Professional Documents
Culture Documents
(6) خلود قاسم العبد الله اسس القيم الاخلاقية
(6) خلود قاسم العبد الله اسس القيم الاخلاقية
د .إبراهيم "محمد خالد" برقان** أ .خلود محمد "قاسم العبد هللا"*
تاريخ قبول البحث: تاريخ وصول البحث14/8/2016 :م
20/11/2016م
ملخص
الديانتين المسيحية واإلسالم ،كما أوضحت األسس
الدراسة بيان مفهوم األخالق في ّ تتناول هذه ّ
والمسؤولية ،والجزاء.
ّ األخالقية ،وتتمثل في اإللزام،
ّ المسيحية في قيمها
ّ التي اعتمدت عليها
رباني قد تكّفل اهلل تعالى بحفظه،
ّ إن القرآن الكريم كتاب
وتحدثت عن موقف القرآن الكريم منها ،حيث ّ
والشمولية في اإلسالم.
ّ فهو يدعو أتباعه إلى االلتزام بمكارم األخالق التي تمتاز بالواقعية
األخالقية موجودة في فطرة اإلنسان
ّ أن القيم
وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمهاّ :
األخالقية الواردة في القرآن الكريم هي األتم واألكمل،
ّ وأنه لئن كانت القيم
التي خلقها اهلل تعالى فيهّ ،
األخالقية في
ّ أن القيم
وأن ها خالية من معارضتها للعقل والفطرة ،فتناولت جميع جوانب الحياة ،بيد ّّ
العهد الجديد تكاد تخلو من موافقة للعقل والفطرة.
Abstract
This reseach discusses the concept of ethics in both Christianity and Islam. It shows
the bases on which Christianity establishes it ethical values; this includes assignment,
responsibility and reward. The study also talks about the Qur’anic view towards ethics.
This is because of the fact that al-Qur’an is Allah’s divine and preserved Book which
calls its followers for ethical commitment which is distinguished by being realistic and
comprehensive.
The study reached the following conclusions: ethical values exist in human instinct.
Ethical values in the Qur’an are prefect and complete. They cover all aspects of human
life, and do not contradict instinct or reason. On the other hand ethical values in New
Testament seem not to agree with instinct and reason.
المقدمة:
إن الحمد هلل نحمده ،ونستعينه ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده اهلل فال مضل له ،ومن
ّ
محم ًدا عبده ورسوله ،وبعد؛
وأن ّ
يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال اهللّ ،
تحث على القيم
ماوية ّ
الس ّ
الرساالت ّ
فإن األخالق هي أساس رقي األمم وتقدمها ،وأساس ازدهارها ،فقد جاءت ّّ
األخالقية التي تنظّم عالقة اإلنسان بكل ما يحيط به ،فاألخالق تنظّم عالقة اإلنسان مع ربه من حيث عبادته وحده ال
ّ
شريك له ،وتنظّم عالقة اإلنسان مع نفسه بما يحقّق سعادته ،كما ّأنها تنظّم عالقة اإلنسان مع غيره من حيث تعامله
حث عليها القرآن الكريم ،حيث كان
أن األساس في المعامالت هو األخالق الحسنة التي ّ مع الناس ويؤ ّكد اإلسالم ّ
خل ـق على أساس
143 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحثة.
** أستاذ مشارك ،كلية الشريعة ،الجامعة األردنية.
(?) أخرج ه مس لم في ص حيحه ،مس لم ،أب و الحس ين مس لم بن حج اج القش يري (ت 261هـ) ،ص$$حيح مس$$لم المس$$مى المس$$ند 1
الصحيح المختص$ر من الس$نن بنق$ل الع$دل عن الع$دل إلى رس$ول اهلل ،تحقيق :صدقي جميل العطار ،كتاب صالة المسافرين
وقصرها ،باب جامع صالة الليل ومن نام عنه أو مرض ،ط ،1دار الفكر ،بيروت – لبنان1421 ،هـ2003-م ،حديث رقم
،1623ص.341
144
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان
-3المنهج المقارن :حيث قمنا بإجراء مقارنة بين العهدالجديد والقرآن الكريم ،لبيان أركان القيم األخالقية في العهد
الجديد مقارنة مع القرآن الكريم.
قدي :ويظهر من خاللبيان أركان األخالق الواردة في العهدالجديد ،ونقدها في ضوء القرآن الكريم.
الن ّ
المنهج ّ -4
الدراسات التي لها صلة ب األخالق المشتركة بين
فإن ه لئن كانت هناك بعض ّ الس ابقةّ ،
الدراسات ّ
وأم ا بخص وص ّ
ّ
اص بموض وع أس س القيم
األخالقي ة ببحث خ ّ
ّ يحية واإلس الم ،ولكن حس ب اطالعن ا لم نج د من أف رد ه ذه القيم
المس ّ
األخالقية في العهد الجديد وموقف القرآن الكريم منها.
ّ
األخالقي ة في العهد الجديد وموقف القرآن الكريم
ّ نخص بالبحث" أسس القيم
ّ وقد ارتأينا في هذا اإلطار بال ّذات أن
األخالقي ة في العهد الجديد والقرآن الكريم
ّ منها :تحليل ونقد " .ويندرج هذا العمل في سياق إبراز المقارنة بين أركانالقيم
المتمم لمكارم األخالق من جهة أخرى.
وأن اإلسالم هو ّ
القرآني منهاّ ،
ّ من جهة ،وبيان الموقف
منهجيتنا أن نقسم البحث إلى ثالثة مطالب ،وخاتمة
ّ ولمحاولة اإلحاطة بمختلف جوانب هذا الموضوع اقتضت
النحو اآلتي:
على ّ
واصطالحا.
ً األخالقية لغة
ّ المبحث األول :التعريف بالقيم
واصطالحا.
ً المطلب األول :تعريف القيم واألخالق لغة
المسيحية.
ّ األخالقية في
ّ المطلب الثاني :تعريف القيم
األخالقية في اإلسالم.
ّ المطلب الثالث :تعريف القيم
المبحث الثاني :أسس القيم األخالقية في العهد الجديد:
المطلب األول :اإللزام.
المسؤولية.
ّ المطلب الثاني:
المطلب الثالث :الجزاء.
