Professional Documents
Culture Documents
محاضرة ـــ حسان السلامي
محاضرة ـــ حسان السلامي
محاضرة ـــ حسان السلامي
سنـو عالقة ال شعورّيــة مع التّراث ،الكبار ينيمون منو والصغار يدفعيم فضوليم
لكل إنسان ميما كان ّ
شفاىيــا في
ّ السمعــي ُينـْـقــل
الدىــور ...فالتراث ّ
الفطري لمعرفة أصول األشياء التي تعايشنا عمى مـ ّـر ّ
أمــا البصري فيو دائما
كتابيــا واإلصفياني جمع منيا الكثير) ّ
الزمن الغابر كاألمثــال واألغاني (كما نقمت ّ
ّ
ألنــو
الرمــز إلى أمر خطير ّ
يتحول ّ
الخفيــة ورّبمــا ّ
ّ موضوع بحث وتنقيـب عن أسابـو وجوده ورموزه ومعانيو
الرمــز الذي كان يحمل معاني نبيمــة إلى شيء ممنوع وىذا ما حدث مع
المقدس فينقمب ذلك ّ
يمش ّ
ميمــا من غابر التاريخ.
دمروا تماثيل تمثّــل جانبــا ّ
المتشددين األفعان عندما ّ
ّ
العرائس ىي موروث يتمثّــل اإلنسان منذ أن كان يصنعيا من الطيــن ويبرز فييا عالمات في
نحت تفاصيميا ربمــا تنعكــس من طباع صانعيا كأن تكون ضاحكـة من خالل فم مفتوح أو عابسة من
الدينيــة في
ّ المحيــر ..ولكن بعض المفاىيــم
ّ خالل حاجبين مقرونيـن ،طبعــا كان مشكل الحركة ىو
أن ىذه العرائس تتماثل مع األوثان المعبودة في السابق وتُعتبــر شركا َّ
ألن خالق الديانات التوحيديـة قررت َّ
صورة اإلنسان ىو اهلل وال يشاركو غيره وىذا التّقميــد ىو بمثابة البدعة وكل بدعة ضاللة الخ َّ ...
ولكن
الفن
تحولت ىذه األشياء إلى فنون و ّ
خاصــة إذا ّ
ّ الحضارة في سيرورتيا الدائمة ال تتوقف عند ىذه المفاىيــم
يحب الجمال) وقيمة أخالقية ومبدعيا قصد من ورائيا معاني نبيمة وقيما تصبح
قيمة جمالية (واهلل جميل ّ
نبراسا ييدي اإلنسان سواء السبيل كمما لضطربت الحياة.
في صنع الييكل اآلدمي المذكور آنفا ويطوف بو األطفال عمى البيوت يستجدون المطر مردديــن :
اتروح مبمولة
إن شاء ّ
يسخيبيا
أمك طنبو ّ
يخيبيــا
طمبت رّبي ال ّ
حبتيا في الواد
غسمت ّ
2
وال ّ ٌنفك األطفال عن التردٌد و الغناء حتى ّ ٌطل علٌھم النساء بؤوانً مملوءة ماء
ٌرششن بھا أمك طنقو والموكب لتكثر األمطار وتروي األرض بعد جدبھا و فً بعض
المناطق ٌقومون أٌضا بنثر حبوب الفول والحمص وٌمنح األطفال بعض الھداٌا والعطاٌا،
كما ٌتم تجمٌع العطاٌا والصدقات من األھالً لتھٌئة المآدب و الوالئم فً المزارات والزواٌا
حسب المنطقة.
بقً التونسٌون إلى الٌوم رغم تعاقب الحضارات ٌخرجون بؤمك طنقو لالستسقاء و
طلب الغٌث فً فترات الجفاف وھو طقس ّ ٌعبر عن قدرة ھذا الرمز الذي ٌشب ه (التانٌت)
آلھة الخصوبة القرطاجٌة على استنزال الغٌث وتعرف ھذه الدمٌة العروس بالتاغنجة او
البوغنجة و التاغنجوت وھً الملعقة باللغة البربرٌة وال ٌزال ھذا الطقس ٌمارس إلى الٌوم
فھو عادة ضاربة فً التارٌخ تستحضر رموزا من حضارات قدٌمة تجردت من معانٌھا التً
وضعت من أجلھا مع مرور العصور لكن حافظت على قداستھا فً المخٌال الشعبً .وٌرمز
إلى التانٌت بشكل مثلث تعلوه دائرة ھً بمثابة الرأس وٌفصل بٌن المثلث والدائرة خط أفقً
ٌنتھً بانحناءة طرفٌھ ا بمثابة الذراعٌن و ٌعطً الرمز فً جملتھ شكل امراة بطرٌقة
مبسطة جدا.
3
ومن بي ــن العادات الجميمــة األخــرى في بالدنــا صنع " عرائس السكر " في كل رأس سنة ىجرّيــة
ورمزّيتيا التفاؤل بسنة مذاقي ــا في حالوة السكــر وكانوا يحرصون عمى جماليــة الصنع حتّى تكون مبعثا
اليمــن والبركــة والفرح "
إلسعاد األطفال إذ لمع ارئــس معان يمفيا " الخيــر و ُ
عرائس السكر ىي عادة توارثناىا عن األجداد منذ عقود مضت .وتكون عرائس السكر في الغالب
من مجسمات تتخذ ىيئة أسد أو ديك أو أرنب أو حصان ،تمنح لمذكور ،في حين يختار البنات شكل
عروس.
