Professional Documents
Culture Documents
المسؤوليــــــة الناشئــــــة عن عمــــل الغيـــــــــــر في القانون المدني الجزائري
المسؤوليــــــة الناشئــــــة عن عمــــل الغيـــــــــــر في القانون المدني الجزائري
* إلى أسرتي التي ترعرعت بينها ،بين إخوتي وأخواتي ،إلى عائلتي
* أهدي هذا العمل المتواضع الذي نأمل أن يكون فيه منفعة لغيري.
قائمة أهم المختصرات
ج :جزء
ع :عدد
ص :صفحة
ط :طبعة
مقدمـــــــــــــــــــة
مقدمــــــــــــة
تعد المسؤولية جزاء على مخالفة الشخص ألحد الواجبات الملقاة على عاتقه ،هذه
الواجبات إما أن يكون مصدرها القانون ،أو قد يفرضها المجتمع على اإلنسان لكونه كائنا
يعيش بداخله ،وبالتالي نكون بصدد نوعين من المسؤولية ،مسؤولية قانونية في حالة اإلخالل
بواجب قانوني ،ومسؤولية أخالقية تقوم على تأنيب الضمير وال ينتج عنها جزاء قانوني ،وهي
حالة يوجد فيها الفرد مخالفا لقاعدة من قواعد األخالق التي ترسم اإلنسان سلوكه ويترتب
أما الواجبات القانونية فهي كثيرة وبالتالي يترتب عليها عدة جزاءات بحسب الواجب
الذي حدث اإلخالل بشأنه ،لذا يوجد ما يسمى بالمسؤولية اإلدارية ،السياسية والجنائية التي
يختص بها قانون العقوبات ومسؤولية مدنية تتضمن جزاء مدني ،هذه المسؤولية تختلف
إخالل أحد طرفي العقد بالتزاماته واما مسؤولية تقصيرية إذا ترتبت عن الفعل الشخصي
لمحدث الضرر ،أو كانت نتيجة لفعل الغير إذا نشأ الضرر عن فعل شخص حدد القانون
وضعه القانوني بالنسبة للمسؤول عنه ،كما قد تترتب هذه المسؤولية عن الضرر الذي
يتسبب فيه الشيء الموجود بحراسة أحد األشخاص أو يحدثه الحيوان الذي يملكه هذا
والشخص ال يسأل إال عن سلوكه الشخصي فال يكون مسؤوال إال عن أفعاله
1
مقدمــــــــــــة
واجب اإلثبات في حق مرتكب الفعل الضار ،إالّ ّأنه استثناءا على ذلك قد يسأل الشخص
عن فعل غيره فنكون أمام المسؤولية عن فعل الغير التي آثرنا تناولها بالدراسة في بحثنا هذا
نظ ار لألهمية البالغة والمرونة الكبيرة التي تعرفها فكرة المسؤولية المدنية على العموم
عدة جوانب جعلتها أساسا خصبا للتقنين المدني ومجاال واسعا لالجتهاد
والشتمالها على ّ
الغير مسؤولية استثنائية واحتياطية تختلف في الشروط المقررة لقيامها عن تلك المقررة لقيام
فعل الغير بشكل واضح وجلي في نصوص قانونية في إطار تنظيمه ألحكام المسؤولية
التقصيرية .وقد ذهب بعض الفقهاء وفي مقدمتهم الفقيه الفرنسي Becquéإلى القول بوجود
أن المسؤولية العقدية عن فعل الغير تقوم في حالة ما إذا كان هناك التزام عقدي لم ينفذ
وكان عدم التنفيذ ليس راجعا إلى فعل المدين نفسه بل إلى فعل شخص آخر يكون المدين
مسؤوال عنه ،وعلى هذا األساس يستنتج أنصار الرأي أنه بمفهوم المخالفة لنص المادة
2/178من القانون المدني هناك مبدأ عام يقضي بالمسؤولية عن فعل الغير عقديا ،والتي
يشترط لقيامها شروط قيام المسؤولية عن الفعل الشخصي إضافة إلى كون هذا األخير من
الذين يسأل عنهم المدين ،وأن يكون قد تدخل بفعله في اإلخالل بااللتزام العقدي .هذا المبدأ
2
مقدمــــــــــــة
مؤداه أن المدين مسؤول مسؤولية عقدية عن خطأ األشخاص الذين يستعملهم في تنفيذ
التزامه.
الثالث من الباب األول من الكتاب الثاني من القانون المدني في المواد 134إلى .137
أي مدى نجح المشرع الجزائري في إرساء النظام القانوني للمسؤولية عن فعل الغير؟
إلى ّ
وعلى هذا األساس ،قسمت البحث إلى فصلين :األول بعنوان مسؤولية متولي الرقابة عن
3
الفصـــــــل األول:
تعتبر مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة صورة من صور المسؤولية
الناشئة عن عمل الغير .وهذه المسؤولية تقوم بين طرفين وهما متولي الرقابة وهو الملتزم
بواجب الرقابة والشخص الخاضع للرقابة بسبب صغر سنه أو مرضه ،بحيث يصدر عن هذا
األخير فعل يضر بالغير ،فيلتزم المكلف بالرقابة بتعويض المضرور وال يمكن له إعفاء هذه
الرقابة.
في المبحث األول نتطرق إلى مسؤولية متولي الرقابة من خالل تعريفها وتبيان
أطرافها واألساس الذي تقوم عليه وشروطها وأركانها .ثم في المبحث الثاني ،أحكام مسؤولية
متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة وذلك بطرق دفع مسؤولية متولي الرقابة واآلثار
4
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
المبحث الول:
ماهية مسؤولية متولي الرقابة
تتحقق مسؤولية متولي الرقابة إذا تولى الشخص الرقابة عن شخص آخر وصدر من
وعليه نتطرق في المطلب األول إلى تحديد أطراف مسؤولية متولي الرقابة ،وفي
المطلب الثاني أساس مسؤولية متولي الرقابة وفي المطلب الثالث أركان وشروط مسؤولية
المطلب الول:
أطراف مسؤولية متولي الرقابة
هذين الشخصين.
ويقصد بالرقابة اإلشراف على شخص ،وحسن تربيته ،وتوجيهه واتخاذ االحتياطات
1
الرقيب ويكون مصدر
المعقولة لمنعه من اإلضرار بالغير .والرقابة التزام يقع على عاتق ّ
هذا االلتزام إما القانون كرقابة األب البنه واما االتفاق كرقابة مدير مستشفى األمراض العقلية
2
للمرضى.
-1عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام ،مصادر االلتزام ،ج ،01منشأة المعارف
اإلسكندرية ،2004 ،ص.841
-2علي علي سليمان ،دراسات في المسؤولية المدنية في القانون المدني الجزائري( ،المسؤولية عن فعل الغير – المسؤولية
عن فعل األشياء – التعويض) ،ط ،3ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1994 ،ص.22
5
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
الفرع الول:
أطراف مسؤولية متولي الرقابة بحكم القانون
تنص المادة 134من القانون المدني الجزائري'' :كل من يجب عليه قانونا أو اتفاقا
رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره أو بسبب حالته العقلية أو الجسمية ،يكون
ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص للغير بفعله الضار ويستطيع المكلّف
أن الضرر كان
بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أثبت ّ
1
البد من حدوثه ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية''.
ّ
المشرع الجزائري لم يحدد األشخاص الذي يقع
ّ أن
ومن خالل هذا النص يتضح لنا ّ
عليهم واجب الرقابة ،بل اكتفى بذكر مصدر الرقابة الذي قد يرجع إلى حكم القانون أو يرتبه
حدد الخاضع للرقابة ويكون ذلك بسبب القصر أو الحالة العقلية أو
اتفاق األطراف ،وكذلك ّ
الجسمية للشخص ،وعليه سنتطرق إلى:
أوال :مصدر الرقابة
هو الشخص الذي يتولى رعاية وتدبير شؤون القاصر غير المميز أو من يساويه عقال
كالمجنون أو من يتولى رقابة المعاق جسديا 2.وحسب نص المادة 134من القانون
إما بحكم القانون أو اتفاق األطراف.
المدني الجزائري يكون مصدر الرقابة ّ
وتنص المادة 81من قانون السرة على ّأنه" :من كان فاقد األهلية أو ناقصها لصغر
السن أو الجنون أو السفه ،ينوب عنه قانونا ولي أو وصي أو مقدم طبقا ألحكام هذا القانون"
-1المادة 134من األمر رقم 58-75مؤرخ في 20رمضان عام 1395الموافق ل ـ 26سبتمبر ،1975المتضمن
القانون المدني ،ج.ر.ج.ج .ع 78مؤرخ في 24رمضان عام 1395الموافق 30سبتمبر ،1975معدل ومتمم.
-2عدنان إبراهيم السرحان ،نوري أحمد خاطر ،شرح القانون المدني ،مصادر الحقوق الشخصية ،االلتزامات ،دراسة
مقارنة ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،2009 ،ص.497
6
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
تنص المادة 87من قانون السرة الجزائري " :يكون األب وليا على أوالده وبعد
كما ّ
وفاته تحل األم محله قانونا".1
حددت المادة 135من القانون المدني الجزائري الملغاة 2األشخاص الملتزمون
كما ّأنه ّ
تم
بالرقابة قانونا وهم األب وبعد وفاته األم ،والمعلمين والمؤدبين وأرباب الحرفة ،التي ّ
اقتباسها من نص المادة 3 1384من القانون المدني الفرنسي التي تنص'' :يكون األب
وبعد وفاته األم مسؤولين عن الضرر الذي يسببه أوالدهما القاصرون الساكنون معهما ،كما
أن المعلمين والمؤدبين ،وأرباب الحرف مسؤولون عن الضرر الذي يسببه تالمذتهم
والمتمرنون في الوقت الذي يكونون فيه تحت رقابتهم'' .ومنه سنتطرق إلى األب واألم والمعلم
ورب الحرفة كأمثلة عن األشخاص الملتزمين بالرقابة قانونا.
)1الب
يفترض النظام العائلي أن يمارس األب السلطة األبوية عن أوالده ،فهو مسؤول عن
حسن انتظام الحياة العائلية .والمقصود بممارسة السلطة األبوية إعطاء التوجيه السليم ومنع
4
السلوك المنحرف أو الضار
فاألب هو الولي الطبيعي والشرعي على نفس ابنه القاصر ،فإذا ارتكب االبن القاصر
فعال ضا ار ترتب عليه إلحاق ضرر بالغير كان األب مسؤوال عن تعويض الضرر وبالتالي
5
يبقى األب مسؤوال إلى حين بلوغ سن الرشد وهو 19سنة كاملة.
-1المواد 87-81من األمر رقم 11-84المؤرخ في 09رمضان عام ،1404الموافق ل 09يونيو سنة ،1984
المتضمن قانون األسرة الجزائري ،ج.ر.ج.ج ،عدد 31المؤرخ في 31جويلية 1984المعدل والمتمم.
