Professional Documents
Culture Documents
Chakri
Chakri
تعد فكرة المرافق العامة من أهم موضوعات القانون اإلداري ،فأغلب النظريات والمبادئ
التي أنشأها القضاء اإلداري تستند إلى فكرة المرفق العام ،كما يعتبر هذا األخير المظهر
اإليجابي لنشاط اإلدارة والتي تسعى من خالله إلى إشباع الحاجات العامة.
لم يوجد اتفاق حول تعريف موحد للمرفق العمومي ،فقد تم استخدام المصطلح على
مر العصور لكن بمفاهيم مختلفة ،ففي العصور القديمة تم استخدام مصطلح الخدمات
العمومية ،وفي الدولة الليبرالية في القرن التاسع عشر استخدم هذا المصطلح الذي سعى
الفقهاء إلى تنظيمه ،وصوال إلى الفقيه Duguitالذي استخدم المصطلح في بنائه
األيديولوجي لنظرية الدولة ،وكلية بوردو في البناء العلمي للقانون اإلداري 1.وهكذا تبلور
مفهوم المرفق العام بتطور احتياجات المواطنين والظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية
السائدة.
أعتمد المفهوم التقليدي للمرفق العام في ظل الدولة الحارسة التي تهدف إلى تحقيق
األمن الداخلي والدفاع والعدل دون أن تتدخل في أي مجال آخر ،غير أنه تطور بوجود
الدولة المتدخلة ،واستمرت التعديالت التي مست المرفق العام وصوال إلى عصرنة المرفق
العمومي.
تستند دراسة مقياس قانون المرافق العامة على معرفة الطالب للمكتسبات القبلية
المتمثلة في :مفهوم القانون اإلداري ،مفهوم اإلدارة العامة ،التنظيم اإلداري ،الق اررات
اإلدارية ،الشخصية المعنوية والمرفق العام.
يهدف التكوين في هذا المقياس إلى التحكم في المبادئ العامة الحاكمة للم ارفق
العامة وكذلك أنماط تسييرها السيما أسلوب التفويض ،باإلضافة إلى تزويد الطالب بالمقاربة
العملية والمقارنة لكيفيات اإلدارة الناجحة للمرافق العامة اإلدارية.
1 Gilles J. GUGLIELMI, Une introduction au droit du service public, l'université Panthéon-Assas (Paris II),
France, 1994, P.4
1
وقد تم اعتماد سبعة فصول للدراسة:
حيث عرض الفصل األول مفهوم المرفق العمومي من خالل تناول التطور التاريخي
للمرفق العمومي ،ثم دور االجتهادات القضائية في إرساء مفهوم نظرية المرفق العمومي
وتعريفه ثم عناصره ،بينما عرض الفصل الثاني أنواع المرافق العمومية من خالل عرض
تقسيم المرافق من حيث طبيعة النشاط ،ثم من حيث النطاق اإلقليمي.
أما الفصل الثالث فقد اختص بإنشاء المرافق العمومية وإلغائها حيث تم عرض إنشاء
وإلغاء المرافق العمومية في فرنسا وفي الجزائر .ليتناول الفصل الرابع المبادئ التي تحكم
المرافق العامة وذلك من خالل عرض مبدأ االستم اررية ،مبدأ المساواة والحياد ،مبدأ التكيف
مع التعريج على مبدأ المجانية ،مبدأ الشفافية ومبدأ التشاركية في المرفق العمومي.
بينما تناول الفصل الخامس أساليب إدارة المرفق العمومي من خالل عرض أسلوب
االستغالل المباشر أسلوب المؤسسة وأسلوب التفويض .والفصل السادس الرقابة على المرافق
العمومية من خالل عرض الرقابة اإلدارية ،الرقابة المالية والرقابة القضائية.
وفي األخير ركز الفصل السابع على عصرنة المرفق العمومي من خالل عرض
عصرنة الوسائل ثم عصرنة األساليب.
2
الفصل األول :مفهوم المرفق العمومي
نشأت فكرة المرفق العام في العصور الوسطى وبدأت تتبلور خالل الفترة الممتدة من
بروز النهضة وبداية الثورة الصناعية ،وأخذت مفهومها التقليدي في ظل شيوع الدولة
الحارسة لكنها سرعان ما عرف ت مشاكل من خالل دولة الرعاية لذا سيتم تقسيم التطور
التاريخي لفكرة المرفق العام وفق تطور فكرة دولة .إلى فكرة المرفق العام في الدولة
اإلسالمية(المطلب األول) ،فكرة المرفق العام قبل الثورة الفرنسية (المطلب الثاني) ،فكرة
المرفق العام بعد الثورة الفرنسية (المطلب الثالث)
بدأت نواة اإلدارة في عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم ببث الدعوة ،وأخذ الغنائم
والصدقات والجزي والعشور(الجمارك) ،وأبدا الخلفاء المسلمون نجاحا باهر في إدارة البالد،
حيث ابتكروا وأبدعوا في اإلدارة التي كانت تضم العديد من المرافق العمومية وتديرها إما
باالستغالل المباشر كالمساجد ،المدارس ،المشافي ،الجسور ،البريد ،الدفاع والعشور أي
الجمارك والري وتوريد المياه ونحوها ،فكانت الدولة تقوم بنفسها أو تحت إشرافها في شكل
اإلمارة أو الوالية والتي يقابلها الوالية والمديرية اليوم بمهمة إدارة المرافق العمومية مستعينة
1
بأموالها وموظفيها ،ومستخدمة في ذلك وسائل القانون العام.
كانت اإلدارة اإلسالمية في الماضي تقسم الو ازرة إلى قسمين :و ازرة تفويض وو ازرة
تنفيذ ،أما و ازرة التفويض :فهي أن يستوزر اإلمام من يفوض إليه تدبير األمور برأيه
وإمضاءها على اجتهاده ،حيث يوجه وزير التفويض سياسة الدولة ويعين الموظفين وينهي
وهبة الزحيلي ،الفقه اإلسالمي وأدلته ،الطبعة الرابعة ،الجزء الثامن ،دار الفكر ،دمشق ،سورية ،1997 ،ص.ص 1
.6376 -6313
3
مهامهم ،كما يجبي األموال وينفقها ،ويسير الجيوش ويجهزها ،كما يفصل في المظالم في
ديوان المظالم.
وأما إدارة التنفيذ :فهي لتنفيذ ما يصدر عن اإلمام لتدبير سياسة الدولة في الداخل
والخارج ،كما يعتبر وزير التنفيذ وسيطاً بين السلطان وبين الرعايا والوالة يؤدي عنه ما أمر،
وينفذ ما طلب ،ويمضي ما حكم.
وقد عرفت الشريعة اإلسالمية المرفق العام بالمفهوم العام حسب الماوردي بأنه كل
نشاط تقوم به اإلدارة لصالح الجمهور ،ومن ذلك إرفاق الناس في األسواق وأبنية الشوارع،
1
والرسوم عبر الجسور ورسوم النظافة .
انتشر نظام اإلقطاع والذي يقصد به النظام االقتصادي الذي كان سائدا في فترة
العصور الوسطى ،فبعد سقوط روما على أيدي القبائل الجرمانية الشمالية وأنصارهم ،حدث
تطور في أسلوب إدارة الدولة ،فبدل أن تستمر في المركزية المكثفة طبقت الالمركزية
الواسعة ،حيث قسم اإلمبراطور الجديد اإلمبراطورية الرومانية إلى أقاليم كبيرة ،جعل عليها
كبار القادة أو رجال الدين بصالحيات واسعة وبقوات عسكرية تابعة لهم ،ما أدى إلى
استقالل هذه اإلقطاعيات ليقوم ملوك هذه اإلقطاعيات بدورهم بتقسيم األقاليم إلى أقاليم
فرعية أخرى ،واألقاليم الفرعية إلى أقاليم أصغر ،وهو ما أدى إلى تحول اإلمبراطورية إلى
مجموعة من اإلقطاعات ،وهكذا أصبحت قطع األراضي بيد السيد اإلقطاعي سيد األرض
حيث يملكها ويملك كل ما يعود عليها من عباد و تبعات ،وقد وجد في هذا النظام بعض
المرافق العمومية التي يحتاجها التابعين للقطع األرضية أي الفالحين في حياتهم اليومية
كالطواحين واألفران التي تعد تابعة لألسياد (رجال اإلقطاع) والذين يمنحون هذه الخدمات
-مصطفى السيد دبوس ،تثمين خدمات الدولة في إطار ما يقدمه المرفق العام من خدمات" :دراسة تحليلية" ،المركز 1
4
للفالحين مقابل رسوم ،غير أن ما يميز هذه الفترة أيضا تدهور مستوى الطرق والنقل البري
1
والبحري وحيوانات الجر مقارنة بنظي ارتها لدى العرب في الشام واألندلس وشمال إفريقيا.
مع بداية القرن 11ظهرت تجمعات عمرانية والتي كانت خارج هيمنة اإلقطاع
وأدركت إلزامية وجود مرافق عامة تحقق المصلحة العامة الجماعية مثل :حراسة األسوار
وصيانة الطرق والحفاظ على األمن وغيرها ،وخضعت هذه المرافق لألعراف وبعض األسس
الفقهية المستمدة من أعمال الفقهاء ورجال الكنيسة ومن بين األفكار السائدة آنذاك ترجيح
2
فكرة المنفعة العامة على المنفعة الخاصة.
مع بداية القرن الرابع عشر حد الفقهاء من صالحيات الملك بجعله سيد ومسير
لإلدارة والمالية للدولة ،كما تمت إضافة بعض المرافق العمومية كامتيا ازت المناجم (تحت
إشراف ضابط ملكي) ،الخدمة البريدية وبناء القنوات ،وهذا من القرن الخامس عشر إلى
القرن السابع عشر ،كما تم وضع مصطلح "الشيء العام" وتطبيقه على الطرق أو األسواق،
3
والذي يدرج ضمن النظام القديم الكالسيكي للخدمة واالمتياز والشرطة.
في القرن 15ظهر ما يسمى بدولة الملكية التي تركزت على النظرية السياسية في
شخص الملك وخدمة الملك ،والذي كان سببا إلنشاء عدة مرافق عمومية واحتلت في هذه
الفترة الرسوم أهمية كبيرة كمصدر من مصادر إرادات الدولة كمقابل لحصولهم على
الخدمات.
-عبد العزيز بن علي السديس" ،تطور النظم االقتصادية :تحول أوروبا من نظام اإلقطاع إلى النظام الرأسمالي 1
2
Gilles J. GUGLIELMI, Op.Cit, P.5
3
Claire Lemercier, La construction d'un modèle français de service public avant 1914, Regards croisés sur
l'économie, 2007/2, (n° 2), P.P (47 -54), P.49
5
المطلب الثالث :فكرة المرفق العام بعد الثورة الفرنسية
وجدت عدة تحوالت سياسية واجتماعية كبرى في التاريخ السياسي والثقافي والقانوني
لفرنسا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام ،بدأت من سنة 1789وانتهت تقريبا سنة 1799
حيث عملت حكومات الثورة الفرنسية على إلغاء الملكية المطلقة وامتيازات اإلقطاعية لطبقة
البرجوازية أو الطبقة االرستقراطية وكذلك النفوذ الديني الكاثوليكي ،وبهذا حققت الثورة
الفرنسية العديد من المبادئ كمبدأ المساواة ومبدأ الفصل بين السلطات ،ليتم في األخير
تقسيم فرنسا من الناحية اإلدارية إلى 83وحدة إدارية .ولقد ظهر مصطلح المرفق العام لكن
تعددت مفاهيم استخدامه ،فتارة يقصد به الخدمة العامة وتارة المصلحة العامة.
تكرس مفهوم الدولة الحارسة بعد الثورة الفرنسية وتكرس معه المفهوم التقليدي للمرفق
العام فأصبح أساس القانون العام ومعيار تطبيقه ،وقد أكد على ذلك العديد من الق اررات
القضائية وأراء الفقهاء الذين أسسوا مدرسة المرفق العام ،فإذا كان Hauriouهو أول مؤلف
قام بوضع تعريف للخدمة العامة ،فقد كان ليون Duguitهو الذي أسس إيديولوجية حقيقية
للخدمة العامة ،ووضعها في قلب نظرية جديدة للدولة 1.يقول :إن الدولة ليست كما أردنا أن
نؤمن ،وكان يعتقد لفترة طويلة أنها عبارة عن قوة ،سلطة ،سيادة .فهي تعاون بين الخدمات
العامة التي ينظمها ويسيطر عليها الحكام .حيث أن فكرة الخدمة العامة تعتبر حاسمة إذ
2
يدور حولها كل القانون العام الحديث.
ازدادت أهمية المرافق العامة عقب خروج الدولة المعاصرة من عهدة الدولة الحارسة
إلى عهد الدولة المتدخلة في مختلف المجاالت ،لذلك سنتناول فكرة المرفق العام في الدولة
الحارسة ثم في الدولة المتدخلة.
1
Gilles J. GUGLIELMI, Op.Cit, P.4
2
Hugues DUMONT et al., Historique et transformation de la notion de service public à la lumière du droit
européen”, in (éd.), Pierre-Olivier de Broux, « Une brève histoire de la notion belge de « service public » : de la
France à l’Europe , Bruxelles, 2009 (Bibliothèque de droit administratif), n°10,PP. 613-629. P.616
6
الفرع األول :فكرة المرفق العام في الدولة الحارسة
ارتبط المفهوم التقليدي للمرافق العمومية ارتباطا وثيقا بدور الدولة في القرنين 18
و 19وكان للدولة مهام إدارية مطلقة ومحدودة 1تتمثل في :األمن ،القضاء والعدالة من
خالل إنشاء المرافق العامة كالشرطة ،الجيش ،السجون .حيث يقصد بالدولة الحارسة الدولة
التي تتجرد من جوانبها االجتماعية إال ما تعلق باألمن ،القضاء والعدالة ،فهي كما يرى آدم
سميث يجب أن تمتنع عن التدخل في النشاط االقتصادي بتركيز نشاطها في وظائفها
اإلدارية مع إمكانية قيامها ببعض األنشطة االقتصادية في حال عدم إقبال القطاع الخاص
عليها النعدام دافع الربح.2
و كانت الدولة تنشأ هذه المرافق بصفتها صاحبة سيادة وال يمكن لألفراد القيام بها
تاركة القطاع االقتصادي للمبادرات الخاصة من خالل تطبيق فكرة دعه يعمل دعه يمر،
غير أن الحرب العالمية األولى 1919/1918والثورة الروسية 1917واألزمة االقتصادية
العالمية 1929وظهور بعض األنظمة االشتراكية في أوروبا إضافة إلى بوادر الحرب
العالمية الثانية كانت كلها سببا وعوامل فاعلة في االنتقال نحو الدولة المتدخلة 3.و ترتب
عن هذا الوضع ظهور مرافق عامة اقتصادية تتبع أساليب اإلفراد وتخضع الختصاص
القضاء العادي وكذلك إنشاء مرافق خاصة ذات المنفعة العامة والتي منحت لها بعض
االمتيازات العامة وهكذا أصبح مفهوم المرفق العام يكتنفه الكثير من الغموض.
1
Antoine SIFFERT,LIBÉRALISME ET SERVICE PUBLIC, Thèse pour l'obtention du grade de docteur en
droit de l'Université du Havre, droit public, faculté des affaires internationales, École doctorale droit- normandie,
Soutenue le 18 novembre 2015, P.25
- 2محمد عبد المومن" ،المفهوم التطوري للدولة بين المضامين االقتصادية والمضامين االجتماعية" ،مجلة االقتصاد
والتنمية والتنمية البشرية ،مجلد ،08العدد األول ،ص ص ( ،) 320-306ص315.
7
الفرع الثاني :فكرة المرفق العام في إطار الدولة المتدخلة
ظهرت بوادر المرافق العمومية االقتصادية والتي كانت تسير إما بطريقة مباشرة من
طرف الدولة أو بإعطائها ألحد أشخاص القانون الخاص في شكل عقود امتياز ،وعليه
أصبحت هذه المرافق تخضع لقواعد القانون اإلداري ،وعرفت المنازعات في هذا النوع تنوع
من حيث االختصاص فمنها ما هو من اختصاص القضاء اإلداري ومنها ما هو من
اختصاص القضاء العادي.
في مطلع القرنين التاسع عشر والعشرين ،تغير مفهوم التدخل العام للدولة ،حيث
ظهر تدخلها مع التجار الذين اعتبروا التدخل ضمانا للميزان التجاري ،لذا سعت الدولة إلى
الحد من االستيراد كما كانت تقيد خروج المعادن النفيسة ،باإلضافة إلى حماية الصناعات
الناشئة وخلق وتحفيز الطلب الفعال ،حيث أصبحت السلطات المحلية والمؤسسات العمومية
1
تشارك األفراد في تحقيق الخدمة العامة.
وهكذا أصبح تتدخل الدولة في االقتصاد مما أدى إلى اختالل في مفهوم المرفق
العام.
شهد المرفق العام في الدولة الحديثة تطورات سريعة وتحوالت واسعة النطاق أدت إلى
تعقيد الحياة وإفراز العديد من المشاكل في شتى الميادين نظ ار لكثرة طلبات المواطنين
وتطلعاتهم وتزايد احتياجاتهم في شتى مجاالت الحياة ،مما ألزم على الدولة أن تقوم بعصرنة
وتحديث مرافقها العمومية ،حيث بات تطوير المرافق العمومية يشكل انشغاال مشتركا لكل
الدول ،والذي تحول تدريجيا إلى أنظمة جديدة لنموذج النمو والتنمية على كافة المستويات
والذي نتج عنه ظهور شراكة حقيقية بين القطاع العام والقطاع الخاص ،وبالتالي أصبح
بإمكان الدولة أن تستعين بأشخاص القانون الخاص من أجل إدارة المرفق العمومي اإلداري
8
وهذا ما برز من خالل قرار تيريي الذي اعترف فيه مجلس الدولة الفرنسي بإمكانية التنازل
عن إدارة مرفق عمومي لفائدة الخواص.
المبحث الثاني :دور االجتهادات القضائية في إرساء مفهوم نظرية المرفق العام
يعتبر القانون اإلداري قانونا قضائيا أساسا فمعظم مبادئه ونظرياته األساسية نشأت
عن طريق القضاء اإلداري من خالل مختلف األحكام والق اررات ،كما تطورت بموجب
القضاء ،لذا سيتم عرض المفهوم التقليدي للمرفق العام وفق االجتهادات القضائية ثم المفهوم
الحديث.
يعتبر حكم محكمة التنازع الفرنسية في قضية بالنكو بتاريخ 8فبراير 1873أساس
نشأة القانون اإلداري
رفع والد بالنكو دعوى أمام المحاكم العادية للمطالبة بتحميل الدولة المسؤولية المدنية
عن الضرر الذي تسببت فيه عربة مصنع التبغ الذي تديره الدولة ،استنادا على المواد
1382إلى 1384من القانون المدني ،فأقرت المحاكم العادية بعدم اختصاصها ليصل
األمر في األخير إلى محكمة التنازع التي أسندت االختصاص إلى القضاء اإلداري في
الفصل في النزاع ،وبذلك أفاد هذا القرار مسؤولية الدولة وأخضعها لقواعد استثنائية غير
موجودة في قواعد القانون الخاص وهو ما يسمى بالقانون اإلداري وترتب على ذلك
اختصاص القضاء اإلداري تطبيقا للقانون 24-16أوت 1790الذي يمنع تدخل القضاء
العادي في عمل الجهاز اإلداري تطبيقا لفكرة اإلدارة القاضية 16اوت ،1790كما أقر
1
بوجود المرافق العمومية اإلدارية.
1
Conseil D’état , Tribunal des conflits, 8 février 1873, Blanco. Disponible sur le site web : https://www.conseil-
etat.fr/
9
الفرع الثاني :قضية تيري
ويعتبر حكم فوتري امتداد لحكم بالنكو وتأكيد وتطبيق للمبادئ التي جاء بها ،حيث
صدر الحكم عن محكمة التنازع بتاريخ 29فيفري .1908تعود الوقائع إلى مجنون فر من
مستشفى عمومي وقام بإشعال النار في إسطبل السيد فوتري مما أدى إلى حرق كل ما يوجد
به من تبن وإلحاق خسائر مادية أخرى ،رفع فوتري دعوة قضائية أمام القضاء اإلداري
باعتبار أن المستشفى مسؤول عن تحقيق الرقابة الالزمة للنزالء به ،ورفع والي المقاطعة
1
Jean ROMIEU. « Conclusions Romieu sur l’arrêt Terrier », Conclusions sur CE, 6 février 1903, Terrier, n°
07496, rec. Revue générale du droit on line, 2018, numéro 29383. Disponible sur le site
web :www.revuegeneraledudroit.eu/?p=29383
10
دعواه أمام القضاء العادي ،فخصت محكمة التنازع بحل النزاع معتبرتا المستشفى مرفق
عمومي وبالتالي الدعوى من اختصاص القضاء اإلداري ألنها تتعلق بتسيير وتنظيم مرفق
1
عمومي.
شاب المرفق العام بعض الغموض في مفهومه وهو ما أدى إلى ما يسمى بحدوث
أزمة المرفق العام بسبب تفكك المعنى المادي عن العضوي ،وعدم تطابقهما بحيث وجدت
العديد من النشاطات التي تحقق المصلحة العامة والتي ال تقدمها اإلدارة ،مما أوجد اختالال
في مفهوم المصلحة العمومية.
وجدت أزمة المرفق العمومي نتيجة تدخل الدولة في النشاط االقتصادي وتدخل
الخواص في تقديم المنفعة والخدمة العمومية في شكل مرافق ،وهو ما أدى إلى اختالل في
مفهوم المرفق العمومي.
1
Tribunal des conflits, 29 février 1908, Feutry, requête numéro 00624, disponible sur le site web:
https://www.revuegeneraledudroit.eu/blog/decisions/tribunal-des-conflits-29-fevrier-1908-feutry-requete-
numero-00624-publie-au-recueil/
11
مفهوم جديد للمرافق العمومية ،فأصبحت هناك مرافق إدارية عمومية ،ومرافق اقتصادية
1
عمومية نتيجة تدخل الدولة في الجانب الصناعي والتجاري.
وبهذا وجد للمرفق العمومي مفهومين مفهوم واسع ومفهوم ضيق ،ولشرحهما البد من
عرض تعريف المرفق العمومي وعناصره.
توجد العديد من التعاريف للمرفق العمومي والتي تختلف باختالف المدرسة وباختالف
وجهة النظر للتعريف ،فقد عرفه الفرنسي موريس هوريو بأنه " :منظمة عامة تباشر من
طرف السلطات واالختصاصات التي تكفل القيام بالتقديم خدمة للجمهور على نحو مستمر".
أما الفقيه ليون ديجي فقد عرف المرفق العام بأنه " :كل نشاط يجب أن يكفله وينظمه 3
الحكام الن االضطالع بأمر هذا النشاط ال غنى عنه لتحقيق التضامن االجتماعي وال يمكن
وعرفه اندري ديلوبادير 4
تحقيقه إال عن طريق السلطة الحاكمة التي تحقق المنفعة العامة "
بأنه " :كل نشاط يباشره شخص معنوي عام أو تحت رقابته مستعمال قواعد استثنائية"
1
Bac d'Eloka en Cote d'ivoire, objet de l'arrêt du Tribunal des conflits du 22 janvier 1921 « Société
commerciale de l’Ouest africain »,Base de jurisprudence, Tribunal des conflits,Decision n° 00706
2
Bernard Stirn, « Service(s) public(s) en Méditerranée », Le service public dans la jurisprudence du
Conseil d’État français, Colloque organisé par le Laboratoire Méditerranéen de Droit Public ,Athènes - 19 et 20
octobre 2017, disponible sur le site web: https://www.conseil-etat.fr/actualites/discours-et-interventions/le-
service-public-dans-la-jurisprudence-du-conseil-d-etat-francais
3
Maurice HAURIOU, PRECIS de Droit administratif et de droit public , huitiéme edition, 1914 ,P.22-23
12
أما الدكتور طعيمة الجرف فعرفه بأنه " :كل نشاط تتواله اإلدارة بنفسها أو يتواله
شخص معنوي أو عادي تحت إشرافها ورقابتها قصد إشباع الحاجات العامة للجمهور" ،أما
األستاذ سليمان الطماوي فقد عرفه بأنه " :مشروع يعمل بانتظام تحت إشراف السلطة
العمومية قصد تقديم خدمة عامة للجمهور مع خضوعه لنظام معين" 1.وعرفته الدكتورة سعاد
الشرقاوي بأنه ":نشاط تمارسه جماعة عامة بهدف إشباع حاجة من الحاجات التي تحقق
2
الصالح العام".
