اللَّ ِه
فقوله الص دق وخ ربه احلق ، ق ال س بحانهَ { : و َم ْن ْ
َأص َد ُق ِم َن اللَّ ِه قِياًل } َح ِديثًا [ } النس اء ، ] 87 : وقال تعاىلَ { : و ْع َد اللَّ ِه َح ًّ
قا َو َم ْن ْ
[ النساء. ] 122 :
سادسا : تقدَّس عن الضالل والنسيان:
ً
[ ط ه: أخرب تع اىل عن نبيه موسى أنه ق ال { : الَ يَ ِض ُّل َربِّي َوالَ َي ْن َس ى}
.] 52
سابعا : تقدَّس عن الفقر والبخل - جل جالله وتقدست أسماؤه:
ً
ت َأيْ ِدي ِه ْم َول ُِعنُ وا بِ َما قَ الُوا
ود يَ ُد اللَّ ِه َمغْلُولَ ةٌ غُلَّ ْ
َت الَْي ُه ُقال تعاىل { : وقَ ال ِ
َ
ف يَ َشاءُ. } ان ُي ْن ِف ُق َك ْي َ
بل ي َداهُ م ْبسوطَتَ ِ
َْ َ َ ُ
َّاس َأْنتُ ُم الْ ُف َق َراءُ ِإلَى اللَّ ِه َواللَّهُ ُه َو الْغَنِ ُّي وق ال تع اىل { : يَا َُّأي َها الن ُ
ْح ِمي ُد ، } وقال النيب صلى اهلل عليه وسلم : يد اهلل مألى ال تغيضها نفقة
((
ال َ
(?) صحيح :أخرجه مسلم ( ج - 4ال بر والص لة ( ، )55/ج - 4ص ، )1994 1
وقد يق دس العبد نفسه ب أال ي ذهلا للن اس ويتعفف عما يف أي ديهم ، ولكنه
فقريا لغناه ذليالً لعزته.
حمتاجا إىل اهلل ً
أبدا ًدائما ً
سيظل ً
أما اهلل جل جالله فهو الق دوس من مجيع الوج وه م نزه عن كل نقص من
مجيع اجلهات ُمربأ من كل ٍ
عيب.
ثانيا : قدسية اهلل دائمة ، وقدسية الخلق مؤقتة:
ً
فقدسية اخللق هلا بداية وهلا هناية فوجودهم سبقه العدم ، ويلحقه الفناء،
ورا} ين ِم َن ال د ْ
َّه ِر ل ْ
َم يَ ُك ْن َش ْيًئا َم ْذ ُك ً
ِ ِ
ق ال تع اىلَ { : ه ْل َأتَى َعلَى اِإل نْ َس ان ح ٌ
ك َش ْيًئا}
َم تَ ُ [ اإلنس ان ، ] 1 : وقال تعاىل لنبيه زكرياء { : وقَ ْد َخلَ ْقت َ ِ
ك م ْن َق ْب ُل َول ْ ُ َ
[ مرمي. ] 9 :
نقص هم ويلحق
دمهم ، وقد ك ان قبل كم اهلم ُ
فقد َس بق قدس يةَ اخللق ع ُ
بكل ذلك فناؤهم فقدسية اخللق حمدودة بالوقت واحلال.
فعن ميسر بن جح اش القرشي أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ب زق
يوما يف كفه فوضع عليها إصبعه مث قال : قال اهلل تعالى : يا ابن آدم ، أنَّى
((
ً
وع َدلْتك مش يت بين
تُعج زني وقد خلقتك من مثل ه ذه ح تى إذا س ويتك َ
ب ردين ولألرض منك وئي د ، فجمعت ومنعت ح تى إذا بلغت التَّراقي
جالس ا حتت
روى أن أحد املل وك ك ان ماش يًا يف موكبه ف رأى رجالً ً
ويُ َ
مر عليه مل يقم الرجل ومل يعظمه ، فقال له أو ال تعرفين ؟ قال:
شجرة ، فلما َّ
بل أعرف كَّ : أولُك نطفة ق ذرة ، وآخ رك جيفة م زرة ، وأنت بين ذلك ((
َّأما قدسية اهلل جل جالله فهي قدسية دائمة فلم يسبق وجودها عدم ، وال
دنس وال يلحقها نقص وال خلل وليس هلا هناية وال فناء.
-2التقديس الحق هلل تبارك وتعالى يكون بشرعه:
ِ ِ
كما ق ال تع اىل عن املالئكة يف ق وهلمَ { : ونَ ْح ُن نُ َس بِّ ُح ب َح ْم د َك َونُ َق د ُ
ِّس
لَ َك [ } البق رة ، ] 30 : فالتق ديس هلل وتق ديس اهلل مبعىن واح د ، وأفضل ما ميكن
تق ديس اهلل به هو عبادته مبا ج اء يف ش رعه من كتابه وس نة رس وله بالعقائد
الص حيحة واألق وال الطيبة واألعمال الص احلة ، وهذا ما ارتض اه اهلل لنفسه من
خلقه ، ومن ذلك:
-1تقديس اهلل بالتوحيد واإليمان الصحيح:
اد به رهبم هو اإلميان والتوحيد ونفي الش ركاء عنه
ف أعظم ما يُ َق دِّس العب ُ
واألنداد وتنزيهه عن كل نقص ٍ
وعيب نسبه إليه الكافرون واملشركون ، لذلك
حني ُسئل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن أعظم الذنوب قال : أن تجعل
((
وتقدست أمساؤه فقد ق ال تع اىل يف احلديث القدس ي : ك ذبني ابن آدم ولم
((
يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي ، فقوله : لن
علي من إعادته وأما ش تمه
أول الخلق ب أهون َّ
يعي دني كما ب دأني ، وليس ُ
إي اي ، فقول ه : اتخذ اهلل ول ًدا ، وأنا األح ُد الص مد ، لم ألد ولم أول د،
كفوا أحد.)2(
))
ولم يكن لي ً
ومن أجل ذلك كان أعظم األعمال وأفضلها هو اإلميان باهلل.
أي
عن أيب هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ُس ئل ُّ
العمل أفضل ؟ فقال : إيما ٌن باهلل ورسوله. )3( ...
)) ((
ال ينظر إلى أجسامكم وال إلى صوركم ،ولكن ينظر إلى قلوبكم. )4(
))
حسن الظن باهلل تعاىل وحبُّه وخشيتُه والتوكل عليه وحب النيب
فمن ذلك ُ
ص لى اهلل عليه وس لم وحب املؤم نني يف اهلل تب ارك وتع اىل وتطهري القل وب من
النفاق والرياء والشهوات احملرمة ليسلم القلب لتقديس اهلل عز وجل ، فقد قال
ْب َس ِل ٍيم. }
ال َوالَ َبنُو َن (ِ )88إالَّ َم ْن َأتَى اللَّهَ بَِقل ٍ
اهلل تعاىلَ { : ي ْو َم الَ َي ْن َف ُع َم ٌ
(?) رواه البخاري ،وأحمد عن ابن مسعود رضي هللا عنه . 1
(?) رواه البخاري في صحيحه ( )1/77مع الفتح كتاب اإليم ان -ب اب من ق ال إن 3
بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء.
))
ق الوا :ال يبقى من درنه .ق ال :ف ذلك مثل الص لوات الخمس يمحو اهلل
((
الثانية :النهي عن اخلب ائث فيما يع رض له .ق ال تع اىل ِ { :إ َّن َّ
الص اَل ةَ
َت ْن َهى َع ِن الْ َف ْح َش ِاء َوال ُْم ْن َك ِر [ } العنكبوت . ] 45 :
والزكاة : بأن يطيب ما ينفق يف سبيل اهلل ، فقد قال النيب صلى اهلل عليه
طيب ال يقبل إال طيبًا. )2(
))
وسلم : إن اهلل ٌ ((
وهي ك ذلك تطهري للنفس من اخلب ائث ،ق ال تع اىل ُ { :خ ْذ ِم ْن َْأم َوالِ ِه ْم
ص َدقَةً تُطَ ِّه ُر ُه ْم َو ُت َز ِّكي ِه ْم بِ َها [ } التوبة . ] 103 :
َ
وقد ك انت عائشة رضي اهلل عنها تطيب الص دقة وتعطرها قبل أن تعطيها
السائل وتقول : إنها لتقع في يد اهلل قبل أن تقع في يد السائل.
)) ((
اسم ربك األعلى ، وقل يا أيها الكافرون ، وقل هو اهلل أحد ، فإذا سلم قال:
سبحان امللك القدوس ثالث مرات. )2(
))
(?) أخرجه مسلم ( )487كتاب الصالة -باب ما يقول في الركوع والسجود . 1
(?) إس ناده ص حيح .أخرج ه اإلم ام أحم د ( ، )5/123وأب و داود (، )1430 2
المعنى اللغوي:
ىن يف كالم الع رب ال ذي ليس مبحت اج إىل غ ريه ، وك ذلك اللَّه ليس الغ ُّ
مبحتاج إىل ٍ
كبريا ، كما قال تعاىلِ { : إ َّن اللَّهَ
علوا ً
جل وتعاىل عن ذلك ً أحد َّ
ين [ )1(} العنكبوت. ] 6 : ِ ِ
لَغَن ٌّي َع ِن ال َْعالَم َ
ضروب: ِ
وقال الراغب األصفهاين : الغىَن يقال على ُ
أح دها : ع دم الحاج ات ، وليس ذلك إال هلل تع اىل وهو املذكور يف
ْح ِمي ُد [ } احلج. ] 64 : ِ
قولهِ { : إ َّن اللَّهَ ل َُه َو الْغَن ُّي ال َ
الث اني : قلة الحاج ات ؛ وهو املش ار إليه بقول هَ { : و َو َج َد َك َع اِئالً
فََأ ْغنَى [ } الضحى. ] 8 :
الث الث : ك ثرة القني ات ؛ كما ج اء يف قول هَ { : م ْن َك ا َن غَنِيًّا
َفلْيَ ْسَت ْع ِف ْ
ف [ } النساء. ] 6 :
الراب ع : وقد يعين ع دم االحتي اج إىل ما عند الن اس فال يفتقر إليهم
اء ِم َن ِ فيتعفف عما عن دهم ، كما ق ال تع اىل { : يحس بهم ال ِ
ْجاه ُل َأ ْغنيَ َ
َ ْ َ ُُ ُ َ
َّع ُّف ِ
ف [ } البقرة. ] 273 : الت َ
وكما ق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : ليس الغ نى عن ك ثرة الع رض
((
(?) أخرجه البخاري ( ، )6446ومسلم ( ، )1051من حديث أبي هريرة ، رض ي 2
هللا عنه.
كف اه ، كما يف قوله تع اىلَ { : ما َأ ْغنَى َعنِّي َمالِيَ ْه [ } احلاق ة ، ] 28 : وكما ق ال
تعاىل { : ل َْن ُتغْنِ َي َع ْن ُه ْم َْأم َوال ُُه ْم َوالَ َْأوالَ ُد ُه ْم ِم َن اللَّ ِه َش ْيًئا [ } آل عمران. ]10 :
وقي لَ : تغَىَّن مبعىن اس تغىن ، ومُحِ ل قوله ص لى اهلل عليه وس لم : ليس
(( )) ((
الدليل الشرعي:
كورد االسم يف مثان عش رة آية من كت اب اهلل ؛ منها قوله تع اىلَ { : و َربُّ َ
ِ الْغَنِ ُّي ذُو َّ ِ
ضاَألر ِ الر ْح َم ة [ } األنع ام . ] 133 : وقول هِ { : إ ْن تَ ْك ُف ُروا َأْنتُ ْم َو َم ْن في ْ
َج ِم ًيعا فَ ِإ َّن اللَّهَ لَغَنِ ٌّي َح ِمي ٌد [ } إب راهيم . ] 8 : وقوله تع اىلَ { : و َم ْن َش َك َر فَِإ نَّ َما
ِ ِ ِِ
يم [ } النم ل . ] 40 : وقول ه { : يَا َُّأي َها يَ ْش ُك ُر لَن ْفس ه َو َم ْن َك َف َر فَ ِإ َّن َربِّي غَن ٌّي َك ِر ٌ
ْح ِمي ُد [ } فاطر. ] 15 : ِ ِ
َّاس َأْنتُ ُم الْ ُف َق َراءُ ِإلَى اللَّه َواللَّهُ ُه َو الْغَن ُّي ال َ
الن ُ
معنى االسم في حق اهلل تعالى:
الر ْح َم ِة [ } األنع ام . ] 133 : وربك يا
(( ك الْغَنِ ُّي ذُو َّ
ق ال ابن كث ريَ { : و َربُّ َ
ين : أي عن مجيع خلقه من مجيع الوج وه وهم الفق راء إليه يف مجيع
حمم د الغ ُّ ))
أحواهلم(. )3
شيء فقري إليه. )4( عما سواه وكل ٍ أيضاَ : غيِن ٌ َّ
))
ُ وقال ً ((
صفة صالة النبي صلى هللا عليه وسلم لأللباني ص . 107 ، 106
(?) مفردات ألفاظ القرآن لألصفهاني ( )516 -515بتصرف ( مختصرًا ). 2
ُ
واخللق فق راء إىل تَطَُّولِ ِه وإحس انه ، كما ق ال تع اىل { : واللَّه الْغَنِ ُّي وَأْنتم
َ ُُ َ ُ
الْ ُف َق َراءُ [ } حممد. )2(] 38 :
وق ال الزج اجي : الغىن يف كالم الع رب : ال ذي ليس مبحت اج إىل غ ريه،
وك ذلك اهلل ليس مبحت اج إىل أح د ، ج ّل وتع اىل عن ذلك عل ًوا كب ًريا ، كما
ِ ِ
قالِ { : إ َّن اللَّهَ لَغَن ٌّي َع ِن ال َْعالَم َ
ين [ } العنكبوت. ] 6 :
فاللَّه عز وجل ليس مبحت اج إىل أحد فيما خلق وخيلق ودبَّر ويُ دبِّر ويُ ْع ِطي
ألم ِره وهو على ما يَشاءُ قدير(. )3 ضي ومُيْ ِ وير ُزق وي ْق ِ
راد ْ
ضى ، ال َّ َ َْ
ايب : الغَىِن ُ هو ال ذي اس تغىن عن اخللق وعن نص رهتم ))
وق ال اخلط ُّ
((
وتأيي دهم مللك ه ، فليست به حاجة إليهم ، وهم إليه فق راء حمت اجون ، كما
[ حمم د: وصف نفسه تع اىل فق ال ع َّز من قائ لَ { : واللَّهُ الْغَنِ ُّي َوَأْنتُ ُم الْ ُف َق َراءُ}
. ] 38
قال ابن القيم رمحه اللَّه:
تى له كاجلود واإلحسان
ُّ وهو الغين بذاته فغناه ذا
من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم
ون (َ )56ما ُأ ِري ُد ِم ْن ُه ْم ِم ْن ِر ْز ٍق َو َما ُأ ِري ُد ْج َّن واِإل نْس ِإالَّ لِي ْعب ُد ِ
َُ ت ال َ َ
{ وما َخلَ ْق ُ ِ
ََ
ين [ } الذاريات. ] 58 -56 : ِ ِ َأ ْن يط ِْعم ِ
ون (ِ )57إ َّن اللَّهَ ُه َو َّ
الرزَّا ُق ذُو الْ ُق َّوة ال َْمت ُ ُ ُ
-2وهو غني عن الزوجة والولد ، وهذا يعين الوحدانية املطلقة ليس
)) ((
الكفار أصحاب عقيدة التثليث فإن احلاجة إىل الزوجة والولد ضعف ُ كما يَ ُسبُّه
كبريا.
