Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫املحور األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ التأمين التقليدي‬

‫املحاضرة السادسة‪ :‬التأمين التكافلي‬

‫أوال‪-‬التأمني التعاوني التقليدي‬


‫ظهر التأمني التعاوني يف عبارات العلماء ألول مرة على لسان الشيخ حممد أبو زهرة رمحه اهلل يف حبثه‬
‫املقدم إىل أسبوع الفقه الثاني بدمشق يف عام‪ .1961‬ثم تواىل احلديث عن هذا النوع من التأمني‪ ،‬ومت طرحه‬
‫ليكون بديالً شرعياً وعملياً للتأمني التجاري والذي ذهب كثري من الباحثني إىل حتريم كافة عقوده‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم التأمني التعاوني التقليدي‪:‬‬
‫ميكن تعريف التامني التعاوني على انه‪ ":‬نظام يقوم على التعاون بني جمموعات أو أفراد يتعهدون على وجه‬
‫التقابل بتعويض األضرار اليت تلحق بأي منهم عند حتقق املخاطر املتشابهة‪ ،‬وهؤالء املساهمون يف حتمل املخاطر‬
‫‪1‬‬
‫هلم من املصاحل ما للمؤمن له الذي أصابه الضرر"‪.‬‬
‫‪ -2‬خصائص التأمني التعاوني ومميزاته‪:‬‬
‫ينفرد التأمني التعاوني خبصائص متيّزه عن غريه من أنواع التأمني األخرى وأهمها‪:‬‬
‫أ‪ -‬اجتماع صفة املؤمِّن واملؤمَّن لـه لكل عضو‪:‬‬
‫وهذه من أهم اخلصائص اليت يتميز بها التأمني التعاوني عن غريه‪ ،‬حيث إن أعضاء التأمني التعاوني يتبادلون‬
‫التأمني فيما بينهم‪ ،‬إذ يؤمن بعضهم بعضاً‪ ،‬فهم يف نفس الوقت مؤمنون ومؤمن هلم‪ ،‬واجتماع صفة املؤمن واملؤمن‬
‫لـه يف شخصية املشرتكني مجيعاً‪ ،‬جيعل الغنب واالستغالل منتفياً‪ ،‬ألن هذه األموال املوضوعة كأقساط مآهلا‬
‫لدافعيها‪.‬‬
‫ب‪ -‬دميقراطية امللكية واإلدارة‪:‬‬
‫ومعنى هذا أن باب العضوية مفتوح لكل راغب يف االنضمام‪ ،‬دون متييز بني فرد وآخر بسبب اجلنس أو اللون أو‬
‫العقيدة‪ ،‬ومعاملة األعضاء مبساواة تامة بني اجلميع‪.‬‬
‫ج‪ -‬عدم احلاجة إىل وجود رأس مال‪:‬‬
‫حيث يتم إنشاء مشروعات التأمني التعاوني عندما يتفق عدد كبري من األعضاء املعرضني خلطر معني على‬
‫توزيع اخلسارة اليت حتل بأي منهم عليهم مجيعاً‪ ،‬مما يؤدي إىل عدم احلاجة إىل رأس مال‪.‬‬
‫د‪-‬انعدام عنصر الربح‪:‬‬
‫ينحصر اهلدف يف التأمني التعاوني يف توفري اخلدمات التأمينية ألعضائها على أفضل صورة وبأقل تكلفة‬
‫ممكنة‪ .‬ومبعنى آخر ال يسعى هذا النوع من اهليئات إىل حتقيق أي ربح من القيام بعمليات التأمني‪.‬‬
‫هـ‪ -‬توفري التأمني بأقل تكلفة ممكنة‪:‬‬
‫تعتمد الفكرة اليت تقوم عليها مشاريع التأمني التعاوني على توفري اخلدمة التأمينية ألعضائها بأقل تكلفة‬
‫ممكنة وذلك لعدة عوامل منها‪:‬‬
‫‪ -‬غياب عنصر الربح‪.‬‬
