Professional Documents
Culture Documents
تشجير كتاب قواعد الفقه ٢
تشجير كتاب قواعد الفقه ٢
تشجير كتاب
َّ
((املمتع في القواعد الفقهية))
أعده :د .مالك حسين شعبان َّ
املستوى الثالث
القاعدة الكبرى ا َّلرابعة -1-
ا ا ا
َل ض ار ار اوَل ِض ارار
مكانة هذه القاعدة وأهميتها 1
1
صياغة هذه القاعدة 2
2
معنى القاعدة 3
3
مجال إعمال القاعدة 4
4
تقييد القاعدة من إطالقها 5
َّ
ألادلة على القاعدة 6
َّ َّ
عالقة هذه القاعدة بقاعدة( :املشقة الجالبة للتيسير) 7
املتفرعة عنها
ِ القواعد 8
6
2 1
َّ الخاصة بإ الة َّ الخاصة بإ الة َّ
الضرر في حال التعارض َّ ز القواعد الضرر في حال انفراده َّ ز القواعد
َّ
الضرر َل ُيزال بمثله. َّ
1 الضرر ُيزال. 1
َّ َّ
الضرر ألاشد ُيزال َّ
بالضرر ألاخف. 2 الضرر ُيدفع بقدر إلامكان. 2
6 5
َّ تقييد القاعدة من إطالقها
4
ألادلة على القاعدة
َ ً مجال إعمال القاعدة
والس َّنة؛ َّ
أدلة من القرآن ُّ َّ َّ هذه القاعدة وإن وردت ُمطل َقة في لفظها ،فهي
ولعل أصرح دليل على القاعدة على سبيل دل على هذه القاعدة َّ ٌ
مقيدة في واقعها؛ فهي من قبيل العموم
إلاجمال ،ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري وابن عباس وعائشة َّ أن رسول هللا ً أساس في َم ْن ِّع
ٌ هذه القاعدة
َ َ َ شرعا ،وذلك كل ضرر ُم َّ
حر ًما املخصوص؛ فليس ُّ الفعل َّ
ض َر َر َوال ِّض َر َار». قال« :ال َّ َّأنه ي ُ
الضار ،وتالفي نتائجه ،وهي
الضرر ُم ً
طلقا ،وهذا يوجب إزالته؛ إماَّ ووجه الاستدَللَّ :أن هذا الحديث قد ورد بنفي َّ خرج من هذه القاعدة ثالثة أنواع من الضرر: ٌ
املتعلقِّ سند ملبدأ الاستصالح
وإما برفعه بعد وقوعه؛ بما ُيمكن من َّ
التدابير بدفعه قبل وقوعه؛ بطرق الوقاية املمكنةَّ ، بجلب املصالح ودرء املفاسد؛
ُ 3 2 1 كثيرا من أبواب الفقه فإن ً ولذلك َّ
التي تاَزيل آثاره ،وتمنع من تكراره.
الضرر بالغير بغير وجهالنهي عن إيقاع َّ والس َّنة قد دال على َّ
٭ ُيضاف إلى هذا؛ َّأن القرآن ُّ الضرر الذي ُّ َّ الضرر الذي أذ َن َّ َّ تنبني عليها؛ ومن ذلك:
تعم به البلوى؛ أي: الشرع في إيقاع ِّ
حق ،وب َّي َّنا كيفية رفعه بعد وقوعه ،وذلك في صور كثيرة؛ منها: ٍّ يعسرُ يعسر الاحتراز منه ،أو ُ الضرر العمل املشتمل عليه؛ وهو َّ
َّ َّ َّ حق؛ ومنه ضرر
-1النهي عن املضارة باملطلقات؛ كما في قوله تعالى( :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ)[البقرة،]230: الاستغناء عن العمل إال معه، بوجه ٍّ ِّ الواقع الضررفإنه ُشر َع لرفع َّ ٭ مشروعية الخيار بأنواعه؛ َّ
َّ َّ َّ ِّ
املضارة باملطلقة؛ َّإما بمراجعتها قبل
َّ ٌ
صريح عن [الطالق]7:؛ هذا ٌ
نهي َّ
(ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) وهذا النوع من الضرر في غالب الحدود من العقوبات
ً َّ الذي يلحق بأحد املتعاقدين.
مما آتاها ،وإماَّ العدة ،أو لتعطيه ً
شيئا َّ مر ًة أخرى لتطول عليها َّ عدتها ،وتطليقها َّ انتهاء َّ ُ ٌ ٌ والقصاص؛ فإنه وإن كان ضررا
مكن احتماله؛ وقوعه ،ضرر يسير ي ِّ الف َلس ُشرعَ ٭ مشروعية الحجر بأنواعه؛ فحجر َ
َّ مثل :الضرر الذي يكون في بعض َّ ضرر على من ُيقام عليه ،إال َّأنه ٌ ِّ
ُ
بالتضييق عليها حتى تفتدي منه بمالها ،أو تخرج من مسكنه.
بحق ،وقد أذن فيه َّ السفيه ش ِّر َع لرفع الضرر عن الغرماء ،وحجر َّ لرفع َّ
(ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ
َّ -2
النهي للوالدة والوالد عن إلاضرار بولدهما؛ كما في قوله تعالى: املعامالت؛ َّإما بسبب الغبن ،أو الشارع ،بل ٍّ ضرر َّ
ضررا ،إال أنهَّ
فإنه وإن كان ً الغرر؛ َّ السفيه املحجور عليه.
ُ أوجبه في حاالت كثيرة.
رض َع ولدها إضر ًارا ﯩ ﯪ ﯫ)[البقرة]233:؛ هذا ٌ
نهي عن إلاضرار بولدها؛ بأن تأبى أن ت ِّ فإنه ُي َ
عمت به البلوى؛ َّ إذا َّ فإنها ُشرعت لدفع ضرر الشفعة؛ َّ ٭ مشروعية ُّ
ونهي للوالد عن أن ينتزع الولد من والدته ،ويمنعها من إرضاعه؛ َّ بوالدهٌ ، غتفر. َّ
ملجرد إلاضرار بها. الشريك ،أو الجار الذي ال يريده إلانسان.
َّ مما كان ُم ً املكلف َّ َّ
َّ َّ َّ -3 بحق هللا تعالى؛ تعلقا بحقه ،ال ِّ ِّ ما رض َي به
مضارة الكاتب والشاهد؛ كما في قوله تعالى( :ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ النهي عن
فمتى اشتمل العمل على ضرر للمكلف ،وكان ُم ً َّ فإنه ُش ِّر َع لرفع ضرر ٭ مشروعية القصاص؛ َّ
بحقه تعلقا ِّ ِّ ٍّ
َّ
املضارة من الكاتب والشاهد؛ وذلك بأن يكتب نهي َّإما عن
ﯯ ﯰ)[البقرة]282:؛ هذا ٌ
الضرر ،ومن هذا القبيل :أنَّ غت َفر هذا َّ فإنه ُي َ هو ،ورض َي به؛ َّ
َّ
ضرر ُمتوقع؛ وهو ٍّ وليه ،ولدفع َ
املتعدى عليه ،أو ُّ
َّ ً َ ِّ
الكاتب بخالف ما ُيملى عليه ،أو يمتنع من الكتابة أصال ،وأن يشهد الشاهد بخالف ما تدي ًناً - نسبا أو ُّ موليته بغير كفء ً - َ الناس في املستقبل.الاعتداء على َّ
َّ ة بالكاتب َّ َّ يكتم َّ
سمع ،أو ُ ضررا عليها، في تاَزويج الولي
والشاهد؛ وذلك بأن ُيدعيا نهي عن املضار بالكليةَّ ،
وإما ٌ الشهادة ألن َّ فإن العقد يصح؛ َّ فلو َّأنها رضيت بذلك؛ َّ
َّ ُ
فإنه ش ِّر َع لرفع ٭ مشروعية نصب ألائمة والقضاة؛
َّ الضرر الذي
الحق
إلى الكتابة أو الشهادة ،وهما مشغوالن ،فإذا اعتذرا بعذرهما؛ أوقع بهما صاحب ِّ ودفع للضرار املحتمل ،من ٌ الضرر عن املظلومين، َّ
ٌ
ضرر اشتمل عليه العقد ،وهو عدم الكفاءة في هذا ألامر،
ألاذى. حقه بنفسه. َ
حق من حقوقها ،وقد رضيت به. ُم ٌ قيام املعتدى عليه بأخذ ِّ
َّ
-4النهي عن املضارة في الوصية؛ كما في قوله تعالى ( :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
َّ تعلق باملرأة في ٍّ ِّ
فإنها ُشر َعت لدفع َّ ٭ مشروعية الحدود؛ َّ
بالاَزنا ونحوه ،ضررا يلحق باملقذوف ،فلو ُ َ ً َّ الضرر ِّ
الضرر على الورثة في الوصية َّ
نهي للمورث عن إدخال َّ [النساء]02:؛ هذا ٌ وكذا فإن في القذف ِّ ورفعه عن َّ
والدين؛ ِّ ﮫ) ِّ َّ ُ َّ الناس؛ في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم.
ُ ُّ بالحد؛ فإنه ال ِّ طالب أن املقذوف سكت في هذه الحال ،ولم ي ِّ
َّ َ َّ ُ
بأن يوص ي بأكثر من الثلث ،أو يوص ي لوارث ،أو أن ي ِّقر بدين ليس عليه.
الضرر الذي اشتمل عليه ألن َّ الحد على القاذف؛ َّ ُّ ُيقام فإنه ش ِّر َع ٭ مشروعية قتال املشركين والبغاة؛
َّ
الصفحة التالية اي ْت ابع في َّ َّ َّ
ٌ الدين ،وألانفس، لدفع الضرر ورفعه؛ عن ِّ
بحق املكلف املقذوف ،وقد رض ي به؛ لسكوته. القذف ،ضرر ِّ
-4-
7 6
َّ َّ ا َّ
عالقة هذه القاعدة بقاعدة (املشقة ت ْج ِلب التيسير) ألادلة على القاعدة
2 1
َّ الخاصة بإزالة ََّّ الخاصة بإزالة َّ
َّ
الضرر في حال التعارض القواعد الضرر في حال انفراده القواعد
َّ
الضرر َل ُيزال بمثله. َّ
1 الضرر ُيزال. 1
َّ َّ
الضرر ألاشد ُيزال َّ
بالضرر ألاخف. 2 الضرر ُيدفع بقدر إلامكان. 2
َّ
ُيختار أهون الش َّرين. 4 َّ
الضرر َل يكون ً
قديما. 4
1
الخاصة بإ الة َّ
الضرر في حال انفراده َّ ز القواعد
َّ
الضرر ُيزال. 1
قديما. َّ
الضرر َل يكون ً 4
-7-
1
رر ُي ازال َّ
الض ُ
َ َ ُُ
شرعا هو منع وقوع ً ملا كان الواجب
َّ
هذه القاعدة لها جانبان؛ جانب دفع -1قوله تعالى( :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ)[التغابن ،]01:وقال َ « :وِّإذا أ َم ْرتك ْم
املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي َ ْ َُْ ْ ُ َ ْ َ
نصتالضرر ،أو رفعه بعد وقوعه ،كما ََّّ َّ
الضرر أو رفعه بالكلية ،وجانب دفع َّ اس َتط ْع ُت ْم» أخرجه البخاري ومسلم. ِّبش ي ٍّء فأتوا ِّمنه ما
َّأن الواجب ً ا وجه الاستدَللَّ :أن دفع الضرر قبل وقوعه ،أو رفعه بعد وقوعه ،من
َّ
على ذلك القاعدة الكبرى ،فقد أفادت ً َّ شرعا هو منع وقوع ُي ْدفع :ظاهره ُيفيد إزالة
الضرر أو رفعه جاَزئيا ،وفي ٍّ
كل منهما َّ ألنه قد نهى عن إيقاع َّ الشرع؛ َّ قبيل امتثال أمر َّ
هذه القاعدة َّأن ذلك املنع أو َّ
الرفع، للضرر بقدر إلامكان، َّ دفع أو ٌ
رفع ٌ الضرر ،أو رفعه بعد وقوعه الضرر قبل وقوع ،إال َّأن واقع
َّ الضرر ،فتكون إزالته
َّ ٌ
قي ٌد بحسب الاستطاعة والقدرة. ُم َّ فحصل عندنا أربعة أقسام: بحسب الاستطاعة والقدرة، يدل على َّأنهالشرع ُّأحكام َّ واجبة ،والوجوب ُمعلق باالستطاعة بداللة آلاية والحديث ،فيلاَزم
فإن أمكن منعه أو رفعه ُيمكن أن ُيراد به إزالة َّ الضرر ،أو رفعه بحسب إلامكان. دفع َّ
الضرر
بالكلية ،وإال َّ
فإن املنع أو َّ
الرفع َّ
قبل وقوعه ،وكذا بعده. (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ -2قوله تعالى:
يكون بحسب املستطاع. بقدر إلامكان :يعني بحسب ﯣ ﯤ ﯥ)[ألانفال.]11:
الاستطاعة والقدرة. وجه الاستدَللَّ :أن هللا تعالى أمر املؤمنين بإعداد القوة ،لدفع ضرر
َّ
يدل على َّأن دفع َّ
الضرر وقيد هذا ألامر باالستطاعةَّ ،
مما ُّ ألاعداءَّ ،
4 3 2 1
يكون بحسب إلامكان.
دفع َّ دفع َّ
الضرر بعد رفع َّ رفع َّ
الضرر بعد الضرر بعد الضرر بعد (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ -3قوله تعالى:
َّ وقوعه ً
جزئيا َّ وقوعه ً
جزئيا
بالكلية وقوعه بالكلية وقوعه [النساء.]33:ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ) ِّ
َّ
عد ضررا على الاَزوج ،وقد أمر هللا ً الاَزوجة ُي ُّ وجه الاستدَللَّ :أن نشوز َّ
َ يدل على َّأن َّ
َّأن أحد املتبايعين قد يقع له املعتدي على العرض إذا َّأن أذى
َ الضرر ُيدفع بقدر مما ُّ تعالى بدفعه بحسب الاستطاعةَّ ،
ِّ
ضرر ،بعد لاَزوم عقد البيع؛ ٌ إلامكان.
لم يندفع ،إال بدفع املال إليه؛
فإنه ُي َ َّ َّ
هذا القسمان اللذان يتعلقان بما -4قوله َ « :م ْن َ َرأى م ْن ُك ْم ُم ْن َك ًرا َف ْل ُي َغي ْر ُه ب َيدهَ ،فإ ْن َل ْم َي ْس َتطعْ
الشراء، كأن يندم على البيع أو ِّ شرع دفع املال إليه في ِّ َ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
فتقدم َّ
َّ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َْ ََ َ ْ َ ُ ْ َ
فشرع خيار املجلس ،وخيار
ُ
للضرر بقدر
ً
الة َّ هذه الحال؛ إز التمثيل لهما بعد الوقوع، ف ِّب ِّل َس ِّان ِّه ،ف ِّإن لم يست ِّطع ف ِّبقل ِّب ِّه ،وذ ِّلك أضعف ِّإلايم ِّان» أخرجه مسلم.
َ
َّ َّ َّ َ َ ُ ُ َّ َّ
في القاعدة السابقة (الضرر ياَزال). الن ُّبي إلى ضررا ،وقد وجه َّ ً وجه الاستدَللَّ :أن وقوع املنكر ُي َع ُّد
الضرر املتوقع الشرط؛ لدفع إلامكان عن املعتدى عليه ،وهذا َ يدل على َّأن َّ
ألحد املتعاقدين ،وهذا في ً
جاَزئيا؛ َّ
الضرر من قبيل دفع الضرر ُيدفع بقدر مما ُّ وجوب رفعه بحسب القدرةَّ ،
َّ
بالكلية. للضرر دفع َّ
الجملة فيه ٌ َّ َّ إلامكان.
الضرر ال يندفع عن فإن
َ َّ ُ ْ ُ ْ َ ُ ََ
املعتدى عليه ،إال بانصراف -5ما ورد في حديث سمرة ب ِّن جند ٍّب - الذي تقدم ،-فقد طلب
ثم أن يهبه لألنصاري، ثم أن ُيناقلهَّ ، الن ُّبي من َس ُم َر َة أن يبيعهَّ ،
َّ
املعتدي ،بعد أخذه لذلك ِّ
الضرر عن ألانصاري بقدر إلامكان. السعي إلى دفع َّ وكل ذلك من قبيل َّ
املقابل املالي.
-9-
3
ا
القديم ُي اترك على ِقد ِمه
َّأنه ملَّا كان بعض ما في أيدي َّ دل لهذه القاعدة بدليل من املعنى؛ وهو: ست َّيمكن أن ُي َ
الناس َّ
مما يص ُّب على بيت جاره من ابُ ، -1لو كان لشخص في داره ميز ٌ
ٍّ املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي ُ َّ َّ
أعيان ،أو منافع قد يظهر هو ٌ
قديم؛ من َ ُ َّ َّ
موجودا من َّ
الاَزمن ً امل َ
تنازع فيه َّأنه ملا كان هذا الش يء
ٍّ الاَزمن القديم ،وأراد الجار إزالة هذا امليزاب؛ فإنه يمنع من َّ القديم ،على هذه الحالة املشاهدة؛ َّ
َّ َّ مما هو في النزاع َّ أن ما يقع فيه ِّ فإن ألاصل بقاؤه
متقرر-
أن فيه ضررا ،والضرر -كما هو ِّ
ً قديم ،والقديم ُي َترك على ِّق َد ِّمه. ٌ ألن امليزاب ذلك؛ َّ القديم :هو ما توافر فيه وصفان:
َّ
-2لو كان لشخص َ الناس ،من أعيان أو أيدي َّ وأن الغالب على الظ ِّن َّأنه ما خاصة َّ َّ على ما كان عليه،
تجب إزالته ،فقد جاءت هذه القاعدة؛ مم ٌّر في أرض جاره ُيم ُّر منه إلى بيته من ٍّ مما ال ُيدرك ٌ
النزاع
أحدهما :أن ال يوجد وقت ِّ
َ َ ُ َّ
منافع- ،وكان َّ
ُلت ِّبين َّأن القديم ُيترك على ِّق َد ِّمه ،وإن منع من فإنه ُي َ الاَزمن القديم ،وأ اد الجار إغالق هذا املَ َمر؛ َّ
ر َّ أحد ِّ فيه َم ْن أدرك مبدأه. وجه
شرعي ،والش يء إذا و ِّجد على ٍّ ٍّ بوجه
ٍّ حدث إال
ٌ ً َّ
ظهر َّأن فيه ً ألن املَ َمر ٌ مشروع في أصله-؛ مبدأه ،وهو شرعي ،فإنه ينبغي تركه على حالته ،فال تجب إزالته.
