Professional Documents
Culture Documents
البداية في الرقائق
البداية في الرقائق
البداية في الرقائق
جامعة صفوة
كلية العلوم الشرعية والعربية
مادة التربية والسلوك
المحاضرة السابعة والعشرون
الفرقة الثانية
من كتاب [البداية في علم الرقائق]
شرح الشيخ /وحيد بن عبد السالم بالي
🔲🔲🔲🔲🔲🔲
بسم هللا الرحمن الرحيم ،الحمد هلل رب العالمين ،وأصلي وأسلم على عبد هللا
ورسوله محم ٍد النبي األمين ،وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ما زلنا في شرح كتاب [البداية في الرقائق].
🔳 الضابط الخامس:
[[العبادات القلبية و القولية والبدنية والمالية يتنافس فيها السائرون إلى هللا]].
-عبادة الذل واالنكسار والخشوع هلل تبارك وتعالى عبادةٌ قلبيةٌ ،تتعلق
بالقلب ،وينبغي للمسلم أن يجتهد في الوصول إليها.
❓ولكن ما هو الخشوع؟
2
-نريد أن نعرف الخشوع ،وسوف ألخص لكم هذه العبادة من رسال ٍة للحافظ
ابن رجب الحنبلي رحمه هللا تعالى بعنوان[ :الذل واالنكسار للعزيز
الجبار].
❓ ما هو الخشوع؟
-قال عطاء الخراساني :الخشوع خشوع القلب والعين.
-وقال الزهري :هو سكون العبد في صالته.
-وقال الحسن البصري رحمه هللا :كان الخشوع في قلوبهم ،فغضوا له
البصر ،وخفضوا له الجناح.
-ورأى أحد العلماء رجاًل يعبث بيده في صالته فقال" :لو خشع قلب هذا
لخشعت جوارحه".
❓ ما هي أنواع الخشوع؟
🔶 أنواع الخشوع أربعة:
🔸 خشوع الحياء.
🔸 خشوع التعظيم.
🔸 وخشوع المحبة.
🔸 وخشوع الخوف.
🔺 وقد روى اإلمام أحمد رحمه هللا تعالى في كتاب الزهد بإسناده عن عمران
القصير قال" :قال موسى بن عمران :أي ربي أين أبغيك؟ (أي أين أجدك؟)،
يوم با ًعا ،ولوال
قال :أبغيني عند المنكسرة قلوبهم من أجلي ،إني أدنو منهم كل ٍ
ذلك النهدموا".
🔺 فقد روى مسل ٌم عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم" :يقول هللا عز وجل يوم القيامة :يا ابن آدم مرضت فلم تعدني؟
قال :يا ربي كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال :أما علمت أن عبدي فالنًا
مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟" هللا أكبر ،المريض
الضعيف المنكسر ،الالجئ إلى هللا جل وعال هللا قريبٌ .
🔻 كما قال ابن مسعو ٍد رضي هللا عنه" :إن أقوا ًما يقرؤون القرآن ال يجاوز
تراقيهم ،ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع صاحبه" نعم.
5
-من الناس من يقرأ القرآن بلسانه ،ومنهم من يقرؤه بقلبه ،من الناس من يقرأ
القرآن ويأتي بتجويده وإتقانه؛ ولكنه لم ينفذ إلى سويداء قلبه ،ومن الناس
من يقرأ القرآن آيةً آيةً فتنفذ إلى قلبه فيخشع ،وإلى عينه فتدمع ،وإلى
جوارحه فتخشع ،وإلى أعماله فتنضبط بضوابط القرآن ،وتنكسر ألوامر هللا
جل وعال ،اللهم اجعلنا جميعًا منهم يا رب.
-وقال الحسن البصري رحمه هللا" :العلم علمان :عل ٌم باللسان ،وعل ٌم بالقلب،
فعلم القلب هو العلم النافع ،وعلم اللسان هو حجة هللا على ابن آدم".
-واعلم أن العالم هو العامل ،وأن العالم الذي ال يعمل ليس بعالم؛ بل سماه هللا
جل وعال ال يعلم.
