Professional Documents
Culture Documents
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي - سرقسطة للميلودي سغموم
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي - سرقسطة للميلودي سغموم
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي - سرقسطة للميلودي سغموم
األزمنة احلديثة
العدد 13
سعيد سهمي
باحث من المغرب
27
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي -سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا- األزمنة احلديثة
العدد 13
باعتباره»عتب���ة للنص ال يمه���د في روايات الميلودي والتجديد ،تتوزعه فضاءات إبداعية متنوعة قابلة
ش���غموم لق���راءة بس���يطة يس���يرة ،كما أن���ه ال يعكس للقراءة من زوايا متعددة ،لقيامها على المخاتلة
ب���راءة عل���ى مس���توى الكتابة ،ب���ل يخلق توت���را بين والمواربة الداللية ،والتي تجعل الرؤيا موسومة
محف���ل اإلنت���اج ومحف���ل التلق���ي» ( أحم���د اليابوري، بالضبابية ،وهذا ما تعكسه روايته سرقسطة
،)901:3991لغاي���ة جمالية هدفها األس���اس هو دفع موضوع الدراسة ،والتي تشكل نوعا من الفرادة في
القارئ إلى التعامل الحذر مع النص ،ومع المتخيل. روايات الميلودي شغموم ،تتمثل في االشتغال على
إال أن رواية سرقسطة استطاعت تجاوز الطابع التعجيبي التاريخ والذاكرة والوعي بالزمن.
للعن����وان لتعبر م����ن خالله عن الفضاء ال����ذي تجري فيه تهدف هذه الدراسة إلى البحث في أشكال وطرق
أح����داث الرواي����ة ،هذا الفضاء الذي بق����در ما يحيل على اشتغال التاريخ في رواية سرقسطة ،وتسعى إلى
المكان بقدر ما يوحي للمتلقي برمزية تاريخية أساسية البحث في شعرية األسلوب الذي تقوم عليه ،من
في المتخيل العربي ،وهي البيئة األندلس����ية التي كانت خالل استقراء حدود التخيل التاريخي والتخيل
امتدادا للحضارة العربية والمغربية. اإلبداعي ،وفق منهجية تناصية تتقصى أشكال
يحيلنا العنوان على مدينة سرقسطة األندلسية التي التفاعل والتداخل بين النصوص واألشكال األدبية
تقع في ش���مال شرق إس���بانيا اآلن ،والتي كانت ذات والتراثية والثقافية التي تميز هذه الرواية ،في ضوء
أهمية بالغة في تاريخ المس���لمين باألندلس ،ال سيما ثالثة أسئلة إشكالية:
في القرن الثاني عشر الميالدي ،وتتمثل هذه األهمية كيف يتم اشتغال المعطى التاريخي داخل النص
في الصراع بين المرابطين في عهد علي بن يوس���ف الروائي؟
بن تاش���فين من جهة ،وبين ألفونس���و المحارب ملك ما الوظيفة الجمالية والداللية لهذا االشتغال؟
أراغون ،من جهة ثانية.
وما تأثير هذا االشتغال على شعرية الرواية؟
إن الرب���ط بي���ن العنوان وس���ياق الحكاي���ة ،من خالل
ق���راءة الفق���رات األولى منه���ا ،يؤكد أن ه���ذا العنوان ارتأينا اختيار ه��ذه ال��رواي��ة ألسباب ثالثة؛ أولها
ج���اء مبينا لفض���اء األحداث ،وهو فضاء سرقس���طة، اش��ت��غ��ال سرقسطة على ال��ت��راث وال��ت��اري��خ ،حيث
المدينة األندلس���ية التي سيتوجه إليها بطل الرواية اتخذتهما اس��ت��ع��ارة ل��م��س��اءل��ة ال��واق��ع السياسي
فا ًّرا من مراكش باح ًثا عن صديق لش���يخه المراكشي واالجتماعي والفكري المعاصر ،ثم نظرا لراهنيتها
بمدين���ة سرقس���طة ،ومن ث���م فإن العنوان يش���ير إلى باعتبارها نصا معاصرا يسعفنا في ق��راءة تجربة
هذه التجربة الجديدة للميلودي ش���غموم ،والمتمثلة روائية مغربية جديدة ،وهو سياق يشغل الباحث
ف���ي االش���تغال عل���ى التاريخ س���يرا على من���وال عدد المغربي في أشكال التجديد في الرواية المغربية
م���ن الروائيي���ن المغاربيي���ن الذين رأوا ف���ي التاريخ وال��ع��رب��ي��ة ع��م��وم��ا ،وأخ���ي���را ل��ب��ن��ي��ت��ه��ا الشعرية
والت���راث مالذا إلبداع رواية عربية خالصة ،تتخلص واألسلوبية التي يتجاور فيها التاريخ والتراث مع
من النموذج الغربي الذي عمر طويال ،عبر استنطاق المتخيل األسطوري والمعتقد الشعبي ،فهذه الرواية
الذاكرة العربية الغنية بتراثها ،مثل واسيني األعرج بقدر ما تالمس التاريخ وتنتقده بقدر ما تتجاوزه
والطاهر وطار وأحمد التوفيق وبنسالم حميش. على مستوى التخييل حين تركن إلى متخيالت أخرى
شعبية وأسطورية عبر التفاعل النصي والتفاعل
- 1-2المعطى الداللي: األجناسي.
تع���ود بنا الرواية إل���ى القرن الثاني عش���ر الميالدي -1تقديم الرواية:
لتحكي سيرة بطل ،غادر مراكش إلى مدينة سرقسطة
األندلس���ية ،حامال كتابا من ش���يخه أبي العباس إلى - 1-1قراءة في العنوان:
صديقه ابن عياش بسرقسطة ،وفي خضم هذه الرحلة إن رواي���ات الميلودي ش���غموم في مجملها قد أبدعت
تحك���ي تفاصيل األزمات التي حل���ت بكل من المغرب عناوي���ن يتخ���ذ فيه���ا التعجيب���ي والتغريب���ي مكانة
واألندلس في القرن الثاني عشر. خاصة ،كما هو الحال لعين الفرس وش���جر الخالطة
فبع���د أن س���اءت أحوال مراكش عاصم���ة المرابطين، ونجمة ترق���ص معي وبدر زمان���ه وغيرها ،فالعنوان
28
األزمنة احلديثة سعيد سهمي
العدد 13
29
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي -سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا- األزمنة احلديثة
العدد 13
هرغ���ة المصمودي���ة المس���تقرة باألطل���س الصغي���ر وفت���ح األندل���س ،اعتم���ادا عل���ى االس���ترجاع وعل���ى
بمنطقة س���وس األقصى ف���ي المغ���رب ،الرجل الورع اس���تدعاء الذاكرة« :وفيم أفك���ر حقا إن كنت أفكر؟ في
التقي»(الرواي���ة ،ص ،)17 .ه���ذا الرج���ل التق���ي الذي س���ليمان ب���ن الوليد ،وهو في دمش���ق ،يأمر طارق بن
سينش���ر مذهب���ه ،حي���ث ص���دق المغارب���ة بقوله»:إنه زياد وموس���ى ب���ن نصير بع���دم الدخول إلى دمش���ق
ف���رد زمان���ه صادق في قول���ه ،وأنه يمأله���ا (األرض) ( )...كنت أش���اهد طارق بن زي���اد هناك يخطب« :أيها
بالعدل كما ملئت بالجور ،وأن أمره قائم إلى أن تقوم الناس ،أين المفر « (الرواية ،ص.)4 .
الساعة» (ابن تومرت.)256 :1985 ، كما تقف على حدث عزل س���ليمان بن الوليد لموس���ى
كم���ا تس���ترجع الرواية محطات من تاريخ سرقس���طة بن نصير« :وعندما تولى الخالفة عزل موسى وأوالده
وقت���ل ابنه عبد العزيز بن موس���ى» (الرواية ،ص،)6.
وم���ا نس���ج عنه���ا م���ن أس���اطير م���ن قب���ل المؤرخين
وتصور الصراع القبل���ي في عهد المرابطين« :ألم تر
الذين اعتبروها «أس���طورية ب���كل معاني الكلمة فهي
كيف أن المرابطين عملوا على تهميش���نا ومراقبتنا،
مدينة ال يدخلها عقرب أو ثعبان من قبل نفس���ه ،وإذا
وكيف يديرون الصراع القبلي بين مجموعة صنهاجة
أدخ���ل إليها مات من س���اعته»(الرواية ،ص ،)48 .مع
الصحراء التي ينتمون إليها وباقي القبائل األخرى»
اس���تحضار وقائ���ع ذات عالق���ة ببعض الش���خصيات
(الرواي���ة ،ص ،)7 .إضاف���ة إل���ى تصويره���ا مظاه���ر
التاريخية ،كاإلش���ارة إلى ابن عياش وهو ش���خصية الوب���اء والجفاف الذي حل بالمغرب في القرن الثاني
علمي���ة وديني���ة ف���ي تاري���خ األندل���س ،والمقص���ود عش���ر أواخ���ر حك���م المرابطي���ن ،وما س���مي بالمحنة
بالرس���الة التي أرس���لها ش���يخ البطل إلى سرقسطة، الكب���رى« :إنن���ا ق���د نص���دق أو ال نص���دق أي ش���يء
الح َكم لمدينة وش���قة األندلسية،
واإلش���ارة إلى والية َ أيام المحنة الكبرى ،وما لم تر ش���يئا مما يش���يب له
ووص���ف التنكي���ل ب���ه من ط���رف الس���لطان من خالل الول���دان من غل���ب أو تنكر الزمان مما ي���ذل بعد العز
مكيدة دبرها لهُ ( .تنظر الرواية ،ص.)82 . أو فق���ط بعد الس���تر ( )...مم���ا يجعلك تبي���ع ابنك أو
وقد اس���تطاعت الرواية أن تقف ،في س���ياق التأريخ، أمك أو زوجك ،تبيع نفس���ك للشيطان أو ملك الموت»
على مواقف متع���ددة ذات ارتباط بالذاكرة الجماعية (الرواية ،ص.)9.
