Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 106

‫جامعة حممد بوضياف ‪ -‬املسيلة‬

‫كلية احلقـوق والعلوم السياسية‬


‫قسم العلوم السياسيـة والعالقات الدولية‬

‫مطبوعة تتضمّن حماضرات يف‪:‬‬

‫املاليــــة العامــــة‬

‫لطلبة السنة الثالثة علوم سياسية وعالقات دولية‬


‫فرع التنظيم السياسي واالداري‬

‫إعدإد إدلكتور‪ :‬بن معيـر جامل إدلين‬


‫(أس تاذ حمارض " أ " يف إلعلوم إلس ياس ية)‬
‫‪djameleddine.benamier@univ-msila.dz‬‬

‫منشور يف إلرضية إلرمقية جلامعة محمد بوضياف – إملس يةل [موودل ‪]MOODLE‬‬
‫‪https://elearning.univ-msila.dz/moodle/course/view.php?id=6003‬‬

‫السنة الجامعية‪2021 / 2020 :‬‬


‫‪BENAMIER Djamel Eddine‬‬

‫‪:‬‬

‫خمسة محاور تصبّ كلّها في محتوى‬ ‫تتضمّن مطبوعة‬


‫المقرّر المعتمد من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الخاصة بالعلوم السياسية‬
‫ضمن مقياس‪ :‬المالية العامة‪ ،‬وفق مقاربة منهجية تعتمد على التحليل القانوني واالقتصادي‬
‫واالجتماعي والسياسي والتنظيمي لمضامين علم المالية العامة‪ ،‬فأمّا المحور األوّل فيض ّم‬
‫جانبا معرفيا لمفهوم علم المالية العامة‪ ،‬ويتضمّن الثاني السياسات المالية والنقدية وأدوارها‬
‫االقتصادية والتنموية‪ ،‬في حين تشمل المحاور الثالثة األخرى؛ النفقات العامة‪ ،‬اإليرادات‬
‫العامة والميزانية العامة على التوالي‪ ،‬وهي الموضوعات األساسية لعلم المالية العامة‪.‬‬

‫‪ :‬المالية العامة‪ ،‬مالية الدولة‪ ،‬السياسة المالية‪ ،‬السياسة االقتصادية‪ ،‬النفقات‬


‫العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ .1‬تعريف المالية العامة ‪Finance publique‬‬


‫‪ .2‬نشأة وتطوّر المالية العامة‬
‫‪ .3‬المقارنة بين المالية العامة والمالية الخاصة‬
‫‪ .4‬عالقة علم المالية العامة ببعض العلوم األخرى‬
‫‪ .5‬منظومة العلوم المالية‬
‫‪ .6‬المصادر القانونية والتنظيمية للمالية العامة‬

‫‪ .1‬مقاربة معرفية لمفهوم السياسة المالية‬


‫‪ .2‬أدوات السياسة المالية‬
‫‪ .3‬دور السياسة المالية في كل من الدول المتقدمة والنامية‬
‫‪ .4‬السياسة النقدية وأهميتها في توازن االقتصاد الوطني‬
‫‪ .5‬العالقة التكاملية بين السياسات المالية والنقدية‬

‫‪Les dépenses publiques‬‬

‫‪ .1‬الحاجات؛ تعريفها وأنواعها‬


‫‪ .2‬التعريف بالنفقة العامة وتحديد طبيعتها‬
‫‪ .3‬صور النفقات العامة‬
‫‪ .4‬تقسيم النفقات العامة‬

‫‪-1-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ .5‬أسباب تزايد النفقات العامة (مرفق بجدولين يوضّحان تزايد النفقات العمومية)‬
‫‪ .6‬أسباب انخفاض النفقات العمومية‬
‫‪ .7‬اآلثار االقتصادية للنفقات العامة‬

‫‪Les recettes publiques‬‬

‫‪ .1‬التعريف باإليرادات العامة‬


‫‪ .2‬تصنيف اإليرادات العامة‬
‫‪ .3‬اإليرادات العامة العادية‪ :‬الضرائب‪ ،‬أمالك الدولة‪ ،‬الرسوم‪ ،‬اإلتاوات‪ ،‬الغرامة‬
‫‪ .4‬اإليرادات العامة غير العادية‪:‬‬
‫‪ -‬القروض العامة‪ :‬تعريفها‪ ،‬أهدافها وآثارها االقتصادية‬
‫‪ -‬اإلصدار النقدي‬

‫‪Le budget publique‬‬

‫‪ .1‬التعريف بالميزانية العامة‬


‫‪ .2‬أهمية الميزانية العامة‬
‫‪ .3‬مبادئ وقواعد الميزانية العامة‬
‫‪ .4‬دورة الميزانية العامة‬
‫‪ -‬تحضير الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تنفيذ الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬مراقبة الميزانية العامة‪.‬‬

‫‪-2-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫مدخل عام‬
‫لدراسة علم المالية العامة‬

‫‪-3-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫تمارس الدولة مجموعة من الوظائف في المجتمع من أجل تلبية مختلف الحاجات‬


‫العامة في عدّة مجاالت‪ ،‬ومن أجل القيام بذلك يلزمها وسائل كثيرة‪ ،‬أبرزها الوسائل‬
‫البشرية والمالية حتى تتمكّن من تحقيق وتلبية المتطلّبات والرغبات في المجتمع‪ ،‬وعلى‬
‫هذا االعتبار فإنّ األموال تعتبر أحد أهم الدعامات األساسية في هذا المجال‪ ،‬ال سيما‬
‫وأنّها مرتبطة بتلبية تلك الحاجات العامة وتنفيذ برامج التنمية االقتصادية واالجتماعية‬
‫تحقيقا ألهداف الرقي والتقدم‪.‬‬
‫إنّ فكرة إدارة وتسيير أموال الدولة ليست بالفكرة الحديثة‪ ،‬وإنّما هي فكرة قديمة‬
‫سادت المجتمعات والحضارات السالفة‪ ،‬رغم االختالف والتباين من حيث حجم األموال‬
‫وطرق تسييرها‪ ،‬فضال عن اإلطار القانوني المحدّد لذلك‪ ،‬لكن التطوّرات التي شهدتها‬
‫اإلنسانية والتغيّرات التي طرأت على مختلف مناحي الحياة والتقدم االقتصادي الذي‬
‫عرفته الدول استلزم ضرورة االهتمام أكثر بعملية انفاق الدولة لألموال وكيفية تحصيلها‪،‬‬
‫حيث تجسّد ذلك في فكرة الميزانية العمومية‪ ،‬فظهرت ألوّل مرّة في بريطانيا خالل‬
‫القرن ‪17‬م‪ ،‬وبعدها في فرنسا في القرن ‪19‬م‪ ،‬إذ أنها غدت وثيقة مهمّة تصدر في شكل‬
‫قانون‪ ،‬تتضمّن مصروفات الدولة على مختلف قطاعاتها والموارد المالية الواجب‬
‫تحصيلها لتنفيذ برامجها وخططها التنموية على الصعيد االقتصادي واالجتماعي وعلى‬
‫مختلف المجاالت واألصعدة‪.‬‬
‫لقد شهد علم المالية العامة تطوّرا كبيرا منذ بداية القرن ‪20‬م‪ ،‬وفي خضمّ التطوّر‬
‫المتزايد لدور الدولة‪ ،‬اختلفت حول هذا اإلطار الفلسفات السياسية واالقتصادية‪ ،‬سيما‬
‫بين الليبرالية واالشتراكية التي سادت خالل القرن الماضي‪ ،‬ناهيك عن االختالف‬
‫السياسي والفكري الذي حدث بين المدارس االقتصادية للمذهب الليبرالي بين دعاة تدخّل‬
‫الدولة من جهة وحيادها من جهة أخرى‪.‬‬
‫يتركّز تناول علم المالية العامة في العديد من المحاور‪ ،‬أهمّها؛ الميزانية العمومية‬
‫‪ ،Budget publique‬النفقات العامة ‪ Dépenses publiques‬وااليرادات العامة‬
‫‪ ،Recettes publiques‬ولهذا فإنّ هذه العناصر تعدّ الموضوعات األساسية لعلم المالية‬

‫‪-4-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫العامة‪ ،‬حيث ينصبّ تركيزنا عليها وفق مقاربات التحليل القائمة على األساس القانوني‪،‬‬
‫االقتصادي‪ ،‬المالي‪ ،‬السياسي واالجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬النفقات العامة ‪.Dépenses publiques‬‬
‫‪ -‬اإليرادات العامة ‪.Recettes publiques‬‬
‫‪ -‬الميزانية العامة ‪.Budget publique‬‬
‫وتتركّز دراسة علم المالية العامة ضمن تخصّصنا على أكثر من مقاربة لتحليل‪،‬‬
‫فال يقتصر البحث على الجانب القانوني فحسب‪ ،‬بل يشمل الميدان االقتصادي أيضا‪ ،‬من‬
‫أجل أن نضفي الطابع االقتصادي والمالي واالجتماعي إلى جانب المقاربة القانونية في‬
‫هذا اإلطار‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫ألول‪:‬‬
‫المحور ا ّ‬
‫علم المالية العامة‪ :‬قضايا المنهجية والتعاريف‬

‫‪ .1‬تعريف المالية العامة ‪Finance publique‬‬


‫وتطور المالية العامة‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬نشأة‬
‫‪ .3‬المقارنة بين المالية العامة والمالية الخاصة‬
‫‪ .4‬عالقة علم المالية العامة ببعض العلوم األخرى‬
‫‪ .5‬منظومة العلوم المالية‬
‫‪ .6‬المصادر القانونية والتنظيمية للمالية العامة‬

‫‪-6-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪:‬‬

‫تتطلّب الدراسات والبحوث في العلوم االجتماعية واإلنسانية تحديدا مسبقًا للمفاهيم‬


‫المتعلّقة بالظاهرة موضوع البحث‪ ،‬وفي نطاق موضوعنا هذا يظهر مصطلح «المالية‬
‫العامة» م صطلحا أساسيا‪ ،‬يشمل مضمون مطبوعة المحاضرات هذه‪ ،‬فنحاول في هذا‬
‫المحور ضبط معناه‪ ،‬وتحديد مقاصده‪ ،‬وتطوّره التاريخي وعالقته بالعلوم األخرى‪،‬‬
‫فضال عن مقارنته بمفاهيم أخرى مشابهة له‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫في المعنى الشائع للمالية العامة يقصد بها مالية األشخاص المعنوية الخاضعين‬
‫للقانون العام الداخلي في الدولة‪ ،‬والتي تشمل أساسا الدولة في المقام األول‪ ،‬الجماعات‬
‫اإلقليمية‪ ،‬المؤسسات العامة أو المرافق العامة ومنظمات أخرى للقانون العام‪ ،‬وهذا‬
‫المعنى هو أكثر انتشار في األوساط الجامعية والبرامج األكاديمية(‪.)1‬‬
‫عندما نقوم بتفكيك مصطلح ̎ المالية العامة ̎‪ ،‬نجده يتشكّل من شقّين‪ ،‬األوّل‪ :‬المالية‬
‫‪ ،Finance‬والثاني‪ :‬العامة ‪ ،Publique‬حيث تطلق كلمة المال على ك ّل ما ينتفع به‬
‫وليس فقط للداللة على النقود في شكلها المعدني والورقي‪ ،‬وهو كل ما يقيّم بثمن أيّا كان‬
‫نوعه‪ ،‬وهو في المفهوم اإلسالمي يدلّ على معنى «الملك»‪ ،‬ويقابله في اللّغة الفرنسية‬
‫بكلمة «‪ »Les biens‬التي تترجم إلى الخيرات أو الطيّبات‪ ،‬وفي الالتينية تعني كلمة‬
‫المالية «‪ »Finance‬الدفع‪ ،‬وعليه تعرّف المالية على أنّها‪ :‬عالقات نقدية بين الناس‬
‫والمؤسسات تتخذ شكل دخول إيرادات ونفقات‪ ،‬وعلم المالية يتناول تكوين واستخدام‬
‫الموارد المالية في االقتصاد الوطني والدولي حول حركة الموارد والحاجات العامة‬
‫وتحقيق التوازن بينهما(‪.)2‬‬

‫‪ ،2015-2014 ،‬ص‪.1‬‬ ‫‪ - 1‬حراق مصباح‪،‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪- Mohamed HARAKAT, Les Finances publiques et les impératifs de la performance: Le cas‬‬
‫‪du Maroc, Paris: L’Harmattan, 2011, p27.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫الذمّة المالية بما فيها من جانبين؛ ايجابي وسلبي (جانب‬ ‫وتعني الكلمة‬
‫دائن وآخر مدين)‪.‬‬
‫‪ -‬الجانب االيجابي (الدائن)؛ يتمثّل في ايرادات الدولة ‪ recettes publique‬بما لها‬
‫‪.‬‬ ‫من‬
‫‪ -‬الجانب السلبي (المدين)؛ ويتمثّل في النفقات العامة ‪ dépenses publique‬التي‬
‫يتوجب على الدولة (االدارة العامة) صرفها(‪.)1‬‬
‫ص‬
‫ووصف المالية بأنها عامة ‪ publique‬وليست خاصة ‪ ،privé‬يعني أنّها تخ ّ‬
‫مالية اإلدارات والهيئات والسلطات العمومية‪ ،‬والتي تشمل األشخاص المعنوية العامة‬
‫القائمة والموجودة بالدولة(‪ ،)2‬ولهذا فإ ّ‬
‫ن مصطلح المالية العامة أوسع من مصطلح مالية‬
‫الدولة‪ ،‬وذلك لكون أنّها تشمل مالية أشخاص القانون العام‪ ،‬والمتمثّلة في الهيئات العامة‬
‫المحلية ومجالس المحافظات أو الواليات‪ ،‬والبلديات(‪ ،)3‬ومالية السلطات والهيئات العامة‬
‫ن تركيزنا سيكون منصبّا على مالية الدولة؛ النفقات‬
‫على المستوى المركزي‪ ،‬رغم أ ّ‬
‫العمومية وااليرادات العمومية والميزانية العمومية‪.‬‬
‫يقع على عاتق الدولة إشباع الحاجات الجماعية‪ ،‬كالحاجة على األمن الداخلي‬
‫والخارجي والتعليم وتسيير سبل االتصاالت ‪ ...‬ولكي تتمكّن من أداء هذه الواجبات‬
‫عليها إنفاق مبالغ نقدية للحصول األسلحة واألبنية واألثاث ‪ ...‬وعلى خدمات موظّفيها‪،‬‬
‫وهو ما يعرف باسم «النفقات العامة»‪ .‬لكن للقيام بذلك على السلطة توفير مبالغ مالية‬
‫لتوفير هذه الخدمات‪ ،‬حيث تتحصّل عليها من عدّة أبواب‪ ،‬كإيرادات أمالكها‪ ،‬الضرائب‬
‫المفروضة على األفراد‪ ،‬والرسوم التي تحصّلها لقاء بعض الخدمات التي تؤدّيها‪ ،‬فضال‬
‫عن القروض التي تعقدها‪ ،‬وهذا ما يسمى ب «اإليرادات العامة»‪ ،‬كلّ ذلك يسير وفق‬

‫‪ ،‬الجزائر‪ :‬مطبعة الرابط‪[ ،‬د‪.‬س‪.‬ط]‪ ،‬ص‪.01‬‬ ‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪،‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة نهضة مصر‪ ،1960 ،‬ص‪.6‬‬ ‫‪ - 3‬محمد حلمي مراد‪،‬‬

‫‪-8-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫برنامج محدّد وقواعد مرسومة لمدّة مقبلة غالبا ما تكون سنة‪ ،‬تحدّد في وثيقة يطلق‬
‫عليها ب «الميزانية العامة»(‪.)1‬‬
‫إنّ تطوّر الفكر المالي واالقتصادي ترتّب عنه بروز العديد من التعاريف لعلم‬
‫المالية العامة‪ ،‬تركّزت أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ :‬علم المالية العامة هي علم الوسائل التي تستطيع الدولة بواسطتها‬ ‫‪-‬‬
‫الحصول على الموارد الالّزمة لتغطية نفقاتها العامة عن طريق توزيع األعباء المترتبة‬
‫عن ذلك بين المواطنين(‪.)2‬‬
‫ن علم المالية العامة هو العلم الذي يبحث في نشاط الدولة عندما‬
‫‪:‬إّ‬ ‫‪-‬‬
‫تستخدم الوسائل المالية من نفقات‪ ،‬رسوم‪ ،‬ضرائب وقروض ووسائل نقدية وموازنة‬
‫‪ ...‬لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية واالجتماعية والثقافية وغيرها(‪.)3‬‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬التعريفين السابقين مرتبطان بتطور وظيفة الدولة‪ ،‬من الدولة الحارسة (التعريف‬
‫األوّل) إلى دولة الرفاهية (التعريف الثاني)‪.‬‬
‫‪ -‬التعريف الكالسيكي (التعريف األول) يحصر دور الدولة في جمع الموارد التي تمكنها‬
‫من أداء وظائفها االدارية االساسية المتمثلة في األمن والدفاع‪ ،‬العدالة وسير األمور‬
‫االدارية‪ ،‬دون االهتمام بتنظيم النشاط االقتصادي لتحقيق المنفعة العامة‪ ،‬ألنّ الموازنة‬
‫بين المصالح العامة و المصالح الخاصة للرأسمالية حسب المفهوم الكالسيكي يتحقّق‬
‫بواسطة ̋ يد خفية ̏ أو ̋ سحرية ̏ على ح ّد تعبير (آدم سميث) وأتباعه(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.01‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.2‬‬

‫‪-9-‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ -‬أما التعريف الثاني جاء نتيج ًة لألفكار التي نادت بها المدرسة الكنزية نسبة لمؤسّسها‬
‫(جون مينارد كينز)‪ ،‬من أجل تصحيح مسار الرأسمالية وذلك بتدخل الدولة في تنظيم‬
‫النشاط االقتصادي من خالل جملة من األدوات‪ ،‬أهّمها‪ :‬زيادة االنفاق(‪.)1‬‬

‫‪.‬‬
‫لم تكن مالية الدولة بالمعنى الحالي معروفة في العصور القديمة والقرون الوسطى‪،‬‬
‫إذ لم تكن منفصلة عن مالية الملك أو األمير‪ ،‬حيث كانت تختلط بما ينفقه الملك أو‬
‫األمير على أسرته أو حاشيته‪ ،‬غير أن انفصالها عن ذلك كان بسبب ظهور وتزايد‬
‫الوعي القومي وتقدم الشعوب وازدياد حاجاتهم الجماعية‪ ،‬فعندما كان األمير أو الملك‬
‫بحاجة إلى فرض الضرائب بدأت الشعوب تطالب بوضع قواعد لمالية الدولة وبضرورة‬
‫ن النفقات‬
‫موافقة ممثلي الشعب على تقرير الضرائب وعلى كيفية إنفاق حصيلتها‪ ،‬كما أ ّ‬
‫العامة بمفهومها المعاصر لم تكن موجودة في السابق‪ ،‬حيث أن الدولة كانت تستولي‬
‫على ما تحتاجه من أموال األفراد جبريا دون مقابل‪ ،‬كما كانت تستخدم بعض األفراد‬
‫في أداء المهام العامة سخرة دون مقابل‪ ،‬والقضاة كانوا يتقاضون دخولهم من أصحاب‬
‫القضايا نظير الفصل في خصوماتهم كأتعاب لهم‪ ،‬وبذلك لم تكن الدولة تخرج نقودا من‬
‫ذمّتها المالية كما هو الحال اآلن(‪.)2‬‬
‫ن‬
‫وإذا تطرقنا إلى تطوّر المالية العامة عبر العصور نجد بعض المؤشرات التي تؤكّد أ ّ‬
‫الحضارات القديمة أوجدت طرقا عدة لمضامين تدخل الدولة بواسطة ماليتها‪ ،‬على الرغم‬
‫من محدودية ذلك‪ ،‬ففي عهد الفراعنة‪ ،‬أي قبل ‪ 3600‬ق‪.‬م كان الملك (الفرعون)‬
‫شخصية ميتافيزيقية يستحوذ على الضمير الجماعي‪ ،‬وقد كان يفرض الضرائب من أجل‬
‫تمويل الجيش(‪ ،)3‬كما أن القرآن حدّثنا في قصة سيّدنا يوسف عليه السالم أنّه كان يسيّر‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫مالية الدولة(‪ ،)1‬حيث يمكن اعتباره بمثابة وزير أوّل يشرف على نفقات وإيرادات‬
‫المملكة‪ ،‬ف شهدت الحضارة الفرعونية آنذاك ازدهارا وتقدما بارزا كما تؤكّده الكتابات‬
‫التاريخية في هذا المجال‪.‬‬
‫أمّا عند اإلغريقيين فقد كانت الضرائب في المدن اليونانية مصدرا أساسيا لتجهيز الجيش‬
‫وتوفير األمن والطمأنينة للمواطنين‪ ،‬وقد تضمّنت كتابات أرسطو وأفالطون بعض‬
‫الجوانب من مالية الدولة(‪.)2‬‬
‫وفي العصور الوسطى يمكن أن نميّز بين ما كان سائدا عند األوروبيين من جهة وعند‬
‫المسلمين من جهة أخرى‪ ،‬فأمّا ما كان سائدا لدى األوروبيين فإنّ اإلمبراطورية الرومانية‬
‫كانت قد سيطرت على أوروبا وكثير من المناطق المجاورة لها‪ ،‬وقد اعتمدت في ذلك‬
‫على الضرائب وبعض المشروعات االستراتيجية كصناعة األسلحة‪ .‬وما ميّز العصور‬
‫الوسطى في أوروبا هو أنّ الضريبة كانت تشكّل ركنا أساسيا في النظام السياسي‬
‫واالقطاعي‪.‬‬
‫أمّا عند المسلمين فقد تطوّرت دولتهم واتّسعت‪ ،‬وساد فيها نظام مالي متميّز‪ ،‬تكلّم عنه‬
‫العديد من مفكرّي اإلسالم ومنهم الفقيه (المواردي) في كتابه «األحكام السلطانية‬
‫والواليات الدينية» بشيء من التفصيل عن تطوّر الفكر المالي في العصور الوسطى‬
‫لدى المسلمين‪ ،‬ال سيما في البابين الثاني عشر والثالث عشر من كتابه(‪.)3‬‬
‫في عهد عمر بن الخطاب (رضي اهلل عنه) الذي أسّس بيت امال (الديوان) من أجل‬
‫حفظ ما يتعلّق بحقوق السلطنة من األعمال واألموال‪ ،‬هذا الديوان يشبه اليوم وزارة‬

‫»‪،‬‬ ‫«‬
‫‪ - 1‬يقول اهلل تعالى على لسان سيدنا يوسف عليه السالم‪:‬‬
‫أنظر‪ :‬القرآن العظيم‪ ،‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية ‪.55‬‬
‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ ،‬الكويت‪ :‬مكتبة دار‬ ‫‪ - 3‬أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي‪،‬‬
‫ابن قتيبة‪.1989 ،‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫المالية‪ ،‬وسبب تأسيسه أنّ أبا هريرة أتى بمبلغ من المال من البحرين (يقال ‪500.000‬‬
‫درهم)‪ ،‬فأشار رجل من الرعية على عمر بتدوين الديوان‪ ،‬وهذا إليجاد التوازن‬
‫االجتماعي بين الفقراء واألغنياء(‪ .)1‬ما يميّز النظام المالي في الحضارة اإلسالمية أنه‬
‫يتميّز عن باقي النظم الوضعية بتعدّد األوعية المالية‪ ،‬وهي غزيرة في مواردها متنوعة‬
‫ومستدامة‪ ،‬وعلى رأسها؛ الزكاة التي تحكمها جملة من الضوابط واألحكام‪.‬‬
‫أمّا في العصر الحديث‪ ،‬فإنّ معظم المراجع في علم المالية العامة تركّز على هذه المرحلة‬
‫باعتبارها مرحلة تأسيس لمالية الدولة سيما في القرن ‪ ،)2(19‬وقد شاع بعدها ما يسمى‬
‫علم المالية المعاصر‪.‬‬
‫لقد ساد العالم في العصر الحديث أثناءه نظامان اقتصاديان؛ النظام الرأسمالي والنظام‬
‫االشتراكي‪ ،‬حيث تميّزت فيهما المالية العامة بصفة عامة ومالية الدولة بصفة خاصة‬
‫بعدّة مظاهر وخصائص‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ،‬والتي شهدت مرحلتين أساسيتين تميّزتا بجدل جوهري‬ ‫فأما في‬
‫حول دور الدولة في االقتصاد؛‬
‫؛‬ ‫‪ -‬مرحلة‬
‫ترجع بوادر هذه المرحلة إلى المدرسة التجارية التي نادت بمبدأ الحرية االقتصادية‬
‫وعدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬وأن االقتصاد الوطني في ظل نظام السوق‬
‫لديه آلية ذاتية إلعادة توازنه‪ ،‬هذه اآللية الذاتية لها قدرة التغلّب على المشاكل واألزمات‬
‫س االقتصاد‪.‬‬
‫التي يمكن أن تم ّ‬
‫من أشهر المفكرين الذين دعوا إلى عدم تدخّل الدولة في االقتصاد نذكر االسكتلندي‬
‫(‪)3‬‬
‫األستاذ (آدم سميث ‪ )A. Smith‬صاحب كتاب (بحث في طبيعة وأسباب ثروة األمم‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.05‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪- Mohamed HARAKAT, Op. Cit., pp 30-33.‬‬
‫‪ ،‬ج‪ ،1‬ترجمة‪ :‬حسني زينه‪ ،‬بغداد‪ :‬معهد الدراسات االستراتيجية‪ ،‬ط‪.2007 ،1‬‬ ‫‪ - 3‬آدم سميث‪،‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫)‪An Inquiry into the Nature and Causes of the Wealth of Nations‬‬
‫المعروف ب (ثروة األمم) عام ‪ ،1776‬حيث عالج فيه مسألة الضرائب ونادى بالنظام‬
‫الرأسمالي‪ ،‬ورفض تدخل الحكومة في االقتصاد‪ ،‬ودعى بوجوب تركه لقوى العرض‬
‫والطلب‪ ،‬وقد تاله قانون (ساي ‪ )Say‬لصاحبه (جون باتيست ساي ‪Jean Baptiste‬‬
‫‪ ،)Say‬هذا القانون المشهور والمعروف بقانون المنافذ والذي مفاده «العرض يخلق‬
‫الطلب»(‪ ،)1‬وما على الدولة إالّ توفير الخدمات ذات الطابع االجتماعي (الدفاع الوطني‪،‬‬
‫العدالة والمرافق العامة األساسية األخرى في الدولة)‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫على هذا األساس بنيت قواعد المالية العامة‪ ،‬وقد كان توازن الميزانية غاية أساسية‬
‫(التوازن المالي الذي يعني التوازن بين النفقات العامة وااليرادات العامة)‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة‬
‫لقد ترتّب على اتباع العديد من الدول الغربية للفكر الرأسمالي الكالسيكي بشكل مفرط‬
‫نتائج وخيمة وأزمات اقتصادية واجتماعية‪ ،‬كان أهمّها أزمة الكساد العالمي عام ‪،1929‬‬
‫كما ترتّب عنها تراجع أطروحات الكالسيكيين وتراجع قانون ساي‪ ،‬وظهرت النظرية‬
‫الكنزية من قبل الوزير وعالم االقتصاد البريطاني (جون مينارد كينز ‪John Maynard‬‬
‫‪ )Keynes‬في كتابه (النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود)(‪ ،)3‬حيث رفض (كينز)‬
‫ن مستوى التشغيل واإلنتاج يتوقّف على الطلب الكلّي‬
‫قانون ساي‪ ،‬وخلصت نظريته إلى أ ّ‬
‫(‪)4‬‬
‫مستخدمة عدّة أدوات‪ ،‬أهمّها؛ النفقات‪،‬‬ ‫الفعّال‪ ،‬وأنّ الطلب يتجدّد بتدخّل الدولة‬
‫اإلعانات‪ ،‬اإليرادات‪ ،‬الضرائب‪ ،‬القروض واالدّخار‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.05‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ ،‬ترجمة‪ :‬إلهام عيداروس‪ ،‬أبو ظبي‪ :‬هيئة أبو‬ ‫‪ - 3‬جون ماينارد كينز‪،‬‬
‫ظبي للثقافة والتراث (كلمة)‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫‪ - 4‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.06‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫لقد أصبح دور المالية العامة محوريا يهدف إلى تنظيم شؤون الدولة والمجتمع في شتى‬
‫المجاالت‪ ،‬حيث أصبحت أداة رئيسية للتأثير على مجمل النشاط االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫فإنّ نمط االقتصاد الوطني كان قائما على‬ ‫وأمّا في الدول التي أخذت‬
‫التخطيط والملكية العامة لوسائل اإلنتاج‪ ،‬وهي أساس سير النظام االقتصادي‪ ،‬والمالية‬
‫العامة في هذه الدول لها دور أكبر وأوسع‪ ،‬ويرجع ذلك التّساع نطاق نشاط القطاع‬
‫العام‪ ،‬واضطالع أجهزة الدولة بالجانب األكبر من األنشطة االقتصادية‪ ،‬وهذا ما كان‬
‫سائدا في االتحاد السوفياتي سابقا‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك‪ ،‬فإنّ الميزانية العامة في الدول االشتراكية تتميّز بضخامة دورها في‬
‫التمويل‪ ،‬باإلضافة إلى دور األجهزة الحكومية في الرقابة التي تمارس على مختلف‬
‫أوجه النشاط االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ولهذا فإنّه يطلق على الميزانية العامة في االقتصاد‬
‫"(‪.)1‬‬ ‫االشتراكي ب "‬

