‫القسم الثاني‪ :‬العقوبة‬

‫الفصل الخامس‬
‫أسباب تعليق تنفيذ العقوبات‬

‫عند صدور األحكام‪ ،‬وصيرورتها باتة‪ ،‬تكون واجبـة التنفيذ‪ ،‬وحينئذ يرسل رئيس المحكمة التي أصدرت‬
‫الحكم‪ ،‬هـذا الحكم إلى النائب العام (إن كان في جناية)‪ ،‬أو إلى المحقق (إن كان في جنحة) لتنفيذه‪ ،‬وعليهما‬
‫اتخاذ اإلجراءات الضرورية لهذا التنفيذ‪ ،‬بإصدار أمر إلى جهات الشرطة‪ ،‬واإلدارة المختصة‪ ،‬إال إن القانـون‬
‫‪.‬ذكر عدة أسباب من شأنها أن تحول دون تنفيذ الحكم‪ ،‬أي تعليق تنفيذه (‪)۱‬‬
‫ونظام تعليق تنفيذ العقوبة هو نظام قانوني إعماال للسلطة التقديرية للقاضي‪ ،‬ويجب على القاضي أن يذكر‬
‫في حكمه إيقاف التنفيذ‪ ،‬أو تعليق العقوبة‪ ،‬وأن د األسباب التي تبرره‪ ،‬وهو ليس حقا ً للمحكوم عليه‪ ،‬فهو من‬
‫‪.‬إطالقات سلطة قاضيـ الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض أو التمييز (‪)2‬‬
‫وعلـة هذا النظام هـو الحد من المخاطرـ التي يتعرض لها المحكومـ عليهم نتيجة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية‬
‫في المؤسسات العقابية‪ ،‬إذا كان قد أحاطت بالمتهم ظروفـ تدل على عدم خطورته اإلجرامية‪ ،‬وهو ما دعا‬
‫التشريعات الجنائية المختلفة إلدخال العديد من النظم القانونية التي من شأنها إدانة الشخص الرتكابه جريمة‬
‫مضرة بالمجتمع‪ ،‬وفي ذات الوقت المحافظة على الجاني من آثار دخوله السجن‪ ،‬وذلك عن طريق إيقاف‬
‫التنفيذ أو الحكـم باالمتناعـ عن النطق بالحكم‪ .‬وتتضمـن هـذه األنظمة طرق متعددة لمراقبة سلوك المحكوم‬
‫عليه‪ ،‬والتأكد من تقويم سلوكـه وجعله عنصراً منسجما ً مع المجتمع‪ ،‬كذلك هنـاك أنظمة أخرى يكون تطبيقها‬
‫‪.‬بعد تنفيذ الحكم كاإلفراج الشرطي‪ ،‬واإلفراج الصحي (‪)3‬‬
‫_______________________________‬
‫‪.‬د‪ .‬عبد الوهاب حومد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪(1) 383‬‬
‫‪.‬د‪ .‬هدى حامد قشقوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 458‬وما يليها )‪(2‬‬
‫‪.‬د‪ .‬فايز عايد الظفيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪(3) 566‬‬

‫وفـي القانون الكويتيـ يتجلى تعليق تنفيذ األحكام في أربعة أنظمة هي‪ :‬وقفـ التنفيذ البسيط‪ ،‬االختبار أو‬
‫االمتناع عن النطق بالحكم‪ ،‬واإلفراج الشرطي‪.‬ـ واإلفراج الصحي‪ ،‬وهو ما سوف نتناوله بالتفصيل على النحو‬
‫التالي‪ ،‬إال إنه نظراً ألهمية اإلفراج الشرطي فإنناـ نفرد له فصالً مستقالً‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬وقف التنفيذ البسيط‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االمتناع عن النطق بالحكم‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اإلفراج الصحي‪.‬‬

