Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 30

‫جمعية الحقوقيين بصفاقس‬

‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫دور القاضي في إنقاذ‬

‫جديدية‬
‫ّ‬ ‫وليد بن‬
‫وكيل رئيس بالمحكمة اإلبتدائية صفاقس ‪2‬‬

‫يم ّثل القانون في الغالب نتاجا وإفرازا للواقع(((‪ ،‬فهو األداة التي من خاللها‬
‫يقع تنظيم الظواهر االقتصادية واالجتماعية والسياس ّية‪ .‬وتلك الحقيقة تجد صدى‬
‫تمر بصعوبات اقتصادية‪ ،‬فإنتهاج‬‫المؤسسات التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫لها في القانون المن ّظم إلنقاذ‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫التحرر واإلنفتاح االقتصادي فرضت على‬ ‫ّ‬ ‫الدولة التونسية لسياسة‬
‫المؤسسات االقتصادية‬
‫ّ‬ ‫التونسي س ّن ترسانة من القوانين التي تستهدف األخذ بيد‬
‫بإعتبارها تم ّثل نواة في النّسيج االقتصادي ومصدرا للتّشغيل واإلنتاج وإستقطاب‬
‫اليد العاملة واإلستثمار وتقطع مع النّظرة التقليدية التي تعتمد كقوام لها إقصاء‬
‫سجل بذلك اإلنتقال النّوعي من قانون‬
‫المدين من الدّ ورة االقتصادية ومعاقبته((( ل ُي ّ‬
‫المؤسسات التي تعرف صعوبات اقتصادية((( ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للتّفليس إلى قانون إلنقاذ‬
‫وكان لذلك اإلنتقال عميق األثر على الدّ ور الذي يلعبه القاضي فبعد أن كان‬
‫الصلح‬
‫متفرج يقتصر دوره على المصادقة على ّ‬ ‫مجرد متابع أو باألحرى ّ‬‫هذا األخير ّ‬
‫اإلحتياطي((( والتّصريح باإلفالس ومتابعة إجراءات إستنضاض مكاسب المفلس‬
‫‪(1) Ben Djedidia (W.), Le plan de cession, journée sur la loi n°2003-79 du‬‬
‫‪29/12/2003 modifiant le régime de redressement des entreprises en difficultés‬‬
‫‪économiques le 13/04/2004, p.1.‬‬
‫‪(2) Najet Brahmi, L’intervention judiciaire dans les procédures de redressement‬‬
‫‪des entreprises en difficultés économiques, p.16.‬‬
‫‪(3) Paillusseau (J), Du droit des faillites au droit des entreprises en difficultés en‬‬
‫‪quelques réflexions sur la renaissance( ?) d’un droit en dérive, Mél.Houin 1985,‬‬
‫‪p.109.‬‬
‫‪(4) Mechri (F), Leçons de droit commercial, les procédures collectives : le contrat‬‬
‫‪préventif et la faillite. Centre d’études, de recherches et de publications, Tunis‬‬

‫‪63‬‬
‫وإستخالص ما له من ديون بذ ّمة الغير‪ ،‬أصبح يمثل العبا أساس ّيا في اإلجراءات‬
‫المؤسسات التي تشهد صعوبات اقتصاد ّية(((‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الجماع ّية وفاعال في تقرير مصير‬
‫تدخل القضاء عموما في محتوى اإلتّفاقات وفي سير الدّ عوى‬ ‫ورغم ما يثيره ّ‬
‫وللقوة الملزمة‬‫ّ‬ ‫بحجة تم ّلك األطراف للدعوى‬ ‫ّ‬ ‫واإلجراءات من إحترازات‬
‫فإن الفقه‬‫ّ‬ ‫(((‬
‫لإلتّفاقات المبرمة بين المتعاقدين وإذعانا لمبدأ حياد القاضي‬
‫(((‬

‫تمر بصعوبات‬ ‫المؤسسات التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫تدخل القاضي في إنقاذ‬ ‫أن ّ‬ ‫الحديث يؤكّد على ّ‬
‫أن المحاكم‬ ‫اقتصاد ّية يم ّثل ضمانة أساس ّية للمدين ولدائنيه على حدّ سواء ضرورة ّ‬
‫تم ّثل هياكل محايدة ال تخدم مصلحة طرف على آخر وإنّما تسعى لتمكين ّ‬
‫كل‬
‫خصم من حقوقه المشروعة التي يكفلها له القانون(((‪.‬‬
‫أن تراجع خالص الدّ ائنين إلى المرتبة ال ّثالثة في س ّلم أولويات التّشريع‬ ‫ويبدو ّ‬
‫ظل القانون عدد ‪ 34‬لسنة ‪1995‬‬ ‫المؤسسات االقتصاد ّية((( سواء في ّ‬
‫ّ‬ ‫المتع ّلق بإنقاذ‬
‫المؤرخ‬
‫ّ‬ ‫ظل القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪2016‬‬ ‫المؤرخ في ‪ ((( 1995/04/17‬أو في ّ‬ ‫ّ‬
‫مؤشر هام وإعالن صريح‬ ‫ّ‬ ‫(((‬
‫في ‪ 2016/04/29‬والمتع ّلق باإلجراءات الجماع ّية‬
‫المؤسسة من إسترجاع‬ ‫ّ‬ ‫المشرع على إنحسار دور الدّ ائنين((( في سبيل تمكين‬ ‫ّ‬ ‫من‬
‫الشغل فيها مع ما يتبع ذلك‬ ‫عافيتها وإستئناف نشاطها والحفاظ على مواطن ّ‬
‫أن تراجع مكانة‬ ‫من تدعيم لصالح ّيات القاضي كقاطرة تدفع إلى اإلنقاذ‪ .‬فهل ّ‬
‫المؤسسات‬
‫ّ‬ ‫الدّ ائنين إلى المرتبة ال ّثالثة في س ّلم أولويات التّشريع المتع ّلق بإنقاذ‬
‫بالضرورة تدعيم لصالح ّيات القاضي؟ أم هل‬ ‫تمر بصعوبات اقتصاد ّية أعقبه ّ‬ ‫التي ّ‬
‫المشرع التّونسي لم يرتق في إعالن النّوايا إلى تكريس حقيقي لدور القاضي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن‬
‫المؤسسة؟‬
‫ّ‬ ‫كعنصر فاعل في تقرير مآل‬
‫في إطار بحثنا سنحاول اإلجابة على ذلك التّساؤل من خالل تناول دورالقاضي‬
‫األول) ثم دوره في العالج (المبحث الثاني)‪.‬‬
‫في الوقاية (المبحث ّ‬
‫‪1994, p.14 et S.‬‬
‫‪(1) Brahmi (N), op.cit., p.14.‬‬
‫((( الفصل ‪ 242‬من م‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 12‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪(4) Guyon (I), Droit des affaires, T.2, entreprises en difficultés Redressement‬‬
‫‪judiciaire, faillite Economica 1997, p.30, n°1026.‬‬
‫‪(5) Knani (Y), Le banquier et l’entreprise en difficulté, R.T.D. 1996, p.112.‬‬
‫‪(6) JORT du 25 avril 1995, n° 33, p. 792.‬‬
‫((( الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ 10 ،‬ماي ‪ 2016،‬عدد ‪.38‬‬
‫‪(8) Vasseur, Le crédit menacé J.C.P.éd. E.1985, ll,14569,p.563.‬‬

‫‪64‬‬
‫األول‬
‫ّ‬ ‫المبحث‬
‫دور القا�ضي في الوقاية‬

‫إن دور القاضي في إجراءات التّسوية يماثل بشكل كبير دور الحكيم الذي‬ ‫ّ‬
‫يتدخل في بعض الحاالت بشكل مبكّر للوقاية من حصول األمراض‬ ‫عليه أن ّ‬
‫وتفشيها وفي صورة تح ّقق المرض القيام بعملية تشخيص للوقوف على طبيعته‬ ‫ّ‬
‫فالمؤسسة كيان قد يكون في حالة ج ّيدة (‪)In bonis‬‬
‫ّ‬ ‫ووصف العالج المناسب له‪.‬‬
‫وقد تعتريه بعض الصعــــــــوبات (‪ .)In malus‬ففي هاته الحالة‪ ،‬يتع ّين أن‬
‫تدخل القاضي بشكل مبكّر وف ّعال وناجع في سبيل تجنيبها حالة التّوقف‬ ‫يكون ّ‬
‫الصعوبات االقتصادية (فقرة‬‫عن الدّ فع سواء من خالل إجراءات اإلشعار ببوادر ّ‬
‫أولى) أو من خالل التّسوية القضائ ّية (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫دور القا�ضي في مرحلة الإ�شعار ببوادر‬


‫الفقرة األولى‬
‫ال�صعوبات االقت�صادية‬

‫إن الوقاية خير من العالج‪ .‬وتلك الحقيقة العلم ّية تجد صدى لها في قانون‬ ‫ّ‬
‫وخاصة منها إجراءات‬ ‫ّ‬ ‫اإلنقاذ(((‪ ،‬ضرورة أنّه ك ّلما تد ّعمت إجراءات الوقاية‬
‫الصعوبات االقتصاد ّية أمكن للقاضي إتخاذ التّدابير الالّزمة‬ ‫اإلشعار ببوادر ّ‬
‫إلنقاذها وكان لتلك اإلجراءات النّجاعة الكافية ‪.‬‬
‫(((‬

‫المشرع التّونسي سواء صلب القانون عدد‬


‫ّ‬ ‫وعلى غرار نظيره الفرنسي‪ ،‬مكّن‬
‫‪ 34‬لسنة (((‪ 1995‬أو صلب القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪ 2016‬رئيس المحكمة‬
‫(((‬

‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫بالصعوبات االقتصادية من إستدعاء مس ّير‬
‫االبتدائية عند تلقيه اإلشعار ّ‬

‫((( د ّعم القانون الفرنسي الصادر في ‪ 1994/06/10‬والمنقح لقانوني ‪1984/03/01‬‬


‫و‪ 1985/1/25‬بشكل أساسي إجراءات الوقاية من خالل تدعيم صالحيات القاضي في‬
‫إجراءات االشعار‪ .‬يراجع مثال ‪:‬‬
‫‪Pérochon (F), Bonhomme (B),Entreprises en difficulté, Instruments de crédit et de‬‬
‫‪paiement, 4ème édition, L.G.D.J., 1999, p.11, n°16.‬‬
‫‪(2) Guyon (I), op.cit., p.35 n°1030.‬‬
‫((( الفصل ‪ 8‬جديد من القانون عدد ‪ 34‬لسنة ‪.1995‬‬
‫((( الفصل ‪ 421‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫المؤسسة من صعوبات (أ) وعند التّعذر يأذن‬‫ّ‬ ‫أو صاحبها للوقوف على ما يعترض‬
‫الرضائية أو القضائ ّية (ب)‪.‬‬
‫رئيس المحكمة بفتح إجراءات التّسوية ّ‬
‫�أ‪� -‬إ�ستدعاء الم�س ّير‪:‬‬
‫ينص الفصل ‪ 421‬من المج ّلة التّجارية على أنه‪ « :‬يبادر رئيس المحكمة اإلبتدائية‬ ‫ّ‬
‫بأي‬
‫المؤسسة أو صاحبها ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالصعوبات االقتصادية بإستدعاء مس ّير‬ ‫عند تل ّقي اإلشعار ّ‬
‫وسيلة تترك أثرا كتاب ّيا لمطالبته ببيان التّدابير التي يعتزم إتخاذها لتفادي ما يعترض‬
‫المؤسسة من صعوبات ويحدّ د له أجال لذلك ال يتجاوز شهرا‪.»...‬‬ ‫ّ‬
‫النص المذكور بعض المالحظات‪:‬‬ ‫ويثير ّ‬
‫المشرع لم يحدّ د أجال لرئيس المحكمة االبتدائية للمبادرة بإستدعاء‬ ‫ّ‬ ‫أولها‪ :‬أن‬
‫الصياغة القديمة للفصل ‪ 8‬من‬ ‫المؤسسة أو صاحبها وقد حافظ على نفس ّ‬ ‫ّ‬ ‫مس ّير‬
‫قانون ‪ 1995/04/17‬في هذا اإلطار‪.‬‬
‫أن كلمة «يبادر» تنطوي في ذاتها على اإلستعجال وهو ما دأب عليه‬ ‫غير ّ‬
‫بمجرد تلقيه‬
‫ّ‬ ‫أن رئيس المحكمة اإلبتدائية‬ ‫عمل المحاكم في هذا اإلطار حيث ّ‬
‫بالصعوبات االقتصادية يأذن لكاتب المحكمة بتوجيه إستدعاء كتابي عن‬ ‫اإلشعار ّ‬
‫المؤسسة أو صاحبها للحضور لديه وعقد جلسة مكتب ّية معه‬ ‫ّ‬ ‫طريق البريد لمس ّير‬
‫ويتضمن ذلك اإلستدعاء كذلك مطالبة المس ّير بتحديد التّدابير العمل ّية التي يعتزم‬ ‫ّ‬
‫بالمؤسسة من وضع ّيتها الحرجة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إتّخاذها للخروج‬
‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫يوجهه رئيس المحكمة اإلبتدائية لمس ّير‬ ‫ثانيها‪ :‬أن اإلستدعاء الذي ّ‬
‫أو صاحبها يجب أن يكون كتابة أو بأ ّية وسيلة تترك أثرا كتاب ّيا سواء عن طريق‬
‫البريد أو الفاكس أو البريد اإللكتروني‪ (((...‬وتلك الصيغة لم يتضمنها الفصل ‪8‬‬
‫أن عمل المحاكم دأب على إعتمادها‪.‬‬ ‫من قانون ‪ ،1995/04/17‬غير ّ‬
‫نص على أجل أقصى قدره شهر((( يمكن‬ ‫أن الفصل ‪ 421‬من م‪.‬ت ّ‬ ‫ثالثها‪ّ :‬‬
‫المؤسسة أو صاحبها لبيان التّدابير التي يعتزم‬ ‫ّ‬ ‫لرئيس المحكمة أن يمنحه لمس ّير‬
‫الصعوبات التي تواجهها‪.‬‬ ‫بالمؤسسة وتذليل ّ‬‫ّ‬ ‫إتخاذها للنّهوض‬