ضررا. قديم ،والقديم ُي َترك على ِّق َد ِّمه. ذلك؛ َّ
َّ
مشروعا في أصله. ثانيهما :أن يكون ٍّ
ٌ فإنه ُي َترك على حالته التي هو ُ
ومعنى هذاَّ :أنه لو ف ِّقد أحد هذين
لشخص بقعة في أرض جارهُ ،ي ِّلقي فيها فضالته، ٍّ -3لو كان
َّ نقص ،وال عليها ،بال زيادة ،وال فإنه الالوصفين ،أو كالهما؛ َّ
وفضالت بهائمه من الاَزمن القديم ،وأراد صاحب ألارض منعه ٍّ
َ ُّ ُ
تغيير ،وال تحويل ،وي َعد ِّقد ُمه
ألن انتفاعه بتلك البقعة منع من ذلك؛ َّ فإنه ُي َ من ذلك؛ َّ ِّ الق َدم الاصطالحي، يتحقق وصف ِّ
َّ
ٌ ٌّ َّ ً
بطريق دليال على أنه حق قائم
قديم ،والقديم ُي َترك على ِّق َد ِّمه. ٌ ٍّ املقصود في هذه القاعدة.
الاَزمن القديم ،أن يحجاَز ماء -4لو كان من عادة شخص من َّ مشروع. ِق اد ِم ِهُ :يراد به :حالته التي هو عليها
ٍّ
َّ
طلق الاَزائد لجاره، ُ َّ النزاع.
وقت ِّ
املطر في أرضه ،حتى يمتليء زرعه ،ثم ي ِّ
ُ ُ
طلق له املاء ،قبل امتالء زرعه؛ وأراد جاره أن يطلب منه أن ي ِّ
ٌ َّ فليس له ذلك؛ َّ
قديم ،والقديم ألن انتفاعه بتلك الطريقة
ُي َترك على ِّق َد ِّمه.
- 10 -
4
َّ
الضرر َل يكون ً
قديما
5
ا ا
في بيان ضابط ما ُيحت ارم ِق اد ُم ُه وما َل ُيحت ارم
ضررا ،فما َّ حت َرم ق َد ُم َها؛ ألجل َّأن فيها ً ٌَ ُ َ َ ُ
احتر َم ِّق َد ُم َها ،ورأينا في هذه القاعدة َّ ٌ ٌَ ٌ َّ َّ
الضابط ِّ أشياء قديمة لم ي الرابعة مر بنا في القاعدة الثالثة أشياء قديمة ،فيها ضرر ومع ذلك ِّ
في ذلك؟
َّ ُ َّ َ ُ َّ َّ َّ َّ
ضابط لهذا ،بعد أن قرر أن ميزان مراعاة ِّقدم الضرر ،وعدم مراعاته ،يرجع إلى تحديد فحش الضرر، ٍّ اجتهد الشيخ (أحمد الاَزرقا) في «شرح القواعد الفقهية» في وضع
َّ
والضابط هو:
ا
ان اقد ًيما ،او اما اَل ُيمكن أن ُي ْس ات َّ ا ا ض ارر افاحش ،افتجب ح اينئذ ُم ار ا َّ ْ َّ ا ُ ا ا ْ ا ا ْ ْ ا ا
كل اما ُيمكن أن ُي ْس ات َّ " اأ َّن َّ
حق ِ اعاة قدمه ِإذا ك ِ ٍِ حق على الغ ْير ِب او ْج ٍه من ال ُو ُجوه الشر ِعية ،فهو ليس ِب
ا ا ا ا ا ا ا ا ْ ا
على الغ ْير ِب او ْجه ش ْر ِع ٍي ،ف ُه او ض ارر فاحش ،او ُي ْرفع مهما كان ق ِد ًيما".
ُ َ َ َ
فيحت َرم ِّق َد ُمه. يستحقه إلانسان على غيره ِّب َو ْجه ش ْر ِّع ٍّي؛ َّ يصب على بيت الجار ،أو امل َمر الذي يكون في أرض الجار ،ونحو ذلك ُيمكن أن ُّ فإن امليزاب الذي وإليضاح ذلكَّ :
َ َ َّ َّ ُ ْ ْ َ َّ َّ َّ
بأي وج ٍّه من ال ُوجوه الش ْر ِّع َّية؛ ولذلك فإنه ال ُيحت َرم ِّقد ُمه. وأما تنجيس الطريق العام ،أو كشف نساء الجار؛ فإن ذلك ال يمكن أن يستحقه إلانسان على غيرهِّ ،
َّ
- 11 -
2
َّ الخاصة بإ الة َّ
الضرر في حال التعارض َّ ز القواعد
َّ
الضرر َل ُيزال بمثله. 1
َّ
بالضرر ألاخف. َّ
الضرر ألاشد ُيزال 2
َّ
ُيختار أهون الش َّرين. 4
تمثل إحدى صور مفهوم هذه القاعدة ِّ فقير؛ َّ َ
الَ :ب ْي َن َما ن ْح ُن ِّفي -1ما رواه مسلم َع ْن َأ َنس ْبن َم ِّال ٍّك َ ،ق َ َّأنه إذا تقابل ضرران ،وكان
ُ َّ فإن موسر ،وآلاخر ٌ
ٌ -1لو َّأن شخصان بينهما قرابة؛ أحدهما ِّ ِّ ً
املخالفة لقاعدة( :الضرر ال ياَزال بمثله) ،التي َّ ْ َْ ُ ُ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ٌّ َ ََ ُ َْ ْ واقعا ،وهو أعظم من أحدهما
ضررا على ً النفقة تجب للفقير على املوسر ،وإن كان في ذلك ل
هللا ِّ ،إذ جاء أعر ِّابي فقام يبو ِّفي املس ِّج ِّد، املس ِّج ِّد مع َرسو ِّل ِّ
(الضرر ُياَزال)؛ وذلك َّأنه إذا
َّ هي قيد لقاعدة: النفقة أشد ،من ضرر فرض َّ ألن ضرر الفقير بعدم َّ املوسر؛ َّ َ الَ :ق َ ُ ُ هللا َ :م ْه َم ْهَ ،ق َ ص َح ُ ُ ال َأ ْ َف َق َ
آلاخر ،وأشد في نفسه؛ فإنهَّ
َّ كان َّ النفقة هللا « :ال ال َرسول ِّ اب َرسو ِّل ِّ
الضرر ال ُياَزال بمثله؛ فإن مفهوم املخالفة والضرر ألاشد ُياَزال َّ َّ هللا َ د َع ُاه َف َق َ وه َح َّتى َب َ ُ َّ ُ َ وه»َ ،ف َت َر ُك ُ وه َد ُع ُ ُت ْاَزر ُم ُ
َّ
الضرر ألاخف ،إلزالة ُيرتكب
بالضرر ألاخف. على املوسر، ال ال ،ث َّم ِّإن َرسول ِّ ِّ
من ذلكَّ ،أنه ُياَزال بما هو أقل منه؛ ومن صور َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُْ َ ْ َل ُه« :إ َّن َ
َّ
الضرر ألاشد.
َّ ذلك كون أحد َّ ثم َ
بإرث ،أو نحوه ،فبنى فيها ،أو غرسَّ ، ً َ َ
-2لو أن شخصا ملك أرضا ٍّ ً َّ صل ُح ِّلش ْي ٍّء ِّم ْن َهذا ال َب ْو ِّلَ ،وال ال َقذ ِّر ِّإ َّن َما اجد ال ت ِّ س امل ه ذ
ِّ ِّ ه ِّ
الضررين أخف من آلاخر ،وقد َ مستحقا غيره؛ َّ ًّ َ َّ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ
أفادت هذه القاعدة؛ َّأنه ُياَزال به َّ فإنه ُينظر إلى قيمة البناء ،أو ظهر َّأن لألرض هللا ُ
ل ُ َ َ
هللا ،والصال ِّة و ِّقراء ِّة القر ِّآن» أو كما قال رسو ِّ ِّهي ِّل ِّذك ِّر ِّ
الضرر ألاشد. َّ الغرس ،فإن كان أكثر من قيمة ألارض؛ َّ ْ َ َ َ َ َ َ َ ُ ً َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ
فإن للمشتري أن يتملك قال :فأمر رجال ِّمن القو ِّم فجاء ِّبدل ٍّو ِّمن م ٍّاء فشنه علي ِّه.
جبرا على صاحبها املستحق؛ وذلك َّ ألارض بقيمتها ً حق هذا ألاعرابي ضرران؛ َّ
ألن في ناَزعها من وجه الدَللة :أنه قد تقابل في ِّ
يده في هذه الحالةً ، كمل بوله؛ وفي هذا تنجيس للمسجد. ُ
ضررا أشد من ضرر بقائها في يده ،ودفع قيمة أحدهما :تركه حتى ي ِّ
بالضرر ألاخف ،والعكس َّ والضرر ألاشد ُياَزال َّ ألارض للمستحق، وثانيهما :قطع بوله عليه؛ وفيه ضرر تنجيس بدنه وثيابه ،ومواضع
بالعكس. بقية البول عليه ،ونحو ذلك. أخرى من املسجد ،واحتباس َّ
الثاني َّ َّ رر َّ َّ
-3لو أن أسيرا مسلما وقع بيد الكفار ،ولم يمكن إطالقه إال ً ً َّ الرسول ألاول؛ لذا نهى َّ أشد من َّ والظاهر َّأن الض
ألنفإنه يجوز دفع املال إلى الكفار في هذه الحال؛ َّ بالفداء باملال؛ َّ بالضرر َّ للضرر ألاشد دفعا َّ الصحابة عن زجر هذا ألاعرابي؛ ً َّ
ضرر بقاء املسلم في ألاسر ،أشد من ضرر انتفاع الكفار بأموال ألاخف.
والضرر ألاشد ُياَزال َّ َّ ْ ََ ُ ََ َّ ُْ
بالضرر ألاخف. املسلمين، -2ما ورد في شأن صلح الحديبية ،وفيه أن املشركين اشترطوا على
ُ َ ُ ُ َ َ َ
الن ِّب ِّي أ ْن َم ْن َج َاء ِّم ْنك ْم ل ْم ن ُر َّد ُه َعل ْيك ْمَ ،و َم ْن َج َاءك ْم ِّم َّنا َّ
ََ ْ ُ ُ َ َ َ َ َ َ ُْ ُ ََ َ َ َ ُ َ ُ َ
ال« :ن َع ْمِّ ،إ َّن ُه هللا ،أنكتب هذا؟ ق َرددت ُموه عل ْينا ،فقالوا :يا َرسول ِّ
َ ْ َ َ َ َّ َ ْ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ ُ ُ َ
هللا ل ُه من ذهب ِّمنا ِّإلي ِّهم فأبعده هللا ،ومن جاءنا ِّمنهم سيجعل
ْ َ
ف َر ًجا َو َمخ َر ًجا» .أخرجه البخاري ومسلم واللفظ ملسلم
ٌ
ضرر السفينة ،وقتل الغالم ،وذلك -3ما ورد في قصة الخضر مع موس ى ؛ حيث خرق الخضر َّ الشرط فيه ٌ وجه الدَللةَّ :أن هذا َّ
ضرر على املسلمين؛ ملا فيه من
َّ ً َّ ومفسدة ،إال َّأنه قد قابل ذلك ذهاب َّ إلاذالل ،وعدم املكافأة بين الفريقين ،ومع ذلك قب َله َّ
غصبا من امللك الظالم ،وإرهاق الغالم ألبويه الكفر، السفينة كلها الن ُّبي ؛ لكون ِّ
أشد وأعظم ،فارتكب الخضر َّ
الضرر ٌ
ومفسدة ،إال َّأنه ُّ ضا ٌ
ضرر وإفساده لدينهما إن هو بقي ،وهذا أي ً هذا َّ
الضرر أخف من ضرر حصول القتل للمسلمين الذين بمكة.
الضرر ألاشد.للسفينة ،وقتله للغالم؛ إلزالة َّ
ألاخف؛ وهو خرقه َّ
حجة على َّ
الراجح. وهذا قد ورد في شرعنا َّأنه من شرع من قبلنا ،ولم ُيصرح شرعنا بقبوله أو نفيه ،وهو َّ
ِّ
- 14 -
3
ً إذا تعارض مفسدتان ُر ا
وعي أعظمهما ضررا بارتكاب ِ
أخفهما
4
َّ
ُيختار أهون الش َّرين
تمثل إحدى صور مفهوم هذه القاعدة ِّ جرح ،إذا سجد سال دمه ،وإن لم يسجد لم شخصا به ٌ ً -1لو َّأن ستدل لهاتين َّ يمكن أن ُي
َ ُ َّ حقه َّ صلي بدون ُ فإنه ُي َ يسل؛ َّ ْ َّ
املخالفة لقاعدة( :الضرر ال ياَزال سجود؛ ألنه قد تقابل في ِّ ٍّ شرع له أن ي ِّ القاعدين ،بعموم ألادلة
َّ بمثله) ،التي هي ٌ والصالة مع َّ الصالة مع الحدث، وإما َّ السجودَّ ، ضررانَّ :إما ترك ُّ املتقدمة في القاعدة َّ
(الضرر قيد لقاعدة: السابقة؛ ِّ
ُي َاَزال) ،كما َّ
تقدم في القاعدة َّ السجودُ ،فير َاعى َّ ضررا من ترك ُّ ً
السابقة. الضرر ألاعظم، الحدث أعظم وذلك َّأنه ال فرق في مراعاة
ً
الضرر ألاخف ،كما أن ترك السجود يدفع عنه ضررا؛ وهو ُّ َّ بارتكاب َّ الضرر َّ
شدة َّ َّ
ختار أهون َّ في َ وخفته ،بين أن
الش َّرين. الدمُ ، سيالن َّ َّ يكون َّ
واقعا ،أو ُمتوق ًعا.
الضرر ً
ً
تنبيه قائما ،ويستطيع الصالة ً كبيرا ال يستطيع القراءة في َّ شيخا ً -2لو َّأن
ألنه قد تقابل في قاعدا؛ َّ ً شرع له أن ُيصلي فإنه ُي َ قاعدا؛ َّ ً القراءة
َّ
ذهب بعض العلماء والباحثين ،إلى َّأن القواعد الثالث: َ َّ َّ
حقه ضرران :إما أن يترك القراءة في الصالة ،وإما أن يترك القيام، ُ َّ ِّ املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
بالضرر ألاخف. الضرر ألاشد ُياَزال َّ َّ -1 ضررا من ترك القيامُ ،فير َاعى َّ الصالة أعظم ً وترك القراءة في َّ
الضرر
ً -2إذا تعارض مفسدتان ُر َ الضرر ألاخفُ ،ويختار أهون َّ ألاعظم بارتكاب َّ إذا تقابل ضرران ،ولم يقع التعارض هوَّ : تعارضَّ :
وعي أعظمهما ضررا بارتكاب ِّ
أخفهما. الش َّرين. التقابل بين
ُ -3يختار أهون َّ َّ ُ َّ
الش َّرين. الضرورة من تدعو إليه َّ َّ -3أنه إذا لم يمكن القيام ببعض ما ُ أحدهما بعد ،وكان أحدهما التمانع. الشيئين على سبيل
َّ ظاهر من ُّ ٌ ً َّ أعظم من آلاخر ،وأشد في
تأمل نصوص القواعد الثالث. بمعنى واحد ،وهذا الطاعات؛ كاألذان ،وإلامامة ،وتعليم القرآن والفقه ،إال بأخذ ألاجرة مفسدتان :تثنية مفسدة،
َّ ََ َّ
التفريق بينها؛ ووجه الاَزرقا) ،قد مال إلى َّ الشيخ (أحمد َّ إال َّأن َّ
ألن في ترك شرع دفع ألاجرة ،وأخذها على هذه ألاعمال؛ َّ فإنه ُي َ عليها؛ َّ الضرر فإنه ُيرتكب نفسه؛ واملفسدة ضد املصلحة ،وهي
القيام بمثل هذه ألامور ً َّ
ألاخف ،وألاهون؛ إلزالة الضرر تفيد معنى َّ
الفرق بينها: ضررا أعظم من ضرر أخذ ألاجرة عليها، الضرر.
َّ َ َ
َّأن تخصيص القاعدة ألاولى؛ ب َما إذا كان الض َرر ألاشد َو ً الضررين بارتكاب أخفهماُ ،ويختار أهون َّ ُفير َاعى أعظم َّ ألاشد. ُ
اقعا، ِّ ِّ الش َّرين. ولوحظ.روعي :يعني :ن ِّظر ِّ
َْ َ َ َوأمكن إ َز َالته َّ الش َّرين :يعنيَّ : َّ
بالضرر ألاخف ،ك َما ِّفي ألا ْم ِّثلة املسوقة ِّف َيها. ِّ َّ -4أنه إذا لم يمكن إنقاذ الجنين في بطن ألام الحامل ،إال بشق الضررين.
