Professional Documents
Culture Documents
D
D
المؤسسة
ّ دور القاضي في إنقاذ
جديدية
ّ وليد بن
وكيل رئيس بالمحكمة اإلبتدائية صفاقس 2
يم ّثل القانون في الغالب نتاجا وإفرازا للواقع((( ،فهو األداة التي من خاللها
يقع تنظيم الظواهر االقتصادية واالجتماعية والسياس ّية .وتلك الحقيقة تجد صدى
تمر بصعوبات اقتصادية ،فإنتهاجالمؤسسات التي ّ ّ لها في القانون المن ّظم إلنقاذ
المشرع
ّ التحرر واإلنفتاح االقتصادي فرضت على ّ الدولة التونسية لسياسة
المؤسسات االقتصادية
ّ التونسي س ّن ترسانة من القوانين التي تستهدف األخذ بيد
بإعتبارها تم ّثل نواة في النّسيج االقتصادي ومصدرا للتّشغيل واإلنتاج وإستقطاب
اليد العاملة واإلستثمار وتقطع مع النّظرة التقليدية التي تعتمد كقوام لها إقصاء
سجل بذلك اإلنتقال النّوعي من قانون
المدين من الدّ ورة االقتصادية ومعاقبته((( ل ُي ّ
المؤسسات التي تعرف صعوبات اقتصادية((( . ّ للتّفليس إلى قانون إلنقاذ
وكان لذلك اإلنتقال عميق األثر على الدّ ور الذي يلعبه القاضي فبعد أن كان
الصلح
متفرج يقتصر دوره على المصادقة على ّ مجرد متابع أو باألحرى ّهذا األخير ّ
اإلحتياطي((( والتّصريح باإلفالس ومتابعة إجراءات إستنضاض مكاسب المفلس
(1) Ben Djedidia (W.), Le plan de cession, journée sur la loi n°2003-79 du
29/12/2003 modifiant le régime de redressement des entreprises en difficultés
économiques le 13/04/2004, p.1.
(2) Najet Brahmi, L’intervention judiciaire dans les procédures de redressement
des entreprises en difficultés économiques, p.16.
(3) Paillusseau (J), Du droit des faillites au droit des entreprises en difficultés en
quelques réflexions sur la renaissance( ?) d’un droit en dérive, Mél.Houin 1985,
p.109.
(4) Mechri (F), Leçons de droit commercial, les procédures collectives : le contrat
préventif et la faillite. Centre d’études, de recherches et de publications, Tunis
63
وإستخالص ما له من ديون بذ ّمة الغير ،أصبح يمثل العبا أساس ّيا في اإلجراءات
المؤسسات التي تشهد صعوبات اقتصاد ّية(((. ّ الجماع ّية وفاعال في تقرير مصير
تدخل القضاء عموما في محتوى اإلتّفاقات وفي سير الدّ عوى ورغم ما يثيره ّ
وللقوة الملزمةّ بحجة تم ّلك األطراف للدعوى ّ واإلجراءات من إحترازات
فإن الفقهّ (((
لإلتّفاقات المبرمة بين المتعاقدين وإذعانا لمبدأ حياد القاضي
(((
تمر بصعوبات المؤسسات التي ّ ّ تدخل القاضي في إنقاذ أن ّ الحديث يؤكّد على ّ
أن المحاكم اقتصاد ّية يم ّثل ضمانة أساس ّية للمدين ولدائنيه على حدّ سواء ضرورة ّ
تم ّثل هياكل محايدة ال تخدم مصلحة طرف على آخر وإنّما تسعى لتمكين ّ
كل
خصم من حقوقه المشروعة التي يكفلها له القانون(((.
أن تراجع خالص الدّ ائنين إلى المرتبة ال ّثالثة في س ّلم أولويات التّشريع ويبدو ّ
ظل القانون عدد 34لسنة 1995 المؤسسات االقتصاد ّية((( سواء في ّ
ّ المتع ّلق بإنقاذ
المؤرخ
ّ ظل القانون عدد 36لسنة 2016 المؤرخ في ((( 1995/04/17أو في ّ ّ
مؤشر هام وإعالن صريح ّ (((
في 2016/04/29والمتع ّلق باإلجراءات الجماع ّية
المؤسسة من إسترجاع ّ المشرع على إنحسار دور الدّ ائنين((( في سبيل تمكين ّ من
الشغل فيها مع ما يتبع ذلك عافيتها وإستئناف نشاطها والحفاظ على مواطن ّ
أن تراجع مكانة من تدعيم لصالح ّيات القاضي كقاطرة تدفع إلى اإلنقاذ .فهل ّ
المؤسسات
ّ الدّ ائنين إلى المرتبة ال ّثالثة في س ّلم أولويات التّشريع المتع ّلق بإنقاذ
بالضرورة تدعيم لصالح ّيات القاضي؟ أم هل تمر بصعوبات اقتصاد ّية أعقبه ّ التي ّ
المشرع التّونسي لم يرتق في إعالن النّوايا إلى تكريس حقيقي لدور القاضي ّ ّ
أن
المؤسسة؟
ّ كعنصر فاعل في تقرير مآل
في إطار بحثنا سنحاول اإلجابة على ذلك التّساؤل من خالل تناول دورالقاضي
األول) ثم دوره في العالج (المبحث الثاني).
في الوقاية (المبحث ّ
1994, p.14 et S.
(1) Brahmi (N), op.cit., p.14.
((( الفصل 242من م.إ.ع.
((( الفصل 12من م.م.م.ت.
(4) Guyon (I), Droit des affaires, T.2, entreprises en difficultés Redressement
judiciaire, faillite Economica 1997, p.30, n°1026.
(5) Knani (Y), Le banquier et l’entreprise en difficulté, R.T.D. 1996, p.112.
(6) JORT du 25 avril 1995, n° 33, p. 792.
((( الرائد الرسمي للجمهورية التونسية 10 ،ماي 2016،عدد .38
(8) Vasseur, Le crédit menacé J.C.P.éd. E.1985, ll,14569,p.563.
64
األول
ّ المبحث
دور القا�ضي في الوقاية
إن دور القاضي في إجراءات التّسوية يماثل بشكل كبير دور الحكيم الذي ّ
يتدخل في بعض الحاالت بشكل مبكّر للوقاية من حصول األمراض عليه أن ّ
وتفشيها وفي صورة تح ّقق المرض القيام بعملية تشخيص للوقوف على طبيعته ّ
فالمؤسسة كيان قد يكون في حالة ج ّيدة ()In bonis
ّ ووصف العالج المناسب له.