‫‪.‬‬
‫هناك عدّة أوجه للتمييز بين المالية العامة والمالية الخاصة‪ ،‬وأهم هذه األوجه‪ ،‬ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫هدف المالية العامة هو تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وبالتالي فنشاطها وعمليّاتها تقع‬
‫في دائرة المنفعة العامة‪ ،‬أي إلشباع الحاجات الجماعية األساسية للمجتمع‪ ،‬بينما المالية‬
‫ن الحافز لدى األفراد‬
‫الخاصة ينحصر هدفها في تحقيق الربح إلى أقصى ما يمكن‪ ،‬أل ّ‬
‫والمؤسسات الخاصة هو تحقيق فائدة وربح مادي خاص(‪.)2‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫‪ - 2‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪،‬‬
‫عنابة(الجزائر)‪ :‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،2003 ،‬ص‪.12‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫تتمتّع الدولة بسلطة االلزام واالكراه بتحصيل الضرائب وغيرها‪ ،‬حيث تعتمد على‬
‫وسائل القسر واالجبار في الحصول على أموالها‪.‬‬
‫بينما تفتقر المالية الخاصة إلى هذا العنصر‪ ،‬إذ تحصّل إيراداتها عن طريق‬
‫االختيار والتعاقد وبيع منتجاتها‪ ،‬إال في الحاالت التي يتمتّع نشاطها باالحتكار القانوني‬
‫فتفرض إيراداتها على االفراد المستهلكين(‪.)1‬‬

‫تتّسم المالية العامة بميزة المسؤولية والرقابة األوسع لكونها تتعلّق بأموال تخصّ‬
‫الصالح العام‪ ،‬فااللتزام فيها دقيق والتصرّف بأموالها يكون أدقا‪ ،‬حيث تحظى بحماية‬
‫قانونية شديدة ومتميّزة‪ ،‬وفي حالة المخالفة عند التصرّف بالمال العام فإنّ الموظف‬
‫المخا لف يتعرّض لعقوبة جنائية وتأديبية‪ .‬في حين نجد في المالية الخاصة ال تزيد‬
‫العقوبة عن اإلفالس (حالة التجّار)‪.‬‬
‫وعلى صعيد الرقابة‪ ،‬فإنّ األموال العامة تخضع لرقابة سابقة وآنية والحقة‬
‫وغيرها‪ ،‬والتي تفرض من السلطة التنفيذية‪ ،‬القضائية والتشريعية (كما سنرى ذلك في‬
‫الم حور الخامس)‪ ،‬وتستند هذه الرقابة على عنصر السلطة عكس المالية الخاصة التي‬
‫تستند على عنصر التعاقد(‪.)2‬‬

‫بينما تتقيّد المالية الخاصة في إيراداتها المحدّدة من األرباح‪ ،‬وترتبط عملية االنفاق‬
‫لدى األفراد في ضوء ما يحصلون عليه من إيراد‪ ،‬ويتحدّد االنفاق وفق ما يبيعونه من‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪- 15 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫منتجاتهم وال يستطيعون تجاوز إيراداتهم‪ .‬أمّا في المالية العامة فتحدّد أوجه االنفاق‬
‫المختلفة ثم يتمّ تقدير اإليرادات الالزمة لتغطية ذلك االنفاق(‪.)1‬‬
‫بين الماليتين ال يعني االنفصال التّام بينهما‪ ،‬فكالهما يشكّالن‬ ‫إنّ هذه‬
‫جزءا هامّا من االقتصاد الوطني‪ ،‬حيث تتميّز العالقة بينهما بالتأثّر والتأثير المتبادل‪.‬‬
‫التي نتوصّل إليها هي التعريف اإلجرائي لعلم المالية العامة‪:‬‬ ‫و‬
‫«‬

‫‪.)2(».‬‬

‫‪.‬‬
‫يرتبط علم المالية العامة بعالقات أساسية وهامة ومؤثّرة بالعديد من العلوم‬
‫والتخصّصات األخرى‪ ،‬مثل علم االقتصاد‪ ،‬العلوم السياسية‪ ،‬القانون‪ ،‬علم االجتماع‬
‫والعلوم التطبيقية األخرى كاإلحصاء‪ ،‬يمكن تحديد طبيعة هذه العالقات فيما يلي‪:‬‬

‫توصف عالقة علم المالية العامة بعلم االقتصاد بأنّها عالقة قديمة ووثيقة ‪ ،‬وهي‬
‫عالقة الجزء بالكل‪ ،‬أي أنّ المالية العامة جزء من علم االقتصاد‪ ،‬وكلّ ميدان يؤثّر في‬
‫الميدان اآلخر(‪ ،)3‬كما أنّ القواعد العلمية المتعلّقة بالمالية العامة تتناول النظام الخاص‬
‫بالعالقات المالية للدولة التي تنعكس بشكل فعلي في عالقات اقتصادية عينية(‪ .)4‬فالظاهرة‬
‫المالية هي في حقيقتها ظاهرة اقتصادية‪ ،‬ففي األزمات االقتصادية (كأزمة الكساد‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.14-13‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ ،‬وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪ -‬جامعة بغداد ‪-‬‬ ‫‪ - 4‬طاهر الجنابي‪،‬‬
‫جامعة الموصل (العراق)‪ :‬دار الكتب للطباعة والنشر‪[ ،‬د‪.‬س‪.‬ن]‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫االقتصادي لعام ‪1929‬م) تدخّلت المالية العامة عن طريق النفقات وااليرادات العمومية‬
‫للتخفيف منها وحلّها‪ ،‬ولهذا فإنّ استخدام أدوات المالية العامة (من نفقات وإيرادات)‬
‫يؤثّر في االقتصاد‪ .‬كما تشكّل السياسة المالية والسياسة االقتصادية وحدة واحدة‪ ،‬تساهم‬
‫كلّ واحدة منها في إطار متكامل من أجل احداث االستقرار االقتصادي وتوازن االقتصاد‬
‫الوطني(‪.)1‬‬
‫واآلن هناك الكثير من الدراسات في حقل علم االقتصاد تبحث أساسا في الجوانب‬
‫واآلثار االقتصادية للمالية العامة(‪ ،)2‬م ّم يبرز العالقة الوطيدة بين الحقلين‪.‬‬

‫تتجسّد طبيعة العالقة بين علم المالية العامة وعلم القانون في كون أنّ القانون هو‬
‫األداة التنظيمية التي يلجأ إليها المشرّع لوضع القواعد العامة الملزمة في مختلف‬
‫المجاالت‪ ،‬ومنها المجال المالي‪ ،‬فجميع عناصر وأدوات المالية العامة من نفقات‬
‫وإيرادات وميزانية تأخذ شكل قواعد قانونية‪ ،‬تظهر في الدستور‪ ،‬القانون‪ ،‬النظام‬
‫والتعليمات ‪ ...‬ولهذا يتطلّب اإلحاطة بالفهم الدقيق لطبيعة هذه القواعد‪ ،‬والتي يطلق‬
‫عليها بالتشريع المالي ‪ ،Législation Financière‬وهو عبارة عن مجموعة من‬
‫القواعد القانونية التي تنظم الشؤون المالية للدولة وبخاصة دراسة ظواهر المالية العامة‬
‫من الجوانب االقتصادية واالجتماعية وتحديد العالقات بين تلك الظواهر(‪.)3‬‬
‫إنّ عمليات صرف النفقات العامة وتحصيل اإليرادات العامة إنّما تنظّمها قوانين‬
‫وتشريعات‪ ،‬ويتعلّق األمر أساسا بقانون المالية‪ ،‬باإلضافة إلى القوانين والتشريعات‬
‫األخرى‪ ،‬إذ أنّ دور هذه القوانين والتشريعات يكمن في تنظيم سير مالية الدولة‪ ،‬وكيفية‬
‫صرف نفقاتها وكيف للفرد أن يدفع الضرائب والرسوم وكيف له االستفادة من اإلعانات‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬


‫‪ - 2‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.16-15‬‬
‫‪ - 3‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪- 17 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫إنّ الدستور يعدّ أوّل آلية قانونية تتضمّن أحكام وقواعد تتعلّق بالمالية العامة‪ ،‬فدستور‬
‫(‪)1‬‬
‫يورد تلك األحكام والقواعد في المواد‪،64 ،21 ،20 ،18 ،17 :‬‬ ‫‪1996‬م‬ ‫الجزائر لعام‬
‫‪ 160 ،123 ،122 ،121‬و‪.)2(170‬‬
‫نذكر أيضا بعض القوانين في الجزائر‪ ،‬منها قانون الضرائب بموجب األمر ‪-76‬‬
‫‪ 101‬الصادر عام ‪ 1976‬المتعلّق بالضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‪ ،‬األمر رقم ‪-76‬‬
‫‪ 103‬صادر عام ‪ 1976‬المتعلّق بالطابع‪ .‬كما صدرت قوانين عديدة في هذا الشأن تنظّم‬
‫المالية العامة‪ ،‬منها؛ القانون ‪ 17-84‬الصادر عام ‪ 1984‬والمتعلّق بقوانين المالية‪ ،‬حيث‬
‫يشكّل هذا القانون العضوي اإلطاري للمالية العامة في الجزائر طبقا للمادة ‪ 123‬من‬
‫الدستور(‪.)3‬‬
‫كلّ ذلك يوضح طبيعة العالقة الوثيقة بين علم المالية العامة وعلم القانون‪ ،‬خاصة‬
‫أن هذا األخير يدرس المالية العامة من جوانبها اإلجرائية والقانونية‪.‬‬

‫إذا كانت العلوم السياسية تهتم بدراسة نظم الحكم والعالقات بين السلطات السياسية‬
‫الحاكمة فيما بينها من جهة وعالقاتها بالمواطنين من جهة ثانية‪ ،‬فإنّ علم المالية العامة‬
‫يبحث في النفقات العامة واإليرادات العامة في إطار مؤسّسات الحكم وسلطاته(‪.)4‬‬
‫كذلك تظهر العالقة بين العلوم السياسية وعلم المالية العامة في العالقة الجدلية بين‬
‫النظام المالي والنظام السياسي في الدولة الواحدة‪ ،‬وتبعا لذلك فكمية ونوعية النفقات‬
‫وااليرادات العامة تختلف بين النظام السياسي الذي يتبنى الليبيرالية أو االشتراكية‪ ،‬وتبعا‬

‫‪ « - 1‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 438-96‬مؤرّخ في ‪ 26‬رجب عام ‪ 1417‬الموافق ‪ 7‬ديسمبر سنة ‪ ،1996‬يتعلّق‬
‫بإصدار نصّ تعديل الدستور‪ ،‬المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر سنة ‪ ،1996‬في الجريدة الرّسمية للجمهورية‬
‫ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬عدد‪ 76 :‬ل ‪ 8‬ديسمبر ‪.1996‬‬ ‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية»‪،‬‬
‫‪ - 2‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪- 18 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫لطبيعة تكوين الدولة إن كانت بسيطة أو مركّبة‪ ،‬وتبعا إن كانت الدولة مستقلة أو تابعة‬
‫لغيرها‪ .‬كما تعكس الميزانية العمومية اتجاهات الحكم في إدارة البالد(‪.)1‬‬
‫هذا وتستند العلوم السياسية في بحوثها على الوثائق اإلحصائية لمالية الدولة التي‬
‫تشكل مع لومات وقاعدة بيانات لمختلف التحليالت السياسية الموضوعية لكيفية صرف‬
‫الحكومة للنفقات على مختلف القطاعات (كالدفاع‪ ،‬التعليم‪ ،‬الصناعة‪ ،‬الفالحة‬
‫والسياحة‪ ،)2()...‬مما يفسر ظواهر وسلوكات سياسية ضمن نطاق البحوث العلمية التي‬
‫ينجزها الباحثون‪.‬‬

‫تتجسّد طبيعة العالقة التي تربط المالية العامة بعلم االجتماع في كون أنّ أدوات‬
‫المالية العامة من نفقات وايرادات عامة لها آثار اجتماعية سواء قصدت الدولة ذلك أو‬
‫لم تقصد‪ ،‬وتتجسّد هذه اآلثار االجتماعية في اشباع الحاجات االجتماعية (وهذا من شأن‬
‫ن الدولة تستخدم أدواتها المالية تكون أهدافها لخدمة أغراض‬
‫علم االجتماع)‪ ،‬كما أ ّ‬
‫اجتماعية‪ ،‬وهذا بدوره يؤثّر على النظام االجتماعي برمّته في طبيعته وتكوينه‪ ،‬إذ أنّ‬
‫تأثير أدوات المالية العامة واضح على ظواهر اجتماعية بعينها(‪ ،)3‬فالدولة عندما ترفع‬
‫من قيمة الضرائب والرّسوم للحدّ من بعض الظواهر السلبية في المجتمع كاستهالك‬
‫التبغ والكحول‪ ،‬أو مثال في تحديد النسل وتنظيمه كما هو الحال في الصين‪ ،‬وهو ما‬
‫يبيّن اآلثار التي تسبّبها المالية العامة على الظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫ومن ث ّم فإنّ النظام المالي هو جزء من النظام االجتماعي وهو انعكاس له‪ ،‬وهو‬
‫أداة هامة من أدوات تحقيق أهداف النظام االجتماعي(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬


‫‪ - 2‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 3‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪.‬‬
‫إنّ صلة علم المالية العامة بباقي العلوم األخرى تشكّل في أغلب األحيان مجموعات‬
‫العلوم المالية عند مواطن التقاء بين المالية العامة والعلوم األخرى‪ ،‬فصلة المالية العام‬
‫باالقتصاد تؤدي إلى ظهور مجموعة علوم اقتصاديات المالية العامة‪ ،‬وعالقة المالية‬
‫بالسياسة تشكّل مجموعة علوم السياسة المالية ‪ ...‬وهكذا(‪ ،)1‬وفيما يلي نحدّد مواطن‬
‫االلتقاء هذه التي تجمع علم المالية العامة ومختلف العلوم الكميّة والكيفية‪:‬‬
‫‪ -‬االقتصاد ‪ +‬المالية العامة = اقتصاديات المالية العامة = مالية السلطات العامة (اإلدارة‬
‫العامة) ‪ +‬مالية المؤسسات العامة ذات الطابع االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬السياسة ‪ +‬المالية = السياسة المالية = السياسة اإلنفاقية ‪ +‬السياسة الضريبية ‪+‬‬
‫السياسة االئتمانية‪.‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ +‬المالية = التشريع المالي = التشريع الضريبي ‪ +‬التشريع الجمركي‪...‬‬
‫‪ -‬اإلدارة ‪ +‬المالية = اإلدارة المالية = التخطيط المالي ‪ +‬التسيير المالي ‪ +‬الرقابة‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ -‬العلوم الكمية ‪ +‬المالية = العلوم المالية الكمية = المحاسبة المالية ‪ +‬اإلحصاء المالي‬
‫‪ +‬الرياضيات المالية(‪.)2‬‬

‫‪.‬‬
‫للمالية العامة مصادر قانونية وأخرى تنظيمية‪ ،‬وهي ثالثة (‪:)3‬‬
‫‪ :‬هو أولى هذه المصادر وأسماها‪ ،‬إذ أنّ الدستور يحدّد المبادئ األساسية‬
‫التي تقوم عليها المالية العامة في الدولة‪ ،‬ويرسي أسسها‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 20 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫نذكر بعض هذه المبادئ من خالل مثال عن دستور الجزائر(‪ )1‬لعام ‪ 1996‬في المادة ‪،64‬‬
‫ص على‪:‬‬
‫حيث ين ّ‬
‫« كل المواطنين متساوون في أداء الضريبة‪.‬‬
‫ويجب على كل واحد أن يشارك في تمويل التكاليف العمومية‪ ،‬حسب قدرته الضريبية‪.‬‬
‫ال يجوز أن تحدث أيّة الضريبة إال بمقتضى القانون‪.‬‬
‫ي حق كيفما كان‬
‫وال يجوز أن تحدث بأثر رجعي‪ ،‬أيّة ضريبة أو جب اية‪ ،‬أو رسم أو أ ّ‬
‫نوعه‪.)2(».‬‬
‫‪ :‬تندرج تحت الدستور وتبعا له‪،‬‬
‫حيث تفصّل النفقات واإليرادات العامة بما يشبع الحاجات العامة ضمن الميزانية‬
‫العمومية‪ ،‬وما دامت الحاجات العامة للمجتمع متغيّرة من فترة ألخرى‪ ،‬تقوم الدولة‬
‫بإصدار قانون المالية كلّ سنة (تسمى السنة المالية)‪ ،‬على أن يليه قانون مالية تكميلي‬
‫لمواجهة الظروف والمستجدات(‪.)3‬‬
‫(‪ :)4‬وتتعلّق بالمراسيم والقرارات التي تتخذها الحكومة من أجل‬
‫تطبيق قوانين المالية وتحديد تفاصيل تنفيذها‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.08‬‬


‫‪« - 2‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 438-96‬مؤرّخ في ‪ 26‬رجب عام ‪ 1417‬الموافق ‪ 7‬ديسمبر سنة ‪ ،1996‬يتعلّق‬
‫بإصدار نصّ تعديل الدستور‪ ،‬المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر سنة ‪ ،1996‬في الجريدة الرّسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية»‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫المحور الثاني‪:‬‬
‫السياسات المالية والنقدية وأدوارها‬
‫االقتصادية والتنموية‬
‫‪ .1‬مقاربة معرفية لمفهوم السياسة المالية‬
‫‪ .2‬أدوات السياسة المالية‬
‫‪ .3‬دور السياسة المالية في كل من الدول المتقدمة والنامية‬
‫‪ .4‬السياسة النقدية وأهميتها في توازن االقتصاد الوطني‬
‫‪ .5‬العالقة التكاملية بين السياسات المالية والنقدية‬

‫‪- 22 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫تعدّ السياستين المالية والنقدية من أهم األدوات التي تستخدمها الدولة للتدخل في‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬حيث يتجسّد ذلك في القوانين واالجراءات التي تتخذها الحكومة بغية‬
‫التأثير في األوضاع االقتصادية السائدة المرتبطة باالقتصاد الوطني‪ ،‬تأثيرا مباشرا أو‬
‫غير مباشر‪ ،‬بهدف تنميته وإعادة توازنه‪ .‬غير أنّ هناك اختالف واضح في هذه‬
‫السياسات من بلد آلخر وهذا تبعا الختالف النظام االقتصادي والسياسي واالجتماعي‬
‫القائم في هاته الدول‪ ،‬وظروفها العامة السائدة‪ ،‬وفي هذا المحور من المطبوعة نحاول‬
‫إبراز مفهوم السياسة المالية‪ ،‬آثارها على الدخل الوطني وعلى مستوى األسعار‬
‫واالستهالك الوطني‪ ،‬وكذا الدور الذي تلعبه في كلّ من الدول المتقدمة والنامية‪ ،‬ثم نحدّد‬
‫مفهوم السياسة النقدية وأهميتها لتوازن االقتصاد الوطني‪ ،‬فضال عن إبراز العالقة‬
‫التكاملية بين السياسات المالية والنقدية‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫تتعدّد وتتنوّع التعاريف التي أعطيت للسياسة المالية‪ ،‬ويرجع ذلك إلى دور الدولة‬
‫في االقتصاديات المعاصرة‪ ،‬وأهداف السياسة االقتصادية عموما في تحقيق التنمية‬
‫االقتصادية والتوازن االقتصادي‪ ،‬على الرّغم من أنّ هذا االصطالح العلمي حديث‬
‫نسبيا‪ ،‬واستخداماته المعاصرة شاعت أكثر بعد أزمة الكساد العالمي الكبير(‪ ،)1‬وفيما يلي‬
‫مجموعة من التعاريف للسياسة المالية‪:‬‬

‫‪،‬‬ ‫‪ - 1‬عوف محمود الكفراوي‪،‬‬


‫اإلسكندرية‪ :‬مكتبة اإلشعاع للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1997 1‬ص ص‪.145-144‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ -‬العملية التي تهدف إلى تنظيم االنفاق وااليرادات في االقتصاد الوطني بغرض تحقيق‬
‫أهداف السياسية االقتصادية المتمثلة في احداث التنمية االقتصادية(‪.)1‬‬
‫‪ -‬مجموعة اإلجراءات والتدابير المتعلقة بتنظيم مختلف اإليرادات والنفقات العامة‬
‫واحداث التوازن في الميزانية العمومية للدولة(‪.)2‬‬
‫‪ -‬برنامج تخططه الدولة وتقوم بتنفيذه عن عمد مستخدمة في ذلك مصادرها اإليرادية‬
‫وبرامجها اإلنفاقية إلحداث آثار مرغوب فيها وتجنّب آثار غير مرغوب فيها على كافة‬
‫متغيّرات النشاط االقتصادي واالجتماعي تحقيقا ألهداف عامة(‪.)3‬‬
‫‪ -‬يقصد بها دراسة تحليلية للنشاط المالي للدولة وما يتبع هذا النشاط من آثار على‬
‫مختلف القطاعات‪ ،‬وهي تتضمّن تكيّيفا كميّا لحجم االنفاق العام وااليرادات العامة‪ ،‬وكذا‬
‫تكيّيفا نوعيّا ألوجه هذا االنفاق وااليرادات بغية تحقيق أهداف معينة‪ ،‬في مقدمتها‪:‬‬
‫‪ -‬النهوض باالقتصاد ودفع عجلة التنمية‪.‬‬
‫‪ -‬السعي إلى تحقيق االستقرار في االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬اتاحة الفرص المتكافئة لجمهور المواطنين وهذا بالتقريب بين طبقات المجتمع‪.‬‬
‫(تخفيف الهوة بين األفراد فيما يخص الدخل والثروات)(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬ونادي رشيد‪« ،‬آلية تدخل الدولة في النشاط االقتصادي عبر سياستها المالية»‪،‬‬
‫(جامعة بسكرة – الجزائر‪ :‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير)‪ ،‬عدد‪ ،9:‬جوان ‪ ،2011‬ص‪.111‬‬
‫‪ - 4‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫إنّ األهداف األساسية التي تتوخاها الحكومة بواسطة السياسة المالية لها تأثير بارز‬
‫في مختلف العالقات االقتصادية وعلى مجمل الحياة االقتصادية واالجتماعية والسياسية‬
‫في االقتصاد الوطني‪ ،‬وهي بذلك تترك آثارا‪ ،‬يمكن تحديدها فيما يلي‪:‬‬

‫ن توزيع الدخل من أهم أهداف السياسة المالية للدولة‪ ،‬ألن هذا الهدف يساهم في‬
‫إّ‬
‫تحديد الفئات االجتماعية التي تملك السيطرة في االقتصاد الوطني‪ ،‬السيما في ظل نظام‬
‫اقتصاد السوق‪ ،‬حيث ينحصر النشاط االقتصادي في أيدي منظّمي المشروعات الكبرى‬
‫وأولئك الذين استطاعوا من دخولهم المرتفعة أن يستثمروا في مختلف الميادين‪ ،‬وهنا‬
‫ت عمل الحكومة على تكييف نمط توزيع الدخل عن طريق السياسة المالية من خالل‬
‫احداث تغييرات في أنواع ونسب االنفاق‪ ،‬وكذا الضرائب التي تحصَّل من مختلف شرائح‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪ :‬تعمل الحكومة على زيادة نسبة الدخل التي تؤول إلى األفراد ذوي الدخل الضعيف‪،‬‬
‫فتقوم بزيادة أجورهم‪ ،‬وكذا تخفيض نسب الضرائب المفروضة عليهم من أجل تحسين‬
‫دخلهم(‪.)1‬‬

‫تعتبر األسعار من المتغيرات المهمّة في االقتصاد بالنسبة لتحديد أنواع األنشطة‬


‫التي يقبل عليها األفراد وكذا الكم الكلي للنشاط االقتصادي في المجتمع‪ .‬إذ أنّ النشاط‬
‫المالي في االقتصاد الوطني يعمل على تغيير العالقة بين القدرة الشرائية وكمية السلع‬
‫والخدمات وهذا ما ينعكس على مستوى األثمان‪ ،‬كمل يستطيع التغيير في األثمان النسبية‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫لمختلف السلع والخدمات‪ ،‬مما يؤثر في كمية اإلنتاج(‪ ،)1‬حيث تستطيع الحكومة عن‬
‫طريق أدوات ا لسياسة المالية‪ ،‬كالضرائب والرسوم مثال خفض أسعار بعض السلع‬
‫والخدمات أو الرفع منها‪ ،‬وذلك عن طريق خفض نسب الضرائب والرسوم على‬
‫المنتجات والخدمات المراد خفض أسعارها‪ ،‬أو رفع نسبها إذا أرادت رفع أسعارها‪،‬‬
‫ل ذلك له أثر في حجم االستهالك ذاته‪.‬‬
‫وك ّ‬

‫يحتل االستهالك مكانة مرموقة في نظامنا االقتصادي‪ ،‬إذ أنّ السياسة المالية تؤثر في‬
‫االستهالك العام من خالل عملية تكييف سياسة االنفاق وتحصيل اإليرادات‪ ،‬لذا فإنّ‬
‫السياسات المالية تهدف إلى الرفع في درجة االشباع الكلي في المجتمع‪ .‬فالحكومة‬
‫تستطيع مثال التخفيض من ضرائب المبيعات ورسوم اإلنتاج على السلع الضريبية مما‬
‫يؤدي إلى توسيع قاعدة االستهالك الكلي(‪ ،)2‬والعكس إذا أرادت خفض االستهالك العام‬
‫عن طريق رفع نسب الرسوم والضرائب على السلع والخدمات‪ ،‬أو أيضا عن طريق‬
‫نفقاتها بواسطة التحويالت االجتماعية أو دعم المنتجين بمساعدات مالية محددة‪ ،‬وبالتالي‬
‫تساهم في التأثير على حجم االستهالك العام في المجتمع‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫في ظل ما يعرف بالدولة المتدخلة التي ظهرت كمفهوم وفق ما طرحته المدرسة‬
‫الكينزية بعد األزمة االقتصادية عام ‪ ،1929‬أصبحت الحكومة توظف مجموعة من‬
‫األدوات ضمن سياستها المالية بغية التأثير في األوضاع االقتصادية السائدة‪ ،‬حيث يمكن‬
‫إدراج هاته األدوات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ :‬من أهم أدوات السياسة المالية التي توفر للخزينة العامة الجزء‬
‫األكبر من اإليرادات‪ ،‬كما يمكن توظيفها للتدخل في النشاط االقتصادي‪ ،‬فيمكن مثال‬
‫تخفيض الضرائب على بعض القطاعات من أجل تشجيع االستثمار فيها‪ ،‬كما تستخدم‬
‫(‪)1‬‬
‫كتخفيض الضرائب على بعض الفئات‪.‬‬ ‫أيضا هذه األدوات لتحقيق العدالة االجتماعية‬
‫‪ :‬تستخدم لسد العجز عن زيادة النفقات على اإليرادات المتوفرة أو‬
‫لتمويل مشاريع تنموية في البلد الذي تعجز اإليرادات الذاتية تغطية نفقاتها‪ ،‬أو تستخدم‬
‫في فترات الكساد إلعادة بعث االقتصاد(‪.)2‬‬
‫‪ :‬يع ّد من أهم الوسائل التي تستخدمها الحكومة من أجل زيادة أو خفض‬
‫الطلب الكلي في االقتصاد الوطني‪ ،‬وهذا لمواجهة االختالالت في توازن االقتصاد على‬
‫إثر فجوة تضخمية أو انكماشية‪ ،‬حيث تستخدم سياسة االنفاق العام إمّا لزيادة حجم الطلب‬
‫الكلي أو لتخفيضه حسب طبيعة المشكلة التي تتعرض لها(‪.)3‬‬
‫‪ :‬وهي سياسة مالية تستخدمها الدولة لزيادة حجم االنفاق العام‪ ،‬فتعمد‬
‫الدولة إل ى اإلصدار النقدي بهدف تمويل المشروعات التنموية‪ ،‬الهدف من ورائها هو‬
‫تبني سياسة مالية توسّعية لزيادة حجم اإلنفاق العام وتنشيط الطلب الكلي‪ ،‬إذ أنّ الدول‬
‫المتقدمة ال تعمد إلى توظيف هذه األداة إال في حاالت االنكماش االقتصادي‪ ،‬أما الدول‬
‫النامية فإنها تستعمل هذه الوسيلة بشكل متكرّر ومستمر نظرا لنقص مواردها‬
‫واستراتيجياتها في إنماء البلد وتحسين البنية األساسية(‪.)4‬‬

