Maghreb Antique 2

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫المقياس‬ ‫المستوى‬ ‫التخصص‬ ‫األستاذة‬

‫تاريخ بالد‬ ‫ثانية ليسانس‬ ‫تاريخ‬ ‫تفات مسيكة‬


‫المغرب القديم‬

‫جامعة أكلي محند أولحاج –البويرة‪-‬‬

‫السنة الثانية\تاريخ (ليسانس)‪ :‬مقياس تاريخ المغرب القديم‬

‫األستاذة ‪ :‬تفات مسيكة‬

‫محاضرة في حصتين‪:‬‬

‫المملكة النوميدية‪ /‬في عهد الملك (يوبا األول) و ثورة أرابيون‪ .‬‬

‫هيمبسال‪ /‬الثاني و ماسينيسا الثاني‪:‬‬

‫تط ور الوض ع السياس ي في نومي ديا بع د م وت يوغورط ة أص بح بكون ه خاض ع لس يطرة‬


‫الرومانية بالرغم من أن العرش النوميدي لم يخلو من ورثة العرش الشرعيين إال أن روما‬
‫كانت دائما تتدخل في تعيين ملوكها حتى تتأكد أن شمال إفريقيا تحت سيطرتها‪.‬‬

‫و بمقتل يوغرطة لم يشأ مجلس الشيوخ إلحاق نوميديا رسميا بالممتلكات الرومانية و ذلك‬
‫راج ع لألوض اع الداخلي ة المت دهورة ال تي ك انت تعيش ها إيطالي ا آن ذاك‪ ،‬و فض لوا أن تبقى‬
‫تحت الحماية الرومانية‪ ،‬وقسموا نوميديا إلى قسمين‪ :‬جزء منها أعطوه إلى بوخوس جزاء‬
‫تحالف ه من الروم ان‪ ،‬و الج زء اآلخ ر الص غير أعط وه إلى غ ودا(‪ )Gauda‬ش قيق‬
‫يوغورط ة‪ ،‬و ه ذا لم ا عرف وا علي ه من ض عف في شخص يته و اس تعداده لطاع ة أوام ر‬
‫روم ا‪ ،‬و لكن ه ذا األخ ير لم يعيش ط ويال حيث ت وفي ع ام (‪88‬ق‪.‬م)‪ ،‬فخلف ه في ملك ه‬
‫أوالده‪ :‬هيمبسال الثاني‪ ،‬و ماسينيسا الثاني‪ ،‬و استطاعا فيما بعد إعادة نوميديا الغربية من‬
‫المل ك بوخ وس‪ ،‬ف انتهز األم ير النومي دي هيرب اص(‪ )Hierbas‬الح رب األهلي ة ال تي ك انت‬
‫مش تعلة في روم ا بين الجمه وريين و الملك يين يقوده ا ك ل من م اريوس و س يال‪ ،‬فوق ف‬
‫هيرب اص إلى ج انب م اريوس و اس تطاع ع ام ‪81‬ق‪.‬م أن يخل ع الس لطة من خص مه‬
‫‪1‬‬
‫األم يرين النومي ديين هيمبس ال الث اني و ماسينيس ا الث اني المؤي دين لحرك ة س يال‪ ،‬فاغتص ب‬
‫الس لطة و نص ب نفس ه ملك ا على نومي ديا‪ ،‬غ ير أن ه في األخ ير تمكن القائ د بوم بيوس أح د‬
‫ضباط سيال من دخول إفريقية و قتل خصمه دوميتيوس الموالي لماريوس و انتصر على‬
‫قوات هيرباص‪ ،‬فوقع هذا األخير في قبضته ثم أرجع الوضع إلى ما كان عليه سابقا بأن‬
‫أع اد األم يرين المخل وعين إلى ع رش نومي ديا و أمض وا طيل ة حكمهم ا في اله دوء و‬
‫الطمأنينة‪.‬‬

‫يوبا األول‪:‬‬

‫و عندما توفي همبسال الثاني عام ‪67‬ق‪.‬م خلفه ابنه يوبا األول‪ ،‬و كان النزاع الزال قائما‬
‫بين الجمهوريين و الملكيين‪ ،‬فناصر يوبا األول حزب بومبيوس‬