‫((( يبدو أن التوجه التشريعي الجديد من خالل عديد النصوص القانونية الصادرة مؤخرا هو في‬
‫اتجاه توثيق األعمال االجرائية كتابة في سبيل إضفاء مزيد من الضمانات القانونية للمتقاضين‬
‫من ذلك القانون عدد ‪ 05‬لسنة ‪ 2016‬المؤرخ في ‪ 2016/02/16‬والمتعلق بتنقيح وإتمام‬
‫بعض أحكام مجلة اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫((( ال شيء يمنع رئيس المحكمة االبتدائية من إعطاء أجل أدنى يقل عن شهر إذ له في ذلك‬
‫‪66‬‬
‫المشرع يحاول الحدّ من سلطات رئيس المحكمة اإلبتدائية من‬ ‫ّ‬ ‫ويبدو أن‬
‫الضغط على اآلجال في سبيل التّسريع بإجراءات الوقاية والحيلولة دون‬ ‫خالل ّ‬
‫المؤسسة ‪.‬‬
‫(((‬
‫ّ‬ ‫تر ّدي وضع‬
‫رابعها‪ :‬أن رئيس المحكمة اإلبتدائية ال يمكنه إالّ معاينة التّهديدات التي‬
‫(((‬
‫المؤسسة وتقييم مدى نجاعة الحلول التي يقترحها صاحبها أو مس ّيرها‬ ‫ّ‬ ‫تواجهها‬
‫محل هذا األخير أو إقتراح حلول أو إجراءات عمل ّية عليه ألنّها‬ ‫وال يمكنه الحلول ّ‬
‫الشخصية(((‪.‬‬ ‫تعود لصميم إختصاصه وترتّب مسؤول ّيته ّ‬
‫أن التّجربة القضائ ّية تؤكّد أن رئيس المحكمة اإلبتدائية قد يعمد في بعض‬ ‫غير ّ‬
‫األحيان إلى إقتراح بعض الحلول أو اإلجراءات العمل ّية لمساعدة المس ّير أو‬
‫بالمؤسسة والخروج بها من أزمتها كأن يقترح‬ ‫ّ‬ ‫المؤسسة على النّهوض‬ ‫ّ‬ ‫صاحب‬
‫سجلت خسائر متتالية في‬ ‫المقرات التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫مثال إنهاء بعض العقود أو غلق بعض‬
‫لضخ أموال يقع تخصيصها كمال‬ ‫ّ‬ ‫السنوات األخيرة أو البحث عن شركاء جدد‬ ‫ّ‬
‫المؤسسة إلى األمام ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫متداول للدّ فع بنشاط‬
‫أن تلك الحلول التي يقترحها رئيس المحكمة اإلبتدائية ال تلزم مس ّير‬ ‫غير ّ‬
‫المؤسسة أو صاحبها على إعتمادها أو األخذ بها رغم ما لرئيس المحكمة اإلبتدائية‬ ‫ّ‬
‫تتجسم واقعيا في إمكان ّية إفتتاح إجراءات التّسوية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من سلطة معنو ّية عليه‬

‫ب‪� -‬إفتتاح �إجراءات ال ّت�سوية‪:‬‬


‫إقتضى الفصل ‪ 421‬من م‪.‬ت أنّه وبإنتهاء األجل المذكور (أجل ّ‬
‫الشهر) «يأذن‬
‫الرضائية إن رغب المدين في ذلك أو‬
‫رئيس المحكمة بفتح إجراءات التّسوية ّ‬
‫بإنطالق إجراءات التّسوية القضائ ّية إن توفرت شروطها»‪.‬‬

‫مطلق االجتهاد‪.‬‬
‫ينص على أجل بعينه يحدّ ده رئيس المحكمة‬
‫ّ‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫‪1995/04/17‬‬ ‫قانون‬ ‫من‬ ‫((( الفصل ‪8‬‬
‫لمس ّير المؤسسة أو صاحبها لبيان التدابير العملية التي يعتزم اتخاذها لمنع تر ّدي وضعية‬
‫المؤسسة والنهوض بها وإنما كان لمطلق اجتهاد رئيس المحكمة تحديد ذلك األجل وذلك‬
‫حسب الحالة وحسب طبيعة المؤسسة والصعوبات التي تعترضها وحجم نشاطها والخسائر‬
‫التي تكبدتها‪.‬‬
‫‪(2) Lakhoua (H), Cours de droit commercial, 4ème année, Faculté de Droit et des‬‬
‫‪Sciences Politiques de Tunis.‬‬
‫‪(3) Ibid .‬‬

‫‪67‬‬
‫الصياغة قد أدخل بعض التّجديد مقارنة‬ ‫المشرع من خالل هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويبدو أن‬
‫بصياغة الفصل ‪ 8‬من قانون ‪ 1995(((،/04/17‬فرئيس المحكمة اإلبتدائية‬
‫الرضائية أو القضائ ّية حال أنّه كان‬
‫يمكنه أن يأذن بفتح إجراءات التّسوية سواء منها ّ‬
‫محجوبا عن إفتتاح إجراءات التّسوية الرضائ ّية بموجب الفصل ‪ 8‬المذكور رغم‬
‫إمكان ّية تو ّفر شروطها‪.‬‬
‫المشرع قد أبقى على بعض التّساؤالت التي يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫وفي المقابل ّ‬
‫فإن‬
‫تضمنت صورة‬ ‫أن صيغة الفصل ‪ 421‬من م‪.‬ت‪ .‬قد ّ‬ ‫تطرح في التّطبيق‪ ،‬من ذلك ّ‬
‫المؤسسة لتقديم بيان في التّدابير التي‬
‫ّ‬ ‫تجاوز األجل الممنوح للمس ّير أو لصاحب‬
‫يتطرق إلى الحالة التي يعتبر فيها رئيس‬ ‫الصعوبات ولم ّ‬
‫(((‬
‫يعتزم إتخاذها لتجاوز ّ‬
‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫المحكمة اإلبتدائية أن اإلجراءات المقترحة من المس ّير أو صاحب‬
‫الصورة يمكن لرئيس المحكمة‬ ‫غير كافية للخروج بها من أزمتها‪ .‬فهل في هاته ّ‬
‫اإلبتدائية أن يأذن بناء على قرار مع ّلل بفتح إجراءات التّسوية القضائ ّية((( ؟ وكيف‬
‫تصور طلب المدين إفتتاح إجراءات التّسوية الرضائ ّية في حقه حال أنّه‬ ‫يمكن ّ‬
‫الشهر المبين بالفصل‬ ‫أحجم عن تقديم مقترحاته لرئيس المحكمة خالل أجل ّ‬
‫‪ 421‬من م‪.‬ت؟‬
‫إن دعم إجراءات التّحاور بين رئيس المحكمة اإلبتدائية والمدين‬ ‫في إعتقادنا‪ّ ،‬‬
‫وعقد عديد الجلسات مع هذا األخير سيما بحضور مراقب الحسابات من شأنها‬
‫أن تساعد على إيجاد حلول مرض ّية للمدين وتجنيب إفتتاح إجراءات التّسوية في‬
‫ح ّقه‪ ،‬وهي إجراءات ال يزال يراها بعض المتداخلين سببا في إيقاف التّعامل مع‬
‫المدين‪ ،‬وهو ما أثبتته التّجربة العمل ّية في فرنسا(((‪.‬‬

‫‪(1) Brahmi (N), L’intervention judiciaire dans les procédures de redressement des‬‬
‫‪entreprises en difficultés économiques op.cit., p.40 et 41.‬‬
‫((( في هاته الحالة تقوم قرينة بسيطة على توقف المؤسسة عن الدفع ويحق لرئيس المحكمة‬
‫االبتدائية اإلذن بافتتاح إجراءات التسوية القضائية‪ .‬يراجع‪:‬‬
‫‪Brahmi (N), op.cit., p.42 et s.‬‬
‫((( في اعتقادنا يمكن لرئيس المحكمة االبتدائية إذا عاين من خالل الوثائق التي يقدّ مها‬
‫المدين حالة التوقف عن الدفع أن يأذن بافتتاح إجراءات التسوية القضائية خصوصا وأنه‬
‫باإلمكان سماع األطراف التي قامت باإلشعار‪.‬‬
‫‪(4) Pérochon (F) et Bonhomme ( R), op.cit., p.36, n°46.‬‬

‫‪68‬‬
‫دور القا�ضي في مرحلة الت�سوية الر�ضائية‬ ‫الفقرة الثانية‬

‫الرضائ ّية بديل الصلح اإلحتياطي((( وهي تقوم أساسا على‬ ‫تعدّ التّسوية ّ‬
‫التّفاوض بين المدين ودائنيه((( لكنّها تستوجب ّ‬
‫تدخل القضاء في جميع مراحلها‬
‫الرضائ ّية (أ) أو في سير إجراءاتها (ب) أو عند‬
‫سواء عند إفتتاح إجراءات التّسوية ّ‬
‫فسخ إتفاق التّسوية (ج)‪.‬‬

‫�أ‪ -‬دور القا�ضي عند افتتاح �إجراءات الت�سوية الر�ضائية‪:‬‬


‫أن « يفتتح إجراءات‬ ‫إقتضى الفصل ‪ 424‬من م‪.‬ت أنّه يمكن لرئيس المحكمة ّ‬
‫بمجرد إتّصاله بالمطلب ويع ّين مصالحا‪ .»...‬ويشير الفقه الى ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫الرضائ ّية‬
‫التّسوية ّ‬
‫السلطات المسندة لرئيس المحكمة تبتعد عن سلطاته القضائ ّية التقليد ّية ليكون‬ ‫ّ‬
‫هذا األخير مسلحا بسلطات اقتصاد ّية تضاف إلى سلطاته األصل ّية ‪ ،‬ضرورة أنّه‬
‫(((‬

‫الرضائية في ح ّقها‬‫المؤسسة وإمكان ّية إفتتاح إجراءات التّسوية ّ‬


‫ّ‬ ‫في تقديره لوضع‬
‫مضطرا لتقييم وضع ّيتها االقتصاد ّية والمال ّية وهي إختصاصات غريبة عنه‬
‫ّ‬ ‫سيكون‬
‫تجعل من قضائه قضاء اقتصاديا بإمتياز ‪.‬‬
‫(((‬

‫المشرع قد أدخل‬
‫ّ‬ ‫معمقة للفصل ‪ 424‬من م‪.‬ت‪ .‬نالحظ أن‬ ‫ومن خالل قراءة ّ‬
‫بعض التّجديد مقارنة بصياغة الفصل ‪ 9‬وما بعده من قانون ‪ ،1995/04/17‬من‬
‫الرضائية أصبح يقدّ م مباشرة إلى‬
‫ذلك أن المطلب في اإلنتفاع بإجراءات التّسوية ّ‬
‫رئيس المحكمة اإلبتدائية(((‪.‬‬
‫المؤسسات‬
‫ّ‬ ‫مهمة المصالحة يمكن أن ُيعهد بها إلى لجنة متابعة‬ ‫أن ّ‬‫كما ّ‬
‫االقتصادية شريطة موافقة المدين على ذلك‪.‬‬
‫الضغط على نفقات المدين من خالل إمكان ّية تعيين لجنة‬
‫المشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫ولئن حاول‬
‫السؤال قد يطرح حول مقدرة تلك‬ ‫المؤسسات االقتصادية كمصالح ّ‬
‫فإن ّ‬ ‫ّ‬ ‫متابعة‬
‫‪(1) Brahmi (N), L’intervention judiciaire dans les procédures de redressement des‬‬
‫‪entreprises en difficultés économiques, op.cit., p.47.‬‬
‫‪(2) Pérochon (F) et Bonhomme (R), op.cit, p.37, n°48.‬‬
‫‪(3) Guyon (I), op .cit., p.31, n°1026.‬‬
‫‪(4) Vasseur (M), Le crédit menacé : Brèves réflexions sur la nouvelle législation‬‬
‫‪relative aux entreprises en difficultés, J.C.P. éd.E. 1985, II, 14569, p.565.‬‬
‫ينص على أن المطلب في االنتفاع بإجراءات‬
‫((( الفصل ‪ 9‬من قانون ‪ 1995/04/17‬كان ّ‬
‫التسوية الرضائية يقدّ م إلى لجنة متابعة المؤسسات االقتصادية التي تجري تشخيصا أوليا قبل‬
‫المختص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إحالة المطلب على رئيس المحكمة االبتدائية‬
‫‪69‬‬
‫بمهمة المصالحة في صورة تعدّ د قرارات التّكليف من عدّ ة محاكم‬ ‫ّ‬ ‫ال ّلجنة القيام‬
‫المهمة وتخفيف األعباء على المدين قد تجعل‬‫ّ‬ ‫مجانية قيامها بتلك‬ ‫خصوصا ّ‬
‫وأن ّ‬
‫هذا األخير يميل إلى القبول بها كمصالح بل قد تدفعه إلى إقتراحها على رئيس‬
‫مخول له بموجب الفصل ‪ 13‬من األحكام اإلنتقال ّية من‬ ‫ّ‬ ‫المحكمة وفق ماهو‬
‫القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪.2016‬‬
‫فإن المصالح عادة ما يكون خبيرا في المحاسبة‬ ‫وحسب التّجربة القضائ ّية ّ‬
‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫مؤهالته المحاسب ّية تجعله قادرا على تشخيص وضع‬ ‫أن ّ‬ ‫بإعتبار ّ‬
‫المالي واالقتصادي وتحديد اآلجال التي تمكنها من خالص ديونها إعتمادا على‬
‫مقدرتها ومردود ّيتها االقتصادية والتّفاوض مع الدّ ائنين على ذلك األساس‪ .‬غير‬
‫المشرع حاد بموجب القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪ 2016‬عن ذلك المنهج بأن مكّن‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫ّ‬
‫رئيس المحكمة من تسمية مصالح((( من بين األشخاص الذين يقترحهم صاحب‬
‫أي‬
‫المرسمين لدى التعقيب((( أو ّ‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة أو مس ّيرها((( أو من بين المحامين‬ ‫ّ‬
‫ممن تتو ّفر فيه شروط الكفاءة والحياد والموضوع ّية والخبرة في‬ ‫شخص آخر ّ‬
‫المؤسسات(((‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شؤون‬
‫وما يالحظ أن تعيين المصالح يكون بصفة متزامنة مع إفتتاح إجراءات التّسوية‬
‫الرضائ ّية((( وصلب نفس القرار الذي يصدره رئيس المحكمة اإلبتدائية ويتو ّلى‬ ‫ّ‬
‫المصالح التّوفيق بين المدين ودائنيه خالل أجل ال يتجاوز ثالثة أشهر قابل‬
‫للتّمديد لفترة واحدة بشهر‪ .‬وللمصالح في سبيل إتمام األعمال الموكولة إليه‬
‫المؤسسة سواء من المدين أو من اإلدارات العموم ّية‬
‫ّ‬ ‫طلب أ ّية معلومات عن حالة‬

