Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 75

‫جامعة عبد الرحمان ميرة – بجاية‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫المسؤوليــــــة الناشئــــــة عن عمــــل الغيـــــــــــر‬


‫في القانون المدني الجزائري‬

‫مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‬


‫تخصص‪ :‬قانون الخاص الشامل‬
‫إشـــــــراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعـــــــــــداد ‪:‬‬
‫عيس ـ ـ ـ ــات اليزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬ ‫رجـ ـ ــدال يسمينة‬
‫أعضــــــــاء لجنة المناقشة‪:‬‬
‫األستاذ (ة)‪........................................................... :‬رئيسا‬
‫أ‪ .‬عيسات اليزيد‪.................................................‬مشرفا ومقر ار‬
‫األستاذ (ة) ‪..........................................................‬ممتحنا‬

‫تاريخ المناقشة‪2016/09/20 :‬‬


‫أشكر اهلل سبحانه وتعالى الذي أعطاني القوة والصبر‬

‫طيلة إعدادي لهذه المذكّرة‪ ،‬كما أشكر األستاذ المشرف‬

‫والمحترم عيسات اليزيد الذي تعهد هذا العمل باإلشراف‬

‫والتوجيه‪ ،‬وعلى النصائح واإلرشادات والتوجيهات خالل‬

‫إعداد المذكرة‪ ،‬جزاه اهلل خيرا عني وعن كل من يستفيد‬

‫من هذا العمل‪.‬‬

‫كما أشكر جزيال أعضاء لجنة المناقشة على قبولهم‬

‫مناقشة وإثراء هذا البحث المتواضع‪.‬‬


‫* إلى نبع الحنان والرحمة والعطاء والسخاء‪ ،‬إلى من وهبت حياتها‬

‫ونفسها لنا وسهرت من أجل راحتنا وسعادتنا‪ ،‬إلى من تحت أقدامها‬

‫الجنة‪ ،‬إلى والدتي الغالية‪.‬‬

‫* إلى رمز التضحية والشجاعة والحرص‪ ،‬إلى من وهب وسخّر تعبه‬

‫وجهده من أجل عيش كريم‪ ،‬إلى والدي الحنون‪.‬‬

‫* إلى أسرتي التي ترعرعت بينها‪ ،‬بين إخوتي وأخواتي‪ ،‬إلى عائلتي‬

‫الكبيرة والصغيرة‪ ،‬وإلى كل الصديق ات الالتي درست معهن في‬

‫مختلف األطوار‪ ،‬وإلى كل طلبة العلم والمعرفة‪.‬‬

‫* أهدي هذا العمل المتواضع الذي نأمل أن يكون فيه منفعة لغيري‪.‬‬
‫قائمة أهم المختصرات‬

‫ق م ج ‪ :‬قانون مدني جزائري‬

‫ق أ ج ‪ :‬قانون أسرة جزائري‬

‫ج ر ج ج ‪ :‬جريدة رسمية للجمهورية الجزائرية‬

‫ج ‪ :‬جزء‬

‫ع ‪ :‬عدد‬

‫ص ‪ :‬صفحة‬

‫ط ‪ :‬طبعة‬
‫مقدمـــــــــــــــــــة‬
‫مقدمــــــــــــة‬

‫تعد المسؤولية جزاء على مخالفة الشخص ألحد الواجبات الملقاة على عاتقه‪ ،‬هذه‬

‫الواجبات إما أن يكون مصدرها القانون‪ ،‬أو قد يفرضها المجتمع على اإلنسان لكونه كائنا‬

‫يعيش بداخله‪ ،‬وبالتالي نكون بصدد نوعين من المسؤولية‪ ،‬مسؤولية قانونية في حالة اإلخالل‬

‫بواجب قانوني‪ ،‬ومسؤولية أخالقية تقوم على تأنيب الضمير وال ينتج عنها جزاء قانوني‪ ،‬وهي‬

‫حالة يوجد فيها الفرد مخالفا لقاعدة من قواعد األخالق التي ترسم اإلنسان سلوكه ويترتب‬

‫عليها استهجان واستنكار المجتمع‪.‬‬

‫أما الواجبات القانونية فهي كثيرة وبالتالي يترتب عليها عدة جزاءات بحسب الواجب‬

‫الذي حدث اإلخالل بشأنه‪ ،‬لذا يوجد ما يسمى بالمسؤولية اإلدارية‪ ،‬السياسية والجنائية التي‬

‫يختص بها قانون العقوبات ومسؤولية مدنية تتضمن جزاء مدني‪ ،‬هذه المسؤولية تختلف‬

‫إما مسؤولية عقدية إذا نشأت عن‬


‫حسب المبنى واألساس القانوني الذي تقوم عليه فهي ّ‬

‫إخالل أحد طرفي العقد بالتزاماته واما مسؤولية تقصيرية إذا ترتبت عن الفعل الشخصي‬

‫لمحدث الضرر‪ ،‬أو كانت نتيجة لفعل الغير إذا نشأ الضرر عن فعل شخص حدد القانون‬

‫وضعه القانوني بالنسبة للمسؤول عنه‪ ،‬كما قد تترتب هذه المسؤولية عن الضرر الذي‬

‫يتسبب فيه الشيء الموجود بحراسة أحد األشخاص أو يحدثه الحيوان الذي يملكه هذا‬

‫الشخص أو المنتوج الذي صنعه‪.‬‬

‫والشخص ال يسأل إال عن سلوكه الشخصي فال يكون مسؤوال إال عن أفعاله‬

‫المشرع المسؤولية عن األفعال الشخصية والتي تقوم على خطأ‬


‫ّ‬ ‫الشخصية‪ .‬وهي ما أسماه‬

‫‪1‬‬
‫مقدمــــــــــــة‬

‫واجب اإلثبات في حق مرتكب الفعل الضار‪ ،‬إالّ ّأنه استثناءا على ذلك قد يسأل الشخص‬

‫عن فعل غيره فنكون أمام المسؤولية عن فعل الغير التي آثرنا تناولها بالدراسة في بحثنا هذا‬

‫نظ ار لألهمية البالغة والمرونة الكبيرة التي تعرفها فكرة المسؤولية المدنية على العموم‬

‫عدة جوانب جعلتها أساسا خصبا للتقنين المدني ومجاال واسعا لالجتهاد‬
‫والشتمالها على ّ‬

‫أن المسؤولية عن فعل‬


‫القضائي والفقهي‪ ،‬لما لها من ارتباط وثيق بالحياة اليومية إضافة إلى ّ‬

‫الغير مسؤولية استثنائية واحتياطية تختلف في الشروط المقررة لقيامها عن تلك المقررة لقيام‬

‫المسؤولية عن األفعال الشخصية باعتبارها الشريعة العامة‪.‬‬

‫كرس مبدأ المسؤولية عن‬


‫المشرع الجزائري قد ّ‬
‫ّ‬ ‫وبالرجوع إلى القانون المدني‪ ،‬نجد أن‬

‫فعل الغير بشكل واضح وجلي في نصوص قانونية في إطار تنظيمه ألحكام المسؤولية‬

‫التقصيرية‪ .‬وقد ذهب بعض الفقهاء وفي مقدمتهم الفقيه الفرنسي ‪ Becqué‬إلى القول بوجود‬

‫فميزوا بين المسؤولية عن فعل الغير عقديا وتقصيريا‪ .‬فيروا‬


‫مسؤولية عقدية عن فعل الغير‪ّ ،‬‬

‫أن المسؤولية العقدية عن فعل الغير تقوم في حالة ما إذا كان هناك التزام عقدي لم ينفذ‬

‫وكان عدم التنفيذ ليس راجعا إلى فعل المدين نفسه بل إلى فعل شخص آخر يكون المدين‬

‫مسؤوال عنه‪ ،‬وعلى هذا األساس يستنتج أنصار الرأي أنه بمفهوم المخالفة لنص المادة‬

‫‪ 2/178‬من القانون المدني هناك مبدأ عام يقضي بالمسؤولية عن فعل الغير عقديا‪ ،‬والتي‬

‫يشترط لقيامها شروط قيام المسؤولية عن الفعل الشخصي إضافة إلى كون هذا األخير من‬

‫الذين يسأل عنهم المدين‪ ،‬وأن يكون قد تدخل بفعله في اإلخالل بااللتزام العقدي‪ .‬هذا المبدأ‬

‫‪2‬‬
‫مقدمــــــــــــة‬

‫مؤداه أن المدين مسؤول مسؤولية عقدية عن خطأ األشخاص الذين يستعملهم في تنفيذ‬

‫التزامه‪.‬‬

‫المشرع الجزائري المسؤولية عن فعل الغير في القسم الثاني من الفصل‬


‫ّ‬ ‫وقد تناول‬

‫الثالث من الباب األول من الكتاب الثاني من القانون المدني في المواد ‪ 134‬إلى ‪.137‬‬

‫وبصدد هذا الموضوع يمكن طرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫أي مدى نجح المشرع الجزائري في إرساء النظام القانوني للمسؤولية عن فعل الغير؟‬
‫إلى ّ‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬قسمت البحث إلى فصلين‪ :‬األول بعنوان مسؤولية متولي الرقابة عن‬

‫أعمال الخاضع للرقابة‪ ،‬والثاني بعنوان‪ :‬مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفصـــــــل األول‪:‬‬

‫مسؤوليــــة متولي الرقابة عن أعمــــال‬


‫الخاضع للرقابة‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تعتبر مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة صورة من صور المسؤولية‬

‫الناشئة عن عمل الغير‪ .‬وهذه المسؤولية تقوم بين طرفين وهما متولي الرقابة وهو الملتزم‬

‫بواجب الرقابة والشخص الخاضع للرقابة بسبب صغر سنه أو مرضه‪ ،‬بحيث يصدر عن هذا‬

‫األخير فعل يضر بالغير‪ ،‬فيلتزم المكلف بالرقابة بتعويض المضرور وال يمكن له إعفاء هذه‬

‫أن الضرر كان يقع حتما حتى لو قام بواجب‬


‫المسؤولية إالّ بإثبات قيامه بواجب الرقابة أو ّ‬

‫الرقابة‪.‬‬

‫نقسم هذا الفصل إلى مبحثين‪:‬‬


‫وبناءا عليه ّ‬

‫في المبحث األول نتطرق إلى مسؤولية متولي الرقابة من خالل تعريفها وتبيان‬

‫أطرافها واألساس الذي تقوم عليه وشروطها وأركانها‪ .‬ثم في المبحث الثاني‪ ،‬أحكام مسؤولية‬

‫متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة وذلك بطرق دفع مسؤولية متولي الرقابة واآلثار‬

‫المترتبة عن قيام هذه المسؤولية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الول‪:‬‬
‫ماهية مسؤولية متولي الرقابة‬
‫تتحقق مسؤولية متولي الرقابة إذا تولى الشخص الرقابة عن شخص آخر وصدر من‬

‫يضر بالغير ومنه يكون متولي الرقابة مسؤوال عن هذا العمل‬


‫هذا األخير عمل غير مشروع ّ‬

‫غير المشروع فتوجب مسؤوليته‪.‬‬

‫وعليه نتطرق في المطلب األول إلى تحديد أطراف مسؤولية متولي الرقابة‪ ،‬وفي‬

‫المطلب الثاني أساس مسؤولية متولي الرقابة وفي المطلب الثالث أركان وشروط مسؤولية‬

‫متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‪.‬‬

‫المطلب الول‪:‬‬
‫أطراف مسؤولية متولي الرقابة‬

‫معين مسؤوال عن فعل شخص آخر ذلك لتوفر عالقة بين‬


‫القانون يجعل شخص ّ‬

‫هذين الشخصين‪.‬‬

‫ويقصد بالرقابة اإلشراف على شخص‪ ،‬وحسن تربيته‪ ،‬وتوجيهه واتخاذ االحتياطات‬
‫‪1‬‬
‫الرقيب ويكون مصدر‬
‫المعقولة لمنعه من اإلضرار بالغير‪ .‬والرقابة التزام يقع على عاتق ّ‬
‫هذا االلتزام إما القانون كرقابة األب البنه واما االتفاق كرقابة مدير مستشفى األمراض العقلية‬
‫‪2‬‬
‫للمرضى‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬ج ‪ ،01‬منشأة المعارف‬
‫اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص‪.841‬‬
‫‪ -2‬علي علي سليمان‪ ،‬دراسات في المسؤولية المدنية في القانون المدني الجزائري‪( ،‬المسؤولية عن فعل الغير – المسؤولية‬
‫عن فعل األشياء – التعويض)‪ ،‬ط‪ ،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1994 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪5‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الول‪:‬‬
‫أطراف مسؤولية متولي الرقابة بحكم القانون‬
‫تنص المادة ‪ 134‬من القانون المدني الجزائري‪'' :‬كل من يجب عليه قانونا أو اتفاقا‬
‫رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره أو بسبب حالته العقلية أو الجسمية‪ ،‬يكون‬
‫ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص للغير بفعله الضار ويستطيع المكلّف‬
‫أن الضرر كان‬
‫بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أثبت ّ‬
‫‪1‬‬
‫البد من حدوثه ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية''‪.‬‬
‫ّ‬
‫المشرع الجزائري لم يحدد األشخاص الذي يقع‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫ومن خالل هذا النص يتضح لنا ّ‬
‫عليهم واجب الرقابة‪ ،‬بل اكتفى بذكر مصدر الرقابة الذي قد يرجع إلى حكم القانون أو يرتبه‬
‫حدد الخاضع للرقابة ويكون ذلك بسبب القصر أو الحالة العقلية أو‬
‫اتفاق األطراف‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫الجسمية للشخص‪ ،‬وعليه سنتطرق إلى‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مصدر الرقابة‬
‫هو الشخص الذي يتولى رعاية وتدبير شؤون القاصر غير المميز أو من يساويه عقال‬
‫كالمجنون أو من يتولى رقابة المعاق جسديا‪ 2.‬وحسب نص المادة ‪ 134‬من القانون‬
‫إما بحكم القانون أو اتفاق األطراف‪.‬‬
‫المدني الجزائري يكون مصدر الرقابة ّ‬
‫وتنص المادة ‪ 81‬من قانون السرة على ّأنه‪" :‬من كان فاقد األهلية أو ناقصها لصغر‬
‫السن أو الجنون أو السفه‪ ،‬ينوب عنه قانونا ولي أو وصي أو مقدم طبقا ألحكام هذا القانون"‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 134‬من األمر رقم ‪ 58-75‬مؤرخ في ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1395‬الموافق ل ـ ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬المتضمن‬
‫القانون المدني‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ .‬ع ‪ 78‬مؤرخ في ‪ 24‬رمضان عام ‪ 1395‬الموافق ‪ 30‬سبتمبر ‪ ،1975‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ -2‬عدنان إبراهيم السرحان‪ ،‬نوري أحمد خاطر‪ ،‬شرح القانون المدني‪ ،‬مصادر الحقوق الشخصية‪ ،‬االلتزامات‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2009 ،‬ص‪.497‬‬
‫‪6‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 87‬من قانون السرة الجزائري‪ " :‬يكون األب وليا على أوالده وبعد‬
‫كما ّ‬
‫وفاته تحل األم محله قانونا"‪.1‬‬
‫حددت المادة ‪ 135‬من القانون المدني الجزائري الملغاة‪ 2‬األشخاص الملتزمون‬
‫كما ّأنه ّ‬
‫تم‬
‫بالرقابة قانونا وهم األب وبعد وفاته األم‪ ،‬والمعلمين والمؤدبين وأرباب الحرفة‪ ،‬التي ّ‬
‫اقتباسها من نص المادة ‪3 1384‬من القانون المدني الفرنسي التي تنص‪'' :‬يكون األب‬
‫وبعد وفاته األم مسؤولين عن الضرر الذي يسببه أوالدهما القاصرون الساكنون معهما‪ ،‬كما‬
‫أن المعلمين والمؤدبين‪ ،‬وأرباب الحرف مسؤولون عن الضرر الذي يسببه تالمذتهم‬
‫والمتمرنون في الوقت الذي يكونون فيه تحت رقابتهم''‪ .‬ومنه سنتطرق إلى األب واألم والمعلم‬
‫ورب الحرفة كأمثلة عن األشخاص الملتزمين بالرقابة قانونا‪.‬‬
‫‪ )1‬الب‬
‫يفترض النظام العائلي أن يمارس األب السلطة األبوية عن أوالده‪ ،‬فهو مسؤول عن‬
‫حسن انتظام الحياة العائلية‪ .‬والمقصود بممارسة السلطة األبوية إعطاء التوجيه السليم ومنع‬
‫‪4‬‬
‫السلوك المنحرف أو الضار‬
‫فاألب هو الولي الطبيعي والشرعي على نفس ابنه القاصر‪ ،‬فإذا ارتكب االبن القاصر‬
‫فعال ضا ار ترتب عليه إلحاق ضرر بالغير كان األب مسؤوال عن تعويض الضرر وبالتالي‬
‫‪5‬‬
‫يبقى األب مسؤوال إلى حين بلوغ سن الرشد وهو ‪ 19‬سنة كاملة‪.‬‬

‫‪ -1‬المواد ‪ 87-81‬من األمر رقم ‪ 11-84‬المؤرخ في ‪ 09‬رمضان عام ‪ ،1404‬الموافق ل ‪ 09‬يونيو سنة ‪،1984‬‬
‫المتضمن قانون األسرة الجزائري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ 31‬المؤرخ في ‪ 31‬جويلية ‪ 1984‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 135‬الملغاة من األمر ‪ ،58-75‬المتضمن ق‪.‬م‪.‬ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Article 1384/4 : « Le père et la mère, entant qu’ils exercent l’autorité parentale, sont‬‬
‫» ‪solidairement responsables du dommage causé par leurs enfants mineurs habitants avec eux‬‬
‫‪ -4‬مصطفى العوجي‪ ،‬القانون المدني‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬ج ‪ ،02‬ط ‪ ،03‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص‪.404‬‬
‫‪ -5‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المسؤولية المدنية عن فعل الغير في القانون المدني الجزائري‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا‬
‫للقضاء‪ ،‬الدفعة ‪ ،2007-2004 ،15‬ص‪.09‬‬
‫‪7‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وذلك حسب نص المادة ‪ 40‬من الفقرة ‪ 2‬من القانون المدني الجزائري التي تنص‪ '' :‬كل‬
‫شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل األهلية لمباشرة حقوقه‬
‫المدنية‪ .‬وسن الرشد تسعة عشر (‪ )19‬سنة كاملة''‪.1‬‬
‫وقد تكون القاصر بنتا تتزوج قبل بلوغ سن الرشد فتنتقل الرقابة عليها ممن كان قائما‬
‫على تربيتها إلى زوجها‪ ،‬وهو الذي يكون مسؤوال عنها مادامت قاصرا‪ ،‬فإذا كان الزوج نفسه‬
‫فإن متولي الرقابة على الزوج يتولى الرقابة‬
‫تقوم عليه الرقابة‪ ،‬لقصره أو ألي سبب آخر‪ّ ،‬‬
‫أيضا على الزوجة‪ ،‬ويكون مسؤوال عن كل منهما‪ ،‬فإذا ما بلغ سن الرشد‪ ،‬ولم تبلغها الزوجة‪،‬‬
‫صار الزوج هو متولي الرقابة على زوجته‪ .‬أما إذا بلغت سن الرشد فإنها تتحرر من‬
‫‪2‬‬
‫الرقابة‪.‬‬
‫كما ّأنه يبقى مسؤوال في حالة هجر العائلة ألن ذلك يعتبر خطأ منه وليس له أن يتحجج‬
‫به في مواجهة الغير‪ ،‬بل أنه يكون حتى مسؤوال جزائيا طبقا ألحكام المادة ‪ 330‬من قانون‬
‫‪3‬‬
‫العقوبات الجزائري‪.‬‬
‫أما في حالة انتهاء وظيفته كولي بوجود حالة من الحاالت المذكورة في المادة ‪ 91‬من‬
‫قانون السرة‪ 4‬التي تنص‪:‬‬
‫'' تنتهي وظيفة الولي‪:‬‬
‫‪ )1‬بعجزه‪،‬‬
‫‪ )2‬بموته‪،‬‬
‫‪ )3‬بالحجر عليه‪،‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 40‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد القادر الفار‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬مصادر الحق الشخصي في القانون المدني‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،2004 ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ -3‬م ‪ 330‬من األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1386‬الموافق لـ ـ ‪ 08‬يونيو سنة ‪ ،1996‬يتضمن قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 28-06‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ ،2006‬ج‪..‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،84‬الصادر في ‪24‬‬
‫ديسمبر ‪.2006‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 91‬من أمر رقم ‪ ،11-84‬المتضمن ق أ ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ )4‬بإسقاط الوالية عليه''‬