🔺 اسمع إلى قول هللا تبارك وتعالىَ{ :أ َّم ْن هُ َو قَانِ ٌ
ت آنَا َء اللَّي ِْل َس ِ
اج ًدا َوقَاِئ ًما
ون َوالَّ ِذ َ
ين اَل يَحْ َذ ُر اآْل ِخ َرةَ َويَرْ جُو َرحْ َمةَ َربِّ ِه ۗ قُلْ هَلْ يَ ْستَ ِوي الَّ ِذ َ
ين يَ ْعلَ ُم َ
ون} [الزمر.]٩ : يَ ْعلَ ُم َ
-نعم ،الذين يقنتون آناء الليل سج ًدا وقيا ًما هلل ،يخافون اآلخرة ويرجون
رحمة هللا ،أولئك هم العلماء ،والذين ال يركعون وال يسجدون ،ويفرطون
في جنب هللا جل وعال ،مهما أوتوا من العلم فليسوا بعلماء.
-لكن اسمع إلى أولئك الذين ال يؤثر القرآن في قلوبهم ،ماذا قال هللا عنهم؟
6
ين ( )٢٢هَّللا ُ نَ َّز َل ضاَل ٍل ُّمبِ ٍ ك فِي َ اسيَ ِة قُلُوبُهُم ِّمن ِذ ْك ِر هَّللا ِ ۚ ُأو ٰلَِئ َ
🔺 {فَ َو ْي ٌل لِّ ْلقَ ِ
ث ِكتَابًا ُّمتَ َشابِهًا َّمثَانِ َي تَ ْق َش ِعرُّ ِم ْنهُ ُجلُو ُد الَّ ِذ َ
ين يَ ْخ َش ْو َن َربَّهُ ْم ثُ َّم َأحْ َس َن ْال َح ِدي ِ
ين ُجلُو ُدهُ ْم َوقُلُوبُهُ ْم ِإلَى ِذ ْك ِر هَّللا ِ} [الزمر.]٢٣-٢٢ : تَلِ ُ
-ولين القلوب هو زوال قسوتها؛ لحدوث الخشوع فيها والرقة.
-وقد عتب هللا جل وعال على المؤمنين الذين لم تخشع قلوبهم لذكر هللا.
🔺 اسمع عتاب هللا عز وجل لك يا من ال يخشع قلبك عند سماع كالمه قال
ق َواَلين آ َمنُوا َأن تَ ْخ َش َع قُلُوبُهُ ْم لِ ِذ ْك ِر هَّللا ِ َو َما نَ َز َل ِم َن ْال َح ِّتعالىَ{ :ألَ ْم يَْأ ِن لِلَّ ِذ َ
ت قُلُوبُهُ ْم ۖ َو َكثِي ٌراب ِمن قَ ْب ُل فَطَا َل َعلَ ْي ِه ُم اَأْل َم ُد فَقَ َس ْ ين ُأوتُوا ْال ِكتَ َ يَ ُكونُوا َكالَّ ِذ َ
ون} [الحديد.]١٦ : اسقُ َ ِّم ْنهُ ْم فَ ِ
🔺 روى مسل ٌم عن ابن مسعو ٍد رضي هللا عنه قال" :ما كان بين إسالمنا وبين
أن عوتبنا بهذه اآلية إال أربع سنين ،فلما نزلت جعل المؤمنون يعاتب بعضهم
بعضًا".
❓ فهل عاتبك أح ٌد يو ًما على أنك لم يخشع قلبك عند سماع كالم هللا؟ وهل
عاتبت أح ًدا يو ًما على أنه لم يخشع قلبه عند سماع كالم هللا؟
-واعلم أن هذا القرآن عظيم لمن تدبره ،ولمن تفكر فيه ،يتصدع منه القلب.
❓ وكيف ال تتصدع منه القلوب المؤمنة الموقنة والجبال تتصدع منه؟
ص ِّد ًعا ِّم ْن آن َعلَى َجبَ ٍل لَّ َرَأ ْيتَهُ َخ ِ
اشعًا ُّمتَ َ 🔺 قال تعالى{ :لَ ْو َأن َز ْلنَا هَ َذا ْالقُرْ َ
اس لَ َعلَّهُ ْم يَتَفَ َّكرُون} [الحشر.]٢١ : ك اَأْل ْمثَا ُل نَضْ ِربُهَا لِلنَّ َِخ ْشيَ ِة هَّللا ِ َوتِ ْل َ
اللهم ارزقنا الخشوع يا رب.