يتضح من هذه التعاريف أن هناك من يعرف المرفق العمومي استنادا على المعيار
الوظيفي وهناك من يستند على المعيار العضوي ولهذا سنعرض كل معيار على حدا.
يقصد بالمرفق العمومي بالنظر للمعيار الموضوعي كل نشاط يباشره شخص معنوي
عام قصد إشباع الحاجات العامة للجمهور وعليه يخرج عن المرفق العام كل المؤسسات
وكذلك كل األنشطة التي تستهدف تحقيق المصلحة الخاصة .وهو أيضا كل نشاط أو خدمة
أو وظيفة تلبي حاجات المواطنين العمومية مثل :التعليم ،الصحة ،النقل ،البريد وذلك
3
بغض النظر عن الهيئة التي تسيرها.
يقصد بالمرفق العمومي تبعا لهذا المعنى كل جهاز ،مشروع ،هيكل عام تنشئه الدولة
ويخضع إلرادتها بقصد تحقيق حاجات الجمهور ويعرف أيضا انه الهيكل أو الهيئة أو
محمد سليمان الطماوي ،مبادئ القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،الكتاب الثاني ،دار الفكر العربي ،الطبعة العاشرة، 1
سعاد الشرقاوي ،القانون اإلداري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر2009 ، 2
3محمد الصغير بعلي ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،عنابة ،الجزائر ،2002 ،ص .206
13
التنظيم المتكون من مجموعة من األشخاص واألموال التي تنشأ وتؤسس إلنجاز مهمة عامة
معينة مثل :الجامعة ،المستشفى ،مركز البريد وغيرها.
مما سبق نعرف المرفق العمومي انه كل مشروع أو نشاط يدار من طرف أجهزة
مادية وبشرية وفنية يديره شخص معنوي عام بنفسه أو تحت إشرافه من أجل تحقيق
مصلحة عامة ويخضع لقواعد القانون اإلداري.
نعني به أن المرفق العام هو نشاط منظم ومتناسق تمارسه مجموعة بشرية قيادية
توجيهية إدارية وتنفيذية بواسطة أو من خالل الوسائل المادية والفنية والقانونية لتحقيق
المصلحة العامة ،وهناك من يصطلح عليه باسم "المنظمة" أي الهيئة التي تتمتع بالتنظيم
1
اإلداري والفني فكلما وجد تنظيم وتسيير إداري وفني كلما كان عطاء المرفق أفضل وأجود.
وعليه يقوم المشروع على:
*مجوعة بشرية :هي مجموعة بشرية تتولى مهمة التخطيط ،التوجيه ،التنسيق،
اإلشراف والتنفيذ.
- 1محمد الشافعي أبو راس ،القانون اإلداري ،عالم الكتب ،القاهرة ،1990 ،ص .206
14
*مجموعة المالية :هي مجموعة من األموال التي ترصد لتسيير المرفق العمومي
وتشمل األجهزة والوسائل المادية والقانونية التي تحقق المنفعة العامة.
يقصد بالعنصر العضوي أن تقوم الدولة بإنشاء المرافق العمومية وتنظمها أو تشرف
عليها ،مع ممارسة الرقابة واإلشراف في حال أوكلت إدارة هذا المشروع إلى أحد األشخاص
المعنوية الخاصة بما يحقق مقتضيات المصلحة العمومية ،وهناك من يضيف في العنصر
العضوي وجود امتيازات السلطة العامة وهو شرط مختلف فيه بين الفقهاء خاصة بعد أزمة
المرفق العام وظهور المرافق االقتصادية العمومية ،حيث تخضع في الجانب األكبر من
نشاطها إلى القانون الخاص.
يستهدف المرفق العمومي تحقيق المنفعة العامة التي عجز األفراد واألشخاص
المعنوية الخاصة في النشاط الخاص عن القيام بها أو ال يستطيعون القيام بها ،إال أن هذا
المفهوم تغير بتغير وظيفة الدولة من دولة حارسة إلى دولة متدخلة وهو ما أكده حكم
" 1910 "Théronوالمتعلق برفع جثة الحيوانات والكالب الضارة التي ليس لها مالك ،رغم
أن نشاطها من السهل أن يتواله األفراد إال انه أوكل إلى الدولة 1،باإلضافة إلى حكم مجلس
الدولة الصادر في 13ماي سنة 1938المعروف بحكم صندوق الخدمة االجتماعية أو
الصندوق االبتدائي" ،"Caisse Primairوحكم بوجوان Bouguenالصادر من مجلس
يساهم هذا االجتهاد الصادر في 4مارس 1910في توسيع نطاق االختصاص اإلداري فيما يتعلق بتدابير تنفيذ 1
الخدمات العامة لإلدارات والبلديات كما هو الحال بالفعل في إجراءات تنفيذ الخدمات العامة للدولة ،لإلطالع على الحكم
وتفاصيله راجع:
- Fiche d'arrêt du Conseil d'Etat du 4 mars 1910 relatif à la compétence du juge administratif pour un contrat de
service public , disponible sur le site web : https://www.doc-du-juriste.com/droit-public-et-international/droit-
administratif/cours-de-professeur/arret-1910-juge-administratif-service-public-475724.
15
الدولة الفرنسي في 2أبريل 1943الذي اعتبر النقابات المهنية مرافق عامة ،وعليه يمكن
القول انه يشترط أن يكون الغرض من المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات
األفراد.
اختلف الفقهاء في عنصر القانون اإلداري فهناك من اعتبر أنه يجب توفر كل
العناصر السابقة مع اشتراط خضوع المرفق العمومي لقواعد استثنائية غير مألوفة في القانون
الخاص أي تطبيق القانون اإلداري بالمفهوم الضيق ،وهو ما يؤكده الدكتور عمار عوابدي
انه يقصد بالنظام القانوني االستثنائي الذي يحكم المرفق العام مجموعة القواعد واألحكام
والمبادئ القانونية التي تختلف اختالفا جذريا عن قواعد القانون الخاص وعن القواعد التي
تحكم المشروعات الخاصة ما دامت نظرية المرفق العام لعبت دو ار أساسيا في نشأة القانون
اإلداري كقانون مستقل ومختلف عن فروع القانون األخرى إذ أن المرفق العام يعتبر وسيلة
السلطة العامة في الدولة لتحقيق المصلحة العامة وهذا النظام القانوني هو الذي يسمح
بإنشائه و تنظيمه و تسييره والرقابة عليه.
ويعتبر هذا الرأي صحيحا قبل أزمة المرفق العام أما بعد األزمة ونتيجة ظهور
المرافق االقتصادية إلى جانب المرافق اإلدارية التي تخضع في بعض نشاطاتها للقانون
الخاص فقد أصبح شرط اإللزامية ال يصلح في كل الحاالت.
16
الفصل الثاني :أنواع المرفق العمومي
تتعدد تقسيمات المرافق العمومية بتعدد الزوايا التي ينظر منها لتقسيم المرافق ،فهناك
من يقسمها حسب طبيعة النشاط إلى مرافق إدارية وأخرى اقتصادية وأخرى اجتماعية وهناك
من يضيف المرافق المهنية إلى هذا التقسيم ،وإذا نظرنا من زاوية نطاقها فيمكن تقسيمها إلى
مرافق وطنية (قومية) وأخرى محلية ،ويمكن تقسيمها أيضا من حيث مدى التزام الدولة
بإنشائها إلى مرافق إجبارية وأخرى اختيارية ،ومن حيث استقاللها وتمتعها بالشخصية
المعنوية إلى مرافق مستقلة أي تتمتع بالشخصية المعنوية ومرافق تابعة أي ال تتمتع
بالشخصية المعنوية.
تنقسم المرافق العامة من حيث طبيعة نشاطها إلى أربع أنواع سيتم عرضها كاآلتي:
يقصد بها تلك المرافق التي تزاول نشاطا إداريا بحتا وهناك من يعرفها بأنها تلك
المرافق التي تنشئها اإلدارات العامة لممارسة وظيفتها المتمثلة أساسا في النشاط اإلداري
التقليدي للدولة لتمارس نشاط إداري بحت يدخل في صميم الوظيفة اإلدارية ويختلف عن
النشاط الخاص 1.وعليه فالمرافق اإلدارية هي تلك المرافق التي تمارس النشاط الذي ال
يستطيع أن يمارسه الخواص وتخضع ألحكام القانون اإلداري وتستخدم أساليب القانون
- 1عبد الكريم بن منصور ،نظرة مفاهيمية للمرفق العام في الجزائر، ،المجلة الجزائرية للدراسات التاريخية والقانونية،
العدد ،1،2جوان ،2016ص ص( )203-169ص 174
17
اإلداري من خالل امتيازات السلطة العمومية إال أنها قد تستخدم بعض أحكام القانون
الخاص.
ظهرت المرافق االقتصادية نتيجة الحرب العالمية األولى والثانية وما خلفتاه من دمار
وظروف اقتصادية وسياسية واجتماعية أدت إلى تدخل الدولة في المرافق االقتصادية وتدخل
الخواص في إنشاء بعض المرافق ذات النفع العام ،حيث ظهر نوع جديد من المرافق العامة
التي تزاول نشاطا تجاريا أو صناعيا يشبه ما يقوم به الخواص بسبب طبيعة نشاط المرفق
ومن المرافق االقتصادية شركة المياه ،شركة الكهرباء والغاز ،شركة النقل العمومي ،البريد
وغيرها.
فإذا كان الغرض الذي يستهدفه المرفق العمومي هو تحقيق الربح فانه يعتبر مرفق
عمومي اقتصادي الن المرافق اإلدارية البحتة ال تسعى أبدا لتحقيق الربح ،فعادة يتم التمييز
ما بين الرسوم التي تدفع في بعض األجهزة اإلدارية من طرف المواطنين التي ال تعتبر ربحا
لإلدارة وبين المقابل المالي الذي يدفعه المواطن نتيجة استغالله لمرفق اقتصادي الذي تعتبر
الربح.
18
الفرع الثاني :معيار القانون المطبق
فإذا كان القانون المطبق على المرفق هو القانون اإلداري فالمرفق إداري أما إذا كان
القانون المطبق هو القانون الخاص فالمرفق اقتصادي .اختلف الفقهاء في هذا المعيار ألنه
ال يصلح في كل الحاالت ،كما أنه غير منطقي ،إذ ال يمكن تحديد القانون المطبق على
المرفق ثم الجهة القضائية المختصة قبل تحديد نوع المرفق.
يرى جانب من الفقه أن المرفق االقتصادي يقوم على النشاط االقتصادي الذي يكون
إما تجاريا بطبيعته كعملية الشراء والبيع ،عملية البنوك أو صناعيا بطبيعته كإنتاج السلع
وتصنيعها وغيرها عكس النشاط اإلداري الذي يقوم على تقديم منفعة عامة والتي قد تكون
مادية معنوية.
يقصد بالمعيار الشكلي شكل المرفق العام أي مظهره الخارجي فإذا اتخذ المشروع
شكل المرفق االقتصادي من حيث اسمه من حيث نوع إدارته فانه يعتبر مرفقا اقتصاديا أما
إذا اتخذ شكل المرفق اإلداري من حيث اسمه واستخدام السلطة العامة وإدارته للمرفق مباشرة
أو تحت رقابته باستخدام أساليب السلطة العامة فهو مرفق إداري وهو ما أكده المشروع
الجزائري من خالل نص المادة 44من القانون 01-88المتعلق بالقانون التوجيهي
للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري 1،بنصه" :عندما تتمكن هيئة عمومية
من تمويل أعبائها االستغاللية جزئيا أو كليا عن طريق عائد بيع إنتاج تجاري ينجز طبقا
لتعريفه معدة مسبقا ولدفتر الشروط العامة الذي يحدد األعباء والتقييدات التي تعود على
عاتق الهيئة والحقوق والصالحيات المرتبطة بها وكذا عند االقتضاء حقوق وواجبات
المستعملين فإنها تأخذ تسمية هيئة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري".
-القانون رقم ،01-88المؤرخ في 12جانفي ،1988المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية، 1
19
المطلب الثالث :المرافق االجتماعية والمرافق المهنية
تم تقسيم هذا المطلب إلى المرافق االجتماعية (الفرع األول) ،ثم المرافق المهنية(الفرع
الثاني) .
هي تلك المرافق التي تحقق المنفعة العامة باإلضافة إلى تحقيق خدمات اجتماعية
ألفراد المجتمع مثل :الضمان االجتماعي ،التامين االجتماعي ،التقاعد ،مراكز الراحة
ويحكمها القانون العام فضال عن القانون الخاص في بعض منازعاتها تخضع للقانون
اإلداري.
ظهر هذا النوع من المرافق عقب الحرب العالمية الثانية وهي تلك المرافق أو
المشاريع التي تنشئها الدولة بهدف تحقيق المنفعة العامة وتوجيه النشاط المهني ورعاية
المصالح الخاصة ببعض المهن في الدولة عن طريق المنتسبين إلى المهنة أنفسهم ،من
خالل فرض انضمامهم اإلجباري بهدف تنظيم ممارسة مهنة معينة ورعاية مصالح المنتسبين
لها 1.فاألصل أن الدولة هي التي تضع القواعد القانونية وتنظم سير المهنة لكن تركت ذلك
للنقابات في شكل مرافق عمومية تمنحها الدولة امتيازات السلطة العمومية ،حيث خولهم
القانون صالحية منح امتيازات السلطة العامة لهذه المرافق التي تدار من طرف مجموعة من
المنخرطين في هذه المهنة وذلك عن طريق انتخابهم ،وتعتبر ق اررات هذه النقابات ق اررات
2
إدارية تخضع للطعن باإللغاء.
- 2المادة 9من القانون العضوي رقم ،01-98المؤرخ في 30ماي ،1998المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه
وعمله ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،37ص ،03بنصها ":يفصل مجلس الدولة ابتدائيا ونهائيا في:
-1الطعون باإللغاء المرفوعة ضد الق اررات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن السلطات اإلدارية المركزية والهيئات العمومية
الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية".
20
مالحظة
النقابة العمالية والمرفق المهني كالهما يسعى لتمثيل المنتمي للمهنة والدفاع عن
حقوقهم ،وكالهما يقوم على االنتخاب ،يختلفان في:
تخضع النقابات المهنية للسلطات المركزية فهي تحت وصاية السلطة العامة عكس
النقابات العمالية فهي مستقلة.
النقابات المهنية تشمل كل المنتمين لتلك المهنة إجباريا بمعنى أن ممارسة المهنة
يتقيد بالتسجيل في النقابات عكس النقابات العمالية التي يمكن أال يشترك فيها المنتمي
للمهنة فالعضوية في المنظمة العمالية اختيارية.
النقابات المهنية هي مرافق عمومية تخضع للقانون اإلداري أما النقابات العمالية
فليست مرافق عمومية.
المرافق المهنية ال تسعى لتحقيق الربح أما المرافق الصناعية تسعى إلى -1
تحقيق الربح.
المرافق الصناعية والتجارية هي صورة من صور تدخل الدولة (دولة متدخلة) -2
في مجال اختصاص األشخاص وبالتالي تحد من صالحياته أما المرافق المهنية فتنشأ
لرعاية المصالح الخاصة بالمهنة وبالتالي فهي نوع من مساهمة ومساعدة الدولة لحماية
حقوق المنتمي للمهنة.
يطبق كل منه القانون العام والخاص في هذه المرافق حيث تخضع المرافق -3
الصناعية والتجارية للقانون العام في تسيرها وتنظيمها بينما يحكم القانون الخاص نشاطها،
21
أما المرافق المهنية فان تكوينها النقابي يخضعها للقانون الخاص ،بينما يحكم نشاطها بصفة
عامة القانون العام وتخضع منازعاتها للقضاء اإلداري.
يمكن تقسيم المرافق العامة من حيث نطاقها ومدى اتساع مجال عملها اإلقليمي إلى
مرافق عامة وطنية ومرافق عامة محلية (إقليمية).
يصطلح عليها في بعض الكتب بالمرافق القومية ويقصد بالمرافق الوطنية تلك المرافق
التي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة ،ويتسع نشاطها ليشمل كافة أقاليم الدولة وتشرف
عليها األجهزة المركزية ،وعادة ما يكون موضوع هذه المرافق متعلق بالسيادة ،حيث تقتضي
المصلحة العمومية أن يدار المرفق بأسلوب موحد كمرفق الدفاع ،مرفق القضاء ،الو ازرات،
أجهزة القضاء (المحكمة العليا و مجلس الدولة) ،المنظمات المهنية الوطنية وغيرها.
هي تلك المرافق التي تحقق باألساس المنفعة العامة وكذلك المنفعة على المستوى
المحلي حيث يتعلق نشاطها بتقديم الخدمات المحدودة بحيز جغرافي أو بإقليم معين ،ويعهد
بإدارتها إلى الوحدات المحلية كمرفق النقل ،مرافق توزيع المياه والكهرباء والتي تعود إلى
البلدية والوالية وغيرها.
ال يمكن فصل المرافق الوطنية عن المرافق المحلية فكالهما يكمل اآلخر.
هذا وتوجد تقسيمات أخرى فهناك من يقسم المرافق من حيث الحاجة إلى وجودها
إلى مرافق اختيارية أي أن الدولة حرة في وإنشائها ومرافق إجبارية تكون الدولة ملزمة
بوضعها لخدمة المنتفعين بالخدمة ،وهذا التقسيم يختلف من دولة إلى أخرى.
22
و هناك تقسيم آخر من حيث استقاللها أي تمتعها بالشخصية المعنوية فاألصل أن
معظم المرافق العامة تتمتع بالشخصية المعنوية وبالتالي فإنها وحسب المادة 49و50
تتمتع باالستقاللية إال انه توجد بعض المرافق العامة ال تتمتع بالشخصية المعنوية وال
باالستقاللية وهذا حسب أسلوب تسييرها الذي غالبا ما يكون أسلوب استغالل مباشر بالنسبة
للمرافق التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية.
23
الفصل الثالث :إنشاء المرافق العمومية وإلغاؤها
ال يوجد نظام قانوني يسن إنشاء ،إلغاء وتنظيم المرافق العمومية ،وذلك الختالف
طبيعة نشاط كل مرفق وطريقة تسييره ،لكن المتفق عليه هو قاعدة توازي األشكال أي أن
طريقة إنشاء المرفق هي نفس طريقة إلغائه.
يعد المرفق العمومي ذلك المشروع الذي تنشئه الدولة ويحقق الحاجات العامة لألفراد
إال انه يثار إشكال في الجهة التابعة للدولة التي تنشئه ،باعتبار أن الدولة تملك ثالث
سلطات هي :سلطة تشريعية ،قضائية ،تنفيذية .فما هي األداة التي يتحقق بها إنشاء المرفق
العام؟
في البداية يجب استبعاد السلطة القضائية باعتبارها تختص فقط في النظر في
القضايا المطروحة أمامها ،وتبقى سلطتان هما :السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ،لذا
سيتم عرض األداة القانونية التي تنشئ المرافق في كل من فرنسا باعتبارها مهد القانون
اإلداري ثم في الجزائر.
من المبادئ المستقر عليها فقها وقضاء في فرنسا أال ينشأ المرفق العمومي إال
بقانون ،1أي تختص السلطة التشريعية بإنشائه ألن المرفق العام يضع حدا الختصاصات
األفراد وبالتالي يقيد حقوقهم وحرياتهم ،ولقد ذهب الفقه الفرنسي قبل سنة 1958ليؤكد أن
البرلمان هو صاحب االختصاص الوحيد إلنشاء المرفق العام مستندين في ذلك إلى مجموعة
2
من الحجج أهمها:
ثروت بدوي ،القانون اإلداري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،2006 ،ص .404 2
24
المرفق العام يتطلب مستخدمين وبالتالي فانه يحتاج إلى نظام لهؤالء -
المستخدمين وهذا النظام هو من اختصاص البرلمان فقط.
إنشاء المرفق العام يتطلب أموال من الخزينة العامة والميزانية من اختصاص -
القانون أي السلطة التشريعية فقط.
إنشاء المرفق العام يتطلب تطبيق نوع من الرقابة عليه الن المرافق العامة -
تخضع للرقابة وهي من اختصاص البرلمان الذي يحدد وحده نوع الرقابة الممارسة ،ويضيف
الفقيه منز أن االختصاص يعود للبرلمان فقط الن المرفق العام يحدد حقوق وحريات األفراد
العامة .و
وبالتالي طبقت فرنسا قبل سنة 1958اختصاص البرلمان إلنشاء المرافق العامة بعد
دستور جمهورية ثانية سنة ،1958حيث ظهر التميز بين المرافق التي تنشا من طرف
السلطة التشريعية وتلك المنشئة من طرف السلطة التنفيذية ،ولقد أكد الفقيه أندري دلوبادار
أن دستور سنة 1952وفي المادة 34اشترط صدور قانون في المسائل التي تمس الحريات
العامة الفردية ،أما المرافق التي ال تمس الحريات العامة لألفراد فيمكن أن تنشأ من طرف
السلطة التنفيذية .كما أكد Vedelأن إنشاء المرافق العمومية لم يعد يستلزم صدور قانون
1
وإنما يمكن أن يكون من اختصاص السلطة التنفيذية.
يختلف إنشاء المرافق العمومية في الجزائر بالنسبة للمرافق الوطنية عنه في المرافق
المحلية.
25
الفرع األول :منذ االستقالل إلى غاية 1965
استمر العمل بالقانون الفرنسي إلى حين استحداث قواعد قانونية خاصة بالدولة
الجزائرية ،غير أنه تم استحداث العديد من المرافق الضرورية الستمرار الدولة كالبنك
المركزي الجزائري ،الذي تم إنشاؤه بموجب القانون رقم 144-62المؤرخ في -12-13
1962كمؤسسة عمومية مكلفة بإصدار النقود ومراقبتها واإلشراف على البنوك والمؤسسات
المالية األخرى لدعم النمو االقتصادي ،كما تم إنشاء بعض المدارس شبه الطبية كالمدرسة
شبه طبية بالبليدة ،1والتي تم استحداثها بقرار بينما تم استحداث لجنة وطنية تتكفل بإعداد
المهرجان العالمي التاسع للشبيبة بموجب مرسوم 2.أما المجلس األعلى -المحكمة العليا
حاليا -فقد تم إنشاؤه بموجب القانون رقم 3.218-63يتضح أن المشرع الجزائري لم يكن
محددا ألسلوب إنشاء المرافق العمومية فالعديد من المرافق تم إنشاؤها بموجب قوانين بينما
أخرى تم إنشاؤها بموجب مراسيم دون وجود ضابط محدد لذلك.