علوا ً َّ
وافتقار ، تعاىل اللهُ عن ذلك ً
الس مو ِ ِ ِ
ات قال تع اىل { : قَ الُوا اتَّ َخ َذ اللَّهُ َولَ ًدا ُس ْب َحانَهُ ُه َو الْغَن ُّي لَهُ َما في َّ َ َ
ض [ } يونس.] 68 :
اَألر ِ ِ
َو َما في ْ
-3غ ني عن خلق ه ، فما خلق اهللُ اخلل َق ليس تأنس هبم من وحش ة، )) ((
وال ليس تكثر هبم من قل ة ، وال لينص روه على َع ُد ٍو ، ولكن خلقهم لي ذكروه
ريا ويعب دوه ط ويالً ويس بحوه بك رة وأص يالً . ق ال تع اىلَ { : و َما َخلَ ْق ُ
ت كث ً
ْج َّن واِإل نْس ِإالَّ لِي ْعب ُد ِ
ون. } ِ
َُ ال َ َ
ف إن اللَّه جل جالله غ ين عن العالئق والروابط والص التِ ،
فص الَتُه خبلقه ُّ
رب رزَّاق لعب اد حمت اجني وص لته هبم ص لة عط اء وتفضل بعد خلقت ٍ ِ
ص الَ ُ
وإجياد ، أما صلة اخللق به سبحانه صلة ٍ
أخذ من رزقه وانتفاع مبا عنده ، فالعبد
والغين
ُّ يدعو واهلل جييب ، واخللق حيتاجون والزراق يعطيهم ، والعباد يفتقرون
يغ نيهم ، وإذا ق دَّموا ش يًئا من أم واهلم فإمنا هم ال ذين ينتفع ون به وجيازيهم
( ?) 4
ِ
فهو غ ني عن إيم انهم ؛ ق ال تع الىِ { : إ ْن تَ ْك ُف ُروا َأْنتُ ْم َو َم ْن في ْ
اَألر ِ
ض
َج ِم ًيعا فَِإ َّن اللَّهَ لَغَنِ ٌّي َح ِمي ٌد [ } إبراهيم. ] 8 :
وغني عن شكرهم ؛ قال تعالىَ { : و َم ْن َش َك َر فَِإ نَّ َما يَ ْش ُك ُر لَِن ْف ِس ِه َو َم ْن
ُّ
(?) أخرج ه مس لم ( )2577من ح ديث أبي ذر ، رض ي هللا عن ه ، وانظ ر ج امع 1
ِ ِ
اللَّهَ لَغَن ٌّي َع ِن ال َْعالَم َ
ين [ } العنكبوت. ] 6 :
ثانيا : أنتم الفقراء إلى اهلل:
ً
غين بذاته ، والعبد فقري بذاته ، حمتاج إىل ربه ، ال غىن له
فالرب سبحانه ُّ
عنه ، ولو طرفة عني.
ق ال ابن القيم رمحه اللَّه : إن اللَّه هو الغين املطل ق ، واخللق فق راء
((
املخذول عن حقيقته
َ ومن هنا َخ َذل من خذل ، ووفَّق من وفق ، فحجب
َّت
ونسي نفس ه ، فنسي فق ره وحاجته وض رورته إىل رب ه ، فطغى وعتا فحق ْ
ِ
عليه الش ْق َوةُ ، ق ال تع اىلَ { : كالَّ ِإ َّن اِإل نْ َس ا َن لَيَطْغَى (َ )6أ ْن َرآهُ ْ
اس َت ْغنَى}
ص َّد َق بِال ُ
ْح ْس نَى ()6 [ العل ق ، ] 7 ،6 : وقال تعاىل { : فَ ََّأما َم ْن َأ ْعطَى َو َّات َقى (َ )5و َ
ِ ِ
ب بِال ُ
ْح ْس نَى ()9 اس َت ْغنَى (َ )8و َك َّذ َ
فَ َسُنيَ ِّس ُرهُ للْيُ ْس َرى (َ )7و ََّأما َم ْن بَخ َل َو ْ
فَ َسُنيَ ِّس ُرهُ لِلْعُ ْس َرى [ } الليل . ] 10 - 5
هودا لفق ره وض رورته
فأكمل اخللق أكملهم عبودي ة ، وأعظمهم ش ً
وحاجته إىل ربه وعدم استغنائه عنه طرفة عني.
وقد ك ان النيب ص لى اهلل عليه وس لم أعظم الن اس افتق ًارا إىل رب ه ، وك ان
من دعائ ه : اللهم رحمتك أرج و ، فال تكل ني إلى نفسي طرفة عين، ((
وقد ك ان يعلم أن قلبه ال ذي بني جنبيه بيد ال رمحن عز وجل ال ميلك منه
شيًئا ، وأن اللَّه سبحانه يصرفه كما يشاء ، وكان يدعو : يا مقلب القلوب
((
()3
ك والعبودية اخت ار أن يك ون
ثبت قل بي على دينك . وملا عُ رض عليه املـ ْل ُ
))
ُ
(?) أخرجه أحمد ،4/210والحاكم ، )2/502وصححه الحاكم. 1
(?) أخرج ه أحم د ،5/42والبخ اري في األدب المف رد ( ، )701وأب و داود ( 2
لتُساوي الكعبة ، فقال : إن ربك يقرأ عليك السالم ، ويقول : إن ِش َ
ئت
نبيًّا عب ًدا ، وإن شئت نبيًّا ملِ ًك ا ؟ فنظرت إلى جبريل عليه السالم ، فأشار
إلي أن ضع نفس ك ، ق ال : فقلت : نبيًّا عب ًدا . ق الت : فك ان رس ول اهلل
))
َّ
يأكل العب ُد،
صلى اهلل عليه وسلم بعد ذلك ال يأكل متكًئا يقول : آكل كما ُ
((
(. )2010
ُ
فيها القادر عليها ، فاجلميع ملكه وحتت قهره ، وقدرته ويف مشيئته ، فال نظري
له وال وزير ، وال عديل وال والد ، وال ولد ، وال صاحبة ، وال إله غريه وال
رب سواه. )1(
))
در القائل:
وهلل ُّ
حتجب
ُ وسل الذي أبوابه ال بين آدم حاجة
ال تسألن َّ
وبين آدم حني يُسأل يغضب
َّ تركت سؤاله
َ يغضب إن
ُ اللَّهُ
-3المتابعة بين الحج والعمرة:
ق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : ت ابعوا بين الحج والعم رة ، فإنهما
((
ْر ُ
ع. (?) يوشك : أي يُس ِ
4
(?) أخرجه أحمد ،1/387والترمذي ( ، )810من حديث ابن مس عود ، رض ي هَّللا 6
وعن ابن مسعود رضي اهلل عنه قال : التمسموا الغىن يف النكاح.)3(
)) ((
وقال النيب صلى اهلل عليه وسلم : ثالثة حق على اللَّه عونهم : الناكح
((
(?) رواه أب و داود ،وق ال الش يخ األلب اني :لكن في ه مجه ول كم ا بينت ه في 1
(?) رواه أحمد ، والترمذي ، والنس ائي ، وابن ماج ه ، عن أبي هري رة رض ي هللا 4
عنه.
ولكن
الغنَى عن كثرة العرضَّ ، وقال النيب صلى اهلل عليه وسلم : ليس ِ
((
ِ
الفقراء على األغنياء ثقة فيما عند اللَّه.
))
لثواب اللَّه وأحسن منه تيهُ
-8صلة الرحم:
عن أنس رضي اهلل عنه أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ق ال : من
((
-9الزكاة والصدقة:
عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال : قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:
قال اللَّه عز وجلَ : أنْ ِفق ُأنْ ِفق عليك. )4(
)) ((
وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال : قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:
ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة إال زاده اللَّه تعالى بها كثرة ، وما ((
فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إال زاده اللَّه تعالى بها قله. )5(
))
(?) متفق عليه ، ومعنى (( ينسأ له في أثره )) أي : يَُؤ َّخر له في أجله وعمره. 3
(?) صحيح : رواه البيهقي في شعب اإليم ان عن أبي هري رة ، وص ححه األلب اني 5
بعض ا بثالثة
وك ان أص حاب النيب ص لى اهلل عليه وس لم ينصح بعض هم ً
أم ور ،فيقول ون : من أص لح ما بينه وبين اللَّه أص لح اللَّه ال ذي بينه وبين
((
الن اس ، ومن أص لح س ريرته أص لح اللَّهُ عالنيت ه ، ومن اهتم بآخرته كف اه
اللَّه أمر دنياه.
))
-11الدعاء : عن أيب هريرة أن النيب صلى اهلل عليه وسلم كان يقول:
إذا بقي ثلث الليل ي نزل اللَّه عز وجل إلى س ماء ال دنيا ، فيق ول : من ذا ((
وقد ق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : إن روح الق دس نفث في روعي
((
-2سؤال الناس:
ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم : ثالث ةٌ ُأق ِ
ْس م عليه ا وأح دثكم ((
ال عبد من ص دقة وال ظُلم عب ٌد مظلمة ص بر ح ديثًا ف احفظوه : ما نقص م ُ
ٍ
اب َم ْس َألة إال َفتَ َح اللَّهُ عليه بَ َ
اب عليها إال زاده اللَّه ع ًزا ،وال َفتَ َح َع ْب ٌد ب َ
فقر. )2( ...
))
وق ال ص لى اهلل عليه وس لم : من أص ابته فَاق ةٌ فأنزلها بالن اس لم تُس َّد
((
من يد ص احبه ، أو حيرمه بركة ماله فال ينتفع ب ه ، بل يعدمه به يف ال دنيا
(?) رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة . صحيح الجامع (. )2085 1
(?) رواه الترمذي ، وقال : حديث حس ن ص حيح ، عن أبي كبش ة عم رو بن س عد 2
-5الكذب:
عن حكيم بن ح زام رضي اهلل عنه ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
وبَّينَا بُ و ِرك لهما في
ص َدقَا َ
البِّي َع ان بالخي ار ما لم َيَت َف َّرقَا ف إن َ
وس لمَ :
((
-6الحلف في البيع:
عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال : مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
ف منفقةٌ للسلعة ، ممحقةٌ للكسب. )4(
)) الحلِ ُ
يقولَ : ((
وعن أيب قت ادة رضي اهلل عنه أنه مسع رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم
يقول : إياكم وكثرة الحلف في البيع : فإنه ُيَن ِّف ُق ثم ْيم َح ُق. )5(
)) ((
-7مانع الزكاة:
عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال : قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:
قوم زكاة أموالهم إال ُمنِعوا القطر من السماء ، ولوال البهائم لم
لم يمنع ٌ ((
(?) أخرجه أحمد ( ، )1/395وابن ماجه ( ، )2279والح اكم ( ، )2/37وص ححه 1
(?) متفق عليهُ (( . محقت )) أي : ذهبت ولم يحصال إال على التعب. 3
(?) رواه الط براني في الكب ير عن ابن عم ر ، وابن ماج ه ، وابن أبي ال دنيا، 6
والح اكم في المس تدرك ، وص ححه األلب اني في ص حيح الج امع ب رقم (، )5080
والصحيحة رقم (. )106
ما نقض قوم العهد إال سلط عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل اللَّهُ إال
فشا فيهم الفق ُر ، وال ظه رت فيهم الفاحشة إال فشا فيهم الم وت ، وال َّ
طف ُف وا
المكيال إال ُمنِعوا النبات ، وُأخذوا بالسنين ، وال منعوا الزكاة إال ُحبس عنهم
القطر. )1(
))
-9السخط والقنوط:
عن ابن عب اس رضي اهلل عنهما ق ال : إن من ض عف اليقين إرض اء
((
همه:
-10من كانت الدنيا َّ
فرق اللَّه
همه َّ
قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم : من كانت الدنيا َّ
((
عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إال ما كتب له. )2(
))
(?) حسن . رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس ، وحسنه األلباني في ص حيح 1
الجامع (. )3235
(?) تقدم تخريجه. 2
مرات وهي:
ب لَنَا ِم ْن وبنَا َب ْع َد ِإ ْذ َه َد ْيَتنَا َو َه ْ األولى : ق ال تع اىلَ { : ر َّبنَا الَ تُ ِز ْ
غ ُقلُ َ
َّاب [ } آل عمران. ] 8 : ت ال َْوه ُ ك َأنْ َ ك َر ْح َمةً ِإنَّ َ
لَ ُدنْ َ
ب لِي ُم ْل ًكا الَ َي ْنبَ ِغي ال ر ِّ ِ ِ
ب ا ْغف ْر لي َو َه ْ الثاني ة : ق ال جل جالل ه { : قَ َ َ
َّاب [ } ص. ] 35 : ك َأنْ َ
ت ال َْوه ُ َأِلح ٍد ِم ْن َب ْع ِدي ِإنَّ َ
َ
غرض.