‫يقرر القانون مسؤوليته بصفته متوليا للرقابة تأسيس‬
‫فإن الرقابة تنتقل من األب إلى من ّ‬
‫المشرع الجزائري يؤسس االلتزام بالرقابة على الوالية‬
‫ّ‬ ‫على أن الوالية قد انتقلت إليه ما دام‬
‫‪1‬‬
‫بالنفس كقاعدة عامة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة على ّأنه بمقتضى أحكام المادة ‪ 135‬من القانون المدني الملغاة فإن‬
‫األب وبعد وفاته األم يسأالن عن الضرر الذي يسببه أوالدهما القاصرون الساكنون معهما‪،‬‬
‫وهو ما يعني أنه البد أن يكون األب أو األم شرعيين وبالتالي ال يمكن مساءلة الكفيل على‬
‫أساس هذه المادة كونه ال يملك صفة األب الشرعي ولكن يمكن ذلك وفقا للمادة ‪ 134‬ألنه‬
‫‪2‬‬
‫يقوم بنفس واجبات األب‪ ،‬فهو مكلّف بالرقابة وفقا للقانون‪.‬‬
‫أن الكفالة تخول للكفيل الوالية‬
‫تنص على ّ‬
‫ّ‬ ‫ذلك أن المادة ‪ 120‬من قانون السرة‬
‫القانونية‪ 3.‬ولكن مع إلغاء المادة ‪ 135‬من القانون المدني‪ ،‬فإن األساس القانوني الوحيد‬
‫في القانون المدني الجزائري الذي يمكن بناء عليه مساءلة األب أو األم وحتى أي شخص‬
‫آخر مكلف بالرقابة هو المادة ‪ 134‬باعتبارها القاعدة العامة التي اكتفى بها المشرع في‬
‫تنظيمه ألحكام مسؤولية متولي الرقابة وهو ما يترتب بالضرورة االكتفاء بالشروط المتطلبة‬
‫‪4‬‬
‫فيها لتحقق مسؤوليتهم‪.‬‬
‫تقوم مسؤولية األب المفترضة عن األفعال غير المشروعة التي يرتكبها أوالده القصر‬
‫المشمولين برعايته‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 120‬من األمر رقم ‪ ،11-84‬المتضمن ق أ ج‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪9‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وأقام القانون قرينة قان ونية على توافر هذه الرعاية متى كان الولد قاص ار ومقيما مع أبيه‪،‬‬
‫وجعل هذه القرينة غير قاطعة أي ّأنه يجوز لألب إقامة الدليل على عكسها‪ ،‬بأن يثبت أن‬
‫الولد (رغم قصره واقامته معه) كان حين ارتكاب الفعل الضار في رقابة شخص آخر‪.‬‬
‫وتنتهي مسؤولية األب المفترضة ببلوغه سن الرشد أو إذا لم يعد يقيم مع أبيه لسبب ال‬
‫خطأ فيه لألب‪ ،‬كإقامة القاصر مع أمه إذا انفصلت عن األب‪ ،‬أو في حالة زواج القاصر أو‬
‫‪1‬‬
‫تجنيده‪.‬‬
‫‪ )2‬الم‬
‫أن هذه‬
‫تنتقل المسؤولية عن القصر بعد وفاة األب إلى األم بشرط اإلقامة معها‪ .‬كما ّ‬
‫المسؤولية تقع على األم أيضا في حالة رعاي تها للقصر المقيمين معها في حالة حياة األب‬
‫إذا ما انفصلت عنه وأقامت بعيدة عنه‪ .‬ومن هنا قررت المحكمة العليا بأن المحكوم له‬
‫بالحضانة سواء كان هو األب أو األم أو غيرهما‪ ،‬يكون مسؤوال عن تربية الولد المحضون‬
‫مدة‬
‫وحمايته ورعايته‪ ،‬ومسؤوال مسؤولية مدنية عن كل ضرر يلحقه هذا المحضون بالغير ّ‬
‫‪2‬‬
‫الحضانة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫من‬ ‫وذلك في ظل النصوص القانونية الحالية‪ ،‬وبالرجوع إلى نص المادة ‪62‬‬
‫عرف الحضانة على أنها ''الحضانة هي رعاية الولد‬
‫المشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫قانون السرة الجزائري نجد أن‬
‫وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسهر على حمايته وحفظه صحة وخلقا ويشترط في‬
‫الحاضن أن يكون أهال للقيام بذلك''‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫من قانون السرة أن تكون األم ولية على نفس القاصر‬ ‫تطبيقا لنص المادة ‪3/87‬‬
‫في حالة إسناد الحضانة لألم عند الطالق‪ ...'' .‬في حالة الطالق‪ ،‬يمنح القاضي الوالية لمن‬

‫‪ -1‬بلحاج العربي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬الواقعة القانونية (الفعل غير المشروع‪ ،‬اإلثراء بال‬
‫سبب‪ ،‬القانون)‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2001 ،‬ص ‪.291-290‬‬
‫‪ -2‬بلحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 62‬من األمر رقم ‪ 11-84‬المتضمن ق أ ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 3/87‬من األمر رقم ‪ ،11-84‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ولية على المحضون على أساس المادة ‪134‬‬


‫أسندت له حضانة األوالد''‪ .‬وهو ما يجعلها ّ‬
‫من قانون مدني بصفتها تتوالها قانونا بمقتضى أحكام المادتين ‪ 87-62‬من قانون‬
‫‪1‬‬
‫السرة‪.‬‬
‫‪ )3‬المعلم‬
‫كال من الفقه والقضاء يؤثر التوسع في المفهوم القانوني للمعلم‪ ،‬فال يقصره على‬
‫المعنى الدقيق لهذا التعبير‪ ،‬واّنما يبسطه كي يشمل كل شخص يكلف بتعليم أطفال أو‬
‫مدة التعليم وفي مراحل التعليم جميعها فيما‬
‫صبيان ويلتزم في الوقت نفسه برقابتهم خالل ّ‬
‫‪2‬‬
‫عدا التعليم العالي‪.‬‬
‫المدة المفروضة‬
‫مدة رقابته‪ ،‬أي ّ‬
‫فعندما يتسلم المعلم الولد‪ ،‬تنتقل تلك الرقابة إليه طيلة ّ‬
‫‪3‬‬
‫فيها في الحاالت العادية وجود الولد داخل المعهد الذي يعمل فيه المعلم‪.‬‬
‫فمدلول المعلم ينصرف إلى كل شخص يتولى مهنة التربية والتعليم سواء كان التعليم‬
‫فإنه يشترط النتقال‬
‫تقنيا أو بدنيا أو ثقافيا‪ .‬وسواء كان ذلك بمقابل أو مجانا وتبعا لذلك ّ‬
‫الرقابة إلى المعلم أن يكون الموضوع تحت الرقابة مازال قاص ار مساواة له مع المكلفين‬
‫‪4‬‬
‫بالرقابة اآلخرين‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن ا لمعلم يسأل عن الضرر الذي يلحقه التلميذ بتلميذ آخر أو‬
‫بالغير‪ .‬أما األضرار التي يتسبب فيها المعلم شخصيا لتالمذته أو للغير‪ 5‬فتحكمها المادة‬
‫‪6‬‬
‫من القانون المدني وبذلك تكون الدولة مسؤولة فقط عن األضرار التي يسببها‬ ‫‪124‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪ -2‬جليل حسن بشات الساعدي‪ ،‬مسؤولية المعلم المدنية (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.28‬‬
‫‪ -3‬مصطفى العوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12-11‬‬
‫‪ -5‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -6‬م ‪ 124‬من األمر رقم ‪ 58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التالميذ للغير أو لبعضهم البعض‪ 1‬ويكون ذلك بعد تحقق مسؤولية المعلم لكن ذلك ال يكون‬
‫إالّ في نطاق مسؤوليته عن خطئه في رقابة تالمذته‪ .‬أما الحاالت األخرى لمسؤوليته التي ال‬
‫‪2‬‬
‫فإنها تظل خاضعة للقواعد العامة‪.‬‬
‫تكون ناشئة عن ذلك‪ّ ،‬‬
‫‪ )4‬المشرف على الحرفة‬

‫إذا كان القاصر يتعلم حرفة‪ ،‬بمقتضى عقد تمرين أو تعليم‪ ،‬فإن الرقابة عليه تنتقل‬
‫إلى الصانع أو المشرف على الحرفة طيلة الوقت الذي يوجد فيه عنده‪ ،‬سواء في مكان‬
‫العمل أو خارجه طالما كان تحت إشرافه‪.‬‬

‫ويختلف األمر إذا كان القاصر يعمل لدى صاحب عمل‪ ،‬بمقتضى عقد عمل مقابل‬
‫أجر يتقاضاه منه‪ ،‬حيث تكون مسؤولية صاحب العمل عن الفعل الغير مشروع لعامله هي‬
‫‪3‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن عمل التابع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الخاضع للرقابة‪:‬‬

‫إما يكون ذلك بسبب قصره (كعديم األهلية أو ناقصها)‬


‫وهو الشخص الذي يحتاج إلى الرقابة ّ‬
‫‪4‬‬
‫أو بسبب خلل عقلي (كالمجنون والمعتوه) أو بسبب حالته الجسمية (كالمشلول واألعمى)‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫من القانون المدني الجزائري‪.‬‬ ‫وهذا ما ّبينته المادة ‪134‬‬

‫‪ )1‬حالة القصر‪ :‬يشترط لقيام مسؤولية متولي الرقابة على أساس الخطأ المفترض أن‬
‫يكون الشخص الخاضع للرقابة قاص ار وفقا لنص المادة ‪ 640‬من القانون المدني‪.‬‬

‫‪ -1‬علي علي سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -3‬محمد حسين منصور‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار الجامعية الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،2006 ،‬ص‪.636‬‬
‫‪ -4‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2004 ،‬‬
‫ص‪.89‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 134‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -6‬المادة ‪ 40‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫من القانون المدني‬ ‫المشرع الجزائري ذكر لنا في المادة ‪134‬‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫وتجدر اإلشارة ّ‬
‫الجزائري حالة الرقابة بسبب القصر دون تحديد سن القاصر أو تحديد إذا كان ممي از‬
‫فإن مسؤوليته الشخصية مستبعدة تماما‬
‫مميز ّ‬
‫أو غير مميزا‪ .‬فإذا كان القاصر غير ّ‬
‫ممي از فيكون مسؤوال شخصيا‬
‫وذلك الستحالة وقوع خطأ من جانبه‪ ،‬أما إذا كان ّ‬
‫‪2‬‬
‫وبالتالي ال يخضع إلى الرقابة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫من القانون المدني الجزائري إلى المسؤولية الشخصية‬ ‫لقد أشارت المادة ‪1/125‬‬
‫المميز حالة إلحاقه ضر ار بالغير‪ .‬والتي تنص‪" :‬ال يسأل المتسبب في الضرر الذي‬
‫ّ‬ ‫للقاصر‬
‫مميزا"‪.‬‬
‫يحدثه بفعله أو امتناعه أو بإهمال منه أو عدم حيطته إالّ إذا كان ّ‬
‫‪4‬‬
‫من القانون المدني الجزائري سن التمييز وهو بلوغ سن ‪13‬‬ ‫حددت المادة ‪42‬‬
‫وقد ّ‬
‫سنة‪ ،‬فإذا لم يبلغ هذا السن فال مسؤولية عليه ويكون متساوي مع المجنون والمعتوه‪ .‬ومنه‬
‫‪5‬‬
‫المميز مسؤوال مسؤولية تقصيرية كاملة دون حاجة لبلوغه سن الرشد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يكون الصبي‬

‫أما في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬أتاح للقاصر حق مزاولة التجارة بشرط بلوغه سن‬
‫ّ‬
‫‪ 18‬سنة وكذلك حصوله على ترخيص من أبويه أو على قرار مجلس العائلة مصادقا عليه‬
‫من المحكمة وذلك حسب نص المادة ‪ 605‬من القانون التجاري التي تنص‪" :‬ال يجوز‬
‫للقاصر المرشد ذك ار أم أنثى‪ ،‬البالغ من العمر ‪ 18‬سنة والذي يريد مزاولة التجارة أن يبدأ في‬
‫العمليات التجاري‪ ،‬كما ال يمكن اعتباره راشدا بالنسبة للتعهدات التي يبرمها عن أعمال‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 134‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬


‫‪ -2‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 125‬من األمر ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 42‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -5‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.845‬‬
‫‪ -6‬المادة ‪ 05‬من األمر رقم ‪ 58-75‬مؤرخ في ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1395‬الموافق ل ـ ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬المتضمن‬
‫القانون التجاري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬ع‪ ،101‬مؤرخ في ‪ 19‬ديسمبر ‪ ،1975‬المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 05.02‬المؤرخ في ‪06‬‬
‫فبراير ‪ ،2005‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬ع‪ ،11‬صادر في ‪ 09‬فبراير ‪.2005‬‬
‫‪13‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تجارته‪ ،‬إذا لم يكن قد حصل مسبقا على إذن والده أو أمه أو على قرار من مجلس العائلة‬
‫مصادق عليه من المحكمة فيما إذا كان والده متوفيا أو غائبا أو سقطت عنه سلطة البوية أو‬
‫يقدم اإلذن كتابيا دعما‬
‫استحال عليه مباشرتها‪ ،‬أو في حالة انعدام األب واألم ويجب أن ّ‬
‫لطلب التسجيل في السجل التجاري"‬

‫ومنه يعتبر األبوين مسؤولين عن األضرار التي يحدثها الطفل القاصر‪ ،‬ويستطيع‬
‫المكلّف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه أقام بواجب الرقابة‪ ،‬أو أثبت أن‬
‫‪1‬‬
‫الضرر كان البد من حدوثه ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية‪.‬‬

‫أن‬
‫كما ّأنه ال يوجد مانع من قيام مسؤولية األم إلى جانب مسؤولية األب باعتبار ّ‬
‫مسؤوليتهما تتحقق بغض النظر عن طبيعة العالقة التي يدلي بها القاصر إليهما‪ .‬النظر عن‬
‫طبيعة األبوة التي تربطهما بالقاصر فقد تكون بنوة هذا القاصر شرعية كما قد تكون طبيعية‬
‫‪2‬‬
‫وتكون ثابتة قانونا‪.‬‬

‫‪ )2‬الحالة العقلية‪ :‬قد يبلغ الشخص سن الرشد ‪ 19‬سنة حسب نص المادة ‪ 340‬من‬
‫القانون المدني ومع ذلك يعرض له عارض تنقص من تمييزه أو بعدمه كالسفه‬
‫والغفلة والجنون وعندئذ يعود ذلك الشخص في حاجة إلى الرقابة‪ .‬ويتولى الرقابة من‬
‫تجب عليه قانون الرقابة كولي النفس أو اتفاقا كطبيب المستشفى ويكون متولي‬
‫‪4‬‬
‫الرقابة مسؤوال عن العمل غير المشروع الذي يصدر من ذلك الشخص‪.‬‬

‫‪ -1‬علي علي سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.14‬‬


‫‪ -2‬حسن علي الذنون‪ ،‬المبسوط في المسؤولية المدنية‪ ،‬المسؤولية عن فعل الغير‪ ،‬ط‪ ،1‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،2006 ،‬ص‪.169-168‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 40‬من األمر ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -4‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام ومصادر االلتزام‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الجامعية الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،2007 ،‬‬
‫ص‪.410-409‬‬
‫‪14‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ )3‬الحالة الجسمية‪ :‬كذلك قد يصاب البالغ سن الرشد بمرض كالشلل أو الصرع أو فقد‬
‫البصر‪ ،‬فيجعله في حاجة للرقابة‪ .‬ويتولى الرقابة الشخص الذي يتولى اإلشراف على‬
‫شؤونه الشخصية وتكون هذه الرقابة باالتفاق ويكون متولي الرقابة مسؤوال عن العمل‬
‫‪1‬‬
‫غير المشروع الذي يصدر من ذلك الشخص‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫أطراف مسؤولية متولي الرقابة اتفاقا‬
‫قد يكون مصدر الرقابة االتفاق‪ ،‬ويكون ذلك في حالتين‪ :‬حالة االتفاق الذي يبرمه ولي النفس‬
‫‪2‬‬
‫أو حالة االتفاق الذي يبرمه الخاضع للرعاية والرقابة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االتفاق الذي يبرمه ولي النفس‬
‫‪3‬‬
‫يكون واجب الرقابة اتفاقا كلما كان اتفاق األطراف هو المنشئ لهذا الواجب‪.‬‬
‫وأحسن مثال على ذلك الروضة أو مستشفى مختص في األمراض العقلية‪ ،‬فهنا يكون‬
‫االتفاق بين األطراف أو بين الولي والمكلفين يمثل هذا الواجب االتفاقي على القيام بواجب‬
‫الرقابة ويتحمل المسؤولية تبعا اللتزامه بهذا االتفاق‪.‬‬
‫أن اإلخالل بهذا الواجب أي واجب الرقابة يشكل خطأ‬
‫وقد اعتبرت المحكمة العليا ّ‬
‫‪4‬‬
‫يلتزم من تسببه فيه بالتعويض‪.‬‬
‫واذا كانت الحالة الداعية إلى الرعاية والرقابة هي الحالة العقلية كالجنون أو العته‪ ،‬أو‬
‫الحالة الجسمية كالشلل أو العمى‪ ،‬فإن األصل أن يقوم ولي النفس بتلك الرعاية إال أنه قد‬
‫يعهد بها إلى غيره‪ .‬وفي هذه الحالة االلتزام بالرعاية والرقابة يقع على عاتق مدير المستشفى‬

