Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 18

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد وموقف‬


‫القرآن الكريم منها‪ :‬تحليل ونقد‬

‫د‪ .‬إبراهيم "محمد خالد" برقان**‬ ‫أ‪ .‬خلود محمد "قاسم العبد هللا"*‬
‫تاريخ قبول البحث‪:‬‬ ‫تاريخ وصول البحث‪14/8/2016 :‬م‬
‫‪20/11/2016‬م‬
‫ملخص‬
‫الديانتين المسيحية واإلسالم‪ ،‬كما أوضحت األسس‬
‫الدراسة بيان مفهوم األخالق في ّ‬ ‫تتناول هذه ّ‬
‫والمسؤولية‪ ،‬والجزاء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األخالقية‪ ،‬وتتمثل في اإللزام‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المسيحية في قيمها‬
‫ّ‬ ‫التي اعتمدت عليها‬
‫رباني قد تكّفل اهلل تعالى بحفظه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إن القرآن الكريم كتاب‬
‫وتحدثت عن موقف القرآن الكريم منها‪ ،‬حيث ّ‬
‫والشمولية في اإلسالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فهو يدعو أتباعه إلى االلتزام بمكارم األخالق التي تمتاز بالواقعية‬
‫األخالقية موجودة في فطرة اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫أن القيم‬
‫وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها‪ّ :‬‬
‫األخالقية الواردة في القرآن الكريم هي األتم واألكمل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وأنه لئن كانت القيم‬
‫التي خلقها اهلل تعالى فيه‪ّ ،‬‬
‫األخالقية في‬
‫ّ‬ ‫أن القيم‬
‫وأن ها خالية من معارضتها للعقل والفطرة‪ ،‬فتناولت جميع جوانب الحياة‪ ،‬بيد ّ‬‫ّ‬
‫العهد الجديد تكاد تخلو من موافقة للعقل والفطرة‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪This reseach discusses the concept of ethics in both Christianity and Islam. It shows‬‬
‫‪the bases on which Christianity establishes it ethical values; this includes assignment,‬‬
‫‪responsibility and reward. The study also talks about the Qur’anic view towards ethics.‬‬
‫‪This is because of the fact that al-Qur’an is Allah’s divine and preserved Book which‬‬
‫‪calls its followers for ethical commitment which is distinguished by being realistic and‬‬
‫‪comprehensive.‬‬
‫‪The study reached the following conclusions: ethical values exist in human instinct.‬‬
‫‪Ethical values in the Qur’an are prefect and complete. They cover all aspects of human‬‬
‫‪life, and do not contradict instinct or reason. On the other hand ethical values in New‬‬
‫‪Testament seem not to agree with instinct and reason.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫إن الحمد هلل نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال مضل له‪ ،‬ومن‬
‫ّ‬
‫محم ًدا ‪ ‬عبده ورسوله‪ ،‬وبعد؛‬
‫وأن ّ‬
‫يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل‪ّ ،‬‬
‫تحث على القيم‬
‫ماوية ّ‬
‫الس ّ‬
‫الرساالت ّ‬
‫فإن األخالق هي أساس رقي األمم وتقدمها‪ ،‬وأساس ازدهارها‪ ،‬فقد جاءت ّ‬‫ّ‬
‫األخالقية التي تنظّم عالقة اإلنسان بكل ما يحيط به‪ ،‬فاألخالق تنظّم عالقة اإلنسان مع ربه من حيث عبادته وحده ال‬
‫ّ‬
‫شريك له‪ ،‬وتنظّم عالقة اإلنسان مع نفسه بما يحقّق سعادته‪ ،‬كما ّأنها تنظّم عالقة اإلنسان مع غيره من حيث تعامله‬
‫حث عليها القرآن الكريم‪ ،‬حيث كان‬
‫أن األساس في المعامالت هو األخالق الحسنة التي ّ‬ ‫مع الناس ويؤ ّكد اإلسالم ّ‬
‫خل ـق على أساس‬

‫‪143‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* باحثة‪.‬‬
‫** أستاذ مشارك‪ ،‬كلية الشريعة‪ ،‬الجامعة األردنية‪.‬‬

‫من الصدق‪ ،‬واألمانة‪ ،‬والوفاء‪ ،‬ومع الكون بجميع أجزائه‪.‬‬


‫(‪)1‬‬
‫أن األخالق كانت موجودة في‬
‫النبي ‪ُ ‬بعث ليتمم مكارم األخالق‪ ،‬وهذا يعني ّ‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫النبي ‪ ‬القرآن الكريم ‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫األمم السابقة‪ ،‬حيث تكاد ال تخلو عقيدة أو شريعة من األخالق‪.‬‬
‫األخالقية‪ ،‬فوصف اهلل تعالى إبراهيم ‪ ‬بكثرة‬ ‫ّ‬ ‫السالم يحققون الصورة المثلى في القيم‬ ‫وقد كان األنبياء والرسل عليهم ّ‬
‫ان ِ‬
‫صدِّيقًا َّن ِبيًّا‪ :41[‬م ريم]‪ ،‬وإ سماعيل ‪ ‬ق ال تع الى في ه‪َ  :‬وا ْذ ُك ْر‬ ‫يم‪ِ ‬إ َّن ُه َك َ‬ ‫ِ ِ ِ ِإ ِ‬
‫الصدق‪ ،‬فقال تعالى‪َ  :‬وا ْذ ُك ْر‪ ‬في‪ ‬ا ْلكتَاب ْب َراه َ‬
‫س‪$‬واًل َّن ِبيًّا‪ :54[‬م ريم]‪ ،‬كم ا وص ف لقم ان بالحكم ة‪ ،‬فق ال تع الى‪:‬‬ ‫ق ا ْل َو ْع‪$ِ $‬د َو َك‪َ $‬‬
‫‪$‬ان َر ُ‬ ‫ص‪ِ $‬اد َ‬ ‫‪$‬اب ِإس‪$‬م ِ‬
‫اعي َل ِإ َّن ُه‪َ  ‬ك‪َ $‬‬
‫‪$‬ان َ‬ ‫َْ‬
‫ِفي‪ ‬ا ْل ِكتَ‪ِ $‬‬
‫ان ا ْل ِح ْك َم‪َ $‬ة‪ :12[‬لقم ان] فوص ف الق رآن الك ريم س يدنا محم ًدا ‪ ‬بالتواض ع والرحم ة‪ ،‬فق ال تع الى‪ :‬فَِب َما‬ ‫‪َ ‬ولَقَ ْد َآتَ ْي َنا لُ ْق َم َ‬
‫ظ ا ْل َق ْل ِب الَنفَضُّواْ ِم ْن َح ْوِل َك‪ :159[‬ال عمران]‪.‬‬
‫نت فَظّاً َغِلي َ‬ ‫نت لَ ُه ْم‪َ  ‬ولَ ْو ُك َ‬‫َر ْح َم ٍة ِّم َن اللّ ِه ِل َ‬
‫كما أرسل اهلل تعالى موسى ‪ ‬لهداية الناس‪ ،‬وتقويم سلوكهم بما يتوافق مع العدل واألخالق الحسنة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ليتمم رس الة موس ى ‪،‬‬ ‫ون‪ :159[‬األع راف]‪ ،‬وك ذلك ج اء عيس ى ‪ّ ،‬‬ ‫ق َو ِب‪$ِ $‬ه َي ْع‪$ِ $‬دلُ َ‬‫ون ِب‪$$‬ا ْل َح ِّ‬
‫ُأم ٌة َي ْه‪$ُ $‬د َ‬‫وس ‪$‬ى َّ‬‫‪َ ‬و ِم ْن قَ‪$ْ $‬وِم ُم َ‬
‫ويحث على األخالق الحسنة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫محمدا ‪ ‬بالتواضع والرحمة‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬فَ ِب َما َر ْح َم ٍة‪ِّ  ‬م َن‪ ‬اللّ ِه ِل َ‬
‫نت لَ ُه ْم‪َ  ‬ولَ ْو‬ ‫ً‬ ‫كما وصف القرآن الكريم سيدنا‬
‫النبي ‪ ‬على ُخُل ق عظيم‪ ،‬فقد قال تعالى‪َ :‬وِإَّن َك َل َعَلى‬ ‫‪$‬ك‪ :159[‬ال عم ران]‪ ،‬فقد كان ّ‬ ‫ض‪$‬وْا ِم ْن َحْوِل َ‬ ‫ظاً َغِلي َظ اْل َقْل ِب َالن َف ُّ‬
‫نت َف ّ‬
‫ُك َ‬
‫ق َع ِظ ٍيم‪ :4[‬القلم]‪.‬‬ ‫ُخُل ٍ‬
‫أهم أهداف بعثة األنبياء عليهم‬
‫وتكمن أسباب اختيار الموضوع في التأكيد على االلتزام بمكارم األخالق‪ ،‬فهي من ّ‬
‫ماوية أتباعه ا ب التحّلي ب األخالق‬
‫الس ّ‬‫الرس االت ّ‬
‫ألن األخالق الحس نة ّإنم ا هي امتث ال ألوام ر اهلل تع الى‪ ،‬وق د أم رت ّ‬
‫الس الم؛ ّ‬
‫ّ‬
‫األم ة على‬
‫وحث ّ‬‫ّ‬ ‫األخالقي ة في العهد الجديد‪ ،‬وموقف القرآن الكريم منها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بد من بيان أسس القيم‬
‫الكريمة‪ ،‬وعليه كان ال ّ‬
‫ضرورة الرجوع إلى القرآن الكريم للتحلي باألخالق الحسنة‪.‬‬
‫وتظهر مشكلة البحث من خالل اإلجابة عن األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫المسيحية واإلسالم؟‬
‫ّ‬ ‫األخالقية في‬
‫ّ‬ ‫ما المقصود بالقيم‬ ‫‪-1‬‬
‫األخالقية في العهد الجديد؟‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬ما أركان القيم‬
‫األخالقية في العهد الجديد؟‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬ما موقف القرآن الكريم من أركان القيم‬
‫وأما المنهج الذي سلكناه في هذا البحث‪ ،‬فيتلخص في المناهج اآلتية‪:‬‬ ‫ّ‬
‫تقرائي‪ :‬حيث تتبعن ا األخالق في العهدالجدي د والق رآن الك ريم‪ ،‬من أج ل الوص ول إلى األحك ام العام ة‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬المنهج االس‬
‫المتعلقة بموضوع البحث‪.‬‬
‫األخالقية في ك ّل من العهد الجديد والقرآن الكريم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التحليلي‪ :‬فقمنا بتحليل النصوص المتضمنة القيم‬ ‫المنهج‬ ‫‪-2‬‬
‫ّ‬

‫(?) أخرج ه مس لم في ص حيحه‪ ،‬مس لم‪ ،‬أب و الحس ين مس لم بن حج اج القش يري (ت ‪261‬هـ)‪ ،‬ص‪$$‬حيح مس‪$$‬لم المس‪$$‬مى المس‪$$‬ند‬ ‫‪1‬‬

‫الصحيح المختص‪$‬ر من الس‪$‬نن بنق‪$‬ل الع‪$‬دل عن الع‪$‬دل إلى رس‪$‬ول اهلل ‪ ،‬تحقيق‪ :‬صدقي جميل العطار‪ ،‬كتاب صالة المسافرين‬
‫وقصرها‪ ،‬باب جامع صالة الليل ومن نام عنه أو مرض‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الفكر‪ ،‬بيروت – لبنان‪1421 ،‬هـ‪2003-‬م‪ ،‬حديث رقم‬
‫‪ ،1623‬ص‪.341‬‬

‫‪144‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫‪ -3‬المنهج المقارن‪ :‬حيث قمنا بإجراء مقارنة بين العهدالجديد والقرآن الكريم‪ ،‬لبيان أركان القيم األخالقية في العهد‬
‫الجديد مقارنة مع القرآن الكريم‪.‬‬
‫قدي‪ :‬ويظهر من خاللبيان أركان األخالق الواردة في العهدالجديد‪ ،‬ونقدها في ضوء القرآن الكريم‪.‬‬
‫الن ّ‬
‫المنهج ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫الدراسات التي لها صلة ب األخالق المشتركة بين‬
‫فإن ه لئن كانت هناك بعض ّ‬ ‫الس ابقة‪ّ ،‬‬
‫الدراسات ّ‬
‫وأم ا بخص وص ّ‬
‫ّ‬
‫اص بموض وع أس س القيم‬
‫األخالقي ة ببحث خ ّ‬
‫ّ‬ ‫يحية واإلس الم‪ ،‬ولكن حس ب اطالعن ا لم نج د من أف رد ه ذه القيم‬
‫المس ّ‬
‫األخالقية في العهد الجديد وموقف القرآن الكريم منها‪.‬‬
‫ّ‬
‫األخالقي ة في العهد الجديد وموقف القرآن الكريم‬
‫ّ‬ ‫نخص بالبحث" أسس القيم‬
‫ّ‬ ‫وقد ارتأينا في هذا اإلطار بال ّذات أن‬
‫األخالقي ة في العهد الجديد والقرآن الكريم‬
‫ّ‬ ‫منها‪ :‬تحليل ونقد "‪ .‬ويندرج هذا العمل في سياق إبراز المقارنة بين أركانالقيم‬
‫المتمم لمكارم األخالق من جهة أخرى‪.‬‬
‫وأن اإلسالم هو ّ‬
‫القرآني منها‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫من جهة‪ ،‬وبيان الموقف‬
‫منهجيتنا أن نقسم البحث إلى ثالثة مطالب‪ ،‬وخاتمة‬
‫ّ‬ ‫ولمحاولة اإلحاطة بمختلف جوانب هذا الموضوع اقتضت‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬
‫على ّ‬
‫واصطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫األخالقية لغة‬
‫ّ‬ ‫المبحث األول‪ :‬التعريف بالقيم‬
‫واصطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف القيم واألخالق لغة‬
‫المسيحية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األخالقية في‬
‫ّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف القيم‬
‫األخالقية في اإلسالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تعريف القيم‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسس القيم األخالقية في العهد الجديد‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإللزام‪.‬‬
‫المسؤولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الجزاء‪.‬‬
‫األخالقية في العهد الجديد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬موقف القرآن الكريم من أسس القيم‬
‫الخاتمة‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫التعريف بالقيم األخالقيّة لغة واصطالحًا‬

