Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 76

‫‪-0-‬‬

‫تشجير كتاب‬
‫َّ‬
‫((املمتع في القواعد الفقهية))‬
‫أعده‪ :‬د‪ .‬مالك حسين شعبان‬ ‫َّ‬

‫املستوى الثالث‬
‫القاعدة الكبرى ا َّلرابعة‬ ‫‪-1-‬‬

‫ا ا ا‬
‫َل ض ار ار اوَل ِض ارار‬
‫مكانة هذه القاعدة وأهميتها‬ ‫‪1‬‬
‫‪1‬‬
‫صياغة هذه القاعدة‬ ‫‪2‬‬
‫‪2‬‬
‫معنى القاعدة‬ ‫‪3‬‬
‫‪3‬‬
‫مجال إعمال القاعدة‬ ‫‪4‬‬
‫‪4‬‬
‫تقييد القاعدة من إطالقها‬ ‫‪5‬‬
‫َّ‬
‫ألادلة على القاعدة‬ ‫‪6‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫عالقة هذه القاعدة بقاعدة‪( :‬املشقة الجالبة للتيسير)‬ ‫‪7‬‬

‫املتفرعة عنها‬
‫ِ‬ ‫القواعد‬ ‫‪8‬‬
‫‪6‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫َّ‬ ‫الخاصة بإ الة َّ‬ ‫الخاصة بإ الة َّ‬
‫الضرر في حال التعارض‬ ‫َّ ز‬ ‫القواعد‬ ‫الضرر في حال انفراده‬ ‫َّ ز‬ ‫القواعد‬
‫َّ‬
‫الضرر َل ُيزال بمثله‪.‬‬ ‫َّ‬
‫‪1‬‬ ‫الضرر ُيزال‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الضرر ألاشد ُيزال‬ ‫َّ‬
‫بالضرر ألاخف‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الضرر ُيدفع بقدر إلامكان‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ً‬ ‫إذا تعارض مفسدتان ُر ا‬


‫وعي أعظمهما ضررا بارتكاب ِ‬
‫أخفهما‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫القديم ُي اترك على ِق اد ِمه‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫َّ‬
‫ُيختار أهون الش َّرين‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫َّ‬
‫الضرر َل يكون ً‬
‫‪4‬‬ ‫قديما‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ضرر عام‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬


‫يتحمل الضرر الخاص لدفع ٍ‬ ‫‪5‬‬
‫‪2‬‬

‫درء املفاسد أولى من جلب املصالح‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫َّ‬
‫نص (الحديث والقاعدة)‬
‫َّ‬
‫املراد بالنفي في ِ‬
‫ليس لنفي الوقوع؛ َّ‬ ‫القاعدة الكبرى َّ‬
‫الرابعة‬ ‫‪-2-‬‬
‫الضرر‬ ‫ألن‬
‫والضرار يقعان ً‬
‫كثيرا في الواقع؛ فهو‬ ‫ا ا ا‬
‫ض ار ار اوَل ِض ار اار‬
‫ِّ‬
‫النهي‪َّ ،‬‬
‫والنفي هنا نفي الجواز‪،‬‬ ‫بمعنى َّ‬ ‫َل‬
‫التحريم ً‬
‫شرعا‪.‬‬ ‫فيثبت حينئذ َّ‬
‫ٍّ‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫معنى القاعدة‬
‫مكانة هذه القاعدة وأهميتها‬
‫صياغة هذه القاعدة‬

‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬ ‫ب‬ ‫أ‬


‫بنص نبو ٍّي‪،‬‬ ‫هذه القاعدة ارتبطت في مبدأ تطبيقها‪،‬‬
‫ٍّ‬
‫أن لهذه القاعدة صلة بعلم ُ َ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫القواعد‬ ‫من‬ ‫القاعدة‬ ‫َّأن هذه‬
‫َّأن َّ‬ ‫الض ُّر أو ُّ‬
‫الض ُّر‪ ،‬وهما‬ ‫مادة واحدة؛ وهي‪َّ :‬‬ ‫الضرر والضرار لغة‪ :‬اشتقتا من َّ‬ ‫َّ‬ ‫يذكر بصيغته عند تعليل أحكام فروع هذه القاعدة؛‬ ‫َّ‬
‫حرمان‬ ‫والضرار؛ ُم َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الضرر‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ََ‬ ‫الفقهية ذات ألاثر الواسع في أصول الفقه؛ وذلك باعتبارها‬
‫الضر‪ :‬خالف َّ‬ ‫النفع‪ .‬وقيل‪َّ :‬‬ ‫لغتان؛ تعني‪ :‬خالف َّ‬ ‫وهو قوله ‪« :‬ال ضرر وال ِّضرار» أخرجه ابن ماجه‪ ،‬مما‬ ‫َّ‬
‫يحرم إيقاع‬ ‫في شريعتنا‪ ،‬ولذا ُ‬ ‫النفع؛ ومنه قوله تعالى‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أحكام الفقه‪ ،‬فقد ذكر بعض من أدلة الفقه‪ ،‬أو َّأنها تشبه‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫املبكر بواقع أحكام الشرع؛ إال أنها لم‬ ‫يشير إلى ارتباطها ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ابتداء‪ ،‬أو مقابلة على‬ ‫ً‬ ‫الضرر‬ ‫حال أو‬ ‫(ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ)[آل عمران‪ .]021:‬والضر‪ :‬ما كان من سوء ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫العلماء أن نصف الفقه يندرج أدلة الفقه؛ من حيث إنها ُ َ‬
‫وشدة؛ ومنه قوله تعالى‪( :‬ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ) ُّ‬ ‫فقر َّ‬ ‫الصيغة‪ ،‬باعتبارها قاعدة فقهية إال في وقت‬ ‫كأنها دليل تذكر بهذه ِّ‬ ‫تحت هذه القاعدة؛ ووجه هذا‪ُ :‬يقض ى بها في جاَزئياتها َّ‬
‫فهم من هذا‬ ‫وجه غير جائاَز‪ُ ،‬وي َ‬ ‫[الاَز َمر‪.]8:‬‬ ‫ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تأخر‪ ،‬بالنظر إلى واقع التأليف في القواعد الفقهية؛‬ ‫م ِّ‬ ‫َّأن أحكام َّ‬
‫َّ‬
‫الكيفية‪،‬‬ ‫الضرر الواقع بهذه‬ ‫َّأن َّ‬ ‫نقصان يدخل على‬ ‫فكل منهما يعني‪:‬‬ ‫بمعنى واحد؛ ٌّ‬ ‫ً‬ ‫اصطالحا‪ :‬قيل‪َّ :‬إنهما‬ ‫ً‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫على ذلك الجاَزئي‪ ،‬ومن حيث‬ ‫الشرع ال تخلو؛‬
‫َّ‬ ‫َ َ ٌ َْ‬ ‫َّ‬ ‫فأول ورودها بهذا اللفظ‪ ،‬وبهذا الاعتبار كان في (مجلة‬ ‫َّ‬
‫دفعه قبل وقوعه‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫يجب‬ ‫فسدة تل َح ُق بالش يء‪ .‬وتكرارهما في لفظ الحديث من باب‬ ‫الش يء‪ ،‬أو م‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪ )1‬إما أن تكون لجلب املنافع‪ ،‬صلتها باالستدالل في جانب‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ألاحكام العدلية) ممثلة في املادة التاسعة عشرة من مواد‬ ‫َّ‬ ‫وإما أن تكون لدفع املضار‪ .‬املصالح‪ ،‬التي ُت َ‬ ‫‪َّ )2‬‬
‫رفعه بعد الوقوع إن أمكن‪.‬‬ ‫توكيد لألولى‪.‬‬ ‫التأكيد؛ فالثانية‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بحث ضمن أدلة‬
‫خاصا؛ َّ‬ ‫والراجح َّأن لكل منهما ً‬ ‫َّ املجلة‪ ،‬ثم في شروحها بعد ذلك‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫وهذه القاعدة التي معنا ت ِّ َّ‬
‫فالتأسيس أولى من‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫اصطالحيا‬ ‫معنى‬ ‫ٍّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫املختلف فيها؛ حيث إن‬ ‫قرر التشريع‬
‫وقد وردت قبل ذلك بلفظ‪( :‬الضرر يزال)‪ ،‬أو نحوه؛ وهو‬
‫التأكيد‪ ،‬كما هو معلوم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫جانب دفع املضار أو تخفيفها‪ ،‬قاعدة رعاية املصالح‪ ،‬قد ُب َنيت‬
‫ُ‬ ‫اللفظ الذي عبر به عن القاعدة أكثر علماء القواعد‬ ‫وذلك نصف أحكام الفقه‪.‬‬
‫كل منهما على ثالثة أقوال‪:‬‬ ‫واخت ِّلف في تحديد معنى ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫على مضمون هذه القاعدة‪.‬‬
‫الفقهية‪ .‬ويعد (العالئي) أول من صرح بذكر هذه‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫(الضرر امل َاَزال)‪،‬‬ ‫فقهية‪ ،‬بلفظ‪َّ :‬‬ ‫القاعدة‪ ،‬باعتبارها قاعدة َّ‬
‫اا‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫بنص الحديث في صياغة القاعدة؛ ألمور‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ُويكتفى‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ًّ وهذا اللفظ محل نظر‪ ،‬من جهة أن كلمة (املاَزال) قد‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ً‬ ‫َّ ُ‬
‫والضرار مصدر؛ فاملصدر‬ ‫الضرر‪ :‬إلحاق إلانسان مفسدة أن الضرر اسم‪ِّ ،‬‬ ‫الضرر‪ :‬إلحاق إلانسان‬ ‫للضرر‪ ،‬ال ُح ْك ً‬ ‫وصفا َّ‬ ‫فة؛ وتعريفها يجعلها ً‬ ‫َّ ً‬ ‫‪ -1‬أنه يعطيها قوة في التأثير؛ ألن هذا يجعلها دليال شرعيا ُذ ِّك َ‬
‫ا‬ ‫م‬ ‫معر‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫الضرر‬ ‫الذي هو (الضرار)؛ ُيشير إلى فعل َّ‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫ابتداءا‪.‬‬ ‫بغيره‬ ‫مفسدة بغيره؛ بحيث‬ ‫ًّ‬ ‫صالحا ألن ت َبنى عليه ألاحكام‪.‬‬ ‫ً‬
‫َّ‬ ‫املوضوع‪،‬‬ ‫على‬ ‫به‬ ‫املحكوم‬ ‫أو‬ ‫(‬ ‫ل‬ ‫املحمو‬ ‫شروط‬ ‫ومن‬ ‫ا‪،‬‬ ‫بات‬ ‫‪َّ -2‬أن فيه من العموم ُّ‬
‫(الضرر)؛‬ ‫الضرار‪ :‬إلحاق إلانسان مفسدة والوقوع فيه‪ ،‬والاسم الذي هو‬ ‫ِّ‬ ‫ينتفع هو بذلك إلالحاق‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َُ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫والشمول‪ ،‬ما ال يوجد في اللفظ آلاخر‬
‫يشير إلى ما ُيوصل إلى فعل َّ‬ ‫أو الحكم) في القاعدة‪ :‬أن يكون حكما باتا‪ ،‬غير مترد ٍّد‬ ‫يشم ُل إزالة َّ‬ ‫نص الحديث َ‬ ‫ألن َّ‬ ‫(الضرر ُيزال)؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫الضرر‪ ،‬والوقوع‬ ‫أضر به على سبيل‬ ‫َّ‬ ‫بمن‬ ‫الضرار‪ :‬إلحاق إلانسان‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ ً‬ ‫ْ‬ ‫الضرر‬ ‫للقاعدة‬
‫النهي وارداً‬ ‫فيه‪ ،‬ويكون وسيلة إليه‪ .‬فيكون َّ‬ ‫ال)‬ ‫اَز‬ ‫(م‬ ‫بلفظ‬ ‫‪،‬‬ ‫رة‬ ‫نك‬ ‫م‬ ‫الكلمة‬ ‫هذه‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫ك‬ ‫ذ‬‫ِّ‬ ‫بخالف‬ ‫وهذا‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وجه غير جائاَز‪.‬‬ ‫املجازاة‪ ،‬على ٍّ‬ ‫مفسدة بغيره؛ بحيث ال‬ ‫ابتداء ومقابلة‪ ،‬قبل الوقوع وبعده‪ ،‬أما اللفظ آلاخر كما ذكرها (الحصني)‪ ،‬أو بلفظ ُ(ي َ‬
‫على ارتكاب ا َّ‬ ‫(ابن‬ ‫ذكرها‬ ‫كما‬ ‫ال)‬ ‫اَز‬ ‫خاص بإزالة َّ‬ ‫ٌّ‬
‫لضرر‪ ،‬أو ارتكاب وسيلته‪.‬‬ ‫ينتفع هو بذلك إلالحاق‪.‬‬ ‫(السيوطي) ومن جاء بعده؛ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫السبكي)‪َّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫الضرر بعد وقوعه‪.‬‬ ‫للقاعدة؛ فهو‬
‫هذه‬ ‫فإن‬ ‫ثم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫مصدر قياس ي على وزن ِّ(فعال)‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫(الضرار)‬ ‫َّ‬
‫الراجح؛ ألن لفظ ِّ‬ ‫وهذا هو َّ‬
‫فيد‬ ‫‪ -3‬نص الحديث النبو ِّي‪ ،‬لفظ مختص ٌر؛ فتحققت فيه ألالفاظ من قبيل ألاخبار‪ ،‬التي هي بمعنى ألامر‪ُ ،‬‬
‫فت‬
‫يدل على املشاركة بين اثنين فأكثر‪.‬‬ ‫وفعله على وزن (فاعل)؛ وهو ُّ‬ ‫الفقهية؛ وهي سهولة حفظها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الفائدة من صياغة القاعدة‬
‫تنبيهان‬ ‫حينئذ‪.‬‬ ‫الضرر‪ ،‬وتكون ُمفيدة للمعنى‬ ‫طلب إزالة َّ‬
‫ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫٭ وردت في (مجلة ألاحكام العدلية) بهذين اللفظين‪ ،‬وهذا‬
‫الضرار؛ بما يقع على الغير‪ ،‬بينما َّأنه‬ ‫ِّ‬ ‫معنى‬ ‫تخصيص‬ ‫بيان‬ ‫إلى‬ ‫جهت‬ ‫التعريفات َّ‬
‫ات‬ ‫‪ -1‬هذه َّ‬
‫أيضا‪َّ :‬‬ ‫يمكن أن يدخل فيه ً‬ ‫تكرار‪ ،‬ويغني عنه أحد اللفظين؛ إال َّأن (الشيخ أحمد الاَزرقا)‬
‫الضرر الذي يوقعه‪ ،‬أو يمكن أن يوقعه إلانسان على نفسه‪.‬‬
‫ً‬
‫معنويا‪.‬‬ ‫حسيا‪ ،‬ويمكن أن يكون‬ ‫كل منهما ًّ‬ ‫والضرار؛ يمكن أن يكون ٌّ‬ ‫رر‬ ‫كال من َّ‬
‫الض‬
‫َّ ًّ‬
‫أن‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ذكر‪َّ :‬أن القصد من إعادة ذكرها باللفظ آلاخر؛ هو التأكيد‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫‪-3-‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬
‫َّ‬ ‫تقييد القاعدة من إطالقها‬
‫‪4‬‬
‫ألادلة على القاعدة‬
‫َ ً‬ ‫مجال إعمال القاعدة‬
‫والس َّنة؛ َّ‬
‫أدلة من القرآن ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫هذه القاعدة وإن وردت ُمطل َقة في لفظها‪ ،‬فهي‬
‫ولعل أصرح دليل على القاعدة على سبيل‬ ‫دل على هذه القاعدة‬ ‫َّ ٌ‬
‫مقيدة في واقعها؛ فهي من قبيل العموم‬
‫إلاجمال‪ ،‬ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري وابن عباس وعائشة ‪َّ ‬أن رسول هللا ‪‬‬ ‫ً‬ ‫أساس في َم ْن ِّع‬
‫ٌ‬ ‫هذه القاعدة‬
‫َ َ َ‬ ‫شرعا‪ ،‬وذلك‬ ‫كل ضرر ُم َّ‬
‫حر ًما‬ ‫املخصوص؛ فليس ُّ‬ ‫الفعل َّ‬
‫ض َر َر َوال ِّض َر َار»‪.‬‬ ‫قال‪« :‬ال‬ ‫َّ‬ ‫َّأنه ي ُ‬
‫الضار‪ ،‬وتالفي نتائجه‪ ،‬وهي‬
‫الضرر ُم ً‬
‫طلقا‪ ،‬وهذا يوجب إزالته؛ إماَّ‬ ‫ووجه الاستدَلل‪َّ :‬أن هذا الحديث قد ورد بنفي َّ‬ ‫خرج من هذه القاعدة ثالثة أنواع من الضرر‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫املتعلق‬‫ِّ‬ ‫سند ملبدأ الاستصالح‬
‫وإما برفعه بعد وقوعه؛ بما ُيمكن من َّ‬
‫التدابير‬ ‫بدفعه قبل وقوعه؛ بطرق الوقاية املمكنة‪َّ ،‬‬ ‫بجلب املصالح ودرء املفاسد؛‬
‫ُ‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫كثيرا من أبواب الفقه‬ ‫فإن ً‬ ‫ولذلك َّ‬
‫التي تاَزيل آثاره‪ ،‬وتمنع من تكراره‪.‬‬
‫الضرر بالغير بغير وجه‬‫النهي عن إيقاع َّ‬ ‫والس َّنة قد دال على َّ‬
‫٭ ُيضاف إلى هذا؛ َّأن القرآن ُّ‬ ‫الضرر الذي ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الضرر الذي أذ َن َّ‬ ‫َّ‬ ‫تنبني عليها؛ ومن ذلك‪:‬‬
‫تعم به البلوى؛ أي‪:‬‬ ‫الشرع في إيقاع‬ ‫ِّ‬
‫حق‪ ،‬وب َّي َّنا كيفية رفعه بعد وقوعه‪ ،‬وذلك في صور كثيرة؛ منها‪:‬‬ ‫ٍّ‬ ‫يعسر‬‫ُ‬ ‫يعسر الاحتراز منه‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫الضرر‬ ‫العمل املشتمل عليه؛ وهو َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫حق؛ ومنه ضرر‬
‫‪ -1‬النهي عن املضارة باملطلقات؛ كما في قوله تعالى‪( :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ)[البقرة‪،]230:‬‬ ‫الاستغناء عن العمل إال معه‪،‬‬ ‫بوجه ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫الواقع‬ ‫الضرر‬‫فإنه ُشر َع لرفع َّ‬ ‫٭ مشروعية الخيار بأنواعه؛ َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫املضارة باملطلقة؛ َّإما بمراجعتها قبل‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫صريح عن‬ ‫[الطالق‪]7:‬؛ هذا ٌ‬
‫نهي‬ ‫َّ‬
‫(ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ)‬ ‫وهذا النوع من الضرر في غالب‬ ‫الحدود‬ ‫من‬ ‫العقوبات‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫الذي يلحق بأحد املتعاقدين‪.‬‬
‫مما آتاها‪ ،‬وإماَّ‬ ‫العدة‪ ،‬أو لتعطيه ً‬
‫شيئا َّ‬ ‫مر ًة أخرى لتطول عليها َّ‬ ‫عدتها‪ ،‬وتطليقها َّ‬ ‫انتهاء َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫والقصاص؛ فإنه وإن كان ضررا‬
‫مكن احتماله؛‬ ‫وقوعه‪ ،‬ضرر يسير ي ِّ‬ ‫الف َلس ُشرعَ‬ ‫٭ مشروعية الحجر بأنواعه؛ فحجر َ‬
‫َّ‬ ‫مثل‪ :‬الضرر الذي يكون في بعض‬ ‫َّ‬ ‫ضرر‬ ‫على من ُيقام عليه‪ ،‬إال َّأنه ٌ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫بالتضييق عليها حتى تفتدي منه بمالها‪ ،‬أو تخرج من مسكنه‪.‬‬
‫بحق‪ ،‬وقد أذن فيه َّ‬ ‫السفيه ش ِّر َع لرفع‬ ‫الضرر عن الغرماء‪ ،‬وحجر َّ‬ ‫لرفع َّ‬
‫(ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫‪َّ -2‬‬
‫النهي للوالدة والوالد عن إلاضرار بولدهما؛ كما في قوله تعالى‪:‬‬ ‫املعامالت؛ َّإما بسبب الغبن‪ ،‬أو‬ ‫الشارع‪ ،‬بل‬ ‫ٍّ‬ ‫ضرر َّ‬
‫ضررا‪ ،‬إال أنهَّ‬
‫فإنه وإن كان ً‬ ‫الغرر؛ َّ‬ ‫السفيه املحجور عليه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أوجبه في حاالت كثيرة‪.‬‬
‫رض َع ولدها إضر ًارا‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ)[البقرة‪]233:‬؛ هذا ٌ‬
‫نهي عن إلاضرار بولدها؛ بأن تأبى أن ت ِّ‬ ‫فإنه ُي َ‬
‫عمت به البلوى؛ َّ‬ ‫إذا َّ‬ ‫فإنها ُشرعت لدفع ضرر‬ ‫الشفعة؛ َّ‬ ‫٭ مشروعية ُّ‬
‫ونهي للوالد عن أن ينتزع الولد من والدته‪ ،‬ويمنعها من إرضاعه؛ َّ‬ ‫بوالده‪ٌ ،‬‬ ‫غتفر‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ملجرد إلاضرار بها‪.‬‬ ‫الشريك‪ ،‬أو الجار الذي ال يريده إلانسان‪.‬‬
‫َّ‬ ‫مما كان ُم ً‬ ‫املكلف َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪َّ -3‬‬ ‫بحق هللا تعالى؛‬ ‫تعلقا بحقه‪ ،‬ال ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ما رض َي به‬
‫مضارة الكاتب والشاهد؛ كما في قوله تعالى‪( :‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫النهي عن‬
‫فمتى اشتمل العمل على ضرر للمكلف‪ ،‬وكان ُم ً‬ ‫َّ‬ ‫فإنه ُش ِّر َع لرفع ضرر‬ ‫٭ مشروعية القصاص؛ َّ‬
‫بحقه‬ ‫تعلقا ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬
‫َّ‬
‫املضارة من الكاتب والشاهد؛ وذلك بأن يكتب‬ ‫نهي َّإما عن‬
‫ﯯ ﯰ)[البقرة‪]282:‬؛ هذا ٌ‬
‫الضرر‪ ،‬ومن هذا القبيل‪ :‬أنَّ‬ ‫غت َفر هذا َّ‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫هو‪ ،‬ورض َي به؛ َّ‬
‫َّ‬
‫ضرر ُمتوقع؛ وهو‬ ‫ٍّ‬ ‫وليه‪ ،‬ولدفع‬ ‫َ‬
‫املتعدى عليه‪ ،‬أو ُّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الكاتب بخالف ما ُيملى عليه‪ ،‬أو يمتنع من الكتابة أصال‪ ،‬وأن يشهد الشاهد بخالف ما‬ ‫تدي ًنا‪ً -‬‬ ‫نسبا أو ُّ‬ ‫موليته بغير كفء ‪ً -‬‬ ‫َ‬ ‫الناس في املستقبل‪.‬‬‫الاعتداء على َّ‬
‫َّ ة بالكاتب َّ‬ ‫َّ‬ ‫يكتم َّ‬
‫سمع‪ ،‬أو ُ‬ ‫ضررا عليها‪،‬‬ ‫في تاَزويج الولي‬
‫والشاهد؛ وذلك بأن ُيدعيا‬ ‫نهي عن املضار‬ ‫بالكلية‪َّ ،‬‬
‫وإما ٌ‬ ‫الشهادة‬ ‫ألن َّ‬ ‫فإن العقد يصح؛ َّ‬ ‫فلو َّأنها رضيت بذلك؛ َّ‬
‫َّ ُ‬
‫فإنه ش ِّر َع لرفع‬ ‫٭ مشروعية نصب ألائمة والقضاة؛‬
‫َّ‬ ‫الضرر الذي‬
‫الحق‬
‫إلى الكتابة أو الشهادة‪ ،‬وهما مشغوالن‪ ،‬فإذا اعتذرا بعذرهما؛ أوقع بهما صاحب ِّ‬ ‫ودفع للضرار املحتمل‪ ،‬من‬ ‫ٌ‬ ‫الضرر عن املظلومين‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬
‫ضرر‬ ‫اشتمل عليه العقد‪ ،‬وهو عدم الكفاءة في هذا ألامر‪،‬‬
‫ألاذى‪.‬‬ ‫حقه بنفسه‪.‬‬ ‫َ‬
‫حق من حقوقها‪ ،‬وقد رضيت به‪.‬‬ ‫ُم ٌ‬ ‫قيام املعتدى عليه بأخذ ِّ‬
‫َّ‬
‫‪ -4‬النهي عن املضارة في الوصية؛ كما في قوله تعالى‪ ( :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫َّ‬ ‫تعلق باملرأة في ٍّ‬ ‫ِّ‬
‫فإنها ُشر َعت لدفع َّ‬ ‫٭ مشروعية الحدود؛ َّ‬
‫بالاَزنا ونحوه‪ ،‬ضررا يلحق باملقذوف‪ ،‬فلو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫الضرر‬ ‫ِّ‬
‫الضرر على الورثة في الوصية َّ‬
‫نهي للمورث عن إدخال َّ‬ ‫[النساء‪]02:‬؛ هذا ٌ‬ ‫وكذا فإن في القذف ِّ‬ ‫ورفعه عن َّ‬
‫والدين؛‬ ‫ِّ‬ ‫ﮫ) ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الناس؛ في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫بالحد؛ فإنه ال‬ ‫ِّ‬ ‫طالب‬ ‫أن املقذوف سكت في هذه الحال‪ ،‬ولم ي ِّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫بأن يوص ي بأكثر من الثلث‪ ،‬أو يوص ي لوارث‪ ،‬أو أن ي ِّقر بدين ليس عليه‪.‬‬
‫الضرر الذي اشتمل عليه‬ ‫ألن َّ‬ ‫الحد على القاذف؛ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُيقام‬ ‫فإنه ش ِّر َع‬ ‫٭ مشروعية قتال املشركين والبغاة؛‬
‫َّ‬
‫الصفحة التالية ‪‬‬ ‫‪ ‬اي ْت ابع في َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬ ‫الدين‪ ،‬وألانفس‪،‬‬ ‫لدفع الضرر ورفعه؛ عن ِّ‬
‫بحق املكلف املقذوف‪ ،‬وقد رض ي به؛ لسكوته‪.‬‬ ‫القذف‪ ،‬ضرر ِّ‬
‫‪-4-‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬
‫َّ‬ ‫َّ ا‬ ‫َّ‬
‫عالقة هذه القاعدة بقاعدة (املشقة ت ْج ِلب التيسير)‬ ‫ألادلة على القاعدة‬

‫(املشقة َت ْجلب َّ‬


‫التيسير)‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ َ َر َ َ َ َ َّ ٌ‬
‫متحدة أو ُمتداخلة مع قاعدة‬ ‫عبرنا عنها بقاعدة‪( :‬ال ضر وال ِّضرار)‬ ‫(الضرر ُي َاَزال)‪ ،‬والتي َّ‬ ‫ذكر بعض العلماء َّأن قاعدة َّ‬ ‫َ ْ‬
‫ض ٌد ِّم ْن نخ ٍّل ِّفي‬ ‫‪َ -5‬ع ْن َس ُم َر َة ْبن ُج ْن ُدب ‪َ ‬أ َّن ُه َكا َن ْت َل ُه َع ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ َ ٍّ‬
‫ٌَ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ َ َ‬
‫اع َد ِّة ال ِّتي ق ْبل َها ُم َّت ِّح َدة‪ ،‬أ ْو ُم َت َد ِّاخلة"‪.‬‬ ‫َ ََ َْ‬ ‫قال ُّ‬ ‫ال‪َ :‬ف َك َ‬ ‫الر ُجل َأ ْه ُل ُه‪َ .‬ق َ‬ ‫ال‪َ :‬و َم َع َّ‬ ‫صار‪َ ،‬ق َ‬ ‫َحائط َر ُجل م َن ألا ْن َ‬
‫السيوطي‪" :‬و ِّه َي مع الق ِّ‬ ‫ان‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ٌَ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ََ َْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َس ُم َر ُة َي ْد ُخ ُل إ َلى َن ْخله َف َي َت َأ َّذى به َو َي ُش ُّق َع َل ْيه‪َ ،‬ف َط َل َب إ َل ْيه َأنْ‬
‫اع َدة َم َع ال ِّتي ق ْبل َها ُم َّت ِّح َدة‪ ،‬أ ْو ُم َت َد ِّاخلة"‪.‬‬‫وقال ابن نجيم‪" :‬وه ِّذ ِّه الق ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وعبارتهما فيها ش يء من الت ُّردد‪ ،‬وعدم الجاَزم في العالقة بين القاعدتين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُ َََ َ ََ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ ُ َََ َََ‬
‫ي ِّبيعه‪ ،‬فأبى‪ ،‬فطلب ِّإلي ِّه أن ينا ِّقله‪ ،‬فأبى‪ ،‬فأتى الن ِّبي ‪‬‬
‫َ ََ‬ ‫َ ْ َ َ ََ‬ ‫َف َذ َك َر َذل َك َل ُه‪َ ،‬ف َط َل َب إ َل ْيه َّ‬
‫يع ُه‪ ،‬فأ َبى‪ ،‬فطل َب‬ ‫الن ِّب ُّى ‪ ‬أن ي ِّب‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫متحدتان؟ أي‪ :‬هل تستويان في موضوعهما‪ ،‬فتصدق ُّ‬ ‫فهل القاعدتان َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َ َ ِّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫(املشقة‬ ‫كل واحدة منهما على ما تصدق عليه ألاخرى؟ ‪-‬يعني‪ :‬من جهة أن قاعدة‬ ‫ال‪« :‬ف َه ْب ُه ل ُه َول َك كذا َوكذا»‪ .‬أ ْم ًرا َرغ َب ُه‬ ‫ِّإلي ِّه أن ين ِّاقله فأبى‪ .‬ق‬
‫سبب في َّ‬ ‫َّ‬
‫املشقة؛ التي هي ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َت ْجلب َّ‬ ‫الله ‪ ‬ل َأل ْن َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ٌّ َ َ َ ُ ُ َّ‬
‫الضرر‪.-‬‬ ‫التيسير) يتعلق موضوعها بتخفيف‬
‫َّ ُ‬ ‫ً‬
‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫ص ِّار ِّي‪:‬‬ ‫ال َرسول ِّ ِّ‬ ‫ِّف ِّيه فأبى‪ ،‬فقال‪« :‬أنت مضار»‪ .‬فق‬
‫أمر آخر؟‬
‫أمر‪ ،‬وتفترقان في ٍّ‬
‫أو أن بينهما شيئا من التداخل فحسب؟ بحيث تشترك القاعدتان في ٍّ‬ ‫ب فاقل ْع نخله»‪ .‬أخرجه أبو داود‪ ،‬وضعفه ألالباني‬
‫َّ‬ ‫«ا ْذ َه ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ‬
‫َّ‬
‫وجه يلحق به‬ ‫وجه الدَللة‪ :‬عد النبي ‪ ‬استعمال الحق على ٍّ‬
‫الذي يظهر َّأن القاعدتين ليستا َّ‬
‫متحدتين؛ بل بينهما تداخل‪ .‬وبيان هذا‪:‬‬ ‫املضارة‪ ،‬وسعى إلى إزالة ما َّ‬ ‫َّ‬
‫تضمنه من‬ ‫ألاذى بالغير‪ ،‬من قبيل‬
‫ً‬
‫ضرر‪ ،‬وذلك بارتكاب أدنى املفسدتين دفعا ألعالهما‪.‬‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ٍّ‬
‫(املشقة َت ْجلب َّ‬
‫التيسير) تحكم في‬ ‫َّ‬ ‫تصرفات املكلفين؛ إال َّأن قاعدة‪:‬‬
‫الش َّدة‪ ،‬في ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫النب َّي ‪ ‬قال‪َ:‬‬ ‫وفي مراسيل أبي داود؛ َع ْن َأبي ق َال َب َة ‪َ ،‬أ َّن َّ‬
‫ِّ‬ ‫مكن أن يحكم في ألامر الخارج عن املعتاد في ِّ‬ ‫أن كال القاعدتين ي ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وأما قاعدة‪( :‬ال ض َر َر َوال ِّض َر َار) فتحكم في ُّ‬
‫تصرفات الخلق مع الخالق‪َّ ،‬‬‫ُّ‬
‫تصرفات الخلق فيما بينهم‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ض ُّاروا ِّفي ال َح ْف ِّر»‪.‬‬ ‫« َال َت َ‬
‫الن ُّبي ‪ ‬عن إلحاق ألاذى بالغير‪ ،‬عن طريق‬ ‫فقد نهى َّ‬
‫ُ َّ‬ ‫السيوطي وابن ُنجيم له ما ُيبر ُره‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫الت ُّردد الذي جاء في كالم ُّ‬ ‫وبناءا على هذا؛ َّ‬
‫ً‬
‫بالنظر إلى ما تحكم فيه كلتا القاعدتين‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫فإن ذلك‬ ‫بئرا في ُم ِّلكه املجاور‬ ‫الرجل ً‬ ‫استعمال الحق؛ وذلك بأن يحفر َّ‬
‫ٌ‬
‫فسر لنا الاختالف الواقع في تفريع بعض القواعد على هاتين القاعدتين؛ ألجل َّأن موضوعات تلك القواعد‪ ،‬شاملة للحكم على تص ُّرفات الخلق‬ ‫ُ‬
‫وهذا ي ِّ‬ ‫لبئر الغير‪ ،‬فيذهب بذلك ماء بئر الجار‪ ،‬وعد هذا الفعل من‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬
‫ض َر َر َوال ِّض َر َار)‪ ،‬وكال‬ ‫فر ُعها على قاعدة‪( :‬ال‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫مع الخالق‪ ،‬وعلى تصرفاتهم فيما بينهم‪ ،‬كما وقع في قاعدة‪( :‬الضرورات تبيح املحظورات)؛ فبعضهم ي ِّ‬ ‫َّ‬
‫املضارة‪.‬‬ ‫قبيل‬
‫النظرين ٌ‬
‫سائغ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫(املشقة َت ْجلب َّ‬


‫َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫تقرر هذا؛ َّ‬
‫التيسير)‪ ،‬كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين؛ من‬ ‫ِّ‬ ‫ض َر َر َوال ِّض َر َار)‪ ،‬على قاعدة‪:‬‬ ‫فإن من البعيد القول بتفريع قاعدة‪( :‬ال‬ ‫وإذا َّ‬
‫ً‬
‫تيسيرا وتسهيال على َّ‬
‫ألامة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جهة َّأن في رفع الضرر‬
‫َّ‬

‫لقائل أن يقول‪َّ :‬إن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫َ َ ََ ََ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬


‫وإنما استبعدنا ذلك القول؛ ألنه ليس تفريع قاعدة‪َ( :‬ال ضرر َوال ِّضرار)‪ ،‬على قاعدة‪( :‬املشقة تج ِّلب التيسير)‪ ،‬بأولى من عكسه‪ ،‬فإن ٍّ‬
‫ً‬
‫ألامة؛ إزالة َّ‬ ‫َّ‬ ‫ض َر َر َوال ض َر َار)‪ ،‬باعتبار َّأن في َّ‬
‫التيسير والتسهيل على َّ‬ ‫ٌ‬
‫التيسير) ُمتفرعة على قاعدة‪( :‬ال َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫(املشقة ت ْجلب َّ‬
‫للضرر عنهم‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫قاعدة‪:‬‬
‫‪-5-‬‬

‫القاعدة الكبرى ال َّرابعة‬

‫َل ضرر وَل ضرار‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫َّ‬ ‫الخاصة بإزالة َّ‬‫َّ‬ ‫الخاصة بإزالة َّ‬
‫َّ‬
‫الضرر في حال التعارض‬ ‫القواعد‬ ‫الضرر في حال انفراده‬ ‫القواعد‬
‫َّ‬
‫الضرر َل ُيزال بمثله‪.‬‬ ‫َّ‬
‫‪1‬‬ ‫الضرر ُيزال‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الضرر ألاشد ُيزال‬ ‫َّ‬
‫بالضرر ألاخف‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الضرر ُيدفع بقدر إلامكان‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ً‬ ‫إذا تعارض مفسدتان ُر ا‬


‫وعي أعظمهما ضررا بارتكاب ِ‬
‫أخفهما‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫القديم ُي اترك على ِق اد ِمه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫َّ‬
‫ُيختار أهون الش َّرين‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫َّ‬
‫الضرر َل يكون ً‬
‫قديما‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ضرر عام‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫‪5‬‬


‫يتحمل الضرر الخاص لدفع ٍ‬

‫درء املفاسد أولى من جلب املصالح‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪-6-‬‬

‫‪1‬‬
‫الخاصة بإ الة َّ‬
‫الضرر في حال انفراده‬ ‫َّ ز‬ ‫القواعد‬
‫َّ‬
‫الضرر ُيزال‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الضرر ُيدفع بقدر إلامكان‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪2‬‬