‫‪ ،‬دمشق‪ :‬الهيئة العامة‬ ‫‪ - 1‬هيفاء غدير غدير‪،‬‬


‫السورية للكتاب‪ ،2010 ،‬ص ص‪.15-14‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.16-15‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.17-16‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪.‬‬
‫يختلف مفهوم السياسة المالية وتتفاوت أهميتها لما تسعى اليه من أهداف اقتصادية في‬
‫الدول المتقدمة والدول النامية‪.‬‬

‫تعتبر الدول المتقدمة دوال ذات مجتمعات استكملت أسباب نموها االقتصادي‪ ،‬حيث يكون‬
‫الشغل الشاغل للسياسة المالية فيها هو البحث عن تحقيق االستقرار االقتصادي (توازن‬
‫االقتصاد الوطني)‪ ،‬وذلك من خالل تكييف عمل الميزانية العامة مع ظروف االقتصاد‬
‫الوطني(‪ ، )1‬فاذا كان هناك تضخم (ارتفاع المستوى العام لألسعار)‪ ،‬أي زيادة الطلب‬
‫الكلي على العرض الكلي‪ ،‬تتدخل الحكومة عن طريق السياسة المالية للتخفيف من‬
‫التضخم‪ ،‬بإحداث التوازن بين الطلب الكلي والعرض الكلي بواسطة النفقات وااليرادات‬
‫العامة‪ ،‬وخاصة الضرائب ‪ ،‬واذا كان العكس‪ ،‬أي انخفاض الطلب الكلي في مقابل‬
‫العرض الكلي والذي يؤدي إلى نوع من الركود االقتصادي (االنكماش) وانخفاض‬
‫المستوى العام لألسعار‪ ،‬تقوم الدولة عن طريق أدوات السياسة المالية بتكييف النفقات‬
‫العامة وااليرادات العامة حسب مقتضيات الوضع االقتصادي السائد‪ ،‬كرفع األجور‬
‫والتخفيض من نسب الضرائب ‪ ...‬وغيرها من اإلجراءات األخرى ضمن هذا السياق‪،‬‬
‫من أجل تشجيع الطلب الكلي وإعادة إنعاش وبعث االقتصاد‪.‬‬

‫يتميّز اقتصاد الدول النامية بعدم االكتمال فهي تسعى جاهدة إلى توفير حاجات وأسباب‬
‫الرفاهية لسكانها‪ ،‬حيث تقوم السياسة المالية في هذه الدول بتمويل برامج التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتحسين البنية األساسية للمجتمع‪ ،‬وذلك من خالل ما تقوم به‬
‫الحكومة في رفع مستوى الدخل الحقيقي للفرد‪ ،‬وخلق االستثمارات وتوظيفها لزيادة‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫موارد المجتمع‪ ،‬وليس معنى ذلك أن السياسة المالية في هذه البلدان ال تولي أي اهتمام‬
‫لهدف إشاعة االستقرار في ربوع االقتصاد الوطني‪ ،‬بل يلزمها إلنجاح معركة بناء‬
‫المجتمع اقتصاديا ضرورة توفير االستقرار والتوازن االقتصادي‪ ،‬ألنّ أيّ موجة‬
‫تضخمية (ارتفاع المستوى العام ألسعار) أو انكماشية ستخلّ بعملية البناء على أسس‬
‫سليمة(‪ ،)1‬وتؤثّر سلبيا على اقتصادها‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫تحتل البنوك المركزية في مختلف دول العالم مكانة هامة بين مختلف مؤسسات‬
‫الدولة‪ ،‬حيث تسعى من خاللها لتنفيذ برامجها وسياساتها المختلفة‪ ،‬إذ تناط لها مهمّة‬
‫إدارة السياسة النقدية‪ ،‬والتي من خاللها تسعى إلى تنظيم كمية النقود في االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬ومراقبة عملية اإلئتمان(‪ ،)2‬هذا وتلعب النقود دورا مهما في االقتصادات‬
‫المعاصرة لما لها من أهمية في الحياة االقتصادية وسير العالقات التجارية بين األفراد‪،‬‬
‫ولهذا فقد تعدّدت وتنوّعت التعاريف المعطاة للسياسة النقدية‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬هي عبارة عن التحكم في كمية النقود المتاحة للتداول(‪.)3‬‬
‫‪ -‬العملية التي تهدف الى تنظيم كمية النقود المتداولة في االقتصاد الوطني بغرض‬
‫تحقيق أهداف السياسة االقتصادية والمتمثلة في تحقيق التوازن االقتصادي والتنمية‬
‫االقتصادية(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ ،‬جدة‪ :‬المعهد االسالمي للبحوث والتدريب‪ ،‬بحث الكتروني ‪،PDF‬‬ ‫‪ -‬حسين كامل فهمي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪www.ieaoi.ir/files/site1/pages/maghalat/abzarhaye_siyasate_poli.pdf‬‬ ‫‪ ،2006‬ص‪ .09‬أنظر‪:‬‬


‫‪ - 3‬عوف محمود الكفراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫‪ - 4‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫‪- 29 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ -‬اإلجراءات واألساليب التي تتخذها السلطات النقدية في الدولة في إدارة كل من النقود‬


‫واإلئتمان وتنظيم السيولة الالزمة لالقتصاد الوطني لتحقيق أهداف الدولة االقتصادية‬
‫واالجتماعية والسياسية والمالية(‪.)1‬‬
‫من خالل هذه التعاريف‪ ،‬نخلص إلى أن السياسة النقدية آلية مهمة تستخدمها االقتصادات‬
‫المعاصرة لمراقبة كمية النقود المتداولة بالشكل الذي يمكّنها من تحقيق أهداف السياسة‬
‫ن السياسة النقدية وحدها غير كافية لتحقيق أهداف السياسة‬
‫االقتصادية‪ ،‬غير أ ّ‬
‫االقتصادية‪ ،‬كزيادة حجم اإلنتاج وتخفيض مستويات البطالة إلى أدنى حد ممكن‪ ،‬وتحقيق‬
‫االستقرار االقتصادي‪ ،‬وضمان ثبات المستوى العام األسعار عند مستويات معقولة لجميع‬
‫شرائح المجتمع‪ ،‬بل يتطلب األمر إدراج أهمية السياسة المالية في تحقيق جملة األهداف‬
‫(‪)2‬‬
‫وغيرها من‬ ‫االقتصادية السالفة عن طريق تغيير معدالت الضرائب ومستوى االنفاق‬
‫األساليب األخرى ضمن نطاق السياسة المالية للحكومة‪.‬‬

‫يطلق على أدوات السياسة النقدية مجموعة التدابير واإلجراءات التي تتخذها‬
‫السلطات الحكومية في الدولة لتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬من خالل تعظيم أهداف معينة(‪،)3‬‬
‫حيث تناط مسؤولية االشراف والمراقبة للسياسة النقدية في أغلب اقتصاديات العالم إلى‬
‫البنك المركزي‪ ،‬تستخدم من خاللها جملة من األدوات‪ ،‬تهدف من ورائها إلى التدخّل‬
‫على مستوى االقتصاد الكلي لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية‪ ،‬يمكن تقسيم هذه‬
‫األدوات إلى قسمين‪:‬‬

‫‪ - 1‬عوف محمود الكفراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.145‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ - 3‬حسين كامل فهمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ :‬هي جملة اإلجراءات واألساليب ذات الطابع الكمي التي تستخدمها‬


‫المؤسسات المشرفة والمراقبة للسياسة النقدية من أجل احداث تغيير في كمية النقود‬
‫المتداولة اجماال‪ ،‬وهذا بدوره يؤثر في مستوى االئتمان وكذا السيولة المالية للبنوك(‪.)1‬‬
‫ضمن هذه األدوات الكمية‪ ،‬نركز على االحتياطي االجباري‪ ،‬سياسة السوق المفتوحة‬
‫ومعدل إعادة الخصم‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪1‬‬
‫يعتبر االحتياطي االجباري‪ ،‬أو كما يسمى باالحتياطي القانوني أو االلزامي‪ ،‬أسلوبا‬
‫من أحدث أساليب مراقبة سيولة البنوك وأكثرها فعالية‪ .‬ويتعلق األمر بقرار من البنك‬
‫المركزي الذي يقوم بإجبار البنوك التجارية على ترك قسط معين من ودائع الجمهور‬
‫في حساب دائن لدى البنك المركزي لمواجهة طلبات السحب المفاجئة‪ ،‬حيث تتغير نسبة‬
‫هذا القسط من ظرف إلى آخر حسب وضعية االقتصاد الكلي رفعا أو خفضا‪ ،‬بما يؤدي‬
‫إلى نقص أو زيادة قدرة هذه البنوك على اإلقراض ومنح التسهيالت االئتمانية‪ ،‬فيتأثّر‬
‫‪ ،‬والتي تتّسم بتضاعف‬ ‫بذلك الكلب على القروض بغرض االستثمار(‪ ،)2‬ففي‬
‫مستوى االحتياطي االلزامي‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬ ‫القروض‪ ،‬يقوم البنك المركزي‬
‫إلى امتصاص العملة الفائضة وتخفيض نسبة السيولة‪ ،‬وهذا بغرض التخفيض من‬
‫التضخم‪ ( ،‬ونحن قلنا أن التضخم هو ارتفاع المستوى العام لألسعار‪ ،‬وبالتالي التقليل‬
‫من النقود المتداولة و القروض و السيولة‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى التقليل من التضخم)‬
‫‪ ،‬حيث تق ّل‬ ‫واحداث التوازن في االقتصاد‪ .‬أما في‬
‫األموال وتتراجع حركية النشاط االقتصادي‪ ،‬يقوم على إثرها البنك المركزي‬
‫معدل االحتياطي االجباري المفروض على البنوك والمؤسسات المالية األخرى‪ ،‬لترتفع‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪ - 2‬حسين كامل فهمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫نسبة السيولة النقدية ضمن الكتلة النقدية المتداولة‪ ،‬وبالتالي يصبح للبنوك إمكانية الزيادة‬
‫في قروضها الموجّهة إلى المشروعات والمؤسسات االقتصادية‪ ،‬مما يساهم في انتعاش‬
‫حركة النشاط االقتصادي(‪.)1‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪/2‬‬
‫إنّ سعر إعادة الخصم ‪ réescompte‬هو األداة التي يعيد من خاللها البنك‬
‫المركزي خصم أوراق سبق أن خصمتها البنوك التجارية لعمالئها من المستثمرين‪،‬‬
‫حيث تعدّ هذه السياسة من اآلليات الفعّالة التي تلجأ إليها البنوك المركزية في مختلف‬
‫دول العالم للتأثير في حجم االئتمان المصرفي وبالتالي على حجم المعروض من النقود‬
‫في االقتصاد الوطني(‪ ،)2‬حيث تتغيّر عملية الخصم وإعادة الخصم حسب ظروف‬
‫االقتصاد الوطني إن كان في حالة تضخم أو ركود اقتصادي‪.‬‬
‫معدّل إعادة الخصم فإنّه يعطي للبنوك األخرى فرصة‬ ‫‪ -‬إذا قام البنك المركزي‬
‫الزيادة في االقتراض منه وإعادة خصم أوراقها المالية والتجارية‪ ،‬الشيء الذي يؤدي‬
‫إلى ارتفاع حجم القروض‪ ،‬ومنه فالبنوك سوف تعطي كامل التسهيالت ليقترض العمالء‬
‫منها‪ ،‬ويكون ذلك في حاالت الركود االقتصادي(‪.)3‬‬
‫معدل اعادة الخصم في حاالت ارتفاع المستوى العام‬ ‫‪ -‬أمّا إذا قام البنك المركزي‬
‫لألسعار (التضخم)‪ ،‬فإنّه يفرض على البنوك أن تقلّل من قروضها ومن إعادة خصم‬
‫أوراقها التجارية والسندات‪ ،‬وبالتالي ترفع من كلفة هذه القروض‪ ،‬فيحجم العمالء على‬
‫طلب القروض الرتفاع التكاليف‪ ،‬وهذا ما يؤثّر في األخير على حجم الكتلة النقدية في‬
‫االقتصاد الوطني(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪ - 2‬حسين كامل فهمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.17-16‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪3‬‬
‫تتمثّل في دخول البنك المركزي كمشتري أو بائع لمختلف السندات المالية‪ ،‬خاصة‬
‫منها السندات الحكومية في السوق المالي‪.‬‬
‫فإذا رغب البنك المركزي في زيادة مقادير النقود المتداولة في حاالت‬
‫األوراق المالية‪ ،‬ويصبّ مقابل ذلك نقودا في‬ ‫‪ ،‬تراه يتقدّم للسوق‬
‫السوق‪ ،‬الشيء الذي يؤدي إلى رواجها ووفرتها‪ ،‬وهذا ما يقوم به في فترات االنكماش‬
‫الشيء الذي يساعد البنوك‬ ‫من أجل إنعاش االقتصاد‪ ،‬حيث ينزل إلى السوق‬
‫على توفير سيولة إضافية‪ ،‬ومن ثمّ يساهمون في تمويل االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪ ،‬فما‬ ‫من حجم النقود المتداولة في فترات‬ ‫أمّا إذا أراد البنك المركزي‬
‫للسندات‪ ،‬الشيء الذي يمكّنه من ابتالع النقود المتداولة‬ ‫عليه إالّ النزول إلى السوق‬
‫اإلضافية‪ ،‬فينقص حجم العملة وتنقص إمكانية قروض البنوك إلى االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫هناك أدوات أخرى قد تلجأ إليها السلطات النقدية إلدارة السياسة النقدية لها صفة التدخل‬
‫المباشر‪ ،‬حيث قد تتعمّد السلطات إلزام المؤسسات المالية مباشرة بنسب أسعار فائدة‬
‫(‪)1‬‬
‫معيّنة بحدّدها البنك المركزي على الودائع والقروض الممنوحة من البنوك التجارية‬
‫‪ ...‬وغيرها من اآلليات األخرى ضمن السياسة النقدية‪.‬‬

‫رغم النجاعة التي تحققها األدوات الكمية للسياسة النقدية إالّ أنّ البنوك المركزية‬
‫في جل دول العالم أصبحت تستعمل التقنيات ذات الطابع النوعي‪ ،‬خاصة أنّ نتائج‬
‫اإلجراءات الكمية هي نتائج شمولية تمسّ كل القطاعات االقتصادية دون استثناء‪ ،‬معنى‬
‫ذلك أن مفعول التقنيات الكمية واسع جدا يشمل جميع قطاعات النشاط االقتصادي‪ ،‬فاذا‬
‫قامت أجهزت االشراف والمراقبة بالعمل على التقليل من السيولة النقدية الفائضة بواسطة‬

‫‪ - 1‬حسين كامل فهمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫األدوات الكمية‪ ،‬كان لهذا القرار تأثير على كل القطاعات االقتصادية‪ ،‬أي حتى على‬
‫القطاعات التي يجب تشجيعها والتي لم يكن لها األثر في توسيع التيارات التضخمية‪،‬‬
‫ولهذا فالبنك المركزي يعمل من خالل األدوات النوعية لتكييف عمل السياسة النقدية‬
‫لتكون أكثر فاعلية في االقتصاد الوطني‪ ،‬وتتلخّص هذه األدوات النوعية من خالل‬
‫حيث يوجّه‬ ‫واتباع‬
‫البنك المركزي مجموعة من االرشادات أو األوامر اإللزامية إلى البنوك التجارية للقيام‬
‫باتباع ما يملي عليهم من توجيهات تصبّ في مجملها في صلب السياسة النقدية وأهدافها‬
‫اتجاه حالة االقتصاد الوطني إذا كانت مشكلة تضخم أو انكماش(‪ ،)1‬كأن تأمر الحكومة‬
‫والبنك المركزي بدعم قطاعات دون أخرى من خالل تمويلها وتخفيف الفوائد عليها‪..‬‬
‫مثل حالة قطاع السكن في الجزائر وتخفيف فوائد القروض البنكية الممنوحة لألفراد إلى‬
‫‪ %1‬أو ‪.%3‬‬
‫كما تهدف األدوات غير الكمية للسياسة النقدية في توجيه القروض إلى قطاعات معينة‬
‫تعتبرها السلطة النقدية أكثر نفعا لالقتصاد الوطني‪ ،‬فتمنح لها التسهيالت والمساعدات‪،‬‬
‫مثل‪ :‬إقرار معدل إعادة خصم مفضّل‪ ،‬وتغيّير مدّة استحقاق القروض ومعدّل فوائدها(‪.)2‬‬

‫‪.‬‬
‫إذا كان دور السياسة المالية هو العمل على تغيير معدالت الضرائب وكذا االنفاق‬
‫الحكومي حسب حاالت االقتصاد الوطني إن كان في حالة تضخم أو انكماش‪ ،‬وهذا من‬
‫ن‬
‫خالل خلق توازن بي ن الطلب الكلي والعرض الكلي وتحقيق االستقرار االقتصادي‪ ،‬فإ ّ‬
‫السياسة النقدية هي من صميم سياسة الحكومة والبنك المركزي بالنسبة لعملية خلق‬
‫النقود وإدارة الكتلة النقدية المتداولة في االقتصاد الوطني‪ ،‬والفرق الرئيس بين السياستين‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.20-19‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫هو أن السياسة النقدية تؤثر بشكل مباشر في عرض النقود وبشكل غير مباشر في تيار‬
‫الدخول‪ ،‬في حين تؤثر السياسة المالية مباشرة في تيار الدخول وبشكل غير مباشر في‬
‫عرض النقود(‪ ،)1‬وهذه السياسة تقف جنبا إلى جنب مع السياسة المالية للحكومة‪ ،‬فكالهما‬
‫يهدفان إلى جعل الطلب الكلي مسا ٍو للعرض الكلي داخل االقتصاد الوطني وإلى استقرار‬
‫المستوى العام لألسعار وجعله في متناول جميع شرائح المجتمع(‪ ،)2‬ولهذا فإن تحقيق‬
‫االستقرار االقتصادي يتطلب التنسيق والترابط بين السياستين المالية والنقدية من ناحية‬
‫األهداف والوسائل‪ ،‬من أجل تفادي اآلثار السلبية التي قد تنجم عن عدم التنسيق(‪.)3‬‬
‫يكون التنسيق بين السياستين في إطار السياسة العامة للحكومة‪ ،‬تكون تركيبتها متضمنة‬
‫لسياسة مالية توسعية وسياسة نقدية انكماشية أو العكس بالشكل الذي يؤدي إلى النتائج‬
‫المرجوّة من قبل السلطات النقدية والمالية معا‪ ،‬فكالهما يكمّالن بعضهما البعض‬
‫ويساهمان بشكل فعّال في معالجة االختالالت االقتصادية(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬هيفاء غدير غدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.87‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 3‬هيفاء غدير غدير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.88‬‬

‫‪- 35 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬النفقات العامة‬


‫‪ .1‬الحاجات؛ تعريفها وأنواعها‬
‫‪ .2‬التعريف بالنفقة العامة وتحديد طبيعتها‬
‫‪ .3‬صور النفقات العامة‬
‫‪ .4‬تقسيم للنفقات العامة‬
‫‪ .5‬أسباب تزايد النفقات العامة‬
‫‪ .6‬أسباب انخفاض النفقات العمومية‬
‫‪ .7‬اآلثار االقتصادية للنفقات العامة‬

‫‪- 36 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪Dépenses publiques‬‬

‫‪:‬‬
‫قبل الخوض في موضوع النفقات العمومية‪ ،‬علينا أن نتطرّق إلى موضوع الحاجات‬
‫‪les besoins‬؛ نعرّفها‪ ،‬نعطي أنواعها وأسباب تزايدها وتنوّعها‪ ،‬وتناول موضوع‬
‫الحاجات في بداية هذا المحور يع ّد ضرورة أساسية يتحدّد على أساسها نطاق النشاط‬
‫المالي للدولة في محاولة اشباع هذه الحاجات‪ ،‬كما أنّه يؤدي إلى بيان األوجه التي‬
‫تختلف فيها طبيعة النشاط العام عن أوجه النشاط الخاص وطبيعته‪ ،‬ومن ثمّة تتميّز على‬
‫أساسها المالية العامة عن المالية الخاصة(‪.)1‬‬
‫نطرح التساؤل التّالي؛ لماذا تنفق الدولة على االفراد والجماعات والمؤسسات؟‬
‫سوف تكون االجابة كالتّالي‪ :‬ألنّ هناك حاجات [‪.]Besoins‬‬

‫‪.‬‬
‫‪ les besoins‬هي كل ما يخصّ االنسان في حياته‪ ،‬واذا انتهت انقرض‬
‫وزال‪ ،‬وهي عديدة منها؛ حاجة األكل‪ ،‬الشرب‪ ،‬التعليم‪ ،‬العدالة والسياحة‪...‬الخ(‪ ،)2‬حيث‬
‫يتولّى الفرد ذاته أمر اشباعها‪ ،‬ويترك له حرية التصرف بها في الظروف العادية في‬
‫كل مجتمع(‪.)3‬‬
‫تتحدّد طبيعة الحاجات وفق العديد من المعايير‪ ،‬أهمّها معيار الهدف‬
‫ن النشاط الخاص يهدف إلى اشباع الحاجات‬
‫القائم على طبيعة من يقوم باإلشباع‪ ،‬إذ أ ّ‬
‫الخاصة والنشاط العام يهدف إلى اشباع الحاجات العامة‪ ،‬ووفق ذلك نقسّم الحاجات إلى‬
‫حاجات خاصة (فردية) وحاجات عامة (جماعية)‪.‬‬

‫‪ - 1‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 3‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬

‫‪- 37 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫مجموع الحاجات التي يعمل الفرد على اشباعها بنفسه عن طريق‬


‫جهده الشخصي؛ كاألكل‪ ،‬الشرب‪ ،‬اللّباس‪ ،‬السّياحة‪ ،‬القراءة والرّياضة(‪...)1‬‬
‫هي تلك الحاجات التي تقوم السلطة العامة بإشباعها على مجموع‬
‫األفراد في المجتمع عن طريق االنفاق العام‪ ،‬أي هي تلك الحاجات التي تهم األفراد في‬
‫مجموعهم‪ ،‬كالحاجة إلى األمن الداخلي والخارجي‪ ،‬الحاجة إلى التقاضي‪...‬‬
‫حيث تتميّز هذه الحاجات الجماعية؛ بأنّ الفرد لوحده ال يستطيع أن يشبعها اطالقًا‪ ،‬لهذا‬
‫تُسند إلى الهيئات واالدارات العامة‪ ،‬حتى أنّ نشأة ووجود تلك الهيئات واالدارات ارتبط‬
‫بظهور الحاجات الجماعية وضرورة العمل على اشباعها بشكل يضمن مصلحة‬
‫الجميع(‪.)2‬‬
‫؛ في وقتنا الرّاهن‪ ،‬تعدّدت الحاجات وتنوّعت وأصبحت‬
‫كثيرة‪ ،‬وهذا تبعًا لعدّة أسباب‪ ،‬من أهمّها؛‬
‫‪ ‬التقدّم التكنولوجي‪.‬‬
‫‪ ‬الدعاية واالشهار‪.‬‬
‫‪ ‬العولمة‪ ،‬وما نتج عنها من تأثير في أنماط العيش‪ ،‬ألنّ مجتمعات ودول العالم‬
‫أصبحت اليوم قريبة من بعضها البعض‪ ،‬بفعل عدّة وسائل لالتّصال(‪.)3‬‬

‫‪.‬‬
‫تستعمل الدولة وهي بصدد صرف نفقاتها العامة إلى استخدام مبالغ من النقود لتحقيق‬
‫أغراض النفع العام‪ ،‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬يمكن اعتبار النفقة العامة بمثابة مبلغ نقدي يقوم‬
‫بإنفاقه شخص عام بقصد تحقيق نفع عام‪ ،‬تلبية لحاجات عامة(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫أي أنّ‪« :‬النفقة العامة هي مبلغ نقدي يخرج من الذّمة المالية لشخص معنوي عام بقصد‬
‫اشباع حاجة عامة»(‪.)1‬‬
‫يعرّفها األستاذ (عبد الحميد دراز)‪« :‬كم قابل للتقويم النقدي يأمر بإنفاقه شخص من‬
‫أشخاص القانون العام اشباعًا لحاجة عامة»(‪.)2‬‬
‫يبرز من خالل تعريفنا للنفقة العامة أن لها ثالث (‪ )3‬عناصر‪،‬‬
‫يطلق عليها أركان النفقة العامة‪ ،‬وهذه األركان هي التي تحدِّد طبيعة النفقة العامة‪.‬‬
‫[استخدام مبلغ نقدي‪ -‬مصدر النفقة يكون من شخص معنوي عام‪ -‬هدفها هو تحقيق نفع‬
‫عام](‪.)3‬‬
‫‪.‬‬
‫أوّل عناصر النفقة العامة هو «استعمال مبلغ نقدي»‪ ،‬حيث تقوم الدولة بصرف مبالغ‬
‫نقدية للحصول على السلع والخدمة الالّزمة لممارسة نشاطها وتأمين سير المرافق العامة‬
‫وتنفيذ مشروعاتها االستثمارية‪ ،‬ويعتبر االنفاق النقدي الوسيلة العادية لذلك‪ ،‬وذلك بالنظر‬
‫إلى أنّ المعامالت والمبادالت االقتصادية تتم عن طريق النقود‪ ،‬وبالتالي فهي وسيلة‬
‫الدولة في االنفاق‪ ،‬شأنها في ذلك شأن األفراد(‪.)4‬‬
‫لكن ال يعتبر ذلك الطريق الوحيد‪ ،‬إذ أنّه في القديم استخدمت الدولة األسلوب العيني في‬
‫عملية االنفاق‪ ،‬حيث كانت تقوم بمنح مزايا عينية مقابل الخدمات التي تحصل عليها‪،‬‬
‫مثل السكن المجاني‪ ،‬أو التعليم المجاني‪ ،‬أو االعفاء من الضرائب لفئات معيّنة(‪.)5‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.18-17‬‬
‫‪ - 5‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.23-22‬‬