‫((( المصالحة تكون مجانية عند إجرائها من طرف لجنة متابعة المؤسسات االقتصادية بصريح‬
‫الفصل ‪ 424‬فقرة ‪ 3‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( ظاهر الفصل ‪ 13‬من األحكام االنتقالية قد اليستثني مراقب الحسابات من إمكانية تعيينه‬
‫كمصالح غير أن اشتراط الحياد والموضوعية في المصالح تستبعد إمكانية تعيين مراقب‬
‫الحسابات كمصالح‪.‬‬
‫((( يحق التساؤل إن كان للمحامي المرسم لدى التعقيب الكفاءة والخبرة في شؤون‬
‫المؤسسات؟‬
‫مع اإلشارة أن المحامي الدي سبق له الدفاع على مصالح المدين أو ضدّ ه ال يمكن تسميته‬
‫كمصالح لعدم توفر شروط الحياد والموضوعية في جانبه‪.‬‬
‫((( يحق التساؤل عن المقصود بشؤون المؤسسات هل أنها تشمل إدارة المؤسسات؟ أم‬
‫المعرفة بطرق عملها؟ أم بأمورها المحاسبية والمالية؟‬
‫‪(5) Brahmi (N), op.cit., p.55.‬‬

‫‪70‬‬
‫بالسر‬
‫ّ‬ ‫المؤسسات االقتصاد ّية دون إمكان ّية معارضته‬
‫ّ‬ ‫أو المال ّية أو من لجنة متابعة‬
‫المهني‪.‬‬
‫ويمكن لرئيس المحكمة تعويض المصالح بطلب من المدين لسبب جدّ ي في‬
‫أجل ال يتجاوز ‪ 8‬أيام من تاريخ تعيينه‪.‬‬
‫السبب الجدّ ي؟ فهل أنّه يقتصر على القوادح‬
‫وهنا يمكن التّساؤل عن مفهوم ّ‬
‫تمس من شرط‬‫القانون ّية في الخبراء((( ؟ أم أنّه يمكن أن يشمل أسباب أخرى قد ّ‬
‫المؤسسات؟ بمعنى هل يمكن للمدين أن يطلب‬ ‫ّ‬ ‫الكفاءة والخبرة في شؤون‬
‫إعفاء مصالح بتع ّلة أنّه ليس بكفء؟ وماذا لو ّ‬
‫أن المصالح لم يقم بإعالم المدين‬
‫بقرار تسميته خالل أجل ال ّثمانية أ ّيام وباشر أعماله بعد إنقضاء ذلك األجل‪ ،‬هل‬
‫أي‬
‫يمكن لرئيس المحكمة اإلبتدائ ّية تعويضه بغيره من األشخاص وإستنادا إلى ّ‬
‫أساس((( ؟‬
‫المؤسسة في اإلنقاذ‪ ،‬يمكن لرئيس المحكمة أن يأذن‬ ‫ّ‬ ‫ولمزيد دعم حظوظ‬
‫السابقة لتاريخ فتح التّسوية‬
‫الرامية إلى إستخالص الدّ يون ّ‬
‫بتعليق إجراءات التّنفيذ ّ‬
‫المؤسسة وعرقلة إلمكان ّية‬
‫ّ‬ ‫الرضائ ّية شريطة أن يكون في أدائها تعكيرا لوضع‬ ‫ّ‬
‫الرامية إلى إسترجاع منقوالت أو‬‫إنقاذها‪ ،‬كما له أن يأذن بتعليق إجراءات التّنفيذ ّ‬
‫المؤسسة المدينة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عقارات إذا تب ّين أنّها ضرورية لنشاط‬
‫للصيغة القديمة للفصل ‪12‬‬ ‫وما يالحظ في هذا الخصوص أن التّعليق وخالفا ّ‬
‫من قانون ‪ 1995/04/17‬ال يشمل إال إجراءات التّنفيذ((( وهو يم ّثل إستثناءا ال‬
‫يمكن لرئيس المحكمة اإلبتدائية اإللتجاء إليه إالّ وفق شروط(((‪.‬‬
‫تحرر أيدي القاضي من جديد وتعطيه‬ ‫الشروط ّ‬ ‫أن تقييم مدى توفر تلك ّ‬ ‫غير ّ‬
‫سلطات واسعة(((‪.‬‬

‫((( الفصل ‪ 108‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬


‫((( كان من المح ّبذ أن يكون احتساب أجل الثمانية أيام بداية من تاريخ إعالم المدين بقرار‬
‫تعيين المصالح على اعتبار أن إدراج قرارات افتتاح إجراءات التسوية الرضائية بالرائد الرسمي‬
‫للجمهورية التونسية والسجل التجاري للمدين غالبا ما تكون بعد انقضاء ذلك األجل‪.‬‬
‫((( التعليق في الفصل ‪ 12‬من قانون ‪ 1995/04/17‬كان يشمل إجراءات التقاضي والتنفيذ‪.‬‬
‫المشرع في حماية الدائنين تبدو حاضرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫((( من خالل ذلك االستثناء رغبة‬
‫‪(5) Brahmi (N), op.cit., p.59.‬‬

‫‪71‬‬
‫ب‪ -‬دور القا�ضي في �سير �إجراءات ال ّت�سوية ّ‬
‫الر�ضائ ّية‪:‬‬
‫رغم طبيعته اإلتفاقية التي تجعل أطرافه غير خاضعة في تحديد شروطه إلى‬
‫الرضائية أن يكون نافذا إال بعد مصادقة‬
‫أ ّية قيود ‪ ،‬ال يمكن إلتفاق التّسوية ّ‬
‫(((‬

‫رئيس المحكمة اإلبتدائية عليه وتلك المصادقة قد تكون بحكم القانون (‪ )1‬أو‬
‫إختيارية(‪.)2‬‬
‫الرضائ ّية بحكم القانون‪:‬‬
‫‪-1‬المصادقة على إتفاق التّسوية ّ‬
‫ينص الفصل ‪ 428‬من م‪.‬ت في فقرته الثانية على أنّه‪ ...»:‬ويصادق رئيس‬ ‫ّ‬
‫المحكمة على اإلتفاق الحاصل بين المدين وجميع دائنيه»‪.‬‬
‫أن سلطات رئيس المحكمة عند‬ ‫وما يالحظ من خالل عبارات النّص المذكور ّ‬
‫الرضائية على قبول جميع الدّ ائنين والمدين تبدو مق ّيدة فهذا‬ ‫إحراز إتفاق التّسوية ّ‬
‫وتدخله يقتصر على إستكمال شكل ّية قانونية‬ ‫ّ‬ ‫األخير ال يمكنه رفض المصادقة عليه‬
‫(((‬
‫الرضائية دون أن يت ّعداها إلى تقييم مضمون اإلتفاق‬ ‫الزمة لنفاذ إتفاق التّسوية ّ‬
‫أو نجاعته أو قدرة المدين على الوفاء به إستنادا إلى ما أمكن له الوقوف عليه من‬
‫المؤسسات المالية أو من‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة من اإلدارات العموم ّية أو‬
‫ّ‬ ‫معلومات عن حالة‬
‫المؤسسات االقتصادية بإجرائه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫خالل التّشخيص الذي كان أذن للجنة متابعة‬
‫وعلى رئيس المحكمة التّحقق من موافقة جميع الدّ ائنين على إتّفاق التّسوية‬
‫وذلك بوضع إمضائهم عليه((( كما عليه التّحقق من أن من أمضى على إتّفاق‬
‫التّسوية هم جميع الدّ ائنين المب ّينة أسماؤهم بمطلب التّسوية المقدّ م من المدين‬
‫وفق ما يستوجبه الفصل ‪ 417‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫الرضائية‪:‬‬
‫‪ -2‬المصادقة اإلختيار ّية على إتفاق التّسوية ّ‬
‫نص عليها الفصل ‪ 428‬فقرة ‪ 2‬من م‪.‬ت الذي جاء به أنّه‪ « :‬ويمكّنه‬ ‫هي حالة ّ‬
‫(أي رئيس المحكمة) أن يصادق على اإلتفاق الذي أمضاه دائنون يم ّثل دينهم‬
‫ثلثي مجمل الدّ يون ويأذن بجدولة بق ّية الدّ يون مهما كانت طبيعتها لفترة ال تتجاوز‬
‫ّ‬
‫مدّ ة اإلتفاق على أن التتعدّ ى في جميع األحوال ثالث سنوات‪.»...‬‬

‫((( يمكن لألطراف االتفاق على جدولة الديون وفق آجال تختلف بحسب قيمة المديونية‬
‫وقدرة المؤسسة على الوفاء بها‪ ،‬كما يمكن االتفاق على الحط من بعض الديون أو جزء منها‬
‫أو الحط من الفوائض أو إيقاف سريانها أو أية شروط أخرى طالما لم تكن ماسة بالنظام العام‪.‬‬
‫‪(2) Brahmi (N), op.cit., p.61.‬‬
‫((( يراجع الفصل ‪ 426‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫ويتمتّع رئيس المحكمة في هذه الصورة بصالح ّيات واسعة((( إذ له أن يصادق‬
‫الرضائية الذي أحرز على النّصاب القانوني أو أن يرفض‬ ‫على إتّفاق التّسوية ّ‬
‫المصادقة عليه دون تعليل‪.‬‬
‫الرضائية ما لم‬
‫لكن ال يمكن لرئيس المحكمة أن يصادق على إتّفاق التّسوية ّ‬
‫يحرز على النّصاب القانوني بخصوص قيمة الدّ ين إذ يجب أن يكون الدّ ين الذي‬
‫أمضاه الدّ ائنون يم ّثل في مجموعه ثلثي مجمل الدّ يون(((‪.‬‬
‫الرضائية‬
‫التسوية ّ‬
‫وما يالحظ أن مصادقة رئيس المحكمة اإلبتدائ ّية على إتّفاق ّ‬
‫المحرك األساسي‬
‫ّ‬ ‫رغم عدم إمضائه من كافة الدّ ائنين قد تمليه ضرورة اإلنقاذ وهي‬
‫المبرر عن إبرام إتفاق‬
‫لقانون اإلنقاذ وقد يكون الدافع لها إحجام الدّ ائنين غير ّ‬
‫(((‬

‫المؤسسة المدينة(((‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المتعمدة لتعطيل مسار إنقاذ‬
‫ّ‬ ‫الرضائية ورغبتهم‬
‫التّسوية ّ‬
‫كما أن مصادقة رئيس المحكمة من آثارها جدولة بق ّية الدّ يون لفترة ال تتجاوز‬
‫مدّ ة اإلتّفاق دون أن تتجاوز في جميع الحاالت ثالث سنوات بإستثناء بعض‬
‫الدّ يون كديون العملة في جزئها غير القابل للحجز‪....‬‬
‫النسبي للعقود((( وعلى مبدأ‬
‫ّ‬ ‫ورغم ما يمثله هذا اإلجراء من قيد على مبدأ األثر‬
‫أن تقييد سلطات رئيس المحكمة بأجل ‪ 3‬سنوات((( قد يكون‬ ‫سلطان اإلرادة‪ ،‬إال ّ‬
‫الرضائية على إعتبار أن‬
‫مدعاة إلحجام الدّ ائنين عن الموافقة على إتفاق التّسوية ّ‬
‫‪(1) Brahmi (N), op.cit., p.62.‬‬
‫المشرع اليشترط أغلبية الثلثين إال فيما يتعلق بقيمة الدّ ين وهو ال يفرض أي شرط‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫بخصوص الدائنين إذ يمكن أن يصادق رئيس المحكمة على اتفاق التسوية الرضائية الذي‬
‫إمضاه دائن وحيد يمثل دينه ثلثي مجمل الديون أو يزيد وهو بذلك يبتعد عن األغلبية المزدوجة‬
‫التي كان يشترطها لمنح الصلح البسيط بموجب الفصل ‪ 510‬قديم من م‪.‬ت‪.‬‬
‫قرار عدد ‪ 5‬صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بسوسة ‪.2‬‬
‫((( الفصل ‪ 415‬من م‪.‬ت‪ .‬الفصل األول من القانون المؤرخ في ‪ 1995/04/17‬قبل إلغائه‬
‫بموجب القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪ .2016‬وتعتبر محكمة التعقيب صلب قرارها عدد ‪72500‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪( 1999/07/14‬غير منشور) أن حقيقة اإلنقاذ هي دعوة إلى الصلح فهو عمل‬
‫تطوعي وإجراء صلحي»‪ .‬أنظر كذلك قرار عدد ‪ 103‬صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية‬ ‫ّ‬
‫بصفاقس بتاريخ ‪.2008/02/12‬‬
‫‪(4) Lakhoua(H.), cours précité, p.25.‬‬
‫‪(5) Rais (H.), Les contrats dans le règlement judiciaire des entreprises en difficultés‬‬
‫‪économiques, mémoire de D.E.A. en droit privé, Faculté de droit et des sciences‬‬
‫‪politiques de Tunis, année universitaire 1997-1998.‬‬
‫ينص على أجل أقصى بعينه وإنما تجدول بقية‬
‫((( الفصل ‪ 13‬قديم من قانون اإلنقاذ لم يكن ّ‬
‫الديون لفترة ال تتجاوز مدة االتفاق‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫إتفاق التّسوية عادة ما يكون على آجال تفوق في مدّ تها أمد ثالث سنوات ليكون‬
‫الرضائية في وضعية‬‫في هاته الحالة الدّ ائن الذي لم يصادق على إتفاق التّسوية ّ‬
‫أفضل من الدّ ائن الذي صادق على ذلك اإلتّفاق‪.‬‬
‫أن بعض التّطبيقات القضائية تربط جدولة باقي الدّ ين‬‫وتجدر المالحظة ّ‬
‫بخالص نسبة منه بصفة فورية في سعي من القضاء إلى إيجاد توازن بين مصالح‬
‫(((‬