وقد تعتريه بعض الصعــــــــوبات ( .)In malusففي هاته الحالة ،يتع ّين أن
تدخل القاضي بشكل مبكّر وف ّعال وناجع في سبيل تجنيبها حالة التّوقف يكون ّ
الصعوبات االقتصادية (فقرةعن الدّ فع سواء من خالل إجراءات اإلشعار ببوادر ّ
أولى) أو من خالل التّسوية القضائ ّية (فقرة ثانية).
إن الوقاية خير من العالج .وتلك الحقيقة العلم ّية تجد صدى لها في قانون ّ
وخاصة منها إجراءات ّ اإلنقاذ((( ،ضرورة أنّه ك ّلما تد ّعمت إجراءات الوقاية
الصعوبات االقتصاد ّية أمكن للقاضي إتخاذ التّدابير الالّزمة اإلشعار ببوادر ّ
إلنقاذها وكان لتلك اإلجراءات النّجاعة الكافية .
(((
المؤسسة
ّ بالصعوبات االقتصادية من إستدعاء مس ّير
االبتدائية عند تلقيه اإلشعار ّ
((( يبدو أن التوجه التشريعي الجديد من خالل عديد النصوص القانونية الصادرة مؤخرا هو في
اتجاه توثيق األعمال االجرائية كتابة في سبيل إضفاء مزيد من الضمانات القانونية للمتقاضين
من ذلك القانون عدد 05لسنة 2016المؤرخ في 2016/02/16والمتعلق بتنقيح وإتمام
بعض أحكام مجلة اإلجراءات الجزائية.
((( ال شيء يمنع رئيس المحكمة االبتدائية من إعطاء أجل أدنى يقل عن شهر إذ له في ذلك
66
المشرع يحاول الحدّ من سلطات رئيس المحكمة اإلبتدائية من ّ ويبدو أن
الضغط على اآلجال في سبيل التّسريع بإجراءات الوقاية والحيلولة دون خالل ّ
المؤسسة .
(((
ّ تر ّدي وضع
رابعها :أن رئيس المحكمة اإلبتدائية ال يمكنه إالّ معاينة التّهديدات التي
(((
المؤسسة وتقييم مدى نجاعة الحلول التي يقترحها صاحبها أو مس ّيرها ّ تواجهها
محل هذا األخير أو إقتراح حلول أو إجراءات عمل ّية عليه ألنّها وال يمكنه الحلول ّ
الشخصية(((. تعود لصميم إختصاصه وترتّب مسؤول ّيته ّ
أن التّجربة القضائ ّية تؤكّد أن رئيس المحكمة اإلبتدائية قد يعمد في بعض غير ّ
األحيان إلى إقتراح بعض الحلول أو اإلجراءات العمل ّية لمساعدة المس ّير أو
بالمؤسسة والخروج بها من أزمتها كأن يقترح ّ المؤسسة على النّهوض ّ صاحب
سجلت خسائر متتالية في المقرات التي ّ ّ مثال إنهاء بعض العقود أو غلق بعض
لضخ أموال يقع تخصيصها كمال ّ السنوات األخيرة أو البحث عن شركاء جدد ّ
المؤسسة إلى األمام ...
ّ متداول للدّ فع بنشاط
أن تلك الحلول التي يقترحها رئيس المحكمة اإلبتدائية ال تلزم مس ّير غير ّ
المؤسسة أو صاحبها على إعتمادها أو األخذ بها رغم ما لرئيس المحكمة اإلبتدائية ّ
تتجسم واقعيا في إمكان ّية إفتتاح إجراءات التّسوية.
ّ من سلطة معنو ّية عليه
مطلق االجتهاد.
ينص على أجل بعينه يحدّ ده رئيس المحكمة
ّ يكن لم 1995/04/17 قانون من ((( الفصل 8
لمس ّير المؤسسة أو صاحبها لبيان التدابير العملية التي يعتزم اتخاذها لمنع تر ّدي وضعية
المؤسسة والنهوض بها وإنما كان لمطلق اجتهاد رئيس المحكمة تحديد ذلك األجل وذلك
حسب الحالة وحسب طبيعة المؤسسة والصعوبات التي تعترضها وحجم نشاطها والخسائر
التي تكبدتها.
(2) Lakhoua (H), Cours de droit commercial, 4ème année, Faculté de Droit et des
Sciences Politiques de Tunis.
(3) Ibid .
67
الصياغة قد أدخل بعض التّجديد مقارنة المشرع من خالل هذه ّ ّ ويبدو أن
بصياغة الفصل 8من قانون 1995(((،/04/17فرئيس المحكمة اإلبتدائية
الرضائية أو القضائ ّية حال أنّه كان
يمكنه أن يأذن بفتح إجراءات التّسوية سواء منها ّ
محجوبا عن إفتتاح إجراءات التّسوية الرضائ ّية بموجب الفصل 8المذكور رغم
إمكان ّية تو ّفر شروطها.
المشرع قد أبقى على بعض التّساؤالت التي يمكن أن ّ وفي المقابل ّ
فإن
تضمنت صورة أن صيغة الفصل 421من م.ت .قد ّ تطرح في التّطبيق ،من ذلك ّ
المؤسسة لتقديم بيان في التّدابير التي
ّ تجاوز األجل الممنوح للمس ّير أو لصاحب
يتطرق إلى الحالة التي يعتبر فيها رئيس الصعوبات ولم ّ
(((
يعتزم إتخاذها لتجاوز ّ
المؤسسة
ّ المحكمة اإلبتدائية أن اإلجراءات المقترحة من المس ّير أو صاحب
الصورة يمكن لرئيس المحكمة غير كافية للخروج بها من أزمتها .فهل في هاته ّ
اإلبتدائية أن يأذن بناء على قرار مع ّلل بفتح إجراءات التّسوية القضائ ّية((( ؟ وكيف
تصور طلب المدين إفتتاح إجراءات التّسوية الرضائ ّية في حقه حال أنّه يمكن ّ
الشهر المبين بالفصل أحجم عن تقديم مقترحاته لرئيس المحكمة خالل أجل ّ
421من م.ت؟
إن دعم إجراءات التّحاور بين رئيس المحكمة اإلبتدائية والمدين في إعتقادناّ ،
وعقد عديد الجلسات مع هذا األخير سيما بحضور مراقب الحسابات من شأنها
أن تساعد على إيجاد حلول مرض ّية للمدين وتجنيب إفتتاح إجراءات التّسوية في
ح ّقه ،وهي إجراءات ال يزال يراها بعض المتداخلين سببا في إيقاف التّعامل مع
المدين ،وهو ما أثبتته التّجربة العمل ّية في فرنسا(((.
(1) Brahmi (N), L’intervention judiciaire dans les procédures de redressement des
entreprises en difficultés économiques op.cit., p.40 et 41.