‫‪ -‬اخنفاض املصروفات اإلدارية وغريها‪ ،‬فال حيتاج األمر إىل وسطاء أو مصروفات أخرى مثل الدعاية واإلعالن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد زكي السيد‪ ،‬نظرية التأمين‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2001 ،‬ص‪.230‬‬
‫‪1‬‬
‫املحور األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ التأمين التقليدي‬
‫و‪ -‬قيامه بدور اجتماعي خلدمة البيئة واجملتمع‪:‬‬
‫ويتضح ذلك يف أكثر من جمال منها‪:‬‬
‫‪ -‬جمال توفري احلماية التأمينية ملن هم يف أشد احلاجة إليها‪.‬‬
‫‪ -‬جمال االستثمارات‪ :‬تقوم السياسة االستثمارية هلذا النوع من املشروعات على حتقيق التوازن بني الصاحل‬
‫العام والصاحل اخلاص‪ ،‬وذلك من خالل نظرة تكاملية تأخذ بعني االعتبار البعد االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬جمال التعليم والتدريب املهين‪ ،‬تقدم مشروعات التأمني التعاوني الكثري من املنح الدراسية ألعضائها‬
‫والعاملني بها‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬إن قيام مشاريع التأمني التعاوني وانتشارها تقوي بصورة عامة من احلركة التعاونية‪ ،‬وتعمل‬
‫على منوها وازدهارها سواء على املستوى احمللي أو الوطين أو العاملي‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬التأمني التعاوني االسالمي( التكافلي)‬
‫ميكن القول ان أول ظهور للتأمني بشكله التكافلي االسالمي كممارسة كان باملدينة املنورة‪ .‬حيث مورس‬
‫فيها نظام'' العاقلة ''سنة ‪ 622‬م الذي عاجل مسألة القتل اخلطأ ومحل املسؤولية عن الدية الشرعية لعائلة أو‬
‫قبيلة القاتل‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم التأمني التعاوني االسالمي‬
‫انبثقت فكرة التامني التكافلي ‪/‬االسالمي من التأمني التعاوني التقليدي ولكنه ال يقتصر على أصحاب مهنة‬
‫معينة أو شرحية معينة من اجملتمع‪ ،‬فهو أمشل وأعم حبيث يليب حاجة اجملتمع من أفراد ومؤسسات وشركات وغري‬
‫ذلك ‪ ،‬كما أنه ينسجم مع أحكام وقواعد الشريعة االسالمية‪ ،‬وسنورد االن مفهوم التأمني التكافلي لغة واصطالحا‪:‬‬
‫أ‪-‬التعريف اللغوي للتأمني التكافلي‪:‬‬
‫التكافل يف اللغة من كفل يكفل كفالة‪ ،‬تقول كفل فالن لفالن أي هو كافيه وكافله‪ ،‬وهو يكفيين‬
‫ويكفلين‪ :‬يعولين وينفق عليّ‪ ،‬وأكفلته إياه وكفّلته‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬فقال أكفلنيها)‪ ،2‬وقال‪( :‬وكفّلها زكريا)‪، 3‬‬
‫وهو كفيل بنفسه ومباله‪ ،‬وكفل عنه لغرميه باملال وتكفّل به‪.4‬‬
‫فالتكافل يأت مبعنى التعاون واملعاولة واإلنفاق والضمان‪.‬‬
‫ب‪ -‬التعريف االصطالحي للتأمني التكافلي‪:‬‬
‫عرف التأمني التكافلي اصطالحًا بأنه‪ :‬اتفاق مجاعة من املشرتكني متعاونني يف درء حتمل اخلسائر الناجتة‬
‫من خماطر معينة‪ ،‬وذلك يف دعم بعضهم بعضًا‪ ،‬بدفع مبلغ من املال يف صندوق مشرتك باعتباره التزامًا بتربع‪،‬‬