الوهاب هو ال ذي جيود بالعط اء عن ظهر ي ٍد من غري
ق ال اخلط ايبَّ : )) ((
استحقاق عليه ، بل هي حمض تفضل منه ، وما دفع أح ٌد من خلقه مثنًا هلا وال
أيض ا : الوه اب هو ال ذي جيود جبزيل
كاف أه عليها تب ارك وتع اىل ، وقيل ً
)) ((
ال يهدي ألحسنها إال أنت ، وأصرف عني سيئها ال يصرف عني سيئها إال
أنت.)1(
))
وق ال عز وجل عن هباته لبعض األنبي اء والرس لَ { : و َو َه ْبنَا ل َُه ْم ِم ْن
َر ْح َمتِنَا َو َج َعلْنَا ل َُه ْم لِ َسا َن ِص ْد ٍق َعلِيًّا [ } مرمي. ] 50 :
من آثار اإليمان باسم اللَّه الوهاب تبارك وتعالى:
)) ((
(?) أخرجه مسلم ( )771من حديث علي ،رضي هللا عنه ،في حديث طويل . 1
(. )2
)) يداك
أوالدا عُبَّ ًادا ُز َّه ًادا،
وال يس ألون جمرد الولد والذري ة ، ولكنهم يس ألون ً
صاحلني قانتني ، من األبرار ليسوا من الفجار ، علماء ليسوا من اجلهالء.
رابعا : شكر اللَّه على هباته:
ً
اهلل. )1(
))
خامسا الزهد:
ً
أيها األحبة يف اللَّه ، هل رأيتم هبة من هب ات ال دنيا قد بقيت لص احبها ؟
فليعلم كل من وهبه اللَّه شيًئا من الدنيا أنه زائل عنه وال بد ، فكما أخذه البد
أن ي ذهب عن ه ، فال ينش غل ب اخللق عن خالق ه ، وال ب الرزق عن رازق ه ، وال
ينش غل باهلبة عن واهبها تب ارك وتع اىل ، وال يش غله الف اين عن الب اقي . ق ال
آمنُ وا الَ ُت ْل ِه ُك ْم َْأم َوالُ ُك ْم َوالَ َْأوالَ ُد ُك ْم َع ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِه َو َم ْن َّ ِ
ين َتعاىل { : يَا َُّأي َها الذ َ
ان ()26 اسرو َن . } وقال تعاىلُ { : ك ُّل من َعلَْي َها فَ ٍ
َْ
ِ
ك ُه ُم الْ َخ ُ ك فَُأولَِئ ََي ْف َع ْل ذَلِ َ
ْجالَ ِل َواِإل ْك َر ِام [ } الرمحن. ] 27 ،26 : ك ذُو ال َ َو َي ْب َقى َو ْجهُ َربِّ َ
سادسا : الرضا:
ً
طي علم أن اللَّه ع َّز وج َّل قد ِ ِ
الرضا إذا ُأعطي والرضا إذا ُمن ع . إن ُأع َ
أعطاه برمحته ، وإن ُمنِع علم أ ّن اهلل تبارك وتعاىل قد منعه حبكمته ، وال يكون
كعبد الدينار والدرهم ، فإنه ال يرضى إال للدنيا وال يسخط إال هلا ، فقد قال
النيب ص لى اهلل عليه وس لم : تعس عبد ال دينار وال درهم والقطيفة ((
(?) أخرجه أحم د ( ، )2/258والبخ اري في األدب المف رد ( ، )218وأب و داود ( 1
حبيب.
وهلل در القائل:
وليس للَّه إن فارقت من عوض لكل ٍ
شيء إذا فارقته عوض
-2ألن اللَّه عز وجل هو ص احب النعم ، وال يُس أل عما يفعل وهم
يب ص لى بنت الن ِّ
ت ُ يس ألون ، فعن أس امة بن زيد رضي اهلل عنهما ق الْ : أر َس لَ ْ
ض ر فاش هدنا ، فأرسل يق رئ الس الم ويق ول: اهلل عليه وس لم إن ابين قد احتُ ِ
ْ
يء عن ده بأج ٍل ُم َس َّمى فلتص بر إن هلل ما أخذ وله ما أعطى ، وكل ش ٍ ((
ْك ِم َّم ْن تَ َشاءُ َوتُِع ُّز َم ْن تَ َشاءُ َوتُ ِذ ُّل َم ْن تَ َشاءُ بِيَ ِد َك الْ َخ ْي ُر ِإنَّ َ
ك َعلَى ُك ِّل َوَت ْن ِزعُ ال ُْمل َ
َش ْي ٍء قَ ِد ٌير [ } آل عمران. ] 6 :
فمن أعظم ما يُس لي العبد ويُص رِّب ه إرجاعه األمر لص احبه وتس ليمه امللك
ُ
أكنت تحتسب به ؟ قلت :نعم .ق ال :ف أنت خلقته ؟ ق ال :بل اللَّهُ
)) (( ))
خلقه .قال :فأنت هديته ؟ قال :بل اللَّه هداه .ق ال :فأنت ترزقه ؟
)) (( )) ((
ق ال :بل اللَّه ك ان يرزقه ،ق ال :ك ذلك فض عه في حالل وجنِّبه حرامه ،
((
فإن شاء اللَّه أحياه وإن شاء أماته ولك أجر. )1(
))
-3أن اللَّه يجزي الصابر على مصيبته ، واحملتسب األجر عليها خب ٍري مما
ابتليت
ُ فقد منه يف الدنيا واآلخرة ، كما قال تعاىل يف احلديث القدسي : إذا
((
(?) إس ناده ص حيح ،رجال ه رج ال الص حيح ،وأخرج ه النس ائي في الك برى ( 1
اهلل عليه وس لم ، وبعث معه بتم رات ، فق ال : أمعه ش يء ؟ ق ال :نعم
)) ((
مترات . فأخذها النيب صلى اهلل عليه وسلم فمضغها ، مث أخذها من فِيه فجعلها
يف يِف ِّ الصيب ، مث حنَّكه ومساه عبد اللَّه.
ويف رواية للبخ اري : ق ال ابن عيين ة : فق ال رجل من األنص ار : ف رأيت
تسعة أوالد قد قرأوا القرآن - يعين أوالد من عبد اللَّه املولود.
ابن أليب طلحة من أم سليم ، فقالت ألهلها : ال
ويف رواية ملسلم : مات ٌ
حتدثوا أبا طلحة بابنه حىت أك ون أنا أحدث ه ، فج اء فق ربت إليه عش اء فأكل
وشرب ، مث تص نَّعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك ، فوقع هبا ، فلما أن
قوما
رأت أنه قد ش بع وأص اب منه ا ، ق الت : يا أبا طلح ة ، أرأيت لو أن ً
أع اروا ع اريتهم أهل بيت فطلب وا ع اريتهم ، أهلم أن مينع وهم ؟ ق ال : ال.
فقالت : فاحتسب ابنك.
الث الث : أن اللَّه وإن ابتلي عب ًدا مبص يبة فإمنا يبتليه بش يء من املص ائب،
كثريا من األرزاق ، فإذا تذكر
أيضا ًولكنه يُعافيه يف كثري من النعم ويُنزل عليه ً
العب ُد ما أنعم اللَّه به عليه ه ان عليه ما أص ابه من البالء وأعانه ذلك على الصرب
والرضى عن اللَّه ، ولقد ك ان ه ذا هو ح ال الس لف الص احل ، وس نذكر منها
مثالً ينطق باحلب وينبض بالرضى عن اللَّه يف قضائه وقدره:
عروة بن الزبير بن العوام:
قطعت س اقُه وم ات ول ده يف ي ٍ
وم واح د ، فلما ج اءه الن اس ليخفِّف وا عنه ُ
راض عن ريب ، فقد أعط اين اللَّهُ أربعة من الولد
ويواس وه ، ق ال : إين واللَّه ل ٍ
وذلك من وجوه:
أوالً : ألنه خالق الهبات:
يء موج ود فما من أحد من خلق اللَّه يهب هب ةً إال وهو حمت اج إىل ش ٍ
خمل وق ليهب ه ، وما خلق ه ذه اهلب ات وغريها إال اللَّه تب ارك وتع اىل ، فالن اس
يهبون من هبات اللَّه ، واللَّه يعطي من هباته هو ومن ُ
ص نع يده . قال تعاىل:
{ اللَّهُ َخالِ ُق ُك ِّل َش ْي ٍء. }
ثانيا : يهب بغير عوض وال غرض:
ً
فكل من يهب ش يًئا لغ ريه من اخللق فإمنا يهبه لغ رض يف نفس ه ، ومقابل
يرج وه ، ولو مل يوجد ه ذا الغ رض وذلك املقابل للهب ات مل يُتص ور ح دوث
اهلب ة . فالرجل يعطي اهلبة لول ٍد أجنبه أو ام رأة يتزوجها أو ص ديق حيب ه ، ولو
تصورنا أن هذه الروابط قد انفصلت أو انعدمت مل يُتصور معها اهلبات ، فلو
عق والده وهجره ، أو أن املرأة طُلِّقت من زوجها وتزوجت بآخر،
أن الولد َّ
وده ، مل يُتصور وجود اهلبات ، حىت العطاء
أو أن الصديق نقض عهده وخان َّ
للفق راء واملس اكني ال ذين ال يُ رجى منهم عط اءٌ وال يتوقع منهم ج زاءٌ فإمنا
يعطيهم من أجل غ ٍ
رض آخر ؛ وهو النج اة ي وم القيام ة ، كما ق ال تع اىل:
ِ ِ ِ ِ ِ
{ِ إنَّ َما نُطْع ُم ُك ْم ل َو ْجه اللَّه الَ نُ ِري ُد م ْن ُك ْم َج َز ًاء َوالَ ُش ُك ً
ورا [ } اإلنسان. ] 9 :
أما اللَّه ع َّز وج َّل فيهب بغري غ رض وال ع وض ، يهب تفض الً منه
ٍ
بشيء قد كتبه اللَّه لك. )2(
))
ٍ
بشيء لم ينفعوك إال
وحني ج اء جربيل عليه الس الم إىل م رمي عليه الس الم ق ال هلاِ { :إنَّ َما َأنَا
ك غُالَ ًما ك غُالَما َزكِيًّا ، } ويف ق راءة ُأخ رى ( : ليهب لَ ِ
َأِلهب لَ ِ رس ُ ِ
َ ً ول َربِّك َ َ َُ
َزكِيًّا ) أي : أن الوه اب على احلقيقة هو اللَّه ، ولكن جربيل هو ال ذي جتري
اهلبة على يديه فيكون واهبًا على اجملاز.
(?) ص حيح .أخرج ه أحم د ( ج 5ص ، )218وص ححه الع راقي في تخ ريج 1
المعنى اللغوي:
يأيت العُلُو يف اللغة على أربعة معاين:
-1علو كل ش يء ارتفاع ه ، ويق ال : عال فال ٌن اجلبل إذا رقيه ويعلو
عُلًُوا.
وت الرجل
-2القهر والغلب ة : يق ال : عال فال ٌن فالنًا إذا قه ره ، وعل ُ
غلبتُه ، ومن قول العرب:
تركناهم صرعى لنس ٍر وكاس ٍر فلما علونا واستوينا عليهم
-3رفعة الش أن وعُلُو الق در : تق ول الع رب : على كعبه أي ارتفع
((
األشرف الس مو ِ
ات الْعُلَى [ } ط ه ، ] 4 : واملعىن : هي
ُ شأنه ، كقوله تعاىلَ { : و َّ َ َ
واألفضل باإلضافة إىل هذا العامل ، وتعاىل : أي ترفَّع.
ِ ِ
ض } -4الكبر : كما قال تعاىل يف فرعونِ { : إ َّن ف ْر َع ْو َن َعالَ في ْ
اَألر ِ
ِ ِ [ القص ص .] 4 :وقال أيض ا { : وِإ َّن فِر َع و َن لَع ٍ ِ
ض َوِإنَّهُ لَم َن ال ُْم ْس ِرف َ
ين} اَألر ِ
ال في ْ َ ْ ْ َ ً
وأيضا كما قال تعاىل يف قوم فرعون { : فَ ْ
استَ ْكَب ُروا َو َك انُوا َق ْو ًما [ ي ونسً ، ] 83 :
ين [ } املؤمنون. ] 46 : ِ
َعال َ
ورود هذه األسماء في القرآن الكريم:
العلي يف مثانية مواضع منها: ))
ورد اسم اللَّه ُّ
((
ك اَأل ْعلَى [ } األعلى ، ] 1 : وقولهِ { : إالَّ -يف قوله تعاىلَ { : س بِّ ِح ْ
اس َم َربِّ َ
ابْتِغَ َاء َو ْج ِه َربِِّه اَأل ْعلَى [ } الليل. ] 20 :
ادةِ
الش َه َ وأما املتع ال فقد ج اء م رة واح دة يف قول هَ { : ع الِ ُم الْغَْي ِ
ب َو َّ )) ((
شيء حتت قهره وسلطانه وعظمته ال إله إال هو وال الْمتع ِال [ } الرع د ] 9 : فكل ٍ
َُ َ
رب سواه ؛ ألنه العظيم الذي ال أعظم منه ، العلي الذي ال أعلى منه ، الكبري
وجل عما يقول الظاملون املعتدون
عز َّ
وتنزه َّ
الذي ال أكرب منه تعاىل وتقدسَّ ،
كبريا(.)1
علوا ًً
وأشباه ُهم أن اللَّهَ يف كل مكان ، وأنه أعلى
ُ فتعاىل اللَّهُ عما يقول اجلهميةُ
وأس فل ووسط ومع كل ش يء ويف كل موضع من أرض ومساء ويف أج واف
كبريا.
علوا ً َّ
مجيع احليوان ، تعاىل الله عما يقولون ً
ق ال ش يخ اإلس الم ابن تيمية رحمه اللَّه : وهو س بحانه وصف نفسه
((
فال جيوز أن يوصف بضد احلي اة والقيومية والعلم والق درة مثل املوت
والن وم واجلهل والعجز واللغ وب وال بضد العِ زة وهو ال ُّذل وال بضد احلكمة
وهو الس فه ، فك ذلك ال يُوصف بضد العلو وهو الس فول ، وال بضد العظيم
وهو احلق ري ، بل هو س بحانه ُم َّنزه عن ه ذه النق ائص املنافية لص فات الكم ال
الثابتة له ، فثبوت الكمال له ينفي اتصافه بأضدادها وهي النقائص( .)1اهـ.