‫‪463‬‬
 ‫المبحث األول‬
‫وقف التنفيذ البسيط‬

‫يقصد بنظامـ وقف تنفيذ العقوبة نطق المحكمة بعقوبة معينة ومحددة على المتهم مع تعليق التنفيذ على شرط‬
‫موقف هو حسن سير وسلوك المحكومـ عليه خالل مدة معينة يحددها (‪.)۱‬‬
‫وعلة وقفـ التنفيذ إنه قد يرى القاضي أن ارتكاب الجاني لجريمة كان نتيجة ظروفـ قاسية تصادفـ وجوده‬
‫فيها‪ ،‬وأنه لن يعود إلى ارتكابه الجريمة مرة أخرى وفقا لظروفه الشخصية‪ ،‬وأنه لو تم تنفيذ العقوبة عليه‬
‫فسوفـ يكون لها أضرارـ خطيرة عليـه ال تالئـم ما ارتكبـه من إثـم‪ ،‬أو أن المدة المحكوم بها ال يتحقق خاللهـا‬
‫وظيفة الردع‪ ،‬وتأهيل الفاعل‪ ،‬فوقفـ التنفيذ يدفع المحكوم عليه إلى إصالح نفسه‪ ،‬حتى ال تنفذ فيه العقوبة‬
‫الموقوفة‪ ،‬ومن ثم يتحقق الردع من خالل التهديد الذي يقع على المتهم بتنفيذ العقوبة إذا عاد الرتكاب الجريمة‬
‫(‪.)2‬‬
‫ولقد أخذ المشرع الكويتي بنظام وقفـ تنفيذ العقوبة على الجاني الذي يظهر جدير بهذه‬
‫المعاملة العقابية لزوال خطورته اإلجرامية مـن ظروفـ الدعوى أنه وقت النطق بالحكم‪ ،‬وذلك بوضعه تحت‬

‫‪464‬‬
 ‫االختبار فترة من الوقت‪ ،‬فإذا ثبت عدم استحقاقه لهذه المعاملة العقابية يتم تنفيذ الحكم عليه‪ ،‬أما إذا ثبت‬
‫‪.‬استحقاقه لها‪ ،‬اعتبر الحكم كان لم يكن (‪)3‬‬
‫ويجوزـ أن تلزم المحكمة المتهم بتقديم كفالة شخصية أو عينية لضمان حسن سيره وسلوكه أثناء مدة‬
‫االختبار‪ ،‬كما يجوز أن يصدر الحكم بدون هذه الكفالة (‪.)4‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬فايز عايد الظفيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.570‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬هدى حامد قشقوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.460‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬فاضل نصر هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.517‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬مبارك عبد العزيز النوييت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.553‬‬

‫وقد حدد المشرع شروطاـ للحكم بوقفـ تنفيذ العقوبة‪ ،‬منها شروط متعلقة بالجريمـة‪ ،‬وأخرى متعلقة بالعقوبة‪،‬‬
‫وشروطـ أخيرة متعلقة بالمحكومـ عليه‪ ،‬وبين اآلثار المترتبة على الحكم بوقفـ التنفيذ في المادة ‪ 82‬من قانون‬
‫الجزاء‪.‬‬
‫وهو ما سنتناوله على النحو التالي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬شروط وقفـ التنفيذ البسيط‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار وقف التنفيذ‬