األخالقية في العهد الجديد.
ّ المبحث الثالث :موقف القرآن الكريم من أسس القيم
الخاتمة.
المبحث األول
التعريف بالقيم األخالقيّة لغة واصطالحًا
كل
أن مصطلح القيم األخالقية مر ّكب من جزأين هما :القيم واألخالق ،لذا ينبغي بيان مفهوم ّ يحسن بنا أن نشير إلى ّ
األخالقي ة بين العه د الجدي د والق رآن
ّ األخالقي ة ،ولنق ارن القيم
ّ منهم ا على ح دة ،وذل ك للوص ول إلى مفه وم ش امل للقيم
األخالقية.
ّ والمسيحية للقيم
ّ بد من بيان تعريف اإلسالم
الكريم ،فال ّ
145 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(?) انظر :ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،12ص .497الزبيدي ،تاج العروس ،ج ،33ص.309 5
(?) انظر :ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،12ص .499الزبيدي ،تاج العروس ،ج ،33ص .319الفيروز آبادي ،مجد الدين 6
محمد ابن يعقوب (ت 817هـ) ،القاموس المحيط ،تحقيق :أنس محمد الشامي وزكريا جابر أحمد ،دار الحديث ،القاهرة،
1429هـ2008-م ،ص.1383
(?) انظر :ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،12ص .497الزبيدي ،تاج العروس ،ج ،33ص.317 7
(?) انظ ر :األص فهاني ،أب و القاس م الحس ين بن محم د ،المف$$ردات في غ$$ريب الق$$رآن ،تحقي ق :مرك ز الدراس ات والبح وث 8
بمكتبة نزار مصطفى الباز ،الناشر نزار مصطفى الباز ،ج ،2ص .541-538الزبيدي ،تاج العروس ،ج ،33ص.310
(?) انظر :ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،12ص .497الزبيدي ،تاج العروس ،ج ،33ص.317 9
(?) انظر :لسان العرب ،ج ،12ص .499الفيروز آبادي ،القاموس المحيط ،ص.1383 10
(?) صليبيا ،جميل ،المعجم الفلسفي ،دار الكتاب اللبناني ،بيروت لبنان1982 ،م ،ج ،2ص.212 11
(?) انظر :أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا (ت 395هـ) ،مق$اييس اللغة ،تحقيق :عبد السالم محمد هارون ،دار الفكر ،ج،5 2
ص .43وانظر :جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور ،لسان العرب ،بيروت ،دار صادر ،ج ،12ص.500
(?) انظر :ابن منظور ،لسان الع$رب ،ج ،12ص .500-499الزبيدي ،السيد محمد مرتضى الحسيني ،ت$اج الع$روس من 3
جواهر القاموس ،تحقيق :إبراهيم الترزي ،ط ،1التراث العربي ،الكويت1421 ،هـ2000-م ،ج ،33ص.308
(?) انظر :ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،12ص.498 4
146
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان
وعية ،فتطل ق القيم على"م ا يتم يز ب ه الش يء من ص فات تجعل ه مس تحقا للتق دير كث ًيرا أو
وأم ا من الناحي ة الموض ّ
ّ
ال"(.)12
قلي ً
األخالقي للفرد والجماعة ُيقيم موازين السلوك
ّ االجتماعي ة ،فهي "معيار اجتماعي متصل بالنهج
ّ وأم ا من الناحية
ّ
ومرشدا لمعرفة المرغوب فيه والمرغوب عنه والحسن والسيء"(.)13
ً ونهج األفعال كما يتخذها دليالً
ألن صاحبها قدر عليها( ،)14وورد في القاموس المحيط ّأنها
فإنها تعني السجية؛ ّ
وأما بشأن تعريف األخالق في اللغةّ ،
ّ
بمع نى الس جية ،والطب ع ،والم روءة ،وال دين ،ومن ه ح ديث عائش ة -رض ي اهلل عنها -عن دما ُس ئلت عن خل ق الرس ول ،
فإن ُخلُق نبي اهلل كان القرآن(.)16(")15
فقالتّ :
أن مفه وم األخالق في اللغ ة يدور ح ول السجية ،والطب ع ،والم روءة ،والدين ،وهذا يدل على أنه ا َملَكة ونجد ّ
الص فات الطارئ ة
أن ه ذه األخالق ق د تتغ ير من خالل الممارس ة المس تمرة ،فتص بح ّ فطري ة في اإلنس ان ُخلقت مع ه ،إال ّ
تلقائية.
حينها صفات مكتسبة يتصف بها ،فتصبح عادة تصدر عنه بصورة ّ
يحدد لإلنسان السلوك الفاضل أو ما ينبغي أن يكون(،)17
المعياري الذي ّ
ّ وأما األخالق عند كثير من الفالسفة ،فهي العلم
ّ
()18
عام ة ال تت أثر بح دود
كم ا "يبحث في القيم الخلقي ة ال تي ت زن به ا س لوك األف راد" ،ف يرى الفالس فة ّأنق وانين األخالق ّ
األخالقي(.)19
ّ السلوك
ألنها تبحث في قوانين ّ الزمان والمكان؛ ّ
ألن األخالق منها ما هو
ونجد األخالق عند الفالسفة ّأنها ال تتأثر بالزمان وال المكان ،وهذا التعريف قاصر؛ ّ
قبيحا في مكان آخر وزمان آخر.
حسنا في مكان أو زمان معين ،قد يكون ً
حسن ومنها ما هو قبيح ،وما يكون ً
يحية واإلس الم للوص ول إلى تعري ف ج امع م انع
وله ذا ال ب د من توض يح مفه وم ش امل لألخالق في المس ّ
لألخالق.