الضررانَ ،ولم تعارض َّ وتخصيص القاعدتين ألاخريين؛ ب َما إذا َ بطنها ،وكانت حياته مرجو ًة؛ َّ وقد ورد في عبارة أخرى للقاعدة:
ِّ ِّ َ فإنه يجوز شق بطنها في هذه الحالة،
ُّ ا
َ
حدهما بعد. َيقع أ احية؛ َّ
ألن تيسرت فيه العمليات الجر َّ الاَزمان الذي َّ وخاصة في هذا َّ الضررين).أخف َّ ( ُيختار
ْ ْ َ
ثم قالَ " :و َهذا أحسن من َد ْع َوى التك َرار؛ ِّإذ التأسيس أولى من َّ
الضرر في شق بطن ألامُ ،فير َاعى لضرر في موت الولد أعظم من َّ ا َّ
َ َّ ُ ْ َّ َ َ َ ْ َّ الضررين بارتكاب أخفهماُ ،ويختار أهون َّ
التأ ِّكيد ِّإذا أمكنَ .وِّإلى هذا التخ ِّصيص ي ِّشير الت ْع ِّبير بـ( ُياَزال) ِّفي الش َّرين. أعظم َّ
َّ
ألاولى ،وبـ(تعارض) ِّفي الثا ِّن َية".
- 15 -
5
ضرر عام َّ ُ ا ا َّ
يتحمل الضرر الخاص لدفع ٍ
2 1
تساوي املصالح واملفاسد غلبة املصالح على املفاسد
َّ ً
سدد ُ
شخصا مات أبوه وعليه دين ،وقد ترك ألاب ماال فيه شبهة؛ فإنه يجب على الولد أن ي ِّ ً -1لو َّأن
ألن َّ ً
مرتهنة؛ َّ الدين الواجب من املال املشتبه ،وال يدع َّ هذا َّ
املشتبه
ِّ السداد من املال ذمة أبيه ِّ
َّ مفسدة ،وقضاء َّ ٌ
الدين مصلحة ،وهذه املصلحة أعظم؛ لذلك ُيغلب جانب جلب املصلحة على
جانب درء املفسدة.
ٌ ُّ َّ ٌ َّ -2أن استجداء َّ
الناس وسؤالهم املال فيه مفسدة ،والتكسب من املال الذي فيه شبهة ،أو دناءة؛
ً
عالة على َّ ٌ ً
الناس؛ لذلك كالحجامة -مثال ،-فيه مصلحة ،وهذه املصلحة أعظم من مفسدة البقاء
َّ
ُيغلب جانب جلب املصلحة على جانب درء املفسدة.
2 - 19 -
تساوي املصالح واملفاسد
اختلفت العلماء في وجودها على رأيين
2 1
أن تساوي املصالح واملفاسد من كل وجه غير موجود وَل واقع ،بل َّإما أن َّ َّ ٌ ٌ ُّ َّ
تترجح ٍ ٍ ِ الصورة موجودة وواقعة ،ويمكن فرض أن هذه
وإما أن َّ
املفسدةَّ ، َّ ُّ
تترجح املصلحة. واملحرمات ،أو املندوبات تحققها في تعارض الواجبات
السعادة» َّ
وهذا اختاره (ابن القيم) في كتابه «مفتاح دار َّ
وتبناه ،ولم ينسبه ألحد. واملكروهات ،بحيث تتساوى مصلحة الواجب مع
َّ
املحرم ،ومصلحة املندوب مع مفسدة املكروه. مفسدة
استدل به ابن القيم هناَّ :أن املصلحة واملفسدة،
َّ َّ
ومما
وحينئذ
ٍّ مؤثران ،يتدافعان ويتصادمان، إذا تقابلتا فهما ِّ اختلف العلماء في ُ
الحكم هنا على ثالثة أقوال
ال يخلو أمرهما من ثالثة احتماالت:
َّ
العادة ُمحكمة
مكانة هذه القاعدة وأهميتها 1
َّ
الناس َّ
حجة يجب العمل بها. استعمال 1
ُ
الحقيقة ت اترك بدَللة العادة. 2
َّ َّ ُ ا
إنما تعت ابر العادة إذا اطردت أو غلبت. 3
َّ َّ 2
العبرة للغالب الشائع َل للنادر. 4
الكتاب كالخطاب. 5
َّ ٌ ُ
العادة ُم احك امة
3
2 1
القاعدة
معنى 1
2 مكانة هذه القاعدة وأهميتها
صياغة هذه القاعدة
ُ َّ ٌ
العادة ُم احك امة
5 4
مجال تحكيم العادة وإعمال القاعدة َّ
ألادلة على 1القاعدة
6
أقسام ُ
العرف والعادة
2 1
من حيث الش9يوع والانتشار من حيث املوضوع
َّ
الناس َّ 1
حجة يجب العمل بها. استعمال
ُ
الحقيقة ت اترك بدَللة العادة. 2
َّ َّ ُ ا
إنما تعت ابر العادة إذا اطردت أو غلبت. 3
َّ َّ
العبرة للغالب الشائع َل للنادر. 4
نطبق عليه ألامثلة التي ألاول؛ ُ إذا فسرنا لفظ (الاستعمال) باملعنى َّ إذا كان لفظ (الاستعمال) باملعنى َّ
ألاول؛
مكن أن ِّ في ِّ
َّ
و(العرف العملي). ُ (العرف اللفظي) تقدم إيرادها على ُ َّ ستدل عليها باألدلة التي سبق إيرادها ُّ ُفي املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
َّ َّ
َّأما ألامثلة على القاعدة إذا فسرنا لفظ (الاستعمال) باملعنى الثاني والثالث؛ في الاستدالل للقاعدة الكبرى.
فمنها: وإذا كان لفظ (الاستعمال) باملعنى ً
بناءا على يختلف معنى القاعدة إلاجمالي يحت ِّمل ثالثة الناس :الاستعمال هنا َ َّ
استعمال
َّ َّ ِّ
َّ َّ َّ
-1لو أن شخصا حلف" :أن ال يبيع شيئا" ،ثم إنه وكل من باعه عنه؛ فإن البيع ً ً َّ ستدل عليهاَّ الثاني والثالث؛ فيمكن أن ُي اختالف املراد بلفظ (الاستعمال)؛ معان:
ٌ َّ ٍّ
التوكيل بالبيع عنه ،والاستعمال في الحقيقة مجاز في َّ ٌ حقيقة في البيع بنفسه، بدليل من املعنى حاصلهَّ :أن العلة في ٍّ فإن ُأريد به املعنى َّ
ألاول فسيكون معنى القاعدة: وحينئذ يكون ٍّ اس، َّ
الن بل ق من ألامر ر تكرُّ :ل ألاو َّ
ِّ
هو ألاكثر ،فيحنث إذا باع بنفسه دون ما إذا وكل في البيع عنه؛ َّ هو ما َّ ً
ألن استعمال ثبوت ألاحكام باأللفاظ تتمثل في داللة تقدم ذكره في معنى القاعدة الكبرى. لفظ (الاستعمال) هنا ُمر ِّادفا للفظ (العادة).
الناس َّ َّ َّ َّ ُ َّ
حجة يجب العمل بها. للمتكلم؛ فإذاِّ اللفظ على املعنى املراد
ُ ًَ
وإن أريد به املعنى الثاني أو الثالث فسيكون معنى قابل الوضع والحمل؛ وهو :إطالق ِّ الثاني :ما ُي
َّ فالنة"َّ َّ ، ً َّ
النكاح ثم إنه عقد عليها؛ فإن لفظ ِّ شخصا حلف" :أن ال ينكح ً -2لو َّأن تعارفا عليه بين الناس ،كان كان املعنى م القاعدة: مسماه ،أو معين ،سواء ُأريد به َّ اللفظ على ً
معنى َّ
ٌ َّ ً ذلك َّ َّأن املرجع في تفسير ألفاظ َّ
مجاز في العقد ،فقد قيلَّ :إنه ال يحنث بمجرد عقده عليها؛ ٌ حقيقة في الوطء، عارف دليال على أن ذلك املعنى الت ُ الناس وعباراتهم ،هو وحينئذ يكون لفظ ٍّ مسماه، َّ أريد به غير
ُ
َّ َّ ً
حقيقة أو ً
مساو الستعماله في العقد ،فيكون الحكم ٍّ النكاح في الوطء ألن استعمال لفظ ِّ هو املراد باللفظ في الظاهر؛ فينبغي أن مجازا؛ فإن كان أكثر استعمالهم لها مخصوصا بـ (العرف اللفظي). ً (الاستعمال)
للحقيقة. ُي َربط به الحكم. ُ
استعمالهم للفظ في الحقيقة؛ فيكون الحكم فإرادة املسمى هي الاستعمال الحقيقي ،وإرادة َّ
النكاح في الوطء َّ تساوى استعمالهم للفظ في َ للحقيقة ،وإن َّ َّ
عقد؛ ألن استعمال لفظ ِّ وقيل :يحنث بالعقد وبالوطء من غير ٍّ فيقدم املسمى هي الاستعمال املجازي؛ غير
ُ ُ
الحقيقة واملجاز؛ فقيل :يكون الحكم للحقيقة،
ألي من الحقيقة أو املجاز. مساو الستعماله في العقد ،فيكون الحكم ٍّ ٍّ الاستعمال الحقيقي على املجازي حينما تكون
فإن ألاكل من عينها شخصا حلف" :أن ال يأكل من هذه الحنطة"َّ ، ً -3لو َّأن 4 معا لتساوي حمل الكالم عليهما ً وقيلُ :ي َ ً
الحقيقة أكثر استعماال ،أو عند تساويهما في
ٌ ً مما ُي َ
ست َ حقيقة ،وألاكل َّ عالقتها 6
بالقاعدة الكبرى الاستعمال ،وإن كان أكثر استعمالهم للفظ في ألنها ألاصلُ ،وي َّ الاستعمال؛ َّ
مجاز ،والاستعمال في املجاز هو خرج منها -كالخبز مثال- قدم الاستعمال
خبزا ،كما خبزا فقط .وقيل :يحنث إذا أكلها ً ألاكثر؛ فهنا :قيل :يحنث إذا أكلها ً املجاز؛ فيكون ُ
الحكم للمجاز. ً
املجازي حينما يكون املجاز أكثر استعماال.
يحنث إذا أكل من عينها .وقيل :يحنث إذا أكل من عينها فقط. َ هذه القاعدة تفيد في املعنى َّ يظهر في هذا املقام هو :ترجيح اختصاص والذي َ َّ َّ
الراجح لها؛ مسماه ألاصلي إلى الثالث :نقل اللفظ عن
ٌ فإن ُّ النهر"َّ ،
النهر حقيقة في الشرب من َّ "ليشربن من هذا َّ َّ شخصا حلف: ً -4لو َّأن َّأن املرجع في تفسير ألفاظ الناس
َّ لفظ (الاستعمال) باملعنيين الثاني والثالث؛ وحينئذ
ٍّ مسماه املجازي ،وغلبة استعماله فيه، َّ
ٌ ُّ َ لكون لفظ (الاستعمال) في الاصطالح َّ
مجاز ،والاستعمال في املجاز هو ألاكثر؛ بإناء ونحوه الك ْر ِّع بفيه ،والشرب منه ٍّ وعباراتهم :هو ما جرت به عادتهم في الدقيق العرف مخصوصا بنوع من ُ ً يكون الاستعمال
ً َّ ٍّ
فهنا :قيل :يحنث إذا شرب باإلناء ونحوه فقط ،وقيل :يحنث إذا شرب باإلناء ً
مجازا ،وهو استعمالهم لها حقيقة أو مما يختص في عبارات العلماء بجانب ألالفاظ. اللفظي.
ُ
كر ًعا بفيه؛ كما يفعله أهل البوادي؛ إذ ونحوه ،كما يحنث إذا شرب منه ْ مضمون ما تفيده القاعدة الكبرى. حجة :يتقرر معناه من خالل الالتفات إلى ما َّ َّ
كرعا بفيه فقط. ً ويكرعون بأفواههم .وقيل :يحنث إذا شرب ْ أرضاَ ، ينبطحون ً َّ
تقدم تقريره عند الكالم على املراد بـ (مجال
مبني على تحقيق معنى (الاستعمال)؛ فمن يرى َّأن واملالحظ هنا َّأن الاختالف ٌ تحكيم العادة وإعمال القاعدة).
الاستعمال من جهته هو ألاولى قال بموجبه ،وهللا أعلم.
- 28 -
- 29 -
2
ُ
الحقيقة ُت ْت ار ُ
بدَللة العادة
ِ ك
العرف اللفظي واللغة الذي َّ
التعارض بين ُ َّ َّ
تقدم الكالم عليه ،وإلاشارة إلى مذاهب العلماء فيه. هذه القاعدة تتعلق بموضوع
َّ
الش َّ َّ َّ ُ
ً
ظاهرا. افعية ،وهو مذهب الحنابلة في حال كون العرف اللفظي الحنفية واملالكية وألاقل من مث ُل مذهب
وهذه القاعدة بهذا النص ت ِ
ٌ ُ شخصا حلف" :أن ال يضع قدمه في دار فالن"َّ ،
فإن ٍّ
ً -1لو َّأن ستدل لهذه القاعدة من وجهين: َّ يمكن أن ُي
صورة من صور مثل
ٌ هذه القاعدة ت ِّ ٌ َّ َّ الوجه َّ املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
ألاول :أن ثبوت ألاحكام باأللفاظ إنما كان ذلك حقيقة في وضع الجاَزء املعروف من الجسد فقط ،ومجاز
إعمال القاعدة الكبرى ،وذلك َّأن َّ ُّ
جرت للمتكلم؛ فإذا كان في الدخول عليه في بيته ،وقد دلت العادة على إرادة املعنى تحديد املراد باللفظ َيرج ُع إلى ما َ ِّ لداللة اللفظ على املعنى املراد
ِّ َّ
تعارفا عليه بين الناس ،كان ذلك املعنى املجازي ،وترك املعنى الحقيقي ،فال يحنث هذا الشخص إال
َّ ُ ًَ
املعنى م َّأنه إذا احتمل الكالم للحقيقة الحقيقة :استعمال اللفظ
به العادة ،فاللفظ قد ُي َنقل من ُ ُ ُْ َّ َّ َّ ً املُ َ َّ
بداللة العادة.
ِّ تع َارف عليه دليال على أنه هو املراد في الظاهر ،إذا دخل البيت؛ ألن الحقيقة تترك
َ واملجاز ،ودلت العادة على إرادة فيما وضع له في أصل اللغة.
حقيقته إلى مجازه بداللة العادة ،وهذا
فإن لفظ البيض بيضا"َّ ،شخصا حلف" :أن ال يأكل ً ً -2لو َّأن ُفي َّرتب عليه الحكم. فإنه ُي َنت َقل إلى املعنىاملجاز؛ َّ املجاز :استعمال اللفظ في
من قبيل تحكيم العادة. َّ
ومجاز في بعض أنواعه؛ كبيض َّ ٌ ٌ الثانيَّ :أن جريان ُ َّ الذي دلت عليه العادة. وض َع له ،لعالقة مع
غير ما ِّ
الدجاج، بيض، كل ٍّ لفظ في حقيقة في ِّ العرف باستعمال ٍّ الوجه
َّ ً ً وجود القرينة.
بالنسبة وقد دلت العادة على عدم إرادة بيض الحمام أو العصافير، معنى ما ،يجعل ذلك الاستعمال حقيقة ِّ
للمستعملين ،ويجعل إطالقه على معناه ألاصلي فال يحنث هذا َّ
الشخص لو أكل بيض الحمام أو العصافير؛
ُ ُْ
بداللة العادة.
ِّ ألن الحقيقة تت َر ُك َّ
املتقرر َّأنه إذا دار ِّ
ً
مجازا ،ومن في نظرهم
َّ
الاستعمال بين الحقيقة واملجاز ترجحت الحقيقة،
العرف والعادة. وهي هنا املعنى الذي جرى به ُ
- 30 -
- 31 -
3
َّ ْ ا ا ا ْ ُ َّ ُ ا
إنما تعت اب ُر العادة إذا اط ار ادت أو غل ابت
ً ُ شخص آخر في بالدنا وفي زماننا ٍّ شخصا تعامل مع ً -1لو َّأن بدليل من املعنى
ٍ
َّ
ستدل لهذه القاعدةيمكن أن ُي
مثل شرطا من شروط هذه القاعدة ت ِّ َ َّ َ حاصلهَّ :أن اطراد العمل بالعادة أو غلبته َّ املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
الريال السعودي؛ ُ مما
إعمال القاعدة الكبرى؛ وذلك َّأن العادة بالريال ،ولم ي ِّبين نوعه؛ فإنه ينص ِّرف إلى ِّ ِّ
ً ً َّ ُ
قي ٌد بكون العمل بها ُم ًّ وتحكيمها ُم َّ عامل به ُي َع ُّد عادة مطردة في بالدنا. الت ُ ألن َّ َّ بصالحية تلك العادة لربط ظن
يفيد غلبة ٍّ ٌ
ستمرا العادة :أي َّإنما تكون
ُ َّ ُ ا
الع َّمال في البناء يكون بقياس كامل َّ -2أن تحديد أجرة ُ مرجعا ُي ِّبين ُمراد إلانسان ً ألاحكام بها ،وجعلها َّأن تحكيم العادة مشروط إنما تعت اب ُر
في جميع الحوادث ،أو أكثرها. ٌ َّ مة حسب ما َّ ُ َّ ً
والنوافذ ،وإن لم يعمل ويشمل ذلك موضع ألابواب َّ َ مساحته، واجب ،وال تصرفاته ،والعمل بغلبة الظ ِّن من ُّ باستمرار العمل بها في جميع تقدم. العادة محك
ُّ ُّ َّ
ٌ ٌ
شيئا ،وهذه عادة مطردة ،أو غالبة لدى مقاولي البناء؛
ٌ فيها ً تخلف العمل بها في بعض الحوادث؛ ألنَّ يضر الحوادث أو أكثرها ،يستوي في اط ار اد ْت :من الاطراد؛ وهو استمرار
فت َ ُ َّ ٌ ٌ ذلك أن يكون العمل ًّ
عت َب ُر هذه العادة. هذا أمر نادر ،والعبرة في ألاحكام تكون للشائع عاما في العمل بالعادة في جميع الحوادث،
ُّ
نجارا؛ ليعمل له ً
دوالبا، شخصا -في بالدنا -استأجر ً ً -3لو َّأن للنادر. الغالب ال َّ جميع البالد إلاسالمية ،أو ًّ
خاصا وعدم تخلفه ُمطل ًقا.