‫‪465‬‬
 ‫المطلب األول‬
‫شروط وقف التنفيذ البسيط‬

‫تنص المـادة ‪ 2/82‬من قانون الجـزاء على أنه‪« :‬يجوز للمحكمة إذا قضت بحبس المتهم مدة ال تتجاوز سنتين‬
‫أو بالغرامة‪ ،‬أن تأمر بوقفـ تنفيذ الحكم‪ ،‬إذا تبين لها من أخالق المتهم‪ ،‬أو ماضيه‪ ،‬أو سنه‪ ،‬أو الظروف التي‬
‫ارتكب فيها جريمته ما يحمل على االعتقاد بأنه لن يعود إلى اإلجرام‪ ،‬ويوقع المحكوم عليه تعهداً بذلك‬
‫مصحوبا ً بكفالة شخصية أو عينية أو بغير كفالة حسب تقرير المحكمة»‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬فإنه لكي يحق للقاضي أن يقرر وقف التنفيذ عن محكوم عليه‪ .‬يجب أن تتحقق عدة شروط‪،‬‬
‫وشـروطـ وقف التنفيذ تنقسم إلى ثالثة أقسام‪ ،‬فهي شروطـ متعلقة بالمتهم باعتقاد المحكمة بأن المتهم لن يعود‬
‫إلى اإلجرام‪ ،‬وشروط متعلقة بالجريمة‪ ،‬وأخرىـ متعلقة بالعقوبة المحكوم بها بأن يكون الحكم الصادر بحبس‬
‫المتهم سنتين على األكثر أو بالغرامة‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فإنه ليس للقاضي حـق تقدير مالءمة وقفـ تنفيذ العقوبة إال إذا‬
‫توافرت هـذه الشروطـ مجتمعة‪ .‬فسلطة القاضي التقديرية في هذا الشأن مقيدة بتوافرـ هذه الشروط التي تحقق‬
‫الردع الخاص إذا توافرت (‪.)1‬‬

‫أوال"‪ :‬الشروط المتعلقة بالجريمة‪:0‬‬

‫إن وقفـ التنفيـذ يجوزـ في جميع الجنايات والجنح على السواء‪ ،‬إذا وقعت الجريمـة فـي ظـروف ال تدل على‬
‫خطورة المتهم اإلجرامية‪ ،‬ولم يحدد القانون ظروفاًـ معينة‪ ،‬ولكنـه تركها للسلطة التقديرية للمحكمة‪ ،‬فهذه‬
‫الظروفـ تختلف مـن قـضيـة ألخرى‪ ،‬بحسب مالبسات كل دعـوى على حدة‪ ،‬وبالتاليـ ال يمكن حصرها (‪.)2‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬هدى حامد قشقوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.461‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬مبارك عبد العزيز النوبيت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.558‬‬

‫‪466‬‬
 ‫إال إن المشرع استثنى بعضها من ذلك‪ ،‬مثل النص على عدم جواز األمر بوقف تنفيذ الحكم إال إذا أوفي‬
‫الجاني بقيمة الشيك الذي اصدره بدون رصيد‪ ،‬وكذلك عدم جواز وقفـ تنفيذ األحكام الصادرة بالغرامة بسبب‬
‫الغش في المعامالت التجارية‪ ،‬وكذلك في عقوبة العائد فـي جرائم المخدرات‪ ،‬كمـا ال يمتد وقف التنفيذ إلى‬
‫التدابير‪ ،‬فهو يقتصر في أثره على العقوبات (‪.)1‬‬
‫ثانيا"‪ :‬الشروط المتعلقة بالعقوبة‪:‬‬
‫يجوز وقف تنفيذ العقوبة في الجرائم التي يحكم فيها بالحبس مدة ال تزيد على سنتين أو الغرامة بالغا ما بلغ‬
‫مقدارها‪ ،‬سواء أكان صادرا في جنحة أو جناية توافر فيها أحد األعذار القانونية أو استعملت فيها الرأفة‪،‬‬
‫ووقفـ التنفيذ يمتد ليشمل السنتين مع بعض فال يجوز الحكم بوقف تنفيذ سنة وتنفيذ السنة المتبقية‪ ،‬ألن من‬
‫شأن ذلك إهدار الفلسفة التي من أجلها قرر وقفـ التنفيذ‪ ،‬وإذا صدر على المتهم عدة أحكام بالحبس فإن العبرة‬
‫بكل حكم على حدة ال بمجموع هذه األحكام‪ ،‬وما تضمنته من مدد زمنية‪ ،‬كما أن العبرة هي بالمدة التي قضي‬
‫بها الحكم‪ ،‬وليس بعد خصم مدة الحبس االحتياطي‪ ،‬وإذا كان القانون يقرر للجريمة عقوبتي الحبس والغرامة‬
‫معاً‪ ،‬فإن للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ إحداهما أو كلتيهما‪ ،‬كما يجوزـ للمحكمة أن تشمل وقف التنفيذ العقوبات‬
‫التكميلية والتبعية على أن تقضي بذلك في الحكم‪ ،‬فإن اقتصرـ الحكم على وقفـ تنفيذ الحبس أو الغرامة فإن‬
‫ذلك ال يمتد إلى غيرها من العقوبات التبعية والتكميلية (‪. )2‬‬
‫وعلى ذلك فقد فرق المشرعـ بين العقوبات المالية للحرية‪ ،‬وحدد نطاق وقفـ التنفيذ فيها بالعقوبات ذات المدة‬
‫القصيرة‪ ،‬أما فيما يتعلق بالغرامة فأجاز وقف التنفيذ فيها أيا ً كان مقدارها‪.‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬فاضل نصر هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.518‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬فايز عايد الظفيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.572‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الشروط المتعلقة بالمحكوم عليه‪:‬‬

