Docs 11

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫المجال الصناعي في الجزائر خالل العهد العثماني‬

‫األسبوع األول‬

‫عرف المجتمع الجزائري في العهد العثماني صناعة تقليدية‪ ،‬كانت تستمد خامتها األولية‬
‫في أساسها من اإلنتاج الزراعي والحيواني‪ ،‬وقد أدى تنوع المواد الخام إلى تنوع اإلنتاج‪،‬‬
‫فكانت لكل منطقة صناعتها الخاصة‪ ،‬وكان الجزء من اإلنتاج يستهلك محليا ‪ ،‬ويصدر‬
‫الفائض إلى الخارج‪.‬‬
‫ومن أهم الصناعات والحرف‪ ،‬التي مارسها المجتمع الجزائري‪ ،‬على المستويين‪ ،‬المدينة‬
‫والريف‪ ،‬هي الصناعة النسيجية‪ ،‬والحريرية‪ ،‬والقطنية‪ ،‬والجلدية‪ ،‬والمعدنية‪ ،‬والخشبية‪،‬‬
‫والفخارية‪.‬‬
‫أن بعض الحرف لم تكن مقصورة‬
‫وكانت معظم األسر الريفية تنتج حجاتها الضرورية‪ ،‬كما ّ‬
‫على الرجال‪ ،‬بل كانت المرأة تساهم بقسط وافر في إنتاج بعض المصنوعات‪ ،‬مثل‬
‫المصنوعات النسيجية والفخارية‪.‬‬
‫فإن الحرف كانت أكثر تنظيما‪ ،‬فكانت تنجز في ورشات خاصة‪ ،‬من‬ ‫أما في المدن‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫طرف عدد من العمال‪ ،‬المنظمين في نقابات مهنية‪ ،‬وكان على رأس كل حرفة أمين‪ ،‬يتولى‬
‫تنظيم الحرفة‪ ،‬ومراقبة اإلنتاج‪ ،‬والسهر على الجودة‪ ،‬وترقية الحرفيين من رتبة عامل إلى‬
‫معلم‪.‬‬
‫معينا في المدينة‪ ،‬والذي غالبا ما كان يحمل إسم الحرفة‬
‫وكانت كل حرفة تحتل شارعا ّ‬
‫الموجودة به‪ ،‬وهذه بعض األسماء لشوارع وأحياء مدينة الجزائر‪ ،‬التي يمكن من خاللها‬
‫التعرف على مختلف الحرف‪:‬‬
‫زنقة الرصايصية‪ ،‬زنقة النحاس‪ ،‬زنقة الصياغين‪ ،‬زنقة المقايسية‪ ،‬زنقة الصباغين‪ ،‬زنقة‬
‫الشماعين‪ ،‬حي الكبابطية‪ ،‬حي المقفولجية‪ ،‬حي البشماقجية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وجد في بمدينة الجزائر نحو ألف ومائتي معلم يشغلون مهنة الخياطة‪ ،‬وستمائة تاجر في‬
‫دودة القز‪ ،‬ومائة وثمانين مصنا للسكلكين والسيوف وما شاكلها من خناجر وغيرها من أنواع‬
‫السالح األبيض المطعم بالفضة وغير المطعم وكذلك صناعة التعدين وحتى تعاطي ضرب‬
‫السكة المزوروفي مدينة قسنطينة وحدها وجود ثالثة وثالثين معمال للدباغة وخمسة وسبعين‬
‫مصنعا لصناعة السروج‪ ،‬وسبعة ستين ومائة مصنع لألحذية‪ ،‬و‪ 81‬فرنا لطهي الخبز و‪22‬‬
‫طاحونة مائية ومصنعا واحدا كبي ار للسالح‪ ،‬وبتلمسان وجدوا أكثر من خمسمائة معمال‬
‫للنسيج وللجلد والخشب والحديد‪ ،‬وفي بالد المزاب وجدوا أكثر من ستة آالف عامل لصناعة‬
‫الزرابي وحدها‪.‬‬
‫وخضع هذا التوزيع للحرف والصناعات واألسواق العتبارات تقنية ومهنية وعرفية‬
‫وجغرافية وبيئية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫تعود أسباب عدم تطور الصناعة‪ ،‬وازدهارها إلى احتفاظها بطابعها التقليدي‪ ،‬وعدم محاولة‬
‫تطوير الوسائل اإلنتاجية‪ ،‬كما تعود أيضا إلى منافسة الصناعة األوربية التي دخلت مبك ار‬
‫مما يجعل أسعارها منخفضة‪ ،‬والى دور الدولة الذي لم يكن يشجع على‬
‫طور اإلنتاج اآللي‪ّ ،‬‬
‫التطور‪ ،‬وأيضا أن الصناعة تعرضت هي األخرى إلى نفس العوامل التي عرقلت القطاع‬
‫الزراعي‪ ،‬فكان لتدهور هذا القطاع انعكاسات مباشرة على القطاع الصناعي‪ ،‬فكلما قل‬
‫اإلنتاج الزراعي والحيواني‪ ،‬ارتفعت أسعار المواد الخام‪ ،‬مما جعل الصناع يعانون من‬
‫صعوبة الحصول على المواد الضرورية لصناعتهم‪ ،‬فكانوا يضطرون إلى دفع مبالغ مالية‬
‫ضخمة‪ ،‬لشراء المواد القليلة المتوفرة في األسواق‪.‬وقد تسبب ذلك في ارتفاع أسعار‬
‫المصنوعات‪ ،‬لقلة اإلنتاج‪ ،‬وارتفاع وغالء خامتها عالوة على الضرائب الباهضة التي كان‬
‫يدفعها الصناع إلى مصنوعاتهم‪.‬‬
‫وقد ورد في المصادر أنّ أمناء المهن في مدينة الجزائر كانوا يدفعون لشيخ البلد‪،‬‬
‫ضريبة سنوية‪ ،‬قدرها ستة آالف ريال دراهم أي ما يعادل مائة وخمسة وعشرين رياال في‬
‫األسبوع وكان ذلك في مطلع القرن ‪82‬هـ‪81/‬م‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ومن أهم العوامل ا لتي أضعفت الصناعة‪ ،‬وال سيما في الفترة األخيرة من العهد‬
‫العثماني‪ ،‬استيراد المصنوعات األجنبية‪ ،‬التي كانت تنافس مثيلتها المحلية‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like