عموم���ا ،فالتاري���خ يلتق���ي دائما بمؤش���رات وتيمات ومم���ا يش���ير إل���ى الح���دث التاريخ���ي إش���اعة فك���رة
أخ���رى يتخذ فيها التراث بكل مش���اربه ،مكانة هامة، المه���دي المنتظر التي تبش���ر ببداية عهد حكم جديد
هك���ذا نج���د أن الرواية اس���تحضرت مقوم���ات أخرى هو الحكم الموحدي وظهور المهدي بن تومرت ،عبر
ذات أبعاد سياس���ية وفكري���ة ودينية وثقافية وصفت تكرار الرواية الزمة:
المرحلة التي تحكي عنها. «بسم الله
فسياس���يا؛ اس���تحضرت الص���راع ال���ذي نش���ب إبان إنه يفتح الدنيا شرقها وغربها
حكم علي بن يوس���ف والفتن التي طغت ،وكيف فشل والحمد لله»
األمير في تس���يير أمور مراكش ،كما صورت الصراع (الرواية ،ص.)9.
السياس���ي بين ملوك الطوائ���ف ،والصراع بين حكام
األندلس وملك قش���تالة الذي كان له النصر في نهاية وإشاعة المهدوية في الفترة التي تحكي عنها ،كانت
المط���اف ،وتذك���ر بسياس���ة المرابطي���ن ف���ي محاولة بداي���ة لدعوة ابن تومرت الموس���وم بالمهدي ،والذي
إخماد الثورات والحروب والفتن في األندلس. أق���ام دعوت���ه ف���ي المغرب بن���اء على فك���رة المهدوية
مدعيا أنه المقصود بالمهدي الذي بش���ر به الرس���ول
وعلى المس���توى الفكري والعلمي ،تقف الرواية على عليه السالم والذي يأتي في آخر الزمان ليمأل األرض
كس���اد س���وق العلم والثقافة في تلك المرحلة ،س���واء ع���دال بعد أن ملئت ج���ورا ،حيث صدقه المغاربة ،كما
ف���ي ب�ل�اد المغرب التي يمثلها البطل وش���يخه واألب وق���ف على ذلك المؤخون ،كم���ا يقول ابن خلدون» لما
كذلك ،أو في األندلس حيث يمثلها الشيخ ابن عياش كمل���ت بيعته لقبوه بالمهدي ،وكان لقبه قبلها اإلمام»
الذي كان موضوع سخرية حكام األندلس ،كما تسخر (ابن خلدون.)228 :1868 ،
م���ن انش���غال بعض العلماء باألم���ور الثانوية إرضاء
للس���لطان كتحري���م بي���ع الخمر ع���وض الخوض في وق���د راهنت عليه الرواية باعتباره المنقذ من كل تلك
مواجهة النصارى. المحن التي وقعت في نهاية عهد المرابطين« :فازداد
إيمان���ي وتمس���كي بدعوة أب���ي عبد الله اب���ن قبيلتي
30
األزمنة احلديثة سعيد سهمي
العدد 13
ولم تكتف بالشخصيات السياسية ،بل أشارت إلى واجتماعي���ا ص���ورت الرواي���ة تفاصي���ل المعان���اة
شخصيات أخ���رى ذات ارت��ب��اط بالعلم والمعرفة، االجتماعية التي عاشها سكان المغرب ،بشكل خاص،
أبرزها أبو العباس المراكشي ال��ذي قد يشير إلى في القرن الثاني عش���ر ،بسبب الجفاف ،وما نتج عنه
أب��ي العباس السبتي ،واب��ن عياش ال��ذي ع��رف في م���ن مجاعات أدت إلى أكل الجيف والنبات ،وبس���بب
كتب التاريخ بابن عياش الزناتي ،وهو أحد شيوخ الحروب والصراعات القبلية والمذهبية والسياسية
المالكية المتوفى سنة 618هــ ،كما أشار إلى الشاعر الت���ي جعل���ت الدولة تهمل المواطنين وتنش���غل بأمر
ابن حمدان أبي العشائر وعَ ْبر التضليل ذاته سماه إخماد الثورات والنعرات الطائفية.
اب���ن دح��م��ان ،وق���د ذك���ره ال��م��ق��ري ف��ي ن��ف��ح الطيب
واستشهد ببعض شعره ،مثل قوله: - 2-3الرواية والشخصية التاريخية:
أق��رأت منه ما تخط يد ال��وغ��ى ///والبيض تشكل وظ���ف���ت س��رق��س��ط��ة ش��خ��ص��ي��ات ت��خ��ي��ل��ي��ة ،وهي
واألسنة تنقط( .المقري التلمساني.)466 :1968 ، الشخصيات المشكلة ل�لأب��ط��ال ،وأب��رزه��ا السارد
الذي اتخذ له اسم أبي البهاء ،والذي يتمحور حوله
إن الشخصية التاريخية في الرواية الجديدة تلعب الحكي ،والشخصيات التي ساعدته في الرحلة إلى
وظيفة داللية ورمزية ،حيث تميل إلى إضفاء الطابع سرقسطة والتي اتخذت طابعا تغريبيا مثل مبروكة
ال��واق��ع��ي والتوثيقي ال��ف��وت��وغ��راف��ي على التاريخ أو بويريكة بنت بويريك ومحجوبة اللتين انتحلتا
المروي ،وفي الوقت نفسه تسعى إلى التماهي مع شخصية رجل.
ال��واق��ع ،م��ن خ�لال محاولة رس��م شخصية نمطية
تراهن عليها في العصر الراهن الذي تبئر عليه من والواقع أن البطل الذي اتخذ له الروائي اسم أبي
حيث الرؤيا. البهاء ،قد يكون استعارة فنية لشخصية تاريخية
عرفت بهذا االس��م وع��اش��ت المرحلة التي تتحدث
ومن ثم أمكن القول إن سرقسطة في الواقع تراهن عنها الرواية ،وإن اختلفت البيئة التي عاشت فيها،
على شخص مثل ابن تومرت له صفات غير عادية، ويتعلق األمر ببهاء الدين زهير الملقب بالبهاء زهير،
تشبه صفات المهدي ال��ذي يمأل األرض ع��دال بعد وهو شاعر مصري ينتمي إلى العصر األيوبي عاش
أن ملئت ج��ورا ،وال��ذي نحتاجه اليوم للخروج من بين 1186و 1258للميالد.
أزماتنا المتعددة ،حيث «يمكن أن نفسر اهتمام
الرواية العربية المعاصرة بالشخصيات التاريخية وقد تعايشت هذه الشخوص مع شخصيات وأعالم
التي اختارت المواجهة والتحدي ،والنضال ضد تاريخية ذكرت أثناء الحكي ،وهي المؤطرة للرؤيا
السلطة ،برغبة الروائيين في إسقاط تاريخ هؤالء وللحكاية وللذاكرة التاريخية ،فالرواية حين تسترجع
الثوريين على الحاضر ،ال��ذي هو أح��وج ما يكون ال��ت��اري��خ ،ت��ق��وم ب��ذل��ك ع��ب��ر ح��ك��اي��ات الشخصيات
إل��ى شخصيات ثورية تواجه الظلم ،وتقف بوجه التاريخية «وإذ تروي الرواية حكاياتهم فإنها ال تحكي
الظالمين»( .محمد رياض وتار.)123 :2002 ، عن حقيقة وجودهم وحسب ،بل تتناول أيضا معنى
هذا الوجود في وصفه حركة من الزوال والحضور.
- 3-4الرواية ومحاكاة الوثيقة التاريخية: فهي إذ تروي حقيقة المروي بحقيقة التأريخ ،تطرح
لم تص���رح الرواية بالكتب والمصادر التي اش���تغلت سؤالها على قدرة هذا المتخيل حين يواجه الكون
عليه���ا ،كما نجد ذلك عند بع���ض الروائيين اآلخرين؛ وال محدودية زمنه»( .يمنى العيد.)287 :2011 ،
مثل بنسالم حميش في العالمة ومجنون الحكم وهذا فقد وقفت الرواية في بدايتها على شخصية طارق بن
إشارات العتماد الروائي على
ٍ األندلسي ،غير أن هناك زياد وفتحه األندلس ،ثم موسى بن نصير المعروف
المؤرخي���ن كما يتضح ذلك في قول الس���ارد مصرحا تاريخيا بدوره العسكري في عهد األمويين ،وسليمان
بمرجعية التخيل»:وهذه سرقس���طة كما وقفت عليها بن عبد الملك الذي عرف تاريخيا بدوره الكبير في
ف���ي بع���ض أوراق المؤرخين»(الرواي���ة ،ص ،)48 .أو الفتوحات اإلسالمية ،والذي تسمه الرواية بسليمان
إشارته إلى خطبة طارق بن زياد. بن الوليد ( ُتنظر ال��رواي��ة ،ص ،)6.وشخصية ابن
كما يعمد الس����رد ،بين الفينة واألخرى ،إلى االقتباس ت��وم��رت ال��ذي ك��ان ل��ه الفضل ف��ي إع���ادة جمع كلمة
م����ن كتب أرخ����ت للمرحلة ،وذلك بغي����ر إظهار المصدر المسلمين وإخماد الثورات والنزاعات في كل من
المغرب واألندلس.
31
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي -سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا- األزمنة احلديثة
العدد 13
ع���دد م���ن الروائيي���ن الذي���ن ينتم���ون إل���ى المرحل���ة إال م����ن خالل وض����ع ال����كالم المنقول بي����ن مزدوجين،
الجديدة ،حيث يكمن الجانب الفني اإلبداعي للروائي وإس����ناده إل����ى راو من الرواة ،كما ه����و الحال لحديث
ف���ي م���ا يضيفه إل���ى الوثيق���ة التاريخية م���ن خياله، السارد عما وقع لمدينة بربشتر من غزو «روى شهود
فبعض الرواي���ات كانت وفية للوثيقة كما هو الحال عي����ان م����ن الفاري����ن أو الناجي����ن ،م����ن الواقع����ة« :لق����د
لرواي���ة مجن���ون الحكم لبنس���الم حمي���ش ،وروايات انه����ارت القن����اة التي كان يجري فيه����ا الماء من النهر
أخ���رى تج���اوزت الوثيق���ة ومال���ت أكثر إل���ى التخيل إلى المدينة ،ففسد الماء ...وسلب منها قائد الروم ألفا
عب���ر المحاكاة ،كما هو الحال لرواية هذا األندلس���ي وخمس����مائة جارية( »...الرواي����ة ،ص ،)66 .وهو نص
لحميش ،والرواية قيد الدراس���ة التي خلقت نوعا من مقتب����س ف����ي الواقع م����ن كتاب نفح الطي����ب من غصن
المفارقة بين المرجع���ي والروائي ،مما جعلها قريبة األندلس الرطيب للمقري التلمساني ،وقد تم تحويره.