((( في هاته الحالة تقوم قرينة بسيطة على توقف المؤسسة عن الدفع ويحق لرئيس المحكمة
االبتدائية اإلذن بافتتاح إجراءات التسوية القضائية .يراجع:
Brahmi (N), op.cit., p.42 et s.
((( في اعتقادنا يمكن لرئيس المحكمة االبتدائية إذا عاين من خالل الوثائق التي يقدّ مها
المدين حالة التوقف عن الدفع أن يأذن بافتتاح إجراءات التسوية القضائية خصوصا وأنه
باإلمكان سماع األطراف التي قامت باإلشعار.
(4) Pérochon (F) et Bonhomme ( R), op.cit., p.36, n°46.
68
دور القا�ضي في مرحلة الت�سوية الر�ضائية الفقرة الثانية
الرضائ ّية بديل الصلح اإلحتياطي((( وهي تقوم أساسا على تعدّ التّسوية ّ
التّفاوض بين المدين ودائنيه((( لكنّها تستوجب ّ
تدخل القضاء في جميع مراحلها
الرضائ ّية (أ) أو في سير إجراءاتها (ب) أو عند
سواء عند إفتتاح إجراءات التّسوية ّ
فسخ إتفاق التّسوية (ج).
المشرع قد أدخل
ّ معمقة للفصل 424من م.ت .نالحظ أن ومن خالل قراءة ّ
بعض التّجديد مقارنة بصياغة الفصل 9وما بعده من قانون ،1995/04/17من
الرضائية أصبح يقدّ م مباشرة إلى
ذلك أن المطلب في اإلنتفاع بإجراءات التّسوية ّ
رئيس المحكمة اإلبتدائية(((.
المؤسسات
ّ مهمة المصالحة يمكن أن ُيعهد بها إلى لجنة متابعة أن ّكما ّ
االقتصادية شريطة موافقة المدين على ذلك.
الضغط على نفقات المدين من خالل إمكان ّية تعيين لجنة
المشرع ّ
ّ ولئن حاول
السؤال قد يطرح حول مقدرة تلك المؤسسات االقتصادية كمصالح ّ
فإن ّ ّ متابعة
(1) Brahmi (N), L’intervention judiciaire dans les procédures de redressement des
entreprises en difficultés économiques, op.cit., p.47.
(2) Pérochon (F) et Bonhomme (R), op.cit, p.37, n°48.
(3) Guyon (I), op .cit., p.31, n°1026.
(4) Vasseur (M), Le crédit menacé : Brèves réflexions sur la nouvelle législation
relative aux entreprises en difficultés, J.C.P. éd.E. 1985, II, 14569, p.565.
ينص على أن المطلب في االنتفاع بإجراءات
((( الفصل 9من قانون 1995/04/17كان ّ
التسوية الرضائية يقدّ م إلى لجنة متابعة المؤسسات االقتصادية التي تجري تشخيصا أوليا قبل
المختص.
ّ إحالة المطلب على رئيس المحكمة االبتدائية
69
بمهمة المصالحة في صورة تعدّ د قرارات التّكليف من عدّ ة محاكم ّ ال ّلجنة القيام
المهمة وتخفيف األعباء على المدين قد تجعلّ مجانية قيامها بتلك خصوصا ّ
وأن ّ
هذا األخير يميل إلى القبول بها كمصالح بل قد تدفعه إلى إقتراحها على رئيس
مخول له بموجب الفصل 13من األحكام اإلنتقال ّية من ّ المحكمة وفق ماهو
القانون عدد 36لسنة .2016
فإن المصالح عادة ما يكون خبيرا في المحاسبة وحسب التّجربة القضائ ّية ّ
المؤسسة
ّ مؤهالته المحاسب ّية تجعله قادرا على تشخيص وضع أن ّ بإعتبار ّ
المالي واالقتصادي وتحديد اآلجال التي تمكنها من خالص ديونها إعتمادا على
مقدرتها ومردود ّيتها االقتصادية والتّفاوض مع الدّ ائنين على ذلك األساس .غير
المشرع حاد بموجب القانون عدد 36لسنة 2016عن ذلك المنهج بأن مكّن ّ أن ّ
رئيس المحكمة من تسمية مصالح((( من بين األشخاص الذين يقترحهم صاحب
أي
المرسمين لدى التعقيب((( أو ّ
ّ المؤسسة أو مس ّيرها((( أو من بين المحامين ّ
ممن تتو ّفر فيه شروط الكفاءة والحياد والموضوع ّية والخبرة في شخص آخر ّ
المؤسسات(((.
ّ شؤون
وما يالحظ أن تعيين المصالح يكون بصفة متزامنة مع إفتتاح إجراءات التّسوية
الرضائ ّية((( وصلب نفس القرار الذي يصدره رئيس المحكمة اإلبتدائية ويتو ّلى ّ
المصالح التّوفيق بين المدين ودائنيه خالل أجل ال يتجاوز ثالثة أشهر قابل
للتّمديد لفترة واحدة بشهر .وللمصالح في سبيل إتمام األعمال الموكولة إليه
المؤسسة سواء من المدين أو من اإلدارات العموم ّية
ّ طلب أ ّية معلومات عن حالة
((( المصالحة تكون مجانية عند إجرائها من طرف لجنة متابعة المؤسسات االقتصادية بصريح
الفصل 424فقرة 3من م.ت.
((( ظاهر الفصل 13من األحكام االنتقالية قد اليستثني مراقب الحسابات من إمكانية تعيينه
كمصالح غير أن اشتراط الحياد والموضوعية في المصالح تستبعد إمكانية تعيين مراقب
الحسابات كمصالح.
((( يحق التساؤل إن كان للمحامي المرسم لدى التعقيب الكفاءة والخبرة في شؤون
المؤسسات؟
مع اإلشارة أن المحامي الدي سبق له الدفاع على مصالح المدين أو ضدّ ه ال يمكن تسميته
كمصالح لعدم توفر شروط الحياد والموضوعية في جانبه.
((( يحق التساؤل عن المقصود بشؤون المؤسسات هل أنها تشمل إدارة المؤسسات؟ أم
المعرفة بطرق عملها؟ أم بأمورها المحاسبية والمالية؟
(5) Brahmi (N), op.cit., p.55.
70
بالسر
ّ المؤسسات االقتصاد ّية دون إمكان ّية معارضته
ّ أو المال ّية أو من لجنة متابعة
المهني.
ويمكن لرئيس المحكمة تعويض المصالح بطلب من المدين لسبب جدّ ي في
أجل ال يتجاوز 8أيام من تاريخ تعيينه.