‫‪- 39 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫لكن التطوّر االقتصادي واالجتماعي والسياسي أدّى إلى استبعاد هذه األساليب‪ ،‬ألنّها‬
‫تثير المحاباة بين األفراد‪ ،‬وتخ ّل بمبدأ المساواة بين األشخاص في االستفادة من نفقات‬
‫الدولة‪ ،‬واالستيالء باستعمال طرق االكراه يتنافى مع الديمقراطية‪ ،‬وال تلجأ اليه الدولة‬
‫إالّ في الحاالت االستثنائية كالحرب مثالً‪ ،‬ويبقى االنفاق النقدي الوسيلة األفضل التي‬
‫تتيح للدولة من خالله القيام بدورها فيما يتعلق بإشباع الحاجات العامة(‪.)1‬‬
‫ب‪.‬‬
‫لكي تكون النفقة عامة يجب أن تصدر من الدولة أو احدى هيئاتها العامة‪ ،‬الذي يخضع‬
‫ألحكام القانون العام‪ ،‬ويتمتع بالشخصية القانونية المستقلة‪ ،‬واألشخاص المعنوية العامة‬
‫هي الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬والمؤسسات العامة(‪ ،)2‬وكل مال يصدر من شخص طبيعي أو‬
‫معنوي خاص‪ ،‬حتى وإن كان هدفه المصلحة العامة كبناء مدرسة أو مسجد أو مستشفى‬
‫يعدّ ماال خاصا ال يدخل ضمن مفهوم النفقة العامة‪ ،‬فالدولة عند ممارستها لنشاطها العام‬
‫فيما يتعلّق بالنفقات العامة ‪ ،‬فإن هذا النشاط يعتمد في األساس على سلطاتها في إدارة‬
‫المال العام‪ ،‬أمّا إذا أنفقت أموالها في مشروعات اقتصادية مع القطاع الخاص فإن ذلك‬
‫يعتبر نفقات خاصة وليس عامة على ح ّد تعبير الفقه الفرنسي(‪.)3‬‬

‫تهدف النفقات العامة إلى اشباع الحاجات العامة وتحقيق النفع العام لجميع المواطنين‪،‬‬
‫ال على فرد معيّن بالذات أو فئة معينة على حساب اآلخرين‪ ،‬فالمال المنفق من طرف‬
‫الدولة قد تمّت جبايته وتحمّل عبئه األفراد جميعا‪ ،‬فكما أنّ الموطنين متساوون في دفع‬
‫الضرائب فإنّهم يتساوون في االنتفاع بالنفقات العامة للدولة(‪ ،)4‬فاستخدام الطبقة الحاكمة‬

‫‪ - 1‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ - 3‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.19-18‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫مبالغ من األموال العمومية بقصد منافع خاصة لبعض المقربين او منافع شخصية‪ ،‬ال‬
‫يمكن اعتباره إنفاقا عاما‪ ،‬إنما هو إساءة أو انحراف عن تحقيق هدف إشباع الحاجات‬
‫العامة(‪.)1‬‬
‫إنّه من الصعب في كثير من األحيان تحديد تراتبية أهمية الحاجات العامة تحديدا‬
‫موضوعيا ويرجع ذلك إلى أنّ فكرة النفع العام ليست فكرة جامدة‪ ،‬بل هي في تطور‬
‫مستمر‪ ،‬حيث تختلف من بلد إلى آخر‪ ،‬ومن عصر إلى آخر‪ ،‬بل وفي نفس البلد الواحد‪،‬‬
‫وحدها السلطات الحاكمة الممثلة لرغبات الشعب هي التي تقرّر مدى تحقيق النفقة للنفع‬
‫العام‪ ،‬ومدى أهمية الحاجات العامة‪ ،‬فهي مسألة سياسية إلى جانب كونها مسألة مالية(‪.)2‬‬
‫ولكي يتم توجيه النفقة العامة لسد الحاجات العامة توضع حدود على سلطة البرلمان‬
‫حتى ال يسيء استخدام حقه في اقتراح النفقات‪ ،‬كما يتم مساءلتها السلطة التنفيذية عن‬
‫تنفيذ االنفاق العام‪ ،‬فضال عن الرقابة التي يمارسها البرلمان والهيئات المستقلة للتأكد‬
‫من استخدام اعتمادات االنفاق العام في األغراض التي خصصت لها‪ ،‬والدستور‬
‫الجزائري لسنة ‪ 1996‬في المادة ‪ 187‬ينص « تقدم الحكومة في نهاية كل سنة مالية‬
‫إلى البرلمان بغرفتيه عرضا حول استعمال االعتمادات المالية التي أقرها للسنة المالية‬
‫المعنية»‪ ،‬وهناك رقابة إدارية‪ ،‬ورقابة قضائية تقوم بها سلطة مستقلة‪ ،‬وسنعود إلى هذا‬
‫الموضوع عند دراسة الميزانية(‪.)3‬‬

‫‪.‬‬
‫للنفقات العامة صور متعددة ومختلفة‪ ،‬أهمّها‪:‬‬
‫أ‪ -‬األجور والمرتبات التي تدفعها الدولة إلى موظفيها وعمالها ومتقاعديها‪ ،‬والذين عملوا‬
‫ويعملون في أجهزتها‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.24-23‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫ب‪ -‬قيم السلع والخدمات التي تقتنيها الدولة بغية اشباع الحاجات العامة‪.‬‬
‫ج‪ -‬اإلعانات المختلفة التي تقدمها الدولة إلى مختلف الفئات االجتماعية أو إلى‬
‫المؤسسات أو إلى الدول والمنظمات الدولية‪.‬‬
‫د‪ -‬تسديد أقساط وفوائد الدين العام الذي كانت قد اقترضته الدولة سابقا(‪.)1‬‬

‫‪.‬‬
‫تتعدّد النفقات العامة وتزداد انواعها نتيجة اتساع وظائف الدولة وزيادة تدخلها في‬
‫التوجيه االقتصادي‪ ،‬حيث يمكن تجميع هذه النفقات في أقسام وفصائل حسب صفات‬
‫مشتركة سواء من حيث دوريتها أو طبيعتها أو األغراض التي تستهدفها‪ ،‬لكن التقسيمات‬
‫العلمية للنفقات العامة ال يأخذ بها غالبا عند اعداد الميزانيات العمومية‪ ،‬فمعظم الحكومات‬
‫ال تطبق تقسيما علميا بعينه‪ ،‬بحيث تأخذ بعين االعتبار اعتبارات تاريخية وأخرى إدارية‬
‫في تقسيم نفقاتها(‪ .)2‬هناك عدّة معايير أخذ بها علماء المالية العامة في تقسيمهم لنفقات‬
‫الدولة‪ ،‬حيث يفردون لها تقسيمات علمية (نظرية) وأخرى وضعية (عملية)‪ ،‬نحدّد أهمّها‬
‫ثم نتناول تقسيم النفقات العمومية في التشريع الجزائري‪ ،‬والهدف من تقسيم النفقات‬
‫العامة في القانون هو ضمان تسيير راشد وجيّد للموازنة‪ ،‬وتسهيل مناقشتها في البرلمان‬
‫وسير عمل الرق ابة بمختلف أشكالها على الميزانية العامة‪ ،‬فضال عن أهميتها في بناء‬
‫السياسات العمومية للدولة(‪.)3‬‬
‫تقسّم النفقات العامة حسب هذا‬
‫المعيار إلى قسمين‪:‬‬

‫‪ - 1‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪- Mohamed MOINDZE, COURS DE GESTION DES FINANCES PUBLIQUES: LA‬‬
‫‪CLASSIFICATION BUDGETAIRE DES DEPENSES ET LA NOUVELLE GOUVERNANCE‬‬
‫‪FINANCIERE, Madagascar : Ecole Nationale d’Administration de Madagascar Juillet 2009, p3.‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫هي تلك النفقات التي توصف بالدورية‪ ،‬حيث يتكرّر صرفها دوريًّا‬
‫كل فترة زمنية معينة‪ ،‬شهريا مثال‪ ،‬وتُكرّر بانتظام في الميزانية‪ ،‬مثل مرتبات الموظفين‪،‬‬
‫والتي عادة ما تمول من الضرائب ومداخيل أمالك الدولة(‪ ،)1‬وال يعني ذلك أنّ قيمتها ال‬
‫تتغير من سنة ألخرى‪ ،‬بل يمكن أن يتغيّر مقدارها(‪.)2‬‬
‫تلك النفقات التي ال يتكرر صرفها بصفة منتظمة كل سنة‪ ،‬فهي‬
‫ليست دورية‪ ،‬حيث يتمّ تمويلها من إيرادات غير عادية (كالقروض مثال)‪ ،‬وال تتكرّر‬
‫بانتظام في الميزانية‪ ،‬مثل نفقات مواجهة آثار الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزالزل‪،‬‬
‫وغيرها من األحداث الطارئة(‪ ،)3‬حيث تتصف هذه النفقات بأنّها استثنائية‪.‬‬
‫ال أنّه في الحقيقة محلّ نقد‪ ،‬فبعض‬
‫غير أنّ هذا التقسيم وإن ظهر نظريا أنّه صحيح‪ ،‬إ ّ‬
‫النفقات غير العادية وغير المتكررة كالنفقات العسكرية التي تتكرّر سنويًّا بسبب التوتّر‬
‫الدولي‪ ،‬يمكن أن تصبح نفقات متكرّرة بسبب ظهورها المستمر سنويا(‪.)4‬‬
‫يأخذ هذا التقسيم معيار‬
‫طبيعة النفقات العامة من حيث أثرها االقتصادي‪ ،‬وهو تقسيم تقليدي قال به بيجو(‪،)5‬‬
‫ويقوم كاآلتي‪:‬‬
‫تؤثر النفقات الحقيقية على المستوى االقتصادي بصورة مباشرة‬
‫على اإلنتاج الوطني‪ ،‬وتمكّن الدولة من الحصول على سلع وخدمات‪ ،‬فهي إذن نفقات‬
‫منتجة‪ ،‬ويتدرّج في نطاقها أجور الموظفين‪ ،‬نفقات التعليم والصحة‪ ،‬نفقات االستثمار‬
‫‪...‬إلخ(‪.)6‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬


‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ - 4‬محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ - 5‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 6‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫هي مجرّد اعتمادات تنفقها الدولة دون أن يكون لها مقابل من‬
‫أداء خدمة لها أو زيادة في الثروة القومية(‪ ،)1‬إذ أنّها نفقات ال تؤثر بصورة مباشرة في‬
‫اإلنتاج الوطني‪ ،‬وإنّما تستهدف إعادة توزيع الدخل(‪ ،)2‬وبدورها تنقسم إلى ‪ 03‬أقسام‪:‬‬
‫نفقات يُراد منها نقل القدرة الشرائية من األغنياء‬ ‫‪‬‬
‫إلى الفقراء‪ ،‬مثل اإلعانات االجتماعية‪ ،‬ونذكر في ذلك المنحة المدرسية‬
‫المقدرة ب‪3000‬دج لألطفال المعوزين المتمدرسين في مؤسسات وزارة التربية‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫مجموعة النفقات التي تهدف إلى إحداث التوازن‬ ‫‪‬‬
‫االقتصادي ودعم االستثمار على مستوى االقتصاد الوطني مثل؛ إعانات‬
‫االستثمار واالمتيازات الضريبية للشركات‪.‬‬
‫مجموعة النفقات التي تمثِّل فوائد الدين العام‬ ‫‪‬‬
‫الذي اقترضته الدولة(‪.)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫واستهالكه‬

‫وهي مجموع النفقات الضّرورية لقيام أجهزة الدولة بمهامها المختلفة‬


‫دون أن يؤثر ذلك على ثروة االقتصاد الوطني‪ ،‬مثل أجور الموظفين‪ ،‬نفقات الصّيانة‪،‬‬
‫ونفقات اقتناء لوازم اإلدارة‪ ،‬ونطلق على هذه النفقات أيضا تسمية النفقات الجارية(‪.)5‬‬

‫‪ - 1‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ - 3‬يقصد باستهالك الدين العام سداده‪ .‬أنظر‪ :‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.285‬‬
‫‪ - 4‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.25-24‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫مجموعة النفقات التي تساهم في زيادة اإلنتاج‬


‫الوطني والتوسّع االقتصادي‪ ،‬حيث تؤثر هذه النفقات في تنمية االقتصاد الوطني ودعم‬
‫توازنه‪ ،‬ومن األشكال التي تتّخذها هذه النفقات‪:‬‬
‫‪ -‬نفقات بناء وتجهيز المستشفيات والمدارس ودور الحضانة‪.‬‬
‫‪ -‬نفقات تجهيز المؤسسات العمومية ذات الطابع االقتصادي‪ ،‬الصّناعي والتّجاري‪.‬‬
‫‪ -‬نصيب الدولة في شركات االقتصاد المختلط‪ ،‬والتي تكون فيها الدولة شريكا إلى‬
‫جانب القطاع الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬نفقات دعم االستثمارات الوطنية‪ ،‬مثل التكفّل الكلّي أو الجزئي بمصاريف إقامة‬
‫المنشآت األساسية الضرورية لالستثمار أو مصاريف إيصال المياه والكهرباء‪ ،‬وإنشاء‬
‫الطّرق المؤدّية إلى مناطق االستثمار(‪.)1‬‬

‫يقوم قانون المالية في الجزائر الذي يشمل ميزانية الدولة السنوية حسب القانون رقم‬
‫‪ 17-84‬الصادر في ‪ 07‬جويلية ‪ 1984‬المتعلّق بقوانين المالية‪ ،‬في الفصل الثالث من‬
‫(‪)2‬‬
‫على تقسيم النفقات العامة إلى نوعين‪:‬‬ ‫الباب الثاني‬
‫كل واحدة‬
‫وهي االعتمادات المالية المخصّصة لكلّ الدوائر الوزارية‪ُّ ،‬‬
‫على انفراد‪ ،‬طبقًا لقانون المالية للسنة المعنية‪ ،‬فكل وزارة لها اعتماد مالي خاص بها‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أعباء الدين العمومي‪.‬‬
‫توزّع على قطاعات النشاطات المختلفة بهدف زيادة الثّروة ورأس‬
‫المال في المجتمع‪ ،‬وتهدف أساسا لعملية االنماء‪ ،‬حيث تشمل نفقات االستثمارات المنفذة‬
‫من قبل الدولة‪ ،‬وإعانات االستثمار الممنوحة من قبل الدولة والنفقات األخرى بالرأسمال‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪« - 2‬قانون رقم ‪ 17-84‬مؤرّخ في ‪ 8‬شوال عام ‪ 1404‬الموافق ‪ 7‬يوليو سنة ‪ ،1984‬يتعلّق بقوانين المالية»‪،‬‬
‫ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،21:‬عدد‪ ،28 :‬ل ‪ 10‬جويلية ‪ ،1984‬ص ص‪.1044-1042‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪.‬‬
‫المتتبّع لتطوّر ميزانيات الدول‪ ،‬وأرقام النفقات العامة أليّة دولة في سنوات متتالية‪،‬‬
‫يالحظ ازديادها باستمرار‪ ،‬ونشاهد هذه الظاهرة في جميع الدول على اختالف نظمها‬
‫وأحوالها‪ .‬الجدولين (‪ )1‬و(‪ )2‬يوضّحان ذلك‪ ،‬فماهي أسباب تزايد اإلنفاق العام في‬
‫مختلف بلدان العالم؟‬

‫‪ :1‬تطور النفقات العامة في بعض بلدان العالم ما بين ‪.)1(1966 -1939‬‬

‫‪ - 1‬محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬

‫‪- 46 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ :2‬تطور النفقات العامة في الجزائر من ‪ 1985‬إلى ‪.)1(2001‬‬

‫إنّ من أسباب تزايد النفقات العمومية من عام ‪ 1939‬إلى ‪ 1966‬بشكل مثير لالنتباه‬
‫يعود إلى تدخّل الدولة لحداث التوازن االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ودفع عجلة النمو إلى‬
‫زيادة االنفاق بشكل كبير‪ ،‬فظاهرة تزايد النفقات العامة ظاهرة عامة في المجتمع الدولي‪،‬‬
‫وترجع إلى عدّة أسباب‪:‬‬
‫‪ :‬وهي بدورها تنقسم إلى‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.44‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ :‬يقصد به تدهور القدرة الشرائية للعملة الوطنية‪ ،‬أو زيادة الكتلة‬ ‫‪-‬‬
‫النقدية‪ ،‬نتيجة اصدار مبالغ اضافية معيّنة في إطار السياسة النقدية‪ ،‬وهذا ما يعبر عنه‬
‫بالتضخم(‪.)1‬‬
‫[ارتفاع مشتريات الدولة ومرتبات الموظفين‪ ،‬حيث يترتّب عنه زيادة النفقات العامة‬
‫ظاهريا]‬
‫‪ :‬إنّ ازدياد النفقات في الدولة يزداد بارتفاع عدد السكان‪ ،‬ولكي‬ ‫‪-‬‬
‫نتابع الزيادة الحقيقية‪ ،‬يجدر أن تكون المقارنة بين مقدار االنفاق الذي يعود على الفرد‬
‫الواحد خالل فترة المقارنة‪ ،‬أي بقسمة االنفاق الكلّي على عدد السكان االجمالي‪ ،‬يتّضح‬
‫ممّا تقدّم صعوبة معرفة الزيادة الحقيقية للنفقات‪ ،‬وبالتّالي الحصول فقط على نسب‬
‫تقريبية‪ ،‬ومنه فعامل زيادة السكان عامل مهمّ في معرفة أسباب زيادة النفقات لكنّه معيار‬
‫نسبي يضاف إلى أسباب أخرى(‪.)2‬‬
‫[أي ال نستطيع أن نضع معدّل ثابت لزيادة النفقات كلّما زاد عدد السكان في الدولة]‪.‬‬
‫‪ :‬إذا كانت األسباب السابقة هي أسباب‬
‫ظاهرية فقط‪ ،‬وليست وحدها محدّدة لزيادة االنفاق العمومي‪ ،‬فإنّ هناك أسباب حقيقية‬
‫عديدة لذلك‪ ،‬وهي تشير إلى حجم تدخل الدولة في الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وهذه‬
‫األسباب هي‪:‬‬
‫؛ تعد من أهم األسباب التي تفسّر ظاهرة الزيادة المستمرة في النفقات‬
‫العامة‪ ،‬وهي بدورها تأخذ مظاهر عديدة‪ ،‬منها؛‬
‫؛ تعتبر الزيادة في االنفاق العام نتيجة منطقية لنمو الدخل‬ ‫‪‬‬
‫(‪ La loi d'Engel )3‬فكلّما ارتفع‬ ‫الوطني‪ ،‬هناك نظرية تسمّى؛‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- La loi d'Engel est une loi empirique avancée en 1857 par le statisticien allemand Ernst Engel.‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫مستوى الدخل يوسّع من األوعية الضريبية‪ ،‬ويقلّل من التهرّب الضريبي‪،‬‬


‫ممّا يسهّل على الدولة اقتطاع مبلغ كبير من دخولهم للتوسّع في نشاطها‪،‬‬
‫وهو ما يشجّع الدولة على زيادة انفاقها في جميع المجاالت(‪.)1‬‬
‫؛‬ ‫‪‬‬
‫هذا بدوره يسمح للدولة بزيادة نفقاتها‪ ،‬إما بالحصول على موارد للخزينة‬
‫العمومية‪ ،‬وإما للتعجيل بعملية التنمية االقتصادية(‪ )2‬عن طريق صرف مبالغ‬
‫معتبرة ك البنية األساسية‪ ،‬الطرق‪ ،‬المطارات‪ ،‬السكك الحديدية والمياه(‪...)3‬‬
‫وغيرها‪ ،‬فضال عن ذلك يمكن أن يكون االنكماش بكل آثاره الضارة يفرض‬
‫على الدولة زيادة انفاقها بقصد رفع مستوى الطلب الكلي الفعّال‪.‬‬
‫؛ قد تساعد الدولة بعض الصناعات الوطنية‪ ،‬عن طريق‬ ‫‪‬‬
‫دعمها بمنح مبالغ مالية حتى تستطيع هذه الصناعات أن تنافس السلع‬
‫األجنبية(‪ . )4‬الجزائر اآلن بصدد االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة‬
‫‪ ،OMC‬وهذا يفرض على الصناعات واالقتصاد الوطني التهيّؤ لمواجهة‬
‫المنافسة القوّية من المنتجات والسلع األجنبية‪ ،‬وعلى الدولة أن دورًا مهمّا‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫ن التطوّر في وظيفة الدولة من دولة حارسة إلى دولة متدخّلة؛‬
‫؛إّ‬
‫ساهم من الناحية اإلدارية في تضخّم جهازها البيروقراطي‪ ،‬حيث زادت هيئات‬
‫ومؤسّسات االدارة العامة والمرافق العامة‪ ،‬وارتفع عدد الموظّفين بها‪ ،‬األمر الذي‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.27-26‬‬


‫‪ - 2‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫يقتضي بالضرورة زيادة النفقات العامة لمواجهة تكاليف اقامة الهيئات االدارية الجديدة‪،‬‬
‫واقتناء األجهزة واألدوات الالزمة لذلك‪ ،‬ودفع مرتّبات الموظفين(‪.)1‬‬
‫غير أنّ ذلك ساهم في تدهور هذه اإلدارات وتعقيد إجراءاتها وتفاقم أزمة البيروقراطية‪،‬‬
‫ناه يك عن االسراف والتبذير الذي غدت تتسم به هذه اإلدارات والتي كثيرا ما تضعف‬
‫أجهزة الرقابة عليها(‪.)2‬‬
‫هناك عوامل أخرى ضمن هاته األسباب‪ ،‬تتعلّق بسوء التنظيم االداري‪ ،‬والفساد االداري‬
‫والبطالة المقنعة‪ ،‬فهي تساهم في اهدار النفقات العمومية‪.‬‬
‫؛ إنّ انتشار مبادئ الحريّة والمساواة والديمقراطية وحقوق االنسان‬
‫والتعددية وتقدير مسؤولية الدولة عوامل كلّها ساهمت في زيادة نفقات الدولة‪ ،‬حيث‬
‫جعل الحكومات تميل إلى االسراف في االنفاق‪ ،‬فالدولة أصبحت تهتم بالفئات االجتماعية‬
‫محدودة الدخل ومحاولة تقديم الخدمات لها كالرعاية الصحية واالجتماعية‪ ،‬كما أن تعدد‬
‫األحزاب السياسية ساهم في دفع الدولة الزيادة في المشروعات االجتماعية لكسب رضا‬
‫الناخبين‪ ،‬فضال على أن توسيع نطاق التمثيل الدبلوماسي وانضمام الدولة في عدة‬
‫منظمات دولية أدى إلى زيادة نفقاتها(‪ ،)3‬كما أنّ تقدير مسؤولية الدولة له عامل مهمّ في‬
‫ذلك‪ ،‬فالفرق بين الدولة المسؤولة (دولة الحق والقانون) وغير المسؤولة يكمن في التزام‬
‫الدولة بتعويض األفراد عن األضرار التي تسبّبها لهم أعمال وتصرفات االدارة العامة‪.‬‬
‫نذكر في ذلك المادة ‪ 49‬من الدستور الجزائري لسنة ‪« :1996‬يترتّب على الخطأ‬
‫القضائي تعويض من الدولة‪ ،‬ويحدّد القانون شروط التعويض وكيفياته»(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.41-40‬‬
‫‪ - 4‬محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.47‬‬

‫‪- 50 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫؛ أبرز األسباب ضمن هذا المجال تتركز في توسّع نطاق المدن من‬
‫خالل هجرة السكان من الريف والتركّز في المدن والمراكز الصناعية‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫زيادة النفقات العامة المخصّصة للتعليم والصحة والخدمات العامة والنقل والمواصالت‬
‫والماء والكهرباء‪ ،‬فحاجات سكان المدن أكبر من حاجات سكان األرياف(‪.)1‬‬
‫فضال عن ذلك فإن تطور الوعي االجتماعي ساهم في زيادة النفقات االجتماعية‪ ،‬ألنّ‬
‫األفراد أصبحوا ال يقنعون بقيام الدولة بواجبها في حفظ األمن وإقامة العدل والدفاع‬
‫الوطني‪ ،‬بل أصبحوا يعتبرون أنفسهم في كفالة الدولة من المهد إلى اللّحد‪ ،‬فأصبح هناك‬
‫تأمين ضد المرض وضد العوز وضد العجز والشيخوخة ‪ ...‬وكل هذه المثل الجديدة‬
‫تفرض على الدولة مصاريف أخرى ضمن نفقاتها(‪ ،)2‬ومثال ذلك في الجزائر وزارة‬
‫التضامن‪ ،‬ووزارة الضمان االجتماعي اللتان يتطلّبان من الدولة نفقات في إطار عملهما‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫الحظنا في العنصر السابق كيف أنّه في السنوات الماضية ازدادت النفقات العمومية في‬
‫مختلف الدول ومنها الجزائر‪ ،‬غير أنه في السنوات األخيرة من القرن العشرين تغيّر‬
‫الوضع نتيجة عدة ظروف مما ساهم في انخفاض اإلنفاق العام في عديد البلدان ومنها‬
‫البلدان النامية‪ ،‬ويرجع ذلك في األساس إلى عدّة عوامل‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫؛ أحد أهم أسباب انخفاض االنفاق في الدول النامية هو‬
‫استفادتها من تخفيض ديونها تجاه البنوك التجارية والمؤسّسات المالية عام ‪ 1995‬بمقدار‬
‫‪ 76‬مليار دوالر‪ ،‬لكن أهم حدث هو مبادرة المجموعة الدولية سنة ‪ 1996‬لصالح البلدان‬
‫الفقيرة األكثر استدانة في إطار مكافحة الفقر‪ ،‬وهكذا فإنّه في أواخر ماي ‪ 2001‬شُرع‬
‫في تخفيض ديون ‪ 23‬دولة(‪ ،)3‬ونحن قلنا أنّ جزءا من النفقات (نفقات تحويلية مالية)‬

‫‪ - 1‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬


‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.97-96‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪- 51 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫يذهب إلى سداد الديون وفوائدها‪ ،‬وهو ما ساهم في خفض قيمة النفقات التي كانت عبئًا‬
‫على هذه الدول‪.‬‬
‫؛ لقد وصلت نسبة التضخّم في بعض البلدان (كالبرازيل‬
‫واألرجنتين) إلى نسب عالية جدّا مع نهاية الثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬إذ أنّ هذه‬
‫الدول كانت تصرف أمواالً كبيرة‪ ،‬وتتبنّى سياسة توسّعية في االنفاق‪ ،‬قصد مواجهة‬
‫ارتفاع المستوى العام لألسعار‪ ،‬وبتحوّلها إلى نظام اقتصاد السوق‪ ،‬قامت بخفض نسبة‬
‫التضخّم فيها‪ ،‬من خالل عدّة سياسات(‪)1‬؛‬
‫انتهاج سياسة مالية رشيدة ومحكمة‪.‬‬
‫معالجة العجز في الميزانية العمومية‪ ،‬فبعد أن كان العجز يقدّر ب ‪ %13.5‬من الدخل‬
‫سنة ‪ ،1992‬وصل إلى ‪ %3.5‬سنة ‪ ،1997‬من خالل خفض االنفاق ورفع قيمة‬
‫اإليرادات‪.‬‬
‫الح ّد من اصدار النقود‪.‬‬
‫تطبيق برامج مكافحة التضخّم‪.‬‬
‫؛ انخفضت النفقات العسكرية للدول بانتظام كلّه‬ ‫ج‪-‬‬
‫بين ‪ 1985‬إلى غاية ‪ 1992‬بعدما سجلت في مراحل سابقة معدالت قياسية‪ ،‬وقد قام‬
‫صندوق النقد الدولي ‪ F.M.I‬بدراسة تطوّر النفقات العسكرية في أكثر من ‪ 120‬دولة‬
‫في العالم‪ ،‬وتوصّل إلى أنّ هذه النفقات انخفضت من ‪ %5.6‬من الدخل الوطني سنة‬
‫ن هذا االنخفاض مردّه في األساس إلى‪:‬‬
‫‪ 1985‬إلى ‪ %3‬منه سنة ‪ .1992‬إ ّ‬
‫المتغيّرات المالية واالقتصادية؛ وتتعلّق بالصعوبات على النطاق االقتصادي والمالي‬
‫التي مسّت الكثير من الدول على غرار االتحاد السوفياتي وجمهورياته المنفصلة والعديد‬
‫من الدول النامية‪ ،‬جعلها تخفض نفقاتها الموجّهة للدفاع الوطني‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.29-28‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ -‬نهاية الحرب الباردة؛ إ ّ‬