‫لقد حدد المشرعـ هذه الشروطـ في عبارات عامة‪ ،‬وهي شـروطـ متعلقة بشخصية الجاني وأخالقه وماضيه‬
‫وسنه والظروفـ التي ارتكبت فيها الجريمة‪ ،‬على نحو يبعث على االعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون‪،‬‬
‫ومن كل هذه واصل الشخصية يستدل القاضي على عدم الخطورة اإلجرامية للجاني من خالل ((الفحص‬

‫‪467‬‬
 ‫السابق على الحكم))‪ ،‬وال يتطلب القانون فـي المتهم ان يكون مبتدئا في اإلجرام‪ ،‬فيجوز للقاضي أن يحكم‬
‫بوقف التنفيذ حتى مع وجود سوابقـ للجاني (‪.)1‬‬
‫وهذا كله على أن يوقع المحكوم عليه تعهدا‪ ،‬بحيث يتضمن هذا التعهد بأنه لن يعود إلى اإلجرام‪ ،‬ومن حق‬
‫المحكمة أن تكتفي بهذا التعهد‪ ،‬أو أن تطلب من المحكومـ عليه أن يقدم كفالـة شخصية أو عينية‪ ،‬إذا رأت‬
‫المحكمة ذلك أضمن والفضل‪ ،‬ويستحسن ان يوجه القاضي إلى المحكومـ عليه نصيحة بلزومـ تحسين سلوكه‪،‬‬
‫ويبصره بالنتائج التي يتعرض لها إذا ارتكب جرما ً جديداً (‪.)2‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.962‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد الوهاب حومد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.386‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫آثار وقف تنفيذ العقوبة‬