(?) أخرج ه مس لم في ص حيحه ،ص$حيح مس$لم المس$مى المس$ند الص$حيح المختص$ر من الس$نن ،كت اب ص الة المس افرين 15
وقصرها ،باب جامع صالة الليل ومن نام عنه أو مرض ،حديث رقم ،1623ص.341
(?) انظر :الفيروز آبادي ،القاموس المحيط ،ص.494 16
(?) انظر :إبراهيم ،زكريا ،مشكالت فلسفية ،المشكلة الخلقية ،مكتبة مصر1966 ،م ،ص.13 17
(?) هويدي ،يحيى ،مقدمة في الفلسفة العامة ،ط ،9دار الثقافة ،القاهرة1989 ،م ،ص.23 18
(?) انظر :بدوي ،محمد ،األخالق بين الفلسفة وعلم االجتماع ،ص أ ،دار المعرفة الجامعية ،مصر2000 ،م. 19
(?) انظر :فارس ،فايز ،علم األخالق المسيحية ،ط ،1دار الثقافة ،القاهرة ،ج ،1ص.7 20
147 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم يذكر العهد الجديد لفظ القيم مطلقً ا ،إال ّأن ه أشار إلى لفظ األخالق مرة واحدة بمعنى السلوك ،وذلك في
الردية تفسد األخالق الجيدة"( ،)21كما تعني األخالق عند
فإن المعاشرات ّ
رسائل بولس إلى كورنثوس ،حيث قال" :ال تضلوا ّ
()22
المحب ة أس اس األخالق في العهد الجديد ،وأهم
ّ عد
المسيحية الع ـــادة ،واس تخدمت كذلك بمع نى التقالي د الموروثة .وتُ ّ
ّ
()23
من اإليمـ ـ ـان والمعجزات .
وأم ا تعريف األخالق في المسيحية ،فهي الق وانين والمب ادئ ال تي تربط اإلنس ان بمص در حيات ه ،أي باهلل ليج د
ّ
عالقتـ ـه
الصحيحة باآلخرين وبمحيطه(.)24
"فأحبوا
فقد دعا المسيح في األناجيل إلى العديد من األخالق والمبادئ التي تحفظ لإلنسان عالقته مع اآلخرين ،فقالّ :
()26 ()25
ألن المحبة
أيض ا" ،وقال" :لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة؛ ّ
"إن َمن يحب اهلل يحب أخاه ًبعضكم البعض" ،وقالّ :
تستر كثرة من الخطايا"(.)27
كم ا وردت ألف اظ مرادف ة لمص طلح األخالق في العه د الجدي د ،مث ل :الفض يلة ،وهي من الفض ل ،وتع ني :اإلحس ان
واالبتداء به بال علة له ،والفضيلة خالف النقيصة والرذيلة ،فهي الدرجة الرفيعة في حسن الخلق(.)28
وأورد العهد الجديد مصطلح الفضيلة بمعنى األعمال الصالحة ،واألخالق الحسنة في أربعة مواضع ،ففي رسالة بولس
كل ما هو
كل ما هو طاهرّ ،
كل ما هو عادلّ ،
كل ماهو جليلّ ،
أخيرا ّأيها اإلخوة كل ما هو حقّ ،
إلى أهل فيلبي قالً " :
كل ما صيته حسن ،إن كانت فضيلة وإ ن كان مدح ،ففي هذه افتكروا"(.)29
مسرّ ،
وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء
وفي رسالة بطرس الرسول األولى ،حيث قالّ " :
لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب"(.)30
وفي رسالة بطرس الرسول الثانية عندما قال" :كما أن قدرته اإللهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى ،بمعرفة
الذي دعانا بالمجد والفضيلة"(.)31
وكذلك في موضع آخر من رسالة بطرس الرسول الثانية ،فيقول" :ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد قدمـــوا
في إيمانكم فضيلة ،وفي الفضيلة معرفة"(.)32
بأنه ا"ق وة في النفس تمكنه ا من االنتص ار على ك ل ن وازع الش ر واغراءاته،
وع ّرف الباب ا شنودة الث الث الفضيلة ّ
()33
إن اإلنس ان بالفضيلة يرتف ع عن مس توى ذات ه ويعيش لغيره ،فيهتم ب اآلخرين
وتمارس الحي اة الب ارة" ،وق ال كذلكّ :
فيعيش بين محبته هلل ومحبته للناس(.)34
المعب ر عن حالة اإلنسان النهائية إن
ألن ه "هو ّ
األخالقي على نقاء القلب؛ وذلك ّ
ّ وير ّك ز العهد الجديد في الجانب
شريرا"( ،)35وهذا ما ورد في إنجيل لوقا ،حيث قال" :اإلنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالح،
ً صالحا أو
ً كان
واإلنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر"(.)36
148
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان
أن الفض ائل في العه د الجدي د عب ارة عن ق وة في النفس تم ّكنه ا من االنتص ار على ك ّل ن وازع الش ر
وبه ذا نج د ّ
واالتصاف بالسلوك الحسن القويم.
(?) الغزالي ،أبو حامد محمد بن محمد (ت 505هـ) ،إحي$اء عل$وم ال$دين ،ط ،1دار ابن حزم ،بيروت لبنان1426 ،هـ- 41
2005م ،ص.934
(?) المي داني ،عب د ال رحمن حس ن حبنك ة ،األخالق الإس$$المية وأسس$$ها ،ط ،5دار القلم ،دمش ق1420 ،هـ1999-م ،ص 42
.10
149 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الثاني
أسس القيم األخالقية في العهد الجديد
النحو
والمسؤولية ،والجزاء ،وتفصيلها على ّ
ّ األخالقية في العهد الجديد على ثالثة أسس تتمثل في :اإللزام،
ّ تقوم القيم
اآلتي:
150
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان
بأن هذا في أصله قبل أنأن العهد الجديد بأخالقه وتعاليمه هو من اهلل تعالى ،ويمكننا القول ّ
ويخبر المسيح ّ
يحر ف ،حيث ورد" :كل الكتاب هو موحى به من اهلل ،ونافع للتعليم والتوبيخ ،للتقويم والتأديب الذي في البر"(.)54
ّ
يجدد
الخاص ،حتى ّ
ّ قدم جسدهمحددا ،بل ّ
ً منهجي ا
ً تعليم ا
يقدم ألتباعه ً
أن المسيح في معتقد المسيحية لم ّ
غير ّ
المسيحية هي
ّ جديدا بأشكال جديدة ،في تعاليم ُخلقية جديدة ،فاألخالق
ً خلق ا
فقدم المسيح لإلنسان ً
اإلنسان والعالم بأسرهّ ،
عبارة عن ترجمة للحياة في المسيح(.)55
وأم ا أنا فأقول لكم"(،)56
ال" :قيل للقدماء ّ ...