‫والرغبة في إنقاذه ومصالح دائنيه في إستخالص ديونهم دون اإلضرار‬ ‫المدين ّ‬


‫بهم‪.‬‬
‫الرضائية كيفما تمت المصادقة عليه من قبل رئيس‬ ‫ويترتب عن إتّفاق التّسوية ّ‬
‫والرامية إلى‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫المحكمة تعليق إجراءات التّنفيذ((( في حق الدّ ائنين المشمولين به‬
‫إستخالص دين سابق عن إتّفاق التّسوية أو إسترجاع منقوالت أو عقارات ثبت‬
‫أنّها ضرورة لمواصلة النّشاط وذلك حتّى نهاية مدّ ة اإلتفاق أو فسخه قضائ ّيا‪.‬‬

‫ج‪-‬دور القا�ضي في ف�سخ �إتفاق ال ّت�سوية الر�ضائية‪:‬‬


‫ينص الفصل ‪ 430‬من م‪.‬ت أنه‪ « :‬إذا ّ‬
‫أخل المدين بتعهداته المترتّبة عن‬ ‫ّ‬
‫لكل من له مصلحة أن يطلب من‬ ‫الرضائية تجاه أحد دائنيه‪ ،‬يمكن ّ‬
‫إتّفاق التّسوية ّ‬
‫المحكمة فسخ اإلتفاق‪.»...‬‬
‫المشرع قد عاوده الحنين إلى الصيغة‬
‫ّ‬ ‫ويبدو من خالل قراءة الفصل المذكور أن‬
‫األصلية للفصل ‪ 15‬من قانون ‪ 1995/04/17‬قبل تنقيحه بموجب القانون عدد‬
‫‪ 79‬لسنة ‪ 2003‬المؤرخ في ‪ 2003/12/29‬وهي صيغة وإن كانت ال تطرح أي‬
‫إشكال بخصوص إختصاص الدّ ائرة التّجارية بتركيبتها الخماس ّية للتّعهد بمطلب‬
‫الرضائية((( ‪ ،‬فإنها تلقي ببعض التّعتيم بخصوص طبيعة‬ ‫فسخ إتفاق التّسوية ّ‬

‫((( القرار عدد ‪ 201‬الصادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بأريانة في ‪.2007/11/13‬‬


‫ينص على تعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ ويبدو أن اختزال التعليق‬ ‫((( الفصل ‪ 12‬قديم كان ّ‬
‫في إجراءات التنفيذ دون إجراءات التقاضي بموجب الفصل ‪ 428‬فقرة أخيرة أسلم ضرورة أن‬
‫إجراءات التقاضي ليس من شأنها التأثير على نشاط المؤسسة المدينة وتعطيله وإنما هي تساعد‬
‫في بعض الحاالت على تحديد قيمة الديون المتنازع فيها‪.‬‬
‫((( يعدّ دائنا مشموال باالتفاق على التسوية الرضائية الدائن الذي أمضى االتفاق وكذلك‬
‫الدائن الذي تمت جدولة دينه بقرار من رئيس المحكمة وكان دينه ضمن الثلث المتبقي من‬
‫الديون‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 40‬فقرة سابعة من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪Brahmi (N.), op.cit., p.66.‬‬

‫‪74‬‬
‫كل إخالل من‬ ‫يبرر تقديم دعوى في فسخ إتّفاق التّسوية‪ .‬فهل أن ّ‬ ‫اإلخالل الذي ّ‬
‫الرضائية؟‬
‫المدين بتعهداته يمثل مدعاة لطلب فسخ إتفاق التّسوية ّ‬
‫الرضائية جعلت التّطبيق القضائي يميل‬ ‫إن ال ّطبيعة التّعاقدية إلتفاق التّسوية ّ‬
‫إلى إعتماد مفهوم «اإلخالل المعتبر» كمعيار لقبول مطالب فسخ إتفاق التّسوية‬
‫يسوغ معه للمدين اإلحتجاج باألسباب المانعة لتنفيذ اإللتزام‬ ‫الرضائية»((( بما ّ‬ ‫ّ‬
‫القوة القاهرة ‪.‬‬
‫(((‬
‫والتي تحرز على مقومات ّ‬
‫المشرع صلب الفصل ‪ 430‬من م‪.‬ت قد أطلق من جديد يد‬ ‫ّ‬ ‫وما يالحظ ّ‬
‫أن‬
‫الرضائية ولم‬
‫القضاء في إتجاه تقييم إخالل المدين بتعهداته ضمن إتفاق التّسوية ّ‬
‫يعد يشترط مرور مدّ ة ستّة أشهر عن إخالل المدين بتعهداته كسبب يفتتح بموجبه‬
‫الرضائية(((‪.‬‬
‫الحق للدّ ائنين في طلب فسخ إتفاق التّسوية ّ‬ ‫ّ‬
‫الرضائية‬
‫ومهما يكن من أمر فإن نظر المحكمة في مطلب فسخ إتفاق التّسوية ّ‬
‫يجب أن يكون وفق إجراءات القضاء المستعجل((( سواء من حيث إختصار آجال‬
‫اإلستدعاء((( أو تبسيط إجراءات اإلستدعاء((( أو آجال البت في المطلب(((‪.‬‬

‫((( حكم عدد ‪ 214‬صادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة االبتدائية بصفاقس بتاريخ‬
‫‪(1997/11/11‬غير منشور)‪.‬‬
‫((( ‪Lakhoua(H.), Cours précité, p.28.‬‬
‫((( الفصل ‪ 15‬من قانون ‪ 1995/04/17‬بموجب تنقيحه بالقانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2003‬كان‬
‫ينص على أنه « إذا ّ‬
‫أخل المدين بتعهداته المترتبة عن التسوية الرضائية تجاه أحد دائنيه مدة ستة‬ ‫ّ‬
‫أشهر بداية من تاريخ حلول أجل الوفاء بها‪ ،‬يمكن لكل من له مصلحة أن يطلب من المحكمة‬
‫فسخ االتفاق‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 430‬فقرة أخيرة من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 203‬والفصل ‪ 206‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 203‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 212‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫دور القا�ضي في العالج‬

‫المؤسسة بوصفها وحدة اقتصاد ّية تساهم في التّنمية‬


‫ّ‬ ‫بهدف المسارعة في إنقاذ‬
‫تدخل القاضي ناجعا وفي‬ ‫وتستقطب اإلستثمار واليد العاملة ينبغي أن يكون ّ‬
‫الوقت المناسب حتى ال يتدهور وضعها ويصل إلى حدّ ميؤوس منه‪ .‬ويمكن‬
‫األول في إتخاذ اإلجراءات الحمائ ّية‬‫أن يتجسدّ تدخل القاضي على مستويين‪ّ :‬‬
‫والتح ّفظية المالئمة (الفقرة األولى)‪ ،‬وال ّثاني في تقرير العالج المناسب (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫�إتخاذ الإجراءات الحمائية والتحفظية‬ ‫الفقرة األولى‬

‫تمر بصعوبات اقتصادية يجب أن‬ ‫المؤسسة التي ّ‬


‫ّ‬ ‫إن تدخل القاضي في إنقاذ‬‫ّ‬
‫تحكمه عديد المعطيات منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو‬
‫قانوني‪ ...‬وعليه أن يبحث على موازنة بين عديد المصالح المتضاربة للوصول‬
‫إلى إنقاذ المؤسسة دون أن يكون ذلك على حساب بقية األطراف‪ .‬وللوصول إلى‬
‫تلك الغاية ينبغي على القاضي إتّخاذ إجراءات حمائية (أ) وأخرى تحفظ ّية (ب)‪.‬‬

‫�أ‪� -‬إ ّتخاذ الإجراءات الحمائ ّية‪:‬‬


‫الرضائي يترك مكانه‬ ‫المؤسسة عن دفع ديونها‪ ،‬فإن نظام اإلنقاذ ّ‬
‫ّ‬ ‫عند تو ّقف‬
‫لتدخل القضاء في‬‫لنظام إنقاذ يكون أكثر مالءمة لتلك الوضع ّية الجديدة‪ .‬ويكون ّ‬
‫هاته الحالة أكثر خصوص ّية‪ ،‬إذ يكون من المالئم إفتتاح إجراءات التّسوية القضائ ّية‬
‫ضدّ المدين (‪ )1‬وإخضاعه لفترة مراقبة تمكّن من الوقوف على حقيقة وضعه‬
‫االقتصادي (‪.)2‬‬
‫‪ -1‬إفتتاح إجراءات التّسوية القضائ ّية‪:‬‬
‫يخضع إفتتاح إجراءات التّسوية القضائ ّية إلى شروط شكل ّية (‪ )1-1‬وأخرى‬
‫أصل ّية (‪.)1-2‬‬
‫‪ّ -1-1‬‬
‫الشروط الشكلية‪:‬‬
‫إقتضى الفصل ‪ 435‬من م‪.‬ت‪ .‬أنه‪« :‬يقدّ م مطلب التّسوية القضائية إلى رئيس‬
‫المحكمة وذلك وفقا ألحكام الفصل ‪ 417‬من هذه المج ّلة من قبل صاحب‬
‫‪76‬‬
‫بمؤسسة فرد ّية‪ ...‬الرئيس المدير العام أو المدير‬ ‫ّ‬ ‫المؤسسة إذا تع ّلق األمر‬‫ّ‬
‫العام‪.»....‬‬
‫المشرع ولئن أوجب صراحة تو ّفر بعض‬ ‫ّ‬ ‫ومن خالل الفصل المذكور يتب ّين أن‬
‫الشروط األخرى‬ ‫أن بعض ّ‬ ‫الشروط الشكل ّية لقبول مطلب التّسوية القضائية‪ ،‬إالّ ّ‬
‫التي غفل عن ذكرها صراحة ينبغي أن تتو ّفر‪ ،‬وذلك بقراءة متكاملة لبق ّية النّصوص‬
‫المشرع صراحة تتع ّلق بوجوب تقديم مطلب‬ ‫ّ‬ ‫نص عليها‬ ‫فالشروط التي ّ‬‫القانون ّية‪ّ .‬‬
‫التّسوية القضائ ّية من قبل أحد األشخاص المب ّينين بالفصل ‪ 435‬من م‪.‬ت‪ .‬كما ّ‬
‫أن‬
‫المطلب يجب أن يحتوي على المعطيات والوثائق المب ّينة بالفصل ‪ 417‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫التي على المدين تقديمها في أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ إعالمه بتقديم المطلب‬
‫إضافة إلى برنامج اإلنقاذ المقترح من طرفه((( وبقائمة في أسماء أهم الحرفاء‬
‫كل واحد منهم وامتيازاته(((‪.‬‬ ‫والمزودين وقائمة في أسماء المس ّيرين وأجرة ّ‬ ‫ّ‬
‫المشرع قد إبتعد عن صيغة الوجوب المنصوص عليها بالفصل‬ ‫ّ‬ ‫وما يالحظ أن‬
‫مكرر من قانون ‪ 1995/04/17‬في صيغته الفرنسية والتي إعتبر جانب من‬ ‫‪ّ 4‬‬
‫المشرع عن مساس أحكام الفصل المذكور بالنّظام‬ ‫ّ‬ ‫الفقه أنّها تم ّثل إعالنا من‬
‫العام(((‪ ،‬لكنّه في المقابل رتّب نتيجتين عن عدم تقديم المدين للوثائق والمعطيات‬
‫المب ّينة بالفصلين ‪ 417‬و‪ 435‬دون سبب جدّ ي‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬عدم إنتفاع المدين بتعليق إجراءات التّنفيذ وعدم توقيف سريان جميع‬
‫السقوط(((‪.‬‬‫الفوائض وغرامات التأخير وعدم تعليق آجال ّ‬
‫ثانيهما‪ :‬تت ّبع المدين جزائ ّيا على معنى الفصل ‪ 593‬من م‪.‬ت(((‪.‬‬