‫ن نقص التوتّرات العسكرية‪ ،‬ونهاية الصراع بين الكتلتين‬
‫الشرقية والغربية‪ ،‬وتفكّك االتحاد السوفياتي وتحوّله إلى جمهوريات ديمقراطية‪،‬‬
‫وتخفيض المساعدات العسكرية(‪ ،)1‬كلّه ساهم في انخفاض النفقات العسكرية ومنه النفقات‬
‫العامة ككل‪.‬‬
‫؛ أهم ما تضمنته اإلصالحات‬ ‫د‪-‬‬
‫على المستوى اإلداري عموما واإلصالحات التي مسّت قطاع الوظيف العمومي في عدّة‬
‫دول هو تخفيض التكاليف‪ ،‬وهو أمر الزم ألن تكون االدارة فعّالة وتتمكّن من التسيّير‬
‫الحسن للشؤون العامة‪ ،‬فاإلصالح يستهدف في األساس خلق وظيفة عامة بكفاءة وسلوك‬
‫وروح مسؤولية‪ ،‬تمكّنها من ضمان مرفق عام نوعي‪ ،‬والقيام بوظائف الدولة(‪ ،)2‬وعلى‬
‫هذا األساس‪ ،‬فإنّ تخفيض عدد المستخدمين في االدارة العامة يخفّف عبئ الميزانية مما‬
‫ساهم في انخفاض أعباء الدولة من النفقات‪.‬‬
‫؛ إنّ انخفاض االيرادات سوف يؤدّي بالضرورة إلى‬ ‫ه‪-‬‬
‫انخفاض في النفقات العامة‪ ،‬واالنخفاض في االيرادات العمومية يرجع إلى‪:‬‬
‫‪ -‬تقلّص الوعاء الضريبي؛ عندما تسجّل القطاعات الخاضعة للضريبة تراجعًا واضحًا‬
‫في النشاط‪ ،‬فإنّ ذلك ينعكس على حصيلة الضرائب بشكلٍ عام(‪ ،)3‬فتنخفض اإليرادات‬
‫العامة للدولة‪ ،‬سيما أن ّ العديد من الدول غير النفطية تعتمد في إيراداتها على الضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير التجارة الخارجية؛ يفرض الدخول في منطقة التبادل الح ّر رفع الحواجز‬
‫الجمركية (الرسوم الجمركية)‪ ،‬وجعل التجارة أكثر انفتاحًا‪ ،‬وهو ما سينعكس على‬
‫االيرادات العامة‪ ،‬بحيث تنخفض إلى أدنى حدّ‪ ،‬فحسب احصائيات صندوق النقد الدولي‪،‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.29‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 53 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫فإنّ الدول المنفصلة عن االتحاد السوفياتي سابقًا انخفضت ايراداتها العامة ب ‪ % 02‬من‬
‫الدخل الوطني مع نهاية القرن ‪ 20‬بهذا السبب(‪.)1‬‬
‫‪ -‬إصالح نظام الضرائب؛ إنّ معظم الدول التي كانت تطبّق نظام تعدّد الضرائب على‬
‫مخ تلف النشاطات ومختلف قطاعات االقتصاد الوطني‪ ،‬أدخلت اصالحات باشرتها‬
‫بتوصيات صندوق النقد الدولي‪ ،‬والتي تتضمّن وضع عدد محدود من الضرائب مثل‬
‫الضريبة على الربح والضريبة على الدخل‪ ...‬وغيرها‪ ،‬وهو ما أدّى إلى خسارة واضحة‬
‫في مداخيل الدولة بالمقارنة مع النظام الضريبي المعمول به سابقًا(‪.)2‬‬
‫د‪ -‬انعكاسات االقتصاد الموازي على التحصيل الجبائي؛ بفعل نشاط االقتصاد الموازي‬
‫الذي تشهده العديد من الدول خاصة منها الدول النامية‪ ،‬يترتب على إثره بعض المشاكل‬
‫التي تعقّد عملية تحصيل الضريبة‪ ،‬مثل نشاط بعض المؤسّسات في القطاع الخاص‬
‫عندما تقوم بمبادالت تجري بشكل غير شرعي‪ ،‬والبيع في إطار غير رسمي‪ ،‬وهو ما‬
‫ينع كس سلبا على االيرادات العامة للدولة‪ ،‬فحسب احصائيات بعض الجهات الرسمية‬
‫في الجزائر‪ ،‬التي أكّدت على أنّ معظم المبادالت في المنتوجات الزراعية تمارس خارج‬
‫اإلطار الرسمي‪ ،‬وبطبيعة الحال سوف ينعكس ذلك على مجمل االيرادات العامة‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫يترك االنفاق العام آثارا على المستوى االقتصادي يمكن أن تتخذه الحكومة من أجل‬
‫وضع أسس السياسة اإلنفاقية العامة‪ ،‬وهي قواعد الفن المالي اإلنفاقي(‪ ،)3‬حيث يكون‬
‫س أساسا عدة مجاالت اقتصادية؛‬
‫تأثيرها االقتصادي بشكل مباشر وغير مباشر‪ ،‬وهي تم ّ‬
‫اإلنتاج الوطني‪ ،‬االستهالك العام‪ ،‬الدخل الوطني‪ ،‬األسعار والعمالة‪ ،‬نحاول تفصيلها‬
‫بشكل مختصر فيما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.30-29‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ - 3‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.44‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪‬؛ لما كانت النفقات العامة تؤثر على الطلب‬ ‫أ‪-‬‬


‫الكلي‪ ،‬من خالل السلع والخدمات التي تقتنيها أو التحويالت واالعانات التي تمنحها‬
‫للمؤسسات واألفراد‪ ،‬والذين بدورهم ينفقونها في السلع والخدمات‪ ،‬فإنّ اإلنتاج الوطني‬
‫اإلجمالي يتأثر بفعل تلك النفقات(‪ ،)1‬إذ أ ّ‬
‫ن االنتاج يتأثّر بالنفقات العمومية زيادة‬
‫وانخفاضًا‪ ،‬فعندما تقدّم الدولة مساعدات مالية إلى القطاعات بمختلف أنواعها‪ ،‬أو من‬
‫خالل توجيه جزء من النفقات إلى قطاعات تشمل االقتصاد‪ ،‬البنية األساسية‪ ،‬مساعدة‬
‫المستثمرين‪ ،‬النقل والتأمين‪...‬وغيرها‪ ،‬يؤدّي ذلك كلّه إلى زيادة االنتاج الوطني عمومًا‪.‬‬
‫؛ كما حددنا في العنصر المتعلّق باإلنتاج‬ ‫ب‪-‬‬
‫الوطني‪ ،‬فإنّ االستهالك القومي أيضا يتأثر بفعل االنفاق العام‪ ،‬ألنّه يمسّ أساسا الطلب‬
‫الكلي‪ ،‬هذا األخير مرتبط كل االرتباط باالستهالك الوطني‪ ،‬وتبرز مظاهر أثر النفقات‬
‫العامة على االستهالك من خالل شراء الدولة السلع والخدمات‪ ،‬وتوزيع المداخيل على‬
‫المجتمع‪ ،‬ففي الحالة األولى؛ تشتري الدولة هذه السلع والخدمات وتقدّمها للمجتمع‪ ،‬مثل‬
‫وجبات الطلبة‪ ،‬التوسّع في الخدمة الصحيّة والتعليم‪.‬‬
‫وفي الحالة الثانية توزيع المداخيل على مجموع شرائح المجتمع‪ ،‬األجور‪ ،‬المعاشات‪،‬‬
‫المنح واالعانات المالية والتأمين‪ ،‬ممّا يزيد في حجم االستهالك‪.‬‬
‫لكن يجب على الحكومة أخذ الحيطة والحذر في توزيع النفقات العامة على المنتجين‬
‫حتى ال تصل إلى حالة استهالك السلع والخدمات فقط دون وجود انتاج(‪ ،)2‬مما يؤثر‬
‫على توازن االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫على أنّه مجموعة السلع والخدمات التي تمّ انتاجها في دولة ما خالل فترة زمنية محدّدة (سنة عمومًا)‪،‬‬ ‫‪ ‬يعرّف‬
‫وهو ما يعبّر عنه ب «الناتج الداخلي الخام»‪.‬‬
‫‪ - 1‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.49-45‬‬
‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪‬؛ تسعى الحكومات من خالل نفقاتها العامة لتحقيق‬ ‫ج‪-‬‬


‫مبدأ العدالة االجتماعية‪ ،‬من خالل توزيع المداخيل على كافة األفراد‪ ،‬سواء في اطار‬
‫النفقات الحقيقية أو التحويلية (االجتماعية)‪ ،‬فتقوم بإنفاق األموال على الطبقة العاملة من‬
‫خالل األجور والرواتب‪ ،‬وأيضًا التحويالت االجتماعية (االعانات أو المساعدات)‬
‫لتخفيف الفوارق بين أفراد المجتمع وتخفيف الهوة بين األغنياء والفقراء‪ ،‬غير أنّ توزيع‬
‫الدخل يتوقّف على درجة ثراء الدولة(‪ ،)1‬وعلى الحكومة أن تضبط عملية انفاقها على‬
‫مختلف القطاعات في إطار التوازنات االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫؛ تؤثّر النفقات العامة على‬ ‫د‪-‬‬
‫األسعار من خالل عدّة مظاهر‪ ،‬إذ تتركز في الدعم الذي تقدّمه الدولة لبعض السلع لكي‬
‫تكون في متناول األغلبية السّاحقة من السكان‪ ،‬وهذا من خالل تقديم إعانات للمنتجين‬
‫للحدّ من تكلفة اإلنتاج‪ ،‬ومنح امتيازات ضريبية لتفادي ارتفاع األسعار(‪ ،)2‬فيؤثر بذلك‬
‫صرف نفقات الدولة على مستوى األسعار‪.‬‬
‫؛ تساهم الدولة عن طريق نفقاتها العامة على خلق‬ ‫ه‪-‬‬
‫مناصب شغل وفرص التشغيل وامتصاص البطالة؛ حيث تنفق الدولة في إطار تقديم‬
‫الدعم للمنتجين‪ ،‬مما يحول دون تسريح العمّال‪ ،‬أو عندما تقوم الدولة بفكّ العزلة عن‬
‫بعض المناطق النائية واألرياف‪ ،‬من خالل اقامة المرافق العامة الضرورية فيها‪،‬‬
‫ن النفقات التي تتحمّلها في هذا المجال تساعد على خلق التشغيل والتقليل من‬
‫وبالتّالي فإ ّ‬
‫البطالة في هذه المناطق(‪.)3‬‬

‫مجموع الدخول المكتسبة والمحققة من قبل عناصر اإلنتاج وذلك مقابل الخدمات التي يبيعونها ببلد ما‬ ‫‪ ‬يعرّف‬
‫اضافة الى المداخيل المتأتية من الخارج كتحويالت العمال المهاجرين‪ ،‬ويطلق عليه بالناتج الوطني الخام‪.‬‬
‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 56 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫أكدت معظم النظريات الحديثة‬


‫في علم المالية العامة وعلى رأسها النظرية الكينزية أن الدولة تستطيع أن تؤثر في‬
‫االستقرار االقتصادي عن طريق االنفاق العام في إطار ميزانيتها على خالف النظرية‬
‫التقليدية التي كانت تعتقد بوجود قوى خفية وتلقائية تضمن تحقيق التوازن التلقائي‪ ،‬وقد‬
‫أظهرت تجارب الدول الرأسمالية إثر األزمة االقتصادية عام ‪ 1929‬واألزمة المالية‬
‫واالقتصادية العالمية لعام ‪ 2008‬أن نفقات الدولة ضرورية إلعادة بعث اقتصادها بعد‬
‫ركوده‪ ،‬عن طريق تدخل الدولة بواسطة زيادة إنفاقها العام‪ ،‬ولم يكن يهمها توازن‬
‫ميزانيتها (توازن النفقات مع اإليرادات) أكثر من توازن اقتصادها واستقراره‪ ،‬وتتضمن‬
‫عملية زيادة االنفاق لتحقيق التوازن االقتصادي في إطار سياسة مالية توظف فيها جميع‬
‫اآلليات واالجراءات المالية لذلك‪.‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫المحور الرابع‪ :‬اإليرادات العامة‬


‫‪ .1‬التعريف باإليرادات العامة‬
‫‪ .2‬تصنيف اإليرادات العامة‬
‫‪ .3‬اإليرادات العامة العادية‪:‬‬
‫الضرائب‪ ،‬أمالك الدولة‪ ،‬الرسوم‪ ،‬اإلتاوة‪ ،‬الغرامة‬
‫‪ .4‬اإليرادات العامة غير العادية‪:‬‬
‫القروض العامة واالصدار النقدي‬

‫‪- 58 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪Recettes publiques‬‬

‫بعدما تحدد الدو لة مجموع نفقاتها العامة إلشباع الحاجات العامة عليها أن تضبط‬
‫مصادر األموال التي يجب عليها جبايتها وتحقيقها‪ ،‬وتتمثل مصادر األموال هذه في‬
‫الموارد المالية الالزمة لتغطية نفقاتها‪ ،‬فهي تحدّد أوجه االنفاق أوال ثم تبحث في‬
‫اإليرادات العامة‪ ،‬حيث تحصل الدولة على هذه اإليرادات من عدّة مصادر‪ ،‬تتركّز‬
‫أهمّها فيما يلي(‪:)1‬‬

‫‪.‬‬
‫‪ -‬إيرادات الدومين العام‪.‬‬
‫‪ -‬الضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬الرسوم‪.‬‬
‫‪ -‬القروض العامة‪.‬‬
‫أما إذا رجعنا إلى القانون الجزائري‪ ،‬نجد في الفصل الثاني من الباب الثاني ضمن المادة‬
‫(‪ )11‬من القانون ‪ 17-84‬المؤرّخ في ‪ 7‬جويلية ‪ 1984‬المتعلّق بقوانين المالية؛ «تتضمّن‬
‫موارد الميزانية العامة للدولة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬اإليرادات ذات الطابع الجبائي وكذا حاصل الغرامات‪،‬‬
‫‪ -2‬مداخيل األمالك التابعة للدولة‪،‬‬
‫‪ -3‬التكاليف المدفوعة لقاء الخدامات المؤداة واالتاوى‪،‬‬
‫‪ -4‬األموال المخصصة للمساهمات والهدايا والهبات‪،‬‬

‫‪ - 1‬حراق مصباح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪- 59 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ -5‬التسديد بالرأسمال للقروض والتسبيقات الممنوحة من طرف الدولة من الميزانية‬


‫العامة وكذا الفوائد المترتبة عنها‪،‬‬
‫‪ -6‬مختلف حواصل الميزانية التي ينص القانون على تحصيلها‪،‬‬
‫‪ -7‬مداخيل المساهمات المالية للدولة المرخص بها قانونا‪،‬‬
‫‪ -8‬الحصة المستحقة للدولة من أرباح مؤسسات القطاع العمومي‪ ،‬المحسوبة‬
‫(‪)1‬‬
‫والمحصلة وفق الشروط المحددة في التشريع المعمول به‪».‬‬
‫كما تنصّ المادة (‪ )151‬من قانون ‪ 07-12‬المؤرّخ في ‪ 2012/02/21‬المتعلق بالوالية‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫«تتكون موارد الميزانية والمالية للوالية بصفة خاصة ممّا يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬التخصيصات‪،‬‬
‫‪ -‬ناتج الجباية والرسوم‪،‬‬
‫‪ -‬اإلعانات وناتج الهبات والوصايا‪،‬‬
‫‪ -‬مداخيل ممتلكاتها‪،‬‬
‫‪ -‬مداخيل أمالك الوالية‪،‬‬
‫‪ -‬القروض‬
‫‪ -‬ناتج مقابل الخدمات الخاصة التي تؤديها الوالية‪،‬‬
‫‪ -‬جزء من ناتج حق االمتياز للفضاءات العمومية بما فيها الفضاءات اإلشهارية‬
‫التابعة لألمالك الخاصة للدولة‪،‬‬
‫‪ -‬الناتج المحصل مقابل مختلف الخدمات‪.‬‬

‫‪« - 1‬قانون رقم ‪ 17-84‬مؤرّخ في ‪ 8‬شوال عام ‪ 1404‬الموافق ‪ 7‬يوليو سنة ‪ ،1984‬يتعلّق بقوانين المالية»‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.1041‬‬

‫‪- 60 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫(‪)1‬‬
‫تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم‪».‬‬
‫كما تنصّ المادة (‪ )170‬من قانون ‪ 10-11‬المؤرّخ في ‪ 2011/06/22‬المتعلق بالبلدية‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫«تتكون الموارد الميزانية والمالية للبلدية بصفة خاصة‪ ،‬مما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬حصيلة الجباية‪،‬‬
‫‪ -‬مداخيل ممتلكاتها‪،‬‬
‫‪ -‬مداخيل أمالك البلدية‪،‬‬
‫‪ -‬اإلعانات والمخصصات‪،‬‬
‫‪ -‬ناتج الهبات والوصايا‪،‬‬
‫‪ -‬القروض‪،‬‬
‫‪ -‬ناتج مقابل الخدمات الخاصة التي تؤديها البلدية‪،‬‬
‫‪ -‬ناتج حق االمتياز للفضاءات العمومية‪ ،‬بما فيها الفضاءات اإلشهارية‪،‬‬
‫‪ -‬الناتج المحصل مقابل مختلف الخدمات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم‪».‬‬
‫ما يمكن استنتاجه من خالل عرض القوانين أنّه يمكن تقسيم إيرادات الدولة حسب عدّة‬
‫تصنيفات‪ ،‬وهو ما نبيّنه في العنصر التالي‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫يمكن تصنيف اإليرادات العامة وفق معايير مختلفة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ :‬يمكن تقسيم اإليرادات العامة إلى‪:‬‬

‫‪« - 1‬قانون رقم ‪ 07-12‬مؤرّخ في ‪ 28‬ربيع األول عام ‪ 1433‬الموافق ‪ 21‬فبراير سنة ‪ ،2012‬يتعلّق بالوالية»‪،‬‬
‫ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،49:‬عدد‪ ،12 :‬ل ‪ 29‬فبراير ‪ ،2012‬ص‪.22‬‬
‫‪« - 2‬قانون رقم ‪ 10-11‬مؤرّخ في ‪ 20‬رجب عام ‪ 1432‬الموافق ‪ 22‬يونيو سنة ‪ ،2011‬يتعلّق بالبلدية»‪،‬‬
‫ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،48:‬عدد‪ ،37 :‬ل ‪ 3‬جويلية ‪ ،2011‬ص‪.23‬‬

‫‪- 61 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫مثل أمالك الدولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تحصل عليها الدولة عن طريق اقتطاعها لجزء من أموال األفراد‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مثل الضريبة‪.‬‬
‫‪ :‬تقسّم على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ :‬تقوم السلطة العامة بفرض مبالغ مالية جبرا على األفراد‪ ،‬مثل‬ ‫‪-‬‬
‫الضرائب‪ ،‬الغرامات‪.‬‬
‫‪ :‬تقوم بتحصيلها الدولة عن طريق االختيار‪ ،‬مثل الرسوم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والقروض‪.‬‬
‫‪ :‬يقوم هذا المعيار على التمييز بين‬
‫اإليرادات غير المشابهة مع إيرادات القطاع الخاص وااليرادات الشبيهة بإيرادات القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬وهي تقسم إلى‪:‬‬
‫وتسمى باإليرادات السيادية‪ ،‬إذ تحصل عليها اإلدارة العامة‬ ‫‪-‬‬
‫بما لها من امتيازات السلطة العامة‪ ،‬مثل الضرائب والرسوم‪.‬‬
‫؛ تحصل عليها اإلدارة العامة مستعملة القانون‬ ‫‪-‬‬
‫الخاص‪ ،‬مثل‪ :‬إيرادات المشروعات العامة‪ ،‬القروض‪ ،‬اإلعانات‪.‬‬
‫‪ :‬تقسّم اإليرادات العامة إلى‪:‬‬
‫وتشمل دخل الدومين‪ ،‬الضرائب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫؛ ال تتوفّر على صفة الدورية واالنتظام‪ ،‬وهي‬ ‫‪-‬‬
‫استثنائية ال تتكرر باستمرار مثل القروض‪ ،‬اإلصدار النقدي الجديد‪ ،‬وذلك لمواجهة‬
‫ظروف طارئة(‪.)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫نأخذ‬

‫‪ - 1‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.53-52‬‬

‫‪- 62 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪.‬‬
‫وتتضمّن ما يلي‪:‬‬
‫‪Domaine‬‬ ‫‪-‬‬
‫؛ ممتلكات الدولة‪ ،‬أي األموال العقارية والمنقولة التي تملكها الدولة‬ ‫يقصد‬
‫والمؤسّسات والهيئات العامة ملكي ًة عامة أو خاصة(‪.)1‬‬
‫وأمالك الدولة تنقسم إلى قسمين؛ الدومين العام (أمالك عامة) والدومين الخاص (أمالك‬
‫خاصة)‪ ،‬فيقصد باألولى‪ :‬األموال التي تملكها الدولة أو هيئاتها العامة الغرض منه جلب‬
‫دخل للدولة شأنه في ذلك شأن أمالك األفراد(‪ ،)2‬إذ أنّ هذه األمالك العامة التابعة للدولة‬
‫تخضع لقواعد القانون العام‪ ،‬وتخصّص للنفع العام‪ ،‬توضع تحت التصرّف المباشر‬
‫للجمهور أو المخصّصة لمرفق عام‪ ،‬مثل البحار‪ ،‬األنهار‪ ،‬الغابات‪ ،‬النقل البحري‬
‫والجوي وبالسكك الحديدة والحدائق العامة(‪.)3‬‬
‫أمّا األمالك الخاصة للدولة فهي التي تؤدّي وظيفة تمليكية ومالية‪ ،‬مثل المباني ذات‬
‫االستعمال السكني‪ ،‬واألراضي الجرداء غير المخصّصة‪ ،‬واألمالك الشاغرة واألراضي‬
‫الفالحية والرعوية(‪ ،)4‬حيث يرمي ذلك إلى جلب إيراد للخزينة العامة‪ ،‬وهو بدوره ينقسم‬
‫إلى ثالثة أقسام؛ دومين عقاري‪ ،‬دومين تجاري وصناعي‪ ،‬ودومين مالي(‪.)5‬‬
‫أمّا الدومين العقاري فيشمل ممتلكات الدولة العقارية والمتمثلة في الغابات واألراضي‬
‫التابعة ملكيتها للدولة‪ ،‬ورغم أهميته في العصور الوسطى واالقطاع ألنه كان يدر مداخيل‬
‫كبيرة‪ ،‬إال أنّ أهميته تضاءلت نتيجة توسع أنواع أخرى غدت تعطي إيرادات أكبر‬

‫‪ - 1‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬


‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 5‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.120‬‬

‫‪- 63 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫وأفضل‪ ،‬أما الدومين المالي الذي يسميه البعض ب «محفظة الدولة» فيتكون مما تملكه‬
‫الدولة من أوراق مالية كاألسهم والسندات وفوائد القروض وغيرها‪ ،‬في حين يشمل‬
‫الدومين الصناعي والتجاري جميع األنشطة الصناعية والتجارية التي تقوم بها الدولة‪،‬‬
‫إذ تمارس فيه الدولة أنشطة شبيهة بأنشطة األفراد الطبيعيين والمؤسسات الخاصة‪،‬‬
‫الهدف منه الربح المادي(‪.)1‬‬
‫تحقق أمالك الدولة مداخيل معتبرة للخزينة العمومية ضمن عدة مجاالت‪ ،‬أهمّها‪:‬‬
‫‪ ‬مداخيل استغالل المناجم والمحاجر‪.‬‬
‫‪ ‬مداخيل الغابات‪ ،‬مثل قطع األخشاب‪ ،‬الصيد وبيع الفلّين وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬مداخيل أخرى ألمالك الدولة‪ ،‬مثل؛ استخراج مواد مختلفة كالنفط والذهب مثال‪،‬‬
‫امتياز السكن‪ ،‬بيع العقارات(‪.)2‬‬
‫‪ ‬مداخيل الدومين الخاص سيما الصناعي والتجاري منه‪ ،‬والذي يدر أرباحا‬
‫للخزينة العمومية‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بإجراءات تحصيل عائدات أمالك الدولة فإنّها تتم على مستوى مصلحتين‬
‫أساسيتين؛ مفتشية أمالك الدولة وكذا المحافظة العقارية(‪.)3‬‬
‫‪Les impôts‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ :‬وجد مفهوم الضريبة عبر مختلفة عبر العصور‪ ،‬لكن استخدامه تغير‬
‫من مرحلة إلى أخرى‪ ،‬يمكن أن نعرض بعض التعاريف لمفهوم الضريبة‪:‬‬

‫‪ - 1‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.57-56‬‬
‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 64 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ ‬الضريبة هي فريضة مالية يدفعها الفرد جبرًا إلى الدولة أو إحدى الهيئات العامة‬
‫المحلّية بصورة نهائية‪ ،‬مساهمةً منه في التكاليف واألعباء العامة‪ ،‬دون أن يعود عليه‬
‫نفع خاص مقابل دفع الضريبة(‪.)1‬‬
‫‪ ‬هي المورد المالي العام الذي تقتطعه السلطة العامة من األشخاص جبرا بغرض‬
‫استخدامه لتحقيق منافع عامة(‪.)2‬‬
‫‪ ‬الضريبة عبارة عن اقتطاع نقدي جبري تفرضه الدولة على المكلّفين وفقًا لقدراتهم‪،‬‬
‫بطريقة نهائية وبال مقابل‪ ،‬وذلك لتغطية األعباء العامّة‪ ،‬وتحقيق أهداف الدولة‬
‫المختلفة(‪.)3‬‬
‫التي تتميّز بها الضريبة عن‬ ‫إنّ تفكيك هذه التعاريف يعطي لنا مجموعة من‬
‫هي‪:‬‬ ‫باقي الموارد العامة األخرى للدولة‪ ،‬وهذه‬
‫‪ ،‬غير أنه يجوز أن تكون عينية‬ ‫األصل فيها أن تكون‬ ‫‪ ‬الضريبة فريضة‬
‫مثل تقديم خدمات بدل مبالغ مالية‪.‬‬
‫‪ ،‬تفرضه الدولة على مستحقيها‪.‬‬ ‫‪ ‬الضريبة عبارة عن اقتطاع نقدي‬
‫‪ ،‬وهي السلطة العامة في البالد‪ ،‬إذ أنّها الوحيدة المكلّفة‬ ‫‪ ‬الضريبة تقوم بها‬
‫بفرضها وتحصيلها‪ ،‬وتحدّد معدّلها أو سعرها أو مقدارها‪.‬‬
‫‪ ،‬إذ أنّ الفرد ال يمكنه استردادها أو المطالبة باسترجاعها‬ ‫‪ ‬الضريبة تدفع بصفة‬
‫مهما كانت الظروف‪.‬‬
‫‪ ،‬فالمكلّف بها يدفعها دون أن ينتفع بها‪ ،‬مساهمةً منه‬ ‫‪ ‬تفرض الضريبة‬
‫كفر ٍد أو كعض ٍو في المجتمع في تحمّل األعباء والتكاليف العامة‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫‪ - 2‬حراق مصباح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪- 65 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫على عدّة مستويات‬ ‫‪ ‬تعمل الدولة على فرض الضرائب بهدف تحقيق بعض‬
‫التي تحدّدها سلفًا(‪.)1‬‬
‫‪ ‬فرض الضرائب يصدر في شكل قانون تقرره السلطة العامة‪.‬‬
‫‪:‬‬
‫وضع علماء المالية العامة مجموعة من القواعد األساسية للضريبة المبادئ واألسس‬
‫التي يجب على المشرّع المالي مراعاتها واالحتكام لها عندما يكون بصدد إحداث نظام‬
‫ضريبي في الدولة‪ ،‬وتتضمّن أربعة القواعد هي‪ :‬قاعدة العدالة‪ ،‬اليقين‪ ،‬المالءمة في‬
‫الدفع واالقتصاد في النفقات الجبائية(‪.)2‬‬
‫‪ :‬تقوم هذه القاعدة على أساس توزيع العبء المالي العام على أفراد الدولة‬ ‫‪‬‬
‫كلٌ حسب مقدرته التكليفية(‪ ،)3‬أي مراعاة تحقيق العدالة في توزيع األعباء العامة‬
‫بين المواطنين(‪.)4‬‬
‫وفق هذه القاعدة يجب أن تحدّد الضريبة بوضوح من حيث حسابها‪ ،‬تحديد‬ ‫‪‬‬
‫وعائها‪ ،‬وميعاد الوفاء بها وطريقة الدفع‪ ،‬حتّى يكون المموّل على علم بواجباته‬
‫القانونية تجاه الدولة(‪.)5‬‬
‫‪ :‬يجب أن تناسب الضريبة وتالءم ظروف دافعيها‪ ،‬أي من حيث‬ ‫‪‬‬
‫المواعيد المالئمة للموّل ليكون باستطاعته دفعها‪ ،‬ويكون زمن تحصيلها متوافق مع‬
‫زمن تحقيق اإليراد‪ ،‬بعد جنيّ المحصول الزراعي مثالً‪ ،‬أو عند الحصول على‬
‫الراتب أو األجر(‪.)6‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪ - 4‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 6‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬

‫‪- 66 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ :‬يقصد بها أن يتمّ تحصيل الضريبة بأبسط الطرق‬ ‫‪‬‬


‫وبأقل التكاليف‪ ،‬حتّى ال تكلّف مصالح االدارة مبالغ كبيرة‪ ،‬سيما إذا كانت‬
‫االجراءات معقّدة‪ ،‬فيؤدي ذلك إلى تتجاوز حصيلة الضريبة ذاتها فيفقدها قيمتها‪،‬‬
‫هذه القاعدة تضمن للضريبة قيمتها وفعاليتها كموردٍ هام للخزينة العمومية(‪.)1‬‬
‫‪ :‬لما كانت الضرائب تعد موردا هاما في االقتصاديات المعاصرة‪ ،‬فهي‬
‫وسيلة مهمة بيد الدولة لتحقيق جملة من األهداف والتي تشكل وظائفها‪ ،‬ولقد تطوّرت‬
‫هذه األهداف والوظائف بتطوّر مفهوم الضريبة ذاتها ودور الدولة‪ ،‬وأهم هذه األهداف‬
‫والوظائف ما يلي‪:‬‬
‫‪‬‬
‫من هذا الجانب‪ ،‬تهدف الضريبة إلى تغطية مقدار النفقات العامة لتلبية الحاجات العامة‬
‫(‪)2‬‬
‫(النظريات المالية التقليدية تستبعد األهداف‬ ‫األساسية حسب الفكر المالي التقليدي‬
‫االقتصادية واالجتماعية)‪ ،‬كما يمكن أن يستخدم فائضها ضمن مدخرات الدولة في وقت‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫تهدف الحكومة من خالل تحصيل الضرائب إلى احداث استقرار اقتصادي في حالة‬
‫حدوث التضخّم أو االنكماش(‪ ،)3‬أي التأثير في العرض والطلب الكليين بغية تحقيق‬
‫التوازن في االقتصاد الوطني تفاديا الرتفاع المستوى العام لألسعار أو انخفاضه‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل رفع قيمتها أو تخفيضها حسب وضعية االقتصاد الوطني‪ ،‬ووفق ذلك فإن‬
‫الضريبة أصبحت في الدولة الحديثة أداةً للتأثير في جملة األوضاع والظروف‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.34‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.35-34‬‬

‫‪- 67 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪‬‬
‫تستخدم الضرائب لتحقيق جملة من األهداف االجتماعية‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تخفيف الهوة بين أصحاب الدخول والثروات المرتفعة من جهة ومنخفضي الدخل من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬فتحقق من خاللها نوع من التوازن االجتماعي بين أفراد المجتمع‪ ،‬وبالتالي‬
‫محاربة الطبقية االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬محاولة الحدّ من بعض الظواهر االجتماعية السلبية‪ ،‬سيما على الصحة العامة‪،‬‬
‫كمحاربة استهالك بعض السلع الضارة‪ ،‬كالكحول والتبغ‪ ،‬وذلك بفرض ضرائب مرتفعة‬
‫على هذا النوع من السلع على سبيل تركها أو التخفيف منها‪.‬‬
‫‪ -‬تساهم الضريبة في تشجيع النسل أو الحدّ منه‪ ،‬فتستخدمها الحكومة في المحافظة على‬
‫نوع من التوازن في النمو الديمغرافي للسكان إذا أرادت الحد من النسل‪ ،‬فتقوم بتخفيض‬
‫الضريبة للذين ينجبون عدد قليل من األوالد‪ ،‬أما إذا أرادت تشجيع النسل فتقوم برفع‬
‫قيمة اإلعفاءات الضريبية كلّما زاد عدد األطفال في األسرة(‪.)1‬‬

‫يقصد بالتنظيم الفني للضريبة؛ مجموع العمليات التي يتمّ بموجبها اعداد وتحصيل‬
‫الضريبة‪ ،‬أي جملة االجراءات الفنّية المتعلقة بفرض الضريبة‪ ،‬معدّلها وكيفية الوفاء‬
‫بها(‪ ،)2‬وهي جملة المراحل التي تم ّر بها الضريبة بداية من تحديد وعائها‪ ،‬مرورا بضبط‬
‫معدّل قيمتها ووصوال لكيفية تحصيلها‪.‬‬
‫‪ ‬وعاء الضريبة ‪ :L’assiette de l’impôt‬يقصد بوعاء الضريبة؛ المنبع الذي‬
‫تغترف منه الدولة مؤنتها بواسطة الضرائب أو بعبارة أخرى ما يخضع للضريبة‪،‬‬
‫وتحديد هذا الوعاء يتطلّب تحديد ما إذا كانت تعتمد الدولة في تحصيل مؤونتها المالية‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.35‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.36‬‬

‫‪- 68 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫على ضريبة وحيدة أو على ضرائب متعددة‪ ،‬كما قد يكون وعاء الضريبة شخصا أو‬
‫ماال‪ ،‬فضال على أنّ الوصول إلى هذه األموال يكون بطريقة مباشرة فتسمى الضرائب‬
‫المفروضة عليها بالضرائب المباشرة‪ ،‬أو بطرقة غير مباشرة فتسمى بالضرائب غير‬
‫المباشرة(‪ ،)1‬ومن هنا يمكن التطرّق إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪‬‬
‫فأمّا نظام الضريبة الوحيدة؛ فهو ذلك النظام الذي تعتمد فيه الدولة على ضريبة وحيدة‬
‫دون سواها للحصول على كل مؤنتها المالية(‪ ،)2‬ويمكن أن تكون إلى جانبها بعض‬
‫الضرائب الثانوية قليلة األهمية‪ ،‬ويعني هذا اكتفاء الدولة باختيار الوعاء الضريبي الواحد‬
‫وضريبة وحيدة تجني منها جميع ما تحتاجه من موارد(‪.)3‬‬
‫وأمّا نظام الضرائب المتعدّدة‪ ،‬فيعني اخضاع المموّلين ألنواع مختلفة من الضرائب(‪،)4‬‬
‫فتقوم الدولة بتوزيع العبء على األشخاص واألموال بأنواع متعددة من الضرائب‪ ،‬ومن‬
‫ثمّ تتعدّد الضرائب وتختلف األوعية الضريبية‪ ،‬مما يدرّ حصيلة أوفر للخزينة العامة‬
‫ويصلح بعضها أخطاء البعض اآلخر(‪.)5‬‬
‫إالّ أنّ النظام األوّل (نظام الضريبة الوحيدة) بعيد عن مبدأ المالءمة في التحصيل‪،‬‬
‫فحاجات الدولة المتزايدة يتطلّب رفع معدّل الضريبة بصورة متتابعة‪ ،‬مما قد يرهق‬
‫كاهل المكلفين بدفعها‪ ،‬ولهذا السبب أخذت الكثير من الدول باتّباع الضرائب المتعدّدة‪.‬‬
‫كما أنّ النظام الثاني (نظام الضرائب المتعدّدة) يقلّل من التهرّب الضريبي‪ ،‬فإذا أفلح‬
‫المموّل في التهرّب من ضريبة وحيدة‪ ،‬فإنّه يستحيل عليه التهرّب من كافة الضرائب‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.139‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ - 5‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.141‬‬

‫‪- 69 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫ناهيك على أنّ النظام الثاني يخفّف من العبء الضريبي على المكلّفين‪ ،‬ألنّها متعدّدة‪،‬‬
‫نصيب ك ّل وعاءٍ على حدا(‪.)1‬‬
‫لهذه الدوافع فضلت مختلف الدول اتباع نظام الضرائب المتعددة‪ ،‬لكن ال يجب االفراط‬
‫في كثرة عدد الضرائب بحيث ترتفع نفقات الجباية‪ ،‬وتؤدي إلى عرقلة سير الحياة‬
‫االقتصادية في البالد(‪.)2‬‬
‫‪‬‬
‫الحقيقة أن كل الضرائب تمس األفراد‪ ،‬فالدولة دائما ما تطالب بها األشخاص الطبيعيين‬
‫أو المعنويين‪ ،‬غير أننا نحاول التمييز بين الوعاء الخاضع للضريبة شخصا أو ماال(‪.)3‬‬
‫تعني األولى فرض الضرائب على األفراد اعتبارًا لوجودهم في الدولة وتحت حمايتها‪،‬‬
‫وقد عُرفت قديمًا بضريبة «الرؤوس» في جلّ الدول القديمة‪ ،‬كفرنسا‪ ،‬روسيا‬
‫القيصرية‪ ...‬وغيرها‪ ،‬وأمّا الثانية‪ ،‬فتفرض على األموال‪ ،‬أي األشياء والممتلكات التي‬
‫ال عقارية أو منقولة(‪.)4‬‬
‫يحوزها األشخاص‪ ،‬سواءٌ كانت أموا ً‬
‫‪ ‬معدّل أو سعر الضريبة‪:‬‬
‫إنّ تحديد معدّل أو سعر الضريبة وضبط قيمتها يعدّ من اإلشكاليات التي تعترض‬
‫المشرع‪ ،‬فعليه أن يراعي أسس العدالة الضريبية‪ ،‬والمقصود هنا بمعدّل الضريبة؛ تلك‬
‫النسبة المئوية أو المبلغ المحدّد الذي تفرضه التشريعات الضريبية على المادّة الخاضعة‬
‫للضريبة‪ ،‬وقد تكون ثابتة أو متغيّرة(‪.)5‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬


‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.142‬‬
‫‪ - 4‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫وتعدّ عملية تحديد نسبة أو معدّل الضريبة من العمليّات المعقّدة والشائكة في آن‪ ،‬ألنّها‬
‫تخضع للظروف االجتماعية‪ ،‬االقتصادية والسياسية(‪ ،)1‬ومراعاتها يجب أن يقوم على‬
‫أسس سليمة لتحقيق العدالة الضريبية‪.‬‬
‫تقوم العدالة الضريبية على مبادئ ثالثة‪ ،‬هي؛‬
‫‪ ،‬ويقتضي ذلك من المشرع توزيع أعباء الضريبة على‬
‫جميع األشخاص القادرين على المساهمة في األعباء العامة‪ ،‬بعيدا عن التمييز بين‬
‫األشخاص على أساس طبقي أو األموال من االشتراك في دفع الضرائب‪.‬‬
‫‪ ،‬بحيث يجب أن يراعى عدم إلزام األشخاص‬
‫واألموال بدفع ضريبة أكثر من مرة‪.‬‬
‫‪ ،‬والتي تقوم على أن توزيع الضرائب على المواطنين‬
‫ال يجب أن يتفق مع المساواة في األنصبة المفروضة عليهم‪ ،‬بل يجب مراعاة المقدرة‬
‫المالية لكل ممول‪ ،‬وجعل الضريبة ذات سعر تصاعدي‪ ،‬أي يزداد بازدياد مقدرة‬
‫الممول(‪.)2‬‬
‫‪ ‬تحصيل الضريبة‪ :‬التحصيل عبارة عن النتيجة التي ينتهي إليها سن القوانين الضريبية‬
‫موضع التنفيذ(‪ ،)3‬ويطلق هذا المصطلح على جملة العمليات الهادفة إلى نقل المبالغ‬
‫الضريبية من جيوب المفروضة عليهم إلى صناديق الخزينة‪ ،‬وهي آخر مرحلة من‬
‫المراحل التي تمرّ بها الضريبة‪ ،‬وتعتبر مرحلة مهمة ألنّ االخفاق في تحصيل الضريبة‬
‫يعتبر ضياع لك ّل الجهود والتكاليف التي أنفقت من أجل الضريبة(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.183‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 4‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.38‬‬

‫‪- 71 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫تلتزم مصالح الضرائب بتحصيل الضريبة‪ ،‬وهي متعددة كل حسب اختصاصه‪ ،‬منها‬
‫المديريات ومصالح الجمارك(‪.)1‬‬
‫‪ :‬يجمع علماء االقتصاد على تقسيم الضرائب إلى ضرائب مباشرة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫هي‬ ‫هي ضرائب على الدخل والثّروة‪ ،‬بينما‬ ‫وأخرى غير مباشرة‪،‬‬
‫ضرائب على التداول واالنفاق‪ ،‬بالرّغم من ذلك ال يوجد معيار ثابت ودقيق للتميّيز بين‬
‫هذين النوعين(‪.)2‬‬
‫‪ :‬هي التي يتحمّل عبؤها في النهاية من يقوم بتوريدها إلى‬ ‫‪‬‬
‫الخزينة العمومية‪ ،‬وقد عرّفها بعض الكتاب على أنّها الضريبة التي تفرض على‬
‫عناصر تتمتّع نسبيّا بالدوام واالستقرار (رأس المال‪ ،‬العمل)‪ ،‬ومن أمثلة ذلك؛‬
‫ضريبة الدخل‪ ،‬ضريبة األرباح التجارية‪ ،‬وأنواعها‪:‬‬
‫‪ -‬الضريبة على الدخل‪ IRG :‬تفرض على دخول المكلّفين‪ ،‬أيّ تفرض على األموال‬
‫المكتسبة‪ ،‬وهذه الضرائب تعدّ من أهم مصادر ايرادات الضريبة في الدول المتقدّمة‪،‬‬
‫فإذا كان المكلّف شخصًا طبيعيّا‪ ،‬تكون الضريبة على دخول األشخاص‪ ،‬امّا إذا كان‬
‫المكلّف شخصًا اعتباريّا على شكل شركة مساهمة في تحقيق دخل‪ ،‬تسمّى الضريبة على‬
‫دخول الشركات‪.‬‬
‫‪ -‬الضريبة على رأس المال ‪ :‬تعرّف بأنّها ذلك الجزء المفروض على اقتناء المال‬
‫وتملُّكِه سواء ت ّم انتاجه أو لم ينتج‪ ،‬وتفرض هذه الضريبة على أساسين‪:‬‬
‫‪ ‬ضريبة الممتلكات‪ :‬تسمّى أيضًا الضرائب الدورية أو المتجدّدة على رأس المال‪،‬‬
‫منها الضرائب على الثروة‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.221‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬

‫‪- 72 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ ‬الضرائب العرضية على رأس المال‪ :‬هذا النوع يفرض بصورة متقطّعة أي عند‬
‫حدوث الواقعة‪ ،‬مثل ضريبة التركة على نصيب الورثة(‪.)1‬‬
‫إنّ التمييز بين الدخل ورأس المال ال يخلو من الصعوبات‪ ،‬لعدم وجود معايير واضحة‬
‫للتفريق بينهما‪ ،‬فالشخص الذي يحصل ‪ 500‬ألف دج في السنة من سندات يملكها يعتبر‬
‫صاحب دخل‪ ،‬غير أنه إذا أعاد استثمارها في شراء سندات جديدة وأسهم فإن هذا المبلغ‬
‫يصبح رأس مال‪ ،‬ولهذا قيل أنّ المال يعتبر دخال أو رأس مال بحسب نية صاحبه‪ ،‬لكن‬
‫هذا المعيار غير دقيق‪ ،‬ألن الدخل يتميّز بخصائص متميّزة فيه ال تتوقف على النية‬
‫فقط‪ ،‬ولهذا فإنّ الدخل يعدّ من الوجهة المالية الضريبية كل ناتج نقدي أو قابل للتقدير‬
‫بالنقود‪ ،‬يأتي بصفة دورية من مصدر قابل للبقاء‪ ،‬أما رأس المال فهو مجموع األموال‬
‫العقارية والمنقولة التي يمتلكها الشخص في زمن معين(‪.)2‬‬
‫‪ :‬هي الضريبة التي يستطيع دافعها نقل عبئها إلى شخص‬ ‫‪‬‬
‫آخر‪ ،‬يقتصر دور دافعها على دور محصّل الضريبة‪ ،‬وبالتالي يكون هذا األخير‬
‫كوسيط بين الخزينة العمومية ودافع الضريبة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك؛ ضريبة االستيراد‬
‫والتصدير‪ ،‬ضريبة االستهالك واإلنتاج‪ ،‬وأنواعها‪:‬‬
‫‪ -‬الضرائب على االنفاق‪ :‬وهي تفرض في حالة استعمال الدخل وانفاقه في المجاالت‬
‫المختلفة‪ ،‬وتفرض على السلعة بحدّ ذاتها على المراحل التي تمرّ بها هذه السلعة‪ .‬ويتوقّف‬
‫حجم هذه الضريبة على حجم االستهالك‪ ،‬فكلّما كانت القدرة الشرائية للفرد أكثر‪ ،‬كانت‬
‫ن المستهلك هو‬
‫المردودية لهذه الضريبة أحسن‪ ،‬رغم أنّ هذه الضريبة غير عادلة‪ ،‬أل ّ‬
‫من يتحمّله في األخير‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.42-40‬‬


‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪ 150‬و‪.161‬‬

‫‪- 73 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ -‬الضرائب الجمركية‪ :‬تفرضها الدولة على السلع المستوردة‪ ،‬وهي تلك الضرائب‬
‫التي تفرض على السلع عند اجتيازها لحدود الدولة االقليمية بمناسبة استيرادها أو‬
‫تصديرها‪ ،‬ومن أهدافها؛ حماية الصناعات المحليّة والصناعات الناشئة من المنافسة‬
‫األجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬الضرائب على التداول‪ :‬هذا النوع من الضرائب يفرض على جزء من الدخل لم‬
‫يتمّ استهالكه أو على األموال الموجودة لدى األفراد عندما يقومون ببيعها أو نقلها‬
‫ألشخاص آخرين‪ ،‬وتتعلّق هذه الضريبة بالتصرّفات القانونية التي يقوم بها األفراد‪،‬‬
‫والتي من شأنها تداول وانتقال الملكية‪ ،‬كضرائب الطابع (‪ )Timbre‬والتسجيل‬
‫(‪.)1()Enregistrement‬‬

‫لم تعد الضرائب في الوقت الحالي مجرد مورد مالي لتغطية النفقات العامة‪ ،‬بل‬
‫أصبحت أداة في يد الدولة تستخدمها لتحقيق العديد من األغراض االقتصادية‪ ،‬حيث‬
‫غدى تأثير الضرائب واضح على مختلف مناحي الحياة االقتصادية‪ ،‬ضمن مجاالت‬
‫اإلنتاج واالستهالك‪ ،‬الدخل‪ ،‬األسعار‪ ،‬التضخم واالنكماش واالستقرار االقتصادي‪،‬‬
‫ويبرز في هذا الشأن التوازن االقتصادي كأهم متغير توليه سياسة الحكومة المالية‬
‫والضريبية أهمية بالغة ضمن أولوياتها‪ ،‬فهو مرتبط بالطلب والعرض الكليين‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن له عالقة بمستوى التضخم ومشكلة االنكماش في االقتصاد الوطني والتي تسعى‬
‫الحكومة دائما لمكافحتهما‪.‬‬
‫تستخدم ال ضرائب في التخفيف من حدّة فترتي الرخاء والهبوط في الدورة‬
‫‪ ،‬فتعمد الدولة من خاللها‬ ‫االقتصادية‪ ،‬حيث يترتب عن‬
‫إلى زيادة سعر الضرائب الموجودة وفرض ضرائب جديدة للوصول إلى تحقيق هدفين؛‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43-42‬‬

‫‪- 74 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫أحدهما هو إنقاص األرباح والدخول‪ ،‬وبالتالي تقليل االستهالك مما يؤدي إلى خفض‬
‫الطلب الكلي‪ ،‬ويحول دون االندفاع في اإلنتاج‪ ،‬وأما الهدف الثاني فهو تمكين الدولة من‬
‫تكوين احتياطي مالي تستطيع إنفاقه في فترة الركود‪ .‬أمّا الحالة الثانية التي تشكل فترة‬
‫الركود‪ ،‬فتقوم الدولة بخفض سعر الضرائب للتخفيف عن المشروعات في زمن‬
‫ا النكماش حتى تتمكن من خفض أسعار منتجاتها فتزيد حركة التداول ومن ثم تشجيع‬
‫الطلب الكلي‪ ،‬فضال عن ذلك يمكن أن تستخدم الدولة ما ادخرته في فترة الرخاء من‬
‫حصائل الضرائب في بعث االقتصاد وتشجيع حركيته(‪.)1‬‬
‫‪Taxe‬‬ ‫‪-‬‬
‫مورد مالي تحصل عليه الدولة ممن في حاجة إلى خدمة خاصة تنفرد الدولة‬
‫بأدائها(‪ ،)2‬ولهذا تع ّد الرسوم من بين أهم اإليرادات العامة للدولة‪ ،‬حيث تستخدم حصيلتها‬
‫في تمويل النفقات العامة‪ ،‬وتحصل عليها الدولة من األفراد عندما يطلبون خدمة خاصة‬
‫من بعض مرافقها العمومية‪ ،‬مثل الرسوم القضائية التي يدفعها الشخص حينما يطالب‬
‫بحقوقه أمام العدالة‪ ،‬ورسوم االلتحاق بالجامعة‪ ،‬أو لحصول خدمات أخرى معينة كالسفر‬
‫أو زيارة األماكن األثرية في الدولة(‪ ...)3‬وغيرها‪.‬‬
‫إنّ نوع الخدمة التي تقدمها الدولة تختلف باختالف طبيعة الخدمة ذاتها‪ ،‬فقد تكون عبارة‬
‫عن نشاط تبذله الدولة لمصلحة الفرد كتعليمه بالنسبة للرسوم الدراسية‪ ،‬أو الفصل في‬
‫منازعة قضائية تخصه بالنسبة للرسوم القضائية‪ ،‬أو إثبات تاريخ أو توثيق عقد بالنسبة‬
‫لرسوم التوثيق والشهر‪ ،‬أو امتياز يمنح لفرد يخوله انتفاعا خاصا يمتاز به كالحصول‬

‫‪ - 1‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.212‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ ،‬جامعة بنها (جمهورية مصر العربية) كلية‬ ‫‪ -‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪faculty.mu.edu.sa/download.php?fid=81915‬‬ ‫الحقوق‪ ،‬أنظر‪:‬‬

‫‪- 75 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫على جواز السفر بالنسبة لرسوم الجوازات أو رخصة قيادة السيارة أو رخصة حمل‬
‫السالح بالنسبة لرسوم الترخيص بها(‪.)1‬‬
‫‪:‬‬
‫‪ :‬يدفع الفرد الرسم في شكل نقدي وليس عينيا‪ ،‬وهي وسيلة‬ ‫‪-‬‬
‫التعامل الحديثة(‪.)2‬‬
‫ن الشخص ال يدفع الرّسم إالّ بمناسبة حصوله على خدمة معيّنة‬
‫إّ‬ ‫‪‬‬
‫من الدولة‪ ،‬والقاعدة أنّ الشخص حرٌّ في أن يطلب الخدمة أو ال يطلبها(‪ ،)3‬فطلب الخدمة‬
‫من الدولة هو اختياري‪ ،‬فال يلزم الفرد بدفع الرسم ملزما دون خدمة كما هو الحال في‬
‫الضريبة‪ ،‬غير أن اإللزام يحدث حين يطلب الخدمة التي تفرض رسما(‪.)4‬‬
‫يرتبط الرّسم بخدمة خاصّة أو منفعة خاصة تعود على دافعه‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ...‬وفي هذا يختلف الرسم عن الضريبة حين‬ ‫ومثاله؛ تلقّي العلم‪ ،‬السفر‪ ،‬التقاضي‬
‫تدفع األخيرة دون منفعة مقابلة لها‪ ،‬وإنما المشاركة في تحمّل األعباء العامة(‪.)6‬‬

‫هناك تناسب بين تكلفة الخدمة والرّسم المقرّر من أجل االنتفاع بها‪ ،‬وفي معظم األحوال‬
‫ال يزيد الرسم عن تكلفة انتاج الخدمة‪ ،‬بل يق ّل عنها كما هو الحال في الرسوم التعليمية‪،‬‬
‫وفي بعض األحيان تتساوى الخدمة مع قيمة الرسم أو يغالي في بعض الرسوم تحقيقا‬
‫هدف معيّن يتّفق مع المصلحة العامة في المجتمع(‪.)7‬‬

‫‪ - 1‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.125-124‬‬


‫‪ - 2‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ - 4‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ - 5‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ - 6‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ - 7‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬

‫‪- 76 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫ن كالهما يدفعان في شكل نقدي‪ ،‬ويدفعان بشكل إجباري‪،‬‬


‫يتّفق الرسم مع الضريبة في أ ّ‬
‫غير أنّ هناك أوجهًا لالختالف بينهما‪ ،‬ويكمن ذلك في أنّ‪ :‬الرسم مقابل خدمة خاصة‬
‫أو منفعة شخصية تؤديها الدولة لدافعه‪ ،‬بينما الضريبة فهي مقابل خدمات عامة‪ ،‬وذلك‬
‫لكون الفرد جزءًا من المجتمع يشارك في تحمّل األعباء العامة(‪ ،)1‬والمنفعة تعود على‬
‫العامة‪ ،‬سواء للمكلّف بدفع الضريبة أو غير المكلّف‪.‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬فإنّ القدرة المالية للمول تحسب على أساسها الضرائب أما في حالة‬
‫الرسم فهي محددة سلفا وتفرض على كل منتفع بالخدمة أيّا كانت قدرته المالية وال مجال‬
‫لإلعفاء فيها إالّ بموجب القانون‪ ،‬كما أنّ للضرائب تأثير بارز على الحركية االقتصادية‬
‫في البالد أما الرسوم فهي خاصة بالمنتفعين ببعض خدمات المرافق العمومية وتختلف‬
‫بحسب الخدمات(‪.)2‬‬
‫‪Redevance‬‬ ‫‪-‬‬
‫تطلق على المقابل الذي يدفعه صاحب العقار أو الثروة بسبب ارتفاع ملكه المترتّب عن‬
‫قيام الدولة بمشاريع عامة‪ ،‬فتعبيد الطرق أو إقامة سدّ أو جسر يؤثّر على قيمة األراضي‬
‫المجاورة‪ ،‬ممّا يقتضي أن يساهم المستفيد بقسط معين في النفقات التي تتكبّدها الدولة‪،‬‬
‫حيث تفرض اإلتاوة مرة واحدة عند تحقق المنفعة(‪ ،)3‬وتحدّد على مقدار النفع الذي‬
‫حصل عليه المستفيد بنسبة معينة‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.28-27‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.60-59‬‬

‫‪- 77 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪:Amende‬‬ ‫‪-‬‬
‫هي عقوبة مالية أو مصادرة مالية يستوجب دفعها من قبل الشخص المعاقب إلى الخزينة‬
‫(‪)1‬‬
‫في مدّة زمنية محدّدة‪ ،‬وبالتالي فهي عقاب شخص بسبب‬ ‫العمومية بعد ثبوت إدانته‬
‫ن الغرامة لها طابع جزائي‪ ،‬وهي تشكل موردا من‬
‫مخالفة القوانين واللّوائح‪ ،‬ومن ثم فإ ّ‬
‫موارد الدولة لتمويل نفقاتها العامة(‪.)2‬‬