‫وضع المحكوم عليه أثناء مدة وقف التنفيذ‪:‬‬

‫‪468‬‬
‫يترتب على األمر بوقفـ تنفيذ العقوبة‪ ،‬عدم اتخاذ أي إجراء من إجراءات تنفيذ العقوبة المحكوم بها‪ ،‬فإذا كان‬
‫الحكم صـادراـ بعقوبة سالبة للحرية‪ ،‬يترك الجـانـي حـرا‪ ،‬وإذا كان محبوسا احتياطياـ يفرج عنـه‪ ،‬وفي حالة‪.‬‬
‫صدور الحكم بالغرامة ال يطالب بأدائها‪ ،‬فالمحكوم عليه بوقف التنفيذ يتمتع بحصانة ضد اإلجراءات المقررة‬
‫لتنفيذ العقوبة‪ ،‬كما أنه ال يحول دون تنفيذ العقوبات التبعية والتكميلية‪ ،‬حيث إنه ال يوقفـ تنفيذ الحكم‬
‫بالتعويض المدني المحكوم به على الجانـي ألنه حق شخصي للمجني عليه‪ ،‬كذلـك ال يشمل وقفـ التنفيذ‬
‫المصادرة (‪.)1‬‬
‫وفـي ذلك قضت محكمة النقض المصـريـة (‪ )2‬بأن‪« :‬المصادرة بحكم طبيعتها وبحسب الشروطـ‬
‫الموضوعة لها ال يجوز أن يتناولها وقفـ التنفيذ إذ هي عقوبة ال يقضي بها بحسب القاعدة العامة إال إذا كان‬
‫الشيء قد سبق ضبطه‪ ،‬والقول بإيقاف تنفيذ المصادرة يقتضي حتمـا ً القول برد الشـيء المضبوطـ بناء على‬
‫األمـر الصـادر بوقف التنفيذ ثم طلبه وإعادة ضبطه عند مخالفة شروطـ وقف التنفيذ في المدة المحددة‬
‫بالقانـون لتنفيذ المصادرة به‪ ،‬وهـذا مما ال يمكن التسليم به ويجب تنزيه الشارع به»‪.‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ ،‬محمود نجيب حسني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.973‬‬
‫(‪ )2‬نقض ‪ 16‬مارس ‪ ،1949‬مجموعة القواعد القانونية ج‪ 7‬رقم ‪ 841‬ص ‪ 18 ،803‬نوفمبرـ ‪1957‬‬
‫مجموعة أحكام النقض س‪ 8‬رقمـ ‪ 250‬ص‪ 31 ،917‬ديسمبرـ سنة ‪ 1962‬س‪ 13‬رقم ‪ 213‬ص ‪14 ،880‬‬
‫نوفمبرـ سنة ‪ 1966‬س‪ 17‬رقم ‪ 23‬ص‪ ،129‬أشار إليه د‪ .‬مبارك عبد العزيز النويبت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.556‬‬

‫مدة وقف التنفيذ‪:‬‬

‫يصـدر األمـر بوقف التنفيذ لمدة ثالث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح الحكـم فـيـه نهائياً‪ ،‬وهي مدة كافية‬
‫للتجربة‪ ،‬وفي هذه المدة ال تنفذ العقوبة بالمحكوم عليه‪ ،‬ولكنه يظل مهددا بتنفيذها خالل هذه الفترة إذا ارتكب‬
‫جريمة جديدة‪ ،‬وفيـ هذه الحالة يكون للمحكمة أن تقدر ما إذا كان على درجة كافية من الخطـورة‪ ،‬وأنه لم‬
‫يرتدع‪ ،‬فتقرر عندئذ إلغاء تعليق التنفيذ‪ ،‬وتعافيه على الجريمة الجديدة‪ ،‬وتضيفـ عقوبة الجرم السابق التي‬
‫علقتها‪ ،‬إلى عضوية الجريمة الجديدة‪ ،‬أما إذا قدرت المحكمة منحه فرصة جديدة‪ ،‬فإنه يظل تعليق العقوبة‬
‫مستمرا‪ ،‬ولها الحق في تعليق عقوبة الجريمة الجديدة أيضا‬
‫أما إذا انقضت مدة الثالث سنوات ولم يرتكب المحكوم عليه جريمة جديدة‪ .‬فإن الحكم الصادرـ ضده مع‬
‫إيقاف التنفيذ يعتبر كأن لم يكن‪ ،‬فال يظهر في صحيفة سوابقه الجنائية‪ ،‬وال يترتب عليه الحرمان من أي حق‪،‬‬

‫‪469‬‬
 ‫وال بعد سابقة فـي العـود إذا ارتكب جريمـة تالية‪ ،‬ويزول آثارهـا كلها بما في ذلك العقوبات التبعية أو‬
‫التكميلية سواء كانت نفذت أم ال تزال تحت التنفيذ (‪)2‬‬
‫الغاء وقف التنفيذ‪:‬‬
‫يجوز إلغاء األمر بوقف التنفيذ في حالتين‪:‬‬
‫الحالة األولي‪ :‬إذا صدر ضد المحكوم عليه‪ ،‬خالل مدة الوقف‪ ،‬حكم بالحبس مـن أجل جريمـة ارتكبت خالل‬
‫هذه المـدة أو قبلها ولم تكن المحكمة تعلم بها عند األمر بوقف التنفيذ (‪.)3‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬إذا تبيـن صـدورـ حكم بالحبس قبل األمـر بوقف التنفيذ ولم تكن المحكمة عالمة به (‪.)4‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الوهاب حومد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.387‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬فاضل نصر هللا‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.520‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬مبارك عبد العزيز النويست‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.564‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬فاير عايد الظفيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.574‬‬