إل���ى روح العصر ،فالهدف ف���ي الرواية التاريخية «ال ( ُينظر :المقري التلمساني.)450 449- :1968 ،
ينحص���ر ف���ي إمتاع الق���ارئ فقط باإلف���راط في تقديم والواضح أن الميلودي ش���غموم الكاتب الفيلس���وف،
األح���داث بل اس���تخدام الماضي لتصوي���ر الحاضر، وال���ذي ال َي ْخفى اهتمامه بالتاريخ وفلس���فة التاريخ،
والمستقبل ،واستنباط القيم منه» (ألن روجر:1986 ، يدفع المتلقي إلى الغوص في بعض الوثائق والكتب
.)62 التاريخية قصد إعادة معالجتها ونقدها ومساءلتها،
-2-5الرواية والوعي بالزمن :بين اشتغال كالكت���ب التي أرخت لعه���د المرابطين مثل كتاب نفح
الطي���ب المذك���ور ،والكت���ب الت���ي تحدث���ت ع���ن دعوة
الذاكرة وراهنية الرؤيا المهدي ابن توم���رت؛ من قبيل كتاب تجربة اإلصالح
ال تكتف���ي رواي���ة سرقس���طة بالتوثي���ق التاريخي ،بل ف���ي حركة المهدي ب���ن تومرت لعب���د المجيد النجار،
لجأت إلى نقد ومساءلة ما يقدمه التاريخ ،وهذا النقد وكت���اب أخب���ار المهدي بن تومرت ألب���ي بكر بن علي
يتضح من خالل اعتمادها أسلوب السخرية واألسلبة الصنهاجي ،حيث قام بتحويرها وتجاوز مضامينها
والتهجي���ن ،حيث تختلط المس���رودات والمرجعيات عبر السخرية والمبالغة والتغريب.
لخدم���ة هدف واحد أس���اس ،هو العمل على تقويض لق���د اس���تطاع الميل���ودي ش���غموم تجاوز م���ا يحكيه
الوثيقة التاريخية للتفاعل مع العصر والواقع. المؤرخ���ون ف���ي تعامله م���ع الوثيق���ة التاريخية ،ذلك
إن حض���ور ه���ذه الخصوصية النقدي���ة التي تتماهى أن التحوي���ر والتص���رف ف���ي األس���ماء كان واضح���ا،
م���ع التاريخ والتراث بغية نقده ومس���اءلته هي التي واألم���ر نفس���ه بالنس���بة لألح���داث التاريخي���ة الت���ي
تعطي للنص الروائي فرادته وخصوصيته ،وتجعله ل���م تكن نس���خة طبق األصل لم���ا يوثقه الم���ؤرخ ،بل
قابال للحياة ،حيث إن الروائي العربي «وهو يخترق اتخذت ش���كال مواربا ومخاتال يماهي بين التاريخي
عوال���م الت���راث المختلف���ة والمتع���ددة ،مطالب بعدم والروائي ،ويترك مس���افة بي���ن المرجعي والمتخيل،
الوق���وف عن���د بعض المظاه���ر واخت���زال التراث من وه���ذا م���ا يدع���و الق���ارئ إل���ى إدراكه ،حت���ى يتجنب
خاللها .إذ ال بد في كل الحاالت ،وفي كل المحطات من تل���ك القراءة التأويلية للوثائ���ق التي تم التخيل على
اتخ���اذ الرؤية العميقة من الواقع بما هي رؤية حيال ضوئها ،أو التناص معها.
الواقع ،والذات ،والعالم»(س���عيد يقطين ،عالمات ،ع. والش���خصيات الت���ي صنع���ت الح���دث التاريخي في
.)44 :2003 ،20 الرواي���ة اتخذت ،في مواقف متعددة ،بعدا أس���طوريا
تستحضر سرقسطة الماضي لنقد الواقع واستشراف وتعجيبي���ا ،لتكس���ير أف���ق انتظ���ار المتلق���ي ،وجعله
المس���تقبل من خالل أبعاد ورهانات تس���تقي مادتها يعيش متاهة البحث والمساءلة عبر تقنية التشويق،
من التاريخ نفسه ،وأبرز ما يحددها أسلوبيا اعتماد فتغ���دو الش���خصية التاريخية بذل���ك «مصدر إمتاع و
المح���اكاة الس���اخرة والنقد الالذع الذي يكش���ف عن تش���ويق ،يس���تمدها الكاتب من الحي���اة المحيطة به،
رؤي���ا الكاتب ،إذ ينتقد السياس���ي والديني والثقافي فتكون متماسكة منفردة متكاملة منسجمة ،و ممتلئة
م���ن خ�ل�ال وضع ح���د فاصل بي���ن التاري���خ والذاكرة حرارة و مقنعة فنيا ،تترك في أنفسنا أثرا أل َّنها أكمل
المس���ترجعة وبي���ن الواق���ع المعي���ش ،عب���ر ط���رح من الواقع» (أحمد طالب.)10 :2002 ،
تساؤالت أو اس���تعراض رأي أو السخرية من موقف إن محاكاة الوثيقة التاريخية هو عملية فنية اعتمدها
من المواقف على لس���ان الشخصيات ،ذلك أن الرواية
32
األزمنة احلديثة سعيد سهمي
العدد 13
النص األدبي يصبح أدبيا بالضرورة «فال شيء يمنع تق���وم « باس���تدعاء التاري���خ لي���س من أج���ل التأريخ
م���ن إزال���ة صفة األدبية عن القص���ة التي تحكي حدثا فحسب ،لتغدوالرواية تأريخا كما علم التاريخ سواء
واقعيا ( )...فس���ؤال الحقيقة ينتفي عندما نكون أمام بس���واء ،وإنما هواس���تدعاء من نوع آخر؛ اس���تدعاء
نص أدبي» (،)Tzvetan Todorov, 1987 : 12-13 إيح���اء وإحياء ،لمعالجة واقعة أومجموعة وقائع في
وم���ن ثم ض���رورة النظر إل���ى المعط���ى التاريخي في حي���اة األمة العربي���ة» ( أحمد بق���ارrevues. ،2016 ،
الن���ص الروائي باعتبار وظيفت���ه األدبية والجمالية، .)univ-ouargla.dz
ومن ثم وضع مسافة بين الوثيقة التاريخية ومحتوى فالس���ارد إذ يص���ف ح���ال الن���اس ف���ي ب�ل�اد المغرب
الوثيقة داخل المتخيل الروائي. واألندلس في القرن الثاني عش���ر ،يذكر القارئ حتما
هذه المس���افة التي تتركها الرواية بين سرد التاريخ بما يعيشه اإلنسان العربي اليوم من مأساة التشرذم
بش���كل مباش���ر ،واإلحالة عليه في ظروف وس���ياقات والصراع���ات الطائفي���ة والمذهبي���ة ،وع���دم التصدي
مختلفة ،هو ما ترك الحرية لألبطال باعتبارهم يمثلون للمش���اكل الحقيقية التي يتخبط فيها المجتمع ،ومن
ره���ان الرواي���ة وأبعادها ،في البوح بما ال يس���تطيع نماذج ذلك:
التاري���خ قوله ،وبذلك فالتخي���ل حاضر من خالل ترك «ص���ار بيننا قوم يصلون بالن���اس وهم ال يعلمون ما
الحرية للسارد في تجاوز المعطى التاريخي. يقولون ( )...ولكنهم يصدرون الفتاوى ويؤمون الناس
فق���د حرصت الرواية عل���ى تصوير الصراع الذي كان ويس���فهون كبار العلماء ،حتى أصبح أهل الفلس���فة،
عل���ى أش���ده من أجل الس���لطة ف���ي األندل���س وتكالب وعل���وم الرياضة والتنجي���م ،واالجته���اد والنصيحة
الح���كام الع���رب عل���ى مصالحه���م ،وفض�ل�ا ع���ن ذلك يخافون من بطش���هم ( )...وكث���ر بيننا األمراء الطغاة
تنتقد اس���تغالل الس���لطة والنفوذ س���واء في المغرب الناهبون ( )...وعظم ش���أن النس���اء باستيالئهن على
أو األندلس ،وتسخير الفقهاء لقمع الحريات الفكرية األحوال واس���تبدادهن باألمور ( )...وتش���بهت هؤالء
والفلس���فية ،والتي أدت إل���ى إحراق تاريخ فكري هام النس���وة بالرج���ال ومحاكاتهم والمنافس���ة لهم حتى
ف���ي الق���رن الثان���ي عش���ر المي�ل�ادي ،وه���و موقف تم أصب���ح الرج���ال يتش���بهون بالنس���اء « (الرواية ،ص.