‫وعلى أي‪ ،‬فق د ع ايش يوب ا األول الح رب األهلي ة اإليطالي ة ال تي ك انت رحاه ا ت دور في‬
‫ش وارع روم ا خاص ة بين القائ دين الروم انيين الكب يرين س قيص ر ‪ ،‬و پوم بيوس‬
‫‪ Pompeius‬من أج ل االس تيالء على الس لطة‪ .‬فك ان الب د للمل وك األم ازيغيين في ش مال‬
‫أفريقيا أن يحددوا والءهم لقائد من هذين القائدين‪ ،‬وأن يتحالفوا مع واحد ضد اآلخر‪ ،‬وأن‬
‫يقدموا له كل المساعدات المادية والمعنوية والبشرية والعسكرية حتى يحافظوا على ملكهم‬
‫في نوميديا‪ ،‬ويستفيدوا من الجوائز والهبات واالمتيازات واالستيالء على ممالك ج يرانهم ‪.‬‬
‫زد على ذل ك‪ ،‬أن ه من ال واجب أن ي دافعوا عن مم الكهم ض د الغ زاة م ادامت تمازغ ا على‬
‫وشك أن تكون في قبضة الرومان ؛ ألن القوات الالتينية متجمهرة في عدة مراكز حدودية‬
‫وعسكرية‪ ،‬وقد استنفر القواد حشودها المنظمة في عدة فيالق مدربة على أحدث األسلحة‬
‫الحديدي ة ‪ ،‬ومنظم ة أحس ن تنظيم عس كري في الع الم في تل ك الف ترة من الت اريخ الق ديم ‪،‬‬
‫ومحص نة بطريق ة عتي دة في قالع و ثغ ور ش مال أفريقي ا ت راقب ك ل تحرك ات الممال ك‬
‫النوميدي ة والموريتاني ة بش كل دقي ق ومخط ط‪ ،‬منتظ رة الفرص ة الس انحة لالنقض اض على‬
‫ملوك نوميديا للتنكيل بهم واإليقاع بهم إما ذال وأسرا وإ ما خسفا وهالكا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وفي خضم هذه الحرب األهلية التي نشبت بين هذين القائدين الكبيرين‪ ،‬ارتضى يوبا األول‬
‫أن يتحالف مع القائد بومپيوس ؛ ألنه كان يعرف مسبقا نوايا س قيصر وأطماعه الخفية‬
‫والمعلن ة في ش مال أفريقي ا‪ ،‬وطريقت ه المس تبدة في إدارت ه لمنطق ة ش مال إفريقي ا واس تعماله‬
‫للشدة والقسوة في تسييره لممالك هذه المنطقة‪ .‬لذلك رفض يوبا األول التحالف مع قيصر‬
‫الروم ال من قريب وال من بعيد‪ ،‬بينما الملكان الموريتانيان بوگود الثاني وبوگوس الثاني‬
‫اختارا التحالف مع س قيصر طمعا في االمتيازات وخوفا من بطش س القيصر المتجبر ‪.‬‬
‫وك ان النص ر في األخ ير للقيص ريين على حس اب القائ د پوم پيوس المنه زم أم ام الق وات‬
‫القيصرية المتحالفة مع القوات األمازيغية العاتية‪.‬‬