-قال أبو عمران الجوني" :وهللا لقد صرف إلينا ربنا في هذا القرآن ما لو
صرفه إلى الجبال لحتها لحناها".
-قال مالك بن دينار" :أقسم لكم ال يؤمن عب ٌد بهذا القرآن إال صدع قلبه".
-قال الحسن البصري" :يا ابن آدم إذا وسوس لك الشيطان بخطيئ ٍة ،أو
حدثتك نفسك بها ،فاذكر عند ذلك ما حملك هللا من كتابه مما لو حملته
الجبال الرواسي لخشعت وتصدعت ،أما سمعته يقول{ :لَ ْو َأن َز ْلنَا هَ َذا
7
-فإنما ضرب لك األمثال لتتفكر فيها ،وتعتبر بها ،وتزدجر عن معاصي هللا
عز وجل .وأنت يا ابن آدم أحق أن تخشع لذكر هللا ،وما حملك من كتابه،
وآتاك من حكمه؛ ألن عليك الحساب ،ولك الجنة أو النار ،اللهم نجنا من
النار.
🔺 وقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم يستعيذ باهلل من قلب ال يخشع كما ثبت
مسلم أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يقول" :اللهم إني أعوذ بك
ٍ في صحيح
س ال تشبع ،ومن دعو ٍة الب ال يخشع ،ومن نف ٍ
علم ال ينفع ،ومن قل ٍ
من ٍ
يستجاب لها".
🔻 وروي عن كعب األحبار أنه قال" :مكتوبٌ في اإلنجيل يا عيسى قلبٌ ال
يخشع عمله ال ينفع ،وصوته ال يسمع ،ودعاؤه ال يرفع" نعوذ باهلل من ذلك.
-قال أسد بن موسى في كتاب الورع حدثنا مبارك بن فضالة قال" :كان
الحسن رحمه هللا يقول :إن المؤمنين لما جاءتهم هذه الدعوة من هللا ص ّدقوا
بها ،وأفضى يقينها إلى قلوبهم ،وخشعت لذلك قلوبهم وأبدانهم وأبصارهم،
وكنت وهللا إذا رأيتهم رأيت قو ًما كأنهم رأي العين ،فوهللا ما كانوا بأهل
جدل وال باطل ،وال اطمأنوا إال إلى كتاب هللا ،وال أظهروا ما ليس في ٍ
قلوبهم؛ ولكن جاءهم عن هللا أم ٌر فص ّدقوا به فوصفهم هللا تعالى في القرآن
وصف
ٍ أحسن
ون َعلَى اَأْلرْ ِ
ض هَ ْونًا} [الفرقان.]٦٣ : 🔺 فقالَ { :و ِعبَا ُد الرَّحْ َم ِن الَّ ِذ َ
ين يَ ْم ُش َ
🔻 قال الحسن :الهون في كالم العرب اللين والسكينة والوقار.
ون قَالُوا َساَل ًما} [الفرقان.]٦٣ : طبَهُ ُم ْال َجا ِهلُ َ -قالَ { :وِإ َذا َخا َ
🔻 قال الحسن" :حلماء ال يجهلون ،وإذا جُهل عليهم حلموا ،يصاحبون عباد
هللا نهارهم بما يسمعون ،ثم ُذكر ليلهم خير ليل
🔺 فقالَ { :والَّ ِذ َ
ين يَبِيتُ َ
ون ِل َربِّ ِه ْم ُس َّج ًدا َوقِيَا ًما} [الفرقان.]٦٤ :
8
🔻 قال الحسن :ينتصبون هلل على أقدامهم ،ويفترشون هلل وجوههم ،تجري
دموعهم على خدودهم فرقًا من ربهم (أي خوفًا من ربهم).