-2المادة 135الملغاة من األمر ،58-75المتضمن ق.م.ج المعدل والمتمم ،المرجع السابق.
3
- Article 1384/4 : « Le père et la mère, entant qu’ils exercent l’autorité parentale, sont
» solidairement responsables du dommage causé par leurs enfants mineurs habitants avec eux
-4مصطفى العوجي ،القانون المدني ،المسؤولية المدنية ،ج ،02ط ،03منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان،
،2007ص.404
-5عبد اهلل أمينة ،المسؤولية المدنية عن فعل الغير في القانون المدني الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا
للقضاء ،الدفعة ،2007-2004 ،15ص.09
7
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
وذلك حسب نص المادة 40من الفقرة 2من القانون المدني الجزائري التي تنص '' :كل
شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل األهلية لمباشرة حقوقه
المدنية .وسن الرشد تسعة عشر ( )19سنة كاملة''.1
وقد تكون القاصر بنتا تتزوج قبل بلوغ سن الرشد فتنتقل الرقابة عليها ممن كان قائما
على تربيتها إلى زوجها ،وهو الذي يكون مسؤوال عنها مادامت قاصرا ،فإذا كان الزوج نفسه
فإن متولي الرقابة على الزوج يتولى الرقابة
تقوم عليه الرقابة ،لقصره أو ألي سبب آخرّ ،
أيضا على الزوجة ،ويكون مسؤوال عن كل منهما ،فإذا ما بلغ سن الرشد ،ولم تبلغها الزوجة،
صار الزوج هو متولي الرقابة على زوجته .أما إذا بلغت سن الرشد فإنها تتحرر من
2
الرقابة.
كما ّأنه يبقى مسؤوال في حالة هجر العائلة ألن ذلك يعتبر خطأ منه وليس له أن يتحجج
به في مواجهة الغير ،بل أنه يكون حتى مسؤوال جزائيا طبقا ألحكام المادة 330من قانون
3
العقوبات الجزائري.
أما في حالة انتهاء وظيفته كولي بوجود حالة من الحاالت المذكورة في المادة 91من
قانون السرة 4التي تنص:
'' تنتهي وظيفة الولي:
)1بعجزه،
)2بموته،
)3بالحجر عليه،
وأقام القانون قرينة قان ونية على توافر هذه الرعاية متى كان الولد قاص ار ومقيما مع أبيه،
وجعل هذه القرينة غير قاطعة أي ّأنه يجوز لألب إقامة الدليل على عكسها ،بأن يثبت أن
الولد (رغم قصره واقامته معه) كان حين ارتكاب الفعل الضار في رقابة شخص آخر.
وتنتهي مسؤولية األب المفترضة ببلوغه سن الرشد أو إذا لم يعد يقيم مع أبيه لسبب ال
خطأ فيه لألب ،كإقامة القاصر مع أمه إذا انفصلت عن األب ،أو في حالة زواج القاصر أو
1
تجنيده.
)2الم
أن هذه
تنتقل المسؤولية عن القصر بعد وفاة األب إلى األم بشرط اإلقامة معها .كما ّ
المسؤولية تقع على األم أيضا في حالة رعاي تها للقصر المقيمين معها في حالة حياة األب
إذا ما انفصلت عنه وأقامت بعيدة عنه .ومن هنا قررت المحكمة العليا بأن المحكوم له
بالحضانة سواء كان هو األب أو األم أو غيرهما ،يكون مسؤوال عن تربية الولد المحضون
مدة
وحمايته ورعايته ،ومسؤوال مسؤولية مدنية عن كل ضرر يلحقه هذا المحضون بالغير ّ
2
الحضانة.
3
من وذلك في ظل النصوص القانونية الحالية ،وبالرجوع إلى نص المادة 62
عرف الحضانة على أنها ''الحضانة هي رعاية الولد
المشرع ّ
ّ قانون السرة الجزائري نجد أن
وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسهر على حمايته وحفظه صحة وخلقا ويشترط في
الحاضن أن يكون أهال للقيام بذلك''.
4
من قانون السرة أن تكون األم ولية على نفس القاصر تطبيقا لنص المادة 3/87
في حالة إسناد الحضانة لألم عند الطالق ...'' .في حالة الطالق ،يمنح القاضي الوالية لمن
-1بلحاج العربي ،النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري ،الواقعة القانونية (الفعل غير المشروع ،اإلثراء بال
سبب ،القانون) ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2001 ،ص .291-290
-2بلحاج العربي ،المرجع السابق ،ص.291
-3المادة 62من األمر رقم 11-84المتضمن ق أ ج المعدل والمتمم ،المرجع السابق.
-4المادة 3/87من األمر رقم ،11-84المرجع السابق.
10
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
التالميذ للغير أو لبعضهم البعض 1ويكون ذلك بعد تحقق مسؤولية المعلم لكن ذلك ال يكون
إالّ في نطاق مسؤوليته عن خطئه في رقابة تالمذته .أما الحاالت األخرى لمسؤوليته التي ال
2
فإنها تظل خاضعة للقواعد العامة.
تكون ناشئة عن ذلكّ ،
)4المشرف على الحرفة
إذا كان القاصر يتعلم حرفة ،بمقتضى عقد تمرين أو تعليم ،فإن الرقابة عليه تنتقل
إلى الصانع أو المشرف على الحرفة طيلة الوقت الذي يوجد فيه عنده ،سواء في مكان
العمل أو خارجه طالما كان تحت إشرافه.
ويختلف األمر إذا كان القاصر يعمل لدى صاحب عمل ،بمقتضى عقد عمل مقابل
أجر يتقاضاه منه ،حيث تكون مسؤولية صاحب العمل عن الفعل الغير مشروع لعامله هي
3
مسؤولية المتبوع عن عمل التابع.
)1حالة القصر :يشترط لقيام مسؤولية متولي الرقابة على أساس الخطأ المفترض أن
يكون الشخص الخاضع للرقابة قاص ار وفقا لنص المادة 640من القانون المدني.
1
من القانون المدني المشرع الجزائري ذكر لنا في المادة 134
ّ أن
وتجدر اإلشارة ّ
الجزائري حالة الرقابة بسبب القصر دون تحديد سن القاصر أو تحديد إذا كان ممي از
فإن مسؤوليته الشخصية مستبعدة تماما
مميز ّ
أو غير مميزا .فإذا كان القاصر غير ّ
ممي از فيكون مسؤوال شخصيا
وذلك الستحالة وقوع خطأ من جانبه ،أما إذا كان ّ
2
وبالتالي ال يخضع إلى الرقابة.
3
من القانون المدني الجزائري إلى المسؤولية الشخصية لقد أشارت المادة 1/125
المميز حالة إلحاقه ضر ار بالغير .والتي تنص" :ال يسأل المتسبب في الضرر الذي
ّ للقاصر
مميزا".
يحدثه بفعله أو امتناعه أو بإهمال منه أو عدم حيطته إالّ إذا كان ّ
4
من القانون المدني الجزائري سن التمييز وهو بلوغ سن 13 حددت المادة 42
وقد ّ
سنة ،فإذا لم يبلغ هذا السن فال مسؤولية عليه ويكون متساوي مع المجنون والمعتوه .ومنه
5
المميز مسؤوال مسؤولية تقصيرية كاملة دون حاجة لبلوغه سن الرشد.
ّ يكون الصبي
أما في القانون التجاري الجزائري ،أتاح للقاصر حق مزاولة التجارة بشرط بلوغه سن
ّ
18سنة وكذلك حصوله على ترخيص من أبويه أو على قرار مجلس العائلة مصادقا عليه
من المحكمة وذلك حسب نص المادة 605من القانون التجاري التي تنص" :ال يجوز
للقاصر المرشد ذك ار أم أنثى ،البالغ من العمر 18سنة والذي يريد مزاولة التجارة أن يبدأ في
العمليات التجاري ،كما ال يمكن اعتباره راشدا بالنسبة للتعهدات التي يبرمها عن أعمال
تجارته ،إذا لم يكن قد حصل مسبقا على إذن والده أو أمه أو على قرار من مجلس العائلة
مصادق عليه من المحكمة فيما إذا كان والده متوفيا أو غائبا أو سقطت عنه سلطة البوية أو
يقدم اإلذن كتابيا دعما
استحال عليه مباشرتها ،أو في حالة انعدام األب واألم ويجب أن ّ
لطلب التسجيل في السجل التجاري"
ومنه يعتبر األبوين مسؤولين عن األضرار التي يحدثها الطفل القاصر ،ويستطيع
المكلّف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه أقام بواجب الرقابة ،أو أثبت أن
1
الضرر كان البد من حدوثه ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية.
أن
كما ّأنه ال يوجد مانع من قيام مسؤولية األم إلى جانب مسؤولية األب باعتبار ّ
مسؤوليتهما تتحقق بغض النظر عن طبيعة العالقة التي يدلي بها القاصر إليهما .النظر عن
طبيعة األبوة التي تربطهما بالقاصر فقد تكون بنوة هذا القاصر شرعية كما قد تكون طبيعية
2
وتكون ثابتة قانونا.
)2الحالة العقلية :قد يبلغ الشخص سن الرشد 19سنة حسب نص المادة 340من
القانون المدني ومع ذلك يعرض له عارض تنقص من تمييزه أو بعدمه كالسفه
والغفلة والجنون وعندئذ يعود ذلك الشخص في حاجة إلى الرقابة .ويتولى الرقابة من
تجب عليه قانون الرقابة كولي النفس أو اتفاقا كطبيب المستشفى ويكون متولي
4
الرقابة مسؤوال عن العمل غير المشروع الذي يصدر من ذلك الشخص.
)3الحالة الجسمية :كذلك قد يصاب البالغ سن الرشد بمرض كالشلل أو الصرع أو فقد
البصر ،فيجعله في حاجة للرقابة .ويتولى الرقابة الشخص الذي يتولى اإلشراف على
شؤونه الشخصية وتكون هذه الرقابة باالتفاق ويكون متولي الرقابة مسؤوال عن العمل
1
غير المشروع الذي يصدر من ذلك الشخص.
الفرع الثاني:
أطراف مسؤولية متولي الرقابة اتفاقا
قد يكون مصدر الرقابة االتفاق ،ويكون ذلك في حالتين :حالة االتفاق الذي يبرمه ولي النفس
2
أو حالة االتفاق الذي يبرمه الخاضع للرعاية والرقابة.
أوال :االتفاق الذي يبرمه ولي النفس
3
يكون واجب الرقابة اتفاقا كلما كان اتفاق األطراف هو المنشئ لهذا الواجب.
وأحسن مثال على ذلك الروضة أو مستشفى مختص في األمراض العقلية ،فهنا يكون
االتفاق بين األطراف أو بين الولي والمكلفين يمثل هذا الواجب االتفاقي على القيام بواجب
الرقابة ويتحمل المسؤولية تبعا اللتزامه بهذا االتفاق.