‫وقبل ذلك‪ ،‬لقد ارتضت القوات الرومانية القيصرية النزول السريع بتونس في رأس بون‬
‫س نة ‪47‬ق‪.‬م بفض ل مس اعدة بخ وس الث اني مل ك موريطاني ا و اإليط الي س يتيوس( ‪)Sitius‬‬
‫رئيس المرتزقة الذي كان الجئا بموريطانيا‪ ،‬فحاصرت مدينة أوتيكا التي لم تحرر إال من‬
‫قبل الملك يوبا األول‪ ،‬وقد نال هذا العمل الرائع إعجاب القائد الروماني بومپيوس ورضاه‬
‫الكب ير‪ ،‬فش جعه على مواص لة القت ال ح تى النفس األخ ير‪ .‬بي د أن الق وات القيص رية س تحط‬
‫ركابه ا وت نزل عتاده ا م رة أخ رى في ش واطئ أفريقي ة ب القرب من مدين ة حض رموت و‬
‫عسكر بها‪ ،‬و هناك حاصرته قوات بومبيوس و لم يستطيع النجاة إال عندما وصله المدد‬
‫بحرا حيث أصبح عدد جنده ‪ ،33000‬حينئذ فكر القيصر في الهجوم مرارا لكن الحظ لم‬
‫يسعفه و هذا بعد أربعة أشهر على نزوله و في ‪ 6‬أفريل ‪47‬ق‪.‬م بادر بالهجوم و استطاع‬
‫قيص ر ه زم جيش ش يبيون الم والي لبوم بيوس في معرك ة تابس وس(‪ )Thapsus‬بمس اعدة‬
‫س يتيوس فاس تولى على مدين ة س يرتا و أب اد الجيش النومي دي ال ذي ك ان يحميه ا ثم اقتحم‬
‫معسكر يوبا األول الموجود في الجنوب وبالتالي‪ ،‬حاصر فيالق القيصر قوات يوبا األول‬
‫مدعم ة ب القوات الموري ة الغربي ة ال تي ك ان يقوده ا ك ل من بوگ ود الث اني‬
‫من ك ل الجه ات ّ‬
‫وبوخوس الثاني‪ .‬فاضطر يوبا األول للتراجع نحو عاصمته زاما‪ ،‬ولكنه لم يرض بالفرار‬

‫‪3‬‬
‫والتراجع‪ ،‬فاختار ميتة شريفة عن طريق المبارزة مع العدو في ساحة القتال والشرف ب دال‬
‫من أن يؤخ ذ أس يرا ذليال إلى روم ا‪ .‬وبالتحدي د في س نة ‪ 46‬ق‪.‬م خالل معرك ة تابس وس‬
‫(رأس ال ديماس) ؛ ال تي دارت بين س قيص ر روم ا والمل ك النومي دي يوب ا األول؛ ال ذي‬
‫تحالف مع خصم سيزار اللدود بومپيي ( پمپايوس) ‪.‬‬

‫ألغى القيص ر المملك ة النوميدي ة و ض مها إلى المس تعمرات الروماني ة و س ماها إفريقي ة‬
‫الجديدة(‪ )Africa Nova‬تمييزا لها عن والية إفريقية القديمة (قرطاج)‬

‫ولم ا ت وفي يوب ا األول ت رك ول دا ص غيرا في الرابع ة أو الخامس ة من عم ره يس مى يوب ا‬


‫الثاني‪ ،‬فأسره س قيصر فحمله معه إلى روما ‪ ،‬ثم نشأ الفتى النوميدي بعد ذلك في كنف‬
‫اإلم براطور خل ف قيص ر ال ذي س اعده على طلب العلم في ع دة م دارس ومعاه د روماني ة‬
‫وأجنبية إلى أن صار مثقفا كبيرا يشهد له بالعلم الواسع أعداؤه قبل أصدقائه ‪.‬‬

‫الث‪///////////‬ورات أثن‪///////////‬اء االحتالل الروم‪///////////‬اني لنومي‪///////////‬ديا (للق‪///////////‬رن األول قب‪///////////‬ل الميالد‪).‬‬