‫‪ -1‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.410‬‬


‫‪ -2‬جمال مهدي محمود األكشة‪ ،‬مسؤولية اآلباء المدنية عن األبناء القصر في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2006 ،‬ص‪.231‬‬
‫‪ -3‬علي فياللي‪ ،‬االلتزامات‪ ،‬العمل المستحق للتعويض‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2002 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -4‬مهدي جهيدة‪ ،‬مسؤولية متولي الرقابة‪ ،‬دراسة مقارنة في ظل القانون المدني الجزائري وعلى ضوء دراسة المادة ‪ 87‬من‬
‫قانون األسرة‪ ،‬مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬الجزائر‪ ،2006-2003 ،‬ص‪.08‬‬
‫‪15‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫والقائم بشؤون األعمى أو المشلول‪ ،‬ذلك أن مدير مستشفى األمراض العقلية يتولى رقابة‬
‫‪1‬‬
‫مرضاه‪.‬‬
‫كذلك هو الحال في حالة التزام سيدة أو دار للحضانة أو روضة األطفال يتولى رعاية‬
‫أطفال صغار‪ ،‬فمن الطبيعي أن يكون مسؤوالن عن الفعل الضار الصادر عن الطفل‬
‫‪2‬‬
‫والمريض متى توافرت كافة الشروط‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتفاق الذي يبرمه الخاضع للرعاية والرقابة‬

‫إذا أصيب البالغ الراشد بمرض أعجزه وجعله في حاجة إلى الرعاية والرقابة نظ ار‬
‫لحالته الجسمية‪ ،‬فله أن يبرم اتفاقا مع شخص آخر ليتولى رعايته واإلشراف على شؤونه‪،‬‬
‫فيكون مسؤوال عنه ما بقي في رقابته‪ ،‬ولقيام هذه المسؤولية يجب أن يكون االتفاق ثابت‬
‫بغض النظر عن شكله‪ ،‬فقد يكون شفاهة أو كتابة‪ ،‬صريح أو ضمني‪ ،‬وبناءا عليه فال يكفي‬
‫‪3‬‬
‫البد أن يكون هناك التزام قانوني أو اتفاقي‬
‫بل ّ‬ ‫تولي شخص رقابة شخص آخر فقط‪.‬‬
‫فإن المسؤولية ال تقوم‬
‫لتولي هذه الرقابة‪ ،‬فإن لم يكن ذلك ال تقوم مسؤوليته‪ .‬وتطبيقا لذلك‪ّ ،‬‬
‫‪4‬‬
‫في رقابة السجان عن أفعال المسجونين‪.‬‬

‫أن القانون يضع األشخاص الخاضعين للرقابة كالقاصر مثال والمجنون‬


‫ولذلك نجد ّ‬
‫والمعتوه وذوي الغفلة في رقابة اآلباء أو أولياء النفس‪ ،‬والولي على النفس هو الشخص‬
‫المكلّف قانونا بالرقابة على الولد وهو األب فإذا لم يوجد هذا األخير فيكون ولي النفس الجد‬
‫أو العم أو غيرهما‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى محمد الفقى وعبد الباسط جميعي‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬المجلد‬
‫الثاني‪ ،‬العمل الضار واالثراء بال سبب والقانون‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.1397‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Noureddine Terki, Les obligations : responsabilité civile et régime générale, office des‬‬
‫‪publications universitaires, 1982, page 97-98.‬‬
‫‪ -3‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪ -4‬محمد صبري السعدي‪ ،‬شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الواقعة القانونية (العمل غير المشروع شبه‬
‫العقود والقانون)‪ ،‬ج‪ ،02‬ط‪ ،02‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص‪.185‬‬
‫‪16‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫أساس مسؤولية متولي الرقابة‬
‫إما‬
‫أن مسؤولية المكلّف بالرقابة تستند في حكمها إلى واجب الرقابة‪ّ ،‬‬
‫كما سبق ذكره ّ‬
‫قانونا أو اتفاقا‪ .‬وتكمن أهمية وجود واجب الرقابة في منح الخاضع لها من ارتكاب أي عمل‬
‫ضار وكحماية للمضرور في الحصول على التعويض جراء الضرر الذي أصابه‪ ،‬وضع‬
‫‪1‬‬
‫المشرع أساس مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن خالل استقراء نص المادة ‪ 134‬من القانون المدني الجزائري يتبين أن‬
‫مسؤولية متولي الرقابة تقوم على أساس الخطأ المفترض في جانبه وهو تقصير الرقيب في‬
‫أداء واجب الرقابة‪ ،‬أو أساء تربية الخاضع لها‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫الخطأ المفترض‬
‫الخطأ المفترض في جانب متولي الرقابة هو اإلخالل بما لديه من واجب الرقابة‪،‬‬
‫فالفرض إذن هو عدم قيام متولي الرقابة بهذا الواجب بما ينبغي من عناية وحرص‪ ،‬فإذا‬
‫قصر في رقابته‪،‬‬
‫ارتكب القاصر مثال عمال غير مشروع‪ ،‬افترض أن من يتولى رقابته قد ّ‬
‫فم ّكنه تقصيره من ارتكاب هذا العمل‪ ،‬ويتّسع افتراض الخطأ إلى مدى أبعد حيث يفترض‬
‫فهيأ له بسوء التربية سبيل العمل غير‬
‫أن متولي الرقابة قد أساء تربية هذا القاصر ّ‬
‫أيضا ّ‬
‫المشروع‪ ،‬هذا الخطأ المفترض ال يقوم إالّ في العالقة بين متولي الرقابة والمضرور‪ ،‬فهو‬
‫قرره القانون لصالح المضرور في مواجهة متولي الرقابة‪ ،‬وعلى ذلك ال يجوز‬
‫افتراض ّ‬
‫للمضرور وال لمتولي الرقابة أن يحتج به قبل الشخص الخاضع للرقابة‪ ،‬بل يجب الرجوع‬
‫‪2‬‬
‫على هذا إثبات خطأ في جانبه‪.‬‬

‫‪ -1‬سليمان مرقس‪ ،‬الوافي في شرح القانون المدني في االلتزامات‪ ،‬في الفعل الضار والمسؤولية المدنية‪ ،‬في المسؤوليات‬
‫المفترضة‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،5‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬مصر‪ ،1989 ،‬ص ‪.751‬‬

‫‪ -2‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار الجامعية الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص‪.409‬‬
‫‪17‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أن هذه القرينة المنصبة على الخطأ في الرقابة فهي تقوم في جهة المكلّف‬
‫كما ّ‬
‫بالرقابة‪ ،‬غير ّأنه يجب على الدافع بها أن يثبت الخطأ في جهة المشمول بالرقابة إذا ما‬
‫‪1‬‬
‫ضده المضرور‪.‬‬
‫تمسك ّ‬
‫ّ‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫العالقة السببية‬
‫إن العالقة السببية القائمة بين الخطأ المفترض بجانب متولي الرقابة والعمل غير‬
‫ّ‬
‫المشروع الصادر من الخاضع للرقابة الذي يسبب ضرر للغير هي عالقة مفترضة‪ ،2‬وأساس‬
‫هذا االفتراض هو ّأنه مادام افتراض الخطأ أم ار مسلّما به‪ ،‬فال مناص من اعتبار العالقة‬
‫أن توافرها غير ضروري لقيام المسؤولية‪ ،‬بل‬
‫السببية أيضا مفترضة‪ ،‬لكن ليس معنى ذلك ّ‬
‫معناه فقط أن عبئ اإلثبات المتعلق بها انتقل من المضرور إلى المسؤول مدنيا عن فعل‬
‫‪3‬‬
‫فإن المضرور إذن أعفي من إثبات الخطأ في جانب متولي الرقابة‪ ،‬ثم طلب منه‬
‫غيره‪ّ .‬‬
‫إثبات العالقة السببية ما بين هذا الخطأ والعمل غير المشروع الذي وقع من الخاضع للرقابة‪،‬‬
‫أن من يثبت العالقة بين أمرين‬
‫الضطر أن يثبت الخطأ أيضا‪ .‬إذ تقتضي طبيعة األشياء ّ‬
‫في الوقت نفسه األمرين اللذين تقوم العالقة بينهما‪ ،‬فنكون قد بدأنا بإعفاء المضرور من‬
‫الخطأ ثم طلبناه بعد ذلك بإثباته‪ ،‬فسلبناه باليسار وأعطيناه باليمين‪ 4.‬وما هو جدير بالذكر‬
‫أن قرينة االفتراض هذه سواء بالنسبة للخطأ أو عالقة السببية هي قرينة بسيطة يسمح‬
‫ّ‬
‫للمكلّف بالرقابة بإثبات عكسها بنفي الخطأ أو عالقة السببية لدفع المسؤولية المفترضة‬

‫‪ -1‬بلحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.304‬‬


‫‪ -2‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ -3‬سليمان مرقس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.794‬‬
‫‪ -4‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.1139‬‬
‫‪18‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عليه‪ 1.‬ومنه فعالقة السببية إذن مفترضة ال يكلّف المضرور بإثباتها‪ ،‬واّنما متولي الرقابة هو‬
‫الذي يكلّف بنفيها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬‬
‫أركان وشروط مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬
‫لتحقق مسؤولية متولي الرقابة عن الضرر الذي يوقع عمن هم تحت رقابته ينبغي توفر‬
‫يتعين علينا تحديد أركان مسؤولية متولي الرقابة في الفرع األول وشروط‬
‫أركان وبالتالي ّ‬
‫متولي الرقابة في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫أركان مسؤولية متولي الرقابة‬
‫تخضع مسؤولية متولي الرقابة لنفس أركان المسؤولية المدنية بصفة عامة ولقد أورد‬
‫المشرع الجزائري في المادة ‪ 124‬من القانون المدني قاعدة عامة وهي أن المسؤولية‬
‫‪2‬‬
‫التقصيرية كالمسؤولية العقدية على ثالثة أركان وهي‪ :‬الخطأ والضرر والعالقة السببية‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪'' :124‬كل فعل ّأيا كان يرتكبه الشخص بخطئه‪ ،‬ويسبب ضر ار للغير يلزم‬
‫‪3‬‬
‫من كان سببا في حدوثه بالتعويض''‬
‫ولهذا سنتطرق إلى الخطأ (أوال)‪ ،‬الضرر (ثانيا)‪ ،‬العالقة السببية (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ركن الخطأ ‪ :‬لقد أغفلت معظم التشريعات تعريف الخطأ تاركتا إلى الشراح‪ ،‬وقد حاول‬
‫الشراح منذ صدور تقنين نابليون تعريف الخطأ‪ ،‬وكانت تعاريفهم ما تتباين وفقا لنزعاتهم‬
‫ّ‬

‫‪ -1‬محمود جالل حمزة‪ ،‬العمل غير المشروع باعتباره مصدر لاللتزام‪ ،‬القواعد العامة‪ ،‬القواعد الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة بين‬
‫القانون المدني الجزائري والقانون المدني الفرنسي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1975 ،‬ص‪.173‬‬
‫‪ -2‬أنور سلطان‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني األردني‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقه اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2005 ،‬ص‪.298‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 124‬من األمر ‪ 58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الشخصية وحسب تطور ظروف المجتمع الذين يعيشون فيه من الناحيتين االقتصادية‬
‫‪1‬‬
‫واالجتماعية ومتطلبات هذا التطور‪.‬‬
‫بأنه ''اإلخالل بالتزام‬
‫عرفه الفقيه الفرنسي بالنيول ‪ّ PLANIOL‬‬
‫أ‪ -‬تعريف الخطأ‪ :‬فقد ّ‬
‫بأنه ''اإلخالل بواجب قانوني محدد''‪ .2‬وقد تعددت‬
‫فعرفه ّ‬
‫أما ‪ّ SAVINY‬‬
‫سابق''‪ّ ،‬‬
‫تعاريف الخطأ منها القول بأنه إخالل بالتزام سابق‪ ،‬بمعنى أن هناك مصدر يرتب‬
‫التزام في ذمة شخص وهذا االلتزام واجب االحترام فإذا أخل به الشخص كان مخطـأ‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫المشرع الجزائري كما يتضح ذلك‬
‫ّ‬ ‫أخذ‬ ‫ولقد‬ ‫تعين عليه التعويض‪.‬‬
‫واذا رتب ضرر ّ‬
‫من المادتين ‪ 124‬و ‪ 125‬من ق م ج‪ 4‬بأنه يقتضي في الخطأ إلى جانب التعدي‬
‫‪5‬‬
‫توفر عنصر اإلد ارك لدى الفاعل حتى يسأل‪.‬‬
‫ب‪ -‬أركان الخطأ‪ :‬يكاد ينعقد اإلجماع منذ أن تقررت القاعدة العامة في المسؤولية في‬
‫القانون الروماني أن للخطأ ركنان‪ :‬ركن مادي وهو التعدي‪ Culpabilité‬وركن‬
‫معنوي وهو اإلدراك ‪ imputabilité discemement‬وقد انتقل هذا التصور إلى‬
‫القانون الفرنسي القديم‪ ،6‬ولذلك سنتطرق إلى كل من الركن المادي والركن المعنوي‪.‬‬
‫*الركن المادي‪ :‬يقصد بالتعدي مجاوزة الحدود التي يجب على الشخص التزامها‪ ،‬أو‬
‫هو االنحراف عن السلوك الواجب حتى ال يضر بالغير‪ ،‬ويقاس االنحراف في السلوك وفقا‬
‫للرأي الراجح الذي أخذ به جمهور الفقه والقضاء بمعيار موضوعي أو بسلوك شخص مجرد‬
‫من ظروفه الشخصية‪ ،‬أي بسلوك الشخص العادي فالتعدي معياره واحد ال يتغير بالنسبة‬

‫‪ -1‬سليمان مرقس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪176-174‬‬


‫‪ -2‬فتحي عبد الرحيم عبد اهلل‪ ،‬شرح النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬ط‪ ،3‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪.435‬‬
‫‪ -3‬عبد الحكيم فودة‪ ،‬التعويض المدني‪ ،‬المسؤولية المدنية التعاقدية والتقصيرية في ضوء الفقه وأحكام محكمة النقض‪،‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 124‬و ‪ 125‬من األمر رقم ‪ 58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ -6‬فتحي عبد الرحيم عبد اهلل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.439‬‬
‫‪20‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إلى جمهور الناس وهو الشخص العادي‪ ،‬فإذا تجاوز االنحراف سلوك الشخص العادي‪،‬‬
‫صار تعديا دون النظر للظروف الشخصية الذاتية للفاعل‪ 1.‬وسلوك الرجل العادي ليس نوع‬
‫واحد بالنسبة لكل األشخاص‪ ،‬بل هناك نموذج لكل فئة أو مجموعة من األشخاص‪ ،‬فسلوك‬
‫الفالح مثال ال يقاس على سلوك الفالح العادي‪ ،‬وسلوك الطبيب يقاس بسلوك الطبيب‬
‫‪2‬‬
‫العادي‪.‬‬
‫شراح الفقه الغربي فيما يتعلق بهذا المعيار بين الفعل المتعمد وغير المتعمد‪،‬‬
‫ويفرق ّ‬
‫فإذا كان الفعل متعمدا أي قصد به صاحبه اإلضرار بالغير فإن المعيار يكون عندئذ معيا ار‬
‫أن القاضي يرجع إلى المسؤول نفسه ليبحث في مكنون ضميره‬
‫ذاتيا أي شخصيا‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫وخفايا صدره‪.‬‬
‫الشراح والقضاء الخطأ الجسيم بالفعل العمدي في الحكم‪ ،‬ذلك أن الخطأ‬
‫هذا ويلحق ّ‬
‫الجسيم ولو أنه غير متعمد إال أنه بسبب جسامته ال يتصور وقوعه من أكثر الناس إهماال‬
‫أو غباء‪ ،‬فتجنبا الدعاء مقترف العمد في الفقه الغربي الغباء تهربا من نتائج فعله‪ ،‬وذهب‬
‫الشراح في القانون الروماني إلى إلحاق الخطأ الجسيم بالخطأ العمدي في الحكم‪ ،‬ومن‬
‫ّ‬
‫الطبيعي أنه ليس لهذا البحث محل في الفقه اإلسالمي الذي يكتفي في الفعل أن يكون ضا ار‬
‫‪3‬‬
‫لكي يستحق الضمان‪.‬‬
‫أما الفعل غير القصدي فيصدر عن اإلنسان دون إرادة إحداث الضرر للغير‪ ،‬فكان‬
‫الضرر نتيجة إهمال أو قلة احتراز أو عدم تبصير لديه‪ 4‬فال يأخذ في قياس التعدي بالمعيار‬
‫الذاتي ألن هذا المعيار مبناه درجة اليقظة لدى الشخص‪ ،‬يؤدي في الفقه الغربي إلى‬
‫محاسبة الرجل الشديد اليقظة على أقل هفوة تصدر منه‪ ،‬في حين يؤدي إفالت معتاد‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.439‬‬


‫‪ -2‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ -3‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪ -4‬سليمان مرقس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪300‬‬
‫‪21‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اإلهمال من مسؤوليته عن الخطأ اليسير‪ ،‬هذا باإلضافة إلى ما يقتضيه هذا المعيار من‬
‫بحث في عادات المسؤول لمعرفة درجة يقظته‪ ،‬وال يخفى ما في هذا البحث من مشقّة‪ ،‬ولهذا‬
‫استقر الفقه والقضاء في مصر على األخذ في هذه الحالة بمعيار مجرد‪ ،‬فيقاس سلوك‬
‫المسؤول بسلوك الشخص العادي‪ ،‬وهو شخص يمثل أواسط الناس‪ ،‬فال هو شديد اليقظة وال‬
‫‪1‬‬
‫هو معتاد اإلهمال‪.‬‬
‫* الركن المعنوي (اإلدراك)‪ :‬استقرت تقاليد القانون منذ الرومان‪ ،‬على ّأنه ال يكفي‬
‫التعدي لقيام الخطأ بل يجب أن يكون المتعدي مدركا للخير والشر وما يفرضه الواجب العام‬
‫عليه من اتخاذ الحيطة في عدم اإلضرار بالغير‪ ،‬أي يشترط في المسؤول التمييز ألن ال‬
‫‪2‬‬
‫مسؤولية بال تمييز‪.‬‬
‫المشرع الجزائري في المادة ‪ 125‬من القانون المدني الجزائري التي‬
‫ّ‬ ‫نص عليه‬
‫وهذا ما ّ‬
‫تنص على أنه‪'' :‬ال يسأل المتسبب في الضرر الذي يحدثه بفعله أو بامتناعه أو بإهمال منه‬
‫‪3‬‬
‫أو عدم حيطته إال إذا كان مميزا''‬
‫ثانيا‪ :‬ركن الضرر‪ :‬ال يوجد تعريف ضمن نصوص القانون المدني الجزائري ما يعرف‬
‫‪4‬‬
‫الضرر كركن في المسؤولية المدنية عامة‪ ،‬وهذا ما دفع الفقه إلى البحث في تعريف الضرر‬
‫أ‪ -‬تعريف الضرر‪:‬‬
‫بأنه األذى الذي يلحق بالشخص فيمس حقا من حقوقه أو مصلحة‬
‫ويعرف الضرر ّ‬
‫مشروعة له فيما يتعلق بجسده أو ماله‪ .‬وبمعنى أوسع سالمة الجسم أو العاطفة أو الحرية أو‬
‫الشرف أو االعتبار‪ 5.‬والمضرور هو الذي يتحمل عبئ إثبات الضرر وله في سبيل ذلك‬