وقال ابن القيم رمحه اللَّه:
صاف الكمال لربنا الرمحن هذا ومن توحيدهم إثبات أو
ـاوات العُلى بل فوق كل مكان كعلوه سبحانه فوق السم ـ
ِّ
خالف ذا ببيان
ُ إذ يستحيل العلي بذاته سبحانه
فهو ُّ
قد قام بالتدبري لألكوان وهو ال ذي ح ًقا على الع رش
*** استوى
من آثار اإليمان بهذه األسماء الكريمة
الوج وه : علو ال ذات وعلو الق در والص فات ، وعلو القهر والكربي اء ، فهو
ال ذي على الع رش اس توى ، وعلىامللك احت وى ، وجبميع ص فات العظمة
(? ) فقد تضمنت هذه األسماء إثبات علو ذات ربنا سبحانه وأنه عال على كل ش يء 2
وفوق كل شيء وال شيء فوقه ،بل هو فوق عرشه كما أخبر عن نفسه ،وهو أعلم
بنفسه .
(?) تفسير ابن كثير (. )4/72 3
(?) فتأبى عليه .قال الشيخ األلباني :أي تمتنع إال كان هللا تب ارك وتع الى س اخطاً 4
عليها حتى يرضى عنه ا زوجه ا .والح ديث دلي ل من عش رات األدل ة على أن هَّللا
تعالى في السماء أي العلو المطلق ،فوق العرش والمخلوقات كلها .
(?) رواه مسلم (. )121 - 2/1436 5
وقد وصف الوليد بن املغ رية - وهو رجل ك افر - كالم اهلل بقول ه:
وإنه يعلو وال يُعلى عليه.
)) ((
أما كالمه الق دري ، ف إن اهلل إذا أراد ش ي ا َفعلَه وإذا َأم ر بش ٍ
يء ح دث، ََ ًئ َ
ول لَ هُ ُك ْن َفيَ ُك و ُن [ } يس. ] 82 : ق ال تع اىلِ { : إنَّ َما َْأم ُرهُ ِإذَا ََأر َ
اد َش ْيًئا َأ ْن َي ُق َ
وقال تعاىلَ { : و َكلِ َمةُ اللَّ ِه ِه َي الْعُلْيَا. }
ثالثًا : العلي في أسمائه وصفاته:
ْح ُّق ، } والعلي فهو العلي يف امللك ، قال تعاىلَ { : فَت َع الَى اللَّهُ ال َْملِ ُ
ك ال َ
اسم ربِّ َك اَأل ْعلَى. } ِئ
يف أمسا ه قال تعاىل { : سبِّ ِح ْ
ََ َ
رابعا : واللَّه تعالى هو العلى في حكمه:
ً
ْح ْك ُم لِلَّ ِه ال َْعلِ ِّي الْ َكبِي ِر. }
قال تعاىل { : فَال ُ
خامسا :وهو العلى في وحدانيته : فليس له زوجة أو ولد.
)) ((
ً
فهو العلي املنزه أن تك ون له ص احبةٌ أو ول د ، وه ذا ما آمنت به اجلن
واعرتفت به يف قوله { : وَأنَّه َتع الَى ج ُّد ر ِّبنا ما اتَ َّخ َذ ص ِ
احبَةً َوالَ َولَ ًدا}
[ اجلن: َ َ ُ َ َ ََ َ
. ]3
ومساء؟. )1(
))
وعن أنس رضي اهلل عنه أن زينب زوجة النيب صلى اهلل عليه وسلم كانت
تفخر على أزواج النيب ص لى اهلل عليه وس لم وتق ولَ : ز َّو َج ُك َّن ََأه الِي ُك َّن،
((
وزوجين اللَّهُ تعاىل من فوق سبع مساوات . ويف رواية : وكانت تقول : إن
(( ))
أنس ، وسفيان بن عَُيْينَة ومحاد بن سلمة ، وعبد اهلل بن املبارك ، والفضيل بن
عياض ، وأمحد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم احلنظلي ، متفقون على أن اللَّه
س بحانه بذاته ف وق الع رش وأن علمه بكل مك ان وأنه يُ رى ي وم القيامة
باألبصار ، وأنه ينزل إىل السماء الدنيا. )3(
))
فمما
طريقة املتبعني للكت اب والس نة وإمجاع اُألم ة ، فما اعتق دوه اعتق دناهَّ ،
اعتق دوه أن األح اديث اليت ثبتت عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم يف الع رش
واس تواء اهلل عليه يقول ون هبا ويثبتوهنا ، من غري تك ييف ، وال متثي ل ، وال
تش بيه ، وأن اللَّه ب ائن من خلق ه ، واخللق ب ائنون من ه ، ال حَيِ ُّل فيهم وال ميتزج
هبم وهو مست ٍو على عرشه يف مسائه دون أرضه. )1(
))
قال أبو سعيد الدارمي : ففي حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هذا
دليل على أن الرجل إذا مل يعلم أن اللَّه عز وجل يف الس ماء دون األرض فليس
مبؤمن ، ولو ك ان عب ًدا ف ُأعتق مل جَيُ ْز يف رقبة مؤمنة إذ ال يعلم أن اللَّه يف
السماء( . )3اهـ.
وانظر إىل ذكائه صلى اهلل عليه وسلم وكم كان ربانيًّا ، فعندما نزل قوله
اس ِم َربِّ َك ال َْع ِظ ِيم } ق ال : اجعلوها يف رك وعكم،
)) ((
تع اىل { : فَ َس بِّ ْح بِ ْ
اس َم َربِّ َك اَأل ْعلَى [ } األعلى ] 1 : ق ال : اجعلوها يف
وعن دما ن زلتَ { : س بِّ ِح ْ
س جودكم( ، )2فاخت ار للن اس تعظيم اللَّه يف ح ال اخلض وع وهو الرك وع،
جباه ُهم وتغرب فيه وجوههم بأن يذكروا اهلل
وأمرهم يف أعظم موقف تذل فيه ُ
ويسبحوه بامسه األعلى ليتذكروا ِذلتهم لعزته وخضوعهم لقوته ، فيكون ذلك
س بب ع زهم وهو أق رب املواقف للعبد من رب ه ، فقد ق ال النيب ص لى اهلل عليه
)) وس لم : أق رب ما يك ون العبد من ربه وهو س اجد ف أكثروا من ال دعاء ((
(. )3
-5ما عال شيء من الدنيا إال و ِ
ض ع : ُ ٌ
إال كما طار وقـع وما من ط ٍري طار وارتفع
عن أنس رضي اهلل عنه قال :كانت ناقة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
وصدق من قال : الدنيا إذا حلت أوحلت ، وإذا كست أوكست ، وكم
مات. من ملِ ٍ
ات ، فلما َعالَ َ
ك له َعالََم ٌ َ
أما التعالي الذي يعني التكبر ورغبة الرتفع بالنفس عن الناس جيعل العبد
ندا هلل جل جالله فيكون يف ذلك هالكه ، كما
متكربا حىت يظن نفسه ً
ً جبارا
ً
ال ِ
اآلخ َر ِة َواُألولَى قال فرعون لقومهَ { : أنَا َربُّ ُك ُم اَأل ْعلَى ( )24فََأ َخ َذهُ اللَّهُ نَ َك َ
(ِ )25إ َّن فِي ذَلِ َك ل َِع ْب َرةً لِ َم ْن يَ ْخ َشى. }
واملتكرب ال ذي يريد التع ايل عن خلق اللَّه إمنا ين ازع اللَّ َه ص فاته ، وقد ق ال
تع اىل يف احلديث القدس ي : العز إزاري ، والكبري اء ردائي ، فمن ن ازعني((
العلى:
))
-8أولئك لهم الدرجات ُ ((
(?) عزاه الش يخ األلب اني إلى ابن عس اكر ،والض ياء في المخت ارة عن س عد تب ًع ا 1
للسيوطي في زوائد الجامع الصغير ،وصححه الشيخ األلب اني ( .ص حيح الج امع
الصغير . )2/123
(? ) وارتق :أى فى درج الجنة بقدر ما حفظته من آى القرءان . 2
(?) رواه أبو داود ،والترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح . 3
(?) ش رح الح ديث فى ص حيح مس لم ( )6/84بش رح الن ووى "فض يلة حاف ظ 2
القرءان" .
(?) رواه مسلم . 3
المالئكة .
(?) صحيح لغيره .أخرجه الطبراني في الكبير ( ج . )12939/ 2 2
(?) رواه اإلمام أحمد ،ورُوى عن ابن عمرو وقال ابن حج ر فى المط الب العالي ة 3
بزوائ د المس انيد الثماني ة :موق وف ،إس ناده حس ن .انظ ر ( )4/375ح ديث رقم
4629عن المطالب .
و(الذرُّ ) هو النمل الصغير .
وإن فى الجنة مائة درجة ما بين كل درج تين كما بين السماء واألرض أعدها اهللُ
))(. )2
للمجاهدين فى سبيله
(( ثالثًا )) من الشهداء من يسكن الفردوس األعلى.
عن أنس (رضى اهلل عنه) أن أم الربيع بنت الرباء وهى أم حارثة بن سراقة
أتت النىب ص لى اهلل عليه وس لم فق الت : يا رس ول اهلل أال حتدثىن عن حارث ة،
(وكان قتل ي وم ب در) فإن ك ان ىف اجلنة صربت وإن ك ان غري ذلك اجتهدت
عليه ىف البُكاء فقال (( : يا أم حارثة إنها جنان فى الجنة ، وإن ابنك أصاب
الف ردوس األعلى ))( . )3اهلل أك رب . ما أهنئه من عيش ، وما أعظمه من رزق
ىف الفردوس األعلى أتدرى أخى احلبيب ما هى الفردوس ؟
لقد قال النىب ص لى اهلل عليه وس لم (( : إذا س ألتم اهلل فس لوه الف ردوس
فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه ع رش ال رحمن ومنه تفجر أنه ار
))(. )4
الجنة
(?) أخرجه البخاري ( )7423 ،2790من حديث أبي هريرة ،رضي هللا عنه . 4
(?) حسن :أخرجه الترمذي ( ، )5/3010وابن ماجه (. )2/2800 ،1/190 2
(?) المنهاج ( )1/198ذكره فى األسماء التى تتبع نفى التشبيه عن هللا ج ل وعال ، 1
(?) رواه مسلم "عن أبى ذر" رضى هللا عنه . 2
رمحته اخللق أمجعني ، وقيل وسع رزقه اخلل َق أمجعني ، ال جتد أح ًدا إال وهو
يأك ُل رزقَ ه ، وال يق در أن يأكل غري ما ُر ِزق( . )2وق ال تع اىلِ { : إ ْن يَ ُكونُ وا
ِ ِ ُف َقراء ي ْغنِ ِهم اللَّهُ ِمن فَ ْ ِ ِ
يم[ } النور. ]32 : ضله َواللَّهُ َواس ٌع َعل ٌ ْ َ َُ ُ
" -5واسع فى علم ه" وعلم اهلل من أعظم الص فات الىت جتلَّت فيها س عة
اهلل وأك ثر األمساء الىت اق رتنت باسم "الواس ع" هو اسم "العليم" فقد ورد اس ُم
"الواسع" مثان مرات اقرتن فيها باسم "العليم" سبع مرات . وهذا لكثرة اخللق
وتعددهم . فإن اهلل يعلم عدد قطرات املطر ، وأوراق الشجر وحبَّات الثمر،
واحلس نات والس يئات "…، ل ذلك جند أعظم اخللق إميانًا باهلل "عز وج ل"
يسبحون حبمده ويثنون عليه بسعة علمه.
ت ُك َّل َش ْي ٍء َر ْح َم ةً َو ِعل ًْما[ } غافر. ]7 :
فقد قالت املالئكة {َ ر َّبنَا َو ِس ْع َ
وق ال إب راهيم عليه الس المَ { : و ِس َع َربِّي ُك َّل َش ْي ٍء ِعل ًْما[ } األنع ام. ]87 :
ال ال الْ ُق ر ِ
ون اُألولَى ( )51قَ َ وس أل فرع و ُن موسى عليه الس الم { : قَ َ
ال فَ َما بَ ُ ُ
ْم َها ِع ْن َد َربِّي فِي كِتَ ٍ
اب الَ يَ ِض ُّل َربِّي َوالَ َي ْن َس ى[ } طه . ]52 ، 51 : فاهلل ِ
عل ُ
عز وجل وسع ِع ْل ُمه املاضى واحلاضر واملستقبل ويعلم الغيب كما يعلم الشهاة
الش َه َاد ِة . } ويعلم السر كما يعلم العلن ق ال ق ال تع اىلَ { : ع الِ ُم الْغَْي ِ
ب َو َّ
ُخ ِّف َف ْ
ت الص الة للمس افر فأص بحت الص الة الرباعية ركع تني فق ط،
ورخص له ىف اجلمع بني الظهر والعص ر ، وبني املغ رب والعش اء ، ورخص
للصائم ىف اإلفطار إن كان مسافرا مث يقضى ىف أيام أخر وكذلك للمريض.
-4إباحة الطالق لمن ضاقت عليهم حياتهم الزوجية.
ق ال تع اىل { : وِإ ْن يَت َف َّرقَا ي ْغ ِن اللَّهُ ُكالًّ ِمن س عتِ ِه و َك ا َن اللَّهُ و ِ
اس ًعا َ ْ َ َ َ ُ َ َ
َح ِك ًيما[ } النساء. ]130 :
ق ال ابن جري ر : يُ ْغ ِن اهلل ال زوج واملرأة املطلقة من س عة فض له أما ه ذه ((
ف بزوج هو أص لح هلا من املطل ق ، أو ب رزق واسع وعص مة ، وأما ه ذا ف ربزق
واسعا يعىن هلما ىف
واسع وزوجة هى أصلح له من املطلقة أو عفة وكان اهلل ً
)) ((
رزقه إيامها وغريمها من خلقه حكيما فيما قضى بينهما من الفرقة والطالق،
)) ((
كوِ
اس ُع -1الطمع فى رحمة اهلل ومغفرت ه : ق ال تع اىلِ { : إ َّن َربَّ َ َ
ال َْمغْ ِف َر ِة.}
فمن علم أن اهلل واسع الرمحة طمع فيها وازداد رج اؤه هلا وال يي أس منها
أبدا.
وعن أيب هري رة رضي اهلل عنه أن أعرابيًّا ق ال :اللهم ارمحىن وحمم ًدا وال
ت رحم معنا أح ًدا ، فق ال له رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم (( : لقد َح َّجرت
(?) أخرجه البخاري ( )6010من حديث أبي هريرة ،رضي هللا عن ه .حج رَّت : 1
ضيَّقت ،والقائ ل يري د رحم ه هَّللا بعض روات ه وكأن ه أب و هري رة .انظ ر فتح
أي َ
الباري (. )10/439
2
(?) رواه أحم د ،1/166والط براني ( )250من ح ديث الزب ير بن الع وام رض ي هللا عن ه ،
وضعفه محققو المسند ،والهيثمي في المجمع ،5/255 ،4/72والعراقي في تخريج اإلحياء (
، )734والسخاوي في المقاصد .