‫القديم ُي اترك على ِق اد ِمه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫قديما‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الضرر َل يكون ً‬ ‫‪4‬‬
‫‪-7-‬‬
‫‪1‬‬
‫رر ُي ازال‬ ‫َّ‬
‫الض ُ‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫معنى القاعدة‬ ‫صياغة القاعدة‬
‫َّ‬
‫الفقهية‪ ،‬في كثير من أبواب الفقه‪،‬‬ ‫ينبني على هذه القاعدة ٌ‬
‫كثير من الفروع‬
‫هذه القاعدة تفيد وجوب َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫شرعا في شأن‬‫ً‬ ‫َّأن الواجب‬ ‫لفظ هذه القاعدة‪ ،‬جعله ٌ‬
‫كثير من‬
‫السعي في‬ ‫َّ‬
‫العامة‪ ،‬أو‬ ‫َّ‬
‫يستوي في ذلك ما يتعلق بالتعويض عن الضرر في الحقوق‬
‫إزالة َّ‬ ‫واقعا أن ُي َ‬
‫الضرر‪ ،‬إذا كان ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫الضرر ورفعه‪ ،‬بعد وقوعه‪ ،‬وهذا‬ ‫َّ‬ ‫التعويض عن َّ‬
‫الضرر في الحقوق‬ ‫َّ‬ ‫سعى‬ ‫العلماء والباحثين‪ ،‬بدال من لفظ‬
‫الخاصة؛ ومن أمثلة ذلك ما يأتي‪:‬‬
‫مما تفيده القاعدة الكبرى‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫جزء َّ‬ ‫في إزالته ورفعه‪.‬‬ ‫القاعدة الكبرى املعتمد هنا؛ لذلك‬
‫‪ -1‬لو َّأن أحد املتبايعين قد يقع له ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ضرر بعد لاَزوم عقد البيع؛ كأن ُيغبن فيه‪ ،‬أو‬ ‫فإن ما ذكر من أدل ٍّة للقاعدة الكبرى‪،‬‬
‫فشرع خيار الغبن‪ ،‬وخيار َّ‬ ‫ُ‬ ‫دلس عليه‪ ،‬أو يظهر ٌ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫التدليس‪ ،‬وخيار‬ ‫السلعة‪ِّ ،‬‬ ‫عيب في ِّ‬ ‫ي‬ ‫يجعلونه أدلة على هذه القاعدة‪.‬‬
‫الخيار‪ :‬هو طلب خير ألامرين من إمضاء البيع أو فسخه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫مييز بين‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫العيب؛ لرفع الضرر الواقع ألحد املتعاقدين‪.‬‬ ‫وقد مر بنا فيما تقدم الت ِّ‬
‫خيار الغبن‪َّ :‬أن العاقد املخدوع‪ ،‬له حق الخيار‪ ،‬حتى‬ ‫َّ‬ ‫التجار َ‬ ‫‪ -2‬لو َّأن بعض ُّ‬ ‫وأن هذا اللفظ‬ ‫هذين اللفظين‪َّ ،‬‬
‫عمد إلى شراء ما يحتاج إليه الناس من الطعام‪ ،‬فحبسه‬
‫يستطيع رفع الغبن الواقع عليه‪.‬‬ ‫عنهم بقصد إغالئه عليهم ‪-‬أي‪ :‬احتكره‪-‬؛ َّ‬ ‫الضرر بعد‬‫يختص برفع َّ‬ ‫ُّ‬ ‫املذكور هنا؛‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فإنه يجب على ولي ألامر أن يأمره‬
‫التدليس‪ :‬أن يكون للعاقد على الش يء حق الفسخ‪،‬‬ ‫خيار‬ ‫الناس‪ ،‬ويجوز لولي ألامر في هذه الحالة أن ُيكره َّ‬ ‫للضرر عن َّ‬ ‫الة َّ‬ ‫ً‬ ‫وقوعه‪ ،‬بخالف اللفظ املعتمد‬
‫التاجر‬ ‫ِّ‬ ‫بالبيع؛ إز‬
‫إذا كان املبيع على صفة‪ ،‬فبان للمشتري خالفها‪.‬‬
‫على البيع بقيمة املثل‪.‬‬ ‫للقاعدة الكبرى؛ فكما َّأنه يشمل رفع‬
‫حق الفسخ‪ ،‬بسبب‬ ‫خيار العيب‪ :‬أن يكون ألحد املتعاقدين ُّ‬ ‫املارون؛ فإنهَّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً َّ‬ ‫الضرر بعد وقوعه؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫عيب ُ‬
‫يتأذى به ُّ‬ ‫شخصا سلط ميزابه على الطريق العام‪ ،‬بحيث‬ ‫‪ -3‬لو َّأن‬ ‫فإنه كذلك يشمل‬
‫يجده فيما تملك‪ ،‬ولم يطلع عليه وقت العقد‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫للضرر عن املارين في الطريق‪.‬‬ ‫الة َّ‬ ‫يجب على ولي ألامر أن يأمره بإزالة ميزابه‪ ،‬إز‬ ‫دفعه قبل وقوعه‪ ،‬بط ُرق الوقاية‬
‫َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ً‬
‫شخصا غرس شجرة في بيته‪ ،‬ثم تدلت أغصانها في بيت جاره‪ ،‬وتأذى‬ ‫ً‬ ‫‪ -4‬لو َّأن‬ ‫املمكنة‪.‬‬
‫الشجرة إزالة هذا َّ‬ ‫فإنه يجب على صاحب َّ‬ ‫منها ذلك الجار؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الضرر؛ َّإما بقطع‬ ‫لذلك عدت هذه القاعدة التي معنا‬
‫تلك ألاغصان أو رفعها‪.‬‬ ‫املتفرعة عن‬ ‫ِّ‬ ‫هنا‪ ،‬من القواعد‬
‫َّ‬
‫شخصا أحدث نافذة في بيته‪ ،‬وصارت تكشف بيت جاره‪ ،‬بحيث يتأذى‬ ‫ً‬ ‫‪ -5‬لو َّأن‬ ‫القاعدة الكبرى‪.‬‬
‫النافذة‪ ،‬أن ُياَزيلها‪ ،‬أو يضع‬ ‫فإنه يجب على من أحدث تلك َّ‬ ‫منها ذلك الجار؛ َّ‬
‫ً‬
‫حائال يمنع من انكشاف بيت جاره‪.‬‬
‫وتضررت َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -6‬لو َّأن ً‬
‫الاَزوجة بسبب تلك‬ ‫زوجا غاب عن زوجته غيبة طويلة‪،‬‬
‫الضرر؛ َّإما بحضوره‪ ،‬أو‬ ‫يسعى في إزالة هذا َّ‬ ‫الاَزوج أن َ‬ ‫فإنه يجب على َّ‬ ‫الغيبة؛ َّ‬
‫فأما إن كان‬ ‫الاَزوج معلوم املكان‪َّ ،‬‬ ‫الاَزوجة عنده‪ ،‬أو بطالقها إن كان َّ‬ ‫بإحضار َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مفقودا بحيث ال ُيعلم مكانه‪ ،‬فللقاض ي أن يحكم بطالق املرأة‪.‬‬ ‫ً‬
‫فإنه يجب إزالة َّ‬ ‫مملوكة لشخص ُغص َبت؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫‪ -7‬لو َّأن ً‬
‫الضرر عنه؛ َّإما برد‬ ‫ِّ‬ ‫عينا‬
‫ً‬
‫سليمة‪َّ ،‬‬
‫بردها في حال نقصها مع ضمان الغاصب ملا‬ ‫وإما ِّ‬ ‫العين املغصوبة إليه‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫نقص منها؛ إزالة للضرر عن املالك‪.‬‬
‫‪-8-‬‬
‫‪2‬‬
‫َّ‬
‫الضرر ُيدفع بقدر إلامكان‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫معنى القاعدة‬ ‫ألادلة على القاعدة‬

‫َ َ ُُ‬
‫شرعا هو منع وقوع‬ ‫ً‬ ‫ملا كان الواجب‬
‫َّ‬
‫هذه القاعدة لها جانبان؛ جانب دفع‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ)[التغابن‪ ،]01:‬وقال ‪َ « :‬وِّإذا أ َم ْرتك ْم‬
‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬ ‫َ ْ َُْ ْ ُ َ ْ َ‬
‫نصت‬‫الضرر‪ ،‬أو رفعه بعد وقوعه‪ ،‬كما َّ‬‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الضرر أو رفعه بالكلية‪ ،‬وجانب دفع‬ ‫َّ‬ ‫اس َتط ْع ُت ْم» أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ِّبش ي ٍّء فأتوا ِّمنه ما‬
‫َّأن الواجب ً‬ ‫ا‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن دفع الضرر قبل وقوعه‪ ،‬أو رفعه بعد وقوعه‪ ،‬من‬
‫َّ‬
‫على ذلك القاعدة الكبرى‪ ،‬فقد أفادت‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫شرعا هو منع وقوع‬ ‫ُي ْدفع‪ :‬ظاهره ُيفيد إزالة‬
‫الضرر أو رفعه جاَزئيا‪ ،‬وفي ٍّ‬
‫كل منهما‬ ‫َّ‬ ‫ألنه قد نهى عن إيقاع َّ‬ ‫الشرع؛ َّ‬ ‫قبيل امتثال أمر َّ‬
‫هذه القاعدة َّأن ذلك املنع أو َّ‬
‫الرفع‪،‬‬ ‫للضرر بقدر إلامكان‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫دفع أو ٌ‬
‫رفع‬ ‫ٌ‬ ‫الضرر‪ ،‬أو رفعه بعد وقوعه‬ ‫الضرر قبل وقوع‪ ،‬إال َّأن واقع‬
‫َّ‬ ‫الضرر‪ ،‬فتكون إزالته‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫قي ٌد بحسب الاستطاعة والقدرة‪.‬‬ ‫ُم َّ‬ ‫فحصل عندنا أربعة أقسام‪:‬‬ ‫بحسب الاستطاعة والقدرة‪،‬‬ ‫يدل على َّأنه‬‫الشرع ُّ‬‫أحكام َّ‬ ‫واجبة‪ ،‬والوجوب ُمعلق باالستطاعة بداللة آلاية والحديث‪ ،‬فيلاَزم‬
‫فإن أمكن منعه أو رفعه‬ ‫ُيمكن أن ُيراد به إزالة َّ‬ ‫الضرر‪ ،‬أو رفعه بحسب إلامكان‪.‬‬ ‫دفع َّ‬
‫الضرر‬
‫بالكلية‪ ،‬وإال َّ‬
‫فإن املنع أو َّ‬
‫الرفع‬ ‫َّ‬
‫قبل وقوعه‪ ،‬وكذا بعده‪.‬‬ ‫(ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫‪ -2‬قوله تعالى‪:‬‬
‫يكون بحسب املستطاع‪.‬‬ ‫بقدر إلامكان‪ :‬يعني بحسب‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ)[ألانفال‪.]11:‬‬
‫الاستطاعة والقدرة‪.‬‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن هللا تعالى أمر املؤمنين بإعداد القوة‪ ،‬لدفع ضرر‬
‫َّ‬
‫يدل على َّأن دفع َّ‬
‫الضرر‬ ‫وقيد هذا ألامر باالستطاعة‪َّ ،‬‬
‫مما ُّ‬ ‫ألاعداء‪َّ ،‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫يكون بحسب إلامكان‪.‬‬
‫دفع َّ‬ ‫دفع َّ‬
‫الضرر بعد‬ ‫رفع َّ‬ ‫رفع َّ‬
‫الضرر بعد‬ ‫الضرر بعد‬ ‫الضرر بعد‬ ‫(ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫‪ -3‬قوله تعالى‪:‬‬
‫َّ‬ ‫وقوعه ً‬
‫جزئيا‬ ‫َّ‬ ‫وقوعه ً‬
‫جزئيا‬
‫بالكلية‬ ‫وقوعه‬ ‫بالكلية‬ ‫وقوعه‬ ‫[النساء‪.]33:‬‬‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ) ِّ‬
‫َّ‬
‫عد ضررا على الاَزوج‪ ،‬وقد أمر هللا‬ ‫ً‬ ‫الاَزوجة ُي ُّ‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن نشوز َّ‬
‫َ‬ ‫يدل على َّأن َّ‬
‫َّأن أحد املتبايعين قد يقع له‬ ‫املعتدي على العرض إذا‬ ‫َّأن أذى‬
‫َ‬ ‫الضرر ُيدفع بقدر‬ ‫مما ُّ‬ ‫تعالى بدفعه بحسب الاستطاعة‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫ضرر‪ ،‬بعد لاَزوم عقد البيع؛‬ ‫ٌ‬ ‫إلامكان‪.‬‬
‫لم يندفع‪ ،‬إال بدفع املال إليه؛‬
‫فإنه ُي َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫هذا القسمان اللذان يتعلقان بما‬ ‫‪ -4‬قوله ‪َ « :‬م ْن َ َرأى م ْن ُك ْم ُم ْن َك ًرا َف ْل ُي َغي ْر ُه ب َيده‪َ ،‬فإ ْن َل ْم َي ْس َتطعْ‬
‫الشراء‪،‬‬ ‫كأن يندم على البيع أو ِّ‬ ‫شرع دفع املال إليه في‬ ‫ِّ‬ ‫َ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫فتقدم َّ‬
‫َّ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َْ ََ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫فشرع خيار املجلس‪ ،‬وخيار‬
‫ُ‬
‫للضرر بقدر‬
‫ً‬
‫الة َّ‬ ‫هذه الحال؛ إز‬ ‫التمثيل لهما‬ ‫بعد الوقوع‪،‬‬ ‫ف ِّب ِّل َس ِّان ِّه‪ ،‬ف ِّإن لم يست ِّطع ف ِّبقل ِّب ِّه‪ ،‬وذ ِّلك أضعف ِّإلايم ِّان» أخرجه مسلم‪.‬‬
‫َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫في القاعدة السابقة (الضرر ياَزال)‪.‬‬ ‫الن ُّبي ‪ ‬إلى‬ ‫ضررا‪ ،‬وقد وجه َّ‬ ‫ً‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن وقوع املنكر ُي َع ُّد‬
‫الضرر املتوقع‬ ‫الشرط؛ لدفع‬ ‫إلامكان عن املعتدى عليه‪ ،‬وهذا‬ ‫َ‬ ‫يدل على َّأن َّ‬
‫ألحد املتعاقدين‪ ،‬وهذا في‬ ‫ً‬
‫جاَزئيا؛‬ ‫َّ‬
‫الضرر‬ ‫من قبيل دفع‬ ‫الضرر ُيدفع بقدر‬ ‫مما ُّ‬ ‫وجوب رفعه بحسب القدرة‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫بالكلية‪.‬‬ ‫للضرر‬ ‫دفع َّ‬
‫الجملة فيه ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫إلامكان‪.‬‬
‫الضرر ال يندفع عن‬ ‫فإن‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ََ‬
‫املعتدى عليه‪ ،‬إال بانصراف‬ ‫‪ -5‬ما ورد في حديث سمرة ب ِّن جند ٍّب ‪- ‬الذي تقدم‪ ،-‬فقد طلب‬
‫ثم أن يهبه لألنصاري‪،‬‬ ‫ثم أن ُيناقله‪َّ ،‬‬ ‫الن ُّبي ‪ ‬من َس ُم َر َة أن يبيعه‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫املعتدي‪ ،‬بعد أخذه لذلك‬ ‫ِّ‬
‫الضرر عن ألانصاري بقدر إلامكان‪.‬‬ ‫السعي إلى دفع َّ‬ ‫وكل ذلك من قبيل َّ‬
‫املقابل املالي‪.‬‬
‫‪-9-‬‬
‫‪3‬‬
‫ا‬
‫القديم ُي اترك على ِقد ِمه‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫معنى القاعدة‬ ‫الدليل على القاعدة‬

‫َّأنه ملَّا كان بعض ما في أيدي َّ‬ ‫دل لهذه القاعدة بدليل من املعنى؛ وهو‪:‬‬ ‫ست َّ‬‫يمكن أن ُي َ‬
‫الناس َّ‬
‫مما‬ ‫يص ُّب على بيت جاره من‬ ‫اب‪ُ ،‬‬ ‫‪ -1‬لو كان لشخص في داره ميز ٌ‬
‫ٍّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أعيان‪ ،‬أو منافع قد يظهر‬ ‫هو ٌ‬
‫قديم؛ من‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫موجودا من َّ‬
‫الاَزمن‬ ‫ً‬ ‫امل َ‬
‫تنازع فيه‬ ‫َّأنه ملا كان هذا الش يء‬
‫ٍّ‬ ‫الاَزمن القديم‪ ،‬وأراد الجار إزالة هذا امليزاب؛ فإنه يمنع من‬ ‫َّ‬ ‫القديم‪ ،‬على هذه الحالة املشاهدة؛ َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫مما هو في‬ ‫النزاع َّ‬ ‫أن ما يقع فيه ِّ‬ ‫فإن ألاصل بقاؤه‬
‫متقرر‪-‬‬
‫أن فيه ضررا‪ ،‬والضرر ‪-‬كما هو ِّ‬
‫ً‬ ‫قديم‪ ،‬والقديم ُي َترك على ِّق َد ِّمه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ألن امليزاب‬ ‫ذلك؛ َّ‬ ‫القديم‪ :‬هو ما توافر فيه وصفان‪:‬‬
‫َّ‬
‫‪ -2‬لو كان لشخص َ‬ ‫الناس‪ ،‬من أعيان أو‬ ‫أيدي َّ‬ ‫وأن الغالب على الظ ِّن َّأنه ما‬ ‫خاصة َّ‬ ‫َّ‬ ‫على ما كان عليه‪،‬‬
‫تجب إزالته‪ ،‬فقد جاءت هذه القاعدة؛‬ ‫مم ٌّر في أرض جاره ُيم ُّر منه إلى بيته من‬ ‫ٍّ‬ ‫مما ال ُيدرك ٌ‬
‫النزاع‬
‫أحدهما‪ :‬أن ال يوجد وقت ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫منافع‪- ،‬وكان َّ‬
‫ُلت ِّبين َّأن القديم ُيترك على ِّق َد ِّمه‪ ،‬وإن‬ ‫منع من‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫الاَزمن القديم‪ ،‬وأ اد الجار إغالق هذا املَ َمر؛ َّ‬
‫ر‬ ‫َّ‬ ‫أحد‬ ‫ِّ‬ ‫فيه َم ْن أدرك مبدأه‪.‬‬ ‫وجه‬
‫شرعي‪ ،‬والش يء إذا و ِّجد على ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫بوجه‬
‫ٍّ‬ ‫حدث إال‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫ظهر َّأن فيه ً‬ ‫ألن املَ َمر ٌ‬ ‫مشروع في أصله‪-‬؛‬ ‫مبدأه‪ ،‬وهو‬ ‫شرعي‪ ،‬فإنه ينبغي تركه على حالته‪ ،‬فال تجب إزالته‪.‬‬
‫ضررا‪.‬‬ ‫قديم‪ ،‬والقديم ُي َترك على ِّق َد ِّمه‪.‬‬ ‫ذلك؛ َّ‬
‫َّ‬
‫مشروعا في أصله‪.‬‬ ‫ثانيهما‪ :‬أن يكون‬ ‫ٍّ‬
‫ٌ‬ ‫فإنه ُي َترك على حالته التي هو‬ ‫ُ‬
‫ومعنى هذا‪َّ :‬أنه لو ف ِّقد أحد هذين‬
‫لشخص بقعة في أرض جاره‪ُ ،‬ي ِّلقي فيها فضالته‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ -3‬لو كان‬
‫َّ‬ ‫نقص‪ ،‬وال‬ ‫عليها‪ ،‬بال زيادة‪ ،‬وال‬ ‫فإنه ال‬‫الوصفين‪ ،‬أو كالهما؛ َّ‬
‫وفضالت بهائمه من الاَزمن القديم‪ ،‬وأراد صاحب ألارض منعه‬ ‫ٍّ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫تغيير‪ ،‬وال تحويل‪ ،‬وي َعد ِّقد ُمه‬
‫ألن انتفاعه بتلك البقعة‬ ‫منع من ذلك؛ َّ‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫من ذلك؛ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الق َدم الاصطالحي‪،‬‬ ‫يتحقق وصف ِّ‬
‫َّ‬
‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫بطريق‬ ‫دليال على أنه حق قائم‬
‫قديم‪ ،‬والقديم ُي َترك على ِّق َد ِّمه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٍّ‬ ‫املقصود في هذه القاعدة‪.‬‬
‫الاَزمن القديم‪ ،‬أن يحجاَز ماء‬ ‫‪ -4‬لو كان من عادة شخص من َّ‬ ‫مشروع‪.‬‬ ‫ِق اد ِم ِه‪ُ :‬يراد به‪ :‬حالته التي هو عليها‬
‫ٍّ‬
‫َّ‬
‫طلق الاَزائد لجاره‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫النزاع‪.‬‬
‫وقت ِّ‬
‫املطر في أرضه‪ ،‬حتى يمتليء زرعه‪ ،‬ثم ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫طلق له املاء‪ ،‬قبل امتالء زرعه؛‬ ‫وأراد جاره أن يطلب منه أن ي ِّ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫فليس له ذلك؛ َّ‬
‫قديم‪ ،‬والقديم‬ ‫ألن انتفاعه بتلك الطريقة‬
‫ُي َترك على ِّق َد ِّمه‪.‬‬
‫‪- 10 -‬‬
‫‪4‬‬
‫َّ‬
‫الضرر َل يكون ً‬
‫قديما‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫معنى القاعدة‬ ‫الدليل على القاعدة‬
‫َ‬ ‫يمكن أن ُي َ‬
‫قيدا للقاعدة‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫هذه القاعدة ت َع ُّد‬ ‫جرى أقذار من َّ‬ ‫اب‪ ،‬أو َم َ‬ ‫‪ -1‬لو كان لشخص في داره ميز ٌ‬ ‫دل لهذه القاعدة حديث َس ُم َرة ْب ِّن ُج ْن ُد ٍّب‬ ‫ست َّ‬
‫الاَزمن‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫السابقة‪( :‬القديم ُي َترك على ِّق َد ِّمه)؛‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الدَللة منه‪َّ :‬أن الذي يظهر َّأن‬ ‫َّ‬
‫‪- ‬الذي تقدم‪ ،-‬ووجه ِ‬
‫املارين؛ فإنه تجب‬ ‫القديم‪ ،‬يصب في الطريق العام‪ ،‬ويؤذي ِّ‬ ‫َّأن ما في أيدي َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫السابقة‪،‬‬ ‫تقرر في القاعدة َّ‬ ‫َّ‬
‫وذلك أنه قد َّ‬ ‫ً‬ ‫والضرر ال يكون‬ ‫َّ‬ ‫يعت ُّد بق َدمه؛ َّ‬ ‫إ الته‪ ،‬وال َ‬ ‫الناس‪ ،‬من‬ ‫قديما‪ :‬أي‪ :‬ال ُي ُّ‬
‫حتج‬ ‫ً‬ ‫َل يكون‬ ‫قديما‪ ،‬ولكن‬ ‫ً‬ ‫حق َس ُم َرة في دخول حائط ألانصاري كان‬
‫قديما؛‬ ‫ألنه ضرر‪،‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ز‬ ‫َّ‬
‫َّأن القديم ُي َترك على ِّق َد ِّمه‪ ،‬وإن ظهر َّأن‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫أعيان أو منافع‪ ،‬من َّ‬
‫الاَزمن‬ ‫بتقادمه‪ ،‬وليس املراد به‪ :‬عدم‬ ‫ُ‬ ‫الن ُّبي ‪ِّ ‬ق َدم‬ ‫يعتبر َّ‬ ‫َ‬
‫ضرر باألنصاري‪ ،‬لم ِّ‬ ‫ملا اشتمل على ٍّ‬
‫أي‪ :‬ال يحتج ِّبقد ِّمه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ضررا‪ ،‬وجاءت هذه القاعدة ُلت ِّبين‬ ‫فيه ً‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫مشتملة على‬‫ِّ‬ ‫القديم‪ ،‬إذا كانت‬ ‫قادم في َّ‬
‫الضرر‪.‬‬ ‫الت ُ‬‫حصول َّ‬ ‫يدل على َّأنه ال ِّعبرة‬ ‫هذا الحق‪ ،‬بل سعى إلى إزالته؛ َّ‬
‫مما ُّ‬
‫لشخص في بيته نافذة‪ ،‬من الاَزمن القديم‪ ،‬تكشف‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ -2‬لو كان‬ ‫الضرر؛ َّ‬
‫َّ‬ ‫املشتمل على ضرر ولو كان ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ُّ‬
‫َّأن ما ُي َترك على ِّق َد ِّمه‪ ،‬هو ما ال ضرر‬ ‫َّ‬
‫بيت جاره‪ ،‬ويتأذى منها ذلك الجار؛ فإنه يجب أن ياَزيلها‪ ،‬أو‬
‫َّ‬ ‫فإنه ال يصح الاحتجاج‬ ‫فالق َدم املنفي في هذه القاعدة‬ ‫ِّ‬ ‫قديما‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫بالش يء‪،‬‬
‫ضرر؛‬
‫ً‬
‫وأما ما كان مشتمال على‬ ‫فيه‪َّ ،‬‬ ‫والضرر ال يكون‬ ‫َّ‬ ‫يعت ُّد بق َدمها؛ َّ‬ ‫حائال‪ ،‬وال َ‬ ‫ً‬ ‫ِّبق َدم وجودها‪ ،‬بل تجب إزالة‬ ‫الق َد ُم الاصطالحي‪ ،‬أماَّ‬ ‫هو ِّ‬
‫ٍّ‬ ‫ألنها ضرر‪،‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫يضع‬ ‫الضرر الواقع فيها‪ ،‬ولو َّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫يصح الاحتجاج ِّبقد ِّم وجوده‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫فإنه ال‬‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫قديما؛ أي‪ :‬ال يحتج ِّبقد ِّمه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ترتب‬ ‫الق َد ُم الواقعي‪ ،‬فهو غير‬ ‫ِّ‬
‫بل تجب إزالة َّ‬ ‫َّ‬
‫بالكلية‪.‬‬ ‫على ذلك إزالته‬ ‫َّ‬
‫الضرر الواقع فيه‪.‬‬ ‫مقصود بالنفي‪.‬‬ ‫ٍّ‬

‫‪5‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫في بيان ضابط ما ُيحت ارم ِق اد ُم ُه وما َل ُيحت ارم‬

‫ضررا‪ ،‬فما َّ‬ ‫حت َرم ق َد ُم َها؛ ألجل َّأن فيها ً‬ ‫ٌَ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫احتر َم ِّق َد ُم َها‪ ،‬ورأينا في هذه القاعدة َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌَ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الضابط‬ ‫ِّ‬ ‫أشياء قديمة لم ي‬ ‫الرابعة‬ ‫مر بنا في القاعدة الثالثة أشياء قديمة‪ ،‬فيها ضرر ومع ذلك ِّ‬
‫في ذلك؟‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ضابط لهذا‪ ،‬بعد أن قرر أن ميزان مراعاة ِّقدم الضرر‪ ،‬وعدم مراعاته‪ ،‬يرجع إلى تحديد فحش الضرر‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫اجتهد الشيخ (أحمد الاَزرقا) في «شرح القواعد الفقهية» في وضع‬
‫َّ‬
‫والضابط هو‪:‬‬
‫ا‬
‫ان اقد ًيما‪ ،‬او اما اَل ُيمكن أن ُي ْس ات َّ‬ ‫ا ا‬ ‫ض ارر افاحش‪ ،‬افتجب ح اينئذ ُم ار ا‬ ‫َّ ْ َّ ا ُ ا ا ْ ا ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ ا‬ ‫ا‬
‫كل اما ُيمكن أن ُي ْس ات َّ‬ ‫" اأ َّن َّ‬
‫حق‬ ‫ِ‬ ‫اعاة قدمه ِإذا ك‬ ‫ِ ٍِ‬ ‫حق على الغ ْير ِب او ْج ٍه من ال ُو ُجوه الشر ِعية‪ ،‬فهو ليس ِب‬
‫ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ ا‬
‫على الغ ْير ِب او ْجه ش ْر ِع ٍي‪ ،‬ف ُه او ض ارر فاحش‪ ،‬او ُي ْرفع مهما كان ق ِد ًيما"‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فيحت َرم ِّق َد ُمه‪.‬‬ ‫يستحقه إلانسان على غيره ِّب َو ْجه ش ْر ِّع ٍّي؛‬ ‫َّ‬ ‫يصب على بيت الجار‪ ،‬أو امل َمر الذي يكون في أرض الجار‪ ،‬ونحو ذلك ُيمكن أن‬ ‫ُّ‬ ‫فإن امليزاب الذي‬ ‫وإليضاح ذلك‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫بأي وج ٍّه من ال ُوجوه الش ْر ِّع َّية؛ ولذلك فإنه ال ُيحت َرم ِّقد ُمه‪.‬‬ ‫وأما تنجيس الطريق العام‪ ،‬أو كشف نساء الجار؛ فإن ذلك ال يمكن أن يستحقه إلانسان على غيره‪ِّ ،‬‬
‫َّ‬
‫‪- 11 -‬‬

‫‪2‬‬
‫َّ‬ ‫الخاصة بإ الة َّ‬
‫الضرر في حال التعارض‬ ‫َّ ز‬ ‫القواعد‬
‫َّ‬
‫الضرر َل ُيزال بمثله‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫َّ‬
‫بالضرر ألاخف‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الضرر ألاشد ُيزال‬ ‫‪2‬‬

‫ً‬ ‫إذا تعارض مفسدتان ُر ا‬


‫وعي أعظمهما ضررا بارتكاب ِ‬
‫أخفهما‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫َّ‬
‫ُيختار أهون الش َّرين‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ضرر عام‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫‪5‬‬


‫يتحمل الضرر الخاص لدفع ٍ‬
‫درء املفاسد أولى من جلب املصالح‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪- 12 -‬‬
‫‪1‬‬
‫َّ‬
‫الضرر َل ُيزال بمثله‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫بالضرر)‬ ‫َّ‬
‫(الضرر َل ُيزال‬ ‫عالقة هذه القاعدة بقاعدة‪:‬‬ ‫َّ‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬

‫َّ‬ ‫(الضرر ال ُياَزال‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬


‫بالضرر) عن‬ ‫عبر بعض العلماء بـ‬ ‫قيدا لقاعدة‪َّ :‬‬‫هذه القاعدة ُت َع ُّد ً‬ ‫التهديد بالقتل‪ ،‬على قتل معصوم؛ َّ‬
‫فإنه ال‬ ‫شخصا ُأكره عن طريق َّ‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫شرعا عدم إزالة‬ ‫ً‬ ‫َّأن الواجب‬
‫قاعدة‪َّ ( :‬‬ ‫(الضرر‬ ‫ٍّ‬ ‫ِّ‬
‫الضرر ال ُياَزال بمثله)‪ ،‬وهذا ُيشير إلى َّأنهم‬ ‫الضرر؛ َّ‬
‫ُياَزال)؛ فحيث وجبت إزالة َّ‬ ‫بالتهديد بالقتل ٌ‬ ‫ألن إلاكراه َّ‬ ‫يجوز له قتله؛ َّ‬ ‫َ‬
‫بضر ٍّر‬ ‫َ‬
‫بضر ٍّر مثله‪ ،‬وال‬ ‫الضرر‬‫َّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫فإنه‬ ‫ضرر‪ ،‬وإلاقدام على قتل املعصوم‬ ‫َّ‬
‫واحد‪.‬‬
‫يرون أن كال اللفظين بمعنى ٍّ‬ ‫ال تجوز إزالته بمثله‪ ،‬وال بما هو ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫أشد منه‪ ،‬من باب أولى‪ ،‬وهذا‬
‫ً‬ ‫أشد‬ ‫والضرر ال ُياَزال بمثله‪.‬‬ ‫ضرر مثله‪،‬‬
‫إال َّأن الذي يظهر َّأن بينهما فرقا؛ وهو َّأن لفظ‪:‬‬ ‫فقير؛ َّ‬ ‫الضرر يجب أن ُياَزال‬‫يعني َّأن َّ‬
‫أعم من لفظ‪َّ ( :‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ضرر ‪-‬إن‬ ‫ٍّ‬ ‫منه‪ ،‬بل تجب إزالته بال‬ ‫فإنه ال ُي َلاَزم أحدهما بال َّنفقة على‬ ‫قريب ٌ‬‫ٌ‬ ‫شخصا ً‬
‫فقيرا‪ ،‬وله‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫ُ‬
‫الضرر ال‬ ‫بالضرر)‪ُّ ،‬‬ ‫(الضرر ال ُياَزال‬ ‫أمكن‪ ،-‬أو بضرر َّ‬ ‫ألن وجوده على حالة الفقر ٌ‬ ‫آلاخر‪ ،‬إذا كان ال يقدر إال على نفقة نفسه؛ َّ‬ ‫بدون ضرر ‪-‬إن أمكن‪ ،-‬وإال أزيل‬
‫أقل منه‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ضرر‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ُياَزال بمثله)‪ ،‬وعمومه جاء من إطالقه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫وإلاَز ُامه َّ‬ ‫بضرر َّ‬
‫أقل‪.‬‬
‫ألاول يفيد عدم جواز إزالة جنس َّ‬ ‫فاللفظ َّ‬ ‫بالنفقة على قريبه ضرر مثله‪ ،‬أو أشد‪ ،‬والضرر ال ياَزال بمثله‪ ،‬وال بما هو‬
‫الضرر‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫ً‬
‫مساويا‪ ،‬أو َّ‬ ‫ٌ‬ ‫أشد من باب أولى‪.‬‬
‫أقل‪ ،‬أو‬ ‫سواء أكان‬ ‫بجنس ضرر آخر؛‬ ‫وتضرر أحد َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الشريكين‬ ‫َّ‬ ‫مشترك بين اثنين‪ ،‬وال يقبل القسمة‪،‬‬ ‫‪ -3‬لو َّأن ماال‬
‫ضرر آخر‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫أشد‪ ،‬فالواجب إزالة الضرر دون إيقاع‬ ‫ألن في القسمة ً‬ ‫الشريك آلاخر على القسمة؛ َّ‬ ‫جبر َّ‬ ‫فإنه ال ُي َ‬ ‫بالشركة؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫ضررا أعظم‪،‬‬
‫قي ٌد؛ فهو يفيد عدم جواز‬ ‫الثاني هنا ُم َّ‬ ‫بينما اللفظ‬ ‫الضرر ال ُياَزال بمثله؛ َّ‬
‫الشركة‪ ،‬وإذا كان َّ‬ ‫من ضرر البقاء على َّ‬
‫َّ‬ ‫إزالة َّ‬ ‫فإنه ال ُياَزال بضرر‬
‫مساو‪ ،‬أو أشد من باب أولى‪ ،‬وهذا‬ ‫ٍّ‬ ‫بضرر‬
‫ٍّ‬ ‫الضرر‪،‬‬ ‫َّ‬
‫يعني جواز إزالة َّ‬ ‫أشد منه من باب أولى‪.‬‬
‫بضرر أقل‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫الضرر‬
‫‪- 13 -‬‬
‫‪2‬‬
‫َّ‬
‫بالضرر ألاخف‬ ‫َّ‬
‫الضرر ألاشد ُيزال‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫ألادلة على القاعدة‬ ‫معنى القاعدة‬