بعد صدور األمر 320-65المتعلق بقانون المالية لسنة 41966نصت المادة 5
مكرر منه " :ال يسوغ ابتداء من أول يناير سنة 1966إحداث أي مكتب أو مؤسسة
عمومية إال بموجب أمر يحدد بالوقت نفسه نظامها األساسي" ،وعليه أصبح إنشاء المرافق
العمومية في الجزائر بموجب أمر إلى غاية .1971
1القرار المؤرخ في 17ماي ،1965المتعلق بإنشاء مدرسة شبه طبية بالبليدة ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية،
العدد ،47المؤرخة في 4جوان ،1965ص 623
مرسوم رقم ،350-64المؤرخ في 10ديسمبر ،1964المتضمن إحداث لجنة وطنية تتكفل بإعداد المهرجان العالمي 2
القانون ،218-63المؤرخ في 18جوان ،1963المتضمن إحداث المجلس األعلى والذي حدد صالحياته وتنظيمه 3
األمر رقم ،320-65المؤرخ في 31ديسمبر ،1965المتعلق بقانون المالية لسنة ،1966الجريدة الرسمية للجمهورية 4
26
الفرع الثالث :منذ 1971إلى اليوم
نصت المادة الخامسة من األمر 74-71على " :تحدث المؤسسة االشتراكية بموجب
مرسوم باستثناء المؤسسات التي لها أهمية وطنية والتي تحدث بموجب قانون".1
وبهذا األمر أصبحت المرافق العمومية في شكل مؤسسة عمومية تنشأ بموجب
مرسوم ،باستثناء المؤسسات التي لها أهمية وطنية فإنها تحدث بموجب القانون ،بمفهوم
المخالفة لهذه المادة فإن الم ارفق العامة ذات األهمية البالغة والوطنية تنشئ من طرف
السلطة التشريعية أما المرافق العمومية ذات المنفعة المحلية أو المرافق غير بالغة األهمية
فإنها تنشا من طرف السلطة التنفيذية ،واستمر الوضع إلى بعد صدور دستور 1989الذي
لم تنص مواده على إنشاء المرافق العمومية وحتى بالنسبة لصالحيات البرلمان لم يوجد فيها
نص على ذلك 2.واستمر الوضع إلى غاية دستور 1996الذي نص في الفقرة 29المادة
122من الدستور على " :يشرع البرلمان في الميادين التي يخصصها له الدستور ،وكذلك
في المجاالت اآلتية:
)29إنشاء فئات المؤسسات" وعليه فإن البرلمان يختص فقط في إنشاء المرافق
العامة المتعلقة بفئات المؤسسات وما عدى فئات المؤسسات فإنها من اختصاص السلطة
التنفيذية وهو ما أكده كذلك في التعديل الدستوري لسنة 2016في الفقرة 28من المادة
3
140منه.
األمر رقم ،74-71المؤرخ في 16نوفمبر ،1971يتعلق بالتسيير االشتراكي للمؤسسات ،الجريدة الرسمية للجمهورية 1
المرسوم الرئاسي رقم ،19-89المؤرخ في 28فيفري ، 1989المتعلق بنص تعديل الدستور الموافق عليه في استفتاء 2
3القانون رقم ،01-16المؤرخ في 06مارس ،2016المتضمن التعديل الدستوري ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية،
الدستور ،وكذلك في
يخصصها له ّ
العدد ،14ص ،03حيث نصت المادة 140منه ":يشرع البرلمان في الميادين اّلتي ّ
المؤسسات".
ّ المجاالت اآلتية ) - 82إنشاء فئات
27
المطلب الثاني :إنشاء المرافق العامة المحلية
تختص المرافق المحلية بالنظر في دائرة إقليم معين وتلبية حاجات أفراده ،لذا سيتم
عرض إمكانية إنشاء البلدية والوالية للمرافق العمومية.
نص المشرع الجزائري في قانون البلدية على عدة أساليب إلنشاء المرافق العمومية
حسب نوعها 1،حيث نص على استغالل المرافق في شكل االستغالل المباشر وهذا بموجب
نص المادتين 151و ، 152كما نص على إمكانية إنشاء البلدية لمؤسسات عمومية وهذا
بموجب المادة 153التي نصت ":يمكن البلدية أن تنشئ مؤسسات عمومية بلدية تتمتع
بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة من أجل تسيير مصالحها".
كما حدد مجاالت إنشاء المرافق العمومية بموجب المادة 149التي تنص" :مع
مراعاة األحكام القانونية المطبقة في هذا المجال ،تضمن البلدية سير المصالح العمومية
البلدية التي تهدف إلى تلبية حاجات مواطنيها وإدارة أمالكها وبهذه الصفة تحدث إضافة إلى
المصالح العامة ،مصالح عمومية تقنية قصد التكفل على وجه الخصوص بما يأتي:
• التزويد بالمياه الصالحة للشرب وصرف المياه المستعملة.
• النفايات المنزلية والفضالت األخرى،
• صيانة الطرقات وإشارات المرور.
• اإلنارة العمومية.
• األسواق المغطاة واألسواق العمومية،
• الحظائر ومساحات التوقف،
• المحاشر،
• النقل الجماعي،
المادة 150من القانون رقم ،10-11المؤرخ في 22يونيو ،2011يتعلق بالبلدية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، 1
28
• المذابح البلدية،
• الخدمات الجنائزية أو تهيئة المقابر وصيانتها بما فيها مقابر الشهداء،
• الفضاءات الثقافية التابعة ألمالكها،
• فضاءات الرياضة و التسلية التابعة ألمالكها،
• المساحات الخضراء".
يمكن للوالية أن تنشئ مرافق عمومية قصد تلبية الحاجات الجماعية لمواطنيها وذلك
بموجب مداولة المجلس الشعبي الوالئي ،وذكر المشرع الجزائري في المادة 141من قانون
الوالية أهم هذه المجاالت وهي :الطرق والشبكات المختلفة ،مساعدة ورعاية الطفولة
واألشخاص المسنين أو الذين يعانون من إعاقة أو أمراض مزمنة ،النقل العمومي ،النظافة
والصحة العمومية ومراقبة الجودة ،المساحات الخضراء ،الصناعات التقليدية والحرف
وغيرها.
تسير الوالية المرافق التابعة لها إما عن طريق االستغالل المباشر 1،أو عن طريق
2
أسلوب المؤسسة أو االمتياز.
خول المشرع الجزائري للوالية إمكانية إنشاء مرافق عمومية وهو ما تؤكده نص المادة
146من قانون الوالية ":يمكن المجلس الشعبي الوالئي أن ينشئ مؤسسات عمومية والئية
تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي قصد تسيير المصالح العمومية ".وذلك بموجب
مداولة من المجلس الشعبي الوالئي.
1المادة 142من القانون رقم ،07-12المؤرخ فـي 21فبراير ،2012يتعلـق بالوالية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية،
العدد ،12ص.05
29
الفصل الرابع :المبادئ التي تحكم المرفق العمومي
توجد العديد من المبادئ التي تطبق على المرفق العمومي من أجل سيره فمنها
المبادئ األساسية والمتمثلة في مبدأ االستم اررية ،مبدأ المساواة ،مبدأ الحياد ومبدأ التكيف،
كما توجد مبادئ أخرى قد توجد في دولة دون أخرى منها :مبدأ الشفافية ،مبدأ المجانية ومبدأ
التشاركية.
يعد مبدأ االستم اررية مبدأ دستوري وجوهري متفق عليه فقها وقضاء ويعتبر جوهر
المرفق العمومي ،وينتج عن االعتراف بهذا المبدأ العديد من النتائج القانونية .لذا سيتم
عرض تعريفه (المطلب األول) ،ثم نتائج االعتراف به (المطلب الثاني).
يقصد بمبدأ االستم اررية دوام سير المرافق العمومية أي أن تسير المرافق العمومية
بانتظام واطراد ودون توقف بهدف إشباع حاجات الجمهور ،لذا يقع على اإلدارة واجب كفالة
ضمان استمرار المرفق العمومي في تقديم خدماته ،وهو ما نصت عليه الدساتير الجزائرية
من خالل تأكيدها على حسن سير المرافق العمومية آخرها التعديل الدستوري لسنة 2016
الذي ألزم الوزير األول على السهر على حسن سير اإلدارة العمومية 1،وعلى المستوى
المحلي نص المشرع الجزائري على إلزام الوالي بالسهر على حسن سير المصالح الوالئية
تخولها ّإياه صراحة أحكام أخرى المادة 99من التعديل الدستوري ":2016يمارس الوزير األول ،زيادة على ّ
السلطات اّلتي ّ
1
30
ومؤسساتها العمومية 1،وكذلك بالنسبة للبلدية إذ ألزم رئيس البلدية بالسهر على حسن سير
2
المصالح البلدية ومؤسساتها العمومية.
مما سبق يعتبر رفض أو امتناع صريح أ و ضمني لتقديم الخدمة المنصوص عليها
قانونا يعطي الحق للمواطن في الطعن أمام قاضي اإللغاء بعدم مشروعية قرار االمتناع عن
تقديم الخدمة ،كما أن هذا االمتناع قد يثير مسؤولية مسير المرفق إذا تسبب في إحداث
ضرر لحق بالمواطن ،وفي هذا الصدد أصدر قاضي مجلس الدولة الفرنسي في حكمه
الصادر بتاريخ 1988/01/27في قضية " "Giraudالطالب الذي لم يستفيد من كامل
3
البرنامج قرار أكد على تعويض الطالب نتيجة خرق مبدأ االستم اررية.
مالحظة
يختلف مفهوم االستم اررية من مرفق إلى آخر فال يعني بالضرورة الديمومة فبعض
المرافق تقدم الخدمة على الدوام 24ساعة 24/ساعة كالمستشفى ،األمن وبعضها في
ساعات محددة وأخرى في أيام فقط من األسبوع ،المهم أن يحقق المرفق العمومي المنفعة
العامة واحتياجات المواطنين هذا من جهة ،من جهة أخرى ال يمكن وال يحق إلدارة معنية أن
المادة 108من القانون ":07-12يسهر الوالي على وضع المصالح الوالئية ومؤسساتها العمومية وحسن سيرها ويتولى 1
- 2المادة 83من القانون ":10-11المادة : 83يسهر رئيس المجلس الشعبي البلدي على وضع المصالح والمؤسسات
العمومية البلدية وحسن سيرها".
أكد مجلس الدولة الفرنسي أن مهمة التعليم العمومي تفرض على وزير التربية الوطنية االلتزام القانوني بضمان تدريس 3
جميع المواد اإلجبارية المدرجة في برامج التعليم على النحو المحدد في القوانين واألنظمة النافذة وفقاً للجداول المقررة.
ويشكل عدم االمتثال لهذا االلتزام القانوني ،الذي قد يؤدي إلى حرمان تلميذ من التعليم لفترة طويلة في غياب أي تبرير
مستمد من متطلبات تنظيم الخدمة ،خطأ من نوع ما لتحمل مسؤولية الدولة .وإخالل بمبدأ استم اررية المرفق .وعليه فإن إن
عدم وجود اعتمادات في الميزانية يزعمها وزير التربية الوطنية ال يمكن بأي حال من األحوال أن يعف الدولة من مسؤولية
اإلخالل بمبدأ استم اررية المرفق العمومي.
31
تقرر من تلقاء نفسها أن ال تقدم خدمة في ساعة معينة أو في يوم معين بحجة توفر الخدمة
وإنما يجب أن تلتزم كل المرافق العمومية بالتنظيم الداخلي والقوانين المنظمة لها.
قد يتأثر مبدأ استم اررية المرفق العمومي عند تنفيذ العقد اإلداري الذي يقصد به ذلك
العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام مع شخص من أشخاص القانون الخاص عادة،
باستخدام أساليب القانون اإلداري بهدف تحقيق المصلحة العامة .حيث يلزم االعتراف بمبدأ
االستم اررية الملتزم بتنفيذ العقود مع المرفق العمومي بضمان الخدمة بشكل مستمر ومنتظم
إال في حالة القوة القاهرة أو إذا تسببت اإلدارة بتصرفاتها باستحالة تنفيذ الخدمة أو حادث أو
حالة قانونية وهو ما يقود إلى تطبيق نظرية فعل األمير " La théorie du fait du
"princeالتي تشترط توفر ما يلي:
إذا توفرت الشروط السابقة فان المرفق العمومي تطبيقا لمبدأ االستم اررية يقوم
بتعويض المتعاقد معه كما قد يتحمل جزء من المخاطر المتفق عليها في العقد.
تعتب ر قضية شركة اإلنارة العامة في بوردو أساس نظرية فعل األمير ،وتعود وقائعها
إلى أن الشركة العامة لإلنارة في بوردو كانت تريد أن تتحمل بلدية بوردو زيادة تكلفة
االرتفاع الكبير في أسعار الفحم التي تضاعفت خمس مرات منذ إبرام عقد االمتياز بين
الطرفين في ،1916بسبب الحرب العالمية األولى ( ،)1918 / 1914حيث سقطت معظم
32
المناطق المنتجة للفحم في يد االحتالل األلماني وأصبح النقل عن طريق البحر أكثر
صعوبة .وبهذا أصدر مجلس الدولة الفرنسي ق ارره الذي أكد فيه أنه من المفروض أن عقد
االمتياز يحدد بصفة نهائية التزامات الطرفين وتكون تغيرات أسعار المواد األولية بسبب
الظروف االقتصادية من بين مخاطر السوق التي يتعين على الملتزم أن يتكفل بها ،ولكن
عندما اضطرب التوازن المالي للعقد إلى درجة كبيرة جدا لم يكن يتوقعها األطراف ،فإنه ال
يمكن للملتزم أن يضمن سير المرفق في الظروف المتفق عليها منذ البداية .ولهذا فإن
مجلس الدولة الفرنسي قرر بأن الشركة تبقى ملزمة بضمان سير المرفق العمومي ولكن
يجب تعويضها عن الخسائر المالية المترتبة عن هذا االضطراب والتي تتجاوز المخاطر
1
االقتصادية العادية.
سيتم عرض تعريف الحق في اإلضراب أوال ،ثم شروطه ثم االستثناءات الواردة عليه.
1
Conseil d'Etat, 30 mars 1916, n° 59928 Compagnie générale d'éclairage de Bordeaux.
تنص المادة 20من دستور ": 1963الحق النقابي ،وحق اإلضراب ،ومشاركة العمال في تدبير المؤسسات معترف بها 2
جميعا ،وتمارس هذه الحقوق في نطاق القانون ".دستور الجمهورية الجزائرية ، 1963المؤرخة في 10سبتمبر ،1963
الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،عدد .64
33
اإلضراب في القطاع العام 1.بينما نص عليه دستور 1989صراحة في المادة 54التي
جاء فيها ":الحق في اإلضراب معترف به ،ويمارس في إطار القانون .ويمكن أن يمنع
القانون ممارسة هذا الحق ،أو يجعل حدودا لممارسته في ميادين الدفاع الوطني واألمن ،أو
في جميع الخدمات أو األعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية للمجتمع ".ليقوم بتنظيم
اإلضراب بموجب هذا الدستور وفق القانون 02-90المعدل والمتمم والمتعلق بالوقاية من
2
الن ازعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق اإلضراب.
لم يتغير مضمون المادة 54من دستور 1989في دستور ،1996وإنما تغير رقم
المادة لتصبح المادة .57وكذلك في التعديل الدستوري لسنة ،2016حيث نصت
مارس في إطار القانون.
وي َعترف بهُ ،
المادة ":71الحق في اإلضراب ُم َ
الحق ،أو يجعل حدودا لممارسته في ميادينّ يمكن أن يمنع القانون ممارسة هذا
الدفاع الوطني واألمن ،أو في جميع الخدمات أو األعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية
للمجتمع".
تم النص على الحق في اإلضراب أيضا قي القانون األساسي العام للوظيفة العمومية
03-06في المواد 36و.37
يتضح مما سبق أن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على تعريف الحق في
اإلضراب وإنما اكتفى بتكريسه في مختلف الدساتير والقوانين.
تنص المادة 61من دستور ":1976تخضع عالقات العمل في القطاع االشتراكي ألحكام القوانين والتنظيمات المتعلقة 1
في القطاع الخاص ،حق اإلضراب معترف به ،وينظم القانون ممارسته".
القانون رقم ،02-90المؤرخ في 06فبراير ،1990المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها 2
وممارسة حق اإلضراب ،الجريدة الرسمية الجمهورية الجزائرية ،العدد ،06ص ،231المعدل والمتمم بالقانون رقم 27-91
مؤرخ في 21ديسمبر .1991
34
استقر على أهمية وضرورة هذا الحق ،وأن يتم
ا أما على مستوى الفقه والقضاء فقد
ممارسته بالشروط القانونية ومن ذلك قضية " "Dehaeneرئيس مكتب المحافظة الذي تم
توقيفه ع ن واجباته ومعاقبته بسبب مشاركته في اإلضراب ،رغم منع وزير الداخلية ألعوان
السلطة من المشاركة فيه ،حيث جاء في نص قرار مجلس الدولة الفرنسي أنه يمكن لرؤساء
اإلدارات تنظيم الحق في اإلضراب في حال غياب نص قانون ساري المفعول ،كما عرف
1
هذا القرار الحق في اإلضراب بأنه أسلوب للدفاع عن المصالح المهنية.
كما جاء في قرار مجلس الدولة المؤرخ 13جوان 1980أن اإلضراب يعتبر حق
لكن يجب استثناء المرافق الحيوية للبالد ،التي ال يمكن فيها تعويض غياب الخدمة عن
طريق تنفيذ العمل اإلضافي2.
يختلف االعتراف بالحق في اإلضراب من دولة إلى أخرى فالدول االشتراكية تعتبره
مخالفا للقانون ألنها ترى أن الدولة هي رب العمل ،بينما معظم الدول الرأسمالية تعتبره حقا
دستوريا ووسيلة مشروعة للمطالبة بالحق ،غير انه توجد بعض الدول الرأسمالية التي تعتبر
سويسر و بلجيكا.
ا اإلضراب ممنوع كإنجلترا ،الواليات المتحدة األمريكية،
يعتبر اإلض ارب أخطر ما يهدد مبدأ االستم اررية ،رغم كونه حق مكفول دستوريا ،لذا
فال يمكن ممارسته بصفة تلقائية بل ال بد من توافر بعض الشروط فيه ليكون إضرابا قانونيا
وشرعيا ،يمكن إجمال هذه الشروط فيما يلي:
1
Conseil d'État, 7 juillet 1950, Dehaene, disponible sur le site web : https://www.conseil-
etat.fr/ressources/decisions-contentieuses/les-grandes-decisions-du-conseil-d-etat/conseil-d-etat-7-juillet-1950-
dehaene
2
Conseil d'Etat, 4 / 1 SSR, du 13 juin 1980, 17995, publié au recueil Lebon, disponible sur le site web :
www.legifrance.gouv.fr
35
استنفاذ جميع وسائل التسوية -1
يجب أن يتم السعي إلى استنفاذ كل طرق ووسائل التسوية كإجراء أولي قبل اللجوء
إلى اإلضراب ،والتي تتمثل في :المصالحة والتي تتم بين الموظفين وممثلي اإلدارة العمومية
في شكل المجلس متساوي األعضاء ،وذلك من خالل البحث في مسببات النزاع والتوصل
إلى حل ومصالحة بين الطرفين ،والوساطة باالحتكام إلى حل وسط يقترحه الوسيط على
الطرفين ،أو أي طريقة يمكن من خاللها حل النزاع القائم 1من تفاوض أو تحكيم.2
يجب قبل اللجوء إلى اإلضراب أن تتم الموافقة عليه جماعيا بكل حرية ،وذلك عن
طريق مباد رة من ممثلي العمال لعقد جمعية عامة في مواقع العمل المعتادة ،بعد إعالم
اإلدارة وإطالعها على نقاط الخالف المستمر والفصل في احتمال التوقف الجماعي عن
العمل المتفق عليه.3
قبل اللجوء إلى اإلضراب يجب إعالن وإعالم المسبق لإلدارة بقرار اللجوء إلى
اإل ضراب ،حيث تحتسب مدة اإلشعار المسبق باإلضراب والتي ال تقل عن ثمانية أيام ابتداء
من تاريخ إيداعه لدى المستخدم وإعالم مفتشية العمل المختصة إقليميا.4
المادة 09من القانون رقم ... ":02-90يمكن أن يتفقا على اللجوء إلى الوساطة أو التحكيم ،كما تنصع ليهنا أحكام 2
هذا القانون".
36
ضمان أمن وسالمة أماكن العمل -4
بالرجوع إلى األمر 03-06نحده قد حدد من بين الواجبات األساسية للموظف العام
الحفاظ على الممتلكات ووسائل اإلدارة ،وهو الشيء المؤكد بتجريم هذا الفعل ورفع العقوبة
إلى حدود الثالث سنوات حبسا في حال االعتداء على األشخاص أو الممتلكات باستعمال
العنف بنص المادة 55من القانون .02-90وعليه فحتى في حالة اإلضراب فيشترط
المحافظة على أمن وسالمة أماكن العمل وعدم اإلضرار باألمالك العقارية والمنقولة
للمؤسسة.
لضمان مبدأ استم اررية المرفق العمومي فإنه توجد بعض الحاالت االستثنائية
المنصوص عليها قانونيا.
-1التسخيرة
يمكن لرئيس المصلحة اإلدارية أن يأمر بتسخير العمال المضربين في الهيئات أو
اإلدارات العمومية أو المؤسسات لضمان استمرار المصالح العمومية األساسية في توفير
الحاجيات الحيوية للبالد أو الذين يمارسون أنشطة الزمة لتمويل السكان 1.و تؤكد المادة 42
من القانون 02/90أن عدم امتثال ألمر التسخير يعد خطا جسيما يتعرض للعقوبة.
وأضافت المادة 187مكرر من قانون العقوبات ":يعاقب بالحبس من شهرين ( )2إلى
ستة( )6أشهر وبغرامة من 1.000دج إلى 10.000أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل
2
من ال يمتثل ألمر تسخير صادر ومبلغ له وفقا لألشكال التنظيمية.
1المادة 41من من القانون 02-90المتعلق بالنزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق اإلضراب
األمر ،156-66المؤرخ في 8جوان ،1966المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم بالقانون رقم ،09-01المؤرخ 2
37
-2حاالت استثنائية بموجب نص قانوني
نص المشرع الجزائري على استثناء بعض الوظائف والمرافق ومنع فيها اإلضراب،
حيث نص التعديل الدستوري لسنة 2016في المادة 71في الفقرة الثانية أن يمنع كل من
ينتمي إلى ميادين الدفاع الوطني واألمن والخدمات واألعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية
للمجتمع من اإلضراب ،وهو ما تنص عليه المادة 43من القانون 02-90المذكور أعاله
على منع اإلضراب في ميادين األنشطة األساسية التي قد تعرض توقفها حياة أو أمن أو
صحة المواطنين واالقتصاد الوطني للخطر وبهذه الصفة يمنع اللجوء إلى اإلضراب كل
القضاة ،الموظفون المعينون بمرسوم أو الموظفون الذين يشغلون مناصب في الخارج ،أعوان
مصالح األمن ،األعوان الميدانيين العاملين في مصالح الحماية المدنية ،أعوان مصالح
استغالل شبكات اإلشارة الوطنية في و ازرتي الداخلية والشؤون الخارجية وكذلك األعوان
الميدانيون في الجمارك والمصالح الخارجية إلدارة السجون .ويجب اإلشارة أن هذه الحاالت
التي ذكرها المشرع الجزائري هي على سبيل المثال وتبقى بعض الحاالت منصوص عليها
في قانونها األساسي أو بموجب قانون أو تنظيم.
-3الموظف الفعلي
إذا كان الموظف القانوني هو كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة أو رسم في
رتبة في السلم اإلداري 1،فإن الموظف الفعلي هو كل من يقوم بعمل الموظف القانوني دون
أن يملك صفته ،وقد عرفه الدكتور سليمان الطماوي بأنه الشخص الذي عين تعيينا معيبا أو
لم يصدر قرار تعيينه أصال ،لكنه يقوم بعمل الموظف الحقيقي ،فرغم أن األصل يقتضي
بطالن التصرفات واألعمال التي يقوم بها إال أن القضاء أقر بصحة تلك األعمال في بعض
الحاالت وعلى أسس مختلفة 2.وعرفه الدكتور ثروت بدوي بأنه ذلك العامل الذي يتولى
المادة 4من األمر 03-06المتضمن القانون األساسي للوظيفة العمومية ،المؤرخ في 1جويلية ،2006الجريدة الرسمية 1
38
وظيفة معينة دون سند شرعي أو دون سند إطالقا ،والذي تعتبر تصرفاته مع ذلك مشروعة،
على الرغم من كونه غير مختص بمباشرة تلك التصرفات ،واألصل أن تكون تصرفاته باطلة
أو منعدمة لصدورها من شخص غير مختص ،إال أن القضاء أقر بسالمة بعض التصرفات
1
في حاالت محددة واعترف فيها بصفة الموظف الفعلي.