التعام���ل ب���ه م���ع كل من خ���رج عن الطريق المرس���وم .)51
الموافق لما تم التواضع عليه. والرواية تتجاوز الفترة التي تحكي عنها لتتماهى مع
إن سرقس���طة تمثل نموذج الرواي���ة الجديدة الواعية العص���ر الراهن ،وهنا تكمن أهمية الرواية التاريخية
بالزم���ن ،ويتمثل هذا الوعي في جمعها بين الماضي الجديدة على مس���توى الرؤيا ،حي���ث تختار التاريخ
والحاضر ،واس���تحضارها لقيم تاريخية لمس���اءلتها لتنتق���د أو تصور أو تس���ائل الراه���ن ،فهي تعود إلى
وطرح بدائل ورهانات مس���تقبلية ،وهي ،ش���أنها في التاريخ «لتقول قولها في معنى الزمن وفكرة الوجود»
ذلك ش���أن الرواية الجديدة بش���كل عام ،تكسر مفهوم (يمنى العيد.)294 :2011 ،
زم���ن الحكاية لتش���تغل على الماضي بلغ���ة الحاضر ولعل الزم���ن الحكائي الذي اخت���اره الروائي ينطبق
ورؤي���ا الراه���ن ،فنتحدث بذلك ال ع���ن زمن ،ولكن عن كثي���را عل���ى المرحل���ة الراهن���ة ،ال س���يما ف���ي تراجع
زمانية كما عبرت عن ذلك يمنى العيد« :ينحو خطاب العرب عن القيادة ،وانتصار الغرب أو الفرنج ،بعد أن
الرواي���ة الذي يروي ع���ن التاريخ ،أي عن زمن مضى، أهم���ل العرب العلم والمعرفة»:لم يعد الناس يقرؤون،
إلى زمانية ،أي إلى فهم يتعدى الماضي إلى مستقبل عكس ما كانوا يفعلون من قبل ( )...أصبت بشيء من
ه���و إمكان يخ���ص الوج���ود اإلنس���اني برمته»(يمنى الخيبة :كنت أريد ،من عمل الوراقة ،أن أعرف ما يقرأ
العيد.)293 :2011 ، الن���اس ،كل الن���اس في هذه المدين���ة ،وفيما يفكرون،
يتأتى هذا الوعي من خالل تعالق الماضي والحاضر بينما عيني على بالد الفرنج» (الرواية ،ص.)67 .
والنظرة المس���تقبلية ،وبالتال���ي تحقق على نحو ما إن رواية سرقس���طة ال تنس���ج مادتها الحكائية على
الوعيي���ن الكائن والممك���ن الكولدماني ،وبذلك «يمكن التاريخ بش���كل مباش���ر ،وإنما تس���تعير ه���ذه المادة
أن نعتب���ر الرواي���ة التاريخي���ة ( )...المح���ل األفض���ل التاريخية واألبطال التاريخيين ،والعلماء في عالقتهم
ال���ذي تجد في���ه جدلية الواقع والممكن أنس���ب مجال بالساس���ة والفقهاء والصوفية ،لخدمة رؤيا يصنعها
للتحق���ق» (Michel Vanoostyse , 1996 : 63 المتخي���ل الروائي ال الواقع ،على اعتبار أن ما يدخل
33
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي -سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا- األزمنة احلديثة
العدد 13
م���ع النص���وص األخ���رى وم���ن مخزون���ات الذاك���رة ) ،وم���ن خ�ل�ال رؤيته���ا االستش���رافية الت���ي توصف
والالوعي»(محم���د ب���رادة ،)7 :2003 ،ف���إن ه���ذه بأنها «رؤيا جامحة في ثنايا المس���تقبل ،رؤيا فكرية
الخاصي���ة تتأكد أكثر في الرواي���ة ،حيث يمكن القول وأدبي���ة وإبداعي���ة تقف���ز فوق ش���رفات متع���ددة ()...
إن���ه ال تخل���و رواية م���ن الروايات من طاب���ع التناص فاالستش���راف قف���زة فوق المس���لمات الس���ائدة ،قفزة
والتعدد الصوتي ،مهما اختلفت أشكالها وتجاربها، تكش���فها رؤيا األديب ،الفن���ان وترصدها قبل وقوعها
وم���ن هن���ا الحضور الق���وي لنظرية باختي���ن النقدية لتس���كب ضوءا فوق جسد األحداث والتحوالت» (عبد
في الرواية ،فكالم الش���خصيات ومواقفها ،وتدخالت الرحمان العكيمي.)17-18 :2010 ،
الروائ���ي عبر الش���خصيات أو عبر الس���ارد ،ال يمكن هك���ذا يصب���ح الوع���ي بالزم���ن في سرقس���طة متمثال
أن تغني���ه عن التفاعل مع أص���وات أخرى اجتماعية، في استرجاع الس���ارد لألحداث التاريخية الماضية،
أو ع���ن نص���وص أخ���رى أو حت���ى أجن���اس أدبية أو ومحاول���ة صهره���ا في الحاضر ال���ذي يتعايش معه،
غي���ر أدبية ،وه���و ما يضمن الحي���اد للمؤلف ويجعل من أجل تجاوزه بالنظر للمس���تقبل واستشراف واقع
النص���وص تنت���ج ذاته���ا عب���ر تفاعله���ا م���ع بعضها ممكن قادم ،فيك���ون التأويل الداللي الرامز ،المحتمل
البعض»فاألعمال األدبية تنتج نفس���ها ،والنصوص طبع���ا ،ه���و أن عصرن���ا ش���بيه ،إل���ى حد م���ا ،بالفترة
هي التي تنتج النصوص ،وتخاطب ذاتها بمعزل عن المتأخ���رة للدول���ة المرابطي���ة ،حيث يصب���ح الرهان
مقصدية الكاتب» (.)Heinrich Plett, 1991 : 193 قائما على تحول اجتماعي ممكن.
والرواي���ة المغربي���ة الجدي���دة احتف���ت بش���كل أكب���ر ونظرا لكون المثقف الذي يمكن المراهنة عليه لقيادة
بالتناص من خالل رجوعها إلى التراث العربي ،وذلك هذا التحول ،والذي مثله في الرواية أبو البهاء ،نظرا
رغب���ة منه���ا في «توكي���د الهوية ورس���م االختالف من لكونه يعيش بدوره األزمة ،ومن ثم استحالة التغيير،
خ�ل�ال المقاومة اإلبداعية التي تعتبر محاولة لنقض فقد راهنت الرواية على األسطوري كما يمثله المهدي،
المفه���وم الكولونيال���ي للعالمي���ة» (أحم���د فرش���وخ، غي���ر أن الصعوبة تكمن في ك���ون الواقع الحديث من
،)9 :2010عبر التفاعل مع المكون الثقافي والتراثي الصعب أن يؤمن بهذا األسطوري بالطريقة التي آمن
العرب���ي وإدماجه في عملي���ة التخيل؛ ويمكن أن نقف به���ا مغاربة القرن الثاني عش���ر ،وهن���ا تبقى القراءة
عل���ى بعض أش���كال التفاع���ل النصي في سرقس���طة، مفتوحة والتأويل ساريا.
عبر تقنية المناصات ،واعتماد استراتيجية التناص
والتفاعل مع األجناس األدبية والسردية. وم���ن هن���ا أمكن التأكيد على أن وع���ي المبدع بالزمن
حاضر في عملية الكتابة ،وهو وعي منبثق عن تجربة
- 3-1المناصات بين وظيفة التبويب الكاتب من خالل ما راكمه من تجارب إبداعية سابقة،
والمواربة الداللية: وم���ن تجارب أخ���رى ذات صلة بالحي���اة وبالمجتمع،
عل���ى اعتبار أن «الموضوعات األدبية تتبلور وتكتمل
تق���وم الرواي���ة على ع���دد من المناص���ات ،التي تدخل خصوصيته���ا ع���ن طري���ق تراك���م المع���ارف وتعاقب
فيم���ا يس���ميه محمد بنيس بالنص الموازي وس���عيد األيديولوجي���ات داخ���ل وع���ي المبدعين»(عبد الفتاح
يقطي���ن بالمن���اص ،والت���ي اتخ���ذت ش���كل عناوي���ن أحمد يوس���ف ،)176 :2007 ،وذلك ما ال يمكن إنكاره
متفرع���ة نظم���ت فصول الرواي���ة ،وق���د انتظمت وفق ف���ي أي تجرب���ة إبداعي���ة ،وه���و م���ا يجعلن���ا نؤكد أن
بنية تسلسلية وافقت تطور األحداث ،وإن كان الغالب الرواي���ة الجدي���دة رواي���ة تحم���ل رؤية للعال���م ورؤيا
عل���ى ه���ذه الرواي���ة كونه���ا ال تخض���ع لبنية ونس���ق متط���ورة تعب���ر ع���ن وع���ي الكات���ب ووع���ي الجماعة
وحبك���ة بالمفهوم الش���كالني ،بحيث تب���دو األحداث أيضا.
مرتبكة والمش���اهد متشظية ،وهي خاصية أيضا من
خصائص الرواية الجديدة. -3سرقسطة بين التفاعل النصي
اعتمدت الرواية على أربعة وعش���رين مناصا ،شيدت
فص���ول الرواي���ة وأدت وظيفة التبوي���ب ،وقد جمعت
وتفاعل األجناس السردية:
بي���ن طابع التأريخ وطابع التخي���ل الذي يطغى عليه إذا كان األدب بش���كل ع���ام لي���س ل���ه موض���وع ثابت،
األسلوب العجائبي .فمن جملة المناصات التي تحمل كم���ا يق���ول محمد ب���رادة ،وإنما « ينوج���د على تخوم
حمول���ة تاريخية عبر اإلش���ارة إلى الزمان أو الفضاء األجن���اس التعبيرية والخطابية ويتغذى من التفاعل
34
األزمنة احلديثة سعيد سهمي
العدد 13
مركب موجود س���لفا ،وأن أي نص هو (تحويل) لهذا التاريخ���ي «ب���اب األندل���س» و»خ���ان إب���رة» و»قنطرة
المركب».)Tzvetan Todorov,1970 :11( . بربشتر» و»يوم سرقسطة».
ورواية سرقس���طة تبني كيانها على سجالت مختلفة وم���ن المناصات الدال���ة على التاري���خ والتي اتخذت
ومتنوع���ة؛ تاريخي���ة وديني���ة وأس���طورية وصوفية، بعدا تغريبيا وتعجيبيا؛ «المشعل المنير» التي تشير
ولعل المس���افات الزمنية بين ه���ذه النصوص فضال إلى المهدي في ثقافة الموحدين والدالة بشكل خاص
عن اختالف مقاماتها وسياقاتها الثقافية والتاريخية على ابن تومرت ،ومناص «كما كان يكون» في إش���ارة
ه���و ما يجع���ل القارئ متفاعال معه���ا مدعوا إلى ملء إلى أن المهدي يمأل األرض عدال بعد أن ملئت جورا،
فراغاتها وإعادة بنائها. وم���ن ذل���ك «حم���ار حصن المنك���ب» ال���ذي يحيل على
هك���ذا نج���د ه���ذه الرواي���ة تس���تحضر المقتبس���ات مدينة المنكب وهي من المدن األندلسية المعروفة.