‫تمثل إحدى صور مفهوم‬ ‫هذه القاعدة ِّ‬ ‫فقير؛ َّ‬ ‫َ‬
‫ال‪َ :‬ب ْي َن َما ن ْح ُن ِّفي‬ ‫‪ -1‬ما رواه مسلم َع ْن َأ َنس ْبن َم ِّال ٍّك ‪َ ،‬ق َ‬ ‫َّأنه إذا تقابل ضرران‪ ،‬وكان‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫فإن‬ ‫موسر‪ ،‬وآلاخر ٌ‬
‫ٌ‬ ‫‪ -1‬لو َّأن شخصان بينهما قرابة؛ أحدهما‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ً‬
‫املخالفة لقاعدة‪( :‬الضرر ال ياَزال بمثله)‪ ،‬التي‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ ْ َ ٌّ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫واقعا‪ ،‬وهو أعظم من‬ ‫أحدهما‬
‫ضررا على‬ ‫ً‬ ‫النفقة تجب للفقير على املوسر‪ ،‬وإن كان في ذلك‬ ‫ل‬
‫هللا ‪ِّ ،‬إذ جاء أعر ِّابي فقام يبو ِّفي املس ِّج ِّد‪،‬‬ ‫املس ِّج ِّد مع َرسو ِّل ِّ‬
‫(الضرر ُياَزال)؛ وذلك َّأنه إذا‬
‫َّ‬ ‫هي قيد لقاعدة‪:‬‬ ‫النفقة أشد‪ ،‬من ضرر فرض َّ‬ ‫ألن ضرر الفقير بعدم َّ‬ ‫املوسر؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ‬ ‫هللا ‪َ :‬م ْه َم ْه‪َ ،‬ق َ‬ ‫ص َح ُ ُ‬ ‫ال َأ ْ‬ ‫َف َق َ‬
‫آلاخر‪ ،‬وأشد في نفسه؛ فإنهَّ‬
‫َّ‬ ‫كان َّ‬ ‫النفقة‬ ‫هللا ‪« :‬ال‬ ‫ال َرسول ِّ‬ ‫اب َرسو ِّل ِّ‬
‫الضرر ال ُياَزال بمثله؛ فإن مفهوم املخالفة‬ ‫والضرر ألاشد ُياَزال َّ‬ ‫َّ‬ ‫هللا ‪َ ‬د َع ُاه َف َق َ‬ ‫وه َح َّتى َب َ ُ َّ ُ َ‬ ‫وه»‪َ ،‬ف َت َر ُك ُ‬ ‫وه َد ُع ُ‬ ‫ُت ْاَزر ُم ُ‬
‫َّ‬
‫الضرر ألاخف‪ ،‬إلزالة‬ ‫ُيرتكب‬
‫بالضرر ألاخف‪.‬‬ ‫على املوسر‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ال‪ ،‬ث َّم ِّإن َرسول ِّ‬ ‫ِّ‬
‫من ذلك‪َّ ،‬أنه ُياَزال بما هو أقل منه؛ ومن صور‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ ُْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َل ُه‪« :‬إ َّن َ‬
‫َّ‬
‫الضرر ألاشد‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ذلك كون أحد َّ‬ ‫ثم‬ ‫َ‬
‫بإرث‪ ،‬أو نحوه‪ ،‬فبنى فيها‪ ،‬أو غرس‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ -2‬لو أن شخصا ملك أرضا ٍّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫صل ُح ِّلش ْي ٍّء ِّم ْن َهذا ال َب ْو ِّل‪َ ،‬وال ال َقذ ِّر ِّإ َّن َما‬ ‫اجد ال ت‬ ‫ِّ‬ ‫س‬ ‫امل‬ ‫ه‬ ‫ذ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ه‬ ‫ِّ‬
‫الضررين أخف من آلاخر‪ ،‬وقد‬ ‫َ‬ ‫مستحقا غيره؛ َّ‬ ‫ًّ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫أفادت هذه القاعدة؛ َّأنه ُياَزال به َّ‬ ‫فإنه ُينظر إلى قيمة البناء‪ ،‬أو‬ ‫ظهر َّأن لألرض‬ ‫هللا ‪‬‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هللا ‪ ،‬والصال ِّة و ِّقراء ِّة القر ِّآن» أو كما قال رسو ِّ‬ ‫ِّهي ِّل ِّذك ِّر ِّ‬
‫الضرر ألاشد‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الغرس‪ ،‬فإن كان أكثر من قيمة ألارض؛ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ ً َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ‬
‫فإن للمشتري أن يتملك‬ ‫قال‪ :‬فأمر رجال ِّمن القو ِّم فجاء ِّبدل ٍّو ِّمن م ٍّاء فشنه علي ِّه‪.‬‬
‫جبرا على صاحبها املستحق؛ وذلك َّ‬ ‫ألارض بقيمتها ً‬ ‫حق هذا ألاعرابي ضرران؛‬ ‫َّ‬
‫ألن في ناَزعها من‬ ‫وجه الدَللة‪ :‬أنه قد تقابل في ِّ‬
‫يده في هذه الحالة‪ً ،‬‬ ‫كمل بوله؛ وفي هذا تنجيس للمسجد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ضررا أشد من ضرر بقائها في يده‪ ،‬ودفع قيمة‬ ‫أحدهما‪ :‬تركه حتى ي ِّ‬
‫بالضرر ألاخف‪ ،‬والعكس‬ ‫َّ‬ ‫والضرر ألاشد ُياَزال‬ ‫َّ‬ ‫ألارض للمستحق‪،‬‬ ‫وثانيهما‪ :‬قطع بوله عليه؛ وفيه ضرر تنجيس بدنه وثيابه‪ ،‬ومواضع‬
‫بالعكس‪.‬‬ ‫بقية البول عليه‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫أخرى من املسجد‪ ،‬واحتباس َّ‬
‫الثاني َّ‬ ‫َّ رر َّ‬ ‫َّ‬
‫‪ -3‬لو أن أسيرا مسلما وقع بيد الكفار‪ ،‬ولم يمكن إطالقه إال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫الرسول ‪‬‬ ‫ألاول؛ لذا نهى َّ‬ ‫أشد من َّ‬ ‫والظاهر َّأن الض‬
‫ألن‬‫فإنه يجوز دفع املال إلى الكفار في هذه الحال؛ َّ‬ ‫بالفداء باملال؛ َّ‬ ‫بالضرر‬ ‫َّ‬ ‫للضرر ألاشد‬ ‫دفعا َّ‬ ‫الصحابة ‪ ‬عن زجر هذا ألاعرابي؛ ً‬ ‫َّ‬
‫ضرر بقاء املسلم في ألاسر‪ ،‬أشد من ضرر انتفاع الكفار بأموال‬ ‫ألاخف‪.‬‬
‫والضرر ألاشد ُياَزال َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ََ ُ ََ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ‬
‫بالضرر ألاخف‪.‬‬ ‫املسلمين‪،‬‬ ‫‪ -2‬ما ورد في شأن صلح الحديبية‪ ،‬وفيه أن املشركين اشترطوا على‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫الن ِّب ِّي ‪ ‬أ ْن َم ْن َج َاء ِّم ْنك ْم ل ْم ن ُر َّد ُه َعل ْيك ْم‪َ ،‬و َم ْن َج َاءك ْم ِّم َّنا‬ ‫َّ‬
‫ََ ْ ُ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ُْ ُ ََ َ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ال‪« :‬ن َع ْم‪ِّ ،‬إ َّن ُه‬ ‫هللا‪ ،‬أنكتب هذا؟ ق‬ ‫َرددت ُموه عل ْينا‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا َرسول ِّ‬
‫َ ْ َ َ َ َّ َ ْ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ ُ ُ َ‬
‫هللا ل ُه‬ ‫من ذهب ِّمنا ِّإلي ِّهم فأبعده هللا‪ ،‬ومن جاءنا ِّمنهم سيجعل‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ف َر ًجا َو َمخ َر ًجا»‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم واللفظ ملسلم‬
‫ٌ‬
‫ضرر‬ ‫السفينة‪ ،‬وقتل الغالم‪ ،‬وذلك‬ ‫‪ -3‬ما ورد في قصة الخضر مع موس ى ‪‬؛ حيث خرق الخضر َّ‬ ‫الشرط فيه ٌ‬ ‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن هذا َّ‬
‫ضرر على املسلمين؛ ملا فيه من‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ومفسدة‪ ،‬إال َّأنه قد قابل ذلك ذهاب َّ‬ ‫إلاذالل‪ ،‬وعدم املكافأة بين الفريقين‪ ،‬ومع ذلك قب َله َّ‬
‫غصبا من امللك الظالم‪ ،‬وإرهاق الغالم ألبويه الكفر‪،‬‬ ‫السفينة كلها‬ ‫الن ُّبي ‪‬؛ لكون‬ ‫ِّ‬
‫أشد وأعظم‪ ،‬فارتكب الخضر َّ‬
‫الضرر‬ ‫ٌ‬
‫ومفسدة‪ ،‬إال َّأنه ُّ‬ ‫ضا ٌ‬
‫ضرر‬ ‫وإفساده لدينهما إن هو بقي‪ ،‬وهذا أي ً‬ ‫هذا َّ‬
‫الضرر أخف من ضرر حصول القتل للمسلمين الذين بمكة‪.‬‬
‫الضرر ألاشد‪.‬‬‫للسفينة‪ ،‬وقتله للغالم؛ إلزالة َّ‬
‫ألاخف؛ وهو خرقه َّ‬
‫حجة على َّ‬
‫الراجح‪.‬‬ ‫وهذا قد ورد في شرعنا َّأنه من شرع من قبلنا‪ ،‬ولم ُيصرح شرعنا بقبوله أو نفيه‪ ،‬وهو َّ‬
‫ِّ‬
‫‪- 14 -‬‬
‫‪3‬‬
‫ً‬ ‫إذا تعارض مفسدتان ُر ا‬
‫وعي أعظمهما ضررا بارتكاب ِ‬
‫أخفهما‬
‫‪4‬‬
‫َّ‬
‫ُيختار أهون الش َّرين‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدتين‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫ألادلة على القاعدتين‬ ‫معنى القاعدتين‬

‫تمثل إحدى صور مفهوم‬ ‫هذه القاعدة ِّ‬ ‫جرح‪ ،‬إذا سجد سال دمه‪ ،‬وإن لم يسجد لم‬ ‫شخصا به ٌ‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫ستدل لهاتين‬ ‫َّ‬ ‫يمكن أن ُي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫حقه‬ ‫َّ‬ ‫صلي بدون‬ ‫ُ‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫يسل؛ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫املخالفة لقاعدة‪( :‬الضرر ال ياَزال‬ ‫سجود؛ ألنه قد تقابل في ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫شرع له أن ي ِّ‬ ‫القاعدين‪ ،‬بعموم ألادلة‬
‫َّ‬ ‫بمثله)‪ ،‬التي هي ٌ‬ ‫والصالة مع‬ ‫َّ‬ ‫الصالة مع الحدث‪،‬‬ ‫وإما َّ‬ ‫السجود‪َّ ،‬‬ ‫ضرران‪َّ :‬إما ترك ُّ‬ ‫املتقدمة في القاعدة َّ‬
‫(الضرر‬ ‫قيد لقاعدة‪:‬‬ ‫السابقة؛‬ ‫ِّ‬
‫ُي َاَزال)‪ ،‬كما َّ‬
‫تقدم في القاعدة َّ‬ ‫السجود‪ُ ،‬فير َاعى َّ‬ ‫ضررا من ترك ُّ‬ ‫ً‬
‫السابقة‪.‬‬ ‫الضرر ألاعظم‪،‬‬ ‫الحدث أعظم‬ ‫وذلك َّأنه ال فرق في مراعاة‬
‫ً‬
‫الضرر ألاخف‪ ،‬كما أن ترك السجود يدفع عنه ضررا؛ وهو‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫بارتكاب َّ‬ ‫الضرر َّ‬
‫شدة َّ‬ ‫َّ‬
‫ختار أهون َّ‬ ‫في َ‬ ‫وخفته‪ ،‬بين أن‬
‫الش َّرين‪.‬‬ ‫الدم‪ُ ،‬‬ ‫سيالن َّ‬ ‫َّ‬ ‫يكون َّ‬
‫واقعا‪ ،‬أو ُمتوق ًعا‪.‬‬
‫الضرر ً‬
‫ً‬
‫تنبيه‬ ‫قائما‪ ،‬ويستطيع‬ ‫الصالة ً‬ ‫كبيرا ال يستطيع القراءة في َّ‬ ‫شيخا ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬
‫ألنه قد تقابل في‬ ‫قاعدا؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫شرع له أن ُيصلي‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫قاعدا؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫القراءة‬
‫َّ‬
‫ذهب بعض العلماء والباحثين‪ ،‬إلى َّأن القواعد الثالث‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫حقه ضرران‪ :‬إما أن يترك القراءة في الصالة‪ ،‬وإما أن يترك القيام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫بالضرر ألاخف‪.‬‬ ‫الضرر ألاشد ُياَزال َّ‬ ‫‪َّ -1‬‬ ‫ضررا من ترك القيام‪ُ ،‬فير َاعى َّ‬ ‫الصالة أعظم ً‬ ‫وترك القراءة في َّ‬
‫الضرر‬
‫ً‬ ‫‪ -2‬إذا تعارض مفسدتان ُر َ‬ ‫الضرر ألاخف‪ُ ،‬ويختار أهون َّ‬ ‫ألاعظم بارتكاب َّ‬ ‫إذا تقابل ضرران‪ ،‬ولم يقع‬ ‫التعارض هو‪َّ :‬‬ ‫تعارض‪َّ :‬‬
‫وعي أعظمهما ضررا بارتكاب ِّ‬
‫أخفهما‪.‬‬ ‫الش َّرين‪.‬‬ ‫التقابل بين‬
‫‪ُ -3‬يختار أهون َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّ‬
‫الش َّرين‪.‬‬ ‫الضرورة من‬ ‫تدعو إليه َّ‬ ‫‪َّ -3‬أنه إذا لم يمكن القيام ببعض ما ُ‬ ‫أحدهما بعد‪ ،‬وكان أحدهما‬ ‫التمانع‪.‬‬ ‫الشيئين على سبيل‬
‫َّ‬ ‫ظاهر من ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أعظم من آلاخر‪ ،‬وأشد في‬
‫تأمل نصوص القواعد الثالث‪.‬‬ ‫بمعنى واحد‪ ،‬وهذا‬ ‫الطاعات؛ كاألذان‪ ،‬وإلامامة‪ ،‬وتعليم القرآن والفقه‪ ،‬إال بأخذ ألاجرة‬ ‫مفسدتان‪ :‬تثنية مفسدة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬
‫التفريق بينها؛ ووجه‬ ‫الاَزرقا)‪ ،‬قد مال إلى َّ‬ ‫الشيخ (أحمد َّ‬ ‫إال َّأن َّ‬
‫ألن في ترك‬ ‫شرع دفع ألاجرة‪ ،‬وأخذها على هذه ألاعمال؛ َّ‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫عليها؛ َّ‬ ‫الضرر‬ ‫فإنه ُيرتكب‬ ‫نفسه؛‬ ‫واملفسدة ضد املصلحة‪ ،‬وهي‬
‫القيام بمثل هذه ألامور ً‬ ‫َّ‬
‫ألاخف‪ ،‬وألاهون؛ إلزالة الضرر‬ ‫تفيد معنى َّ‬
‫الفرق بينها‪:‬‬ ‫ضررا أعظم من ضرر أخذ ألاجرة عليها‪،‬‬ ‫الضرر‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّأن تخصيص القاعدة ألاولى؛ ب َما إذا كان الض َرر ألاشد َو ً‬ ‫الضررين بارتكاب أخفهما‪ُ ،‬ويختار أهون َّ‬ ‫ُفير َاعى أعظم َّ‬ ‫ألاشد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اقعا‪،‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫الش َّرين‪.‬‬ ‫ولوحظ‪.‬‬‫روعي‪ :‬يعني‪ :‬ن ِّظر ِّ‬
‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َوأمكن إ َز َالته َّ‬ ‫الش َّرين‪ :‬يعني‪َّ :‬‬ ‫َّ‬
‫بالضرر ألاخف‪ ،‬ك َما ِّفي ألا ْم ِّثلة املسوقة ِّف َيها‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫‪َّ -4‬أنه إذا لم يمكن إنقاذ الجنين في بطن ألام الحامل‪ ،‬إال بشق‬ ‫الضررين‪.‬‬
‫الضرران‪َ ،‬ولم‬ ‫تعارض َّ‬ ‫وتخصيص القاعدتين ألاخريين؛ ب َما إذا َ‬ ‫بطنها‪ ،‬وكانت حياته مرجو ًة؛ َّ‬ ‫وقد ورد في عبارة أخرى للقاعدة‪:‬‬
‫ِّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫فإنه يجوز شق بطنها في هذه الحالة‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ا‬
‫َ‬
‫حدهما بعد‪.‬‬ ‫َيقع أ‬ ‫احية؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫تيسرت فيه العمليات الجر َّ‬ ‫الاَزمان الذي َّ‬ ‫وخاصة في هذا َّ‬ ‫الضررين)‪.‬‬‫أخف َّ‬ ‫( ُيختار‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ثم قال‪َ " :‬و َهذا أحسن من َد ْع َوى التك َرار؛ ِّإذ التأسيس أولى من‬ ‫َّ‬
‫الضرر في شق بطن ألام‪ُ ،‬فير َاعى‬ ‫لضرر في موت الولد أعظم من َّ‬ ‫ا َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫الضررين بارتكاب أخفهما‪ُ ،‬ويختار أهون َّ‬
‫التأ ِّكيد ِّإذا أمكن‪َ .‬وِّإلى هذا التخ ِّصيص ي ِّشير الت ْع ِّبير بـ( ُياَزال) ِّفي‬ ‫الش َّرين‪.‬‬ ‫أعظم َّ‬
‫َّ‬
‫ألاولى‪ ،‬وبـ(تعارض) ِّفي الثا ِّن َية"‪.‬‬
‫‪- 15 -‬‬
‫‪5‬‬
‫ضرر عام‬ ‫َّ‬ ‫ُ ا ا َّ‬
‫يتحمل الضرر الخاص لدفع ٍ‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫ألادلة على القاعدة‬ ‫معنى القاعدة‬

‫مثل إحدى صور مفهوم‬


‫ُ‬
‫هذه القاعدة ت ِّ‬
‫َ‬
‫جدارا‪ ،‬قد مال على الطريق العام‪ُ ،‬ويخش ى سقوطه على‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫لشخص‬ ‫الرَب َذة‪َ ،‬فإ َذا َأ َنا ب َأبي َذر ‪ -1‬لو َّ‬
‫أن‬ ‫ال‪َ :‬م َر ْر ُت ب َّ‬ ‫َّأنه إذا تقابل ضرران‪ ،‬وكان ما ورد َع ْن َزْي ِّد ْبن َو ْهب‪َ ،‬ق َ‬
‫ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬
‫َّ‬
‫ٍّ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ ُ ِّ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ ُ ِّ َّ ْ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫(الضرر ال ُياَزال‬ ‫املخالفة لقاعدة‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫أحدهما عاما‪ ،‬وآلاخر خاصا؛ ‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما أناَزلك من ِّزلك هذا؟ قال‪" :‬كنت ِّبالشأ ِّم‪ ،‬املارين؛ فإنه يشرع إجباره على هدم هذا الجدار؛ ألنه وإن كان فيه ضرر في‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫عام‪ُ ،‬وي َت َح َّمل َّ‬ ‫ضرر ٌ‬ ‫ضرر خاص‪ ،‬وما يقع باملارين ٌ‬ ‫اخ َت َل ْف ُت َأ َنا َو ُم َعاو َي ُة ‪ ‬في‪( :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ هدمه‪ ،‬إال َّأنه ٌ‬ ‫َّ‬
‫الضرر الخاص‪ْ َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫فإنه ُيرتكب‬
‫بمثله)‪ ،‬التي هي قيد لقاعدة‪( :‬الضرر‬ ‫الضرر الخاص‬ ‫ف‬
‫ُي َاَزال)؛ وذلك َّأنه إذا كان َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫إلزالة َّ‬
‫الضرر ال ُياَزال‬ ‫عام‪.‬‬ ‫ضرر ٍّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال ُم َع ِّاو َية ‪َ " :‬ن َاَزل ْت ِّفي أ ْه ِّل لدفع ٍّ‬
‫ُ‬ ‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)[التوبة‪َ ،"]33 :‬ق َ‬ ‫الضرر العام‪.‬‬
‫بمثله‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فإن مفهوم املخالفة من ذلك‪،‬‬ ‫ماجن [هو الذي ُي ِّعلم العوام الحيل الباطلة]‪ ،‬أو مبتدع‪ ،‬أو طبيب‬ ‫فت‬ ‫اك‪ -2 ،‬لو ُو ِّجد ُم ٍّ‬ ‫ان َب ْيني َو َب ْي َن ُه في َذ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الك َتاب"‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪"َ :‬ن َ َاَزل ْت ف َينا َوفيه ْم‪َ ،‬ف َك َ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫َّأنه ُياَزال بما هو أقل منه‪ ،‬ومن صور‬ ‫الدواب‪ ،‬وليس عنده‬ ‫يتقبل الكراء ‪-‬أي‪ :‬ألاجرة‪ ،-‬ويؤجر َّ‬
‫ِّ‬
‫جاهل‪ ،‬أو ُمكار ُمفلس [هو الذي َّ‬
‫ٍّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ُ َ ْ‬
‫وكتب ِّإلى عثمان ‪ ‬يشك ِّوني‪ ،‬فكتب ِّإلي عثمان‪" :‬أ ِّن اقدم‬
‫َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ َ ُْ‬
‫خاصا‪ ،‬وقد‬ ‫ًّ‬ ‫ذلك‪ :‬كون أحد َّ‬
‫الضررين‬ ‫كل واحد‬ ‫على‬ ‫ألنه وإن كان فيه ٌ‬
‫ضرر‬ ‫شرع الحجر عليهم؛ َّ‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫ِّ دواب] ونحوهم؛ َّ‬ ‫الن ُ‬ ‫املَد َين َة"‪َ ،‬ف َقد ْم ُت َها‪َ ،‬ف َك ُث َر َع َل َّي َّ‬
‫ِّ‬ ‫اس [يسألونه عن سبب خروجه من‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أفادت هذه القاعدة‪َّ :‬أنه ينبغي‬ ‫وتضييع أرواحهم‬ ‫دينهم‪،‬‬ ‫إفساد‬ ‫من‬ ‫اس؛‬ ‫ضرر خاص‪ ،‬وما يقع َّ‬
‫للن‬ ‫َ َّ َ َ َّ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ منهم‪ ،‬إال َّأنه ٌ‬
‫دمشق وعما جرى بينه وبين معاوية ‪ ،]‬حتى كأنهم لم يرو ِّني قبل‬
‫احتماله؛ لتقع به إزالة َّ‬ ‫ِّ‬
‫الضرر العام‪.‬‬ ‫في َت َح َّمل َّ‬ ‫ضرر عام‪ُ ،‬‬ ‫وأموالهم‪ٌ ،‬‬ ‫ْ ْ َ ََ َ‬ ‫ان‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫اك ل ُع ْث َم َ‬ ‫َذل َك‪َ ،‬ف َذ َك ْر ُت َذ َ‬
‫عام‪.‬‬
‫ٍّ ٍّ‬ ‫ضرر‬ ‫لدفع‬ ‫الخاص‬ ‫رر‬ ‫الض‬ ‫ال ِّلي‪ِّ " :‬إن ِّشئت تن َّح ْيت [اعتزلت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫عم َد إلى شراء ما يحتاج إليه َّ‬ ‫التجار َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ‪ -3‬لو َّأن بعض ُّ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫الناس من الطعام‪ ،‬فحبسه‬ ‫اك ال ِّذي أناَزل ِّني هذا املن ِّزل‪ ،‬ولو‬ ‫وتباعدت]‪ ،‬فك ْن َت ق ِّر ًيبا"‪" ،‬فذ‬
‫سمى الاحتكار]؛ َّ‬ ‫عنهم بقصد إغالئه عليهم ُ[ي َّ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فإنه يجب على ولي ألامر‪ ،‬أن يأمره‬ ‫أ َّم ُروا َعل َّي َح َب ِّش ًّيا ل َس ِّم ْعت َوأط ْعت"‪ .‬أخرجه البخاري‬
‫ُ‬ ‫للضرر عن َّ َّ‬ ‫الة َّ‬ ‫ً‬
‫عامة الناس‪ ،‬ويجوز لولي ألامر في هذه الحالة أن ي ِّ‬
‫سعر‬ ‫الرَب َذ ِّة [موضع على ثالث بالبيع؛ إز‬ ‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن انتقال أبي ذر ‪ ‬إلى َّ‬
‫ٍّ‬
‫ضررا على‬‫ً‬ ‫ألنه وإن كان فيه‬ ‫فيكرهه على البيع بقيمة املثل؛ َّ‬ ‫التاجر‪ُ ،‬‬ ‫على َّ‬ ‫َّ‬
‫مراحل من املدينة‪ ،‬فيه قبره ‪ ]‬ضرر خاص به؛ ملا يترتب عليه من‬
‫َّ‬ ‫خاص‪ ،‬وما يقع َّ‬ ‫ٌ‬ ‫التاجر‪ ،‬إال َّأنه ٌ‬ ‫َّ‬ ‫حرمانه من املكث في املكان الذي يرغبه‪ ،‬وفي بقائه في َّ‬
‫بالناس من الحاجة إلى الطعام‪ ،‬مع غالء‬ ‫ضرر‬ ‫الشام أو‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عام؛ ملا َّ‬ ‫ضرر ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ضرر ٍّ‬
‫عام‪.‬‬ ‫يترتب عليه من حدوث املنازعة لإلمام‪ ،‬سعره ضرر عام‪ ،‬فيتحمل الضرر الخاص لدفع ٍّ‬ ‫املدينة‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫يؤدي ذلك إلى‬ ‫فرجح عثمان ‪ ‬جانب دفع الضرر العام‪ ،‬على جانب دفع ‪ -4‬أن الكفار قد يتترسون بأسرى املسلمين في حال الحرب‪ ،‬وقد ِّ‬
‫الرمي إليهم في هذه الحالة‪ ،‬وإن كان‬ ‫إضرار باملسلمين‪ ،‬ما لو تركوا رميهم‪ ،‬فيجوز َّ‬ ‫الضرر الخاص‪ ،‬واحتمل أبو ذر ‪ ‬ذلك ً‬ ‫َّ‬
‫ٍّ‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫ٍّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضرر ٍّ‬
‫عام‪.‬‬ ‫فيه ضرر على أسرى املسلمين‪ ،‬ويتحمل الضرر الخاص لدفع ٍّ‬
‫‪- 16 -‬‬
‫‪6‬‬
‫درء املفاسد أولى من جلب املصالح‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫ألادلة على القاعدة‬
‫شروط إعمال القاعدة‬ ‫معنى القاعدة‬

‫( ﯣﯤ ﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪:‬‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬


‫ب‬ ‫أ‬
‫ﯱ)[البقرة‪.]202:‬‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن هللا ‪ ‬قد بين هنا أن في الخمر وامليسر إثما كبيرا ‪-‬وهو مفسدة‪ ،-‬وفيهما منافع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫غلبة املفسدة على املصلحة‪،‬‬
‫َّ‬
‫عدم إمكان الجمع بين دفع‬ ‫أمر من‬
‫ٌ‬
‫أنه إذا اجتمع في ٍّ‬
‫ٌ‬
‫درء‪ :‬أي‪ :‬دفع‪.‬‬
‫مصلحة‪ ،-‬إال َّأن مفسدتهما أعظم من مصلحتهما‪ ،‬وملَّا كان ألامر كذلك‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫فإنه لو غلبت‬ ‫ولذلك‬ ‫املفسدة‪ ،‬وجلب املصلحة‪ ،‬في‬ ‫املفاسد‪ :‬جمع مفسدة‪ ،‬وهي ضد ألامور مفسدة ومصلحة؛‬
‫حرمهما هللا‬ ‫للناس ‪-‬وهي‬ ‫َّ‬
‫املصلحة على املفسدة‪ ،‬أو‬ ‫ُّ‬
‫تصر ٍّف واحد‪.‬‬ ‫فإنه يجب تقديم إلاتيان‬ ‫املصلحة‪ ،‬وهي تفيد معنى‬
‫‪‬؛ من أجل دفع تلك املفاسد الغالبة‪.‬‬
‫الط ُر َقات» َق ُالوا‪َ :‬يا َر ُسولَ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫‪َ -2‬ع ْن َأبي َسعيد ْال ُخ ْدري ‪َ ،‬عن َّ‬ ‫تساوتا ‪-‬على القول بإمكان‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فإنه قد ُي َّعبر عنها باألمر على الوجه الذي يتأدى‬ ‫الضرر؛ ولذلك َّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫الن ِّب ِّي ‪ ‬قال‪ِّ « :‬إياكم والجلوس ِّفي‬ ‫ولذلك فإنه لو أمكن دفع‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫التساوي بينهما‪-‬؛ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫بالضرر‪ ،‬وقد ُي َّعبر عنها َّ‬
‫َ َ َ َ ْ ُ ْ َّ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ‬
‫هللا ‪« :‬ف ِّإذا أبيتم ِّإال املج ِّلس فأعطوا‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫ُ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬‫ق‬
‫َ َ َ ْ َ َ َ ُ ٌّ َ َ َ َّ ُ َ َ‬
‫ا‪،‬‬ ‫يه‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫س‬ ‫ال‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫فإنه ال ُيقال‬ ‫املفسدة‪ ،‬وجلب املصلحة؛‬ ‫وتجنب‬ ‫بالشر‪ ،‬به دفع املفسدة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫هللا ما ل ِّ‬
‫ا‬‫ن‬ ‫ِّ‬
‫َ َ َ ُّ ْ َ َ َ َ ُّ ْ َ َ َ َ ُّ َّ َ َ ْ َ‬
‫ألا ْمرُ‬ ‫الط ِّريق حقه» قالوا‪ :‬وما حق الط ِّر ِّيق؟ قال‪« :‬غض البص ِّر‪ ،‬وكف ألاذى‪ ،‬ورد السال ِّم و‬
‫َّ َ َ َّ ُ َ ُ َ َ َ ُّ َّ‬ ‫في الجملة بإعمال هذه‬ ‫واحد‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫وجه‬
‫باإلتيان بالفعل على ٍّ‬ ‫بالسيئة‪ ،‬وقد ُي َّعبر إلاتيان به على الوجه الذي‬ ‫وقد ُي َّعبر عنها َّ‬
‫القاعدة‪.‬‬ ‫فإنه ال ُيقال ُّ‬‫َّ‬ ‫يتأدى به تحصيل املصلحة‪.‬‬‫َّ‬
‫امل ْن َكر»‪َّ .‬‬ ‫َ َّ ْ ُ َ ْ ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫بتحقق إعمال هذه‬ ‫املؤدي إليها‪.‬‬
‫عنها بسببها ِّ‬
‫متفق عليه‬ ‫ِّ‬ ‫وف‪ ،‬والنهي ع ِّن‬ ‫ِّباملع ُر ِّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن َّ‬ ‫القاعدة‪.‬‬ ‫أولى‪ :‬أي‪ :‬أرجح وأحق بالتقديم‪،‬‬
‫جلوسا ال يحصل به أداء حق‬ ‫الن َّبي ‪ ‬نهى عن الجلوس في الطرقات‪ ،‬أوال‬
‫الطريق‪ ،‬والاشتغال بأحوال من ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ولذلك ورد في بعض ألفاظ‬
‫يمر فيه‪ ،‬وما يشتمل عليه‬ ‫تضييق‬ ‫مفسدة ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الطريق؛ ملا فيه من‬ ‫ْ َ‬ ‫النبي ‪َ ‬ق َ‬
‫ال‪َ « :‬و َب ِّال ْغ ِّفي ِّالا ْس ِّتنش ِّاق ِّإال أ ْن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َََْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يط ب ِّن صبرة ‪ ،‬ع ِّن ِّ ِّ‬ ‫اص ِّم ب ِّن ل ِّق ِّ‬ ‫‪ -4‬عن ع ِّ‬
‫القاعدة‪ ،‬التعبير بلفظ‪(ُ :‬م َّ‬
‫قدم)‪.‬‬
‫من مفاسد؛ كالغيبة‪ ،‬ووقوع البصر على ما يكره‪ ،‬أو يحرم النظر إليه‪ ،‬مع أنه قد يحصل‬ ‫صائ ًما»‪ .‬أخرجه أصحاب ُّ‬ ‫َُ َ َ‬
‫مصلحة ملن عمل بحقه‪ ،‬إال َّأن املفسدة أغلب؛ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫السنن‬ ‫تكون ِّ‬
‫مقابل للدرء‪ ،‬وأصله‬ ‫ٌ‬ ‫جلب‪:‬‬
‫مصلحة‪ ،‬ملا فيه من تحقيق أمر َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ألنها أقرب في الوقوع من‬ ‫بالجلوس في الطريق‬ ‫الشارع‪،‬‬ ‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن ُمطلق املبالغة في الاستنشاق‬ ‫َّ‬
‫مقد ًما على جلب املصالح‪.‬‬ ‫املصلحة هنا‪ ،‬فكان درء املفاسد َّ‬ ‫سبب لدخول املاء َّ‬ ‫ٌ‬
‫مفسدة؛ َّ‬ ‫موضع إلى‬
‫ٍّ‬ ‫إلاتيان بالش يء من‬
‫للصوم إلى جوفه‪ ،‬وقد‬ ‫الناقض َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ألنها‬ ‫وهي في حق َّ‬
‫الصائم‬ ‫َّ‬
‫َُ َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫موضع‪ ،‬واملراد به هنا‪ :‬التحصيل‪.‬‬
‫اوية ‪ِّ ‬في‪( :‬ﮂ ﮃ‬ ‫‪ -3‬ما ورد في القاعدة السابقة من قصة اختالف أ ِّبي ذ ٍّر ‪ ‬ومع ِّ‬ ‫نهى عنها َّ‬ ‫ٍّ‬
‫الن ِّب ُّي ‪ ‬في هذه الحالة‪ ،‬وفيه تقديم دفع املفسدة على جلب املصلحة‪.‬‬ ‫املصالح‪ :‬جمع مصلحة؛ وهي‪:‬‬
‫الن ُ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)[التوبة‪َ ،"]33 :‬ف َك ُث َر َّ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫‪َ -5‬ع ْن َأبي ُه َرْي َر َة ‪َ ،‬عن َّ‬
‫ذر يسألونه عن سبب‬ ‫اس على أبي ٍّ‬ ‫ان ق ْبلك ْم‬ ‫ال‪« :‬ذ ُر ِّوني ما تركتكم‪ ،‬ف ِّإنما هلك من ك‬ ‫الن ِّب ِّي ‪ ‬ق‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َّ‬
‫اك‬‫خروجه من دمشق وعما جرى بينه وبين معاوية ‪َ ،‬ح َّتى َك َأ َّن ُه ْم َل ْم َي َر ْوه َق ْب َل َذل َك‪َ ،‬ف َذ َك َر َذ َ‬ ‫املنفعة‪ ،‬وقد يعبر عنها باملنفعة‪َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َِّ ُ َ ْ َ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫وقد ُي َّعبر عنها بالحسنة‪ ،‬وقد ِّبكثر ِّة سؤ ِّال ِّهم واخ ِّتال ِّف ِّهم على أن ِّبي ِّائ ِّهم‪ ،‬ف ِّإذا أمرتكم ِّبش ي ٍّء فأتوا ِّمنه ما استطعتم‪ ،‬وِّإذا‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ان‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ل ُع ْث َم َ‬
‫ال له‪ِّ " :‬إ ْن ِّشئ َت ت َن َّح ْي َت [اعتزلت وتباعدت]‪ ،‬فك ْن َت ق ِّر ًيبا"‪ ،‬فذهب إلى الربذة‪ ،‬وبقي فيها‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ُُ َ ْ َ ََ ُ‬
‫ن َه ْيتك ْم عن ش ْي ٍّء فد ُعوه»‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم واللفظ ملسلم‬ ‫ُ َّ‬
‫املؤدي إليها‪.‬‬
‫يعبر عنها بسببها ِّ‬
‫إلى أن مات ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬
‫قيد اجتناب النهي‬ ‫وجه الدَللة‪ :‬أن الن ِّبي ‪ ‬قد قيد فعل ألامر باالستطاعة‪ ،‬ولم ي ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فدل على َّأن اعتناء َّ‬ ‫طل ًقا؛ َّ‬ ‫ُ َ‬
‫بث علمه لطالب العلم‪ ،‬وفيه‬ ‫ذر ‪ ‬في املدينة مصلحة؛ تتمث ُل في ِّ‬ ‫وجه الدَللة‪ :‬أن في بقاء أبي ٍّ‬ ‫الشرع باجتناب املنهيات‪ ،‬أشد من‬ ‫بذلك‪ ،‬بل أمر باجتنابه م‬
‫الشديد في هذه املسألة‪َّ ،‬‬ ‫تتمث ُل في ألاخذ بمذهبه َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فرجح عثمان ‪ ‬جانب دفع املفسدة‬ ‫مفسدة؛‬ ‫أمر مفسدة ومصلحة‪ ،‬وجب تقديم‬ ‫اعتنائه بفعل املأمورات‪ ،‬ولذلك فمتى اجتمع في ٍّ‬
‫على جلب املصلحة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ألنه من اجتناب املنهيات‪ ،‬وهو أولى من جلب املصلحة؛ ألنه من‬ ‫جانب درء املفسدة؛ َّ‬
‫فعل املأمورات‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ا‬
‫(سد الذرائع)‪ ،‬فإنه يمكن إيراده هنا‪.‬‬
‫وفي الجملة‪ :‬فجميع ما يذكر من أدل ٍة ملبدأ ِ‬
‫‪- 17 -‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬


‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ذكر قواعد أخرى تتفق مع مضمون القاعدة‬ ‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬

‫هذه القاعدة ُتفيد َّأنه يجب أن ُي َ‬


‫سعى‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫ترة من الرجال؛ َّ‬ ‫ُ ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن امر ًأة وجب عليها ُغ ٌ‬
‫ب‬ ‫أ‬ ‫شرع لها‬ ‫ِّ‬ ‫سل‪ ،‬ولم تجد س‬
‫إذا تعارض املانع واملقتض ي‪ُ ،‬ي َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫الغ ْسل مصلحة‪ ،‬إال َّأن في ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الغ ْسل؛ َّ‬ ‫ُ‬
‫إذا اجتمع الحالل والحرام‪ ،‬أو املبيح‬ ‫قدم‬ ‫الضرر‪ ،‬حتى وإن قابل‬ ‫في إزالة‬ ‫تكشف املرأة للغ ْسل أمام‬ ‫ألنه وإن كان‬ ‫تأخير‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫واملحرم؛ غ ِلب الحرام‬ ‫املقتض ي أعظم‬ ‫ِ‬ ‫املانع‪ ،‬إَل إذا كان‬ ‫مصلحة‪ ،‬ما دام أن مفسدة العمل معه‬ ‫الرجال مفسدة أعظم‪ ،‬ودرء املفاسد أولى من جلب املصالح‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫أعظم وأشد‪ ،‬وهذا َّيت ِّفق مع مضمون‬ ‫ٌ‬
‫للمحرم مصلحة‪ ،‬وفيه مفسدة؛ وهي‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫الشعر في الوضوء والغ ْسل‬ ‫‪َّ -2‬أن في تخليل َّ‬
‫ِّ‬
‫عموم ما أفادته القاعدة الكبرى؛ حيث‬ ‫ٌ‬ ‫الشعر‪ ،‬وألاخذ من َّ‬ ‫مظن ًة إلسقاط َّ‬ ‫كونه َّ‬
‫املانع‪ :‬أي‪ :‬املفسدة‪.‬‬ ‫محظور في حال إلاحرام‪ ،‬وهذه‬ ‫الشعر‬
‫املقتض ي‪ :‬أي‪ :‬املصلحة َّ‬ ‫أفادت وجوب إزالة َّ‬
‫الضرر‪ ،‬بمنعه قبل‬ ‫شرع للمحرم تخليل شعره؛ َّ‬ ‫املفسدة أغلب‪ ،‬لذلك ال ُي َ‬
‫الداعية إلى الفعل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ألن درء املفاسد أولى من‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫وقوعه‪ ،‬أو رفعه بعد الوقوع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫نف ُر وتمنع‬ ‫مفسدة‪ ،‬ت ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ومعنى هذا‪َّ :‬أنه إذا اشتمل العمل على‬ ‫جلب املصالح‪.‬‬
‫أمثلة للقاعدة‪،‬‬
‫ما ذ ِّكر من ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ومصلحة تدعو إليه؛ فإنه يرجح جانب املنع؛ إذ إن درء‬‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫منه‪،‬‬ ‫يبني في م ِّلكه بناءا مرتفعا‪ ،‬ويحصل بهذا البناء منع‬ ‫‪ -3‬لو أن شخصا أراد أن ِّ‬
‫يصلح مثاال لهاتين القاعدتين‪.‬‬ ‫ٍّ‬
‫منع من ذلك؛ َّ‬ ‫والشمس عن جاره‪ ،‬فقد قال بعض أهل العلم‪َّ :‬إنه ُي َ‬ ‫الهواء َّ‬
‫املفاسد أولى من جلب املصالح‪.‬‬ ‫ألن‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫تقدم ذكره‬ ‫الشرط الذي َّ‬ ‫إَل إذا كان املقتض ي أعظم‪ :‬إشارة إلى َّ‬
‫ِ‬ ‫البناء وإن كان مصلحة‪ ،‬إال َّأنه قد عارضه مفسدة أرجح منه‪ ،‬وهو منع الهواء‬
‫َّ‬
‫في شرطي إعمال القاعدة؛ وهو‪( :‬غلبة املفسدة على املصلحة)‪.‬‬ ‫والشمس عن الجار‪ ،‬ودرء املفاسد أولى من جلب املصالح‪.‬‬
‫ُ‬ ‫شيئا؛ كاملطبعة واملخرطة‪َّ ،‬‬ ‫شخصا أ اد أن ُيحدث في ُملكه ً‬ ‫‪ -4‬لو َّأن‬
‫فإنه ُيقال في‬ ‫وهذا يعني‪َّ :‬أنه لو غلبت املصلحة على املفسدة؛ َّ‬ ‫يحصل‬ ‫فإنه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً ر‬
‫الجملة بإعمال هذه القاعدة‪ ،‬كما َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ضرر من خالل عملها بالهاَز أو َّ‬ ‫بها ٌ‬
‫تقدم‪.‬‬ ‫الدق‪ ،‬وهذه مفسدة أرجح من مصلحة انتفاعه‬ ‫ِّ‬
‫ألن درء املفاسد أولى من جلب املصالح‪.‬‬ ‫بتلك ألاعيان‪ ،‬فيمنع من إحداثها؛ َّ‬
‫قريبة من بئر جاره‪ ،‬فذهب ماء بئر الجار‪َّ ،‬‬ ‫ً‬
‫‪7‬‬ ‫فإن في بقاء‬ ‫شخصا حفر ً‬
‫بئرا‬ ‫ً‬ ‫‪ -5‬لو َّأن‬
‫في بيان ميزان املفاضلة في املصالح واملفاسد‬ ‫ٌ‬ ‫هذه البئر َ‬
‫املحدثة مفسدة أعظم من مصلحة انتفاع صاحبها بها‪ ،‬ولذلك قال‬
‫املحدثة؛ َّ‬ ‫تط َّم هذه البئر َ‬ ‫َ‬ ‫بعض أهل العلم‪َّ :‬إنه ُ‬
‫ألن درء املفاسد أولى من‬ ‫يلاَزم أن‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ألاهمية؛ إذ َّ‬‫َّ‬ ‫شك َّأن معرفة مراتب املصالح واملفاسد‪ٌ ،‬‬ ‫ال َّ‬ ‫جلب املصالح‪.‬‬
‫يترتب عليه إمكان الترجيح بينها‪ ،‬في حال التزاحم‬ ‫أمر في غاية‬
‫فإن تت ُّبع‬ ‫التفاضل في سائر ألاعمال‪ ،‬ولذلك َّ‬ ‫والس َّنة‪ ،‬فهما اللذان ُيقرران ميزان َّ‬‫والتعارض‪ ،‬وال يكون ذلك إال عن طريق القرآن ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫التعارض‪ ،‬وإهمال هذه ُّ‬ ‫قدم من املصالح أو املفاسد عند َّ‬ ‫الشرع واستقراءها‪ُ ،‬يفيد في معرفة ما ُيمكن أن ُي َّ‬ ‫نصوص َّ‬
‫النصوص‪،‬‬
‫الطريق َّ‬ ‫َّ‬ ‫صحة الحكم في هذه الحال؛ َّ‬ ‫سبب لعدم َّ‬ ‫أو الجهل بها؛ ٌ‬
‫الصحيح‪ ،‬في املوازنة‬ ‫ألن الغالب هنا هو حصول الانحراف عن‬
‫َّ‬
‫والترجيح‪.‬‬
‫َّ‬ ‫فوض إليه وظيفة املوازنة‪ ،‬بين املصالح واملفاسد في أحكام َّ‬ ‫فإن الذي يمكن أن ُي َّ‬ ‫ولهذا َّ‬
‫الشرع‪ ،‬هو العالم املجتهد الذي اطلع‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وتشبع َّ‬
‫َّ‬ ‫أدلة َّ‬ ‫َّ‬
‫والخاصة‪ ،‬وال حظ في هذا ملن فقد هذه‬ ‫العامة‬ ‫بالنظر في تعليالت أحكامه‪ ،‬ومقاصدها‬ ‫الشرع واستوعبها‪،‬‬ ‫على‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫املنزلة‪ ،‬اللهم إال إذا كان في مصلحة أو مفسدة فردية دنيوية‪ ،‬فربما يوكل إلى من وقعت له‪ ،‬أو له الخبرة بأمر املوازنة فيها‪.‬‬
‫‪- 18 -‬‬
‫‪8‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫الصور التي خرجت بمراعاة الشرط الثاني للقاعدة‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫تساوي املصالح واملفاسد‬ ‫غلبة املصالح على املفاسد‬

‫الحكم في هذه الحالة‪َّ :‬أنه يجب‬


‫ب‬ ‫أ‬ ‫تحصيل املصالح الغالبة َّ‬
‫الراجحة‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫َّأن تساوي املصالح واملفاسد من‬ ‫الصورة موجودة وواقعة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّأن هذه‬ ‫عبرة باملفاسد املرجوحة‪.‬‬
‫موجود وال واقع‪،‬‬ ‫وجه غير‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ٍّ‬ ‫كل ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫تحققها في تعارض‬ ‫ويمكن فرض‬ ‫الصورة‬ ‫ألادلة على هذه ُّ‬
‫بل َّإما أن َّ‬
‫تترجح املفسدة‪ ،‬وإماَّ‬ ‫َّ‬
‫الواجبات واملحرمات‪ ،‬أو املندوبات‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫أن َّ‬ ‫ص َبأنا‬ ‫يد ِّإلى َب ِّني َج ِّذ َيمة‪ ،‬فل ْم ُي ْح ِّس ُنوا أ ْن َي ُقولوا أ ْسل ْم َنا‪ ،‬ف َقالوا‪:‬‬ ‫‪ -1‬بعث الن ِّب ُّي ‪ ‬خ ِّالد بن الوِّل ِّ‬
‫تترجح املصلحة‪.‬‬ ‫واملكروهات‪ ،‬بحيث تتساوى مصلحة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫َّ‬ ‫ص َبأنا‪ ،‬ف َج َع َل خ ِّال ٌد َي ْق ُت ُل َو َيأ ِّس ُر‪َ ،‬و َدف َع ِّإلى ك ِّل َر ُج ٍّل ِّم َّنا أ ِّس َير ُه‪ ،‬فأ َم َر ك َّل َر ُج ٍّل ِّم َّنا أ ْن َي ْق ُت َل أ ِّس َير ُه‪،‬‬
‫املحرم‪ ،‬ومصلحة‬ ‫الواجب مع مفسدة‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫الله َال َأ ْق ُت ُل َأسيري‪َ ،‬و َال َي ْق ُت ُل َر ُج ٌل م ْن َأ ْ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ َّ‬
‫ال‪« :‬الل ُه َّم‬ ‫ص َح ِّابي أ ِّس َير ُه‪ ،‬فذك ْرنا ذ ِّل َك ِّل َّلن ِّب ِّي ‪ ‬فق‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫فقلت‪ :‬و ِّ‬
‫املندوب مع مفسدة املكروه‪.‬‬ ‫َْ ُ َ َ‬
‫َ‬
‫يد» َم َّرت ْي ِّن‪ .‬أخرجه البخاري‬ ‫َََ َ ُ ْ ُ َ‬
‫ِّإ ِّني أب َرأ ِّإل ْيك ِّم َّما صنع خ ِّالد بن الو ِّل ِّ‬
‫َّ‬ ‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن َّ‬
‫الن َّبي ‪ ‬قد غلب مصلحة تولية خالد ‪ ‬للحرب‪ ،‬على مفسدة ما يقع فيه من‬
‫تجاوزات‪.‬‬
‫َّ‬ ‫يتبع في َّ‬
‫الصفحة التالية‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫‪ -2‬أن النبي ‪ ‬رمى أهل الط ِّائ ِّف ِّباملنج ِّن ِّ‬
‫يق‪ .‬أخرجه ابن هشام‪ ،‬وقال الاَزيلعي‪" :‬ذكره الترمذي في الاستئذان‬
‫ً‬
‫معضال‪ ،‬ولم يصل سنده به"‪.‬‬
‫قصدون بالقتال‪ ،‬وفيه‬‫ممن ال ُي َ‬‫والصبيان‪َّ ،‬‬
‫النساء ِّ‬‫الرمي باملنجنيق فيه مفسدة قتل ِّ‬‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن َّ‬
‫ُ‬
‫ورد كيدهم‪ ،‬وهذه املصلحة أعظم؛ لذلك غ ِّلبت على املفسدة‪.‬‬ ‫مصلحة قتال الكفار‪ ،‬وقهرهم‪ِّ ،‬‬
‫َّ‬
‫قصة أصحاب ألاخدود‪ ،‬وفيها أن الغالم أمر بقتل نفسه‪ .‬أخرجه مسلم‬ ‫‪ -3‬ما ورد في َّ‬
‫ٌ‬ ‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن قتل َّ‬
‫كبير من‬
‫عدد ٍّ‬‫الدين‪ ،‬وإنقاذ ٍّ‬‫محر ٌم‪ ،‬وهو مفسدة‪ ،‬لكن مصلحة ظهور ِّ‬ ‫النفس َّ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫املسلمين مصلحة‪ ،‬وهذه املصلحة أعظم؛ لذلك غ ِّلبت على املفسدة‪.‬‬
‫من أمثلة هذه ُّ‬
‫الصورة‬

‫َّ‬ ‫ً‬
‫سدد‬ ‫ُ‬
‫شخصا مات أبوه وعليه دين‪ ،‬وقد ترك ألاب ماال فيه شبهة؛ فإنه يجب على الولد أن ي ِّ‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬
‫ألن َّ‬ ‫ً‬
‫مرتهنة؛ َّ‬ ‫الدين الواجب من املال املشتبه‪ ،‬وال يدع َّ‬ ‫هذا َّ‬
‫املشتبه‬
‫ِّ‬ ‫السداد من املال‬ ‫ذمة أبيه‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫مفسدة‪ ،‬وقضاء َّ‬ ‫ٌ‬
‫الدين مصلحة‪ ،‬وهذه املصلحة أعظم؛ لذلك ُيغلب جانب جلب املصلحة على‬
‫جانب درء املفسدة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫‪َّ -2‬أن استجداء َّ‬
‫الناس وسؤالهم املال فيه مفسدة‪ ،‬والتكسب من املال الذي فيه شبهة‪ ،‬أو دناءة؛‬
‫ً‬
‫عالة على َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫الناس؛ لذلك‬ ‫كالحجامة ‪-‬مثال‪ ،-‬فيه مصلحة‪ ،‬وهذه املصلحة أعظم من مفسدة البقاء‬
‫َّ‬
‫ُيغلب جانب جلب املصلحة على جانب درء املفسدة‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪- 19 -‬‬
‫تساوي املصالح واملفاسد‬
‫اختلفت العلماء في وجودها على رأيين‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫أن تساوي املصالح واملفاسد من كل وجه غير موجود وَل واقع‪ ،‬بل َّإما أن َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫تترجح‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الصورة موجودة وواقعة‪ ،‬ويمكن فرض‬ ‫أن هذه‬
‫وإما أن َّ‬
‫املفسدة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫تترجح املصلحة‪.‬‬ ‫واملحرمات‪ ،‬أو املندوبات‬ ‫تحققها في تعارض الواجبات‬
‫السعادة» َّ‬
‫وهذا اختاره (ابن القيم) في كتابه «مفتاح دار َّ‬
‫وتبناه‪ ،‬ولم ينسبه ألحد‪.‬‬ ‫واملكروهات‪ ،‬بحيث تتساوى مصلحة الواجب مع‬
‫َّ‬
‫املحرم‪ ،‬ومصلحة املندوب مع مفسدة املكروه‪.‬‬ ‫مفسدة‬
‫استدل به ابن القيم هنا‪َّ :‬أن املصلحة واملفسدة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ومما‬
‫وحينئذ‬
‫ٍّ‬ ‫مؤثران‪ ،‬يتدافعان ويتصادمان‪،‬‬ ‫إذا تقابلتا فهما ِّ‬ ‫اختلف العلماء في ُ‬
‫الحكم هنا على ثالثة أقوال‬
‫ال يخلو أمرهما من ثالثة احتماالت‪:‬‬

‫ج‬ ‫ب‬ ‫أ‬


‫ج‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أن َ‬ ‫َّأن ألامر يختلف بحسب ألاحوال؛ فتارة قد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫أن درء املفسدة مقدم على جلب أن جلب املصلحة مقدم على درء املفسدة؛ ويفهم‬ ‫َّ‬
‫أن َ‬ ‫كل من‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫يقهر أحدهما آلاخر؛‬ ‫يمت ِّنع وجود كل‬ ‫أن يقع أثر ٍّ‬ ‫يقع ترجيح املصلحة‪ ،‬وتارة قد يقع ترجيح‬ ‫بأنه إذا تعارض‬ ‫هذا القول من تصريح (الاَزركش ي)‪َّ :‬‬
‫املصلحة؛ فإذا تعارض فعل واجب‪،‬‬
‫وحينئذ يصير ُ‬
‫الحكم‬ ‫واحد من ألاثرين‪ ،‬وهذا‬ ‫املؤثرين‪ ،‬وهذا ُم ٌ‬
‫حال؛‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫قدم الواجب‪ ،‬كما ذكر أنَّ‬ ‫فإنه ُي َّ‬ ‫الواجب واملحظور؛ َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫خيير بينهما‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫املحرم على‬ ‫َّ‬ ‫محرم؛ ق ِّدم ترك‬ ‫وترك‬
‫ٌ‬ ‫ُممتن ٌع؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫املفسدة‪ ،‬وتارة قد يقال بالت ِّ‬
‫للغالب‪ ،‬وهذا الاحتمال‬ ‫ترجيح‬ ‫ألن هذا‬ ‫ألن ألاثرين سيتصادمان‬ ‫َّ ُّ‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫بالتوقف‪.‬‬ ‫وتارة قد ُيقال‬ ‫فعل الواجب‪ ،‬وإذا تعارض مستحب قول ألاصوليين‪" :‬إذا اختلط الحالل بالحرام‪ ،‬وجب‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫تعين‪ ،‬فينبغي‬‫هو امل ِّ‬ ‫ألحد ألامرين الجائاَزين‬ ‫محل واحد‪.‬‬
‫في ٍّ‬ ‫ومكروه؛ ُق ِّدم ترك املكروه على فعل اجتناب الحالل"؛ موضعه في الحالل املباح‪َّ ،‬أما إذا‬
‫وهذا القول مال إليه (العاَز بن عبد السالم)‪،‬‬
‫املصير إليه‪.‬‬ ‫بدون ُم َر ِّجح‪.‬‬ ‫وع َي مصلحة الواجب‪.‬‬ ‫َّ ُ‬
‫باملحرم‪ ،‬ر ِّ‬ ‫الرأي‪ :‬اختلط الواجب‬ ‫صرح باألخذ بهذا َّ‬ ‫املستحب‪َّ .‬‬
‫و(العالئي)‪ ،‬وتابعه (الحصني)‪ ،‬وهو الذي‬ ‫ُ ٌَ‬
‫َّ‬
‫وكالم الاَزركش ي هنا مطلق يشمل حال التساوي‬ ‫(املقري)‪ ،‬و(ابن ُّ‬
‫يظهر في اختيار (شيخ إلاسالم ابن َّ‬
‫تيمية)‪.‬‬ ‫السبكي)‪.‬‬
‫ُ‬
‫اعت ِرض على هذا القول؛ بالوقوع‬ ‫َّ‬
‫فإن َّ‬
‫ومن املعلوم َّأن الوقوع دليل الجواز؛ َّ‬ ‫ٌ‬
‫ستدل باألدلة التي سبقت وغيرها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُويمكن أن ُي‬
‫الناس من تتساوى حسناته وسيئاته‪ ،‬فيبقى على‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الثواب والعقاب في حقة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫الجنة َّ‬
‫ألاعراف بين َّ‬ ‫الصواب؛ بحيث‬ ‫في (صورة غلبة املفاسد على واستدل‪ :‬بأن النبي ‪ ‬مر بمجلس فيه أخالط من وهذا القول هو ألاقرب إلى َّ‬
‫فإن حسناته َّ‬
‫قصرت به‬ ‫والنار؛ لتقابل مقتض ى‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫أن املشركين واملسلمين‪ ،‬فسلم عليهم‪.‬‬ ‫تدل بعمومها على َّ‬ ‫املصالح)؛ فهي ُّ‬
‫قصرت به عن دخول َّ‬ ‫النار‪ ،‬وسيئاته َّ‬‫عن دخول َّ‬ ‫يختلف الحكم باختالف الوقائع‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الجنة‪.‬‬ ‫بي ‪ ‬محتمل لتحقيق‬ ‫النظر إلى جانب املفاسد هو ألاولى‪ ،‬في وجه الدَللة‪ :‬أن فعل الن ِّ‬ ‫َّ‬
‫وقد أطال (ابن القيم) في الجواب عن هذا الاعتراض بجوابين إجمالي وتفصيلي‪.‬‬ ‫وألاشخاص‪ ،‬وألاحوال‪ ،‬ومن أمثلة هذا‪َّ :‬أن‬ ‫السالم على املسلمين‪ُ ،‬ومحتملٌ‬ ‫املصلحة؛ وهي َّ‬
‫املعروف واملنكر املتالزمان قد يتكافآن‪،‬‬
‫بالسالم‪ ،‬وهما‬ ‫الكفار َّ‬ ‫حال اجتماعها مع املصالح‪ ،‬ما دام لتحقيق املفسدة؛ وهي ابتداء َّ‬
‫والذي يظهر رجحانه هو َّأن الخالف هنا قد يؤول إلى اللفظ؛ وذلك َّأن قصد (ابن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫وحينئذ قد يقال بصالحية ألامر‪ ،‬وقد يقال‬ ‫ٍّ‬ ‫قدم َّ‬
‫الن ُّ‬ ‫ومن أظهر أمران متساويان‪ ،‬ومع ذلك َّ‬ ‫غالبة‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫َّأن املصالح غير‬
‫َّ‬ ‫تحصيل‬ ‫‪‬‬ ‫بي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ألادلة قول َّ‬‫َّ‬
‫مكن‬ ‫ُ‬
‫تغلب إحداهما ألاخرى‪ :‬أنه ال ي ِّ‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫قيم) من أن املصلحة أو املفسدة ال بد أن ِّ‬ ‫ال َّ‬ ‫َّ‬
‫صالحيتهما‪.‬‬ ‫النهي‪ ،‬وقد ُيقال بعدم‬ ‫بصالحية َّ‬
‫َّ‬ ‫الن ِّب ِّي ‪« :‬ف ِّإذا أ َم ْرتك ْم‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ املصلحة على دفع املفسدة‪.‬‬ ‫َُْ‬ ‫َ‬
‫َّ ُ‬ ‫ِّبش ْي ٍّء فأتوا ِّمنه ما استطعت ْم‪ ،‬وِّإذا‬
‫مكن تساويهما في نظر املجتهد‪.‬‬ ‫بطل إحداهما ألاخرى في الواقع‪ ،‬وال يقول بأنه ي ِّ‬‫أن ت ِّ‬
‫فالتساوي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫تقدم‬ ‫وه»‪ ،‬وقد َّ‬ ‫َن َه ْي ُت ُك ْم َع ْن َش ْيء َف َد ُع ُ‬
‫وأصحاب القول ألاول‪ ،‬وإن قالوا بالتساوي بين املصلحة واملفسدة؛‬ ‫ٍّ‬
‫يتبين له رجحان إحداهما‬ ‫والتضاد في نظر العالم‪ ،‬بحيث ال َّ‬ ‫التعارض َّ‬
‫عندهم يعني َّ‬ ‫الاتفاق ‪-‬فيما يظهر‪ -‬على َّأنه ال ُيمكن تساوي املصلحة واملفسدة في الواقع‪ ،‬بحيث‬ ‫فحصل ِّ‬ ‫وجه الاستدالل منه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ى َّ َّ‬ ‫بطل ٌّ‬ ‫ُ‬
‫بطل ألاخرى في الواقع‪.‬‬ ‫على ألاخرى‪ ،‬وال يقولون بأن كال من املصلحة واملفسدة ت ِّ‬ ‫املجتهد‪ ،‬فعليه أن يطلب‬ ‫ِّ‬ ‫وأن التساوي قد يقع في نظر العالم‬ ‫كل منهما ألاخر ‪،‬‬ ‫ت ِّ‬
‫والت ُّثبت‪ ،‬حتى يصل إلى ما يرى َّأنه َّ‬
‫والتحري‪َّ ،‬‬ ‫والت ُّأمل‪َّ ،‬‬ ‫النظر‪َّ ،‬‬ ‫الترجيح باَزيادة َّ‬ ‫َّ‬
‫الصواب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫القاعدة الكبرى الخامسة‬ ‫‪- 20 -‬‬

‫َّ‬
‫العادة ُمحكمة‬
‫مكانة هذه القاعدة وأهميتها‬ ‫‪1‬‬

‫صياغة هذه القاعدة‬ ‫‪2‬‬

‫معنى القاعدة‬ ‫‪3‬‬


‫َّ‬
‫ألادلة على القاعدة‬ ‫‪4‬‬

‫مجال تحكيم العادة‪ ،‬وإعمال القاعدة‬ ‫‪5‬‬

‫أقسام العرف والعادة‬ ‫‪6‬‬


‫َّ‬
‫التعارض في العادة والعرف‬ ‫‪7‬‬

‫شروط اعتبار العادة والعرف‬ ‫‪8‬‬


‫املتفرعة عنها‬
‫ِ‬ ‫القواعد‬ ‫‪9‬‬

‫َّ‬
‫الناس َّ‬
‫حجة يجب العمل بها‪.‬‬ ‫استعمال‬ ‫‪1‬‬
‫ُ‬
‫الحقيقة ت اترك بدَللة العادة‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫َّ‬ ‫َّ ُ ا‬
‫إنما تعت ابر العادة إذا اطردت أو غلبت‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪2‬‬
‫العبرة للغالب الشائع َل للنادر‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫الكتاب كالخطاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫إلاشارات املعهودة لألخرس كالبيان باللسان‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫املعروف عرفا كاملشروط شرطا‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫عيين‬ ‫عي ي ي ي ي ي ييين ب ي ي ي ي ي ييالعرف ك ي ي ي ي ي ييالت ِ‬
‫الت ِ‬ ‫‪8‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫املعروف بين الت َّجار كاملشروط بينهم‪.‬‬ ‫بالنص‪.‬‬ ‫‪9‬‬
‫تغير ألاحكام ُّ‬ ‫نكر ُّ‬ ‫ُ ا‬
‫بتغير ألازمان‪.‬‬ ‫َل ي‬ ‫‪11‬‬
‫القاعدة الكبرى الخامسة‬ ‫‪- 21 -‬‬

‫َّ ٌ‬ ‫ُ‬
‫العادة ُم احك امة‬

‫‪3‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫القاعدة‬
‫معنى ‪1‬‬
‫‪2‬‬ ‫مكانة هذه القاعدة وأهميتها‬
‫صياغة هذه القاعدة‬

‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬


‫املبكر ألحكام هذه‬ ‫بالرغم من وجود التطبيق العملي ِّ‬ ‫َّأن هذه القاعدة من َّأن لهذه القاعدة صلة بعلم‬
‫عادات وعوائد‪ ،‬مأخوذة من َ‬ ‫َّ‬
‫الع ْود؛ وهي‬ ‫ٍّ‬ ‫جمع على‬ ‫العادة‪ :‬لغة‪ :‬لفظ مفرد‪ُ ،‬ي َ‬ ‫الصيغة في مدونات القواعد‬ ‫القاعدة‪ ،‬إال أن ذكرها بهذه ِّ‬ ‫الفقهية ذات ألاثر أصول الفقه؛ وذلك باعتبارها‬ ‫َّ‬ ‫القواعد‬
‫َّأن العادة ‪-‬بحسب معناها‬ ‫الش يء‪ ،‬والاستمرار فيه‪ ،‬حتى يصير َّ‬ ‫َّ‬ ‫تعني‪َّ :‬‬ ‫كثيرا‪ ،‬على َّأننا نلحظ أنه قد ورد ذكر‬
‫َّ‬ ‫تأخر ً‬ ‫الفقهية قد َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫سجية‪ ،‬وهذا املعنى يقتض ي‬ ‫التمادي في‬ ‫الواسع في أحكام الفقه؛ من أدلة الفقه‪ ،‬أو أنها تشبه‬
‫فوض‬ ‫مرجعا‪ُ ،‬ي َّ‬
‫ً‬ ‫املتقدم‪ُ -‬ت َ‬
‫جع ُل‬ ‫وجود َّ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫التكرار في ألامر َّ‬ ‫َّ‬
‫مرة بعد أخرى‪.‬‬ ‫بألفاظ تشير إلى مضمونها‪ ،‬باعتبارها‬ ‫ٍّ‬ ‫هذه القاعدة‪،‬‬ ‫ترت ِّبط هذه القاعدة أدلة الفقه؛ من حيث َّإنها‬ ‫َ‬
‫حيث‬
‫إليه إثبات ألاحكام أو نفيها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تكر ًرا َي ُ‬
‫مرة بعد أخرى‪ُّ ،‬‬ ‫تكرر ألامر َّ‬ ‫اصطالحا‪ُّ :‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫الاتفاق‪.‬‬
‫خرج عن كونه واقعا بطريق ِّ‬ ‫قاعدة لدى (الكرخي) في أصوله؛ فقد ورد فيها قوله‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بتحكيم العرف‪ ،‬الذي يعد يقض ى بها في جاَزئياتها كأنها دليل‬ ‫ُ‬
‫واشتمل هذا َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ ُ َّ َ َ َ ُّ َ‬ ‫َ‬
‫التعريف على ثالثة أمور‪:‬‬ ‫السؤ ِّال َي ْج ِّر ْي َعلى َح ْس ِّب َما ت َع َارف‬ ‫"ألاصل‪ :‬أن جواب‬ ‫لكثير من ألاحكام على ذلك الجاَزئي‪ ،‬ومن حيث‬ ‫َ‬
‫ُمست َن ًدا‬
‫يعتاده الفرد من َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍّ‬
‫الناس في شؤونه الخاصة؛ كعادته في أكله وشربه‬ ‫‪ -0‬ما‬ ‫ك ُّل ق ْو ٍّم ِّف ْي َمك ِّان ِّه ْم"‪.‬‬ ‫العملية في شتى أبواب صلتها باالستدالل؛ حيث ُي َع ُّد‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫وحديثه‪ ،‬ويسمى هذا العادة الفردية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ثم وردت عند بعض العلماء إلاشارة إلى مضمونها‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الفقه‪ ،‬وله سلطانه في تحكيم العوائد من أدلة الشرع‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫بألفاظ ُمتقاربة‪ ،‬تنحو َ‬
‫عقلي‬
‫ٍّ‬ ‫جاه‬
‫‪ -2‬ما تعتاده الجماعة والجماهير من الناس مما ينشأ في ألاصل عن ِّات ٍّ‬ ‫منحى الخبر املحض؛ كقولهم‪:‬‬ ‫ِّ ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫كيفية تطبيق عند بعض العلماء‪ ،‬أو َّأنها‬ ‫َّ‬ ‫الكشف عن‬
‫(العرف) عند بعضهم‪.‬‬ ‫وتفكير‪ ،‬وهو ما يعنيه لفظ ُ‬ ‫ُّ‬
‫"الرجوع إلى العرف في مسائل كثيرة"‪ ،‬و‪" :‬الرجوع إلى‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫ألاحكام على اختالف كاشفة عن حكم الشرع عند‬
‫الثمار في‬ ‫‪ -3‬ألامر املتكرر َّ‬ ‫العادة"‪ ،‬ونحوه‪.‬‬
‫طبيعي؛ كإسراع البلوغ‪ ،‬ونضج ِّ‬‫ٍّ‬ ‫سبب‬
‫ٍّ‬ ‫الناش يء عن‬ ‫ِّ‬ ‫بعضهم آلاخر‪.‬‬ ‫ألاحوال‪.‬‬
‫الحارة‪.‬‬‫َّ‬ ‫البالد‬ ‫و(السيوطي) هو َّأول من ذكر هذه القاعدة بهذه‬
‫َّ‬ ‫الصيغة‪َّ ،‬‬
‫ُم احك امة‪ :‬لغة‪ :‬املنع والفصل والقضاء‪.‬‬ ‫ثم تتابع العلماء بعد ذلك في إيرادها على نحو‬ ‫ِّ‬
‫النزاع‪.‬‬ ‫ً َّ‬ ‫ما ذكر‪.‬‬
‫اصطالحا‪ :‬أنها املرجع عند ِّ‬
‫َّ‬ ‫الصيغة وردت في مدونات‬ ‫ولفظ هذه القاعدة بهذه ِّ‬
‫املرجعية‬ ‫تفاوتت مواقف العلماء في تحقيق مناط هذه‬ ‫َّ‬
‫أصول الفقه‪ ،‬قبل ورودها في مدونات القواعد الفقهية‪،‬‬
‫قاعدة‬
‫ٍّ‬ ‫وإن لم يكن قصدهم من إيرادها تشخيص‬
‫‪ُ 2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫وبعضهم يرى أن العادة ال تصلح دليال إلثبات ٍّ‬
‫حكم‬ ‫بعض العلماء يرى َّأن العادة دليل‬ ‫فقهية؛ قال إمام الحرمين أبو املعالي الجويني (ت ‪378‬ه)‬
‫شرعي‪ ،‬ونسبه بعضهم للجمهور‪ً ،‬‬ ‫َّ‬ ‫في كتابه‪« :‬البرهان في أصول الفقه»‪" :‬والجملة في ذلك‬
‫بناءا على ما فهمه‬ ‫من أدلة ألاحكام؛ وعليه قدماء‬ ‫َّأن َّ‬
‫من كالمهم في مباحث َّ‬ ‫َّ‬
‫واملالكية‪ ،‬وهو‬ ‫َّ‬
‫الحنفية‬ ‫علماء‬ ‫التواتر من أحكام العادات‪ ،‬وال مجال لتفصيالت‬
‫التخصيص؛ حيث لم يجوزوا‬ ‫َّ‬ ‫فليتخذ َّ‬ ‫الظنون فيها‪َّ ،‬‬
‫تخصيص َّ‬ ‫ظاهر عبارة الشيخ (أحمد الاَزرقا)‪.‬‬ ‫العادة ُم َحك َمة"‪.‬‬
‫الناظر َ‬
‫النص بالعادة والعرف‪.‬‬
‫الدليل َّ‬
‫النقلي في املسألة‪ ،‬وهذا في‬ ‫مرجعا لإلثبات عند الاختالف‪ ،‬مع عدم وجود َّ‬‫ً‬ ‫التقريب بين هاتين الوجهتين بالقول‪َّ :‬إن أصحاب الاتجاه ألاول يعنون به‪ :‬كون العادة ُ‬
‫والعرف‪،‬‬ ‫ُويمكن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫مستقل في بناء ألاحكام‪ ،‬بدون النظر إلى موافقة الدليل النقلي‪ ،‬أو‬
‫ٍّ‬ ‫الاتجاه الثاني يعنون به‪ :‬عدم الاعتماد على العادة والعرف‪ ،‬كدليل‬‫الاتجاه الثاني‪ .‬وأصحاب ِ‬
‫نكره أصحاب ِّ‬ ‫الظاهر ال ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫نك ُره أصحاب الاتجاه ألاول‪.‬‬
‫مخالفته‪ ،‬وقد يعنون به‪ :‬عدم قدرة العادة والعرف الحادث على تخصيص النص‪ ،‬وهذا في الظاهر ال ي ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ً‬ ‫ً‬ ‫َّ َّ َّ‬
‫‪- 22 -‬‬

‫ُ َّ ٌ‬
‫العادة ُم احك امة‬

‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬
‫مجال تحكيم العادة وإعمال القاعدة‬ ‫َّ‬
‫ألادلة على‪ 1‬القاعدة‬

‫ُ َّ‬ ‫تقدم َّ‬


‫بناءا على َّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫فإن العادة تحكم في أمرين‬ ‫والس َّنة؛ تفيد بمجموعها‪ :‬تسويغ الاحتجاج بالعادة‪ُّ ،‬‬
‫والرجوع إليها في بناء‬ ‫أدلة كثيرة من القرآن ُّ‬ ‫دل على القاعدة‬ ‫َّ‬
‫ألاحكام؛ ومنها‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫‪ -1‬قوله تعالى‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ)[البقرة‪ ،]233:‬وجه الدَللة‪ :‬أن هللا تعالى علق أمر النفقة على الاَزوجة على‬
‫ب‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫قصر إن إعطائها‬ ‫املقدار املتعارف عليه‪ ،‬فتعطى الاَزوجة من النفقة ما تعطاه مثلها في العرف‪ ،‬وينبغي للاَزوج أن ال ي ِّ‬
‫في ضبط أمر حكم في َّ‬
‫الشرع‪ ،‬وذلك َّأن ألامور التي‬ ‫ٍّ‬ ‫جديد وتأسيسه‪ ،‬وال ُب َّد أن تكون‬‫ٍّ‬ ‫حكم‬‫ٍّ‬ ‫إنشاء‬ ‫مقدار نفقة مثلها في ُ‬
‫العرف والعادة‪ ،‬وهذا دليل على إعمال العادة والالتفات إليها في بناء ألاحكام‪.‬‬
‫أطلق َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫الشرع الحكم فيها ولم يضبطها‪ ،‬ولم ِّيرد في‬ ‫العادة هنا مالئمة ألحكام الشريعة؛ بأن تتفق مع‬ ‫(ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫‪ -2‬قوله تعالى‪:‬‬
‫رج ُع في ضبطها إلى العادة‬ ‫اللغة ما يضبطها؛ ُي َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وجه‪ ،‬والعادة‬‫بأي ٍّ‬
‫نصوص الشريعة‪ ،‬وال تخالفها ِّ‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ)[املائدة‪ ،]82:‬وجه الدَللة‪ :‬أن هللا تعالى علق أمر كفارة اليمين إذا كانت إطعاما بكونه من أوسط‬
‫َ َ ْ‬
‫ال ال ُف َق َه ُاء‪:‬‬‫والعرف‪ ،‬وفي هذا يقول ابن السبكي‪" :‬ق‬ ‫ُ‬ ‫هنا تستند في الواقع إلى املصلحة‪ ،‬فدليل املصلحة‬ ‫ً‬
‫تحديدا‪ ،‬و َّإنما مرجعه إلى ما يكون وسطا في‬ ‫ً‬ ‫قد ٍّر‬‫فإن الوسط هنا غير ُم َّ‬ ‫طعام ألاهل‪ ،‬وفي هذا إحالة على العادة؛ َّ‬
‫َ‬ ‫َّ ْ ُ ُ ْ َ ً َ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ض ِّابط ل ُه ِّف ِّيه‪َ ،‬وال‬ ‫ك ُّل َما َو َر َد ِّب ِّه الشرع مطلقا‪ ،‬وال‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عد دليال على العادة‪ ،‬غير َّأن العادة تكت ِّسب قوة‬ ‫ُي ُّ‬
‫العادة‪ ،‬وهذا دليل على إعمال العادة والالتفات إليها في بناء ألاحكام‪.‬‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َ‬
‫ِّفي اللغ ِّة َي ْحك ُم ِّف ِّيه ال ُع ْرف"‪.‬‬ ‫َّ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ٌ َ ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ََ ْ ْ ٌ ْ ُ َُْ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َ ََ ُ‬
‫باتفاق املسلمين على العمل بها‪ ،‬ومن ضمنهم‬ ‫هللا‪ِّ ،‬إن أبا سفيان رجل ش ِّحيح‪ ،‬ال‬ ‫هللا ‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول ِّ‬ ‫‪ -3‬دخلت ِّهند ِّبنت عتبة ام َرأة أ ِّبي سفيان على َرسو ِّل ِّ‬
‫العلماء‪.‬‬ ‫ال َر ُسو ُل‬ ‫الن َف َق ِّة َما َي ْك ِّفيني َو َي ْك ِّفي َبن َّي إ َّال َما َأ َخ ْذ ُت ِّم ْن َم ِّال ِّه ب َغ ْير ِّع ْلم ِّه‪َ ،‬ف َه ْل َع َل َّي في َذ ِّل َك ِّم ْن ُج َناح؟ َف َق َ‬
‫ُي ْعطيني م َن َّ‬
‫ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫يك» أخرجه البخاري ومسلم واللفظ ملسلم‪ ،‬وجه الدَللة‪َّ :‬أن َّ‬ ‫ْ‬
‫هللا ‪ُ « :‬خذي م ْن َماله باملَ ْع ُروف َما َي ْكفيك َو َي ْكفي َ‬
‫الرسول‬ ‫ن‬ ‫ب‬
‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ى‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫‪ ‬أباح لها أن تأخذ من مال زوجها كفايتها من النفقة‪ ،‬وقيد ذلك بأنه على ضوء العرف‪ ،‬أي‪ :‬على مستو عادتها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وعادة زوجها‪ ،‬وهذا دليل على إعمال العادة والالتفات إليها في بناء ألاحكام‪.‬‬
‫ْ ْ َ ُ ْ َ ُ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ َ ْ ُ َ ْ َ َّ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ‬ ‫‪َ -4‬عن ْابن ُع َم َر‪َ ،‬ق َ‬
‫املكيال ِّمكيال أه ِّل امل ِّدين ِّة‪ ،‬والوزن وزن أه ِّل مكة» أخرجه أبو داود‬ ‫هللا ‪ ‬قال‪ِّ « :‬‬ ‫ال َرسول ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫اعت ِّب َرت عادتهم في مقدار الكيل‪ ،‬وأهل مكة‬ ‫والنسائي‪ ،‬وصححه ألالباني‪ ،‬وجه الدَللة‪َّ :‬أن أهل املدينة ملَّا كانوا أهل زراعة‪ُ ،‬‬
‫صب َّ‬ ‫شرعا؛ ُ‬
‫كن ُ‬ ‫طلب تقديره ً‬ ‫ُ َ‬ ‫ملَّا كانوا أهل متاجر ُ‬
‫الاَزكوات‪ ،‬ومقدار‬ ‫اعت ِّب َرت عادتهم في مقدار الوزن‪ ،‬واملراد بذلك فيما ي‬
‫الديات‪ ،‬وزكاة الفطر‪ ،‬والكفارات‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وهذا دليل على إعمال العادة والالتفات إليها في بناء ألاحكام‪.‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ َ ْ ْ ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫فيه‪ ،‬فقض ى َرسول ِّ‬
‫ََ َ‬ ‫َ ََ ْ َ ً ََ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ َ ً ْ َ ْ َ‬
‫‪ -5‬ما ورد أن ناقة ِّللب َر ِّاء ب ِّن ع ِّاز ٍّب دخلت حا ِّئطا فأفسدت ِّ‬
‫ض ِّحفظها ِّبالنه ِّار‪،‬‬ ‫هللا ‪ ‬على أه ِّل ألار ِّ‬
‫قض ى على ما جرت‬ ‫الن َّبي ‪ ‬قد َ‬ ‫الل ْيل‪ .‬أخرجه مالك وأحمد‪ ،‬وصححه ألالباني‪ ،‬وجه الدَللة‪َّ :‬أن َّ‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫َ ََ َ ْ ََْ‬
‫وعلى أه ِّل املو ِّاش ي ِّحفظها ِّب ِّ‬
‫بالنهار للرعي‪ ،‬وحبسها بالليل للمبيت‪ ،‬وعادة أهل املاَزارع أن يكونوا في‬ ‫فإن عادتهم إرسال مواشيهم َّ‬ ‫الناس؛ َّ‬ ‫به عادة َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫بي ‪ ‬بموجب ذلك دليل على إعمال العادة والالتفات إليها في بناء ألاحكام‪.‬‬ ‫ماَزارعهم بالنهار دون الليل‪ ،‬وقضاء الن ِّ‬
‫‪- 23 -‬‬