ألمر ما سهروا له ليلهمَ ،وَأِلم ٍْر ما خشعوا له
ٍ 🔻 قال الحسن رحمه هللا:
نهارهم.
-وقد شرع هللا تبارك وتعالى لعباده َأ ْن َوا ًعا من العبادات ،ما يظهر فيه خشوع
األبدان الناشئة عن خشوع القلب وذله وانكساره.
-ومن أعظم ما يظهر فيه خشوع األبدان هلل تبارك وتعالى من العبادات:
️❇ الصالة:
ين هُ ْم فِي 🔺 وقد مدح هللا الخاشعين فيها بقوله{ :قَ ْد َأ ْفلَ َح ْال ُمْؤ ِمنُ َ
ون (َّ )١ال ِذ َ
ُون} [المؤمنون.]٢-١ :اشع َ صاَل تِ ِه ْم َخ ِ
َ
ُون}. صاَل تِ ِه ْم َخ ِ
اشع َ جبير رحمه هللا{ :الَّ ِذ َ
ين هُ ْم فِي َ ٍ 🔻 قال سعيد بن
-يعني متواضعين ال يعرفون من عن اليمين وال من عن الشمال ،وال يلتفتون
من الخشوع هلل جل وعال.
-قال" :وكان العلماء إذا قام أحدهم في الصالة هاب الرحمن أن يشذ نظره،
أو يلتفت ،أو يقلب الحصى ،أو يعبث بشي ٍء ،أو يحدث نفسه بشي ٍء من
أمور الدنيا إال ناسيًا ما دام في صالته".
🔻 وقال مجاه ٌد رحمه هللاِ { :سي َماهُ ْم فِي ُوجُو ِه ِه ْم ِم ْن َأثَ ِر ال ُّسجُو ِد} [الفتح:
.]٢٩
-قال الخشوع في الصالة.
-ومما يظهر فيه الخشوع والذل واالنكسار من أفعال الصالة ،وضع اليدين
إحداهما على األخرى في حال القيام .فقد سئل اإلمام أحمد رحمه هللا عن
المراد بذلك فقال :هو ذ ٌل بين يدي عزيز .هللا أكبر.
-ومن الخشوع في الصالة الركوع ،وهو ذ ٌّل بظاهر الجسد؛ ولهذا كانت
العرب تأنف منه وال تفعله؛ حتى بايع بعضهم النبي صلى هللا عليه وسلم
على أال يركع؛ وإنما يسجد فقط ،بايعه على أال يخر إال قائ ًما يعني أن يسجد
من غير ركوع.
ُون} [المرسالت.]٤٨ : 🔺 قال هللا جل وعالَ { :وِإ َذا قِي َل لَهُ ُم ارْ َكعُوا اَل يَرْ َكع َ
-يعني يستكبرون ويأنفون من الركوع؛ لكن العبد المؤمن يركع هلل خاضعًا
خاشعًا ،فيذل قلبه وتخشع نفسه ،فإذا ركع بجسده ينبغي أن يخضع قلبه لكي
يخضع بظاهره وباطنه هلل رب العالمين.
🔺 ولذلك كان النبي صلى هللا عليه وسلم يقول في ركوعه" :خشع لك سمعي
وبصري ،ومخي وعظمي ،وما استقل به قدمي".
-ومن الخشوع في الصالة السجود ،فهو أعظم ما يظهر فيه ذل العبد لربه
تبارك وتعالى ،حيث جعل العبد أشرف ماله من األعضاء ،وأعزها عليه
مكان هلل جل وعال ،فيضع وجهه على التراب ،ويتبعٍ وأعالها في أوضع
ذلك انكسار القلب وتواضعه وخشوعه هلل جل وعال؛ ولذلك كان جزاء
المؤمن إذا فعل ذلك أن يقربه هللا عز وجل منه.
10
🔺 فقال النبي صلى هللا عليه وسلم" :أقرب ما يكون العبد من ربه وهو
ساجد".