السبب الجدّ ي؟ فهل أنّه يقتصر على القوادح
وهنا يمكن التّساؤل عن مفهوم ّ
تمس من شرطالقانون ّية في الخبراء((( ؟ أم أنّه يمكن أن يشمل أسباب أخرى قد ّ
المؤسسات؟ بمعنى هل يمكن للمدين أن يطلب ّ الكفاءة والخبرة في شؤون
إعفاء مصالح بتع ّلة أنّه ليس بكفء؟ وماذا لو ّ
أن المصالح لم يقم بإعالم المدين
بقرار تسميته خالل أجل ال ّثمانية أ ّيام وباشر أعماله بعد إنقضاء ذلك األجل ،هل
أي
يمكن لرئيس المحكمة اإلبتدائ ّية تعويضه بغيره من األشخاص وإستنادا إلى ّ
أساس((( ؟
المؤسسة في اإلنقاذ ،يمكن لرئيس المحكمة أن يأذن ّ ولمزيد دعم حظوظ
السابقة لتاريخ فتح التّسوية
الرامية إلى إستخالص الدّ يون ّ
بتعليق إجراءات التّنفيذ ّ
المؤسسة وعرقلة إلمكان ّية
ّ الرضائ ّية شريطة أن يكون في أدائها تعكيرا لوضع ّ
الرامية إلى إسترجاع منقوالت أوإنقاذها ،كما له أن يأذن بتعليق إجراءات التّنفيذ ّ
المؤسسة المدينة.
ّ عقارات إذا تب ّين أنّها ضرورية لنشاط
للصيغة القديمة للفصل 12 وما يالحظ في هذا الخصوص أن التّعليق وخالفا ّ
من قانون 1995/04/17ال يشمل إال إجراءات التّنفيذ((( وهو يم ّثل إستثناءا ال
يمكن لرئيس المحكمة اإلبتدائية اإللتجاء إليه إالّ وفق شروط(((.
تحرر أيدي القاضي من جديد وتعطيه الشروط ّ أن تقييم مدى توفر تلك ّ غير ّ
سلطات واسعة(((.
71
ب -دور القا�ضي في �سير �إجراءات ال ّت�سوية ّ
الر�ضائ ّية:
رغم طبيعته اإلتفاقية التي تجعل أطرافه غير خاضعة في تحديد شروطه إلى
الرضائية أن يكون نافذا إال بعد مصادقة
أ ّية قيود ،ال يمكن إلتفاق التّسوية ّ
(((
رئيس المحكمة اإلبتدائية عليه وتلك المصادقة قد تكون بحكم القانون ( )1أو
إختيارية(.)2
الرضائ ّية بحكم القانون:
-1المصادقة على إتفاق التّسوية ّ
ينص الفصل 428من م.ت في فقرته الثانية على أنّه ...»:ويصادق رئيس ّ
المحكمة على اإلتفاق الحاصل بين المدين وجميع دائنيه».
أن سلطات رئيس المحكمة عند وما يالحظ من خالل عبارات النّص المذكور ّ
الرضائية على قبول جميع الدّ ائنين والمدين تبدو مق ّيدة فهذا إحراز إتفاق التّسوية ّ
وتدخله يقتصر على إستكمال شكل ّية قانونية ّ األخير ال يمكنه رفض المصادقة عليه
(((
الرضائية دون أن يت ّعداها إلى تقييم مضمون اإلتفاق الزمة لنفاذ إتفاق التّسوية ّ
أو نجاعته أو قدرة المدين على الوفاء به إستنادا إلى ما أمكن له الوقوف عليه من
المؤسسات المالية أو من
ّ المؤسسة من اإلدارات العموم ّية أو
ّ معلومات عن حالة
المؤسسات االقتصادية بإجرائه. ّ خالل التّشخيص الذي كان أذن للجنة متابعة
وعلى رئيس المحكمة التّحقق من موافقة جميع الدّ ائنين على إتّفاق التّسوية
وذلك بوضع إمضائهم عليه((( كما عليه التّحقق من أن من أمضى على إتّفاق
التّسوية هم جميع الدّ ائنين المب ّينة أسماؤهم بمطلب التّسوية المقدّ م من المدين
وفق ما يستوجبه الفصل 417من م.ت.
الرضائية:
-2المصادقة اإلختيار ّية على إتفاق التّسوية ّ
نص عليها الفصل 428فقرة 2من م.ت الذي جاء به أنّه « :ويمكّنه هي حالة ّ
(أي رئيس المحكمة) أن يصادق على اإلتفاق الذي أمضاه دائنون يم ّثل دينهم
ثلثي مجمل الدّ يون ويأذن بجدولة بق ّية الدّ يون مهما كانت طبيعتها لفترة ال تتجاوز
ّ
مدّ ة اإلتفاق على أن التتعدّ ى في جميع األحوال ثالث سنوات.»...
((( يمكن لألطراف االتفاق على جدولة الديون وفق آجال تختلف بحسب قيمة المديونية
وقدرة المؤسسة على الوفاء بها ،كما يمكن االتفاق على الحط من بعض الديون أو جزء منها
أو الحط من الفوائض أو إيقاف سريانها أو أية شروط أخرى طالما لم تكن ماسة بالنظام العام.
(2) Brahmi (N), op.cit., p.61.
((( يراجع الفصل 426من م.ت.
72
ويتمتّع رئيس المحكمة في هذه الصورة بصالح ّيات واسعة((( إذ له أن يصادق
الرضائية الذي أحرز على النّصاب القانوني أو أن يرفض على إتّفاق التّسوية ّ
المصادقة عليه دون تعليل.
الرضائية ما لم
لكن ال يمكن لرئيس المحكمة أن يصادق على إتّفاق التّسوية ّ
يحرز على النّصاب القانوني بخصوص قيمة الدّ ين إذ يجب أن يكون الدّ ين الذي
أمضاه الدّ ائنون يم ّثل في مجموعه ثلثي مجمل الدّ يون(((.
الرضائية
التسوية ّ
وما يالحظ أن مصادقة رئيس المحكمة اإلبتدائ ّية على إتّفاق ّ
المحرك األساسي
ّ رغم عدم إمضائه من كافة الدّ ائنين قد تمليه ضرورة اإلنقاذ وهي
المبرر عن إبرام إتفاق
لقانون اإلنقاذ وقد يكون الدافع لها إحجام الدّ ائنين غير ّ
(((
المؤسسة المدينة(((.
ّ المتعمدة لتعطيل مسار إنقاذ
ّ الرضائية ورغبتهم
التّسوية ّ
كما أن مصادقة رئيس المحكمة من آثارها جدولة بق ّية الدّ يون لفترة ال تتجاوز
مدّ ة اإلتّفاق دون أن تتجاوز في جميع الحاالت ثالث سنوات بإستثناء بعض
الدّ يون كديون العملة في جزئها غير القابل للحجز....