‫وتستخدم حصيلة الصندوق ملساعدتهم ‪-‬كونهم أعضاء فيها‪-‬ضد أنواع معينة من اخلسائر أو األضرار‬
‫فالتأمني التكافلي‪ ،‬هو عقد تعاوني على أساس املواسات بني مشرتكني ألجل تفادي األخطار اليت حتيط بهم‪،‬‬
‫وتقوم بإدارتها شركة أو هيئة تعاونية؛ ليست طرفًا رئيسًا يف تعاوض التعاون املالي والقيمي؛ وإمنا توكل من قبل‬
‫املشرتكني يف تعاوضهم مقابل أجر‪ ،‬فهو تكفل عقد التأمني التكافلي العوضي واالستثماري بأجر معني‪.‬‬

‫‪ 2‬سورة "ص"‪ ،‬اآلية ‪.23‬‬


‫‪ 3‬سورة "آل عمران"‪ ،‬اآلية ‪.37‬‬
‫‪ 4‬ينظر‪ :‬الزمخشري‪ ،‬أساس البالغة‪.143-142/2 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫املحور األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ التأمين التقليدي‬
‫‪ -2‬مبادئ التأمني التكافلي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫حتى يكون عقد التأمني جائزًا شرعاً من وجهة نظر اإلسالم جيب أن يتوفر على الشروط التالية‪:‬‬
‫تفادي الربا (الفوائد)‪ :‬يقوم التأمني التجاري على أساس أنّه عقد معاوضة‪ ،‬حبيث يلتزم املؤمن له بدفع‬
‫أقساط‪ ،‬ويف املقابل هو عقد معاوضة ينصب على استبدال النقد يلتزم املؤمن بدفع التعويض يف حالة وضوح‬
‫الضرر‪ ،‬أي أنّ بالنقد وهذا مرفوض شرعا أي ما يعرف بالربا‪.‬‬
‫تفادي اجلهالة والغرر‪ :‬يقوم نظام التأمني التجاري على اجلهالة والغرر‪ ،‬ألنّه عند التعاقد املؤمن جيهل ما‬
‫إذا سيحصل على مبلغ التأمني أم ال‪ ،‬كما أنّ املؤمن واملؤمن له جيهالن مقدار التعويض‪ ،‬ومن ناحية أخرى جيهل‬
‫كل منهما ماذا سيدفع ومتى سيحصل اخلطر‪ ،‬أما الغرر يدخل يف األجل وهو حمرم شرعا‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تفادي املقامرة واملراهنة‪:‬حيث هناك احتمال الكسب واخلسارة‪ ،‬مثل أن يقوم املؤمن له بدفع قسط‬
‫معني أمالً يف أن حيصل على قيمة أكرب يف املستقبل وهذا من أشكال املراهنة‪.‬أما يف النظام التكافلي‪ ،‬يأخذ صفة‬
‫املؤمن واملؤمن له‪ ،‬وأن ما يدفعه يضل ملكا له ما مل حتدث تعويضات أو خسارة‪ ،‬كما أنّ ما يأخذ من تعويضات‬
‫يعترب تربعا من إخوانه عن طيب خاطر تأكيدا لروح التكافل والرتابط‪ ،‬وبالتالي تنتفي شبهة املقامرة واملراهنة‪.‬‬
‫د ‪ -‬تفادي االستثمارات احملرمة‪ :‬يتم استثمار فائض أموال أقساط التأمني التجاري يف اجملاالت اليت حتقق‬
‫أرباحاً عالية‪ ،‬بغض النظر عما إذا كانت جائزة شرعاً أم ال‪ ،‬أو وضع أموال األقساط يف البنوك مقابل فائدة(الربا)‪.‬‬
‫أما يف النظام التكافلي فيتم استثمار فائض االشرتاكات يف االستثمارات الشرعية البعيدة عن الربا‪ ،‬واليت حتقق‬
‫اخلري لألعضاء واجملتمع معا‪.‬‬
‫‪ -3‬خصائص التأمني التكافلي‪:‬‬