‫كل‬
‫أن مصطلح القيم األخالقية مر ّكب من جزأين هما‪ :‬القيم واألخالق‪ ،‬لذا ينبغي بيان مفهوم ّ‬ ‫يحسن بنا أن نشير إلى ّ‬
‫األخالقي ة بين العه د الجدي د والق رآن‬
‫ّ‬ ‫األخالقي ة‪ ،‬ولنق ارن القيم‬
‫ّ‬ ‫منهم ا على ح دة‪ ،‬وذل ك للوص ول إلى مفه وم ش امل للقيم‬
‫األخالقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والمسيحية للقيم‬
‫ّ‬ ‫بد من بيان تعريف اإلسالم‬
‫الكريم‪ ،‬فال ّ‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف القيم واألخالق لغة واصطالحًا‪:‬‬


‫يم ة من َق َو َم‪ ،‬والقاف والواو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قام الشيء‪ ،‬والق َ‬
‫يمة الواو؛ ألنه يقوم َم َ‬
‫يمة‪ ،‬وأصل الق َ‬
‫إن كلمة القَيم في اللغة مفردها ق َ‬
‫ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫والميم أصالن صحيحان ‪ ،‬وجاءت في اللغة بمعان عديدة منها‪:‬‬

‫‪145‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والقّيم المستقيم‪ ،‬قال‬


‫يمة أي المعتدلة‪َ ،‬‬‫الق َ‬
‫‪ -1‬االستقامة واالعتدال واالتزان؛ أي اعتدال الشيء واستواؤه واتزانه‪ ،‬والملة َ‬
‫اهلل تعالى‪َ  :‬ذِل َك الد ُ‬
‫ِّين ا ْلقَ ِّي ُم‪ :36[‬التوبة]‪ ،‬أي المستقيم الذي ال زيغ فيه وال ميل عن الحق(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬المدح والثناء‪ ،‬يقال‪ :‬استقام فالن بفالن‪ ،‬أي مدحه وأثنى عليه(‪.)4‬‬
‫‪ -3‬من القي ام‪ ،‬وه و نقيض الجل وس‪ ،‬وي أتي بمع نى الوق وف والثب ات‪ ،‬وك ّل من ثبت على ش يء‪ ،‬وتمس ك ب ه فه و ق ائم‬
‫عليه(‪.)5‬‬
‫‪ -4‬من القَ ّوام‪ ،‬وه و حس ن الط ول والق وام‪ ،‬يق ال‪ :‬رج ل ق ويم وق ّوام‪ ،‬أي َح َس ن القام ة‪ ،‬ويق ال‪ :‬خل ق قَيِم‪ ،‬أي ُخلُ ق‬
‫َح َسن(‪.)6‬‬
‫‪ -5‬من ِ‬
‫القيام بمعنى العزم والدوام(‪ ،)7‬وأقام الشيء إقامة‪ ،‬أي أدامه(‪.)8‬‬
‫‪ِ -6‬‬
‫القيام بمعنى المحافظة واإلصالح(‪.)9‬‬
‫‪ -7‬القَوام‪ ،‬وهو العدل‪ ،‬وما يعاش به(‪.)10‬‬
‫ونجد من خالل المعاني اللغوية للقيمة ّأنها تدور حول االستقامة‪ ،‬واالعتدال‪ ،‬واالتزان‪ ،‬والمدح والثناء‪ ،‬والوقوف‪،‬‬
‫والثبات‪ ،‬وحس ن القامة‪ ،‬والع زم‪ ،‬والدوام‪ ،‬واإلصالح‪ ،‬والعدل‪ ،‬وهذه المع اني اللغوي ة قد تضمنها المعنى االص طالحي‬
‫ِ‬
‫للقَيم‪.‬‬
‫االصطالحي‪ ،‬فقد تعددت تعريفاتها‪ ،‬وذلك الختالف منطلقات واضعي التعريف ومراميهم ومجاالتهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وأما القيم بمعناها‬
‫ّ‬
‫ومرغوب ا في ه عند شخص واحد‪ ،‬أو عند طائف ة‬
‫ً‬ ‫مطلوب ا‬
‫ً‬ ‫الذاتي ة "الصفة التي تجعل ذلك الشيء‬
‫فالقيم تعني من الناحي ة ّ‬
‫(‪)11‬‬
‫إن للنسب عند األشراف قيمة عالية" ‪.‬‬
‫معينة من األشخاص‪ ،‬مثال ذلك قولنا‪ّ :‬‬

‫(?) انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .497‬الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬ج‪ ،33‬ص‪.309‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .499‬الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬ج‪ ،33‬ص‪ .319‬الفيروز آبادي‪ ،‬مجد الدين‬ ‫‪6‬‬

‫محمد ابن يعقوب (ت ‪817‬هـ)‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬تحقيق‪ :‬أنس محمد الشامي وزكريا جابر أحمد‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1429‬هـ‪2008-‬م‪ ،‬ص‪.1383‬‬
‫(?) انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .497‬الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬ج‪ ،33‬ص‪.317‬‬ ‫‪7‬‬

‫(?) انظ ر‪ :‬األص فهاني‪ ،‬أب و القاس م الحس ين بن محم د‪ ،‬المف‪$$‬ردات في غ‪$$‬ريب الق‪$$‬رآن‪ ،‬تحقي ق‪ :‬مرك ز الدراس ات والبح وث‬ ‫‪8‬‬

‫بمكتبة نزار مصطفى الباز‪ ،‬الناشر نزار مصطفى الباز‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ .541-538‬الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬ج‪ ،33‬ص‪.310‬‬
‫(?) انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .497‬الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬ج‪ ،33‬ص‪.317‬‬ ‫‪9‬‬

‫(?) انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .499‬الفيروز آبادي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬ص‪.1383‬‬ ‫‪10‬‬

‫(?) صليبيا‪ ،‬جميل‪ ،‬المعجم الفلسفي ‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت لبنان‪1982 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.212‬‬ ‫‪11‬‬

‫(?) انظر‪ :‬أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا (ت ‪395‬هـ)‪ ،‬مق‪$‬اييس اللغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪،5‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪ .43‬وانظر‪ :‬جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪.500‬‬
‫(?) انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان الع‪$‬رب‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .500-499‬الزبيدي‪ ،‬السيد محمد مرتضى الحسيني‪ ،‬ت‪$‬اج الع‪$‬روس من‬ ‫‪3‬‬

‫جواهر القاموس‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم الترزي‪ ،‬ط‪ ،1‬التراث العربي‪ ،‬الكويت‪1421 ،‬هـ‪2000-‬م‪ ،‬ج‪ ،33‬ص‪.308‬‬
‫(?) انظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪.498‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪146‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫وعية‪ ،‬فتطل ق القيم على"م ا يتم يز ب ه الش يء من ص فات تجعل ه مس تحقا للتق دير كث ًيرا أو‬
‫وأم ا من الناحي ة الموض ّ‬
‫ّ‬
‫ال"(‪.)12‬‬
‫قلي ً‬
‫األخالقي للفرد والجماعة ُيقيم موازين السلوك‬
‫ّ‬ ‫االجتماعي ة‪ ،‬فهي "معيار اجتماعي متصل بالنهج‬
‫ّ‬ ‫وأم ا من الناحية‬
‫ّ‬
‫ومرشدا لمعرفة المرغوب فيه والمرغوب عنه والحسن والسيء"(‪.)13‬‬
‫ً‬ ‫ونهج األفعال كما يتخذها دليالً‬
‫ألن صاحبها قدر عليها(‪ ،)14‬وورد في القاموس المحيط ّأنها‬
‫فإنها تعني السجية؛ ّ‬
‫وأما بشأن تعريف األخالق في اللغة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫بمع نى الس جية‪ ،‬والطب ع‪ ،‬والم روءة‪ ،‬وال دين‪ ،‬ومن ه ح ديث عائش ة ‪-‬رض ي اهلل عنها‪ -‬عن دما ُس ئلت عن خل ق الرس ول ‪،‬‬
‫فإن ُخلُق نبي اهلل ‪ ‬كان القرآن(‪.)16(")15‬‬
‫فقالت‪ّ :‬‬
‫أن مفه وم األخالق في اللغ ة يدور ح ول السجية‪ ،‬والطب ع‪ ،‬والم روءة‪ ،‬والدين‪ ،‬وهذا يدل على أنه ا َملَكة‬ ‫ونجد ّ‬
‫الص فات الطارئ ة‬
‫أن ه ذه األخالق ق د تتغ ير من خالل الممارس ة المس تمرة‪ ،‬فتص بح ّ‬ ‫فطري ة في اإلنس ان ُخلقت مع ه‪ ،‬إال ّ‬
‫تلقائية‪.‬‬
‫حينها صفات مكتسبة يتصف بها‪ ،‬فتصبح عادة تصدر عنه بصورة ّ‬
‫يحدد لإلنسان السلوك الفاضل أو ما ينبغي أن يكون(‪،)17‬‬
‫المعياري الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫وأما األخالق عند كثير من الفالسفة‪ ،‬فهي العلم‬
‫ّ‬
‫(‪)18‬‬
‫عام ة ال تت أثر بح دود‬
‫كم ا "يبحث في القيم الخلقي ة ال تي ت زن به ا س لوك األف راد" ‪ ،‬ف يرى الفالس فة ّأنق وانين األخالق ّ‬
‫األخالقي(‪.)19‬‬
‫ّ‬ ‫السلوك‬
‫ألنها تبحث في قوانين ّ‬ ‫الزمان والمكان؛ ّ‬
‫ألن األخالق منها ما هو‬
‫ونجد األخالق عند الفالسفة ّأنها ال تتأثر بالزمان وال المكان‪ ،‬وهذا التعريف قاصر؛ ّ‬
‫قبيحا في مكان آخر وزمان آخر‪.‬‬
‫حسنا في مكان أو زمان معين‪ ،‬قد يكون ً‬
‫حسن ومنها ما هو قبيح‪ ،‬وما يكون ً‬
‫يحية واإلس الم للوص ول إلى تعري ف ج امع م انع‬
‫وله ذا ال ب د من توض يح مفه وم ش امل لألخالق في المس ّ‬
‫لألخالق‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف القيم األخالقيّة في المسيحيّة‪:‬‬


‫واليونانية‪ ،‬حيث تشير كلمتان إلى‬
‫ّ‬ ‫الالتينية‬
‫ّ‬ ‫إذا تتبعنا كلمة األخالق في اللغات األوروبية نجد ّأنها مشتقة من األصول‬
‫التعود على‬
‫ويطلق عليها باللغة اإلنجليزية ( ‪ ،)MORALS‬ومعناها ّ‬ ‫األخالق؛ األولى‪ :‬مشتقة من اللفظ الالتيني (‪ُ ،)MOS‬‬
‫ويطلق عليها باللغة اإلنجليزية ( ‪ ،)ETHICS‬ومعناها سكن‪ ،‬أو‬
‫اليوناني ة (‪ُ ،)ethos‬‬
‫ّ‬ ‫وأما الثانية فمشتقة من الكلمة‬
‫شيء ما‪ّ ،‬‬
‫كرسي ثابت‪ ،‬والمعنى عندهم يشير إلى الثبات‪ ،‬أو االعتياد في السلوك(‪.)20‬‬

‫(?) انظر‪ :‬ابن فارس‪ ،‬مقاييس اللغة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.214‬‬ ‫‪14‬‬

‫(?) أخرج ه مس لم في ص حيحه‪ ،‬ص‪$‬حيح مس‪$‬لم المس‪$‬مى المس‪$‬ند الص‪$‬حيح المختص‪$‬ر من الس‪$‬نن‪ ،‬كت اب ص الة المس افرين‬ ‫‪15‬‬

‫وقصرها‪ ،‬باب جامع صالة الليل ومن نام عنه أو مرض‪ ،‬حديث رقم ‪ ،1623‬ص‪.341‬‬
‫(?) انظر‪ :‬الفيروز آبادي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬ص‪.494‬‬ ‫‪16‬‬

‫(?) انظر‪ :‬إبراهيم‪ ،‬زكريا‪ ،‬مشكالت فلسفية‪ ،‬المشكلة الخلقية‪ ،‬مكتبة مصر‪1966 ،‬م‪ ،‬ص‪.13‬‬ ‫‪17‬‬

‫(?) هويدي‪ ،‬يحيى‪ ،‬مقدمة في الفلسفة العامة‪ ،‬ط‪ ،9‬دار الثقافة‪ ،‬القاهرة‪1989 ،‬م‪ ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪18‬‬