النصي���ة والتضمين���ات المرجعية الت���ي امتزجت مع والواض���ح أن اعتماد المناص في سرقس���طة لم يكن
الن���ص األصل���ي وتفاعل���ت مع���ه ،مما جع���ل الخطاب ش���ارحا وموضحا للسياق ،كما هو الحال للمناصات
الروائي موس���وما بالتعددية واالنفتاح الداللي خدمة والعناوين الشارحة التي تعتمدها الرواية التاريخية
للرهان���ات األساس���ية للكاتب ،والت���ي يهمنا منها في لمس���اعدة المتلق���ي على فهم الس���ياق ،ب���ل كانت في
هذا الصدد الجانب التاريخي أي أهمية اس���تحضار األع���م األغل���ب تمي���ل إل���ى التغري���ب وإل���ى المخاتلة
المعطيات التاريخية التي يصورها الس���ارد ،ينقدها إلرباك المتلقي ،ودفعه إلى وضع مسافة بين المرجع
ويراهن من خاللها على الحاضر والمستقبل. التاريخي واإلطار التخيلي للحكي.
وم���ن ث���م يمك���ن اعتبار التن���اص في ه���ذه الرواية ذا وم���ن جه���ة أخ���رى ،تحق���ق ه���ذه المراوغ���ة الداللي���ة
أهمية كبيرة في إضاءة أحداث الرواية التي تش���تغل للمناصات ،في عالقتها بالنص ،تكس���ير أفق انتظار
على التاريخ ،كاإليهام بالواقعية ،بالنس���بة للمحكي، القارئ كخاصية جمالية ،فالنص ،حس���ب ياوس ،إذا
وإب���داء الميل إلى االس���تدالل والبرهن���ة ،ومن جانب ل���م يخي���ب التوقعات» فإنه يقترب م���ن أن يكون نصا
آخ���ر نج���د أن تباع���د النص���وص الموازي���ة للخطاب عاديا مألوفا ،أما إذا تجاوز أفق التوقعات فإنه يكون
الروائي على مس���توى الزمن ،دليل على وعي الكاتب عم�ل�ا من أعمال الفن الراقي»( .رامان س���لدن:2006 ،
بأهمي���ة األس���لوب التاريخ���ي في توصي���ف الحاضر .)484
والمراهن���ة عل���ى المس���تقبل ،فض�ل�ا ع���ن إيمانه بأن وه���ذه المالحظ���ة تنطب���ق أيض���ا عل���ى المناص���ات
المحكي التاريخي ال زمن له. األخرى التي ارتبطت بجوهر الحكاية وس���ياق المتن
إن التاريخي في الرواية لم يأت مبتورا ،وإنما جاء في الحكائ���ي مث���ل «حص���ان بويريك���ة» ،عل���ى اعتبار أن
سياق أسلوبي قائم أساسا على التناص والحوارية، بويريك���ة من أبطال الرواية ،و»لب���ن الطير» ،و»أحالم
حي���ث إن الذاك���رة التاريخية امتزج���ت مع مرجعيات الصب���ا والرش���د» ،و»خم���رة الروح» ،و»أج���ل الكتاب»
أخرى دينية وأدبية وشعبية وأسطورية ،وأثرت على ال���ذي أوم���أ إلى نهاي���ة الرواية ونهاي���ة الكتاب الذي
اللغة أيضا فامتازت بدورها بالتعدد والتهجين. يحمله البطل إلى الشيخ ابن عياش.
اعتم���دت سرقس���طة التناص التاريخي عبر اإلش���ارة - 3-2استراتيجيات التناص وإغناء المحكي
بي���ن الفين���ة واألخ���رى إل���ى نص���وص تاريخي���ة ،من
خ�ل�ال التفاع���ل النصي الصريح م���ع نصوص أخرى التاريخي:
أو عبر تقنية اإللماح أو التلميح « :لقد انهارت القناة ي���رى جي���رار جينيت أنّ النص ّ
قل ما ي���رد «عاليا» أي
الت���ي كان يجري فيها الم���اء( (»)...الرواية ص،)66 . ال بذاته أو منغلقا على ذاته ،بل إن النصوص مس���تق ّ
وهو تناص اعتم���د تقنية االقتباس انطالقا مما جاء ف���ي األعم األغل���ب تتعالق مع نص���وص أخرى ،وهي
ف���ي كتاب نف���ح الطيب للمق���ري ،أو قوله «سرقس���طة ما يطل���ق عليه���ا المتعاليات النصي���ة والتي حددها
أس���طورية ب���كل المقايي���س» (الرواي���ة ،ص ،)48 .أو ف���ي خمس���ة أنماط ه���ي :معمارية الن���ص -التناص-
نقل���ه خطب���ة طارق « أيه���ا الناس» في بداي���ة الرواية الميتان���ص -المناصة والتعالق النصي ،على اعتبار
أو اإلشارة إلى المؤرخين من قبيل «كما عثرت عليها أن النصوص األدبية والس���ردية بشكل خاص تتفاعل
ف���ي كتب المؤرخين» ،كم���ا يحضر التناص التاريخي م���ع نصوص أخ���رى ،فالنص كيفم���ا كان نوعه «نتاج
35
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي -سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا- األزمنة احلديثة
العدد 13
(الرواي���ة ،ص ،)17.أوقول���ه« :واش���تغلوا بالتوحيد عبر التماهي مع التاريخ الرس���مي من خالل اعتماد
فإنه أساس دينكم» (الرواية ،ص.)17 . أس���لوب الم���ؤرخ ،وتتبع���ه األح���داث التاريخي���ة في
كم���ا وظفت الرواية التناص مع التراث الش���عبي ،من العصر الذي تتحدث عنه الرواية.
قبي���ل» ال تحك جلدكم بغير ظفركم «(الرواية ،ص)84. وإلى جانب التناص التاريخي ،يحضر التناص الديني
أو»ص���ارت بذكره���ا الركبان»(الرواي���ة ،ص )126.أو م���ن خالل التماهي مع أس���لوب القرآن أو الحديث أو
«ن���اري عل���ى قبض���ة لعم���ى» (الرواي���ة ،ص ،)40.كما اإلش���ارة إليهما عبر أس���لوب االقتباس ،مثل« :الحمد
وظفت التناص األدبي من خالل استلهام األدب شعرا لله الذي خلق آلدم من نفس���ه خليلة تؤنس���ه وتغويه
أو نثرا ،ومن ذلك: ليتعل���م التميي���ز بي���ن الفضيل���ة والرذيل���ة» (الرواية
ثالثة ليس لها أمان///البحر والسلطان والزمان ص ،)65 .ف���ي تن���اص مع قوله تعالى»ي���ا أيها الناس
اتق���وا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها
(الرواية ،ص.)117. زوجها» (س���ورة النس���اء ،اآلية ،)1وقد تمت أسلبتها
أو تضمينه قول الشاعر: للتعبي���ر عن فكرة اإلغواء ف���ي المتخيل الثقافي ،كما
أضف���ى على ذلك طابعا س���اخرا بقوله « :وتعطيه من
إن الملوك مع الزمان كواكب ///نجم يطالعنا ونجم آفل
الولد والمشاكل نصيبه» (الرواية ،ص.)65 .
(الرواية ،ص.)97 .
ومن أش���كال هذا التناص قول الس���ارد« :اللهم اجعل
وإل���ى جان���ب التن���اص تب���دو الحواري���ة واضحة في المالئك���ة يقاتلون معنا والش���ياطين كذلك» (الرواية،
الرواي���ة ،م���ن خ�ل�ال تع���دد المواق���ف والخطاب���ات؛ ص ،)112 .ف���ي تن���اص مع اآليات الواردة في س���ورة
حيث تتفاع���ل مجموعة من الخطاب���ات داخل النص، األنفال حول مشاركة المالئكة في المعارك إلى جانب
كالخط���اب السياس���ي والخط���اب الدين���ي والخطاب المس���لمين ،منه���ا قوله تعال���ى« :إذ تق���ول للمؤمنين
التاريخي ،فضال عن التعدد اللغوي الذي استحضرت أل���ن يكفيكم أن يمدكم ربك���م بثالثة آالف من المالئكة
من خالله الرواية اللغة الدارجة إلى جانب الفصحى، منزلين ،بلى إن تصب���روا وتتقوا ويأتيكم من فورهم
مما منح الشخصيات حرية التعبير عن مواقفها ،وفي هذا يمددكم ربكم بخمسة آالف من المالئكة مسومين»
الوقت نفس���ه أزاح اله���وة بين عصرين؛ القرن الثاني (األنف���ال .)124-125 ،وبأس���لوب س���اخر أض���اف
عش���ر والعصر الراهن ،كما يتضح ذلك من خالل هذا «والشياطين كذلك».