فإن العادة املطردة ،أو الغالبة قد مظل ًة؛ َّ َّ
حدادا ليعمل له ً أو مما وهذ بخالف ما لو كان العمل بالعادة َّ لفظيا أمًّ ٌ
وسواء أكان ببعضها، وقد ُي َّعبر عن (الاطراد) بالعموم؛
َ َ ُ ً ُ ُ َّ َّ ًّ أي ُّ
ُ
جرت ،بأن تكون املواد على طالب العمل؛ فتعتبر هذه العادة. مرجعا يستوي فيه العمل به وتركه ،فال يصلح عمليا ،وقد تقدم أنه يخرج الشيوع والاستفاضة للعادة
ا
ضاف إلى هذه ألامثلة ،ما َّ ٌ هنا؛ َّ
تقدم ذكره عند الكالم على ويمكن أن ُي ترجيح ألحد العملين على ألن العمل به بذلك ،ما إذا كان العمل بالعادة بين أهلها ،بحيث يعم العمل به
َّ َّ ُ من قبيل ُ جميع َّ
الشرط الثاني من شروط تحكيم العادة. رجح. آلاخر بدون م ِّ العرف املشترك. الناس في البالد ِّكلها ،أو في
ُْ وهذا املعنى ُيعب ُر َّ
عما سبق ِّذكره ِّ إقليم خاص.
َّ في َّ ا اا
الشرط الثاني من شروط أو غل اب ْت :من الغلبة ،وهي استمرار
تحكيم العادة. العمل بالعادة في أكثر الحوادث،
ً َّ
بحيث ال يتخلف إال قليال.
- 32 -
- 33 -
4
َّ َّ
العبرة للغالب الشائع َل للنادر
التكليف في حال عدم ظهور الشرع قد جعل وقت َّ َّ -1أن َّ َّ
ستدل على هذه القاعدة من وجهين متقابلين: يمكن أن ُي
هذه القاعدة ُتفيد َّأن َّ
الشرع ُي ِّبني الوجه َّ املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
ألاحكام على ما يقع ً أمارات البلوغ ،هو عندما يكون ُع ُم ُر إلانسان خمس عشرة ألاول :إلاجماع على اعتبار الغلبة والعمل
كثيرا دون ما يقع َّ َّ
يحصل عنده البلوغ في ُ الس ُّن الذي سنة؛ ألن هذا هو ِّ الاتفاق علىبالغالب ،وتتمثل صورة إلاجماع في ِّ
نادرا ،وهذا ُيشير إلى وجه إعمال ً َّ َّ َّ
َّ نادر ،وهذا أمر ٌ السن فهو ٌ الغالبَّ ،أما عدم البلوغ عند هذا ِّ يبني أحكامه على ما العمل ببعض ألاصول ،التي تفيد الظ َّن في الجملة؛ أن الشرع ِّ العبرة :الاعتداد.
القاعدة الكبرى؛ حيث إن تحكيم ُ َّ َّ يكثر وقوعهَّ ، ُ
خاصا ،بلًّ ً
حكما عطه وأما ما كان وقوعه كخبر الواحد ،والعمومات ،وألاقيسة ونحوها؛ بسبب الغالب :من الغلبة؛ وهي الكثرة،
تكرر وقوعها لتف ٌت فيه إلى ُّالعادة ُم َ النادر لم يلتفت إليه الشرع ،ولم ي ِّ ً
ً بحيث يكون ً ألحقه بالغالب. الصحة فيها ،وإذا غلب فيها ذلك الصدق ،أو ِّ غلبة ِّ فإنه ال ُي َلت َف ُت إليه.
قليال؛ َّ واملراد به :ما كان وقوعه ً
كثيرا.
شائعا. غالبا َّ ً الشائع :من ُّ َّ
َّ
شخصا حلف أن ال يأكل من هذا الدقيق ،فأكل من ً -2لو َّأن ومعلوم َّأن ما قارب الش يء ٌ كانت قريبة من اليقين، الشيوع؛ وهو الانتشار.
خبزه ،ولم تكن له َّنية؛ َّ ُأ َ ٌ
فإنه يحنث باألكل من خبزه ،وال عطي حكمه. وهو هنا مرادف للغالب ،فإيراده
الش يء َّ َّ من باب َّ
الوجه الثانيَّ :أن اعتبار
ألن الغالب في أكل َّ يحنث باالستفاف؛ وذلك َّ َّ التأكيد.
الدقيق أن ُيؤكل النادر ،ومراعاته،
َّ
الشائع ال َّ نادر ،والعبرة للغالب َّ ً ٌ َّ ٌ درة؛ وهي القلة النادر :من ُّ
الن َ َّ
للنادر. أمر ٌ
خبزا ،واستفافه ٌ وعسر؛ فطبيعة مشقة وبناء ألاحكام عليه ،فيه
ً َّ الش يء َّ َّ والشذوذ ،فهو َّ ُّ
أمر ٌ
قليل، سنة من والدته ٌ َّ -3أن حياة املفقود بعد تسعين النادر من حيث قلة وقوعه وشذوذه ،تجعل ضد الغالب ،واملراد
ً ًّ
ٌ ُ واملتعذر كاملتعذر، واملتعسر تعس ًرا، اعتباره ً ُ به :ما كان وقوعه قليال شاذا.
شخص ولم السن هو الغالب ،ولذلك لو ف ِّقد وموته بعد هذا ِّ ِّ ِّ ِّ أمرا م ِّ
َّ ُ َ ً ُ َ َّ ُ َ
وتم تسعين سنة من والدته؛ فإنه يحكم بموته، علم خبرهَّ ، ي فيلغى اعتبار النادر ،ويكون الاعتبار للغالب. كاملمتنع،
َّ َّ َّ ُ
ويقسم ماله بين ورثته؛ ألن العبرة للغالب الشائع ال للنادر.
َّ 5
حكم النادر
أ
يخصه، ُّ كم بح فرده اعاة
ر م عسر مع الغالب، جنس من ادر لحق بالغالب في الحكم ،وهذا يمكن أن يكون فيبحال كون َّ
الن
ُ َ
لغى َّ
النادر ،بل ُي َ أن ال ي النادر ،فال ُي َلت َفت إليه ،وال ُي َ
لغى َّ ُ َ
ٍّ لحق بالغالب في الحكم ،وهذا يمكن في حال عدم أن ي
عاما فأكثرُ ،ي َعدُّالشخص الذي يكون عمره خمسة عشرة ً فإن َّوالثالث فيما سبق-؛ َّ َّ ل َّ َّ
لعدم انضباطه ،أو الشتباهه- ،وذلك كما ورد في املثالين ألاو عسر- ،وذلك كما ورد في املثالٍّ كون النادر من جنس الغالب ،وأمكن مراعاة فرده بدون
ً ُ َ َ ُ َّ ُّ من جنس البالغين ً الدقيق ليس من جنس ألاكل في العادة ،وال ُ فإن استفاف َّ الثاني فيما سبق-؛ َّ َّ
يخصه ،لتفاوت الناس في هذا ألامر ،فيلحق بالغالب ،ويعطى حكم البالغين حقيقة. حكما ،ويعسر مراعاته بحكم يعسر
فإنه ُي َع ُّد من جنس ألاموات ً مفقود؛ َّ
ٌ َّ
حقه ،بسبب يخصه؛ لالشتباه في ُِّّ حكما ،ويعسر مراعاته بحكم التسعين ،وهو سن ِّ وكذلك من يعيش بعد استف َّ
الدقيق، لتميزه عن ألاكل املعتاد ،ولذلك لو حصل َّأنه يخصه ُّ ُّ كم
مراعاته بح ٍّ
ً ً
سنة من والدته؛ َّ ُ َ َّ ِّ ُ َُ َّ ْ َ
فإنه ُيحكم بموته ،إلحاقا له بالغالب. وتم تسعينعلم خبرهَّ ، فإن من ف ِّق َد ،ولم ي الجهل بحاله ،ولذلك ُ َ َ ُ
وقد حلف أن ال يأكله ،فإن ِّفعله هذا ال يلتفت إليه ،فال يحنث به.
- 34 -
- 35 -
5
الكتاب كالخطاب
ُّ
املعروف بين الت َّجار كاملشروط بينهم 9
كل منها َّأن ما َ َّ َّ ُ َّ ُ َّ -1أنه قد َ َّ ً
الناس ،وأصبح ُعرفا؛تكرر العمل به بين َّ
َّأن ما َّ
جرت به الثالث تفيد ٌّ هؤالء القواعد جرى العرف عند الناس في حال التبايع ِّ
بالسلع عامتانَّ ،أما القاعدة الثالثة
القاعدتان ألاوليان َّ
خاصة باألعراف الجارية بين ُّ
َّ
والعرف عند جميع الناس ،أو عند طائفة العادة ُ وتركيب ،أن يكون ذلك على البائع، ٍّ نقلالتي تحتاج إلى ٍّ الت َّجار. فهي َّ فإنه ُير َاعى عند الحكم ،فيكون بمنزلة ألامر
َّ
َ فيكون هذا ُ
مرجعا يقوم مقام اللفظً أمر ُمعت َب ٌر ،ويكون منهمٌ ، العرف بمنزلة ألامر املشروط في العقد. املشروط ،أو املنصوص عليه بطريق اللفظ.
َّ شخص سلعة في بالدنا بمائة ريال؛ َّ ً ٌ
حقق مضمون القاعدة الكبرى؛ التي ُ فإن -2لو اشترى
والنص ،وهذا ي ِّ َّ
ُ ُ َ ُ
مرجعا للحكم.ً تفيد َّأن العادة ت َع ُّد الريال السعودي؛ ألن العرف قد جرى بالريال هنا ِّ املقصود ِّ
بأن املراد بالريال عند إلاطالق الريال السعودي ،ويكون َّ
بالنص.كالتعيين َّبالعرف َّالتعيين ُ َّ َّ ُم ً
ِّ تعينا بالعرف؛ ألن ِّ ِّ
حدد نوع ُ ً ً َّ
-3لو أن شخصا استأجر دارا أو سيارة ،ولم ي ِّ
رجع في تحديد نوعه إلى ما جرى به فإنه ُي َ الاستعمال؛ َّ
العرف ،ويكون ذلك بمنزلة املشروط. ُ
11
ُّ َل ُي ْن اك ُر ُّ
تغير ألاحكام بتغير ألازمان
- 40 -
القواعد ال َّ
كلية غير الكبرى
ا ا ً ا َّ ا
الت ِاب ُع ت ِاب ٌع
ا
ام ْن امل اك ش ْيئا امل اك اما ُه او ِم ْن ض ُرو ارا ِت ِه. 1 1
ْ ْ َّ ا ْ معنى القاعدة 1
الت ِاب ُع َل ُيف ار ُد ِبال ُحك ِم. 2
َّ
ا ا ا ا ا ا ا ْا الت َّ
بعية أسباب
ص ُل اسقط الف ْر ُع. ألا ْ ب 2
إذا سقط 3
ْ ا ا ِ ا ا ا ا َّ ْ ُ ا ا َّ
إذا بطل الش يء بطل ما ِفي ِضم ِن ِه. 34 ألادلة على القاعدة 3
ا ْ اُْ ُ ْا ْ ُ ُ ا ْا
ألا ْ 4
ص ِل. قد يثبت الفرع دون 5 املتفرعة عنها القواعد
ا َّ ا ا ا ُ ْ ا ا ُ ا ْاا ِ 4
ُيغتف ُر ِفي التو ِاب ِع ما َل يغتفر ِفي غي ِرها.
ْ 6
ا ْ ر َّ اغ لال ْجت ا ا ا ا ا
5 ص ِ الن
. دِ ِ وم ي ف ِ ادِ ه ِ ِ ِ َل مس 2
ْ ا ُ ُْا ُ ْ ا
ض ِب ِمث ِل ِه. ِالاج ِتهاد َل ينق 3
ا ا ُا ا ْ ُُ ا ُا ْ ُ
ا
إعطاؤ ُه. ما حرم أخذه حرم 4
ا ا ا ا ا َّ ا ا ْ ُ ُ ا ُ ا ْ
إذا تعذر ألاصل يصار إلى البد ِل.
ِ َّ ا ُّ ُ ا ا َّ َّ ِ ا ُ ٌ ْ ا ْ ا
5
ا
التصرف على الر ِعي ِة منوط ِباملصلح ِة. 6
َّ
وت الش ْر ِط. وت ُه ع ْن اد ُث ُ
ب
َّ ْ ا ُ ُ ُ ُ
ب ث ب ج ي طرالشب ْاملُ اع َّل ُ
ق
ِ ِ ِ ِ ِ
ا ْ ا ا ْ ا ُ ُ ا ا ُ َّ
اعاة الش ْر ِط ِبق ْد ِر ِإلا ْمك ِان. يلزم مر 18
القاعدة َّ
الكلية ألاولى
َّ ا
الت ِاب ُع ت ِاب ٌع
َّ
الت َّ
بعية أسباب 2
َّ
ألادلة على القاعدة 3
ْ ا ُ ا ا ا ْ ا ا ا ًْ
1امن املك شيئا املك اما هو ِمن ض ُرو ارا ِت ِه. املتفرعة عنها
ِ القواعد 4
ْ ْ َّ ا ْ
الت ِاب ُع َل ُيف ار ُد ِبال ُحك ِم. 2
ا ا ا ا ا ا ا ْا
ص ُل اسقط الف ْر ُع. ألا ْ ِإذا سقط 3
ا َّ ا ا
إذا ابط ال الش ْي ُء ابط ال اما ِفي ِض ْم ِن ِه. 4
ا ْ اُْ ُ ْا ْ ُ ُ ا ْا
ألا ْ
ص ِل. قد يثبت الفرع دون 5
ا ا ْاا َّ ْاا
ُيغتف ُر ِفي الت او ِاب ِع اما َل ُيغتف ُر ِفي غ ْي ِر اها. 6
الكلية ألاولىالقاعدة َّ - 43 -
َّ ا
الت ِاب ُع ت ِاب ٌع
ْ ا ُ ا ا ا ْ ا ا ا ًْ
امن املك شيئا املك اما هو ِمن ض ُرو ارا ِت ِه. 1
ْ ْ َّ ا ْ
الت ِاب ُع َل ُيف ار ُد ِبال ُحك ِم. 2
ا ا ا ا ا ا ا ْا
ص ُل اسقط الف ْر ُع. ألا ْ ِإذا سقط 3
ا َّ ا ا
إذا ابط ال الش ْي ُء ابط ال اما ِفي ِض ْم ِن ِه. 4
ا ْ اُْ ُ ْا ْ ُ ُ ا ْا
ألا ْ
ص ِل. قد يثبت الفرع دون 5
َّ ً ُ ا ُ ُ
املتفرعة عنها ،وهي على النحو ْلاتي:
ِ فصله القواعد
هذه القاعدة ذات معنى مجمل ،ت ِ
1
ا ا ا ً ا
ام ْن امل اك ش ْيئا امل اك اما ُه او ِم ْن ض ُرو ارا ِت ِه
َّ ُ
هذه القاعدة تفيد َّأن ما كان من لوازم الش يء؛ أرضا؛ َّ املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
ُ َ َّ َّ
فإنه ُي َع ُّد ً فإنه يدخل فيها ما فوقها وما تحتها ،أي :علوها شخصا اشترى ً ً -1لو َّأن
فيعطى حكمه، تابعا لذلك الش يء، فيحق له أن يبني في فضائها ،ويحفر في أعماقها؛ وذلك َّ ُّ ُ َّ شيئا :يشمل العين َّ
ً
ألن العلو وسفلها؛ عين أو
أن من حصل له ملك ٍّ والت ُّ
صرف.
وهذا هو ما ُتفيده القاعدة َّ
الكلية من َّأن َّ
التابع ُ َّ
ُيعطى حكم متبوعه.
َ والسفل من لوازم ألارض ،فيكونان تابعين لألصل ،فيعطيان حكمه؛ لتبعيتهما يملك ما هو من لوازم ُّ
تصرف؛ فإنه ِّ ضروراته :املقصود به لوازمه؛ َّإما
له. العرف .ذلك بطريق العقل أو ُ
العرف. من جهة العقل ،أو جهة ُ
َّ ً
-2لو أن شخصا باع أرضا أو دارا؛ فإنه يدخل في هذا البيع دوالب املاء ،وأبواب ً ً َّ
تابعة لهاُ ، ً الدار؛ ألنها من ضرورات ألارض َّ
فتعطى حكمها، والدار ،فتكون
فدوالب املاء وألابواب ُي َع َّدان من مصالح ألارض ،وكمال منافعها.