‫‪ -1‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.247‬‬


‫‪ -2‬فتحي عبد الرحيم عبد اهلل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.441-440‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 125‬من األمر رقم ‪ 58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- ADJA (Djilali), Drobenko, (Bernard), Droit de l’urbanisme, Berti, Alger, 2007, page 292.‬‬
‫‪ -5‬عبد الحكيم فودة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪22‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثم إن التثبت من‬


‫استعمال جميع طرق اإلثبات ألننا بصدد إقامة الدليل على واقعة مادية‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫وقوع الضرر أمر يستقل بتقريره قاضي الموضوع‪.‬‬
‫ب‪ -‬أنواع الضرر‪ :‬سنتطرق إلى كل من الضرر المادي والضرر المعنوي‪.‬‬
‫بأنه ''اإلخالل بمصلحة المضرور ذات قيمة مالية تصيبه‬
‫عرفه البعض ّ‬
‫* الضرر المادي‪ّ :‬‬
‫في حق من حقوقه التي يحميها القانون‪ ،‬سواء في سالمة جسده أو في ماله أو في مصلحة‬
‫‪2‬‬
‫مادية مشروعة''‬
‫واصالح األضرار الجسدية يشمل النفقات المالية التي تكبدها المصاب‪ ،‬ويكون حق‬
‫من المتضرر طلب إصالح هذه األضرار الجسدية سواء تمثلت في جروح أو إعاقة وان كان‬
‫ال يمارس مهنة ما وان لم تنقص مداخيله من جراء اإلصابة‪ ،‬وبصورة عامة يش ّكل الضر‬
‫تعديا على حق من حقوق اإلنسان في سالمة نفسه وممتلكاته فينقص منها أو يعطلها أو‬
‫‪3‬‬
‫يتلفها أو يحول دون امتالكها واستعمالها أو استثمارها‪.‬‬
‫* الضرر المعنوي ‪ :‬يقصد بالضرر المعنوي أو األدبي ذلك األذى الذي ال يمس الشخص‬
‫في ذمته المالية‪ ،‬بل يمسه في مشاعره أو بأحاسيسه أو بعاطفته أو بنفسه أو بمكانته العائلية‬
‫أو المهنية أو االجتماعية‪ ،‬محدثا لديه األلم النفسي أو الشعور باالنتقاص من قدره‪.‬‬
‫فالضرر المعنوي هو‪ :‬إما األلم بذاته الناتج عن المساس بتلك المشاعر أو المكانة من جراء‬
‫‪4‬‬
‫عمل غير محقق يأتيه الفاعل‪ ،‬واما االضطراب الذي يحدثه في كيان اإلنسان ومكانته‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد العزيز اللصاصمة‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء القانون المدني األردني والمقارن‪ ،‬المسؤولية المدنية التقصيرية‪،‬‬
‫الفعل الضار‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2002 ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ -2‬فاضلي إدريس‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬العقد‪ ،‬اإلرادة المنفردة‪ ،‬الفعل المستحق للتعويض‪ ،‬اإلثراء بال‬
‫سبب‪ ،‬القانون‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائري‪ ،2009 ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -3‬هدى عبد اهلل‪ ،‬دروس في القانون المدني‪ ،‬األعمال غير المباحة‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬ج‪ ،3‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫لبنان‪ ،2008 ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ -4‬مصطفى العوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.168‬‬
‫‪23‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬ركن العالقة السببية‪:‬‬


‫تعتبر العالقة السببية الركن الثالث في المسؤولية التقصيرية‪ ،‬وتعني وجود عالقة‬
‫مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه الشخص المسؤول وبين الضرر الذي وقع بالشخص‪ 1.‬ولقد‬
‫المشرع عن ركن العالقة السببية في المادة ‪ 124‬من ق م ج في عبارة ''ويسبب‬
‫ّ‬ ‫عبر‬
‫ّ‬
‫ضررا''‪ ،‬لهذا حسب المادة السالفة الذكر حتى يستحق الضرر التعويض فإنه يجب إثبات‬
‫وجود عالقة السببية بين الخطأ والضرر‪ ،‬وتنتفي العالقة السببية بين الخطأ الذي وقع من‬
‫أن الضرر نشأ عن‬
‫الشخص وبين الضرر الذي وقع بالشخص المضرور‪،‬إذا أثبت الشخص ّ‬
‫‪2‬‬
‫ثمة ال يكون الشخص مسؤوال‪.‬‬
‫سبب أجنبي ال يد له فيه‪ ،‬ومن ّ‬
‫‪3‬‬
‫وال يكفي للمتضرر أن يثبت وجود الخطأ والضرر فقط بل وأيضا الصلة السببية بينهما‪.‬‬
‫ويجب أن تكون العالقة السببية بين الخطأ والضرر مؤكدة‪ ،‬ألن المحكمة تراقب وجود الصلة‬
‫السببية من عدمها‪ ،‬فإذا تبين لها عدم وجود العالقة السببية فال تقيم المسؤولية على مرتكب‬
‫‪4‬‬
‫الفعل الضار‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫شروط مسؤولية متولي الرقابة‬
‫عندما يكون الشخص مسؤوال بالرقابة بحكم القانون أو االتفاق على بعض األشخاص‬
‫فإنه يكون مسؤوال عن جميع األفعال الضارة التي رتبت للغير ضر ار بالتعويض‪ ،‬وانما لكي‬
‫ّ‬
‫تقوم مسؤولية الشخص عمن في رقابته يجب توفر شرطين أو متطلبين وهما‪ :‬تولي الرقابة‬
‫وصدور الفعل الضار‪.‬‬

‫‪ -1‬خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬ط‪ ،4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2010 ،‬ص‪.251‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 124‬من األمر ‪ 58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬موريس نخلة‪ ،‬الكامل في شرح القانون المدني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2007 ،‬ص‪.80‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Philippe le Tourneau, droit de la responsabilité des contrats, 8ème édition, Dalloz, 2010,‬‬
‫‪page 570.‬‬
‫‪24‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تولّي الرقابة‬


‫ال تتحقق المسؤولية إالّ إذا كان الشخص ملزما بالرقابة بناءا على نص قانوني أو‬
‫على اتفاق‪ ،‬فال يكفي لقيام المسؤولية أن يتولى شخص بالفعل رقابة شخص آخر إذ العبرة‬
‫بااللتزام بالرقابة قانونا أو اتفاقا‪ ،‬ويمثل للرقابة القانونية برقابة األب على ابنه القاصر‪،‬‬
‫وللرقابة االتفاقية برقابة مدير مستشفى األمراض العقلية على مرضاه‪.‬‬
‫أن مسؤولية الشخص ال تقوم إال إذا كان ملتزما برقابة أحد األشخاص‪،‬‬
‫وهذا يعني ّ‬
‫‪1‬‬
‫حددتها‬
‫ألن وجود االلتزام هو سبب مسؤوليته وذلك عند اإلخالل به ‪ ،‬وعلّة الرقابة كما ّ‬
‫المادة ‪ 2134‬من القانون المدني الجزائري تكمن في حاجة من وضع تحت الرقابة إلى هذه‬
‫إما بسبب قصره أي لصغر السن أو لسبب حالته الجسمية كالضرير (المكفوف)‬
‫الرقابة وذلك ّ‬
‫والمشلول‪ ،‬أو بسبب حالته العقلية كالمجنون أو المعتوه وذي الغفلة‪ .‬وقد تفرض الرقابة على‬
‫بعض األشخاص ال بسبب صغر السن وال الحالة العقلية أو الجسمية للشخص‪ ،‬وانما لسبب‬
‫آخر كالمسجون عندما يوضع تحت رقابة السجان‪ ،‬أو أعضاء الحزب عندما يوضعون تحت‬
‫رقابة رئيس الحزب‪ ،‬وفي هذه الحالة ال تنطبق عليهم أحكام المادة ‪ 134‬من القانون المدني‬
‫الجزائري ألنها خاصة باألشخاص الذين ذكرتهم فقط‪ .‬وبعبارة أخرى لألشخاص الذين هم في‬
‫‪3‬‬
‫حاجة للرقابة لألسباب التي حددتها هذه المادة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬صدور الفعل الضار‬
‫يسأل المكلف بالرقابة بمقتضى أحكام المادة ‪ 4134‬من القانون المدني الجزائري عن‬
‫األضرار التي يلحقها الخاضع لرقابته للغير وذلك بفعله الضار‪ ،‬وهذا األخير هو كل فعل‬
‫مخالف للقانون بوجه عام‪ ،‬ويسبب ضر ار للغير أي أنه كل إخالل بواجب قانوني‪ 5.‬وينبغي‬

‫‪ -1‬محمد صبري السعدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.184‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 134‬من األمر رقم ‪ 58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد صبري السعدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.185‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 134‬من األمر رقم ‪ 58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪25‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أن أن يتوفر في الفعل الضار عنصرين وهما‪ :‬العنصر الموضوعي في الخطأ والعنصر‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫أ‪ -‬العنصر الموضوعي في الخطأ‪ :‬وهو االنحراف عن السلوك المألوف للرجل المعتاد‪.‬‬
‫ب‪ -‬العنصر المعنوي في الخطأ‪ :‬وهو إدراك وتمييز الشخص المسؤول عنه‪ 1‬وعليه‬
‫فليس من الالزم اشتراط أن يكون هناك خطأ من القاصر أو المريض عقليا أو‬
‫المصاب بعاهة جسمية‪ ،‬وهذا ألن مسؤولية المكلّف بالرقابة تتحقق حتى لو كان‬
‫‪2‬‬
‫مميز‪.‬‬
‫الخاضع للرقابة غير ّ‬
‫وحتى تقوم مسؤولية متولي الرقابة يجب أن يصدر عمل غير مشروع من الشخص‬
‫الخاضع للرقابة يلحق ضر ار بالغير‪ ،‬فهنا تقوم مسؤولية الخاضع للرقابة‪ ،‬وتقوم إلى‬
‫جانبها مسؤولية متولي الرقابة ال على أساس اإلهمال في الرقابة أو سوء التربية‬
‫والتأديب‪ ،‬لكن ال تقوم مسؤولية متولي الرقابة إال إذا وقع العمل غير المشروع من‬
‫الخا ضع للرقابة ال أن يقع عليه‪ ،‬فإذا قام االلتزام بالرقابة وتحدد طرفاه (متولي الرقابة‬
‫والخاضع للرقابة) وجب لتحقيق مسؤولية متولي الرقابة أن يصدر عمل غير مشروع من‬
‫‪3‬‬
‫الشخص الخاضع للرقابة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫أحكام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬
‫إذا ما توافرت الشروط السابقة الذكر في كل من متولي الرقابة والخاضع لها فإن مسؤولية‬
‫متولي الرقابة بالشكل الذي تناولناه‪ ،‬وبالتالي تترتب عنها آثار وهي تعويض المضرور‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد شوقي محمد عبد الرحمن‪ ،‬البحوث القانونية في مصادر االلتزام اإلرادية وغير اإلرادية‪ ،‬دراسة فقهية وقضائية‪،‬‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2002 ،‬ص‪.295‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪ème‬‬
‫‪- Antoine Vialard, Droit civil Algérien, 2‬‬ ‫‪édition, office des publications universitaires,‬‬
‫‪Alger, 1986, page 63.‬‬
‫‪ -3‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪26‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وسنتطرق في المطلب األول إلى كيفية دفع مسؤولية الرقابة‪ ،‬وفي المطلب الثاني اآلثار‬
‫الناجمة عن قيام مسؤولية متولي الرقابة‪.‬‬
‫المطلب الول‪:‬‬
‫كيفية دفع مسؤولية متولي الرقابة‬
‫متى تحققت شروط قيام مسؤولية متولي الرقابة في حقه‪ ،‬أمكن له بمقتضى أحكام‬
‫المادة ‪ 2/134‬من القانون المدني الجزائري دفع هذه المسؤولية عليه‪ ،‬ومتى فشل في ذلك‬
‫ترتبت آثار قيام هذه المسؤولية في مواجهته‪.‬‬
‫وبالتالي يتعين علينا في الفرع األول بحث كيفية دفع مسؤولية متولي الرقابة عن طريق‬
‫إثبات انتفاء الخطأ وفي الفرع الثاني نفي العالقة السببية بإثبات السبب األجنبي‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫دفع مسؤولية متولي الرقابة عن طريق إثبات انتفاء الخطأ‬
‫رأينا سابقا أن الخطأ المفترض من جانب متولي الرقابة‪ ،‬هو اإلخالل بما عليه من‬
‫واجب الرقابة واالفتراض هنا قابل إلثبات العكس‪ ،‬لذا يستطيع متولي الرقابة أن يرفع‬
‫المسؤولية عنه بنفي الخطأ‪ 1.‬وبإثباته أنه قام بواجب الرقابة بما ينبغي من العناية والحرص‪،‬‬
‫و ّأنه قد أخذ كل االحتياطات الالزمة التي من شأنها منع الخاضع للرقابة من اإلضرار بالغير‬
‫بمعنى أنه لم يخل بواجبه الملقى على عاتقه‪ ،2‬كما يمكنه أن ينفي الخطأ عنه بأن يثبت أنه‬
‫قام بواجبه حسب ما ينبغي من العناية‪ .‬فأخذ االحتياطات والتدابير الالزمة لمنع الشخص‬
‫الخا ضع لرقابته من اإلضرار بالغير‪ ،‬فإن فعل ذلك انتفى الخطأ المفترض في جانبه وارتفعت‬
‫عنه المسؤولية‪ ،‬وفي ضوء الظروف والمالبسات التي حصل فيها الضرر يتولى القاضي‬
‫تقدير العناية التي بذلها متولي الرقابة تنفيذا لواجبه‪ .‬ويرى القاضي على وجه الخصوص في‬
‫فعالية التدابير واالحتياطات التي اتخذت من قبل متولي الرقابة لمنع اإلضرار بالغير‪ ،‬ويعتمد‬

‫‪ -1‬بلحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.305‬‬


‫‪ -2‬علي فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪27‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عدة عوامل منها على وجه الخصوص‪ :‬السن‪ ،‬الظروف الزمنية‬


‫القاضي في تقديره على ّ‬
‫والمكانية‪ ،‬البيئة‪ ،‬خطورة النشاط واأللعاب‪ ...‬تقاس العناية التي بذلها المكلف بالرقابة بمعيار‬
‫‪1‬‬
‫الرجل العادي‪.‬‬
‫بمعن ى أن متولي الرقابة إذا استطاع أن يثبت أمام القاضي كونه من يحمل عبئ‬
‫اإلثبات مادام الخطأ مفترضا في جانبه‪ ،‬أنه قام بتنفيذ االلتزام الذي فرضه القانون من واجب‬
‫رقابة الخاضع للرقابة بما ينبغي من العناية وأنه اتخذ جميع االحتياطات الالزمة لمنع‬
‫الخاضع للرقابة من اإلضرار بالغير انتفت المسؤولية عنه‪ 2.‬وعليه يستطيع المكلف بالرقابة‬
‫نفي العالقة السببية المفترضة عن طريق إثباته أن الخطأ المفترض في جانبه ال عالقة له‬
‫بوقوع الضرر‪ ،‬وبهذا يقطع الصلة بينهما‪ 3.‬كما أنه يمكن لمتولي الرقابة أن يتخلص من‬
‫المسؤولية الواقعة على عاتقه عن طريق نفي العالقة السببية المفترضة بين الخطأ والضرر‬
‫وفقا للقواعد العامة المنصوص عليها في نص المادة ‪ 127‬ق م ج‪ 4.‬كما أنه يجب أن يكون‬
‫إثبات القيام بواجب الرقابة منصبا على الضرر الذي أحدثه الخاضع للرقابة‪ ،‬فال يكفي أن‬
‫يقوم متولي الرقابة بواجب الرقابة بصفة عامة‪ ،‬بل يجب أن يثبت القيام به بصدد وقائع‬
‫معينة قام بها الخاضع لرقابته‪ ،‬وأسفرت عن إحداث الضرر‪ ،‬ومسألة تقدير قيام أو عدم قيام‬
‫متولي الرقابة بواجب الرقابة من اختصاص محكمة النزاع‪.‬‬
‫وال رقابة عليها في ذلك من المحكمة العليا مادام أن استخالصها كان سائغا‪ ،‬فالقاضي‬
‫هو الذي يحدد في كل حالة مدى واجب الرقابة بالنسبة لمتولي الرقابة مهتديا في ذلك‬
‫بظروف الواقع التي من شأنها أن تزيد أو تنقص منه‪.‬‬

‫‪ -1‬علي علي سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27-26‬‬


‫‪ -2‬محمود جالل حمزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.173‬‬
‫‪ -3‬فتحي عبد الرحيم عبد اهلل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.528‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 127‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن األمثلة التي تتنافى مع اتخاذ االحتياطات المعقولة‪ ،‬تغيب الوالدين وتركهما‬
‫لولدهما وحيدا‪ ،‬أو أن يرخصا له في أن يمارس ألعابا خطيرة‪ ،‬أو يتركاه يسوق سيارة من قبل‬
‫أن يتقن القيادة‪ ،‬أو أن يترك المعلم التالميذ في القسم لوحدهم يتشاجرون فيصيب أحدهم‬
‫اآلخر بضرر‪.‬‬
‫كما ال يعتبر كافيا مجرد تحذير األب أو األم لولده من إتيان الفعل الضار‪ ،‬إذ عليه أن يثبت‬
‫أنه اتخذ التدابير الضرورية لمنع ذلك‪ ،‬كما أن الترخيص للولد بعمل معين وان كان أم ار‬
‫أن مثل هذه الرخص تخضع للتقدير بناء على عناصر متعددة‪ ،‬فيأخذ‬
‫مشروعا أو جائ از إالّ ّ‬
‫االجتهاد القضاء الفرنسي بعين االعتبار مثال طبيعة العمل المرخص به ومدى خطورته‪،‬‬
‫عدا أن سن القاصر يلعب دو ار إيجابيا في هذا السياق‪ ،‬فما يرخص به لطفل صغير يختلف‬
‫‪1‬‬
‫عما قد يرخص به للمراهق‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫نفي العالقة السببية بإثبات السبب الجنبي‬
‫إن نفي العالقة السببية يستدعي من متولي الرقابة إثبات أن الضرر كان البد أن يقع رغم‬
‫قيامه بما ينبغي من واجب الرقابة من حرص وعناية‪ ،‬فمتولي الرقابة هو المكلف بنفي‬
‫العالقة السببية‪ ،‬ويكفي ذلك أن يثبت أن هذا الضرر قد وقع دون أن يكون لوقوعه أية عالقة‬
‫بالتقصير المفترض من جانبه‪ ،‬فوقوعه بالنسبة إلى متولي الرقابة كان بسبب أجنبي ال يد له‬
‫فيه‪.‬‬
‫فمن استطاع متولي الرقابة دفع مسؤوليته‪ ،‬تبقى مسؤولية المشمول بالرقابة قائمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫بحيث يستطيع المضرور الرجوع على محدث الضرر وفقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- François Terré, Philippe Simler, Yves Leguette, Droit civil, Les obligations, 5ème édition,‬‬
‫‪Dalloz, 1993, page 594-595.‬‬
‫‪ -2‬بشار ملكاوي‪ ،‬فيصل العمري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الفعل الضار‪ ،‬ط‪ ،1‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،2006 ،‬ص‪-116‬‬
‫‪.117‬‬
‫‪29‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعليه سوف نستعرض صور السبب األجنبي كالتالي‪ :‬القوة القاهرة (أوال)‪ ،‬خطأ‬
‫المضرور (ثانيا)‪ ،‬وخطأ الغير (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬القوة القاهرة‪:‬‬
‫القوة القاهرة والحادث المفاجئ تعبيران مختلفان يدالن على معنى واحد ويقصد به عدم‬
‫فإن هناك من الفقهاء من يدمجهما باعتبار أن لهما نفس‬
‫التوقع وعدم إمكانية الدفع‪ .‬ولذلك ّ‬
‫الحكم‪ ،‬وهناك من يفرق بينهما على أساس أن القوة القاهرة هي حادث خارجي بينما الحادث‬
‫المفاجئ قد يكون داخليا‪.‬‬
‫ويتمثل كالهما في أنهما سبب أجنبي ناتج عن واقعة ال يمكن لإلنسان دفعها‪ ،‬أو منع‬
‫حدوثها‪ ،‬كما ال يمكن توقعها كحاالت الزلزال والعواصف والبراكين‪...‬الخ وحكمها اإلعفاء من‬
‫‪1‬‬
‫المسؤولية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن عبئ إثبات وجود القوة القاهرة يقع على عاتق متولي الرقابة‬
‫الذي يتعين عليه أن يقيم الدليل على أن الحادث الذي يتمسك به لدفع مسؤوليته تتوافر فيه‬
‫جميع شروط القوة القاهرة‪ ،‬بما في ذلك رابطة السببية بين هذا الحادث والضرر الواقع‪.‬‬
‫ويجب أن تثبت هذه الرابطة على سبيل اليقين ألن االحتمال ال يصلح أساسا لإلعفاء من‬
‫المسؤولية‪ .‬ولمتولي الرقابة أن يستفيد من قرائن األحوال التي تسمح بافتراض تلك الشروط‪،‬‬
‫واعتبار الحادث قوة قاهرة‪ ،‬إلى أن يثبت خصمه العكس وتستند قرائن األحوال على الغالب‬
‫وقوعه عمال‪.‬‬
‫واثبات الوقائع المتمسك بها كقوة قاهرة يعتبر مسألة واقع يترك أمر تقديرها لسلطة‬
‫قاضي الموضوع‪ ،‬وال يخضع في تقديره لرقابة المحكمة العليا‪ ،‬طالما أن حكمه بشأنها يستند‬
‫قوة قاهرة‪ ،‬أو نفي هذا التكييف عنها فيعتبر‬
‫إلى تسبيب معقول‪ ،‬أما تكييف هذه الوقائع بأنها ّ‬
‫مسألة قانونية تخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة المحكمة العليا كي يتحقق من توافر‬