ولبعضه شاهد من من حديث عروة أخرجه أب و داود ( )3076مرس الً بلف ظ ... (( :
األرض أرض هَّللا والعب اد عب اد هَّللا ومن . )) ...وق ال األلب اني :ص حيح اإلس ناد
( صحيح أبي داود . )2641
هَّللا
وآخر من حديث فضالة بن عبيد رضي عنه أخرجه الطبراني )823( 18/318
بلفظ مرسل عروة المتقدم ،وقال في المجمع : 4/157رجاله رجال الصحيح .
(?) رواه البخاري . 3
(? ) رواه أحمد ،والبخاري ،ومسلم ،وهو في اللؤلؤ والمرجان ( ح . )595 2
(?) (( اللسان )2295 -4/2294( )) من كتاب النهج األسمى (. )3/21 1
(? ) رواه البخاري في (( المدخل ، )210 ،206 ،10/131( )) ومسلم في (( السالم ))
2
(. )4/1722
(?) رواه البخاري . 3
يء يؤذي ك ، ومن شر كل نفس أو عين حاس ٍد ، اهلل ك من ك ِّل ش ٍ ْأرقِي َ
يَ ْش ِفيك ، بسم اللَّه أرقيك. )1(
))
يتربأ من حوله وقوته إىل حول اللَّه وقوته ويقول : اللَّه يشفيك أي أن الرقية
)) ((
ول ذلك من اخلطأ العظيم وفس اد اإلميان أن يق ول الرج ُل : ل وال الط بيب
فالن لما ُش ِفيت ، ول وال ال دواء ك ذا ما ُع ِفيت ، ف إن األس باب ال تعمل
ُأصيب دواء ِ
الداء بَرَأ بإذن اهلل عز داء دواء ، فإذا ِوقال أيضا : لكل ٍ
َ ََ ُ ٌ ً ((
وجل . )2( فكم من م ريض ع ويف ب إذن اهلل بع دما عجز األطب اء أم ام مرض ه، ))
وكم من ط بيب ُأص يب ب املرض ال ذي ك ان يُ داوي منه الن اس ، وك ان فيه
در القائل:
هالكه ، ومل جيد من يداويه . وهلل ُّ
عجزت فنون الطب من عافاكا قل للمريض عُويف بعدما
من باملنايا يا صحيح دهاكا قل للصحيح ميوت ال من علة
يا شايف األسقام( )3من أرداكا الردى
يد َقل للطبيب ختطفته ُ
ثانيا : المرض جندي من جنود اللَّه:
ً
فإن اللَّه تبارك وتعاىل خلق اخللق صاحلني لعبادتهَّ ،
صح َح أبداهنم للقيام
ب ذلك وأس بغ عليهم نعمه ظ اهرة ، وباطنة لعلَّهم يش كرون ، ف إن أط اعوه
زادهم ، وإن عص وه ع اقبهم ؛ لقوله تع اىل { : لَِئ ْن َش َك ْرتُ ْم َأَل ِزي َدنَّ ُك ْم َولَِئ ْن
َش ِدي ٌد [ } إب راهيم ، ] 7 : ومما جعله اهلل س ببًا للث واب والعق اب َك َف ْرتُ ْم ِإ َّن َع َذابِي ل َ
أيض ا هو املرض ، فقد يك ون املرض س ببًا للمغف رة ، بل ودخ ول اجلن ة ، وقد
ً
وانتقاما ملن عصى اللَّه عز وجل يف الدنيا قبل اآلخرة.
ً يكون عقوبة
أوالً : المرض رحمة من اللَّه بالمؤمنين:
(?) رواه مسلم في (( السالم )10/134( )) من حديث أبي هريرة رضي هللا عنه . 1
(?) رواه مسلم في (( السالم )4/1729( )) من حديث جابر رضي هللا عنه . 2
(?) قيلت للطبيب لفظة (( يا شافي )) على سبيل التهكم والسخرية إذ مرض فلم يملك 3
لنفسه شفا ًء ،وقد كان يظن أنه يشفي الناس وال شافي إال هَّللا عز وجل .
أج رين؟ قال : أج ل ، ذلك كذلك ، ما من مس لم يصيبه أذى ش وكة فما ((
أص رِب ُ ، فق الت : إين أتكش ف ، فَ ْادعُ اللَّهَ أن ال ِ ِ
يُعافيَ ك . فق التْ :
))
(?) صحيح .أخرجه مسلم ( - 4البر والصلة ، )43/والبخ اري في األدب المف رد 1
(. )517
(?) رواه البخاري ( ، )10/5653والبيهقي (. )3/375 2
وعن أيب هري رة رضي اهلل عنه أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ق ال:
الش هداء خمس ة : المبط ون ، والمطع ون ، والغري ق ، وص احب اله دم، ((
املبط ون : ال ذي ميوت ب داء البطن . و املطع ون : ال ذي ميوت
)) (( )) ((
وعن ج ابر بن َعتِيك رضي اهلل عنه أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم
قال : الشهادة سبع سوى القتل في سبيل اهلل : المبطون ش هيد ، والغريق ((
ش هيد ، وص احب ذات الجنب ش هيد ، والمطع ون ش هيد ، وص احب
الحريق شهيد ، والذي يموت تحت الهدم شهيد ، والم رأة تموت بجمع
شهيد. )4(
))
. )1063
(?) رواه أبو داود ( ، )311والنسائي ( ، )4/13وابن ماجه ( ، )2803وابن حبان 4
-2دعوة المظلوم:
دعو املظل وم على من ظلمه
فمن أعظم األس باب اليت تص يب ب املرض أن ي َ
يب ص لى اهلل عليه وس لم : واتق دع وة المظل وم
((
ب أن يُبتلى ب ه ، وقد ق ال الن ُّ
( (( .)3180ذات الجنب )) هي الد َّمل الكبيرة ال تي تظه ر في ب اطن الجنب وتنفج ر
إلى داخل ،وقلما يسلم صاحبها ،و(( المرأة تموت بجمع )) أي تكون حامالً .
(?) رواه أحمد . 1
بن زيد بن عم رو بن نفيل رضي اهلل عنه أنه أخذ ش يًئا من أرض ها ، فق ال
س عيد : اللهم إن ك انت كاذبة ف أعم بص رها واقتلها في أرض ها . ق ال
)) ((
عروة بن الزبري رضي اهلل عن ه : فما ماتت حىت ذهب بص رها وبينما هي متشي
يف أرضها إذ وقعت يف حفرة فماتت(. )2
الج ُدر تق ول : أص ابتني
ويف رواية ملس لم : أنها رؤيت عمي اء تلتمس ُ
((
دعوة سعيد وأنها مرت على بئ ٍر في الدار التي خاصمته فيها فوقعت فيها
وكانت قبرها.
))
(?) انظر كتاب (( هذا الحبيب محمد )) لفضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري ( ص 114 4
).
أيقظ وين ف ذهبت إليه ورأيت ما يعانيه من األمل ، فخ اطبين ق ائالً : أص بت
بالكولريا مث مل ينطق بعد هذه الكلمة حىت مات. )2(
))
ه ذا ، وقد نش رت اجلرائد اهلندي ة - آن ذاك :- أن غالم أمحد املتنيب
القادي اين ملا ابتلي ب الكولريا ك انت النجاسة خترج من فمه قبل موت ه ، وم ات
جالسا يف بيت اخلالء لقضاء احلاجة.
وكان ً
-4ومن أهل جهنم من يعذب بالمرض:
فمن ذلك أهنم حيش رون وقد فق دوا أبص ارهم وأمساعهم ، في أتون ي وم
القيامة وقد أصاب عيوهنم العمى وألسنتهم البكم وآذانكم الصم ، قال تعاىل:
َّم ُكلَّ َما ِ ِ ِ
اه ْم َج َهن ُ ش ُر ُه ْم َي ْو َم الْقيَ َام ة َعلَى ُو ُج وه ِه ْم عُ ْميًا َوبُ ْك ًما َو ُ
ص ًّما َم َْأو ُ {َ ونَ ْح ُ
(?) حي اة ناص ر ل رحيم الغالم القادي اني ( ص )14من كت اب الج زاء من جنس 2
واألخذ باألس باب يف الت داوي من األم راض بأس باب الش فاء ال يُن ايف
التوك ل ، بل هو من ُحسن التوكل على اللَّه ومن كم ال التوحيد ؛ إذ أنه يأخذ
باألس باب وهو يعلم أهنا ال تنفع وال تضر إال ب إذن اللَّه وال َت ُر ُّد ش يًئا من ق در
اللَّه.
فعن أيب ُخزامة ق ال : قلت : يا رس ول اللَّه ، أرأيت ُرقى نس رتقيها،
ودواءً نت داوى ب ه ، وتُق ا ًة نتقيه ا ، هل َت ُر ُّد من ق در اللَّه ش يًئا ؟ فق ال : هي
((
(? ) رواه أحمد في المسند ،وأخرجه أبو داود ،والترمذي ،وقال :حسن صحيح . 2
وعن أم س لمة رضي اهلل عنها أهنا انتبذت فجاء رسول اهلل صلى اهلل عليه
هدر ،فقال :ما هذا ؟ قالت :فالنة اشتكت َف ُو ِص ف هلا ،
))
وسلم والنبيذ يَ ُ
((
فاء
))
رام ش ً ق الت :فدفعه برجله فكس ره ،وق ال :إن اللَّه لم يجعل في ح ٍ
((
( . )3
وعن ابن مس عود رضي اهلل عنه ق ال :إن اللَّه لم يجعل ش فاءكم فيما
((
وأتى رج ٌل البن مس عود رضي اهلل عنه ،فق ال :إن أخي م ريض اش تكى
بطنه وأنه نعت له اخلمر أفأس قيه ؟ ق ال عبد اللَّه :س بحان اهلل ! ما جعل اللَّه
شفاء يف رجس ،إمنا الشفاء يف شيئني :العسل شفاء للناس ،والقرآن شفاء ملا
يف الصدور(. )5
(?) في المس ند ،وس بق الترم ذي ،وأخرج ه ابن ماج ه ،والح اكم في ص حيحه ، 1
(?) أخرجه أحمد في (( األشربة( )) ق ، )19/1وابن أبي ال دنيا في (( ذم المس كر( )) 3
مسعود موقوفًا ،قال األلباني (( :إسناده صحيح ،وعلقه البخاري بصيغة الجزم( ))
-10/65فتح ) ،وصححه الحافظ ابن حجر .السلسلة الصحيحة (. )4/175
(?) أخرج ه الط براني ( )8910عن أبي األح وص ،وق ال األلب اني (( :إس ناده 5
(?) رواه البخ اري في (( المرض ى ، )210 ،206 ،10/131( )) ومس لم في 1
القلبية والبدني ة ، وأدواء ال دنيا واآلخ رة ، وما كل أح ٍد يُوفَّق لالستش فاء ب ه.
وإذا أحسن العليل الت داوي به ووض عه على دائه بص دق وإميان ، وقب ول ت ام،
أبدا . وكيف تقاوم األدواء
واعتقاد جازم ، واستيفاء شروطه مل يقاومه الداء ً
كالم رب األرض والس ماء ، ال ذي لو ن زل على اجلب ال لص دَّعها ، أو على
األرض لقطعها(. )2
والمعوذات:
ِّ الرقى بالقرآن
ُّ -2
( )3
ينفث
عن عائشة رضي اهلل عنها أن النيب ص لى اهلل عليه وس لم ك ان ُ
أنفث
كنت ُعلى نفس ه - يف املرض ال ذي م ات في ه - ب املعوذات ، فلما ثقل ُ
نفسه َلبَر َكتها(. )4
وأمسح بيده َ
ُ هبن
عليه َّ
وس ِئل الزهري : كيف ينفث ؟ قال : كان ُ
ينفث على يديه مث ميسح هبما ُ
النيب صلى اهلل عليه وسلم-
وجهه . وعن عائشة رضي اهلل عنها قالت : أمرين ُّ
أو َأمَر - أن يُسرتقى من العني(. )5
مرفوع ا : العين حق ولو ك ان ش يء
ً (( وعن ابن عب اس رضي اهلل عنهما
اس ُت ْغ ِسلتم فاغسلوا. )6(
))
سابق القدر لسبقته العين ، وإذا ْ
وعن عائشة رضي اهلل عنها أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ك ان إذا
(?) النفث :هو النفخ مع الريق القليل .انظر مف ردات ألف اظ الق رآن لألص بهاني ( 3
. )816
4
(?) رواه البخاري في كتاب الطب -باب ل دقي ب القرآن والمع وذات ( )10/195رقم الح ديث
.5735
(?) رواه البخاري في كتاب الطب -باب رقية العين . 5
-4الحبة السوداء:
يب ص لى اهلل عليه وس لم يق ول:
عن عائشة رضي اهلل عنها أهنا مسعت الن َّ
قلت : وما
إن ه ذه الحبَّة الس وداء ش فاءٌ من كل داء ، إال الس امُ .
)) ((
(?) متفق عليه ،ورواه مسلم باب استحباب الرقية من العين ...والحمة والنظ رة ( 1
. )14/184
(?) رواه البخاري -كتاب الطب -باب الش فاء في ثالث ( )10/137ح ديث رقم ( 2
. )5681
(?) رواه البخاري -كت اب الطب -ب اب الحب ة الس وداء ( )10/143ح ديث رقم ( 3
. )5687
(?) رواه البخاري -كتاب الطب -باب الحجامة من ال داء ( )10/150ح ديث رقم 4
إال أن زل له ش فاء إال اله رم فعليكم بألب ان البقر فإنها ت رم من كل الش جر
))
( . )6
-7الم ــا ء :
عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم ق ال:
(? ) العذرة :قيل هي قرحة تخرج فيما بين األذن والحلق وتعرض للصبيان غالبًا . 1
(? ) السعوط :ما يصب في األنف .انظر الطب النبوي البن القيم ( ص )75 ،74 2
.