‫‪6‬‬
‫أقسام ُ‬
‫العرف والعادة‬

‫تعددة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫ينقسم العرف والعادة باعتبارات م ِ‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫من حيث الش‪9‬يوع والانتشار‬ ‫من حيث املوضوع‬

‫ب‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫أ‬


‫ُ‬
‫العادة الخاصة ‪7‬أو العرف الخاص‬ ‫العادة العامة أو ُ‬
‫العرف العام‬ ‫العادة العملية أو ُ‬ ‫العرف اللفظي‬ ‫‪4‬‬
‫العادة اللفظية أو ُ‬
‫العرف العملي‬
‫ُ‬ ‫معناه‪ :‬اعتياد َّ‬ ‫معناه‪ :‬أن يشيع بين َّ‬
‫قتص ًرا على ٍّ‬
‫مكان‪ ،‬أو‬ ‫معناه‪ :‬أن يكون العمل م ِّ‬ ‫معناه‪ :‬أن يكون العمل في ٍّ‬
‫أمر من ألامور‬ ‫الناس على بعض ألافعال‪،‬‬ ‫الناس استعمال بعض‬
‫قتص ًرا على‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫بلد دون بقية البلدان‪ ،‬أو يكون م ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫فاشيا‪ ،‬في جميع البالد‪ ،‬وبين جميع الناس‪.‬‬ ‫واملراد بذلك‪ :‬ألافعال في ألامور العادية‪ ،‬وفي‬ ‫معان معينة؛ بحيث‬ ‫ألالفاظ‪ ،‬أو التراكيب‪ ،‬في ٍّ‬
‫َّ‬
‫فئة من الناس دون غيرها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫من أمثلته‪ :‬جريان (عقود الاستصناع) في كثير‬ ‫املعامالت‪.‬‬ ‫صبح تلك املعاني هي املفهومة‪ ،‬واملتبادرة إلى‬ ‫ت ِّ‬
‫وألاعراف الخاصة كثيرة ومتنوعة؛ ً‬
‫نظرا لكثرة‬ ‫من الحاجات‪ ،‬واللوازم التي يحتاجها َّ‬
‫الناس؛‬ ‫من أمثلته في ألامور العادية‪ :‬اعتياد بعض‬ ‫ألاذهان عند إطالق تلك ألالفاظ‪ ،‬من غير‬
‫الناس‪.‬‬‫البلدان‪ ،‬وتعدد فئات َّ‬ ‫كاألطعمة‪ ،‬وألالبسة‪ ،‬وألاحذية‪ ،‬والبنيان‪،‬‬ ‫الناس تعطيل بعض أيام ألاسبوع عن العمل‪،‬‬ ‫حاجة إلى قرينة‪ ،‬أو عالقة عقلية‪.‬‬
‫من أمثلته‪:‬‬ ‫ونحو ذلك‪.‬‬ ‫أنواع مخصوصة من اللباس‪ ،‬أو أكل‬ ‫أو لبس ٍّ‬ ‫من أمثلته‪:‬‬
‫‪ -1‬استعمال لفظ‪( :‬البيت) أو (الدار) بمعنى‪:‬‬ ‫أنواع معينة من ألاكل‪.‬‬ ‫‪ -1‬إطالق لفظ (البيت) في بعض البالد مثل‬
‫مقتص ٌر على‬ ‫فإن هذا الاستعمال‬‫(الغرفة)؛ َّ‬
‫ِّ‬ ‫من أمثلته في املعامالت‪:‬‬ ‫(تونس) بمعنى‪( :‬الغرفة)‪ .‬وإطالق لفظ (الدار)‬
‫بالد ُمعينة‪ ،‬كما سبق بيان ذلك‪.‬‬ ‫الناس عند شراء ألاشياء الثقيلة أن‬ ‫‪ -1‬اعتياد َّ‬ ‫في بعض البالد كـ(الكويت) بمعنى‪( :‬الغرفة)‬
‫جاَزء من أجرة العامل عند بدء‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ -2‬دفع‬ ‫يكون حملها على البائع‪.‬‬ ‫ستعمل هذان‬ ‫أيضا‪ .‬وفي أغلب البلدان ُي َ‬ ‫ً‬
‫العمل‪ ،‬وتقسيط الباقي على مراحل العمل؛‬ ‫الناس تقسيط ألاجور السنوية إلى‬ ‫‪ -2‬اعتياد َّ‬ ‫اللفظان؛ وهما‪( :‬البيت‪ ،‬والدار)‪ ،‬بمعنى جميع‬
‫الناس‪.‬‬ ‫خاص ببعض فئات َّ‬ ‫ٌّ‬ ‫فإن ذلك ٌ‬
‫عمل‬ ‫َّ‬
‫قسطين أو أكثر‪.‬‬ ‫البيت‪ ،‬وجميع الدار‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ -3‬اعتياد بعض الناس تعجيل جاَز ٍّء من املهر‪،‬‬ ‫‪ -2‬إطالق لفظ (الولد) على الذكر دون ألانثى‪،‬‬
‫وتأجيل الباقي إلى ما بعد الطالق‪ ،‬أو الوفاة‪.‬‬ ‫ً‬
‫خاصا في اللغة؛ فهو‬ ‫مع َّأن للفظ الولد ً‬
‫معنى‬
‫َ‬
‫تنبيه‬ ‫ُيطلق على الذكر وألانثى‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫مما ينبغي التنبيه عليه‪ :‬أنه َل تعارض بين هذين التقسيمين؛ فقد‬
‫خاصا‪ ،‬ومثله ُ‬
‫العرف العملي‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫يكون ُ‬
‫العرف اللفظي ًّ‬
‫عاما‪ ،‬وقد يكون‬
‫ًّ‬
‫عمليا‪ ،‬ومثله‬ ‫ًّ‬
‫لفظيا‪ ،‬وقد يكون‬ ‫العرف العام قد يكون‬ ‫وكذلك ُ‬
‫ُ‬
‫العرف الخاص‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫َّ‬
‫التعارض في ‪ُ 2‬‬ ‫‪- 24 -‬‬
‫العرف والعادة‬

‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫يقتض ي ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬


‫تخصه‬ ‫أحكاما‬ ‫كل منها‬ ‫ِ‬ ‫أحوال‪،‬‬ ‫التعارض له‬

‫‪3‬‬ ‫ُ ‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫ُ‬ ‫العرف اللفظي مع اللغة‬ ‫تعارض‬ ‫َّ‬ ‫تعارض ُ‬
‫الخاص مع العرف العام‬
‫تعارض العرف ‪1‬‬ ‫العرف اللفظي مع استعمال الشرع‬
‫له حالتان‬ ‫له حالتان‬
‫الحنفية واملالكية وألاقل من الشافعية‪ :‬يرون تقديم‬
‫العرف اللفظي‪ ،‬على اللغة عندما يتعارضان‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫أ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫العرف َّ‬ ‫مما أقرتأن يكون موضوع ُ‬ ‫العرف َّ‬ ‫أن يكون موضوع ُ‬ ‫أكثر الشافية‪ :‬يرون تقديم اللغة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫مدخل في تحديده‬ ‫مما كان للشريعة‬ ‫ً‬
‫علق الشرع باللفظ أحكاما؛‬
‫أن ي ِ‬ ‫ً‬ ‫‪2‬‬ ‫ُ‬
‫الحنابلة‪ :‬عندهم التفصيل‪َّ :‬أن العرف إن كان ظاهرا‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة ال ُي َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫علق الشرع باللفظ أحكاما؛‬ ‫أن َل ي ِ‬
‫العرف الخاص‬ ‫عتبر ُ‬ ‫الشريعة اختالف ألاعراف فيه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫الشرع على ُ‬ ‫في َّ‬
‫ُ‬ ‫قدم ُ‬‫في َّ‬
‫ُ‬
‫َّ ُ َّ‬ ‫ً ُ‬ ‫العرف‬ ‫قدم استعمال‬ ‫العرف اللفظي‬
‫أصبح حقيقة عرفية؛ فإنَّه يقدم ٌعلى اللغة‪ ،‬وإن وفي هذه الحالة نجد َّأن أكثر العلماء‬ ‫ُ‬
‫بحيث‬ ‫َّ‬
‫على استعمال الشرع‬
‫العرف الخص ُم َ‬ ‫يرون‪َّ :‬أن ُ‬ ‫لم يكن العرف ظاهرا‪ ،‬ففي املقدم خالف عندهم‪.‬‬ ‫ً‬
‫من أمثلته‪:‬‬ ‫عتبر‪،‬‬
‫رفا ًّ‬ ‫ُ ً‬ ‫َ‬
‫‪ -1‬لو جرت عادة شخص َّأنه إذا اقترض‪َّ ،‬رد أكثر َّ‬ ‫عاما‬ ‫وإن خالف ع‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لفظ (الصالة) استعمله‬ ‫مثال ذلك‪ :‬ألفاظ‪( :‬البساط‪،‬‬
‫مما‬ ‫ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫خالفة ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عتبرة؛ َّ‬ ‫فإن عادته غير ُم َ‬ ‫اقترض؛ َّ‬ ‫املخرجة في هذه املسألة على القول‬ ‫من ألامثلة‬ ‫الصالة املعروفة‪ ،‬وعلق به‬ ‫الشرع في َّ‬ ‫عملت‬ ‫والسقف‪ ،‬والسراج)‪ ،‬است ِّ‬
‫للعرف‬ ‫ألنها ُم‬ ‫ُ‬ ‫أحكاما‪ ،‬وله ً‬ ‫َّ‬
‫قرره َّ‬ ‫بتقديم العرف‬ ‫العرف؛ وهو‪:‬‬ ‫معنى في ُ‬ ‫ً‬ ‫الشرع بمعنى‪( :‬ألارض‪،‬‬ ‫في‬
‫الشرع‪.‬‬ ‫العام الذي َّ‬ ‫من أمثلته‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫في َّ‬
‫الدعاء)؛ ُ‬ ‫طلق ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫والسماء‪ ،‬والشمس)‪ ،‬ولم يعلق‬
‫ً‬
‫‪ -1‬لو َّأن رجال كان عمله بالليل ‪ -2‬لو َّأن رجال قال لاَزوجته‪ِّ :‬م ْن عادتي َّأنني إذا قلت لك‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫قدم هنا استعمال‬
‫َّ‬
‫(م‬
‫ً‬
‫طالق‪ ،‬فأنا ال أقصد الطالق‪ ،‬ولكن أقصد أن‬ ‫ٌ‬ ‫"أنت‬ ‫بالنهار؛ كالحراس؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫‪ -1‬لو أن شخصا حلف‪" :‬أن ال يأكل رأسا"‪ ،‬ففي هذا وسكونه َّ‬ ‫الشرع‪.‬‬ ‫أحكاما في معانيها الخاصة‬ ‫بها‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫املثال تعارض ُ‬ ‫ولذلك‪ :‬فمن حلف‪" :‬ال ُيصلي"؛ فإنهَّ‬
‫مرة‪ :‬أنت طالق؛ َّ‬ ‫ثم قال لها َّ‬ ‫النهار‪ ،‬تقومي وتقعدي"‪َّ ،‬‬ ‫الق ْسم بين نسائه هو َّ‬ ‫العرف اللفظي واللغة‪ ،‬فاللغة تفيد شمول عماد َ‬ ‫املعروفة‪.‬‬
‫فإن عادته‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫يحنث بالصالة َّ‬
‫الشرع‪.‬‬ ‫قرره َّ‬ ‫للعرف العام الذي َّ‬ ‫خالفة ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عتبرة؛ َّ‬
‫ألنها ُم‬ ‫غير ُم َ‬ ‫للعرف العام‪.‬‬ ‫هذا التعبير لجميع الرؤوس‪ ،‬والعرف يفيد تخصيص هذا وإن كان ُمخال ًفا ُ‬ ‫الشرعية املعروفة‪،‬‬ ‫ولذلك‪ :‬فمن حلف‪" :‬أن ال يجلس‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫(النظر إلى‬ ‫الترجيح هنا‪َّ :‬‬ ‫َّ‬
‫قوما كانت عادتهم حفظ وقد جعل (الاَزركش ي) ضابط‬ ‫التعبير برؤوس ألانعام‪ ،‬فال يحنث هذا الشخص إال بأكل ‪ -2‬لو َّأن ً‬ ‫وال يحنث بمطلق الدعاء‪.‬‬ ‫سقف‪ ،‬أو‬ ‫ٍّ‬ ‫بساط‪ ،‬أو تحت‬‫ٍّ‬ ‫على‬
‫ً‬ ‫رؤوس ألانعام خاصة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫في ضوء سراج"؛ فإنه ال يحنث‬
‫العرف العام‪،‬‬ ‫حينئذ ُ‬ ‫قدم‬ ‫في َّ‬ ‫محصورا؛ ُ‬ ‫ً‬ ‫زرعهم ليال‪ ،‬وحفظ مواشيهم كون الخصوص‬ ‫وكذا لفظ (الصيام) استعمله الشرع‬
‫ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫العرف الخاص)‪.‬‬ ‫قدم ُ‬ ‫في َّ‬ ‫عتبرة‪ ،‬وإن أو كون الخصوص غير محصور؛ ُ‬ ‫فإن عادتهم ُم َ‬ ‫‪ -2‬لو أن شخصا خلف‪" :‬أن ال يأكل خبزا"‪ ،‬والحال أن هذا ً‬
‫نهارا؛ َّ‬ ‫في الصيام املعروف‪ ،‬وعلق به‬ ‫بالجلوس على ألارض‪ ،‬وإن‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أحكاما‪ ،‬وله ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َ ُ َّ َ ُ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫الحالف من أهل اليمن‪ ،‬فإن لفظ (الخبز) لغة يشمل كانت ُمخالفة ُ‬ ‫معنى في العرف؛ وهو‪:‬‬ ‫سماها هللا تعالى‪( :‬بساطا)‪ ،‬وال‬
‫ض ال ُع ْر ِّف ال َع ِّام‬ ‫قال رحمه هللا‪" :‬الحالة الث ِّالثة‪ :‬تعار‬ ‫للعرف العام‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫جميع أنواع الخبز‪ُ ،‬‬ ‫في َّ‬ ‫ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ْ ُ ً َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫يقصر ذلك على‬ ‫وعرف أهل اليمن؛‬ ‫قدم هنا‬ ‫طلق إلامساك)؛ ُ‬ ‫(م‬ ‫يحنث بالجلوس تحت السماء‪،‬‬
‫ورا ل ْم ُيؤ ِّث ْر؛ ك َما‬ ‫اص‪ :‬ف ِّإن كان (الخصوص) محص‬ ‫ِّ‬ ‫خ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ُّ‬ ‫الذرة‪ ،‬فال يحنث هذا َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫(ع َاد ِّة)‬ ‫اس َت َق َّر م ْن َ‬ ‫ان َع َاد ُة ْام َ َرأة في ْال َح ْيض َأ َق َّل َما ْ‬ ‫َل ْو َك َ‬ ‫الشخص إال بأكل خبز الذرة‪.‬‬ ‫خبز‬ ‫استعمال الشرع‪.‬‬ ‫(سقفا)‪،‬‬ ‫وإن سماها هللا تعالى‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ٍّ ِّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ولذلك‪ :‬فمن حلف‪" :‬ال يصوم"؛ فإنهَّ‬
‫ْ َ َ َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫شخصا أوص ى للق َّراء‪ ،‬فإن لفظ (الق َّراء) لغة‬ ‫‪ -3‬لو أن‬ ‫وال يحنث بالجلوس في ضوء‬
‫يل‪ :‬ت ْع َت ِّب ُر َع َاد َت َها‪.‬‬ ‫الن َس ِّاء َر َّد ْت إلى الغ ِّال ِّب ِّفي ألاص ِّح‪ ،‬و ِّق‬ ‫ِّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ََْ َ ْ ُ ُ‬ ‫يشمل من يقدر على القراءة‪ ،‬ولو كان من غير حفظ‪،‬‬ ‫سماها هللا تعالى‪:‬‬ ‫الشمس‪ ،‬وإن َّ‬
‫ور ا ْع ُت ِّب َر؛ ك َما ل ْو َج َر ْت َع َادة ق ْو ٍّم‬ ‫وِّإن كان غير محص ٍّ‬ ‫والعرف خصص لفظ ُ‬ ‫ُ‬
‫يحنث بالصيام الشرعي‪ ،‬وال يحنث‬
‫(سر ً‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫(الق َّراء) بمن يقرأ من حفظه‪ ،‬فهل‬ ‫بمطلق إلامساك‪.‬‬ ‫اجا)‪.‬‬
‫وع ِّه ْم) ل ْيال‪َ ،‬و َم َو ِّاش ِّيه ْم َن َه ًارا‪ ،‬ف َه ْل َين ِّز ُل ذ ِّل َك‬ ‫ِّ‬ ‫ِّب ِّح ْف ِّظ ُ(ز ُر‬
‫َ‬
‫ص ُّح ُه َما ن َع ْم"اهـ‪.‬‬ ‫َم ْن َزل َة ْال ُع ْرف ْال َعام؟ في ْال َع ْكس َو ْج َهان‪َ :‬أ َ‬ ‫يدخل في هذه الوصية من يقدر على قراءة القرآن ولكنه ال‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫يحفظه؟ فعلى القول بتقديم ُ‬
‫العرف؛ ال يدخل هذا‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الشواء‪،‬‬ ‫كل أنواع ِّ‬ ‫لغة يشمل َّ‬ ‫(الشواء)‬
‫شواءا"؛ فإن لفظ ِّ‬ ‫ً‬ ‫شخصا حلف‪" :‬أن ال يأكل‬ ‫ً‬ ‫الشخص في هذه الوصية‪ -4 .‬لو َّأن‬
‫َّ‬
‫‪- 25 -‬‬
‫‪8‬‬
‫شروط اعتبار ُ‬
‫العرف والعادة‬
‫‪9‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‪2‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‪1‬‬ ‫أن ال ُيعارض ُ‬ ‫ً‬
‫يؤدي‬ ‫خاص‪ ،‬بحيث ِّ‬ ‫شرعي‬ ‫العرف نص‬ ‫عارض‬ ‫أن ال ي ِّ‬ ‫تصريح‬ ‫تصريح بخالفه‪ ،‬فلو عارضه‬ ‫العرف‬ ‫وموجودا عند‬ ‫العرف املراد تحكيمه ً‬
‫قائما‪،‬‬ ‫أن يكون ُ‬ ‫غالبا؛ ومعناه‪ :‬أن‬‫ردا أو ً‬ ‫العرف مط ً‬ ‫أن يكون ُ‬
‫ُ َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ِّ‬
‫العرف‬ ‫النص‪ ،‬فإذا عارض‬ ‫بالعرف إلى تعطيل َّ‬ ‫العمل ُ‬ ‫ُ ُّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ ُ َ‬ ‫بقاعدة ُّ‬ ‫صرف‪ُ ،‬ويعبر عن هذا َّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫إنشاء َّ‬ ‫بالعرف والعادة ُم ًّ‬ ‫يكون العمل ُ‬
‫بخالفه؛ فإن العرف يهمل‪ ،‬ويؤخذ بالتصريح‪ ،‬ويعد العرف‬ ‫نصها‪:‬‬ ‫ٍّ‬ ‫الشرط‬ ‫ستمرا في جميع‬
‫العرف‬ ‫خاص بالحادثة التي ُيراد تطبيق ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬
‫شرعي‬ ‫ٌّ‬
‫نص‬ ‫هنا من قبيل الداللة‪ ،‬وقد َّ‬ ‫(العرف الذي ُت َ‬ ‫ًّ‬ ‫َّ‬
‫تقدم نحو هذا في قاعدة‪( :‬ال‬ ‫حمل عليه ألالفاظ إنما هو املقارن‬ ‫مستمرا في أكل الحوادث‪،‬‬ ‫الحوادث ال يتخلف‪ ،‬أو‬
‫العرف‪ُ ،‬ويؤخذ‬ ‫بالعرف‪ُ ،‬في َهمل ُ‬ ‫عليها؛ فإنه ال اعتبار ُ‬ ‫َّ‬ ‫عبرة للداللة في مقابلة َّ‬
‫التصريح)‪.‬‬ ‫وينب ِّني على هذا َّأن ألالفاظ ال‬ ‫السابق دون املتأخر)‪َ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫بحيث ال يتخلف العمل به إال قليال‪.‬‬
‫بالنص َّ‬ ‫َّ‬ ‫جرى ُ‬ ‫ً‬
‫فمثال‪ :‬لو صرح ُمؤجر السيارة التي َ‬ ‫فسر باألعراف َّ‬ ‫ُت َّ‬ ‫وهذا َّ‬
‫الشرعي‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫العرف باستعمالها‬ ‫ِّ‬ ‫املتأخرة عنها‪.‬‬
‫السابقة عليها‪ ،‬أو ِّ‬ ‫بقاعدة سيأتي بيانها؛ وهي‬
‫ٍّ‬ ‫الشرط ُي َّعبر عنه‬
‫فمثال‪ :‬لو جرى َّ‬ ‫ً‬ ‫أقر‪َّ :‬‬ ‫فمثال‪ :‬لو َّأن‬ ‫َّ ُ‬
‫التعامل في بل ٍّد ما بتجارة الخمر‪ ،‬أو‬ ‫املستأجر من استعمالها في ذلك؛‬ ‫في حمل ألامتعة‪ ،‬بمنع‬ ‫"بأن في َّ‬ ‫ً‬
‫شخصا في بالدنا َّ‬ ‫ً‬
‫ِّ‬ ‫لفالن‬
‫ٍّ‬ ‫ذمته‬ ‫(إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت)‪.‬‬ ‫قاعدة‪:‬‬
‫َّ ً‬ ‫ً‬ ‫العرف؛ َّ‬ ‫فإنه ال اعتبار لهذا ُ‬ ‫الربا؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫خاصة‬ ‫نصوصا‬ ‫ألنه‬ ‫ِّ‬ ‫للمستأجر استعمالها في الحمل استنادا إلى‬
‫ِّ‬ ‫فإنه ال يجوز‬ ‫بالريال‬ ‫الريال يفسر ِّ‬ ‫دينا قدره مائة ريال"‪ ،‬فإن ِّ‬
‫والربا‪.‬‬ ‫العرف؛ وذلك لوجود َّ‬ ‫ُ‬ ‫السعودي الورقي؛ َّ‬
‫بتحريم الخمر ِّ‬ ‫التصريح بخالفه‪.‬‬ ‫ألن تفسيره بذلك هو العرف املقارن‪،‬‬
‫ُ َ‬
‫وهذا يعني‪َّ :‬أنه لو عارض العرف نص عام؛ فإن العرف‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬
‫دين كان قبل سبعين‬ ‫ولو أنه أقر له بذلك ولكن من ٍّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وقائما عند‬ ‫ً‬ ‫عاما‪،‬‬ ‫العرف ًّ‬ ‫ال ُي َهمل‪ ،‬بشرط أن يكون ُ‬ ‫فسر بالريال الورقي؛ َّ‬ ‫يصح أن ُي َّ‬
‫فإن الريال ال ُّ‬ ‫سنة؛ َّ‬ ‫ً‬
‫ألن‬ ‫ِّ‬
‫ص‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫تأخ ًرا‪.‬‬ ‫ُ ُّ ً ُ‬
‫ص؛ وذلك بحمل الن ِّ‬ ‫ورود النص‪ ،‬فيعمل به وبالن ِّ‬ ‫تفسيره بالريال الورقي يعد عرفا م ِّ‬
‫العرف‪.‬‬ ‫على ما أفاده ُ‬
‫بالنهي عن أن يبيع إلانسان‬ ‫ص العام َّ‬ ‫الن ُّ‬ ‫مثاله‪َّ :‬أنه ورد َّ‬ ‫ُ‬
‫عرفا ًّ‬ ‫ً‬
‫عاما‬ ‫ما ليس عنده‪ ،‬والعمل باالستصناع كان‬
‫النص‪ ،‬وهو من قبيل بيع‬ ‫وقائما عند ورود هذا َّ‬ ‫ً‬
‫إلانسان ما ليس عنده‪ ،‬وقد جوز الفقهاء العمل به‬
‫العرف العام‪.‬‬ ‫للنص العام بهذا ُ‬ ‫تخصيصا َّ‬ ‫ً‬
‫‪- 26 -‬‬

‫القاعدة الكبرى الخامسة‬


‫َّ‬
‫العادة ُمحكمة‬

‫َّ‬
‫الناس َّ‬ ‫‪1‬‬
‫حجة يجب العمل بها‪.‬‬ ‫استعمال‬
‫ُ‬
‫الحقيقة ت اترك بدَللة العادة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫َّ‬ ‫َّ ُ ا‬
‫إنما تعت ابر العادة إذا اطردت أو غلبت‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫العبرة للغالب الشائع َل للنادر‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫الكتاب كالخطاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪1‬‬

‫إلاشارات املعهودة لألخرس كالبيان باللسان‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪7‬‬


‫املعروف عرفا كاملشروط شرطا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪8‬‬
‫عيين النص‪.‬‬
‫عيين بالعرف كالت ِ‬
‫الت ِ‬
‫‪3‬‬
‫ُّ‬
‫املعروف بين الت َّجار املشروط بينهم‪.‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪1‬‬
‫تغير ألاحكام ُّ‬ ‫ُ ا‬
‫نكر ُّ‬ ‫‪11‬‬
‫بتغير ألازمان‪.‬‬ ‫َل ي‬
‫‪8‬‬
‫‪- 27 -‬‬
‫‪11‬‬
‫َّ‬
‫الناس َّ‬
‫حجة يجب العمل بها‬ ‫استعمال‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫على القاعدة‬
‫الدليل ‪1‬‬ ‫معنى القاعدة‬

‫نطبق عليه ألامثلة التي‬ ‫ألاول؛ ُ‬ ‫إذا فسرنا لفظ (الاستعمال) باملعنى َّ‬ ‫إذا كان لفظ (الاستعمال) باملعنى َّ‬
‫ألاول؛‬
‫مكن أن ِّ‬ ‫في ِّ‬
‫َّ‬
‫و(العرف العملي)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫(العرف اللفظي)‬ ‫تقدم إيرادها على ُ‬ ‫َّ‬ ‫ستدل عليها باألدلة التي سبق إيرادها‬ ‫ُّ‬ ‫ُفي‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َّأما ألامثلة على القاعدة إذا فسرنا لفظ (الاستعمال) باملعنى الثاني والثالث؛‬ ‫في الاستدالل للقاعدة الكبرى‪.‬‬
‫فمنها‪:‬‬ ‫وإذا كان لفظ (الاستعمال) باملعنى‬ ‫ً‬
‫بناءا على‬ ‫يختلف معنى القاعدة إلاجمالي‬ ‫يحت ِّمل ثالثة‬ ‫الناس‪ :‬الاستعمال هنا َ‬ ‫َّ‬
‫استعمال‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫‪ -1‬لو أن شخصا حلف‪" :‬أن ال يبيع شيئا"‪ ،‬ثم إنه وكل من باعه عنه؛ فإن البيع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ستدل عليها‬‫َّ‬ ‫الثاني والثالث؛ فيمكن أن ُي‬ ‫اختالف املراد بلفظ (الاستعمال)؛‬ ‫معان‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬
‫التوكيل بالبيع عنه‪ ،‬والاستعمال في الحقيقة‬ ‫مجاز في َّ‬ ‫ٌ‬ ‫حقيقة في البيع بنفسه‪،‬‬ ‫بدليل من املعنى حاصله‪َّ :‬أن العلة في‬ ‫ٍّ‬ ‫فإن ُأريد به املعنى َّ‬
‫ألاول فسيكون معنى القاعدة‪:‬‬ ‫وحينئذ يكون‬ ‫ٍّ‬ ‫اس‪،‬‬ ‫َّ‬
‫الن‬ ‫بل‬ ‫ق‬ ‫من‬ ‫ألامر‬ ‫ر‬ ‫تكر‬‫ُّ‬ ‫‪:‬‬‫ل‬ ‫ألاو‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫هو ألاكثر‪ ،‬فيحنث إذا باع بنفسه دون ما إذا وكل في البيع عنه؛ َّ‬ ‫هو ما َّ‬ ‫ً‬
‫ألن استعمال‬ ‫ثبوت ألاحكام باأللفاظ تتمثل في داللة‬ ‫تقدم ذكره في معنى القاعدة الكبرى‪.‬‬ ‫لفظ (الاستعمال) هنا ُمر ِّادفا للفظ (العادة)‪.‬‬
‫الناس َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫حجة يجب العمل بها‪.‬‬ ‫للمتكلم؛ فإذا‬‫ِّ‬ ‫اللفظ على املعنى املراد‬
‫ُ ًَ‬
‫وإن أريد به املعنى الثاني أو الثالث فسيكون معنى‬ ‫قابل الوضع والحمل؛ وهو‪ :‬إطالق‬ ‫ِّ‬ ‫الثاني‪ :‬ما ُي‬
‫َّ‬ ‫فالنة"‪َّ َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫النكاح‬ ‫ثم إنه عقد عليها؛ فإن لفظ ِّ‬ ‫شخصا حلف‪" :‬أن ال ينكح‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫تعارفا عليه بين الناس‪ ،‬كان‬ ‫كان املعنى م‬ ‫القاعدة‪:‬‬ ‫مسماه‪ ،‬أو‬ ‫معين‪ ،‬سواء ُأريد به َّ‬ ‫اللفظ على ً‬
‫معنى َّ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ذلك َّ‬ ‫َّأن املرجع في تفسير ألفاظ َّ‬
‫مجاز في العقد‪ ،‬فقد قيل‪َّ :‬إنه ال يحنث بمجرد عقده عليها؛‬ ‫ٌ‬ ‫حقيقة في الوطء‪،‬‬ ‫عارف دليال على أن ذلك املعنى‬ ‫الت ُ‬ ‫الناس وعباراتهم‪ ،‬هو‬ ‫وحينئذ يكون لفظ‬ ‫ٍّ‬ ‫مسماه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أريد به غير‬
‫ُ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫حقيقة أو ً‬
‫مساو الستعماله في العقد‪ ،‬فيكون الحكم‬ ‫ٍّ‬ ‫النكاح في الوطء‬ ‫ألن استعمال لفظ ِّ‬ ‫هو املراد باللفظ في الظاهر؛ فينبغي أن‬ ‫مجازا؛ فإن كان أكثر‬ ‫استعمالهم لها‬ ‫مخصوصا بـ (العرف اللفظي)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫(الاستعمال)‬
‫للحقيقة‪.‬‬ ‫ُي َربط به الحكم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫استعمالهم للفظ في الحقيقة؛ فيكون الحكم‬ ‫فإرادة املسمى هي الاستعمال الحقيقي‪ ،‬وإرادة‬ ‫َّ‬
‫النكاح في الوطء‬ ‫َّ‬ ‫تساوى استعمالهم للفظ في‬ ‫َ‬ ‫للحقيقة‪ ،‬وإن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫عقد؛ ألن استعمال لفظ ِّ‬ ‫وقيل‪ :‬يحنث بالعقد وبالوطء من غير ٍّ‬ ‫فيقدم‬ ‫املسمى هي الاستعمال املجازي؛‬ ‫غير‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحقيقة واملجاز؛ فقيل‪ :‬يكون الحكم للحقيقة‪،‬‬
‫ألي من الحقيقة أو املجاز‪.‬‬ ‫مساو الستعماله في العقد‪ ،‬فيكون الحكم ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫الاستعمال الحقيقي على املجازي حينما تكون‬
‫فإن ألاكل من عينها‬ ‫شخصا حلف‪" :‬أن ال يأكل من هذه الحنطة"‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -3‬لو َّأن‬ ‫‪4‬‬ ‫معا لتساوي‬ ‫حمل الكالم عليهما ً‬ ‫وقيل‪ُ :‬ي َ‬ ‫ً‬
‫الحقيقة أكثر استعماال‪ ،‬أو عند تساويهما في‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫مما ُي َ‬
‫ست َ‬ ‫حقيقة‪ ،‬وألاكل َّ‬ ‫عالقتها ‪6‬‬
‫بالقاعدة الكبرى‬ ‫الاستعمال‪ ،‬وإن كان أكثر استعمالهم للفظ في‬ ‫ألنها ألاصل‪ُ ،‬وي َّ‬ ‫الاستعمال؛ َّ‬
‫مجاز‪ ،‬والاستعمال في املجاز هو‬ ‫خرج منها ‪-‬كالخبز مثال‪-‬‬ ‫قدم الاستعمال‬
‫خبزا‪ ،‬كما‬ ‫خبزا فقط‪ .‬وقيل‪ :‬يحنث إذا أكلها ً‬ ‫ألاكثر؛ فهنا‪ :‬قيل‪ :‬يحنث إذا أكلها ً‬ ‫املجاز؛ فيكون ُ‬
‫الحكم للمجاز‪.‬‬ ‫ً‬
‫املجازي حينما يكون املجاز أكثر استعماال‪.‬‬
‫يحنث إذا أكل من عينها‪ .‬وقيل‪ :‬يحنث إذا أكل من عينها فقط‪.‬‬ ‫َ‬ ‫هذه القاعدة تفيد في املعنى َّ‬ ‫يظهر في هذا املقام هو‪ :‬ترجيح اختصاص‬ ‫والذي َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الراجح لها؛‬ ‫مسماه ألاصلي إلى‬ ‫الثالث‪ :‬نقل اللفظ عن‬
‫ٌ‬ ‫فإن ُّ‬ ‫النهر"‪َّ ،‬‬
‫النهر حقيقة في‬ ‫الشرب من َّ‬ ‫"ليشربن من هذا َّ‬ ‫َّ‬ ‫شخصا حلف‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -4‬لو َّأن‬ ‫َّأن املرجع في تفسير ألفاظ الناس‬
‫َّ‬ ‫لفظ (الاستعمال) باملعنيين الثاني والثالث؛‬ ‫وحينئذ‬
‫ٍّ‬ ‫مسماه املجازي‪ ،‬وغلبة استعماله فيه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫لكون لفظ (الاستعمال) في الاصطالح َّ‬
‫مجاز‪ ،‬والاستعمال في املجاز هو ألاكثر؛‬ ‫بإناء ونحوه‬ ‫الك ْر ِّع بفيه‪ ،‬والشرب منه ٍّ‬ ‫وعباراتهم‪ :‬هو ما جرت به عادتهم في‬ ‫الدقيق‬ ‫العرف‬ ‫مخصوصا بنوع من ُ‬ ‫ً‬ ‫يكون الاستعمال‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬
‫فهنا‪ :‬قيل‪ :‬يحنث إذا شرب باإلناء ونحوه فقط‪ ،‬وقيل‪ :‬يحنث إذا شرب باإلناء‬ ‫ً‬
‫مجازا‪ ،‬وهو‬ ‫استعمالهم لها حقيقة أو‬ ‫مما يختص في عبارات العلماء بجانب ألالفاظ‪.‬‬ ‫اللفظي‪.‬‬
‫ُ‬
‫كر ًعا بفيه؛ كما يفعله أهل البوادي؛ إذ‬ ‫ونحوه‪ ،‬كما يحنث إذا شرب منه ْ‬ ‫مضمون ما تفيده القاعدة الكبرى‪.‬‬ ‫حجة‪ :‬يتقرر معناه من خالل الالتفات إلى ما‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫كرعا بفيه فقط‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويكرعون بأفواههم‪ .‬وقيل‪ :‬يحنث إذا شرب ْ‬ ‫أرضا‪َ ،‬‬ ‫ينبطحون ً‬ ‫َّ‬
‫تقدم تقريره عند الكالم على املراد بـ (مجال‬
‫مبني على تحقيق معنى (الاستعمال)؛ فمن يرى َّأن‬ ‫واملالحظ هنا َّأن الاختالف ٌ‬ ‫تحكيم العادة وإعمال القاعدة)‪.‬‬
‫الاستعمال من جهته هو ألاولى قال بموجبه‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
- 28 -
‫‪- 29 -‬‬
‫‪2‬‬
‫ُ‬
‫الحقيقة ُت ْت ار ُ‬
‫بدَللة العادة‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫العرف اللفظي واللغة الذي َّ‬
‫التعارض بين ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫تقدم الكالم عليه‪ ،‬وإلاشارة إلى مذاهب العلماء فيه‪.‬‬ ‫هذه القاعدة تتعلق بموضوع‬
‫َّ‬
‫الش َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ً‬
‫ظاهرا‪.‬‬ ‫افعية‪ ،‬وهو مذهب الحنابلة في حال كون العرف اللفظي‬ ‫الحنفية واملالكية وألاقل من‬ ‫مث ُل مذهب‬
‫وهذه القاعدة بهذا النص ت ِ‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫الدليل على القاعدة‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫معنى القاعدة‬

‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫شخصا حلف‪" :‬أن ال يضع قدمه في دار فالن"‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ٍّ‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫ستدل لهذه القاعدة من وجهين‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫يمكن أن ُي‬
‫صورة من صور‬ ‫مثل‬
‫ٌ هذه القاعدة ت ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الوجه َّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ألاول‪ :‬أن ثبوت ألاحكام باأللفاظ إنما كان ذلك حقيقة في وضع الجاَزء املعروف من الجسد فقط‪ ،‬ومجاز‬
‫إعمال القاعدة الكبرى‪ ،‬وذلك َّأن‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫جرت‬ ‫للمتكلم؛ فإذا كان في الدخول عليه في بيته‪ ،‬وقد دلت العادة على إرادة املعنى تحديد املراد باللفظ َيرج ُع إلى ما َ‬ ‫ِّ‬ ‫لداللة اللفظ على املعنى املراد‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫تعارفا عليه بين الناس‪ ،‬كان ذلك املعنى املجازي‪ ،‬وترك املعنى الحقيقي‪ ،‬فال يحنث هذا الشخص إال‬
‫َّ‬ ‫ُ ًَ‬
‫املعنى م‬ ‫َّأنه إذا احتمل الكالم للحقيقة‬ ‫الحقيقة‪ :‬استعمال اللفظ‬
‫به العادة‪ ،‬فاللفظ قد ُي َنقل من‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫املُ َ‬ ‫َّ‬
‫بداللة العادة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫تع َارف عليه دليال على أنه هو املراد في الظاهر‪ ،‬إذا دخل البيت؛ ألن الحقيقة تترك‬
‫َ‬ ‫واملجاز‪ ،‬ودلت العادة على إرادة‬ ‫فيما وضع له في أصل اللغة‪.‬‬
‫حقيقته إلى مجازه بداللة العادة‪ ،‬وهذا‬
‫فإن لفظ البيض‬ ‫بيضا"‪َّ ،‬‬‫شخصا حلف‪" :‬أن ال يأكل ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫ُفي َّرتب عليه الحكم‪.‬‬ ‫فإنه ُي َنت َقل إلى املعنى‬‫املجاز؛ َّ‬ ‫املجاز‪ :‬استعمال اللفظ في‬
‫من قبيل تحكيم العادة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ومجاز في بعض أنواعه؛ كبيض َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الثاني‪َّ :‬أن جريان ُ‬ ‫َّ‬ ‫الذي دلت عليه العادة‪.‬‬ ‫وض َع له‪ ،‬لعالقة مع‬
‫غير ما ِّ‬
‫الدجاج‪،‬‬ ‫بيض‪،‬‬ ‫كل ٍّ‬ ‫لفظ في حقيقة في ِّ‬ ‫العرف باستعمال ٍّ‬ ‫الوجه‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجود القرينة‪.‬‬
‫بالنسبة وقد دلت العادة على عدم إرادة بيض الحمام أو العصافير‪،‬‬ ‫معنى ما‪ ،‬يجعل ذلك الاستعمال حقيقة ِّ‬
‫للمستعملين‪ ،‬ويجعل إطالقه على معناه ألاصلي فال يحنث هذا َّ‬
‫الشخص لو أكل بيض الحمام أو العصافير؛‬
‫ُ ُْ‬
‫بداللة العادة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ألن الحقيقة تت َر ُك‬ ‫َّ‬
‫املتقرر َّأنه إذا دار‬ ‫ِّ‬
‫ً‬
‫مجازا‪ ،‬ومن‬ ‫في نظرهم‬
‫َّ‬
‫الاستعمال بين الحقيقة واملجاز ترجحت الحقيقة‪،‬‬
‫العرف والعادة‪.‬‬ ‫وهي هنا املعنى الذي جرى به ُ‬
- 30 -
‫‪- 31 -‬‬
‫‪3‬‬
‫َّ ْ ا ا ا ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ ا‬
‫إنما تعت اب ُر العادة إذا اط ار ادت أو غل ابت‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫أمثلة للفروع ‪َّ 1‬‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫َّ‬
‫الدليل على القاعدة‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫معنى القاعدة‬

‫ً‬ ‫ُ‬ ‫شخص آخر في بالدنا وفي زماننا‬ ‫ٍّ‬ ‫شخصا تعامل مع‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫بدليل من املعنى‬
‫ٍ‬
‫َّ‬
‫ستدل لهذه القاعدة‬‫يمكن أن ُي‬
‫مثل شرطا من شروط‬ ‫هذه القاعدة ت ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫حاصله‪َّ :‬أن اطراد العمل بالعادة أو غلبته َّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫الريال السعودي؛‬ ‫ُ‬ ‫مما‬
‫إعمال القاعدة الكبرى؛ وذلك َّأن العادة‬ ‫بالريال‪ ،‬ولم ي ِّبين نوعه؛ فإنه ينص ِّرف إلى ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫قي ٌد بكون العمل بها ُم ًّ‬ ‫وتحكيمها ُم َّ‬ ‫عامل به ُي َع ُّد عادة مطردة في بالدنا‪.‬‬ ‫الت ُ‬ ‫ألن َّ‬ ‫َّ‬ ‫بصالحية تلك العادة لربط‬ ‫ظن‬
‫يفيد غلبة ٍّ‬ ‫ٌ‬
‫ستمرا‬ ‫العادة‪ :‬أي َّإنما تكون‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ ا‬
‫الع َّمال في البناء يكون بقياس كامل‬ ‫‪َّ -2‬أن تحديد أجرة ُ‬ ‫مرجعا ُي ِّبين ُمراد إلانسان‬ ‫ً‬ ‫ألاحكام بها‪ ،‬وجعلها‬ ‫َّأن تحكيم العادة مشروط‬ ‫إنما تعت اب ُر‬
‫في جميع الحوادث‪ ،‬أو أكثرها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫مة حسب ما َّ‬ ‫ُ َّ ً‬
‫والنوافذ‪ ،‬وإن لم يعمل‬ ‫ويشمل ذلك موضع ألابواب َّ‬ ‫َ‬ ‫مساحته‪،‬‬ ‫واجب‪ ،‬وال‬ ‫تصرفاته‪ ،‬والعمل بغلبة الظ ِّن‬ ‫من ُّ‬ ‫باستمرار العمل بها في جميع‬ ‫تقدم‪.‬‬ ‫العادة محك‬
‫ُّ ُّ‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫شيئا‪ ،‬وهذه عادة مطردة‪ ،‬أو غالبة لدى مقاولي البناء؛‬
‫ٌ‬ ‫فيها ً‬ ‫تخلف العمل بها في بعض الحوادث؛ ألنَّ‬ ‫يضر‬ ‫الحوادث أو أكثرها‪ ،‬يستوي في‬ ‫اط ار اد ْت‪ :‬من الاطراد؛ وهو استمرار‬
‫فت َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ذلك أن يكون العمل ًّ‬
‫عت َب ُر هذه العادة‪.‬‬ ‫هذا أمر نادر‪ ،‬والعبرة في ألاحكام تكون للشائع‬ ‫عاما في‬ ‫العمل بالعادة في جميع الحوادث‪،‬‬
‫ُّ‬
‫نجارا؛ ليعمل له ً‬
‫دوالبا‪،‬‬ ‫شخصا ‪-‬في بالدنا‪ -‬استأجر ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -3‬لو َّأن‬ ‫للنادر‪.‬‬ ‫الغالب ال َّ‬ ‫جميع البالد إلاسالمية‪ ،‬أو ًّ‬
‫خاصا‬ ‫وعدم تخلفه ُمطل ًقا‪.‬‬
‫فإن العادة املطردة‪ ،‬أو الغالبة قد‬ ‫مظل ًة؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫حدادا ليعمل له‬ ‫ً‬ ‫أو‬ ‫مما‬ ‫وهذ بخالف ما لو كان العمل بالعادة َّ‬ ‫لفظيا أم‬‫ًّ‬ ‫ٌ‬
‫وسواء أكان‬ ‫ببعضها‪،‬‬ ‫وقد ُي َّعبر عن (الاطراد) بالعموم؛‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ًّ‬ ‫أي ُّ‬
‫ُ‬
‫جرت‪ ،‬بأن تكون املواد على طالب العمل؛ فتعتبر هذه العادة‪.‬‬ ‫مرجعا‬ ‫يستوي فيه العمل به وتركه‪ ،‬فال يصلح‬ ‫عمليا‪ ،‬وقد تقدم أنه يخرج‬ ‫الشيوع والاستفاضة للعادة‬
‫ا‬
‫ضاف إلى هذه ألامثلة‪ ،‬ما َّ‬ ‫ٌ‬ ‫هنا؛ َّ‬
‫تقدم ذكره عند الكالم على‬ ‫ويمكن أن ُي‬ ‫ترجيح ألحد العملين على‬ ‫ألن العمل به‬ ‫بذلك‪ ،‬ما إذا كان العمل بالعادة‬ ‫بين أهلها‪ ،‬بحيث يعم العمل به‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫من قبيل ُ‬ ‫جميع َّ‬
‫الشرط الثاني من شروط تحكيم العادة‪.‬‬ ‫رجح‪.‬‬ ‫آلاخر بدون م ِّ‬ ‫العرف املشترك‪.‬‬ ‫الناس في البالد ِّكلها‪ ،‬أو في‬
‫ُْ‬ ‫وهذا املعنى ُيعب ُر َّ‬
‫عما سبق ِّذكره‬ ‫ِّ‬ ‫إقليم خاص‪.‬‬
‫َّ‬ ‫في َّ‬ ‫ا اا‬
‫الشرط الثاني من شروط‬ ‫أو غل اب ْت‪ :‬من الغلبة‪ ،‬وهي استمرار‬
‫تحكيم العادة‪.‬‬ ‫العمل بالعادة في أكثر الحوادث‪،‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫بحيث ال يتخلف إال قليال‪.‬‬
- 32 -
‫‪- 33 -‬‬
‫‪4‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫العبرة للغالب الشائع َل للنادر‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫الدليل على القاعدة‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫معنى القاعدة‬

‫التكليف في حال عدم ظهور‬ ‫الشرع قد جعل وقت َّ‬ ‫‪َّ -1‬أن َّ‬ ‫َّ‬
‫ستدل على هذه القاعدة من وجهين متقابلين‪:‬‬ ‫يمكن أن ُي‬
‫هذه القاعدة ُتفيد َّأن َّ‬
‫الشرع ُي ِّبني‬ ‫الوجه َّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ألاحكام على ما يقع ً‬ ‫أمارات البلوغ‪ ،‬هو عندما يكون ُع ُم ُر إلانسان خمس عشرة‬ ‫ألاول‪ :‬إلاجماع على اعتبار الغلبة والعمل‬
‫كثيرا دون ما يقع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫يحصل عنده البلوغ في‬ ‫ُ‬ ‫الس ُّن الذي‬ ‫سنة؛ ألن هذا هو ِّ‬ ‫الاتفاق على‬‫بالغالب‪ ،‬وتتمثل صورة إلاجماع في ِّ‬
‫نادرا‪ ،‬وهذا ُيشير إلى وجه إعمال‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ َّ‬
‫َّ‬ ‫نادر‪ ،‬وهذا‬ ‫أمر ٌ‬ ‫السن فهو ٌ‬ ‫الغالب‪َّ ،‬أما عدم البلوغ عند هذا ِّ‬ ‫يبني أحكامه على ما العمل ببعض ألاصول‪ ،‬التي تفيد الظ َّن في الجملة؛‬ ‫أن الشرع ِّ‬ ‫العبرة‪ :‬الاعتداد‪.‬‬
‫القاعدة الكبرى؛ حيث إن تحكيم‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫يكثر وقوعه‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫خاصا‪ ،‬بل‬‫ًّ‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫عطه‬ ‫وأما ما كان وقوعه كخبر الواحد‪ ،‬والعمومات‪ ،‬وألاقيسة ونحوها؛ بسبب‬ ‫الغالب‪ :‬من الغلبة؛ وهي الكثرة‪،‬‬
‫تكرر وقوعها‬ ‫لتف ٌت فيه إلى ُّ‬‫العادة ُم َ‬ ‫النادر لم يلتفت إليه الشرع‪ ،‬ولم ي ِّ‬ ‫ً‬
‫ً‬ ‫بحيث يكون ً‬ ‫ألحقه بالغالب‪.‬‬ ‫الصحة فيها‪ ،‬وإذا غلب فيها ذلك‬ ‫الصدق‪ ،‬أو ِّ‬ ‫غلبة ِّ‬ ‫فإنه ال ُي َلت َف ُت إليه‪.‬‬
‫قليال؛ َّ‬ ‫واملراد به‪ :‬ما كان وقوعه ً‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫شائعا‪.‬‬ ‫غالبا‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫الشائع‪ :‬من ُّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫شخصا حلف أن ال يأكل من هذا الدقيق‪ ،‬فأكل من‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫ومعلوم َّأن ما قارب الش يء‬ ‫ٌ‬ ‫كانت قريبة من اليقين‪،‬‬ ‫الشيوع؛ وهو الانتشار‪.‬‬
‫خبزه‪ ،‬ولم تكن له َّنية؛ َّ‬ ‫ُأ َ‬ ‫ٌ‬
‫فإنه يحنث باألكل من خبزه‪ ،‬وال‬ ‫عطي حكمه‪.‬‬ ‫وهو هنا مرادف للغالب‪ ،‬فإيراده‬
‫الش يء َّ‬ ‫َّ‬ ‫من باب َّ‬
‫الوجه الثاني‪َّ :‬أن اعتبار‬
‫ألن الغالب في أكل َّ‬ ‫يحنث باالستفاف؛ وذلك َّ‬ ‫َّ‬ ‫التأكيد‪.‬‬
‫الدقيق أن ُيؤكل‬ ‫النادر‪ ،‬ومراعاته‪،‬‬
‫َّ‬
‫الشائع ال َّ‬ ‫نادر‪ ،‬والعبرة للغالب َّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫َّ ٌ‬ ‫درة؛ وهي القلة‬ ‫النادر‪ :‬من ُّ‬
‫الن َ‬ ‫َّ‬
‫للنادر‪.‬‬ ‫أمر ٌ‬
‫خبزا‪ ،‬واستفافه ٌ‬ ‫وعسر؛ فطبيعة‬ ‫مشقة‬ ‫وبناء ألاحكام عليه‪ ،‬فيه‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫الش يء َّ‬ ‫َّ‬ ‫والشذوذ‪ ،‬فهو َّ‬ ‫ُّ‬
‫أمر ٌ‬
‫قليل‪،‬‬ ‫سنة من والدته ٌ‬ ‫‪َّ -3‬أن حياة املفقود بعد تسعين‬ ‫النادر من حيث قلة وقوعه وشذوذه‪ ،‬تجعل‬ ‫ضد الغالب‪ ،‬واملراد‬
‫ً ًّ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫واملتعذر‬ ‫كاملتعذر‪،‬‬ ‫واملتعسر‬ ‫تعس ًرا‪،‬‬ ‫اعتباره ً ُ‬ ‫به‪ :‬ما كان وقوعه قليال شاذا‪.‬‬
‫شخص ولم‬ ‫السن هو الغالب‪ ،‬ولذلك لو ف ِّقد‬ ‫وموته بعد هذا ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أمرا م ِّ‬
‫َّ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬
‫وتم تسعين سنة من والدته؛ فإنه يحكم بموته‪،‬‬ ‫علم خبره‪َّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫فيلغى اعتبار النادر‪ ،‬ويكون الاعتبار للغالب‪.‬‬ ‫كاملمتنع‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ويقسم ماله بين ورثته؛ ألن العبرة للغالب الشائع ال للنادر‪.‬‬

‫‪َّ 5‬‬
‫حكم النادر‬

‫للنادر‪ ،‬إال َّأنه ينبغي‬


‫تقرر لدينا في هذه القاعدة‪َّ :‬أن الحكم يكون للغالب ال َّ‬
‫َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫التنبيه إلى أنه عند إعطاء الحكم للغالب‪ ،‬فإن النادر ال يخلو من حالتين‪:‬‬ ‫َّ‬

‫أ‬
‫يخصه‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫كم‬ ‫بح‬ ‫فرده‬ ‫اعاة‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫عسر‬ ‫مع‬ ‫الغالب‪،‬‬ ‫جنس‬ ‫من‬ ‫ادر‬ ‫لحق بالغالب في الحكم‪ ،‬وهذا يمكن أن يكون فيبحال كون َّ‬
‫الن‬
‫ُ َ‬
‫لغى َّ‬
‫النادر‪ ،‬بل ُي َ‬ ‫أن ال ي‬ ‫النادر‪ ،‬فال ُي َلت َفت إليه‪ ،‬وال ُي َ‬
‫لغى َّ‬ ‫ُ َ‬
‫ٍّ‬ ‫لحق بالغالب في الحكم‪ ،‬وهذا يمكن في حال عدم‬ ‫أن ي‬
‫عاما فأكثر‪ُ ،‬ي َعدُّ‬‫الشخص الذي يكون عمره خمسة عشرة ً‬ ‫فإن َّ‬‫والثالث فيما سبق‪-‬؛ َّ‬ ‫َّ ل َّ‬ ‫َّ‬
‫لعدم انضباطه‪ ،‬أو الشتباهه‪- ،‬وذلك كما ورد في املثالين ألاو‬ ‫عسر‪- ،‬وذلك كما ورد في املثال‬‫ٍّ‬ ‫كون النادر من جنس الغالب‪ ،‬وأمكن مراعاة فرده بدون‬
‫ً‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫من جنس البالغين ً‬ ‫الدقيق ليس من جنس ألاكل في العادة‪ ،‬وال ُ‬ ‫فإن استفاف َّ‬ ‫الثاني فيما سبق‪-‬؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫يخصه‪ ،‬لتفاوت الناس في هذا ألامر‪ ،‬فيلحق بالغالب‪ ،‬ويعطى حكم البالغين حقيقة‪.‬‬ ‫حكما‪ ،‬ويعسر مراعاته بحكم‬ ‫يعسر‬
‫فإنه ُي َع ُّد من جنس ألاموات ً‬ ‫مفقود؛ َّ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫حقه‪ ،‬بسبب‬ ‫يخصه؛ لالشتباه في ِّ‬‫ُّ‬ ‫حكما‪ ،‬ويعسر مراعاته بحكم‬ ‫التسعين‪ ،‬وهو‬ ‫سن ِّ‬ ‫وكذلك من يعيش بعد‬ ‫استف َّ‬
‫الدقيق‪،‬‬ ‫لتميزه عن ألاكل املعتاد‪ ،‬ولذلك لو حصل َّأنه‬ ‫يخصه ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫كم‬
‫مراعاته بح ٍّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سنة من والدته؛ َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ ِّ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َّ ْ َ‬
‫فإنه ُيحكم بموته‪ ،‬إلحاقا له بالغالب‪.‬‬ ‫وتم تسعين‬‫علم خبره‪َّ ،‬‬ ‫فإن من ف ِّق َد‪ ،‬ولم ي‬ ‫الجهل بحاله‪ ،‬ولذلك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وقد حلف أن ال يأكله‪ ،‬فإن ِّفعله هذا ال يلتفت إليه‪ ،‬فال يحنث به‪.‬‬
- 34 -
‫‪- 35 -‬‬
‫‪5‬‬
‫الكتاب كالخطاب‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها ‪1‬‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫شروط إعمال القاعدة‬ ‫َّ‬
‫الدليل على القاعدة‬
‫بالقاعدة الكبرى‬ ‫معنى القاعدة‬
‫ُيشترط إلعمال هذه القاعدة ُّ‬
‫الشروط آلاتية‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫"بعتك داري‬ ‫كتابا‪ ،‬وفيه‪ُ :‬‬ ‫شخصا كتب آلخر ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫بي ‪ ،‬وعمل َّأن املكاتبة تعطى حكم املخاطبة؛‬ ‫دل على هذه القاعدة عمل الن ِّ‬
‫هذه القاعدة قد يكون ذكرها تحت‬ ‫ُ ََ‬ ‫َّ ُّ ُ‬
‫القاعدة الكبرى؛ َّإما من باب َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫فقب َل املرسل إليه البيع‬ ‫الواقعة بمكان كذا‪ ،‬بكذا"‪ِّ ،‬‬ ‫كل منهما‪،‬‬ ‫أصحابه ‪ ‬من بعده؛ فقد كان النبي ‪ ‬يرسل من جهة ما يشترط في ٍّ‬
‫فرع‪،‬‬ ‫بذلك املبلغ؛ َّ‬ ‫رسله إلى القبائل وزعمائها‪ ،‬وإلى امللوك يدعوهم وما َّ‬
‫َّ‬ ‫فإن البيع ينعقد‪ ،‬كما لو كان ذلك‬ ‫يترتب عليهما من ألاحكام‪.‬‬
‫وإما من باب املجانسة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫فأما كونها من باب َّ‬ ‫خطابا باملشافهة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إلى إلاسالم‪ ،‬وكان يلاَزمهم مضمون تلك الكتب‪،‬‬
‫تمثل‬ ‫فرع؛ فألنها ِّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ويترتب عليها ما َّ‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫طالق"؛‬ ‫"أنت‬
‫كتابا‪ ،‬وفيه‪ِّ :‬‬ ‫رجال كتب لاَزوجته ً‬‫ً‬
‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫يترت ُب على ُمخاطبة غيرهم؛ من‬
‫صورة من صور تحكيم العادة؛ حيث‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫الطالق يقع بذلك‪ ،‬كما لو َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ٌ‬
‫شرط َّ‬ ‫أحكام بلوغ َّ‬
‫تكرر عمل َّ‬ ‫َّإنه قد َّ‬ ‫تلفظ بالطالق ُمشافهة‪.‬‬ ‫فإن‬ ‫للتكليف‪،‬‬ ‫الدعوة الذي هو‬
‫الناس بالكتاب‪،‬‬
‫كاتب من‬‫ومما يتصل بأمثلة هذه القاعدة‪ :‬ما لو نقل ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وكان ُيرسل ُسعاته إلى القبائل بعد إسالمها؛‬
‫وأقاموه مقام الخطاب في مواطن كثيرة‪،‬‬
‫عت َب ُر عادتهم في هذا َّ‬
‫فت َ‬ ‫ُ‬ ‫السند‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫كتب الحديث‪ ،‬أو الفقه‪ ،‬دون أن يتصل للناقل َّ‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫نفذوا‬‫ُلي ِّبلغوهم أحكام إلاسالم‪ ،‬أو ُلي ِّ‬
‫الشأن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إلى مؤلفيها؛ َّ‬ ‫شرعيا؛ كجباية َّ‬
‫ًّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اعتمادا على الكتابة‪.‬‬ ‫فإن ذلك يجوز‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫الاَزكاة ونحوها‪.‬‬
‫فألن‬ ‫وأما كونها من باب املجانسة؛‬ ‫ُ‬
‫َّ ًّ‬ ‫رسلون الكتب إلى‬ ‫وكذا كان خلفاؤه من بعده ي ِّ‬
‫الكتابة تشترك مع العادة في أن كال‬
‫ً‬ ‫حكما‬ ‫ً‬ ‫ألامراء والقضاة في آلافاق؛ ُلي ِّبلغوهم‬
‫لفظ‪،‬‬ ‫يؤدي معنى‪ ،‬وهو غير ٍّ‬ ‫منهما ِّ‬ ‫دنيويا‪ ،‬وكان عملهم ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ج‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫قائما‬ ‫توجيها‬ ‫شرعيا‪ ،‬أو‬
‫فناسب أن يذكر مع العادة ما يجانسها‪،‬‬ ‫على لاَزوم تنفيذ ما َّ‬
‫مما يفيد ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تضمنته تلك الكتب من غير‬
‫معنى‪ ،‬وهو غير لفظ‪.‬‬ ‫أن يكون الكتاب من الغائب‪،‬‬ ‫مكتوبا‬ ‫مرسوما؛ أي‪ :‬أن يكون‬ ‫أن يكون الكتاب‬ ‫مستبينا‪،‬‬ ‫أن يكون الكتاب‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫واضحا‪،‬‬ ‫ً‬
‫ظاهرا‬ ‫أي أن يكون‬ ‫نكير منهم؛ فيكون ذلك إجماعا منهم على ِّ‬
‫عد‬ ‫ٍّ‬
‫فال عبرة بالكتاب من الحاضر‬ ‫على الوجه املعتاد‪ ،‬في الخط‪ ،‬واملخطوط عليه‪.‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الكتاب كالخطاب‪.‬‬
‫إال في حالتين‪:‬‬ ‫معنونا بقوله‪" :‬من فالن‬ ‫الخط‪ :‬فبأن يكون‬ ‫فأما‬ ‫فال عبرة بالكتاب غير‬
‫ً‬
‫ابن فالن إلى فالن ابن فالن"‪ ،‬أو أن يكون مذيال‬ ‫املستبين؛ كالكتابة على املاء‬
‫بإمضائه‪ ،‬أو ختمه‪.‬‬ ‫أو الهواء ونحوهما‪ ،‬وهو‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫وأما املخطوط عليه‪ :‬فبأن يكون على الورق املعتاد‬ ‫َّ‬ ‫بمنزلة كالم غير مسموع‪،‬‬
‫فت َقر في ثبوت‬ ‫فيما ال ُي َ‬
‫العجاَز عن الخطاب‪ ،‬فيمكن اعتبار أن يكون الكتاب ‪1‬‬ ‫في الكتابة‪ ،‬فال عبرة بالكتابة على الجدار‪ ،‬أو على‬ ‫وال يثبت به ش يء من‬
‫َّ‬
‫حاضر؛ وذلك حكمه إلى الاطالع عليه‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬أن‬ ‫ٍّ‬ ‫الكتاب ولو كان من‬ ‫كالن َّية‪،‬‬
‫ورق الشجر‪ ،‬إال بانضمام ش يء آخر إليه؛ ِّ‬ ‫ألاحكام وإن نوى‪.‬‬
‫يستقل به إلانسان‪ ،‬فيكون مماَّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫وإلاشهاد عليه‪ ،‬وإلامالء على الغير حتى يكتبه؛ َّ‬
‫بدل عن الخطاب‪ ،‬يكون فيما‬ ‫ألن الكتاب‬ ‫ألن‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫والبدل ال يقوم مقام امل ْبدل‪ ،‬إال في ال يحتاج إلى القبول من الطرف آلاخر؛‬ ‫للتحقيق‪،‬‬ ‫للتجربة‪ ،‬وقد تكون َّ‬ ‫الكتابة قد تكون َّ‬
‫ُ‬
‫يثبت‬
‫َّ‬
‫والطالق وإلابراء؛ َّ‬
‫فإنه ُ‬ ‫وذلك كاإلقرار‬ ‫حال العجاَز عن امل ْب َدل‪.‬‬ ‫وبهذه ألاشياء َّ‬
‫تتعين الجهة‪.‬‬
‫حكمها بالكتاب‪ ،‬ولو كان من حاضر‪.‬‬
- 36 -
‫‪- 37 -‬‬
‫‪6‬‬
‫إلاشارات املعهودة لألخرس كالبيان باللسان‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫شروط إعمال القاعدة‬
‫ُيشترط إلعمال هذه القاعدة ُّ‬
‫الشروط آلاتية‬
‫عالقة هذه القاعدة بالقاعدة الكبرى‪ ،‬كعالقة‬ ‫ً‬
‫أخرسا أشار ببيع سلعة‪ ،‬وأشار إلى‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ثمنها‪ ،‬فقبلها املشتري؛ َّ‬
‫فإن البيع ُّ‬
‫السابقة بالقاعدة الكبرى؛ وذلك َّأن هذه‬ ‫القاعدة َّ‬ ‫يصح وينعقد‪.‬‬
‫القاعدة قد يكون ذكرها تحت القاعدة الكبرى؛ َّإما‬ ‫شخصا َّزوج ابنته ألخرس‪ ،‬فأشار‬
‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫َّأن إشارات ألاخرس إذا‬ ‫إلاشارات‬ ‫إلاشارات املعهودة‪:‬‬
‫فرع‪َّ ،‬‬ ‫من باب َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫يصح وينعقد‪.‬‬ ‫ألاخرس بالقبول؛ َّ‬
‫فإن النكاح ُّ‬ ‫ً‬ ‫ُ ًَ‬
‫وإما من باب املجانسة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫عتادة معلومة؛‬ ‫كانت م‬ ‫املعتادة املعلومة‪.‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫فأما كونها من باب َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫تمثل صورة من‬ ‫فرع؛ فألنها ِّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فإنها تعتبر وتقوم مقام‬ ‫قص ُد به من ال‬ ‫ألاخرس‪ُ :‬ي َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬
‫تكرر عمل الناس‬ ‫صور تحكيم العادة؛ حيث إنه قد َّ‬ ‫فتعطى‬ ‫الت ُّلفظ بالقول‪،‬‬‫َّ‬ ‫النطق من ألاصل‪ ،‬وهذا‬ ‫يستطيع ُّ‬
‫بإشارة ألاخرس‪ ،‬وأقاموه مقام ُّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫النطق باللسان في‬
‫ج‬ ‫أ‬ ‫أحكامه‪.‬‬ ‫ستطيعا للكالم‪،‬‬ ‫خرج من كان ُم‬ ‫ي ِّ‬
‫عت َب ُر عادتهم في هذا َّ‬ ‫فت َ‬
‫مواطن كثيرة‪ُ ،‬‬ ‫ب‬ ‫ً‬
‫الشأن‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫عارضا له‪.‬‬ ‫أو كان الخرس‬
‫فألن إلاشارة تشترك‬ ‫وأما كونها من باب املجانسة؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫قادرا على الكتابة‪ ،‬وهذا َّ‬
‫مما‬ ‫ً‬ ‫أن ال يكون‬ ‫أن ال تكون إشارته فيما ُيطل ُب‬ ‫أصليا ال‬ ‫أن يكون الخرس‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫كالبيان باللسان‪ :‬أي‪ :‬كالتلفظ‬
‫كال منهما يؤدي ً‬ ‫َّ ًّ‬ ‫اشترطه بعض العلماء‪ ،‬ولعل وجه هذا الشرط‪:‬‬ ‫فيه الاحتياط؛ كالحدود‪،‬‬ ‫عارضا‪ ،‬والخرس العارض‬
‫معنى‪ ،‬وهو غير‬ ‫ِّ‬ ‫مع العادة في أن‬ ‫َّ‬
‫والشهادات؛ َّ‬ ‫بالقول‪.‬‬
‫ذكر مع العادة ما ُيجانسها‪ ،‬مماَّ‬ ‫ُ َ‬ ‫النطق‪ ،‬وإلاشارة‬ ‫بدل عن ُّ‬‫َّأن إلاشارة والكتابة ٌ‬ ‫ألن إشارة ألاخرس‬ ‫هو‪ :‬اعتقال اللسان‪ ،‬فال‬
‫لفظ‪ ،‬فناسب أن ي‬ ‫ٍّ‬ ‫ُت َ‬
‫ً‬ ‫ُمحتملة‪ ،‬والكتابة غير ُمحتملة‪ ،‬فال ينبغي ترك‬ ‫تثبت تلك ألامور‬ ‫ُمحتملة‪ ،‬فال ُ‬ ‫عت َب ُر إشارة ألاخرس في هذه‬
‫يفيد معنى‪ ،‬وهو غير لفظ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫غير املحتمل إلى املحتمل‪ ،‬إال في حال العجاَز‪.‬‬ ‫بش يء محتمل‪.‬‬ ‫استمر‬ ‫الحالة‪ ،‬إال إذا‬
‫ٌ‬
‫إال َّأن أكثر العلماء على عدم اشتراط هذا‬ ‫خرسه‪ ،‬أو كانت هناك حاجة‬
‫ٌ‬
‫َّ‬
‫ولعل وجه عدم اشتراطه‪َّ :‬أن إلاشارة‬ ‫َّ‬ ‫الشرط‪،‬‬ ‫أو ضرورة العتبار إشارته‪ ،‬ولو‬
‫املعهودة املعلومة من ألاخرس ُتقارب ُّ‬ ‫َّ‬
‫يستمر خرسه‪.‬‬ ‫لم‬
‫النطق في‬ ‫ِّ‬
‫تحقق داللتها على مراد ألاخرس‪ ،‬فتكون‬ ‫ُّ‬
‫ً‬ ‫كالكتابة في الداللة‪ ،‬فيكونان ً‬
‫معا بدال عن‬
‫تحقق كان ً‬
‫كافيا‪.‬‬ ‫فأيهما َّ‬
‫النطق‪ُّ ،‬‬ ‫ُّ‬
‫تنبيه‬
‫عت َبر إلاشارة من القادر على الكالم‪ ،‬وذلك في موضعين‪:‬‬ ‫قد ُت َ‬
‫َّ‬ ‫يسعى َّ‬
‫مما َ‬
‫‪ -1‬أن يكون محل إلاشارة َّ‬
‫الشرع إلى وقوعه وثبوته؛ كاإلسالم‪ ،‬أو النسب‪.‬‬
‫َ‬ ‫محمدا رسول هللا؟"‪ ،‬فأشار برأسه بـ(نعم)؛ َّ‬
‫ً‬ ‫فلو قيل لشخص قادر على الكالم‪" :‬أتشهد أن ال إله إال هللا َّ‬
‫فإنه ُيحكم بإسالمه‪.‬‬ ‫وأن‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫َّ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫قادر على الكالم‪" :‬أهذا ولدك"‪ ،‬فأشار برأسه بـ(نعم)؛ فإنه يحكم بثبوت نسبه إليه‪.‬‬ ‫لشخص ٍّ‬‫ٍّ‬ ‫ولو قيل‬
‫طالق هكذا" وأشار بأصابعه الثالث؛ فإنهَّ‬
‫الرجل لاَزوجته‪" :‬أنت ٌ‬‫َّ‬ ‫َ‬
‫لفظ مبهم‪ ،‬كما لو قال‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫‪ -2‬أن تنضم إلاشارة إلى النطق في تفسير ٍّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫يقع الطالق ثالثا‪.‬‬
- 38 -
‫ً‬ ‫ً‬
‫املعروف عرفا كاملشروط شرطا‬ ‫‪74‬‬
‫‪- 39 -‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬


‫عيين بالنص‬
‫عيين بالعرف كالت ِ‬ ‫الت ِ‬ ‫‪8‬‬

‫ُّ‬
‫املعروف بين الت َّجار كاملشروط بينهم‬ ‫‪9‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على هؤَلء القواعد‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫القواعد‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬ ‫تنبيه‬ ‫معنى ‪3‬‬