‫((( يمثل برنامج اإلنقاذ المقدّ م من المدين الوثيقة األصلية واألولية التي ينطلق منها المتصرف‬
‫القضائي في إعداد برنامج اإلنقاذ مع إمكانية تعديله الفصل ‪ 452‬من م‪.‬ت‪ .‬وهنا يحق التساؤل‬
‫إن كان يمكن للمتصرف القضائي تجاهل برنامج اإلنقاذ المقدم من المدين وعدم اعتماده ولو‬
‫في بعض جزئياته واعتماد برنامج يقوم على عناصر مغايرة للبرنامج المقدم له من المدين؟‬
‫((( الفصل ‪ 435‬فقرة أخيرة من م‪.‬ت‪.‬‬
‫يتضمن صيغة الوجوب وهي الصيغة المعتمدة‪.‬‬ ‫((( الفصل ‪ 4‬مكرر في صيغته العرب ّية لم ّ‬
‫‪Brahmi (N.), op.cit., p.83.‬‬
‫((( الفصل ‪ 449‬فقرة ‪ 4‬من م‪.‬ت‪ .‬لكن في صورة استجابة المدين بصفة الحقة لواجب تقديم‬
‫كافة الوثائق المطلوبة منه فان رئيس المحكمة يتخذ قرارا بصفة فورية في تعليق إجراءات التنفيذ‬
‫وتوقيف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير وتعليق آجال السقوط‪.‬‬
‫((( يحق التساؤل عن نطاق تطبيق الفقرتين األولى والثانية من الفصل ‪ 593‬من م‪.‬ت‪ .‬على‬
‫أخل بواجب تقديم الوثائق والمعطيات المطلوبة منه‪ .‬فهل أن هذا األخير يعاقب‬ ‫المدين الذي ّ‬
‫‪77‬‬
‫المختصة تراب ّيا للنّظر في‬
‫ّ‬ ‫ينص على الجهة‬ ‫المشرع ولئن لم ّ‬
‫ّ‬ ‫وفي المقابل فإن‬
‫مطلب التّسوية القضائ ّية فإن أحكام الفصل ‪ 414‬من م‪.‬ت من شأنها أن تعطي‬
‫المقر الرئيسي‬
‫ّ‬ ‫أن رئيس المحكمة االبتدائ ّية التي بدائرتها‬ ‫إجابة في الغرض حيث ّ‬
‫يختص بالنّظر في مطالب التّسوية القضائ ّية((( وما يالحظ كذلك‬ ‫ّ‬ ‫للمدين هو الذي‬
‫يتعهد به رئيس المحكمة االبتدائ ّية من تلقاء نفسه‬ ‫أن مطلب التّسوية القضائ ّية قد ّ‬
‫تعذر التّوصل إلى إتّفاق تسوية رضائ ّية في األجل المحدّ د أو تقاعس‬ ‫في صورة ّ‬
‫المدين عن الحضور لدى المصالح رغم إستدعائه بصفة قانون ّية أو تو ّقف‬
‫المؤسسة عن الدّ فع(((‪.‬‬
‫ّ‬
‫الشروط األصل ّية‪:‬‬ ‫‪ّ -2-1‬‬
‫المؤسسة التي تو ّقفت‬‫ّ‬ ‫إقتضى الفصل ‪ 434‬من م‪.‬ت أنّه تنتفع بالتّسوية القضائ ّية‬
‫مؤسسة تكون‬ ‫كل ّ‬ ‫عن دفع ديونها‪ .‬وتعدّ متو ّقفة عن الدّ فع على معنى هذا العنوان ّ‬
‫حل أجلها بما هو موجود لديها من سيولة ومن‬ ‫غير قادرة على مجابهة الدّ يون التي ّ‬
‫للصرف على المدى القصير‪.‬‬ ‫موجودات قابلة ّ‬
‫وإنطالقا من الفصل المذكور فإن التّوقف عن الدّ فع يمثل شرطا أصل ّيا لقبول‬
‫فالمؤسسة التي لم تتو ّقف عن دفع ديونها ال يمكنها‬ ‫ّ‬ ‫مطلب التّسوية القضائ ّية(((‪،‬‬
‫(((‬
‫اإلنتفاع بإجراءات التّسوية القضائ ّية‪ .‬ولئن كان مفهوم التّوقف عن الدّ فع‬
‫نصت عليه بعض القوانين‬ ‫المشرع التّونسي يم ّثل إستنساخا لما ّ‬ ‫ّ‬ ‫نص عليه‬
‫كيفما ّ‬

‫بخطية فحسب؟ أم هل يمكن اعتبار ما صدر عنه من قبيل تعطيل إجراءات التسوية القضائية‬
‫ويمكن تسليط عقوبة سالبة للحرية عليه على معنى الفقرة ‪ 2‬من الفصل المذكور؟‬
‫((( الفصل ‪ 19‬من قانون ‪ 1995/04/17‬كان صريحا في عقد االختصاص لرئيس المحكمة‬
‫المقر الرئيسي للمؤسسة للنظر في مطالب التسوية القضائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االبتدائية الكائن بدائرتها‬
‫((( الفصل ‪ 432‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫يحق التساؤل إن كان عدم حضور المدين لدى المصالح بعد استدعائه يمثل قرينة على توقفه‬
‫عن الدفع أم أن على رئيس المحكمة أن يتحقق من حالة التوقف عن الدفع قبل أن يأذن بانطالق‬
‫إجراءات التسوية القضائية؟‬
‫تمر بصعوبات اقتصادية‪ ،‬دراسة نظرية‬ ‫((( منصف الكشو‪ ،‬قانون إنقاذ المؤسسات التي ّ‬
‫وتطبيقية‪ ،‬ص‪ 49.‬وما بعدها‪.‬‬
‫المشرع التونسي يستعمل ذلك المفهوم‬
‫ّ‬ ‫كان‬ ‫‪2003‬‬ ‫سنة‬ ‫‪1995/04/17‬‬ ‫((( قبل تنقيح قانون‬
‫يعرفه أو يب ّين حدوده بين نظام اإلنقاذ ونظام التفليس‪.‬‬
‫دون أن ّ‬
‫‪Voir Kharroubi (K), La notion de cessation des paiements en proie aux réformes‬‬
‫‪du droit des procédures collectives, R.J.L., Mars 1999, p.9 et S.‬‬
‫‪Brahmi (N.), op.cit., p.123 et s.‬‬

‫‪78‬‬
‫توصل إليه اإلجتهاد القضائي((( فإن تقدير مدى تح ّقق شروطه‬ ‫المقارنة((( ولما ّ‬
‫(((‬
‫تم ّثل مسألة موضوع ّية موكولة إلى قضاة األصل تحت رقابة محكمة التّعقيب‬
‫وتبرهن عن قيام قضاء اقتصادي يخرج القاضي عن حوض سباحته األصلي‬
‫ليدخله في نهر اإلجتهاد القضائي لمعطيات اقتصادية ومال ّية ال تعود لصميم‬
‫إختصاصه األصلي‪ .‬فالقاضي قبل التّصريح بإخضاع المدين إلجراءات التّسوية‬
‫القضائ ّية عليه أن يتح ّقق من شرط التّو ّقف عن الدّ فع((( وله أن يبحث في ذلك من‬
‫خالل المعطيات والوثائق المصاحبة للمطلب((( أو من خالل ما يقدّ مه الدّ ائنون‬
‫من محاضر عجز في التّنفيذ أو من خالل المعطيات التي أمكن له الحصول عليها‬
‫المؤسسات‬‫ّ‬ ‫والمؤسسات العمومية أو المال ّية أو من لجنة متابعة‬
‫ّ‬ ‫من اإلدارات‬
‫االقتصاد ّية(((‪.‬‬
‫(((‬
‫وما يالحظ أنه ال تأثير لطبيعة الدّ ين وال لسببه على ثبوت التوقف عن الدّ فع‬
‫وإنما يكفي لذلك أن يكون الدّ ين ثابتا وغير متنازع فيه(((‪.‬‬

‫((( الفصل ‪ L.631- 1‬فقرة أولى من المجلة التجارية الفرنسية‪.‬‬


‫((( قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 71108‬صادر بتاريخ ‪ 1999/05/26‬م‪.‬ق‪.‬ت‪،1999 ، .‬‬
‫ص‪ ; 303.‬حكم عدد ‪ 159‬بتاريخ ‪ 2002/12/11‬صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس‬
‫(غير منشور)‪ ; ‬حكم عدد ‪ 164‬بتاريخ ‪ 2002/06/26‬صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس‬
‫(غير منشور)‪ .‬كما ّ‬
‫أن فقه القضاء الفرنسي يعتبر المدين متوقفا عن دفع ديونه إذا كان ال يتوصل‬
‫إلى الوفاء بالتزاماته المالية إال بتوظيف بعض العمليات المصرفية بطريقة غير شرعية أو من‬
‫خالل التداين المسترسل بشروط مجحفة‪:‬‬
‫‪Cass.Com.13/05/1991, J.C.P.éd. E.1992, p. 106.‬‬
‫((( منصف الكشو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60.‬‬
‫‪(4) Brahmi (N.), op.cit., p.123.‬‬
‫((( فقه القضاء الفرنسي يعتبر أن الموازنات المالية التكفي لوحدها إلقرار توقف المدين عن‬
‫دفع ديونه‪:‬‬
‫‪Cass.Com. 17 /10/2000, n°98-13-106 Juris Data n°2000-00 6467.‬‬
‫‪Cass.Com. 19 /03/2002, Juris Data, n°2002-013740.‬‬
‫المشرع قد انتحى نفس المنهج من خالل تمكين رئيس المحكمة من طلب معلومات‬ ‫ّ‬ ‫ويبدو أن‬
‫عن حالة المؤسسة من اإلدارات والمؤسسات العمومية أو المالية أو من لجنة متابعة المؤسسات‬
‫االقتصادية بمناسبة تعهده بمطلب التسوية القضائية‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 463‬فقرة أخيرة من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( منصف الكشو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60.‬‬
‫((( قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 72500‬صادر في ‪( 1999/07/14‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫‪ -2‬إخضاع المدين لفترة مراقبة ‪:‬‬
‫إقتضى الفصل ‪ 439‬من م‪.‬ت ما يلي‪« :‬يفتح رئيس المحكمة في قرار إنطالق‬
‫إجراءات التّسوية القضائ ّية فترة مراقبة لمدّ ة ال تتجاوز تسعة أشهر قابلة للتّمديد‬
‫ومتصرفا قضائ ّيا‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫مرة واحدة …و يع ّين قاضيا مراقبا يعهد إليه بالملف‬
‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫فإن فترة المراقبة هي فترة توضع خاللها‬ ‫وكما تدل عليها تسميتها‪ّ ،‬‬
‫الصعوبات التي تعرفها وحجم مديون ّيتها‬ ‫تحت المجهر القضائي لتقييم حقيقة ّ‬
‫وقدرتها على الوفاء بها ومدى قيام فرص جدّ ية إلنقاذها((( وهي فترة تسمح‬
‫والرامية إلى‬ ‫ّ‬ ‫كل أعمال التّنفيذ ضدّ ها‬‫للمؤسسة بإسترداد أنفاسها لتع ّطل ّ‬‫ّ‬
‫إستخالص ديون سابقة لفترة المراقبة أو إلى إسترجاع منقوالت أو عقارات بسبب‬
‫عدم الدّ فع‪ ،‬كما يتع ّطل خاللها سريان جميع الفوائض وغرامات التّأخير وتع ّلق‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السقوط‪ ،‬وتع ّلق كذلك إجراءات العقل المضروبة على أموال‬ ‫آجال ّ‬
‫يتضمن عادة في ذاته‬
‫ّ‬ ‫وما يالحظ أن قرار إفتتاح إجراءات التّسوية القضائ ّية‬
‫المؤسسة المدينة لفترة مراقبة وذلك ما لم يرتئي رئيس المحكمة طلب‬‫ّ‬ ‫إخضاع‬
‫الحل الوحيد إلنقاذها ‪.‬‬
‫(((‬ ‫المؤسسة مباشرة بإعتباره ّ‬
‫ّ‬ ‫إحالة‬
‫المؤسسة لفترة مراقبة‬
‫ّ‬ ‫و ُيعدّ إفتتاح إجراءات التّسوية القضائ ّية وإخضاع‬
‫للمؤسسة فرصا جدّ ية لإلنقاذ وأمال إلخراجها من‬
‫ّ‬ ‫تصريحا أول ّيا من القضاء بأن‬
‫تمر بها إلى وضع ّية اإلستقرار ‪.‬‬
‫(((‬
‫وضع ّية التّعثر التي ّ‬
‫المشرع ‪ 12‬شهرا((( يقوم خاللها‬
‫ّ‬ ‫ويمكن أن تستغرق فترة المراقبة حسب‬
‫المتصرف القضائي بإعداد برنامج إنقاذ (‪ )1-2‬تحت إشراف القاضي المراقب‬ ‫ّ‬
‫(‪.)2-2‬‬

‫‪(1) Longo (A.), La période d’observation dans le règlement judiciaire, mémoire‬‬


‫‪pour le D.E.A. cité par Brahmi (N.), dans son ouvrage précité, p.105.‬‬
‫((( الفصل ‪ 436‬فقرة ‪ 2‬من م‪.‬ت‪ .‬وما يالحظ أن رئيس المحكمة ال يأذن باإلحالة وإنما يقدّ م‬
‫طلبا إلى المحكمة في إحالة المؤسسة إلى الغير التي تبت في المطلب بقرار جماعي وهنا يثور‬
‫التساؤل التالي ‪ :‬ماذا لو أن المحكمة ارتأت إمكانية إنقاذ المؤسسة بمواصلة نشاطها بنفسها؟‬
‫ومتصرفا قضائيا؟ أم هل أن عليها أن‬
‫ّ‬ ‫هل يمكنها أن تأذن بفتح فترة مراقبة وتعين قاضيا مراقبا‬
‫تحيل نسخة من قرارها مع ملف القضية على رئيس المحكمة للبت فيه من جديد؟‬
‫((( منصف الكشو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫((( الفترة األصلية تسعة أشهر والفترة الممددة ‪ 3‬أشهر وهي فترة كافية للوقوف على وضع‬
‫المؤسسة االقتصادي واعداد برنامج إنقاذ واضح المعالم مع التذكير بأن الفصل ‪ 22‬من قانون‬
‫ينص على فترة أصلية بثالثة أشهر وفترة أخرى ممددة لم يحدّ د أمدها‪.‬‬ ‫‪ 1995/04/17‬كان ّ‬
‫‪80‬‬
‫متصرف قضائي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1-2‬تعيين‬
‫المتصرف القضائي عند تعيينه القيام بعدّ ة مهام بقصد الوقوف على‬
‫ّ‬ ‫ُيحمل على‬
‫للمؤسسة (‪ )1-1-2‬ومساعدتها في تسيير وتصريف‬ ‫ّ‬ ‫حقيقة الوضع االقتصادي‬
‫شؤونها اليوم ّية (‪ )2-1-2‬وإعداد برنامج إلنقاذها‪.‬‬
‫‪ -1-1-2‬القيام باألعمال التي تستهدف إستجالء حقيقة وضع المؤسسة‬
‫االقتصادي‪:‬‬
‫المتصرف‬
‫ّ‬ ‫يمر من خالل قيام‬
‫للمؤسسة ّ‬
‫ّ‬ ‫إن إستجالء حقيقة الوضع االقتصادي‬
‫القضائي باألعمال التّالية‪:‬‬
‫‪ -‬بجرد مكاسبها وتقويمها‪ ،‬وله أن يستعين في الغرض بغيره من الخبراء‬
‫المختصين‪ ،‬ويودع نسخة من قائمة الجرد بكتابة المحكمة(((‪.‬‬
‫ّ‬
‫ ‪ -‬حصر قائمة الدّ ائنين‪ ،‬وذلك تحت إشراف القاضي المراقب(((‪.‬‬
‫المؤسسة في تصريف أعمالها‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2-1-2‬مساعدة‬
‫المتصرف‬
‫ّ‬ ‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة المدينة‪ ،‬مكّن‬
‫ّ‬ ‫الرقابة على تسيير‬ ‫بهدف تشديد ّ‬
‫التصرف أو مساعدة المدين في جميع أعمال التّصرف‬‫ّ‬ ‫القضائي من مراقبة أعمال‬
‫تصور ذلك‬
‫ّ‬ ‫أو البعض منها وذلك حسبما يحدّ ده رئيس المحكمة(((‪ .‬ويمكن‬
‫اإلجراء عندما يالحظ رئيس المحكمة من خالل ما تجمع لديه من معطيات‬
‫المتصرف‬
‫ّ‬ ‫أن المدين ال يحتكم على مقومات «التّسيير الحكيم» بحيث يكون‬
‫ملما وخبيرا في ّ‬
‫الشؤون المال ّية واالقتصادية مالذا‬ ‫القضائي بوصفه شخصا ّ‬
‫للمؤسسة المدينة لإلستفادة من خبرته واإلحتكام لرأيه في إتخاذ بعض القرارات‬ ‫ّ‬
‫التي تؤثر على توازناتها المال ّية وديمومتها ‪.‬‬
‫(((‬