‫وإذا حكم بإلغاء وقف التنفيذ‪ ،‬فإن الحكم يعتبر صادراـ مع النفاذ‪ ،‬ويتم القبض على المحكومـ عليه‪ ،‬ونفذت‬
‫العقوبة المحكوم بها‪ ،‬ويتمـ مصادرة الكفالة العينية إن وجدت (‪.)1‬‬
‫وتختص بإلغاء وقف التنفيذ المحكمة التي أمرت بالوقف‪ ،‬وكذلك المحكمة التي اصدرت ضـد المحكوم عليه‬
‫حكمـا بالحبس خالل مدة الوقف‪ ،‬ويصدر الحكم بإلغاء الوقفـ بناء على طلب من سلطة االتهام أو المجني‬
‫عليه (‪.)2‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬هدى حامد قشقوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.464‬‬
‫(‪ )2‬د‪ ،‬فاضل نصر هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.521‬‬

‫‪470‬‬
 ‫المبحث الثاني‬
‫االمتناع عن التعلق بالعقاب‬

‫أجاز القانون للقاضي‪ ،‬أن يقرر االمتناع عن النطق بالعقاب‪ ،‬في حالة ارتكاب شخص جريمـة عقوبتها‬
‫الحبس‪ ،‬في جناية أو جنحة‪ ،‬إذا وجد من أخالقه‪ ،‬أو ماضيـه‪ ،‬او سنه‪ ،‬أو الظروفـ التي ارتكب فيها جريمته‬
‫أو تفاهة هذه الجريمة ما يبعث على االعتقاد بأنه لن يعود إلى اإلجرام (‪.)1‬‬
‫ويعتبر عدم النطق بالعقاب حكما بإدانة المتهم‪ ،‬إال إن القاضي ال يقرر عقوبة محددة ينطقـ بها‪ ،‬إال إنه يلزم‬
‫توافر شروط معينة بعضها يتعلق بالجريمة فيلزم أن تكون الجريمة معاقبا عليها بالحبس‪ ،‬وهو ممنوع في‬
‫الجرائم المعاقب عليها بالغرامـة أو اإلعدام‪ ،‬والبعض اآلخر من الشروطـ يتعلق بالمتهم كأخالقه وسنه‬
‫وماضيـه اإلجرامي‪ ،‬وذلك مع تكليف المتهم بتقديم تعهد بكفالة شخصية أو عينية أو بدون كفالة‪ ،‬على أن‬
‫يلتزم بااللتزامات التي تفرض عليه (‪.)2‬‬
‫وأخيراً‪ ،‬يترتب على الحكم باالمتناع عن النطـق بالعقاب عدة نتائج‪ ،‬تتحدد طبقا ً لما إذا كان المحكوم عليه قد‬
‫التزم بالقيـود وااللتزامات المفروضة عليه من عدمه‪ ،‬وهو ما سنتناوله بالتفصيل على النحو التالي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المقصود باالمتناع عن النطق بالعقاب‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط االمتناع عن النطق بالعقاب‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المعاملة العقابية في االختبار‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬آثار االمتناع عن النطق بالعقاب‪.‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الوهاب حومد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.388‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬فايز عايد الظفيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.568‬‬