‫إن مقاومة النوميديين لالحتالل الروماني ظاهرة تاريخية ال يمكن تجاهلها‪ ،‬فلم تهدأ‬
‫ثورات التحرير منذ وطأت أقدام الغزاة الرومان فيها‪ ،‬ولقد اتخذت تلك المقاومة أشكاال‬
‫متعددة‪ ،‬وبرزت في صور مختلفة باختالف الظروف والمعطيات‪ ،‬فاتخذت طابع المواجهة‬
‫العسكرية على يد يوغرطة‪ Jugurtha‬ضد روما‪ ،‬كما تقمصت شكل المناورات السياسية‬
‫والمساومات العسكرية‪ ،‬مثلما حدث مع العاهل يوبا األول‪ ،Juba I‬ثم برزت أخيرا في‬
‫صورة المواجهة الشعبية التي اكتست طابع الثورة الجزئية أو الشاملة ضد تغلغل‬
‫االستعمار الروماني‪ ،‬كما هو الشأن التي قادها أرابيون‪ ،Arabion‬أو التي اشتهرت‬
‫بشخصية تاكفاريناس ‪ ،Tacfarinas‬وغيرها من الثورات التي قامت ضد التواجد‬
‫الروماني بالمنطقة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪– I‬ثورة أرابيون‪:‬‬
‫لقد حاول يوليوس قيصر‪ J. César‬بعد ضمه لنوميديا خالل سنة ‪46‬ق‪.‬م أن يشدد‬
‫قبضته على كامل شمال إفريقيا‪ ،‬إالّ أنه قتل قبل تجسيد مخططه على أرض الواقع من قبل‬
‫التحالف الثالثي العسكري‪.‬‬

‫ووقع نزاع بين الواليتين اإلفريقيتين الجديدة و القديمة بسبب انضمام سيكتيوس حاكم‬
‫إفريقيا الجديدة إلى الحكم الثالثي المناهض لمجلس الشيوخ‪ ،‬فخلعه هذا األخير من واليته‪،‬‬
‫و دفاعا عن منصبه طلب سيكتيوس(‪ )Sextius‬المخلوع يد المساعدة من النوميدي أرابيون‬
‫(‪ )Arabion‬للقضاء على منافسه كورنيفيسيوس(‪ )Cornificius‬حاكم إفريقيا القديمة الموالي‬
‫لمجلس الشيوخ و الذي أصبح بقرار هذا األخير حاكما للواليتين‪ ،‬فاستغل أرابيون هذا‬
‫النزاع بين الرزمانيين لخدمة قضايا نوميديا في التحرر و انضم رفقة جنوده النوميديين‬
‫إلى جانب الحاكم القديم ألفريقيا الجديدة سيكتيوس‪ ،‬و انتصر اإلثنان على كورنيفيسيوس‬
‫الذي قتل في المعركة‪ ،‬كما تمكن النوميدي أرابيون من القضاء على على سيتيوس رئيس‬
‫المرتزقة و أخرج أنصاره من مدينة سيرتا‪ ،‬و توصل إلى طرد جيش بوخوس عن الجزء‬
‫الغربي من نوميديا و الذي منحه له سابقا القيصر‪.‬‬

‫وهنا نشير أن أرابيون‪ Arabion‬قد أفلح في مهمته على المستوي الداخلي حيث أنه تمكن‬
‫من اس تقطاب عناص ر الث وار‪ ،‬وتوحي د كلم ة األم راء وش يوخ القبائ ل‪ ،‬فجن د الرج ال وأع د‬
‫الجيش‪ ،‬وتمكن من ه زم أعدائ ه في مع ارك خاطف ة‪ ،‬ويب دو أن ه اس تطاع أن يوق ظ ال وازع‬
‫الوطني في نفوس سكان المدن واألرياف على السواء‪ ،‬حيث تحمس سكان المدن للمقاومة‪،‬‬
‫فامتنعت بعض منها مثل زاما ريجيا عن اإلصغاء للرومان‪ ،‬الذين لم يتمكنوا من اقتحامها‬
‫ة‪.‬‬ ‫ا عن المقاوم‬ ‫ز أهله‬ ‫ل أعج‬ ‫ار طوي‬ ‫د حص‬ ‫إال بع‬

‫وعلى المستوي الخارجي وفق أرابيون من فرض مكانته بالمنطقة بين الحزبين المتنافسين‬

‫‪5‬‬
‫على الس لطة الروماني ة في بالد المغ رب‪ ،‬ذل ك أن الخالف بين مجلس الس ناتوا (مجلس‬
‫الش يوخ)‪ ،‬والحكوم ة الثالثي ة ال تي ش كلها (أكت افيوس‪ ،‬لبي دوس أنطوني وس‪ ،‬ه ذا م ا أدى‬
‫بانتقال الخالف إلى حكام المقاطعتين‪ ،‬ونشب النزاع بينهما فاستغل أرابيون‪ Arabion‬تلك‬
‫الفرص ة ودخ ل اللعب ة السياس ية الروماني ة‪ ،‬وك ان هدف ه ع زل أع داءه و تمكن من اس تعادة‬
‫مدينة نوميدية تقع على حدود المقاطعة الرومانية المذكورة‪ ،‬فأحي أرابيون‪ Arabion‬لهذه‬
‫ديا‪.‬‬ ‫ان نومي‬ ‫ارات كي‬ ‫االنتص‬