الرسمي لتوراة موسى ،وقد أثبت ذلك لليهود قائ ً
ّ عد المسيح الشارح
وي ّ
ُ
أيضا" :وهذا يعني ّأني" ال أنسخ ما قاله موسى ،ولكنني شارح رسمي لما قاله"(.)57
وقائالً ً
(?) الم انع ،م انع بن محم د بن علي ،القيم األخالقي$ة بين اإلس$الم والغ$رب ،ط ،1دار الفض يلة ،الري اض الس عودية1426 ،هـ- 13
2005م ،ص.22-21
(?) رسالة بولس الرسول األولى إلى أهل كورنثوس.33 :15 ، 21
(?) انظر :منزريدي ،جورج ،األخالق المسيحية ،نقله إلى العربية األب ميشال نجم ،ص.6 22
(?) انظر :عبد النور ،منيس ،المحبة ال تسقط أبدا ،إصحاح المحبة 1كورنثوس ،ص.12 23
(?) انظر :بباوي ،وليم وهبه و منيس عبد النور و فايز فارس و أندريه ذكي و أنور ذكي ،دائرة المعارف الكتابية ،ط،2 28
(?) ياكوبوس ،التدبير الداخلي في الحياة الروحية ،مطرانية الزقازيق ومنيا القمح ط ،1األقباط األرثوذكس ،الزقازيق2002 ،م، 35
ص .117
(?) لوقا.45 :6 ، 36
(?) قميحة ،جابر ،مدخل إلى القيم اإلسالمية ،ط ،1دار الكتاب المصري ،مصر القاهرة1404 ،هـ1984-م ،ص.41 37
(?) زهران ،حامد عبد السالم ،علم النفس اإلجتماعي ،ط ،4عالم الكتب ،القاهرة1977 ،م ،ص.133 38
(?) الخالق :وهو حسن خلقه ،انظر :المعجم الوسيط ،ص.203 39
(?) انظر :الفيروز آبادي ،مجد الدين محمد بن يعقوب (ت 817هـ) ،بص$ائر ذوي التمي$يز في لط$ائف الكت$اب العزيز ،تحقيق: 43
محمد علي النجار ،ط ،3دار احياء التراث العربي ،القاهرة مصر1416 ،هـ1996-م ،ج ،2ص.568
(?) انظر :المانع ،القيم األخالقية بين اإلسالم والغرب ،ص.24 44
(?) انظر :فارس ،فايز ،علم األخالق المسيحية ،ج ،1ص.24-23 45
151 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(?) انظر :بوتر ،إيمان المسيحي وواجباته ،ط1995 ،1م ،ص.32 57
(?) األب باسيليوس ،أشبع الجياع ،ط2010 ،1م ،ص ص.4 ،2 59
(?) رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس األولى.11 :1 ، 60
152
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان
أن القيمة األخالقية الكبرى لحياة المسيح وتعاليمه تكمن في شخصية المسيح الذي أعلنفالعهد الجديد يرى ّ
وحبه ،لكي يسعى المسيحيون إلى اإليمان به ،واالتكال علي ه،
للمسيحية في حياته ،وتعليمه ،وموته ،وقيامته طبيعة اهلل ّ
وعمل روحه ليكونوا أبناء أبيهم الذي في السماوات(.)67
بد
ألن ذلك ال ّ
الروحي ،إذ تعد من الفضائل الهامة؛ ّ
ّ ومن مظاهر اإللزام في المسيحية الطاعة للكنيسة أو لألب
منه في التقدم الروحي ،ولحفظ اإلنسان من الضالل ومن سوء األخالق(.)68
وعليه فإن اإللزام في المسيحية يكون من المسيح ؛ ألنهم يرون ّأنه المشرع لما يمتاز به من صفات تشابه اإلله،
بالرب عندهم يكون من خالل االقتداء بشخصية المسيح .ّ غير أن االقتداء
153 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ي:
المطلب الثالث :الجزاء األخالق ّ
معرضون للموت ،والموت هو "انفصال النفس عن الجسد فتزول منه أن ك ّل المخلوقات ّ
يخبرنا العهد الجديد ّ
الحياة ،وتنحل عناصره البسيطة ،ويعود إلى التراب"(.)89
154
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان
155 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الثالث
موقف القرآن الكريم من أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد
ظم عالقة اإلنسان مع ربه ،ومع نفسه ،ومع غيره من البشر ومن المخلوقات
رباني ،فهو ين ّ
ّ إن القرآن الكريم كتاب
ّ
اك ِإاَّل َر ْح َمً $ة
سْ$لَن َ
على أس اس من الرحم ة والع دل ،فق د أرس ل اهلل تع الى س يدنا محم ًدا رحم ة للع المين ،ق ال تع الىَ :و َم$$ا َْأر َ
ِلْل َعاَل ِم َ
ين :107[ األنبياء].
يفرق لكل البشر ،فالقرآن الكريم ال ّ بأنه خطاب عام ّ ويتميز الخطاب القرآني في االلتزام بمنظومة القيم األخالقيةّ ،
$ار ُفوا ِإ َّن َْأك َ$ر َم ُكْم ِئ ِ اس ِإَّنا َخَل ْقَنا ُكم ِّمن َذ َكٍر َوُأنثَى َو َج َعْلَنا ُكْم ُُّها َّ
وبا َو َقَبا َل لتَ َع َ
شُ $ع ً الن ُ بين إنسان وآخر إال بالتقوى ،قال تعالىَ :يا َأي َ
ِإ َّ ِ ِع َ َّ ِ
فمن فإن القرآن الكريم ينظر إلى اإلنسان بناء على أعمالهَ ، ير :13[الحجرات] ،وكذلك ّ يم َخ ِب ٌ
ند الله َأتْقَا ُك ْم َّن الل َه َعل ٌ
وأعجمي إال بالتقوى،
ّ عربي
ّ فإن اهلل تع الى يعذب ه ،وبهذا فال فرق بين يعمـ ـــل الصالحات ،فله أجر عظيم ،ومن يسيء ّ
الس ِّ$يَئ ِ الص ِال ُح َيْرفَ ُع ُه َوالَِّذ َ صع ُد ا ْل َكِلم َّ ِ ِ ان ي ِر ُ ِ ِ ِ ِ
ات ون َّ
ين َي ْم ُك$ُ $ر َ ب َوا ْل َع َم ُل َّ
الطِّي ُ ُ يد ا ْلعَّزةَ َفللَّه ا ْلعَّزةُ َجم ً
يعا ِإلَ ْيه َي ْ َ قال تعالىَ :من َك َ ُ
ور :10[فاطر]. ِئ ش ِد ٌ
يد َو َم ْك ُر ُْأولَ َك ُه َو َي ُب ُ اب َ
لَ ُه ْم َع َذ ٌ
وأن اعتناق اإلسالم ال أحدا على تغيير دينهّ ، كما ّأننا نجد القرآن الكريم يحترم أتباع األديان األخرى ،فال يجبر ً
اء
شَ $ يك ون إال عن رض ا واختي ار ويقين ،حيث ق ال تع الى :ال ِإ ْك$َ $راهَِ في ال$$د ِ
ِّين :256[البق رة] ،وق ال تع الى :فَ َم ْنَ
اء َف ْل َي ْكفُْر :29[الكهف].