النسبي للعقود((( وعلى مبدأ
ّ ورغم ما يمثله هذا اإلجراء من قيد على مبدأ األثر
أن تقييد سلطات رئيس المحكمة بأجل 3سنوات((( قد يكون سلطان اإلرادة ،إال ّ
الرضائية على إعتبار أن
مدعاة إلحجام الدّ ائنين عن الموافقة على إتفاق التّسوية ّ
(1) Brahmi (N), op.cit., p.62.
المشرع اليشترط أغلبية الثلثين إال فيما يتعلق بقيمة الدّ ين وهو ال يفرض أي شرط
ّ (((
بخصوص الدائنين إذ يمكن أن يصادق رئيس المحكمة على اتفاق التسوية الرضائية الذي
إمضاه دائن وحيد يمثل دينه ثلثي مجمل الديون أو يزيد وهو بذلك يبتعد عن األغلبية المزدوجة
التي كان يشترطها لمنح الصلح البسيط بموجب الفصل 510قديم من م.ت.
قرار عدد 5صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بسوسة .2
((( الفصل 415من م.ت .الفصل األول من القانون المؤرخ في 1995/04/17قبل إلغائه
بموجب القانون عدد 36لسنة .2016وتعتبر محكمة التعقيب صلب قرارها عدد 72500
الصادر بتاريخ ( 1999/07/14غير منشور) أن حقيقة اإلنقاذ هي دعوة إلى الصلح فهو عمل
تطوعي وإجراء صلحي» .أنظر كذلك قرار عدد 103صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية ّ
بصفاقس بتاريخ .2008/02/12
(4) Lakhoua(H.), cours précité, p.25.
(5) Rais (H.), Les contrats dans le règlement judiciaire des entreprises en difficultés
économiques, mémoire de D.E.A. en droit privé, Faculté de droit et des sciences
politiques de Tunis, année universitaire 1997-1998.
ينص على أجل أقصى بعينه وإنما تجدول بقية
((( الفصل 13قديم من قانون اإلنقاذ لم يكن ّ
الديون لفترة ال تتجاوز مدة االتفاق.
73
إتفاق التّسوية عادة ما يكون على آجال تفوق في مدّ تها أمد ثالث سنوات ليكون
الرضائية في وضعيةفي هاته الحالة الدّ ائن الذي لم يصادق على إتفاق التّسوية ّ
أفضل من الدّ ائن الذي صادق على ذلك اإلتّفاق.
أن بعض التّطبيقات القضائية تربط جدولة باقي الدّ ينوتجدر المالحظة ّ
بخالص نسبة منه بصفة فورية في سعي من القضاء إلى إيجاد توازن بين مصالح
(((
74
كل إخالل من يبرر تقديم دعوى في فسخ إتّفاق التّسوية .فهل أن ّ اإلخالل الذي ّ
الرضائية؟
المدين بتعهداته يمثل مدعاة لطلب فسخ إتفاق التّسوية ّ
الرضائية جعلت التّطبيق القضائي يميل إن ال ّطبيعة التّعاقدية إلتفاق التّسوية ّ
إلى إعتماد مفهوم «اإلخالل المعتبر» كمعيار لقبول مطالب فسخ إتفاق التّسوية
يسوغ معه للمدين اإلحتجاج باألسباب المانعة لتنفيذ اإللتزام الرضائية»((( بما ّ ّ
القوة القاهرة .
(((
والتي تحرز على مقومات ّ
المشرع صلب الفصل 430من م.ت قد أطلق من جديد يد ّ وما يالحظ ّ
أن
الرضائية ولم
القضاء في إتجاه تقييم إخالل المدين بتعهداته ضمن إتفاق التّسوية ّ
يعد يشترط مرور مدّ ة ستّة أشهر عن إخالل المدين بتعهداته كسبب يفتتح بموجبه
الرضائية(((.
الحق للدّ ائنين في طلب فسخ إتفاق التّسوية ّ ّ
الرضائية
ومهما يكن من أمر فإن نظر المحكمة في مطلب فسخ إتفاق التّسوية ّ
يجب أن يكون وفق إجراءات القضاء المستعجل((( سواء من حيث إختصار آجال
اإلستدعاء((( أو تبسيط إجراءات اإلستدعاء((( أو آجال البت في المطلب(((.
((( حكم عدد 214صادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة االبتدائية بصفاقس بتاريخ
(1997/11/11غير منشور).
((( Lakhoua(H.), Cours précité, p.28.
((( الفصل 15من قانون 1995/04/17بموجب تنقيحه بالقانون عدد 79لسنة 2003كان
ينص على أنه « إذا ّ
أخل المدين بتعهداته المترتبة عن التسوية الرضائية تجاه أحد دائنيه مدة ستة ّ
أشهر بداية من تاريخ حلول أجل الوفاء بها ،يمكن لكل من له مصلحة أن يطلب من المحكمة
فسخ االتفاق.
((( الفصل 430فقرة أخيرة من م.ت.
((( الفصل 203والفصل 206من م.م.م.ت.
((( الفصل 203من م.م.م.ت.
((( الفصل 212من م.م.م.ت.
75
المبحث الثاني
دور القا�ضي في العالج
((( يمثل برنامج اإلنقاذ المقدّ م من المدين الوثيقة األصلية واألولية التي ينطلق منها المتصرف
القضائي في إعداد برنامج اإلنقاذ مع إمكانية تعديله الفصل 452من م.ت .وهنا يحق التساؤل
إن كان يمكن للمتصرف القضائي تجاهل برنامج اإلنقاذ المقدم من المدين وعدم اعتماده ولو
في بعض جزئياته واعتماد برنامج يقوم على عناصر مغايرة للبرنامج المقدم له من المدين؟
((( الفصل 435فقرة أخيرة من م.ت.
يتضمن صيغة الوجوب وهي الصيغة المعتمدة. ((( الفصل 4مكرر في صيغته العرب ّية لم ّ
Brahmi (N.), op.cit., p.83.
((( الفصل 449فقرة 4من م.ت .لكن في صورة استجابة المدين بصفة الحقة لواجب تقديم
كافة الوثائق المطلوبة منه فان رئيس المحكمة يتخذ قرارا بصفة فورية في تعليق إجراءات التنفيذ
وتوقيف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير وتعليق آجال السقوط.