الشاهد:
أما التناص مع الحديث النبوي ،فيعبر عنه االقتباس
« -يمكن���ك اآلن أن تش���كرني على حس���ائي الس���حري أيض���ا ،عبر االستش���هاد مثال بحديث الرس���ول صلى
الذي أعاد إليك العافية! الل���ه عليه وس���لم»إذا بوي���ع خليفتان ب���أرض فاقتلوا
طاوعني لساني: اآلخ���ر منهم���ا» (الرواي���ة ،ص ،)87 .وإن كان أص���ل
الحدي���ث ،كما ورد في صحيح مس���لم ،ق���د جاء بلفظ:
شكرا ،الله يجازيك بخير» (الرواية ،ص.)32. «إذا بوي���ع لخليفتين ،فاقتلوا اآلخر منهما»( .مس���لم،
أو قوله« :والله ما عندي ما أتصدق به ،الغالب الله»! حديث رقم .)1853
(الرواية ،ص ،)12 .حيث تبدو الدارجة وكأنها صوت إل���ى جان���ب ذلك تعتم���د الرواية التناص م���ع الثقافة
ش���خص من عالم آخر غير زمن الحكاية ،يضفي على الصوفية ،التي تحضر بشكل كبير من خالل اإلشارة
حواره مع الشخصيات األخرى صوته الداخلي الذي إلى كرامات أو مناقب ذات بعد صوفي ومنقبي ،مثل
يحوجه إلى التعبير بلغته الدارجة. توصي���ف المه���دي «إنه يفتح الدنيا ش���رقها وغربها،
إن الرواي���ة تض���ع ح���دا مفصلي���ا بي���ن التاريخ���ي وكما كان في األول سيكون في األخير أنثى» (الرواية،
والروائ���ي ،أو بي���ن الواقع���ي والخيال���ي ،حيث يبدو ص ،)94 .أو تعريض الس���ارد أسلوبيا بقيم وصفات
للمتلق���ي وكأن الس���ارد معاصر لنا س���افر عبر الزمن ذات بع���د صوفي م���ن قبيل «خمرة ال���روح» (الرواية،
ليعي���ش الق���رن الثان���ي عش���ر ،أو كأن���ه يس���رد حلما ص ،)109 .والتوحي���د عن���د الصوفية الذي يرقى إلى
عاش���ه ،وم���ن ث���م كان التعجي���ب والتغري���ب واضحا درج���ة انصه���ار األديان في دين واح���د كقوله البديع:
ف���ي الرواي���ة ،واتخذت األحداث بعد فنطس���تيكيا في «وم���ن تعلم توحيده خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»
36
األزمنة احلديثة سعيد سهمي
العدد 13
التح���ول ف���ي خطاب الن���ص الروائي م���ع دخول ذات كثي���ر من األحيان ،ومن ث���م كان الموقف من األحداث
المؤلف مساحة التخييل هو معنى الخيال والتخييل المس���رودة ملفوفا بالتفنيد والنقد والس���خرية ،وهو
من جه���ة ،ومفهوم الواقع والحقيق���ة من جهة ثانية» م���ا أضفى على الخطاب التاريخي نوعا من التهجين
(زهور كرام.)39 :2013 ، واألسلبة.
ويف���رض هذا الس���ؤال أكثر ذاته عندم���ا يتعلق األمر ولع���ل نقل الخط���اب التاريخي والتراث���ي إلى النص
بسرد سيرة ذات غير ذات المؤلف ،أو ذات مستعارة الروائي عب���ر كلمات ونصوص اآلخرين ،أضفى على
تستحضر فكره ورؤياه كما هو الحال في سرقسطة، المحك���ي حي���اة جديدة وجع���ل المرج���ع يتعايش مع
أو بتعبي���ر آخر تعبر عن أس���طورته الش���خصية على راهني���ة هذا المحكي م���ن خالل التن���اص ،وإن كانت
اعتبار أن النص في تش���كله وبناه وش���خصياته «هو ذاكرة ه���ذا المنقول تحتفظ بحياته���ا ،ما دامت كلمة
في حقيقته يقوم على حفظ أسطورة الكاتب الخاصة اآلخر ،حسب باختين «تحتفظ بحياتها حين تنقل من
ب���ه» (جم���ال مقابل���ة ،)17 :2006 ،ه���ذه األس���طورة لس���ان إلى آخر ،أو من س���ياق إلى آخر ،أو من طبقة
«تخض���ع لتطور دائم ،نتيجة الس���تمرار الصراع بين اجتماعي���ة إلى طبق���ة اجتماعية أخ���رى» ( Mikhail
مبدأ الذات ومبدأ الواقع» (نفسه ،ص.)17 . .)Bakhtin, 1984 : 201
فالس���ارد اعتم���د ضمير المتكلم في س���رده لألحداث، - 3-3تفاعل األجناس السردية في
وبدا كما لو أنه صوت الروائي عبر لعب دور شخص
مع���روف تاريخي���ا وقد اتخ���ذ من «أبي البهاء» اس���ما سرقسطة:
له ،كاس���م مس���تعار ،كما يبدو ،للش���اعر البهاء زهير، إن الرواي���ة وهي تع���ود إلى التاري���خ غالبا ما تحمل
تعبي���را عن وضعي���ة المثقف العربي وهم���وم ،وهو معه���ا المكون الثقافي والتراثي للمرحلة التي تحكي
يؤدي هنا وظيفة حمل رس���الة من شيخه إلى صديق عنها ،أو لمراحل تاريخية أخرى ،وهذا ما نجده عند
هذا الش���يخ ،ومن ثم بدت الس���يرة كما لو أنها سيرة معظم الروائيين الذي���ن تعاملوا مع التاريخ بدءا من
ذهنية تحكي عن مقطع من حياته. جم���ال الغيطان���ي ،حيث اقترن���ت اس���تعادة التاريخ
والسيرة الذاتية تتجلى هنا هي صوت المؤرخ الذي عند بعضهم باس���تعادة «خطابات وأش���كال تاريخية
يظه���ر بين الفينة واألخ���رى انفصاله عما يحكيه عبر تتواش���ج م���ع الن���ص لتبل���ور تجلي���ات ش���كلية له���ا
وض���ع مس���افة بين ما يق���رأ في «كت���ب المؤرخين» و انتس���اب على التراث األدبي العرب���ي» (محمد برادة،
بين ما يش���اهده وما يصدق���ه ،ومن هنا يخرج البطل ،)85 :2003مما يفسر الحضور القوي لمشكل الهوية
الخيالي عن كينونته الورقية ليعانق الواقع كشخصية الروائي���ة عن���د هؤالء ،ليثبت���وا أن للرواية جذورا في
حقيقية ،يقول الس���ارد « :أكتف���ي بالقول :إننا نصدق الثقافة والتراث العربيين.
أو ال نص���دق ،أي ش���يء أيام المحن���ة الكبرى ،وما لم ذل���ك أن التناص الذي ميز سرقس���طة وازاه نوع من
تر ش���يئا مما يش���يب ل���ه الولدان» (الرواي���ة ،ص،)9 . التفاعل األجناس���ي الذي تعاي���ش جنبا إلى جنب مع
ويق���ول ف���ي نهاية الرواي���ة « :ولماذا ل���م أكن أرى في النص اإلطار أو الحكاية األساسية ،فبدا وكأن الرواية
واقع الحال وقتها أي بصيص من النور كأنني أعمى وظفت مجموعة أخرى من األجناس الس���ردية والتي
يحكي له مبصر ما يريد؟» )الرواية ،ص.)144 . تب���دو م���ن خ�ل�ال توظيف أس���لوبية تل���ك النصوص،
فاعتماد أسلوب الس���يرة انطالقا من ضمير المتكلم، وأهم ه���ذه األجناس التي عمل الروائي على صهرها
ومن تقمص دور الشخصية التاريخية لتأدية وظيفة م���ع النص نجد الس���يرة الذاتية والحكاية الش���عبية
الحك���ي واس���ترجاع معطيات تتعل���ق بالذاكرة ،جعل واألسطورة والرحلة.
التراب���ط حاص�ل�ا بين الخط���اب التاريخ���ي الجمعي
وخط���اب ال���ذات الكاتب���ة ،وه���و اس���تدعاء يمكن معه
أ -التفاعل مع السيرة:
التأكي���د عل���ى أن «الكتاب���ة الروائي���ة ت���ورط تاريخي ال ش���ك أن الرواي���ة العربي���ة الجدي���دة ف���ي عمومه���ا
لذات كاتبة تبحث عن أجوبة ألس���ئلة يطرحها الوعي تعتمد في حكيها على الس���يرة ،ذلك أن الس���ارد غالبا
الجمع���ي ف���ي صيرورته التاريخي���ة» (محمد الدوهو، ما يعتمد أس���لوب الس���يرة عبر استحضار الذات في
،)63 :2010فيصب���ح القارئ من ث���م يطل على ذاكرته الحكي مما يطرح أس���ئلة متعددة حول المس���افة بين
المتخي���ل والذات���ي ،و»لعل أه���م س���ؤال يقترحه هذا
37
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي -سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا- األزمنة احلديثة
العدد 13
أسطرة الحدث وجعله يبدو خارقا للعادة ،وفي إضفاء م���ن خالل بؤرة نظر الروائ���ي ،ويكون رهان الروائي،
صبغ���ة المعجزة أو خرق العادة لبعض ش���خصيات باعتب���اره مرس�ل�ا ومرس�ل�ا إلي���ه ف���ي اآلن ذات���ه ،هو
الرواية ،من ذلك أس���طورة المه���دي الذي يطغى على الذاك���رة الجماعي���ة والوع���ي الجمعي ،الذي يس���ائله
الرواي���ة ويتخذ له م���كان قوة فاعلة ف���ي الحدث ،كما بحثا عن أجوبة تهم اإلنسان المعاصر ،بشكل عام.
ل���و أنه العامل الموض���وع ( ،)actant objetفما جاء
م���ن أح���داث في الرواية ومن أح���داث تاريخية رهيبة ب -التفاعل مع الحكاية العجيبة:
في المغرب واألندلس هو المبش���ر بالمهدي المنتظر لع���ل التماهي بين الرواية والحكاية العجيبة واضح
الذي يمأل األرض عدال بعد أن ملئت جورا وقد انتهت ج���دا ف���ي سرقس���طة ،م���ن خ�ل�ال اعتماد الش���خصية
به الرواية كخاتمة لها: العجيبة ،عبر شخصيات اتخذت لها سمات عجائبية،
«إنه يفتح الدنيا شرقها وغربها مث���ل بويريك���ة بنت بويري���ك ،والداودية ،وحس���نون،
ونزه���ون ،وهي ش���خصيات ذكورية أنث���ت أو أنثوية
وكما كان في األول سيكون في األخير ذك���رت ،وش���خصيات أخ���رى تماهت م���ع الحيوانات
والحمد لله ! « (الرواية ص.)144 . مث���ل خنزيرة ،ومن خالل ه���ذا التحول عبرت الرواية
عن المس���خ وتحول القيم في المجتمع ،واس���تثمرت
وهو في الرواية يشير إلى المهدي بن تومرت ويبشر
التعجيب الحكائي والخرافي الذي يعتمد الس���خرية
بالعهد الموحدي ،وقد وصفته الرواية بصفات خارقة
والضحك أسلوبا للتمويه والمراوغة.