ومما سبق يمكن تعريف الموظف الفعلي بأنه الشخص الذي يمارس مهام
واختصاصات موظف آخر رغم عدم تعيينه في المنصب أو أن قرار تعينه مخالف للقانون
آو انتهت عهدته القانونية إال أنه استمر في ممارسة وظيفته الن مقتضيات االستمرار تتطلب
ذلك و عليه نميز صورتان للموظف الفعلي :
كالثورات ،الزلزال والفيضانات والتي يكون فيها الموظف في منطقة خارج نطاق
وظيفته فيمكن ألي موظف أخر أو حتى ألفراد عادين أن يقوموا بالتطوع لتسير المرفق العام
و الحفاظ على استم ارريته.
وهو ما طبقه مجلس الدولة الفرنسي في قضية " ،" Heyrièsوتعود وقائع القضية
لتاريخ 10سبتمبر 1914عندما أصدرت الحكومة الفرنسية مرسوما يقضي بتعليق تطبيق
المادة 65من قانون 22أفريل 1905على الموظفين المدنيين للدولة ،وهي المادة التي
توجب إخطار الموظف بملفه قبل كل متابعة تأديبية ،إال أن السيد " "Heyrièsتعرض للعزل
من منصبه دون تبليغه بملفه ،فطعن في هذا اإلجراء محتجا بعدم شرعية المرسوم .لكن نظ ار
للظروف االستثنائية لم يستجب مجلس الدولة للطاعن ،ففي الحاالت العادية يعتبر المرسوم
والذي يعتبر قرار السلطة التنظيمية أقل درجة في القوة القانونية ،وبالتالي ال يمكن أن يوقف
تنفيذ تدابير تشريعية ،ولكن في قضية " "Heyrièsرفض المجلس الطعن على أساس أنه
طبقا للدستور يتعين على السلطات العمومية أن تسهر على استم اررية عمل المرافق العمومية
المنشأة طبقا للقانون ،وأال تؤدي الصعوبات الناجمة عن الحرب إلى عرقلة سيرها.
39
سمحت نظرية الظروف االستثنائية للسلطة اإلدارية بتجاوز القواعد العادية
لالختصاص والتي يجب أن تكون على درجة من الخطورة وأن تكون غير متوقعة ( وذلك ما
يميزها عن حالة االستعجال ) ،وأن تستمر هذه الظروف إلى غاية اتخاذ اإلجراء .كما يتأكد
القاضي من أنه كان يستحيل على اإلدارة أن تتخذ ذلك اإلجراء بكيفية نظامية .وأخي ار يراقب
القاضي اإلداري بأن الق ار ارت قد اتخذت من أجل النفع العام وخصوصا من أجل تطبيق مبدأ
1
استم اررية المرفق العمومي.
و هي الحالة التي يصدر فيها الموظف بعض التصرفات المتصلة بالمرافق العمومية
رغم أنه ليس موظف رسمي معين ،أو أن قرار تعيينه مشوب بعيب من عيوب المشروعية
(الشكل ،الموضوعي ،مكان ،إجراء ،المحل) ورغم ذلك يعترف القضاء له بصحة تصرفاته
2
وتسمى هذه الحالة بنظرية الموظف الظاهر أيضا والتي تتحقق في أربع حاالت هي:
ومثال عن ذلك :كأن يتم تعين رئيس المجلس الوطني وهو في حالة من حاالت
التنافي حيث نص القانون العضوي 02-12في المادة 03على حاالت التنافي مع العهدة
البرلمانية بالنسبة للمنتخبين ،مثال ذلك عضو في الحكومة ،قاضي ،عضو في المجلس
الدستوري ،رئيس نادي الرياضي ومثال عن ذلك أيضا أن يمارس موظف اختصاصات
رئيسه بتفويض من رئيسه لكن دون وجود سند قانوني.
1
Conseil d'État, 28 juin 1918, Heyriès
ماجد راغب الحلو ،القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر ،1996 ،ص.ص ()431-429 2
40
الفرع الثالث :االستقالة
-شروط االستقالة
تقديم طلب االستقالة في شكل كتابي من الموظف يعلم فيه إرادته الصريحة -1
في قطع العالقة التي تربطه باإلدارة نهائيا (المادة 218من األمر .)03-06
إرسال الطلب إلى السلطة المخولة بصالحيات التعين عن طريق السلم -2
اإلداري.
المادة 93من القانون رقم ،12-78المؤرخ في 5أوت ،1978الذي يتضمن القانون األساسي العام للعامل ،الجريدة 1
الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،32ص ":724االستقالة حق معترف به للعامل ،ويتعين على العامل الذي يرغب في
إنهاء عالقات العمل مع المؤسسة المستخدمة أن يقدم لها استقالته في طلب مكتوب يتضمن األسباب.
يترك العامل منصب عمله وفقا للشروط المحددة بموجب القوانين األساسية النموذجية لقطاعات النشاط".
المادة 133من المرسوم رقم ،59-85المؤرخ في 23مارس ،1985المتضمن القانون األساسي النموذجي للعمال 2
والمؤسسات واإلدارات العمومية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،13ص...":333تعد االستقالة حقا معترفا به
لكل موظف يرغب في إنهاء عالقة العمل التي تربطه بالمؤسسة أو اإلدارة العمومية.
ويرسل الموظف طلبه عبر الطريق السلمي إلى السلطة التي لها صالحية التعيين ويبقى ملزما بتأدية الواجبات المرتبطة
بمهامه حتى صدور قرار السلطة المذكورة".
41
بقاء الموظف ملزم بتأدية الواجبات المرتبطة بمهامه إلى حين صدور قرار عن -3
السلطة المخولة بالتعين.
ال يترتب عن االستقالة أي اثر إال بعد قبولها الصريح من طرف السلطة -4
المخولة بصالحيات التعين .
يجب اتخاذ قرار االستقالة خالل اجل أقصاه شهران من تاريخ إيداع الطلب -5
ويمكن في حاالت استثنائية أن تمدد المدة إلى أربعة أشهر وهي حالة الضرورة القصوى
للمصلحة العمومية.
استقر الفقه على عدم جواز الحجز على أمالك الدولة ،حيث وضع الفقهاء العديد من
النظريات لذلك منها :نظرية قرينة الشرف واليسر للفقيه الفريير الذي أكد أن الدولة غير
مشمولة بنظرية الحجز والتنفيذ عليها باعتبارها مملوءة الذمة المالية وميسورة لذا يجب النظر
إليها دوما باعتبارها الرجل الشريف ،ونظرية الفصل بين القاضي واإلدارة القائمة ألن اإلدارة
وحدها المختصة باستخد ام النفقات العمومية عن طريق المحاسبة العمومية ،باإلضافة إلى
نظرية إناطة اإلدارة بالتنفيذ باعتبار أن اإلدارة هي السلطة التنفيذية فال يمكن توقع أن تنفذ
على نفسها ،وأخيرا نظرية اختالف الصيغة التنفيذية أي أن الصيغة التي تذيل بها أحكام
القضاء اإلداري ال تشير سوى إلى وجود سند تنفيذي وال تتضمن أمر بالتنفيذ ،كما هو الحال
في األحكام في القضاء العادي الممهورة بالصيغة التنفيذية.
أما المشرع الجزائري فقد نص تعديله الدستوري لسنة 2016على أمالك الدولة في
المادة ،20واصطلح عليها بـ"األمالك الوطنية" ،وعرفها بأنها تلك األمالك العمومية
والخاصة التي تمتلكها كل من الدولة والوالية والبلدية ويتم تسييرها طبقا للقانون ،كما عرفته
المادة 688من القانون المدني بنصها ":تعتبر أمواال للدولة العقارات والمنقوالت التي
تخصص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة ،أو إلدارة ،أو لمؤسسة عمومية أو
42
لهيئة لها طابع إداري ،أو لمؤسسة اشتراكية ،أو لوحدة مسيرة ذاتيا أو لتعاونية داخلة في
1
نطاق الثورة الزراعية".
ولحماية أمالك الدولة وتطبيق مبدأ االستم اررية خص المشرع الجزائري األمالك
2
العمومية بثالث أنواع من الحماية هي :الحماية الوقائية ،الحماية المدنية والحماية الجزائية.
وهي الحماية القبلية التي تسبق عملية االعتداء على األمالك العمومية وتتمثل في:
-2االلتزام بنظام المحافظة إلى جانب نظام االستعمال والذي يخول للسلطة اإلدارية
4
المكلفة بالمحافظة على األمالك الوطنية العمومية.
-3جرد األمالك الوطنية ويقصد به التسجيل الوصفي والتقييمي لجميع األمالك التي
تحوزها مختلف مؤسسات الدولة وهياكلها والجماعات اإلقليمية 5،وقد جاء المرسوم التنفيذي
لمزيد من التفصيل أنظر بن اعراب محمد ،المرجع السابق ،ص ()31-23 2
المادة 67من القانون ،30-90المؤرخ في 1ديسمبر ،1990المتضمن قانون األمالك الوطنية ،الجريدة الرسمية 3
43
455-91ليحدد أشكال ،كيفيات وشروط القيام بعملية الجرد ،والذي ألزم كل المؤسسات
1
العمومية بإمساك دفاتر الجرد عن كل األموال العقارية الموجودة بحوزتها.
-4الرقابة :ألزم المشرع الجزائري كل من الدولة ،الوالية والبلدية بأعمال الرقابة على
أمالك الدولة التابعة لكل هيئة والتي تظهر من خالل مختلف األجهزة كمديرية أمالك الدولة،
كما تظهر من خالل لوائح الضبط اإلداري لكل هيئة مختصة.
تجيز القاعدة العامة التقادم بمرور 15سنة على األموال ،وتؤكد على إمكانية الحجز
على أموال المدين الذي يمتنع عن الوفاء بدينه ،إال أنه ال يجوز الحجز أو التقادم وال حتى
التصرف في أمالك الدولة حتى ولو تقرر ضدها ديون وحتى ولو كانت مدة التقادم 15سنة
وما فوق الن المشرع الجزائري منحها الحماية من الحجز والتقادم وهو ما نصت عليه المادة
الرابعة من قانون األمالك الوطنية حيث جاء فيها ":األمالك الوطنية العمومية غير قابلة
للتصرف فيها وال للتقادم وال للحجز .ويخضع تسييرها ألحكام هذا القانون مع مراعاة الحكام
الواردة في النصوص التشريعية الخاصة.
األمالك الوطنية الخاصة غير قابلة للتقادم وال للحجز ماعدا المساهمات المخصصة
للمؤسسات العمومية االقتصادية .وتخضع إدارة األمالك والحقوق المنقولة والعقارية التابعة
لألمالك الوطنية الخاصة والتصرف فيها ألحكام هذا القانون مع مراعاة األحكام الواردة في
2
النصوص التشريعية األخرى".
يتضح أن المشرع الجزائري ميز بين األمالك الوطنية العمومية واألمالك الوطنية
الخاصة ،حيث وضع القاعدة العامة بعدم التقادم على األمالك العمومية العامة دون
المرسوم التنفيذي ،455-91المؤرخ في 23نوفمبر ، 1991المتعلق بجرد األمالك الوطنية ،الجريدة الرسمية للجمهورية 1
القانون 14-08المؤرخ في 20جويلية ،2008المعدل والمتمم بالقانون رقم 30-90المؤرخ في 1ديسمبر 1990 2
المتضمن قانون األمالك الوطنية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،44ص10
44
استثناءات عكس األمالك الخاصة التي وضع استثناء على قاعدة عدم التقادم فيها وهي في
حالة المساهمات المخصصة للمؤسسات العمومية االقتصادية.
وقد كان موفقا في ذلك ،ألنه يجب التفرقة بين األمالك الوطنية العمومية والخاصة
فاألمالك الوطنية العمومية تكون مخصصة لتحقيق المصلحة العمومية ،وتخضع للقانون
العام وال يمكن أن تكون محل ملكية خاصة بحكم طبيعتها أو غرضها ،أما األمالك الخاصة
فهي تلك األموال التي تملكها الدولة ملكية خاصة وتخضع ألحكام القانون الخاص وتدر
إيرادا ماليا وتنقسم إلى :أمالك وطنية عقارية ،أمالك وطنية مالية وأمالك وطنية تجارية
1
وصناعية.
كما تم النص على مبدأ عدم التقادم والحجز في العديد من المواد القانونية منها:
نص المادة 689من القانون المدني ":ال يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها
أو تمليكها بالتقادم غير أن القوانين التي تخصص هذه األموال إلحدى المؤسسات المشار
إليها في المادة 688تحدد شروط إدارتها وعند االقتضاء شروط عدم التصرف فيها".
المادة 636من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ":فضال عن األموال التي تنص
القوانين على عدم جواز الحجز عليها ،ال يجوز الحجز على األموال اآلتية:
األموال العامة المملوكة للدولة ،أو الجماعات اإلقليمية ،أو المؤسسات -1
2
العمومية ذات الصبغة اإلدارية ،ما لم ينص القانون على خالف ذلك".
بن اعراب محمد ،محاضرات في مقياس األمالك الوطنية ،ملقاة على طلبة السنة الثالثة ،قسم القانون العام ،كلية 1
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد لمين دباغين ،سطيف ،2الجزائرـ العام الجامعي ( ،)2015-2014ص ص(-2
)12
القانون رقم ،09-08المؤرخ في 25فيفري ،2008المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية. 2
45
ثالثا :الحماية الجزائية
والعقوبات ال تتعلق بالموظف العمومي فقط وإنما تعتبر صفة الموظف العمومي
ظرف مشدد 1،إذ نص قانون العقوبات على العديد من الجرائم المتعلقة باألمالك العمومية
التي ال دخل للموظف العمومي بها منها نص المادة 160مكرر ":4يعاقب بالحبس من
شهرين إلى خمس سنوات وبغرامة من 500إلى 2.000دج كل من قام عمدا بإتالف أو
هدم أو تشويه أو تخريب:
- 1المادة 143من قانون العقوبات":فيما عدا الحاالت التي يقرر فيها القانون عقوبات في الجنايات أو الجنح التي يرتكبها
الموظفون العموميون أو القائمون بوظائف عمومية فإن من يساهم منهم في جنايات أو جنح أخرى مما يكلفون بمراقبتها أو
ضبطها يعاقب على الوجه اآلتي":
إذا كان األمر متعلق بجنحة فتضاعف العقوبة المقررة لتلك الجنحة
إذا كان األمر متعلق بجناية فتكون العقوبة كما يلي:
السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كانت عقوبة الجناية المقررة على غيره من الفاعلين هي السجن
المؤقت من خمس إلى عشر سنوات،
السجن المؤبد إذا كانت عقوبة الجناية المقررة على غيره من الفاعلين هي :
السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة،
وتطبق العقوبة نفسها دون تغليضها فيما عدا الحاالت السابق بيانها".
46
نصب أو تماثيل أو لوحات أو أشياء أخرى مخصصة للمنفعة العمومية أو -
تزيين األماكن العمومية ومقامة أو منصوبة من طرف السلطة العمومية أو بترخيص منها.
نصب أو تماثيل أو لوحات أو أية أشياء فنية موضوعة في المتاحف أو في -
المباني المفتوحة للجمهور".
يعتبر مبدأ المساواة تطبيق لمبدأ دستوري عام هو المساواة أمام القانون ،والذي تقره
مختلف الدساتير في نصوصها المختلفة ،بنصوص صريحة محددة ،ويتضمن العديد من
التطبيقات في مختلف المجاالت من بينها مبدأ المساواة أمام المرافق العمومية 1.يعتبر مبدأ
حياد المرافق العمومية مرتبطا بمبدأ المساواة فال يجب التفضيل على أساس المصالح
الخاصة أو المحاباة وإنما األساس الوحيد هو المصلحة العمومية لتطبيق المبدأ ،وعليه
فالجميع متساوون أمام المرافق العمومية سواء تعلق األمر باالنتفاع بالخدمات أو بتحمل
2
األعباء.
نص الدستور الجزائري على مبدأ المساواة والحياد في العديد من مواده السيما المادة
32التي تؤكد على المساواة بين المواطنين أمام القانون دون أي تميز بسبب المولد أو العرق
أو الجنس أو الرأي أو أي ظرف شخصي أو اجتماعي أخر 3،كما نصت المادة 36على
أن تعمل الدولة على ترقية اإلنصاف بين الرجال أو النساء في سوق التشغيل كما تشجع
الدولة ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات اإلدارية العمومية وعلى مستوى
المؤسسات .وأكدت المادة 34على استهداف المؤسسات ضمان المساواة بين كل المواطنين
-المادة 32من التعديل الدستوري لعام ":2016كل المواطنين سواسية أمام القانون .وال يمكن أن ُي ّ
تذرع بأي تمييز يعود 3
ِ ِ
أي شرط أو ظرف آخر ،شخصي أو اجتماعي". سببه إلى المولِد ،أو العرق ،أو الجنس ،أو الرأي ،أو ّ
47
والمواطنات في الحقوق والواجبات بإزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية اإلنسان ،وتحول
دون مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية ،واالقتصادية ،واالجتماعية ،والثقافية.
كما ساوى الدستور بين الجميع في تحمل االلتزامات في نص المادة " :78كل
المواطنين متساوون في أداء الضريبة.
ويجب على كل واحد أن يشارك في تمويل التكاليف العمومية ،حسب قدرته
الضريبية.
ال يجوز أن تُحدث أية ضريبة إال بمقتضى القانون.
وال يجوز أن تُحدث بأثر رجعيّ ،أية ضريبة ،أو جباية ،أو رسم ،أو أي حق كيفما
كان نوعه.
كل عمل يهدف إلى التحايل في المساواة بين المواطنين واألشخاص المعنويين في
أداء الضريبة يعتبر مساسا بمصالح المجموعة الوطنية ويقمعه القانون".
يتضح من النصوص المذكورة أعاله أن المشرع الجزائري في دستوره ميز بين ثالث
أنواع من تطبيقات مبدأ المساواة أمام المرافق العمومية وهي:
األمر ،86-70المؤرخ في 15ديسمبر 1970المتضمن قانون الجنسية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، 1
األمر ،01-05المؤرخ في 27فيفري ،2005المتضمن تعديل قانون الجنسية،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، 2
48
وبهذا أصبح األجنبي المتجنس بالجنسية الجزائرية له نفس حقوق الجزائري الذي يملك
الجنسية الجزائرية األصلية في تقلد الوظائف أمام المرافق العمومية.
باإلضافة إلى نص المادة 74من الدستور تم تطبيق هذا المبدأ في مختلف المرافق
العمومية منها القانون 04-18الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد واالتصاالت
االلكترونية حيث جاء في مادته التاسعة..." 1الخدمة شاملة في البريد تحقق عبر كامل
التراب الوطني بأسعار متاحة في ظل مبدأ المساواة ،الديمومة و الشمول".
ال يقصد بمبدأ المساواة أمام المرافق العمومية المساواة التامة والجامدة والمطلقة إنما
المساواة المرنة والنسبية التي تطبق هذا المبدأ بالتساوي بين الهيئات المتماثلة والفئات التي
لها نفس المركز القانوني لتستفيد من مزايا المرفق نفسها وتتحمل تكاليف المرفق العام
3
نفسها 2ومن األمثلة على ذلك:
*اختالف في نوعية الخدمة :يؤدي إلى اختالف في الرسوم والتكلفة مثال :من يركب
القطار في درجة السياحية (األولى) ال يدفع نفس تكلفة الدرجة الثانية ،وكذلك من يرسل
رسالة بالبريد العادي ال يدفع تكلفة البرقية أو البريد السريع.
القانون ،04-18المؤرخ في 10ماي ،2018المتضمن القواعد العامة المتعلقة بالبريد واالتصاالت االلكترونية ،الجريدة 1
3بوكثير عبد الرحمان ،محاضرات في مقياس نظرية المرفق العام ،جامعة محمد بوضياف ،المسيلة ،ألقيت على طلبة
الماستر السنة األولى ،تخصص القانون اإلداري ،2016-2015 ،ص .52
49
*اختالف الغرض من الخدمة :يؤدي إلى اختالف المقابل ومثال عن ذلك تكلفة
االنترنت عند شخص يشحنها لمنزله تختلف عن تكلفة االنترنت في مؤسسة أو شركة.
*اختالف حجم الخدمة :فتكلفة المياه في المنزل تختلف عن تكلفة المياه بالنسبة
للفالح.
*اختالف الفئة :يؤدي إلى اختالف في القاعدة المطبقة كإعفاء اإلناث من أداء
الخدمة الوطنية.
إن هذه االستثناءات ليست في إطار التميز بين األشخاص وإنما يستفيد منها كل
شخص وجد في ذلك المركز القانوني.
مبدأ التكيف ويسمى أيضا مبدأ القابلية للتغيير ( principe de mutabilité ou
) principe d’adaptationوالذي يقصد به قابلية قانون الخدمات العمومية أو النظام
األساسي لها للتكيف كلما فرضت ذلك تطورات االحتياجات الجماعية ومتطلبات المصلحة
العامة ،يجب التفكير في التحسين النوعي والكمي للخدمات وفقا للتحسينات التقنية أو التقدم
االقتصادي أو تهيئة النظام القانوني .في مطلع القرن الماضي على سبيل المثال تم تغيير
اإلضاءة عن طريق الغاز في الطرق العامة إلى اإلضاءة الكهربائية والتي كانت بموجب
القانون ،1متكيفا بذلك مع الوضع الجديد بناء على نص القانون ،لذا سيتم عرض تعريفه ثم
آثار تطبيقه
يقصد به قابلية المرفق العمومي للتغير والتطور ،وهو من المبادئ المكرسة في
القانون اإلداري ،فقابلية المرافق العمومية للتغيير والتطوير يقصد بها أنها تجيز لإلدارة أن
50
تتدخل في أي وقت لكي تجري تغيي ار في المرافق العامة سواء من حيث نشاطها أو أساليبها
1
أو طرائق إدارتها ،دون أن يؤثر في استعمالها لهذا الحق إال العتبارات المصلحة العامة.
نص المشرع الجزائري على مبدأ التكييف بشكل صريح في المادة 06من المرسوم
131-88الذي ينظم عالقة اإلدارة بالمواطن ":2تسهر اإلدارة دوما على تكييف مهامها
وهياكلها مع احتياجات المواطنين ويجب أن تضع تحت خدمة المواطن خدمة جيدة" ،وجاء
في نص المادة 21من نفس المرسوم ":يجب على اإلدارة حرصا منها على تحسين نوعية
خدماتها وتحسين صورتها العامة باعتبارها تعبي ار عن السلطة العمومية أن تسهر على تبسيط
إجراءاتها ،وطرقها ،ودوائر تنظيم عملها وعلى تخفيف ذلك.
و عليها أن تعد مطبوعات واستما ارت مقننة بسيطة في تصميمها ،مختصرة ومفهومة
في مضمونها ،وجذابة في شكلها ،وتق أر بسهولة.
ويجب عليها ،زيادة على ذلك أن تطور أي إجراء ضروري لتتالءم دوما مع التقنيات
الحديثة في التنظيم و التسيير" ،كما أورد المشرع الجزائري مبدأ التكيف في قانون الصفقات
العمومية وتفويض المرفق العام من خالل المادة 209المرسوم ": 247-15تخضع
3
اتفاقيات تفويض المرفق العام إلى عدة مبادئ منها ... :ثم قابلية التكييف".
يترتب على هذا المبدأ أثران أولهما في مواجهة المتعاقدين والعاملين بالمرفق ،وثانيهما
في مواجهة المنتفعين بالمرفق.
1حسن محمد البنان ،قواعد المرافق العامة للتغيير والتطوير ،المركز القومي لإلصدارات القانونية ،2014 ،ص 19
2المرسوم رقم ،131-88المؤرخ في 4جويلية ،1988المتعلق بتنظيم العالقات بين اإلدارة والمواطن ،الجريدة الرسمية
للجمهورية الجزائرية ،العدد ،27ص1013.
المرسوم الرئاسي رقم ،247-15المؤرخ في 16سبتمبر ،2015المتضمن الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، 3
51
الفرع األول :في مواجهة العاملين بالمرفق والمتعاقدين معه
يقصد به أنه ال يحق للعاملين بالمرفق العمومي االحتجاج ببقاء نفس األساليب
القديمة أو ببقاء نفس تنظيم المرفق ووسائله دون تغيير ،مستندين في ذلك إلى حقوقهم
المكتسبة ،فقد استقر القضاء على حق اإلدارة في وضع القواعد واألساليب المتعلقة بالمرفق
العمومي وتغييرها كلما اقتضت المصلحة العمومية ذلك وفقا لما تراه األحسن واألجود
لضمان حسن سير المرفق .1ومن ذلك أن تلجأ اإلدارة إلى تطبيق اإلدارة اإللكترونية .فال
يحق للعاملين بالمرفق رفض تطبيق هذا األسلوب.