أن اإلخالل بهذا الواجب أي واجب الرقابة يشكل خطأ
وقد اعتبرت المحكمة العليا ّ
4
يلتزم من تسببه فيه بالتعويض.
واذا كانت الحالة الداعية إلى الرعاية والرقابة هي الحالة العقلية كالجنون أو العته ،أو
الحالة الجسمية كالشلل أو العمى ،فإن األصل أن يقوم ولي النفس بتلك الرعاية إال أنه قد
يعهد بها إلى غيره .وفي هذه الحالة االلتزام بالرعاية والرقابة يقع على عاتق مدير المستشفى
والقائم بشؤون األعمى أو المشلول ،ذلك أن مدير مستشفى األمراض العقلية يتولى رقابة
1
مرضاه.
كذلك هو الحال في حالة التزام سيدة أو دار للحضانة أو روضة األطفال يتولى رعاية
أطفال صغار ،فمن الطبيعي أن يكون مسؤوالن عن الفعل الضار الصادر عن الطفل
2
والمريض متى توافرت كافة الشروط.
إذا أصيب البالغ الراشد بمرض أعجزه وجعله في حاجة إلى الرعاية والرقابة نظ ار
لحالته الجسمية ،فله أن يبرم اتفاقا مع شخص آخر ليتولى رعايته واإلشراف على شؤونه،
فيكون مسؤوال عنه ما بقي في رقابته ،ولقيام هذه المسؤولية يجب أن يكون االتفاق ثابت
بغض النظر عن شكله ،فقد يكون شفاهة أو كتابة ،صريح أو ضمني ،وبناءا عليه فال يكفي
3
البد أن يكون هناك التزام قانوني أو اتفاقي
بل ّ تولي شخص رقابة شخص آخر فقط.
فإن المسؤولية ال تقوم
لتولي هذه الرقابة ،فإن لم يكن ذلك ال تقوم مسؤوليته .وتطبيقا لذلكّ ،
4
في رقابة السجان عن أفعال المسجونين.
-1مصطفى محمد الفقى وعبد الباسط جميعي ،الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام ،مصادر االلتزام ،المجلد
الثاني ،العمل الضار واالثراء بال سبب والقانون ،ط ،3دار النهضة العربية ،القاهرة ،ص.1397
2
- Noureddine Terki, Les obligations : responsabilité civile et régime générale, office des
publications universitaires, 1982, page 97-98.
-3علي فياللي ،المرجع السابق ،ص.98
-4محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني الجزائري ،مصادر االلتزام ،الواقعة القانونية (العمل غير المشروع شبه
العقود والقانون) ،ج ،02ط ،02دار الهدى ،الجزائر ،2004 ،ص.185
16
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
المطلب الثاني:
أساس مسؤولية متولي الرقابة
إما
أن مسؤولية المكلّف بالرقابة تستند في حكمها إلى واجب الرقابةّ ،
كما سبق ذكره ّ
قانونا أو اتفاقا .وتكمن أهمية وجود واجب الرقابة في منح الخاضع لها من ارتكاب أي عمل
ضار وكحماية للمضرور في الحصول على التعويض جراء الضرر الذي أصابه ،وضع
1
المشرع أساس مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة.
ّ
ومن خالل استقراء نص المادة 134من القانون المدني الجزائري يتبين أن
مسؤولية متولي الرقابة تقوم على أساس الخطأ المفترض في جانبه وهو تقصير الرقيب في
أداء واجب الرقابة ،أو أساء تربية الخاضع لها.
الفرع الول:
الخطأ المفترض
الخطأ المفترض في جانب متولي الرقابة هو اإلخالل بما لديه من واجب الرقابة،
فالفرض إذن هو عدم قيام متولي الرقابة بهذا الواجب بما ينبغي من عناية وحرص ،فإذا
قصر في رقابته،
ارتكب القاصر مثال عمال غير مشروع ،افترض أن من يتولى رقابته قد ّ
فم ّكنه تقصيره من ارتكاب هذا العمل ،ويتّسع افتراض الخطأ إلى مدى أبعد حيث يفترض
فهيأ له بسوء التربية سبيل العمل غير
أن متولي الرقابة قد أساء تربية هذا القاصر ّ
أيضا ّ
المشروع ،هذا الخطأ المفترض ال يقوم إالّ في العالقة بين متولي الرقابة والمضرور ،فهو
قرره القانون لصالح المضرور في مواجهة متولي الرقابة ،وعلى ذلك ال يجوز
افتراض ّ
للمضرور وال لمتولي الرقابة أن يحتج به قبل الشخص الخاضع للرقابة ،بل يجب الرجوع
2
على هذا إثبات خطأ في جانبه.
-1سليمان مرقس ،الوافي في شرح القانون المدني في االلتزامات ،في الفعل الضار والمسؤولية المدنية ،في المسؤوليات
المفترضة ،ج ،2ط ،5دار الكتاب الحديث ،مصر ،1989 ،ص .751
-2رمضان أبو السعود ،مصادر االلتزام ،دار الجامعية الجديدة للنشر ،مصر ،2005 ،ص.409
17
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
أن هذه القرينة المنصبة على الخطأ في الرقابة فهي تقوم في جهة المكلّف
كما ّ
بالرقابة ،غير ّأنه يجب على الدافع بها أن يثبت الخطأ في جهة المشمول بالرقابة إذا ما
1
ضده المضرور.
تمسك ّ
ّ
الفرع الثاني:
العالقة السببية
إن العالقة السببية القائمة بين الخطأ المفترض بجانب متولي الرقابة والعمل غير
ّ
المشروع الصادر من الخاضع للرقابة الذي يسبب ضرر للغير هي عالقة مفترضة ،2وأساس
هذا االفتراض هو ّأنه مادام افتراض الخطأ أم ار مسلّما به ،فال مناص من اعتبار العالقة
أن توافرها غير ضروري لقيام المسؤولية ،بل
السببية أيضا مفترضة ،لكن ليس معنى ذلك ّ
معناه فقط أن عبئ اإلثبات المتعلق بها انتقل من المضرور إلى المسؤول مدنيا عن فعل
3
فإن المضرور إذن أعفي من إثبات الخطأ في جانب متولي الرقابة ،ثم طلب منه
غيرهّ .
إثبات العالقة السببية ما بين هذا الخطأ والعمل غير المشروع الذي وقع من الخاضع للرقابة،
أن من يثبت العالقة بين أمرين
الضطر أن يثبت الخطأ أيضا .إذ تقتضي طبيعة األشياء ّ
في الوقت نفسه األمرين اللذين تقوم العالقة بينهما ،فنكون قد بدأنا بإعفاء المضرور من
الخطأ ثم طلبناه بعد ذلك بإثباته ،فسلبناه باليسار وأعطيناه باليمين 4.وما هو جدير بالذكر
أن قرينة االفتراض هذه سواء بالنسبة للخطأ أو عالقة السببية هي قرينة بسيطة يسمح
ّ
للمكلّف بالرقابة بإثبات عكسها بنفي الخطأ أو عالقة السببية لدفع المسؤولية المفترضة
عليه 1.ومنه فعالقة السببية إذن مفترضة ال يكلّف المضرور بإثباتها ،واّنما متولي الرقابة هو
الذي يكلّف بنفيها.
المطلب الثالث:
أركان وشروط مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة
لتحقق مسؤولية متولي الرقابة عن الضرر الذي يوقع عمن هم تحت رقابته ينبغي توفر
يتعين علينا تحديد أركان مسؤولية متولي الرقابة في الفرع األول وشروط
أركان وبالتالي ّ
متولي الرقابة في الفرع الثاني.
الفرع الول:
أركان مسؤولية متولي الرقابة
تخضع مسؤولية متولي الرقابة لنفس أركان المسؤولية المدنية بصفة عامة ولقد أورد
المشرع الجزائري في المادة 124من القانون المدني قاعدة عامة وهي أن المسؤولية
2
التقصيرية كالمسؤولية العقدية على ثالثة أركان وهي :الخطأ والضرر والعالقة السببية.
وتنص المادة '' :124كل فعل ّأيا كان يرتكبه الشخص بخطئه ،ويسبب ضر ار للغير يلزم
3
من كان سببا في حدوثه بالتعويض''
ولهذا سنتطرق إلى الخطأ (أوال) ،الضرر (ثانيا) ،العالقة السببية (ثالثا).
أوال :ركن الخطأ :لقد أغفلت معظم التشريعات تعريف الخطأ تاركتا إلى الشراح ،وقد حاول
الشراح منذ صدور تقنين نابليون تعريف الخطأ ،وكانت تعاريفهم ما تتباين وفقا لنزعاتهم
ّ
-1محمود جالل حمزة ،العمل غير المشروع باعتباره مصدر لاللتزام ،القواعد العامة ،القواعد الخاصة ،دراسة مقارنة بين
القانون المدني الجزائري والقانون المدني الفرنسي ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1975 ،ص.173
-2أنور سلطان ،مصادر االلتزام في القانون المدني األردني ،دراسة مقارنة بالفقه اإلسالمي ،ط ،1دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،عمان ،األردن ،2005 ،ص.298
-3المادة 124من األمر 58-75المتضمن ق م ج المعدل والمتمم ،المرجع السابق.
19
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
الشخصية وحسب تطور ظروف المجتمع الذين يعيشون فيه من الناحيتين االقتصادية
1
واالجتماعية ومتطلبات هذا التطور.
بأنه ''اإلخالل بالتزام
عرفه الفقيه الفرنسي بالنيول ّ PLANIOL
أ -تعريف الخطأ :فقد ّ
بأنه ''اإلخالل بواجب قانوني محدد'' .2وقد تعددت
فعرفه ّ
أما ّ SAVINY
سابق''ّ ،
تعاريف الخطأ منها القول بأنه إخالل بالتزام سابق ،بمعنى أن هناك مصدر يرتب
التزام في ذمة شخص وهذا االلتزام واجب االحترام فإذا أخل به الشخص كان مخطـأ،
3
المشرع الجزائري كما يتضح ذلك
ّ أخذ ولقد تعين عليه التعويض.
واذا رتب ضرر ّ
من المادتين 124و 125من ق م ج 4بأنه يقتضي في الخطأ إلى جانب التعدي
5
توفر عنصر اإلد ارك لدى الفاعل حتى يسأل.
ب -أركان الخطأ :يكاد ينعقد اإلجماع منذ أن تقررت القاعدة العامة في المسؤولية في
القانون الروماني أن للخطأ ركنان :ركن مادي وهو التعدي Culpabilitéوركن
معنوي وهو اإلدراك imputabilité discemementوقد انتقل هذا التصور إلى
القانون الفرنسي القديم ،6ولذلك سنتطرق إلى كل من الركن المادي والركن المعنوي.