ش ََف ْل ُيْؤ ِم ْن َو َم ْن َ
والواقعي ة،
ّ برباني ة المصدر،
ّ لكل مكان وزمان ،فهو يمتاز
جميع ا ،فهو صالح ّ
ً للن اس
فالقرآن الكريم كتاب هداية ّ
فإن ه يتصف بها في
أن األخالق في اإلسالم عبارة عن أخالق إذا رسخت في نفس اإلنسانّ ،
والثبات ،والمرونة ،ولهذا نجد ّ
ألنها
حث عليه اإلسالم؛ ّ أهم ما ّعد من ّفإن األخالق تُ ّ
تلقائي ة دون حاجة إلى جهد ،لذلك ّك ّل أوقاته ،فتصدر عنه بصورة ّ
الناس.الشخصي للفرد ،لينسجم مع أفراد مجتمعه ،ويتعايش معهم ،ويحافظ من خاللها على حقوق ّ ّ تتعلق بالسلوك
ان لَ ُكمِ في رس ِ ِ
سَنة :21[ ول اللَّه ْ
ُأسَوةٌ َح َ َ ُ بالنبي ،حيث قال تعالى :لَقَ ْد َك َ ْ
ّ ونجد القرآن الكريم يحث على االقتداء
اإلسالمية نجدها متمثلة في شخص سيدنا محمد ،فقد مدح اهلل تعالى في القرآن الكريم النبي ّ ألن األخالقاألحزاب]؛ وذلك ّ
ق َع ِظ ٍيم :4[القلم].
بقولهَ :وِإ َّن َك لَ َعلَى ُخلُ ٍ
رد قوم هود عندما دعاهم إلى التوحيد ،وترك ملذات الدنيا ،حيث قال أيضا في سياق ّ الخلُق ً وقد وردت لفظة ُ
للنبي هو عادة آبائهم ،وأجدادهم ،وما
ّ أن تكذيب الكفار األوِل َ
ين :137[الشعراء] ،أي ّ ق َّ تعالى على لسانهمِ :إ ْنَ ه َذاِ إال ُخلُ ُ
جرى عليه أمرهم.
ين والبيان ،وتزكية النفوس ،فقد قال تعالىُ :هَو الَِّذي َب َع َث ِفي ِّ
اُأْلمِّي َ وقد كانت المهمة األساسية للرسول التبليغ،
ين :2[الجمعة]، $اب َوا ْل ِح ْك َمَ $ة َوِإن َك$$ا ُنوا ِمن قَْبُ $ل لَ ِفي َ
ض $اَل ٍل ُّم ِب ٍ ِآي ِات$ِ $ه َو ُي$َ $ز ِّكي ِه ْم َو ُي َعلِّ ُم ُه ُم
ا ْلكتََ $ س $واًل ِّم ْن ُه ْم َي ْتلُ$$و َعلَ ْي ِه ْم َ
َر ُ
وتزكية النفوس تعني تطهيرها ،وإ نماء الخير فيها ،وإ بعادها عن الشر.
156
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان
إن تحري ف العه د الجدي د ه و الس بب ال رئيس لم ا ورد في ه من نقص ،وخل ل ،ومعارض ة للعق ل والفط رة في أخالق
ّ
ربانية القرآن الكريم ،وحفظ اهلل تعالى له من تلك النقائص.
ّ المسيحية ،في حين نجد
عب ر عنها بالسلوك ،وذلك في
المسيحية لم يرد ذكره في العهد الجديد إال مرة واحدة ،حيث ّ
ّ فلفظ األخالق في
الردية تفسد األخالق الجيدة"(.)105
ّ فإن المعاشرات
رسائل بولس في قوله" :ال تضلوا ّ
النفس ت دفع اإلنس ان لفع ل الخ يرات ،والتغلب على ك ّل ن وازع الش ر ،ل ذلك
وق د ورد لف ظ الفضيلة بمعنى ق وة في ّ
فاألخالق في المسيحية تشير إلى الثبات واالعتياد في السلوك.
أن دعوة المسيح قائمة على المحبة والفضائل الحسنة ،لذلك فهي تعتمد بصورة رئيسة
ونجد في العهد الجديد ّ
على نقاء القلب.
نص
النهي عن الضالل والفساد ،لئال تفسد األخالق الحسنة ،فلم يرد ّ
أن الخطاب في العهد الجديد جاء بصيغة ّ إال ّ
وأم ا الخطاب
معينة تندرج جميعها تحت خلق المحبةّ ، صريح في الحث على األخالق ،وإ ّنما وردت أوامر بالتحلي بأخالق ّ
واقعي ة ومرون ة ،حيث ّإن ه أمرن ا ب األخالق من خالل االقت داء
ّ رآني فق د ج اء ب الحث على مك ارم األخالق بص ورة أك ثر
الق ّ
النبي محمد .