استقر القضاء على أن اإلدارة يمكنها أن تعدل الخدمات التي يقدمها المرفق للمنتفعين
2
كما يمكنها أن تعدل أسعار الخدمات.
وعليه يمكن لإلدارة أن تقوم بالتغيير والتعديل كلما دعت الحاجة لتطوير المرفق
العمومي.
هو مبدأ تكميلي نصت عليه بعض الدول في بعض مرافقها ،أما بالنسبة للفقه فلم
يعترف بالمبدأ لكافة المرافق وإنما حصرها في البعض كالصحة ،األمن و التعليم.
1عمار بوضياف ،الوجيز في القانون اإلداري ،الطبعة الثالثة ،جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر ،2013 ،ص445.
52
موقف المشرع الجزائري :اعترف الدستور الجزائري بالمبدأ في العديد من المرافق
منها التعليم من خالل نص المادة ": 53الحق في التعليم المضمون ،التعليم مجاني حسب
الشروط التي يحددها القانون " كما اعترف بهذا المبدأ في مرافق الصحة من خالل نص
المادة ": 54الرعاية الصحية حق للمواطنين ،تتكفل الدولة بالوقاية من األمراض واألوبئة
ومكافحتها" .
هو ذلك المبدأ المبني على النزاهة والوضوح في تسيير الشؤون العمومية ،يقصد به
تمكين المواطن من المعلومة اإلدارية وهي أحد أهم ركائز الديمقراطية في الدولة ،ويعد مبدأ
الشفافية اإلدارية أحد األسس التي يقوم عليها نظام الحكم الراشد واإلدارة الحديثة ،ويقوم مبدأ
الشفافية اإلدارية على مضامين هامة تتمثل في مبدأ التسبيب الوجوبي للق اررات اإلدارية،
الحق في االطالع على المعلومات والوثائق اإلدارية ،وعلنية األعمال اإلدارية ،هذه
المضامين أقرتها العديد من االتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر ،حيث أخذت به
في العديد من قوانينها.
تم النص على مبدأ الشفافية في القانون 01-06المتعلق بالفساد 1في نص
المادة ":11إلضفاء الشفافية على كيفية تسيير الشؤون العمومية ،يتعين على المؤسسات
واإلدارات والهيئات العمومية أن تلتزم أساسا:
باعتماد إجراءات وقواعد تمكن الجمهور من الحصول على معلومات تتعلق -
بتنظيمها وسيرها ،وكيفية اتخاذ الق اررات فيها،
بتبسيط اإلجراءات اإلدارية، -
-نشر معلومات تحسيسية عن مخاطر الفساد في اإلدارة العمومية، -
بالرد على عرائض وشكاوى المواطنين، -
القانون ،01-06المؤرخ في 20فيفري ،2006المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،الجريدة الرسمية للجمهورية 1
53
بتسبيب ق ارراتها عندما تصدر في غير صالح المواطن ،وبتبيين طرق الطعن -
المعمول بها"،
كما نص المشرع الجزائري على هذا المبدأ في المادة 51من التعديل الدستوري
" :2016الحصول على المعلومات والوثائق واإلحصائيات ونقلها مضمونان للمواطن" ،كما
نص قانون الوالية 70-21و قانون البلدية 01-11على مبدأ الشفافية السيما المادة 41
منه التي نصت صراحة على الحق في االطالع بنصها ":يمكن لكل شخص االطالع على
مستخرجات ،مداوالت المجلس الشعبي البلدي و كذا الق اررات البلدية و يمكن لكل شخص
ذي مصلحة الحصول على نسخة منها كاملة أو الجزئية."...
واعترف بهذا المبدأ من خالل وجوب تبني الق اررات اإلدارية الصادرة ضد األفراد،
وتزامنا مع إقرار التعديل الدستوري لسنة 2016الذي أعطى للمواطن الحق في المعلومة،
بادرت السلطة التنفيذية بإصدار المرسوم التنفيذي رقم 190-16المؤرخ في 30جويلية
2016الذي يبين كيفية تطبيق المادة 14من قانون البلدية و هو الذي يحدد كيفيات
1
االطالع على مستخرجات ومداوالت المجلس الشعبي البلدي و ق اررات البلدية.
كما تم تكريس مبدأ الشفافية أيضا من خالل قانون الصفقات العمومية وتفويضات
2
المرفق العمومي في المادة 5من المرسوم الرئاسي .247-15
مرسوم تنفيذي رقم ،190-16المؤرخ في 30جويلية ،2016المحدد لكيفيات اإلطالع على مستخرجات مداوالت 1
المجلس الشعبي البلدي والق اررات البلدية ،الجريدية الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،41ص8.
-المادة 5من المرسوم الرئاسي ،247-15المؤرخ في 16سبتمبر ،2015المتضمن تنظيم الصفقات العمومية 2
وتفويضات المرفق العام ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،50ص ":3.لضمان نجاعة الطلبات العمومية
واالستعمال الحسن للمال العام ،يجب أن تراعى في الصفقات العمومية مبادئ حرية الوصول للطلبات العمومية والمساواة
في معاملة المرشحين وشفافية اإلجراءات ،ضمن احترام أحكام هذا المرسوم.
54
المطلب الثالث :مبدأ التشاركية
يقصد بالمبدأ مشاركة المواطنين في صنع الق اررات التي لها تأثير مباشر على حياتهم
بدل االعتماد الكلي على األعضاء المنتخبين والسلطة المركزية ،حيث يسمح للمواطنين
بتبادل األفكار واآلراء بإراداتهم الحرة على مستوى المرافق العمومية من أجل تحقيق
المصلحة الجماعية ،وهذا من خالل إشراك كل المنتفعين بالمرفق وموظفيه في تنظيمه
ووضع قواعد المرفق العمومي.
باإلضافة لهذه النصوص الدستورية ،خصص قانون البلدية 10-11في مواده من
11إلى 14في الباب الثالث من القسم الثاني مبدأ التشاركية حيث نصت المادة 11على
إلزام المجلس الشعبي البلدي باتخاذ كل التدابير الالزمة لإلعالم المواطنين بشؤونهم
واستشارتهم حول خيرات وأولويات التهيئة والتنمية االقتصادية واالجتماعية والسياسية
والثقافية كما نصت على إمكانية تقديم المجلس لعرض نشاطه السنوي أمام المواطنين .كما
نصت المادة 12من نفس القانون على إلزام المجلس الشعبي البلدي على وضع إطار مالئم
للمبادرات المحلية التي تهدف إلى تحفيز المواطنين وحثهم على المشاركة في تسوية مشاكلهم
و تحسين ظروفهم المعيشية .فيما أعطت المادة 13لرئيس المجلس الشعبي البلدي الحق
في االستعانة بصفة استشارية بكل شخصية محلية أو ممثل جمعية محلية من اجل تقديم
المساعدة والمساهمة في أشغال المجلس تجدر اإلشارة أن الديمقراطية التشاركية ال تعني
إشراك األفراد فقط وإنما الجمعيات والمجتمع المدني والنقابات والقطاع الخاص وغيرها كما
أن الديمقراطية التشاركية تشكل تكامال مع الديمقراطية النيابية.
55
الفصل الخامس :أساليب إدارة الدولة للمرفق العام
تنفرد السلطة العمومية بالحق في تحديد أسلوب تسير المرفق العمومي مع األخذ
بعين االعتبار الظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية السائدة في الدولة
باإلضافة إلى السياسة العامة للدولة ونوع وطبيعة الموفق ،فالمرافق التي تمس كيان دولة
وسيادتها كمرفق األمن ،القضاء ،الدفاع ليست كالمرافق األخرى كالتزويد بالكهرباء والغاز،
الماء كما أن المرافق االقتصادية تحتاج بطبيعتها إلى وسائل وأساليب تختلف عن وسائل
وأساليب المرافق العمومية اإلدارية.
لذا تختار السلطة المختصة بإنشاء المرفق األسلوب اإلداري من بين مجموعة من
األساليب المتمثلة في االستغالل المباشر ،أسلوب المؤسسة ،أسلوب التفويض .سيتم عرض
كل أسلوب على حدا.
يقصد به أن تقوم اإلدارة بنفسها بتقديم الخدمة من خالل استخدام أساليب القانون
العام ومستخدمة في ذلك موظفيها وأموالها سواء كانت مركزية 'الو ازرات' أو محلية (والية،
بلدية) 1.فتديره في هذه الحالة الدولة من خالل الو ازرة أو البلدية أو الوالية وال يتمتع المرفق
المدار في هذه الحالة بالشخصية المعنوية ،ويعرف أيضا بأنه األسلوب القديم لسير المرفق
العمومي حيث تقوم به الدولة مستعينة بأموالها و موظفيها من خالل وسائل القانون العام.
وبالتالي فاالستغالل المباشر هو أن تتولى اإلدارة بنفسها القيام بإدارة المرفق العمومي
الذي أنشأته ،حيث تدخل في عالقة مباشرة مع المنتفعين بالخدمة من خالل موظفيها،
مستخدمة امتيازات السلطة العامة وميزانيتها المخصصة لهذا الهدف في إطار القانون الذي
يحكم المال العام.
56
المطلب األول :طرق االستغالل المباشر
يمكن أن يتم االستغالل المباشر إما من خالل تسيير االستغالل المباشر المركزي أو
من خالل تسيير استغالل المباشر للجماعات المحلية.
يكون من خالل الو ازرات ويمكن تعريف الو ازرة بأنها هي تلك األقسام اإلدارية الرئيسة
في الدولة والتي تهدف إلى إدارة قطاع أو نشاط إداري معين من مهام الدولة المتشعبة والتي
تحتاج إلى تقسيمها إلى مجموعة من األجزاء حيث يوكل كل جزء منها إلى و ازرة ،وتجدر
1
اإلشارة أنه توجد في الجزائر 26و ازرة ،وأصبحت حاليا 37و ازرة.
57
يمكن للو ازرة أن تقوم بإنشاء مرافق عمومية لتقوم باستغاللها مباشرة بهدف تحقيق
غرض من أغراض الدولة ،والذي يسير من طرفها ويعتبر مرفق عمومي وطني وعادة ما
يكون له طابع إداري مع إمكانية أن يكون صناعي بشرط أن يحقق النفع العام.
تنشأ المرافق العمومية الوطنية من طرف الو ازرة في االستغالل المباشر ،بحيث تلبي
الحاجات المشتركة لجميع سكان الدولة وال تقتصر على سكان إقليم معين بل تعم الفائدة
على كل الموجودين على أرض الدولة كالقضاء ،الدفاع واألمن وذلك ألنها تمس سيادة
الدولة وبالتالي ال يمكن أن تسير إال من طرفها.
يقصد بالجماعات المحلية الوالية والبلدية ،حيث تقوم بسد الحاجات المشتركة لسكان
إقليم معين ،فاألصل في التسيير المرفق على المستوى المحلي هو االستغالل المباشر وفي
حالة العجز يمكن اللجوء إلى التفويض واالمتياز وغيرها.
أوال :الوالية
هي جماعة عمومية إقليمية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وتشمل
مقاطعة إدارية للدولة حيث تنص المادة 142من قانون الوالية 07-12صراحة بأنه:
"يمكن للمجلس الشعبي الوالئي أن يستغل مباشرة مصالحه العمومية عن طريق االستغالل
58
المباشر" ،وكذلك المادة ":143يحدد المجلس الشعبي الوالئي المصالح العمومية التي
يقرر استغاللها عن طريق االستغالل المباشر وفي هذه الحالة يسجل إرادات ونفقات
االستغالل المباشر في ميزانية الوالية حسب قواعد المحاسبة" .وتجدر اإلشارة إلى انه في
إطار الوالية ال يمكن اللجوء إلى طرق أخرى إال إذا تعذر االستغالل المباشر حسب نص
المادة ":149إذا تعذر استغالل المصالح العمومية الوالئية المذكورة في المادة 146عن
طريق االستغالل المباشر فيمكن للمجلس الشعبي الوالئي الترخيص باستغاللها عن طريق
االمتياز طبقا للتنظيم المعمول به".
ثانيا :البلدية
تتحدد صالحيات البلدية بالمادة 149من قانون البلدية 10-11التي تحدد عدد
وحجم المصالح حسب إمكانيات ووسائل واحتياجات كل بلدية أما فيما يتعلق بطرق تسيير
هذه المرافق فنصت المادة 150الفقرة 02من قانون البلدية" :يمكن تسيير هذه المصالح
مباشرة في شكل استغالل مباشر أو في شكل مؤسسة عمومية بلدية عن طريق االمتياز أو
التفويض" ،ثم ذكر هذا القانون في المادة 151انه يمكن للبلدية أن تستغل مصالحها
العمومية عن طريق االستغالل المباشر وفي هذه الحالة تكون البلدية ملزمة بتقيد إرادات
ونفقات االستغالل المباشر للمرافق العمومي في ميزانية البلدية ويتولى تنفيذها أمين خزينة
البلدية طبقا لقواعد المحاسبة العمومية.
-يعتبر تقسيم التسيير إلى مركزي ومحلي هو تقسيم شكلي وال يقصد به االنفصال
الكلي ،ألن هناك عالقة تكامل وتعاون بينهما كما أن المرافق العمومية الوطنية تقدم
اإلعانات التقنية والمالية للجماعات المحلية.
ال يتمتع المرفق العمومي في إطار االستغالل المباشر بالشخصية المعنوية وهو ما
يترتب عليه مجموعة من النتائج والسلبيات تتمثل في ما يلي:
59
الفرع األول :النتائج التسيير عن طريق االستغالل المباشر
• الموظفون هم موظفون تابعون للدولة (الو ازرات ،الواليات والبلديات) المنشئة للمرفق،
حيث تكون عالقة العمل قائمة بين الجهة اإلدارية المنشئة للمرفق (بلدية ،والية،
و ازرة) وبين الموظف بالمرفق ،وعليه تبقى عالقة العمل قائمة حتى في حالة إلغاء
المرفق العام.
المسؤولية هي مسؤولية الهيئة التي أنشأت المرفق. •
المرفق المنشئ في إطار االستغالل المباشر ال يتمتع بالشخصية المعنوية، •
وبالتالي ال يمكنه التعاقد وليس له حق التقاضي ،وال يتمتع بوجود قانوني متميز ومستقل،
فهو عبارة عن تنظيم داخلي تابع للهيئة المنشئة في نظامه القانوني ،أي أنه يخضع لما
1
تخضع له الهيئة المنشئة.
يتم تقييد إرادات ونفقات المرفق في ميزانية اإلدارة المنشئة. •
يخضع المرفق العام في إدارته ونشاطه للقانون اإلداري وفي منازعاته للقضاء •
اإلداري.
أغلب المرافق العامة في التسيير المباشر غير مربحة أي إدارية بحتة ،ألن •
الخواص ينفرون منه ،باعتبار أن الموظفين فيه يخضعون للوظيف العمومي من جهة
والمرفق العام المسير يخضع للسياسة العامة التي تقررها الحكومة حسب ايديولوجياتها
وطبيعة نظامها السياسي وكل هذا يعتبر عائق في تقدم المرفق العام االقتصادي .إال أنه
يمكن أحيانا أن تدار المرافق التجارية والصناعية عن طريق االستغالل المباشر ومثال ذلك
2
النقل بالسكك الحديدية.
الفرع الثاني :سلبيات التسيير عن طريق االستغالل المباشر
• البيروقراطية ،خاصة في المرافق اإلدارية فعادة االستغالل المباشر يؤدي إلى
سوء الخدمة وعدم النجاعة.
60
• عدم مواكبة االستغالل المباشر ألساليب التسيير الحديث السيما غياب التقييم
والتقييم الذاتي والتغذية الراجعة ،باإلضافة إلى غياب الرقابة الدورية بصفة
عامة على نوعية الخدمة المقدمة.
• التقيد بالقوانين واللوائح والتعليمات مما يؤدي إلى قتل االبتكار.
• عدم تطابق القوانين بالواقع مما يؤدي إلى غياب النجاعة.
• عدم التحكم في النفقات وارتفاع التكلفة االقتصادية للخدمة.
تعرف المؤسسة بأنها ذلك الشخص المعنوي العمومي الخاضع للقانون العام والذي
يقوم بنشاط متخصص ،ومكلف بتسيير المرفق العمومي ويتمتع بالشخصية المعنوية.
ويصطلح عليه بالشخص المرفقي أو المصلحي.
وعرفها سليمان الطماوي بأنها ":مرفق عام يدار عن طريق منظمة عامة ويتمتع
1
بالشخصية المعنوية".
ويعرفها عمار عوابدي بأنها منظمة إدارية عامة تتمتع بالشخصية القانونية
وباالستقالل المالي واإلداري ،ترتبط بالسلطات اإلدارية المركزية المختصة بعالقة التبعية
والخضوع للرقبة اإلدارية وهي تدار باألسلوب اإلداري الالمركزي لتحقيق أهداف محددة في
2
نظامها القانوني"
ويصطلح عليها بأسلوب الهيئات العامة أيضا ويقصد به ذلك األسلوب الذي تنتهجه
3
الدولة عندما تنشئ مرفق وتمنحه الشخصية المعنوية وتعهد له صالحية إدارة نفسه بنفسه.
61
وبالتالي فان أسلوب المؤسسة لتسيير المرفق العمومي يعتبر أسلوب وسطي بين
التسيير المباشر وتفويض التسيير ،حيث أن أسلوب التسيير عن طريق المؤسسة تعهد فيه
السلطات اإلدارية المركزية والالمركزية ألشخاص عمومية أخرى مهمة تسيير مرفق عمومي.
أما أسلوب التفويض فتعهد فيه السلطات اإلدارية مهمة التسيير للخواص.
ومما سبق يمكن تعريف المؤسسة العمومية بأنها تلك المنظمة أو الهيئة التي تتمتع
بالشخصية المعنوية والتي توكل لها السلطة العامة التخصص في إشباع حاجات المجتمع
في تخصص محدد قانونا وتخضع لرقابتها.
من خالل مختلف التعاريف يتضح أن المؤسسة العمومية تتمتع بمجموعة من
الخصائص(الفرع األول) ،كما يمكن تقسيمها إلى عدة تقسيمات (الفرع الثاني).
يتمتع المرفق العمومي المدار عن طريق أسلوب المؤسسة ،بالشخصية المعنوية والتي
يترتب عليها ما يلي:
القيام بالواجبات وتحمل االلتزامات الملقاة عليها وبعبارة أخرى تحمل مسؤولية •
أعمالها وتصرفاتها.
تحديد ممثل قانوني لها حيث يمثلها أمام القضاء سواء كانت مدعية أم •
مدعى عليها ،كما مثلها إداريا و في مختلف نشاطاتها.
إبرام العقود وإصدار الق اررات اإلدارية. •
االستقاللية اإلدارية والمالية ،أي تعتبر مستقلة في التسيير اإلداري وفي •
الميزانية من أجل تسيير المرفق العمومي وتبعا لذلك فهي تتمتع بالخدمة المالية المستقلة
والميزانية المستقلة عن ميزانية السلطة التي أنشأتها ،كما أنها مستقلة في تحصيل إيراداتها
62
وفي اإلنفاق ،وفي تلقي الهبات وغيرها ،كما أن لها أمالك خاصة .وتظهر استقالليتها أيضا
قرراتها وتنفيذها عن طريق هيئة التنفيذ ،وتجدر اإلشارة أن هذه االستقاللية ليست
في اتخاذ ا
مطلقة وإنما نسبية ألنها تخضع للرقابة الوصائية اإلدارية التي ال تمارس عليها إال بالنص
القانوني ،كما أن هذه االستقاللية مقيدة بالنشاط المتخصص الذي أنشأت ألجله.
حق التقاضي ورفع الدعوى وتحمل المسؤولية عن أفعالها الضارة. •
1
يعتبر موظفو المؤسسة العمومية موظفون عامون. •
األصل أن تقوم السلطة العمومية بتسيير مصالحها بنفسها وإشباع حاجات األفراد
بنفسها لكن يمكنها في إطار الصالحيات المخولة لها قانونا ،بتسيير المرفق و تنفيذه بأسلوب
المؤسسة.
ال تهدف المؤسسة العمومية لتحقيق هدف عام غير محدد وإنما هدف خاص أي ال
تملك أهلية التصرف خارج إطار الخدمة والمرفق الذي أنشأت من أجل إشباعه فال يمكنها
2
استخدام أموال هذا المرفق لتسيير غاية أخرى ولو كانت في إطار المصلحة العامة.
1ضريفي نادية ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،دار بلقيس ،الجزائر ،2010 ،ص 72
مرسوم تنفيذي رقم ،43-02المؤرخ في 14جانفي ،2002المتضمن إنشاء "بريد الجزائر" ،الجريدة الرسمية للجمهورية 3
63
وعليه فمؤسسة بريد الجزائر تعتبر مؤسسة عمومية ويترتب عليها نتائج المؤسسة من
شخصية معنوية أما نتيجة التخصص فنص عليها المشرع في المادة ":5تكلف المؤسسة
بضمان تنفيذ ال سياسة الوطنية لتطوير الخدمات البريدية والخدمات المالية البريدية في كامل
التراب الوطني من خالل التكفل بنشاطات تسيير األداءات وتجديد المنشآت األساسية
المتصلة بذلك وتطويرها".
وعليه فنشاط المؤسسة محصور في مجال تخصصها وال يمكنها أن تقوم بأعمال
تخرج عن ما جاء النص عليه في قانون إنشائها رغم أن مجالها وطني ،فالعبرة بالتخصص
النوعي وليس التخصص الجغرافي.
وتجدر اإلشارة أن المؤسسة تخضع للرقابة الوصائية مهما كانت درجة االستقالل
المالي واإلداري الذي تتمتع به هذه المؤسسة العمومية ،وتتمثل مظاهر الرقابة الوصائية
اإلدارية.
تختلف المؤسسات العمومية باختالف الهدف المتخصص الذي تسعى لتحقيقه ويمكن
تقسيم المؤسسة العمومية إلى ثالث أنواع هي:
64
أنواع
هي تلك المؤسسات التي تمارس نشاط ذو طابع إداري محض وتخضع لقواعد القانون
العام ولمبدأ التخصص ،وهو ما أكدته المادة 43من القانون 01-88المتضمن القانون
التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية 1بنصها ":تخضع الهيئات العمومية اإلدارية
للقواعد المطبقة على اإلدارة ومبدأ التخصص" ،حيث تتمتع هذه الهيئات بنفس النظام المالي
والحسابي المطبق على اإلدارة ما لم توجد قاعدة استثنائية تنص على خالف ذلك وهو ما
أكدته الفقرة الثانية من المادة 43من القانون .01-88
1القانون رقم ،01-88المؤرخ في 12جانفي ،1988المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية ،الجريدة
الرسمية للجمهورية الجزائرية ،عدد ،2ص 30
المادة 800من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ":المحاكم اإلدارية هي جهات الوالية العامة في المنازعات اإلدارية. 2
تختص بالفصل في أول درجة ،بحكم قابل لالستئناف في جميع القضايا ،التي تكون الدولة أو الوالية أو البلدية أو إحدى
المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها.
65
الفرع الثاني :المؤسسات العمومية ذات طابع االقتصادي
تم إنشاء هذه المؤسسات كمؤسسات حديثة مقارنة بالمؤسسة اإلدارية الكالسيكية
القديمة وذلك عندما تطور دور الدولة من حارسة إلى متدخلة .ويمكن تعريفها بأنها تلك
المرافق العمومية التي تسير بأسلوب المؤسسة وتهدف إلى تحقيق المنفعة العامة باإلضافة
إلى تحقيق الربح ،حيث أن موضوعها يكون متعلقا بنشاط تجاري وصناعي يشبه النشاط
الذي يمارسه الخواص وتخضع للقانونين العام والخاص.