‫‪ -1‬محفوظ لعشب‪ ،‬المبادئ العامة للقانون المدني الجزائري‪ ،‬ط‪ ،4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،2009 ،‬‬
‫ص‪.235‬‬
‫‪30‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القوة القاهرة ذكرتها‬


‫المشرع الجزائري من ّ‬
‫ّ‬ ‫شروط السبب األجنبي في هذه الوقائع‪ .1‬وموقف‬
‫تنص‪'' :‬إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب ال‬
‫المادة ‪ 127‬من الق الم الج والتي ّ‬
‫قوة قاهرة‪ ،‬أو خطأ صدر من المضرور أو خطأ من الغير كان‬
‫يد له فيه كحادث مفاجئ‪ ،‬أو ّ‬
‫‪2‬‬
‫غير ملزم بتعويض هذا الضرر‪ ،‬ما لم يوجد نص قانوني أو اتفاق يخالف ذلك''‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬خطأ المضرور‬
‫يقصد بخطأ المضرور أن المدعي هو من أوقع الفعل الضار‪ ،‬ومعيار قياس خطأ‬
‫المضرور هو معيار الرجل العادي‪ ،‬وبالتالي يعتبر المضرور قد ارتكب خطأ إما انحرف عن‬
‫سلوك الرجل العادي‪ ،‬كما أنه يستطيع المدعي عليه أن يتمسك بخطأ المضرور ليس فقط‬
‫‪3‬‬
‫في مواجهته وانما في مواجهة ورثته وذلك مثال إذا انتهى الحادث بموت المضرور‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ليتخلص متولي الرقابة من مسؤوليته باالستناد إلى خطأ المضرور يشترط أن‬
‫يكون خطأ المضرور هو السبب الوحيد في إحداث الضرر‪ ،‬وذلك مثل قيام المضرور‬
‫بخطف القاصر من المكلف برقابته وابعاده عنه بحيث يجعل مراقبته له مستحيلة أو على‬
‫األقل صعبة‪ .‬أما إذا لم يكن خطأ المضرور هو السبب الوحيد في إحداث الضرر‪ ،‬ولكنه‬
‫اشترك مع فعل المسؤول‪ ،‬هنا يرجع في تحديد المسؤولية إلى الخطأ األشد أو األقوى‪ ،‬فيجب‬
‫االلتجاء إلى نظرية االستغراق‪ ،‬فإن لم يستغرق أحدهما اآلخر فإن المسؤولية تكون مشتركة‬
‫‪5‬‬
‫بين المسؤول والمضرور‪ ،‬فتوزع بينهما‪ 4‬طبقا ألحكام المادة ‪ 126‬ق م ج‪.‬‬

‫‪ -1‬بوشاشي يوسف‪ ،‬مسؤولية متولي الرقابة في القانون المدني الجزائري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه في‬
‫القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2015-2014 ،‬ص‪.267-266‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 127‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬بودراع عبد الغ اني‪ ،‬بوحارة سفيان‪ ،‬مسؤولية اآلباء التقصيرية على أوالدهم القصار في القانون المدني الجزائري‪ ،‬مذكرة‬
‫لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحمن ميرة‪،‬‬
‫بجاية‪ ،2011-2010 ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 126‬من األمر ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬خطأ الغير‬


‫يعتبر خطأ الغير كذلك سببا أجنبيا ينفي مسؤولية المدعي عليه‪ ،‬إذا توافرت فيه‬
‫شروطه على الوجه الذي سبق ذكره‪ ،‬وقد استقر قضاء المحاكم على أن خطأ الغير الموجب‬
‫إلعفاء المدين من المسؤولية بصفة كاملة مناطه أال يكون في مقدور المدين توقعه أو‬
‫تفاديه‪ ،‬وأن يكون هذا الخطأ وحده هو المسبب للضرر‪ ،‬وذلك إذا كان خطأ الغير مستغرقا‬
‫لخطأ المدعي عليه‪ ،‬كما لو صدم الغير بسيارته عمدا سيارة المدعي عليه (القاصر)‪ ،‬فإذا‬
‫انقلبت فأصاب المضرور‪ ،‬فهنا تنتفي مسؤولية القاصر وبالتالي مسؤولية المكلف برقابته‪.‬‬
‫أما إذا لم يستغرق أحد الخطأين اآلخر‪ ،‬فإن كال من الخطأين يعتبر سببا في إحداث‬
‫ونطبق أحكام المادة ‪ 126‬ق م ج‬
‫ّ‬ ‫الضرر‪ ،‬ونكون بصدد تعدد المسؤولين عن الفعل الضار‪،‬‬
‫وعلى ذلك يكون كل من الغير والمدعي عليه ملتزمين بالتضامن تجاه المضرور‪،‬‬
‫حدد القاضي نصيب كل منهم في التعويض‬
‫ويقسم التعويض فيما بينهم بالتساوي‪ ،‬إال إذا ّ‬
‫بقدر مساهمة فعله في الضرر الذي أصاب المضرور‪ ،‬كما أن للمضرور الحق في الرجوع‬
‫على أي من المدعي عليه أو الغير بالتعويض كامال‪ ،‬ويحق لمن دفع التعويض كله الرجوع‬
‫‪1‬‬
‫على اآلخر بقدر مساهمة خطئه في إحداث الضرر‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫اآلثار الناجمة عن قيام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬
‫إذا توافرت الشروط الالزمة لقيام مسؤولية متولي الرقابة عن الضرر الناجم عن الفعل‬
‫الضار للخاضع للرقابة‪ ،‬ولم يتمكن من أن يدفع عن نفسه تلك المسؤولية بإحدى الوسيلتين‬
‫اللتين سبقت اإلشارة إليهما‪ ،‬فإنه في هذه الحالة تترتب على هذه المسؤولية آثارها التي يمكن‬
‫أن نتناولها في الفرع األول (االلتزام بالتعويض)‪ ،‬وفي الفرع الثاني (دعوى التعويض)‪.‬‬

‫‪ -1‬عقيلة طاهري‪ ،‬رابح بلعزوز‪ ،‬مسؤولية متولي الرقابة‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في القانون‪ ،‬تخصص عقود‬
‫ومسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أكلي محند أولحاج‪ ،‬البويرة‪ ،2013 ،‬ص‪.78-77‬‬
‫‪32‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الول‪:‬‬
‫االلتزام بالتعويض‬
‫االلتزام بالتعويض هو الجزاء الذي فرضه القانون على كل شخص سبب بخطئه ضر ار‬
‫ثم كانت وظيفة التعويض هي جبر الضرر الذي أصاب المضرور‪ ،‬قصد إعادة‬
‫للغير‪ ،‬ومن ّ‬
‫التوازن المختل نتيجة للضرر‪ ،‬ولن يتحقق ذلك إال بقيام متولي الرقابة بأداء تعويض‬
‫للمضرور عن الضرر الذي سببه له الخاضع للرقابة بفعله الضار غير المشروع‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫سواء بإزالة هذا الضرر‪ ،‬أو التحقيق من وطأته‪.‬‬
‫ويالحظ أن التعويض في دعوى مسؤولية متولي الرقابة يخضع للقواعد العامة التي‬
‫‪1‬‬
‫تحكم التعويض في دعوى المسؤولية المدنية عموما‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫دعوى التعويض‬
‫خولها القانون للمضرور لاللتجاء إلى القضاء للمطالبة بحقه‬
‫الدعوى هي الوسيلة التي ّ‬
‫في التعويض عن الضرر الذي أصابه بفعل الخاضع للرقابة‪ ،‬ألنه ليس للمحكمة أن تقضي‬
‫ثم فإن أطراف دعوى التعويض في مسؤولية متولي‬
‫بتعويض لم يطلب منها الحكم به‪ ،‬ومن ّ‬
‫الرقابة هما‪ :‬المدعي وهو المضرور‪ ،‬والمدعى عليه‪ ،‬وهو المسؤول عن تعويض الضرر‪،‬‬
‫وهو متولي الرقابة إلى جانب الخاضع للرقابة مرتكب الفعل غير المشروع الضار بالغير‪،‬‬
‫ثم يكون المضرور أن يرفع دعوى التعويض ضد المكلف بالرقابة أو ضد الشخص‬
‫ومن ّ‬
‫‪2‬‬
‫الخاضع للرقابة‪ ،‬وقد يختار رفع دعواه عليهما معا‪.‬‬
‫وتقوم دعوى التعويض بين طرفين هما المدعي والمدعى عليه‪.‬‬
‫أ‪ -‬المدعي‪ :‬المدعي هو المضرور أي صاحب الحق في التعويض عن الضرر الذي‬
‫أصابه‪ ،‬كما يجوز أن يقوم مقام المضرور نائبه‪ ،‬إذا كان قاص ار أو مجنونا فيتلقى‬

‫‪ -1‬بوشاشي يوسف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.274‬‬


‫‪ -2‬بوشاشي يوسف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.283‬‬
‫‪33‬‬
‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التعويض الولي أو الوصي أو القيم‪ .‬كما يمكن أن يحل محل المضرور نائبه أو‬
‫دائنه‪ ،‬فلدائن المضرور طلب التعويض عن طريق دعوى غير مباشرة‪ ،‬كما يمكن‬
‫للورثة طلب التعويض في حال موت المضرور‪ ،‬وقد يكون أيضا جماعة متمثل في‬
‫‪1‬‬
‫الشخص المعنوي التي لها حق طلب التعويض باعتبارها مضرور‪.‬‬
‫المدعى عليه هو المسؤول الذي ترفع عليه دعوى المسؤولية سواء‬
‫المدعى عليه‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪-‬‬
‫كان مسؤوال عن فعله الشخصي أو فعل غيره أو كان حارس للشيء أو الحيوان كما‬
‫يحل محله نائبه كالولي‪ ،‬والولي إذا كان قاصرا‪ ،‬والقيم إذا محجو از عليه والسند إذا‬
‫كان مفلسا‪ ،‬والوكيل إذا كان رشيدا‪ ،‬واذا توفي المسؤول فإن تركته تكون مسؤولة‬
‫‪2‬‬
‫ويمثل التركة أي وارث‪.‬‬
‫الطلبات والدفوع‪:‬‬
‫أ‪ -‬الطلبات ‪ :‬هي الوسائل التي يلجأ بها المدعي إلى القضاء عارضا عليهم حماية حق‬
‫أو تقرير حق من الحقوق‪ ،‬والمدعي في دعوى المسؤولية يطالب بالتعويض المستحق‬
‫جراء الضرر الذي لحق به من المدعى عليه‪ ،‬وذلك بسبب إخالل المدعى عليه‬
‫‪3‬‬
‫بالتزام قانوني وهذا ما يعتبر سبب الدعوى المرفوعة‪.‬‬
‫إما بإنكار المسؤولية بأن ركنا ينقص واما االعتراف مع‬
‫ب‪ -‬الدفوع‪ :‬يدفع المسؤول ّ‬
‫‪4‬‬
‫إثبات ان االلتزام قد انقضى بالتنازل أو اإلثراء أو المقاصة أو التقادم‪.‬‬

‫‪ -1‬عيسات اليزيد‪ ،‬محاضرات في القانون المدني‪ ،‬المسؤولية التقصيرية‪ ،‬السنة الثالثة حقوق‪ ،‬نظام جديد‪ ،‬غير منشورة‪،‬‬
‫جامعة عبد الرحمن ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،2012 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ -2‬خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.259‬‬
‫‪ -3‬عيسات اليزيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ -4‬خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.260‬‬
‫‪34‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬


‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعتبر مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه بالغة األهمية في الحياة العملية‪ ،‬وخاصة في‬

‫الوقت الحاضر‪ ،‬تبعا لزيادة األضرار التي قد تقع من التابع‪ ،‬ذلك أنه كثي ار ما يستخدم‬

‫اإلنسان شخصا أو أشخاصا آخرين في القيام بتصريف شؤونه الخاصة تحت إدارته واشرافه‪.‬‬

‫ويكون المتبوع مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع‪ ،‬متى كان واقعا‬

‫منه حال تأدية الوظيفة أو بسببها‪ ،‬وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع ح ار في اختيار‬

‫تابعه‪ ،‬متى كانت له عليه سلطة في رقابته وتوجيهه‪.‬‬

‫نقسم هذا الفصل إلة مبحثين‪:‬‬


‫وبناء عليه‪ّ ،‬‬

‫نتناول في المبحث األول مسؤولية المتبوع من خالل تعريفها وتبيان أطرافها واألساس الذي‬

‫تقوم عليه هذه المسؤولية وشروطها‪.‬‬

‫ثم في المبحث الثاني أحكام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه وذلك بطرق دفع‬

‫مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه واآلثار المترتبة عن قيام هذه المسؤولية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث الول‪:‬‬
‫ماهية مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‬
‫مسؤولية المتبوع عن عمل تابعه هي الحالة الوحيدة في الواقع التي يسأل فيها الشخص عن‬
‫عمل الغير‪ ،‬وزادت هذه المسؤولية في الوقت الحاضر تبعا لزيادة األضرار التي تقع من‬
‫التابعين‪.‬‬
‫ولهذا سنتطرق في المطلب األول إلى تعريف وأطراف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه وفي‬
‫المطلب الثاني أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪ ،‬وفي المطلب الثالث شروط‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪.‬‬
‫المطلب الول‪:‬‬
‫تعريف وأطراف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‬
‫تقتضي مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه قيام عالقة تبعية ما بين شخصين متبوع وتابع‪،‬‬
‫والشخص يسأل عن األفعال الضارة التي يرتكبها التابع له في حال تأدية وظيفته أو بسببها‬
‫أو بمناسبتها‪ ،‬فوسع من دائرة األعمال التي يسأل عنها المتبوع بإضافة الخطأ بمناسبة‬
‫‪1‬‬
‫ثم حدد أن عالقة التبعية تقوم أساسا على السلطة الفعلية ال على حق االختيار‪.‬‬
‫الوظيفة ّ‬
‫وبالتالي يتعين علينا تعريف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه في الفرع األول وأطراف‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫تعريف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‬
‫يقصد بمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه أن يسأل المتبوع عن األفعال الضارة أو غير‬
‫‪2‬‬
‫المشروعة الصادرة من تابعه متى أحدثت أض ار ار بالغير‪.‬‬

‫‪ -1‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬


‫‪ -2‬يوسف محمد عبيدات‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪،‬‬
‫عمان‪ ،2001 ،‬ص‪.354‬‬
‫‪37‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ولقد تضمن القانون المدني الجزائري موضوع مسؤولية المتبوع عن التابع صراحة في‬
‫المادة ‪ 136‬من ق م ج على أنه‪'' :‬يكون المتبوع مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه‬
‫بفعله الضار متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها‪.‬‬
‫وتتحقق عالقة التبعية ولو لم يكن المتبوع ح ار في اختيار تابعه متى كان هذا األخير‬
‫‪1‬‬
‫يعمل لحساب المتبوع''‬
‫ويتّضح من النص أن الشخص يسأل عن األفعال الضارة التي يرتكبها التابع له في حالة‬
‫تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها‪ ،‬فوسع من دائرة األعمال التي يسأل عنها المتبوع‬
‫حدد أن عالقة التبعية تقوم أساسا على السلطة الفعلية ال‬
‫بإضافة الخطأ بمناسبة الوظيفة‪ ،‬ثم ّ‬
‫على حق االختيار‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫أطراف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪.‬‬
‫إن دراسة قيام عالقة التبعية يقتضي علينا تحديد مفهوم المتبوع أوال والتابع ثانيا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المتبوع )‪(Le commettant‬‬
‫هو شخص يعمل لمصلحته شخص آخر وهو التابع الذي يخضع لسلطته الفعلية‬
‫ويتلقى منه األوامر والتوجيهات للقيام بالعمل‪ ،‬فهو صاحب السلطة الفعلية‪ ،2‬والشخص‬
‫المتبوع يمكن أنت يكون شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا كشركة أو مؤسسة أو‬
‫جمعية‪...‬الخ‬
‫فإذا كان الشخص طبيعيا‪ ،‬فإنه ال يشترط فيه شروط معينة ليصبح متبوعا بل يكفي أن‬
‫تكون له السلطة الفعلية على التابع‪ .3‬أما إذا كان اعتباريا فإنه في هذه الحالة يكون مسؤوال‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 136‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬محمد هشام القاسم‪ ،‬العمل غير المشروع باعتباره مصد ار لاللتزام‪ ،‬القواعد العامة‪ ،‬القواعد الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة بين‬
‫القانون المدني السوري والقانون المدني الجزائري والقانون المدني الفرنسي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،1985 ،‬‬
‫ص‪.180‬‬
‫‪ -3‬مصطفى العوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.438‬‬
‫‪38‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عن جميع األفعال الضارة التي يرتكبها التابعون له من عمال في حدود ما لهؤالء من سلطة‬
‫‪1‬‬
‫العمل لحسابه‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك عندما يصيب عامل ورشة الغير أثناء العمل بضرر‪ ،‬فإن العامل هو‬
‫التابع‪ ،‬ورب العمل هو المتبوع‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التابع )‪(Le préposé‬‬
‫التابع هو كل شخص وضع نفسه تحت إمرة شخص آخر لتنفيذ أعمال يكلفه بها‬
‫لمصلحته فهو يعمل لحساب المتبوع وفقا ألوامره وتوجيهاته‪ ،‬وتحت رقابته‪ ،‬وال تشترط في‬
‫التابع مواصفات مهنية معينة‪ ،‬بل يكفي أن يتم التكليف لشخص للقيام بعمل معين تحت إمرة‬
‫شخص آخر‪ ،‬وسيان كان العمل مأجو ار أم مجانيا‪.2‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‬
‫إن مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪ ،‬تعتبر من أكثر صور المسؤولية التي اختلفت فيها‬
‫ّ‬
‫ممي از في سبيل الوصول إلى‬
‫اآلراء الفقهية وذلك حول تحديد أساسها‪ ،‬فقد بذل الفقه جهدا ّ‬
‫فتعددت اآلراء في هذا الشأن‪ ،‬فهناك مذهب شخصي (فرع‬
‫أساس مناسب لهذه المسؤولية‪ّ ،‬‬
‫أول)‪ ،‬وهناك مذهب موضوعي (فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫المذهب الشخصي‬
‫وتتمثل هذه النظريات في نظرية الخطأ المفترض‪ ،‬ونظرية النيابة‪ ،‬ونظرية الحلول‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية الخطأ المفترض‬
‫هذه هي النظرية التقليدية‪ ،‬وهي تذهب إلى أن مسؤولية المتبوع تقوم على أساس خطأ‬
‫مفترض من جانبه‪ ،‬في الرقابة والتوجيه‪ ،‬وأن هذا الخطأ غير قابل إلثبات العكس‪ ،‬غير أن‬