‫يتميز التأمني التكافلي مبيزات ختصه عن غريه من أنواع التأمينات األخرى‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬ال يسعى التأمني التكافلي إىل حتقيق الربح من العملية التأمينية‪ ،‬إذ ينحصر اهلدف من ورائه إىل توفري‬
‫‪6‬‬
‫اخلدمة التأمينية لألفراد بأحسن جودة وبأقل التكاليف وتعترب إشرتاكات األفراد تربعات؛‬
‫‪ -‬يؤمن أعضاء التأمني التكافلي بعضهم بعضا‪ ،‬لقيامه على أساس التعاون ملواجهة املخاطر‪ ،‬وفكرة تبادل‬
‫‪7‬‬
‫التأمني من شأنها أن ترفع عنهم الغنب واإلستغالل؛‬
‫‪ -‬وجوب فصل أموال محلة األسهم )املساهمني( عن أموال محلة الوثائق (املشرتكني)؛‬
‫‪ -‬وجود هيئة رقابة شرعية تشرتك مع الفنيني يف عملية وضع مناذج وثائق التأمني وتراجع العمليات‬
‫اإلستثمارية للمؤسسة ومراقبة مدى مطابقتها ألحكام الشريعة؛‬
‫‪ -‬تفادي التعامل يف األصول واألنشطة غري املوافقة للشريعة؛‬
‫‪ -‬ال وظيفة لرأس املال يف مؤسسة التأمني التكافلي إال لالستجابة ملتطلبات قانونية‪ ،‬إذ األصل يف مؤسسة‬
‫التأمني التكافلي أن يؤسسها املشرتكني (املستأمنني) غري أن القوانني تفرض وجود مساهمني؛‬

‫‪5‬‬
‫موالي خليل‪ ،‬التأمين التكافلي اإلسالمي ‪:‬الواقع واآلفاق‪ ،‬ورقة بحثیة مقدمة للملتقى الدولي األول حول االقتصاد اإلسالمي ‪:‬الواقع ورهانات المستقبل ‪،‬‬
‫جامعة غرداية‪ ،2011،‬ص‪.04‬‬
‫‪6‬‬
‫ملحم أحمد سالم ‪ ،‬التأمين التعاوني اإلسالمي وتطبیقاته في شركات التأمين اإلسالمیة‪ ،‬األردن‪ ،‬المكتبة الوطنیة‪ ،2000 ،‬ص‪.69‬‬
‫‪7‬‬
‫عبده السيد عبد المطلب‪ ،‬األسلوب اإلسالمي لمزاولة التأمين‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،1988 ،‬ص‪.108‬‬
‫‪3‬‬
‫املحور األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ التأمين التقليدي‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬رأس املال يف مؤسسة التأمني التكافلي ال يغنم وال يغرم فهو‪:‬‬
‫• ال يغنم ألن رأس املال ال يأخذ (ال يغنم) من فائض االشرتاكات‪ ،‬إذ يعترب الفائض كله حقا‬
‫للمستأمنني بعد ختصيص جزء منه لالحتياطي‪.‬‬
‫• ال يغرم ألن مجيع مصروفات املؤسسة تؤخذ من اشرتاكات املستأمنني‪ ،‬وتدفع التعويضات من‬
‫اإلشرتاكات أيضا وال يطالب املساهمون بالعجز إن وقع وال يأخذه من رأس املال‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬نظرية اخلطر والطلب على التأمني التكافلي‬
‫وتشتد احلاجة إىل تأصيل نظرية للخطر يف االقتصاد اإلسالمي تستفيد من الفكر االقتصادي املعاصر‪،‬‬
‫وتقدم تفسريا علميا ومنطقيا وشرعيا للغرر احملرم والغرر املشروع‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم اخلطر يف االسالم‪:‬‬
‫وردت للخطر يف كتابات املسلمني معاني عديدة‪ ،‬ورغم أن األصل يف املخاطرة اإلباحة ما مل يأت دليل‬
‫خيرجها عن هذا األصل‪ ،‬ودليل ذلك عدم انفكاك املخاطرة عن معامالت وعقود مباحة‪ :‬كالبيوع‪ ،‬واملتاجرات‪،‬‬