🔺 كما قال تعالىَ { :وا ْس ُج ْد َوا ْقتَ ِربْ } [العلق.]١٩ :
-ومن تمام خشوع العبد هلل وتواضعه له في ركوعه وسجوده أنه إذا ذل لربه
بالركوع والسجود ،وصف ربه حينئ ٍذ بصفات العز والكبرياء والعظمة
والعلو ،فكأنه يقول :الذل والتواضع وصفي ،والعلو والعظمة والكبرياء
وصفك يا هللا؛ فلهذا ُش ِرع للعبد في ركوعه أن يقول( :سبحان ربي العظيم)،
وفي سجوده أن يقول( :سبحان ربي األعلى).
🔺 وكان النبي صلى هللا عليه وسلم أحيانًا يقول في سجوده" :سبحان ذي
الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة" كما ثبت في مسند أحمد بسن ٍد حسن.
-ومعنى قول حاتم( :أقوم باألمر) :أي حي على الصالة؛ يقوم بأمر هللا عز
وجل منف ًذا ألمر هللا وأقيموا الصالة.
-وأمشي بالخشية :أي أمشي إلى المسجد خائفًا؛ ألنني ذاهبٌ للوقوف بين
يدي الملك.
-وأدخل بالنية :أي أدخل الصالة باإلخالص فيها ،وبنية الذل واالنكسار
والتعظيم هلل جل وعال.
11
وأكبر بالعظمة :أي أكبر معظ ًما هلل ،هللا أكبر :أي هللا أعظم ،أعظم من كل -
شيء.
وأقرأ بالترتيل والتفكر :أي أتفكر في كل ما أقرأ بالقرآن. -
وأركع بالخشوع :أي أركع خاشعًا هلل. -
وأسجد بالتواضع :أي أسجد متواضعًا هلل. -
وأجلس للتشهد بالتمام :أي أجلس ألقول التحيات هلل ،فأتمها وأتم بها -
صالتي.
وأسلم بالسبيل والسنة :يسلم عن اليمين وعن اليسار كما يسلم النبي صلى -
هللا عليه وسلم.
وُأسلمها باإلخالص هلل جل وعال :أي أسلم صالتي هلل جل وعال مخلصًا -
فيها.
وأرجع على نفسي بالخوف أخاف أال يقبل مني :أي ال يغتر بالصالة؛ وإنما -
يخشى أال يقبلها هللا منه.
وأحفظه بالجهد إلى الموت :أي أحفظ عملي من الغرور إلى أن أموت ،أي -
أظل متواضعًا طيلة حياتي ،متذلاًل منكس ًرا هلل طيلة حياتي حتى الموت ،ال
بعمل من أعمالي.ٍ أغتر
فقال له :تكلم ،أي عظ الناس فأنت تحسن تصلي. -
-ومما يظهر الذل في الدعاء رفع اليدين؛ ألن اإلنسان إذا رفع يديه كأنما
غني يطلب منهيطلب شيًئا من هللا جل وعال ،كالمسكين الذي يمد يده إلى ٍّ
حاجةً ،وقد كان بعض الخائفين يجلس بالليل ساكنًا مطرقًا برأسه ،ويمد يديه
كحال السائل ،وهذا من أبلغ صفات الذل واالنكسار والمسكنة واالفتقار هلل.
12
-ومن ذلك افتقار القلب في الدعاء ،وانكساره هلل جل وعال واستشعاره شدة
الفاقة إليه ،والحاجة لديه ،وعلى قدر هذه الحرقة والفاقة والحاجة تكون
إجابة الدعاء.
🔺 فعند الترمذي وحسنه األلباني أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال" :إن هللا ال
غافل ال ٍه".
ٍ ب
يستجيب دعا ًء من قل ٍ
-ومن ذلك إظهار الذل باللسان في السؤال نفسه ،واإللحاح على هللا جل وعال
كأنك تطلب وتطلب وتطلب وتلح وتتذلل وتنكسر.
🔻 قال األوزاعي" :كان يقال :أفضل الدعاء اإللحاح على هللا والتضرع إليه".