(?) أخرجه أحمد والحاكم وأبو يعلى ،والبزار . 3
(?) رواه البخاري -كتاب الطب -باب الدواء بألبان اإلبل ( )10/141ح ديث رقم 5
(. )5685
(?) أخرج ه الطيالس ي ( ، )366والنس ائي في الك برى ( ، )6863وابن حب ان ( 6
، )6075والحاكم ،197 ،4/196من حديث ابن مسعود ،رضي هللا عنه .وانظر
الصحيحة (. )518
يب اللَّه أي وب عليه الس الم يف املاء . ق ال تع اىلَ { : واذْ ُك ْر
وك ان ش فاء ن ِّ
ض ب َو َع َذ ٍ
اب (ْ )41ار ُك ْ ص ٍ س نِ َي َّ
الش ْيطَا ُن بِنُ ْ وب ِإ ْذ نَ َ
ادى َربَّهُ َأنِّي َم َّ َع ْب َدنَا َأيُّ َ
اب [ } ص. ] 42 ،41 : ك َه َذا ُمغْتَ َس ٌل بَا ِر ٌد َو َش َر ٌبِ ِر ْجلِ َ
ق ال ابن كث ري : قيل بنصب يف ب دين وع ذاب يف م ايل وول دي فعند ذلك
اس تجاب له أرحم ال رامحني ، وأم ره أن يق وم من مقامه وأن ي ركض األرض
برجل ه ، ففعل ف أنبع اهلل تع اىل له عينًا وأم ره أن يغتسل منها ف أذهبت مجيع ما
ك ان يف بدنه من األذى ، مث أم ره فض رب األرض يف مك ان آخر ف أنبع له عينًا
أخ رى وأم ره أن يش رب منها ف أذهبت مجيع ما ك ان يف باطنه من الس وء
ض بِ ِر ْجلِ َ
ك اهرا وباطنً ا ، وهلذا ق ال تب ارك وتع اىلْ { : ار ُك ْ
وتك املت العافية ظ ً
اب. )2(} َه َذا ُمغْتَ َس ٌل بَا ِر ٌد َو َش َر ٌ
-8م ـاء زم ـزم :
ثبت يف الص حيحني أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ش رب من م اء
طعم وش فاء س قم . )3( وقد
))
زم زم ، وأنه ق ال : إنها مبارك ة ، وهي طع ام ٌ ((
(?) رواه البخ اري -كت اب الطب -ب اب الحمى من فيح جهنم ( )10/174ح ديث 1
رقم (.)5723
(?) تفسير ابن كثير (. )4/39 2
،من حديث أبي ذر ،رضي هللا عنه ،في قصة إسالمه .وليس عن د مس لم قول ه :
(( وشفاء سقم. ))
ا ْش ِ
ف سع ًدا ، اللهم اشف سع ًدا. )3(
))
-3دع اءٌ للعافي ة : وعن ابن عب اس رضي اللَّه عنهما عن النيب ص لى اهلل
ض ْرهُ أجلُ ه ، فق ال عن ده س بع مريض ا لم يَ ْح ُ
عليه وس لم ، ق ال :من ع اد ً
((
-4دعاء يُنجي من النار : عن أيب سعيد اخلدري ، وأيب هريرة رضي اهلل
عنهما أهنما ش هدا على رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم أنه ق ال : من ق ال:
((
(? ) رواه أبو الشيخ في الثواب عن أبي أمامة ،وحسنه األلباني في صحيح الج امع 1
(. )3353
(?) متفق عليه . 2
***
ُأ
(?) رواه البخاري (( .وأبو ُء )) أي :قِرُّ وأعترف . 2
لك على ما ك ان منك وال ُأب الي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبُك عن ان
السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب األرض
خطايا ثم لقيتني ال تشرك بي شيًئا ألتيتك بقرابها مغفرة. )1(
))
جميعا:
ً -3إن اللَّه يغفر الذنوب
فمهما عظُمت ذنوب العبد فإن مغفرة اهلل ورمحته أعظم منها بل ومن كل
أبدا.
شىء فال يقنط من رمحة اهلل وال ييأس من عفوه وغفرانه أح ٌد ً
َأس َرفُوا َعلَى َأْن ُف ِس ِه ْم الَ َت ْقنَطُ وا ِم ْن َر ْح َم ِة
ين ْ
اد َّ ِ
ي الذ َ
ِ ِ
قال تعاىل { : قُ ْل يَا عبَ َ
الذنُوب ج ِميعا ِإنَّه هو الْغَ ُفور َّ ِ ِ ِ
يم. } الرح ُ ُ اللَّه ِإ َّن اللَّهَ َيغْف ُر ُّ َ َ ً ُ ُ َ
ق ال ابن عب اس رضى اهلل عنهما فى ه ذه اآلية" : قد دعا اهلل إىل مغفرته
من زعم أن املس يح هو اهلل ، ومن زعم أن املس يح هو ابن اهلل ، ومن زعم أن
عزي ًرا ابن اهلل ، ومن زعم أن اهلل فق ري ، ومن زعم أن يد اهلل مغلول ة ، ومن
زعم أن اهلل ث الث ثالثة يق ول اهلل تع اىل هلؤالءَ { : أفَالَ َيتُوبُ و َن ِإلَى اللَّ ِه
ِ ِ
يم . } مث دعا إىل التوبة من هو أعظم ق والً من َويَ ْس َتغْف ُرونَهُ َواللَّهُ غَ ُف ٌ
ور َرح ٌ
ت لَ ُك ْم ِم ْن ِإل ٍَه غَْي ِري. }
هؤالء . من قال {أنا ربكم األعلى} وقال {َ ما َعلِ ْم ُ
مث قال ابن عباس (رضى اهلل عنهما) من آيس عباد اهلل من التوبة بعد هذا
(. )2
فقد جحد كتاب اهلل عز وجل
فرحا ىف
وعن ابن مس عود رضى اهلل عنه ق ال : إن أك ثر آية ىف الق رآن ً
(?) تفسير ابن كثير ( ، )4/58وآيس الناس :أي قنطهم . 2
(?) رواه مسلم ( )4/2755عن العالء عن أبيه عن أبى هريرة به . 2
(?) ص حيح :أخرج ه أب و داود ( ، )4/4012والنس ائي ( ، )1/200وال بيهقي من 3
طريق أبي داود ( )1/198عن النُّفيلي .حدثنا زهير عن عبد الملك بن أبي س ليمان
ال َعرزمي عن عطاء عن يعلى به.
(?) رواه البخاري في (( المظ الم ، )5/96( )) وفي (( التفس ير ، )8/353( )) ومس لم 2
(?) رواه البخاري في (( المظ الم ، )5/97( )) ومس لم في ال بر والص لة ()4/1996 4
من ح ديث س الم بن عب د هَّللا عن أبي ه مرفو ًع ا ،وأول ه (( :المس لم أخ و المس لم ال
يظلمه . )) ...
(?) حديث ص حيح :أخرج ه أحم د ( ، )421 -4/420وأب و داود ( )5/4880عن 1
(?) فالة :أى أرض واسعة ال نبات بها وال ماء . 1
في ب ني إس رائيل رجل قتل تس عة وتس عين إنس انًا ، ثم خ رج يس أل ، ف أتى
راهبًا فس أله ، فق ال ل ه : هل من توب ة ؟ ق ال : ال ، فقتل ه ، فجعل يس أل،
أناس ا ِ
فق ال له رج ل : اْئت قرية ك ذا وك ذا - ويف رواية ملس لم : ف إن بها ً
يعب دون اللَّه فاعبد اهلل معهم - فأدركه الم وت فن اء بص دره نحوها
فاختص مت فيه مالئكة الرحمة ومالئكة الع ذاب ، ف أوحى اللَّه إلى ه ذه:
أن تق َّربي ، وأوحى إلى ه ذه : أن تباع دي ، وق ال : قيس وا ما بينهم ا،
َف ُو ِج َد إلى هذه( )1أقرب بشب ٍر َفغُِف َر له. )2(
))
(?) حسن .أخرجه أحمد ( )16/8275عن أبي هريرة رضي هللا عنه . 5
(?) أخرجه البخاري ( ، )7405ومسلم ( ، )2675من حديث أبي هريرة ،رض ي 1
(?) حس ن :رواه الط براني في الكب ير ،وأب و نعيم في الحلي ة عن أبي س عيد 2
رج ، فلما ج ائني ال ذي س معت ص وته يبش رني س اج ًدا وع رفت أنه ج اء ف ٌ
وبي فكس وتهما إي اه ببش راه ، واللَّه ما أملك غيرهما يومئذ.
))
ن زعت له ث َّ
ول اللَّه ص لى اهلل عليه وس لم ق ال ل ه : إن من توب تي أن أنخلع
(( فلما أتى رس َ
من مالي صدقة إلى اللَّه وإلى رسوله. )1(
))
(?) صحيح .رواه أبو يعلى في (( مسنده ، )) والضياء عن أنس ،وصححه األلب اني 2
وعن أيب موسى األش عري رضي اهلل عنه عن النيب ص لى اهلل عليه وس لم
قال : إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليت وب مسيءُ النهار ، ويبسط يده ((
َّ
رءا ك انت بينه وبين أخيه ش حناء فيق ول اترك وا ه ذين بالله ش يًئا ، إالَّ ام ً
حتى يصطلحا. )2(
))
(? ) رواه الترمذي ،وقال :حديث حسن .يغرغر :أي :ما لم تبلغ روحه حلقوم ه 1
(?) أخرج ه الترم ذي ( )3540من ح ديث أنس رض ي هللا عن ه .وق ال :حس ن 1
إس باغ الوض وء على المك اره وك ثرة الخطا إلى المس اجد ، وانتظ ار ((
))(. )2
ط ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط
فذلكم الربا ُ
ُ الصالة بعد الصالة
وعن أىب هري رة (رضى اهلل عن ه) ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
وس لم(( : من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بي وت اللَّه ، ليقضي
فريضة من ف رائض اهلل ، ك انت خطواته إح داها تحط خطيئة ، واألخ رى
)) (. )3
ترفع درجة
– 9الصالة.
عن أىب هري رة (رضى اهلل عن ه) ق ال : مسعت رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس ((
وسلم يقول : أرأيتم لو أن ً
م رات هل يبقى من درنه ش ىء ؟ ق الوا : ال يبقى من درنه ش يء . ق ال:
))(. )4
مثل الصلوات الخمس يمحو اهلل بهن الخطايا
فذلك ُ
وعن عثم ان بن عف ان (رضى اهلل عن ه) ق ال : مسعت رس ول اهلل ص لى اهلل
رىء مس لم تحض ره ص الة مكتوبة فيحسن عليه وس لم يق ول(( : ما من ام ٍ
(?) أخرجه مسلم ( )245من حديث عثمان ،رضي هللا عنه . 1
هَّللا
(?) أخرجه مسلم ( 1ق ) 2من حديث أبي هريرة ،رضي عنه . 2
(?) أخرجه أحمد ،4/146ومسلم ( ، )234من حديث عقبة بن ع امر ،رض ي هللا 3
عنه .
(?) أخرجه البخاري ( ، )780ومسلم (. )410 4
(?) أخرجه مسلم ( )597من حديث أبي هريرة ،رضي هللا عنه . 2
(?) ص حيح :رواه أحم د ،والترم ذي ،والح اكم ،وال بيهقي في س ننه عن بالل ، 3
في ش عب اإليم ان ،وابن ماج ه ،وص ححه األلب اني في ص حيح الج امع ( رقم
. )5136
– 22الحج المبرور.
ق ال النىب ص لى اهلل عليه وس لم (( : من حج ه ذا ال بيت فلم ي رفث ولم
))(. )6
يفسق رجع كيوم ولدته ُُّأمه
(?) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي هللا عنه . 6
(?) صحيح :رواه أحم د في مس نده ،والترم ذي ،وص ححه األلب اني في ص حيح 4
جلس ائه : كيف يكسب أح دنا ألف حس نة ؟ ق ال : يس بح مائة تس ٍ
بيحة ((
))(. )2
ألف خطيئة
ب له ألف حسنة ، أو يُحط عنه ُ
فيُكتَ ُ
– 27قول سبحان اهلل وب ـحمده .
عن أىب هري رة (رضى اهلل عن ه) ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
وس لم(( : من ق ال س بحان اهلل وبحم ده فى ي وم مائة م رة ُحطَّت خطاي اه،
وإن ك انت مثل زبد البحر))( . )3وىف رواي ة (( : من ق ال حين يمسى وحين
يصبح)).
– 28الصالة على النبى عليه الصالة والسالم.
عن أنس (رضى اهلل عن ه) ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم:
ت عنهوحطَّ ْ ٍ ((من صلى َّ
ص لوات ُ على صالة واحدةً ، صلى اهلل عليه عشرة َ
ورفِ ْ
))(. )4
عت له عشر درجات عشر خطيئات ُ
غريب ،وابن ماجه ( )2799واللفظ له ،وأحمد ( ، )4/131وصححه األلباني .
(?) رواه مسلم ( )13/30اإلمارة . 1
(?) ص حيح :رواه مس لم ،وأحم د في مس نده ،والنس ائي عن س عد ،وص ححه 2
(?) ص حيح :رواه أحم د في مس نده ،والبخ اري في األدب المف رد والنس ائي ، 4
والحاكم عن أنس ،ورواه ابن حبان في ص حيحه ،وص ححه األلب اني في ص حيح
(?) ص حيح :رواه أب و داود ،والح اكم ،وص ححه الح اكم واأللب اني في ص حيح 2
1
(?) صحيح :رواه الطبراني في الكبير عن أبي أمامة ،وصححه األلباني في صحيح الج امع
( رقم . )433
(?) متفق عليه . 2
(?) ص حيح :رواه مس لم عن ج ابر ،والبخ اري في األدب المف رد ،وابن س عد ، 3
(?) رواه مس لم ( )4/19في ال ذكر وال دعاء عن أبي هري رة رض ي هللا عن ه ، 4
.] 149
-3قد يغفر الن اس عن جه ٍل بعظيم اجلناية اليت ارتُ ِكبَت يف حقهم ،
فمنهم من لو علم م دى اإلس اءة من اجلاين وتفاص يل معص يته ومك ره به
وترص ده له لكي يظفر منه بلحظة غفلة كي يض ره أو يس يء إليه أو علم ما
ك ان خيفيه يف ص دره من خيانة وس وء طوية ملا اس تطاع أن يغفر له أب ًدا ،أما
عز وجل فإنه يعلم كل ٍ
شيء عن معصية العصاة الظاهر من أمرهم والباطن اللَّه َّ َّ
،ومع ذلك فإنه يغفر وي رحم ويعفو ويتك رم ويتج اوز عما يعلم ،وقد ق ال
الص ُدو ِ اج َهروا بِ ِه ِإنَّهُ َعلِيم بِ َذ ِ ِ
ر [ } امللك ] 13 : ات ُّ ٌ تعاىل َ { :وَأس ُّروا َق ْولَ ُك ْم َأ ِو ْ ُ
،لذلك عندما مسع اإلمام أمحد بن حنبل رجالً يقول :
يوما . ...
