Professional Documents
Culture Documents
19-02-2023
19-02-2023
اإلدارة الكارثية
نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 19فبراير 2023
الفرقة المسرحية بحوالي 25قرشًا ،وبعد عدة أيام قام أحد أفراد اإلنتاج
بحساب قيمة الوزة حتى نهاية آخر عرض فوجد أن الوزة ستكلف الفرقة
المسرحية حوالي 100جنية – على اعتبار أنه سيتم تأجيرها ليالً – فقيل
له :ماذا تقترح ؟ قال الرجل :لو قمنا بشراء الوزة اليوم فإنها ال تساوي 5
عمومًا ،تم شراء الوزة من السيدة صاحبة الوز ،وعندها أصبحت الوزة
1
في الفرقة المسرحية حتى تدفع المبلغ المقرر لشراء الوزة ،طلب قسم
الوزة حتى يتم الدفع ،عندها تم إحضار السيدة صاحبة الوزة ،وقام قسم
وجودها وكل األمور اإلدارية ،ولكن يبقى السؤال :ماذا يحدث إن دخلت
لذلك تشكلت لجنة لمناقشة القضايا التالية :من سيهتم بالوزة ؟ من
سيقدم لها الطعام ؟ ومن سيقدم لها الماء ؟ ومثل تلك األمور ،لذلك تم
ولكن الوزة بعد فترة ماتت ،شأنها شأن جميع الكائنات الحية ،فكان ال
بد وأن يتم تقديم بالغ للنائب العام ،فتقدمت الفرقة المسرحية ببالغ
للشرطة بأن الوزة ماتت بسبب أو بآخر ،ولكن الجهات األمنية وجدت أن
فقامت الشرطة بعمل تحقيق في موت الوزة ،ومن كان المتسبب في
2
موتها ؟ وكل ذلك بسبب أن أعضاء الفريق اعتبروا أنهم تالعبوا بالمال
العام.
واستمر الوضع على هذا المنوال عدة أشهر ،ويبقى السؤال ،ما هذا النوع
من اإلدارة ؟
قصة الفنان حمدي أحمد ذكرتني بقصة قرأتها ذات يوم في أوراق جدي
في ليلة تنصيب الزعيم الجديد لقبيلة الهنود الحمر ،سأل أفراد القبيلة
الشتاء باردًا هذا العام" ،فأحتار الزعيم الجديد ،ولكنه فكر قليالً ،فهو ال
يعرف أي شيء عن أحوال الطقس" ،فماذا يفعل ؟" ،فما كان منه إال أن
تحرك حول نفسه قليالً ليوهم الجموع أنه يفعل شيئًا ما ويبحث عن
اإلجابة ،ثم أخرج أصبعه وقام بتلويحها في عدة جهات ،ثم توقف لحظة
وبالفعل قام أفراد القبيلة بجمع الحطب .ولكن ظل زعيم القبيلة يتوجس
خيفة" ،فالبرد لم يأت بعد ،وهذا يعني أن ثقة أفراد القبيلة فيه
العام ،فأكدت األرصاد الجوية على برودة الجو هذا العام "فالشتاء بارد
هذا العام".
3
فأصدر الزعيم أوامره ألفراد قبيلته بجمع كميات كبيرة من الحطب أكثر
ولكن البرد تأخر ،ومرة أخرى وبعد مضي فترة من الزمن اتصل المستشار
مرة أخرى باألرصاد الجوية ،وسألهم :هل سيكون الشتاء باردًا هذا العام؟
ومرة أخرى أصدر الزعيم أوامره ألفراد قبيلته بجمع كميات أكبر من
فخاف الزعيم على مصداقيته وشرعيته ،وأصابه األرق والقلق ،فقام هو
يمتلكها ،وسألهم :هل سيكون الشتاء باردًا هذا العام ؟ فأجابوا :نعم،
يعني أنهم يستعدون لشتاء قارس ،وعلى هذا األساس توقعنا أن يكون
4
وهكذا هي اإلدارة الكارثية ،إذ تدار المؤسسات بناء على معلومات
أو غير مؤهلين ،أو من بيوت خبرة عالمية همها جمع األموال فقط.
وإنما هناك شخص واحد هو الذي يتخذ القرارات ،وليس المهمة فقط،
وإنما هذا الرجل يتدخل حتى في لون الشاي والقهوة التي يجب أن تقدم
وكل مسؤول يسير وفق رؤيته وفكره ،من غير أي رباط أو ترابط مع
زمالءه.
اإلدارة الكارثية ،هي تلك المؤسسة التي ليس لها منهجية أو خطة وال
رؤية وال حتى أهداف حتى تحققها ،فهي تسير وفق أهواء ومصالح ،فال
اإلدارة الكارثية ،هي تلك المؤسسة التي ال تهتم برضا الموظف وال
أكبر عدد من األعمال بغض النظر عن جودته ،ال تهتم بتوفير السعادة
الوظيفية لموظفيها أيًا ما كانوا أو عملوا ،وال حتى تهتم بما يريد
5
العميل ،فإنه حتمًا سيأتي إلينا لينجز أعماله ،فإن كان راضًا أو لم يرض
اإلدارة الكارثية ،هي تلك المؤسسة التي تعيش في بروج عاجية ،ال
تهتم بما تقول وسائل التواصل وال تهتم بما يدور في المجتمع ،وإنما
وحتى وإن كانت المشاكل صغيرة والتي يمكن أن يساهم حتى أصغر
موظف في حلها ،ألن من مصالح المسؤولين أال يتم حل المشكالت أيًا ما
كانت.
أشتكى صاحب مصنع صابون من مشكلة كبيرة وكان يعتقد أنها حتمًا
ستؤثر على سمعة المصنع ،وكان المصنع ينتج صابون الذي على شكل
مسحوق ،وكان الصابون يوضع في علب كبيرة نوعًا ما ،إذ تحوي العلبة
6
فاتصل صاحب المصنع بالمصنع الذي أشترى منه ماكينة التعبئة ،فأتي
خبير وذهب خبير ،والكل يأتي ويفتي ويضع الحلول التي يعتقد أنها
ناجعة إال أنها ال تنجح ،فبعد فترة من الزمن تعود المشكلة إلى الظهور.
وفي األخير جاء خبير من تلك الدول البعيدة ،واقترح أن يتم تغير الماكينة
القديمة ليوضع بدالً عنها جهاز جديد يحوي على نقاط ألشعة الليزر،
المليئة .فوافق صاحب المصنع على االقتراح من منطلق (مكره أخاك ال
بطل) ،وعندما سأل عن ثمن ذلك الجهاز وجد أنها تقدر بحوالي 10آالف
دوالر.
سمع أحد العمال البسطاء كل هذه األمور ،فضحك ،فقرر أن يذهب إلى
وفي اليوم التالي جاء العامل وفي يده مروحة كبيرة وقوية ،فوضعها
7
يعمل ،وكان عندما تقرب علبة فاضية من المروحة كانت تطير لخفة
وانتهت المشكلة.
فالمسؤولين الكبار يجدون أنه حتى تحل مشكلة وزة يجب أن يتم عمل
فالقرارات يمكن اتخاذها بمنهجية الهنود الحمر وحال الطقس ،تجد أنه
يا ترى ،هل ما زالت موجودة هذه النوعية من اإلدارات في مؤسساتنا في
الوطن العربي ؟
8