‫‪ -1‬خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.273‬‬


‫‪ -2‬مصطفى العوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.451‬‬
‫‪39‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هذه النظرية التي كانت راجحة في الفقه أصبحت اآلن منتقدة فيه‪ ،‬وأهم االعتراضات التي‬
‫توجه إليها أنه لو كانت مسؤولية المتبوع تقوم على خطأ مفترض غير قابل إلثبات العكس‪،‬‬
‫إال أنه كان المفروض أن يستطيع دفع المسؤولية عن نفسه كأن يثبت أن الضرر كان سيقع‬
‫ولو اتخذ أشد االحتياطات في الرقابة والتوجيه‪ 1.‬ويعيب هذا االتجاه أن المتبوع يظل مسؤوال‬
‫‪2‬‬
‫عن فعل تابعه ولو لم يكن ح ار في اختياره‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظرية النيابة‬
‫يرى البعض أن هذه المسؤولية تقوم على فكرة النيابة‪ ،‬فالتابع نائب عن المتبوع‪ ،‬لذلك‬
‫‪3‬‬
‫يتحمل المتبوع ما يقع من التابع‪.‬‬
‫ولذلك يكون المتبوع مسؤوال عن أعماله كما يكون األصيل مسؤوال عن التصرفات التي‬
‫‪4‬‬
‫يبرمها نائبه‪.‬‬
‫ويعيب هذه النظرية أنها تعجز عن تبرير إمكانية رجوع المضرور على التابع باإلضافة‬
‫إلى المتبوع‪ ،‬حيث كان ينبغي أن يقتصر األمر على األخير بوصفه األصيل‪ ،‬تقوم تلك‬
‫النظرية على جبلة قانونية ال أساس لها من الواقع‪ .‬أضف إلى ذلك أن النيابة ال تكون في‬
‫‪5‬‬
‫األعمال المادية وانما تتناول التصرفات القانونية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية الحلول‬
‫ويرى أنصار هذا الرأي أن األساس الذي تقوم عليه مسؤولية المتبوع وهو الحلول‪ ،‬من‬
‫شأنه أن يبرر قرينة الخطأ المفترض التي ال تقبل إثبات العكس بحيث ال يمكن المتبوع‬
‫ثم بمجرد إثبات خطأ التابع تقوم‬
‫تجنب الخطأ المنسوب إليه في هذه المسؤولية‪ ،‬ومن ّ‬

‫‪ -1‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬العقد‪ ،‬اإلرادة المنفردة‪ ،‬العمل غير المشروع‪ ،‬اإلثراء بال سبب‪ ،‬مصدران‬
‫جديدان لاللتزام‪ ،‬الحكم‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2009 ،‬ص‪.286‬‬
‫‪ -2‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.673‬‬
‫‪ -3‬محمد هشام القاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪ -4‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.287‬‬
‫‪ -5‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.675-674‬‬
‫‪40‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مسؤولية المتبوع وال يستطيع التخلص منها بإثبات الدليل العكسي ألن خطأ التابع يعتبر خطأ‬
‫شخصيا للم تبوع وذلك المتداد شخصية المتبوع في شخص التابع‪ ،‬وهذا االمتداد ال يمتد به‬
‫‪1‬‬
‫إال إذا وجب التابع تحت سلطة المتبوع‪.‬‬
‫لكن يعيب على هذا الرأي أنه عاجز من تبرير حق المتبوع في الرجوع على التابع‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫كما ال يمكن أن ينسب الخطأ إال إلى الشخص الذي صدر منه‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫المذهب الموضوعي‬
‫تحمل التبعة‪ ،‬ونظرية الكفالة أو الضمان االجتماعي‪،‬‬
‫وتتمثل هذه النظريات في نظرية ّ‬
‫ونظرية التأمين‪.‬‬
‫تحمل التبعية‬
‫أوال‪ :‬نظرية ّ‬
‫إن هذا الرأي هو أكثر اآلراء السابقة جرأة‪ ،‬فهو يقيم مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه على‬
‫نظرية تحمل التبعية‪ ،‬ذلك ألن المتبوع يستفيد من خدمات تابعه‪ ،‬فعليه أن يتحمل ما يرتكبه‬
‫‪3‬‬
‫هذا التابع من أضرار والغرم بالغنم‪.‬‬
‫ولكن يعاب على هذه النظرية‪ ،‬أنه لو كانت مسؤولية المتبوع تقوم على تحمل التبعة لما كان‬
‫هناك أي مبرر الشتراط الخطأ في جانب التابع‪ ،‬إذ ال معنى لتطبيق فكرة تحمل التبعة على‬
‫‪4‬‬
‫مسؤولية المتبوع دون تطبيقها على مسؤولية التابع نفسه‪.‬‬

‫‪ -1‬مخلوفي محمد‪ ،‬مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في القانون المدني الجزائري‪ ،‬دراسة مقارنة بالقانونين المصري‬
‫والفرنسي‪ ،‬رسالة للحصول على الماجستير في العقود والمسؤولية‪ ،‬معهد العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪،1987 ،‬‬
‫ص‪.47‬‬
‫‪ -2‬محمد صبري السعدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -3‬محمد هشام القاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪ -4‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪287-286‬‬
‫‪41‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية الكفالة أو الضمان االجتماعي‬


‫هناك من يجعل أساس مسؤولية المتبوع فكرة الضمان أو الكفالة‪ ،‬بمعنى أن المتبوع يعتبر‬
‫بمثابة كفيل متضامن كفالة مصدرها القانون ال العقد‪ ،‬إذ يسأل المتبوع عن التعويض‬
‫بالتضامن مع التابع‪ ،‬وبهذا تكون للمضرور الحرية في الرجوع على المتبوع باعتباره مسؤوال‬
‫عن التابع‪ ،‬أو الرجوع على التابع باعتباره مسؤوال عن فعله الشخصي أو الرجوع عليهما‬
‫متضامنين‪ ،‬فإذا ما رجع المضرور على المتبوع واستوفى منه التعويض كان للمتبوع أن‬
‫‪1‬‬
‫نصت عليه المادة ‪ 137‬من القانون‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫يرجع على التابع بما دفعه من تعويض‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المدني الجزائري بقولها‪'' :‬للمتبوع حق الرجوع على تابعه في حالة ارتكابه خطأ جسيما''‬
‫وقد تعرضت هذه النظرية للنقد‪:‬‬
‫‪ ‬بأن فكرة الضمان تمكن المضرور من تفادي إعسار التابع قول ال يصدق في كثير من‬
‫األحيان إذ قد نفاجأ بأن التابع موسر كما إذا كان من ذوي المناصب العليا‪ ،‬صاحب‬
‫الدخول الضخمة مما يجعل فكرة الضمان من قبيل اللغو‪.‬‬
‫الكفالة في األصل نظام تقرر لمصلحة المدين أكثر من مصلحة الدائن واألخذ بها في مجال‬
‫‪3‬‬
‫مساءلة المتبوع يقلب األمور رأسا عن عقب‪ ،‬فالكفالة تقرر لمصلحة المضرور وهو الدائن‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية التأمين القانوني‬
‫المشرع اعتبر المتبوع بمثابة مؤمن لنشاط التابع نتيجة استفادته‬
‫ّ‬ ‫ترى هذه النظرية أن‬
‫منه‪ ،‬ومن ثم يتعين على المتبوع أن يضمن الغير ضد المخاطر التي قد تصيبهم من‬
‫‪4‬‬
‫األخطاء الواقعة من تابعيه أثناء ممارستهم لما يوكل إليهم من أنشطة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.888‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 137‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد محي الدين‪ ،‬إبراهيم سليم‪ ،‬أحكام مساءلة المتبوع عن خطأ التابع بين القانون المدني والفقه اإلسالمي‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2007 ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ -4‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.675‬‬
‫‪42‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أن هذه النظرية قد تعرضت للنقد وهو أن التأمين نظام يعتمد في جوهره توزيع‬
‫إال ّ‬
‫الخسارة على عدد المستأمنين نظير قيامهم بدفع أقساط تأمينية‪ .‬لكن الحال يختلف في‬
‫مسؤولية المتبوع‪ ،‬حيث أن المتبوع يتحمل األضرار التي تلحق الغير بفعل التابع في ذمته‬
‫‪1‬‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫المشرع الجزائري يظهر من خالل نص المادة ‪ 136‬من ق م ج‪ 2‬ومنه نفهم‬
‫ّ‬ ‫وموقف‬
‫المشرع قد نظم مسؤولية المتبوع ضمن المسؤولية عن عمل الغير‪ ،‬وجعلها تقوم على فكرة‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫الضمان القانوني‪ ،‬وذلك العتبارات إجتماعية التي يضمن بها المتبوع خطأ تابعه الذي يقع‬
‫أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها‪.‬‬
‫وهذا الضمان فرضه القانون لمنح المضرور الحق في الحصول على التعويض‪ ،‬وعليه‬
‫يمكن القول أن المشرع الجزائري قد أخذ بفكرة الضمان كأساس لمسؤولية المتبوع عن أعمال‬
‫تابعه‪.‬‬
‫وهذا هو الرأي الذي أخذ به القضاء الفرنسي والمصري‪ ،‬ذلك في أحكامه الحديثة‬
‫بمعنى أنه أخذ بفكرة الضمان القانوني كأساس لمسؤولية المتبوع‪ ،‬ومنح للمتبوع نفس حكم‬
‫‪3‬‬
‫الكفيل المتضامن‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬‬
‫شروط مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‬
‫يتّضح من المادة ‪ 136‬من ق م ج توافر شرطين لقيام مسؤولية المتبوع عن أعمال‬
‫تابعه‪ ،‬حيث تنص المادة‪'' :‬يكون المتبوع مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه بفعله الضار‬
‫متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها وتتحقق عالقة التبعية ولو‬
‫‪4‬‬
‫لم يكن المتبوع ح ار في اختبار تابعه متى كان هذا األخير يعمل لحساب المتبوع''‬

‫‪ -1‬بشار ملكاوي‪ ،‬فيصل العمري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 136‬من األمر ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬بلحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.317-316‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 136‬من األمر رقم ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫نتطرق إلى هذين الشرطين على التوالي في الفرعين المواليين‪.‬‬


‫وس ّ‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫قيام رابطة التبعية‬
‫تقوم عالقة التبعية على عنصرين هما‪ :‬عنصر السلطة الفعلية وعنصر الرقابة والتوجيه‬
‫التي تثبت للمتبوع على حساب التابع‪.‬‬
‫وسنخضع إلى هذين العنصرين فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ممارسة السلطة الفعلية‬
‫يجب أن تتوافر للمتبوع سلطة فعلية على تابعه‪ ،‬وليس بشرط أن تكون هذه السلطة‬
‫مصدرها عقدا من العقود‪ ،‬فقد يوجد العقد وغالبا ما يكون عقد عمل‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫للخادم والسائق والعامل والموظف‪ .‬وقد يكون العقد باطال ومع ذلك تظل عالقة التبعية قائمة‬
‫ما دامت هناك سلطة فعلية للمتبوع على التابع‪ ،‬بل وليس من الضروري أن يكون المتبوع‬
‫‪1‬‬
‫ح ار في اختيار تابعه‪ ،‬بل وقد يكون التابع مفروضا على المتبوع (المرشد)‪.‬‬
‫وليس من الضروري أن تكون السلطة شرعية‪ ،‬بل يكفي أن تكون سلطة فعلية‪ ،‬فقد ال‬
‫يكون للمتبوع الحق في هذه السلطة‪ ،‬بأن يكون استمدها من عقد باطل أو عقد غير مشروع‬
‫أو اغتصبها دون عقد أصال‪ ،‬ولكنه ما دام يستعملها فعال‪ ،‬بل ما دام يستطيع أن يستعملها‬
‫‪2‬‬
‫حتى لو لم يستعملها بالفعل‪ ،‬فهذا كاف في قيام عالقة التبعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عنصر الرقابة والتوجيه‬
‫يجب أن تنصب السلطة الفعلية على عنصر الرقابة والتوجيه ألنهما العنصرين‬
‫األساسيين اللذان ترتكز عليهما السلطة الفعلية التبعية‪ ،‬فمن حق المتبوع القيام بإصدار‬
‫‪3‬‬
‫األوامر والتعليمات‪ ،‬وعلى التابع االمتثال لتلك السلطة‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،1999 ،‬ص‪.416-415‬‬
‫‪ -2‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.862‬‬
‫‪ -3‬سمير دنون‪ ،‬الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في القانونين المدني واإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪،‬‬
‫طرابلس‪ ،‬لبنان‪ ،2009 ،‬ص‪.81‬‬
‫‪44‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وليس من الضروري أن يكون المتبوع قاد ار على الرقابة والتوجيه من الناحية الفنية‪ ،‬بل‬
‫يكفي أن يكون من الناحية اإلدارية هو صاحب الرقابة والتوجيه‪ ،‬فصاحب السيارة حتى ولو‬
‫لم يكن يعرف القيادة متبوع لسائقها وصاحب المستشفى متبوع ألطبائه وهكذا حتى ولو لم‬
‫يكن طبيبا‪ ،‬ويسأل عن أعمال تابعيه الذين يعملون لحسابه في المستشفى‪ ،‬وإلقرار تبعية‬
‫الطبيب للمستشفى فإنه يشترط توافر عنصر الخضوع وسلطة اإلشراف والرقابة كأساس لهذه‬
‫‪1‬‬
‫التبعية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫خطأ التابع حال تأدية الوظيفة أو بمناسبتها أو بسببها‬
‫يعتبر شرط من شروط مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪ ،‬إذ ال تقوم مسؤولية المتبوع‬
‫إال إذا صدر من التابع فعل ضار يوجب ضر ار بالغير في حالة تأدية الوظيفة (ألوال)‪ ،‬أو‬
‫بسببه (ثانيا)‪ ،‬أو بمناسبة الوظيفة (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬وقوع الفعل الضار حال تأدية الوظيفة‬
‫هو الخطأ الذي يقع من التابع وهو يؤدي عمال من أعمال الوظيفة‪ ،‬ومثال ذلك سائق‬
‫السيارة الذي يدهس شخصا في الطريق أثناء قيامه بتوصيل صاحب السيارة‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫أيضا الممرض الذي يعمل في خدمة المستشفى‪ ،‬إذا أخطأ فأعطى المريض سما بدال من‬
‫الدواء وترتب على ذلك موت المريض‪ ،‬فهو يكون قد ارتكب الخطأ وهو يقوم بعمل من‬
‫أعمال وظيفته‪ 2.‬كما تتحقق مسؤولية الو ازرة المعنية نتيجة تقصير محضر المحكمة في‬
‫إعالن صحيفة االستئناف مما أدى إلى عدم قبوله‪ ،‬ويكون المتبوع مسؤوال أيضا إذا اعتدى‬
‫‪3‬‬
‫موظف على أحد المراجعين‪ ،‬أو مستخدم في مؤسسة تجارية أو صناعية على أحد العمالء‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.419‬‬


‫‪ -2‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مبادئ القانون‪ ،‬مدخل إلى القانون وااللتزامات‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،1998 ،‬ص‪.373‬‬
‫‪ -3‬دريد محمود علي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،2012 ،‬‬
‫ص‪.466‬‬
‫‪45‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬وقوع الفعل الضار بسبب الوظيفة‪.‬‬


‫يمكن أن يسأل المتبوع عن أعمال تابعه إذا ارتكب الفعل الضار‪ ،‬ليس أثناء أداء وظيفته أو‬
‫واجبه‪ ،‬ولكن بسببها‪ ،‬فالموظف الذي يكلف بالقيام بتجارب مخبرية في منزله ويسبب أثناء‬
‫ذلك حريقا كبي ار يضر بالجيران‪ ،‬يؤدي إلى مساءلة دائرته عن ذلك ألن فعله الضار جاء‬
‫بسبب وظيفته‪ 1.‬فإذا ارتكب سائق السيارة حادث أثناء العمل فإن هذا الخطأ حال تأدية‬
‫العمل‪ ،‬وضابط الشرطة الذي يحبس شخص بدون وجد حق‪ ،‬ما كان ليتمكن من ذلك لوال‬
‫وظيفته‪ ،‬فالخطأ هنا بسبب العمل‪ 2.‬فلو اعتدى قائد سيارة أجرة مملوكة للمتبوع على الراكب‬
‫اعتداء يستوجب مسؤولية‪ ،‬لكن صاحب السيارة مسؤوال بدوره عن هذا االعتداء باعتباره‬
‫‪3‬‬
‫متبوعا‪ ،‬ألن الخطأ وقع من تابعه أثناء تأدية العمل أو بسببها أو بمناسبة هذا العمل‪.‬‬
‫وقد تكون الوظيفة هي السبب في ارتكاب الفعل الضار إذا تبين أن التابع ما كان‬
‫يستطيع ارتكابه‪ ،‬أو ما يفكر في ارتكابه لوال الوظيفة‪ .‬أي كانت هناك عالقة سببية مباشرة‬
‫‪4‬‬
‫بين الفعل الضار وبين الوظيفة‪.‬‬
‫وقد استقر قضاء النقض‪ ،‬سواء في ظل القانون السابق أو في ظل القانون الجديد‪،‬‬
‫على أن المتبوع يكون مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه‪ ،‬كلما استغل التابع وظيفته أو‬
‫ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله الضار أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه‬
‫‪5‬‬
‫الفعل لمصلحة المضرور أو عن باعث شخصي‪.‬‬