))
الدهر ً
لذلك قد جاء من الدعاء :اللهم ا ْغ ِف ْر وارحم واعفو َّ
وتكرم وتجاوز ((
-4قد يغفر العبد التقي لغريه ولكن هل يستطيع أن ميحو سيئات العاصي
أو أن يُص لح حاله أو يزيد يف حس ناته ؟ كال ال يفعل ذلك إال اللَّه ف إن اللَّه
يعفو ويغفر وميحو السيئات ،بل ويب دهلا حسنات ملن َح ُس نت توبته وخلصت
وب ِإالَّ اللَّهُ [ } آل عم ران ، ] 135 :لذلك ُحق الذنُ َ نيته .قال تعاىل َ { :و َم ْن َي ْغ ِف ُر ُّ
للمؤمنني التائبني أن يقولوا للَّه :
ِ ت َولُِّينَا فَا ْغ ِف ْر لَنَا َو ْار َح ْمنَا َوَأنْ َ
ت َخ ْي ُر الْغَاف ِر َ
ين [ } األعراف . ] 155 : {َ أنْ َ
-4عن علي رضي اهلل عنه ق ال : ك ان رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم
إذا ق ام إىل الص الة يك ون من آخر ما يق ول بني التش هد والتس ليم : اللهم
((
اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ، وما أس رفت ، وما
أنت أعلم به مني ، أنت المقدم ، وأنت المؤخر ال إله إال أنت. )4(
))
***
(?) رواه أبو داود ،والترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح . 3
المعنى اللغوي:
ق ال ابن ِس َ
يده : ال ُو ُّد : هو احلب يك ون يف مجيع م داخل اخلري، )) ((
اللَّه عز وجل على ه ذا املذهب من أهل اللغة أنه تب ارك وتع اىل ي ُّ
ود عب اده
الصاحلني وحُي بهم . الثاني : أنه فعول ، فتقديره أنه عز وجل مودود ؛ أي يوده
عباده وحيبونه(. )1
وقد نطق الق رآن بكليتهما وأثبتهما اللَّه لنفسه يف كتابه وس نة رس وله.
ف يَْأتِي اللَّهُ بَِق ْوٍم يُ ِحُّب ُه ْم َويُ ِحبُّونَهُ [ } املائدة. ] 54 : قال تعاىل { : فَ َ
س ْو َ
قال ابن القيم رمحه اللَّه:
أحبابه والفضل ملنان وهو الودود حيبهم وحيبه
يف قلوهبم وجازاهم حبب ثان وهو الذي جعل احملبة
ال معاوضة وال لتوقع الشكران هذا هو اإلحسان حمضا
لكن حُيِ ُّ
()2
وش ُك َورهم ال الحتياج منه للشكران
ُ ب َش ُك َورهم
قال السعدي رمحه اللَّه : الودود الذي حيب أنبياءه ورسله وأتباعهم وحيبونه
فهو أحب إليهم من كل شيء قد امتلئت قلوهبم من حمبته وهلجت ألسنتهم بالثناء
وإخالصا وإنابة من مجيع الوجوه(. )3
ً عليه واجنذبت أفئدهتم إليه ُو َّداً
ق ال اخلط ايب : وقد يك ون معن اه أن ي وددهم إىل خلقه كقوله جل وع ز:
بقرب ه ، وإىل املذنبيني مبغفرت ه ، وإىل الت ائبني بقب وهلم وعف وه عنهم ، وإىل
املت وكلني بكفايت ه ، وإىل احملس نني برمحت ه ، وإىل املتقني بنعمت ه ، وإىل عامة
الناس بعظيم إفضاله وكثري إنعامه.
الواد ألهل طاعته ، والراضي عنهم بأعماهلم واحملسن إليهم
وقد قيل : هو ُّ
ألجلها واملادح هلم هبا.
در القائل:
وهلل ُّ
وتثىن عليهم والثناء مجيل ودود حتب اخلري للخلق كلهم
فأنت غين عن سواك مجيل ودود بال ميل ودود بال هوى
عزيز ومن مل ترض عنه ذليل لك احلمد من ترضى عنه فإنه
مفاتيح الغيب ما إليه سبيل ودود قريب من عبادك مالِك
وق ال الش يخ الس عدي : إن اللَّه يت ودد إىل أولي اءه وخ ِّ
واص خلقه مبحبته ((
ف الفرس الع ريب حيب ص احبه ويألفه ويف رح لقربه وحيزن لفق دهُ . روي أن
رجالً امسه الزعرتي كان له فرس حيبه ويرعاه ، وكان خيلط له الشعري بالسكر،
رس عن الطع ام ووقف عند ب ابرتي أض رب الف ُرس ، فلما م رض الزع ُفأحبه الف ُ
احلج رة اليت هبا ص احبه ومل يربح ه ، فلما م ات الزع رتي انطلق الف رس إىل أحد
الروايب فوق اجلبل وألقى بنفسه ليلقى مصرعه حزنًا على صاحبه الذي أحبه(.)2
ب :
حب وتُ َح ُّ
حتى الجماد والصخور تُ ُّ
فتأمل ق ول النيب ص لى اهلل عليه وس لم عن جبل ُأح د : ه ذا جب ٌل يحبنا
((
(?) رواه اإلم ام أحم د في (( مس نده ، )) والنس ائي ،والح اكم في (( المس تدرك، )) 1
آخ ر ، حبًّا ال يش ابه حب الش هوة للنس اء ، وال حب الرب لآلب اء وال ُحب
الش فقة باألبن اء وال حب الندِّية لألص دقاء ، بل حيبه تب ارك وتع اىل حب العابد
لرب ه ، واملخل وق خلالق ه ، واململ وك ملالك ه ، واملرزوق لرازق ه ، حبًّا مقرونًا
باخلش ية ، ق ال تع اىلِ { : إَّن ُهم َك انُوا يس ا ِرعُو َن فِي الْ َخ ْي ر ِ
ات َويَ ْدعُو َننَا َرغَبًا َ َُ ْ
ين [ } األنبياء. ] 90 : ِِ
َو َر َهبًا َو َكانُوا لَنَا َخاشع َ
ثانيً ا : أن ال يحب ش يًئا مثله مع ه ، بل وال تبقى مثق ال ذرة من ه ذا ((
(?) رواه أحمد ،والبخاري ،ومسلم ،والترمذي ،والنسائي ،وابن ماجه عن أنس 1
.
صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، أال وهي القلب. )1(
))
(?) أخرج ه البخ اري ( ، )52ومس لم ( ، )1599من ح ديث النعم ان بن بش ير ، 1
( . ) 1
-3حب القرآن:
سره أن يحب اللَّه ورسوله
قال رسول اللَّه صلى اهلل عليه وسلم : من َّ
((
وق ال ابن مس عود رضي اللَّه عن ه : من ك ان يحب أن يعلم أنه يحب
((
اللَّهَ فليع رض نفسه على الق رآن ، ف إن ك ان يحب الق رآن فهو يحب اللَّهَ
فإنما القرآن كالم اللَّه.
))
وكان ابن مسعود رضي اللَّه عنه إذا ُأهدي إليه املصحف يفرح به ويقول
كالم ريب كالم ريب.
أيض ا : أطلب قلبك عند ثالثة مواضع ؛ عند ق راءة الق رآن،
وق ال ً ((
ومج الس العلم ، ووقت الس حر ، ف إن لم تجد قلبك فسل اللَّهَ أن يَ ُمن
عليك ٍ
بقلب فإنك ال قلبك لك.
))
(?) حسن .رواه أب و نعيم في (( الحلي ة ، )) وال بيهقي في الش عب عن ابن مس عود ، 2
ال تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت،
وأس ألك ل ذة النظر إلى وجهك والش وق إلى لقائك في غ ير ض راء م ِ
ض َّرة ُ
وال فتنة مضلة ، اللهم زينا ِ
بزينة اإليمان واجعلنا هداة مهتدين. )2(
))
ُ
(?) من كت اب (( م وارد الظم آن في محب ة ال رحمن )) لل دكتور س يد العف اني ( ص 1
. )159
(?) أخرجه النسائي ( )1305 ،1304من حديث عمار رضي هللا عنه . 2
وجل ، فإذا ومن أجل ذلك يكون أعظم نعيم ألهل اجلنة هو رؤية اللَّه َّ
عز َّ
رأوه تض اءلت أم ام رؤيته كل الل ذات وش غلوا به عما س واه ، ولس ان ح اهلم
يقول:
جاءت وفايت ومل أشبع من النظر ولو أن عيين إليك الدهر ناظرة
وقال الشافعي رمحه اللَّه :لو مل أعلم أين سأرى اهلل يوم القيامة ملا عبدته.
)) ((
وقال رسول اللَّه صلى اهلل عليه وسلم : أوثق ُعرى اإليمان الموالة في
((
(?) أخرجه مسلم ( )898من حديث أنس ،رضي هللا عنه . 1
(?) صحيح :رواه الطبراني في الكب ير عن ابن عب اس ،والطيالس ي ،والح اكم ، 3
والطبراني في الكبير واألوس ط عن ابن مس عود ،وأحم د ،وابن أبي ش يبة ،وابن
نصر عن البراء ،وصححه األلباني في (( صحيح الجامع )) رقم (. )4312
وال يكون لألنساب والرحم : قال النيب صلى اهلل عليه وسلم : إن من
((
)) أيض ا يف األنصار : ال يحبهم إال مؤمن وال يبغض هم إال منافق
((
وقال ً
( . )4
ب آل بيت النبي صلى اهلل عليه وسلم.
ثالثًاُ : ح ُّ
فقد ق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : أحب وا اللَّه لما يغ ذوكم به من
((
النعم وأحبوني لحبكم للَّه وأحبوا أهل بيتي لحبكم لي. )5(
))
()6
اد القب ور ب الطواف ح ول املقام ات والقب ور
بي تي . وليس كما يفعل عبَّ ُ ))
والن ذر هلا والنحر عن دها ف إن ذلك من الش رك ال ذي هنى عنه اهللُ ورس ولُه ؛
)) قوما ابتالهم فمن رضى فله الرضى ومن س خط فله الس خط
أحب ً
إذا َّ
( . ) 1
وعن أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عنه أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال-
يف ابتالء األنبياء والصاحلني :- إن كان أحدهم ليُبتلى بالفقر حتى ما يجد
((
إال العب اءة يحويه ا ، وإن ك ان أح دهم ليف رح ب البالء كما يف رح أح دكم
بالرخاء. )2(
))
المؤمن عندي بمنزلة كل خير يحمدني وأنا أنزع نفسه من بين جنيه. )3(
))
شكورا. )3(
))
ً
وكان إذا نودي للصالة خرج وترك أهله وولده . فعن عائشة رضي اللَّه
عنها قالت : كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يكون في مهنة أهله ، ف إذا
حضرت الصالة خرج إلى الصالة(. )4
أيضا من أجل صالته بالليل.
أحب الناس إليه ً
ورمبا ترك َّ
عن عط اء ق ال : دخلت أنا وعبيد بن عمري على عائشة رضي اللَّه عنها
فقال عبيد بن عمري : حدِّثينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول اهلل صلى اهلل عليه
وس لم ، فبكت وق الت : ق ام ليلة من اللي الي ، فق ال : يا عائش ة ، ذري ني
((
أتعبد لربي . قالت : قلت : واللَّه إني ألحب قربك ، وأحب ما ُّ
يسرك. ))
ح ديث أنس ،رض ي هللا عن ه .وق ال الحاف ظ :إس ناده حس ن .وانظ ر التلخيص
الحبير ،3/116وصحيح سنن النسائي (. )3680
(?) أخرجه أحمد ،5/364وأب و داود ( ، )4985وانظ ر ص حيح س نن أبي داود ( 2
. )4171
(?) أخرج ه البخ اري ( ، )4837 ،1130ومس لم ( ، )2820 ،2819من ح ديث 3
(?) صحيح :رواه أبو الشيخ في (( أخالق النبي صلى هللا عليه وسلم ، )) وابن حبان 5
))
ما املفردون يا رسول اهلل ؟ قال : الذاكرون اللَّه ً
كثريا والذاكرات. )2( ((
أخي احلبيب : إن اللَّه ي ذكر املؤم نني وال ينس اهم ، فكيف ينس اه احملب ون
آمنُ وا اذْ ُك ُروا اللَّهَ ِذ ْك ًرا َّ ِ
الص ادقون يف حبهم . ق ال تع اىل { : يَا َُّأي َها الذ َ
ين َ
ص لِّي َعلَْي ُك ْم َو َمالَِئ َكتُ هُ ِ ِ ِ
َكث ًيرا (َ )41و َس بِّ ُحوهُ بُ ْك َر ًة َوَأص يالً (ُ )42ه َو الَّذي يُ َ
يما [ } األحزاب. ] 43 ،42 : ات ِإلَى النُّو ِر و َكا َن بِالْمْؤ ِمنِ ِ
لِي ْخ ِرج ُكم ِمن الظُّلُم ِ
ين َرح ً
ُ َ َ َ ُ َ ْ َ
فإذا ذكرته ذكرك م رة ثاني ة ، قال تع اىل يف احلديث القدس ي : أنا عند
((
ظن عب دي بي ، وأنا معه إذا ذك رني ، ف إن ذك رني في نفسه ذكرته في
نفسي ،وإن ذكرني في مٍإل ذكرته في مٍإل خير منهم. )4(
))
(?) حسن :رواه ابن حبان ،وابن الس ني في (( عم ل الي وم والليل ة ، )) والط براني 1
المف ردون :ال ذين ذهب الق رن ال ذي ك انوا في ه وبق وا هم ي ذكرون هللا .ق ال ابن
األعرابي :فرَّد الرجل إذا تفقَّه واعتزل الناس بمراعاة األمر والنهي .