‫واملشاركات بأنواعها ) املضاربة واملزارعة واملساقاة …( بل ال ختلو صيغ االستثمار املشروعة من املخاطرة‪ ،‬إال أن‬
‫التشريع اإلسالمي قد منع بعض املخاطرات من استحقاق الكسب‪ ،‬كمخاطرة القمار وامليسر والقرض الربوي‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرية اخلطر من منظور‪ :‬الغرر واجلهالة‬
‫ومن املصطلحات األساسية األخرى اليت ستأتي تباعا يف هذا احملور إضافة للخطر وعدم التأكد جند الغرر‬
‫‪9‬‬
‫واجلهالة‪ .‬وفيما يلي شرح هلذين املفهومني‪:‬‬
‫أ‪-‬الغرر‪:‬‬
‫الغرر لغة هو اخلطر والتعريض للهَلكَةِ‪ .‬أما اصطالحا فقد عرّفه الفقهاء بعدة تعاريف متقاربة يف املعنى‬
‫وإن اختلفت ألفاظهم حتى يف املذهب الواحد‪ ،‬ومن هذه التعاريف ما قاله السرخسي من احلنفية الغرر ما يكون‬
‫مستور العاقبة‪.‬‬
‫وواضح من التعريف أن الغرر يتضمن خطراً حمتمال يؤدي وقوعه إىل حتقق ضرر) حدوث اخلسارة ( أحد‬
‫املتعاقدين ‪.‬ورغم أن الغرر ميكن أن يوجد يف أي نوع من أنواع العقود‪ ،‬إال أنه ال يؤثر إال على عقود املعاوضات‬
‫املالية) كالبيع واإلجارة والشركة وغريها)‪.‬‬
‫ب‪ -‬اجلهالة‪:‬‬
‫يستخدم بعضهم اجلهالة مرادفا ملعنى الغرر‪ ،‬لكن يف حقيقة األمر أنهما يتفقان يف أشياء وخيتلفان يف‬
‫أخرى ‪.‬واجلهالة لغةً ‪:‬عدم املعرفة وهي زوال القوة العاقلة ‪.‬‬
‫وذكر القرايف املالكي ) رمحه اهلل( حبثا يف الفرق بني اجلهالة والغرر من حيث احلقيقة واألثر‪ ،‬نصه ما‬
‫يلي‪" :‬اعلم أن العلماء قد يتوسعون يف هاتني العبارتني‪ ،‬فيستعملون إحداهما موضع األخرى‪ ،‬وأصل الغرر هو‬
‫الذي ال يدري هل حيصل أم ال؟‬

‫‪8‬‬
‫عثمان الهادي إبراهیم‪ ،‬التكافل وإعادة التكافل‪ ،‬ماهيته ‪ ،‬تطوراته ومتطلبات نجاحه‪ ،‬المدير العام لشركة شیكان للتأمين وإعادة التأمين بالسودان‪ ،‬من‬
‫منشورات شركة شیكان للتأمين وإعادة التأمين المحدودة‪.70، 2001 ،‬‬
‫‪9‬‬
‫عبد الكريم أحمد قندوز‪ ،‬نحو نظرية للخطر في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مجلة دراسات إسالمیة‪ ،‬المجلد ‪ ، 22‬العدد‪ ،2015 ، 1‬ص ص‪.20-19:‬‬

‫‪4‬‬
‫املحور األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ التأمين التقليدي‬
‫رابعا‪ -‬مراحل وأنواع وطرق تكوين عقود التأمني التكافلي‬
‫‪ -1‬نشأة عقود التأمني التكافلي‪:‬‬
‫‪10‬‬
‫عرف التأمني التكافلي عدة تطورات عرب التاريخ‪ ،‬وميكن حتديد أهمها وفق التسلسل التارخيي التالي‪:‬‬
‫‪ -‬سنة‪ :1964‬عقد يف دمشق اجتماع للمجمع الفقهي اإلسالمي نوقش فيه موضوع التأمني حيت اتفق‬
‫معظم الفقهاء على حرمة التأمني التجاري وأقروا التأمني التعاوني بديال عنه‪.‬‬
‫‪-‬سنة ‪ :1979‬قام بنك فيصل اإلسالمي يف السودان بتأسيس أول شركة تأمني تكافلي حتت اسم شركة‬