‫(?) انظر‪ :‬بدوي‪ ،‬محمد‪ ،‬األخالق بين الفلسفة وعلم االجتماع‪ ،‬ص أ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر‪2000 ،‬م‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫(?) انظر‪ :‬فارس‪ ،‬فايز‪ ،‬علم األخالق المسيحية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.7‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪147‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ولم يذكر العهد الجديد لفظ القيم مطلقً ا‪ ،‬إال ّأن ه أشار إلى لفظ األخالق مرة واحدة بمعنى السلوك‪ ،‬وذلك في‬
‫الردية تفسد األخالق الجيدة"(‪ ،)21‬كما تعني األخالق عند‬
‫فإن المعاشرات ّ‬
‫رسائل بولس إلى كورنثوس‪ ،‬حيث قال‪" :‬ال تضلوا ّ‬
‫(‪)22‬‬
‫المحب ة أس اس األخالق في العهد الجديد‪ ،‬وأهم‬
‫ّ‬ ‫عد‬
‫المسيحية الع ـــادة‪ ،‬واس تخدمت كذلك بمع نى التقالي د الموروثة ‪ .‬وتُ ّ‬
‫ّ‬
‫(‪)23‬‬
‫من اإليمـ ـ ـان والمعجزات ‪.‬‬
‫وأم ا تعريف األخالق في المسيحية‪ ،‬فهي الق وانين والمب ادئ ال تي تربط اإلنس ان بمص در حيات ه‪ ،‬أي باهلل ليج د‬
‫ّ‬
‫عالقتـ ـه‬
‫الصحيحة باآلخرين وبمحيطه(‪.)24‬‬
‫"فأحبوا‬
‫فقد دعا المسيح في األناجيل إلى العديد من األخالق والمبادئ التي تحفظ لإلنسان عالقته مع اآلخرين‪ ،‬فقال‪ّ :‬‬
‫(‪)26‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫ألن المحبة‬
‫أيض ا" ‪ ،‬وقال‪" :‬لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة؛ ّ‬
‫"إن َمن يحب اهلل يحب أخاه ً‬‫بعضكم البعض" ‪ ،‬وقال‪ّ :‬‬
‫تستر كثرة من الخطايا"(‪.)27‬‬
‫كم ا وردت ألف اظ مرادف ة لمص طلح األخالق في العه د الجدي د‪ ،‬مث ل‪ :‬الفض يلة‪ ،‬وهي من الفض ل‪ ،‬وتع ني‪ :‬اإلحس ان‬
‫واالبتداء به بال علة له‪ ،‬والفضيلة خالف النقيصة والرذيلة‪ ،‬فهي الدرجة الرفيعة في حسن الخلق(‪.)28‬‬
‫وأورد العهد الجديد مصطلح الفضيلة بمعنى األعمال الصالحة‪ ،‬واألخالق الحسنة في أربعة مواضع‪ ،‬ففي رسالة بولس‬
‫كل ما هو‬
‫كل ما هو طاهر‪ّ ،‬‬
‫كل ما هو عادل‪ّ ،‬‬
‫كل ماهو جليل‪ّ ،‬‬
‫أخيرا ّأيها اإلخوة كل ما هو حق‪ّ ،‬‬
‫إلى أهل فيلبي قال‪ً " :‬‬
‫كل ما صيته حسن‪ ،‬إن كانت‪ ‬فضيلة‪ ‬وإ ن كان مدح‪ ،‬ففي هذه افتكروا"(‪.)29‬‬
‫مسر‪ّ ،‬‬
‫وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء‬
‫وفي رسالة بطرس الرسول األولى‪ ،‬حيث قال‪ّ " :‬‬
‫لكي تخبروا‪ ‬بفضائل‪ ‬الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب"(‪.)30‬‬
‫وفي رسالة بطرس الرسول الثانية عندما قال‪" :‬كما أن قدرته اإللهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى‪ ،‬بمعرفة‬
‫الذي دعانا بالمجد‪ ‬والفضيلة"(‪.)31‬‬
‫وكذلك في موضع آخر من رسالة بطرس الرسول الثانية‪ ،‬فيقول‪" :‬ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد قدمـــوا‬
‫في إيمانكم‪ ‬فضيلة‪ ،‬وفي‪ ‬الفضيلة‪ ‬معرفة"(‪.)32‬‬
‫بأنه ا"ق وة في النفس تمكنه ا من االنتص ار على ك ل ن وازع الش ر واغراءاته‪،‬‬
‫وع ّرف الباب ا شنودة الث الث الفضيلة ّ‬
‫(‪)33‬‬
‫إن اإلنس ان بالفضيلة يرتف ع عن مس توى ذات ه ويعيش لغيره‪ ،‬فيهتم ب اآلخرين‬
‫وتمارس الحي اة الب ارة" ‪ ،‬وق ال كذلك‪ّ :‬‬
‫فيعيش بين محبته هلل ومحبته للناس(‪.)34‬‬
‫المعب ر عن حالة اإلنسان النهائية إن‬
‫ألن ه "هو ّ‬
‫األخالقي على نقاء القلب؛ وذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫وير ّك ز العهد الجديد في الجانب‬
‫شريرا"(‪ ،)35‬وهذا ما ورد في إنجيل لوقا‪ ،‬حيث قال‪" :‬اإلنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالح‪،‬‬
‫ً‬ ‫صالحا أو‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫واإلنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر"(‪.)36‬‬

‫(?) رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي‪.8 :4 ،‬‬ ‫‪29‬‬

‫(?) رسالة بطرس األولى‪.9 :2 ،‬‬ ‫‪30‬‬

‫(?) رسالة بطرس الثانية‪.3 :1 ،‬‬ ‫‪31‬‬

‫(?) رسالة بطرس الثانية‪.5 :1 ،‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪148‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫أن الفض ائل في العه د الجدي د عب ارة عن ق وة في النفس تم ّكنه ا من االنتص ار على ك ّل ن وازع الش ر‬
‫وبه ذا نج د ّ‬
‫واالتصاف بالسلوك الحسن القويم‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تعريف القيم األخالقيّة في اإلسالم‪:‬‬


‫اإلسالمية‪ ،‬وتجعلها متكاملة قادرة‬
‫ّ‬ ‫الشخصية‬
‫ّ‬ ‫اإلسالمي تعني "مجموعة األخالق التي تصنع نسيج‬
‫ّ‬ ‫إن القيم في الفكر‬
‫ّ‬
‫(‪)37‬‬
‫الحي م ع المجتم ع‪ ،‬وعلى التواف ق م ع أعض ائه وعلى العم ل من أج ل النفس واألس رة والعقي دة" ‪ ،‬وك ذلك‬
‫على التفاع ل ّ‬
‫ديا بمجموع ة المب ادئ والمع ايير ال تي ارتض اها الش رع‪،‬‬
‫طالحا ب ّأنه ا "حكم يص دره اإلنس ان على ش يء م ا مهت ً‬
‫تع ّرف اص ً‬
‫(‪)38‬‬
‫محددا المرغوب فيه والمرغوب عنه من السلوك" ‪.‬‬ ‫ً‬
‫الذاتي ة‬
‫ّ‬ ‫ونلح ـــظ من خالل التعريف ات ال تي ُذك رت لمفه وم القيم ّأنه ا تقتص ر على ج انب مح ّدد من الن واحي‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وليست شاملة لجميع جوانب الحياة‪ ،‬فعلماء النفس يركزون في تعريفهم على الجانب النفسي للفرد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والنفسيـ ـ ـة‬
‫ّ‬
‫المي ش امل‬
‫أن مفه وم القيم في الفكر اإلس ّ‬
‫الجمعي للف رد والجماعة‪ ،‬في حين ّ‬
‫ّ‬ ‫وك ذلك علم اء االجتم اع يهتم ون بالج انب‬
‫لجميع جوانب الحياة‪،‬‬
‫ظم عالقته باهلل تعالى‪ ،‬ومع نفسه‪ ،‬ومع اآلخرين‪.‬‬
‫حيث تن ّ‬
‫"وخص الخل ق ب القوى والس جايا‬
‫ّ‬ ‫فهاني‪:‬‬
‫وأم ا األخالق في اإلس الم‪ ،‬فق د تع ّددت تعريفاته ا‪ ،‬فق د ق ال ال راغب األص ّ‬
‫ّ‬
‫ما اكتسبه اإلنسان من الفضيلة بخلقه"(‪.)40‬‬ ‫(‪)39‬‬
‫المدركة بالبصيرة‪ ،‬والخالق‬
‫ويسر من غير حاجة‬ ‫النفس راسخة عنها تصدر األفعال بسهولة ُ‬ ‫عرفها الغزالي بقوله ّأنها‪" :‬عبارة عن هيئة في ّ‬
‫و ّ‬
‫حسن‪،‬‬
‫ً‬ ‫وشرعا سميت تلك الهيئة ُخلًُق ا‬
‫ً‬ ‫ال‬
‫إلى فكر وروية‪ ،‬فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها األفعال الجميلة المحمودة عق ً‬
‫خلقا سيًئا"(‪.)41‬‬
‫وإ ن كان الصادر عنها األفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر ً‬
‫فطرية أو مكتسبة ذات آثار في السلوك محمودة أو مذمومة"(‪.)42‬‬
‫ّ‬ ‫الميداني "صفة مستقرة في النفس‬
‫ّ‬ ‫وهي عند حبنكة‬
‫بأنها هيئة في الّنفس راسخة‪ ،‬ونلحظ‬
‫عرفا األخالق ّ‬
‫والميداني قد ّ‬
‫ّ‬ ‫السابقة نجد اإلمام الغزالي‬
‫ومن خالل التعريفات ّ‬
‫تلقائي ة‬
‫عفوي ة‪ ،‬فال تحتاج إلى جهد أو تفكير‪ ،‬فهي تصدر عنه بصورة ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن األخالق تصدر من اإلنسان بصورة‬ ‫من ذلك ّ‬
‫ال عند قولنا‪ :‬فالن صادق‪ ،‬فهذا يعني ّأن ه‬
‫دون تكلّ ف‪ ،‬ولذلك فهي ثابتة فيه‪ ،‬إال ّأنها قد تتغير بالممارسة المستمرة‪ ،‬فمث ً‬
‫وبر الوالدين‪،‬‬
‫وكاذب ا في بعضها‪ ،‬وكذلك الكرم‪ ،‬والسخاء‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫صادق في ك ّل األوقات‪ ،‬فال يكون صادقًا في بعض األوقات‬
‫وغيرها كلّها أخالق ثابتة في اإلنسان‪.‬‬
‫فالدين كلّ ه ُخلُ ق‪ ،‬فمن زاد عليك في‬
‫أن الدين اإلسالمي يدعو أفراده إلى التحلي ب األخالق الحسنة‪ّ ،‬‬
‫كم ا نلمس ّ‬
‫(‪)43‬‬
‫الخلق زاد عليك في الدين ‪.‬‬

‫(?) الغزالي‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد (ت ‪505‬هـ)‪ ،‬إحي‪$‬اء عل‪$‬وم ال‪$‬دين‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت لبنان‪1426 ،‬هـ‪-‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪2005‬م‪ ،‬ص‪.934‬‬
‫(?) المي داني‪ ،‬عب د ال رحمن حس ن حبنك ة‪ ،‬األخالق الإس‪$$‬المية وأسس‪$$‬ها‪ ،‬ط‪ ،5‬دار القلم‪ ،‬دمش ق‪1420 ،‬هـ‪1999-‬م‪ ،‬ص‬ ‫‪42‬‬

‫‪.10‬‬

‫‪149‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بأن ه عب ارة عن "مجموع ة المب ادئ والمع ايير الموجه ة‬


‫األخالقي ة‪ ،‬فيمكنن ا الق ول ّ‬
‫ّ‬ ‫طالحي للقيم‬
‫ّ‬ ‫وأم ا التعري ف االص‬
‫ّ‬
‫لألخالق الحس نة‪ ،‬لتص بح ص فة راس خة يمارس ها األف راد دون تكّل ف أو عن اء‪ ،‬فيألفونه ا‪ ،‬ويعت ادون عليه ا في تع املهم م ع‬
‫اآلخرين"‪.‬‬
‫اإلسالمية‪ ،‬فهي‪ :‬المبادىء المتعلقة بتكوين السلوك الخلقي الفاضل المستمد من اإلسالم‪ ،‬ليصبح‬
‫ّ‬ ‫األخالقية‬
‫ّ‬ ‫وأما القيم‬
‫ّ‬
‫إسالمي فاضل تسوده المحبة(‪.)44‬‬
‫ّ‬ ‫وطبعا يتخلّق به‪ ،‬ويتعامل به مع اآلخرين‪ ،‬لتكوين مجتمع‬
‫ً‬ ‫سجية‬

‫المبحث الثاني‬
‫أسس القيم األخالقية في العهد الجديد‬
‫النحو‬
‫والمسؤولية‪ ،‬والجزاء‪ ،‬وتفصيلها على ّ‬
‫ّ‬ ‫األخالقية في العهد الجديد على ثالثة أسس تتمثل في‪ :‬اإللزام‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تقوم القيم‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإللزام‪:‬‬


‫أن الكنيسة هي التي‬
‫أن المصدر األساس في األخالق المسيحية هو الوحي اإللهي‪ ،‬إال ّأنهم يرون ّ‬
‫يرى المسيحيون ّ‬
‫(‪)45‬‬
‫تفسر مشيئة اهلل المعلنة في الكتاب‪ ،‬لذلك فهي نائبة عن اهلل في وضع قواعد األخالق ‪.‬‬
‫ألن ه يحتوي‬
‫المسيحية؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫إن العهد الجديد كتاب إلزام في‬
‫ويعد اإللزام الركن األول من أركان القيم األخالقية‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ُ‬
‫المشرع في العهد الجديد هو المسيح ‪ ،‬حيث يرى‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫األخالقي ة‪ ،‬إال ّ‬
‫ّ‬ ‫على مجموعة من األوامر والنواهي والعديد من القيم‬
‫أن للمسيح ص فات مث ل صفات اإلل ه‪ ،‬فه و البداية والنهاي ة‪ ،‬وه و األول واآلخر‪ ،‬حيث ورد‪" :‬أن ا األل ف والي اء‬
‫المسيحيون ّ‬
‫(‪)46‬‬
‫المسيحية هو المسيح ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فإن الذي ُيلزم اإلنسان باألخالق في‬
‫البداية والنهاية األول واآلخر ‪ ...‬أنا يسوع" ‪ ،‬ولذلك ّ‬
‫وللمسيح ‪ ‬عند المسيحية السلطان الكامل في مغفرة الخطايا‪ ،‬حيث ورد‪" :‬ولكن لكي تعلموا أن البن اإلنسان سلطانا‬
‫على األرض‪ ،‬أن يغفر الخطايا"(‪ ،)47‬وقال للمرأة التي أخطأت‪" :‬مغفورة لك خطاياك"(‪.)48‬‬
‫بكل شيء حتى خفايا القلوب‪ ،‬وهذا بشهادة التالميذ له‪ ،‬حيث ورد‪" :‬اآلن نعلم أنك عالم بكل‬
‫كما أن المسيح ‪ ‬عالم ّ‬
‫شيء‪ ،‬ولست تحتاج أن يسألك أحد‪ ،‬لهذا نؤمن أنك من اهلل خرجت"(‪.)49‬‬
‫إن علم الغيب هلل وحده ال يشاركه أحد من خلقه‪ ،‬فاهلل تعالى وحده يعلم خفايا القلوب‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬ي ْعَل ُم َخاِئ َن َة ْ‬
‫اَأْلعُي ِن‬ ‫ّ‬
‫ور‪ :19[‬غافر]‪.‬‬ ‫َو َما تُ ْخ ِفي ُّ‬
‫الص ُد ُ‬
‫وقد جاء المسيح ‪ ‬ليكمل تعاليم التوراة‪ ،‬حيث قال‪" :‬ال تظنوا ّأني جئت ألنقض الناموس أو األنبياء‪ ،‬ما جئت ألنقض‬
‫(‪)50‬‬
‫الرب والمشرع والمعلم في العهد الجديد‪ ،‬لذلك فهو الذي وضع التعاليم والقيم األخالقية‪ ،‬ويبدو‬
‫بل ألكمل" ‪ ،‬فالمسيح هو ّ‬
‫ه ذا واض ًحا في أق وال المس يح‪ ،‬حيث ورد‪" :‬وأم ا أن ا ف أقول لكم ال تحلف وا البت ة"(‪ ،)51‬وقول ه‪" :‬وأم ا أن ا ف أقول لكم ال‬
‫أيضا‪" :‬وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطال‪ ،‬يكون مستوجب الحكم"(‪.)53‬‬ ‫(‪)52‬‬
‫تقاوموا الشر" ‪ ،‬وقال ً‬
‫أن المسيح هو من‬
‫الدالة على أقوال المسيح ‪ ،‬وهذا يدل على ّ‬
‫النصوص العديدة في العهد الجديد ّ‬
‫إلى غير ذلك من ّ‬
‫األخالقية عند المسيحيين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يضع التشريعات والقيم‬