هيئة عمومية خاضعة للقانون العام من حيث عالقتها باإلدارة وللقانون •
الخاص من حيث نشاطها وموضوعها 2،عكس المؤسسة العامة اإلدارية التي تخضع للقانون
العام فقط.
تهدف هذه المؤسسات لتحقيق الربح ألن نشاطها تجاري وصناعي عكس •
المؤسسات العمومية اإلدارية التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة أساسا.
ميزانية هذه المؤسسات تطبق عليها قواعد القانون تجاري ون ازعاتها لها طابع •
مختلط ،عكس المؤسسة العمومية اإلدارية التي تكون ميزانيتها تابعة للدولة وتخضع لقواعد
الميزانية والمحاسبة العمومية وللقضاء اإلداري.
األمر رقم ،04-01المؤرخ في 20أوت ،2001المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية وتسييرها وخوصصتها، 1
المادة 45من القانون رقم ":01-88تخضع الهيئة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري للقواعد المطبقة على 2
اإلدارة في عالقتها مع الدولة وتعد تاجرة في عالقتها مع الغير وتخضع لقواعد القانون التجاري"...
66
يمكن التنازل والتصرف في ممتلكات المؤسسات العمومية االقتصادية 1،عكس •
2
المؤسسات العمومية اإلدارية التي ال يجوز التصرف أو التنازل أو الحجز عليها.
هي عبارة عن مؤسسات عمومية لها طابعها الخاص ،نص عليها القانون 01-88
في المادة 49وعرفها بأنها تلك الهيئات العمومية ذات التسيير الخاص والتي تحكمها القواعد
القانونية المطبقة في مجال الضمان االجتماعي ،والذي يحدد عن طريق التنظيم من بين هذه
المؤسسات نذكر على سبيل المثال :الصندوق الوطني للتأمينات االجتماعية ،CNAS
الصندوق الوطني للتقاعد ،CNRالصندوق الوطني للضمان االجتماعي لغير
األجراء .CASNOS
تمتاز هذه المؤسسات العمومية بأنها تسير المخاطر االجتماعية وهي تاجرة في
3
عالقتها مع الغير بحيث تكون مواردها من االشتراكات.
المادة 4من األمر ": 04-01ممتلكات المؤسسات العمومية االقتصادية قابلة للتنازل عنها وقابلة للتصرف فيها طبقا 1
المادة 636من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ":فضال عن األموال التي تنص القوانين الخاصة على عدم جواز 2
-1األموال العامة المملوكة للدولة ،أو للجماعات اإلقليمية ،أو للمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية ،ما لم ينص القانون
على خالف ذلك".
67
ثانيا :مراكز البحث و التنمية
يمكن إنشاء هذه المراكز عن طريق التنظيم في إطار أسلوب المؤسسة حيث يتم
تمويل الجزئي والكلي بمراكز البحث والتنمية من األموال العامة على شكل مساهمات من
الدولة وال يجوز ألحد أن يتدخل في إدارة أو تسير هذه الهيئة خارج األجهزة المكونة قانونا
1
في إطار الصالحيات الخاصة بها.
من أجل فهم المقصود بتفويض المرفق العام سيتم عرض مفهومه وصيغ إبرام
اتفاقيات التفويض ،باإلضافة إلى أشكال تفويض المرفق العام.
عرف المشرع الجزائري في المرسوم التنفيذي رقم 2199-18تفويض المرفق العام في
المادة ": 02يقصد بتفويض المرفق العام في مفهوم هذا المرسوم ،تحويل بعض المهام غير
السيادية التابعة للسلطات العمومية ،لمدة محددة ،إلى المفوض له المذكور في المادة 4أدناه
بهدف الصالح العام"
2المرسوم التنفيذي رقم ،199-18المؤرخ في 2أوت ،2018المتعلق بتفويض المرفق العام ،الجريدة الرسمية للجمهورية
الجزائرية ،العدد ،48ص 04
68
يفهم من هذه المادة أن تفويض المرفق العمومي ال يتعلق باألعمال السيادية وإنما
بالمهام األخرى الموكلة للدولة في إطار تحقيق حاجيات األفراد.
حدد المشرع الجزائري األشخاص التي يمكن لها منح تسير المرفق العمومي في إطار
التفويض في مايلي:
كما حدد المشرع الجزائري األشخاص المفوض لهم تسيير المرفق العام في نص
المادة 04من المرسوم تنفيذي 199-18في الشخص المعنوي العام أو الشخص المعنوي
الخاص ولكن اشترط أن يكون هذا الشخص خاضع للقانون الجزائري وأن تبرم معه السلطة
المفوضة اتفاقية التفويض.
نص المشرع الجزائري على مجموعة من الشروط المتعلقة بتفويض المرفق العام والتي
أدرجها في نص المادة 09من المرسوم التنفيذي رقم 199-18والتي يمكن إيجازها فيما
يلي:
يعين األشخاص العموميون المنشئون أو المسيرون للمرفق العام المفوض ممثال عنهم ضمن التجمع ،بموجب اتفاقية، 1
حيث يحوز العضو المعين صفة السلطة المفوضة ليمثل أعضاء التجمع في تجسيد تفويض المرفق العام ،أنظر المادة 05
من المرسوم التنفيذي رقم 199-18
69
إعداد تقرير يتضمن الخدمات التي تقع على عاتق المفوض له. -3
تحديد شكل التفويض ( إمتياز ،إيجار ،وكالة محفزة ،تسيير ) -4
تحديد المزايا التي يحققها تفويض المرفق العمومي مقارنة مع أنماط التسيير -5
األخرى.
كما اشترط المشرع الجزائري أال يتم التفويض على تفويض المرفق العام باعتباره
القاعدة العامة ،حيث نص على هذا الشرط في المادة 07من المرسوم التنفيذي رقم -18
" :199ال يمكن المفوض له المستفيد من تفويض المرفق العام أن يقوم بتفويضه إلى
شخص آخر".
غير أنه أدرج استثناء على القاعدة العامة التي ال تجيز التفويض على تفويض إذ
جاء في نص الفقرة الثانية والثالثة من المادة 07من المرسوم التنفيذي رقم " :199-18غير
انه إذا فرضت ذلك متطلبات التسيير يمكن المفوض له اللجوء إلى مناولة 1جزء من المرفق
العام المفوض بعد الموافقة الصريحة للسلطة المفوضة.
وال يمكن في جميع الحاالت أن يكون المرفق العام الذي خص به المفوض له
موضوع مناوله بصفة كلية".
يفهم من هذه المادة انه ال يجوز التفويض على تفويض المرفق العام كأصل ،غير أنه
يمكن أن يتم التفويض على تفويض المرفق العام إذا توفرت الشروط القانونية التالية:
يقصد بالمناولة اإلجراء الذي يعهد من خالله المفوض له لشخص آخر طبيعي أو معنوي يدعى المناول تنفيذ جزء من 1
االتفاقية المبرمة بين السلطة المفوضة والمفوض له شريطة أن يتضمن هذا الجزء من االتفاقية إنجاز منشأة أو اقتناء
ممتلكات ضرورية إلقامة المرفق أو لسيره وذلك في حدود 40بالمئة.
70
يجب أن يكون موضوع التفويض مناولة جزئية و مؤقتة. -5
يمنح تفويض المرفق العام بطريقتين هما الطلب على المنافسة التي تعد القاعدة
1
العامة والتراضي الذي يمثل االستثناء
يقصد بالطلب على المنافسة ذلك اإلجراء الذي يهدف إلى الحصول على أفضل
عرض ( أي يقدم أحسن الضمانات المهنية والتقنية والمالية حسب سلم التقييم المحدد في
دفتر الشروط ) 2من خالل وضع عدة متعاملين في المنافسة ،بغرض ضمان المساواة في
معاملتهم وكذلك بهدف الموضوعية في معايير االنتقاء والشفافية في العمليات وعدم التحيز
في الق اررات المتخذة ،حيث يقوم الطلب على اإلعالن وتجدر اإلشارة أن المشرع الجزائري
في تعديله اشترط في طلب المنافسة أن يكون وطنيا.3
يتضمن دفتر الشروط المتعلق بتفويض المرفق العام البنود التفويضية والبنود التعاقدية التي يجب أن توضح كيفيات إبرام 2
إتفاقية تفويض المرفق العام وتنفيذها ،حيث يشمل دفتر الشروط جزأين:
الجزء األول :دفتر ملف الترشح والذي يتضمن البنود اإلدارية العامة المتعلقة بشروط تأهيل المترشحين والوثائق -
التي تتكون منها ملفات الترشح وكيفيات تقديمها ،حيث يتضمن هذا الجزء على الخصوص مؤهالت المترشحين من قدرات
مهنية و تقنية و مالية
الجزء الثاني :يشمل دفتر العروض و الذي يتعلق بكيفية تقديم العرض و اختيار المفوض له من خالل البنود -
اإلدارية التقنية و البنود المالية.
أنظر المادة 13من المرسوم التنفيذي رقم 199-18
71
المرحلة االولى :تتمثل في اختيار المترشحين األولي على أساس ملفات الترشح،
حيث يجب أن تظهر كل الوثائق المكونة في ملف الترشح المحددة في الجزء األول من دفتر
الشروط بعنوان دفتر ملف الترشح في لوح اإلعالن عن العروض.1
المرحلة الثانية :تتمثل في دعوة المترشحين الذين تم انتقاءهم أثناء المرحلة األولى
إلى سحب دفاتر الشروط.
وفي حالة عدم جدوى الطلب على المنافسة 2يمكن لإلدارة أن تعلن عن عدم جدوى
الطلب على المنافسة للمرة األولى وتعيد الطلب بنفس الشروط واإلجراءات للمرة الثانية.
3
يمكن أن يأخذ التراضي شكلين :إما تراضي بسيط أو تراضي بعد االستشارة.
يتضمن ملف الترشح الوثائق التالية :تصريح بالنزاهة ،القانون األساسي للشركة أو الهيئة ،تعريف كتابي فيما يخص 1
المترشحين الخاضعين للقانون الجزائري أو المترشحين الذين سبق لهم العمل في الجزائر وكل وثيقة تسمح بتقييم قدرات
المترشحين والتي يجب أن تذكر في دفتر الشروط.
حاالت عدم جدوى الطلب على المنافسة: 2
72
أوال :التراضي البسيط
يمكن ان تلجأ السلطة المفوضة إلى التراضي البسيط في حاالت المحددة على سبيل
الحصر في المادتين 20و 21وهي:
-حالة الخدمات التي ال يمكن أن تكون محل تفويض إال لمترشح واحد يحتل
وضعية احتكارية.
ويجب على السلطة المفوضة أن تلجأ في جميع الحاالت اتخاذ اإلجراءات الالزمة
لضمان تطبيق مبدأ استم اررية المرفق العام
يقصد به ذلك اإلجراء الذي تقوم به السلطة المفوضة من خالل اختيار ثالث
مترشحين مؤهلين على األقل من اجل التعاقد معها حيث تلجا السلطة المفوضة لهذا
األسلوب في الحاالت التي نصت عليها المادة 19وهي كالتالي:
• حالة عدم الجدوى على طلب المنافسة للمرة الثانية وفي هذه الحالة يتم اختيار المفوض
له من بين المترشحين المؤهلين الذين شاركوا في الطلب على المنافسة.
• عند تفويض بعض المرافق العمومية التي ال تستدعي إجراء طلب على المنافسة والتي
يتم تحديدها بموجب قرار مشترك بين وزير المالية والوزير المكلف بالجماعات اإلقليمية،
وفي هذه الحالة يتم اختيار المفوض له ضمن قائمة تعدها مسبقا السلطة المفوضة بعد
التأكد من قدراتهم المالية والمهنية والتقنية التي تسمح لهم بتسيير المرفق العام المعني.
73
المطلب الثالث :أشكال تفويض المرفق العام
توجد عدة تقسيمات ألشكال تفويض المرفق العام حيث تقسم حسب الزوايا التي ينظر
منها إلى هذا التقسيم:
تقسم أشكال التفويض حسب مستوى الخطر الذي يتحمله المفوض إليه إلى ثالث
مستويات نصت عليها المادة 50من المرسوم التنفيذي 199-18إلى:
المستوى الثاني :يقصد به الحالة التي يت حمل فيها المفوض له جزء من الخطر ،كما
تتحمل اإلدارة جزء من الخطر أيضا.
المستوى الثالث :يقصد بها الحالة التي يتحمل فيها المفوض له كل الخطر.
تقسم أشكال تفويضات المرفق العام حسب درجة الرقابة على التسيير والخدمات ويتم
تحديدها حسب مجموع الخدمات التي يتوالها المفوض له بهدف الحفاظ على مبادئ تسير
المرفق العام المذكورة في المادة 03من المرسوم 199-18المتمثلة في مبادئ المساواة،
االستم اررية ،التكيف باإلضافة إلى ضمان معايير الجودة والنجاعة في أداء الخدمة
العمومية.
يتم تقسيم مستويات الرقابة إلى قسمين حسب المادة 51من المرسوم 199-18
وهي:
المستوى األول :وهي الحالة التي تمارس فيها السلطة المفوضة الرقابة الكلية على
المفوض له.
74
المستوى الثاني :وهي الحالة التي تمارس فيها السلطة المفوضة رقابة جزئية على
المرفق العام وذلك عندما يتولى المفوض له اإلدارة و التسيير.
قسم المشرع الجزائري تفويضات المرفق العام حسب طبيعة العقد إلى أربعة أشكال
حسب المادة 52من المرسوم 199-18وهي عقد االمتياز ،عقد اإليجار ،عقد الوكالة
المحفزة ،عقد التسيير.
عرفت المادة 53عقد االمتياز بأنه الشكل الذي تعهد من خالله السلطة المفوضة
للمفوض له إما:
-انجاز المنشآت.
-اقتناء ممتلكات ضرورية إلقامة المرفق العام و استغالله.
-استغالل المرفق العام.
حيث يستغل المفوض له المرفق العام في إطار عقد االمتياز باسمه وعلى مسؤوليته أي انه
يتحمل المستوى الثالث من الخطر.
أما فيما يتعلق بشكل الرقابة في عقد االمتياز فإن المفوض له يخضع لرقابة جزئية
أي (المستوى الثاني من الرقابة) من طرف السلطة المفوضة ،في حين يمول المفوض له
المرفق العمومي بنفسه فيما يتعلق بإنجاز واقتناء الممتلكات واستغالل المرفق العمومي على
أن يتحصل بالمقابل على أتاوى من مستعملي المرفق العمومي.
أما من حيث مدة عقد االمتياز فتعتبر األطول مقارنة بالعقود األخرى ،حيث حددها
المشرع بمدة يجب أن ال تتجاوز 30سنة مع إمكانية تمديدها بشروط نص عليها في الفقرة
األخيرة من المادة 52وهي:
75
-أال تزيد مدة التمديد عن 4سنوات كحد أقصى.
-التمديد يكون بموجب ملحق وذلك مرة واحدة فقط.
-ال يمكن أن يتم التمديد إال بطلب من السلطة المفوضة.
-يجب أن يكون سبب التمديد انجاز استثمارات مادية غير منصوص عليها في االتفاقية،
وعلى هذا األساس تعد السلطة المفوضة تقرير معلل بأسباب التمديد.
عرفه المشرع الجزائري في المادة 54من المرسوم 199-18بأنه الشكل الذي تعهد
من خالله السلطة المفوضة للمفوض له بتسيير وصيانة المرفق العام مقابل إتاوة سنوية
يدفعها لها ،على أن تقوم السلطة المفوضة بتمويل إقامة المرفق العام.
أما من حيث مدة اتفاقية عقد اإليجار فحددها المشرع الجزائري بخمسة عشر سنة
كحد أقصى مع إمكانية تمديدها إذا توفرت الشروط التالية:
أما بالنسبة لنوع الرقابة ففي عقد اإليجار تكون الرقابة جزئية أي المستوى الثاني
من الرقابة وبالتالي فعقد اإليجار يشبه عقد االمتياز في مستوى الخطر ومستوى الرقابة بينما
يختلف عنه في التمويل والمدة.
76
ثالثا :عقد الوكالة المحفزة
عرفها المشرع في المادة 55من المرسوم التنفيذي 199-18بأنها الشكل الذي تعهد
فيه السلطة المفوضة للمفوض له تسيير المرفق العام أو تسييره وصيانتها معا ،حيث يستغل
المفوض له المرفق العام ويدفع أجر مباشرة من السلطة المفوضة في شكل منحة تحدد بنسبة
مئوية من رقم األعمال وتضاف إليها منحة اإلنتاجية وعند االقتضاء حصة من األرباح ،كما
تحدد السلطة المفوضة باالشتراك مع المفوض له قيمة التعريفات التي يدفعها مستخدمو
المرفق ،والتي يحصلها لصالح السلطة المفوضة المعنية.
من حيث الخطر يستغل المفوض له المرفق العام لحساب السلطة المفوضة الذي قد
تتعرضه مخاطر تجارية تتعلق بإيرادات االستغالل أو مخاطر صناعية تتعلق باالستغالل
والنفقات المرتبطة بتسيير المرفق العام ففي هذه الحالة تتحمل السلطة المفوضة وحدها
مستوى الخطر أي المستوى األول.
أما من حيث مدة اتفاقية عقد الوكالة المحفزة فحددها المشرع الجزائري بعشر سنوات
كحد أقصى مع إمكانية تمديدها إذا توفرت الشروط التالية:
فيما يتعلق بالرقابة فان السلطة المفوضة تمارس الرقابة الكلية أي المستوى الثاني.
77
رابعا :عقد التسيير
نص عليه المشرع الجزائري في المادة 56من المرسوم 199-18بأنه الشكل الذي
تعهد فيه السلطة المفوضة من خالله للمفوض له تسيير المرفق العام أو تسييره وصيانته
معا.
يالحظ من تعريف عقد التسيير تطابقه مع عقد الوكالة المحفزة من حيث الموضوع،
لكنه يختلف عنه في مستوى الخطر ونوع الرقابة والمدة وكذلك التمويل.
من حيث الخطر ال يتحمل المفوض أي خطر في عقد التسيير أي المستوى األول.
وفيما يتعلق بالتمويل تمول السلطة المفوضة المرفق العام بنفسها مع االحتفاظ
بإدارته.
تدفع السلطة المفوضة للمفوض له أجر مباشر في شكل منحة تحدد بنسبة مئوية من
رقم األعمال تضاف إليها منحة اإلنتاجية ،كما يتم تحديد التعريفات التي يدفعها المستنفعون
من المرفق العام مسبقا في دفتر الشروط من طرف السلطة المفوضة التي تحتفظ باألرباح،
وفي حالة العجز تعوض السلطة المفوضة المسير بأجر جزافي ،ويحصل المفوض له
التعريفات لحساب السلطة المفوضة المعنية.
أما من حيث مدة اتفاقية عقد التسيير فحددها المشرع الجزائري بخمسة سنوات.
مالحظة
78
الفصل السادس :الرقابة على المرافق العمومية
يقصد بالرقابة إخضاع جميع تصرفات المرفق العمومي لمبدأ المشروعية والسير
الحسن للمرفق العام بغرض تحقيق المصلحة العامة وعدم التعسف في استخدام امتيازات
السلطة العمومية ،سواء كان يسير باألسلوب المباشر أو أسلوب المؤسسة أو أسلوب
التفويض ،وعليه فإن الرقابة تقوم على مبدأ المشروعية والذي يقصد به خضوع المرفق
العمومي عند مباشرته لمختلف النشاطات المكلف بها بحكم القانون للتقيد بحدود االمتيازات
الممنوحة له ،وهو ما يطلق عليه سيادة القانون أي خضوع األفراد والهيئات العمومية للقانون
بهدف حماية حقوق األفراد و حرياتهم.
توجد عدة أنواع للرقابة على المرافق العمومية والتي تختلف باختالف الزوايا التي
ينظر إليها للتقسيم ،فيمكن أن تقسم أنواع الرقابة على المرفق العام حسب المدى الزمني
للتنفيذ إلى :رقابة سابقة ورقابة آنية ورقابة الحقة ،كما يمكن تقسيمها حسب الهدف إلى:
رقابة سلبية ورقابة ايجابية ،أما حسب نوع التخصص فإلى :رقابة مالية و رقابة إدارية،
وحسب المراقب إلى :رقابة رئاسية ورقابة وصائية ،وبحسب مصادرها فتقسم إلى :رقابة
قضائية و رقابة سياسية ورقابة مالية.
سيتم عرض الرقابة اإلدارية بنوعيها الرئاسية والوصائية ،ثم الرقابة المالية والرقابة
القضائية.
تتمثل الرقابة اإلدارية أو كما يطلق عليها برقابة التسيير على المرافق العمومية في
نوعين من الرقابة هي الرقابة الوصائية والرقابة الرئاسية.
تهدف الرقابة الرئاسية إلى حماية حقوق األفراد وحرياتهم وتحقيق أحسن خدمة
للمواطن بأقل تكلفة وفي أقصر وقت من جهة ومن جهة أخرى التقليل من سلبيات اإلدارة
79
وقد تكون هذه الرقابة مباشرة من خالل عالقة الرئيس بالمرؤوس المباشر أو قد تكون غير
مباشرة وتسمى رقابة متعدية من خالل التقارير اإلدارية الدورية.1
يمكن تعريف الرقابة الرئاسية بأنها تلك الرقابة التسلسلية التي تقوم على حصر
الوظيفة اإلدارية في يد الرئيس اإلداري األعلى ،الذي يملك سلطة توجيه المرفق العمومي
ورسم سياسته واإلشراف على تنفيذه ،والذي يمكنه من إصدار األوامر وإلغاء وتعديل أعمال
المرؤوسين .تمتاز هذه الرقابة اإلدارية بثالث خصائص رئيسة وهي:
تنقسم وسائل الرقابة الرئاسية تسلسليا إلى رقابة على األشخاص المرؤوسين ورقابة
على األعمال.
التقارير اإلدارية الدورية :ويقصد بها كل عرض كتابي للبيانات من خالل تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف وكذلك 1
التحديات والفرص الموجودة في المرفق والظروف القائمة فيها ثم استخالص النتائج ،ويمكن تقسيم التقارير اإلدارية إلى
تقارير الفحص ،تقارير سير األعمال اإلدارية ،تقارير قياس كفاءة الموظفين ،التقارير الخاصة ،المذكرات ،تقارير التوصية.
80
أوال :الرقابة على األشخاص
ويقصد بها رقابة الرئيس على المركز القانوني للمرؤوس من خالل سلطة التعيين،
العزل ،الترقية ،النقل ،التأديب وغيرها ،كما تشمل أيضا سلطة اإلشراف والمالحظة 1والتي
تكون متعلقة بالمركز القانوني.
الرقابة السابقة :وتسمى رقابة التوجيه واإلشراف أو رقابة األوامر والتعليمات -1
والتي تهدف إلى تنظيم العمل ووضع الخطط واالست ارتيجيات قبل القيام المرؤوس بعمله،
فهي توجهه حول كيفية قيامه بأعماله من خالل التعليمات المناشير وغيرها.
يجب التمييز بين نوعين من األوامر والتوجيهات الصادرة من طرف الرئيس في
مواجهة المرؤوس ،فقد تكون توجيهات وأوامر الرئيس مشروعة وهنا ال يثار أي إشكال
قانوني ألنه يكون موافقا لواجب طاعة ،وقد تكون غير مشروعة وهو ما يؤدي إلى تصادم
بين مبدأين أساسيين هما واجب الطاعة ومبدأ المشروعية فأيهما يتم تطبيقه.
2
في هذه الحالة ظهرت العديد من النظريات واآلراء لكبار الفقهاء أهمها:
الرأي األول :أرى الفقيه " "L.Duguitبأنه ال يجب على المرؤوس تنفيذ األوامر الغير
المشروعة وبالتالي فانه يغلب مبدأ المشروعية ويستثنى من ذلك فقط حالة الجنود في
الحرب.
يقصد بسلطة اإلشراف والمالحظة ذلك األسلوب الذي يعتمد على اإلشراف والمالحظة مختلف المستويات من خالل 1
اختيار المشرفين أو تدريبهم على تنمية قدراتهم ومهاراتهم من خالل مالحظتهم أثناء العمل و تقسيمهم ثم التخطيط لجودتهم
وزيادة خبراتهم.