بأخالق ّ
إلهية،
ألن المسيح في العهد الجديد يتصف بصفات ّ األخالقية في العهد الجديد هو المسيح ؛ ّ
ّ فإن مصدر القيم
وكذلك ّ
الناس يوم الدينونة ،ولهذا نجد ك ّل التعاليم
فهو من يضع التشريعات ،ويغفر الخطايا ،ويعرف خفايا القلوب ،وهو من يحاسب ّ
األخالقية متمثلة في شخص المسيح . ّ
ربانية المصدر ،قال تعالى:
فإن أهم ما يميزها ّأنها ّ
األخالقية في القرآن الكريم هو اهلل ،لذا ّ
ّ أن مصدر القيم في حين ّ
وما ي ِ
ق َع ِن ا ْل َه َوىِ إ ْن ُه َو ِإاَّل َو ْح ٌي ُي َ
وحى :3-4[النجم] ،فاهلل تعالى هو اآلمر بكل األوامر والتشريعات. نط ُ ََ َ
إن القرآن الكريم صالح لكل مكان وزمان،والشمولية ،حيث ّ
ّ بالواقعي ة ،والمرونة،
ّ اإللهي ة
ّ وكذلك تمتاز األوامر
ُّها
الن اس ،كم ا في قول ه تعالىَ :يا َأي َ اإلنساني للفرد ،فيخاطب في بعض آياته العامة جميع ّ ّ الناس ،ويراعي التكوين
ولجميع ّ
آم ُنوا :153[البق رة]، ُّها الَّ ِذ َ
ين َ اس :13[ الحجرات] ،وتارة نجده يخاطب المؤمنين خاص ة ،كم ا في قول ه تع الىَ :يا َأي َ َّ
الن ُ
ف ُخِل َق ْت :17[الغاشية] ،وقوله تعالىَ :أ َفال ون ِإَلى اِإْل ِبِلَ كْي َ
ظُر َ
وتارة نجده يخاطب أصحاب العقول ،كما في قولهَ :أ َفاَل َين ُ
ألن مص دره
الن اس وأح والهم؛ وذل ك ّ
فإن ه ي راعي ق درات جمي ع ّ آن َْأم َعَلى ُقلٍُ $
$وب َأ ْق َفالُ َها :24[محمد] ،وهك ذا ّ ون اْلقُ$ْ$ر َ
َيتَ$َ $دبَُّر َ
رباني يوافق عقل اإلنسان وفطرته.
ّ
الفطري الذي جبل اهلل تعالى عليه اإلنسان،
ّ فإنها تعني في القرآن الكريم "االستعداد
المسؤوليةّ ،
ّ وأم ا بخصوص ّ
ليصلح للقيام برعاية ما كلفه به من أمور تتعلق بدينه ودنياه ،فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الثواب ،وإ ن فرط فيها
حصل له العقاب"(.)106
أحدا بسبب ذنب غيره،
أن ك ّل إنسان مسؤول عن ذنبه ،فال يعاقب اهلل ً فالمسؤولية في القرآن الكريم تقتضي ّ ّ
حيث ورد في القرآن الكريمَ :واَل تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر ْ
ُأخَرى[األنعام.]164 :
الن اس ،وتش مل جمي ع عام ة لك ّل ّ
ؤولية في الق رآن الك ريم ب العموم ،والثب ات ،والش مول ،حيث ّإنه ا ّ وتمت از المس ّ
$وه ْم ِإَّن ُه ْم
$ون[الحجر ،]93-92 :وق ال تع الىَ :و ِقفُُ $ َأج َم ِعي َن َع َّما َك$$ا ُنوا َي ْع َملَُ $
س َ$ألَ َّن ُه ْم ْ
ج وانب الحي اة ،ق ال تع الى :فََوَرِّب َك لََن ْ
ِ
ون :44[الزخ رف] ،فاإلس الم راعى جمي ع سَ$ألُ َ
ف تُ ْ ون :24[ الص افات] ،وقول ه تع الىَ :وِإ َّن ُه لَذ ْكٌر لَّ َك َوِلقَ ْو ِم َك َو َ
سْ $و َ سُئولُ َ
َم ْ
وأن اهلل تعالى ال يعاقب اإلنسان إال إذا أقيمت الحجة عليه ،وذلك عند إرسال الرسل ،قال اهلل تعالىَ :و َما ُكَّنا جوانب الحياةّ ،
157 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ؤولية
طا إذا توافرت فيه دخل في إطار المس ّ فإن للمكلف في اإلسالم شرو ً
سواًل :15[اإلسراء] ،وكذلك ّ ُم َعِّذِب َ
ين َحتَّ ٰى َن ْب َع َث َر ُ
جميع ا ،وه ذه الش روط هي :اإلس الم ،والبل وغ ،والعق ل ،والق درة على الفع ل أو ال ترك،
ً ال تي يحاس ب اهلل عليه ا الن اس
سَ $ع َها :286 [البق رة] ،وق د ورد عن الرس ول قول ه"ُ :رف ع القلم عن ف َّ
الل ُه َن ْفس$اً ِإاَّل ُو ْ وحري ة اإلرادة ،ق ال اهلل تع الى :ال ُي َكِّل ُ
ّ
()107
ثالث :عن المجنون المغلوب على عقله ،وعن النائم حتى يستيقظ ،وعن الصبي حتى يحتلم" .
خاضعا إلنسان آخر ،كما ورد في العهد
ً مي ز اهلل تع الى اإلنسان عن باقي المخلوقات ،فلم يجعل اإلنسان
وقد ّ
الجديد الذي جعل اإلنسان تحت رحمة المسيح .