‫التأمني اإلسالمية السودانية‪ ،‬ويف نهاية نفس السنة قام بنك دبي اإلسالمي يف اإلمارات العربية املتحدة بتأسيس‬
‫الشركة العربية اإلسالمية للتأمني يف إمارة دبي‪.‬‬
‫‪-‬سنة ‪ :1984‬دخل قانون التأمني التكافلي حيز التنفيذ يف ماليزيا وتأسست أول شركة تأمني تكافلي يف‬
‫نفس السنة‪.‬‬
‫‪-‬سنة ‪ :1985‬تأسست يف اململكة العربية السعودية أول شركة تأمني إسالمية مملوكة بالكامل للحكومة‬
‫السعودية حتت اسم الشركة الوطنية للتأمني التعاوني‪.‬‬
‫‪-‬حتى سنة ‪: 2009‬بلغ عدد الشركات اإلسالمية التكافلية ‪ 173‬شركة معظمها شركات تأمني مباشر‬
‫وبعضها شركات إعادة تأمني‪ ،‬من بينها شركة سالمة للتأمينات اجلزائرية‪.‬‬
‫‪ -2‬مفهوم عقد التأمني التكافلي‬
‫يعرف عقد التأمني اإلسالمي بأنه‪ " :‬اتفاق بني شركة التأمني اإلسالمي باعتبارها ممثلة هليئة املشرتكني‪،‬‬
‫وشخص طبيعي أو قانوني على قبوله عضواً يف هيئة املشرتكني والتزامه بدفع مبلغ معلوم – قسط‪-‬على سبيل‬
‫التربع منه ومن عوائد استثماره ألعضاء هذه اهليئة‪ ،‬على أن تدفع له الشركة نيابة عن هذه اهليئة من أموال‬
‫التأمني اليت جتمع منه ومن غريه من املشرتكني‪ ،‬التعويض عن الضرر الفعلي الذي أصابه من جراء وقوع خطر‬
‫معني يف التأمني على األشياء‪ ،‬أو مبلغ التأمني يف التأمني التكافلي على األشخاص‪ ،‬على النحو الذي حتدده‬
‫‪11‬‬
‫وثيقة التأمني‪ ،‬ويبني أسسه النظام األساسي للشركة‪".‬‬
‫‪-2‬عناصر عقد التأمني التكافلي‬
‫يستنتج من التعريف السابق لعقد التأمني اإلسالمي وجود طرفني للعقد هما ‪:‬املشرتك ويسمى املستأمن‬
‫أو املؤمن له من جهة‪ ،‬وشركة التأمني من جهة أخرى‪ ،‬باعتبارها ممثلة جلماعة املستأمنني أو هيئة املشرتكني ‪.‬‬
‫وهي هيئة اعتبارية أو حكومية الزمة لرتتيب أحكام عقد التأمني‪.‬‬
‫‪-3‬العالقات التعاقدية يف التأمني التكافلي‬
‫‪12‬‬
‫نتيجة لتطبيق املفاهيم السابقة‪ ،‬تظهر عدة عالقات مالية تعاقدية أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة املشاركة بني املساهمني اليت ُتكون الشركة‪ ،‬من خالل النظام األساسي وما يتصل به‪ ،‬هي عقد‬
‫املشاركة إذا كانت تديره شركة‪.‬‬

‫وليد سعود‪ ،‬تجربة سالمة لتأمينات في تسويق التأمين التكافلي في السوق الجزائرية‪ ،‬بحث مقدم للندوة الدولیة حول شركات التأمين التقليدي‬ ‫‪10‬‬

‫ومؤسسات التأمين التكافلي بين األسس النظرية والتجربة التطبیقیة‪ ،‬جامعة سطیف‪ 25 ،‬و‪26‬أفريل‪ ، 2011‬ص‪.02‬‬
‫‪11‬‬
‫حسين حامد حسان‪ ،‬أسس التكافل التعاوني في ضوء الشريعة اإلسالمیة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪12‬‬
‫هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات اإلسالمیة‪ ،‬معايير المحاسبة والمراجعة والضوابط للمؤسسات المالیة اإلسالمیة‪ ،‬البحرين‪.2010 ،‬‬