*الركن المادي :يقصد بالتعدي مجاوزة الحدود التي يجب على الشخص التزامها ،أو
هو االنحراف عن السلوك الواجب حتى ال يضر بالغير ،ويقاس االنحراف في السلوك وفقا
للرأي الراجح الذي أخذ به جمهور الفقه والقضاء بمعيار موضوعي أو بسلوك شخص مجرد
من ظروفه الشخصية ،أي بسلوك الشخص العادي فالتعدي معياره واحد ال يتغير بالنسبة
إلى جمهور الناس وهو الشخص العادي ،فإذا تجاوز االنحراف سلوك الشخص العادي،
صار تعديا دون النظر للظروف الشخصية الذاتية للفاعل 1.وسلوك الرجل العادي ليس نوع
واحد بالنسبة لكل األشخاص ،بل هناك نموذج لكل فئة أو مجموعة من األشخاص ،فسلوك
الفالح مثال ال يقاس على سلوك الفالح العادي ،وسلوك الطبيب يقاس بسلوك الطبيب
2
العادي.
شراح الفقه الغربي فيما يتعلق بهذا المعيار بين الفعل المتعمد وغير المتعمد،
ويفرق ّ
فإذا كان الفعل متعمدا أي قصد به صاحبه اإلضرار بالغير فإن المعيار يكون عندئذ معيا ار
أن القاضي يرجع إلى المسؤول نفسه ليبحث في مكنون ضميره
ذاتيا أي شخصيا ،بمعنى ّ
وخفايا صدره.
الشراح والقضاء الخطأ الجسيم بالفعل العمدي في الحكم ،ذلك أن الخطأ
هذا ويلحق ّ
الجسيم ولو أنه غير متعمد إال أنه بسبب جسامته ال يتصور وقوعه من أكثر الناس إهماال
أو غباء ،فتجنبا الدعاء مقترف العمد في الفقه الغربي الغباء تهربا من نتائج فعله ،وذهب
الشراح في القانون الروماني إلى إلحاق الخطأ الجسيم بالخطأ العمدي في الحكم ،ومن
ّ
الطبيعي أنه ليس لهذا البحث محل في الفقه اإلسالمي الذي يكتفي في الفعل أن يكون ضا ار
3
لكي يستحق الضمان.
أما الفعل غير القصدي فيصدر عن اإلنسان دون إرادة إحداث الضرر للغير ،فكان
الضرر نتيجة إهمال أو قلة احتراز أو عدم تبصير لديه 4فال يأخذ في قياس التعدي بالمعيار
الذاتي ألن هذا المعيار مبناه درجة اليقظة لدى الشخص ،يؤدي في الفقه الغربي إلى
محاسبة الرجل الشديد اليقظة على أقل هفوة تصدر منه ،في حين يؤدي إفالت معتاد
اإلهمال من مسؤوليته عن الخطأ اليسير ،هذا باإلضافة إلى ما يقتضيه هذا المعيار من
بحث في عادات المسؤول لمعرفة درجة يقظته ،وال يخفى ما في هذا البحث من مشقّة ،ولهذا
استقر الفقه والقضاء في مصر على األخذ في هذه الحالة بمعيار مجرد ،فيقاس سلوك
المسؤول بسلوك الشخص العادي ،وهو شخص يمثل أواسط الناس ،فال هو شديد اليقظة وال
1
هو معتاد اإلهمال.
* الركن المعنوي (اإلدراك) :استقرت تقاليد القانون منذ الرومان ،على ّأنه ال يكفي
التعدي لقيام الخطأ بل يجب أن يكون المتعدي مدركا للخير والشر وما يفرضه الواجب العام
عليه من اتخاذ الحيطة في عدم اإلضرار بالغير ،أي يشترط في المسؤول التمييز ألن ال
2
مسؤولية بال تمييز.
المشرع الجزائري في المادة 125من القانون المدني الجزائري التي
ّ نص عليه
وهذا ما ّ
تنص على أنه'' :ال يسأل المتسبب في الضرر الذي يحدثه بفعله أو بامتناعه أو بإهمال منه
3
أو عدم حيطته إال إذا كان مميزا''
ثانيا :ركن الضرر :ال يوجد تعريف ضمن نصوص القانون المدني الجزائري ما يعرف
4
الضرر كركن في المسؤولية المدنية عامة ،وهذا ما دفع الفقه إلى البحث في تعريف الضرر
أ -تعريف الضرر:
بأنه األذى الذي يلحق بالشخص فيمس حقا من حقوقه أو مصلحة
ويعرف الضرر ّ
مشروعة له فيما يتعلق بجسده أو ماله .وبمعنى أوسع سالمة الجسم أو العاطفة أو الحرية أو
الشرف أو االعتبار 5.والمضرور هو الذي يتحمل عبئ إثبات الضرر وله في سبيل ذلك
-1عبد العزيز اللصاصمة ،نظرية االلتزامات في ضوء القانون المدني األردني والمقارن ،المسؤولية المدنية التقصيرية،
الفعل الضار ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،2002 ،ص.63
-2فاضلي إدريس ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزام ،العقد ،اإلرادة المنفردة ،الفعل المستحق للتعويض ،اإلثراء بال
سبب ،القانون ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائري ،2009 ،ص.212
-3هدى عبد اهلل ،دروس في القانون المدني ،األعمال غير المباحة ،المسؤولية المدنية ،ج ،3منشورات الحلبي الحقوقية،
لبنان ،2008 ،ص.60
-4مصطفى العوجي ،المرجع السابق ،ص.168
23
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
-1خليل أحمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ،مصادر االلتزام ،ط ،4ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر ،2010 ،ص.251
-2المادة 124من األمر 58-75المتضمن ق م ج المعدل والمتمم ،المرجع السابق.
-3موريس نخلة ،الكامل في شرح القانون المدني ،دراسة مقارنة ،ج ،2منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان ،2007 ،ص.80
4
- Philippe le Tourneau, droit de la responsabilité des contrats, 8ème édition, Dalloz, 2010,
page 570.
24
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
أن أن يتوفر في الفعل الضار عنصرين وهما :العنصر الموضوعي في الخطأ والعنصر
المعنوي.
أ -العنصر الموضوعي في الخطأ :وهو االنحراف عن السلوك المألوف للرجل المعتاد.
ب -العنصر المعنوي في الخطأ :وهو إدراك وتمييز الشخص المسؤول عنه 1وعليه
فليس من الالزم اشتراط أن يكون هناك خطأ من القاصر أو المريض عقليا أو
المصاب بعاهة جسمية ،وهذا ألن مسؤولية المكلّف بالرقابة تتحقق حتى لو كان
2
مميز.
الخاضع للرقابة غير ّ
وحتى تقوم مسؤولية متولي الرقابة يجب أن يصدر عمل غير مشروع من الشخص
الخاضع للرقابة يلحق ضر ار بالغير ،فهنا تقوم مسؤولية الخاضع للرقابة ،وتقوم إلى
جانبها مسؤولية متولي الرقابة ال على أساس اإلهمال في الرقابة أو سوء التربية
والتأديب ،لكن ال تقوم مسؤولية متولي الرقابة إال إذا وقع العمل غير المشروع من
الخا ضع للرقابة ال أن يقع عليه ،فإذا قام االلتزام بالرقابة وتحدد طرفاه (متولي الرقابة
والخاضع للرقابة) وجب لتحقيق مسؤولية متولي الرقابة أن يصدر عمل غير مشروع من
3
الشخص الخاضع للرقابة.
المبحث الثاني:
أحكام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة
إذا ما توافرت الشروط السابقة الذكر في كل من متولي الرقابة والخاضع لها فإن مسؤولية
متولي الرقابة بالشكل الذي تناولناه ،وبالتالي تترتب عنها آثار وهي تعويض المضرور.
-1أحمد شوقي محمد عبد الرحمن ،البحوث القانونية في مصادر االلتزام اإلرادية وغير اإلرادية ،دراسة فقهية وقضائية،
منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،2002 ،ص.295
2 ème
- Antoine Vialard, Droit civil Algérien, 2 édition, office des publications universitaires,
Alger, 1986, page 63.
-3علي فياللي ،المرجع السابق ،ص.102
26
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
وسنتطرق في المطلب األول إلى كيفية دفع مسؤولية الرقابة ،وفي المطلب الثاني اآلثار
الناجمة عن قيام مسؤولية متولي الرقابة.
المطلب الول:
كيفية دفع مسؤولية متولي الرقابة
متى تحققت شروط قيام مسؤولية متولي الرقابة في حقه ،أمكن له بمقتضى أحكام
المادة 2/134من القانون المدني الجزائري دفع هذه المسؤولية عليه ،ومتى فشل في ذلك
ترتبت آثار قيام هذه المسؤولية في مواجهته.
وبالتالي يتعين علينا في الفرع األول بحث كيفية دفع مسؤولية متولي الرقابة عن طريق
إثبات انتفاء الخطأ وفي الفرع الثاني نفي العالقة السببية بإثبات السبب األجنبي.
الفرع الول:
دفع مسؤولية متولي الرقابة عن طريق إثبات انتفاء الخطأ
رأينا سابقا أن الخطأ المفترض من جانب متولي الرقابة ،هو اإلخالل بما عليه من
واجب الرقابة واالفتراض هنا قابل إلثبات العكس ،لذا يستطيع متولي الرقابة أن يرفع
المسؤولية عنه بنفي الخطأ 1.وبإثباته أنه قام بواجب الرقابة بما ينبغي من العناية والحرص،
و ّأنه قد أخذ كل االحتياطات الالزمة التي من شأنها منع الخاضع للرقابة من اإلضرار بالغير
بمعنى أنه لم يخل بواجبه الملقى على عاتقه ،2كما يمكنه أن ينفي الخطأ عنه بأن يثبت أنه
قام بواجبه حسب ما ينبغي من العناية .فأخذ االحتياطات والتدابير الالزمة لمنع الشخص
الخا ضع لرقابته من اإلضرار بالغير ،فإن فعل ذلك انتفى الخطأ المفترض في جانبه وارتفعت
عنه المسؤولية ،وفي ضوء الظروف والمالبسات التي حصل فيها الضرر يتولى القاضي
تقدير العناية التي بذلها متولي الرقابة تنفيذا لواجبه .ويرى القاضي على وجه الخصوص في
فعالية التدابير واالحتياطات التي اتخذت من قبل متولي الرقابة لمنع اإلضرار بالغير ،ويعتمد
ومن األمثلة التي تتنافى مع اتخاذ االحتياطات المعقولة ،تغيب الوالدين وتركهما
لولدهما وحيدا ،أو أن يرخصا له في أن يمارس ألعابا خطيرة ،أو يتركاه يسوق سيارة من قبل
أن يتقن القيادة ،أو أن يترك المعلم التالميذ في القسم لوحدهم يتشاجرون فيصيب أحدهم
اآلخر بضرر.