من قبيل كونه «بحرا متفجرا من العلم وشهابا واريا
م���ن الدي���ن « (الرواي���ة ،ص )17 .وأنه إم���ام معصوم كم���ا يب���دو ه���ذا التماه���ي م���ع الحكاي���ة العجيبة من
«وال يكون اإلمام إال معصوما ليهدم الباطل ( )...وإنه خ�ل�ال الحدث العجيب ،ومن ذل���ك الكتاب الذي تظهر
فرد في زمانه ،وإنه يقطع الجبابرة والدجاجلة ،وإنه كلمات���ه وتختفي ،وبعض األح���داث التي طغت عليها
يفتح الدنيا شرقها وغربها» (الرواية ،ص.)18 . المبالغ���ة مثل قول الس���ارد»:وما تزال الطير تأكل من
ال���رؤوس المعلق���ة على أبواب الم���دن» (الرواية ،ص.
كم���ا أوردت الرواية بعض األحداث التي تتخذ طابعا
،)97أو م���ا أورده حول التنكيل بس���كان بربش���تر أو
أس���طوريا مثل وصف المحج���وب« :كان طوله يقارب
حكاي���ة «المصدقة على نفس���ها» و»العاهر المتزوجة»
المتري���ن ووزن���ه ال يق���ل عن ط���ن ونص���ف» (الرواية،
أو حكاي���ة الش���هالء ،أو حكاية الحص���ان الذي لحس
ص ،)21 .وم���ن ذل���ك كي���ف أن المحج���وب تحول إلى
وجهه ،وهو حصان « ال يلحس سوى وجه من يحب»
محجوبة ومبروك تحول إلى مبروكة.
(الرواي���ة ،ص ،)31.ب���ل إن الس���ارد يح���اور الحيوان
فقد حرصت الرواية على وصف الشخصيات بميسم ويكلمه:
يطبعه األس���طوري والغرائبي ،عب���ر تصوير التحول
«غير أن الحمار صرخ في وجهي:
ال���ذي يق���ع للش���خصية فيحيلها م���ن ذكر إل���ى أنثى،
والعك���س ،وم���ن خالل بطل أس���طوري غائ���ب وفاعل، -أنثى ال أثان ،اعتذر!
له قدرات خارقة ،على ش���اكلة الشخصية األسطورية، ولم يتحرك حتى قلت له:
وه���و رهان يع���م معظم روايات ش���غموم ،انطالقا من
أعمال���ه األولى ،وبش���كل خاص روايت���ه الرابعة عين -آسف يا سيدي»(الرواية ،ص.)47 .
الف���رس ،حي���ث يوث���ر «التعام���ل الجمالي م���ع الواقع وكله���ا س���مات جعل���ت الرواي���ة تخ���رج عن س���ياقها
باعتب���اره معط���ى ال واقعي���ا وغي���ر قاب���ل للتصور إال التاريخي إلى التخيل���ي واألدبي ،وتلك صفة الرواية
بإضف���اء الطابع األس���طوري علي���ه والتركيز في بناء التاريخية الجديدة التي تس���تعير لغة الواقع لرس���م
الش���خصية عل���ى جوان���ب التم���زق والغراب���ة فيه���ا، عالمه���ا الخيال���ي الخ���اص ،عب���ر األس���لبة وإع���ادة
والجن���وح ف���ي التش���خيص اللغ���وي نحو الس���خرية التشكيل ،من خالل أسلبة لغة الواقع والتاريخ إلنجاز
والضحك»(عبد الحميد عقار.)141 :2000، نص جديد»(عبد الرحمان بوعلي.)260 :2004 ،
وم���ن ذلك أس���طرة المكان ،من خ�ل�ال إضفاء الصبغة ت -التفاعل مع األسطورة:
األس���طورية عل���ى الفضاء العام لألح���داث ،والمتمثل
ف���ي مدينة سرقس���طة ،وهي صبغ���ة تلتقي مع وصف يأت���ي التفاع���ل مع األس���طورة من خالل الس���عي إلى
38
األزمنة احلديثة سعيد سهمي
العدد 13
فإن رواياته ومنها سرقس���طة تنفرد بهذا الجمع بين بع���ض المؤرخي���ن له���ا« :سرقس���طة أس���طورية ب���كل
الواقعي والتعجيبي. معان���ي الكلمة ،فهي مدينة ال يدخلها عقرب أو ثعبان
وتولي الرواية المكان كذلك أهمية خاصة ،حيث يمزج م���ن قب���ل نفس���ه ،وإذا أدخل إليه���ا مات من س���اعته»
المكان الجغرافي الواقعي بالمكان المتخيل في النص، (الرواية ،ص.)48.
ويب���دو توصي���ف الم���كان متعالقا مع أس���لوب الرحلة ج -التفاعل مع الرحلة:
حيث يجول الس���ارد من مكان إلى آخر« :وصلت إليها،
كما س���بق الذكر ،قادما من مراكش ،عبر س���بتة ،وجبل تبدو الحكاية التي تقوم عليها هذه الرواية رحلة من
طارق ،والجزيرة الخضراء ثم مالقة ثم حصن المنكب بدايتها إلى نهايتها ،ويتضح ذلك من خالل استلهام
وغيره���ا م���ن الم���دن الجميلة ،مث���ل ألميرية ومرس���ية بني���ة النص الرحلي ،ومن عبر األس���لوب الذي يطغى
حتى دخلت طرطوش���ة ،وهي مدينة بديعة قرب مصب عليه الوصف ،إضافة إلى العناية بالمكان أو الفضاء
نهر إبرة ،أعظم أنهار البالد» (الرواية ،ص.)49 . ثم من خالل أس���لوب التغريب والتعجيب ،الذي يسم
التراث الرحلي العربي.
خاتمة: فالرواي���ة اس���تثمرت بنية الرحلة م���ن خالل مراحلها :
يبدو من خالل التحليل الس���ابق أن الرواية الجديدة االنط�ل�اق ،الس���فر ،الوصول ثم العودة؛ حيث أش���ارت
الت���ي تبن���ي حكايتها عل���ى التاريخ ،إنما تتوس���ل به الرواية بداية إل���ى مكان االنطالق وهو المغرب ممثال
كاس���تعارة للتعبي���ر الرمزي عن الواق���ع من جهة ،مع في مدينة س���بتة «تبدو لي س���بتة كعش طير بني فوق
مس���اءلة ه���ذا التاريخ ونق���ده وإض���اءة جوانب ظلت الماء» (الرواية ،ص ،)3 .ثم يستمر السارد في توصيف
غامضة لدى المؤرخين أو في التاريخ الرسمي. الرحلة أو العبور إلى األندلس وما القاه من صعوبات،
ال سيما بعد وصوله سرقسطة الهدف من الرحلة.
وم���ن جهة ثانية يبدو أن التاري���خ ال يمكن فصله عن
التراث بشكل عام ،والذي أصبح من أهم خصوصيات وق���د وق���ف الوص���ف عل���ى تصوي���ر عجائ���ب مدين���ة
الرواية الجديدة ،وبذلك فإن بناء الرواية على التاريخ سرقس���طة وم���ا ح���ل بها وببع���ض المدن األندلس���ية
غالبا ما يتماهى مع األش���كال التراثية األخرى ،ومن األخ���رى كبربش���تر م���ن دم���ار ،لتنتهي بإنه���اء هدف
ث���م ض���رورة البح���ث ف���ي تل���ك المكونات إل���ى جانب الرحل���ة وه���و لقاء اب���ن عياش ال���ذي س���لمه الكتاب،
المكون التاريخي. وقد انته���ى بفصل يدل على نهاية الرحلة وهو «أجل
إن الرواي���ة إذ تحتف���ي بالتاري���خ وتأس���س حكايتها الكت���اب» ،قبل أن يقرر الس���ارد الع���ودة إلى المغرب
علي���ه ،ال تق���وم بعمله���ا ذل���ك للتوثيق واالس���ترجاع «ال تقنط���ي ،إن���ا عائ���دون إل���ى أغمات ،والحم���د لله».
وإنما لنقده ونقضه أيضا ،ثم إنها ال تس���تحضر هذا (الرواية ،ص.)144 .
التاري���خ المرتب���ط بالماضي لتأكيد حض���ور الذاكرة كما يبدو االهتمام بالوصف واضحا ال س���يما وصف
أو الس���تنهاض الماض���ي وبعث���ه ،ولكنها تستش���رف الش���خصيات واألمكن���ة ،وه���و وص���ف اس���تلهم في���ه
الحاضر (حاضر السرد) والمستقبل أيضا. التغريب والتعجيب واعتمد فيه على السخرية ،ومن
هذه الخاصية يمكن تعميمها على الرواية التاريخية مظاهر ذل���ك« :المحجوب الق���رش» (الرواية ،ص)21.
المعاص����رة التي نجحت في تخطي الس����رد التاريخي و»بويريكة ،بويريكة بنت بويريك» (الرواية ،ص،)36.