‫‪150‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫بأن هذا في أصله قبل أن‬‫أن العهد الجديد بأخالقه وتعاليمه هو من اهلل تعالى‪ ،‬ويمكننا القول ّ‬
‫ويخبر المسيح ‪ّ ‬‬
‫يحر ف‪ ،‬حيث ورد‪" :‬كل الكتاب هو موحى به من اهلل‪ ،‬ونافع للتعليم والتوبيخ‪ ،‬للتقويم والتأديب الذي في البر"(‪.)54‬‬
‫ّ‬
‫يجدد‬
‫الخاص‪ ،‬حتى ّ‬
‫ّ‬ ‫قدم جسده‬‫محددا‪ ،‬بل ّ‬
‫ً‬ ‫منهجي ا‬
‫ً‬ ‫تعليم ا‬
‫يقدم ألتباعه ً‬
‫أن المسيح ‪ ‬في معتقد المسيحية لم ّ‬
‫غير ّ‬
‫المسيحية هي‬
‫ّ‬ ‫جديدا بأشكال جديدة‪ ،‬في تعاليم ُخلقية جديدة‪ ،‬فاألخالق‬
‫ً‬ ‫خلق ا‬
‫فقدم المسيح لإلنسان ً‬
‫اإلنسان والعالم بأسره‪ّ ،‬‬
‫عبارة عن ترجمة للحياة في المسيح(‪.)55‬‬
‫وأم ا أنا فأقول لكم"(‪،)56‬‬
‫ال‪" :‬قيل للقدماء ‪ّ ...‬‬
‫الرسمي لتوراة موسى ‪ ،‬وقد أثبت ذلك لليهود قائ ً‬
‫ّ‬ ‫عد المسيح الشارح‬
‫وي ّ‬
‫ُ‬
‫أيضا‪" :‬وهذا يعني ّأني" ال أنسخ ما قاله موسى‪ ،‬ولكنني شارح رسمي لما قاله"(‪.)57‬‬
‫وقائالً ً‬

‫(?) المرجع ذاته‪ ،‬ص‪.213‬‬ ‫‪12‬‬

‫(?) الم انع‪ ،‬م انع بن محم د بن علي‪ ،‬القيم األخالقي‪$‬ة بين اإلس‪$‬الم والغ‪$‬رب‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفض يلة‪ ،‬الري اض الس عودية‪1426 ،‬هـ‪-‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪2005‬م‪ ،‬ص‪.22-21‬‬
‫(?) رسالة بولس الرسول األولى إلى أهل كورنثوس‪.33 :15 ،‬‬ ‫‪21‬‬

‫(?) انظر‪ :‬منزريدي‪ ،‬جورج‪ ،‬األخالق المسيحية‪ ،‬نقله إلى العربية األب ميشال نجم‪ ،‬ص‪.6‬‬ ‫‪22‬‬

‫(?) انظر‪ :‬عبد النور‪ ،‬منيس‪ ،‬المحبة ال تسقط أبدا‪ ،‬إصحاح المحبة ‪ 1‬كورنثوس‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫‪23‬‬

‫(?) انظر‪ :‬منزريذي‪ ،‬األخالق المسيحية‪ ،‬ص‪.27‬‬ ‫‪24‬‬

‫(?) رسالة بطرس األولى‪.22 :1 ،‬‬ ‫‪25‬‬

‫(?) رسالة يوحنا الرسول األولى‪.21 :4 ،‬‬ ‫‪26‬‬

‫(?) رسالة بطرس األولى‪.8 :4 ،‬‬ ‫‪27‬‬

‫(?) انظر‪ :‬بباوي‪ ،‬وليم وهبه و منيس عبد النور و فايز فارس و أندريه ذكي و أنور ذكي‪ ،‬دائرة المعارف الكتابية‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪28‬‬

‫دار الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.61‬‬


‫(?) شنودة الثالث‪ ،‬حياة الفضيلة والبر‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪.8‬‬ ‫‪33‬‬

‫(?) انظر‪ :‬المرجع ذاته‪ ،‬ص‪.8‬‬ ‫‪34‬‬

‫(?) ياكوبوس‪ ،‬التدبير الداخلي في الحياة الروحية‪ ،‬مطرانية الزقازيق ومنيا القمح ط ‪ ،1‬األقباط األرثوذكس‪ ،‬الزقازيق‪2002 ،‬م‪،‬‬ ‫‪35‬‬

‫ص ‪.117‬‬
‫(?) لوقا‪.45 :6 ،‬‬ ‫‪36‬‬

‫(?) قميحة‪ ،‬جابر‪ ،‬مدخل إلى القيم اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب المصري‪ ،‬مصر القاهرة‪1404 ،‬هـ‪1984-‬م‪ ،‬ص‪.41‬‬ ‫‪37‬‬

‫(?) زهران‪ ،‬حامد عبد السالم‪ ،‬علم النفس اإلجتماعي‪ ،‬ط‪ ،4‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪1977 ،‬م‪ ،‬ص‪.133‬‬ ‫‪38‬‬

‫(?) الخالق‪ :‬وهو حسن خلقه‪ ،‬انظر‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫‪39‬‬

‫(?) األصفهاني‪ ،‬المفردات في غريب القران‪ ،‬ص‪.210‬‬ ‫‪40‬‬

‫(?) انظر‪ :‬الفيروز آبادي‪ ،‬مجد الدين محمد بن يعقوب (ت ‪817‬هـ)‪ ،‬بص‪$‬ائر ذوي التمي‪$‬يز في لط‪$‬ائف الكت‪$‬اب العزيز‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪43‬‬

‫محمد علي النجار‪ ،‬ط‪ ،3‬دار احياء التراث العربي‪ ،‬القاهرة مصر‪1416 ،‬هـ‪1996-‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.568‬‬
‫(?) انظر‪ :‬المانع‪ ،‬القيم األخالقية بين اإلسالم والغرب‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪44‬‬

‫(?) انظر‪ :‬فارس‪ ،‬فايز‪ ،‬علم األخالق المسيحية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.24-23‬‬ ‫‪45‬‬

‫(?) سفر الرؤيا‪.16-13 :22 ،‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪151‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مسيحي اإلقبال عليه‪ ،‬واإليمان به‪ ،‬حيث‬


‫ّ‬ ‫كل‬
‫أن المسيح ‪ ‬هو خبز الحياة‪ ،‬فينبغي على ّ‬
‫وقد جاء في العهد الجديد ّ‬
‫أبدا"(‪ ،)58‬فالمسيح ‪" ‬يريد أن ي رى جوع ك‬
‫ومن ُي ؤمن بي فال يعطش ً‬
‫ورد‪" :‬أن ا هو خبز الحي اة‪َ ،‬من ُيقب ل إلي فال يج وع‪َ ،‬‬
‫وشهوتك له‪ ،‬يريدك أن تتمسك به‪ ،‬وتصر أن يفتح قلبك‪ ،‬وأن تمتلئ من نعمته"(‪.)59‬‬
‫أيض ا‬
‫كما ورد في العهد الجديد األمر بالتمثل بشخصية المسيح ‪ ،‬حيث قال بولس‪" :‬كونوا متمثلين بي‪ ،‬كما أنا ً‬
‫بالمسيح"(‪.)60‬‬
‫أن المسيح هو صورة اهلل الذي‬
‫ألنهم يرون ّ‬
‫المسيحية من خالل االقتداء بالمسيح ‪‬؛ وذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ويتحقق االقتداء باهلل عند‬
‫ال ُيرى‪ ،‬فهو إله تام واحد مع األب في الجوهر(‪ ،)61‬فقد ورد عن المسيح ّأنه "صورة اهلل غير المنظور بكر كل خليقة"(‪.)62‬‬
‫أن المسيح هو‬
‫واإللزام في العهد الجديد واضح من خالل مشابهة المؤمنين للرب‪ ،‬حيث ُذكر في إنجيل يوحنا ّ‬
‫(‪)63‬‬
‫أيضا قول المسيح ‪‬‬
‫الحقيقي الذي ينير ك ّل إنسان آت إلى العالم" ‪ ،‬وورد ً‬
‫ّ‬ ‫"النور‬
‫األخالقي وتعاليمه‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫النور‪ ،‬فهو بسلوكه‬
‫‪" :‬أن ا ه و ن ور الع الم‪ ،‬من يتبع ني فال يمش ي في الظلم ة‪ ،‬ب ل يك ون ل ه ن ور الحي اة"(‪ ،)64‬وأم ر المس يح في العه د الجدي د‬
‫(‪)65‬‬
‫"وأم ا اآلن‬
‫أيض ا‪ّ :‬‬
‫النور‪ ،‬حيث قال‪" :‬فليضئ نوركم هكذا قدام الناس‪ ،‬لكي يروا أعمالكم الحسنة" ‪ ،‬وقال ً‬
‫بااللتزام بهذا ّ‬
‫(‪)66‬‬
‫الرب‪ ،‬اسلكوا كأوالد نور" ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فنور في‬

‫(?) سفر مرقس‪.10 :2 ،‬‬ ‫‪47‬‬

‫(?) سفر لوقا‪.48 :7 ،‬‬ ‫‪48‬‬

‫(?) سفر يوحنا‪.30 :16 ،‬‬ ‫‪49‬‬

‫(?) سفر متى‪.17 :5 ،‬‬ ‫‪50‬‬

‫(?) سفر متى‪.34 :5 ،‬‬ ‫‪51‬‬

‫(?) سفر متى‪.39 :5 ،‬‬ ‫‪52‬‬

‫(?) سفر متى‪.22 :5 ،‬‬ ‫‪53‬‬

‫(?) رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس‪.16 :3 ،‬‬ ‫‪54‬‬

‫(?) انظر‪ :‬منزريدي‪ ،‬األخالق المسيحية‪ ،‬ص‪.13‬‬ ‫‪55‬‬

‫(?) سفر متى ‪.22-21 :5‬‬ ‫‪56‬‬

‫(?) انظر‪ :‬بوتر‪ ،‬إيمان المسيحي وواجباته‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م‪ ،‬ص‪.32‬‬ ‫‪57‬‬

‫(?) سفر يوحنا‪.36 :6 ،‬‬ ‫‪58‬‬

‫(?) األب باسيليوس‪ ،‬أشبع الجياع‪ ،‬ط‪2010 ،1‬م‪ ،‬ص ص‪.4 ،2‬‬ ‫‪59‬‬

‫(?) رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس األولى‪.11 :1 ،‬‬ ‫‪60‬‬

‫(?) انظر‪ :‬منزريدي‪ ،‬األخالق المسيحية‪ ،‬ص‪.132‬‬ ‫‪61‬‬

‫(?) رسالة بولس إلى كولوسي‪.15 :1 ،‬‬ ‫‪62‬‬

‫(?) يوحنا‪.9 :1 ،‬‬ ‫‪63‬‬

‫(?) يوحنا‪.12 :8 ،‬‬ ‫‪64‬‬

‫(?) متى‪.16 :5 ،‬‬ ‫‪65‬‬

‫(?) رسالة بولس إلى أفسس‪.8 :5 ،‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪152‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫أن القيمة األخالقية الكبرى لحياة المسيح ‪ ‬وتعاليمه تكمن في شخصية المسيح الذي أعلن‬‫فالعهد الجديد يرى ّ‬
‫وحبه‪ ،‬لكي يسعى المسيحيون إلى اإليمان به‪ ،‬واالتكال علي ه‪،‬‬
‫للمسيحية في حياته‪ ،‬وتعليمه‪ ،‬وموته‪ ،‬وقيامته طبيعة اهلل ّ‬
‫وعمل روحه ليكونوا أبناء أبيهم الذي في السماوات(‪.)67‬‬
‫بد‬
‫ألن ذلك ال ّ‬
‫الروحي‪ ،‬إذ تعد من الفضائل الهامة؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫ومن مظاهر اإللزام في المسيحية الطاعة للكنيسة أو لألب‬
‫منه في التقدم الروحي‪ ،‬ولحفظ اإلنسان من الضالل ومن سوء األخالق(‪.)68‬‬
‫وعليه فإن اإللزام في المسيحية يكون من المسيح ‪‬؛ ألنهم يرون ّأنه المشرع لما يمتاز به من صفات تشابه اإلله‪،‬‬
‫بالرب عندهم يكون من خالل االقتداء بشخصية المسيح ‪.‬‬‫ّ‬ ‫غير أن االقتداء‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية‪:‬‬