‫واعتبر فقه القضاء أن لتلك اآلجال صبغة استنهاضية والشيء يمنع من تجاوزها طالما كان‬
‫لذلك سبب معتبر‪ :‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 81471‬مذكور بمؤلف الرئيس منصف الكشو‬
‫المشار إليه‪ ،‬ص‪.194.‬‬
‫المخول لهم حق االطالع على‬
‫ّ‬ ‫األشخاص‬ ‫عن‬ ‫التساؤل‬ ‫يمكن‬ ‫هنا‬ ‫م‪.‬ت‪.‬‬ ‫((( الفصل ‪ 442‬من‬
‫قائمة الجرد‪ ،‬فهل أن صفة الدائن تخول لهذا األخير حق اإلطالع سيما وأن له مصلحة في ذلك‬
‫إذ تمكنه تلك القائمة من مناقشة توفر شرط التوقف عن الدفع من عدمه في جانب المدين؟‬
‫ولمن يقدم مطلب اإلطالع؟ هل لرئيس المحكمة ؟ أم للقاضي المراقب؟ أم لرئيس الكتبة ؟‬
‫((( الفصل ‪ 444‬فقرة ‪ 2‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 443‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( قرار عدد ‪ 31‬صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بصفاقس بتاريخ ‪( 2015/07/13‬غير‬
‫‪81‬‬
‫كما يمكن لرئيس المحكمة اإلبتدائية بصفة إستثنائية وبموجب قرار مع ّلل‬
‫المؤسسة كل ّيا أو جزئ ّيا بمساعدة المدين أو‬
‫ّ‬ ‫المتصرف القضائي بإدارة‬
‫ّ‬ ‫تكليف‬
‫المؤسسة والتّصرف في شؤونها وإن كانت مبدئ ّيا من صالحيات‬ ‫ّ‬ ‫دونه‪ .‬فإدارة‬
‫مسيرها الذي يبقى على رأسها في جميع ما يقتضيه تمثيلها من إبرام إتفاقات‬
‫المؤسسة وضمان إنقاذها‬
‫ّ‬ ‫ومتابعة تنفيذها أو تقاضي فإن الحفاظ على ديمومة‬
‫أن المس ّير قد إرتكب عدة‬‫تفرض الخروج عن ذلك المبدأ خصوصا إذا تب ّين ّ‬
‫المؤسسة أو جعل منها واجهة لتحقيق‬ ‫ّ‬ ‫مخالفات في التّسيير وإستولى على أمالك‬
‫منافع شخص ّية((( أو تقاعس عن تسييرها(((‪.‬‬
‫‪ 3-1-2‬إعداد برنامج إنقاذ‪:‬‬
‫المتصرف القضائي هي إعداد برنامج‬
‫ّ‬ ‫مهمة يمكن أن يضطلع بها‬‫أهم ّ‬
‫تعتبر ّ‬
‫للمتصرف القضائي إعداد برنامج إنقاذ واضح المعالم‬
‫ّ‬ ‫إنقاذ المؤسسة‪ .‬وال يتسنى‬
‫إالّ بعد وضع المدين تحت المراقبة واالطالع على موازناته المالية والعقود‬
‫الجارية وحجم مديونيته‪....‬‬
‫المشرع التونسي وفي قطع مع الصيغة القديمة للفصل ‪ 36‬من قانون‬ ‫ّ‬ ‫غير أن‬
‫المتصرف القضائي اإلنطالق في إعداد برنامج‬‫ّ‬ ‫‪ 1995 /04/17‬فرض على‬ ‫(((‬

‫اإلنقاذ من البرنامج المقدم من المدين ودراسته وإدخال التعديالت المناسبة‬


‫المتصرف القضائي ال يمكنه تقديم برنامج إنقاذ‬
‫ّ‬ ‫عليه وهو ما يفهم منه بداهة أن‬
‫مغاير في جميع عناصره للبرنامج المقدم من المدين إالّ بعد أن يب ّين للمحكمة‬
‫صلب تقريره أوجه ضعف برنامج هذا األخير وعدم إمكان ّية إعتماده وقد يجد هذا‬
‫الشخص األكثر معرفة‬ ‫المشرع أن المدين هو ّ‬
‫ّ‬ ‫الموقف تبريرا منطق ّيا مفاده إفتراض‬
‫بأسباب صعوباته االقتصادية وبالحلول المناسبة للخروج منها‪.‬‬
‫بالمؤسسة وآليات إخراجها من‬
‫ّ‬ ‫ويتضمن برنامج اإلنقاذ وسائل النّهوض‬ ‫ّ‬
‫للمؤسسة‬
‫ّ‬ ‫الشكل القانوني‬ ‫ّ‬
‫بالحط جزئ ّيا من دينها أو جدولته أو تغيير ّ‬ ‫أزمتها سواء‬

‫منشور)‪ .‬أنظر منصف الكشو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.157.‬‬


‫((( منصف الكشو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 156‬و‪.157‬‬
‫((( إذن على عريضة عدد ‪ 21556‬صادر عن السيد رئيس المحكمة االبتدائية بصفاقس ‪2‬‬
‫بتاريخ ‪( 2013/8/2‬غير منشور)‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 36‬من قانون ‪ 1995/04/17‬لم يكن يوجب على المتصرف القضائي عند‬
‫إعداد برنامج اإلنقاذ دراسة برنامج اإلنقاذ المقدم من المدين رغم أنه يمثل وثيقة أساسية‬
‫مكرر من القانون المذكور‪.‬‬
‫لقبول مطلب التسوية وفق ما يقتضيه الفصل ‪ّ 4‬‬
‫‪82‬‬
‫أو التّرفيع في رأس مالها وتخصيص بعض األموال كأموال متداولة للتّرفيع في‬
‫المؤسسة وخالص ديونها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫رقم معامالت‬
‫الحط من أصل ديون‬ ‫ّ‬ ‫المتصرف القضائي اليمكنه أن يقترح‬ ‫ّ‬ ‫وما يالحظ أن‬
‫الصريحة على ذلك(((‪ .‬لكنّه في المقابل‬ ‫الدّ ائنين إال بعد الحصول على موافقتهم ّ‬
‫الحط من الفوائض القانونية سواء‬ ‫ّ‬ ‫يخص‬‫ّ‬ ‫غير ملزم بإعتماد رأي الدّ ائنين فيما‬
‫بصفة كل ّية أو جزئ ّية(((‪ .‬وإذا إقتضى البرنامج إنهاء عقود الشغل أو تخفيضا من‬
‫الشغل وينتظر ثالثين يوما‬‫المتصرف القضائي تفقد ّية ّ‬‫ّ‬ ‫األجور واإلمتيازات يعلم‬
‫الصلحية قبل إحالة البرنامج عل القاضي المراقب(((‪ .‬ويعتبر إنهاء‬ ‫نتيجة المساعي ّ‬
‫الشغل في هاته الحالة واقعا ألسباب اقتصادية وفن ّية‪.‬‬ ‫عقود ّ‬
‫‪ -2-2‬تعيين قاضي مراقب‪:‬‬
‫عند إفتتاح التّسوية القضائ ّية في حق المدين يقوم رئيس المحكمة اإلبتدائية‬
‫بتعيين قاضي مراقب يعهد إليه بالملف‪ .‬ويم ّثل القاضي المراقب إمتدادا لسلطة‬
‫تنحي رئيس المحكمة‬ ‫الرقابية على إجراءات التّسوية القضائ ّية إذ أن ّ‬
‫القضاء ّ‬
‫المؤسسة لفترة مراقبة‬
‫ّ‬ ‫اإلبتدائية بصدور قرار إفتتاح التّسوية القضائية وإخضاع‬
‫منصة الرقابة إلى حين الفراغ من إعداد برنامج‬
‫يعقبه إعتالء القاضي المراقب ّ‬
‫اإلنقاذ‪.‬‬
‫المؤسسات االقتصادية‬
‫ّ‬ ‫بمجرد تعيينه يتّصل بلجنة متابعة‬
‫ّ‬ ‫والقاضي المراقب‬
‫المؤسسة المدينة وإمكانيات‬
‫ّ‬ ‫وبأ ّية جهة أخرى لطلب المعلومات عن وضع‬
‫إنقاذها((( وهي معطيات تساعده على تقييم جدوى البرنامج المعد من المتصرف‬
‫ويضمنه رأيه بخصوص‬‫ّ‬ ‫القضائي بمناسبة تحرير تقريره الذي يرفعه للمحكمة‬
‫حلول اإلنقاذ(((‪ .‬كما أن القاضي المراقب يرفع تقريرا إلى المحكمة في جميع‬

‫((( الفصل ‪ 452‬فقرة ‪ 2‬من م‪.‬ت‪.‬‬


‫((( يمكن تدعيم ذلك الرأي من خالل معطيين‪:‬‬
‫المشرع قد ابتعد عن صيغة الفصل ‪ 36‬من قانون ‪ 1995/04/17‬والتي توجب‬‫ّ‬ ‫األول‪ :‬أن‬
‫األخذ برأي الدائنين حول الطرح من ديونهم وذلك دون تمييز بين األصل والفوائض‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن المنع ال ينصرف إال إلى األصل من الديون وهو ما يعني ارتفاع المنع بخصوص‬
‫الفوائض تطبيقا للفصل ‪ 540‬من م‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 452‬فقرة ‪ 3‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 444‬فقرة ‪ 1‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 452‬فقرة أخيرة من م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫المنازعات التي تثار أثناء التّسوية القضائية وجميع المعلومات التي يرى فائدة‬
‫للبت في‬
‫في عرضها عليها(((‪ .‬كما أن القاضي المراقب ينتصب كمحكمة فردية ّ‬
‫المتصرف القضائي وذلك في‬
‫ّ‬ ‫التّشكيات التي تعرض علـــيه بخصوص أعمال‬
‫المتصرف‬
‫ّ‬ ‫ظـرف ‪ 3‬أيام من تــــاريخ تلقيه ّ‬
‫الشكاية(((‪ ،‬ويمكنه إقتراح تعويض‬
‫القضائي((( إذا تب ّين له من خالل ّ‬
‫الشكايات التي تلقاها إخالل هذا األخير بمهامه‬
‫أو وجود قادح من القوادح المبينة بالفصل ‪ 440‬من م‪.‬ت‪ .‬وإمتدادا إلختصاصه‬
‫المتصرف القضائي‬
‫ّ‬ ‫القضائي يبت القاضي المراقب في الخالفات التي تثار بين‬
‫يتضمنه‬
‫والمدين حول التسيير أو اإلمضاء((( وذلك إستنادا إلى التّحديد الذي ّ‬
‫المتصرف القضائي في أعمال‬
‫ّ‬ ‫قرار رئيس المحكمة في ضبط مجاالت تدخل‬
‫التصرف‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب‪� -‬إتخاذ الإجراءات التحفظية‪:‬‬
‫المؤسسة وتوفير أكثر الفرص إلنقاذها‪ ،‬يسوغ للقضاء فرض‬
‫ّ‬ ‫بقصد حماية‬
‫بعض التّحاجير على المدين والحكم ببطالن بعض األعمال التي يجريها (‪)1‬‬
‫وإثارة تتبعات جزائية ضد المس ّير ووضع مكاسب ذي ّ‬
‫الشبهة قيد اإلئتمان (‪.)2‬‬
‫‪ -1‬فرض بعض التّحاجير على المدين والحكم ببطالن بعض أعماله‪:‬‬
‫‪ -1-1‬فرض بعض التّحاجير على المدين‪:‬‬
‫المؤسسة وديمومتها كنواة اقتصادية والحفاظ على‬ ‫ّ‬ ‫ضمانا إلستمرارية‬
‫المشرع على المدين خالل فترة المراقبة أداء الديون‬
‫ّ‬ ‫مكاسبها كضمان لدائنيها منع‬
‫السابقة إلفتتاح التّسوية القضائ ّية وكذلك التّفويت في األصول ال ّثابتة أو رهنها‬‫ّ‬
‫ما لم يكن مأذونا في ذلك من قبل رئيس المحكمة الذي يقوم في هاته الحالة‬
‫(((‬

‫بتقييم الجدوى من أداء دين سابق إلفتتاح التّسوية القضائية أو التّفويت في بعض‬
‫األصول ال ّثابتة أو رهنها‪.‬‬

‫الفصل ‪ 444‬فقرة أخيرة من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫(((‬