81
الرأي الثاني :رأي "موريس هوريو" يغلب هذا الفقيه مبدأ واجب الطاعة على االلتزام
بمبدأ المشروعية ،ألن عدم تطبيق أوامر الرئيس يؤدي إلى انتشار الفوضى في المرافق
العمومية وعدم تطبيقها لمبدأ المشروعية .
الراي الثالث :فهو موقف الفقيه األلماني "ال بند" الذي أعطى حال توفيقيا يقضي
بفرض التزامات على المرؤوس في مواجهة الرئيس وهي:
وفي ماعدا هذه االلتزامات فإن الموظف ال يحق له االعتراض على رئيسه ومناقشة
وفحص مشروعية أوامره.
أما عن موقف القضاء اإلداري الفرنسي فقد أكد على إلزام الموظف بمبدأ الطاعة ،ما
عدا األوامر التي تتضمن مخالفات واضحة لمبدأ المشروعية ،فيتعين على المرؤوس أن ينبه
رئيسه بالخطأ في محتوى ق ارره ففي هذه الحالة تقوم مسؤولية المرفق تترتب عنه مسؤولية
إدارية .أما إذا طبق المرؤوس أوامر رئيسه المخالفة للقانون دون اتخاذ اإلجراءات القانونية
الالزمة فيتحمل المسؤولية المدنية.
الرقابة الالحقة :وهي تلك الرقابة التي تلحق العمل اإلداري ،حيث يتمتع -2
الرئيس بصالحيات واسعة فيما يتعلق بأعمال المرؤوسين و المتمثلة في:
82
−اإلشراف :ويقصد به متابعة أعمال المرؤوسين وتوجيه العمل وإدارة كل خطواته من
الناحية الشكلية والموضوعية التي قد تكون إما من خالل إعداد تقارير عن كفاءة
المرؤوسين أو عن أعمالهم.
−التصديق :قد يكون إما صريحا أو ضمنيا.
−اإللغاء :يقصد به إنهاء األثر القانوني للعمل الصادر عن المرؤوس ويكون بأثر
فوري ويشمل األعمال المشروعة واألعمال غير المشروعة أيضا ،كما أنه غير
محدد بمدة .
−السحب :يقصد به إنهاء األثر القانوني للعمل المرؤوس بأثر رجعي ويكون فقط في
األعمال غير المشروعة ويكون محدد بمدة زمنية عادة شهرين حيث يكتسب القرار
اإلداري الصادر عن المرؤوس الحصانة من السحب إذا انتهت المدة المحددة،
والتي عادة تكون شهرين وهذا حفاظا على مبدأ الحقوق المكتسبة.
−الحلول :يقصد به أن يحل الرئيس محل المرؤوس نتيجة تقاعسه عن القيام بعمله
وقد ظهر اختالف في الحلول حيث يرى الرأي األول :إن الرئيس اإلداري هو
صاحب االختصاص األصيل ويستطيع أن يقوم مباشرة بأعمال مرؤوسيه .بما أنه
يملك حق تعديلها وإلغائها و المصادقة عليها.
أما الرأي الثاني :فيرى عدم جواز الحلول ألنه يتعارض مع التدرج الهرمي و قواعد
االختصاص التي تعتبر من النظام العام و ال يجوز االتفاق على مخالفتها.
أما الرأي الثالث :وهو االتجاه التوافقي واالتجاه الوسطي حيث يرى إمكانية قيام الرئيس
بالحلول ولكن بضوابط معينة وفي شروط مقيدة تتمثل في رفض المرؤوس صراحة أو
ضمنيا القيام بعمل إداري يدرج في اختصاصاته ،على أن يكون العمل الموكل له
مشروعا و محددا للمدة .فإذا توفرت هذه الشروط يحق للرئيس أن يحل محل المرؤوس
للقيام بعمله لضمان استم اررية المرفق العمومي.
83
المطلب الثاني :الرقابة الوصائية
تعرف الرقابة الوصائية 1بأنها الرقابة التي تمارسها الهيئات المركزية على الهيئات
الالمركزية والمحددة بموجب القوانين لمراقبة التصرفات اإلدارية للسلطات العمومية المحلية
عادة .فال رقابة وصائية دون نص قانوني.
وسائل الرقابة الوصائية :تمارس الرقابة اإلدارية من خالل الرقابة على األشخاص
وعلى األعمال و على الهيئة ككل.
تتمثل الرقابة على األشخاص في كون السلطة المركزية تملك حق اختيار األشخاص
الممثلين للمرافق العمومية في الوحدات المحلية والمرفقية كالمرافق التي تدار بأسلوب
المؤسسة السيما اإلدارية منها.
تملك السلطة المركزية حق الرقابة على أعمال المسيرين للمرافق العمومية والتي قد
تكون في حاالت الرقابة الكلية وفي حاالت أخرى كالرقابة الجزئية حتى ولو كانت هذه
المرافق تتمتع باالستقاللية ،إال أن استقالليتها نسبية وفي هذا نميز بين المرافق العمومية
التي تتمتع بالشخصية المعنوية والمرافق العمومية التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية.
من المرافق ما ينشأ بموجب القانون ومنها ما ينشأ من طرف هيئات اإلدارة المركزية
أو المحلية وعليه فرقابة الهيئات المنشئة تتمثل فيما يلي:
ال يجوز من الناحية القانونية إطالق كلمة الرقابة الوصائية ألن الوصاية تكون على شخص ناقص األهلية ،لكن الرقابة 1
الوصائية (إدارية) فيقصد بها رقابة الهيئات المركزية على الهيئات المحلية المستقلة و التي غالبا تتمتع بالشخصية المعنوية
فاألصح إذن أن نقول الرقابة اإلدارية و ليس الرقابة الوصائية .لكنه مصطلح شائع تم االعتياد عليه.
84
اإليقاف :يمكن للسلطة المركزية الوصية طبقا للشروط واإلجراءات المحددة أ-
بالنصوص القانونية أن تقوم بتوقيف نشاط مرفق معين إذا كان غير متماشيا مع مبدأ
المالئمة.
الحل :يمكن أن تلجا السلطة اإلدارية المركزية إذا خول لها القانون ذلك ب-
بالنص القانوني أن تقوم بعملية حل المرفق العمومي.
يقصد بالرقابة المالية تلك الرقابة التي ترد على أعمال المرفق العمومي من الجانب
المالي ،من خالل صرف أو تحصيل األموال حيث تهدف هذه الرقابة للتأكد من أن العمليات
المالية تمت وفقا ألحكام القانون من أنظمة ولوائح وتعليمات ،من خالل الرقابة على الدفاتر
والسجالت والمستندات القانونية وأسلوب عمل النظام المحاسبي ومن بين أهم األجهزة التي
تمارس الرقابة المالية ديوان المحاسبة الذي اصطلح عليه حاليا مجلس المحاسبة ،الهيئة
الوطنية لمكافحة الفساد وو ازرة المالية.
أنشأ مجلس المحاسبة بموجب المادة 190من دستور 1976ونصت عليه المادة
160من دستور 1989والمادة 170من دستور 1996أما دستور 2016فقد نص عليه
في المادة .192
تضمنت المادة 192في فقرتها األولى ":يتمتع مجلس المحاسبة باالستقاللية ويكلف
بالرقابة البعدية ألموال الدولة والجماعات اإلقليمية والمرافق العمومية ،وكذلك رؤوس األموال
التجارية التابعة للدولة".
يتضح من نص المادة أن المهمة األساسية لمجلس المحاسبة تتمثل في مجال الرقابة
على األموال العمومية وقد خص المشرع الجزائري المرافق العمومية بذلك صراحة ،لذا تم
التطرق لهذا المجلس لمعرفة طبيعة الرقابة التي يمارسها على المرافق العمومية ومن ثم
معرفة اإلجراءات القانونية التي يتبعها في ذلك.
85
الفرع األول :طبيعة مجلس المحاسبة
تم تنصيب مجلس المحاسبة فعليا سنة 1980بموجب القانون 05-80المؤرخ في
01مارس ،11980والذي منح صالحيات إدارية وقضائية 2للمجلس في إطار ممارسة
الرقابة الشاملة على الجماعات والمؤسسات والهيئات مهما كانت وضعيتها القانونية التي
تسير بها أو تستفيد فيها من األموال العمومية ،والتي تندرج من ضمنها المرافق العمومية.
القانون رقم ،05-80المؤرخ في 1مارس ،1980المتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة ،الجريدة 1
2تتضح الصالحية القضائية خاصة من خالل نص المادة 39من القانون رقم ": 03-80يصدر مجلس المحاسبة ،عند
ممارسته لالختص اصات القضائية ق اررات مسببة ،"...أما الصالحية اإلدارية فقد نصت عليها العديد من المواد أهمها المادة
37من نفس القانون ":في إطار عمله لتتبع نشاط المراقبة المنوطة بالمؤسسات والمصالح المالية للدولة يتمتع المجلس بكل
حقوق االطالع على الوثائق وصالحيات التحري التي يقرها القانون لهذه المؤسسات تجاه االعتباريين التابعيين للقانون العام
واألشخاص الطبيعيين أو االعتباريين التابعين للقانون الخاص"
3القانون رقم ،32-90المؤرخ في 4ديسمبر ،1990المتعلق بمجلس المحاسبة وسيره ،الجريدة الرسمية للجمهورية
الجزائرية ،العدد ،53ص ،1690المادة 71من ":إن أعضاء مجلس المحاسبة ،الذين يتمتعون بصفة قضاة في النظام
القضائي في تاريخ إصدار هذا القانون يمكنهم أن يختاروا خالل الثالثة أشهر الموالية ،بين إعادة إدماجهم بحكم القانون،
في سلكهم األصلي أو ممارسة صفة عضو مجلس المحاسبة".
المادة 3من القانون رقم ": 32-90تنحصر المهمة العامة لمجلس المحاسبة في القيام بالرقابة الالحقة لمالية الدولة 4
والجماعات اإلقليمية والمرافق العمومية وكل هيئة تخضع لقواعد القانون اإلداري والمحاسبة العمومية".
86
ليتم وضع األمر 20-95المؤرخ في 1995-06-17ساري المفعول حاليا
والمعدل والمتمم باألمر رقم 02-10المؤرخ في 26اوت 12010الذي أعاد الصالحيات
اإلدارية والقضائية للمجلس وهو ما أكدته المادة 3منه ":مجلس المحاسبة مؤسسة تتمتع
باختصاص إداري وقضائي في ممارسة المهمة الموكلة إليه".
كما أكد مجلس المحاسبة على االختصاص الشامل للرقابة على كل األموال العمومية
التابعة لمصالح الدولة والجماعات المحلية والمرافق العمومية باختالف أنواعها التي تسري
2
عليها قواعد المحاسبة العمومية وهذا وفقا للمادة 7والمادة 8من قانون مجلس المحاسبة.
تهدف الرقابة التي يمارسها المجلس إلى تشجيع االستعمال الفعال والصارم للموارد
والوسائل المادية واألموال العمومية ،باإلضافة إلى الترقية اإلجبارية من خالل تقديم
الحسابات وتطوير شفافية تسيير المالية العمومية.
األمر رقم ،02-10المؤرخ في 26أوت ،2010المعدل والمتمم لألمر رقم ،20-95المؤرخ في 17جويلية 1995 1
المادة 7من األمر رقم 20-95المعدل والمتمم ":تخضع لرقابة مجلس المحاسبة ضمن الشروط المنصوص عليها في 2
هذا األمر ،مصالح الدولة والجماعات اإلقليمية ،والمؤسسات والمرافق والهيئات العمومية باختالف أنواعها ،التي تسري
عليها قواعد المحاسبة العمومية".
المادة 8من األمر رقم 20-95المعدل والمتمم على ":تخضع أيضا لرقابة مجلس المحاسبة ،وفق الشروط المنصوص
عليها في هذا األمر ،المرافق العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والمؤسسات والهيئات العمومية التي تمارس نشاطا
صناعيا أو تجاريا أو ماليا ،والتي تكون أموالها أو مواردها أو رؤوس أموالها ،كلها ذات طبيعة عمومية".
87
المحاسبة 1.يتكون المجلس من ثماني غرف ذات اختصاص وطني وتسع غرف ذات
2
اختصاص إقليمي وغرفه االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية.
يكلف مجلس المحاسبة على المستوى القضائي بالتأكد من مدى احترام األحكام
التشريعية والتنظيمية السارية المفعول في ما يخص تقديم الحسابات وتصفية حسابات
المحاسبين العموميين ومراقبة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية 3.وتترتب عن
معاينات المجلس الجزاءات القضائية في الحاالت المنصوص عليها في األمر 20-95
المعدل والمتمم .حيث يختص المجلس برقابة التسيير المالي لمصالح الدولة والجماعات
اإلقليمية والمرافق العمومية وكذلك المرافق العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري التي
تكون أموالها أو مواردها بنسبة كلية ذات طبيعة عمومية وكذلك يختص بتسيير األسهم
العمومية في المؤسس ات والهيئات التي تملك فيها الدولة أو الجماعات المحلية جزءا من رأس
المواد 12 ،10،11من المرسوم الرئاسي رقم ،377-95المؤرخ في 20نوفمبر ،1995المحـدد للنظام الداخلي 2
المادة 57من األمر رقم 20-95المعدل والمتمم ":ترسل إلى مجلس المحاسبة النصوص ذات الطابع التنظيمي الصادرة 3
عن إدارات الدولة والمتعلقة بالتنظيم المالي والمحاسبي وباإلجراءات المطبقة على تسيير الوسائل واألموال العمومية.
أنظر أيضا المواد المادة 87و 88من األمر 20-95المعدل والمتمم.
88
مالها 1،باإلضافة إلى األشخاص المعنويين سواء من القانون العام أو الخاص والذين
استفادوا من إعانات مالية أو مواد مجمعة من تبرعات والمخصصة لهدف خاص.
يكلف مجلس المحاسبة على المستوى اإلداري بمراقبة حسن استعمال الموارد واألموال
والقيم والوسائل المادية من قبل الهيئات التي تدخل ضمن اختصاصه السيما المرافق
العمومية،وكذا التأكد من مطابقة عملياتها المالية والمحاسبية للقوانين واألنظمة السارية
المفعول ،كما يقوم بتقييم نوعية تسييرها من حيث الفعالية والكفاءة واالقتصاد.
يتأكد المجلس أثناء القيام بتحرياته من وجود ومالئمة وفعالية وفعلية آليات وإجراءات
الرقابة والتدقيق الداخليين ،كما يوصي في نهاية تحرياته وتحقيقاته بكل اإلجراءات التي يراها
2
مالئمة لتدعيم آليات الوقاية والحماية والتسيير األمثل للمال العام والممتلكات العمومية.
كما يسعى المجلس إلى تعزيز الوقاية من مختلف أشكال الغش والممارسات غير
القانونية أوغير الشرعية التي تشكل خرقا لألخالقيات والنزاهة أو تلحق ضر ار باألمالك
واألموال العمومية.
تكون إجراءات رقابة مجلس المحاسبة كتابية وحضورية ،كما تبلغ مالحظات المجلس
إلى السلطة السلمية للمرفق أو المؤسسة أو الهيئة الخاضعة للرقابة بواسطة طرق مختلفة،
1المادة 56من األمر رقم 20-95المعدل والمتمم ":لقضاة مجلس المحاسبة ،في إطار المهمة المسندة إليهم ،حق الدخول
إلى كل المحالت التي تشملها أمالك جماعة عمومية أو هيئة خاضعة لرقابة مجلس المحاسبة عندما تتطلب التحريات
ذلك".
89
إما عن طريق رسالة إلى مسؤول المصلحة أو عن طريق التقرير المفصل أو اإلجراء
المستعجل أو المذكرة المبدئية وغيرها.
ينظر مجلس المحاسبة بعديا في مدى صحة اإلرادات والنفقات وفي حسن تسيير
األموال العمومية ،والتي تكون على الوثائق مع اتخاذ كل اإلجراءات الضرورية لضمان سرية
تحرياته وتحقيقاته سواء بصفة مباشرة أو بصفة فجائية ،وتسلم له عند طلبه إجبا ار كل وثيقة
أو معلومة يراها ضرورية لرقابته على العمليات المالية أو لتقييم تسيير الوسائل واألموال
1
العمومية.
ترسل تقارير مجلس المحاسبة إلى رئيس الجمهورية في كل سنة كما ترسل منها
نسخة إلى الهيئة التشريعية ،حيث يتضمن هذا التقرير السنوي كل المالحظات والتقييمات
2
الناجمة عن تحريات المجلس.
90
• وضع برامج تسمح بالتوعية و تحسيس المواطنين.
• جمع واستغالل كل معلومة من شانها المساعدة على الكشف والوقاية من الفساد.
• التقييم الدوري لآلليات القانونية واإلجراءات اإلدارية.
• تلقي التصريحات بالممتلكات الخاصة بالمنتخبين المحلين وكذا األعوان العموميين الذين
يشغلون مناصب حساسة في الدولة.
• االستعانة بالنيابة العامة بهدف جمع األدلة ومباشرة التحريات حول الفساد.
• التنسيق ومتابعة النشاطات واألعمال الميدانية .
• السهر على تعزيز التنسيق بين القطاعات.
• الحث على كل النشاطات الخاصة بالبحوث و تقسيم األعمال المنجزة.
• إعداد تقرير سنوي يرفع إلى رئيس الجمهورية .
• تلقي التصريحات المتعلقة بالتوظيف بالتزامن مع المستخدمين السابقين طبقا للشروط
المحددة في أمر .01-07
يقصد بها تلك الرقابة التي يمارسها القضاء على المرافق العمومية ،بحيث تبدأ
بالدعوى اإلدارية من طرف صاحب المصلحة والتي تهدف إلى تقويم عمل المرافق العمومية
وإجبارها على احترام القانون ،باإلضافة إلى حماية حقوق األفراد وحرياتهم.
تجدر اإلشارة أن الرقابة القضائية أكثر فعالية من الرقابة اإلدارية ،ألن اإلدارة قد ال
تكون محايدة في الرقابة اإلدارية عكس الرقابة القضائية ،إذ يمكن أن تنحاز اإلدارة في
الرقابة اإلدارية إلى ق ارراتها الضارة بالغير الصادرة عن مرفق عمومي .كما قد تبقى اإلدارة
عامة متمسكة بق ارراتها وفي كل مرة تقدم حججا أكثر فعالية للتمسك بنفس القرار ،وهذا ما
يؤدي إلى عزوف المواطنين عن تقديم تظلماتهم .في حين أن الدعاوى التي يرفعها
المواطنين أما القضاء تعزز بشكل كبير الرقابة على المرافق العمومية.
بالرجوع إلى نص المادة 800التي تنص على" :المحاكم اإلدارية هي جهات الوالية
العامة في المنازعات اإلدارية.
91
تختص بالفصل في أول درجة بحكم قابل لالستئناف في جميع القضايا التي تكون
الدولة أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها".
استنادا لهذه المادة وبالنظر إلى أن المرافق العامة قد تسير باالستغالل المباشر
وبالتالي تستغل مباشرة من طرف الدولة ،الوالية ،البلدية وفي هذه الحالة تخضع للقانون
اإلداري ،وعليه يرجع االختصاص فيها للقضاء اإلداري .أما في حالة التسيير بأسلوب
المؤسسة فهنا يجب التمييز بين نوعين من المؤسسات :
المؤسسات ذات الطابع اإلداري :وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 800
وبالتالي تخضع للقانون اإلداري ويختص بها القضاء اإلداري.
المؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري :بمفهوم المخالفة لنص المادة 800يفهم
أن غير المؤسسات العمومية اإلدارية ال يختص بها القضاء اإلداري أي أن المؤسسات
العمومية االقتصادية ال يختص بها القضاء اإلداري.
وعليه وبالرجوع إلى القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية رقم 01-88
توضح المواد اآلتي ذكرها الجهة القضائية المختصة.
المادة " :45تخضع الهيئة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري للقواعد المطبقة
على اإلدارة في عالقتها مع الدولة وتعد تاجرة في عالقتها مع الغير وتخضع لقواعد القانون
التجاري ،ويكون لها في حياتها ذمة متميزة وموازنة خاصة طبقا لألحكام القانونية والتنظيمية
المطبقة في هذا الشأن".
وأضافت المادة ":55عندما تكون المؤسسة العمومية االقتصادية مؤهلة قانونا لتسيير
مباني عامة أو جزء من األمالك العامة االصطناعية وذلك في إطار المهمة المتوسطة بها،
يضمن تسيير األمالك العامة طبقا للتشريع الذي يحكم األمالك العامة.
وفي هذا اإلطار ،يتم التسيير طبقا لعقد إداري لالمتياز ودفتر الشروط العامة من
طبيعة إدارية".
92
وأكدت المادة 56من نفس القانون ":عندما تكون المؤسسة العمومية االقتصادية
مؤهلة قانونا لممارسة صالحيات السلطة العامة وتسلم بموجب ذلك وباسم الدولة ولحسابها
ترخيصات وإجازات وعقود إدارية أخرى ،فإن كيفيات وشروط ممارسة هذه الصالحيات وكذا
تلك المتعلقة بالمراقبة الخاصة بها تكون مسبقا موضوع نظام مصلحة يعد طبقا للتشريع
والتنظيم المعمول بهما.
ومما سبق يتضح أن المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري تخضع
لقواعد القانون التجاري وتعد تاجرة في عالقتها مع الغير وبالتالي فالقضاء المختص هو
القضاء العادي غير انه يستثني من هذه القاعدة عالقة المؤسسة العمومية االقتصادية مع
الدولة حيث تخضع في هذه الحالة إلى رقابة القضاء اإلداري خاصة إذا تعلق األمر بقواعد
حماية المال العام باعتباره ملك الدولة.
93
الفصل السابع :عصرنة المرفق العمومي
أدت التطورات العلمية والتكنولوجية وتطور وسائل االتصال واإلعالم إلى ازدياد
متطلبات األفراد في كم وتوعية الخدمات المقدمة مقارنة بالخدمات التقليدية ،وهو ما دفع
مختلف اإلدارات إلى السعي نحو عصرنة المرافق العمومية من أجل مواكبة حاجيات
ومتطلبات األفراد .وقد تم السعي لعصرنة المرافق العمومية من خالل استخدام العديد من
الوسائل واألساليب لذلك.
يعانى المرفق العمومي التقليدي من التضخم واإلفالس وزيادة نفقاته ورداءة الخدمات
المقدمة ،فقد أصبح من الصعب االستمرار بنفس وسائل اإلدارة القديمة ،والبد من إتباع
وسائل حديثة من أجل عصرنة المرفق العمومي ويظهر ذلك من خالل استخدام التكنولوجيا
الحديثة ،إدارة أداء الموظفين ،بطاقة األداء التوازن وغيرها.
تعتبر وسيلة استخدام التكنولوجيا الحديثة كاإلدارة اإللكترونية األكثر تطيبقا من طرف
الدول المتقدمة والنامية لما تملكه من عناصر قوة تغيير ،لرفع الكفاءات وتقديم أحسن خدمة
دون أخطاء في أقصر وقت وأقل تكلفة ،جهد ومال.
اختارت الدولة الجزائرية الولوج إلى عصرنة الوسائل من خالل مشروع الجزائر
االلكترونية 2013-2008ثم من 2013إلى .2020ولمعرفة مدى عصرنة المرفق
العمومي الجزائري وفق المرفق العام االلكتروني سيتم عرض مفهوم المرفق العام االلكتروني،
ثم عرض واقع عصرنة المرفق العام االلكتروني في الجزائر.
يقصد بالمرفق العمومي االلكتروني كل مشروع تديره الدولة بنفسها أو تحت إشرافها
مستخدمة وسائل تكنولوجيا اإلعالم واالتصال من أجل تقريب اإلدارة من المواطن ومن أجل
تعزيز مبادئ المساواة ،الشفافية والتكيف بهدف تحقيق حاجيات المواطنين.
94
وعليه سيتم عرض مبادئ المرفق العام االلكتروني ثم متطلبات المرفق العام
االلكتروني.