‫‪5‬‬
‫املحور األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ التأمين التقليدي‬
‫‪ -‬العالقة بني الشركة وبني صندوق محلة الوثائق‪ :‬هي عالقة الوكالة من حيث اإلدارة‪ ،‬أما من حيث‬
‫االستثمار فهي عالقة مضاربة‪ ،‬أو وكالة باالستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬العالقة بني محلة الوثائق وبني الصندوق عند االشرتاك‪ :‬هي عالقة إلتزام بالتربع‪ ،‬والعالقة بني املستفيد‬
‫وبني الصندوق عند التعويض هي عالقة التزام الصندوق بتغطية الضرر حسب الوثائق واللوائح‪.‬‬
‫ميكن توضيح العالقات السابقة بشكل أكثر وضوحا بالقول أن العالقة األوىل بني املساهمني أنفسهم وهي‬
‫العالقة األساسية األولي يف الشركة حيث تربطهم عالقة الشراكة (عقد الشراكة)‪ ،‬واليت تنعقد نيتهم بإنشاء‬
‫شركة رحبية هدفها ممارسة أنشطة التأمني التكافلي ‪.‬‬
‫أما العالقة الثانية فهي العالقة بني هيئة املساهمني وهيئة املشرتكني ‪ ،‬حيث تعترب العالقة بينهم عالقة‬
‫قانونية مركبة وذات طبيعة مزدوجة‪ ،‬فهي عالقة رحبية جتارية من جهة‪ ،‬ويف نفس الوقت عالقة تكافلية تعاونية‬
‫من جهة أخري‪ ،‬أما العالقة الرحبية فتتمثل يف ما تستحقه هيئة املساهمني من أجور وأتعاب وعوائد مالية‪ ،‬نتيجة‬
‫قيامها بأعباء اإلدارة التأمينية واالستثمارية لصندوق املشرتكني‪ ،‬فهي عالقة رحبية جتارية حمضة ‪ ،‬وأما العالقة‬
‫التكافلية غري الرحبية فتتمثل فيما تقدمة هيئة املساهمني من قرض حسن بال فوائد لصاحل صندوق املشرتكني‪،‬‬
‫والعالقة تعترب عالقة إحسان وتكافل ال ربح فيها‪.‬‬
‫بينما العالقة الثالثة‪ ،‬فهي العالقة بني املشرتكني وهيئة املشرتكني‪ ،‬حيث تعترب عالقة املشرتكني جتاه‬
‫الشخصية املعنوية هليئة املشرتكني( صندوق التأمني التكافلي) من أبرز العالقات املالية اليت يقوم عليها نظام‬
‫التأمني التكافلي‪ ،‬ذلك أن أركان العقد وطرفيه الرئيسني يف هذه العالقة هما املشرتك (املؤمن له) وجهة التأمني‬
‫(املؤمّن) ممثلة بالصندوق التكافلي هليئة املشرتكني‪ ،‬وصورة هذه العالقة املالية أن يقوم املشرتك بدفع اشرتاك‬
‫التأمني التكافلي أو التعاوني بصفته مشاركا يف اهلدف التكافلي مع جمموعة املشرتكني‪ ،‬وهذه االشرتاكات‬
‫التكافلية إمنا تقدم التعاون واملشاركة يف ترميم األضرار الواقعة على أحد املشرتكني‪ ،‬فالعالقة هنا مشاركة‬
‫‪13‬‬
‫تكافلية تعاونية غري رحبية‪ ،‬وحكمها (عقد التربع) ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫رياض منصور الخلیفي ‪،‬التأمين التكافلي اإلسالمي‪ ،‬بحث مقدم إلى ملتقى التأمين التعاوني‪ ،‬الهيئة اإلسالمیة العلمیة لالقتصاد والتمويل ‪ ،‬رابطة العالم‬
‫اإلسالمي‪ ،‬الرياض‪ 2009 ،‬ص‪.05‬‬
‫‪6‬‬

You might also like