‫الفصل ‪ 441‬فقرة أولى من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫(((‬
‫الفصل ‪ 441‬فقرة ثانية من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫(((‬
‫الفصل ‪ 443‬فقرة أولى من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫(((‬
‫الفصل ‪ 443‬فقرة ثانية من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪84‬‬
‫يحجر على المدين‬
‫ّ‬ ‫وإستكماال للنّفس الحمائي يجوز لرئيس المحكمة أن‬
‫التّفويت في أصول أخرى أو رهنها إالّ بإذن منه (((‪ ،‬ديدنه في ذلك الحفاظ على‬
‫المؤسسة وضمان إستمرارها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مكاسب‬
‫التصرفات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪-2-1‬الحكم ببطالن بعض‬
‫المشرع يرتّب جزاء البطالن‬
‫ّ‬ ‫بقراءة متأنية للفصل ‪ 446‬من م‪.‬ت‪ .‬نالحظ أن‬
‫الحتمي بخصوص بعض األعمال التي يجريها المدين بداية من التاريخ الذي‬
‫ع ّينه رئيس المحكمة لتوقفه عن دفع ديونه‪ ،‬فتدخل القضاء هنا شكلي يتو ّقف‬
‫الصادر تصريحا بالبطالن‬‫على التّحقق من تو ّفر شروط البطالن ويكون الحكم ّ‬
‫يقصي أ ّية إمكانية لإلجتهاد القضائي‪ .‬وفي المقابل يمكن للمحكمة إبطال كل‬
‫حل أجلها وكل عمل بعوض يجريه على غير‬ ‫دفع آخر يقوم به المدين إيفاء بديون ّ‬
‫النّحو المبين بالفقرة األولى من الفصل ‪ 446‬من م‪.‬ت‪ ،‬إذا كان األشخاص الذين‬
‫الصورة ال يمكن للمحكمة‬ ‫تعاملوا معه عالمين بتو ّقفه عن دفع ديونه‪ .‬وفي هاته ّ‬
‫أن تقضي بالبطالن ما لم يقع إثبات أن معاقدي المدين كانوا عالمين في تاريخ‬
‫التصرف مناط اإلبطال بتو ّقفه عن الدّ فع و ُيحمل عبء اإلثبات على القائم‬
‫ّ‬ ‫إجراء‬
‫بدعوى البطالن الذي له أن يستند إلى جميع وسائل اإلثبات المتاحة قانونا‬
‫(((‬

‫لتعلق اإلثبات بواقعة قانونية‪.‬‬


‫ويتع ّين القيام بدعاوى البطالن خالل العامين المواليين لحكم التّسوية((( وإال‬
‫سقطت بمضي المدّ ة(((‪.‬‬
‫‪ -2‬إقرار إجراءات ردعية‪:‬‬
‫تتمثل تلك اإلجراءات في إمكانية إثارة تتبعات جزائية ضدّ المس ّير(‪)1-2‬‬
‫ووضع مكاسب ذي ّ‬
‫الشبهة قيد اإلئتمان (‪.)2-2‬‬
‫‪ -1-2‬إثارة تتبعات جزائية ضد المس ّير‪:‬‬
‫نص الفصل ‪ 448‬من م‪.‬ت على أنه‪ « :‬يتو ّلى رئيس المحكمة أو القاضي‬ ‫ّ‬
‫المراقب أو المحكمة تحرير تقرير يرفعه فورا إلى وكيل الجمهورية ك ّلما تب ّين‬

‫الفصل ‪ 443‬فقرة رابعة من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫(((‬


‫الفصل ‪ 420‬من م‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬ ‫(((‬
‫يمكن التساؤل عن مفهوم حكم التسوية هل يقصد به الحكم االبتدائي أم الحكم البات؟‬ ‫(((‬
‫الفصل ‪ 446‬فقرة أخيرة من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪85‬‬
‫من وثائق الملف وجود إختالسات أو غيرها من األفعال التي من شأنها أن تشكّل‬
‫المؤسسة على معنى التّشريع الجاري به العمل‪.»....‬‬
‫ّ‬ ‫جريمة تتع ّلق بتسيير‬
‫المؤسسة وفرض‬
‫ّ‬ ‫وتاريخيا فإن ذلك اإلجراء الذي يهدف إلى حماية مكاسب‬
‫ّ‬
‫الشفافية على أعمال تسييرها ومعاقبة المس ّير الذي يعمد إلى تبديد مكاسب‬
‫لخاصة نفسه لم يقع إقحامه صلب قانون اإلنقاذ المؤرخ‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة واإلنتفاع بها‬
‫ّ‬
‫في ‪ 1995/04/17‬إال بموجب تنقيحه بالقانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2003‬المؤرخ‬
‫في ‪.2003/12/29‬‬
‫وسع صلب الفصل ‪ 448‬من م‪.‬ت في نطاق‬ ‫المشرع قد ّ‬
‫ّ‬ ‫غير أن الجديد هو أن‬
‫األشخاص المخول لهم رفع تقرير لوكيل الجمهورية فيما أمكن لهم معاينته من‬
‫المؤسسة ليشمل عالوة على‬‫ّ‬ ‫إختالسات أو أفعال تشكّل جريمة تتعلق بتسيير‬
‫المتعهدة بمطلب‬
‫ّ‬ ‫رئيس المحكمة االبتدائية ((( القاضي المراقب والمحكمة‬
‫التسوية ((( وهو أمر محمود ضرورة أن والية رئيس المحكمة اإلبتدائية ترتفع‬
‫المؤسسة لفترة‬
‫ّ‬ ‫بمجرد صدور قرار في إفتتاح إجراءات التّسوية القضائية وإخضاع‬
‫المتصرف القضائي أو من‬
‫ّ‬ ‫مراقبة ليتّضح فيما بعد من خالل التّقرير الذي يعدّ ه‬
‫خالل باقي مظروفات ملف التّسوية وجود إختالسات أو أفعال قد تشكّل جرائم‬
‫تدخل باقي الهيئات القضائية إلثارة‬ ‫المؤسسة وهو ما يوجب ّ‬ ‫ّ‬ ‫تستهدف تسيير‬
‫التّتبعات الجزائية ضدّ المس ّير المخالف‪.‬‬
‫‪ -2-2‬وضع مكاسب ذي ّ‬
‫الشبهة قيد اإلئتمان‪:‬‬
‫المشرع للنّيابة العمومية تقديم‬
‫ّ‬ ‫خول‬
‫عالوة على المساءلة الجزائية للمس ّيرين ّ‬
‫مطلب إلى القاضي اإلستعجالي يستهدف التّصريح بوضع المكاسب المنقولة‬
‫منها والعقارية أو األرصدة المالية لمن يشتبه في مسؤوليته عن األفعال التي تشكّل‬
‫المؤسسة قيد اإلئتمان(((‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جريمة تتع ّلق بتسيير‬

‫((( ما يالحظ أن عبارة المحكمة وردت مطلقة وهي على ذلك األساس تؤخذ على إطالقها‬
‫لتشمل كافة الهيئات القضائية التي قد تتعهد بملف التسوية القضائية سواء كانت ابتدائية أو‬
‫المشرع في‬
‫ّ‬ ‫استئنافية أو حتى تعقيبية وهو ما تفرضه موجبات الفصل ‪ 533‬من م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬وفلسفة‬
‫فرض الشفافية على أعمال التسيير‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 29‬من قانون ‪ 1995/04/17‬كان يسمح فقط لرئيس المحكمة برفع تقرير لوكيل‬
‫الجمهورية فيما عاينه من اختالسات أو أفعال تشكل جريمة تتعلق بتسيير المؤسسة‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 448‬فقرة ثانية من م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫المشرع واضحة في توسيع دائرة األشخاص الذين قد يستهدفهم‬ ‫ّ‬ ‫وتبدو رغبة‬
‫المتصرف‬
‫ّ‬ ‫ذلك اإلجراء(((‪ ،‬إذ قد يشمل الوكيل القانوني أو الوكيل الفعلي أو‬
‫للمؤسسة ك ّليا أو‬
‫ّ‬ ‫القضائي بمناسبة مساعدة المدين في أعمال التّصرف أو إدارته‬
‫جزئ ّيا بموجب تكليف من رئيس المحكمة(((‪.‬‬
‫ويستهدف ذلك اإلجراء أساسا حماية مصالح الدّ ائنين ألن األموال التي‬
‫كل حكم صادر ضدّ المسؤول عن‬ ‫قد توضع تحت اإلئتمان قد تصلح لتنفيذ ّ‬
‫التصرفات المذكورة بما يضمن أوفر حظوظ اإلستخالص(((‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تدخل النّيابة العمومية بوصفها ال ّطرف الذي يم ّثل الحق العام في‬
‫ويبدو أن ّ‬
‫طلب وضع المكاسب قيد اإلئتمان يد ّلل بوضوح حول مساس قانون اإلنقاذ‬
‫بالنظام العام(((‪.‬‬
‫�إقرار العالج المنا�سب‬ ‫الفقرة األولى‬

‫بعد إستكمال عمليات التّشخيص «للدّ اء» وألسباب تر ّدي الوضع االقتصادي‬
‫للمؤسسة والوقوف على حقيقة وضعها المالي واالقتصادي وقدرتها على‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫للشفاء» يكون تدخل القاضي «الحكيم» بوصف العالج المناسب‬ ‫« التّماثل ّ‬
‫« لمريضه» وذلك بإقرار برنامج إنقاذ يقوم على مواصلة نشاطها بنفسها (أ) أو‬
‫حرة (ب) أو إحالتها للغير (ج)‪.‬‬
‫بكرائها أو إعطائها في نطاق وكالة ّ‬
‫�أ‪� -‬إعتماد برنامج �إنقاذ بموا�صلة الم� ّؤ�س�سة لن�شاطها بنف�سها‪:‬‬
‫تبت المحكمة بمحضر النّيابة العمومية((( في حجرة ّ‬
‫الشورى في برنامج‬ ‫ّ‬
‫والضامنين‬
‫اإلنقاذ وذلك بعد اإلستماع إلى المدين وممثلي الدّ ائنين والكفالء ّ‬
‫‪(1) Brahmi (N.), op.cit., p.112.‬‬
‫((( الفصل ‪ 443‬فقرة أولى من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( منصف الكشو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.217.‬‬
‫((( قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 61112‬صادر في ‪( 2012/05/11‬غير منشور)‪.‬‬
‫مكونات الهيئة الحكمية‪ ،‬وغيابها عن تركيبة المحكمة يؤ ّدي‬
‫مكونا من ّ‬
‫((( تمثل النيابة العمومية ّ‬
‫إلى بطالن األحكام الصادرة عن هاته األخيرة‪ .‬يراجع مؤلف القاضي منصف الكشو المذكور‬
‫سابقا ص ‪ 226.‬و‪ .227‬أنظر كذلك قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 4352‬صادر في ‪2001/1/3‬‬
‫(غير منشور)‪ ،‬وكذلك قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 60042‬صادر بتاريخ ‪ 1997/9/14‬المجلة‬
‫القانونية التونسية ‪ ،1998‬ص‪.207.‬‬
‫نفس التوجه اعتمده فقه القضاء الفرنسي‪:‬‬
‫‪Cass.Com.11/12/2012, n°11-26-555, Juris Data n°2012-029289.‬‬

‫‪87‬‬
‫والمدينين المتضامنين ولها أن تعتمد برنامج إنقاذ يقوم على أساس مواصلة‬
‫المؤسسة لنشاطها بنفسها ولكن وفق شروط (‪ )1‬وإعتبارا إلى أن تنفيذ برنامج‬ ‫ّ‬
‫اإلنقاذ يمتدّ عادة في الزمن فإنه يسوغ للمحكمة تعديله (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬شروط إعتماد برنامج اإلنقاذ بمواصلة النّشاط‪:‬‬


‫من خالل إستعراض موجبات الفصل ‪ 455‬وما بعده من م‪.‬ت‪ ،.‬فإن مصادقة‬
‫المحكمة على برنامج مواصلة النّشاط يبقى رهين تو ّفر بعض ّ‬
‫الشروط ‪ ،‬بعضها‬
‫موضوعي (‪ )1-1‬وبعضها ذاتي (‪.)2-1‬‬
‫‪ّ -1-1‬‬
‫الشروط الموضوعية‪:‬‬
‫تتعلق تلك الشروط بقيام إمكانيات جدّ ية لمواصلة النّشاط مع اإلحتفاظ ّ‬
‫بكل‬
‫الشغل وخالص الدّ يون‪ .‬وتلك ّ‬
‫الشروط الكالسيكية((( تمنح‬ ‫أو بعض مواطن ّ‬
‫رالمؤسسة على فرص حقيقية‬
‫ّ‬ ‫المتعهدة سلطات واسعة لتقدير مدى تو ّف‬
‫ّ‬ ‫المحكمة‬
‫المتصرف‬
‫ّ‬ ‫لمواصلة نشاطها بنفسها وذلك على ضوء التّشخيص الذي قام به‬
‫القضائي والدّ راسة المستقبلية التي أعدّ ها هذا األخير‪ .‬غير أن مواصلة النّشاط‬
‫الشغل وخالص الديون‪،‬‬ ‫كل أو بعض مواطن ّ‬ ‫يجب أن تضمن كذلك الحفاظ على ّ‬
‫وهي ذات األهداف التي يقوم عليها نظام اإلنقاذ(((‪.‬‬
‫‪ّ -2-1‬‬
‫الشروط الذاتية‪:‬‬
‫إقتضى الفصل ‪ 456‬من م‪.‬ت أنّه‪ « :‬ال تقضي المحكمة بالمصادقة على‬
‫برنامج مواصلة النّشاط إالّ إذا وافق عليه الدّ ائنون الذين تم ّثل ديونهم نصف‬
‫إجمالي الدّ يون على األ ّقل وبعد التّحقق من أن البرنامج المذكور يراعي مصلحة‬
‫جميع الدائنين»‪.‬‬
‫المشرع من خالل إستحداثه لشرطي موافقة الدّ ائنين على برنامج‬‫ّ‬ ‫ويبدو أن‬
‫اإلنقاذ ومراعاة البرنامج لمصلحة جميع الدّ ائنين قد سعى إلى حماية الدّ ائنين‬
‫(((‬

‫وأعطاهم في النّهاية سلطة تقرير مآل برنامج مواصلة النّشاط وهو في ذلك يقترب‬
‫الرضائية‪.‬‬
‫أقرها في التّسوية ّ‬
‫من الحلول التي ّ‬