‫غير أن حاكم الرومان سيكتيوس قد اتضح له أن أرابيون أصبح قوة ال يستهان بها‪ ،‬وأن‬
‫وطنيته قد تدفع به إلى االنقالب ضده بعد أن يمتن أركان مملكته التي أحياها وتأكد له ذل ك‬
‫من نواياه المناهضة للوجود الروماني ككل‪ ،‬لذلك قرر سيكتيوس أن يضع حدا لنشاط هذا‬
‫األم ير النومي دي قب ل أن يستعص ى أم ره ف أوعز باغتيال ه م دعيا أن ه اش تبه في أم ره‪ ،‬وأن ه‬
‫انجون‪.Fangon‬‬ ‫دة ف‬ ‫ا الجدي‬ ‫اكم إفريقي‬ ‫دوه ح‬ ‫عع‬ ‫هم‬ ‫د من تعامل‬ ‫تأك‬
‫بمقت ل أرابي ون‪ Arabion‬س نة ‪40‬ق‪.‬م س قطت شخص ية نوميدي ة أخ رى ض حية فش ل‬
‫المن اورات السياس ية ال تي خاض ها مل وك نومي ديا في س بيل الخالص من الع دو عن دما‬
‫يعجزون عن مقاومته‪ ،‬وتضح أن عميلة اغتيال أرابيون‪ Arabion‬لم تكن بسبب شخصيته‬
‫المشتبه فيها وإ نما كانت اغتياال للحركة الوطنية التي حمل لواءها ذلك النوميدي الجريء‪.‬‬

‫اس ترجع من بع د بوخ وس الث اني ممتلكات ه و تمكن من توس يعها على حس اب األراض ي‬
‫النوميدي ة‪ ،‬و عن دما ت وفي ه ذا األخ ير لم يب ق خل ف ل ه فحكم مكان ه الروم اني أوكت افيوس(‬
‫‪)Octavius‬‬

‫يوبا الثاني(‪:)JubaII‬‬

‫‪6‬‬
‫انتقمت روما انتقاما مريرا من "يوبا األول"‪ ،‬آخر ملوك نوميديا الذين قاوموها‪ .‬وهو انتقام‬
‫لم يكن ِليخطر على بال أحد‪.‬‬

‫فبعد هزيمة يوبا األول على يد الجيش الروماني شرق مدينة بونة (عنابة اليوم بالجزائر)‪،‬‬
‫األول‪ ،‬يوب ا الث اني‪ ،‬ال ذي لم‬
‫ومقتل ه هناك‪ ،‬أم ر القيصر الروم اني يولي وس بجلب ابن يوبا ّ‬
‫يكن يتجاز من العمر ‪ 5‬سنوات إلى روما‪ ،‬وهناك بدأت حكاية االنتقام المرير‪.‬‬

‫تربيته‪/:‬‬

‫ولد الملك يوبا الثاني حوالي سنة ‪ 52‬قبل الميالد‪ ،‬وتوفي في السنة ‪ 23‬ميالدية‪ ،‬وهو نجل‬
‫األول‪.‬‬
‫يوبا ّ‬

‫بعد هزيمة يوبا األول أمام القوات الرومانية‪ُ ،‬أسر يوبا الثاني وطلب اإلمبراطور الروماني‬
‫يوليوس قيصر بنقله إلى روما‪ ،‬وهناك احتضنه في القصر‪ ،‬فتربى تربية رومانية كاملة‪،‬‬
‫وبع د وف اة يولي وس قيص ر احتض نه خليفت ه اإلم براطور أغس طس‪ ،‬فعلم ه الفن ون واآلداب‬
‫والعلوم وشؤون الحكم في مدارس روما وأثينا ومعاهدهما‪.‬‬