‫عد الركن الثاني من أركان القيم األخالقية مسؤولية اإلنسان تجاه أفعاله وسلوكه‪ ،‬فأساس المسؤولية األخالقية‬
‫تُ ّ‬
‫أن اإلنسان يقدر أن يعمل ما يختاره‬
‫هو تحقيق إرادة اهلل التي توافق الطبيعة الكاملة للمسيح ‪ ،‬وهذه المسؤولية تستلزم ّ‬
‫شرا(‪.)69‬‬
‫خيرا كان أو ً‬
‫سواء ً‬
‫ظم العهد الجديد عالقة اإلنسان مع أفراد المجتمع‪،‬‬
‫فإذا ُوجد اإلنسان في مجتمع ينبغي عليه أن يتعايش معه‪ ،‬وقد ن ّ‬
‫ظم عالقته مع والدي ه‪ ،‬وأقارب ه‪ ،‬وزوجت ه‪ ،‬وأبنائه ‪ ...‬إلخ(‪ )70‬فق د ورد في رس الة ب ولس إلى أه ل‬
‫داء باألس رة‪ ،‬حيث ن ّ‬
‫ابت ً‬
‫(‪)71‬‬
‫وورد أيضا‪" :‬وأما أنتم األفراد فليحب كل واحد امرأته هكذا‬ ‫أفسس‪" :‬أكرم أباك وأمك التي هي أول وصية بوعد"‬
‫كنفسه"(‪.)72‬‬
‫الي ال ذي علي ه أن يعمل ه ويتعام ل ب ه تج اه غ يره (‪،)73‬‬
‫فتع اليم المس يح األخالقي ة تخ اطب اإلنس ان ب الواجب المث ّ‬
‫"إن الذي يزرع ه اإلنسان إي اه يحصد‬ ‫فاإلنس ان في العه د الجديد ه و المس ؤول األول عن أعمال ه وأفعال ه‪ ،‬حيث ورد‪ّ :‬‬
‫أيضا"(‪.)74‬‬
‫إال أنن ا ن رى وج ود التن اقض في نص وص العه د الجدي د‪ ،‬فعلى ال رغم من دعوت ه إلى محب ة الوال دين واألق ارب‬
‫والزوجة‪ ،‬نجـ ـــده في الوقت ذاته يدعو إلى بغضهم فمن ال يبغض أباه وأمه وأخوته وأقاربه ال يعد تلميذا للمسيح ‪،‬‬
‫فق ـ د ورد في إنجيل لوقا قوله‪" :‬إن كان أحد يأتي إلي وال يبغض أباه وأمه وامرأته وأوالده وأخوته وأخواته حتى نفس ه‬
‫أيضا فال يقدر أن يكون لي تلميذا"(‪.)75‬‬
‫داخلي لما هو صالح ولما هو غير ذلك" (‪،)76‬‬
‫ّ‬ ‫وتنبع مسؤولية اإلنسان في المسيحية من خالل ضميره الذي هو "إدراك‬
‫فمسؤولية اإلنسان تكمن في حفظ الوصايا اإللهية والعمل بها‪ ،‬فورد "إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا"(‪،)77‬‬
‫أيضا "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي"(‪.)78‬‬
‫وورد ً‬
‫وقد سئل المسيح ‪ ‬عن هذه الوصايا‪ ،‬فقال‪" :‬ال تقتل‪ ،‬ال تزن‪ ،‬ال تسرق‪ ،‬ال تشهد بالزور‪ ،‬أكرم أباك وأمك‪،‬‬
‫وأحب قريبك كنفسك"(‪.)79‬‬

‫(?) انظر‪ :‬فارس‪ ،‬علم األخالق المسيحية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.61‬‬ ‫‪73‬‬

‫(?) رسالة بولس أهل غالطية‪.7 :6 ،‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪153‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عظيما في ملكـ ـ ـوت‬


‫ً‬ ‫"أما من عمل وعلم‪ ،‬فهذا يدعى‬
‫وع ـ ـ ّد المسيح ‪ ‬من يعمل ويعلم غيره أعظم درجة‪ ،‬فقـ ـال‪ّ :‬‬
‫السماوات"(‪.)80‬‬
‫إن آدم هو المسؤول عن خطايا البشر بسبب عصيانه‬ ‫أن آدم ‪ ‬مسؤول عن ذنب غيره‪ ،‬حيث ّ‬ ‫وبين العهد الجديد ّ‬
‫ّ‬
‫(‪)81‬‬
‫كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم" ‪ ،‬ولهذا ذهب المسيحية إلى‬
‫لربه‪ ،‬فقد ورد في العهد الجديد‪" :‬من أجل ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫تكفيرا عن خطايا البشر‪ ،‬تعالى اهلل عن‬
‫ً‬ ‫أن اهلل أرسل ابنه الوحيد المسيح ‪ ‬إلى هذه األرض ليصلب‪ ،‬ويتعذب‪ ،‬ويموت‬
‫ّ‬
‫كبيرا‪.‬‬
‫علوا ً‬
‫ذلك ً‬
‫إ ًذا المسيح هو المسؤول عن خطايا البشر‪ ،‬وليس البشر أنفسهم‪ ،‬فالتوبة وحدها غير كافية للحصول على مغفرة‬
‫صلب‪ ،‬ومات على الصليب‪ ،‬ليك ّفر جميع خطايا البشر‪.‬‬
‫بأن المسيح ‪ُ ‬‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬فاإليمان عند المسيحية يكون في االعتقاد ّ‬
‫أن اإلنسان هو المسؤول األول عن ذنوب ه‬ ‫ويتضح من خالل ذلك وجود التن اقض في العه د الجدي د‪ ،‬حيث ورد ّ‬
‫وأعمالـه‪،‬‬
‫ال عن‬
‫ال عن ذنبه فقط‪ ،‬ويكون آدم ‪ ‬مسؤو ً‬
‫أن آدم ‪ ‬مسؤول عن خطايا البشر‪ ،‬فكيف يكون اإلنسان مسؤو ً‬
‫وكذلك ورد ّ‬
‫خطايا البشر جميعهم‪.‬‬
‫وعذب ُه‬
‫َ‬ ‫صلب المسيح‬
‫ويعاقب بذنب غيره‪ ،‬فاهلل تعالى عند المسيحيين َ‬
‫أن اإلنسان ُيحاسب ُ‬
‫وكذلك ورد في العهد الجديد ّ‬
‫(‪) 82‬‬
‫بسبب خطيئة آدم ‪ ،‬قال المسيح ‪" :‬هذا هو دمي الذي للعهد الجديد‪ ،‬الذي يسفك من أجل كثيرين‪ ،‬لمغفرة الخطايا" ‪.‬‬
‫(‪)83‬‬
‫أن "المسيح‬
‫أيضا في رسائل بولس ّ‬
‫وأخبر المسيح ‪ ‬عن نفسه ّأنه هو "حمل اهلل الذي يرفع خطية العالم" ‪ ،‬وورد ً‬
‫م ات من أج ل خطايان ا"(‪ ،)84‬إال أن ه يش ترط على اإلنس ان ح تى يغف ر المس يح ‪ ‬خطاي اه أن يع ترف به ا‪ ،‬حيث ورد"إن‬
‫اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل‪ ،‬حتى يغفر لنا خطايانا من كل إثم"(‪.)85‬‬
‫أن خطايا البشر مغفورة بإيمانهم بالمسيح ‪ ،‬إال ّأنه دعا الخطاة في العهد الجديد إلى التوبة‪ ،‬حيث‬
‫الرغم من ّ‬
‫وعلى ّ‬
‫(‪)86‬‬
‫أن اهلل "ي أمر جمي ع الن اس في ك ّل مك ان أن يتوب وا‪،‬‬
‫أيض ا ّ‬
‫رارا ب ل خط اة إلى التوب ة" ‪ ،‬كم ا ورد ّ‬
‫ق ال‪" :‬لم آت ألدع و أب ً‬
‫إيمان ا‪ ،‬إذ‬
‫يوما هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل‪ ،‬برجل قد عينه مقدما للجميع ً‬
‫ألنه أقام ً‬
‫متغاضيا عن أزمنة الجهل؛ ّ‬
‫ً‬
‫(‪)87‬‬
‫أقامه من األموات" ‪.‬‬
‫ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا‪ ،‬حيث ورد في إنجيل مرقس‪:‬‬
‫عم د في البرية‪ّ ،‬‬‫أيض ا ُي ّ‬
‫وقد كان يوحنا ً‬
‫(‪)88‬‬
‫"كان يوحنا يعمد في البرية‪ ،‬ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا" ‪.‬‬
‫أن‬
‫واضحا بين صلب المسيح لمغفرة خطايا البشر‪ ،‬وبين دعوة المسيح ‪ ‬إلى التوبة‪ ،‬فما فائدة ّ‬
‫ً‬ ‫تناقضا‬
‫ً‬ ‫وفي هذا نجد‬
‫المسيح يأمر الخطائين بالتوبة من ذنوبهم إذا كانت خطاياهم مغفورة‪.‬‬

‫ي‪:‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الجزاء األخالق ّ‬
‫معرضون للموت‪ ،‬والموت هو "انفصال النفس عن الجسد فتزول منه‬ ‫أن ك ّل المخلوقات ّ‬
‫يخبرنا العهد الجديد ّ‬
‫الحياة‪ ،‬وتنحل عناصره البسيطة‪ ،‬ويعود إلى التراب"(‪.)89‬‬

‫(?) مرقس‪.4 :1 ،‬‬ ‫‪88‬‬

‫‪154‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫النفس ال تموت وال تنام‬


‫أن ّ‬‫ويأتي الحساب والجزاء بعد الموت‪ ،‬وهو الركن الثالث من أركان القيم األخالقية‪ ،‬إال ّ‬
‫في اعتقاد المسيحية‪ ،‬فنفس األبرار والصالحين تذهب إلى السماء‪ ،‬حيث ورد في رسالة بولس الثانية إلى كورنثوس‪" :‬فإذا نحن‬
‫ألننا باإليمان نسلك ال بالعيان‪ ،‬فنثق‬
‫واثقون كل حين وعالمون ّأننا ونحن مستوطنون في الجسد‪ ،‬فنحن متغربون عن الرب؛ ّ‬
‫ونسر باألولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب"(‪.)90‬‬
‫إلي‪،‬‬
‫أيضا وآخذكم ّ‬
‫مكانا آتي ً‬
‫أيضا‪ ،‬حيث ورد قول المسيح‪" :‬وإ ن مضيت وأعددت لكم ً‬
‫الرب ً‬
‫ّ‬ ‫ويكون المسيح ‪ ‬عند‬
‫أيضا"(‪.)91‬‬
‫حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم ً‬
‫السماوات‪ ،‬فقد ورد فيها" فلنا‬
‫أيضا في رسالة بولس الثانية إلى كورنثوس ّأنه بعد موت األبرار يذهبون إلى ّ‬
‫وورد ً‬
‫في السماوات بناء من اهلل بيت غير مصنوع بيد‪ ،‬أبدي"(‪.)92‬‬
‫فإنه ا تذهب إلى جهنم‪ ،‬حيث القص اص والظالم‪ ،‬فقد ورد في انجي ل لوقا‪" :‬وم ات الغني‬
‫وأم ا نفوس األش رار‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫(‪)93‬‬
‫الرب "يحفظ األثمة‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫أيض ا في رسالة بطرس الثانية ّ‬
‫أيضا‪ ،‬ودفن‪ ،‬فرفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب" ‪ ،‬وورد ً‬
‫ً‬
‫(‪)94‬‬
‫الدين معاقبين" ‪.‬‬‫إلى يوم ّ‬
‫(‪)95‬‬
‫فإنه يبدأ الحساب‪ ،‬حيث يدين‬
‫وأما يوم القيامة‪ ،‬فحينما تقوم أجساد جميع البشر من التراب عند مجيء المسيح ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الناس في اليوم اآلخر حسب أعمالهم‪ ،‬فيلعن َمن كانت أعماله شريرة‪ ،‬ويبارك من كانت أعماله صالحة‪ ،‬حيث‬
‫المسيح ‪ّ ‬‬
‫فإنه تأتي ساعة فيها يسمع‬‫ألنه ابن الإنسان ال تتعجبوا من هذا‪ّ ،‬‬‫أيضا؛ ّ‬
‫سلطانا أن يدين ً‬
‫ً‬ ‫ورد في إنجيل يوحنا‪" :‬وأعطاه‬
‫جمي ع ال ذين في القب ور ص وته‪ ،‬فيخ رج ال ذين فعل وا الص الحات إلى قيام ة الحي اة‪ ،‬وال ذين عمل وا الس يئات إلى قيام ة‬
‫(‪)97‬‬ ‫(‪)96‬‬
‫ألن المسيحية‬
‫أحدا‪ ،‬بل قد أعطى كل الدينونة لالبن" ؛ ّ‬
‫أيض ا "األب ال يدين ً‬
‫الدينونة ‪ ...‬ودينونتي عادلة" ‪ ،‬وورد ً‬
‫(‪)98‬‬
‫يوم ا هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل‬
‫الرب "أقام ً‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫أيض ا ّ‬
‫رب الك ّل ‪ ،‬وورد ً‬ ‫أن هذا االبن هو ّ‬
‫يرون ّ‬
‫إيمانا"(‪.)99‬‬
‫مقدما للجميع ً‬
‫قد عينه ً‬
‫أن في ذلك اليوم اآلخر تكون حالة األبرار األخيرة هي حياة مقدسة في االتحاد باهلل‪ ،‬وأرواح‬‫ويرى المسيحيون ّ‬
‫أن هن اك تفاوتً ا في الس عادة واإلك رام في الس ماء‪ ،‬بحس ب اس تعداد ك ّل نفس للحي اة الس ماوية‪،‬‬
‫مكملة إلى األب د‪ ،‬إال ّ‬
‫(‪)100‬‬
‫وأمانتها للرب في هذه الحياة ‪.‬‬
‫أن البشر يتحدون مع اإلله في اليوم اآلخر‪ ،‬فكيف إلله عظيم قدير أن يتحد مع مخلوقاته؟!‬‫فيرى المسيحية ّ‬
‫أبدي ة‪ ،‬حيث ورد في العهد الجديد "وإ ن أعثرتك يدك‪ ،‬فاقطعها خير لك أن‬
‫الن ار ّ‬
‫أن ّ‬
‫وقد ّبينت أسفار العهد الجديد ّ‬
‫الن ار ال تي ال تطف أ"(‪ ،)101‬ويق ول المس يح ‪ ‬ي وم القيام ة‬
‫جهنم إلى ّ‬
‫ت دخل الحي اة أقط ع من أن تك ون ل ك ي دان‪ ،‬وتمض ي إلى ّ‬
‫(‪)102‬‬
‫وأم ا األشرار فيقول لهم‪" :‬اذهبوا عني يا‬
‫لألبرار‪" :‬تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" ‪ّ ،‬‬
‫مالعين إلى النار األبدية"(‪.)103‬‬
‫طعاما أبديًّا يعطيه المسيح للمؤمنين‪ ،‬حيث نقل عن المسيح ‪ ‬قوله‪" :‬اعملوا ال‬
‫ً‬ ‫أن فيها‬
‫وأما عن الجنة‪ ،‬فقد ورد ّ‬‫ّ‬
‫(‪)104‬‬
‫ألن اهلل اآلب قد ختمه" ‪.‬‬
‫األبدية الذي يعطيكم ابن االنسان؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫للطعام البائد‪ ،‬بل للطعام الباقي للحياة‬