التقليدي الذي كان يطبع البدايات في القرن التاس����ع وقول���ه» وق���ف بب���اب مح���ل ج���زارة ،يش���به صاحب���ه
عش����ر ،م����ع جرجي زيدان وس����ليم البس����تاني وجبران خنزي���را وردي���ا ،وه���و يقل���ب خروفي���ن ،وخنزي���را،
خلي����ل جب����ران وغيره����م ،لتصب����ح مهمته����ا ه����ي فتح وحمام���ا ،ودجاجا ف���وق النار ،محاط���ا بأربعة رجال
المعط����ى التاريخي للمس����اءلة والتمحيص عبر طبعه ش���داد ،غالظ ،كاألفيال» (الرواي���ة ،ص ،)57.ليخرجنا
بالمعطى الروائي الذي ال يخلو من أخيلة قد تصل إلى ع���ن نمطي���ة الحك���ي التاريخ���ي إل���ى عال���م الرواي���ة
التعجيب واألس����طرة ،ومن ثم تكون غايتها األساسية التخييلي ،حيث «يخضع الميلودي شغموم المعارف
فنية جمالية ،فالحدث في الرواية التاريخية الجديدة والخطابات التي يوردها على لس���ان الس���ارد وباقي
«تحفيز واقعي يمسك بالحدث األدبي ،كما يثير اهتمام الشخوص ،لفعل السخرية قصد إفراغها من جديتها
المتلقي وفضوله»(محمد معتصم ،)167:2004 ،فضال ووثوقيته���ا ،وإضف���اء طاب���ع الريب���ة أو العب���ث على
عن وظائفه الفنية الجمالية. محتوياته���ا» (هش���ام العل���وي ،)122 :2006 ،وبذل���ك
39
الرواية واشتغال المتخيل التاريخي -سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا- األزمنة احلديثة
العدد 13
باخت�ل�اف المبدعين ،وتجربة ش���غموم ه���ذه انطلقت لقد اس���تطاع الميلودي ش���غموم في ه���ذه الرواية أن
من���ذ أعمال���ه األولى ،م���ن اإليم���ان باإلنس���ان وقدرته يعي���د األهمية للوعي بالذاكرة والمش���ترك الجماعي،
عل���ى تحدي واقع���ه ،من خالل االس���تمداد م���ن معين وم���ن خالل���ه يس���ائل القي���م الجمعي���ة الت���ي يتخبط
التاريخ والتراث ،فتكون الكتابة عنده «سعيا من أجل فيها اإلنس���ان المعاصر ،فهو يتخذ من القرن الثاني
االرتقاء باإلنسان وتأكيد فرديته وقدراته الذاتية على عش���ر واألزمات التي عاش���ها المغ���رب واألندلس في
تصحي���ح صلته بالزمن وتحديد موقعه تجاهه» (عبد تل���ك الفترة ،اس���تعارة تبوح بقيم حاض���رة ينتقدها
الحميد عقار.)155 :2000 ، ويهدمه���ا ف���ي كثي���ر م���ن األحيان س���واء تعل���ق األمر
وم���ن جه���ة أخ���رى يتض���ح أن ه���ذه الرواية تس���عى بالسياسة أو الدين أو الثقافة أو المجتمع.
أس���لوبيا إلى القفز على أنماط المحاكاة األفالطونية م���ن ث���م يمك���ن الق���ول إن سرقس���طة ترس���م هويته���ا
واألرس���طية أيضا ،من خالل المراهنة على أس���اليب الخاصة على العودة إلى التاريخ والتراث ،متجاوزة
حديث���ة وش���عرية جديدة تعتمل التن���اص والحوارية الش���كل الغرب���ي التقلي���دي وراس���مة آفاق���ا وأبع���ادا
والتفاع���ل النص���ي واألجناس���ي ،مؤسس���ة حكايتها جديدة لهذا الجنس السردي الموسوم بانفتاحه على
ومرجعياتها على التراث العربي ذاته وعلى أشكاله كل المتخي�ل�ات والس���رود ،وذل���ك بغاية رس���م مالمح
السردية المتعددة ،ومن ثم فهي تدعو الدارس العربي روائي���ة مغربي���ة ،بل رس���م تجربة خاص���ة تنطلق من
إلى تجديد أس���اليبه ف���ي التعامل مع الرواية العربية الروائي واهتماماته التاريخية والفلسفية ،فالتجربة
وتجاربه���ا الجديدة لبناء تصور جديد لهذا النموذج الروائي���ة الجديدة ،في الواق���ع تعبر عن رؤيا خاصة
السردي الذي يأبى التقوقع في قوالب ثابتة. بصاحبه���ا ،ومن ثم نقف على تجارب جديدة متنوعة
المصدر:
شغموم ،امليلودي ( :)2013سرقسطة ،منشورات وزارة الثقافة.
المراجع بالعربية:
من الش���كالنية إل���ى ما بع���د البنيوية ،مراجعة وإش���راف ماري -اب���ن توم���رت ،محم���د ( :)1985أعز ما يطل���ب ،تقديم وتحقيق
تريز عبد المس���يح ،القاهرة :المجل���س األعلى للثقافة ،القاهرة، عمار الطالبي ،الجزائر :المؤسسة الوطنية للكتاب.
،2006ص484 .
-اب���ن خل���دون ،عب���د الرحم���ن ( :)1868العبر ودي���وان المبتدأ
-طالب ،أحمد ( :)2002الفاعل في المنظور السيميائي :دراسة والخبر وأيام العرب والعجم ومن عاصرهم من ذوي الس���لطان
في القصة القصيرة الجزائرية ،وهران :دار الغرب. األكبر ،الجزء السادس ،القاهرة :مطبعة بوالق.
-الطاه���ري ،بديعة ( :)2009مالمح اش���تغال التراث في جارات -بوعل���ي ،عبد الرحمان ( :)2004المغام���رة الروائية :بحث في
أبي موس���ى ألحمد التوفيق مجلة الخطاب ،العدد الرابع ،تيزي تش���كل الرواي���ة العربي���ة وتطورها ف���ي األدب العرب���ي الحديث
وزو (الجزائ���ر) :منش���ورات مخب���ر تحلي���ل الخط���اب ،دار األمل ،1934-1980منشورات مجلة ضفاف ،الطبعة الثانية.
للطباعة والنشر والتوزيع ،يناير ، ،2009ص .ص.11-32 .
-برادة ،محمد ( :)2003فضاءات روائية ،الرباط :وزارة الثقافة،
-عق���ار ،عبد الحميد ( :)2000الرواية المغاربية ،تحوالت اللغة مطبعة دار المناهل ،الطبعة األولى.
والخطاب ،الدار البيضاء :شركة النشر والتوزيع المدارس.
-الدوه���و ،محم���د ( :)2010مدخ���ل إلى خط���اب الكتابة والذات
-العكيم���ي ،عب���د الرحم���ان ( :)2010االستش���راف ف���ي النص، في الرواية المغربية ،آفاق ،مجلة اتحاد كتاب المغرب ،الرباط:
بيروت :مؤسسة االنتشار العربي ،الطبعة األولى. منش���ورات اتحاد كتاب المغرب ،دجنبر ( ،2010صفحات63- :
.)67
-العلوي ،هش���ام ( :)2006الجس���د والمعنى :قراءة في السيرة
الروائية المغربية ،البيضاء :ش���ركة النشر والتوزيع المدارس، -روجر ،ألن ( :)1986الرواية العربية ،مقدمة تاريخية ونقدية،
الطبعة األولى. الكويت :المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،الطبعة األولى.
-العي���د ،يمن���ى ( :)2011الرواي���ة العربي���ة :المتخي���ل وبنيت���ه -س���لدن ،رامان ( :)2006موس���وعة كمبريدج ف���ي النقد األدبي،
40
األزمنة احلديثة سعيد سهمي
العدد 13
موس���وعة كمبري���دج ف���ي النقد األدب���ي – من الش���كالنية إلى ما الفنية ،بيروت :دار الفارابي ،الطبعة األولى.
بع���د البنيوية ،تحرير :رامان س���لدن ،مج ،8مراجعة وإش���راف: -فرشوخ ،أحمد ( :)2010نقد المركزية السردية ،اشتغال األدب
م���اري تريز عبد المس���يح ،إش���راف عام :جاب���ر عصفور ،ترجمة الشعبي في الرواية المغربية ،آفاق ،مجلة اتحاد كتاب المغرب،
أم���ل قارئ وآخ���رون ،القاهرة :المجلس األعل���ى للثقافة ،الطبعة الرباط :منش���ورات اتحاد كتب المغرب ،دجنبر ،2010ص.ص.
األولى( ،ص .ص.)477-511 . .9-17
-وت���ار ،محم���د ري���اض ( :)2002توظي���ف الت���راث ف���ي الرواية -ك���رام ،زه���ور :)2013( :ذات المؤلف :من الس���يرة الذاتية إلى
التخييل الذاتي ،الرباط :مطبعة األمنية.
العربية ،دمشق :اتحاد الكتاب العرب.
-معتص���م ،محم���د ( :)2004الن���ص الس���ردي العرب���ي :الصنع
-الياب���وري ،أحم���د( :)1993دينامي���ة النص الروائ���ي ،الرباط: والمقومات ،الدار البيضاء :المدارس ،الطبعة األولى.
مطبعة المعارف الجديدة.
-مقابلة ،جمال(« :)2006اللحظة الجمالية محاولة فهم نقدية»،
-يقطي���ن ،س���عيد« :)2004(،الرواي���ة العربي���ة من الت���راث إلى عال���م الفك���ر ،ع ،1.مجل���د ،35يوليو-س���بتمبر ،2006الكويت:
العصر :من أجل رواية عربية تفاعلية» ،عالمات ،ع،2004 ،20 . المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب( ،ص.ص.)7-35 .
ص.ص.38-48 .
-المقري ،أحمد بن محمد التلمس���اني ( :)1968نفح الطيب في
-يوسف ،عبد الفتاح أحمد(« :)2007استراتيجيات القراءة في
غص���ن األندلس الرطيب ،الجزء الرابع ،تحقيق إحس���ان عباس،
النقد الثقافي ،نحو وعي نقدي بقراءة ثقافية للنص» ،عالم الفكر،
ع ،1 .المجل���د ،36يولي���و –س���بتمبر ،2007الكويت :المجلس بيروت :دار صادر.
الوطني للثقافة والفنون واآلداب( ،ص.ص.)163-207 . -هولب ،روبرت( :)2006نظرية التلقي :مدرس���ة كونس���تانس ،
موقع إلكتروني:
بقار ،أحمد :الرواية والتاريخ عند واسيني األعرج :االستدعاء والداللة 4( zd.algrauo-vinu.seuver//:ptth ،دجنبر ،5102س)32 .
41