‫‪471‬‬
 ‫المطلب األول‬
‫المقصود باالمتناع عن النطق بالعقاب‬

‫االمتناع عن النطق بالعقاب هو صدور حكم باإلدانة على المتهم مع عدم النطق بعقوبة معينة‪ ،‬ولكن وضعه‬
‫تحت االختبار فترة من الزمن (‪.)1‬‬
‫الوضع تحت االختبار هو أحد أساليب المعاملة العقابية الحديثة‪ ،‬يطبق على المتهم خالل مدة معينة‪ ،‬بغية‬
‫تأهيله‪ .‬ويقوم هذا النظام على فكرة تأجيل إجراءات معاقبـة المتهم نتيجة لرغبة المحكمة في عدم تنفيذ العقوبة‬
‫المستحقة في بعض المتهمين الذين تكشف ظروفهمـ على أنهم ال يحتاجون إليها ومن األفضل عالجهم خارج‬
‫المؤسسات العقابية‪ ،‬مع أخذ تعهد على المحكوم عليه بأال يسوء سلوكه مستقبال وإال تسير المحكمة في‬
‫إجراءات الدعوى التي أوقفتها (‪.)2‬‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬مبارك عبد العزيز النويبت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.542‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬فاضل نصر هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.522‬‬

‫‪472‬‬
 ‫المطلب الثاني‬
‫شروط االمتناع عن النطق بالعقاب‬

‫للوضـع تحـت االختبار شروط‪،‬ـ هي التي تفرق بينه وبين وقف تنفيذ العقوبة‪ ،‬فهي متروكة للسلطة التقديرية‬
‫للمحكمة‪ ،‬لتأمين حسـن الرقابة على المحكوم عليه‪ ،‬ومساعدته على النجاح في تجربته‪ ،‬ومن حق المحكمة أن‬
‫تخضعه إلشرافـ مندوب يمثل السلطة العامة‪ ،‬ويجـوزـ تبديل المشرفـ إذا لم يكـن أهـال للمهمة الموكولـة‬
‫إليـه‪ ،‬أو إذا كانـت مصلحة المحكوم عليـه تقتضي ذلك‪ ،‬والخاضع لالختبارـ ال يتمتع بحريته الكاملـة‪،‬‬
‫كالشخص الذي تقرر وقف عقوبته‪ ،‬وإن كان مثلـه ال يدخـل السجن‪ ،‬كما أن مدة االختبار سنتـان ‪ ،‬فهي أقصر‬
‫من مدة وقفـ التنفيذ التي تتراوح ما بين سنتين إلى خمس سنوات‪ ،‬حسبما يراه القاضي (‪.)1‬‬
‫وهذه الشروطـ منها ما يتعلق بالجريمة وأخرىـ تتعلق بشخص المتهم‪.‬‬
‫أوال" الشروط المتعلقة بالجريمة‪:0‬‬
‫إن المشـرع استبعـد الجرائم المعاقب عليها باإلعدام أو بالغرامة من تقرير االمتناع عن النطق بالعقاب‪ ،‬ولم‬
‫يضع المشرعـ شروطا ً أخرى متعلقة بالجريمة‪ ،‬وذلك إلعطاء الفرصة للقاضي لكي يركز اهتمامه على‬
‫شخصية المتهم وتشجيعه على نهج السلوك القويم ليفلت نهائيا ً من العقاب‪ ،‬بصرف النظر عن جريمته (‪.)2‬‬
‫وفـي ذلك قضت محكمة التمييز (‪ )3‬بأن‪« :‬كل ما يتطلبه القانون في الجريمة التي يسري عليها حكم المادة‬
‫‪ 81‬هو أن يكون المشرع فرض فيها الحبس كعقوبة على مرتكبها‪ ،‬فإن كانت الجريمة معاقبا ً عليها بالحبس‬
‫والغرامة أو أحدهما ووجد القاضي أنها تستوجبـ أن يحكم على المتهم بالحبس كان لـه أن يقرر االمتناع‬
‫_______________________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الوهاب حومد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.389‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬فاضل نصر هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.523‬‬
‫(‪ )3‬الطعـن رقـم ‪ 45‬لسنـة ‪ 1980‬جزائـي جلسة ‪ 1980/6/23‬مجلـة القضاء والقانون س‪ 9‬عدد ‪ 3‬رقم‪16‬‬
‫ص‪ ،249‬أشار إليه د‪ .‬مبارك عبد العزيزـ النويبت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صة ص‪.545‬‬