مثال-؛ َّ ً ُ ً وكذا املفتاح ُي َع ُّد من لوازم ُ
فإنه يملك القفل ،فمن اشترى قفال -
ُ َ ألن املفتاح من لوازم القفل ،فيكون ً مفتاحه؛ َّ
فيعطى حكمه. تابعا له،
ً ُ
لتبعية لوازم العين. َّ السابقة ت َع ُّد أمثلة وهذه ألامثلة َّ
الدالل يملك َّ فإن َّ
شخصا وضع سلعة عند دالل؛ ًَّ
التصرف بالبيع، ٍّ
ً -3لو َّأن
الدكاكين ،فلو َّأن فيملك ما هو من لوازمه ،وهو وضع السلعة عند أصحاب َّ
ِّ
دال ًال وضع سلعة عند صاحب دكان ،فهرب صاحب الدكان بالسلعة؛ َّ
فإن ِّ
ُ َ ألن ملكه لالزم ،قد ثبت ً الدالل ال يضمن؛ َّ
فيعطى حكمه. تبعا مللكه لألصل،
صرف. تبعية َّ
الت ُّ وهذا مثال لوازم َّ
- 46 -
َّ ُ ا ُ ْ 21ا ُ ْ ُ ْ
الت ِابع َل يفرد ِبالحك ِم
ا ا ا ا ْ ا ْ ُ 3ا ا ا ا
الف ْرعُ ِإذا سقط ألاصل سقط
ْ ا ا ا ا ا ا َّ ْ ُ ا 4ا
إذا بطل الش يء بطل ما ِفي ِضم ِن ِه
تضمن على َّ الضمني أو املُ َّ ُ َ السنن َّ الطهر قضاء ُّ ُّ َّ -1أنه ال ُي َ
هاتان القاعدتان تفيدان َّأن التابع في يطلق ِّ الرواتب ،التي فاتت شرع للحائض بعد
َ َّ ألن الفرائض التي فاتت في أيام الحيض ،ال ُي َ في أيام الحيض؛ َّ
التابع ُيعطى حكم متبوعه في استعماالت كثير من العلماء ،وال يوجد - ِّ شرع املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
ُ ُّ تصريح بالفرق بينهما ،إال أنَّ ٌ الرواتب. شرع قضاء توابعها في هذه الحال؛ وهي َّ قضاؤها ،فكذلك ال ُي َ
مثل السقوط والبطالن ،وهذا ي ِّ فيما يظهر -
َّ ُّ الضامن يبرأ ً فإن َّ ضامن؛ َّ
ٌ َ ُ َ َّأن َّ
مما أفادته قاعدتهما التي ً
جاَزءا َّ تأمل واقع املسائل الفقهية ،وواقع أيضا كما املدين الذي له الدائن -2لو أبرأ التابع ُيعطى حكم املتبوع في ألاصل :املراد به هنا املتبوع.
ُ
تفرعتا عنها؛ فهي تفيدَّ :أن َّ َّ ُ برئ املدين؛ ألن الضامن فرع عن املدين ،وإذا سقط ألاصل سقط ٌ َّ َّ ُّ الفرع :املراد به هنا َّ
التابع مكن أن نلحظ تعليالتهم لها في هذا الشأن ي ِّ السقوط والبطالن ،فإذا ارتفع حكم التابع.
ً َ
مطلقا. ُيعطى حكم متبوعه فيه الفرق بينهما ،فيمكن القولَّ :إن بينهما الفرع ،وإذا بطل الش يء بطل ما في ضمنه. سبب كان ،استلاَزم ذلكٍّ ألي
املتبوع ِّ بطل :ذهب واضمحل.
ً ً ً ُ َّ ُ َ َّ َّ
مطلقا؛ فالضمني أو وخصوصا عموما بدل ،ثم اعترف املدعي دعي على ٍّ -3لو صالح املدعى عليه خصمه امل ِّ ارتفاع حكم التابع. الش يء :املراد به هنا املتبوع ،وما
حق؛ َّ دعى عليه ٌّ بأنه لم يكن له عند املُ َ بعد الصلح َّ
املتضمن يقتصر على الحق الالزم من َّ فإن الصلح يبطل لذلك قد ُي ِّعبر بعض العلماء عن ُي َّعبر عنه في هذا املقام
َّ
مما ُي َع ُّد من ضرورات الش يء ،كما صرف َّ الت ُّ َّ للم َّد َعى عليه
ويحق ُ ُّ ويسقط ،فيبطل ويسقط تمليك البدل، هاتين القاعدين بعبارات أخرى؛ تضمن).
ُ
بـ(امل ِّ
في ألامثلة الثالثة ألاخيرةَّ ، ألنه إذا سقط ألاصل سقط الفرع وبطل ما في ضمن استرداده؛ َّ (التابع َي ُ َّ
والتابع يشمل سقط بسقوط كقولهم: (الضمني)،
ما في ضمنه :املراد به ِّ
ى َّ ُ ً َّ أو ما ُي َّعبر عنه بـ(املُ َّ
مما ذكر في صورا أخر هذا ،ويشمل الش يء. املتبوع). تضمن) ،وهو
ً
الت َّ
بعية. أسباب َّ عيبا ،فصالحه البائع ثم وجد بها ً سلعة َّ شخصا اشترى ً -4لو َّأن و( :إذا َب َط َل املُتضمنَ ،ب َطلَ
ِّ
يعني هناَّ :
التابع.
معالجة من
ٍّ السلعة من العيب بدون ثم برئت ِّ ببدل عن العيبَّ ، املُ َّ
ٍّ تضمن).
املشتري؛ فإن الصلح يبطل ويسقط ،فيبطل ويسقط تمليك البدل، َّ وقد ُي َّعبر عن القاعدة َّ
الرابعة هنا
ألن إذا سقط ألاصل سقط الفرع وبطل ما في ويحق للبائع استرداده؛ َّ ُّ ٌ
فاسد). بقولهم( :املبني على الفاسد
َّ
ضمن الش يء.
- 48 -
ُ 51ا ْ ا ا ْ ُ ْا
ق ْد ايث ُبت الف ْر ُع دون ألاص ِل
ْ
ُ َّ
هذه القاعدة تشير إلى حالة استثناء من قاعدة فروع هذه القاعدة يمكن ذكرها من خالل ذكر صور الاغتفار في التوابع: املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
ُ
(التابع تابع)؛ وذلك َّأن هذه القاعدة تفيد َّأن َّ
شترط في املتبوع. شترط في َّ
التابع ما ُي َ الصورة ألاولى :أن ال ُي َ ُّ
َ َ َّ
َّأنه ُيتسامح ُويتساهل في ألاشياء إذا
ً ُ اا
التوابع َّ
لشدة ارتباطها بمتبوعاتها ارتباطا ال يقبل َّ َّ ُ َ ُّ ُ ً ً غتفر :من الاغتفار ،وهو يعني :التسامح ي
دركامثاله :أن املسبوق في صالة الجمعة إذا أدرك ركعة منها ،فإنه يعد م ِّ َ َ ً َّ
تعسر معه مراعاةالانفكاك في غالب ألامر ،بحيث ُ ألنه ُمدرك للجمعة ً شترط للمسبوق العدد؛ َّ للجمعة ،فيقض ي ما فاته ،وال ُي َ كانت تابعة ،ما ال ُيتسامح ُويتساهل والتساهل.
تبعا، ِّ َّ ً
َُ التابع بحكم ُمستقلَّ ، حال َّ غتفر فيها ما ال ُي َ التوابع ُي َ ألن َّ
شترط في املتبوع؛ َّ شترط فيه ما ُي َ والتابع ال ُي َ َّ أصلية ،أو فيها لو كانت متبوعة ،أو غيرها :املقصود به :املتبوعات أو ألاصول.
فإنه ينبغي أن يتسامح ٍّ ٍّ غتفر في
ً َ
ُويتساهل فيها ،فال تأخذ أحكام متبوعاتها استقالال. غيرها.
مقصودة في أنفسها. .
َّ َّ ُّ ولذا قد ُي َّعبر عن هذه القاعدة بما
الصورة الثانية :أن يجوز في التابع من الغرر ما ال يجوز في املتبوع.
غت َفر في يفيد هذا املعنى كقولهم(ُ :ي َ
مثالهَّ :أنه يجوز بيع البذر في ألارض مع ألارض ،ويجوز بيع الحمل مع ألام ،ويجوز َّ
بيع السقف وأساسات الحيطان مع الدار ،مع وجود الجهالة فيها؛ وذلك َّ
ً
قصدا). غت َفر فيه
ضمنا ما ال ُي َ
الش يء ً
ألن
والتابع يجوز فيه من توابعَّ ، ٌ البذر ،والحمل ،والسقف ،وأساسات الحيطان
َ ُ التوابع ُي َألن َّ الغرر ما ال يجوز في املتبوع؛ َّ
غتفر فيها ما ال يغتفر في غيرها.
التابع من َّ الثالثة :أن ال يلاَزم في َّ َّ ُّ
الضمان ما يلاَزم في املتبوع. الصورة
مثالهَّ :أنه لو كشط جلد املحرم ،فاَزال معه بعض الشعر؛ َّ َ ُ
فإنه ال يلاَزم من ذلك ِّ ِّ
تبعا إلزالة الجلد ،وال يلاَزم في َّ ألن إ الة َّ
التابع من الضمان الشعر حصلت ً الفدية؛ َّ ز
غتفر فيها ما ال ُي َ التوابع ُي َ ألن َّ
ما يلاَزم في املتبوع؛ َّ
غتفر في غيرها.
َّ َّ
الكلية الثانية القاعدة - 50 -
ا ْ ر َّ اغ لال ْجت اا ا ا ا
ص
ِ الن دِ ِ و م ي فِ اد
ِ ه ِ ِ ِ َل مس
2 1
َّ
املبنية على القاعدة أمثلة للفروع معنى القاعدة
ْ ا ُ ا ُْا ُ ْ
ض ِب ِمث ِل ِه ِالاج ِتهاد َل ينق
3 2
4 1
َّ
املبنية على القاعدة أمثلة للفروع ألادلة على هذه القاعدة معنى القاعدة
ضوابط إعمال هذه القاعدة
َّ ً
شخصا صلى إلى جهة ً
بناء على الاجتهاد في ً -1لو َّأن أوَل :دليل النقل :أجمع الصحابة على عدم مقيدالذي ُيفهم من واقع هذه القاعدة َّأن إعمالها َّ ملسألة من
ٍّ شرعي
ٍّ
ٌ
اجتهاد في حكم َّأنه إذا حصل
َّ ً القبلةَّ ، املسائل بطريق الفتوى أو القضاء أو َّ
فتغير ثم اجتهد مرة أخرى في القبلة، مشروعية نقض الاجتهاد السابق ،وذلك أن أبا بكر بأمرين: التحري،
َّ ُ
اجتهاده؛ فإنه ال ُيحكم على صالته ألاولى بالبطالن؛ قد حكم في مسائل باجتهاده ،وخالفه فيها عمر ً
ألاول :أن يكون الاجتهاد الثاني مساويا لالجتهاد
َّ تضمنه ذلك الاجتهادَّ ،
ثم َّ وأمض َي الحكم الذي
ألنه بناها على الاجتهاد ،والاجتهاد ال ُي َنقض بمثله. َّ
ولي عمر الخالفة لم ينقض تلك ،وملَّا َ ألاول ،واملفهوم املخالف لذلك َّأن الاجتهاد ألاول فتغير اجتهاد َّ وقعت مسألة أخرى مناظرة لها،
قاضيا اجتهد في مسألة وحكم فيها ،ثم ً -2لو َّأن أقره الصحابة على ذلك، الاجتهادات ،وقد َّ في َنقض إذا ُي َنقض إذا كان الاجتهاد الثاني أقوىُ ، سواء أكان هو املفتي أم القاض ي نفسه، ٌ املجتهد،
ٌ
مشابهةَّ ، ُعرضت عليه مسألة أخرى ً ثبتت مخالفته للنص أو لإلجماع الثابت؛ َّ ُّ َّ
فتغير اجتهاده؛ إجماعا. فكان ألن أم غيره ،إلى حكم مخالف؛ فإنه ال يصح نقض
فإنه ال يعود إلى القضية ألاولى لينقض حكمه فيها؛ َّ َّ ً الاجتهاد َّ
السابق بهذا الاجتهاد املخالف.
ثانيا :دليل العقل :فألنه لو ساغ نقض العمل حينئذ من قبيل العمل ٍّ الاجتهاد السابق يكون
ألن الاجتهاد ال ُي َنقض بمثله. َّ باالجتهادات في الفتاوى وألاقضية ،كلما َّ
تغير اجتهاد بالظن الذي تبين خطؤه ،و(ال عبرة بالظن البين
حكم في حادثة؛ َّ
ألن الاجتهاد ٌ املجتهد ملا استقر خطؤه) كما تقدم.
َّ ُ ٌ
رضة ُّ
للتبدل بتكرير النظر في ألادلة وألامارات. ع أحكام قد مضت الثاني :أن يكون الاجتهاد ألاول في
ٍّ
واستقر العمل بها فتو ًى أو قضاء ،ويدل على هذا
ُّ ً
َ َ ََ َ ْ َ َ
ال :أت ْي َنا ُع َم َر ، ود ،ق ما جاء ع ِّن الحك ِّم ْب ِّن َم ْس ُع ٍّ
ُْ ْ ُ ََ َ ُْ َ َ ََ
ِّفي املش َّرك ِّة فل ْم ُيش ِّر ْك ،ث َّم أت ْي َن ُاه ال َع َام امل ْق ِّب َل
ض ْي َن ُاه، ال « :ت ْل َك َع َلى َما َق َ
ِّ َف َش َّر َكَ ،ف ُق ْل َنا َل ُهَ ،ف َق َ
َ ََْ َ ََ
َوه ِّذ ِّه على َما قضينا» أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة
في مصنفيهما ،والدارمي والدار قطني والبيهقي في السنن
الكبرى.
مض الحكم الذي تضمنه الاجتهاد وأما إذا لم ُي ََّ
مساو. باجتهاد َّ
ألاول؛ فإنه يجوز نقضه ،ولو كان
ٍّ ٍّ
الرابعة القاعدة َّ
الكلية َّ - 52 -
ا ا ُا ا ْ ُُ ا ُا ْ ا ُ
إعطاؤ ُه ما حرم أخذه حرم
ا ا ا َّ ا ا ْ ُ ُ ا ا ْ ا
ص ُار ِإلى ال ابد ِل ِإذا تعذر ألاصل ي
4
3 1
تعلقة بالبدل ُ
وقفات م ِ َّ
املبنية على القاعدة أمثلة للفروع معنى القاعدة
َّ
َّ -1ألاصل في الطهارة أن تكون باملاء ،لكن لو تعذر املاء
ً
ابتداء، َّأن يجب على املكلف أداء ألاصل
الوقفة الثالثة الوقفة الثانية الوقفة ألاولى تعذر ألاصل ََّّ
وجوده ،أو للعجاَز عن استعماله ،ملرض أو نحوه؛ ِّ لع َد ِّم َ فإنه يجب الانتقال إلى لكن لو
َّ ُّ َّ حقيقيا أم حكمياً.
ً ٌ
البدل ،سواء أكان البدل
الفرق بين البدل والتابع القدرة على ألاصل بعد الشروع وقت الانتقال إلى البدل شرع الانتقال إلى بدله ،وهو التيمم بالتراب. فإنه ُي َ
التابع في َّأن يجتمع البدل مع َّ في البدل ال يخلو البدل هنا من ثالث حاالت: الجماع في نهار رمضان عتق رقبة، 2
َّ -2ألاصل في كفارة ِّ
ُ َ تعذرتَّ ، َّ
حكم أصله؛ لكل منهما ٍّ إذا شرع في البدل ثم قدر على بوقت يفوت بفواته، ٍّ -1أن يتعلق ألاصل فإنه ُينتقل إلى بدلها ،وهو صيام شهرين لكن لو ألادلة على هذه القاعدة
َ ً فإنه ُي َ َّ َّ
فالبدل يقوم مقام املبدل، ألاصل ،فهل ينتقل على ألاصل ،أو شرع الانتقال إلى البدل مباشرة، متتابعين ،فإذا تعذر الصيام انتقل إلى بدله ،وهو
ولو كان ُي َ يمكن أن ُيستدل لهذه القاعدة باألدلة الواردة في القرآن
وحكمه حكم ألاصل ،وكذلك يستمر في البدل؟ رجى حصول ألاصل؛ وذلك كمن إلاطعام. ُّ
َّ والسنة ،الدالة على مشروعية الانتقال إلى ألابدال عند تعذر
التابع له حكم متبوعه. ال يخلو ألامر من حالتين: دخل عليه وقت الصالة ولم يجد املاء، -3ألاصل في حق املسلم املكلف القادر أن يصوم شهر
ً َّ املبدَلت؛ ومن ذلك:
ويفترقان في أمور منها: -1أن يكون البدل مقصودا في فإن له الانتقال إلى التيمم ،وإن كان تعذر ذلك بسبب العجاَز للكبرَّ ، َّ
فإنه رمضان ،لكن لو
َ ُ -1قوله تعالى( :ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [النساء.]33:
َّ -1أن البدل واملبدل ال شرع له الاستمرار في نفسه ،فهذا ُي َ يرجو القدرة على املاء. شرع الانتقال إلى بدله ،وهو إلاطعام. ُي َ
يجتمعان ،بخالف َّ َّ َّ ( ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) -2وقوله:
التابع مع البدل؛ وذلك كما لو قدر على بوقت يفوت ٍّ -2أن ال يتعلق ألاصل هديا ،لكن لو تعذر -4ألاصل في حق املتمتع أن يذبح ً
متبوعه ،فال مانع من العتق في أثناء الصوم ،أو قدر على بفواته ،وال ضرر في تأخيره ،ففي هذه فإنه ُي َ الهديَّ ، [البقرة.]083:
شرع له الانتقال إلى بدله ،وهو الصيام.