‫(?) مرقس‪.9 :43 ،‬‬ ‫‪101‬‬

‫(?) متى‪.34 :25 ،‬‬ ‫‪102‬‬

‫(?) متى‪.41 :25 ،‬‬ ‫‪103‬‬

‫(?) يوحنا‪.27 :6 ،‬‬ ‫‪104‬‬

‫‪155‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أن المسيح ‪ ‬هو من‬


‫أن المسيحيين يعتقدون بوجود نعيم لألبرار وعذاب لألشرار يوم القيامة‪ ،‬إال ّ‬
‫وبهذا يتبين ّ‬
‫ألنهم يعتقدون ّأنه متصف بصفات اإلله‪.‬‬
‫يحاسبهم على أعمالهم؛ وذلك ّ‬

‫المبحث الثالث‬
‫موقف القرآن الكريم من أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد‬
‫ظم عالقة اإلنسان مع ربه‪ ،‬ومع نفسه‪ ،‬ومع غيره من البشر ومن المخلوقات‬
‫رباني‪ ،‬فهو ين ّ‬
‫ّ‬ ‫إن القرآن الكريم كتاب‬
‫ّ‬
‫اك ِإاَّل َر ْح َم‪ً $‬ة‬
‫س‪ْ$‬لَن َ‬
‫على أس اس من الرحم ة والع دل‪ ،‬فق د أرس ل اهلل تع الى س يدنا محم ًدا ‪ ‬رحم ة للع المين‪ ،‬ق ال تع الى‪َ :‬و َم‪$$‬ا َْأر َ‬
‫ِلْل َعاَل ِم َ‬
‫ين‪ :107[ ‬األنبياء]‪.‬‬
‫يفرق‬ ‫لكل البشر‪ ،‬فالقرآن الكريم ال ّ‬ ‫بأنه خطاب عام ّ‬ ‫ويتميز الخطاب القرآني في االلتزام بمنظومة القيم األخالقية‪ّ ،‬‬
‫‪$‬ار ُفوا ِإ َّن َْأك َ‪$‬ر َم ُكْم‬ ‫ِئ ِ‬ ‫اس ِإَّنا َخَل ْقَنا ُكم ِّمن َذ َكٍر َوُأنثَى َو َج َعْلَنا ُكْم ُ‬‫ُّها َّ‬
‫وبا َو َقَبا َل لتَ َع َ‬
‫ش‪ُ $‬ع ً‬ ‫الن ُ‬ ‫بين إنسان وآخر إال بالتقوى‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬يا َأي َ‬
‫ِإ َّ ِ‬ ‫ِع َ َّ ِ‬
‫فمن‬ ‫فإن القرآن الكريم ينظر إلى اإلنسان بناء على أعماله‪َ ،‬‬ ‫ير‪ :13[‬الحجرات]‪ ،‬وكذلك ّ‬ ‫يم َخ ِب ٌ‬
‫ند الله َأتْقَا ُك ْم َّن الل َه َعل ٌ‬
‫وأعجمي إال بالتقوى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عربي‬
‫ّ‬ ‫فإن اهلل تع الى يعذب ه‪ ،‬وبهذا فال فرق بين‬ ‫يعمـ ـــل الصالحات‪ ،‬فله أجر عظيم‪ ،‬ومن يسيء ّ‬
‫الس ‪ِّ$‬يَئ ِ‬ ‫الص ِال ُح َيْرفَ ُع ُه َوالَِّذ َ‬ ‫صع ُد ا ْل َكِلم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان ي ِر ُ ِ ِ ِ ِ‬
‫ات‬ ‫ون َّ‬
‫ين َي ْم ُك‪$ُ $‬ر َ‬ ‫ب َوا ْل َع َم ُل َّ‬
‫الطِّي ُ‬ ‫ُ‬ ‫يد ا ْلعَّزةَ َفللَّه ا ْلعَّزةُ َجم ً‬
‫يعا ِإلَ ْيه َي ْ َ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬من َك َ ُ‬
‫ور‪ :10[‬فاطر]‪.‬‬ ‫ِئ‬ ‫ش ِد ٌ‬
‫يد َو َم ْك ُر ُْأولَ َك ُه َو َي ُب ُ‬ ‫اب َ‬
‫لَ ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫وأن اعتناق اإلسالم ال‬ ‫أحدا على تغيير دينه‪ّ ،‬‬ ‫كما ّأننا نجد القرآن الكريم يحترم أتباع األديان األخرى‪ ،‬فال يجبر ً‬
‫اء‬
‫ش‪َ $‬‬ ‫يك ون إال عن رض ا واختي ار ويقين‪ ،‬حيث ق ال تع الى‪ :‬ال ِإ ْك‪$َ $‬راهَ‪ِ  ‬في‪ ‬ال‪$$‬د ِ‬
‫ِّين‪ :256[‬البق رة]‪ ،‬وق ال تع الى‪ :‬فَ َم ْن‪َ  ‬‬
‫اء َف ْل َي ْكفُْر‪ :29[‬الكهف]‪.‬‬
‫ش َ‬‫َف ْل ُيْؤ ِم ْن َو َم ْن َ‬
‫والواقعي ة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫برباني ة المصدر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لكل مكان وزمان‪ ،‬فهو يمتاز‬
‫جميع ا‪ ،‬فهو صالح ّ‬
‫ً‬ ‫للن اس‬
‫فالقرآن الكريم كتاب هداية ّ‬
‫فإن ه يتصف بها في‬
‫أن األخالق في اإلسالم عبارة عن أخالق إذا رسخت في نفس اإلنسان‪ّ ،‬‬
‫والثبات‪ ،‬والمرونة‪ ،‬ولهذا نجد ّ‬
‫ألنها‬
‫حث عليه اإلسالم؛ ّ‬ ‫أهم ما ّ‬‫عد من ّ‬‫فإن األخالق تُ ّ‬
‫تلقائي ة دون حاجة إلى جهد‪ ،‬لذلك ّ‬‫ك ّل أوقاته‪ ،‬فتصدر عنه بصورة ّ‬
‫الناس‪.‬‬‫الشخصي للفرد‪ ،‬لينسجم مع أفراد مجتمعه‪ ،‬ويتعايش معهم‪ ،‬ويحافظ من خاللها على حقوق ّ‬ ‫ّ‬ ‫تتعلق بالسلوك‬
‫ان لَ ُكم‪ِ  ‬في‪ ‬رس ِ ِ‬
‫سَنة ‪:21[‬‬ ‫ول اللَّه ْ‬
‫ُأسَوةٌ َح َ‬ ‫َ ُ‬ ‫بالنبي ‪ ،‬حيث قال تعالى‪ :‬لَقَ ْد َك َ ْ‬
‫ّ‬ ‫ونجد القرآن الكريم يحث على االقتداء‬
‫اإلسالمية نجدها متمثلة في شخص سيدنا محمد ‪ ،‬فقد مدح اهلل تعالى في القرآن الكريم النبي‬ ‫ّ‬ ‫ألن األخالق‬‫األحزاب]؛ وذلك ّ‬
‫ق َع ِظ ٍيم‪ :4[‬القلم]‪.‬‬
‫‪ ‬بقوله‪َ  :‬وِإ َّن َك لَ َعلَى ُخلُ ٍ‬
‫رد قوم هود ‪ ‬عندما دعاهم إلى التوحيد‪ ،‬وترك ملذات الدنيا‪ ،‬حيث قال‬ ‫أيضا في سياق ّ‬ ‫الخلُق ً‬ ‫وقد وردت لفظة ُ‬
‫للنبي هو عادة آبائهم‪ ،‬وأجدادهم‪ ،‬وما‬
‫ّ‬ ‫أن تكذيب الكفار‬ ‫األوِل َ‬
‫ين‪ :137[‬الشعراء]‪ ،‬أي ّ‬ ‫ق َّ‬ ‫تعالى على لسانهم‪ِ :‬إ ْن‪َ  ‬ه َذا‪ِ ‬إال ُخلُ ُ‬
‫جرى عليه أمرهم‪.‬‬
‫ين‬ ‫والبيان‪ ،‬وتزكية النفوس‪ ،‬فقد قال تعالى‪ُ  :‬هَو الَِّذي َب َع َث ِفي ِّ‬
‫اُأْلمِّي َ‬ ‫وقد كانت المهمة األساسية للرسول ‪ ‬التبليغ‪،‬‬
‫ين‪ :2[‬الجمعة]‪،‬‬ ‫‪$‬اب َوا ْل ِح ْك َم‪َ $‬ة َوِإن َك‪$$‬ا ُنوا ِمن قَْب‪ُ $‬ل‪ ‬لَ ِفي َ‬
‫ض ‪$‬اَل ٍل ُّم ِب ٍ‬ ‫ِ‬‫آي ِات‪$ِ $‬ه َو ُي‪$َ $‬ز ِّكي ِه ْم َو ُي َعلِّ ُم ُه ُم‬
‫ا ْلكتَ‪َ $‬‬ ‫س ‪$‬واًل ِّم ْن ُه ْم َي ْتلُ‪$$‬و َعلَ ْي ِه ْم َ‬
‫َر ُ‬
‫وتزكية النفوس تعني تطهيرها‪ ،‬وإ نماء الخير فيها‪ ،‬وإ بعادها عن الشر‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫إن تحري ف العه د الجدي د ه و الس بب ال رئيس لم ا ورد في ه من نقص‪ ،‬وخل ل‪ ،‬ومعارض ة للعق ل والفط رة في أخالق‬
‫ّ‬
‫ربانية القرآن الكريم‪ ،‬وحفظ اهلل تعالى له من تلك النقائص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المسيحية‪ ،‬في حين نجد‬
‫عب ر عنها بالسلوك‪ ،‬وذلك في‬
‫المسيحية لم يرد ذكره في العهد الجديد إال مرة واحدة‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫فلفظ األخالق في‬
‫الردية تفسد األخالق الجيدة"(‪.)105‬‬
‫ّ‬ ‫فإن المعاشرات‬
‫رسائل بولس في قوله‪" :‬ال تضلوا ّ‬
‫النفس ت دفع اإلنس ان لفع ل الخ يرات‪ ،‬والتغلب على ك ّل ن وازع الش ر‪ ،‬ل ذلك‬
‫وق د ورد لف ظ الفضيلة بمعنى ق وة في ّ‬
‫فاألخالق في المسيحية تشير إلى الثبات واالعتياد في السلوك‪.‬‬
‫أن دعوة المسيح ‪ ‬قائمة على المحبة والفضائل الحسنة‪ ،‬لذلك فهي تعتمد بصورة رئيسة‬
‫ونجد في العهد الجديد ّ‬
‫على نقاء القلب‪.‬‬
‫نص‬
‫النهي عن الضالل والفساد‪ ،‬لئال تفسد األخالق الحسنة‪ ،‬فلم يرد ّ‬
‫أن الخطاب في العهد الجديد جاء بصيغة ّ‬ ‫إال ّ‬
‫وأم ا الخطاب‬
‫معينة تندرج جميعها تحت خلق المحبة‪ّ ،‬‬ ‫صريح في الحث على األخالق‪ ،‬وإ ّنما وردت أوامر بالتحلي بأخالق ّ‬
‫واقعي ة ومرون ة‪ ،‬حيث ّإن ه أمرن ا ب األخالق من خالل االقت داء‬
‫ّ‬ ‫رآني فق د ج اء ب الحث على مك ارم األخالق بص ورة أك ثر‬
‫الق ّ‬
‫النبي محمد ‪.‬‬
‫بأخالق ّ‬
‫إلهية‪،‬‬
‫ألن المسيح في العهد الجديد يتصف بصفات ّ‬ ‫األخالقية في العهد الجديد هو المسيح ‪‬؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫فإن مصدر القيم‬
‫وكذلك ّ‬
‫الناس يوم الدينونة‪ ،‬ولهذا نجد ك ّل التعاليم‬
‫فهو من يضع التشريعات‪ ،‬ويغفر الخطايا‪ ،‬ويعرف خفايا القلوب‪ ،‬وهو من يحاسب ّ‬
‫األخالقية متمثلة في شخص المسيح ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ربانية المصدر‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫فإن أهم ما يميزها ّأنها ّ‬
‫األخالقية في القرآن الكريم هو اهلل‪ ،‬لذا ّ‬
‫ّ‬ ‫أن مصدر القيم‬ ‫في حين ّ‬
‫‪‬وما ي ِ‬
‫ق َع ِن ا ْل َه َوى‪ِ ‬إ ْن ُه َو ِإاَّل َو ْح ٌي ُي َ‬
‫وحى‪ :3-4[‬النجم]‪ ،‬فاهلل تعالى هو اآلمر بكل األوامر والتشريعات‪.‬‬ ‫نط ُ‬ ‫ََ َ‬
‫إن القرآن الكريم صالح لكل مكان وزمان‪،‬‬‫والشمولية‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫بالواقعي ة‪ ،‬والمرونة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اإللهي ة‬
‫ّ‬ ‫وكذلك تمتاز األوامر‬
‫ُّها‬
‫الن اس‪ ،‬كم ا في قول ه تعالى‪َ :‬يا َأي َ‬ ‫اإلنساني للفرد‪ ،‬فيخاطب في بعض آياته العامة جميع ّ‬ ‫ّ‬ ‫الناس‪ ،‬ويراعي التكوين‬
‫ولجميع ّ‬
‫آم ُنوا‪ :153[‬البق رة]‪،‬‬ ‫ُّها الَّ ِذ َ‬
‫ين َ‬ ‫اس‪ :13[ ‬الحجرات]‪ ،‬وتارة نجده يخاطب المؤمنين خاص ة‪ ،‬كم ا في قول ه تع الى‪َ  :‬يا َأي َ‬ ‫َّ‬
‫الن ُ‬
‫ف ُخِل َق ْت‪ :17[‬الغاشية]‪ ،‬وقوله تعالى‪َ :‬أ َفال‬ ‫ون ِإَلى‪ ‬اِإْل ِبِل‪َ  ‬كْي َ‬
‫ظُر َ‬
‫وتارة نجده يخاطب أصحاب العقول‪ ،‬كما في قوله‪َ :‬أ َفاَل َين ُ‬
‫ألن مص دره‬
‫الن اس وأح والهم؛ وذل ك ّ‬
‫فإن ه ي راعي ق درات جمي ع ّ‬ ‫آن َْأم َعَلى ُقلُ‪ٍ $‬‬
‫‪$‬وب َأ ْق َفالُ َها ‪ :24[‬محمد]‪ ،‬وهك ذا ّ‬ ‫ون اْلقُ‪$ْ$‬ر َ‬
‫َيتَ‪$َ $‬دبَُّر َ‬
‫رباني يوافق عقل اإلنسان وفطرته‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفطري الذي جبل اهلل تعالى عليه اإلنسان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫فإنها تعني في القرآن الكريم "االستعداد‬
‫المسؤولية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وأم ا بخصوص‬ ‫ّ‬
‫ليصلح للقيام برعاية ما كلفه به من أمور تتعلق بدينه ودنياه‪ ،‬فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الثواب‪ ،‬وإ ن فرط فيها‬
‫حصل له العقاب"(‪.)106‬‬
‫أحدا بسبب ذنب غيره‪،‬‬
‫أن ك ّل إنسان مسؤول عن ذنبه‪ ،‬فال يعاقب اهلل ً‬ ‫فالمسؤولية في القرآن الكريم تقتضي ّ‬ ‫ّ‬
‫حيث ورد في القرآن الكريم‪َ  :‬واَل تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر ْ‬
‫ُأخَرى‪[‬األنعام‪.]164 :‬‬
‫الن اس‪ ،‬وتش مل جمي ع‬ ‫عام ة لك ّل ّ‬
‫ؤولية في الق رآن الك ريم ب العموم‪ ،‬والثب ات‪ ،‬والش مول‪ ،‬حيث ّإنه ا ّ‬ ‫وتمت از المس ّ‬
‫‪$‬وه ْم ِإَّن ُه ْم‬
‫‪$‬ون‪[‬الحجر‪ ،]93-92 :‬وق ال تع الى‪َ  :‬و ِقفُ‪ُ $‬‬ ‫َأج َم ِعي َن َع َّما َك‪$$‬ا ُنوا َي ْع َملُ‪َ $‬‬
‫س ‪َ$‬ألَ َّن ُه ْم ْ‬
‫ج وانب الحي اة‪ ،‬ق ال تع الى‪ :‬فََوَرِّب َك لََن ْ‬
‫ِ‬
‫ون‪ :44[‬الزخ رف]‪ ،‬فاإلس الم راعى جمي ع‬ ‫س‪َ$‬ألُ َ‬
‫ف تُ ْ‬ ‫ون‪ :24[ ‬الص افات]‪ ،‬وقول ه تع الى‪َ  :‬وِإ َّن ُه لَذ ْكٌر لَّ َك َوِلقَ ْو ِم َك َو َ‬
‫س‪ْ $‬و َ‬ ‫سُئولُ َ‬
‫َم ْ‬
‫وأن اهلل تعالى ال يعاقب اإلنسان إال إذا أقيمت الحجة عليه‪ ،‬وذلك عند إرسال الرسل‪ ،‬قال اهلل تعالى‪َ :‬و َما ُكَّنا‬ ‫جوانب الحياة‪ّ ،‬‬