‫ج رت عملي ة فص ل يوب ا الث اني عن أص وله النوميدي ة األمازيغي ة على م ّر الس نين‪ ،‬فتش ّبع‬
‫بثقاف ة روماني ة‪ ،‬وص ار معروف ا ب العلم واآلداب وإ تقان ه ع دة لغ ات‪ ،‬فض ال عن التبح ر في‬
‫الفلسفة والهندسة ومختلف العلوم‪.‬‬

‫ونفس المصير القىت ه كليوب اترا س يليني فبع د أن قض ى يولي وس قيص ر على كليوب اترا في‬
‫مصر أيضا‪ ،‬أخذ ابنتها الصغيرة‪ ،‬وربتها أخت ه أوكتافي ا في القص ر اإلم براطوري‪ ،‬لق د نش أ‬
‫يوبا الثاني وسيليني ابنة كليوباترا معا في قصور روما‪.‬‬

‫اشتد عود يوبا الثاني‪ ‬وبات صاحب معرفة بإدارة شؤون الحكم‪ ،‬ونظرا للتربية الرومانية‬
‫ّ‬
‫عينه القيصر أوكتافيوس‪ ‬حاكما لموريتانيا‬
‫التي تلقّاها‪ ،‬والتي كان أساسها اإلخالص لروما‪ّ ،‬‬
‫القيص رية‪ ،‬في س نة ‪25‬ق‪.‬م نص ب اإلم براطور الروم اني أغس طس النومي دي يوب ا الث اني‬

‫‪7‬‬
‫ملك ا على الش مال اإلف ريقي‪ ،‬و ه ذا نظ را لالس تعداد ال ذي وج ده لدي ه في التع اون مع ه‪.‬‬
‫ودامت فترة حكم يوبا الثاني خمسين سنة كانت كلها في ظل الحماية الرومانية‪.‬‬

‫زواجه من كليوباترا سلينى‬

‫زوجهما الرومان من بعض‪ ،‬ثم‬ ‫تربى يوبا الثاني وابنة كليوباترا تربية التينية‪ ،‬ولما كبرا ّ‬
‫اقتطع اإلمبراطور أوكتافيوس أغسطس جزءا من المملكة الموريتانية‪ ،‬ووض ع على رأس ها‬
‫يوبا الثاني وزوجته كليوباترا ِسيليني‪ ،‬وسمى هذه المقاطعة موريتانيا القيصرية‪ ،‬نسبة إلى‬
‫قيصر‪ ،‬وعاصمتها شرشال (وسط الجزائر)‬

‫و ك ان يوب ا الث اني شخص ية مثقف ة‪ ،‬تلقى في ص غره العل وم بمدين ة روم ا يحس ن اللغ ات‬
‫الالتينية و اليونانية‪ ،‬و كان يملك بعاصمته مكتبة غنية بالمؤلفات ألف العديد من الكتب في‬
‫ت اريخ الروم ان و جغرافي ة إفريقي ة و جزي رة الع رب‪ ،‬و الموس يقى‪ ،‬و من بينهم كت اب‬
‫"ليبيكا"(‪ )Libyca‬و هو يشتمل على معلومات هامة تتعلق بالتاريخ و الجغرافيا و الثروة‬
‫الحيوانية و النباتية التي كانت متوفرة حينذاك‪.‬‬

‫ويقول عنه المؤرخ الفرنسي‪ ،‬شارل أندري جوليان‪ ،‬في موسوعته "تاريخ شمال أفريقيا"‪،‬‬
‫إن يوبا الثاني‪" ‬كان‪ ‬يحسن اليونانية والالتينية والبونيقية‪ ،‬وكان‪ ‬آخذا من كل شيء بطرف‪،‬‬
‫فلم‪ ‬يبق علم واحد غريبا عنه‪ ،‬وكان بإمكانه أن يكتب في كل موضوع بفضل مكتبه الثرية‬
‫من الذين ال يعرفون التعب"‪.‬‬