اجتماعهما. املتمتع على الهدي في أثناء شرع الانتقال إلى البدل ،إذا الحالة ال ُي َ -5ألاصل في العين املغصوبة أن َّ (ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ -3وقوله:
ٌ يردها الغاصب بعينها
َّ -2أن ثبوت البدل مشروط الصوم؛ َّ
فإنه ُي َ كان ُي َ تعذر ُّرد العين؛ لتلفهاَّ ، َّ ً
شرع له الاستمرار رجى حصول ألاصل؛ وذلك كمن شرع فإنه ُي َ سليمة ،لكن لو ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ) [البقرة.]021:
املبدل ،بينما ثبوت َ بعدم في صومه. يرجو وجود ماله الغائب ،ليشتري به النبي َ ،ف َقالَ: َ َ َ َ َ ُ ٌ َ َّ َ ْ َ ُ َْ َ َ
ٌ َّ ً ً
الانتقال إلى بدلها ،والبدل يختلف؛ فاملثل باملثل، -4عن أ ِّبي هريرة ،قال :جاء َ رجل ِّإلى ِّ ِّ
َ َ َ ََ ََْ َ َ َ َ ََْ ُ َ ُ َ
التابع مشروط بثبوت -2أن يكون البدل مقصودا لغيره، والجماع
رقبة ،في كفارة القتل ،واليمينِّ ، والقيمة بالقيمة. الَ :وق ْع ُت َعلى هللا ،قال« :وما أهلكك؟» ق هلكت ،يا َرسول ِّ
في َّ ََ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ ُ َََ ً َ َ َ َ
املتبوع. فهنا يلاَزمه أن يعود إلى ألاصل؛ الصوم. -6ألاصل في حق املرأة املطلقة غير الحامل ،أن تعتدَّ
ِّ ال :ال، ْام َرأ ِّتي ِّفي رمضان ،قال« :هل ت ِّجد ما تع ِّتق رقبة؟» ق
َّ َ َ ََ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ
َّ -3أن البدل يقوم مقام وذلك كما لو قدر على املاء في أثناء بوقت يفوت ٍّ -3أن ال يتعلق ألاصل َّ
بالحيض ،لكن لو تعذر ذلك؛ لكون املرأة صغيرة أو
َ َ َ
ال :ال، وم ش ْه َرْي ِّن ُم َت َت ِّاب َع ْي ِّن؟» ق قال« :فهل تست ِّطيع أن تص
َ
املبدل ،بينما َّ ٌ آيسةَّ ، ً َ َ َ َ َ ُ ُ ْ
التابع ال يقوم التيمم ،أو بعد الفراغ منه ،وقبل بفواته ،وفي تأخيره ضرر ،فهذا فيه فإنها تنتقل إلى البدل ،وهو الاعتداد باألشهر. ال« :ف َه ْل ت ِّجد َما تط ِّع ُم ِّس ِّتين ِّمس ِّكينا؟» ...الحديث .أخرجه
ْ ق
مقام املتبوع. نظر إلى ََّ ُ َ خالفَّ ،
الشروع في الصالة ،وكذا املعتدة مدى تحمله والراجح أنه ي البخاري ومسلم
باألشهر ،لو رأت الدمَّ ، ْ َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ
فإنها تنتقل للضرر؛ وذلك كمن يرجو وجود ماله ص ِّان َعة ط َع ٍّام ِّمث َل -5عن عا ِّئشة ،أنها قالت :ما رأيت
ألن إلى الاعتداد بالحيض؛ وذلك َّ ً
الغائب ،ليشتري به رقبة في كفارة الظهار. ْ ََ ٌ ََ ََْ ُ َ َ
الن ِّب ِّي ِّ إن ًاء ِّف ِّيه طعام ،فما ملكت نف ِّس ي صف َّي َةَ ،أ ْه َد ْت إ َلى َّ َ
ِّ ِّ
ُّ
يستقر مقصود ،فال
ٍّ البدل هنا غير
ٌَ
الِّ « :إناءَأ ْن ك َس ْرُت ُه ،ف ُقل ُتَ :يا َر ُسو َل الل ِّهَ ،ما ك َّف َارُت ُه؟ ف َق َ
َ َ َّ ْ َ َ
حكمه إال ُّ َ َ َ ََ ٌ َ َ
بالشروع في املقصود. ام كط َع ٍّام» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي ،بإسناد ك ِّإن ٍّاء ،وطع
صحيح.
الكلية َّ
السادسة القاعدة َّ - 54 -
َّ ا ُّ ُ ا ا َّ َّ ا ُ ٌ ْ ا ْ ا
صل اح ِة التصرف على الر ِعي ِة منوط ِبامل
3
2 1
َّ
املبنية على القاعدة أمثلة للفروع معنى القاعدة
ألادلة على هذه القاعدة
مقي ٌد بشرطين:
إعمال هذه القاعدة َّ ثم استعملها َّ -1لو َّأن ََ َ َ ْ َ َ َ َ َّ َ ُ ً ْ َ َ ُ َ
لعدة شخصا اشترى سيارةَّ ، ً اع غال ًما ،فأق َام ِّع ْن َد ُه َما عن عا ِّئشة ،أن رجال ابت املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
ً
ماالَّ ، ًَْ َ َ َ َ ُ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ ُ َ
متولدة من ألاصل، -1أن تكون املنفعة منفصلة ،غير ِّ ثم وجد أيام ،أو أجرها ،وكسب من وراء ذلك يم ،ث َّم َوجد ِّب ِّه عيبا ،فخاصمه ِّإلى ش ٍّاء الله أن ي ِّق
َّأما إن كانت املنفعة متصلة؛ كلبن الدابة ،أو صوفها، فإن ما حصل من عيبا ،فأراد ردها للبائع؛ َّ بها ً َّ
الر ُج ُلَ :يا َر ُسو َل الل ِّه،
ال َّ النبي َ ،ف َر َّد ُه َع َل ْي ِّهَ ،ف َق َ َّ
َ ْ َ َُ
ِّ ِّ َّأن استحقاق املنفعة املنفصلة التي الخراج :املراد به :املنافع
السيارة من منفعة ،أو مال ال ُّ الله ْ « :ال َخ َر ُ َ َ َ ُ ُ َّ
اس َتغ َّل غال ِّمي ،فق
وثمر الشجر ،أو كانت منفصلة ومتولدة من ألاصل؛ يحق للبائع املطالبة ٍّ اج ال َرسول ِّ ق ِّد َّ
تحصل من الش يء ،والتي تستند إلى املنفصلة التي تحصل من
فإنها تكون في ملك مالك ألاصل املتولدة كولد الدابة؛ َّ بعوض عنه؛ َّ َ َّ
ألنه خراج ،فيكون للمشتري مقابل ٍّ ِّبالضم ِّان» أخرجه أحمد وأصحاب السنن ،وهو حسن. ً َّ
عوضا عن سبب مشروع ،تكون ٍّ الش يء ،وهي مستندة إلى
منه ،وخراجها له ،دون نظر إلى الضمان وعدمه. ضمانه للسيارة. الن َّبي نص في القاعدة؛ فقد جعل َّ هذا الحديث ٌّ َّ
ً نقص أو تحمل تبعة ذلك الش يء؛ من ُّ سبب مشروع؛ كسكنى
ٍّ
-2أن تكون املنفعة مستندة إلى سبب مشروع؛ شقصا -الشقص هو: ً شخصا اشترى ً -2لو َّأن املنفعة التي استفادها املشتري من العبد ،في مقابل
ً القطعة من ألارض -من أحد ُّ هالك ونحوهما ،ومعنى هذا َّأن ٍّ
الدار ،وأجرة َّ
الدابة. َّ
كالشراء مثالَّ .أما لو استندت املنفعة إلى سبب غير أرض
ٍّ الشركاء في ضمانه له لو تلف عنده ،أو حدث به نقص. َّ
ً
مثالَّ ، مشتركةَّ ، استحقاق تلك املنافع يكون ملن بالضمان :الباء للعوض.
فإنها ال تباح للغاصب ،وال مشروع؛ كالغصب ثم شفع فيها الشريك آلاخر ،وكان يتحمل تلك َّ
َّ َّ
يكون خراجها له ،وإن كانت في ضمانه؛ فلو َّأن شخصاً َّ َّ التبعة ،فيكون استحقاق والضمان هو :الالتزام
استغل الشقص؛ بأن أخذ ثمرته أو املشتري قد تحمل َّ
التبعة. املنفعة ،في مقابل َّ ُّ
ُّ وأجرهاَّ ،
غصب سيارة َّ وتحمل تبعة بالتعويض،
يحق ملالكها مطالبة فإنه أجرته ،فهي للمشتري ،وليس للشفيع مطالبة
َّ املشتري بردها؛ َّ الش يء.
الغاصب بمقابل أجرتها التي أخذها مع أن ضمانها على ألنه خراج ،فيكون للمشتري مقابل
الغاصب. ضمانه َّ
للشقص.
َّ َّ
الكلية الثامنة القاعدة - 56 -
ُْ ُ
الغ ْر ُم بالغن ِم
ُ ُ
هذه القاعدة تفيد عكس ما أفادته القاعدة َّ -1أن نفقة رد العارية إلى صاحبها -املعير ،-تجب على (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ -1قوله تعالى: املعنى إلافرادي
املعنى إلاجمالي
السابعة؛ فقاعدة( :الخراج بالضمان) أفادت َّأن َّ ُ
الرد هنا (غ ْر ٌم) ،والانتفاع ألنه املنتفع بها ،فنفقة َّ املُستعير؛ َّ
املنفعة التي يحصل عليها َّ ُ ُ ُ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚ ﯛﯜﯝ
الشخص ،تكون في تقرر َّأن (الغ ْر ُم بالغ ْنم). (غ ْن ٌم) ،وقد َّ
َّأن ما يلاَزم املرء من
ُ
ُ َّ ُ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ تبعات ش ٍّيء
ِّ الغ ْرم :املراد به :ما يلاَزم املرء
تحمله تبعات ذلك الش يء ،وقاعدة( :الغ ْر ُم مقابل ُّ ودع ،تجب على وعكس هذا نفقة رد الوديعة إلى صاحبها امل ِّ ُّ
َّ
تحمله تبعات الش يء ،تكون في بالغ ْنم) أفادت َّأن ُّ ُ
ألن مصلحة الانتفاع بالوديعة ودع؛ َّ املُودع نفسه ،ال على املُ َ مطلوب له ،تكون َّفي مقابل ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [البقرة.]233: ٍّ تحم ٍّل تعويض ،أو
ٍّ من
ِّ ل َّ
مقابل ما يحصل له من منفعة. تقرر أنَّ (غ ْن ٌم) ،وقد َّ ُ ٌ ْ
له ،فنفقة الرد هنا (غرم) ،والانتفاع
ُ َّ حصو منافع ذلك الش يء ،حتى وجه الاستدَلل منه في موضعين: للتبعية.
َّ َّ بالغ ْنم :الباء للعوض ،وهو ما
ُ
ْ ُُْ ُ ُ ُ إنه لو تعدد من ينتفع بذلك ألاولَّ :أن هللا تعالى قد جعل إرضاع الوالدات،
معاكس لنص قاعدة( :الغرم بالغنم)، ٌ *هناك تعبير (الغ ْر ُم بالغ ْنم). ُ سواء َّ الش يء ،كانت َّ َّ
ُ ُ ْ ُ ُ كن زوجات أم مطلقات -وهو غ ْرم ،-في ٌ التبعات عليهم يحصل للمرء من املنافع
وهو قولهم( :الغنم بالغرم) ،ومعنى هذا اللفظ ْ َّ -2أن أجرة كتابة صك عقد املبايعة تكون على املشتري؛
ادف ملعنى قاعدة( :الخراج َّ ٌ فدل على َّأن وكسوتهن -وهو ُغ ْنمَّ ،- َّ َّ
رزقهن مقابل بقدر انتفاعهم. املطلوبة له.
بالضمان). مر ألنه املنتفع به ،حيث َّإنه توثيق النتقال امللكية إليه ،فأجرة َّ
ُ ُ
(غ ْن ٌم) ،وقد َّ ُ ُ الغ ْرم بالغ ْنم.
*يذكر بعض العلماء قاعدة: تقرر َّأن الكتابة هنا هنا (غ ْر ٌم) ،والانتفاع
النعمة). ُ
(الغ ْر ُم بالغ ْنم).
ُ الثانيَّ :أن هللا تعالى قد أوجب على وارث الصبي،
والنقمة بقدر ِّ النقمةِّ ، (النعمة بقدر ِّ ِّ
َّ -3أن نفقة عمارة َّ كل حسب مقدار إرثه منه -وهو نفقة رضاعتهٌّ ،
النقمة) مرادف لقاعدة: (النعمة بقدر ِّ قولهِّ : الدار املشتركة بين شخصين فأكثر ،تكون
ُ ْ ُ ْ ُ َّ عليهم بقدر ُملكهم؛ َّ فدل على ُغ ْرم ،-في مقابل إرثهم منه -وهو غنمَّ ،-
ْ ُ
(الخراج بالضمان) ،و(الغنم بالغرم). ألن انتفاعهما من الدار بحسب مقدار ُ ُ
ُ ُ َّأن الغ ْرم بالغ ْنم.
النعمة) مرادف لقاعدة: (والنقمة بقدر ِّ ِّ وقوله: التعمير هنا (غ ْر ٌم) ،والانتفاع (غ ْن ٌم)، ُملك كل منهم؛ فنفقة َّ
ٍّ الَ :ق َ ُ ُ هللا َ ق َ َ ْ َ ْ َ
ْ ُُْ ُ
(الغرم بالغنم). ْ َّ ر َّ ُ ْ ُ ُ
وقد تقر أن (الغرم بالغنم). ال َرسول ِّ
هللا -2عن ج ِّاب ِّر ب ِّن ع ْب ِّد ِّ
َ
هللا في الن َساءَ ،فإ َّن ُك ْم أ َخ ْذ ُت ُم ُ َ « :ف َّات ُقوا َ
َّ
شخصا غن ًّيا له أخ فقير؛ فإن نفقة ألاخ القريب ً -4لو َّأن وه َّن ِّ ِّ ِّ ِّ
َُ
هللاَ ،ولك ْم
َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َّ َ ََ
ألنه لو مات الفقير ورثه الغني، الفقير تكون على أخيه الغني؛ َّ هللا ،واستحللت ْم ف ُروج ُهن ِّبك ِّل َم ِّة ِّ ِّبأم ِّان ِّ
َْ َ َ َ َ ْ َّ َ ْ َ ُ ْ ُ َ ُ َ
ُ
فالنفقة على ألاخ الفقير هنا (غ ْر ٌم) ،ومنفعة إرثه لو مات وطئ َن ف ُرشك ْم أ َح ًدا تك َر ُهون ُه ،ف ِّإ ْن علي ِّهن أن ال ي ِّ
ُ ُ ُ ض ْرًبا َغ ْي َر ُم َبرحَ ،و َل ُهنَّ وه َّن َ اضرُب ُ َف َع ْل َن َذل َك َف ْ
تقرر َّأن (الغ ْر ُم بالغ ْنم). (غ ْن ٌم) ،وقد َّ ِّ ٍّ ِّ ِّ
وف» أخرجه مسلم. ُ
ر َع َل ْي ُك ْم ر ْز ُق ُه َّن َوك ْس َو ُت ُه َّن ب ْاملَ ْ
ع
-5لو أشرفت سفينة على الغرق ،واحتاج ركابها إلى إلقاء ِّ ِّ ِّ ِّ
فإن ضمان ألامتعة يكون على جميع الركاب، بعض ألامتعة؛ َّ وجه الاستداللَّ :أن الحق الذي على الاَزوجة
ُ
بعدد رؤوسهم؛ لتساويهم في نفع إلقاء ألامتعة ،فضمان لاَزوجها فيما ورد في هذا الحديث ُي َع ُّد غ ْر ًما ،وهو
ُ
(غ ْن ٌم) ،وقد َّ ُ ُ في مقابل غ ْنمها بالنفقة عليها ،وإلاحسان إليها.
تقرر َّأن ألامتعة هنا (غ ْر ٌم) ،ومنفعة إلقائها
ُ ُ
(الغ ْر ُم بالغ ْنم).
َّ َّ
الكلية التاسعة القاعدة - 57 -
َّ ا ا ْ ُ َّ
الض امان ال اج اواز الش ْر ِع ُّي ُين ِافي
مقي ٌد بشرطين: إعمال هذه القاعدة َّ شخصا حفر حفرة في ملكه ،أو في الطريق ً -1لو َّأن ُيستدل لهذه القاعدة بدليلين: املعنى إلافرادي
املعنى إلاجمالي
مقي ًدا بشرط صرف املباح َّ الت ُّ أحدهما :أن ال يكون َّ
العام بإذن ولي ألامر ،فسقط فيها إنسان أو َّ
أحدهما من املعنى :وحاصلهَّ :أن اتصاف الش يء
السالمة. َّ فإنه ال ضمان على حيوان ،وحصل له تلف؛ َّ الشرع يمنع من وصفه َّ بالجواز في حكم َّ
بالتعدي، ً َّأن َّ
الت ُّ
ً الت ُّ ثانيهما :أن ال يكون َّ ألن فعله هذا جائاَز ً الحافر؛ َّ بالتعدي امتنع ترتيب َّ وإذا امتنع وصفه َّ شرعا صرف املباح الجواز الشرعي :املراد به:
صرف املباح عبارة عن إتالف مال شرعا ،والجواز الشرعي الضمان ٌ
إتالف؛ َّ إذا َّ ُّ إلاباحة َّ
الش َّ
غيره ألجل نفسه ،وذلك في حال َّ ُينافي َّ بالتعديَّ ، عليه ،بدليل َّأنه لو ثبت وصفه َّ فإن ترتب عليه تصر ٍّف، رعية ألي
الضرورة. الضمان. ترتب ً ً ٌ
هذا إلاتالف ال يكون سواء أكان فعال أم تركا.
وهذا ما نلحظه في جميع الفروع السابقة املذكورة شخصا استأجر سيارة أو دابة ليحمل ً -2لو َّأن الضمان. عليه ثبوت َّ ً َّ
ً حملها قدر املعتاد ،فتلفتَّ ، مضمونا. الالتزام هو الضمان:
أمثلة على هذه القاعدة. فإنه ال ثم َّ عليهاَّ ، ثانيهمي ي ي يياَّ :أنـ ـ ـ ــه ُيمكـ ـ ـ ــن أن ُيسـ ـ ـ ـ َّ
ـتدل لـ ـ ـ ــبعض صـ ـ ـ ــور ُّ
يتحقق فيها هذا َّ َّ ً ً ً يضمن؛ َّ وتحمل تبعة بالتعويض،
الشرطان أو ومن ألامثلة التي لم شرعا ،والجواز جائاَزا ألنه فعل فعال القاعـ ــدة ،وهـ ــي ُّ
الصـ ــورة التـ ــي يكـ ــون الفاعـ ــل فيهـ ــا
الشرعي ُينافي َّ الش يء.