‫‪ -1‬عدنان إبراهيم السرحان‪ ،‬نوري حمد خاطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.505‬‬


‫‪ -2‬محمد السيد عمران‪ ،‬األسس العامة في القانون‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬نظرية االلتزام‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2002 ،‬ص‪.284‬‬
‫‪ -3‬بن الشويخ الرشيد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.167-166‬‬
‫‪ -4‬محمد الشريف أحمد‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقه اإلسالمي‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،1999 ،‬ص‪242‬‬
‫‪ -5‬أنور طلبة‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬المسؤولية التقصيرية‪ ،‬أركان المسؤولية‪ ،‬ج‪ ،03‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.410‬‬
‫‪46‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬وقوع الفعل الضار بمناسبة الوظيفة‬


‫ويعني ه ذا النوع من الخطأ قيام التابع بفعل خارج نطاق الوظيفة وغير مرتبط بها‬
‫بالضرورة‪ ،‬إال أن وجود التابع في الخدمة (الوظيفة) تيسر له ارتكاب الفعل الخاطئ‪ ،‬بمعنى‬
‫أن وظيفة التابع لم يكن لها دور رئيسي مؤثر في وقوع الفعل الخاطئ‪ .‬إنما كانت إحدى‬
‫‪1‬‬
‫يسرت على التابع ارتكابه الفعل وسهّلت له سبل القيام به‪.‬‬
‫العوامل الجانبية التي ّ‬
‫ويعتبر الخطأ واقعا بمناسبة الوظيفة إذا اقتصرت الوظيفة على تيسير ارتكاب الخطأ أو‬
‫المساعدة على ارتكابه أو تهيئة الفرصة لوقوعه أو ارتكاب الخطأ بأدوات العمل لتحقيق‬
‫غرض أجنبي‪ ،‬ولكنها ليست ضرورية إلمكان وقوع الخطأ أو التفكير فيه‪ ،‬ومن أمثلة الخطأ‬
‫الذي يحدث بمناسبة الوظيفة أن يستخدم أحد الخدم سكينا لمخدومه في مشاجرة شخصية‬
‫‪2‬‬
‫فيقتل خصمه‪ ،‬أو أن ينتهز سائق سيارة فرصة عبور عدوه الطريق ليصدمه ويقتله‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫أحكام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه‬
‫‪3‬‬
‫من القانون المدني الجزائري‪ ،‬تقوم مسؤولية المتبوع متى تحققت‬ ‫حسب المادة ‪136‬‬
‫مسؤولية التابع‪ ،‬ومتى توافرت شروط مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪ ،‬والتي ال يمكنه‬
‫دفعها إال بنفي مسؤولية تابعه بإثبات السبب األجنبي‪.‬‬
‫وعليه سنتطرق في المطلب األول إلى طرق دفع مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال‬
‫تابعه‪ ،‬وفي المطلب الثاني إلى آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪.‬‬

‫‪ -1‬حسن علي الذنون‪ ،‬محمد سعيد الرحو‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقه‬
‫اإلسالمي والمقارن‪ ،‬ج‪ ،01‬ط‪ ،01‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2002 ،‬ص‪.331‬‬
‫‪ -2‬محمد صبري السعدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.207‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 136‬من األمر ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المطلب الول‪:‬‬
‫طرق دفع مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه‬
‫إن السبيل الوحيد لدفع المسؤولية عن المتبوع هو نفي مسؤولية متبوعه‪ ،‬بأن يثبت‬
‫ّ‬
‫المتبوع بأن الضرر كان البد من وقوعه ولو كان قد بذل هذه العناية‪ ،‬وأن سبب وقوع‬
‫الضرر هو السبب األجنبي‪ .1‬وصور السبب األجنبي هي‪ :‬القوة القاهرة (الفرع األول)‪ ،‬وخطأ‬
‫المضرور (الفرع الثاني)‪ ،‬وفعل الغير (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫القوة القاهرة‬
‫ّ‬
‫تعرف القوة القاهرة بأنها ذلك الحادث الخارجي الذي ال يمكن توقعه وال دفعه يؤدي إلى‬
‫إحداث ضرر‪ ،2‬ولكي نكون أمام قوة قاهرة البد من توفر شرطان هما‪:‬‬
‫‪)1‬استحالة توقع الحادث‪ :‬فإذا كان الحادث مما يمكن توقعه فإننا ال نكون بصدد قوة قاهرة‪،‬‬
‫فتوقع الحادث يجعل من الممكن اتخاذ مختلف التدابير لتفادي وقوع الحادث‪ ،‬أو تفادي‬
‫نتائج عند وقوعه‪ ،‬فرب العمل إذا كان بإمكانه توقع إضراب العمال‪ ،‬فال يجوز له التمسك‬
‫باإلضراب باعتباره قوة قاهرة تعفيه من مسؤولية تسليم البضاعة‪ .‬والمعيار في تقدير‬
‫إمكانية توقع الحادث من عدمه هو معيار موضوعي وليس ذاتي‪ ،‬فالعبرة بأشد الناس‬
‫ح يطة وتبص ار وليس بالرجل العادي‪ ،‬مع مراعاة الظروف الخارجية المحيطة بوقوع‬
‫الحادث‪ ،‬فاستحالة توقع الحادث ينبغي أن يكون مطلقا وليس نسبيا‪.‬‬
‫‪)2‬استحالة دفع الحادث‪ :‬ال يكفي أن يكون الحادث مما ال يمكن توقعه‪ ،‬بل يجب أن يكون‬
‫زيادة على ذلك مما يستحيل دفعه‪ ،‬والمعيار في تقدير استحالة دفع الحادث هو معيار‬
‫موضوعي أيضا يعتد فيه بمسلك أكثر الناس حيطة وحرصا‪ ،‬فإذا كان الحرص الشديد‬

‫‪ -1‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬ج‪ ،01‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،1996 ،‬‬
‫ص‪.477‬‬
‫‪ -2‬محمود جالل حمزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪48‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يؤدي إلى تفادي وقوع الحادث حتى ولو كان ال يمكن توقعه وال يشترط أن تكون‬
‫‪1‬‬
‫االستحالة مادية إذ يكفي أن تكون استحالة معنوية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫خطأ المضرور‬
‫يثبت المتبوع أنه قد بذل العناية الالزمة‪ ،‬فلو قام مثال بتدريب السائق جيدا وكان سليما‬
‫جسديا ويحمل رخصة القيادة‪ ،‬فبالتالي فال خطأ من المتبوع في الرقابة والتوجيه واالختيار‪،‬‬
‫أن السائق (التابع) كان غير سليم جسديا‪ ،‬وكان ال يحمل رخصة السياقة‪ ،‬هنا ال‬
‫لكن لو ّ‬
‫يستطيع المتبوع نفي الخطأ عنه‪ ،‬وال يبق له سوى نفي عالقة السببية بأن يثبت أن الضرر‬
‫كان واقعا لسبب أجنبي‪ ،‬مثال كأن يثبت أن خطأ المتضرر هو السبب في حصول الضرر‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وأن المتضرر عبر فجـأة الطريق وتضرر بالسيارة أو أنه أراد االنتحار‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫فعل الغير‬
‫تطبيقا للقاعدة القاضية أن الشخص ال يسأل عن فعله الشخصي وال يسأل عن فعل‬
‫غيره‪ ،‬إال بناءا على نص قانوني أو اتفاق‪ ،‬وعليه إذا كان خطأ الغير هو السبب الحقيقي‬
‫والوحيد في إحداث الضرر‪ ،‬فإن هذا الغير هو وحده المسؤول مسؤولية كاملة عن تعويض‬
‫‪3‬‬
‫الضرر الذي تسبب فيه للمضرور‪.‬‬
‫ويعفى المدعى عليه من المسؤولية إعفاءا تاما إذا كان السبب الوحيد في وقوع الضرر‬
‫هو فعل الغير سواء كان خاطئا أو غير خاطئ‪ ،‬أما إذا اشترك فعل الغير مع خطأ المدعى‬
‫عليه في إحداث الضرر – تعدد المسؤولين – وتوافرت فيه صفتا القوة القاهرة‪ ،‬فإن المدعى‬
‫عليه يلتزم بدفع كل التعويض على أن يحتفظ بحق الرجوع على الغير إذا كان فعله خاطئا‪،‬‬

‫‪ -1‬أحمد شوقي محمد عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.271-270‬‬


‫‪ -2‬منذر الفضل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.351-350‬‬
‫‪ -3‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.896‬‬
‫‪49‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما إذا لم تتوافر فيه صفتا القوة القاهرة كان كل من الغير والمدعى عليه متضامنين في‬
‫عين القاضي‬
‫التعويض المستحق للمتضرر‪ ،‬وتكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إال إذا ّ‬
‫‪1‬‬
‫نصيب كل منهما في االلتزام بالتعويض‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‬
‫إذا لم يتمكن المتبوع من دفع المسؤولية الملقاة على عاتقه‪ ،‬والثابتة في حقه عن طريق‬
‫السبب األجنبي فإنها تترتب آثارها القانونية والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫حق المضرور في الرجوع على دعوى التعويض‬
‫يحق للمضرور إما الرجوع على التابع (أوال) أو الرجوع على المتبوع (ثانيا)‪ ،‬أو الرجوع على‬
‫التابع والمتبوع (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حق المضرور في الرجوع على التابع‬
‫يستطيع المضرور الرجوع مباشرة عن التابع بالتعويض عن الضرر الناجم عن العمل‬
‫غير المشروع المنسوب إليه‪ ،‬ومعنى ذلك أن المضرور يترك طريق الرجوع على المتبوع‪،‬‬
‫وهو أمر نادر ألن هذا الطريق أسهل في اإلثبات من حيث افتراض الخطأ‪ ،‬وأضمن في‬
‫‪2‬‬
‫الحصول على تعويض‪.‬‬
‫واذا قامت مسؤولية التابع وبالتالي مسؤولية المتبوع‪ ،‬كان للمضرور دعوى قبل األول‬
‫وأخرى قبل الثاني‪ ،‬واذا كان للتابع شريك في التعدي جاز مساءلته مع التابع على وجه‬
‫التضامن‪ ،‬غير أن الغالب هو رجوع المضرور على المتبوع بمبلغ الضمان المحكوم به على‬
‫‪3‬‬
‫التابع‪ ،‬الفتراض يسار المتبوع‪ ،‬وهو أمر تقدره المحكمة‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود جالل حمزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.138‬‬


‫‪ -2‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.678‬‬
‫‪ -3‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.371‬‬
‫‪50‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬حق المضرور في الرجوع على المتبوع‬


‫إذا كان الفعل الذي ارتكبه التابع يش ّكل جريمة جنائية‪ ،‬وادعى المضرور بالحق المدني‬
‫أمام المحكمة الجنائية التي تنظر الدعوى‪ ،‬فإنه يمكن مقاضاة المتبوع أمام القضاء الجنائي‬
‫باعتباره مسؤوال مدنيا‪ ،‬إال أن تلك المسؤولية تستلزم سبق إثبات خطأ التابع‪ ،1‬ويحق‬
‫للمضرور الرجوع على المتبوع بدعوى المسؤولية وذلك من أجل المطالبة بالتعويض عن‬
‫‪2‬‬
‫الضرر الذي أصابه جراء خطأ التابع‪.‬‬
‫فالقاضي في هذه الحالة يحكم بإلزام المتبوع بدفع مبلغ التعويض للمضرور‪ ،‬كما يحكم‬
‫في ذات الوقت وفي نفس الدعوى بإلزام التابع بتقديم تعويض للمتبوع‪ ،‬لكن في هذه الحالة ال‬
‫يمكن تنفيذ هذا الحكم على التابع‪ ،‬إال بعد أن يدفع المتبوع التعويض المحكوم به‬
‫‪3‬‬
‫للمضرور‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حق المضرور في الرجوع على التابع والمتبوع‬
‫يجوز للمضرور الرجوع على التابع والمتبوع معا بدعوى المسؤولية‪ ،‬على أساس مسؤولية‬
‫المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة‪ ،‬وفي هذه الحالة يلتزم التابع والمتبوع بالتعويض‬
‫‪4‬‬
‫على أساس التضامن بينهما‪.‬‬
‫وقد يكون هناك أكثر من تابع شريك في الخطأ‪ ،‬وقد يوجد أكثر من متبوع للتابع أو‬
‫‪5‬‬
‫التابعين‪ ،‬هنا يصح أن يرجع المضرور عليهم جميعا متضامنين‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.678‬‬


‫‪ -2‬مصطفى العوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.495‬‬
‫‪ -3‬سعيد أحمد شعلة‪ ،‬قضاء النقض في المسؤولية والتعويض‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص‪.395‬‬
‫‪ -4‬عبد الحكيم فودة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.332‬‬
‫‪ -5‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.680‬‬
‫‪51‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫حق المتبوع في الرجوع على التابع‬
‫للمتبوع الحق في الرجوع على التابع بما تكبده من نفقات وما دفعه من تعويض‬
‫للمضرور‪ 1،‬إذا استوفى المضرور مبلغ الضمان من المتبوع كان لهذا األخير الرجوع بما‬
‫دفعه على التابع‪ 2،‬واذا كان المتبوع مشتركا مع تابعه في الخطأ فإنه ال يرجع على هذا‬
‫التابع بكل التعويض بل يقسم التعويض عليهما بمقدار جسامة خطأ كل منهما‪ ،‬فإذا لم يتيسر‬
‫‪3‬‬
‫للمحكمة تحديد نصيب كل منهما في المسؤولية وزع التعويض عليهما بالتساوي‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 137‬من القانون المدني الجزائري على أنه‪'' :‬للمتبوع حق الرجوع على‬
‫‪5‬‬
‫تابعه في حالة ارتكابه خطأ جسيما''‪ .4‬واذا أثبت مسؤولية التابع قامت مسؤولية المتبوع‪.‬‬
‫واذا كانت عالقة التبعية تقوم بينهما على عقد‪ ،‬فإن رجوع المتبوع على التابع يكون على‬
‫‪6‬‬
‫أساس المسؤولية العقدية‪ ،‬إذ يكون التابع قد أخ ّل بالتزام عقدي نحو المتبوع‪.‬‬
‫ويرجع المتبوع على التابع بدعوى الحلول‪ ،‬ذلك أن المتبوع عندما يدفع التعويض‬
‫‪7‬‬
‫للمضرور‪ ،‬فإنه يحل محله في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع‪.‬‬

‫‪ -1‬سليمان بوذياب‪ ،‬مبادئ القانون المدني‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقات عملية في القانون‪ ،‬الحق الموجب والمسؤولية‪ ،‬مجد‬
‫للمؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ص‪.172‬‬
‫‪ -2‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.372‬‬
‫‪ -3‬دريد محمود علي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.471-470‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 137‬من األمر ‪ ،58-75‬المتضمن ق م ج المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬فاضلي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.253‬‬
‫‪ -6‬علي علي سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪ -7‬محمد حسيم منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.683‬‬
‫‪52‬‬
‫خاتمـــــــــــــــة‬
‫خاتمـــــــــــــة‬

‫لقد رأينا من خالل هذا البحث أن مسؤولية متولي الرقابة ومسؤولية المتبوع عن أفعال‬
‫تابعه أنها مسؤولية عن فعل الغير‪ ،‬وأنها من ضمن الحاالت التي يسأل فيها الشخص عن‬
‫فعل الغير‪ ،‬ويمكن مطالبته بالتعويض الناتج عن خطأ الغير في خطأ المضرور‪.‬‬

‫المعدل والمتمم‬
‫ّ‬ ‫ومن خالل صدور القانون ‪ 10/05‬المؤرخ في ‪ 20‬يونيو ‪2005‬‬
‫المشرع بعض أحكام هذه المسؤولية من خالل معالجة بعض النقائص‬
‫ّ‬ ‫عدل‬
‫للقانون المدني‪ّ ،‬‬
‫وسد بعض الثغرات التي عرفها التطبيق القضائي‪.‬‬
‫ّ‬

‫بالرقابة أن هذه المسؤولية تترتب عليها‬


‫فقد رأينا من خالل دراستنا لمسؤولية المكلّف ّ‬
‫آثار وهي تعويض الضحية عن األضرار التي تسبب فيها الخاضع للرقابة إذا ثبت خطأ‬
‫الرقيب‪ ،‬ويستطيع هذا األخير أن يدفع المسؤولية فيه بنفي الخطأ‪ ،‬ويستطيع كذلك رفع‬
‫المسؤولية بنفي عالقة السببية‪ ،‬بأن يثبت السبب األجنبي‪ ،‬فإذا لم ينف عالقة السببية ولم‬
‫ينف الخطأ تحقق المسؤولية في حقّه‪ .‬وا ّن قيام مسؤولية متولي الرقابة على النحو الذي ّبيناه‬
‫ال يمنع من أن تقوم إلى جانبها مسؤولية الشخص الخاضع للرقابة‪ ،‬وهو الشخص الذي‬
‫صدر منه العمل غير المشروع‪ ،‬ويستطيع المضرور إذن أن يرجع على من ارتكب الخطأ‬
‫بالذات إذا كان عنده مال‪ ،‬فإذا استوفى منه كل التعويض المستحق فال رجوع له بعد ذلك‬
‫على من ارتكب الخطأ‪.‬‬

‫وفي الغالب يرجع المضرور على متولي الرقابة ألنه الشخص المليء عادة‪ .‬وال يجوز‬
‫للمضرور أن يجمع بين تعويضين ناتجين عن ضرر واحد‪.‬‬

‫المشرع من خالل المادتين‬


‫ّ‬ ‫وأما عن مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه‪ ،‬فقد عالجها‬
‫‪ 136‬و ‪ 137‬بحيث اشترط إثبات المضرور لعالقة التبعية بين التابع والمتبوع‪ ،‬فاعتمد على‬
‫عنصر واحد كمعيار لها‪ ،‬وهو العمل لحساب المتبوع وهذا حتى يتماشى التشريع مع واقي‬
‫تنامي المؤهالت العملية والتقنية التي يملكها التابع حاليا‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫خاتمـــــــــــــة‬

‫وبالنسبة لمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪ ،‬فإنه ينجم عنها حق المضرور في الرجوع‬
‫على تابعه على أساس مسؤوليته الشخصية ولكنه يختلف األمر لو رجع المضرور على‬
‫المتبوع‪ ،‬إذ يكون الرجوع عن طريق دعوى التعويض كما أنه يستطيع المضرور الرجوع على‬
‫المشرع م ّكن المتبوع بدوره‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫التابع والمتبوع بنفس الدعوى وذلك على أساس التضامن إالّ ّ‬
‫من الرجوع على التابع في حالة ارتكابه خطأ جسيما ليسترد منه ما أداه من تعويض‪.‬‬

‫وعليه تعتبر مسؤولية متولي الرقابة ومسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه مسؤولية‬
‫استثنائية‪ ،‬ألن األصل أن الشخص ال يسأل إالّ عن فعله الشخصي وال يسأل عن أفعال‬
‫غيره‪.‬‬