‫وفاته‪:‬‬

‫بعد وفاته تم دفنه في المدفن الملكي الموريطاني مع زوجته كليوباترا سليني والواقع حاليا‬
‫بمدين ة تيب ازة ‪ 60‬كلم غ رب الجزائ ر العاص مة) ويس مى "ق بر الرومي ة" وش كله ه رمي‬
‫مستدير ويعد من معالم التراث العالمي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ردة فع‪//////‬ل الش‪// / /‬عب من تنص‪// / /‬يب‪ /‬يوب‪//////‬ا الث‪// / /‬اني ملك‪// / /‬ا على مروريطاني‪// / /‬ا القيص‪// / /‬رية‪/:‬‬
‫بعد اغتيال أرابيون تفطن المغاربة حيث تمرد الجيتو اندفعوا لمقاومة ولم يقبلوا بالخضوع‬
‫للملك الموريطاني يوبا الثاني‪ Juba II‬ألنه غير متحمس لفكرة التحرر التي كانت تتأجج‬
‫في قل وب الكث ير من المغارب ة القدماءحين ذاك في المنطق ة وع اثوا في المنطق ة فس ادا وقت ل‬
‫المتم ردون ع ددا كب يرا من الروم ان‪ ،‬وق د اتس ع نط اق الث ورة جغرافي ا فش ملت جمي ع بالد‬
‫المغ رب الق ديم حيث انض مت إليه ا قبائ ل الم وزوالمي األم ر ال ذي أرغم اإلم براطور على‬
‫إص دار ق رار بالت دخل في الوض ع للفرق ة الروماني ة المتواج دة في المقاطع ة اإلفريقي ة من‬
‫أج ل وق ف زح ف الث وار وذل ك ع امي ‪21-22‬ق‪.‬م‪ .‬وك ان ت دخل الجيش الروم اني ش ديد‬
‫األث ر على الس كان‪ ،‬لكن ش مولية الث ورة مكنت من زرع ب ذور المقاوم ة في جه ات مختلف ة‬
‫من بالد المغ رب الق ديم‪ ،‬وتعميم ال وعي بض رورة مواجه ة التواج د الروم اني ح تى عن د‬
‫القبائ ل الص حراوية‪ ،‬وك انت قبائ ل الجيت ول أك ثر المجموع ات البش رية مض ايقة للروم ان‪،‬‬
‫وأمتنه ا ع ودا‪ ،‬وق د اش تدت ث ورة الجيتول يين وغ يرهم ض د الروم ان في عه د اإلم براطور‬
‫تي بريوس‪Tiberius 14‬م خاص ة وأن ه ذا األخ ير ك ان ق د توغ ل بالح دود الروماني ة جنوب ا‬
‫فض مت أج زاء من أراض ي الجيت ول ومنه ا معظم أراض ي الم وزوالمي األوراس ية‪.‬‬
‫ويتجلى أن الح رب ك انت ش ديدة بين الق وات الروماني ة‪ ،‬وقبائ ل الجيت ول إلى درج ة أن‬
‫‪9‬‬
‫إحراز انتصار على هذه القبائل كان يبوء صاحبه مجدا كبيرا‪ ،‬ويجعله أهال للقب الشرفي‪،‬‬
‫ومن ذل ك أن البروقنص ل كرنيلي وس النتل وس ك ان يلقب ب الجيتولي تكريم ا ل ه بانتص اره‬
‫عليهم عام والواقع أن تلك الحمالت التي كانت تشنها روما ضد المقاومة الشعبية لم تكن‬
‫ق ادرة على تحقي ق أه دافها النهائي ة‪ ،‬ألنه ا ك انت متواص لة ب الرغم من االنتص ارات ال تي‬
‫كانت تحققها روما ضدها ذلك أن حرب العصابات اليومية بقيت إحدى أساليب المقاومة‬
‫الش عبية‪ ،‬خاص ة في المن اطق ال تي ك ان األمن متع ذرا فيه ا مث ل المن اطق الداخلي ة وع بر‬
‫الك‪.‬‬ ‫رق والمس‬ ‫الط‬

‫‪10‬‬

You might also like