أحدهما: الضمان. محس ــنا؛ بقول ــه تع ــالى( :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ً
َّ ً
-1لو َّأن شخصا أتلف شيئا بمروره في الطريق العام، ً أجيرا في إصالح سيارةَّ ،
فلما شخصا كان ً ً -3لو َّأن
َّ فإنه يضمنه؛ َّ َّ ﮩ ﮪ ﮫ) [التوبة.]20:
ألن املرور في الطريق العام ،وإن كان طلبها مالكها منه ،حبسها عنده حتى يعطيه أجرة
مقي ٌد بشرط َّ شرعا ،إال َّأنه َّ مباحا ً ً فإنه ال يضمن؛ َّ إصالحها ،فتلفت عندهَّ ، وج ي ييه الاس ي ييتدَلل :م ـ ــا ذك ـ ــره الش ـ ــيخ عب ـ ــد ال ـ ــرحمن
السالمة. ألنه فعل
شخصا اضطر إلى طعام غيره ،فأكلهَّ ، الس ــعدي ف ــي (تفس ــيره)" :ويس ــتدل به ــذه آلاي ــة عل ــى
فإنه ً -2لو َّأن الضمان.شرعا ،والجواز الشرعي ُينافي َّ جائاَزا ً فعال ً ً
ألن إلاتالف هنا بطريق ألاكل ،وإن كان ً يضمنه؛ َّ قاعدة وهي :أن من أحسن على غيره ،في [نفسه] أو
مباحا شخصا التقط لقطة ،فأنفق على العين ً -4لو َّأن
في ماله ،ونحو ذلك ،ثم ترتـب علـى إحسـانه نقـص
شرعا ،إال َّأنه عبارة عن إتالف مال غيره ألجل نفسه في ً بالنفقة على صاحبها، امللتقطة بأمر القاض ي ،ليرجع َّ
تقدم َّأن (الاضطرار ال ُيبطل َّ الضرورة ،وقد َّ حال َّ َّ أو تل ــف ،أن ــه غي ــر ض ــامن ألن ــه محسـ ــن ،وال س ــبيل
حق ِّ فلما طلبها مالكها منه حبسها عنده ،حتى يعطيه
مقابل نفقته عليها ،فتلفت عندهَّ ، على املحسنين"اهـ.
الغير). فإنه ال يضمن؛
َّ َّ فعال ً
جائاَزا ً ً َّ
*الشرطان السابقان ذكرهما (الشيخ أحمد الاَزرقا)، شرعا ،والجواز الشرعي ُينافي ألنه فعل
وجمعهما (الشيخ مصطفى الاَزرقا) في ((املدخل الفقهي الضمان. َّ
العام)) في قيد واحد ،فقال" :وهذه القاعدة فيما يظهر
ً دة بأن يكون الجواز الشرعي ً ٌ
مطلقا ،فلو كان جوازا مقي
َّ َّ
جوازا مقيدا ،فإنه ينافي الضمان" .ثم اقترح في آخر َّ ً ً
نص القاعدة: شرحه للقاعدة أن يكون ُّ
َّ ُ َ
(الجواز الشرعي املطلق ُينافي الضمان).
الكلية العاشرة القاعدة َّ - 58 -
ْ ْ ا ا ْ ا ا ُ ُ اا ا ْ اا ا ا
ص َّرف ِفي ِمل ِك الغ ْي ِر ِبال إذ ِن ِهَل يجوز ِألح ٍد أن يت
َّأما منطوق القاعدة ،فمن أمثلته: الرضا في َّ َّ َّ ُّ ُ َّ
يتصرف في يصح منه أن ُّ ألحد ،وال
يحل ٍّ َّأنه ال ُّ
شخصا أخذ سيارة غيره بدون إذنه ،واستعملهاَّ ، يستدل لهذه القاعدة بأدلة الشرع العامة الدالة على اشتراط ِ
تصرفه ال يجوز،فإن ُّ ً -1لو َّأن العقود ونحوها ،مثل: ًّ
تصرفا فعليا ،أو قوليا ،بدون ٍّ
إذن من ًّ ُّ ً
ملك غيره،
فإنه يجب عليه غاصبا ،فلو تلفت السيارة ،أو حدث بها عيب؛ َّ ً ولذا َّ
فإنه ُي َع ُّد َّ
تعالى( :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ -1قوله إذن من الشرع ،وهذا ما أفاده منطوق املالك ،أو ٍّ
ضمانه. القاعدة.
ُّ َّ ً ً َّ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النساء.]22: َّ َّ
-2لو أن شخصا باع بيتا لغيره بدون إذنه ،فإن البيع ال يصح ،إال إن أجاز املالك، ُ ْ ْ َ َّ َ َ ُّ َ ُ ْ َ َ َ ُ ُ َّ ُّ
وأما مفهومها :فأفاد أن التصرف في ملك الغير َّ
يصح ُم ً
فإنه ال ُّ وأما إذا لم ُيجاَزه؛ َّ وتكون إلاجازة الالحقة كالوكالة َّ
السابقةَّ ، س ِّمنه» أخرجه يب نف ٍّ -2قال رسول الل ِّه « :ال ي ِّحل مال ام ِّر ٍّئ ِّإال ِّب ِّط ِّ ً ً ً
طلقا. بإذن
بإذن منه؛ سواء أكان صريحا ،أم داللة ،أو ٍّ ٍّ
َّ أحمد ،وهو صحيح. ً الشرع ،يكون ً من َّ
وأما املفهوم املخالف لنص القاعدة ،فمن أمثلته: ً ُّ ً ُّ َ ُ ُّ َّ َّ وصحيحا. مباحا
شخصا أذن آلخر أن يبيع سيارته ،فقام املأذون له ببيعهاَّ ، وجه الاستدَلل :أن التصرف العاري من إلاذن يعد تصرفا خاليا من
فإن ُّ
تصرفه ً -1لو َّأن َّ َّ ُّ َّ َّ
تصرف مأذون فيه على سبيل َّ ألنه ُّ صحيح؛ َّ الرضا الالرضا ،وقد دل الدليالن املتقدمان على أن التصرف الخالي من ِّ ِّ
التصريح. يحل به املال ،فيكون َّ
الت ُّ ُّ
يصح ،وال ُّ
شخصا ناَزل ً صرف العاري من إلاذن غير صحيح.
ضيفا على آخر ،فقال هذا الضيف باالنتفاع ببعض ما ً -2لو َّأن
يملكه املضيف؛ كالجلوس على بعض فرشه ،أو الانتفاع بإضاءة البيت ،أو
ٌ ألنه ُّ يصح وينفذ؛ َّ
تصرفه ُّفإن ُّ بتكييفهَّ ،
تصرف مأذون فيه عن طريق الشرع.
تصرفه ُّ فإن ُّ ٌ
مصلحة لليتيمَّ ، ُّ ً -3لو َّأن ولي اليتيم َّ
يصح تصرفا فيه تصرف في ماله
ٌ ألنه ُّ وينفذ؛ َّ
تصرف مأذون فيه عن طريق الشرع.
الكلية الحادية عشرة القاعدة َّ - 59 -
ا ُ ا ْ ُ ا ُ ْ ْ ا ْا
اع ِل َل ْلا ِم ِر اما ل ْم ايك ْن ُم ْج اب ًرايضاف ال ِفع ُل إلى الف ِ
َ ٌ
َّأما منطوق القاعدة ،فمن أمثلته:
(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ستدل لهذه القاعدة بقوله تعالى: ُّ على مال الغيرُ ،ي َّأن الفعل الذي هو عبارة عن ت َع ٍّد
شخصا أمر آخر بحفر حفرة في الطريق العام ،ثم وقع فيها إنسان ،أو ً -1لو َّأن فإن حكم هذا أو نفسه ،إذا كان بأمر من أحدَّ ،
ٍّ ٍّ
فإن َّ دابةَّ ، ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [البقرة.]281: ُ
الضمان يكون على الفاعل دون آلامر. الفعل ينسب إلى فاعله ،دون آلامر به ،إال إذا كان وجه الاستدَللَّ :أن هللا تعالى قد بين هنا َّأنه يحصل َّ
مكلفا ،بإتالف مال لغيره ،ففعلَّ ، شخصا آخر ً التكليف بما كان
فإن إلاتالف ٍّ
ً شخصا أغرى ً -2لو َّأن داخال في قدرة املُ َّكلف ،ولذلك َّ ً كره
ُ
كرها للفاعل على الفعل ،أو في حكم امل ِّ
آلامر ُم ً
ِّ
الضمان يجب على املُ ِّتلف دون فإن َّ يتعلق باملُتلف الفاعل دون آلامر ،ولذلك َّ َّ فإنه يكون من كسبه واكتسابه ،أي: ًّ ٌ َّ
ِّ ُ َّ ً أم ا،حقيقي اه
ر إلاك أكان وسواء به، رغر له؛ بأن
آلامر.
أحد ،وهو في
بأمر من ٍّألن يكون مسؤوال عنه ،ويدخل فيه ما فعله املكلف ٍّ نسب حكم الفعل إلى آلامر؛ َّ وحينئذ ُي َ ًّ
حكميا،
ً َّ ٍّ
َّ ٌ َّ ً ُّ َّ ن
حدود قدرته ،فإنه يكو مسؤوال عنه.
نار ،ففعل ،وترتب عليها ضرر ،فإن ضمان -3لو أن السلطان أمر شخصا بإيقاد ٍّ ُ َّ َّ ُ َّ املأمور في هذه الحالة ،يكون في حكم آلالة في يد
ُ ُّ َ ُ َّ خارجا عن قدرة املكلف ،فإنه ال يكلف به ،وال ً ومفهوم ذلك َّأن ما كان
جبر.الضرر يكون على السلطان آلامر ،دون الفاعل؛ ألن السلطان يعد في حكم امل ِّ ً
مسؤوال عنه ،وال ُي َ آلامر.
َّ صبيا بإتالف مال لغيره ،ففعلَّ ، شخصا ُم َّكل ًفا أمر ًّ نسب إليه ،ومنه ما يكون من اكتسابه ،فال يكون
الضمان يتعلق فإن َّ
ٍّ
ً -4لو َّأن ويضاف إلى هذا :ما لو كان الفعل املأمور به كان ُم َ
ُ َّ ُ َّ ُ َّ َّ َّ ُ َّ كر ًها على فعله. ملصلحة آلامرَّ ،
غرر.
جبر ،أو م ِّ باملكلف آلامر ،وال يتعلق بالصبي؛ ألن املكلف آلامر إما م ِّ فإن ألامر هنا يكون في حكم
تبين َّأن الجدار ثم َّ بابا في جداري هذا ،ففعلَّ ، شخصا قال آلخر :افتح لي ً ً -5لو َّأن الوكالة ،يقوم فيها املأمور مقام آلامر في حدود
ُ َّ َّ َّ
غرر. ليس له ،فإن الضمان يكون على آلامر دون الفاعل؛ ألن آلامر م ِّ ألامر؛ كما لو أمره ببناء داره.
*إلاكراه الحكمي أو التقديري :هو الذي ينتج عن
فإن أمره في حكم إلاكراه. أمر السلطانَّ ،
َّ َّ
الكلية الثانية عشرة القاعدة - 60 -
ْ ا َّ َّ ُ ْ
الث ِابت ِبال ُب ْر اه ِان كالث ِاب ِت ِبال ِع اي ِان
َّ َّ
الكلية الثالثة عشرة القاعدة
ْا ُ ْاا ا ا
ال الكال ِم أ ْولى ِم ْن ِإ ْه ام ِال ِهِإعم
ْ ا ُ ْاا ا ا
ال الكال ِم أ ْولى ِم ْن ِإ ْه ام ِال ِهِإعم
عقلي
ٍ بدليل
ٍ
َّ
ستدل لهاهذه القاعدة ُيمكن أن ُي َّ
الفقهية، حص ى من الفروع يتفرع عنها ما ال ُي َ
هذه القاعدة ذات مكانة عظيمةَّ ،
حاصله: املعنى إلافرادي املعنى إلافرادي ً ً وقد َّ
عدها (السيوطي) قاعدة عاشرة من الكتاب الثاني ،الذي عقده للقواعد
يؤدي إلى أن يكون الكالم ً
لغوا ،ال َّ َّ يتخرج عليها ما ال ينحصر من ُّ الكلية ،التي َّ َّ
أن إهمال الكالم ِّ َّأن الكالم إذا أمكن حمله على ً الجاَزئية. الصور
فائدة فيه ،وكالم العاقل ُيصان عن اللغو ما أمكن معنى من هذه القاعدة مكونة من شقين متقابلين،
شمولية القاعدة َّ ولم يذكرها علماء القواعد ،الذين رتبوا مؤلفاتهم بحسب
ذلك ،وصون الكالم عن اللغو يحصل بإعمال املعاني؛ بحيث يكون له ثمرة ،كما َّأنه أحدهما أرجح من ْلاخر:
أمكن حمله على ً والاتفاق عليها ،ضمن القواعد الكبرى.
معنى من املعاني؛ أحدهما( :إعمال الكالم) :املراد به :حمل
الكالم واجتناب إهماله.
بحيث ال يكون له ثمرةَّ ، الكالم على ً والذي يظهر َّأن هذه القاعدة ،تقرب من القواعد الكبرى ،ملا يأتي:
فإن حمله على معنى من املعاني؛ بحيث
َّ -1أن هذه القاعدة محل اتفاق بين العلماء في الجملة ،ويظهر هذا من خالل
املعنى الذي له ثمرة ،أولى من حمله على يكون له ثمرة.
تفريعاتهم عليها ،وتعليالتهم بها.
املعنى الذي ال ثمرة له. ثانيهما( :إهمال الكالم) :املراد به :حمل
الكالم على ً َّ -2أن هذه القاعدة تدخل كثيرا غالب أبواب الفقه ،وخاصة ما يكون منها ذو
ً
معنى من املعاني؛ بحيث ال َّ َّ ارتباط َّ
بالت ُّ
القولية للمكلف. صرفات ٍّ
يكون له ثمرة. ُّ
السابقين يدلنا على أهمية هذه القاعدة ،وكما َّأن هذه القاعدة وتأمل ألامرين َّ ُّ
ُّ َّ َّ
فإن لها تعل ًقا
املكلف القولية كلها ،وطرق تصحيحهاَّ ،
ِّ ُّ
تصرفات تتعلق بأحكام
كبيرا بخطابات َّ
الشارع؛ من حيث َّإنه يجب صونها عن إلاهمال وإلالغاء ،ولذا ً
ُّ
َّ
القولية. الس َّنة
كانت هذه القاعدة ذات تعلق باألبحاث القرآنية ،وأبحاث ُّ
يدلنا على َّ ُّ ُّ
أهمية هذه القاعدة ،ومسيس الحاجة إليها في بناء أحكام وهذا كله
الفقه.
- 63 -
اب. ُّ ا ُ ُ ا ٌ ْ ا ا
السؤال معاد ِفي الجو ِ 6
ا ا ا َّ ا ْ ا ُ ْ ا ا
ال الكال ِم ُي ْه ام ْل. ِإذا تعذر ِإعم 7
- 64 -
1
ا ْاا ْ ا
صل ِفي الكالم ال اح ِقيقة
ألا ْ
4 1
3 2
تنبيه عالقتها بالقاعدة الك َّلية َّ
املبنية على القاعدة أمثلة للفروع معنى القاعدة
ً َّأن الكالم إذا دار بين الحقيقة واملجاز ،ولم يمكن
منهجا آخر من مناهج هذه القاعدة ترسم لنا املبنية على هذه القاعدةُ ،يمكن ذكرها من
َّ َّ
الفقهية الفروع
الكالم ،واجتناب إهماله؛ وذلك باالنتقال من ُّ حمله على حقيقته ،ألي سبب من ألاسبابَّ ،
خالل ذكر أوجه تعذر الحقيقة؛ وهي ثالثة أوجه: فإنه ٍّ ِّ
الحقيقة إلى املجاز ،عند تعذر الحقيقة. ً
طريقا يتعين حمل على مجازه؛ َّ
ألن املجاز حينئذ َّ ُي َ
ٍّ
إلعمال الكالم ،واجتناب إهماله.
َّ َّ الوجه ألاول
الوجه الثالث الوجه الثاني
َّ ُّ َّ ُّ َّ ُّ
التعذر الشرعي التعذر العرفي التعذر الحقيقي
وهذا الوجه له صورتان
3
اً ا ًّ ا ا ا ْ ا ُ ْ ا ُ َّ ْ ا ْا ُْ ْا
صا أ ْو ِدَللة يد ن
يل التق ِي ِاملطل اق اي ْج ِري اعلى إطال ِق ِه ،ما لم يقم د ِل
منهجا من مناهج ً هذه القاعدة ترسم لنا املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
إعمال الكالم؛ وذلك َّإن إعمال الكالم إذا املبنية على هذه القاعدةُ ،يمكن ذكرها من
َّ َّ
الفقهية الفروع ُ ا
ً
منهجا هذه القاعدة ترسم لنا َّ
املجرد من املطلق :ألامر
عمل به على إلاطالق ،وإذا طلقا؛ َّ
فإنه ُي َ كان ُم ً خالل ذكر حاَلت هذه القاعدة؛ وهي َل تخلو من ثالث حاَلت:
َّ َ القيود َّ
َّ َ ُ َّ ُ َّ ً في إعمال الكالم املطلق واملقيد؛ الدالة على بعض
قييد.
كان مقيدا؛ فإنه يعمل به على الت ِّ ٌ َّ
خال من وذلك أنه إذا وجد كالم ٍّ ألاوصاف أو الحدود.