(?) انظر :أنِس ،جيمس ،علم الالهوت النظامي ،تحقيق :منيس عبد النور ،الكنيسة اإلنجيلية ،القاهرة –مصر ،ص.93 69
(?) م ايلز ،ج ون وس ارة ،أخالقي$$ات الكت$$اب المق$$دس ،ترجمة :ص الح عباس ي ،ط ،2الجامع ة الدولي ة للدراس اتUSA ، 76
2007م ،ص.41-40
(?) متى.18 :19 ، 77
(?) رسالة بولس األولى إلى أهل كورنثوس.3 :15 ، 84
158
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلود "قاسم العبد هللا" وإبراهيم برقان
وم يز اهلل تعالى اإلنسان في القرآن الكريم بتسخير الكون بكل ما فيه لمنفعته؛ وذلك ليستطيع أداء واجبه على ّ
$ه :13[الجاثية] ،وق ال اهلل تع الىَّ :الِذي يعاِّ مْن ُ ات وماِ في اَأْلر ِ ِ
ض َجم ً ْ
ِ
السَ $م َاو َ َ س َّخَر َل ُكمَّ ما ِفيَّ
أكمل وج ه ،ق ال اهلل تع الىَ :و َ
ي ِفي ا ْل َب ْ$
ح ِر $ك ِلتَ ْ$
ج ِر َ
ِ ِ َّ ِ
َ$أخَر َج ِب$$ه م َن الث َم$َ $رات ِرْزقً$$ا لَّ ُك ْمَو َ
سَّ $خَر َل ُك ْم ا ْل ُفْلَ $ ض َوَأن$َ $ز َلِ م َنَّ
السَ $ماء َم$$اء َفْ $ اَألر َ ِ
السَ $م َاوات َو ْ $ق َّ َخَلَ $
س َوا ْلقَ َم َر َداِئ َب ْي ِن ،32-33[إبراهيم]. س َّخ َر لَ ُك ْم َّ
الش ْم َ َأم ِر ِهَ و َ
س َّخ َر لَ ُك ْمَ
اَأْلنه َار َو َ ِب ْ
وفض له على سائر المخلوقات بالعقل ،فيستطيع اإلنسان بعقله أن يتفكر في ما
كرم اهلل تعالى اإلنسانّ ،
وكذلك فقد ّ
رب ا يحمي ه ،ق ال أن له ذا الك ون ً أبدع ه اهلل تع الى في ه ذا الك ون ،ويت دبر م ا في ه للوص ول إلى الس عادة والطمأنين ة ،في درك ّ
$ير ِم َّم ْن َخلَ ْق َن$$ا
اه ْم َعلَ ٰى َك ِثٍ $
ض ْ $ل َن ُ الط ِّيبِ $
$ات َوفَ َّ $اهم ِفي ا ْلب$ِّ $ر وا ْلب ْحِ $ر ور َز ْق َنِ ُ $
$اه ْم م َن َّ َ ََ َ َ َ تع الىَ :ولَقَ$ْ $د َك َّر ْم َن$$ا َب ِني َ
آد َمَ و َح َم ْل َنْ ُ $
س ِن تَ ْق ِو ٍيم :4[التين]. انِ فيْ
َأح َ تَ ْفضياًل :70[اإلسراء] ،وقال تعالى :لَقَ ْد َخلَ ْق َنا اِإْل َ
نس َ ِ
فإن اليوم اآلخر في اإلسالم هو ركن من
األخالقيّ ،
ّ األخالقية ،وهو الجزاء
ّ وأما بشأن الركن الثالث من أركان القيم
ّ
أركان اإليمان ،فال يكتمل إيمان المؤمن إال به ،وفيه يجمع اهلل الخالئق يوم القيامة ،ليحاسبهم على أعمالهم.
فإننا نجد المسيح هو المسؤول عن يوم الدينونة ،فتذهب نفس األبرار إلى السماء بعد الموت،
وأما في العهد الجديدّ ،
ّ
فإنها تذهب إلى جهنم ،حيث القصاص والظالم ،ويكون ذلك عندما تقوم جميع
وأما نفوس األشرارّ ،
حيث يكون المسيح ّ ،
أجساد البشر من التراب ،فيبدأ الحساب ،حيث يدين المسيح الخالئق في اليوم اآلخر حسب التزامهم بالوصايا واألوامر.
وورد أن دينونة المسيح عادلة ،فتكون حالة األبرار األخيرة هي حياة مقدسة تتحد مع اهلل ،ويكون هناك تفاوت
األبدية.
ّ النار
ثم يكون مصيرهم في ّ فإن المسيح يلعنهمّ ،
وأما حالة األشرار ّ
في الثواب والسعادةّ ،
إلهي ،أو
األخالقي في القرآن الكريم هو ما يترتب على أفعال المكلف المسؤول من ثواب ّ
ّ في حين ّأننا نجد الجزاء
أحدا ،قال اهلل
حق حّقه فال يظلم ًكل ذي ّ إن اهلل تعالى يعطي ّ اإللهي في القرآن الكريم بالعدل ،حيث ّ ّ إلهي ،ويمتاز الجزاء عقاب ّ
يما :40[النس اء] ،وق ال تع الى: ِ فهاَ و ُيْ$ؤ ِتِ م ْن لَ ُد ْن ُ تعالىِ :إ َّن اللَّه اَل ي ْظِلم ِمثْقَ$ال َذ َّرة وِإ ْن تَُ $ك حسَ $نة ي َ ِ
َأج ًرا َعظ ً$ه ْ$ ض$اع َ َ َ ُ َ َ
ِ ِئ ٰ ِ ِ ِ َ و َم ْن َي ْع َم ْل ِم َنَّ
ون اْل َجَّن َةَ واَل ُي ْظَل ُم َ
ون َنق ًيرا :124[النس اء] ،وق ال تع الى: الصال َحات م ْنَ ذ َك ٍرَْ أوُأْنثَ ٰىَ و ُهَو ُمْؤ ِم ٌن َفُأوَل َك َي ْد ُخلُ َ
اب :6[الرعد]. يد ا ْل ِعقَ ِ ش ِد ُ اس َعلَ ٰى ظُ ْل ِم ِه ْم َوِإ َّن َرب َ
َّك لَ َ َّك لَ ُذو َم ْغ ِف َر ٍة لِّ َّلن ِ
َوِإ َّن َرب َ
(?) رسالة بولس األولى إلى أهل كورنثوس.33 :15 ، 105
(?) أفضل ،سجاد أحمد بن محمد أفضل ،المس$ؤولية والج$زاء في الق$رآن الك$ريم ،رسالة ماجستير ،الجامعة اإلسالمية 106