‫‪.‬‬
‫في ظل ما يعرف بالدولة المتدخلة لم يعد االهتمام كثيرا بتساوي اإليرادات مع النفقات‬
‫كما كان سائدا في عصر الدولة الحارسة‪ ،‬فقد تفوق النفقات إيرادات الدولة‪ ،‬مما يضطرها‬
‫لالعتماد على موارد مالية أخرى غير عادية‪ ،‬وهذه الظاهرة أصبحت شائعة في ج ّل‬
‫الدول بعد الحرب العالمية األولى‪ ،‬ألنّ الدولة أصبحت تتدخل في النشاط االقتصادي‬
‫بوسائلها المالية من أجل إحداث التوازن االقتصادي‪ ،‬ناهيك عن اعتمادها على هذه‬
‫الموارد غير الع ادية للتسلح بعدما ازدادت مخاطر الحروب والنزاعات آنذاك‪ ،‬ونذكر‬
‫من بين أهم هذه اإليرادات ما يلي‪:‬‬
‫‪:Emprunt publique‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ :‬تعدّ القروض العامة أهم الموارد غير العادية للخزينة العمومية وأفضلها من‬
‫الموارد غير العادية األخرى‪ ،‬لما لها من إيجابيات كثيرة على االقتصاد الوطني‪ ،‬وحتى‬
‫نحدد تعرف القروض العامة علينا بعرض بعض التعاريف في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬القرض العام هو عبارة عن المال الذي تحصل عليه الدولة عن طريق االلتجاء إلى‬
‫الجمهور أو المصارف أو غيرها من المؤسسات المالية نظير تعهّدها بدفع فائدة سنوية‬

‫‪ - 1‬بيرك فارس حسين ومنار عبد المحسن عبد الغني‪« ،‬التعويض والغرامة وطبيعتهما القانونية‪ :‬دراسة تحليلية‬
‫(العراق)‪ ،‬عدد‪ 6:‬السنة الثانية‪ ،‬ص‪.79‬‬ ‫مقارنة»‪،‬‬
‫‪ - 2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬

‫‪- 78 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫محددة عن المبالغ المدفوعة‪ ،‬وبرد قيمة هذه المبالغ دفعة واحدة أو على أقساط وفق‬
‫شروط القرض(‪.)1‬‬
‫‪ -‬إنه مبلغ من المال تحصل عليه الدولة من خالل اللجوء إلى الغير (األفراد‪ ،‬المصارف‪،‬‬
‫المؤسسات المالية) وتعهد برده مع الفوائد المترتبة عليه خالل مدته المحددة وفقا‬
‫لشروط(‪.)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫من‬ ‫مورد ما لي يحصل عليه أحد أشخاص القانون العام (الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬البلدية)‬
‫الجمهور‪ ،‬أو البنوك أو غيرها من المؤسّسات المالية‪ ،‬تتعهّد برد المبلغ مع الفوائد وفقًا‬
‫لشروط متّفق عليها(‪.)4‬‬
‫‪ :‬للقروض العامة عدة أنواع مختلفة بحسب الزاوية التي ينظر‬
‫إليه ا نوع القرض‪ ،‬فمن حيث المصدر تنقسم القروض إلى داخلية وخارجية‪ ،‬ومن حيث‬
‫فترة سدادها هناك قروض قصيرة‪ ،‬متوسطة وطويلة اآلجال‪ ،‬ومن حيث حرية المكتتب‬
‫في المساهمة فيها هناك قروض اختيارية وأخرى إجبارية(‪ ،)5‬ولهذا سوف نفصل أكثر‬
‫في هذه التقسيمات المتعدّدة‪:‬‬
‫‪ :‬وتنقسم إلى‬ ‫‪-‬‬
‫قسمين؛‬
‫‪ :‬تحصل عليها الدولة من األشخاص الطبيعيين أو المعنويين‬ ‫‪‬‬
‫الموجودين في اقليمها بغضّ النظر عن جنسيتهم‪ ،‬فهو ال يزيد في الثروة على‬
‫مستوى االقتصاد الوطني‪ ،‬ألنّ كميّة النقد الموجودة تبقى ثابتة‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.234‬‬


‫‪ - 2‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪ -‬محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.78‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.62‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.79‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪- 79 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ :‬تحصل عليها الدولة من الحكومات األجنبية أو من‬ ‫‪‬‬


‫شخص طبيعي أو معنوي مقيم بالخارج‪ ،‬تلجأ الدولة إلى هذا النوع في حالة عدم‬
‫كفاية مدخّراتها الوطنية وحاجتها للعمالت األجنبية‪ ،‬ولتغطية عجز ميزانيتها‪،‬‬
‫وهذا النوع يضيف رصيدًا من الثروة بالعملة األجنبية في االقتصاد الوطني‪ ،‬ألنّه‬
‫يضيف كمية نقد جديدة إلى الكتلة المتداولة(‪.)1‬‬
‫‪ :‬وهي ثالث (‪ )3‬أقسام؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪ :‬ال تتعدّى فترة سدادها سنة واحدة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ :‬تنحصر فترة سدادها بين ‪ 2‬و‪ 7‬سنوات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ :‬تكون فترة سدادها من ‪ 7‬سنوات إلى ‪ 100‬سنة(‪.)2‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ :‬تنقسم القروض وفق هذا المعيار على أساس‬ ‫‪-‬‬
‫يتم توجّيهها لتغطية االستهالك من المواد الغذائية وغيرها‪ .‬و‬
‫توجّه أساسا لتكوين رأس المال وخلق استثمارات جديدة (الصناعة‪ ،‬الفالحة‬
‫البنية األساسية الخدمات‪.)3()..‬‬
‫األصل في القروض أنّها اختيارية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫)‪،‬‬ ‫أي أن يكون األفراد أحرارا في االكتتاب في سندات القرض أو ال (‬
‫ال يكون لألفراد الحرية فيها‪ ،‬وإنما‬ ‫غير أنّ الدولة بإمكانها إصدار‬
‫يلزمون على أساس ما يقرره القانون‪ ،‬يستخدم هذا النوع األخير في حاالت التضخم‬
‫وارتفاع المستوى العام لألسعار للحدّ من آثارها(‪ ،)4‬كما حدث وأن قامت الحكومة‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 80 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫الجزائرية في عهد (أحمد أويحي) بفرض ذلك على الموظفين في قطاع الوظيف العمومي‬
‫في سنوات التسعينيات عندما كانت الدولة في حاجة إلى األموال‪.‬‬
‫لقد أصبحت القروض العامة في الفكر المالي الحديث أداة‬
‫مهمّة من أدوات السياسة المالية للحكومة‪ ،‬من حيث تأثيرها على وضعية االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬وعلى الطلب والعرض الكليين‪ ،‬وعلى مستويات التشغيل واإلنتاج وتوزيع‬
‫الدخل الوطني بين فئات المجتمع‪ ،‬ولم تعد القروض أداة لتمويل النفقات فقط كما كان‬
‫سائدا في الفكر المالي التقليدي(‪ ،)1‬غير أنّه في الحقيقة تترك القروض العامة بعض‬
‫اآلثار السلبية على المستوى االقتصادي واالجتماعي وعلى التوازنات المالية للدولة‪،‬‬
‫وفيما يلي هذه األثار‪:‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬بالنسبة للقروض الداخلية ؛ فإنّها ال تمثّل الزيادة الحقيقية في القدرة الشرائية داخل‬
‫ن كمية النقود ال تتغيّر‪.‬‬
‫البالد‪ ،‬أي ال تزيد في الثروة‪ ،‬أل ّ‬
‫‪ ‬بالنسبة للقروض الخارجية؛ فإنّه يمكن أن تكون‪:‬‬
‫‪ ‬الديون وفوائد الديون تمثّل عبئًا على خزينة الدولة‪ ،‬خاصة إذا استعملت كقروض‬
‫استهالكية ال تد ّر منفعة على الثروة القومية‪.‬‬
‫‪ ‬التأثير على االنفاق العام‪ ،‬بحث ينقص من جراء سداد الديون وفوائدها‪.‬‬
‫‪ ‬تلجأ الدولة في بعض الحاالت إلى إصدار النقود لسداد ديونها‪ ،‬مما قد يؤدي إلى حالة‬
‫التضخّم في االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬تفاقم الديون يؤدي إلى أزمة المديونية‪ ،‬وقد يؤدي أيضا إلى فقدان الثقة بين الحكومة‬
‫والمقرضين في حالة عجز عن السّداد‪ ،‬كما حدث للمكسيك بداية الثمانينيات‪.‬‬

‫‪ -‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.71-70‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ ‬تعرّض الدولة إلى االستعمار أو الوصاية أو فرض شروط اقتصادية قاسية(‪ ،)1‬كما‬
‫حدث في حقب تاريخية سابقة‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬القروض االستثمارية لها فوائد كبيرة على االقتصاد الوطني وتؤدي ثمارها إلى‬
‫األجيال القادمة‪.‬‬
‫‪ ‬تستخدم القروض في حاالت الحروب وفي حاالت الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية‪،‬‬
‫فهي التي تغطّي مصاريف الحرب من جهة وهي المنقذ األساسي لسدّ الخطر من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬القروض األجنبية ضرورية لتمويل مختلف االستثمارات‪ ،‬سيما الدول التي تعاني من‬
‫ندرة في رؤوس األموال(‪.)2‬‬
‫‪ ‬تساهم القروض خاصة الداخلية ومنها االجبارية في التخفيف من بعض آثار التضخم‪،‬‬
‫من خالل دخول األموال إلى الخزينة العامة‪ ،‬ومن ثمة إمكانية امتصاص فائض النقود‬
‫الزائد عن الكتلة النقدية في االقتصاد الوطني‪ ،‬كما تساهم في فترات الكساد من خالل‬
‫سعي الحكومة إلى تشجيع الطلب الكلي الفعّال‪ ،‬وهي بذلك وسيلة استراتيجية لمعالجة‬
‫االختالل بين الطلب الكلي والعرض الكلي‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ ‬تتجسّد عملية اإلصدار النقدي في تدخّل البنك المركزي في إمداد الخزينة العمومية‬
‫بالنقود التي يقوم بإصدارها بناءًا على طلبها‪ ،‬بشرط أن تمنحه مقابل ذلك سندات‬
‫عامة‪ ،‬على أساسها يصدر النقود‪.‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 82 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ ‬كما تتجسّد هذه العملية في تدخّل البنك المركزي في السوق المالية لشراء مختلف‬
‫السندات المالية‪ ،‬وخاصة السندات العامة (سندات الخزينة العمومية)‪ ،‬وعلى‬
‫أساسها يت ّم إصدار النقود(‪.)1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.62‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 83 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫المحور الخامس‪:‬‬
‫الميزانية العمومية‬
‫‪ .1‬التعريف بالميزانية العامة‬
‫‪ .2‬أهمية الميزانية العامة‬
‫‪ .3‬مبادئ وقواعد الميزانية العامة‬
‫‪ .4‬دورة الميزانية العامة‬

‫‪- 84 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪Budget publique‬‬

‫‪:‬‬

‫إذا كنا قد عرجنا في الحورين السابقين على دراسة النفقات واإليرادات العامة فإنه‬
‫يفرض أن يستتبع ذلك تناول موضوع الميزانية العامة‪ ،‬على اعتبار أنّها تنظيم مالي‬
‫يتقابل فيه كل من النفقات واإليرادات في برنامج متكامل‪ ،‬يتمّ توجيههما لتحقيق أهداف‬
‫السياسة المالية واالقتصادية‪ ،‬حيث يتطلّب هذا البرنامج أن تقوم الدولة أوال ببيان أوجه‬
‫نفقاتها لتلبية االحتياجات العامة وممارسة مختلف أنشطتها‪ ،‬ثم تبحث في مختلف السبل‬
‫لتحصيل إيراداتها لتغطية تلك النفقات‪ ،‬هذه األمور يجب أن تكون في إطار قانوني يحدد‬
‫في شكل برنامج لمدة سنة‪ ،‬يضمّ جانب النفقات العامة وجانب اإليرادات العامة يطلق‬
‫» ‪ ،‬أما العمليات التي تتضمّن إجراءات توفير األموال العامة‬ ‫عليه ب «‬
‫الالزمة لتسيير المرافق والهيئات العامة للدولة‪ ،‬وحسن سير استخدامها بكفاءة اقتصادية‬
‫»‪.‬‬ ‫ممكنة فإنّها تطلق على ما يسمى ب «‬

‫فما هو تعريف الميزانية العامة؟ وما هي أهميتها على مختلف األصعدة؟ ماهي المبادئ‬
‫والقواعد التي تقوم عليها؟ وما المقصود بدورة الميزانية؟ وماهي مراحلها؟‬

‫‪.‬‬
‫» إلى تمييزها عن باقي الميزانيات‬ ‫يهدف تحديد تعريف مصطلح «‬
‫األخرى‪ ،‬كالميزانية التكميلية‪ ،‬وميزانيات الجماعات المحلية‪ ،‬والميزانية المستقلة‬
‫والميزانية غير العادية‪.‬‬
‫استخدمت كلمة «ميزانية» في السابق بإنجلترا في ثورة عام ‪ 1688‬ثم فرنسا بعد‬
‫ثورة عام ‪ ،)1(1789‬وهي فكرة حديثة كانت تعني حقيبة نقود أو محفظة عامة‪ ،‬وكانت‬

‫‪ -‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.272‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 85 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫تستخدم لح فظ كشوف إيرادات الدولة ونفقاتها‪ ،‬وهذا التعبير استعمله اإلنجليز لوصف‬
‫الحقيبة الجلدية التي كان يحملها وزير المالية عند ذهابه للبرلمان‪ ،‬إذ كانت تحفظ فيها‬
‫كشوف احتياجات الحكومة من إنفاق وموارد مالية‪ ،‬كما استخدمت أيضا للتعبير عن‬
‫المستندات التي تحفظ في هذه الحقيبة وهي تحوي الخطة المالية التي تعرض على الهيئة‬
‫التشريعية للتصديق عليها‪ ،‬وبعدها شاع استخدامها كتعبير عن الذمة المالية للدولة‪ ،‬أي‬
‫ما عليها وما لها من أموال‪ ،‬وهو مقصود ميزانية الدولة في المفهوم الحديث(‪.)1‬‬
‫تمثل الميزانية العامة بيانات لتوقعات ما تنفقه وما تحصّله الحكومة من إيرادات‬
‫خالل فترة زمنية تقدر بسنة‪ ،‬فتضبط هذا التوقّع قبل أن تعرضه على البرلمان‪ ،‬فتصبح‬
‫بنود النفقات واإليرادات وما يتضمنان من مال في شكل برنامج عمل الدولة خالل الفترة‬
‫الزمنية المحددة له‪ ،‬حيث تعكس سياستها في مختلف المجاالت االقتصادية والسياسية‬
‫واالجتماعية(‪ ، )2‬على أن يصدر ذلك البرنامج في شكل وثيقة قانونية يُصادق عليها‪،‬‬
‫»‪.‬‬ ‫وتسمى «‬
‫‪«:‬‬ ‫إذن‬

‫(‪)3‬‬

‫نقوم بتفكيك هذا التعريف وتبيان أهم جوانب التعريف‪:‬‬


‫‪ :‬ألن النفقات واإليرادات تظهر في شكل أرقام عددية مالية مقسمة إلى‬ ‫هي‬
‫تقسيمات متناسقة في أبواب وفصول وبنود وغيرها من تقسيمات‪.‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.102‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل جاب اهلل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 86 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ :‬ألنها توقع وتقدير واستشراف لما سيكون عليه الحال في المستقبل‬ ‫وهي‬
‫من نفقات الدولة وإيراداتها‪.‬‬
‫‪ :‬ألنها تشمل بيان النفقات من جهة واإليرادات من جهة أخرى‪،‬‬ ‫ثم أنها‬
‫فيمكن بذلك معرفة ما إذا كانت الميزانية متوازنة‪ ،‬أي تساوي اإليرادات مع النفقات‪ ،‬أو‬
‫إن بها فائضا أي تزيد إيراداتها عن نفقاتها‪ ،‬أو وأن بها عجزا حيث تزيد نفقاتها على‬
‫إيراداتها(‪.)1‬‬
‫وتكون مدة صالحية الميزانية عادة بسنة مقبلة‪ ،‬تسمى سنة مالية‪ ،‬وتختار مدة سنة لكونها‬
‫المدة المناسبة والكافية‪ ،‬فهي فترة كاملة الفصول فيما يتعلق باإلنفاق العام وتحصيل‬
‫الجباية وباقي اإليرادات‪ ،‬فضال عن كفاية وكفاءة وظيفة الرقابة خالل هذه المدة(‪.)2‬‬

‫‪.‬‬
‫للميزانية أهميتها البالغة على المستوى السياسي‪ ،‬االقتصادي‪ ،‬االجتماعي والقانوني؛‬
‫‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ي أيا كان شكل الحكم في البالد‪ ،‬فال يمكن أن‬
‫تعدّ الميزانية العامة أمر ضرور ّ‬
‫تسير المصالح العامة سيرا منتظما بدونها‪ ،‬فهي وثيقة إدارية قانونية تبين فيها النفقات‬
‫واإليرادات االحتمالية للمستقبل(‪ ،)3‬وهي من الناحية السياسية ذات أهمية كبيرة في الدول‬
‫ذات النظم الديمقراطية‪ ،‬حيث يجيز نواب البرلمان للسلطة التنفيذية إنفاق المصروفات‬
‫وتحصيل اإليرادات الواردة في الميزانية في كل عام‪ ،‬وهذه داللة على إخضاع الحكومة‬
‫للرقابة من قبل البرلمان‪ ،‬الذي يمكن أن يعارض‪ ،‬أو يعدّل في بنودها أو يوافق عليها‪،‬‬
‫فضال عن ذلك فإنّه مما يزيد من هذه األهمية أنّ معظم االحتجاجات والثورات‬
‫واالضطرابات التي تحدث في مختلف الدول ترتبط أساسا باألحوال المالية‪ ،‬وما يترتب‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 87 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫على ذلك من زيادة المطالب من المواطنين بتوسيع أكثر لسلطته فيما يتعلق باإلشراف‬
‫على المسائل المالية في النظام السياسي(‪.)1‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ال تق ّل أهمية الميزانية من الناحيتين االقتصادية واالجتماعية عن الناحية السياسية‪،‬‬
‫وتبرز هذه األهمية عندما يكون دور الدولة في الحياة االقتصادية واالجتماعية بارزا‬
‫أكثر‪ ،‬فبفضل الميزانية تقوم الدولة بتعديل توزيع الدخل الوطني بين الفئات االجتماعية‬
‫وتخفيف الهوة بين الطبقات وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين‪ ،‬سواء عن طريق‬
‫النفقات أو اإليرادات العمومية‪ ،‬كما تستطيع الدولة بفضل الموازنة في التأثير على‬
‫اإلنتاج الوطني‪ ،‬وعلى االستهالك الوطني‪ ،‬وعلى الطلب والعرض الكليين‪ ،‬ومن ثم‬
‫المحافظة على استقرار االقتصاد الوطني بعيدا عن الموجات التضخمية أو االنكماشية‬
‫التي قد تعترض النشاط االقتصادي(‪.)2‬‬
‫لقد زادت هذه األهمية ضمن هذين الجانبين في العصر الحديث‪ ،‬وأصبح دورها‬
‫أكثر توسعا عما كان سائدا في السابق‪ ،‬ولم تعد الميزانية تقتصر على تنفيذ األدوار‬
‫التقليدية للدولة من حفظ لألمن والدفاع الوطني وتحقيق العدالة وسير األمور اإلدارية‪،‬‬
‫بل أهدافها تجاوزت ذلك إلى ما هو أوسع وأعمق‪ ،‬فغدت تهدف إلى تحقيق االستخدام‬
‫(‪)3‬‬
‫لتشمل مختلف مناحي الحياة العامة‪.‬‬ ‫الكامل وتعبئة الموارد االقتصادية‬

‫‪.‬‬
‫لقد سطّر الفكر المالي التقليدي جملة من المبادئ أو القواعد األساسية للميزانية‬
‫العامة‪ ،‬وجعلها بمثابة األسس التي تحكمها وتنظمها‪ ،‬وتحدّد ضوابط تقديمها للسلطة‬
‫التشريعية العتمادها‪ ،‬وهذه المبادئ هي أربعة‪ :‬وحدة الميزانية‪ ،‬سنوية الميزانية‪ ،‬توازن‬

‫‪ -‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.108-107‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 88 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫الميزانية وعمومية أو شمولية الميزانية‪ ،‬وتهدف هذه القواعد إلى تسهيل التعرف على‬
‫المركز المالي للدولة من خالل فحص الميزانية وعملية الرقابة على تنفيذها‪ ،‬وقد استمر‬
‫الفكر الحديث في المالية العمومية على اعتماد هذه القواعد‪ ،‬حيث ثبّتها وساير‬
‫تطورها(‪ ،)1‬نحاول التفصيل في هذه القواعد فيما يلي‪:‬‬
‫(‪ :)Principe d’unité‬يقصد بهذا المبدأ أن تدرج جميع النفقات‬ ‫أ‪-‬‬
‫واإليرادات العامة في وثيقة ميزانية واحدة‪ ،‬وهي ميزانية الدولة العادية‪ ،‬دون إدراج‬
‫الموازنات األخرى ضمنها(‪ ،)2‬حيث يرى بعض علماء المالية أنّ وضع الميزانية العامة‬
‫فلكل منها طابعها الخاص‪( .‬شرح بعض‬
‫العادية يكون مستقّالً عن الميزانيات األخرى‪ٍّ ،‬‬
‫الميزانيات في الهامش) فيجب أن توضع عناصر اإليرادات العامة والنفقات العامة في‬
‫بيان واحد دون تشتّتها في بيانات مختلفة‪ ،‬أي وضعها في خطة واحدة‪ ،‬والهدف من ذلك‬
‫هو تسهيل عرض الميزانية وتوضيحها‪ ،‬ووضعها تحت نظر السلطة التشريعية‪ ،‬وتسهّل‬
‫مهمّة ترتيب أولويات اإلنفاق العام للدولة ككل(‪.)3‬‬
‫(‪ )Principe de l’annualité budgétaire‬وتعني الحياة‬
‫المالية للدولة(‪ ،)4‬حيث جرت العادة على أن تعد الميزانية لمدة سنة تسمى «السنة‬
‫المالية»‪ ،‬وهذا لبعض االعتبارات‪:‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.110‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ‬هناك عدّة أشكال للميزانيات في الدولة تختلف عن الميزانية العادية نذكر منها؛‬
‫توضع خصيصا لعمل طارئ كالحروب‪ ،‬الكوارث ومشاريع استثمارية كبيرة مثل بناء السدود وانشاء‬
‫الطرق السيار ‪ ...‬الخ‪ ،‬وتغطّى نفقاتها غير العادية من إيرادات غير عادية كالقروض‪.‬‬
‫؛ يقصد بها ميزانية المشروعات العامة ذات الطابع االقتصادي التي منحت الشخصية المعنوية‪ ،‬وال تخضع‬
‫لقواعد الميزانية العمة العادية وال تعرض على البرلمان‪.‬‬
‫؛ هي تكميلية بالنسبة للميزانية العمومية العادية‪ ،‬حيث يتم إلحاقها بها في حال إقرار زيادة في اإلنفاق أو‬
‫اإليرادات‪.‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.69-68‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 89 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫مدة سنة هي أصلح مدة لعمل الحكومة في تقدير النفقات واإليرادات‪ ،‬فهي‬
‫حد طبيعي لتكرار العمليات المالية‪ ،‬وهي دورة كاملة الفصول‪.‬‬
‫تعتبر مدّة سنة فترة مناسبة لممارسة الهيئة التشريعية وظيفة الرقابة‬
‫على الحكومة فيما ي تعلّق بتصرّفاتها المالية‪ ،‬فلو قصرت هذه المدّة ألصبحت الرقابة‬
‫مرهقة‪ ،‬ولو طالت لضعفت الرقابة(‪.)1‬‬
‫نجد في التشريع الجزائري هذه القاعدة‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪17-84‬‬
‫المتعلّق بقوانين المالية على‪« :‬يقر ويرخص قانون المالية للسنة‪ ،‬بالنسبة لكل سنة‬
‫مالية‪ ،)2(»...‬وهو نفس المبدأ الذي يسري على ميزانيات اإلدارات المحلية(‪.)3‬‬
‫(‪ :)Principe d’équilibre‬يقصد بهذا المبدأ تساوي جملة اإليرادات‬ ‫ج‪-‬‬
‫العامة مع جملة النفقات العامة(‪ ،)4‬أي بقدر ما تنفق الدولة يجب أن يقابله ضرورة ما‬
‫تجبيه من موارد مالية‪ ،‬وهو ما يطلق عليه بالتوازن المالي‪.‬‬
‫‪ ،‬أمّا إذا‬ ‫فإذا زاد مقدار النفقات العامة عن مقدار اإليرادات العامة معناه أنّ هناك‬
‫في‬ ‫زاد مقدار اإليرادات العامة عن مقدار النفقات العامة معناه أنّ هناك‬
‫الميزانية(‪ .)5‬وفي كلتا الحالتين‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن ذلك يعبّر عن عدم التوازن في الميزانية العمومية‪،‬‬
‫وقد جرت العادة على االهتمام فقط بحالة العجز ألنّه قد يسبب مشاكل مالية للدولة‪ ،‬أما‬
‫الفائض فيصنّف ضمن حالة التوازن المالي‪ ،‬كما أنّ علماء المالية العامة المعاصرون‬
‫ال يركّزون على توازن الميزانية في ح ّد ذاته بقدر ما يهمّهم ضرورة تكييف الدولة‬
‫للحالة االقتصادية ولو كان ذلك على حساب الفائض أو العجز في الميزانية العمومية‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.67‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪« -‬قانون رقم ‪ 17-84‬مؤرّخ في ‪ 8‬شوال عام ‪ 1404‬الموافق ‪ 7‬يوليو سنة ‪ ،1984‬يتعلّق بقوانين المالية»‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.1040‬‬


‫‪ -‬محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.97‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.69‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 90 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫(أي التركيز على توازن االقتصاد الوطني بين العرض الكلّي والطلب الكلّي)‪ ،‬مستشهدين‬
‫بذلك من تجربة تدخل الدولة بعد أزمة الكساد العالمي لعام ‪.1929‬‬
‫(‪ :)Principe d’universalité‬ويعني أنّ تتضمّن‬ ‫د‪-‬‬
‫الميزانية العامة قسمين؛ القسم األوّل خاص باإليرادات العامة والقسم الثاني خاص‬
‫بالنفقات العامة دون الربط بينهما‪ ،‬بحيث يظهر كلّ قسم مستقالّ عن اآلخر‪ ،‬مما يشكّل‬
‫ذلك وضوحا بارزا‪ ،‬وهو ما يسهّل عمل في الرقابة البرلمان على بنود الميزانية(‪.)1‬‬
‫وإذا كان الهدف من مبدأ العمومية هو إحكام رقابة السلطة التشريعية على الميزانية‬
‫العامة من إجازة إيرادات ونفقات المرافق الحكومية‪ ،‬فإنّ هناك قاعدتين إلى جانبها‪،‬‬
‫هما‪:‬‬
‫(‪ :)2‬ويقصد بذلك أال يخصّص مصدر إيراد معيّن‬ ‫‪‬‬
‫من قنوات االيراد إلنفاق حصيلته على نوع معيّن من اإلنفاق‪ ،‬كما لو تخصّص‬
‫رسوم الجامعة على أوجه النفقات العمومية الخاصة بالجامعة‪ ،‬وإنما ينبغي أن‬
‫تدرج جميع أوجه اإليرادات ضمن وعاء واحد على جميع أوجه االنفاق دون‬
‫تخصيص‪ ،‬غير أن الحكومة قد تخرج عن هذه القاعدة في بعض الحاالت كأن‬
‫يخصّص إيراد قرض معين على إنفاق حصيلته على مجال معين مثل إنشاء سد‬
‫أو طريق أو مشروع استثماري محدد‪.‬‬
‫‪ :‬ويقصد بذلك أنه ال يجوز للسلطة التشريعية‬ ‫‪‬‬
‫التصديق بشكل إجمالي على النفقات العامة في الميزانية‪ ،‬وإنّما يجب تخصيص‬
‫مبلغ معين لكل قطاع بمفرده‪ ،‬مما يسمح للمجالس المنتخبة ممارسة دورها في‬
‫الرقابة على أوجه اإلنفاق بتفصيالته(‪.)3‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.70‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.115-114‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 91 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪.‬‬
‫المقصود بدورة الميزانية؛ هو مجموع األنشطة والعمليات المكونة للميزانية العامة للدولة‬
‫بالنظر لما تتصف به هذه العمليات من الدورية واالستمرار(‪ ،)1‬وتتركّز هذه األنشطة‬
‫والعمليات في مختلف المراحل التي تمرّ بها الميزانية العامة من إعداد‪ ،‬اعتماد‪ ،‬تنفيذ‬
‫ومراقبة وإعادة إعدادها مرّة ثانية لفترة مستقبلية‪.‬‬