عمل به على فإنه ُي َالقيودَّ ، نصا :أن يكون ألامر التقييد ًّ َّ
ِ
َّ َّ الحالة َّ إطالقه ،فإذا قام َّ بلفظ ُّ ً
الحالة الثالثة الحالة الثانية ألاولى الدليل على يدل على بعض مقرونا ٍّ
ً ا املطلق ًّا ا قي ًدا؛ عمل به ُم َّ تقييده َّ
فإنه ُي َ ألاوصاف أو الحدود.
تقييد املطلق دَللة نصا تقييد إجراء املطلق على إطالقه ِّ
سواء أكان َّ ٌ ً َّ
قييد بطريق ِّ الت قييد دَللة :أن يكون ألامر الت ِ
ً
الداللة. اللفظ ،أم بطريق ِّ عرف ،أو
بحالة ،أو ٍّ ٍّ مقرونا
شخصا يعمل في حمل ألامتعة ،فوكل ً -1لو َّأن شخصا آخر في أن ً ً
شخصا وكل -1لو َّأن شخصا آخر في أنً شخصا وكلً -1لو َّأن مما ُّ نحوهما َّ
ً يدل على بعض
صديقا له في أن يشتري سيارة ،فاشترى الوكيل (اشتر لي سيارة ِّ يشتري له سيارة ،بقوله: (اشتر ليِّ يشتري له سيارة ،بقوله:
سيارة صغيرة ،ال تصلح لحمل ألامتعةَّ ، ألاوصاف أو الحدود.
فإنه ال سوداء) ،فاشترى له الوكيل سيارة سيارة) ،فاشترى له الوكيل سيارة
ألنه قد قام دليل يلاَزم املوكل قبول السيارة؛ َّ املوكل قبول خضراءَّ ، َ
ِّ ِّ فإنه ال يلاَزم املوكل( :أردت السيارة ِّ بيضاء ،فقال
ً َّ التقييد ًّ ألنه قد قام دليل َّ السيارة؛ َّ قبل كالمه هنا؛ ألنَّ فإن ال ُي َ حمر َاء)َّ ،
املوكل ،فال يكوناملتمثل في حالة ِّ ِّ قييد داللة، الت ِّ نصا، ِّ
ً َ َ َ
الكالم ُمطل ًقا ،بمعنىَّ :أنه ال يجوز للوكيل شراء فال يكون الكالم ُمطل ًقا؛ بمعنىَّ :أنه ال توكيله مطلق ،واملطلق يجري على
نوع يختاره هو. السيارة من أي ٍّ يجوز للوكيل شراء السيارة بأي لو ٍّن إطالقه.
َّ َّ ً ً ً َّ
شرعي ،وكل صديقه في أن ٍّ علم -2لو أن طالب ٍّ يختاره هو. -2لو أن شخصا أعار شخصا آخر شيئا،
ً الش يء)َّ ، َّ
يشتري له بعض الكتب ،فاشترى له الوكيل ً
كتبا شخصا آخر شيئا، ً ً
شخصا أعار -2لو َّأن فإنه يجوز بقوله( :أعرتك هذا
املوكل َّ َّ
في الطب أو في الهندسة ،فإنه ال يلاَزم ِّ بقوله( :أعرتك هذا الش يء ملدة يومين)، للمستعير الانتفاع بالعارية ،في جميع
َّ َّ َّ
قييد قبول هذه الكتب؛ ألنه قد قام دليل الت ِّ فإنه ال يحق للمستعير الانتفاع بهذا الش يء وجوه الانتفاع بالحدود املعتادة ،وال
ً بعد مض ي اليومين؛ َّ َّ
املوكل ،فال يكون الكالم ملتمثل في حالة ِّ داللة ،ا ِّ ألنه قد قام دليل يتقيد الانتفاع باَزمان أو مكان معينين ،أو
ً َ َ
ُمطل ًقا ،بمعنىَّ :أنه ال يجوز للوكيل شراء الكتب نصا ،فال يكون الكالم ُمطل ًقا؛ التقييد ًّ
ِّ
َّ ألن إلاعارة هنا مطلقة، طريقة خاصة؛ َّ
َ
علم يختاره هو. في أي ٍّ بمعنىَّ :أنه يتقيد باملدة التي ذكرها املعير. واملطلق يجري على إطالقه.
- 67 -
ا ا 4ا ا ا َّ ُ ا ْ ُ ذ ْك ُر اب ْ
ض ما َل يتجزأ ك ِذك ِر ك ِل ِه
ِ ع ِ
5 2
4 3 1
تنبيهان عالقتها بالقاعدة ال َّ
كلية َّ معنى القاعدة
املبنية على القاعدة أمثلة للفروع نص القاعدة عند (ابن نجيم) هذا هو ُّ
والنظائر)) ،وهو في كتابه ((ألاشباه َّ
ً ً َّ َّ َّ
أ
منهجا من مناهج هذه القاعدة ترسم لنا شخصا طلق نصف زوجته أو أن ما ال يقبل التجاَزئة يكون ذكر -1لو َّأن نصها في ((مجلة ألاحكام العدلية)). ُّ
ٌ ُ ً ً ً (الاَزركش ي والسيوطي) ُّ َّأما عند َّ
يقبل َّ إعمال الكالم ،واجتناب إهماله؛ وذلك تنزيل طالق ،أو (نصفك البعض منه -اختيارا أو إسقاطا ،-ربعها مثال ،بأن قال: فنصها:
التجاَزئة، هذه القاعدة متعلقة بما ال َ بعض ما ال يتجاَزأ منزلة الكل ،فيما َّ
ِّ يترتب تطلق ُّكلها؛ َّ ُ طالق)َّ ، ربعك ٌ ً
قائما مقام ذكر الكل من جهة ما ُ ْ َ
يض ،فاخ ِّت َي ُار َب ْع ِّض ِّه ( َما َال َي ْق َب ُل َّ
الت ْب ِّع َ
ِّ ألن املرأة ال فإنها
الكل ،فيأخذ ِّ كذكر فيها البعض فيكون ذكر ً الكل من أحكام. َّ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َْ
َّ َّ حكمهَّ ،أما ما َ
أحكام ،يجعل للكالم ثمرة ،فيكون ٍّ عليه من الكل.تتجاَزأ ،فيكون ذكر البعض منها كذكر ِّ يترتب على ِّ اط كاخ ِّتي ِّار ك ِّل ِّه ،وِّإسقاط بع ِّض ِّه ك ِّإسق ِّ
يقبل التجاَزئة فال تتعلق به الكالم معمال ،ولو كان ذكر البعض ال يقوم
ُ َ ً وكذا لو طلق ٌ ُكله) ،ومعنى العبارتين ٌ
واحد.
ٌ طلقة أوٍّ رجل زوجته نصف ِّ ِّ
حكم هذه القاعدة ،ويكون للبعض منه ً ً ً ُ مثالَّ ، ً
الكل هنا ،لم يكن للكالم ثمرة، مقام ذكر ِّ فإنها تطلق طلقة واحدة كاملة؛ ربعها
خاصا آخر. كما ًّ خاص ،كما َّأن للكل ُح ً ٌّ ً ً ُ
ِّ نص القاعدة َّ فيكون الكالم مهمال ،وقد َّ
ً ً ألن الطلقة ال تتجاَزأ ،فيكون ذكر البعض
إنسانا آخر ،في إنسانا كفل مثاله :أو َّأن َ ْ ْ َّ ْ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ
الكبرى على أن ِّإعمال الكال ِّم أولى ِّمن ِّإهم ِّال ِّه. ً
الدينَّ ، نصف ما عليه من َّ الكل.
منها قائما مقام ذكر ِّ
فإن هذه
ً الكفالة تصح ،ويكون هذا َّ إنسان كفالة ٍّ شخصا كفل نصف ً -2لو َّأن
الشخص كفيال
بنصف املال ،الذي على ذلك َّ إحضار ،بأن قال( :أنا ٍّ نفس؛ أي :كفالة ٍّ
الشخص ً َّ
يقبل َّ مما ُ ألن املال َّ املكفول؛ َّ أكفل نصفه) ،فإنه يكون كفيال بهذا
التجاَزئة، الشخص كله؛ َّ َّ
َّ ٌ ألن إلانسان ال يتجاَزأ، ِّ
للكلفيكون للبعض منه حكم ،كما أن ِّ فيكون ذكر البعض منه ً
ً قائما مقام ذكر
حكما آخر.
الكل. ِّ
حقهم من َّ
-3لو عفا بعض أولياء الدم عن ِّ
ب القصاص ُّكله؛ ألنَّ َ فإنه يسقط القصاصَّ ، َ
هذه القاعدة تتحدث عن الجاَزء -أي :البعض ،-وقد ذكر بعض العلماء حق ال يتجاَزأ ،فيكون إسقاط القصاص ٌّ َ
الكل في الحكم إال في مسائل قليلة ،منها: َّ
أن الجاَزء ال ياَزيد على ِّ بعضه كإسقاط ِّكله.
فإن هذا يكون علي كظهر أمي)َّ ، (أنت َّ ً َّ
-1لو أن رجال قال لاَزوجتهِّ :
صريحا ،بل ً علي كأمي) ،لم يكن هذا (أنت َّ ً
صريحا في الظهار ،ولو قالِّ :
مثال ،وال يقع ًً
ظهارا إال إذا نواه. هو كناية عن الاحترام
ٌ
نجسةُ -ي َعدُّ َّ -2أن بعرة البعير اليابسة -عند من يرى أن فضلة البعير
َّ
ألنسببا في تنجيس املاء ،والبعرة الكاملة ال ُتنجسه[ .وذلك َّ الجاَزء منها ً
ِّ
للبعرة الكاملة من الصالبة ،ما يمنع من اختالط ش يء من أجاَزائها
باملاء ،بخالف جاَزئها املنكسر منها].
- 68 -
5
ا ْ ا ا ْ ْ ا ْا ْ ُ
اض ِر لغ ٌو او ِفي الغا ِئ ِب ُم ْعت اب ٌر
الوصف ِفي الح ِ
ً
منهجا من مناهج إعمال هذه القاعدة ترسم لنا أطلقت زوجتك؟ فقال :نعمَّ ، َ
فإن كالمه لرجل -على وجه الاستخبار:- -1لو قيل ٍّ املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
الكالم ،واجتناب إهماله. ال ُم َع ٌاد في ْال َج َواب ،فكأنهَّ
الس َؤ ُ
ألن ُّ فتطلق زوجته؛ َُّ َّ
يكون إقر ًارا منه بالطالق،
ِّ ِّ َّأن ُّ الس اؤ ُ
وبيان ذلك: َّ املتقدم ،إذا أتى
ِّ السؤال باملعنى ال :ال ُي َراد به هنا الاستفهام ُّ
قال :نعم طلقت زوجتي. جوابَّ ، َّ
اعتبر بمفرده لم يكن للكالم فائدة، َّأن الجواب لو ُ
ُّ
فإن مضمون ُّ
السؤال ٌ بعده فحسب ،بل ُي َراد به الاستفهام والطلب.
ُ والسؤال في هذا املثال :استفهام. ً َّ ُ
ال ِّفي هم ًال ،فإذا أعيد ُّ
الس َؤ ُ فيكون الكالم ُم َ يكون مكررا في الجواب.
شخص لبائع الكتب( :بعني هذا الكتاب بعشرة رياالت) ،فقال البائع: ٌ -2لو قال
ُ َ ً
عمال، اب ،كان للكالم فائدة ،فيكون الكالم م ْ ََ ال ُم َع ٌاد في ْال َج َواب ،فكأنهَّ َ
َ َ َ َ ْ الجو ِّ ِّ ِّ
السؤ ُ َّ
فإن البيع ينعقد بعشرة رياالت؛ ألن ُّ (بعتك)َّ .
ال الكال ِّم أ ْولى ِّم ْن ْإه َم ِّال ِّه. َو ْ
إع َم ُ
قال :بعتك هذا الكتاب بعشرة رياالت.
والسؤال في هذا املثال :طلب. ُّ
- 70 -
7
ال ْال اك االم ُي ْه املْ
إ اذا ات اع َّذ ار إ ْع ام ُ
ِ ِ ِ
َّ ٌ
مقيدة بما إذا كان َّ
الكلية َّأن القاعدة ُّ
املبنية على هذه القاعدةُ ،يمكن ذكرها من خالل ذكر أسباب تعذر
َّ َّ
الفقهية الفروع َّأنه إذا استحال حمل الكالم على
مك ًنا ،واملفهوم املخالف لذلك: ُ
إلاعمال م ِّ ُّ ْاا
ِإ ْع ِم ِال الكالم ،التي هي أسباب إلهماله ،وهي ترجع في جملتها إلى تعذر حمل الكالم على
معنى صحيح حقيقي ،أو مجازيَّ ،
فإن ٍّ ٍّ ٍّ
ً
َّأن إلاعمال إذا كان غير ُممكنَّ ،
فإن الكالم ً لغوا ،فال ُي ُّ
حينئذ ُي َع ُّد ً
ِّ مجازي؛ وهذه ألاسباب أهمها سببان:
ٍ حقيقي ،أو
ٍ صحيح
ٍ معنى عتد به، ٍّ الكالم
ُي َهمل ،وهذا ما أفادته قاعدتنا هذه. وال ُيلتفت إليه ،وال ُي َبنى عليه حكمٌ.
ط اَل اي ُع ُ
ود
َّ ُ
السا ِق
َّ ا ا ُّ ا ا ْ ْ ا ا ا ا ا ا ُّ
تبد ُل سب ِب ِاملل ِك قا ِئ ٌم مقام تبد ِل الذ ِ
ات
رجال قال لاَزوجته( :إن خرجت من البيت بغير إذني ،فأنت طالق)َّ ، ً
فإن -1لو َّأن املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
بالشرط ،-يقع عند ثبوت َّ َّ
الطالق -وهو املعلق َّ َّ
الشرط الذي هو هنا :الخروج بغير
الاَزوج. إذن َّ َّ
ً
معدوما شرط ،يكون َّ َّ َّ
َّ أن ألامر املعلق على ٍّ الشرط الشرط :املراد به هنا:
فالحاصلَّ :أن هذه املرأة إذا لم تخرج لم يقع الطالق ،وإن خرجت بدون إذن َ التعليقي ،وهوَّ :َّ
ُ قبل حصول شرطه وثبوته ،ويكون الشرط الذي ُرِّبط
زوجها طلقت. ُّ ُّ ً حصول الحكم بحصوله ُّ
فالن نصف ما عليه من َّ -2لو قال املكفول له للكفيل( :إذا َّأدى ٌ تحقق شرطه بتحققه عند محكوما وتحققه.
الدين ،فقد
َّ
املعلق َّ أبرأتك من الكفالة)َّ ، وثبوته.
بالشرط ،-يحصل عند فإن إلابراء من الكفالة -وهو
الشرط الذي هو هنا :أداء املكفول نصف ما عليه من َّ ثبوت َّ
الدين ،ويبرأ من
الكفالة إذا َّأدى املكفول نصف ما عليه من َّ
الدين.
َّ َّ - 75 -
الكلية الثامنة عشرة القاعدة
ا ْ ا ا ْ ا ُ ُ ا ا ُ َّ
اعاة الش ْر ِط ِبق ْد ِر ِإلا ْمك ِان
يلزم مر
َّ
مثال الشرط الجائز: َّ َ ً َ ُ ْ َ ََ ُ
وط ِّه ْمِّ ،إال ش ْرطا
ال « :واملس ِّل ُمون على ش ُر ِّ َق َ
ً
شخصا اشترى سلعة ،واشترط على البائع حملها أو تركيبها. لو َّأن َ ً َ َ
املعنى إلاجمالي املعنى إلافرادي
فإن َّ
الشرط صحيح ،يجب الوفاء به ،بقدر إلامكان. َّ َح َّر َم َحالال ،أ ْو أ َح َّل َح َر ًاما» أخرجه الترمذي.
َّ
مثال الشرط الفاسد: الن َّبي َّ بين َّأنه يلاَزم وجه الاستدَللَّ :أن َّ
بالشروط ،بالقدر الذي تسمح به َّأنه يجب الوفاء ُّ التقييدي، ال َّشرط :املراد به هناَّ :
الشرط َّ
َّ
ً
شخصا باع سلعة ،واشترط على املشتري أن يبيعه سلعة ً لو َّأن أمر
الوفاء بالشرط الذي يشترطه املسلم في ٍّ الشرط ً
جائاَزا ،لاَزم الشريعة؛ وذلك َّأنه إذا كان َّ قواعد َّ أمر قد ُو ِّج َد
وهو :التزام أمر لم يوجد في ٍّ
خالفا لنصوص َّ من أموره ،إال ما كان ُم ً َّ
أخرى. الشرع. الوفاء به ،وهو ما تتعلق به هذه القاعدة. بصيغة مخصوصة.
ْ ا
َّ ٌ
فسد للعقد؛ ألنه من قبيل بيعتين ُ ٌ َّ
فإن هذا الشرط فاسد ،وهو م ِّ
َّ فاسدا ،لم يلاَزم الوفاء ،ويكون ً وأما إذا كان َّ
الشرط َّ ِب اق ْد ِر ِإلا ْمك ِان :املراد به :ما تسمح به قواعد
أمر ُم َّ
بيعة ،وذلك ٌ ً الشريعة في نظام العقود ،بحيث ال َّ َّ
حرم. في ٍّ سببا في فساد العقد. يترتب
َّ ُّ َّ
وإن كان الشرط ً على َّ
مثال الشرط اللغو: ويصح العقد. لغوا ،لم يلاَزم الوفاء به، الشرط مخالفة هذه القواعد.
َّ
يتصرف فيها. شخصا باع سلعة ،واشترط على املشتري أن ال ً لو َّأن
َّ
فالشرط ٌ
لغو ،وال يلاَزم الوفاء به ،والعقد صحيح هنا.