((( يحق التساؤل عن نطاق تطبيق الفقرتين األولى والثانية من الفصل 593من م.ت .على
أخل بواجب تقديم الوثائق والمعطيات المطلوبة منه .فهل أن هذا األخير يعاقب المدين الذي ّ
77
المختصة تراب ّيا للنّظر في
ّ ينص على الجهة المشرع ولئن لم ّ
ّ وفي المقابل فإن
مطلب التّسوية القضائ ّية فإن أحكام الفصل 414من م.ت من شأنها أن تعطي
المقر الرئيسي
ّ أن رئيس المحكمة االبتدائ ّية التي بدائرتها إجابة في الغرض حيث ّ
يختص بالنّظر في مطالب التّسوية القضائ ّية((( وما يالحظ كذلك ّ للمدين هو الذي
يتعهد به رئيس المحكمة االبتدائ ّية من تلقاء نفسه أن مطلب التّسوية القضائ ّية قد ّ
تعذر التّوصل إلى إتّفاق تسوية رضائ ّية في األجل المحدّ د أو تقاعس في صورة ّ
المدين عن الحضور لدى المصالح رغم إستدعائه بصفة قانون ّية أو تو ّقف
المؤسسة عن الدّ فع(((.
ّ
الشروط األصل ّية: ّ -2-1
المؤسسة التي تو ّقفتّ إقتضى الفصل 434من م.ت أنّه تنتفع بالتّسوية القضائ ّية
مؤسسة تكون كل ّ عن دفع ديونها .وتعدّ متو ّقفة عن الدّ فع على معنى هذا العنوان ّ
حل أجلها بما هو موجود لديها من سيولة ومن غير قادرة على مجابهة الدّ يون التي ّ
للصرف على المدى القصير. موجودات قابلة ّ
وإنطالقا من الفصل المذكور فإن التّوقف عن الدّ فع يمثل شرطا أصل ّيا لقبول
فالمؤسسة التي لم تتو ّقف عن دفع ديونها ال يمكنها ّ مطلب التّسوية القضائ ّية(((،
(((
اإلنتفاع بإجراءات التّسوية القضائ ّية .ولئن كان مفهوم التّوقف عن الدّ فع
نصت عليه بعض القوانين المشرع التّونسي يم ّثل إستنساخا لما ّ ّ نص عليه
كيفما ّ
بخطية فحسب؟ أم هل يمكن اعتبار ما صدر عنه من قبيل تعطيل إجراءات التسوية القضائية
ويمكن تسليط عقوبة سالبة للحرية عليه على معنى الفقرة 2من الفصل المذكور؟
((( الفصل 19من قانون 1995/04/17كان صريحا في عقد االختصاص لرئيس المحكمة
المقر الرئيسي للمؤسسة للنظر في مطالب التسوية القضائية.
ّ االبتدائية الكائن بدائرتها
((( الفصل 432من م.ت.
يحق التساؤل إن كان عدم حضور المدين لدى المصالح بعد استدعائه يمثل قرينة على توقفه
عن الدفع أم أن على رئيس المحكمة أن يتحقق من حالة التوقف عن الدفع قبل أن يأذن بانطالق
إجراءات التسوية القضائية؟
تمر بصعوبات اقتصادية ،دراسة نظرية ((( منصف الكشو ،قانون إنقاذ المؤسسات التي ّ
وتطبيقية ،ص 49.وما بعدها.
المشرع التونسي يستعمل ذلك المفهوم
ّ كان 2003 سنة 1995/04/17 ((( قبل تنقيح قانون
يعرفه أو يب ّين حدوده بين نظام اإلنقاذ ونظام التفليس.
دون أن ّ
Voir Kharroubi (K), La notion de cessation des paiements en proie aux réformes
du droit des procédures collectives, R.J.L., Mars 1999, p.9 et S.
Brahmi (N.), op.cit., p.123 et s.
78
توصل إليه اإلجتهاد القضائي((( فإن تقدير مدى تح ّقق شروطه المقارنة((( ولما ّ
(((
تم ّثل مسألة موضوع ّية موكولة إلى قضاة األصل تحت رقابة محكمة التّعقيب
وتبرهن عن قيام قضاء اقتصادي يخرج القاضي عن حوض سباحته األصلي
ليدخله في نهر اإلجتهاد القضائي لمعطيات اقتصادية ومال ّية ال تعود لصميم
إختصاصه األصلي .فالقاضي قبل التّصريح بإخضاع المدين إلجراءات التّسوية
القضائ ّية عليه أن يتح ّقق من شرط التّو ّقف عن الدّ فع((( وله أن يبحث في ذلك من
خالل المعطيات والوثائق المصاحبة للمطلب((( أو من خالل ما يقدّ مه الدّ ائنون
من محاضر عجز في التّنفيذ أو من خالل المعطيات التي أمكن له الحصول عليها
المؤسساتّ والمؤسسات العمومية أو المال ّية أو من لجنة متابعة
ّ من اإلدارات
االقتصاد ّية(((.
(((
وما يالحظ أنه ال تأثير لطبيعة الدّ ين وال لسببه على ثبوت التوقف عن الدّ فع
وإنما يكفي لذلك أن يكون الدّ ين ثابتا وغير متنازع فيه(((.
واعتبر فقه القضاء أن لتلك اآلجال صبغة استنهاضية والشيء يمنع من تجاوزها طالما كان
لذلك سبب معتبر :قرار تعقيبي مدني عدد 81471مذكور بمؤلف الرئيس منصف الكشو
المشار إليه ،ص.194.
المخول لهم حق االطالع على
ّ األشخاص عن التساؤل يمكن هنا م.ت. ((( الفصل 442من
قائمة الجرد ،فهل أن صفة الدائن تخول لهذا األخير حق اإلطالع سيما وأن له مصلحة في ذلك
إذ تمكنه تلك القائمة من مناقشة توفر شرط التوقف عن الدفع من عدمه في جانب المدين؟
ولمن يقدم مطلب اإلطالع؟ هل لرئيس المحكمة ؟ أم للقاضي المراقب؟ أم لرئيس الكتبة ؟
((( الفصل 444فقرة 2من م.ت.
((( الفصل 443من م.ت.
((( قرار عدد 31صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بصفاقس بتاريخ ( 2015/07/13غير
81
كما يمكن لرئيس المحكمة اإلبتدائية بصفة إستثنائية وبموجب قرار مع ّلل
المؤسسة كل ّيا أو جزئ ّيا بمساعدة المدين أو
ّ المتصرف القضائي بإدارة
ّ تكليف
المؤسسة والتّصرف في شؤونها وإن كانت مبدئ ّيا من صالحيات ّ دونه .فإدارة
مسيرها الذي يبقى على رأسها في جميع ما يقتضيه تمثيلها من إبرام إتفاقات
المؤسسة وضمان إنقاذها
ّ ومتابعة تنفيذها أو تقاضي فإن الحفاظ على ديمومة
أن المس ّير قد إرتكب عدةتفرض الخروج عن ذلك المبدأ خصوصا إذا تب ّين ّ
المؤسسة أو جعل منها واجهة لتحقيق ّ مخالفات في التّسيير وإستولى على أمالك
منافع شخص ّية((( أو تقاعس عن تسييرها(((.