‫أن المسؤولية عن عمل الغير تقررت قانونا لمصلحة الغير (المضرور) وهذا كلّه‬
‫وّ‬
‫تسهيال للمضرور في حصوله على حقّه في التعويض‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫قائمـــــة المراجـــــــع‬
‫قائمة المراجع‬

‫باللغة العربية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬

‫‪ )1‬أحمد شوقي محمد عبد الرحمان‪ ،‬البحوث القانونية في مصادر االلتزام اإلرادية وغير‬
‫اإلرادية‪ ،‬دراسة فقهية وقضائية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.2002 ،‬‬
‫‪ )2‬أنور سلطان‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني األردني‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2005 ،‬‬
‫‪ )3‬أنور طلبة‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬المسؤولية التقصيرية‪ ،‬أركان المسؤولية‪ ،‬الجزء الثالث‪،‬‬
‫دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫‪ )4‬بلحاج العربي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬الواقعة القانونية‬
‫(العمل غير المشروع‪ ،‬اإلثراء بال سبب‪ ،‬القانون)‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪.2001 ،‬‬
‫‪ )5‬بشار ملكاوي‪ ،‬فيصل العمري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الفعل الضار‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫وائل للنشر‪ ،‬عمان‪.2006 ،‬‬
‫‪ )6‬بن الشويخ الرشيد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ )7‬جليل حسن بشات الساعدي‪ ،‬مسؤولية المعلم المدنية (دراسة مقارنة)‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2004 ،‬‬
‫‪ )8‬جمال مهدي األكشة‪ ،‬مسؤولية اآلباء المدنية عن األبناء القصر في الفقه اإلسالمي‬
‫والقانون الوضعي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2006 ،‬‬
‫‪ )9‬حسن علي الدنون‪ ،‬المبسوط في المسؤولية المدنية‪ ،‬المسؤولية عن فعل الغير‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2006 ،‬‬

‫‪55‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )10‬حسن علي الدنون‪ ،‬محمد سعيد الرحو‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر‬
‫االلتزام‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقه اإلسالمي والمقارن‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار وائل للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2002 ،‬‬
‫‪ )11‬خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬مصادر‬
‫االلتزام‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ )12‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار العلوم‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬
‫‪ )13‬دريد محمود علي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2012 ،‬‬
‫‪ )14‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار الجامعية الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ )15‬سليمان مرقس‪ ،‬الوافي في شرح القانون المدني في االلتزامات‪ ،‬في الفعل الضار‬
‫والمسؤولية المدنية‪ ،‬في المسؤوليات المفترضة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار‬
‫الكتاب الحديث‪ ،‬مصر ‪.1989‬‬
‫‪ )16‬سليمان بوذياب‪ ،‬مبادئ القانون المدني‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقات عملية في القانون‪،‬‬
‫الحق الموجب والمسؤولية‪ ،‬مجد للمؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.2003 ،‬‬
‫‪ )17‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬العقد‪ ،‬اإلرادة المنفردة‪ ،‬العمل غير‬
‫المشروع‪ ،‬اإلثراء بال سبب‪ ،‬مصدران جديدان لاللتزام‪ ،‬الحكم‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2009 ،‬‬
‫‪ )18‬سمير دنون‪ ،‬الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في القانونين المدني واإلداري‪،‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪.2009 ،‬‬

‫‪56‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )19‬سعيد أحمد شعلة‪ ،‬قضاء النقض في المسؤولية والتعويض‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬


‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫‪ )20‬علي علي سليمان‪ ،‬دراسات في المسؤولية المدنية في القانون المدني الجزائري‪،‬‬
‫(المسؤولية عن فعل الغير – المسؤولية عن فعل األشياء – التعويض)‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1994 ،‬‬
‫‪ )21‬علي فياللي‪ ،‬االلتزامات‪ ،‬العمل المستحق للتعويض‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون‬
‫المطبعية‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ )22‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام‪،‬‬
‫مصادر االلتزام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫‪ )23‬عبد القادر الفار‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬مصادر الحق الشخصي في القانون المدني‪،‬‬
‫دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2004 ،‬‬
‫‪ )24‬عبد الحكيم فودة‪ ،‬التعويض المدني‪ ،‬المسؤولية المدنية التعاقدية والتقصيرية في‬
‫ضوء الفقه وأحكام محكمة النقض‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1998 ،‬‬
‫‪ )25‬عبد العزيز اللصاصمة‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء القانون المدني األردني‬
‫والمقارن‪ ،‬المسؤولية المدنية التقصيرية‪ ،‬الفعل الضار‪ ،‬دار للثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪.2009 ،‬‬
‫‪ )26‬عدنان إبراهيم السرحان‪ ،‬نوري أحمد خاطر‪ ،‬شرح القانون المدني‪ ،‬مصادر الحقوق‬
‫الشخصية‪ ،‬االلتزامات‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2009 ،‬‬
‫‪ )27‬فتحي عبد الرحيم عبد اهلل‪ ،‬شرح النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬مصادر االلتزام‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.2001 ،‬‬
‫‪ )28‬فاضلي إدريس‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬العقد‪ ،‬النظرية المنفردة‪ ،‬الفعل‬
‫المستحق للتعويض‪ ،‬اإلثراء بال سبب‪ ،‬القانون‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪57‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )29‬مصطفى العوجي‪ ،‬القانون المدني‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬ج ‪ ،02‬ط ‪ ،03‬منشورات‬


‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2007 ،‬‬
‫‪ )30‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ )31‬مصطفى محمد الفقي وعبد الباسط جميعي‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪،‬‬
‫نظرية االلتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬العمل الضار واإلثراء بال سبب‬
‫والقانون‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ )32‬محمد حسين منصور‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار الجامعية‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2006 ،‬‬
‫‪ )33‬محمد صبري السعدي‪ ،‬شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬مصادر االلتزام الواقعة‬
‫القانونية (العمل غير المشروع‪ ،‬شبه العقود والقانون)‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬
‫‪ )34‬محمد هشام القاسم‪ ،‬العمل غير المشروع باعتباره مصد ار لاللتزام‪ ،‬القواعد العامة‪،‬‬
‫القوا عد الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة بين القانون المدني السوري والقانون المدني الجزائري‬
‫والقانون المدني الفرنسي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1985 ،‬‬
‫‪ )35‬محمد محي الدين إبراهيم سليم‪ ،‬أحكام مساءلة المتبوع عن خطأ التابع بين القانون‬
‫المدني والفقه اإلسالمي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ )36‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مبادئ القانون‪ ،‬مدخل إلى القانون وااللتزامات‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫مصر‪.1998 ،‬‬
‫‪ )37‬محمد السيد عمران‪ ،‬األسس العامة في القانون‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬نظرية‬
‫االلتزام‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2002 ،‬‬

‫‪58‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )38‬محمد شريف أحمد‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.1999 ،‬‬
‫‪ )39‬محمود جالل حمزة‪ ،‬العمل غير المشروع باعتباره مصدر لاللتزام‪ ،‬القواعد العامة‪،‬‬
‫القواعد الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة بين القانون المدني الجزائري والقانون المدني الفرنسي‪،‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1975 ،‬‬
‫‪ )40‬محفوظ لعشب‪ ،‬المبادئ العامة للقانون المدني الجزائري‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ )41‬موريس نخلة‪ ،‬الكامل في شرح القانون المدني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2007 ،‬‬
‫‪ )42‬منذر الفضل‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار‬
‫الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.1996 ،‬‬
‫‪ )43‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار‬
‫الجامعية الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫‪ )44‬ه دى عبد اهلل‪ ،‬دروس في القانون المدني‪ ،‬األعمال غير المباحة‪ ،‬المسؤولية‬
‫المدنية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2008 ،‬‬
‫‪ )45‬يوسف محمد عبيدات‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪.2001 ،‬‬

‫‪59‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ثانيا‪ :‬الرسائل والمذكرات‬

‫‪ )1‬بوشاشي يوسف‪ ،‬مسؤولية متولي الرقابة في القانون المدني الجزائري‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫أطروحة لنيل درجة دكتوراه في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪-2014 ،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ )2‬مخلوفي محمد‪ ،‬مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في القانون المدني الجزائري‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة بالقانونين المصري والفرنسي‪ ،‬رسالة للحصول على درجة الماجستير في‬
‫العقود والمسؤولية‪ ،‬معهد العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.1987 ،‬‬
‫‪ )3‬عبد اهلل أمينة‪ ،‬المسؤولية المدنية عن فعل الغير في القانون المدني الجزائري‪ ،‬مذكرة‬
‫تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬الدفعة ‪.2007-2004 ،15‬‬
‫‪ )4‬مهدي جهيدة‪ ،‬مسؤولية متولي الرقابة‪ ،‬دراسة مقارنة في ظل القانون المدني الجزائري‬
‫وعلى ضوء دراسة المادة ‪ 87‬من قانون األسرة‪ ،‬مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة‬
‫العليا للقضاء‪ ،‬الجزائر‪.2006-2003 ،‬‬
‫‪ )5‬بودراع عبد الغني‪ ،‬بوحارة سفيان‪ ،‬مسؤولية اآلباء التقصيرية على أوالدهم القصار في‬
‫القانون المدني الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬التخصص القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحمن ميرة‪ ،‬بجاية‪-2010 ،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ )6‬عقيلة طاهر‪ ،‬رابح بلعزوز‪ ،‬مسؤولية متولي الرقابة‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر‬
‫في القانون‪ ،‬تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أكلي‬
‫محند أولحاج‪ ،‬البويرة‪.2013 ،‬‬

‫‪60‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ثالثا‪ :‬النصوص القانونية‬

‫‪ )1‬أمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ ،1386‬الموافق ل ‪ 8‬يونيو سنة‬


‫‪ ،1996‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 23.06‬المؤرخ في‬
‫‪ 20‬ديسمبر ‪ ،2006‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،84‬الصادر في ‪ 24‬ديسمبر ‪.2006‬‬
‫‪ )2‬أمر رقم ‪ 58-75‬مؤرخ في ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1395‬الموافق ل ‪ 26‬سبتمبر سنة‬
‫‪ ،1975‬المتضمن القانون المدني‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،78‬مؤرخ في ‪ 24‬رمضان عام‬
‫‪ 1395‬الموافق ل ‪30‬سبتمبر ‪ ،1975‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ )3‬أمر رقم ‪ 59-75‬مؤرخ في ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1395‬الموافق ل ‪ 26‬سبتمبر ‪،1975‬‬
‫المتضمن القانون التجاري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،101‬مؤرخ في ‪ 19‬ديسمبر ‪،1975‬‬
‫المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 05-02‬المؤرخ في‪ 6‬فبراير ‪ ،2005‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،11‬صادر في ‪ 09‬فبراير ‪.2005‬‬
‫‪ )4‬أمر رقم ‪ 11-84‬المؤرخ في رمضان عام ‪ ،1404‬المةافق ل ‪ 9‬يونيو سنة‪،1984‬‬
‫المتضمن قانون األسرة الجزائري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،31‬المؤرخ في ‪ 31‬جويلية‬
‫‪ ،1984‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬المحاضرات‬

‫‪ ‬عيسات اليزيد‪ ،‬محاضرات في القانون المدني‪ ،‬المسؤولية التقصيرية‪ ،‬السنة الثالثة‬


‫حقوق‪ ،‬نظام جديد‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪.2012 ،‬‬

‫‪61‬‬
‫قائمة المراجع‬

:‫باللغة الفرنسية‬

Les ouvrages :

1) Antoine Vialard, Droit civil Algérien, 2ème édition, office des

publications universitaires, Alger, 1986.

2) Adja (Djilali), Probenko, (Bernard), Droit de l’urbanisme, Berti,

Alger, 2007.

3) François terré-Philippe, Simler-Yves Lequette, Droit civil : Les

obligations, 5ème édition, Dalloz, 1993.

4) Nouredine Terki, Les obligations : responsabilité civile et

régime général, office des publications universitaires, 1982.

5) Philippe Letourneau, Droit de la responsabilité et des contrats,

8ème édition, Dalloz, 2010.

62
‫الفهرس‬

‫مقدمــــــــــــة ‪1 .............................................................................‬‬

‫الفصل الول ‪ :‬مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‪4 ......................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية مسؤولية متولي الرقابة ‪4 ............................................‬‬

‫المطلب الول‪ :‬أطراف مسؤولية متولي الرقابة ‪5 ...........................................‬‬


‫الفرع األول‪ :‬أطراف مسؤولية متولي الرقابة بحكم القانون ‪6 .................................‬‬
‫أوال‪ :‬مصدر الرقابة ‪6 .....................................................................‬‬
‫‪ )1‬األب ‪7 ...........................................................................‬‬
‫‪ )2‬األم ‪10 ...........................................................................‬‬
‫‪ )3‬المعلم ‪10 ........................................................................‬‬
‫‪ )4‬المشرف على الحرفة ‪12 ..........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الخاضع للرقابة ‪12 .................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أطراف مسؤولية متولي الرقابة اتفاقا ‪15 ......................................‬‬
‫أوال‪ :‬االتفاق الذي يبرمه ولي النفس ‪15 ...................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬االتفاق الذي يبرمه الخاضع للرعاية والرقابة ‪16 ......................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أساس مسؤولية متولي الرقابة‪17 ..........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الخطأ المفترض ‪17 ..........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العالقة السببية‪18 ...........................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أركان وشروط مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة ‪19 .......‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أركان مسؤولية متولي الرقابة ‪19 ............................................‬‬
‫أوال‪ :‬ركن الخطأ ‪19 ......................................................................‬‬
‫أ‪ -‬تعريف الخطأ‪20 ..................................................................‬‬
‫ب‪ -‬أركان الخطأ ‪20 .................................................................‬‬
‫‪63‬‬
‫الفهرس‬

‫ثانيا‪ :‬ركن الضرر ‪22 ....................................................................‬‬


‫أ‪ -‬تعريف الضرر ‪22 ................................................................‬‬
‫ب‪ -‬أنواع الضرر‪23 .................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬ركن العالقة السببية ‪24 .............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط مسؤولية متولي الرقابة ‪24 ...........................................‬‬
‫أوال‪ :‬تولّي الرقابة ‪25 .....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬صدور الفعل الضار ‪25 ............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أحكام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة ‪26 ...............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬كيفية دفع مسؤولية متولي الرقابة ‪27 ......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دفع مسؤولية متولي الرقابة عن طريق إثبات انتفاء الخطأ ‪27 .................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نفي العالقة السببية بإثبات السبب األجنبي ‪29 ...............................‬‬
‫أوال‪ :‬القوة القاهرة‪30 .................................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬خطأ المضرور ‪31 .................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬خطأ الغير ‪32 ......................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار الناجمة عن قيام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة‬
‫‪32 ......................................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االلتزام بالتعويض ‪33 ........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دعوى التعويض ‪33 .........................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع ‪36 ....................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ‪37 ...............................‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف وأطراف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ‪37 ......................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ‪37 .................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أطراف مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ‪38 .................................‬‬
‫‪64‬‬
‫الفهرس‬

‫أوال‪ :‬المتبوع ‪38 ..........................................................................‬‬


‫ثانيا‪ :‬التابع ‪39 ...........................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ‪39 ...............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المذهب الشخصي ‪39 .......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية الخطأ المفترض ‪39 ...........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظرية النيابة‪40 ....................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية الحلول ‪40 ...................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المذهب الموضوعي ‪41 .....................................................‬‬
‫تحمل التبعية ‪41 .............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية ّ‬
‫ثانيا‪ :‬نظرية الكفالة أو الضمان االجتماعي ‪42 ............................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية التأمين القانوني ‪42 ..........................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬شروط مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ‪43 ..............................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬قيام رابطة التبعية ‪44 ........................................................‬‬


‫أوال‪ :‬ممارسة السلطة الفعلية ‪44 ...........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬عنصر الرقابة والتوجيه‪44 ..........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خطأ التابع حال تأدية الوظيفة أو بمناسبتها أو بسببها ‪45 .....................‬‬
‫أوال‪ :‬وقوع الفعل الضار حال تأدية الوظيفة ‪45 ............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬وقوع الفعل الضار بسبب الوظيفة‪46 ............................................. .‬‬


‫ثالثا‪ :‬وقوع الفعل الضار بمناسبة الوظيفة ‪47 ..............................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أحكام مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه ‪47 .........................‬‬
‫المطلب الول‪ :‬طرق دفع مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال تابعه ‪48 ......................‬‬

‫‪65‬‬
‫الفهرس‬

‫القوة القاهرة ‪48 ..............................................................‬‬


‫الفرع األول‪ّ :‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خطأ المضرور ‪49 ..........................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬فعل الغير ‪49 ...............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ‪50 ............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حق المضرور في الرجوع على دعوى التعويض ‪50 ...........................‬‬
‫أوال‪ :‬حق المضرور في الرجوع على التابع ‪50 ............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق المضرور في الرجوع على المتبوع ‪51 .........................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬حق المضرور في الرجوع على التابع والمتبوع‪51 ....................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حق المتبوع في الرجوع على التابع ‪52 .......................................‬‬
‫خاتمة ‪53 ................................................................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪55 ........................................................................‬‬
‫فهرس ‪63 ..............................................................................‬‬

‫‪66‬‬
‫ملخص‬

‫من خالل دراستنا لموضوع هذا البحث تبين لنا بأ ّن المسؤولية عن عمل الغير ما هي إالّ‬
‫استثناء عن األصل وهو أ ّن الشخص ال يسأل إالّ عن فعله الشخصي وللمسؤولية عن عمل الغير‬
‫صورتين هما‪:‬‬

‫مسؤولية متولي الرقابة عمن هم تحت رقابته ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪.‬‬

‫فبالنسبة لمسؤولية متولي الرقابة نجد هذه المسؤولية تستوجب على المرء القيام بالرقابة‬
‫وتكون الرقابة قانونية أو اتفاقية ولتحقق هذه المسؤولية البد أن يكون هناك التزام بالرقابة وأن‬
‫يصدر فعل ضار من الخاضع للرقابة ويصيب الغير‪.‬‬

‫أما فيما يخص مسؤولية المتبوع فإنّها تتح ّقق بتوافر عالقة التبعية بين التابع والمتبوع إلى‬
‫جانب هذه العالقة يجب قيام خطأ التابع مرتبط بالنشاط الذي يبذله التابع وهو يؤدي أعمال‬
‫وظيفته ورغم اعتبار مسؤولية متولي الرقابة‪ .‬ومسؤولية المتبوع نوعان من أنواع المسؤولية عن فعل‬
‫الغير إالّ أنه لكل واحدة منهما أساس وآثار‪.‬‬

‫‪Résumé‬‬
‫‪L’étude relative à l’objet de cette recherche nous démontre que la‬‬
‫‪responsabilité sur la mission confiée à d’autres n’est qu’une exception à la règle‬‬
‫‪qui définit que chacun est responsable de ses actes.‬‬
‫‪Donc, la responsabilité a deux volets, l’une concerne le premier‬‬
‫‪responsable et l’autre le subordonné.‬‬
‫‪Donc, le contrôle doit s’effectué conformément à la loi ou par convention‬‬
‫‪à l’amiable.‬‬
‫‪Par contre, la responsabilité du subordonné doit être contrôlé et vérifié‬‬
‫‪par son chef hiérarchique direct.‬‬

You might also like