‫كل منها َّأن ما َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ -1‬أنه قد َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫الناس‪ ،‬وأصبح ُعرفا؛‬‫تكرر العمل به بين َّ‬
‫َّأن ما َّ‬
‫جرت به‬ ‫الثالث تفيد ٌّ‬ ‫هؤالء القواعد‬ ‫جرى العرف عند الناس في حال التبايع ِّ‬
‫بالسلع‬ ‫عامتان‪َّ ،‬أما القاعدة الثالثة‬
‫القاعدتان ألاوليان َّ‬
‫خاصة باألعراف الجارية بين ُّ‬
‫َّ‬
‫والعرف عند جميع الناس‪ ،‬أو عند طائفة‬ ‫العادة ُ‬ ‫وتركيب‪ ،‬أن يكون ذلك على البائع‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫نقل‬‫التي تحتاج إلى ٍّ‬ ‫الت َّجار‪.‬‬ ‫فهي َّ‬ ‫فإنه ُير َاعى عند الحكم‪ ،‬فيكون بمنزلة ألامر‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫فيكون هذا ُ‬
‫مرجعا يقوم مقام اللفظ‬‫ً‬ ‫أمر ُمعت َب ٌر‪ ،‬ويكون‬ ‫منهم‪ٌ ،‬‬ ‫العرف بمنزلة ألامر املشروط في العقد‪.‬‬ ‫املشروط‪ ،‬أو املنصوص عليه بطريق اللفظ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫شخص سلعة في بالدنا بمائة ريال؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫حقق مضمون القاعدة الكبرى؛ التي‬ ‫ُ‬ ‫فإن‬ ‫‪ -2‬لو اشترى‬
‫والنص‪ ،‬وهذا ي ِّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مرجعا للحكم‪.‬‬‫ً‬ ‫تفيد َّأن العادة ت َع ُّد‬ ‫الريال السعودي؛ ألن العرف قد جرى‬ ‫بالريال هنا ِّ‬ ‫املقصود ِّ‬
‫بأن املراد بالريال عند إلاطالق الريال السعودي‪ ،‬ويكون‬ ‫َّ‬
‫بالنص‪.‬‬‫كالتعيين َّ‬‫بالعرف َّ‬‫التعيين ُ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ُم ً‬
‫ِّ‬ ‫تعينا بالعرف؛ ألن ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حدد نوع‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫‪ -3‬لو أن شخصا استأجر دارا أو سيارة‪ ،‬ولم ي ِّ‬
‫رجع في تحديد نوعه إلى ما جرى به‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫الاستعمال؛ َّ‬
‫العرف‪ ،‬ويكون ذلك بمنزلة املشروط‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪11‬‬
‫ُّ‬ ‫َل ُي ْن اك ُر ُّ‬
‫تغير ألاحكام بتغير ألازمان‬
‫‪- 40 -‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫مجال إعمال القاعدة‬ ‫معنى القاعدة‬ ‫نص هذه القاعدة‬
‫املوقف من ِ‬
‫َّ‬ ‫‪َّ -1‬أن العادة قد جرت َّ‬ ‫واحد؛ وهو أن‬ ‫ٍّ‬ ‫مجال‬
‫ٍّ‬ ‫إعمال هذه القاعدة ينحصر في‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫بأن صبغ الثوب‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫تكون العادة ُ‬ ‫النظر إلى ظاهر نص هذه القاعدة‪ ،‬وما فيه من إطالق‪َّ ،‬أدى إلى اختالف الباحثين‬ ‫َّ‬
‫والعرف مناطا للحكم الشرعي‪ ،‬بأن يتعلق‬
‫عيبا؛‬ ‫بالسواد في زمان أبي حنيفة ُي َع ُّد ً‬ ‫َّ‬ ‫سفه‪ ،‬وال بها الحكم َّ‬ ‫عاتب‪ ،‬وال ُي َّ‬ ‫ُ َ‬
‫َل ُينكر‪ :‬أي‪ :‬ال ي‬
‫ا‬
‫شرعيا لذاتها‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫الشرعي دون أن تكون ً‬
‫حكما‬ ‫املعاصرين فيها‪:‬‬
‫من صبغ ً‬ ‫بأن ْ‬ ‫أفتى أبو حنيفة َّ‬ ‫ولذلك َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ثوبا‬
‫وذلك َّأنه ملا كان الحكم يدور مع مناطه (أي‪ :‬علته)‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ُيعت َرض عليه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫‪ -1‬منهم من رفضها جملة وتفصيال؛ بناءا على أن أحكام الشريعة ال تتغير بتغير الاَزمان‪،‬‬ ‫ً‬
‫الناس‬ ‫عي َبه‪ .‬وملَّا اختلف ُعرف َّ‬ ‫بالسواد فقد َّ‬ ‫َّ‬ ‫الت ُّ‬
‫تغير‪ :‬أي‪َّ :‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أو غيره من املصالح‪ ،‬أو ألاعراف والعادات‪ ،‬وال تقبل َّ‬
‫فيتغير ويختلف باختالف مناطه‪ ،‬كان اختالف الحكم‬ ‫َّ‬ ‫بدل والاختالف‪.‬‬ ‫التبديل إال بطريق النسخ‪ ،‬والنسخ‬
‫بالسواد‬ ‫الصبغ َّ‬ ‫في زمان صاحبيه؛ وأصبح َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬
‫الصاحبان؛ َّ‬ ‫سنا‪َ ،‬‬ ‫ُح ً‬ ‫أمرا غير منكر‪ .‬ومثال ذلك‪َّ :‬أن ما ُي ِّخ ُّل باآلداب‬ ‫ً‬ ‫ألاحكام‪ :‬أي‪ :‬ألاحكام املنصوصة املعلقة‬ ‫بي ‪.‬‬ ‫ال يعرف إال بطريق الوحي‪ ،‬وقد انقطع الوحي بوفاة الن ِّ‬
‫بأن من صبغ ً‬
‫ثوبا‬ ‫أفتى َّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪-‬بطريق التعليل‪ ،-‬على املصلحة‪ ،‬أو واملروءات‪ ،‬ووسائل توثيق العقود‪ ،‬وقبض املبيعات‪ ،‬وما‬ ‫تغيير مع اختالف ألازمان‪ ،‬فال يقع ذلك في حكم الحادثة نفسها‬ ‫وإن حصل فيها ِّ‬
‫عيبه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫بالسواد فإنه لم ي ِّ‬ ‫العرف والعادة‪ ،‬أو ألاحكام الاجتهادية يتعلق بسن البلوغ‪ ،‬والحيض‪ ،‬تختلف من زمن آلخر‪،‬‬ ‫جديدة‪ ،‬في الاَزمن الجديد‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫حادثة‬
‫ٍّ‬ ‫بخصائصها وحيثياتها‪ ،‬وما يقع من ذلك قد يكون في‬
‫َّ ُّ ُ‬
‫الدور ت َبنى على‬ ‫‪َّ -2‬أن العادة قد جرت بأن‬ ‫َّ‬ ‫غير الحادثة في َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫غير املنصوص عليها‪ ،‬املبنية على ومن حال ألخرى‪ ،‬فيختلف الحكم باختالف ألاحوال فيها‪.‬‬ ‫تغيير‪ ،‬وال ينبغي أن‬ ‫حينئذ ال يقال له ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫الاَزمن القديم‪ ،‬واختالف حكمهما‬
‫ًّ‬
‫يكفي‬ ‫واحد؛ ولذلك أفتى العلماء بأنه ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫نمط‬ ‫ٍّ‬ ‫خل باملروءة؛ ف َّ‬ ‫مثال‪َّ -‬أن من ارتكب ما ُي ُّ‬ ‫ً‬ ‫املصلحة‪ ،‬أو العرف والعادة‪.‬‬ ‫للنزاع‪.‬‬ ‫يكون هذا محال ِّ‬
‫إن‬ ‫فنحن نعلم ‪-‬‬
‫َّ‬
‫لسقوط خيار الرؤية‪ ،‬رؤية بيت منها‪ ،‬ممن‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ألازمان‪ :‬أي‪ :‬ألاوقات‪.‬‬ ‫التغيير ال ُ‬ ‫ُّ َّ َّ‬ ‫َّ‬
‫عدالته ْتنخ ِّرم‪ ،‬ولكن ما يقدح في املروءة يختلف‬ ‫يخرج عن أحد أمرين‪:‬‬ ‫ولذلك فإن مضمون هذه القاعدة ال يصح؛ ألن ِّ‬
‫فلما اختلفت العادة‪،‬‬ ‫جميعا‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫يريد شراءها‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫شخص بانخرام‬ ‫ٍّ‬ ‫باختالف ألاحوال‪ ،‬ولذلك قد ُيحكم على‬ ‫املعنى إلاجمالي‬
‫بي ‪.‬‬ ‫أ) إما أن يكون نسخا وتبديال‪ ،‬وهذا ليس ألحد أن يقول به بعد وفاة الن ِّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫ختلفة؛‬
‫ٍّ‬ ‫كيفيات م‬ ‫ٍّ‬ ‫وصارت البيوت تبنى على‬
‫وحال؛ لوقوع ما يدعو إلى ذلك منه‪ ،‬ومع‬ ‫تغي ًيرا‪ ،‬وال نسخا‪ ،‬وال تبديال‪.‬‬ ‫ب) وإما أن يكون اختالف وقائع وتحقيق مناط‪ ،‬فال يكون ِّ‬
‫أفتى العلماء َّ‬ ‫َ‬ ‫زمن‪ٍّ ،‬‬ ‫مروءته في ٍّ‬
‫بأنه ال َّبد من رؤية جميع‬ ‫َ‬ ‫تغير َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫الاَزمن والحال‪ ،‬قد ُيحكم بعدم انخرام مروءته ولو‬ ‫َّأن َتب ُّدل ألاحكام ‪-‬باملعنى‬ ‫الاجتهادية‪ ،‬أو ألاحكام‬ ‫تقييد مجال إعمال القاعدة باألحكام‬ ‫‪ -2‬ومنهم من ذهب إلى ِّ‬
‫الرؤية‪.‬‬ ‫البيوت؛ ليسقط خيار ُّ‬ ‫الاَزمن َّ‬ ‫وقع منه ما وقع في َّ‬ ‫العرف واملصلحة‪.‬‬ ‫املبنية على ُ‬ ‫َّ‬
‫السابق‪.‬‬ ‫بناءا على‬ ‫السابق‪ -‬واختالفها‪ً ،‬‬ ‫َّ‬
‫الاَزمن املاض ي‬ ‫الناس قد جرت في َّ‬ ‫‪َّ -3‬أن عادة َّ‬ ‫الجواب عن إلاشكال َّ‬
‫فإن مجال إعمال القاعدة َل يدخل فيه ما يأتي‪:‬‬ ‫بناءا على هذا؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫أمر‬‫تبدل واختالف ألازمان‪ٌ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫السابق بأمرين‪:‬‬
‫ب َعد ألاكل في َّ‬ ‫ًّ‬ ‫املعلقة ‪-‬بطريق َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الشوارع من خوارم املروءة‪،‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫تقر ٌر‪ ،‬وليس محال لالعتراض‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫التعليل‪،-‬‬ ‫فسر لفظ (ألاحكام) في القاعدة‪ ،‬باألحكام املنصوصة‬ ‫‪ -1‬أن ن ِّ‬
‫قبل شهادة من كان كذلك؛ ألنهَّ‬ ‫ولذلك ال ُت َ‬ ‫عمل بحكم‬ ‫والعرف‪ ،‬هو بعينه ٌ‬ ‫‪ -1‬أن يكون العمل بالعادة ُ‬ ‫م ِّ‬ ‫العرف والعادة‪ .‬ويدخل تحت هذا َّ‬ ‫على املصلحة‪ ،‬أو ُ‬
‫َّ‬
‫الاجتهادية غير‬ ‫التفسير‪( :‬ألاحكام‬
‫من قبيل الفسق الذي ُت َر ُّد ألجله َّ‬ ‫ً‬ ‫شرعي؛ أي َح َك َم به َّ‬
‫الشهادة‪.‬‬ ‫موجودا في‬ ‫الشرع‪ ،‬أو كان العمل به‬ ‫‪5‬‬ ‫شك َّأن هذا َّ‬ ‫املبنية على املصلحة‪ ،‬أو العرف والعادة)‪ .‬وال َّ‬ ‫املنصوص عليها‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫النوع من‬
‫عالقتها بالقاعدة الكبرى‬
‫إال َّأن العادة قد اختلفت وصار ألاكل في‬ ‫الناس فدعا إليه الشرع وأكده‪ .‬فهذا النوع من ألاحكام ال‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫تماما‪ ،‬كما سيأتي التمثيل له‪.‬‬ ‫مماثلة ً‬ ‫ٍّ‬ ‫حادثة‬
‫ٍّ‬ ‫بتغير ألاحوال‪ ،‬ولو كان في‬ ‫يتغير ُّ‬ ‫ألاحكام قد َّ‬
‫َّ‬ ‫يجوز ِّ‬
‫الشوارع سبيل املتعجلين؛ ولذلك ال ُي َع ُّد هذا‬ ‫تغييره أو تبديله مهما تبدلت ألاحوال؛ ألن هذا من‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫هذه القاعدة ُتفيد َّأن للعادة ً‬
‫تأثيرا في‬ ‫نبدل لفظ (ألاحكام) بلفظ (الفتوى أو الاجتهاد)‪ ،‬ومعلوم َّأن الفتوى أو الاجتهاد‬ ‫‪ -2‬أن ِّ‬
‫خارما للمروءة في هذا َّ‬ ‫قبيل ألاحكام الثابتة التي ال تتغير‪ ،‬وال تتعلق به قاعدتنا‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫قد َّ‬
‫الاَزمن‪.‬‬ ‫الطهارة من َّ‬ ‫َّ‬ ‫اختالف الحكم‪ ،‬وذلك َّأن الحكم قد‬ ‫ٌّ‬
‫يتغير من العالم املجتهد بتغير ألازمان‪ ،‬إذا كان الحكم الذي هو محل للفتوى من‬
‫‪ -4‬أن العادة قد جرت بعدم إغالق أبواب‬ ‫َّ‬ ‫النجاسة‪ ،‬وستر العورة‪ ،‬وارتداء الحجاب‬ ‫مثاله‪:‬‬ ‫قبيل ما ورد في ألامر َّ‬
‫زمن على آخر؛ الختالف‬ ‫يختلف من ٍّ‬ ‫ألاول‪.‬‬
‫الاَزمن املاض ي؛‬ ‫املساجد في جميع ألاوقات في َّ‬ ‫لدى نساء املسلمين‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫العادة والعرف‪ ،‬وهذا يتفق مع ‪ -2‬أن ال يكون العمل بالعادة ُ‬ ‫نص القاعدة بلفظ (ألاحوال)؛‬ ‫نبدل لفظ (ألازمان) الوارد في ِّ‬ ‫وألاولى في هذا املقام أن ِّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لكونها أمكنة ُم َع َّدة للعبادة‪ ،‬ولكن ملا فشا‬ ‫شرعيا‪ ،‬وال‬ ‫حكما‬ ‫والعرف‬
‫ً‬ ‫مضمون ما أفادته القاعدة الكبرى؛‬
‫َّ‬
‫ألن هذا اللفظ ألاخير يشمل املصالح‪ ،‬وألاعراف والعوائد‪ ،‬ويشمل أحوال املكلف‬ ‫َّ‬
‫أفتى العلماء بجواز‬ ‫الفساد‪ ،‬واختلف الحال‪َ ،‬‬ ‫ً مناطا لحكم شرعي‪ .‬وهذا النوع ال عالقة له بالقاعدة‪،‬‬ ‫حيث أفادت َّأن العادة ُت ُّ‬ ‫َ‬ ‫واملكانية‪ .‬وبهذا َّ‬
‫َّ‬ ‫والاَز َّ‬ ‫خصية َّ‬ ‫الش َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫عد مرجعا‬ ‫التبديل تكون ِّصلة هذه القاعدة بالقاعدة الكبرى‬ ‫مانية‬
‫الصالة؛ صيانة لها من‬
‫ً‬ ‫إغالقها في غير أوقات َّ‬ ‫طوروا أنماط حياتهم و ُي ِّغيروا مظاهرها‪ ،‬حسبما‬ ‫ِّ‬
‫فللناس أن ُ‬
‫ي‬ ‫ظاهرة؛ لدخول ُ‬
‫حكم أو نفيه‪.‬‬ ‫إلثبات ٍّ‬ ‫العرف والعادة في إطالق القاعدة‪.‬‬
‫العبث َّ‬ ‫الاَزمن ما دام َّأن ذلك ال ُيعارض ً‬
‫أمرا‬ ‫يرون من مقتضيات َّ‬
‫والسرقة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫من أمور َّ‬
‫الشريعة الثابتة‪.‬‬
‫‪- 41 -‬‬

‫القواعد ال َّ‬
‫كلية غير الكبرى‬
‫ا ا ً ا‬ ‫َّ ا‬
‫الت ِاب ُع ت ِاب ٌع‬
‫ا‬
‫ام ْن امل اك ش ْيئا امل اك اما ُه او ِم ْن ض ُرو ارا ِت ِه‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫ْ ْ‬ ‫َّ ا ْ‬ ‫معنى القاعدة‬ ‫‪1‬‬
‫الت ِاب ُع َل ُيف ار ُد ِبال ُحك ِم‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫َّ‬
‫ا ا ا‬ ‫ا ا ا ا ْا‬ ‫الت َّ‬
‫بعية‬ ‫أسباب‬
‫ص ُل اسقط الف ْر ُع‪.‬‬ ‫ألا ْ‬ ‫ب‬ ‫‪2‬‬
‫إذا سقط‬ ‫‪3‬‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ِ ا ا ا ا َّ ْ ُ ا ا‬ ‫َّ‬
‫إذا بطل الش يء بطل ما ِفي ِضم ِن ِه‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ألادلة على القاعدة‬ ‫‪3‬‬
‫ا ْ اُْ ُ ْا ْ ُ ُ ا ْا‬
‫ألا ْ‬ ‫‪4‬‬
‫ص ِل‪.‬‬ ‫قد يثبت الفرع دون‬ ‫‪5‬‬ ‫املتفرعة عنها‬ ‫القواعد‬
‫ا‬ ‫َّ ا ا ا ُ ْ ا ا ُ ا‬ ‫ْاا‬ ‫ِ‬ ‫‪4‬‬
‫ُيغتف ُر ِفي التو ِاب ِع ما َل يغتفر ِفي غي ِرها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫‪6‬‬
‫ا ْ ر َّ‬ ‫اغ لال ْجت ا‬ ‫ا ا ا ا‬
‫‪5‬‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫الن‬
‫‪.‬‬ ‫د‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و‬‫م‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫اد‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َل مس‬ ‫‪2‬‬
‫ْ ا ُ ُْا ُ ْ‬ ‫ا‬
‫ض ِب ِمث ِل ِه‪.‬‬ ‫ِالاج ِتهاد َل ينق‬ ‫‪3‬‬
‫ا ا ُا ا ْ ُُ ا ُا ْ ُ‬
‫ا‬
‫إعطاؤ ُه‪.‬‬ ‫ما حرم أخذه حرم‬ ‫‪4‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا َّ ا ا ْ ُ ُ ا ُ ا ْ‬
‫إذا تعذر ألاصل يصار إلى البد ِل‪.‬‬
‫ِ َّ ا ُّ ُ ا ا َّ َّ ِ ا ُ ٌ ْ ا ْ ا‬
‫‪5‬‬
‫ا‬
‫التصرف على الر ِعي ِة منوط ِباملصلح ِة‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫الض ام ِان‪.‬‬ ‫اج ب َّ‬ ‫ْال اخ ار ُ‬


‫ِ‬ ‫‪7‬‬
‫ُُْ ُْ‬
‫الغرم بالغن ِم‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫َّ ا‬ ‫ُا‬ ‫ْ ا ا ُ َّ‬
‫الجواز الش ْر ِع ُّي ين ِافي الض امان‪.‬‬ ‫‪9‬‬
‫ْ ْ ا ا ْ‬ ‫ا ا ُ ُ اا ا ْ اا ا ا‬
‫ا‬ ‫ْاا ْ‬ ‫ا‬ ‫ص َّرف ِفي ِمل ِك الغ ْي ِر ِبال إذ ِن ِه‪.‬‬ ‫َل يجوز ِألح ٍد أن يت‬ ‫‪11‬‬
‫صل ِفي الكالم ال اح ِقيقة‪.‬‬ ‫ألا ْ‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ُ ا ُ ْ ْ ُ ا ا‬
‫ْ‬
‫اع ِل َل ْلا ِم ِر اما ل ْم ايك ْن ُم ْج اب ًرا‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ا ا َّ ا ْ ْ ا ا ُ ا ا ْ‬
‫صار ِإلى امل اجاز‪.‬‬ ‫ِإذا تعذرت الح ِقيقة ي‬ ‫يضاف ال ِفعل إلى ال ِ‬
‫ف‬ ‫‪11‬‬
‫‪2‬‬ ‫ْ‬ ‫ا َّ‬ ‫َّ ُ ْ‬
‫اً‬ ‫ا‬ ‫ا ا ْ ا ُ ْ ا ُ َّ‬
‫الت ْقييد ان ًّ‬
‫صا أ ْو ِدَللة‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ا ْا‬
‫املطل اق اي ْج ِري اعلى إطال ِق ِه‪ ،‬ما لم يقم د ِليل‬
‫ُْ ْا‬ ‫الث ِابت ِبال ُب ْر اه ِان كالث ِاب ِت ِبال ِع اي ِان‪.‬‬ ‫‪12‬‬
‫ا ا ُ ا ْ ُ‬ ‫ْ ُا ْ‬
‫‪3‬‬
‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ا ُ ْاا اْا‬
‫ض اما َل ايت اج َّزأ ك ِذك ِر ك ِل ِه‪.‬‬ ‫ِذكر بع ِ‬ ‫‪4‬‬ ‫املتفرعة عنها‬
‫ِ‬ ‫القواعد‬ ‫ِإعمال الكال ِم أولى ِمن ِإهم ِال ِه‪.‬‬ ‫‪13‬‬
‫ا‬ ‫ْ ا‬ ‫ا ْ‬
‫اض ِر لغ ٌو او ِفي الغا ِئ ِب ُم ْعت اب ٌر‪.‬‬ ‫ْ ا‬
‫الوصف ِفي الح ِْ‬
‫ْا ْ ُ‬
‫‪5‬‬ ‫ود‪.‬‬ ‫ط اَل اي ُع ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫السا ِق‬ ‫‪14‬‬
‫ا ا‬ ‫ُّ ا ُ ُ ا ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اب‪.‬‬ ‫االس اؤال معاد ِفي ْالا اجو ِ‬ ‫ا ا ا ُّ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا ُّ ا‬
‫تبد ُل سب ِب ِاملل ِك قا ِئ ٌم مقام تبد ِل الذ ِ‬
‫‪6‬‬
‫ال الكال ِم ُي ْه ام ْل‪.‬‬ ‫إذا ت اع َّذ ار إ ْع ام ُ‬ ‫ات‪.‬‬ ‫‪15‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪7‬‬ ‫َّ‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ا ا‬
‫اما ث ابت ِبالش ْر ِع ُمق َّد ٌم اعلى اما ث ابت ِبالش ْر ِط‪.‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪- 42 -‬‬

‫َّ‬
‫وت الش ْر ِط‪.‬‬ ‫وت ُه ع ْن اد ُث ُ‬
‫ب‬
‫َّ ْ ا ُ ُ ُ ُ‬
‫ب‬ ‫ث‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ط‬‫ر‬‫الش‬‫ب‬ ‫ْاملُ اع َّل ُ‬
‫ق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ْ ا‬ ‫ا ْ ا ُ ُ ا ا ُ َّ‬
‫اعاة الش ْر ِط ِبق ْد ِر ِإلا ْمك ِان‪.‬‬ ‫يلزم مر‬ ‫‪18‬‬

‫القاعدة َّ‬
‫الكلية ألاولى‬
‫َّ ا‬
‫الت ِاب ُع ت ِاب ٌع‬

‫معنى القاعدة‬ ‫‪1‬‬

‫َّ‬
‫الت َّ‬
‫بعية‬ ‫أسباب‬ ‫‪2‬‬
‫َّ‬
‫ألادلة على القاعدة‬ ‫‪3‬‬
‫ْ ا‬ ‫ُ ا‬ ‫ا ا‬ ‫ْ ا ا ا ًْ‬
‫‪ 1‬امن املك شيئا املك اما هو ِمن ض ُرو ارا ِت ِه‪.‬‬ ‫املتفرعة عنها‬
‫ِ‬ ‫القواعد‬ ‫‪4‬‬
‫ْ ْ‬ ‫َّ ا ْ‬
‫الت ِاب ُع َل ُيف ار ُد ِبال ُحك ِم‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫ا ا ا‬ ‫ا ا ا ا ْا‬
‫ص ُل اسقط الف ْر ُع‪.‬‬ ‫ألا ْ‬ ‫ِإذا سقط‬ ‫‪3‬‬
‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ا ا‬
‫إذا ابط ال الش ْي ُء ابط ال اما ِفي ِض ْم ِن ِه‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫ا ْ اُْ ُ ْا ْ ُ ُ ا ْا‬
‫ألا ْ‬
‫ص ِل‪.‬‬ ‫قد يثبت الفرع دون‬ ‫‪5‬‬
‫ا‬ ‫ا ْاا‬ ‫َّ‬ ‫ْاا‬
‫ُيغتف ُر ِفي الت او ِاب ِع اما َل ُيغتف ُر ِفي غ ْي ِر اها‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫الكلية ألاولى‬‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 43 -‬‬
‫َّ ا‬
‫الت ِاب ُع ت ِاب ٌع‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫ألادلة على هذه القاعدة‬ ‫معنى ‪1‬‬
‫َّ‬
‫الت َّ‬ ‫القاعدة‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫بعية‬ ‫أسباب‬
‫التابع حكم متبوعه؛ منها‪:‬‬ ‫النصوص التي ُتفيد بمجموعها إعطاء َّ‬ ‫جملة من ُّ‬ ‫أوَل‪ :‬وردت‬
‫ََ ُ ُ‬ ‫ََ ُ ْ‬
‫‪ -1‬قوله ‪« :‬ذكاة ال َج ِّن ِّين ذكاة أ ِّم ِّه» رواه أبو داود‪ ،‬وهو صحيح‪.‬‬
‫َّ‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن َّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫النبي ‪ ‬قد حكم للجنين من حيث الذكاة بحكم أمه‪ ،‬فإذا حصلت‬
‫أيضا؛ لكونه ً‬
‫تابعا لها‪.‬‬ ‫تذكيتها فقد حصلت تذكيته ً‬
‫ً‬
‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ًْ َ ْ ُ ْ َ‬
‫َ‬
‫‪ -2‬قوله ‪َ « :‬م ْن َباع نخال قد أ ِّب َرت فث َم ُر َها ِّلل َبا ِّئع‪ِّ ،‬إال أن َيشت ِّرط امل ْبتاع» أخرجه البخاري‬ ‫وجه َّأن الش يء إذا كان مرتبطا بغيره على‬ ‫التابع‪ :‬الش يء املرتبط بغيره على ٍّ‬
‫َّ‬
‫َّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫مكن انفكاكه عنه ًّ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َْ َ َ ًْ‬ ‫حسا أو ً‬
‫مكن انفكاكه عنه ًّ‬ ‫ُ‬
‫اع نخال َب ْع َد أ ْن تؤ َّب َر‪ ،‬فث َم َرُت َها ِّلل َب ِّائ ِّع ِّإال أ ْن‬ ‫ومسلم‪ ،‬وأخرج البخاري قوله ‪« :‬م ِّن ابت‬ ‫بعية في ش ٍيء ما؛‬
‫َّ‬
‫الت َّ‬ ‫َّ‬
‫حتى تتحقق‬
‫حسا أو‬
‫َّ ُ َ‬
‫وجه ال ي ِّ‬
‫ٍّ‬
‫ً‬
‫معنى‪.‬‬ ‫ال ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ُ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َ ْ ً َ َ ُ َ ٌ َ َ ُ ُ َّ َ َ ُ َّ َ ْ َ ْ َ َ ُْ‬ ‫سبب من ألاسباب ْلاتية‬
‫ُّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫تابع‪ :‬املقصود به أنه ُيعطى حكم معنى؛ فإنه يعطى حكم ذلك الش يء‬
‫يشت ِّرط املبتاع‪ ،‬وم ِّن ابتاع عبدا وله مال‪ ،‬فماله ِّلل ِّذي باعه‪ِّ ،‬إال أن يشت ِّرط املبتاع»‪.‬‬ ‫فإنه َل بد من تحقق ٍ‬ ‫ٌ‬
‫بالثمرة امل َّؤبرة وباملال الذي مع العبد َّ‬ ‫َّ‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن َّ‬ ‫سواء أكان ذلك في الوجود‬ ‫املتبوع‪،‬‬ ‫ذلك الش يء املتبوع‪.‬‬
‫بأنه للبائع؛‬ ‫النبي ‪ ‬قد حكم‬
‫الثمرة وهذا املال قد حصل أثناء ملك البائع‪ ،‬فيدخل ً‬ ‫َّ‬ ‫وذلك َّ‬ ‫والعدم‪ ،‬أم في إلاثبات والنفي‪ ،‬أم في‬
‫تبعا مللكه‪.‬‬ ‫ألن تلك‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫السقوط‬‫ُّ‬ ‫البقاء والذهاب؛ أي‪:‬‬
‫وجه‬
‫ارتباط بين شيئين على ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫فإن العقل يقتض ي َّأن وجود أي‬ ‫أدلة من املعنى؛ َّ‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪:‬‬
‫يصل إلى عدم الانفكاك بينهما‪ ،‬يلاَزم منه أن يرتبط أحدهما باآلخر في الحكم‪.‬‬ ‫والبطالن‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫تولد الش يء من غيره؛‬
‫ُّ‬ ‫‪َّ2‬‬
‫الش يء وغيره مع‬ ‫َّ‬
‫الاتصال بين‬ ‫الاتحاد بين الش يء وغيره في الجنس‪،‬‬
‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫جاَزءا من غيره‪ ،‬أو كالجاَزء من غيره‪ ،‬أو من‬ ‫ً‬ ‫َّأن يكون الش يء‬
‫بضعف‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫تميز الش يء عن غيره بقل ٍّة أو‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ضروراته‪:‬‬
‫واملقصود‪َّ :‬أن الش يء إذا كان قليال أو‬ ‫فإن املتولد من الش يء‬ ‫إرادة البقاء‪ ،‬أي‪ :‬يكون ِّاتصاال‬ ‫واحد‪،‬‬‫ٍّ‬ ‫كالثمار التي من جنس‬ ‫وذلك ِّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫قوة ما يقابله؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫ضعيفا‪ ،‬ألجل كثرة أو َّ‬ ‫ً‬ ‫ُيعطى حكم ذلك الش يء‬ ‫في الحال وفي ثانيه‪ ،‬وليس‬ ‫يجوز بيعها بعد بدو الصالح في ٍّ‬
‫ثمرة‬ ‫فأما ما كان جاَزءا من غيره فاملراد به‪ :‬ما ال يوجد الش يء دونه‪ ،‬وال‬
‫يقبل الانفصال عنه َّ‬
‫الضعيف يتبع الكثير أو القوي‬ ‫هذا القليل أو َّ‬ ‫الذي هو أصله؛ وذلك‬ ‫قابال للفصل في ثاني الحال‪،‬‬
‫ً‬ ‫واحدة منها‪ُ ،‬ويلحق الذي لم َي ْب ُد‬ ‫كالسقف‬ ‫بالنظر إلى الغرض من ذلك الش يء؛ َّ‬
‫والجدران والنوافذ بالنسبة َّ‬
‫َّ‬
‫بالنسبة للثمر‬ ‫كالثمر غير َّ‬ ‫َّ‬ ‫بالنسبة للمال‪،‬‬
‫كالربح ِّ‬ ‫حسيا أم‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫سواء أكان ِّاتصاال‬ ‫الصالح‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫صالحه بالذي لم َي ْب ُد فيه‬ ‫للدار‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫املؤبر ِّ‬ ‫في حكمه؛‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ُّ‬
‫بالنسبة للجبهة في السجود‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫بالنسبة للماشية‪.‬‬
‫والنتاج ِّ‬
‫َّ‬ ‫معنويا؛ وذلك كالشجر والبناء‬ ‫ً‬ ‫واض ُع ال ِّقث ِّاء‬ ‫َ‬
‫وكذا املقاثي واملباطخ [ ِّه َي م ِّ‬ ‫واملراد بما كان كالجاَزء‪ :‬ما يوجد الش يء دونه في ألاصل‪ ،‬وإذا و ِّجد‬
‫املؤبر‪ ،‬وكاألنف ِّ‬ ‫ْ‬ ‫فإنه ال يقبل الانفصال َّ‬ ‫َّ‬
‫ووجه ذلك‪ :‬يرجع إلى َّأن اعتبار القليل أو‬ ‫والسمن‬
‫ِّ‬ ‫بالنسبة لألرض‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َوال ِّب ِّط ِّيخ] تتحد في الجنس‪ ،‬فيجوز بيع‬ ‫بالنظر إلى الغرض من ذلك الش يء؛ كالجنين‬
‫ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫بالنسبة للبهيمة‪ ،‬وتعلم‬ ‫ِّ‬ ‫يطب‬ ‫كل منها إذا طاب‪ ،‬ويلحق الذي لم ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫بالنسبة للشجر‪.‬‬ ‫بالنسبة لألم‪ ،‬والثمر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫خاص فيه نوع‬ ‫ٍّ‬ ‫الضعيف وإفراده بحكم‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بعية‬ ‫الت َّ‬ ‫بما طاب؛ وذلك ُّكله ألجل َّ‬ ‫وأما املراد بما كان من ضرورات الش يء فهو‪ :‬ما كان من لوازم العين‪،‬‬ ‫َّ‬
‫تعسر مراعاته والالتفات‬ ‫مشقة‪ ،‬بحيث‬ ‫بالنسبة للعبد‪.‬‬
‫الصنعة ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أو َّ‬
‫فتعم بذلك البلوى‪ ،‬ولذلك ُي َ‬ ‫ُّ‬ ‫الاتحاد في الجنس‪.‬‬ ‫الناتجة عن ِّ‬ ‫صرف عقال أو ُعرفا‪ ،‬أو من مصالحهما‪ ،‬وكمال منافعهما‪،‬‬ ‫الت ُّ‬
‫لحق‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫بالنسبة‬ ‫الش يء؛ كالعلو ُّ‬
‫ً‬
‫بالكثير أو القوي في حكمه؛ دفعا لهذه‬ ‫والسفل ِّ‬ ‫بحيث يتوقف عليها الانتفاع بذلك‬
‫املشقة‪.‬‬ ‫السلعة عند أصحاب‬ ‫بالنسبة للقفل‪ ،‬ووضع ِّ‬ ‫لألرض‪ ،‬واملفتاح ِّ‬
‫صرف بالبيع‪.‬‬ ‫فإنه من لوازم ملكه َّ‬
‫للت ُّ‬ ‫للدالل َّ‬ ‫الدكاكين بالنسبة َّ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫‪- 44 -‬‬

‫املتفرعة عن قاعدة‬‫ِ‬ ‫القواعد‬


‫َّ ا‬
‫الت ِاب ُع ت ِاب ٌع‬

‫ْ ا‬ ‫ُ ا‬ ‫ا ا‬ ‫ْ ا ا ا ًْ‬
‫امن املك شيئا املك اما هو ِمن ض ُرو ارا ِت ِه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ْ ْ‬ ‫َّ ا ْ‬
‫الت ِاب ُع َل ُيف ار ُد ِبال ُحك ِم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ا ا ا‬ ‫ا ا ا ا ْا‬
‫ص ُل اسقط الف ْر ُع‪.‬‬ ‫ألا ْ‬ ‫ِإذا سقط‬ ‫‪3‬‬

‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ا ا‬
‫إذا ابط ال الش ْي ُء ابط ال اما ِفي ِض ْم ِن ِه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ا ْ اُْ ُ ْا ْ ُ ُ ا ْا‬
‫ألا ْ‬
‫ص ِل‪.‬‬ ‫قد يثبت الفرع دون‬ ‫‪5‬‬

‫ا‬ ‫ا ْاا‬ ‫َّ‬ ‫ْاا‬


‫ُيغتف ُر ِفي الت او ِاب ِع اما َل ُيغتف ُر ِفي غ ْي ِر اها‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪- 45 -‬‬

‫َّ‬ ‫ً ُ ا ُ ُ‬
‫املتفرعة عنها‪ ،‬وهي على النحو ْلاتي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فصله القواعد‬
‫هذه القاعدة ذات معنى مجمل‪ ،‬ت ِ‬
‫‪1‬‬
‫ا‬ ‫ا ا ً ا‬
‫ام ْن امل اك ش ْيئا امل اك اما ُه او ِم ْن ض ُرو ارا ِت ِه‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫بالقاعدة الك َّلية‬
‫عالقتها ‪4‬‬
‫أمثلة للفروع ‪َّ 2‬‬ ‫معنى القاعدة‬
‫املبنية على القاعدة‬

‫َّ‬ ‫ُ‬
‫هذه القاعدة تفيد َّأن ما كان من لوازم الش يء؛‬ ‫أرضا؛ َّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فإنه ُي َع ُّد ً‬ ‫فإنه يدخل فيها ما فوقها وما تحتها‪ ،‬أي‪ :‬علوها‬ ‫شخصا اشترى ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬
‫فيعطى حكمه‪،‬‬ ‫تابعا لذلك الش يء‪،‬‬ ‫فيحق له أن يبني في فضائها‪ ،‬ويحفر في أعماقها؛ وذلك َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫شيئا‪ :‬يشمل العين َّ‬
‫ً‬
‫ألن العلو‬ ‫وسفلها؛‬ ‫عين أو‬
‫أن من حصل له ملك ٍّ‬ ‫والت ُّ‬
‫صرف‪.‬‬
‫وهذا هو ما ُتفيده القاعدة َّ‬
‫الكلية من َّأن َّ‬
‫التابع‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ُيعطى حكم متبوعه‪.‬‬
‫َ‬ ‫والسفل من لوازم ألارض‪ ،‬فيكونان تابعين لألصل‪ ،‬فيعطيان حكمه؛ لتبعيتهما‬ ‫يملك ما هو من لوازم‬ ‫ُّ‬
‫تصرف؛ فإنه ِّ‬ ‫ضروراته‪ :‬املقصود به لوازمه؛ َّإما‬
‫له‪.‬‬ ‫العرف‪ .‬ذلك بطريق العقل أو ُ‬
‫العرف‪.‬‬ ‫من جهة العقل‪ ،‬أو جهة ُ‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫‪ -2‬لو أن شخصا باع أرضا أو دارا؛ فإنه يدخل في هذا البيع دوالب املاء‪ ،‬وأبواب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫تابعة لها‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫الدار؛ ألنها من ضرورات ألارض َّ‬
‫فتعطى حكمها‪،‬‬ ‫والدار‪ ،‬فتكون‬
‫فدوالب املاء وألابواب ُي َع َّدان من مصالح ألارض‪ ،‬وكمال منافعها‪.‬‬
‫مثال‪-‬؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ ً‬ ‫وكذا املفتاح ُي َع ُّد من لوازم ُ‬
‫فإنه يملك‬ ‫القفل‪ ،‬فمن اشترى قفال ‪-‬‬
‫ُ َ‬ ‫ألن املفتاح من لوازم القفل‪ ،‬فيكون ً‬ ‫مفتاحه؛ َّ‬
‫فيعطى حكمه‪.‬‬ ‫تابعا له‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫لتبعية لوازم العين‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫السابقة ت َع ُّد أمثلة‬ ‫وهذه ألامثلة َّ‬
‫الدالل يملك َّ‬ ‫فإن َّ‬
‫شخصا وضع سلعة عند دالل؛ َّ‬‫ً‬
‫التصرف بالبيع‪،‬‬ ‫ٍّ‬
‫ً‬ ‫‪ -3‬لو َّأن‬
‫الدكاكين‪ ،‬فلو َّأن‬ ‫فيملك ما هو من لوازمه‪ ،‬وهو وضع السلعة عند أصحاب َّ‬
‫ِّ‬
‫دال ًال وضع سلعة عند صاحب دكان‪ ،‬فهرب صاحب الدكان بالسلعة؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫ِّ‬
‫ُ َ‬ ‫ألن ملكه لالزم‪ ،‬قد ثبت ً‬ ‫الدالل ال يضمن؛ َّ‬
‫فيعطى حكمه‪.‬‬ ‫تبعا مللكه لألصل‪،‬‬
‫صرف‪.‬‬ ‫تبعية َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫وهذا مثال لوازم َّ‬
‫‪- 46 -‬‬

‫َّ ُ ا ُ ْ‪ 21‬ا ُ ْ ُ ْ‬
‫الت ِابع َل يفرد ِبالحك ِم‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬
‫الدليل على القاعدة‬ ‫‪2‬‬
‫معنى القاعدة‬