‫المقصود بهذه المرحلة هو تحضير الميزانية عن طريق وضع تقديرات النفقات وما‬
‫يلزمها من إيرادات تحدّد بالتقدير(‪ ،)2‬وهي بمثابة حجر الزاوية‪ ،‬وهي عمليات فنية‬
‫(‪)3‬‬
‫تقوم بها الحكومة كمرحلة أولى لدورة الميزانية العمومية‪.‬‬ ‫وإدارية‬
‫ولمّا كان أساس هذه المرحلة هو التقدير‪ ،‬فيجب التزام الدّقة إلى أقصى ح ّد حتى ال‬
‫تتفاجأ الدولة أثناء التنفيذ بغير ما توقّعت‪ ،‬فينتج عن ذلك آثار سلبية كان يمكن تجنّبها‬
‫في مرحلة اإلعداد(‪ ،)4‬سيما إذا تعلّق األمر باإليرادات العامة‪ ،‬فتقديرها يعدّ أكثر صعوبة‬
‫ن ذلك مرتبط بجميع المتغيّرات االقتصادية‪ ،‬وتوظّف في ذلك الحكومة‬
‫وأشدّ تعقيدا‪ ،‬أل ّ‬
‫طرقا عدة للتقدير أشهرها التقدير اآللي والتقدير المباشر‪ ،‬فإمّا الطريقة األولى فتعتمد‬
‫على وضع قواعد لتقدير اإليرادات تجنبا لالجتهادات الشخصية‪ ،‬مثل «طريقة السنة قبل‬
‫األخيرة»‪ ،‬وإن كانت فيها زيادة يت ّم إضافتها بشكل نسبي‪ ،‬أمّا طريقة التقدير المباشر‬
‫فهدفها التنبؤ واالستشراف باتجاهات كل مصدر من مصادر اإليرادات‪ ،‬وتقدير حصيلته‬
‫بناءًا على دراسة مباشرة(‪.)5‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.116‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.70‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.117‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.70‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.119-118‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 92 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫أغلب ما هو شائع في مختلف األنظمة أنّ إعداد الميزانية والتحضير األوّلي يت ّم من‬
‫طرف السلطة التنفيذية (اإلدارة العامة)‪ ،‬نظرا لما تتمتّع به من إمكانيات ووسائل تسمح‬
‫لها بذلك‪ ،‬فهي التي تدير مختلف اإلدارات والمرافق العمومية‪ ،‬وهي األقدر على تحديد‬
‫الحاجيات التي يتطلّبها المجتمع‪ ،‬وهو األسلوب السائد في جميع الدول‪ ،‬وتختلف دقّة‬
‫(‪)1‬‬
‫واألوضاع االقتصادية‬ ‫التقديرات من دولة إلى أخرى طبقًا للنظام االقتصادي‬
‫واالجتماعية لها‪.‬‬
‫تنطلق هذه المرحلة المتعلقة بالتحضير واالعداد من القاعدة إلى القمّة في هرم اإلدارة‬
‫العامة أو الحكومة (من األسفل إلى األعلى)‪ ،‬فتبدأ بالوحدات اإلدارية إلى أن تنتهي إلى‬
‫السلطات المركزية والوزارات‪ ،‬ويتم رفعها إلى وزارة المالية‪ ،‬وهي تقوم بتحليلها‬
‫و دراستها للتأكّد من صحّة التقديرات وصحّة األسس التي بُنيت عليها هذه التقديرات‪،‬‬
‫دون نقص أو مغاالة في عناصر اإلنفاق وكذا اإليرادات المقترحة‪ ،‬ثمّ تعدّ الميزانية‬
‫العامة للدولة‪ ،‬وتقوم الحكومة عن طريق وزير المالية بعرضها على البرلمان لمناقشتها‬
‫وفحص أوجه اإلنفاق العام المرصود لمختلف القطاعات وأوجه اإليرادات‪ ،‬وما يترتّب‬
‫على ذلك من فرض ضرائب جديدة ورسوم جديدة‪ ،‬أو رفع الضرائب والرسوم‪ ،‬أو‬
‫إنشاء قروض عامة‪ ،‬لكن قد يترك مشروع الميزانية على ما هو عليه في الميزانية‬
‫السابقة دون زيادة أو نقصان‪ ،‬أو تقوم بتعديل بعض األوجه من االنفاق وااليرادات‬
‫بالنظر إلى التغيّرات االقتصادية واالجتماعية التي يمكن أن تحدث في الدولة(‪.)2‬‬

‫في جل الدول الحديثة يتولى هذه المرحلة ممثلو البرلمان بصفتهم يمثلون الشعب‪ ،‬حيث‬
‫تبدأ السلطة التشريعية بمناقشة النفقات العامة واعتمادها أوال من أجل أن تستطيع تقديم‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.70‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.71-70‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 93 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫برامج االنفاق وفق الحاجات العامة دون ربطها باإليرادات العامة‪ ،‬ثم تنتقل إلى مناقشة‬
‫اإليرادات من خالل المفاضلة بين البدائل المتاحة لتمويل برنامج الحكومة اإلنفاقي‪ ،‬ثم‬
‫يت ّم التصويت عليها‪ ، ‬وإن حدث وتأخّرت السلطة التشريعية في اعتماد الميزانية عن‬
‫بداية السنة المالية الجديدة‪ ،‬عندئذ يجب عليها تأمين بدائل الستمرار العمل في الدولة‪،‬‬
‫حتى ال ينجرّ عنه توقيف لمصالح البالد وشؤون المواطنين‪ ،‬وقد يت ّم العمل بميزانية‬
‫السنة الماضية‪ ،‬وهذه اإلجراءات هي مختلفة من بلد آلخر ومن نظام إلى آخر(‪ ،)1‬أما‬
‫إذا رفض البرلمان مشروع الميزانية تستقيل الحكومة وتعين حكومة جديدة في مدة معينة‬
‫ويتم تحضير ميزانية جديدة لتعرض على السلطة التشريعية من أجل اعتمادها‪ ،‬وفي‬
‫حال الرفض مرة أخرى يقوم رئيس الجمهورية بحل البرلمان لتتمّ انتخابات تشريعية‬
‫مسبقة في غضون مدة زمنية محددة‪ ،‬ويتولى البرلمان الجديد اعتماد الميزانية العمومية‬
‫وفق ما ينصّ عليه التشريع الجزائري في هذا المجال‪.‬‬

‫تسند عملية تنفيذ الميزانية بعد اعتمادها إلى السلطة التنفيذية‪ ،‬من خالل الوزارات‬
‫والهيئات والمؤسّسات العامة الممثلة لها على المستوى المركزي والالمركزي‪ ،‬وهذه‬
‫العملية يتمّ بمقتضاها تطبيق ما تمّ اعتماده من قبل البرلمان‪ ،‬وهي معتمدة في شكل قانون‬
‫هو «قانون المالية»(‪ ،)2‬وعلى السلطة التنفيذية أن تلتزم بتحصيل جميع اإليرادات العامة‬
‫مثلما أجاز لها البرلمان صرف جميع النفقات التي رصدتها خالل مرحلة االعداد‪ ،‬غير‬
‫أنّه يمكن أن تحدث أخطاء أثناء عملية التنفيذ‪ ،‬فعملية التحضير والتقدير قد يشوبها‬

‫‪ ‬التصويت على الميزانية العامة في التشريع الجزائري يتم بشكل إجمالي ‪ Globalement‬خالفا لميزانيات‬
‫ال جماعات اإلقليمية التي يصوت عليها بابا بابا وفصال فصال ومادة مادة‪ ،‬غير أن بعض النظم في العالم تخوّل‬
‫للبرلمان التصويت على الميزانية بصورة مفصّلة (بابا بابا‪ ،‬فصال فصال ومادة مادة)‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العالء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.104-103‬‬
‫‪ -‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.120-119‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 94 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫أخطاء‪ ،‬وبالتالي البد أن تكون هناك إجراءات لمعالجة الخلل أينما حدث خالل التنفيذ‪،‬‬
‫وتتمثل هذه األخطاء فيما يلي‪:‬‬
‫‪ :‬خالل عملية التنفيذ قد يحدث أالّ يتطابق مجموع اإليرادات‬ ‫‪‬‬
‫المحصّلة فعليّا مع مجموع اإليرادات المقدّرة في الميزانية العامة‪ ،‬فيحدث ما يلي‪:‬‬
‫في حالة عدم كفاية اإليرادات لتنفيذ‬ ‫‪‬‬
‫خطّة الدولة ومشروعاتها‪ ،‬تلجأ الحكومة إلى تغطية العجز عن طريق زيادة سعر‬
‫الضريبة القائمة أو فرض ضرائب جديدة‪ ،‬أو االقتراض أو إصدار النقود‪ ،‬شرط أن‬
‫أمّا إذا حدث عدم تطابق في بنود اإليرادات بما ال يؤثّر‬ ‫يمرّ ذلك عبر البرلمان‬
‫على المجموع اإلجمالي لإليرادات‪ ،‬إذ أنّ ذلك يعتبر من قبيل األخطاء المعوّضة‬
‫ن‬
‫(زيادة في بند من اإليرادات يقابله عجز مماثل في بند آخر) فال توجد مشكلة‪ ،‬أل ّ‬
‫اإليرادات ال تخصّص لمصروفات بذاتها‪ ،‬وإنّما تعتبر وعاء واحد يصرف منه برمّته‬
‫على أوجه اإلنفاق(‪.)1‬‬
‫ينتج عن ذلك زيادة في اإليرادات دون‬ ‫‪‬‬
‫استخدام‪ ،‬فتضاف هذه الزيادة إلى الحساب المالي االحتياطي‪ ،‬ويتمّ هذا في الحساب‬
‫الختامي للدولة(‪.)2‬‬
‫هناك حالتان‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬قد يقلّ ا العتماد المخصّص لباب معيّن عن المصروف الفعلي‪ ،‬وفي هذه الحالة تلجأ‬
‫الحكومة إلى السلطة التشريعية لموافقتها على اعتماد إضافي لتغطية هذا العجز‬
‫وبشروط معقّدة(‪.)3‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 95 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ ‬قد يحدث خطأ بالنقص في بعض أبواب النفقات العامة يعوّضه زيادة في باب آخر‪،‬‬
‫ال في حدود ضيّقة جدّا‪ ،‬ألن‬
‫تعويضه كما هو الحا ل في اإليرادات العامة إ ّ‬
‫القاعدة في اعتماد النفقات كما قلنا سلفا هو تخصيصها‪ ،‬وسبق اعتمادها من طرف‬
‫السلطة التشريعية بشكل مفصّل(‪.)1‬‬
‫أنّ هذه اإلجراءات المعقّدة والمتشابكة فيما يخص األخطاء االحتمالية التي قد تحدث‬
‫أثناء عملية التنفيذ ت قودنا إلى القول بأنّ عملية تحضير واعداد الميزانية العمومية ج ّد‬
‫ن دقة التقدير والتزام الصرامة في العمل يجنب الدولة مشاكل كثيرة أهمّها‬
‫مهمّة‪ ،‬أل ّ‬
‫عرقلة المشاريع التنموية وأنشط ة االقتصاد الوطنية التي قد تتعطّل أو تتوقف‪ ،‬ومن ثم‬
‫يجب على الحكومة تفادي مثل هذه األخطاء من البداية‪.‬‬

‫يراقب تنفيذ الميزانية ألنها تتعلق أساسا بالمال العام‪ ،‬والحقيقة أنّ عملية الرقابة للميزانية‬
‫متعدّدة وتأخذ عدّة صور‪ ،‬والمقصود هنا بمراقبة تنفيذ الميزانية هو أن يتمّ التأكد من أنّ‬
‫اإلنفاق تمّ بالشكل الذي ارتضاه البرلمان‪ ،‬خاصة باعتباره ممثّل الشعب‪ ،‬ألنّ جزء من‬
‫اإليرادات العامة هي أساسًا جزء من دخول أفراد الشعب‪ .‬ولهذا فإنّ مراقبة تنفيذ‬
‫الميزانية قد تكون رقابة سابقة على التنفيذ أو أثناءه أو الحقة له‪ ،‬كما أنّ الرقابة على‬
‫تنفيذها قد تكون رقابة إدارية‪ ،‬أو رقابة سياسية‪ ،‬أو رقابة األجهزة المستقلّة(‪.)2‬‬
‫فأمّا الرقابة الالحقة فتتم عند انتهاء السنة المالية وتحضير الحساب الختامي للدولة‪ ،‬وهي‬
‫مقتصرة على النفقات وااليرادات معا‪ ،‬تمارسها عدة جهات في الدولة (كما نبيّن ذلك‬
‫في العناصر المتبقية)‪ ،‬أما الرقابة أثناء التنفيذ فهي تتعلّق بعمليات المتابعة التي تجريها‬
‫الجهات المختصة في الدولة كالمجالس النيابية وأجهزة اإلدارة (الرئيس على مرؤوسيه‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.72‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 96 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫في اإلدارة) أو األجهزة المستقلة(‪ ،)1‬وأمّا الرقابة السابقة فهي في الحقيقة رقابة أثناء‬
‫اعتماد الميزانية من قبل أعضاء البرلمان‪ ،‬فقبل تصويتهم يناقشون بنود الميزانية العامة‪،‬‬
‫ويمكن لهم التساؤل عن الفرق بين اإليرادات والنفقات ومعالجته‪ ،‬وهذه في حدّ ذاتها تع ّد‬
‫رقابة سابقة تسبق عملية التنفيذ‪.‬‬
‫تقوم بها الحكومة على نفسها‪ ،‬وهي تتضمّن كيفية تنفيذ الميزانية‪،‬‬
‫وإدارة األموال العامة‪ ،‬يقوم بهذه الرقابة موظّفون حكوميّون‪ ،‬وهم الرؤساء (المدراء)‬
‫على مرؤوسيهم في اإلدارة‪ ،‬وتقوم وزارة المالية بالرقابة عن طريق قسم مالي خاص‬
‫‪Contrôleur financier‬‬ ‫يتبع وزارة المالية‪ ،‬يسمّى في الجزائر‬
‫وتتناول هذه الرقابة عمليات التحصيل والصرف التي يأمر بها الوزراء‪ ،‬أو من ينوبهم‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وذلك للتحقّق من تطابق أوامر الصرف مع القواعد المالية المقرّرة في الميزانية‬
‫باعتبارها قانونا‪ ،‬كما أنّ هناك أيضًا المفتشيّة العامة للمالية (‪ ،)I.G.F‬التي لها أدوار‬
‫مهمة في الرقابة والتفتيش وكشف األخطاء الفعلية واالنحرافات المتعلّقة بالمال العام‪،‬‬
‫وهي أساسا رقابة أثناء التنفيذ أو بعده‪ ،‬وهذا الجهاز تابع في األساس لوزارة المالية يقوم‬
‫بزيارات إلى مختلف المؤسسات والهيئات ويصدر تقارير عن األعمال التي يقوم بها‪،‬‬
‫ويحقّق في بعض عمليات التنفيذ المشوبة‪.‬‬
‫تتحقّق هذه الرقابة عن طريق إلزام الحكومة بتقديم حساب ختامي‬
‫في نهاية السنة المالية للبرلمان يبيَّن فيه ما تمّ جبايته فعالً من إيرادات وما تمّ صرفه‬
‫من نفقات ومدى مطابقة ذلك لما ورد في الميزانية العامة(‪ ،)3‬وسميت بالسياسية ألنّ‬
‫أعضاء البرلمان من مختلف التشكيالت السياسية هم من يمارسون ذلك تحت لواء‬
‫أحزابهم السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬طاهر الجنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.128-122‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 97 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫تقوم بعض الدول بإنشاء أجهزة مستقلّة‪ ،‬مهمّتها الرقابة‬


‫على تنفيذ الميزانية‪ ،‬ومراقبة ك ّل التصرّفات المالية بهدف المحافظة على المال العام‬
‫والكشف عن المخالفات في هذا الصدد‪ ،‬هذه األجهزة تكون تابعة لرئاسة الجمهورية‬
‫وم ستقلّة عن الوزارات‪ ،‬وتكلّف بتقديم تقرير سنوي لرئيس الدولة‪ ،‬تقدّم فيه ك ّل ما قامت‬
‫به من أعمال‪ ،‬وما كشفت عنه الرقابة المالية والمحاسبية من مخالفات (في الجزائر‬
‫مجلس المحاسبة ‪ ،)La Cour des Comptes‬والتي تمثل في الحقيقة محكمة محاسبة‬
‫أو جهاز قضائي مستقل(‪.)1‬‬
‫يظهر جليا أن وظيفة الرقابة على الميزانية العامة ضرورية في الدولة‪ ،‬وكل المراحل‬
‫التي تمرّ بها دورة الميزانية خالل مسارها تستند إلى عملية التقويم والتقييم والمتابعة‪،‬‬
‫ن كل صور الرقابة سياسية كانت أو مستقلة أو ذاتية‪ ،‬سابقة أو الحقة‬
‫فضال عن ذلك فإ ّ‬
‫كلها مهمّة حفاظا على األموال العامة وحسن استعمالها دون تبذير أو تبديد أو اختالس‪.‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 98 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪-‬‬
‫يمكن للطلبة في قسم العلوم السياسية‪ ،‬كلية الحقوق بجامعة المسيلة االعتماد على المراجع‬
‫الواردة في هذه المطبوعة‪ ،‬كما يمكن لهم االستعانة بمراجع في مكتبة الكلية سواء في‬
‫العلوم السياسية أو القانونية‪.‬‬

‫وهذه قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪ -‬القرآن العظيم‪.‬‬
‫‪ ،‬مطبوعة‬ ‫‪ -‬حراق مصباح‪،‬‬
‫محاضرات ‪.2015-2014‬‬
‫‪ ،‬الجزائر‪ :‬مطبعة الرابط‪،‬‬ ‫‪ -‬عبد اهلل خبابة‪،‬‬
‫[د‪.‬س‪.‬ط]‪.‬‬
‫‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة نهضة مصر‪.1960 ،‬‬ ‫‪ -‬محمد حلمي مراد‪،‬‬
‫‪ -‬أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي‪،‬‬
‫‪ ،‬الكويت‪ :‬مكتبة دار ابن قتيبة‪.1989 ،‬‬
‫‪ ،‬ج‪ ،1‬ترجمة‪ :‬حسني زينه‪ ،‬بغداد‪ :‬معهد الدراسات‬ ‫‪ -‬آدم سميث‪،‬‬
‫االستراتيجية‪ ،‬ط‪.2007 ،1‬‬

‫‪- 99 -‬‬
‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ ،‬ترجمة‪ :‬إلهام‬ ‫‪ -‬جون ماينارد كينز‪،‬‬


‫عيداروس‪ ،‬أبو ظبي‪ :‬هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫‪ -‬محمد الصغير بعلي ويسري أبو العالء‪،‬‬
‫‪ ،‬عنابة(الجزائر)‪ :‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪.2003 ،‬‬
‫‪ ،‬وزارة التعليم العالي والبحث‬ ‫‪ -‬طاهر الجنابي‪،‬‬
‫العلمي‪ -‬جامعة بغداد ‪-‬جامعة الموصل (العراق)‪ :‬دار الكتب للطباعة والنشر‪،‬‬
‫[د‪.‬س‪.‬ن]‪.‬‬
‫‪ -‬عوف محمود الكفراوي‪،‬‬
‫‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة اإلشعاع للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.1997 1‬‬
‫‪،‬‬ ‫‪ -‬هيفاء غدير غدير‪،‬‬
‫دمشق‪ :‬الهيئة العامة السورية للكتاب‪2010 ،‬‬
‫‪ ،‬جدة‪ :‬المعهد االسالمي للبحوث‬ ‫‪ -‬حسين كامل فهمي‪،‬‬
‫والتدريب‪ ،‬بحث الكتروني ‪ ،2006 ،PDF‬ص‪ .09‬أنظر‪:‬‬
‫‪www.ieaoi.ir/files/site1/pages/maghalat/abzarhaye_siyasate_poli.‬‬
‫‪pdf‬‬
‫‪ ،‬جامعة بنها (جمهورية‬ ‫‪ -‬يسرى أبو العال [وآخرون]‪،‬‬
‫مصر العربية) كلية الحقوق‪ ،‬بحث الكتروني ‪ ،PDF‬أنظر‪:‬‬
‫‪faculty.mu.edu.sa/download.php?fid=81915‬‬
‫‪ -‬السيد عطية عبد الواحد‪،‬‬
‫‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية‪.1993 ،‬‬
‫‪ ،‬الجزائر‪:‬‬ ‫‪ -‬ضياء مجيد الموسوي‪،‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪.2001 ،‬‬

‫‪- 100 -‬‬


‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار‬ ‫‪ -‬محمد عمارة وداود الباز‪،‬‬


‫الطباعة الحرة‪ ،‬ط‪.2006 ،2‬‬
‫‪ ،‬عمان‪ :‬الدار العلمية الدولية‬ ‫‪ -‬محمد جمال ذنيبات‪،‬‬
‫ودار الثقافة للنشر والتوزيع‪.2003 ،‬‬
‫‪-Mohamed HARAKAT, Les Finances publiques et les impératifs‬‬
‫‪de la performance: Le cas du Maroc, Paris: L’Harmattan, 2011.‬‬
‫‪- Mohamed MOINDZE, COURS DE GESTION DES FINANCES‬‬
‫‪PUBLIQUES : LA CLASSIFICATION BUDGETAIRE DES‬‬
‫‪DEPENSES‬‬ ‫‪ET‬‬ ‫‪LA‬‬ ‫‪NOUVELLE‬‬ ‫‪GOUVERNANCE‬‬
‫‪FINANCIERE, Madagascar : Ecole Nationale d’Administration de‬‬
‫‪Madagascar Juillet 2009.‬‬

‫‪« -‬قانون رقم ‪ 17-84‬مؤرّخ في ‪ 8‬شوال عام ‪ 1404‬الموافق ‪ 7‬يوليو سنة ‪،1984‬‬
‫ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،21:‬عدد‪ ،28 :‬ل‬ ‫يتعلّق بقوانين المالية»‪،‬‬
‫‪ 10‬جويلية ‪.1984‬‬

‫‪« -‬قانون رقم ‪ 07-12‬مؤرّخ في ‪ 28‬ربيع األول عام ‪ 1433‬الموافق ‪ 21‬فبراير سنة‬
‫ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،49:‬عدد‪ ،12 :‬ل‬ ‫‪ ،2012‬يتعلّق بالوالية»‪،‬‬
‫‪ 29‬فبراير ‪.2012‬‬

‫‪« -‬قانون رقم ‪ 10-11‬مؤرّخ في ‪ 20‬رجب عام ‪ 1432‬الموافق ‪ 22‬يونيو سنة‬


‫ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،48:‬عدد‪ ،37 :‬ل‬ ‫‪ ،2011‬يتعلّق بالبلدية»‪،‬‬
‫‪ 3‬جويلية ‪.2011‬‬

‫‪ « -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 438-96‬مؤرّخ في ‪ 26‬رجب عام ‪ 1417‬الموافق ‪ 7‬ديسمبر‬


‫سنة ‪ ،1996‬يتعلّق بإصدار نصّ تعديل الدستور‪ ،‬المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر‬

‫‪- 101 -‬‬


‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫سنة ‪ ،1996‬في الجريدة الرّسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية»‪،‬‬


‫ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬عدد‪ 76 :‬ل ‪ 8‬ديسمبر ‪.1996‬‬

‫‪ -‬قوانين المالية السنوية‪ ،‬وقوانين المالية التكميلية‪.‬‬

‫‪2012‬‬ ‫‪ -‬بنك الجزائر‪ ،‬تقرير‪:‬‬


‫‪ ،2013‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪.2013‬‬

‫‪ -‬ونادي رشيد‪« ،‬آلية تدخل الدولة في النشاط االقتصادي عبر سياستها المالية»‪،‬‬
‫(جامعة بسكرة – الجزائر‪ :‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم‬
‫التسيير)‪ ،‬عدد‪ ،9:‬جوان ‪ ،2011‬ص ص‪.121-107‬‬

‫‪ -‬بيرك فارس حسين ومنار عبد المحسن عبد الغني‪« ،‬التعويض والغرامة وطبيعتهما‬
‫القانونية‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة»‪،‬‬
‫(العراق)‪ ،‬عدد‪ 6:‬السنة الثانية‪ ،‬ص ص‪.125-78‬‬

‫‪- 102 -‬‬


‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪.................................................................................‬‬

‫‪....................................................‬‬

‫‪............................‬‬

‫‪ .1‬تعريف المالية العامة ‪- 7 - ..............................................................‬‬


‫‪ .2‬نشأة وتطوّر المالية العامة ‪- 10 -........................................................‬‬
‫‪ .3‬المقارنة بين المالية العامة والمالية الخاصة ‪- 14 -........................................‬‬
‫‪ .4‬عالقة علم المالية العامة ببعض العلوم األخرى ‪- 16 -....................................‬‬
‫‪ .5‬منظومة العلوم المالية ‪- 20 -.............................................................‬‬
‫‪ .6‬المصادر القانونية والتنظيمية للمالية العامة ‪- 20 -........................................‬‬

‫‪..............‬‬

‫‪ .1‬مقاربة معرفية لمفهوم السياسة المالية ‪- 23 -.............................................‬‬


‫‪ .2‬أدوات السياسة المالية‪- 26 -.............................................................‬‬
‫‪ .3‬دور السياسة المالية في كل من الدول المتقدمة والنامية ‪- 28 -............................‬‬
‫‪ .4‬السياسة النقدية وأهميتها في توازن االقتصاد الوطني ‪- 29 -..............................‬‬
‫‪ .5‬العالقة التكاملية بين السياسات المالية والنقدية ‪- 34 -.....................................‬‬

‫‪.............................‬‬

‫‪- 103 -‬‬


‫‪...................................................................... ...................................................................................................‬‬

‫‪ .1‬الحاجات؛ تعريفها وأنواعها ‪- 37 -.......................................................‬‬


‫‪ .2‬التعريف بالنفقة العامة وتحديد طبيعتها ‪- 38 -............................................‬‬
‫‪ .3‬صور النفقات العامة ‪- 41 -..............................................................‬‬
‫‪ .4‬تقسيم النفقات العامة ‪- 42 -..............................................................‬‬
‫‪ .5‬أسباب تزايد النفقات العمومية ‪- 46 -.....................................................‬‬
‫‪ .6‬أسباب انخفاض النفقات العمومية‪- 51 -.................................................:‬‬
‫‪ .7‬اآلثار االقتصادية للنفقات العامة‪- 54 -...................................................‬‬

‫‪............................‬‬

‫‪ .1‬مصادر اإليرادات ‪- 59 -................................................................‬‬


‫‪ .2‬تصنيف اإليرادات العامة ‪- 61 -.........................................................‬‬
‫‪ .3‬اإليرادات العامة العادية ‪- 63 -..........................................................‬‬
‫‪ .4‬اإليرادات العامة غير العادية ‪- 78 -.....................................................‬‬

‫‪...........................‬‬

‫‪ .1‬التعريف بالميزانية العامة ‪- 85 -.........................................................‬‬


‫‪ .2‬أهمية الميزانية العامة‪- 87 -............................................................:‬‬
‫‪ .3‬مبادئ الميزانية العامة ‪- 88 -............................................................‬‬
‫‪ .4‬دورة الميزانية العمومية ‪- 92 -..........................................................‬‬

‫‪- 99 -‬‬

‫‪.................................................................‬‬

‫‪- 104 -‬‬

You might also like