ضعف أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يدعو ويقول: ٌ ٌ
حديث فيه 🔺 وهناك
"اللهم إنك ترى مكاني ،وتسمع كالمي ،وال يخفى عليك شي ٌء من أمري ،أنا
البائس الفقير ،المستغيث المستجير ،الوجل المشفق ،المقر المعترف بذنبه،
أسألك مسألة المسكين ،وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل ،وأدعوك دعاء
الخائف الضرير ،دعاء من خضعت لك رقبته ،وذل لك جسده ،ورغم لك أنفه،
وفاضت لك عيناه ،اللهم ال تجعلني بدعائك رب شقيًا ،وكن بي بارًا رؤوفًا
رحي ًما ،يا خير المسؤولين ،ويا خير المعطين".
-هذا الدعاء ورد بسن ٍد ضعيف؛ لكن يجوز لإلنسان أن يدعو به؛ ألنه دعا ٌء
ع هلل جل وعال ،وليست فيه مخالفةٌ شرعيةٌ فيما أعلم.ع وخضو ٌ فيه خشو ٌ
🔻 وقال طاووسٌ رحمه هللا" :أنه دخل على علي بن الحسين رحمه هللا ذات
ليل ٍة الحجرة وهو يصلي ،فسمعته يقول في سجوده :عبدك بفنائك ،مسكينك
بفنائك ،فقيرك بفنائك ،سائلك بفنائك.
ب إال فرج عني".
-قال طاووس :فحفظتهن فما دعوت بهن في كر ٍ
-والمسكين :هو من كان قلبه مستكنًا هلل ،خاضعًا له ،خاشعًا له وكان ظاهره
كذلك؛ ولذلك يقال :إن الفقر فقر النفس ،والغنى غنى القلب.
ب ،وجماعةٌ من األئمة" :إن 🔻 ولهذا قال اإلمام أحمد ،وابن عيينة ،وابن وه ٍ
الفقر الذي استعاذ منه النبي صلى هللا عليه وسلم هو فقر النفس ،فمن استكان
ٌ
مسكين وإن كان غنيًا من المال؛ ألن استكانة قلبه هلل عز وجل وخشع له ،فهو
13
القلب ال تنفك عن استكانة الجوارح ،ومن خشع ظاهره واستكان ،وقلبه ليس
بخاشع وال مستكين ،فهو جبار".
ٍ
🔻 وقال الحسن البصري رحمه هللا" :إن قو ًما جعلوا التواضع في لباسهم،
والكبر في قلوبهم".
🔺 وقد صح أن النبي صلى هللا عليه وسلم أنكر أن يكون لباس الرجل الحسن
والنعل الحسن كبرًا ،فلما سئل النبي صلى هللا عليه وسلم إن الرجل يحب أن
يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا ،هل هذا من الكبر؟ قال النبي صلى هللا عليه
وسلم" :إن هللا جمي ٌل يحب الجمال ،الكبر بطر الحق ،وغمط الناس".
-وهذا تصري ٌح بأن حسن الثياب ليس بكبر؛ الكبر إنما هو في القلب ،وهو
عدم االنقياد للحق تكب ًرا عليه ،وغمط الناس هو احتقارهم وازدراؤهم ،فمن
كان في نفسه عظي ًما بحيث يحقر الناس الستعظام نفسه ،ويأنف من االنقياد
للحق تكب ًر ا عليه فهو المتكبر ،وإن كان ثوبه ليس بحسن ،ونعله ليس
بحسن ،ومن ترك اللباس الحسن؛ تواضعًا هلل؛ وخشيةً له أن يقع في قلبه
شي ٌء من الكبر ،فال بأس به فقد أحسن؛ ولكن قد يكون الرجل حسن الثياب
متواضع القلب ،وقد يكون الرجل رث الثياب متكبر القلب ،نعوذ باهلل من
الكبر.
🌀 أيها األحباب الكرام أنهينا العبادات القلبية عبادة الخشوع ،وبها نكتفي إن
نوع عبادةً واحدة ،أخذنا اليوم من العبادات القلبية
شاء هللا تعالى ،فنأخذ من كل ٍ
عبادة الخشوع.
🔹 السؤال األول:
ما هو الخشوع؟
🔹 السؤال الثاني:
14
🔹 السؤال الثالث:
كيف تصلي كما يصلي حاتم األصم رحمه هللا؟