كما ال يعتبر كافيا مجرد تحذير األب أو األم لولده من إتيان الفعل الضار ،إذ عليه أن يثبت
أنه اتخذ التدابير الضرورية لمنع ذلك ،كما أن الترخيص للولد بعمل معين وان كان أم ار
أن مثل هذه الرخص تخضع للتقدير بناء على عناصر متعددة ،فيأخذ
مشروعا أو جائ از إالّ ّ
االجتهاد القضاء الفرنسي بعين االعتبار مثال طبيعة العمل المرخص به ومدى خطورته،
عدا أن سن القاصر يلعب دو ار إيجابيا في هذا السياق ،فما يرخص به لطفل صغير يختلف
1
عما قد يرخص به للمراهق.
الفرع الثاني:
نفي العالقة السببية بإثبات السبب الجنبي
إن نفي العالقة السببية يستدعي من متولي الرقابة إثبات أن الضرر كان البد أن يقع رغم
قيامه بما ينبغي من واجب الرقابة من حرص وعناية ،فمتولي الرقابة هو المكلف بنفي
العالقة السببية ،ويكفي ذلك أن يثبت أن هذا الضرر قد وقع دون أن يكون لوقوعه أية عالقة
بالتقصير المفترض من جانبه ،فوقوعه بالنسبة إلى متولي الرقابة كان بسبب أجنبي ال يد له
فيه.
فمن استطاع متولي الرقابة دفع مسؤوليته ،تبقى مسؤولية المشمول بالرقابة قائمة.
2
بحيث يستطيع المضرور الرجوع على محدث الضرر وفقا للقواعد العامة.
1
- François Terré, Philippe Simler, Yves Leguette, Droit civil, Les obligations, 5ème édition,
Dalloz, 1993, page 594-595.
-2بشار ملكاوي ،فيصل العمري ،مصادر االلتزام ،الفعل الضار ،ط ،1دار وائل للنشر ،عمان ،2006 ،ص-116
.117
29
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
وعليه سوف نستعرض صور السبب األجنبي كالتالي :القوة القاهرة (أوال) ،خطأ
المضرور (ثانيا) ،وخطأ الغير (ثالثا).
أوال :القوة القاهرة:
القوة القاهرة والحادث المفاجئ تعبيران مختلفان يدالن على معنى واحد ويقصد به عدم
فإن هناك من الفقهاء من يدمجهما باعتبار أن لهما نفس
التوقع وعدم إمكانية الدفع .ولذلك ّ
الحكم ،وهناك من يفرق بينهما على أساس أن القوة القاهرة هي حادث خارجي بينما الحادث
المفاجئ قد يكون داخليا.
ويتمثل كالهما في أنهما سبب أجنبي ناتج عن واقعة ال يمكن لإلنسان دفعها ،أو منع
حدوثها ،كما ال يمكن توقعها كحاالت الزلزال والعواصف والبراكين...الخ وحكمها اإلعفاء من
1
المسؤولية.
وتجدر اإلشارة إلى أن عبئ إثبات وجود القوة القاهرة يقع على عاتق متولي الرقابة
الذي يتعين عليه أن يقيم الدليل على أن الحادث الذي يتمسك به لدفع مسؤوليته تتوافر فيه
جميع شروط القوة القاهرة ،بما في ذلك رابطة السببية بين هذا الحادث والضرر الواقع.
ويجب أن تثبت هذه الرابطة على سبيل اليقين ألن االحتمال ال يصلح أساسا لإلعفاء من
المسؤولية .ولمتولي الرقابة أن يستفيد من قرائن األحوال التي تسمح بافتراض تلك الشروط،
واعتبار الحادث قوة قاهرة ،إلى أن يثبت خصمه العكس وتستند قرائن األحوال على الغالب
وقوعه عمال.
واثبات الوقائع المتمسك بها كقوة قاهرة يعتبر مسألة واقع يترك أمر تقديرها لسلطة
قاضي الموضوع ،وال يخضع في تقديره لرقابة المحكمة العليا ،طالما أن حكمه بشأنها يستند
قوة قاهرة ،أو نفي هذا التكييف عنها فيعتبر
إلى تسبيب معقول ،أما تكييف هذه الوقائع بأنها ّ
مسألة قانونية تخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة المحكمة العليا كي يتحقق من توافر
-1محفوظ لعشب ،المبادئ العامة للقانون المدني الجزائري ،ط ،4ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،2009 ،
ص.235
30
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
-1بوشاشي يوسف ،مسؤولية متولي الرقابة في القانون المدني الجزائري ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل درجة دكتوراه في
القانون ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،2015-2014 ،ص.267-266
-2المادة 127من األمر رقم ،58-75المتضمن ق م ج المعدل والمتمم ،المرجع السابق.
-3بودراع عبد الغ اني ،بوحارة سفيان ،مسؤولية اآلباء التقصيرية على أوالدهم القصار في القانون المدني الجزائري ،مذكرة
لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،تخصص القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبد الرحمن ميرة،
بجاية ،2011-2010 ،ص.46
-4عبد اهلل أمينة ،المرجع السابق ،ص.30
-5المادة 126من األمر ،58-75المتضمن ق م ج المعدل والمتمم ،المرجع السابق.
31
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
-1عقيلة طاهري ،رابح بلعزوز ،مسؤولية متولي الرقابة ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في القانون ،تخصص عقود
ومسؤولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة أكلي محند أولحاج ،البويرة ،2013 ،ص.78-77
32
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة الفصل األول:
الفرع الول:
االلتزام بالتعويض
االلتزام بالتعويض هو الجزاء الذي فرضه القانون على كل شخص سبب بخطئه ضر ار
ثم كانت وظيفة التعويض هي جبر الضرر الذي أصاب المضرور ،قصد إعادة
للغير ،ومن ّ
التوازن المختل نتيجة للضرر ،ولن يتحقق ذلك إال بقيام متولي الرقابة بأداء تعويض
للمضرور عن الضرر الذي سببه له الخاضع للرقابة بفعله الضار غير المشروع ،ويتم ذلك
سواء بإزالة هذا الضرر ،أو التحقيق من وطأته.
ويالحظ أن التعويض في دعوى مسؤولية متولي الرقابة يخضع للقواعد العامة التي
1
تحكم التعويض في دعوى المسؤولية المدنية عموما.
الفرع الثاني:
دعوى التعويض
خولها القانون للمضرور لاللتجاء إلى القضاء للمطالبة بحقه
الدعوى هي الوسيلة التي ّ
في التعويض عن الضرر الذي أصابه بفعل الخاضع للرقابة ،ألنه ليس للمحكمة أن تقضي
ثم فإن أطراف دعوى التعويض في مسؤولية متولي
بتعويض لم يطلب منها الحكم به ،ومن ّ
الرقابة هما :المدعي وهو المضرور ،والمدعى عليه ،وهو المسؤول عن تعويض الضرر،
وهو متولي الرقابة إلى جانب الخاضع للرقابة مرتكب الفعل غير المشروع الضار بالغير،
ثم يكون المضرور أن يرفع دعوى التعويض ضد المكلف بالرقابة أو ضد الشخص
ومن ّ
2
الخاضع للرقابة ،وقد يختار رفع دعواه عليهما معا.
وتقوم دعوى التعويض بين طرفين هما المدعي والمدعى عليه.
أ -المدعي :المدعي هو المضرور أي صاحب الحق في التعويض عن الضرر الذي
أصابه ،كما يجوز أن يقوم مقام المضرور نائبه ،إذا كان قاص ار أو مجنونا فيتلقى
التعويض الولي أو الوصي أو القيم .كما يمكن أن يحل محل المضرور نائبه أو
دائنه ،فلدائن المضرور طلب التعويض عن طريق دعوى غير مباشرة ،كما يمكن
للورثة طلب التعويض في حال موت المضرور ،وقد يكون أيضا جماعة متمثل في
1
الشخص المعنوي التي لها حق طلب التعويض باعتبارها مضرور.
المدعى عليه هو المسؤول الذي ترفع عليه دعوى المسؤولية سواء
المدعى عليهّ :
ّ ب-
كان مسؤوال عن فعله الشخصي أو فعل غيره أو كان حارس للشيء أو الحيوان كما
يحل محله نائبه كالولي ،والولي إذا كان قاصرا ،والقيم إذا محجو از عليه والسند إذا
كان مفلسا ،والوكيل إذا كان رشيدا ،واذا توفي المسؤول فإن تركته تكون مسؤولة
2
ويمثل التركة أي وارث.
الطلبات والدفوع:
أ -الطلبات :هي الوسائل التي يلجأ بها المدعي إلى القضاء عارضا عليهم حماية حق
أو تقرير حق من الحقوق ،والمدعي في دعوى المسؤولية يطالب بالتعويض المستحق
جراء الضرر الذي لحق به من المدعى عليه ،وذلك بسبب إخالل المدعى عليه
3
بالتزام قانوني وهذا ما يعتبر سبب الدعوى المرفوعة.
إما بإنكار المسؤولية بأن ركنا ينقص واما االعتراف مع
ب -الدفوع :يدفع المسؤول ّ
4
إثبات ان االلتزام قد انقضى بالتنازل أو اإلثراء أو المقاصة أو التقادم.
-1عيسات اليزيد ،محاضرات في القانون المدني ،المسؤولية التقصيرية ،السنة الثالثة حقوق ،نظام جديد ،غير منشورة،
جامعة عبد الرحمن ميرة ،بجاية ،2012 ،ص.15
-2خليل أحمد حسن قدادة ،المرجع السابق ،ص.259
-3عيسات اليزيد ،المرجع السابق ،ص.15
-4خليل أحمد حسن قدادة ،المرجع السابق ،ص.260
34
الفصل الثاني:
تعتبر مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه بالغة األهمية في الحياة العملية ،وخاصة في
الوقت الحاضر ،تبعا لزيادة األضرار التي قد تقع من التابع ،ذلك أنه كثي ار ما يستخدم
اإلنسان شخصا أو أشخاصا آخرين في القيام بتصريف شؤونه الخاصة تحت إدارته واشرافه.
ويكون المتبوع مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع ،متى كان واقعا
منه حال تأدية الوظيفة أو بسببها ،وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع ح ار في اختيار
نتناول في المبحث األول مسؤولية المتبوع من خالل تعريفها وتبيان أطرافها واألساس الذي
ثم في المبحث الثاني أحكام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه وذلك بطرق دفع
مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه واآلثار المترتبة عن قيام هذه المسؤولية.
36
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع الفصل الثاني:
المبحث الول:
ماهية مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه
مسؤولية المتبوع عن عمل تابعه هي الحالة الوحيدة في الواقع التي يسأل فيها الشخص عن
عمل الغير ،وزادت هذه المسؤولية في الوقت الحاضر تبعا لزيادة األضرار التي تقع من
التابعين.