‫‪157‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ؤولية‬
‫طا إذا توافرت فيه دخل في إطار المس ّ‬ ‫فإن للمكلف في اإلسالم شرو ً‬
‫سواًل ‪ :15[‬اإلسراء]‪ ،‬وكذلك ّ‬ ‫ُم َعِّذِب َ‬
‫ين َحتَّ ٰى َن ْب َع َث َر ُ‬
‫جميع ا‪ ،‬وه ذه الش روط هي‪ :‬اإلس الم‪ ،‬والبل وغ‪ ،‬والعق ل‪ ،‬والق درة على الفع ل أو ال ترك‪،‬‬
‫ً‬ ‫ال تي يحاس ب اهلل عليه ا الن اس‬
‫س‪َ $‬ع َها ‪ :286 [‬البق رة]‪ ،‬وق د ورد عن الرس ول ‪ ‬قول ه‪"ُ :‬رف ع القلم عن‬ ‫ف َّ‬
‫الل ُه َن ْفس‪$‬اً ِإاَّل ُو ْ‬ ‫وحري ة اإلرادة‪ ،‬ق ال اهلل تع الى‪ :‬ال ُي َكِّل ُ‬
‫ّ‬
‫(‪)107‬‬
‫ثالث‪ :‬عن المجنون المغلوب على عقله‪ ،‬وعن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى يحتلم" ‪.‬‬
‫خاضعا إلنسان آخر‪ ،‬كما ورد في العهد‬
‫ً‬ ‫مي ز اهلل تع الى اإلنسان عن باقي المخلوقات‪ ،‬فلم يجعل اإلنسان‬
‫وقد ّ‬
‫الجديد الذي جعل اإلنسان تحت رحمة المسيح ‪.‬‬

‫(?) انظر‪ :‬فارس‪ ،‬علم األخالق المسيحية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.65‬‬ ‫‪67‬‬

‫(?) انظر‪ :‬منزريدي‪ ،‬األخالق المسيحية ص‪.97‬‬ ‫‪68‬‬

‫(?) انظر‪ :‬أنِس‪ ،‬جيمس‪ ،‬علم الالهوت النظامي ‪ ،‬تحقيق‪ :‬منيس عبد النور‪ ،‬الكنيسة اإلنجيلية‪ ،‬القاهرة –مصر‪ ،‬ص‪.93‬‬ ‫‪69‬‬

‫(?) انظر‪ :‬فارس‪ ،‬علم األخالق المسيحية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.61‬‬ ‫‪70‬‬

‫(?) رسالة بولس إلى أهل أفسس ‪.6 :12‬‬ ‫‪71‬‬

‫(?) رسالة بولس إلى أهل أفسس‪.5 :33 ،‬‬ ‫‪72‬‬

‫(?) لوقا‪.14 :26 ،‬‬ ‫‪75‬‬

‫(?) م ايلز‪ ،‬ج ون وس ارة‪ ،‬أخالقي‪$$‬ات الكت‪$$‬اب المق‪$$‬دس‪ ،‬ترجمة‪ :‬ص الح عباس ي‪ ،‬ط‪ ،2‬الجامع ة الدولي ة للدراس ات‪USA ،‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪2007‬م‪ ،‬ص‪.41-40‬‬
‫(?) متى‪.18 :19 ،‬‬ ‫‪77‬‬

‫(?) يوحنا‪.15 :14 ،‬‬ ‫‪78‬‬

‫(?) متى‪.19-18 :19 ،‬‬ ‫‪79‬‬

‫(?) متى‪.19 :5 ،‬‬ ‫‪80‬‬

‫(?) رسالة بولس إلى أهل رومية‪.12 :5 ،‬‬ ‫‪81‬‬

‫(?) متى‪.28 :26 ،‬‬ ‫‪82‬‬

‫(?) يوحنا‪.29 :1 ،‬‬ ‫‪83‬‬

‫(?) رسالة بولس األولى إلى أهل كورنثوس‪.3 :15 ،‬‬ ‫‪84‬‬

‫(?) رسالة يوحنا الرسول األولى‪.9 :1 ،‬‬ ‫‪85‬‬

‫(?) متى‪.13 :9 ،‬‬ ‫‪86‬‬

‫(?) أعمال الرسل‪.31-30 :17 ،‬‬ ‫‪87‬‬

‫(?) َأنس‪ ،‬جيمس‪ ،‬علم الالهوت النظامي‪ ،‬ص‪.642‬‬ ‫‪89‬‬

‫(?) رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس‪.8-6 :5 ،‬‬ ‫‪90‬‬

‫(?) يوحنا‪.3 :14 ،‬‬ ‫‪91‬‬

‫(?) رسالة بولس الثانية إلى كورنثوس‪.1 :5 ،‬‬ ‫‪92‬‬

‫(?) لوقا‪.23-22 :16 ،‬‬ ‫‪93‬‬

‫(?) رسالة بطرس الثانية‪.9 :2 ،‬‬ ‫‪94‬‬

‫(?) انظر‪َ :‬أنس‪ ،‬علم الالهوت النظامي‪ ،‬ص ‪.755‬‬ ‫‪95‬‬

‫‪158‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان‬

‫وم يز اهلل تعالى اإلنسان في القرآن الكريم بتسخير الكون بكل ما فيه لمنفعته؛ وذلك ليستطيع أداء واجبه على‬ ‫ّ‬
‫‪$‬ه‪ :13[‬الجاثية]‪ ،‬وق ال اهلل تع الى‪َّ  :‬الِذي‬ ‫يعا‪ِّ  ‬مْن ُ‬ ‫ات وما‪ِ  ‬في‪ ‬اَأْلر ِ ِ‬
‫ض َجم ً‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الس‪َ $‬م َاو َ َ‬ ‫س َّخَر َل ُكم‪َّ  ‬ما ِفي‪َّ  ‬‬
‫أكمل وج ه‪ ،‬ق ال اهلل تع الى‪َ :‬و َ‬
‫ي ِفي ا ْل َب ْ‪$‬‬
‫ح ِر‬ ‫‪$‬ك ِلتَ ْ‪$‬‬
‫ج ِر َ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬
‫‪َ$‬أخَر َج ِب‪$$‬ه‪ ‬م َن‪ ‬الث َم‪$َ $‬رات ِرْزقً‪$$‬ا لَّ ُك ْمَو َ‬
‫س‪َّ $‬خَر َل ُك ْم‪ ‬ا ْل ُفْل‪َ $‬‬ ‫ض َوَأن‪$َ $‬ز َل‪ِ  ‬م َن‪َّ  ‬‬
‫الس‪َ $‬ماء َم‪$$‬اء َف‪ْ $‬‬ ‫اَألر َ‬ ‫ِ‬
‫الس‪َ $‬م َاوات َو ْ‬ ‫‪$‬ق َّ‬ ‫َخَل‪َ $‬‬
‫س َوا ْلقَ َم َر َداِئ َب ْي ِن‪ ،32-33[‬إبراهيم]‪.‬‬ ‫س َّخ َر لَ ُك ْم َّ‬
‫الش ْم َ‬ ‫َأم ِر ِه‪َ  ‬و َ‬
‫س َّخ َر لَ ُك ْم‪َ  ‬‬
‫اَأْلنه َار َو َ‬ ‫ِب ْ‬
‫وفض له على سائر المخلوقات بالعقل‪ ،‬فيستطيع اإلنسان بعقله أن يتفكر في ما‬
‫كرم اهلل تعالى اإلنسان‪ّ ،‬‬
‫وكذلك فقد ّ‬
‫رب ا يحمي ه‪ ،‬ق ال‬ ‫أن له ذا الك ون ً‬ ‫أبدع ه اهلل تع الى في ه ذا الك ون‪ ،‬ويت دبر م ا في ه للوص ول إلى الس عادة والطمأنين ة‪ ،‬في درك ّ‬
‫‪$‬ير ِم َّم ْن َخلَ ْق َن‪$$‬ا‬
‫اه ْم َعلَ ٰى َك ِث‪ٍ $‬‬
‫ض ‪ْ $‬ل َن ُ‬ ‫الط ِّيب‪ِ $‬‬
‫‪$‬ات َوفَ َّ‬ ‫‪$‬اهم ِفي ا ْلب‪$ِّ $‬ر وا ْلب ْح‪ِ $‬ر ور َز ْق َن‪ِ ُ $‬‬
‫‪$‬اه ْم م َن َّ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫تع الى‪َ  :‬ولَقَ‪$ْ $‬د َك َّر ْم َن‪$$‬ا َب ِني َ‬
‫آد َم‪َ  ‬و َح َم ْل َن‪ْ ُ $‬‬
‫س ِن تَ ْق ِو ٍيم‪ :4[‬التين]‪.‬‬ ‫ان‪ِ  ‬في‪ْ  ‬‬
‫َأح َ‬ ‫تَ ْفضياًل ‪ :70[‬اإلسراء]‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬لَقَ ْد َخلَ ْق َنا اِإْل َ‬
‫نس َ‬ ‫ِ‬
‫فإن اليوم اآلخر في اإلسالم هو ركن من‬
‫األخالقي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫األخالقية‪ ،‬وهو الجزاء‬
‫ّ‬ ‫وأما بشأن الركن الثالث من أركان القيم‬
‫ّ‬
‫أركان اإليمان‪ ،‬فال يكتمل إيمان المؤمن إال به‪ ،‬وفيه يجمع اهلل الخالئق يوم القيامة‪ ،‬ليحاسبهم على أعمالهم‪.‬‬
‫فإننا نجد المسيح ‪ ‬هو المسؤول عن يوم الدينونة‪ ،‬فتذهب نفس األبرار إلى السماء بعد الموت‪،‬‬
‫وأما في العهد الجديد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫فإنها تذهب إلى جهنم‪ ،‬حيث القصاص والظالم‪ ،‬ويكون ذلك عندما تقوم جميع‬
‫وأما نفوس األشرار‪ّ ،‬‬
‫حيث يكون المسيح ‪ّ ،‬‬
‫أجساد البشر من التراب‪ ،‬فيبدأ الحساب‪ ،‬حيث يدين المسيح ‪ ‬الخالئق في اليوم اآلخر حسب التزامهم بالوصايا واألوامر‪.‬‬
‫وورد أن دينونة المسيح ‪ ‬عادلة‪ ،‬فتكون حالة األبرار األخيرة هي حياة مقدسة تتحد مع اهلل‪ ،‬ويكون هناك تفاوت‬
‫األبدية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النار‬
‫ثم يكون مصيرهم في ّ‬ ‫فإن المسيح يلعنهم‪ّ ،‬‬
‫وأما حالة األشرار ّ‬
‫في الثواب والسعادة‪ّ ،‬‬
‫إلهي‪ ،‬أو‬
‫األخالقي في القرآن الكريم هو ما يترتب على أفعال المكلف المسؤول من ثواب ّ‬
‫ّ‬ ‫في حين ّأننا نجد الجزاء‬
‫أحدا‪ ،‬قال اهلل‬
‫حق حّقه فال يظلم ً‬‫كل ذي ّ‬ ‫إن اهلل تعالى يعطي ّ‬ ‫اإللهي في القرآن الكريم بالعدل‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلهي‪ ،‬ويمتاز الجزاء‬ ‫عقاب ّ‬
‫يما‪ :40[‬النس اء]‪ ،‬وق ال تع الى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫فها‪َ  ‬و ُي‪ْ$‬ؤ ِت‪ِ  ‬م ْن‪ ‬لَ ُد ْن ُ‬ ‫تعالى‪ِ :‬إ َّن اللَّه اَل ي ْظِلم ِمثْقَ‪$‬ال َذ َّرة وِإ ْن تَ‪ُ $‬ك حس‪َ $‬نة‪ ‬ي َ ِ‬
‫َأج ًرا َعظ ً‬‫‪$‬ه ْ‪$‬‬ ‫ض‪$‬اع َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِئ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ‬و َم ْن َي ْع َم ْل ِم َن‪َّ  ‬‬
‫ون‪ ‬اْل َجَّن َة‪َ  ‬واَل ُي ْظَل ُم َ‬
‫ون َنق ًيرا‪ :124[‬النس اء]‪ ،‬وق ال تع الى‪:‬‬ ‫الصال َحات‪ ‬م ْن‪َ  ‬ذ َك ٍر‪َْ  ‬أوُأْنثَ ٰى‪َ  ‬و ُهَو ُمْؤ ِم ٌن َفُأوَل َك َي ْد ُخلُ َ‬
‫اب‪ :6[‬الرعد]‪.‬‬ ‫يد ا ْل ِعقَ ِ‬ ‫ش ِد ُ‬ ‫اس َعلَ ٰى ظُ ْل ِم ِه ْم َوِإ َّن َرب َ‬
‫َّك لَ َ‬ ‫َّك لَ ُذو َم ْغ ِف َر ٍة لِّ َّلن ِ‬
‫‪َ‬وِإ َّن َرب َ‬