3-1-2إعداد برنامج إنقاذ:
المتصرف القضائي هي إعداد برنامج
ّ مهمة يمكن أن يضطلع بهاأهم ّ
تعتبر ّ
للمتصرف القضائي إعداد برنامج إنقاذ واضح المعالم
ّ إنقاذ المؤسسة .وال يتسنى
إالّ بعد وضع المدين تحت المراقبة واالطالع على موازناته المالية والعقود
الجارية وحجم مديونيته....
المشرع التونسي وفي قطع مع الصيغة القديمة للفصل 36من قانون ّ غير أن
المتصرف القضائي اإلنطالق في إعداد برنامجّ 1995 /04/17فرض على (((
بتقييم الجدوى من أداء دين سابق إلفتتاح التّسوية القضائية أو التّفويت في بعض
األصول ال ّثابتة أو رهنها.
((( ما يالحظ أن عبارة المحكمة وردت مطلقة وهي على ذلك األساس تؤخذ على إطالقها
لتشمل كافة الهيئات القضائية التي قد تتعهد بملف التسوية القضائية سواء كانت ابتدائية أو
المشرع في
ّ استئنافية أو حتى تعقيبية وهو ما تفرضه موجبات الفصل 533من م.إ.ع .وفلسفة
فرض الشفافية على أعمال التسيير.
((( الفصل 29من قانون 1995/04/17كان يسمح فقط لرئيس المحكمة برفع تقرير لوكيل
الجمهورية فيما عاينه من اختالسات أو أفعال تشكل جريمة تتعلق بتسيير المؤسسة.
((( الفصل 448فقرة ثانية من م.ت.
86
المشرع واضحة في توسيع دائرة األشخاص الذين قد يستهدفهم ّ وتبدو رغبة
المتصرف
ّ ذلك اإلجراء((( ،إذ قد يشمل الوكيل القانوني أو الوكيل الفعلي أو
للمؤسسة ك ّليا أو
ّ القضائي بمناسبة مساعدة المدين في أعمال التّصرف أو إدارته
جزئ ّيا بموجب تكليف من رئيس المحكمة(((.
ويستهدف ذلك اإلجراء أساسا حماية مصالح الدّ ائنين ألن األموال التي
كل حكم صادر ضدّ المسؤول عن قد توضع تحت اإلئتمان قد تصلح لتنفيذ ّ
التصرفات المذكورة بما يضمن أوفر حظوظ اإلستخالص(((. ّ
تدخل النّيابة العمومية بوصفها ال ّطرف الذي يم ّثل الحق العام في
ويبدو أن ّ
طلب وضع المكاسب قيد اإلئتمان يد ّلل بوضوح حول مساس قانون اإلنقاذ
بالنظام العام(((.
�إقرار العالج المنا�سب الفقرة األولى
بعد إستكمال عمليات التّشخيص «للدّ اء» وألسباب تر ّدي الوضع االقتصادي
للمؤسسة والوقوف على حقيقة وضعها المالي واالقتصادي وقدرتها على ّ
ّ
للشفاء» يكون تدخل القاضي «الحكيم» بوصف العالج المناسب « التّماثل ّ
« لمريضه» وذلك بإقرار برنامج إنقاذ يقوم على مواصلة نشاطها بنفسها (أ) أو
حرة (ب) أو إحالتها للغير (ج).
بكرائها أو إعطائها في نطاق وكالة ّ
�أ� -إعتماد برنامج �إنقاذ بموا�صلة الم� ّؤ�س�سة لن�شاطها بنف�سها:
تبت المحكمة بمحضر النّيابة العمومية((( في حجرة ّ
الشورى في برنامج ّ
والضامنين
اإلنقاذ وذلك بعد اإلستماع إلى المدين وممثلي الدّ ائنين والكفالء ّ
(1) Brahmi (N.), op.cit., p.112.
((( الفصل 443فقرة أولى من م.ت.
((( منصف الكشو ،المرجع السابق ،ص.217.
((( قرار تعقيبي مدني عدد 61112صادر في ( 2012/05/11غير منشور).
مكونات الهيئة الحكمية ،وغيابها عن تركيبة المحكمة يؤ ّدي
مكونا من ّ
((( تمثل النيابة العمومية ّ
إلى بطالن األحكام الصادرة عن هاته األخيرة .يراجع مؤلف القاضي منصف الكشو المذكور
سابقا ص 226.و .227أنظر كذلك قرار تعقيبي مدني عدد 4352صادر في 2001/1/3
(غير منشور) ،وكذلك قرار تعقيبي مدني عدد 60042صادر بتاريخ 1997/9/14المجلة
القانونية التونسية ،1998ص.207.
نفس التوجه اعتمده فقه القضاء الفرنسي:
Cass.Com.11/12/2012, n°11-26-555, Juris Data n°2012-029289.
87
والمدينين المتضامنين ولها أن تعتمد برنامج إنقاذ يقوم على أساس مواصلة
المؤسسة لنشاطها بنفسها ولكن وفق شروط ( )1وإعتبارا إلى أن تنفيذ برنامج ّ
اإلنقاذ يمتدّ عادة في الزمن فإنه يسوغ للمحكمة تعديله (.)2
وأعطاهم في النّهاية سلطة تقرير مآل برنامج مواصلة النّشاط وهو في ذلك يقترب
الرضائية.
أقرها في التّسوية ّ
من الحلول التي ّ
المشرع لم يشترط أغلبية مزدوجة )(une majorité renforcéeمن حيث عدد الدائنين
ّ (((
وحجم ديونهم وعليه يكفي موافقة دائن وحيد يمثل دينه نصف إجمالي الديون لتحقق الشرط
األول.
((( الفصل 456فقرة 3من م.ت .يمنع الحط من أصل الدين إال برضاء الدائن.
((( حكم ابتدائي عدد 4150صادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة االبتدائية بصفاقس
1في ( 2006/11/21غير منشور) ; حكم عدد 4136صادر عن نفس الدائرة في
( 2007/02/27غير منشور) ; حكم ابتدائي عد 153صادر عن المحكمة االبتدائية ببنعروس
في ( 2008/07/15غير منشور).
((( الحكم عدد 4136والحكم عدد 4150المذكورين.
((( منصف الكشو ،المرجع السابق ،ص 186.وما بعدها.