ولهذا سنتطرق في المطلب األول إلى تعريف وأطراف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه وفي
المطلب الثاني أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ،وفي المطلب الثالث شروط
مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه.
المطلب الول:
تعريف وأطراف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه
تقتضي مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه قيام عالقة تبعية ما بين شخصين متبوع وتابع،
والشخص يسأل عن األفعال الضارة التي يرتكبها التابع له في حال تأدية وظيفته أو بسببها
أو بمناسبتها ،فوسع من دائرة األعمال التي يسأل عنها المتبوع بإضافة الخطأ بمناسبة
1
ثم حدد أن عالقة التبعية تقوم أساسا على السلطة الفعلية ال على حق االختيار.
الوظيفة ّ
وبالتالي يتعين علينا تعريف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه في الفرع األول وأطراف
مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه في الفرع الثاني.
الفرع الول:
تعريف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه
يقصد بمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه أن يسأل المتبوع عن األفعال الضارة أو غير
2
المشروعة الصادرة من تابعه متى أحدثت أض ار ار بالغير.
ولقد تضمن القانون المدني الجزائري موضوع مسؤولية المتبوع عن التابع صراحة في
المادة 136من ق م ج على أنه'' :يكون المتبوع مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه
بفعله الضار متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها.
وتتحقق عالقة التبعية ولو لم يكن المتبوع ح ار في اختيار تابعه متى كان هذا األخير
1
يعمل لحساب المتبوع''
ويتّضح من النص أن الشخص يسأل عن األفعال الضارة التي يرتكبها التابع له في حالة
تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها ،فوسع من دائرة األعمال التي يسأل عنها المتبوع
حدد أن عالقة التبعية تقوم أساسا على السلطة الفعلية ال
بإضافة الخطأ بمناسبة الوظيفة ،ثم ّ
على حق االختيار.
الفرع الثاني:
أطراف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه.
إن دراسة قيام عالقة التبعية يقتضي علينا تحديد مفهوم المتبوع أوال والتابع ثانيا.
أوال :المتبوع )(Le commettant
هو شخص يعمل لمصلحته شخص آخر وهو التابع الذي يخضع لسلطته الفعلية
ويتلقى منه األوامر والتوجيهات للقيام بالعمل ،فهو صاحب السلطة الفعلية ،2والشخص
المتبوع يمكن أنت يكون شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا كشركة أو مؤسسة أو
جمعية...الخ
فإذا كان الشخص طبيعيا ،فإنه ال يشترط فيه شروط معينة ليصبح متبوعا بل يكفي أن
تكون له السلطة الفعلية على التابع .3أما إذا كان اعتباريا فإنه في هذه الحالة يكون مسؤوال
عن جميع األفعال الضارة التي يرتكبها التابعون له من عمال في حدود ما لهؤالء من سلطة
1
العمل لحسابه.
ومن أمثلة ذلك عندما يصيب عامل ورشة الغير أثناء العمل بضرر ،فإن العامل هو
التابع ،ورب العمل هو المتبوع.
ثانيا :التابع )(Le préposé
التابع هو كل شخص وضع نفسه تحت إمرة شخص آخر لتنفيذ أعمال يكلفه بها
لمصلحته فهو يعمل لحساب المتبوع وفقا ألوامره وتوجيهاته ،وتحت رقابته ،وال تشترط في
التابع مواصفات مهنية معينة ،بل يكفي أن يتم التكليف لشخص للقيام بعمل معين تحت إمرة
شخص آخر ،وسيان كان العمل مأجو ار أم مجانيا.2
المطلب الثاني:
أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه
إن مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ،تعتبر من أكثر صور المسؤولية التي اختلفت فيها
ّ
ممي از في سبيل الوصول إلى
اآلراء الفقهية وذلك حول تحديد أساسها ،فقد بذل الفقه جهدا ّ
فتعددت اآلراء في هذا الشأن ،فهناك مذهب شخصي (فرع
أساس مناسب لهذه المسؤوليةّ ،
أول) ،وهناك مذهب موضوعي (فرع ثاني).
الفرع الول:
المذهب الشخصي
وتتمثل هذه النظريات في نظرية الخطأ المفترض ،ونظرية النيابة ،ونظرية الحلول.
أوال :نظرية الخطأ المفترض
هذه هي النظرية التقليدية ،وهي تذهب إلى أن مسؤولية المتبوع تقوم على أساس خطأ
مفترض من جانبه ،في الرقابة والتوجيه ،وأن هذا الخطأ غير قابل إلثبات العكس ،غير أن
هذه النظرية التي كانت راجحة في الفقه أصبحت اآلن منتقدة فيه ،وأهم االعتراضات التي
توجه إليها أنه لو كانت مسؤولية المتبوع تقوم على خطأ مفترض غير قابل إلثبات العكس،
إال أنه كان المفروض أن يستطيع دفع المسؤولية عن نفسه كأن يثبت أن الضرر كان سيقع
ولو اتخذ أشد االحتياطات في الرقابة والتوجيه 1.ويعيب هذا االتجاه أن المتبوع يظل مسؤوال
2
عن فعل تابعه ولو لم يكن ح ار في اختياره.
ثانيا :نظرية النيابة
يرى البعض أن هذه المسؤولية تقوم على فكرة النيابة ،فالتابع نائب عن المتبوع ،لذلك
3
يتحمل المتبوع ما يقع من التابع.
ولذلك يكون المتبوع مسؤوال عن أعماله كما يكون األصيل مسؤوال عن التصرفات التي
4
يبرمها نائبه.
ويعيب هذه النظرية أنها تعجز عن تبرير إمكانية رجوع المضرور على التابع باإلضافة
إلى المتبوع ،حيث كان ينبغي أن يقتصر األمر على األخير بوصفه األصيل ،تقوم تلك
النظرية على جبلة قانونية ال أساس لها من الواقع .أضف إلى ذلك أن النيابة ال تكون في
5
األعمال المادية وانما تتناول التصرفات القانونية.
ثالثا :نظرية الحلول
ويرى أنصار هذا الرأي أن األساس الذي تقوم عليه مسؤولية المتبوع وهو الحلول ،من
شأنه أن يبرر قرينة الخطأ المفترض التي ال تقبل إثبات العكس بحيث ال يمكن المتبوع
ثم بمجرد إثبات خطأ التابع تقوم
تجنب الخطأ المنسوب إليه في هذه المسؤولية ،ومن ّ
-1سمير عبد السيد تناغو ،مصادر االلتزام ،العقد ،اإلرادة المنفردة ،العمل غير المشروع ،اإلثراء بال سبب ،مصدران
جديدان لاللتزام ،الحكم ،القرار اإلداري ،ط ،1مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية ،2009 ،ص.286
-2محمد حسين منصور ،المرجع السابق ،ص.673
-3محمد هشام القاسم ،المرجع السابق ،ص.196
-4سمير عبد السيد تناغو ،المرجع السابق ،ص.287
-5محمد حسين منصور ،المرجع السابق ،ص.675-674
40
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع الفصل الثاني:
مسؤولية المتبوع وال يستطيع التخلص منها بإثبات الدليل العكسي ألن خطأ التابع يعتبر خطأ
شخصيا للم تبوع وذلك المتداد شخصية المتبوع في شخص التابع ،وهذا االمتداد ال يمتد به
1
إال إذا وجب التابع تحت سلطة المتبوع.
لكن يعيب على هذا الرأي أنه عاجز من تبرير حق المتبوع في الرجوع على التابع،
2
كما ال يمكن أن ينسب الخطأ إال إلى الشخص الذي صدر منه.
الفرع الثاني:
المذهب الموضوعي
تحمل التبعة ،ونظرية الكفالة أو الضمان االجتماعي،
وتتمثل هذه النظريات في نظرية ّ
ونظرية التأمين.
تحمل التبعية
أوال :نظرية ّ
إن هذا الرأي هو أكثر اآلراء السابقة جرأة ،فهو يقيم مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه على
نظرية تحمل التبعية ،ذلك ألن المتبوع يستفيد من خدمات تابعه ،فعليه أن يتحمل ما يرتكبه
3
هذا التابع من أضرار والغرم بالغنم.
ولكن يعاب على هذه النظرية ،أنه لو كانت مسؤولية المتبوع تقوم على تحمل التبعة لما كان
هناك أي مبرر الشتراط الخطأ في جانب التابع ،إذ ال معنى لتطبيق فكرة تحمل التبعة على
4
مسؤولية المتبوع دون تطبيقها على مسؤولية التابع نفسه.
-1مخلوفي محمد ،مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في القانون المدني الجزائري ،دراسة مقارنة بالقانونين المصري
والفرنسي ،رسالة للحصول على الماجستير في العقود والمسؤولية ،معهد العلوم القانونية واإلدارية ،جامعة الجزائر،1987 ،
ص.47
-2محمد صبري السعدي ،المرجع السابق ،ص.212
-3محمد هشام القاسم ،المرجع السابق ،ص.196
-4سمير عبد السيد تناغو ،المرجع السابق ،ص287-286
41
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع الفصل الثاني:
أن هذه النظرية قد تعرضت للنقد وهو أن التأمين نظام يعتمد في جوهره توزيع
إال ّ
الخسارة على عدد المستأمنين نظير قيامهم بدفع أقساط تأمينية .لكن الحال يختلف في
مسؤولية المتبوع ،حيث أن المتبوع يتحمل األضرار التي تلحق الغير بفعل التابع في ذمته
1
الخاصة.
المشرع الجزائري يظهر من خالل نص المادة 136من ق م ج 2ومنه نفهم
ّ وموقف
المشرع قد نظم مسؤولية المتبوع ضمن المسؤولية عن عمل الغير ،وجعلها تقوم على فكرة
ّ أن
الضمان القانوني ،وذلك العتبارات إجتماعية التي يضمن بها المتبوع خطأ تابعه الذي يقع
أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
وهذا الضمان فرضه القانون لمنح المضرور الحق في الحصول على التعويض ،وعليه
يمكن القول أن المشرع الجزائري قد أخذ بفكرة الضمان كأساس لمسؤولية المتبوع عن أعمال
تابعه.
وهذا هو الرأي الذي أخذ به القضاء الفرنسي والمصري ،ذلك في أحكامه الحديثة
بمعنى أنه أخذ بفكرة الضمان القانوني كأساس لمسؤولية المتبوع ،ومنح للمتبوع نفس حكم
3
الكفيل المتضامن.