‫((( هي شروط لم تشهد أي تغيير منذ صدور قانون ‪1995/04/17‬‬


‫‪Voir, Brahmi (N.), op.cit., p.149.‬‬
‫((( الفصل ‪ 415‬فقرة أولى من م‪.‬ت‪.‬‬
‫ينص عليها قانون ‪ 1995/04/17‬وهي شروط متالزمة‪.‬‬
‫((( تلك الشروط لم يكن ّ‬
‫‪88‬‬
‫أن تقليص دور القضاء من خالل إشتراط موافقة الدّ ائنين وفق نصاب‬ ‫غير ّ‬
‫األغلب ّية للدّ يون((( يقابله إسترداد لإلجتهاد القضائي بخصوص مدى مراعاة‬
‫البرنامج لمصلحة جميع الدّ ائنين إذ على المحكمة في هاته الحالة التّحقق من أن‬
‫برنامج اإلنقاذ لم تقع بلورته على حساب بعض الدّ ائنين ودون مراعاة لمصالحهم‬
‫المشروعة ومن ضمن تلك المصالح عدم إبداءهم لموافقة صريحة وكتاب ّية لل ّطرح‬
‫من أصل ديونهم(((‪.‬‬
‫‪ -2‬تعديل برنامج اإلنقاذ بمواصلة النّشاط‪:‬‬
‫المشرع صلب الفصل ‪ 459‬من م‪.‬ت للمحكمة إمكانية إدخال تعديل على‬ ‫ّ‬ ‫أقر‬
‫ّ‬
‫برنامج اإلنقاذ وهو أمر مستحدث على المستوى التشريعي لم يكن يتضمنه في‬
‫نص‬‫أقره التّطبيق القضائي((( إستئناسا بما ّ‬
‫السابق قانون ‪ 1995/04/17‬لكن ّ‬
‫عليه الفصل ‪ 14‬من قانون اإلنقاذ المذكور ويستدعيه ال ّظرف االقتصادي العام‬
‫تصورات مستقبل ّية قد‬
‫الزمن وإعتماده على ّ‬ ‫من جهة وإمتداد برنامج اإلنقاذ في ّ‬
‫للمؤسسة من‬‫ّ‬ ‫الخاص‬
‫ّ‬ ‫تتغ ّير سواء على المستوى العام للبالد أو على المستوى‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫ويفترض تطبيق الفصل ‪ 459‬المذكور حصول تغيير هام في ال ّظرف االقتصادي‬
‫المؤسسة على تنفيذ برنامج اإلنقاذ وهو ما‬
‫ّ‬ ‫العام أثر تأثيرا جوهر ّيا على قدرة‬
‫يفترض بداهة إستبعاد المعطيات التي كانت سابقة لقرار المصادقة على برنامج‬
‫اإلنقاذ من مجال إنطباقه لسبق النّظر والحسم فيها ((( وإعتماد ما هو مستحدث‬
‫ومس بهيكلة البرنامج بما يؤول إلى ّ‬
‫تعذر تنفيذه(((‪.‬‬ ‫وخارج عن إرادة المدين ّ‬

‫المشرع لم يشترط أغلبية مزدوجة )‪(une majorité renforcée‬من حيث عدد الدائنين‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫وحجم ديونهم وعليه يكفي موافقة دائن وحيد يمثل دينه نصف إجمالي الديون لتحقق الشرط‬
‫األول‪.‬‬
‫((( الفصل ‪ 456‬فقرة ‪ 3‬من م‪.‬ت‪ .‬يمنع الحط من أصل الدين إال برضاء الدائن‪.‬‬
‫((( حكم ابتدائي عدد ‪ 4150‬صادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة االبتدائية بصفاقس‬
‫‪ 1‬في ‪( 2006/11/21‬غير منشور)‪ ; ‬حكم عدد ‪ 4136‬صادر عن نفس الدائرة في‬
‫‪( 2007/02/27‬غير منشور)‪ ; ‬حكم ابتدائي عد ‪ 153‬صادر عن المحكمة االبتدائية ببنعروس‬
‫في ‪( 2008/07/15‬غير منشور)‪.‬‬
‫((( الحكم عدد ‪ 4136‬والحكم عدد ‪ 4150‬المذكورين‪.‬‬
‫((( منصف الكشو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 186.‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫لكن ماذا يقصد بـــ«التّغيير الهام» و»التّأثير الجوهري»؟ متى يعتبر التّغيير‬
‫يخص‬
‫ّ‬ ‫هاما والتّأثير جوهريا؟ وهل يمكن اإلستئناس بقانون األكرية التّجارية فيما‬
‫تعديل معاليم الكراء كضابط إلقرار التّغيير الهام؟‬
‫فإن اإلجتهاد القضائي في تقدير مدى تو ّفر شرط التّغيير‬ ‫ومهما يكن من أمر ّ‬
‫الهام سيكون إستنادا إلى تقرير من مراقب التنفيذ وإعتمادا على وضع ّية ّ‬
‫كل‬
‫مؤسسة لكنّه سيصطدم من جديد «بصخرة» موافقة الدّ ائنين الذين تم ّثل ديونهم‬ ‫ّ‬
‫خمسين بالمائة من مجمل الدّ يون‪.‬‬

‫حرة‪:‬‬
‫المؤسسة أو إعطاؤها للغير في إطار وكالة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب‪ -‬كراء‬
‫المؤسسة عن كسب صاحبها‬ ‫ّ‬ ‫الحل من وسائل اإلنقاذ التي ال تخرج‬ ‫يعتبر ذلك ّ‬
‫الشغل فيها وخالص‬ ‫وتسمح في المقابل بإستمرار نشاطها والحفاظ على مواطن ّ‬
‫ديونها من خالل ما يو ّفره الكراء من معاليم(((‪.‬‬
‫أن التّطبيق القضائي لم يو ّفر ميال إلى مثل ذلك البرنامج على إعتبار أن‬ ‫غير ّ‬
‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫المديونية تكون في الغالب مرتفعة وال يمكن للمعاليم المتأتّية من كراء‬
‫حرة أن تسمح بسداد الديون كل ّيا أو في معظمها‬ ‫أو إعطائها في إطار وكالة ّ‬
‫نصت عليه أحكام الفصل ‪ 468‬من م‪.‬ت‪ .‬من أن مدّ ة الكراء ال‬ ‫خصوصا مع ما ّ‬
‫يمكن أن تتجاوز في جميع األحوال سبعة أعوام‪.‬‬
‫حرة لمن يقدّ م‬
‫المؤسسة أو إعطائها في نطاق وكالة ّ‬
‫ّ‬ ‫وتقضي المحكمة بكراء‬
‫الشغل وتغطية‬‫أفضل عرض ويعتبر أفضل عرض ذاك الذي يو ّفر إستمرار مواطن ّ‬
‫الدّ يون والمحافظة على عناصر األصل التّجاري(((‪.‬‬

‫((( ذلك ّ‬
‫الحل ال يحظى باألولوية في االعتماد وال يمكن اللجوء إليه إال في صورة تعذر‬
‫حل وقع إقراره صلب قانون‬ ‫اعتماد برنامج انقاذ بمواصلة المؤسسة لنشاطها بنفسها وهو ّ‬
‫‪ 1995/04/17‬بموجب التنقيح الذي أدخل عليه بالقانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2003‬المؤرخ في‬
‫‪.2003/12/29‬‬
‫((( الفصل ‪ 467‬فقرة رابعة من م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫المؤسسة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ج‪ -‬إحالة‬
‫المؤسسة بصفة مباشرة(((‪ .‬وقد تكون هذه‬ ‫ّ‬ ‫تقرر المحكمة إحالة‬ ‫يمكن أن ّ‬
‫اإلحالة مسبوقة بكرائها((( وقد تكون بناء على طلب من رئيس المحكمة دون‬
‫المرور بفترة المراقبة إذا تب ّين أنّها الحل الوحيد إلنقاذها(((‪.‬‬
‫المشرع قد حافظ على ال ّطابع‬
‫ّ‬ ‫وبقراءة للفصل ‪ 461‬من م‪.‬ت يبدو جل ّيا أن‬
‫المؤسسة لنشاطها بنفسها((( وعليه ال‬
‫ّ‬ ‫لحل اإلحالة مقارنة ّ‬
‫بحل مواصلة‬ ‫الثانوي ّ‬
‫المؤسسة إلى الغير إالّ إذا ّ‬
‫تعذر إنقاذها بمواصلة‬ ‫ّ‬ ‫يمكن للمحكمة أن تأذن بإحالة‬
‫نشاطها بنفسها ويجد البعض تبريرا لذلك من خالل ال ّطابع اإلنساني الذي يفرضه‬
‫مثل ذلك الترتيب التّفاضلي لحلول اإلنقاذ على إعتبار أن إعتماد برنامج مواصلة‬
‫المؤسسة لنشاطها بنفسها يبقي صاحبها على رأسها خالفا لإلحالة التي تمثل‬ ‫ّ‬
‫«إنتزاعا قضائيا» لكسب المدين وإحالته للغير‪.‬‬
‫وتتصرف‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة ال يمكن أن تنتقل إلى «أيد جديدة» تديرها‬
‫ّ‬ ‫وما يالحظ أن‬
‫فيها إالّ إذا سمحت اإلحالة بتو ّفر شرطين متالزمين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن تضمن اإلحالة مواصلة النّشاط‪ ،‬فاإلحالة ال تم ّثل وسيلة لربح‬
‫الوقت وتأخير حكم يقضي بتفليس المدين‪ .‬كما أن مواصلة النّشاط تستوجب أن‬
‫تتس ّلط اإلحالة على وحدة متكاملة من المنقوالت والعقارات تسمح لها بالعمل‬
‫بصفة مستق ّلة ومنسجمة(((‪ .‬كما تفترض مواصلة النّشاط إحالة العقود ّ‬
‫الضرورية‬
‫الشخصي أو لم يرتض‬ ‫لإلستغالل ولو كانت تلك العقود قائمة على اإلعتبار ّ‬
‫الحرية‬
‫معاقد المدين بإستمرارها مع غير معاقده إذ في هاته الحالة ينحسر مبدأ ّ‬
‫المشرع(((‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة التي تم ّثل هاجس‬
‫ّ‬ ‫التّعاقدية أمام حماية‬

‫((( الفصل ‪ 461‬من م‪.‬ت‪.‬‬


‫((( الفصل ‪ 466‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( الفصالن ‪ 436‬و‪ 437‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫المشرع حافظ على نفس الترتيب التفاضلي لحلول اإلنقاذ كيفما تضمنها قانون‬
‫ّ‬ ‫(((‬
‫‪.1995/04/17‬‬
‫‪Voir, Ben Djedidia (W.), op.cit., p.4.‬‬
‫أنظر كذلك قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 28252‬صادر بتاريخ ‪ ،11/08/2008‬المجلة القانونية‬
‫التونسية ‪.2008‬‬
‫‪(5) Ben Djedidia (W.), op.cit., p.6.‬‬
‫‪(6) Montredon (J-F), La théorie générale du contrat à l’épreuve du nouveau droit‬‬
‫‪des procédures collectives, J.C.P., 1998 éd.E., n°15156, p.269 et s.‬‬

‫‪91‬‬
‫الشغل وخالص الدّ يون‪:‬‬ ‫ثانيهما‪ :‬أن تضمن اإلحالة الحفاظ على مواطن ّ‬
‫فاإلحالة ال يمكن أن تكون على حساب ضمان فرص العمل مقابل خالص ديون‬
‫المؤسسة وال يمكنها أن تقوم على أساس إستيعاب أكبر عدد ممكن من العملة‬‫ّ‬
‫مقابل توفير ثمن إحالة رمزي ‪ .‬فالمحكمة عليها أن تعتمد العرض الذي يتّسم‬
‫(((‬

‫أكثر من غيره بالجدية ويراعي بين مصلحة العملة وإستمرار النّشاط وسداد القدر‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األكبر من ديون‬
‫ويمكنها في هذا الصدّ د دعوة أصحاب العروض إلى تحسين عروضهم(((‪،‬‬
‫المشرع((( يمثل تكريسا لإلجتهاد القضائي الذي كان‬
‫ّ‬ ‫وهو إجراء مستحدث من‬
‫يقوم في ظل قانون ‪ 1995/04/17‬على أساس إشهار قرار اإلحالة من جديد‬
‫السابقة التي‬ ‫كل راغب في ّ‬
‫الشراء إلى تقديم عرضه إذا تب ّين أن العروض ّ‬ ‫ودعوة ّ‬
‫تلقتها المحكمة غير جدّ ية‪.‬‬

‫الخـــــاتمة‪:‬‬
‫المؤسسة تحكمه عديد اإلكراهات‬ ‫ّ‬ ‫إن الدّ ور الذي يلعبه القاضي في إنقاذ‬
‫التّشريعية واالقتصادية واالجتماعية‪...‬التي تجعل منه «س ّيدا في غير بيته ال ّطبيعي»‬
‫ديدنه في ذلك مراعاة مصالح كا ّفة األطراف حتى ال يؤول اإلنقاذ إلى عملية‬
‫مشوه أو‬
‫قيصرية من شأنها أن تعطي الحياة من جديد لمولود ّ‬ ‫ّ‬ ‫جراحية أو عملية‬
‫مولود ال يحتكم على أمل في الحياة‪.‬‬

‫‪(1) Jeantin (M.), Le plan de cession, in « le redressement des entreprises en‬‬


‫‪difficultés économiques », Actes du colloque organisé par l’association tunisienne‬‬
‫‪de droit privé, Faculté de droit et des sciences politiques de Tunis, octobre 1995,‬‬
‫‪p.4.‬‬
‫((( الفصل ‪ 463‬فقرة ‪ 2‬من م‪.‬ت‪.‬‬
‫((( هذا اإلجراء يمكّن من ربح الوقت والضغط على النفقات إذ للمحكمة أن تدعو أصحاب‬
‫العروض الذين سبق لهم تقديم عروضهم من تقديم عروض أكثر جدية سواء فيما يتع ّلق‬
‫باستيعاب عدد أكبر من العملة أو الترفيع في ثمن اإلحالة المقترح‪.‬‬
‫‪92‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like