‫(?) يوحنا‪.30-27 :5 ،‬‬ ‫‪96‬‬

‫(?) يوحنا‪.22 :5 ،‬‬ ‫‪97‬‬

‫(?) أعمال الرسل‪.36 :10 ،‬‬ ‫‪98‬‬

‫(?) أعمال الرسل‪.31 :17 ،‬‬ ‫‪99‬‬

‫(?) انظر‪َ :‬أنس‪ ،‬علم الالهوت النظامي‪ ،‬ص‪.767‬‬ ‫‪100‬‬

‫(?) رسالة بولس األولى إلى أهل كورنثوس‪.33 :15 ،‬‬ ‫‪105‬‬

‫(?) أفضل‪ ،‬سجاد أحمد بن محمد أفضل‪ ،‬المس‪$‬ؤولية والج‪$‬زاء في الق‪$‬رآن الك‪$‬ريم‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‬ ‫‪106‬‬

‫العالمية‪ ،‬اسالم آباد ‪ -‬باكستان‪1428 ،‬هـ‪2007-‬م‪ ،‬ص‪.15‬‬


‫(?) أخرجه الحاكم في المستدرك‪ ،‬الحاكم النيسابوي‪ ،‬محمد بن عبد اهلل‪ ،‬المس‪$‬تدرك على الص‪$‬حيحين‪ ،‬ص‪ ،223‬حديث رقم‬ ‫‪107‬‬

‫‪ ،949‬قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬

‫‪159‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إن اهلل تعالى يرحم عباده المؤمنين‪ ،‬ويغفر لهم‬ ‫األخالقي في القرآن الكريم بالرحمة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكذلك يمتاز الجزاء‬
‫‪$‬ة َال‬ ‫الر ْحم‪َ $‬ة َلي ْجمع َّن ُكم ِإَلى ي‪$‬وِم ا ْل ِقيام ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ات واَألر ِ ِ ِ‬ ‫سيئاتهم‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ُ  :‬قل لِّمن َّما‪ِ  ‬في‪ِ َّ  ‬‬
‫ََ‬ ‫َْ‬ ‫ض ُقل لّله َكتَ َب َعَلى َن ْفسه َّ َ َ َ َ ْ‬ ‫الس َم َاو َ ْ‬ ‫َ‬
‫يه‪ :12[ ‬األنعام]‪.‬‬ ‫ر ْيب ِف ِ‬
‫َ َ‬
‫ش ْي ٍء‪ :156[‬األعراف]‪ ،‬وفي سورة‬ ‫كما ورد ذكر الرحمة في سورة األعراف في قوله تعالى‪َ :‬وَر ْح َمِتي‪َ  ‬و ِس َع ْت ُك َّل َ‬
‫غافر في قول ه تع الى‪ :‬رَّبَنا و ِسع َت ُك َّل َ ٍ‬
‫أن اهلل تع الى يغف ر لمن‬ ‫ش ْيء َر ْح َم ًة َو ِعْل ًما‪ :7[‬غ افر]‪ ،‬وورد في الق رآن الك ريم ب ّ‬ ‫َ َ ْ‬
‫س‪$$‬اَل ٌم َعَل ْي ُك ْم َكتَ َب َرُّب ُك ْم َعَلى َن ْف ِس‪ِ $$‬ه َّ‬
‫الر ْح َم‪َ $$‬ة‬ ‫‪$‬ون ِب ِ‬
‫ين ُيْؤ ِم ُن ‪َ َ $‬‬
‫َآيات َن ‪$$‬ا َف ُق ‪$ْ $‬ل َ‬ ‫‪$‬اء َك َّالِذ َ‬
‫ثم ت اب إلي ه‪ ،‬ق ال تع الى‪َ  :‬وِإ َذا َج‪َ $‬‬ ‫عص اه ّ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ََّأن ُه‪ ‬م ْن‪ ‬ع ِم َل ِم ْن ُكم س‪$‬وءا ِبجهاَل ٍ‪$‬ة ثَُّم تَ ِ‬
‫أن‬ ‫أيض ا ّ‬ ‫وبين الق رآن الك ريم ً‬ ‫يم‪ :54[‬األنع ام]‪ّ ،‬‬ ‫‪$‬ور َرح ٌ‬ ‫َأص‪َ$‬ل َح َف ََّأن ُه َغفُ ٌ‬
‫‪$‬اب‪ ‬م ْن‪َ  ‬ب ْع‪$‬ده َو ْ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ ً ََ‬ ‫َ َ‬
‫َأن َلْي ِ‬
‫ف ُي َ‪$‬رى‪ ‬ثَُّم‬ ‫س‪ْ$‬و َ‬
‫س‪ْ $‬عَي ُه َ‬
‫َأن َ‬‫س‪َ $‬عى‪َ  ‬و َّ‬ ‫ان ِإاَّل ‪َ  ‬ما‪َ  ‬‬
‫س‪ِ $‬‬‫س لِإْلْن َ‬ ‫روي يتوافق م ع عم ل اإلنس ان‪ ،‬حيث ق ال تع الى‪َ :‬و ْ َ‬ ‫الج زاء األخ ّ‬
‫ون اللَّ ِه َوِليًّا َوالَ‬ ‫‪$‬ه‪ِ  ‬من‪ُ  ‬د ِ‬ ‫وءا ُي ْج‪َ $‬ز ِب‪$ِ $‬ه َوالَ َي ِج‪$ْ $‬د لَ‪ُ $‬‬ ‫س‪ً $‬‬ ‫‪$‬ل ُ‬ ‫اَأْلو َفى‪ :39-41[ ‬النجم]‪ ،‬وق ال تع الى‪ :‬و َمن‪َ  ‬ي ْع َم‪ْ $‬‬ ‫اء ْ‬ ‫ُي ْج‪َ $‬زاهُ اْل َج‪َ $‬ز َ‬
‫ون ا ْلج َّن َة والَ ي ْظلَم‪ِ َ $‬‬ ‫ِئ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِالح َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪$‬يرا‪:123-124[‬‬ ‫‪$‬ون َنق ً‬ ‫ات من‪َ  ‬ذ َك‪$ٍ $‬ر‪َْ  ‬أو‪ُ ‬أنثَى َو ُه‪$َ $‬و ُم‪ْ $‬ؤ م ٌن فَُأولَ َك َي‪$ْ $‬د ُخلُ َ َ َ ُ ُ‬ ‫يرا‪َ  ‬و َمن َي ْع َم ْل م َن َّ َ‬ ‫َنص ً‬
‫النساء]‪.‬‬
‫عقاب ا يك ون في الدنيا واآلخرة لمن يلتزم ب أوامر اهلل تع الى ويبتعد عن‬ ‫ثواب ا أو ً‬ ‫إن جزاء اهلل تعالى ً‬ ‫وكذلك ف ّ‬
‫ص ‪ِ $‬ال ًحا ِم ْن‪َ  ‬ذ َك‪$ٍ $‬ر َْأو ُأْنثَى‪َ  ‬و ُه‪$َ $‬و ُم‪ْ $‬ؤ ِم ٌن‪َ  ‬فلَ ُن ْحِي َيَّن ُه َح َي‪$$‬اةً َ‬
‫طِّيَب ‪ً $‬ة‪َ  ‬ولَ َن ْج‪ِ $‬ز َي َّن ُه ْم‪ْ  ‬‬
‫َأج‪َ $‬ر ُه ْم‬ ‫معاص يه‪ ،‬فق د ق ال اهلل تع الى‪َ  :‬م ْن‪َ  ‬ع ِم‪َ $‬‬
‫‪$‬ل َ‬
‫س ِن َما َكا ُنوا َي ْع َملُ َ‬
‫ون‪ :97[‬النحل]‪.‬‬ ‫ِب ْ‬
‫َأح َ‬

‫الخــاتمة‪:‬‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫النقاط ّ‬‫أهمها في ّ‬
‫الدراسة والبحث إلى جملة من النتائج تتمثّل ّ‬
‫توصلنا بعد ّ‬
‫ّ‬
‫الموجه لإلنسان فيما عنده من ملكات واستعداد ات‬
‫ّ‬ ‫أن الوحي اإللهي هو‬
‫إن أصل األخالق موجودة في فطرة اإلنسان‪ ،‬إال ّ‬
‫‪ّ )1‬‬
‫اإللهي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرغم من وصول التحريف إليه‪ ،‬غير ّأننا نجد فيه بقايا من تعاليم الوحي‬
‫وأما في العهد الجديد‪ ،‬فعلى ّ‬
‫فطرية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫األخالقية الواردة في القرآن الكريم هي األتم واألكمل‪ ،‬حيث ّإنها تشمل جميع جوانب الحياة‪ ،‬وموافقة لعقل اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫إن القيم‬
‫‪ّ )2‬‬
‫فإنها تكاد تخلو من موافقة للعقل والفطرة‪.‬‬
‫وأما في نصوص العهد الجديد‪ّ ،‬‬
‫وفطرته‪ّ ،‬‬
‫تحررهم من االلتزام باألخالق الواردة في العهد الجديد‪ ،‬بينما نجد عقيدة ختم‬
‫المسيحية في التبرير والخالص ّ‬
‫ّ‬ ‫‪)3‬إن العقيدة‬
‫الرس االت السماوية ب القرآن تحث المس لم على االل تزام ب األخالق التي أمرن ا اهلل تع الى به ا في الق رآن الك ريم وعلى‬
‫محمد ‪.‬‬
‫لسان رسوله ّ‬
‫أن آدم ‪ ‬في العهد الجديد هو المسؤول عن خطايا جميع البشر‪ ،‬ولهذا أرسل اهلل تعالى المسيح ‪‬؛ ُليص َلب‪ ،‬ويموت‬
‫‪)4‬نجد ّ‬
‫حاسب بما عملت‪ ،‬فال ت ـزر‬
‫تكفيرا عن خطايا البشر حسب اعتقاد المسيحيين‪ ،‬بينما في اإلسالم فك ّل نفس تُ َ‬
‫ً‬
‫وازرة وزر أخرى‪.‬‬
‫فإن المسيح ‪‬‬
‫المشرع‪ ،‬ولهذا ّ‬
‫ّ‬ ‫الرب‬
‫والنواهي هو المسيح ‪ ،‬فهو في نظرهم ّ‬
‫أن مصدر األوامر ّ‬
‫‪)5‬نجد في العهد الجديد ّ‬
‫هو َمن يحاسبهم يوم الدينونة على أعمالهم‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪160‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)2‬ه‍‪2017/‬م‬

You might also like