يعزز المرفق العام االلكتروني مبادئ المرفق التقليدي السيما مبدأ المساواة ،الشفافية،
التكيف واالستم اررية ،التشاركية.
يظهر مبدأ المساواة بين المواطنين في انتفاعهم بالخدمة وفي اتصالهم بالمرفق الذي
يستخدم وسائل تكنولوجيا اإلعالم واالتصال ،حيث ال يكون فيها تفضيل مواطن على آخر
وال محسوبية فالكل متساوي في حصوله على الخدمة التي يقدم طلبه فيها عادة إلكترونيا
ويحصل عليها آنيا أو بعديا وفق مدة محددة قانونا ومبرمجة تكنولوجيا.
يتحقق مبدأ التكيف من خالل تكيف المرفق العمومي بالظروف المستجدة ،ويعتبر
ظرف جائحة كورونا مثال جيد إذ تأقلمت جل المرافق االلكترونية في الدول المتطورة خاصة
ولم توقف نشاطها السيما اليابان والصين .حيت استمر نشاط المرافق العمومية للموظفين في
95
منازلهم من خالل تقديمهم لخدمات للمواطنين واالستجابة لمتطلباتهم والرد على استفساراتهم.
السيما مرفق القضاء في الجزائر الذي استجاب في األخير بعد العديد من التأجيالت إلى
تطبيق المرافعات عن بعد باستخدام التكنولوجيا الحديثة من انترنت وبرمجيات ومختلف
الوسائل.
يحقق المرفق العام االلكتروني مبدأ االستم اررية ألنه ال يشترط ال الزمان وال المكان،
بل يستلزم وسائل تكنولوجية تتمثل في جهاز مربوط باالنترنت كالحاسوب أو حتى الهاتف
المحمول أو أي جهاز المتصل باالنترنت من أجل االنتفاع بالخدمة ومن أجل تقديم الخدمة
كذلك ،إذا ال يشترط المرفق العام االلكتروني وجود الموظف و ارء المكتب فيمكن أن يكون
الموظف في منزله ،ويزاول نشاطه المبني على قاعدة بيانات مخزنة ومتصلة إما باالنترنت
أو االنترانت.
يعتبر من أهم المبادئ التي يقوم عليها المرفق العام االلكتروني وذلك ألن المواطن
يشارك بآرائه وشكاواه التي يسجلها إلكترونيا في كل زمان وأي مكان .إذ يهدف المرفق
العمومي االلكتروني إلى تقديم الخدمات للمواطن الزبون 24/24ساعة في اليوم وطيلة أيام
األسبوع ،مع تطبيق التغذية الراجعة السليمة التي يتحصل عليها مباشرة من خالل تطبيقه
للرقابة اآلنية ومن خالل تحصله على آراء وشكاوى المستفيدين من الخدمة آنيا وباستمرار،
كما يظهر هذا المبدأ أيضا من خالل إلغاء عامل العالقة الجسدية بين المواطن والمرفق
العمومي.
يتطلب وجود مرفق عام إلكتروني مجموعة من العناصر والشروط تم إيجازها فيما
يلي:
96
أوال :بنية تحتية إلكترونية
يتطلب المرفق العام االلكتروني شبكة حديثة لالتصاالت وقاعدة بيانات رقمية ،وبنية
تحتية لالتصاالت السلكية والالسلكية من انترنت وانترانت واكسترانت عالية التدفق ومتاحة
24سا 24/ساعة من جهة ،وتوفير أجهزة كمبيوتر والبرمجيات الحديثة وربطها بالشبكات.
رابعا :زرع ثقافة المرفق االلكتروني من خالل التعاون مع المجتمع المدني خاصة
من أجل توعية المواطنين بأهمية وكيفية استخدامه وتسهيل تطبيقه.
سعت الدولة الجزائرية لتطبيق المرفق العام االلكتروني بدءا بوضع استغالل خدمة
االنترنت من خالل المرسوم التنفيذي ،1257-98ورغم إدخال االنترنت في المرافق
العمومية إال أنها بقت محصورة في بعض المرافق العمومية كمراكز البحث والمؤسسات
الجامعية خاصة ،ولم يتم وضع مخطط وإستراتيجية لتطبيق المرفق العام االلكتروني إال سنة
2008بموجب مشروع الجزائر االلكترونية مما يعني أنها تأخرت لمدة 10سنوات من أجل
التفكير في المشروع ،إال أن العديد من الو ازرات سعت لتطبيق العصرنة في مرافقها السيما
و ازرة العدل وو ازرة الداخلية.
1المرسوم التنفيذي رقم ،257-98المؤرخ في 25أوت ،1998المتعلق بضبط شروط وكيفيات إقامة خدمات االنترنت
واستغاللها ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،63الصادر في 26أوت ،1998ص 5.المعدل والمتمم
بالمرسوم التنفيذي رقم ،306/2000المؤرخ في 12أكتوبر ،2000الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد 60
الصادر في 15أكتوبر ،2000ص15.
97
أوال :وزارة الداخلية
تنفيذا لمخطط عمل الحكومة الهادف إلى تجسيد المرافق العمومية االلكترونية ،قامت
و ازرة الداخلية والجماعات المحلية بتجسيد عدة مشاريع هامة في مجال عصرنة المرفق العام
باستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة .ومن بين أهم اإلنجازات في هذا المجال:1
• رقمنة جميع سجالت الحالة المدنية على مستوى الوطني وإحداث السجل الوطني
اآللي للحالة المدنية وربط كل البلديات وملحقاتها اإلدارية وكذا البعثات الديبلوماسية
والدوائر القنصلية به .و لقد مكن هذا اإلنجاز من:
• تمكين المواطن من استخراج كل وثائق الحالة المدنية بصفة آنية من أي بلدية أو
ملحقة إدارية عبر الوطن.
• تمكين الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج بتقديم طلب الحصول على عقد الميالد
الخاص 12خ مباشرة عبر خدمة األنترنيت والحصول عليه من الممثلية الديبلوماسية
أو القنصلية المسجل فيها.
• كما تم إنشاء السجل الوطني اآللي لترقيم المركبات الذي مكن المواطنين من
الحصول على بطاقات الترقيم لمركباتهم بصفة آنية ودون التنقل إلى والية التسجيل.
• باإلضافة إلى خدمة جديدة عبر اإلنترنت تمكن طالبي جواز السفر البيومتري من
متابعة مراحل معالجة ملفاتهم.
2
ثانيا :وزارة العدل
قطع مرفق العدالة أشواط معتبرة ،في مجال استخدام تكنولوجيات اإلعالم واالتصال،
إذ تم تجسيد العديد من المشاريع أهمها:
*وضع بنية تحتية وقاعدة مادية :من أجل استغالل مختلف األنظمة المعلوماتية المطورة
من طرف كفاءات القطاع والذي تجسد بإنجاز وتطوير شبكة اتصال داخلي خاصة بقطاع
98
العدالة ،يربط اإلدارة المركزية بكافة المرافق القضائية والمؤسسات العقابية وكذا الهيئات تحت
الوصاية بواسطة األلياف البصـرية.
إنشاء مركز للنداء بعنوان قطاع العدالة ،قصد التكفل بانشغاالت المواطنين والمتقاضين
والرد عن استفساراتهم ذات الصلة بالمجالين القضائي والقانوني ،من خالل الرقم
األخضـر.
اعتـمـاد تقنية المحادثة المرئية في تنظيم المحاكمـات عن بعد ،على الصعيدين الوطني
والدولي ،ساهمت بشكل كبير في تسهيل اإلجراءات القضائية والتسـريع من وتيرة الفصل
99
في القضايا ،من خالل سـمـاع الشهود واألطراف والخبراء عن بعد واجتناب تحويل
المحبوسين.
اعتماد نظام التسيير اإللكتروني للوثائق اإلدارية والقضائية وكذا سجالت الحالة المدنية
الممسوكة على مستوى المجالس القضائية.
تعاني المرافق العمومية من سوء التسيير وزيادة اإلنفاق ،وطول مدة تقديم الخدمة
باإلضافة إلى نقص في نوعية وكم الخدمة المقدمة ،لذا ظهرت عدة أساليب من أجل
عصرنة اإلدارات والمرافق العمومية منها أسلوب الجودة ،أسلوب التكامل ،أسلوب
الخصخصة وأسلوب إدارة المعرفة وغيرها.
توجد عدة تعاريف لمصطلح الجودة فالكثير يعتقد أن مصطلح الجودة متعلق بالكيف
أي عكس الكم وهو النوعية الجيدة ،لكن المفهوم السليم للجودة يقصد به رضى الزبون أي
المواطن ويقصد به أيضا تلبية حاجات وتوقعات المستفيد من خدمة المرفق العمومي.
تعتبر مصطلحات الجودة ،إدارة الجودة وإدارة الجودة الشاملة مصطلحات ذات أصل
اقتصادي ،الرتباط نشأتها بالمؤسسات والشركات االقتصادية .ومن أجل معرفة مساهمة
الجودة في عصرنة المرفق العمومي يجب عرض تعريف الجودة وإدارتها ثم خصائصها.
تعرف الجودة اصطالحا أنها االلتزام بمتطلبات وتوقعات المستفيد من الخدمة بصفة
دائمة ومستمرة حيث تقاس الجودة بمدى رضا المستفيدين من الخدمة من المواطنين كما
100
تعرف الجودة أيضا حسب معيار األيزو )1986-8402( ISOبأنها مجموع الصفات
والخصائص لسلعة او الخدمة التي تؤدي إلى قدرتها على تحقيق رغبات معلنة أو مفترضة،
ويقصد بها أيضا القيام باألمور الصحيحة من خالل األسلوب الصحيح من أول مرة
للوصول إلى رضى المستفيد من الخدمة.
شاع استخدام هذا المصطلح كبديل لمصطلح الجودة والذي يوحي بزيادة نشاط
الجودة في الربح وزيادة رضى المستفيد والذي ال يتحقق إال باإلدارة الجيدة لهذا النشاط
وكذلك يفهم من كلمة شاملة أن المسؤولية هي مسؤولية الجميع.
وقد عرفت إدارة الجودة الشاملة أيضا أنها شكل تعاوني إلدارة األعمال يعتمد على
القدرات المشتركة لكل من اإلدارة والعمال والموظفين وأيضا المستفيدين من الخدمة ،بهدف
تحسين الجودة وزيادة اإلنتاجية بصفة مستمرة ويمكن تعريفها أيضا بأنها تلك اإلستراتيجية
التنظيمية التي يتم تطبيقها على جميع المستويات بشكل مستمر.
و في األخير نصل إلى تعريف إدارة الجودة الشاملة للمرفق العمومي بأنها " أسلوب
حديث إلدارة المرفق يلتزم بتقديم خدمة لكل المنتفعين من أجل إيجاد بيئة يتم فيها
التحسين والتطوير المستمر لمهارات األفراد ولنظم العمل ولكل جانب من جوانب المرفق
من أجل السعي إلى إرضاء المواطن ودعم العمل الجماعي واستخدام الوسائل اإلحصائية
لتقييم تسيير العمل وضبط الفرص والتهديدات من أجل وضع التخطيط على المستوى
القريب المتوسط والبعيد المدى.
تقوم عليها إدارة الجودة الشاملة للمرفق العمومي على العناصر التالية:
101
• الشمولية أي إشراك جميع األفراد من مسيرين ،عمال وموظفين ،مستفيدين من
الخدمة في إدارة الجودة الشاملة.
• استخدام اإلحصائيات والبيانات والحقائق لقياس الجودة أوال ثم باتخاذ الق اررات ثانيا.
• تلبية حاجات المستفيدين من الخدمة.
• التغذية الراجعة
رغم أهمية إدارة الجودة في المرفق العمومي إال أنها تواجه العديد من المعيقات تتمثل
في:
اعتمدت الدولة الجزائرية نظام الجودة في العديد من المرافق االقتصادية منها واإلدارية
بهدف تحسين الخدمة للمواطن ومن بين المرافق التي طبقت عليها إدارة الجودة :المؤسسات
الجامعية ،مرافق القطاع الصحي وغيرها.
103
قائمة المصادر والمراجع
أوال :المصادر
-1التشريع األساسي
-2التشريع العادي
104
−القانون رقم ،02-90المؤرخ في 06فبراير ،1990المتعلق بالوقاية من النزاعات
الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق اإلضراب ،المعدل والمتمم بالقانون رقم
27-91مؤرخ في 21ديسمبر .1991
−القانون رقم ،30-90المؤرخ في 1ديسمبر ،1990المتضمن قانون األمالك
الوطنية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،52ص .1661
−القانون رقم ،32-90المؤرخ في 4ديسمبر ،1990المتضمن بمجلس المحاسبة
وسيره ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،53ص .1690
−القانون رقم ،01-06المؤرخ في 20فيفري ،2006المتعلق بالوقاية من الفساد
ومكافحته ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،عدد ،14ص .4
−قانون رقم ،09-08المؤرخ في 25فيفري ،2008المتضمن قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية.
−القانون رقم ،14-08المؤرخ في 20جويلية ،2008المعدل والمتمم بالقانون رقم
،30-90المؤرخ في 1ديسمبر ،1990المتضمن قانون األمالك الوطنية ،الجريدة
الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،44ص .10
−القانون رقم ،10-11المؤرخ في 22يونيو ،2011المتضمن قانون البلدية ،الجريدة
الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،37ص .04
−القانون رقم ،07-12المؤرخ فـي 21فبراير ،2012المتضمن قانون الوالية،
الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،12ص .05
−القانون رقم ،01-16المؤرخ في 06مارس ،2016المتعلق بالوقاية من الفساد
ومكافحته ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،14ص . 4
−القانون رقم ،04-18المؤرخ في 10ماي ،2018المتضمن القواعد العامة المتعلقة
بالبريد واالتصاالت االلكترونية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد،27
ص.3
−األمر رقم ،320-65المؤرخ في 31ديسمبر ،1965المتعلق بقانون المالية لسنة
،1966الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،108ص .1521
105
−األمر رقم ،156-66المؤرخ في 8جوان ،1966المتضمن قانون العقوبات،
المعدل والمتمم بالقانون رقم ،09-01المؤرخ في 26جوان ،2001الجريدة الرسمية
للجمهورية الجزائرية ،العدد ،34ص .18
−األمر رقم ،86-70المؤرخ في 15ديسمبر ،1970المتضمن قانون الجنسية،
الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،105ص .1570
−األمر رقم ،74-71المؤرخ في 16نوفمبر ،1971يتعلق بالتسيير االشتراكي
للمؤسسات ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،101ص .1736
−األمر رقم ،58-75المؤرخ في 26سبتمبر ،1975المتضمن القانون المدني،
المعدل والمتمم.
−األمر رقم ،04-01المؤرخ في 20أوت ،2001المتعلق بتنظيم المؤسسات
العمومية االقتصادية وتسييرها وخوصصتها ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية،
العدد ،47ص .9
−األمر رقم ،01-05المؤرخ في 27فيفري ،2005المتعلق بتعديل قانون الجنسية ،
الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،15ص .15
−األمر رقم ،03-06المؤرخ في 1جويلية ،2006المتضمن القانون األساسي
للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،46ص .3
−األمر رقم ،02-10المؤرخ في 26أوت ،2010المعدل والمتمم لألمر رقم -95
،20المؤرخ في 17جويلية ،1995المتعلق بمجلس المحاسبة ،الجريدة الرسمية
للجمهورية الجزائرية ،العدد ،50ص .4
−مرسوم رقم ،350-64المؤرخ في 10ديسمبر ،1964المتضمن إحداث لجنة
وطنية تتكفل بإعداد المهرجان العالمي التاسع للشبيبة ،الجريدة الرسمية للجمهورية
الجزائرية ،العدد ،60ص .862
−المرسوم رقم ،59-85المؤرخ في 23مارس ،1985المتضمن القانون األساسي
النموذجي للعمال والمؤسسات واإلدارات العمومية ،الجريدة الرسمية للجمهورية
الجزائرية ،العدد ،13ص .333
106
−المرسوم رقم ،131-88المؤرخ في 4جويلية ،1988المتعلق بتنظيم العالقات بين
اإلدارة والمواطن ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،27ص .1013
−المرسوم الرئاسي رقم ،19-89المؤرخ في 28فيفري ،1989المتعلق بنص تعديل
الدستور الموافق عليه في استفتاء 23فيفري ،1989الجريدة الرسمية للجمهورية
الجزائرية ،العدد ،9ص .234
−المرسوم الرئاسي رقم ،377-95المؤرخ في 20نوفمبر ،1995المحـدد للنظام
الداخلي لمجلـس المحاسبـة ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،72ص
.5
−المرسوم الرئاسي رقم ،247-15المؤرخ في 16سبتمبر ،2015المتضمن الصفقات
العمومية وتفويضات المرفق العام ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد،50
ص .2
−المرسوم التنفيذي رقم ،455-91المؤرخ في 23نوفمبر ، 1991المتعلق بجرد
األمالك الوطنية ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،60ص .2343
−المرسوم التنفيذي رقم ،257-98المؤرخ في 25أوت ،1998المتعلق بضبط
شروط وكيفيات إقامة خدمات االنترنت واستغاللها ،الجريدة الرسمية للجمهورية
الجزائرية ،العدد ،63ص ،5المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم ،306/2000
المؤرخ في 12أكتوبر ،2000الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،60ص
.15
−المرسوم التنفيذي رقم ،43-02المؤرخ في 14جانفي ،2002المتضمن إنشاء بريد
الجزائر ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،4ص .18
−المرسوم التنفيذي رقم ،190-16المؤرخ في 30جويلية ،2016المحدد لكيفيات
اإلطالع على مستخرجات مداوالت المجلس الشعبي البلدي والق اررات البلدية،
الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،41ص .8
−القرار المؤرخ في 17ماي ،1965المتعلق بإنشاء مدرسة شبه طبية بالبليدة،
الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ،47المؤرخة في 4جوان ،1965ص
.623
107
ثانيا :المراجع باللغة العربية
-1بعلي محمد الصغير ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،عنابة،
الجزائر.2002 ،
-2بن اعراب محمد ،محاضرات في مقياس األمالك الوطنية ،ملقاة على طلبة السنة
الثالثة ،قسم القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد لمين
دباغين ،سطيف ،2الجزائرـ العام الجامعي ( ،)2015-2014ص ص()12 -2
-3بن منصور عبد الكريم" ،نظرة مفاهيمية للمرفق العام في الجزائر" ،المجلة الجزائرية
للدراسات التاريخية والقانونية ،العدد ،12جوان ،2016ص.ص(.)203-169
-4بوكثير عبد الرحمان ،محاضرات في نظرية المرفق العام ،جامعة محمد بوضياف
المسيلة ،ألقيت على طلبة الماستر ،السنة األولى ،تخصص قانون إداري-2015 ،
.2016
-5بوضياف عمار ،الوجيز في القانون اإلداري ،الطبعة الثالثة ،جسور للنشر والتوزيع،
الجزائر.2013 ،
-6ثروت بدوي ،القانون اإلداري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.2006 ،
-7حسن محمد البنان ،قواعد المرافق العامة للتغيير والتطوير ،المركز القومي
لإلصدارات القانونية.2014 ،
-8عبد العزيز بن علي السديس" ،تطور النظم االقتصادية :تحول أوروبا من نظام
باستخدام "نظرية" كوفالييف" ،مقال منشور على اإلقطاع إلى النظام الرأسمالي
تاريخ الموقعhttps://fac.ksu.edu.sa/aasudais/publication/33087:
اإلطالع .2018/12/18
-9محمد الشافعي أبو راس ،القانون اإلداري ،عالم الكتب ،القاهرة.1990 ،
محمد عبد المومن ،المفهوم التطوري للدولة بين المضامين االقتصادية -10
والمضا مين االجتماعية ،مجلة االقتصاد والتنمية والتنمية البشرية ،مجلد ،08العدد
األول ،ص ص ( .) 320-306
108
تثمين خدمات الدولة في إطار ما يقدمه المرفق العام، مصطفى السيد دبوس -11
.2019 ، القاهرة، المركز العربي للنشر والتوزيع،" "دراسة تحليلية:من خدمات
دار، الكتاب الثاني، دراسة مقارنة، مبادئ القانون اإلداري،سليمان الطماوي -12
.1979 ، القاهرة، الطبعة العاشرة،الفكر العربي
، مصر، القاهرة، دار النهضة العربية، القانون اإلداري،سعاد الشرقاوي -13
.2009
، مصر، دار المطبوعات الجامعية، القانون اإلداري،ماجد راغب الحلو -14
.1996
، الجزائر، دار بلقيس، تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة، ضريفي نادية -15
.2010
دار، الجزء الثامن، الطبعة الرابعة، الفقه اإلسالمي وأدلته، وهبة الزحيلي -16
)6376 -6313(ص. ص،1997 ، سورية، دمشق،الفكر
109
4- Claire Lemercier, La construction d'un modèle français de
service public avant 1914, Regards croisés sur l'économie,
2007/2 (n° 2), PP (47 -54).
5- Conseil D’état , Tribunal des conflits, 8 février 1873, Blanco.
Disponible sur le site web : https://www.conseil-etat.fr/.
6- Conseil d'Etat, 4 / 1 SSR, du 27 janvier 1988, 64076, publié
au recueil Lebon
7- Conseil d'Etat, 30 mars 1916, n° 59928 Compagnie générale
d'éclairage de Bordeaux.
8- Conseil d'État, 7 juillet 1950, Dehaene, disponible sur le site
web : https://www.conseil-etat.fr/ressources/decisions-
contentieuses/les-grandes-decisions-du-conseil-d-etat/conseil-d-
etat-7-juillet-1950-dehaene
9- Conseil d'Etat, 4 / 1 SSR, du 13 juin 1980, 17995, publié au
recueil Lebon, disponible sur le site web :
www.legifrance.gouv.fr
10- Conseil d'État, 28 juin 1918, Heyriès
11- Fiche d'arrêt du Conseil d'Etat du 4 mars 1910 relatif à la
compétence du juge administratif pour un contrat de service
public , disponible sur le site web : https://www.doc-du-
juriste.com/droit-public-et-international/droit-
administratif/cours-de-professeur/arret-1910-juge-administratif-
service-public-475724.
12- Jean ROMIEU. « Conclusions Romieu sur l’arrêt Terrier »,
Conclusions sur CE, 6 février 1903, Terrier, n° 07496,
rec. Revue générale du droit on line, 2018, numéro 29383.
Disponible sur le site web :www.revuegeneraledudroit.eu/
13- Hugues DUMONT et al, Historique et transformation de la
notion de service public à la lumière du droit européen”, in
(éd.), Pierre-Olivier de Broux, « Une brève histoire de la notion
belge de « service public » : de la France à l’Europe , Bruxelles,
2009 (Bibliothèque de droit administratif), n°10,PP. 613-629.
14- Gilles J. GUGLIELMI, Une introduction au droit du
service public, l'université Panthéon-Assas (Paris II), France,
1994
110
15- Maurice HAURIOU, PRECIS de Droit administratif et de
droit public, huitiéme edition, 1914.
16- Tribunal des conflits, 29 février 1908, Feutry, requête
numéro 00624, disponible sur le site web:
https://www.revuegeneraledudroit.eu/blog/decisions/tribunal-
des-conflits-29-fevrier-1908-feutry-requete-numero-00624-
publie-au-recueil/
مواقع االنترنت:رابعا
111
الفهرس
01 تمهيد
09 المبحث الثاني :دور االجتهادات القضائية في إرساء مفهوم نظرية المرفق العام
112
14 الفرع الثاني :العنصر العضوي
21 المطلب الرابع :الفرق بين المرافق المهنية والمرافق الصناعية والتجارية
113
24 المبحث األول :إنشاء المرافق العمومية في فرنسا
114
44 ثانيا :الحماية المدنية
المطلب الثالث :المساواة أمام المرافق العمومية في تحمل االلتزامات من ضرائب وغيرها 49
115
59 ثانيا :البلدية
116
72 الفرع الثاني :التراضي
117
84 الفرع الثالث :الرقابة على المرفق العمومي
118
98 ثانيا :و ازرة العدل
102 الفرع األول :إيجابيات تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المرافق العمومية
102 الفرع الثاني :صعوبات تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المرافق العمومية
112 الفهرس
119