المطلب الثالث:
شروط مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه
يتّضح من المادة 136من ق م ج توافر شرطين لقيام مسؤولية المتبوع عن أعمال
تابعه ،حيث تنص المادة'' :يكون المتبوع مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه بفعله الضار
متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها وتتحقق عالقة التبعية ولو
4
لم يكن المتبوع ح ار في اختبار تابعه متى كان هذا األخير يعمل لحساب المتبوع''
-1مصطفى محمد الجمال ،مصادر االلتزام ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،1999 ،ص.416-415
-2عبد الرزاق أحمد السنهوري ،المرجع السابق ،ص.862
-3سمير دنون ،الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في القانونين المدني واإلداري ،دراسة مقارنة ،المؤسسة الحديثة للكتاب،
طرابلس ،لبنان ،2009 ،ص.81
44
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع الفصل الثاني:
وليس من الضروري أن يكون المتبوع قاد ار على الرقابة والتوجيه من الناحية الفنية ،بل
يكفي أن يكون من الناحية اإلدارية هو صاحب الرقابة والتوجيه ،فصاحب السيارة حتى ولو
لم يكن يعرف القيادة متبوع لسائقها وصاحب المستشفى متبوع ألطبائه وهكذا حتى ولو لم
يكن طبيبا ،ويسأل عن أعمال تابعيه الذين يعملون لحسابه في المستشفى ،وإلقرار تبعية
الطبيب للمستشفى فإنه يشترط توافر عنصر الخضوع وسلطة اإلشراف والرقابة كأساس لهذه
1
التبعية.
الفرع الثاني:
خطأ التابع حال تأدية الوظيفة أو بمناسبتها أو بسببها
يعتبر شرط من شروط مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ،إذ ال تقوم مسؤولية المتبوع
إال إذا صدر من التابع فعل ضار يوجب ضر ار بالغير في حالة تأدية الوظيفة (ألوال) ،أو
بسببه (ثانيا) ،أو بمناسبة الوظيفة (ثالثا).
أوال :وقوع الفعل الضار حال تأدية الوظيفة
هو الخطأ الذي يقع من التابع وهو يؤدي عمال من أعمال الوظيفة ،ومثال ذلك سائق
السيارة الذي يدهس شخصا في الطريق أثناء قيامه بتوصيل صاحب السيارة ،ومثال ذلك
أيضا الممرض الذي يعمل في خدمة المستشفى ،إذا أخطأ فأعطى المريض سما بدال من
الدواء وترتب على ذلك موت المريض ،فهو يكون قد ارتكب الخطأ وهو يقوم بعمل من
أعمال وظيفته 2.كما تتحقق مسؤولية الو ازرة المعنية نتيجة تقصير محضر المحكمة في
إعالن صحيفة االستئناف مما أدى إلى عدم قبوله ،ويكون المتبوع مسؤوال أيضا إذا اعتدى
3
موظف على أحد المراجعين ،أو مستخدم في مؤسسة تجارية أو صناعية على أحد العمالء.
-1حسن علي الذنون ،محمد سعيد الرحو ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزام ،مصادر االلتزام ،دراسة مقارنة بالفقه
اإلسالمي والمقارن ،ج ،01ط ،01دار وائل للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،2002 ،ص.331
-2محمد صبري السعدي ،المرجع السابق ،ص.207
-3المادة 136من األمر ،58-75المتضمن ق م ج المعدل والمتمم ،المرجع السابق.
47
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع الفصل الثاني:
المطلب الول:
طرق دفع مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه
إن السبيل الوحيد لدفع المسؤولية عن المتبوع هو نفي مسؤولية متبوعه ،بأن يثبت
ّ
المتبوع بأن الضرر كان البد من وقوعه ولو كان قد بذل هذه العناية ،وأن سبب وقوع
الضرر هو السبب األجنبي .1وصور السبب األجنبي هي :القوة القاهرة (الفرع األول) ،وخطأ
المضرور (الفرع الثاني) ،وفعل الغير (الفرع الثالث).
الفرع الول:
القوة القاهرة
ّ
تعرف القوة القاهرة بأنها ذلك الحادث الخارجي الذي ال يمكن توقعه وال دفعه يؤدي إلى
إحداث ضرر ،2ولكي نكون أمام قوة قاهرة البد من توفر شرطان هما:
)1استحالة توقع الحادث :فإذا كان الحادث مما يمكن توقعه فإننا ال نكون بصدد قوة قاهرة،
فتوقع الحادث يجعل من الممكن اتخاذ مختلف التدابير لتفادي وقوع الحادث ،أو تفادي
نتائج عند وقوعه ،فرب العمل إذا كان بإمكانه توقع إضراب العمال ،فال يجوز له التمسك
باإلضراب باعتباره قوة قاهرة تعفيه من مسؤولية تسليم البضاعة .والمعيار في تقدير
إمكانية توقع الحادث من عدمه هو معيار موضوعي وليس ذاتي ،فالعبرة بأشد الناس
ح يطة وتبص ار وليس بالرجل العادي ،مع مراعاة الظروف الخارجية المحيطة بوقوع
الحادث ،فاستحالة توقع الحادث ينبغي أن يكون مطلقا وليس نسبيا.
)2استحالة دفع الحادث :ال يكفي أن يكون الحادث مما ال يمكن توقعه ،بل يجب أن يكون
زيادة على ذلك مما يستحيل دفعه ،والمعيار في تقدير استحالة دفع الحادث هو معيار
موضوعي أيضا يعتد فيه بمسلك أكثر الناس حيطة وحرصا ،فإذا كان الحرص الشديد
-1منذر الفضل ،النظرية العامة لاللتزامات ،مصادر االلتزام ،ج ،01دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن،1996 ،
ص.477
-2محمود جالل حمزة ،المرجع السابق ،ص.129
48
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع الفصل الثاني:
يؤدي إلى تفادي وقوع الحادث حتى ولو كان ال يمكن توقعه وال يشترط أن تكون
1
االستحالة مادية إذ يكفي أن تكون استحالة معنوية.
الفرع الثاني:
خطأ المضرور
يثبت المتبوع أنه قد بذل العناية الالزمة ،فلو قام مثال بتدريب السائق جيدا وكان سليما
جسديا ويحمل رخصة القيادة ،فبالتالي فال خطأ من المتبوع في الرقابة والتوجيه واالختيار،
أن السائق (التابع) كان غير سليم جسديا ،وكان ال يحمل رخصة السياقة ،هنا ال
لكن لو ّ
يستطيع المتبوع نفي الخطأ عنه ،وال يبق له سوى نفي عالقة السببية بأن يثبت أن الضرر
كان واقعا لسبب أجنبي ،مثال كأن يثبت أن خطأ المتضرر هو السبب في حصول الضرر،
2
وأن المتضرر عبر فجـأة الطريق وتضرر بالسيارة أو أنه أراد االنتحار.
الفرع الثالث:
فعل الغير
تطبيقا للقاعدة القاضية أن الشخص ال يسأل عن فعله الشخصي وال يسأل عن فعل
غيره ،إال بناءا على نص قانوني أو اتفاق ،وعليه إذا كان خطأ الغير هو السبب الحقيقي
والوحيد في إحداث الضرر ،فإن هذا الغير هو وحده المسؤول مسؤولية كاملة عن تعويض
3
الضرر الذي تسبب فيه للمضرور.
ويعفى المدعى عليه من المسؤولية إعفاءا تاما إذا كان السبب الوحيد في وقوع الضرر
هو فعل الغير سواء كان خاطئا أو غير خاطئ ،أما إذا اشترك فعل الغير مع خطأ المدعى
عليه في إحداث الضرر – تعدد المسؤولين – وتوافرت فيه صفتا القوة القاهرة ،فإن المدعى
عليه يلتزم بدفع كل التعويض على أن يحتفظ بحق الرجوع على الغير إذا كان فعله خاطئا،
أما إذا لم تتوافر فيه صفتا القوة القاهرة كان كل من الغير والمدعى عليه متضامنين في
عين القاضي
التعويض المستحق للمتضرر ،وتكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إال إذا ّ
1
نصيب كل منهما في االلتزام بالتعويض.
المطلب الثاني:
آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه
إذا لم يتمكن المتبوع من دفع المسؤولية الملقاة على عاتقه ،والثابتة في حقه عن طريق
السبب األجنبي فإنها تترتب آثارها القانونية والمتمثلة فيما يلي:
الفرع الول:
حق المضرور في الرجوع على دعوى التعويض
يحق للمضرور إما الرجوع على التابع (أوال) أو الرجوع على المتبوع (ثانيا) ،أو الرجوع على
التابع والمتبوع (ثالثا).
أوال :حق المضرور في الرجوع على التابع
يستطيع المضرور الرجوع مباشرة عن التابع بالتعويض عن الضرر الناجم عن العمل
غير المشروع المنسوب إليه ،ومعنى ذلك أن المضرور يترك طريق الرجوع على المتبوع،
وهو أمر نادر ألن هذا الطريق أسهل في اإلثبات من حيث افتراض الخطأ ،وأضمن في
2
الحصول على تعويض.
واذا قامت مسؤولية التابع وبالتالي مسؤولية المتبوع ،كان للمضرور دعوى قبل األول
وأخرى قبل الثاني ،واذا كان للتابع شريك في التعدي جاز مساءلته مع التابع على وجه
التضامن ،غير أن الغالب هو رجوع المضرور على المتبوع بمبلغ الضمان المحكوم به على
3
التابع ،الفتراض يسار المتبوع ،وهو أمر تقدره المحكمة.
الفرع الثاني:
حق المتبوع في الرجوع على التابع
للمتبوع الحق في الرجوع على التابع بما تكبده من نفقات وما دفعه من تعويض
للمضرور 1،إذا استوفى المضرور مبلغ الضمان من المتبوع كان لهذا األخير الرجوع بما
دفعه على التابع 2،واذا كان المتبوع مشتركا مع تابعه في الخطأ فإنه ال يرجع على هذا
التابع بكل التعويض بل يقسم التعويض عليهما بمقدار جسامة خطأ كل منهما ،فإذا لم يتيسر
3
للمحكمة تحديد نصيب كل منهما في المسؤولية وزع التعويض عليهما بالتساوي.
وتنص المادة 137من القانون المدني الجزائري على أنه'' :للمتبوع حق الرجوع على
5
تابعه في حالة ارتكابه خطأ جسيما'' .4واذا أثبت مسؤولية التابع قامت مسؤولية المتبوع.
واذا كانت عالقة التبعية تقوم بينهما على عقد ،فإن رجوع المتبوع على التابع يكون على
6
أساس المسؤولية العقدية ،إذ يكون التابع قد أخ ّل بالتزام عقدي نحو المتبوع.
ويرجع المتبوع على التابع بدعوى الحلول ،ذلك أن المتبوع عندما يدفع التعويض
7
للمضرور ،فإنه يحل محله في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع.
-1سليمان بوذياب ،مبادئ القانون المدني ،دراسة نظرية وتطبيقات عملية في القانون ،الحق الموجب والمسؤولية ،مجد
للمؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،2003 ،ص.172
-2أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص.372
-3دريد محمود علي ،المرجع السابق ،ص.471-470
-4المادة 137من األمر ،58-75المتضمن ق م ج المعدل والمتمم ،المرجع السابق.