89
لكن ماذا يقصد بـــ«التّغيير الهام» و»التّأثير الجوهري»؟ متى يعتبر التّغيير
يخص
ّ هاما والتّأثير جوهريا؟ وهل يمكن اإلستئناس بقانون األكرية التّجارية فيما
تعديل معاليم الكراء كضابط إلقرار التّغيير الهام؟
فإن اإلجتهاد القضائي في تقدير مدى تو ّفر شرط التّغيير ومهما يكن من أمر ّ
الهام سيكون إستنادا إلى تقرير من مراقب التنفيذ وإعتمادا على وضع ّية ّ
كل
مؤسسة لكنّه سيصطدم من جديد «بصخرة» موافقة الدّ ائنين الذين تم ّثل ديونهم ّ
خمسين بالمائة من مجمل الدّ يون.
حرة:
المؤسسة أو إعطاؤها للغير في إطار وكالة ّ ّ ب -كراء
المؤسسة عن كسب صاحبها ّ الحل من وسائل اإلنقاذ التي ال تخرج يعتبر ذلك ّ
الشغل فيها وخالص وتسمح في المقابل بإستمرار نشاطها والحفاظ على مواطن ّ
ديونها من خالل ما يو ّفره الكراء من معاليم(((.
أن التّطبيق القضائي لم يو ّفر ميال إلى مثل ذلك البرنامج على إعتبار أن غير ّ
المؤسسة
ّ المديونية تكون في الغالب مرتفعة وال يمكن للمعاليم المتأتّية من كراء
حرة أن تسمح بسداد الديون كل ّيا أو في معظمها أو إعطائها في إطار وكالة ّ
نصت عليه أحكام الفصل 468من م.ت .من أن مدّ ة الكراء ال خصوصا مع ما ّ
يمكن أن تتجاوز في جميع األحوال سبعة أعوام.
حرة لمن يقدّ م
المؤسسة أو إعطائها في نطاق وكالة ّ
ّ وتقضي المحكمة بكراء
الشغل وتغطيةأفضل عرض ويعتبر أفضل عرض ذاك الذي يو ّفر إستمرار مواطن ّ
الدّ يون والمحافظة على عناصر األصل التّجاري(((.
((( ذلك ّ
الحل ال يحظى باألولوية في االعتماد وال يمكن اللجوء إليه إال في صورة تعذر
حل وقع إقراره صلب قانون اعتماد برنامج انقاذ بمواصلة المؤسسة لنشاطها بنفسها وهو ّ
1995/04/17بموجب التنقيح الذي أدخل عليه بالقانون عدد 79لسنة 2003المؤرخ في
.2003/12/29
((( الفصل 467فقرة رابعة من م.ت.
90
المؤسسة:
ّ ج -إحالة
المؤسسة بصفة مباشرة((( .وقد تكون هذه ّ تقرر المحكمة إحالة يمكن أن ّ
اإلحالة مسبوقة بكرائها((( وقد تكون بناء على طلب من رئيس المحكمة دون
المرور بفترة المراقبة إذا تب ّين أنّها الحل الوحيد إلنقاذها(((.
المشرع قد حافظ على ال ّطابع
ّ وبقراءة للفصل 461من م.ت يبدو جل ّيا أن
المؤسسة لنشاطها بنفسها((( وعليه ال
ّ لحل اإلحالة مقارنة ّ
بحل مواصلة الثانوي ّ
المؤسسة إلى الغير إالّ إذا ّ
تعذر إنقاذها بمواصلة ّ يمكن للمحكمة أن تأذن بإحالة
نشاطها بنفسها ويجد البعض تبريرا لذلك من خالل ال ّطابع اإلنساني الذي يفرضه
مثل ذلك الترتيب التّفاضلي لحلول اإلنقاذ على إعتبار أن إعتماد برنامج مواصلة
المؤسسة لنشاطها بنفسها يبقي صاحبها على رأسها خالفا لإلحالة التي تمثل ّ
«إنتزاعا قضائيا» لكسب المدين وإحالته للغير.
وتتصرف
ّ المؤسسة ال يمكن أن تنتقل إلى «أيد جديدة» تديرها
ّ وما يالحظ أن
فيها إالّ إذا سمحت اإلحالة بتو ّفر شرطين متالزمين:
أولهما :أن تضمن اإلحالة مواصلة النّشاط ،فاإلحالة ال تم ّثل وسيلة لربح
الوقت وتأخير حكم يقضي بتفليس المدين .كما أن مواصلة النّشاط تستوجب أن
تتس ّلط اإلحالة على وحدة متكاملة من المنقوالت والعقارات تسمح لها بالعمل
بصفة مستق ّلة ومنسجمة((( .كما تفترض مواصلة النّشاط إحالة العقود ّ
الضرورية
الشخصي أو لم يرتض لإلستغالل ولو كانت تلك العقود قائمة على اإلعتبار ّ
الحرية
معاقد المدين بإستمرارها مع غير معاقده إذ في هاته الحالة ينحسر مبدأ ّ
المشرع(((.
ّ المؤسسة التي تم ّثل هاجس
ّ التّعاقدية أمام حماية
91
الشغل وخالص الدّ يون: ثانيهما :أن تضمن اإلحالة الحفاظ على مواطن ّ
فاإلحالة ال يمكن أن تكون على حساب ضمان فرص العمل مقابل خالص ديون
المؤسسة وال يمكنها أن تقوم على أساس إستيعاب أكبر عدد ممكن من العملةّ
مقابل توفير ثمن إحالة رمزي .فالمحكمة عليها أن تعتمد العرض الذي يتّسم
(((
أكثر من غيره بالجدية ويراعي بين مصلحة العملة وإستمرار النّشاط وسداد القدر
المؤسسة.
ّ األكبر من ديون
ويمكنها في هذا الصدّ د دعوة أصحاب العروض إلى تحسين عروضهم(((،
المشرع((( يمثل تكريسا لإلجتهاد القضائي الذي كان
ّ وهو إجراء مستحدث من
يقوم في ظل قانون 1995/04/17على أساس إشهار قرار اإلحالة من جديد
السابقة التي كل راغب في ّ
الشراء إلى تقديم عرضه إذا تب ّين أن العروض ّ ودعوة ّ
تلقتها المحكمة غير جدّ ية.
الخـــــاتمة:
المؤسسة تحكمه عديد اإلكراهات ّ إن الدّ ور الذي يلعبه القاضي في إنقاذ
التّشريعية واالقتصادية واالجتماعية...التي تجعل منه «س ّيدا في غير بيته ال ّطبيعي»
ديدنه في ذلك مراعاة مصالح كا ّفة األطراف حتى ال يؤول اإلنقاذ إلى عملية
مشوه أو
قيصرية من شأنها أن تعطي الحياة من جديد لمولود ّ ّ جراحية أو عملية
مولود ال يحتكم على أمل في الحياة.