159 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)2ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس القيم األخالقيّة في العهد الجديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن اهلل تعالى يرحم عباده المؤمنين ،ويغفر لهم األخالقي في القرآن الكريم بالرحمة ،حيث ّ ّ وكذلك يمتاز الجزاء
$ة َال الر ْحمَ $ة َلي ْجمع َّن ُكم ِإَلى ي$وِم ا ْل ِقيام ِ ِِ ات واَألر ِ ِ ِ سيئاتهم ،قال اهلل تعالىُ :قل لِّمن َّماِ فيِ َّ
ََ َْ ض ُقل لّله َكتَ َب َعَلى َن ْفسه َّ َ َ َ َ ْ الس َم َاو َ ْ َ
يه :12[ األنعام]. ر ْيب ِف ِ
َ َ
ش ْي ٍء :156[األعراف] ،وفي سورة كما ورد ذكر الرحمة في سورة األعراف في قوله تعالىَ :وَر ْح َمِتيَ و ِس َع ْت ُك َّل َ
غافر في قول ه تع الى :رَّبَنا و ِسع َت ُك َّل َ ٍ
أن اهلل تع الى يغف ر لمن ش ْيء َر ْح َم ًة َو ِعْل ًما :7[غ افر] ،وورد في الق رآن الك ريم ب ّ َ َ ْ
س$$اَل ٌم َعَل ْي ُك ْم َكتَ َب َرُّب ُك ْم َعَلى َن ْف ِسِ $$ه َّ
الر ْح َمَ $$ة $ون ِب ِ
ين ُيْؤ ِم ُن َ َ $
َآيات َن $$ا َف ُق $ْ $ل َ $اء َك َّالِذ َ
ثم ت اب إلي ه ،ق ال تع الىَ :وِإ َذا َجَ $ عص اه ّ
ِ ِِ ََّأن ُه م ْن ع ِم َل ِم ْن ُكم س$وءا ِبجهاَل ٍ$ة ثَُّم تَ ِ
أن أيض ا ّ وبين الق رآن الك ريم ً يم :54[األنع ام]ّ ، $ور َرح ٌ َأصَ$ل َح َف ََّأن ُه َغفُ ٌ
$اب م ْنَ ب ْع$ده َو ْ
َ ْ ُ ً ََ َ َ
َأن َلْي ِ
ف ُي َ$رى ثَُّم سْ$و َ
سْ $عَي ُه َ
َأن َسَ $عىَ و َّ ان ِإاَّل َ ماَ
سِ $س لِإْلْن َ روي يتوافق م ع عم ل اإلنس ان ،حيث ق ال تع الىَ :و ْ َ الج زاء األخ ّ
ون اللَّ ِه َوِليًّا َوالَ $هِ منُ د ِ وءا ُي ْجَ $ز ِب$ِ $ه َوالَ َي ِج$ْ $د لَُ $ سً $ $ل ُ اَأْلو َفى :39-41[ النجم] ،وق ال تع الى :و َمنَ ي ْع َمْ $ اء ْ ُي ْجَ $زاهُ اْل َجَ $ز َ
ون ا ْلج َّن َة والَ ي ْظلَمِ َ $ ِئ ِ الص ِالح َ ِ ِ ِ
$يرا:123-124[ $ون َنق ً ات منَ ذ َك$ٍ $رَْ أوُ أنثَى َو ُه$َ $و ُمْ $ؤ م ٌن فَُأولَ َك َي$ْ $د ُخلُ َ َ َ ُ ُ يراَ و َمن َي ْع َم ْل م َن َّ َ َنص ً
النساء].
عقاب ا يك ون في الدنيا واآلخرة لمن يلتزم ب أوامر اهلل تع الى ويبتعد عن ثواب ا أو ً إن جزاء اهلل تعالى ً وكذلك ف ّ
ص ِ $ال ًحا ِم ْنَ ذ َك$ٍ $ر َْأو ُأْنثَىَ و ُه$َ $و ُمْ $ؤ ِم ٌنَ فلَ ُن ْحِي َيَّن ُه َح َي$$اةً َ
طِّيَب ً $ةَ ولَ َن ْجِ $ز َي َّن ُه ْمْ
َأجَ $ر ُه ْم معاص يه ،فق د ق ال اهلل تع الىَ :م ْنَ ع ِمَ $
$ل َ
س ِن َما َكا ُنوا َي ْع َملُ َ
ون :97[النحل]. ِب ْ
َأح َ
الخــاتمة:
اآلتية:
النقاط ّأهمها في ّ
الدراسة والبحث إلى جملة من النتائج تتمثّل ّ
توصلنا بعد ّ
ّ
الموجه لإلنسان فيما عنده من ملكات واستعداد ات
ّ أن الوحي اإللهي هو
إن أصل األخالق موجودة في فطرة اإلنسان ،إال ّ
ّ )1
اإللهي.
ّ الرغم من وصول التحريف إليه ،غير ّأننا نجد فيه بقايا من تعاليم الوحي
وأما في العهد الجديد ،فعلى ّ
فطريةّ ،
ّ
األخالقية الواردة في القرآن الكريم هي األتم واألكمل ،حيث ّإنها تشمل جميع جوانب الحياة ،وموافقة لعقل اإلنسان
ّ إن القيم
ّ )2
فإنها تكاد تخلو من موافقة للعقل والفطرة.
وأما في نصوص العهد الجديدّ ،
وفطرتهّ ،
تحررهم من االلتزام باألخالق الواردة في العهد الجديد ،بينما نجد عقيدة ختم
المسيحية في التبرير والخالص ّ
ّ )3إن العقيدة
الرس االت السماوية ب القرآن تحث المس لم على االل تزام ب األخالق التي أمرن ا اهلل تع الى به ا في الق رآن الك ريم وعلى
محمد .
لسان رسوله ّ
أن آدم في العهد الجديد هو المسؤول عن خطايا جميع البشر ،ولهذا أرسل اهلل تعالى المسيح ؛ ُليص َلب ،ويموت
)4نجد ّ
حاسب بما عملت ،فال ت ـزر
تكفيرا عن خطايا البشر حسب اعتقاد المسيحيين ،بينما في اإلسالم فك ّل نفس تُ َ
ً
وازرة وزر أخرى.
فإن المسيح
المشرع ،ولهذا ّ
ّ الرب
والنواهي هو المسيح ،فهو في نظرهم ّ
أن مصدر األوامر ّ
)5نجد في العهد الجديد ّ
هو َمن يحاسبهم يوم الدينونة على أعمالهم.
الهوامش:
160
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)2ه2017/م