-5فاضلي إدريس ،المرجع السابق ،ص.253
-6علي علي سليمان ،المرجع السابق ،ص.66
-7محمد حسيم منصور ،المرجع السابق ،ص.683
52
خاتمـــــــــــــــة
خاتمـــــــــــــة
لقد رأينا من خالل هذا البحث أن مسؤولية متولي الرقابة ومسؤولية المتبوع عن أفعال
تابعه أنها مسؤولية عن فعل الغير ،وأنها من ضمن الحاالت التي يسأل فيها الشخص عن
فعل الغير ،ويمكن مطالبته بالتعويض الناتج عن خطأ الغير في خطأ المضرور.
المعدل والمتمم
ّ ومن خالل صدور القانون 10/05المؤرخ في 20يونيو 2005
المشرع بعض أحكام هذه المسؤولية من خالل معالجة بعض النقائص
ّ عدل
للقانون المدنيّ ،
وسد بعض الثغرات التي عرفها التطبيق القضائي.
ّ
وفي الغالب يرجع المضرور على متولي الرقابة ألنه الشخص المليء عادة .وال يجوز
للمضرور أن يجمع بين تعويضين ناتجين عن ضرر واحد.
53
خاتمـــــــــــــة
وبالنسبة لمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ،فإنه ينجم عنها حق المضرور في الرجوع
على تابعه على أساس مسؤوليته الشخصية ولكنه يختلف األمر لو رجع المضرور على
المتبوع ،إذ يكون الرجوع عن طريق دعوى التعويض كما أنه يستطيع المضرور الرجوع على
المشرع م ّكن المتبوع بدوره
ّ أن
التابع والمتبوع بنفس الدعوى وذلك على أساس التضامن إالّ ّ
من الرجوع على التابع في حالة ارتكابه خطأ جسيما ليسترد منه ما أداه من تعويض.
وعليه تعتبر مسؤولية متولي الرقابة ومسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه مسؤولية
استثنائية ،ألن األصل أن الشخص ال يسأل إالّ عن فعله الشخصي وال يسأل عن أفعال
غيره.
أن المسؤولية عن عمل الغير تقررت قانونا لمصلحة الغير (المضرور) وهذا كلّه
وّ
تسهيال للمضرور في حصوله على حقّه في التعويض.
54
قائمـــــة المراجـــــــع
قائمة المراجع
باللغة العربية:
أوال :الكتب
)1أحمد شوقي محمد عبد الرحمان ،البحوث القانونية في مصادر االلتزام اإلرادية وغير
اإلرادية ،دراسة فقهية وقضائية ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية.2002 ،
)2أنور سلطان ،مصادر االلتزام في القانون المدني األردني ،دراسة مقارنة بالفقه
اإلسالمي ،الطبعة األولى ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.2005 ،
)3أنور طلبة ،المسؤولية المدنية ،المسؤولية التقصيرية ،أركان المسؤولية ،الجزء الثالث،
دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية.2005 ،
)4بلحاج العربي ،النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري ،الواقعة القانونية
(العمل غير المشروع ،اإلثراء بال سبب ،القانون) ،ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر.2001 ،
)5بشار ملكاوي ،فيصل العمري ،مصادر االلتزام ،الفعل الضار ،الطبعة األولى ،دار
وائل للنشر ،عمان.2006 ،
)6بن الشويخ الرشيد ،النظرية العامة لاللتزام ،دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر،
.2012
)7جليل حسن بشات الساعدي ،مسؤولية المعلم المدنية (دراسة مقارنة) ،الطبعة
األولى ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن.2004 ،
)8جمال مهدي األكشة ،مسؤولية اآلباء المدنية عن األبناء القصر في الفقه اإلسالمي
والقانون الوضعي ،دراسة مقارنة ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية.2006 ،
)9حسن علي الدنون ،المبسوط في المسؤولية المدنية ،المسؤولية عن فعل الغير،
الطبعة األولى ،دار وائل للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.2006 ،
55
قائمة المراجع
)10حسن علي الدنون ،محمد سعيد الرحو ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزام ،مصادر
االلتزام ،دراسة مقارنة بالفقه اإلسالمي والمقارن ،الجزء األول ،دار وائل للنشر
والتوزيع ،عمان ،األردن.2002 ،
)11خليل أحمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ،مصادر
االلتزام ،الطبعة الرابعة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2010 ،
)12دربال عبد الرزاق ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزام ،مصادر االلتزام ،دار العلوم
للنشر والتوزيع ،الجزائر.2004 ،
)13دريد محمود علي ،النظرية العامة لاللتزام ،مصادر االلتزام ،الطبعة األولى،
منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان.2012 ،
)14رمضان أبو السعود ،مصادر االلتزام ،دار الجامعية الجديدة للنشر ،مصر،
.2005
)15سليمان مرقس ،الوافي في شرح القانون المدني في االلتزامات ،في الفعل الضار
والمسؤولية المدنية ،في المسؤوليات المفترضة ،الجزء الثاني ،الطبعة الخامسة ،دار
الكتاب الحديث ،مصر .1989
)16سليمان بوذياب ،مبادئ القانون المدني ،دراسة نظرية وتطبيقات عملية في القانون،
الحق الموجب والمسؤولية ،مجد للمؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
بيروت ،لبنان.2003 ،
)17سمير عبد السيد تناغو ،مصادر االلتزام ،العقد ،اإلرادة المنفردة ،العمل غير
المشروع ،اإلثراء بال سبب ،مصدران جديدان لاللتزام ،الحكم ،القرار اإلداري ،الطبعة
األولى ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية.2009 ،
)18سمير دنون ،الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في القانونين المدني واإلداري،
دراسة مقارنة ،المؤسسة الحديثة للكتاب ،طرابلس ،لبنان.2009 ،
56
قائمة المراجع
58
قائمة المراجع
)38محمد شريف أحمد ،مصادر االلتزام في القانون المدني ،دراسة مقارنة بالفقه
اإلسالمي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.1999 ،
)39محمود جالل حمزة ،العمل غير المشروع باعتباره مصدر لاللتزام ،القواعد العامة،
القواعد الخاصة ،دراسة مقارنة بين القانون المدني الجزائري والقانون المدني الفرنسي،
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.1975 ،
)40محفوظ لعشب ،المبادئ العامة للقانون المدني الجزائري ،الطبعة الرابعة ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2009 ،
)41موريس نخلة ،الكامل في شرح القانون المدني ،دراسة مقارنة ،الجزء الثاني،
منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان.2007 ،
)42منذر الفضل ،النظرية العامة لاللتزامات ،مصادر االلتزام ،الجزء األول ،دار
الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.1996 ،
)43نبيل إبراهيم سعد ،النظرية العامة لاللتزام ،مصادر االلتزام ،الجزء األول ،دار
الجامعية الجديدة ،اإلسكندرية.2007 ،
)44ه دى عبد اهلل ،دروس في القانون المدني ،األعمال غير المباحة ،المسؤولية
المدنية ،الجزء الثالث ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان.2008 ،
)45يوسف محمد عبيدات ،مصادر االلتزام في القانون المدني ،دراسة مقارنة ،الطبعة
الثانية ،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ،عمان.2001 ،
59
قائمة المراجع
)1بوشاشي يوسف ،مسؤولية متولي الرقابة في القانون المدني الجزائري ،دراسة مقارنة،
أطروحة لنيل درجة دكتوراه في القانون ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر-2014 ،
.2015
)2مخلوفي محمد ،مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في القانون المدني الجزائري ،دراسة
مقارنة بالقانونين المصري والفرنسي ،رسالة للحصول على درجة الماجستير في
العقود والمسؤولية ،معهد العلوم القانونية واإلدارية ،جامعة الجزائر.1987 ،
)3عبد اهلل أمينة ،المسؤولية المدنية عن فعل الغير في القانون المدني الجزائري ،مذكرة
تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة .2007-2004 ،15
)4مهدي جهيدة ،مسؤولية متولي الرقابة ،دراسة مقارنة في ظل القانون المدني الجزائري
وعلى ضوء دراسة المادة 87من قانون األسرة ،مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة
العليا للقضاء ،الجزائر.2006-2003 ،
)5بودراع عبد الغني ،بوحارة سفيان ،مسؤولية اآلباء التقصيرية على أوالدهم القصار في
القانون المدني الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،التخصص القانون
الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبد الرحمن ميرة ،بجاية-2010 ،
.2011
)6عقيلة طاهر ،رابح بلعزوز ،مسؤولية متولي الرقابة ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر
في القانون ،تخصص عقود ومسؤولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة أكلي
محند أولحاج ،البويرة.2013 ،
60
قائمة المراجع
رابعا :المحاضرات
61
قائمة المراجع
:باللغة الفرنسية
Les ouvrages :
Alger, 2007.
62
الفهرس
مقدمــــــــــــة 1 .............................................................................
المبحث الثاني :أحكام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه 47 .........................
المطلب الول :طرق دفع مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه 48 ......................
65
الفهرس
66
ملخص
من خالل دراستنا لموضوع هذا البحث تبين لنا بأ ّن المسؤولية عن عمل الغير ما هي إالّ
استثناء عن األصل وهو أ ّن الشخص ال يسأل إالّ عن فعله الشخصي وللمسؤولية عن عمل الغير
صورتين هما:
مسؤولية متولي الرقابة عمن هم تحت رقابته ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه.
فبالنسبة لمسؤولية متولي الرقابة نجد هذه المسؤولية تستوجب على المرء القيام بالرقابة
وتكون الرقابة قانونية أو اتفاقية ولتحقق هذه المسؤولية البد أن يكون هناك التزام بالرقابة وأن
يصدر فعل ضار من الخاضع للرقابة ويصيب الغير.
أما فيما يخص مسؤولية المتبوع فإنّها تتح ّقق بتوافر عالقة التبعية بين التابع والمتبوع إلى
جانب هذه العالقة يجب قيام خطأ التابع مرتبط بالنشاط الذي يبذله التابع وهو يؤدي أعمال
وظيفته ورغم اعتبار مسؤولية متولي الرقابة .ومسؤولية المتبوع نوعان من أنواع المسؤولية عن فعل
الغير إالّ أنه لكل واحدة منهما أساس وآثار.
Résumé
L’étude relative à l’objet de cette recherche nous démontre que la
responsabilité sur la mission confiée à d’autres n’est qu’une exception à la règle
qui définit que chacun est responsable de ses actes.
Donc, la responsabilité a deux volets, l’une concerne le premier
responsable et l’autre le subordonné.
Donc, le contrôle doit s’effectué conformément à la loi ou par convention
à l’amiable.
Par contre, la responsabilité du subordonné doit être contrôlé et vérifié
par son chef hiérarchique direct.