(?) حسن :رواه أحمد عن أبي سعيد ،وحسنه األلباني في (( صحيح الج امع )) رقم 3
(. )2543
(?) متفق عليه . 4
حىت يف النوم ، فقد قال النيب صلى اهلل عليه وسلم : يا عائشة إن عينَ َّي
((
(?) حسن :رواه ابن السني ،وأبو نعيم في الحلي ة عن عم رو بن عبس ة ،وحس نه 1
(?) رواه البخاري والنسائي ،ومالك ،وأحمد وأبو داود ،والطحاوي عن عائشة ، 3
عن ده فاخت ار ذلك العبد ما عند اهلل . ق ال : فبكى أبو بكر رضي اهلل عنه
))
فعجبنا لبكائه أن خيرب رس ول اللَّه ص لى اهلل عليه وس لم عن عبد ُخ ري ، فك ان
املخري وك ان أبو بكر رضي اللَّه عنه
رس ول اللَّه ص لى اهلل عليه وس لم هو ُ
أعلمنا(. )2
أحب اجلوع
أبو ال درداء : ك ان من املش تاقني ، فيق ول رضي اهلل عن هُّ :
(?) إسناده صحيح :أخرجه ابن سعد في (( الطبقات. )3/500( )) 1
(?) رواه البخاري في صحيحه ،كتاب فضائل الصحابة رقم (. )7/12 -3654 2
وروي أن إب راهيم عليه الس الم ق ال مللك املوت ملا أت اه ليقبض روح ه:
ُ
يميت خليل ه ؟ ف أوحى اللَّه تع الى إلي ه : قل ل ه : هل
هل رأيت خليالً ُ ((
رأيت خليالً يكره لقاء خليله ؟ فقال : يا ملك الموت ، اآلن فاقبض. )1(
))
ويف رواية أخ رى : ق ال ملك الم وت : يا رب ، إن عب دك إب راهيم
((
(?) قال ابن حجر في فتح الباري عند شرحه لحديث (( من أحب لق اء هللا )) ...ذك ر 1
بعض الشراح (( :أن إبراهيم عليه )) ....فتح الباري (. )11/361
(?) المصدر السابق ،قال ابن حجر (( :ووجدت في المبت دأ )) ألبي حذيف ة إس حاق 2
بن بشر البخاري أحد الضعفاء بسند له عن ابن عمر قال .فذكره .
***
فإن كان اللَّه ال يقبل إال طيبًا فكيف حيب من مل يكن طيبًا .
-2إن اللَّه يدافع عن أحبابه:
َّ ِ ِ
آمنُوا ، } وجعل ألولياءه النص يب قال تعاىلِ { : إ َّن اللَّهَ يُ َداف ُع َع ِن الذ َ
ين َ
األعظم من ه ذا ال دفاع ، فق ال تع اىل يف احلديث القدس ي : من ع ادى لي
((
القرآن أن احلبيب ال يعذب حبيبه ؟ فلم يرد عليه ، فتال عليه الشيخ هذه اآلية:
عن أيب هري رة رضي اهلل عنه ق ال : أن النيب ص لى اهلل عليه وس لم ق ال:
أحب اللَّه تعالى العبد نادى جبريل : إن اللَّه تعالى يحب فالنًا فأحببه
إذا َّ ((
ادى في أهل السماء : إن اللَّه يحب فالنًا فأحبوه فيحبه فيحبه جبريل فينَ ِ
((
ُ
أهل السماء ثم يوضع له القبول في األرض. )2(
))
)) ينظر إلى أجس امكم وال إلى ص وركم ولكن ينظر إلى قل وبكم وأعم الكم
أحب باحلق ، وإذا أبغض أبغض باحلق .وللَّه ُّ
أحب اللَّه َّ
( )3
در القائل: .فإذا َّ
(? ) رواه أحمد في المسند عن ابن أبي عدي عن حميد عن أنس ،وتفرد به أحمد . 1
القيام ة :أين المتح ابون لجاللي ، الي وم أظلهم في ظلي ، ي وم ال ظل إال
(?) متفق عليه ،ومعنى ((َ أ ِذن هَّللا ، )) أي :استمع ،وهو إشارة إلى الرضا والقبول 1
.
(?) رواه البخاري ( )348 ،11/347رقم الحديث . 7375 2
(?) رواه أحم د في مس نده ،والط براني في الكب ير ،والح اكم في المس تدرك ، 3
والبيهقي في شعب اإليمان عن معاذ ،وص ححه األلب اني في ص حيح الج امع (رقم
، )4331وتخريج المشاكاة . 5011
(? ) أخرجه أحمد والطبراني في الكبير ،والحاكم في المستدرك ،وص ححه عب اده 4
حب األنصار:
الخامسُّ :
عن الرباء قال : قال النيب صلى اهلل عليه وسلم : األنصار ال يحبهم إال
((
م ؤمن وال يبغض هم إال من افق ، فمن أحبَّهم أحبه اللَّه ومن أبغض هم أبغضه
اللَّه. )2(
))
(?) حديث حس ن :رواه ابن ماج ه وغ يره بأس انيد حس نة .ق ال األلب اني :يتق وى 3
هَّللا
(?) أخرجه البخاري ( ، )6464ومسلم ( )783من حديث عائشة رضي عنها . 5
اللَّه عز وجل فال ي زال ك ذلك ، فيق ول : يا جبري ل ، إن عب دي فالنًا
يلتمس أن يرض يني برض ائي عليه .ق ال : فيق ول جبريل عليه الس الم:
رحمة اللَّه على فالن ، وتق ول حملة الع رش ، ويق ول ال ذين يل ونهم ح تى
يق ول أهل الس ماوات الس بع ثم يهبط إلى األرض ، مث ق ال رس ول اللَّه
))
ص لى اهلل عليه وس لم : وهي اآلية ال تي أن زل اللَّه عليكم في كتابهِ { : إ َّن
((
الص الِح ِ
ات َس يَ ْج َع ُل ل َُه ُم ال َّر ْح َم ُن ُودًّا [ } م رمي ، ] 96 : وإن ِ َّ ِ
آمنُ وا َو َعملُ وا َّ َ
ين َ
الذ َ
العبد ليلتمس س خط اللَِّه فيق ول اللَّه عز وج ل : يا جبري ل ، إن فالنًا
((
يستس خطني أال وإن غض بي عليه . فيق ول جربي ل : غضب اللَّه على فالن
))
وتق ول محل ةُ الع رش ويق ول َم ْن دوهنم ، حىت يقوله أهل الس ماوات الس بع مث
يهبط إىل األرض(. )3
الثاني عشر :هؤالء الثالثة يحبهم اللَّ ُه ويضحك إليهم:
(?) رواه مس لم :عن س عد بن أبي وق اص رض ي هَّللا عن ه ،والم راد بـ (( ال ِغنَى
))
1
يُحبهم اللَّهُ ، ويض حك إليهم ، ويستبشر بهم : ال ذي إذا انكش فت فِئةٌ
قاتل وراءها بنفسه هلل عز وجل فإما أن ُي ْقتَ ل ، وإما أن ينص ره اللَّه عز
ص َب َر لي بنفسه ؟
وجل ويكفيه فيق ول : انظ روا إلى عب دي ه ذا كيف َ
وال ذي له ام رأة َح َس نَةٌ وف راش ليِّ ٌن حس ٌن فيق وم من اللي ل ، فيق ول : يَ َذ ُر
شهوتَه ويذ ُك ُرني ولو شاء َرق َد ، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب
الس َحر في ض راء وس راء . )1( ف إن اللَّه عز
)) فس ِه ُروا ثم هجع وا ، فق ام من ََّ
وجل أحق من جياهد يف سبيله وأعظم من ُس ِهر من أجله ،وللَّه ُّ
در القائل :
وبكاؤهن لغري فقدك ضائع سهر العيون لغري وجهك باطل
رابعا :عالمات محبة اللَّه للعبد:
ً
حلب اهلل لعب اده
ب املؤم نني هلل له عالم ات تؤك ده ، ف إن ِّ كما أن ُح َّ
عالم ات ك ذلك وهي كالبُش رى العاجلة هلم لتطمئن هبا قل وهُب م ، وتس عد هبا
نفوس هم فيا س عادة من ُوفِّ َق وكانت فيه هذه العالمات أو بعض ها ، ويا فرحة
ُ
من أكرمه اللَّه حببِّه وأسعده بقربه ، وسنذكر هنا بعض هذه العالمات:
عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال : قال رسول اللَّه صلى اهلل عليه وسلم:
إلي بالنوافل حتى ُأحبَّهُ ، فإذا إن اللَّه تعالى قال : وما يزال عبدي َّ
يتقرب َّ ((
(? ) حسن .أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد ( ج 2ص ، )255 1
ويف احلديث : ما أس َّر أح ٌد س ريرة إال كس اه اللَّه تع الى جلبابها إن ((
وق ال مالك عن الزه ري : ش رب اخلمر ال حيض رونه وال يرغب ون فيه كما
ج اء يف احلديث : من ك ان ي ؤمن باللَّه والي وم واآلخر فال يجلس على((
وقد يكون ذا بصرية فيما يراه من كثرة حفظه لنظره وبعده عن احلرام .
فقد كان عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه يرى بنور اهلل .فعن ابن عمر
رضي اهلل عنه ق ال : ما س معت عمر رضي اهلل عنه يق ول لش ٍ
يء ق ط : إني
ب دوام املراقب ة ، وغض بص ره عن احلرام وكف نفسه عن الش هوات واعت اد
احلالل مل ختطئ فراسته . وكان شاه هذا ال ختطئ له فراسة(.)2
))
وقد كان لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أعظم النصيب من هذا احلب،
ول ذلك فقد ق الت عائشة رضي اهلل عنه ا : ما ض رب رس ول اهلل ص لى اهلل
((
ولكنه يسعى يف اخلري كاجلهاد يف سبيل اهلل ، فقد قال النيب صلى اهلل عليه
خير من الدنيا وما فيها. )2(
))
وسلم : لغدوة في سبيل اهلل أو روحة ٌ ((
أو املشي إىل املس اجد ، فقد ق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : من غ دا
((
عص مته لعاصم بن ث ابت من نجس المش ركين .فقد قتل عاصم بن
عاصما وتشرب يف
ً ثابت اثنني من املشركني يوم أحد ، فنذرت أمهما أن تقتل
قحف رأسه اخلمر وجعلت ملن ج اء برأسه مائة ناق ة ، فلما غ درت ه ذيل
باملس لمني وأرادوا قتل عاصم بن ث ابت ق ال : اللهم إين أمحي ل دينك وأدافع
ِ
عن ه ،ف احم حلمي وعظمي وال تُظفر هبما أح ًدا من أع داء اللَّه .وق ال ً
أيض ا:
اللهم إين محيت دينك أول النه ار ف احم جس دي آخ ره .فلما قُتل أح اط به
ال دَّبْر ( وهو النحل وال ذنانري ) فما اس تطاع أح دهم ملس ه ، فق الوا : دع وه إىل
عاصما فذهب به .فلما بلغ عمر بن اخلطاب ً الليل ، فبعث اللَّه الوادي فاحتمل
ما ح دث ق ال : حيفظ اللَّه العبد املؤمن ، ك ان عاصم ن ذر أال ميسه مش رك وال
أبدا يف حياته ، فمنعه اللَّه بعد وفاته كما امتنع يف حياته(. )1
ميس مشر ًكا ً
ُ -7حسن الخاتمة:
ق ال النيب ص لى اهلل عليه وس لم : إذا أراد اللَّه بعبد خ ًيرا عس له قبل
((
موته . قيل : وما عسله ؟ قال : يفتح له عمل صالح بين يدي موته حتى
(( ))
اءه . فق الت عائشة رضي اللَّه عنه ا - أو بعض أزواج ه :- إنا َّ
ك ره اللهُ لق َ
))
شر لنكره املوت ، فقال : ليس ذلك ، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بُ ِّ
((
ٍ
وروي عن عائشة رضي اهلل عنه ا : إذا أراد اللَّه بعب د خ ًريا قيَّ َ
ض له قبل ((
ُ
ِّده ويوفقه حىت يقال مات خبري ما كان ، فإذا حضر ورأى موته ٍ
بعام َملَ ًكا يُ َسد ُ
أحب لقاء اللَِّه وأحب اللَّهُ لقاءَه.)2(
)) ثوابه اشتاقت نفسه ، فذلك حني َّ
()3
: ليس كمثله شيء في محبته
فكل من أحب غري اللَّه فنس أله بعض األس ئلة ومن إجابته عليها س يعلم
وحب غريه : الفرق بني حب اللَّه ُ
-هل َعلِم من حتبه أنك حتبه وكم حتبه ؟
أيضا ؟
ك احملبة وأحبك هو ً -هل إذا علم حمبتك له بَ َادلَ َ
-هل إذا أحبَّك من حتب تض من ثباته على ذلك احلب وأال يتقلب عليك
َق ْلبُه ويتحول عنك ُحبُّه ؟
-وهل إذا أحبَّك تض من أال ينافسك يف حمبته غ ريُك فينص رف عنك
ويهجرك ؟
-وإذا ضمنت ذلك كله هل تضمن بقاءَه معك لتنعم حببه وهتنأ بقربه ؟
اإلجابة عن هذه األسئلة بكلمة واحدة وهي :ال.
)) ((
(?) ذكره الحافظ ابن حجر ،فقال :عند عبد بن حميد عن عائش ة مرفو ًع ا .انظ ر 2
(?) أخرج ه الط براني في األوس ط ( ، )4278وق ال المن ذري في ال ترغيب 1
المنك رات وحب المس اكين ، وأن تغفر لي وترحم ني ، وإذا أردت فتنة
ق وم فتوف ني غ ير مفت ون ، أس ألك حبك وحب من يحب ك ، وحب عمل
يقرب إلى حبك. )2(
))
(?) رواه الترمذي ،وقال :حديث حس ن ،وق ال الش يخ األلب اني ُ :
قلت .ك ذا ق ال 1
الترمذي :وفيه نظر ظاهر ،فإن في سنده عبد هللا بن ربيعة الدمشقي وهو مجه ول
كما قال الحافظ .
(?) أخرجه الترمذي (ج ، )55/3235وق ال :ه ذا ح ديث حس ن ص حيح ،س ألت 2
محمد بن إسماعيل -وهو اإلمام البخاري -عن ه ذا الح ديث فق ال :ح ديث حس ن
صحيح .
-2وعن أيب ذ ٍر رضي اهلل عنه ق ال : ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل عليه
أحب الكالم إىل اهلل : سبحان
بأحب الكالم إىل اهلل ؟ إن َّ
ِّ وسلم : أال أخربك
((
***
الجزء األول من سلسلة النور األسنى في
((
ُ تحم بحمد اللَّه وتوفيقه
شرح أسماء اللَّه الحسنى.
))
موضوعات الكتاب
تقديم الكتاب
المقدمة
(?) متفق عليه . 1