‫عـن النـطـق بالعقاب عند توافرـ موجباته‪ ،‬بما يعني أن حكم المادة ‪ -‬والخطاب منها موجه للمحكمة ‪ -‬يسريـ‬
‫على كل جريمة يوجب فيها القانون عقوبة الحبس والغرامـة أو أحدهما مادام أن عقوبة الحبس مقـررة فيها‪،‬‬
‫وال يخرج من مجال تطبيقهـا إال الجرائم التي اقتصرـ فيها المشرع على تقرير عقوبة وحدها على مرتكبهـا‪.‬‬
‫والقـول بغير ذلك يتعارض تماما ً مع ما أشارت إليه المادة من اعتبار تفاهـة الجريمـة سببا من األسباب التي‬
‫تجيز االمتناع عن النطق بالعقاب‪ ،‬كما يتجافىـ مع البين من استقراء نصوص قانون الجزاء من أن عقوبة‬
‫الحبس وحدها أو بإضافـة الغرامة إليها لم تقرر إال في جرائم القتل العمد والخطفـ والمواقعة وهتك العرض‬
‫باإلكراه‪ ،‬وبعض جرائم أمـن الدولة وغيرها مـن الجرائم ذات الخطر البالغ وهي التي تتناولهاـ ثالثة حاالت‬
‫تخفيف العقوبة وأشدها في المادة ‪ 83‬حيث وضع القانون حدوداً دنيـا للعقوبة وال يجوز النـزول عنها عند‬
‫‪473‬‬
 ‫توافر الظـروف المخففة‪ ،‬وال يتصورـ أن يكون المشـرع قد خص مثل هـذه الجرائم الخطيرة بجواز االمتناع‬
‫عن النطق بالعقاب فيها دون الجرائم األقل خطراً أو التافهة والتي يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة أو‬
‫بإحداهما خصوصاًـ ولن حالـة االمتناع عن النطق بالعقـاب هـي أخف الحاالت وقدـ راعـي المشرع فيها أن‬
‫يعطي القاضي سلطة واسعة حتى بالنسبة لحالة وقفـ التنفيذ الذي ال يرد إال بعد أن يحكم القاضي بالعقوبة في‬
‫الحدود التي رسمتهاـ المادة ‪83‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط المتعلقة بالمتهم‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 1/81‬جزاء على أنه‪« :‬إذا اتهم شخص‪ ...‬جاز للمحكمة إذا رأت مـن أخـالق المتهم‪ ،‬أو ماضيـه‪،‬‬
‫أو سنه‪ ،‬أو الظروف التي ارتكبت فيها جريمته أو تفاهة هـذه الجريمة ما يبعث على االعتقاد بأنه لن يعود إلى‬
‫اإلجرام أن تقرر االمتناع عن النطق بالعقاب»‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬فإنـه إذا كان الغرض من نظام االمتناع عن‬
‫النطق بالعقاب هو إعطاء الجاني فرصة لإلفالت من عقوبة الحبس بما لها من آثار ضارة كثيرة فإن المشرع‬
‫ترك للقاضـي حرية تحديد المستفيد من هذا النظـام باعتباره‬

‫اسلوبـا ً مـن أساليب المعاملة العقابية الهادفة إلى تجنيب المحكوم عليه مساوئـ الحبس قصيرـ المدة‪،‬‬
‫ويحدد القاضي مدى جدارة المتهم به بعد الفحص الدقيق الذي يجري عليه بواسطـة المختصين‪ ،‬ويتقررـ‬
‫االختبار بناء على نتائج الفحص المتعلقة بالجريمة بشخصية المتهم ومدىـ خطورته اإلجرامية‪ ،‬ودون‬
‫‪.‬النظر إلى نوع الجريمة أو جسامتها (‪)1‬‬
‫_______________________________‬
‫د‪ .‬فاضل نصر هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪(1) 524‬‬

‫الطالبة‪ :‬مها سليم مزعل محمد‬

‫‪:‬الرقم الجامعي‪2152139461‬‬
‫‪:‬رقم التسلسل‪4‬‬

‫‪474‬‬