أما بالنسبة لصنع عرائس السكر فيو عمل يتطمب مدة طويمة ومراحل عدة بين إعداد العرائس
إن عممية اإلعداد تتطمب توفير السكر والماء وروح الميمون ليطبخ ىذا الخميط حتى
وتجفيفيا وتزويقياّ ،
ينضج السكر ويكتسب لونا ناصع البياض ،ثم يسكب في قوالب ذات أحجام وأشكال مختمفة.
ويتم في مرحمة ثانية تزيين عرائس السكر بألوان ختمفة وزاىية ،ثم يتم في مرحمة أخيرة تغميفيا
بطبقة شفافة من رقائق األلمنيوم لحمايتيا ،فتكون جاىزة لمعرض عمى أشكال مختمفة.
لمحفاظ عمى ىذه العادة نظمت جمعية صيانة المدينة بفضاء سيدي عمي عزوز بمدينة نابل
ميرجان عرائس السكر ،بيدف مزيد التعريف بيذه العادة المميزة وصيانة الموروث الثقافي بالجية.
ويتضمن الميرجان عديد الورشات المتعمقة بمراحل صنع عرائس السكر وزخرفتيا بمشاركة رياض
أحسن فضاء عرض وجائزة األطفال ،باإلضافة إلى تنظيم سيرات فنية وتنظيم مسابقات لتقديم جائزتي
سكر .
أحسن عروس ـ
والعرائس ىي موروث يتمثّل اإلنسان منذ أن كان يصنعيا من الطين ويبرز فييا عالمات في
نحت تفاصيميا وقد انعكست من طباع صانعييا ال شعوريــا كأن تكون ضاحكـة إن كان صانعيا مرحا
المحيــر .إال َّ
أن ّ متفائال أو عابسة إذا كان صانعيا شرسا غضوبــا .طبعا كان مشكل الحركة ىو العائق
4
التوحيديــة قد منعت ىذا التماثل مع اإلنسان باعتبار صنع العروسة
ّ الدينيــة في الديانات
ّ بعض المفاىيم
شرك باهلل .فاهلل وحده يخمق ،وىذا التّقميد ُس ّمي بدعة وكل بدعة ظاللــة إلخ...
جمالية (واهلل
ّ الفن قيمة
تحولت إلى فنون و ّ
خاصــة إذا ّ
ّ ولكن الحضارة ال تتوقف عند ىذه المفاىيم
يحب الجمال) وكذلك قيمة أخالقية بحكم الرسائل اإلنسانية التي يتضمنيا.
جميل ّ
تشتير نساء سجنان بصناعة الطين ،وخرجن بمصنوعاتين من نطاق المحمية إلى
. عدة معارض ُنظّمت في عواصم أوروبية
العالمية ،بعد مشاركتين في ّ
تحضر النساء الخبز التقميدي في "الطابونة" (فرن طيني) ،ثم يتوجين إلى بعض المناطق
ّ
الستخراج الطين من األرض .يتماىين مع التراب ليمدن منو مصنوعاتين اليدوية .التراب في
سجنان ليس كتراب مناطق الرفاه الذي تترفع عنو النساء لالحتفاظ بكامل أناقتين .ىو التراب
الذي يصنع وجود نساء سجنان .
بقية
تواصل النساء العمل في تحضير األكل وتنظيف البيت واالىتمام باألطفال ،ويمضين ّ
اليوم في صناعة األواني والتحف والعرائس الفخاريــة ،صناعة يدوية توفر لين مدخوالً قاد اًر ،رغم
. قمتو ،عمى توفير بعض الحاجيات األساسية
" :"22صناعة المرأة لمفخار تقول الباحثة في عموم التراث فاطمة بمغيث معتوق لـ"رصيف
جاءت نتيجة الحاجة إلنتاج أوان لالستعمال اليومي ،فكانت األواني الفخارية في مرحمة أولى
لتحقيق غرض وظيفي نفعي .وبمرور الوقت والسنين استأنست المرأة رائحة الطين المزج،
وأصبحت العرائس المنجزة أكثر نضجاً في الشكل والحجم والزخرفة .وكمما تقدم عمرىن وتقدم
الزمن ،تطورت " الفخاريات ".
5
وفي أقصى الجنوب تمثّــل البوبيــــة عروســة من إنجــاز وابتكــار المرأة الريفية الميمشــة التي تصنعيا
لتعيــل زوجيــا وتقاوم معو النسوة في المناطق بين كيموماتر عشرة ،نزلت بن فرج ،وعنق الجمل بنفطة
البوبيــة وتسوق
ّ أعباء الحيــاة .ويعتبــر ىذا الجيد النسوي مقوم م ن مقومات اليوية والتراث ،ترمز عروسة
لصورة المرأة الفاعمة رغم ما يسودىا و ما يالحقيا من تمك النظرة اإلستعبادية لألنثى .كما يسعى لإللمام
بيذا الحراك اإلبداعي الغير متداول و الغير متعارف عميو تأكيداً عمى دعمو من جية لمكانة المرأة الريفية
الميمشة و المقصية عن الركب اإلجتماعي تخمفيا عن المناصب و األدوار اليامة التي تتقمدىا المرأة في
العالم اآلن إضافة إلى الوقوف ،عمى مساىمة نساء “البوبية” في إرساء مكانة المرأة التونسية و ريادتيا
في اإلنتاج و الخمق و اإلبداع حتى ولو كان بصورة غير واعية.
الخاتمـــــــة
احتفالي ــة
ّ ىويــة تقوم عمى " الفرجــة " من خالل أج ـواء تقدم َّ
إن لبالدنــا ّ يمكــن القول من خالل ما ّ
فنــي
ولكننا لم نستغل بعد ىذا النمــط الفرجوي لصياغة أسموب ّ
فرضتيا أزمة ناجمة عن احتياج الماء ّ ،
6
7
تانيت القرطاجيـة
8