‫يصح إعطاؤه‬ ‫هذه القاعدة ُتفيد َّأن ما كان ً‬


‫تابعا ال ُّ‬ ‫الله ‪َ ‬أ ْن ُت َب َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َّ‬ ‫َ ْ َ َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫التابع ال ُيعطى‬ ‫يصدق عليه وصف َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّأن ما‬
‫ً‬ ‫تابعا‬ ‫‪َّ -1‬أن العضو من البهيمة كج ْل ِّدها إذا كانت َّ‬
‫حي ًة؛ ُي َع ُّد ً‬
‫ِّ‬
‫اع‬ ‫ال‪« :‬نهى َرسول ِّ‬ ‫اس ق‬
‫ع ِّن اب ِّن عب ٍّ‬
‫حكما‬
‫ُ َ‬ ‫ً‬
‫مستقال‪ ،‬بل ُي َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ٌ َ َّ ُ ْ َ َ َ َ ُ ٌ َ َ‬
‫جرى عليه حكم متبوعه‪،‬‬
‫َّ‬
‫حكما‬
‫فرد بالحكم‪.‬‬ ‫ألن َّ‬
‫التابع ال ُي َ‬ ‫لها‪ ،‬فال يجوز إفراده بالبيع؛ َّ‬ ‫صوف َعلى ظ ْه ٍّر‪َ ،‬وال ل َب ٌن ِّفي‬ ‫ثمرة حتى تطعم‪ ،‬وال‬ ‫مستقال‪ ،‬بل يعطى حكم متبوعه في جميع ألاحوال‪.‬‬
‫الكلية‪.‬‬ ‫ً‬
‫وهذا يتفق تماما مع ما أفادته القاعدة َّ‬ ‫َ َ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫‪َّ -2‬أن اللبن في الضرع أو الجنين في البطن؛ ُي َع ُّد ً‬
‫تابعا للبهيمة‪،‬‬ ‫ض ْر ٍّع»‪ .‬قال ابن حجر في ((بلوغ املرام))‪" :‬رواه الطبرا ِّني ِّفي‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تنبيه‪ :‬بعض العلماء قد ذكر هذه القاعدة ومثل لها‬
‫ألن َّ‬
‫فال يجوز إفراده بالبيع؛ َّ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫(ألا ْو َس ِّط) َوا َّلد َارقط ِّن ُّي‪َ ،‬وأخ َر َج ُه أ ُبو َد ُاو َد ِّفي (امل َر ِّاس ِّيل)‬
‫ََْ‬ ‫ببعض ألامثلة‪ ،‬واستثنى منها بعض ُّ‬
‫الصور‪.‬‬
‫فرد بالحكم‪.‬‬ ‫التابع ال ُي َ‬
‫اس‬ ‫ْ َ َ َ ُ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ َ ُ َ ْ ً َ ْ ُ ً َ َ ْ َ َّ‬ ‫يرتض هذا‬ ‫إال َّأن (الشيخ مصطفى الاَزرقا) لم‬
‫ِّل ِّعك ِّرمة‪ ،‬وهو الر ِّاجح‪ .‬وأخرجه أيضا موقوفا على ِّاب ِّن عب ٍّ‬ ‫ِّ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ِّب ِّإ ْس َن ٍّاد ق ِّو ٍّي‪َ ،‬و َر َّج َح ُه ال َب ْي َه ِّق ُّي"‪.‬‬ ‫التطبيق‬ ‫الاستثناء‪ ،‬فذكر َّأن هذه القاعدة مضطربة َّ‬
‫الصوف والللبن‪َ ،‬تب ٌع َّ‬
‫وجه الدَللة‪َّ :‬أن ُّ‬
‫للدابة‪ ،‬وال‬ ‫أعم من‬ ‫والفروع‪ ،‬والسبب في ذلك‪َّ :‬أن صيغتها ُّ‬
‫ومن املسائل التي ال تنطبق عليها هذه القاعدة؛ لفقدها‬ ‫يمكن تمييز هذا َّ‬
‫التابع وهو في هذه الحال‪ ،‬وقد‬ ‫موضوعها‪ .‬وقيد (الشيخ الاَزرقا) هذه القاعدة‬
‫للقيد الذي سبق ذكره ما يأتي‪:‬‬ ‫يدل على َّأن َّ‬ ‫نهى َّ‬
‫الن ُّبي ‪ ‬عن بيعهما‪َّ ،‬‬
‫مما ُّ‬
‫التابع‬ ‫بقيدين‪:‬‬
‫ال ُي َ‬
‫فرد بالحكم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ألاول‪ :‬أن يكون معنى التابع في القاعدة‪( :‬ما كان‬
‫ً‬ ‫جاَزءا‪ ،‬أو كالجاَزء من غيره)‪.‬‬ ‫ً‬
‫حامال‪ ،‬ثم ولدت عنده؛ َّ‬
‫فإن‬
‫ً‬
‫ص َب دابة‬‫شخصا َغ َ‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫َّ‬
‫مغصوبا مثلها‪ ،‬بل ُي َع ُّد أمانة؛ َّ‬ ‫الثاني‪ :‬أن يكون معنى الحكم في القاعدة (العقد)‪.‬‬
‫ألن الولد هنا وإن‬ ‫ً‬ ‫ولدها ال ُي َع ُّد‬ ‫ولذلك يكون معنى القاعدة عنده‪َّ :‬أن ما كان ً‬
‫جاَزءا‬
‫تابعا‪ ،‬إال َّأنه أمكن تمييزه عن املتبوع‪.‬‬ ‫كان ً‬
‫ً‬ ‫من غيره‪ ،‬أو كالجاَزء منه‪ ،‬ال ُّ‬
‫ً‬ ‫معقودا‬ ‫يصح أن يكون‬
‫جنينا‬ ‫حامل‪ ،‬فأسقطت‬ ‫ٍّ‬ ‫شخصا ضرب بطن امر ٍّأة‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫ً‬
‫ٌ‬
‫غرة؛ َّ‬ ‫ميتا؛ َّ‬‫ً‬ ‫عليه استقالال‪.‬‬
‫ألن الجنين‬ ‫فإنه يجب على الجاني دية الجنين؛ وهي‬ ‫(التابع) في القاعدة‪َّ :‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫بالتابع الذي ال‬ ‫قيد‬
‫وألاولى أن ن ِ‬
‫تابعا ألمه‪ ،‬إال َّأنه أمكن تمييزه عن املتبوع‪.‬‬ ‫هنا وإن كان ً‬
‫سواء أكان ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫جاَزءا‪ ،‬أو كالجاَزء‪ ،‬أم لم‬ ‫مكن تمييزه‪،‬‬ ‫ي ِّ‬
‫مفتاح دون ُق ِّفله‪ ،‬أو الغمد دون‬ ‫ٍّ‬ ‫شخصا أراد بيع‬ ‫ً‬ ‫‪ -3‬لو َّأن‬ ‫صرف ً‬ ‫وسواء أكان َّ‬
‫فإنه يجوز ذلك؛ َّ‬ ‫سيفه؛ َّ‬ ‫عقدا‪ ،‬أم لم يكن‪.‬‬ ‫الت ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫يكن‪،‬‬
‫ألن املفتاح‪ ،‬وكذا الغمد وإن كان‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫تابعا‪ ،‬إال َّأنه يمكن تمييزه عن متبوعه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وبناء على ما تقدم فاملسألة التي يفقد فيها هذا القيد‬
‫بمعنى‪َّ :‬أنه ُيمكن إفراد َّ‬ ‫َ‬
‫التابع‬ ‫ِّ‬ ‫ال تدخل في القاعدة؛‬
‫بحكم مستقل‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫يمكن تمييزه‬ ‫الذي ِّ‬
‫‪- 47 -‬‬

‫ا ا ا ا ْ ا ْ‪ ُ 3‬ا ا ا ا‬
‫الف ْرعُ‬ ‫ِإذا سقط ألاصل سقط‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا ا َّ ْ ُ ا‪ 4‬ا‬
‫إذا بطل الش يء بطل ما ِفي ِضم ِن ِه‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬


‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪1‬‬
‫عالقتهما بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬
‫املتضمن‬ ‫الفرق بين التابع ِ‬
‫والضمني أو‬ ‫املبنية على القاعدتين‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى ‪1‬‬
‫القاعدتين‬

‫تضمن على َّ‬ ‫الضمني أو املُ َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫السنن َّ‬ ‫الطهر قضاء ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫‪َّ -1‬أنه ال ُي َ‬
‫هاتان القاعدتان تفيدان َّأن‬ ‫التابع في‬ ‫يطلق ِّ‬ ‫الرواتب‪ ،‬التي فاتت‬ ‫شرع للحائض بعد‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ألن الفرائض التي فاتت في أيام الحيض‪ ،‬ال ُي َ‬ ‫في أيام الحيض؛ َّ‬
‫التابع ُيعطى حكم متبوعه في‬ ‫استعماالت كثير من العلماء‪ ،‬وال يوجد ‪-‬‬ ‫ِّ‬ ‫شرع‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫تصريح بالفرق بينهما‪ ،‬إال أنَّ‬ ‫ٌ‬ ‫الرواتب‪.‬‬ ‫شرع قضاء توابعها في هذه الحال؛ وهي َّ‬ ‫قضاؤها‪ ،‬فكذلك ال ُي َ‬
‫مثل‬ ‫السقوط والبطالن‪ ،‬وهذا ي ِّ‬ ‫فيما يظهر ‪-‬‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الضامن يبرأ ً‬ ‫فإن َّ‬ ‫ضامن؛ َّ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّأن َّ‬
‫مما أفادته قاعدتهما التي‬ ‫ً‬
‫جاَزءا َّ‬ ‫تأمل واقع املسائل الفقهية‪ ،‬وواقع‬ ‫أيضا كما‬ ‫املدين الذي له‬ ‫الدائن‬ ‫‪ -2‬لو أبرأ‬ ‫التابع ُيعطى حكم املتبوع في‬ ‫ألاصل‪ :‬املراد به هنا املتبوع‪.‬‬
‫ُ‬
‫تفرعتا عنها؛ فهي تفيد‪َّ :‬أن َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫برئ املدين؛ ألن الضامن فرع عن املدين‪ ،‬وإذا سقط ألاصل سقط‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الفرع‪ :‬املراد به هنا َّ‬
‫التابع‬ ‫مكن أن نلحظ‬ ‫تعليالتهم لها في هذا الشأن ي ِّ‬ ‫السقوط والبطالن‪ ،‬فإذا ارتفع حكم‬ ‫التابع‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫مطلقا‪.‬‬ ‫ُيعطى حكم متبوعه‬ ‫فيه الفرق بينهما‪ ،‬فيمكن القول‪َّ :‬إن بينهما‬ ‫الفرع‪ ،‬وإذا بطل الش يء بطل ما في ضمنه‪.‬‬ ‫سبب كان‪ ،‬استلاَزم ذلك‬‫ٍّ‬ ‫ألي‬
‫املتبوع ِّ‬ ‫بطل‪ :‬ذهب واضمحل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫مطلقا؛ فالضمني أو‬ ‫وخصوصا‬ ‫عموما‬ ‫بدل‪ ،‬ثم اعترف املدعي‬ ‫دعي على ٍّ‬ ‫‪ -3‬لو صالح املدعى عليه خصمه امل ِّ‬ ‫ارتفاع حكم التابع‪.‬‬ ‫الش يء‪ :‬املراد به هنا املتبوع‪ ،‬وما‬
‫حق؛ َّ‬ ‫دعى عليه ٌّ‬ ‫بأنه لم يكن له عند املُ َ‬ ‫بعد الصلح َّ‬
‫املتضمن يقتصر على الحق الالزم من‬ ‫َّ‬ ‫فإن الصلح يبطل‬ ‫لذلك قد ُي ِّعبر بعض العلماء عن‬ ‫ُي َّعبر عنه في هذا املقام‬
‫َّ‬
‫مما ُي َع ُّد من ضرورات الش يء‪ ،‬كما‬ ‫صرف َّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫َّ‬ ‫للم َّد َعى عليه‬
‫ويحق ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ويسقط‪ ،‬فيبطل ويسقط تمليك البدل‪،‬‬ ‫هاتين القاعدين بعبارات أخرى؛‬ ‫تضمن)‪.‬‬
‫ُ‬
‫بـ(امل ِّ‬
‫في ألامثلة الثالثة ألاخيرة‪َّ ،‬‬ ‫ألنه إذا سقط ألاصل سقط الفرع وبطل ما في ضمن‬ ‫استرداده؛ َّ‬ ‫(التابع َي ُ‬ ‫َّ‬
‫والتابع يشمل‬ ‫سقط بسقوط‬ ‫كقولهم‪:‬‬ ‫(الضمني)‪،‬‬
‫ما في ضمنه‪ :‬املراد به ِّ‬
‫ى َّ ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أو ما ُي َّعبر عنه بـ(املُ َّ‬
‫مما ذكر في‬ ‫صورا أخر‬ ‫هذا‪ ،‬ويشمل‬ ‫الش يء‪.‬‬ ‫املتبوع)‪.‬‬ ‫تضمن)‪ ،‬وهو‬
‫ً‬
‫الت َّ‬
‫بعية‪.‬‬ ‫أسباب َّ‬ ‫عيبا‪ ،‬فصالحه البائع‬ ‫ثم وجد بها ً‬ ‫سلعة َّ‬ ‫شخصا اشترى‬ ‫ً‬ ‫‪ -4‬لو َّأن‬ ‫و‪( :‬إذا َب َط َل املُتضمن‪َ ،‬ب َطلَ‬
‫ِّ‬
‫يعني هنا‪َّ :‬‬
‫التابع‪.‬‬
‫معالجة من‬
‫ٍّ‬ ‫السلعة من العيب بدون‬ ‫ثم برئت ِّ‬ ‫ببدل عن العيب‪َّ ،‬‬ ‫املُ َّ‬
‫ٍّ‬ ‫تضمن)‪.‬‬
‫املشتري؛ فإن الصلح يبطل ويسقط‪ ،‬فيبطل ويسقط تمليك البدل‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وقد ُي َّعبر عن القاعدة َّ‬
‫الرابعة هنا‬
‫ألن إذا سقط ألاصل سقط الفرع وبطل ما في‬ ‫ويحق للبائع استرداده؛ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫فاسد)‪.‬‬ ‫بقولهم‪( :‬املبني على الفاسد‬
‫َّ‬
‫ضمن الش يء‪.‬‬
‫‪- 48 -‬‬

‫‪ ُ 51‬ا ْ ا‬ ‫ا ْ ُ ْا‬
‫ق ْد ايث ُبت الف ْر ُع دون ألاص ِل‬
‫ْ‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬

‫ُ‬ ‫َّأنه قد يحصل أن ُ‬


‫مثل حالة الاستثناء من القاعدتين‬ ‫هذه القاعدة ت ِّ‬ ‫ضامن به"‪ ،‬فأنكر ٌ‬
‫عمرو؛‬ ‫ٌ‬ ‫عمرو ألف ريال‪ ،‬وأنا‬
‫ٍّ‬ ‫"لاَزيد على‬
‫شخصا قال‪ٍّ :‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫يثبت َّ‬
‫التابع أو الفرع‪ ،‬مع سقوط املتبوع أو ألاصل‪،‬‬
‫عمرو‪ ،‬فيثبت َّ‬
‫ٌ‬ ‫فإن هذا َّ‬ ‫َّ‬ ‫التابع أو الفرع ًّ‬
‫وذلك إذا كان َّ‬
‫الثالثة والرابعة‪ ،‬فإذا كانت القاعدتان الثالثة‬ ‫الدين على‬ ‫الشخص ُيطالب باأللف‪ ،‬وال ُيطالب به‬ ‫حقا من الحقوق‪ ،‬التي توافر لها من‬
‫يسقط بسقوط‬ ‫التابع ُ‬
‫والرابعة قد بينتا َّأن الفرع أو َّ‬ ‫الضامن الذي هو َّ‬
‫التابع أو الفرع‪ ،‬وال ُ‬ ‫َّ‬
‫يثبت على املتبوع أو ألاصل الذي هو‬ ‫الوسائل املثبتة‪ ،‬ما لم يتوافر في جانب املتبوع أو ألاصل‪.‬‬
‫فإن هذه القاعدة تشير إلى َّأن‬
‫ألاصل أو املتبوع‪َّ ،‬‬
‫للتابع أو للفرع قد توافرت في جانبه‪ ،‬ولم‬ ‫ألن الوسيلة املثبتة َّ‬ ‫املضمون عنه؛ َّ‬ ‫وال يعني هذا َّأنه قد يحصل في الوجود الكوني حتى تكون هذه‬
‫الفرع أو َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫التابع قد يثبت ولو سقط ألاصل أو املتبوع‪.‬‬ ‫تتوافر في جانب املتبوع أو ألاصل‪ ،‬وهذه الوسيلة هي إلاقرار الذي ُي َع ُّد حجة‬ ‫مخالفة للسنن الكونية‪ ،‬التي تقتض ي أن ال يوجد ٌ‬
‫فرع بال‬ ‫القاعدة‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫قاصرة‪.‬‬ ‫أصل‪ ،‬بل املقصود بذلك ما يتعلق بإثبات الحقوق في مجال القضاء‪.‬‬
‫لكن الاَزوجة أنكرت حصول املخالعة؛‬ ‫بأنه قد خالع زوجته‪َّ ،‬‬ ‫أقر َّ‬
‫زوجا َّ‬‫‪ -2‬لو َّأن ً‬
‫الاَزوجين وهي الفرع‪ ،‬وال يثبت العوض الذي هو ألاصل في‬ ‫فإن البينونة تثبت بين َّ‬ ‫َّ‬
‫للتابع أو للفرع قد توافرت في جانبه‪ ،‬ولم تتوافر في‬ ‫ألن الوسيلة املثبتة َّ‬ ‫الخلع؛ َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جانب املتبوع أو ألاصل‪ ،‬وهذه الوسيلة هي إلاقرار الذي ُي َع ُّد حجة قاصرة‪.‬‬
‫‪- 49 -‬‬
‫‪6‬‬
‫ا‬ ‫ا ْاا‬ ‫َّ‬ ‫ْاا‬
‫ُيغتف ُر ِفي الت او ِاب ِع اما َل ُيغتف ُر ِفي غ ْي ِر اها‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬

‫ُ‬ ‫َّ‬
‫هذه القاعدة تشير إلى حالة استثناء من قاعدة‬ ‫فروع هذه القاعدة يمكن ذكرها من خالل ذكر صور الاغتفار في التوابع‪:‬‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ُ‬
‫(التابع تابع)؛ وذلك َّأن هذه القاعدة تفيد َّأن‬ ‫َّ‬
‫شترط في املتبوع‪.‬‬ ‫شترط في َّ‬
‫التابع ما ُي َ‬ ‫الصورة ألاولى‪ :‬أن ال ُي َ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َّأنه ُيتسامح ُويتساهل في ألاشياء إذا‬
‫ً‬ ‫ُ اا‬
‫التوابع َّ‬
‫لشدة ارتباطها بمتبوعاتها ارتباطا ال يقبل‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ َ ُّ ُ ً‬ ‫ً‬ ‫غتفر‪ :‬من الاغتفار‪ ،‬وهو يعني‪ :‬التسامح‬ ‫ي‬
‫دركا‬‫مثاله‪ :‬أن املسبوق في صالة الجمعة إذا أدرك ركعة منها‪ ،‬فإنه يعد م ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫تعسر معه مراعاة‬‫الانفكاك في غالب ألامر‪ ،‬بحيث ُ‬ ‫ألنه ُمدرك للجمعة ً‬ ‫شترط للمسبوق العدد؛ َّ‬ ‫للجمعة‪ ،‬فيقض ي ما فاته‪ ،‬وال ُي َ‬ ‫كانت تابعة‪ ،‬ما ال ُيتسامح ُويتساهل‬ ‫والتساهل‪.‬‬
‫تبعا‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫َُ‬ ‫التابع بحكم ُمستقل‪َّ ،‬‬ ‫حال َّ‬ ‫غتفر فيها ما ال ُي َ‬ ‫التوابع ُي َ‬ ‫ألن َّ‬
‫شترط في املتبوع؛ َّ‬ ‫شترط فيه ما ُي َ‬ ‫والتابع ال ُي َ‬ ‫َّ‬ ‫أصلية‪ ،‬أو‬ ‫فيها لو كانت متبوعة‪ ،‬أو‬ ‫غيرها‪ :‬املقصود به‪ :‬املتبوعات أو ألاصول‪.‬‬
‫فإنه ينبغي أن يتسامح‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫غتفر في‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ُويتساهل فيها‪ ،‬فال تأخذ أحكام متبوعاتها استقالال‪.‬‬ ‫غيرها‪.‬‬
‫مقصودة في أنفسها‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ولذا قد ُي َّعبر عن هذه القاعدة بما‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يجوز في التابع من الغرر ما ال يجوز في املتبوع‪.‬‬
‫غت َفر في‬ ‫يفيد هذا املعنى كقولهم‪(ُ :‬ي َ‬
‫مثاله‪َّ :‬أنه يجوز بيع البذر في ألارض مع ألارض‪ ،‬ويجوز بيع الحمل مع ألام‪ ،‬ويجوز‬ ‫َّ‬
‫بيع السقف وأساسات الحيطان مع الدار‪ ،‬مع وجود الجهالة فيها؛ وذلك َّ‬
‫ً‬
‫قصدا)‪.‬‬ ‫غت َفر فيه‬
‫ضمنا ما ال ُي َ‬
‫الش يء ً‬
‫ألن‬
‫والتابع يجوز فيه من‬ ‫توابع‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫البذر‪ ،‬والحمل‪ ،‬والسقف‪ ،‬وأساسات الحيطان‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫التوابع ُي َ‬‫ألن َّ‬ ‫الغرر ما ال يجوز في املتبوع؛ َّ‬
‫غتفر فيها ما ال يغتفر في غيرها‪.‬‬
‫التابع من َّ‬ ‫الثالثة‪ :‬أن ال يلاَزم في َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫الضمان ما يلاَزم في املتبوع‪.‬‬ ‫الصورة‬
‫مثاله‪َّ :‬أنه لو كشط جلد املحرم‪ ،‬فاَزال معه بعض الشعر؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فإنه ال يلاَزم من ذلك‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تبعا إلزالة الجلد‪ ،‬وال يلاَزم في َّ‬ ‫ألن إ الة َّ‬
‫التابع من الضمان‬ ‫الشعر حصلت ً‬ ‫الفدية؛ َّ ز‬
‫غتفر فيها ما ال ُي َ‬ ‫التوابع ُي َ‬ ‫ألن َّ‬
‫ما يلاَزم في املتبوع؛ َّ‬
‫غتفر في غيرها‪.‬‬
‫َّ َّ‬
‫الكلية الثانية‬ ‫القاعدة‬ ‫‪- 50 -‬‬
‫ا ْ ر َّ‬ ‫اغ لال ْجت ا‬‫ا ا ا ا‬
‫ص‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫د‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫اد‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َل مس‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬

‫شترط رضاها لصحة رجعتها؛ َّ‬ ‫َّ‬


‫فإن‬ ‫جعية ُي َ‬
‫الر َّ‬
‫املطلقة َّ‬ ‫مجتهد وقال‪َّ :‬إن‬
‫ٌ‬ ‫‪ -1‬لو اجتهد‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫شرعي واضح‬
‫ٍّ‬ ‫لنص‬
‫اجتهاده هذا غير صحيح‪ ،‬وهو محرم ومردود؛ ألنه مخالف ٍّ‬
‫الداللة‪ ،‬وهو قوله تعالى‪ ( :‬ﮏ ﮐ ﮑ) [البقرة‪.]228:‬‬ ‫مسألة‬
‫ٍّ‬ ‫َّأنه ال يجوز وال ُّ‬
‫يصح الاجتهاد في‬ ‫َل مساغ‪ :‬أي‪ :‬ال يجوز وال يصح‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مجتهد وقال بطلب البينة من امل َّد َعى عليه‪ ،‬أو بتحليف املد ِّعي‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -2‬لو اجتهد‬ ‫صريح من القرآن أو‬ ‫ٌ‬ ‫ورد بشأنها ٌّ‬
‫نص‬ ‫الاجتهاد‪ :‬هو بذل الجهد في استنباط‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫فإن اجتهاده هذا غير صحيح‪ ،‬وهو م َّ‬ ‫ابتداء؛ َّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫لنص‬
‫ٍّ‬ ‫حرم ومردود؛ ألنه مخالف‬ ‫الس َّنة الصحيحة أو إلاجماع الثابت‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫رعية من أدلتها‪.‬‬ ‫ألاحكام َّ‬
‫الش َّ‬
‫َ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ َ ُْ‬
‫شرعي واضح الداللة‪ ،‬وهو قوله ‪« :‬ال َب ِّي َنة َعلى امل َّد ِّعي‪َ ،‬وال َي ِّم ُين َعلى امل َّد َعى‬‫َ ٍّ‬ ‫يصح‬ ‫ُّ‬ ‫واملقصود بذلك َّأنه ال يجوز وال‬ ‫مورد‪ :‬املراد به املحل‪.‬‬
‫َعل ْي ِّه» أخرجه الترمذي وهو صحيح‪.‬‬ ‫الاجتهاد في الحكم من حيث ثبوته‪ ،‬ومن‬ ‫النص‪ُ :‬يراد به آيات القرآن‬
‫حيث داللته إن كان واضح الداللة‪ ،‬أو‬ ‫الس َّنة‬
‫ُّ‬ ‫ونصوص‬ ‫الصريحة‪،‬‬
‫الاجتهاد في تطبيق النص؛ أي‪ :‬في توسيع‬ ‫الصحيحة الصريحة‪ ،‬وكذا إلاجماع‬
‫أمر ال يدخل‬ ‫داللته‪ ،‬وتحقيق مناطه‪ٌ ،‬‬ ‫بالنقل الصحيح‪.‬‬‫الثابت َّ‬
‫تحت املنع الوارد في القاعدة‪.‬‬
‫َّ َّ‬
‫الكلية الثالثة‬ ‫القاعدة‬ ‫‪- 51 -‬‬

‫ْ ا ُ ا ُْا ُ ْ‬
‫ض ِب ِمث ِل ِه‬ ‫ِالاج ِتهاد َل ينق‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬
‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫ألادلة على هذه القاعدة‬ ‫معنى القاعدة‬
‫ضوابط إعمال هذه القاعدة‬

‫َّ‬ ‫ً‬
‫شخصا صلى إلى جهة ً‬
‫بناء على الاجتهاد في‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫أوَل‪ :‬دليل النقل‪ :‬أجمع الصحابة ‪ ‬على عدم‬ ‫مقيد‬‫الذي ُيفهم من واقع هذه القاعدة َّأن إعمالها َّ‬ ‫ملسألة من‬
‫ٍّ‬ ‫شرعي‬
‫ٍّ‬
‫ٌ‬
‫اجتهاد في حكم‬ ‫َّأنه إذا حصل‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫القبلة‪َّ ،‬‬ ‫املسائل بطريق الفتوى أو القضاء أو َّ‬
‫فتغير‬ ‫ثم اجتهد مرة أخرى في القبلة‪،‬‬ ‫مشروعية نقض الاجتهاد السابق‪ ،‬وذلك أن أبا بكر‬ ‫بأمرين‪:‬‬ ‫التحري‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اجتهاده؛ فإنه ال ُيحكم على صالته ألاولى بالبطالن؛‬ ‫‪ ‬قد حكم في مسائل باجتهاده‪ ،‬وخالفه فيها عمر‬ ‫ً‬
‫ألاول‪ :‬أن يكون الاجتهاد الثاني مساويا لالجتهاد‬
‫َّ‬ ‫تضمنه ذلك الاجتهاد‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫َّ‬ ‫وأمض َي الحكم الذي‬
‫ألنه بناها على الاجتهاد‪ ،‬والاجتهاد ال ُي َنقض بمثله‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ولي عمر ‪ ‬الخالفة لم ينقض تلك‬ ‫‪ ،‬وملَّا َ‬ ‫ألاول‪ ،‬واملفهوم املخالف لذلك َّأن الاجتهاد ألاول‬ ‫فتغير اجتهاد‬ ‫َّ‬ ‫وقعت مسألة أخرى مناظرة لها‪،‬‬
‫قاضيا اجتهد في مسألة وحكم فيها‪ ،‬ثم‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫أقره الصحابة ‪ ‬على ذلك‪،‬‬ ‫الاجتهادات‪ ،‬وقد َّ‬ ‫في َنقض إذا‬ ‫ُي َنقض إذا كان الاجتهاد الثاني أقوى‪ُ ،‬‬ ‫سواء أكان هو املفتي أم القاض ي نفسه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫املجتهد‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مشابهة‪َّ ،‬‬ ‫ُعرضت عليه مسألة أخرى‬ ‫ً‬ ‫ثبتت مخالفته للنص أو لإلجماع الثابت؛ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫فتغير اجتهاده؛‬ ‫إجماعا‪.‬‬ ‫فكان‬ ‫ألن‬ ‫أم غيره‪ ،‬إلى حكم مخالف؛ فإنه ال يصح نقض‬
‫فإنه ال يعود إلى القضية ألاولى لينقض حكمه فيها؛‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫الاجتهاد َّ‬
‫السابق بهذا الاجتهاد املخالف‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬دليل العقل‪ :‬فألنه لو ساغ نقض العمل‬ ‫حينئذ من قبيل العمل‬ ‫ٍّ‬ ‫الاجتهاد السابق يكون‬
‫ألن الاجتهاد ال ُي َنقض بمثله‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫باالجتهادات في الفتاوى وألاقضية‪ ،‬كلما َّ‬
‫تغير اجتهاد‬ ‫بالظن الذي تبين خطؤه‪ ،‬و(ال عبرة بالظن البين‬
‫حكم في حادثة؛ َّ‬
‫ألن الاجتهاد‬ ‫ٌ‬ ‫املجتهد ملا استقر‬ ‫خطؤه) كما تقدم‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ ٌ‬
‫رضة ُّ‬
‫للتبدل بتكرير النظر في ألادلة وألامارات‪.‬‬ ‫ع‬ ‫أحكام قد مضت‬ ‫الثاني‪ :‬أن يكون الاجتهاد ألاول في‬
‫ٍّ‬
‫واستقر العمل بها فتو ًى أو قضاء‪ ،‬ويدل على هذا‬
‫ُّ‬ ‫ً‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ال‪ :‬أت ْي َنا ُع َم َر ‪،‬‬ ‫ود‪ ،‬ق‬ ‫ما جاء ع ِّن الحك ِّم ْب ِّن َم ْس ُع ٍّ‬
‫ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ َ ََ‬
‫ِّفي املش َّرك ِّة فل ْم ُيش ِّر ْك‪ ،‬ث َّم أت ْي َن ُاه ال َع َام امل ْق ِّب َل‬
‫ض ْي َن ُاه‪،‬‬ ‫ال ‪« :‬ت ْل َك َع َلى َما َق َ‬
‫ِّ‬ ‫َف َش َّر َك‪َ ،‬ف ُق ْل َنا َل ُه‪َ ،‬ف َق َ‬
‫َ ََْ‬ ‫َ ََ‬
‫َوه ِّذ ِّه على َما قضينا» أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة‬
‫في مصنفيهما‪ ،‬والدارمي والدار قطني والبيهقي في السنن‬
‫الكبرى‪.‬‬
‫مض الحكم الذي تضمنه الاجتهاد‬ ‫وأما إذا لم ُي َ‬‫َّ‬
‫مساو‪.‬‬ ‫باجتهاد‬ ‫َّ‬
‫ألاول؛ فإنه يجوز نقضه‪ ،‬ولو كان‬
‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫الرابعة‬ ‫القاعدة َّ‬
‫الكلية َّ‬ ‫‪- 52 -‬‬

‫ا ا ُا ا ْ ُُ ا ُا ْ ا ُ‬
‫إعطاؤ ُه‬ ‫ما حرم أخذه حرم‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬
‫ألادلة على هذه القاعدة‬

‫يحرم أخذها‪ ،‬فكذلك ُ‬


‫يحرم‬ ‫شرعا َّأن الاَزيادة الربوية ُ‬
‫‪ -1‬من املتقرر ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َّ‬
‫ِّ‬
‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫(ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫أن الش يء الذي يحرم على إلانسان أن يأخذه؛ فإنه ‪ -1‬قوله تعالى‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إعطاؤها؛ ألن ما حرم أخذه حرم إعطاؤه‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫سواء أكان هذا‬ ‫يحرم على غيره أن يعطيه إياه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ً َّ‬ ‫ﯶ)[املائدة‪.]2:‬‬
‫الرشوة يحرم أخذه‪،‬‬‫املتقرر شرعا أن املال الذي يدفع في ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ -2‬من‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫إلاعطاء على سبيل الابتداء‪ ،‬أم على سبيل املقابلة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن إعطاء الش يء املحرم ُي َع ُّد إعانة لآلخذ على أخذ‬
‫فكذلك يحرم إعطاؤها؛ ألن ما حرم أخذه حرم إعطاؤه‪.‬‬
‫‪َّ -3‬أنه ُ‬ ‫املحرم‪ ،‬فهو من التعاون على إلاثم‪ ،‬وقد نصت آلاية على تحريمه‪،‬‬
‫يحرم أخذ ألاجرة على أعمال الفسق؛ كالنياحة والعاَزف على‬
‫آالت املعازف‪ ،‬فكذلك ُ‬ ‫فيكون إعطاء املحرم محر ًما‪ ،‬كما َّأن أخذه محر ٌم في ألاصل‪.‬‬
‫يحرم إعطاء املال ملن يقوم بهذه ألاعمال؛‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ ََ‬
‫حرم أخذه ُ‬ ‫َّ‬
‫ألن ما ُ‬ ‫ال‪« :‬ل َع َن َر ُسو ُل الل ِّه ‪ِّ ‬في الخ ْم ِّر َعش َرة‪:‬‬ ‫س ْب ِّن َم ِّال ٍّك ‪ ‬ق‬ ‫‪ -2‬عن أن ِّ‬
‫حرم إعطاؤه‪.‬‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اص َر َها‪َ ،‬و ُم ْع َت ِّص َر َها‪َ ،‬وش ِّارَب َها‪َ ،‬و َح ِّامل َها‪َ ،‬وامل ْح ُمولة ِّإل ْي ِّه‪َ ،‬و َسا ِّق َي َها‪،‬‬ ‫ع ِّ‬
‫َ‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ َُ‬
‫تنبيه‬ ‫آكل ثم ِّنها‪ ،‬واملشت ِّري لها‪ ،‬واملشتراة له» أخرجه أحمد والترمذي وابن‬ ‫وب ِّائعها‪ ،‬و ِّ‬
‫ماجه‪ ،‬وهو صحيح‪.‬‬
‫ً‬
‫عصرا‪،‬‬ ‫وجه الاستدَلل‪ :‬أنه قد ورد في هذا الحديث لعن طالب الخمر؛‬ ‫َّ‬
‫ستثنى من هذه القاعدة بعض الصور‬ ‫أشار بعض العلماء إلى َّأنه ُي َ‬
‫ً‬ ‫عصرا أو ً‬ ‫أو ً‬
‫حر ًما إال َّأن إلاعطاء ال يكون ُم َّ‬
‫التي يكون فيها ألاخذ ُم َّ‬ ‫دليل على‬ ‫حمال‪ ،‬واللعن ٌ‬ ‫بيعا أو‬ ‫ً‬ ‫شربا‪ ،‬أو شر ًاء‪ ،‬ولعن باذلها‬
‫حر ًما؛ كما لو‬ ‫حرم أخذه ُ‬ ‫َّ‬
‫يدل على أن ما ُ‬ ‫مما ُّ‬ ‫التحريم‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫حرم إعطاؤه‪.‬‬
‫دفع السلطان ماال إلى الهجائين للتخلص من أذى ألسنتهم في حال‬ ‫َ َ َ ُ ْ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪َ -3‬ع ْن َع ْبد هللا‪ ،‬ق َ َ َ ُ ُ‬
‫فإنه ُ‬ ‫فقده للوازع؛ َّ‬ ‫الربا ومؤ ِّكله» أخرجه‬ ‫هللا ‪ِّ ‬آكل ِّ‬ ‫ال‪« :‬لعن َرسول ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫يحرم عليهم أخذ املال مقابل ذلك‪ ،‬ولكن يجوز‬
‫مسلم‪.‬‬
‫للسلطان إعطاؤه‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وجه الاستدَلل‪ :‬أنه قد ورد في هذا الحديث لعن آكل الربا ومعطيه‪،‬‬
‫والذي يظهر َّأن هذا الاستثناء يندرج تحت موضوع الضرورة‪ ،‬الذي‬
‫َّ‬
‫حرم أخذه ُ‬ ‫صريح في أن ما ُ‬ ‫ٌ‬
‫حرم إعطاؤه‪.‬‬ ‫وهذا‬
‫تأثيرا في إباحة إلاقدام على ألامر َّ‬
‫املحرم‪،‬‬ ‫تقدم َّأن لها ً‬ ‫ثبت فيما َّ‬
‫وج َدت الضرورة في حال إلاعطاء‪ ،‬ولم توجد في حال ألاخذ‪.‬‬ ‫وهنا ِّ‬
‫الكلية الخامسة‬ ‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 53 -‬‬

‫ا ا ا َّ ا ا ْ ُ ُ ا ا ْ ا‬
‫ص ُار ِإلى ال ابد ِل‬ ‫ِإذا تعذر ألاصل ي‬

‫‪4‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫تعلقة بالبدل‬ ‫ُ‬
‫وقفات م ِ‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬

‫َّ‬
‫َّ‬ ‫‪ -1‬ألاصل في الطهارة أن تكون باملاء‪ ،‬لكن لو تعذر املاء‬
‫ً‬
‫ابتداء‪،‬‬ ‫َّأن يجب على املكلف أداء ألاصل‬
‫الوقفة الثالثة‬ ‫الوقفة الثانية‬ ‫الوقفة ألاولى‬ ‫تعذر ألاصل َّ‬‫َّ‬
‫وجوده‪ ،‬أو للعجاَز عن استعماله‪ ،‬ملرض أو نحوه؛‬ ‫ِّ‬ ‫لع َد ِّم‬ ‫َ‬ ‫فإنه يجب الانتقال إلى‬ ‫لكن لو‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫حقيقيا أم حكميا‪ً.‬‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫البدل‪ ،‬سواء أكان البدل‬
‫الفرق بين البدل والتابع‬ ‫القدرة على ألاصل بعد الشروع‬ ‫وقت الانتقال إلى البدل‬ ‫شرع الانتقال إلى بدله‪ ،‬وهو التيمم بالتراب‪.‬‬ ‫فإنه ُي َ‬
‫التابع في َّأن‬ ‫يجتمع البدل مع َّ‬ ‫في البدل‬ ‫ال يخلو البدل هنا من ثالث حاالت‪:‬‬ ‫الجماع في نهار رمضان عتق رقبة‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫َّ‬ ‫‪ -2‬ألاصل في كفارة ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تعذرت‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫حكم أصله؛‬ ‫لكل منهما‬ ‫ٍّ‬ ‫إذا شرع في البدل ثم قدر على‬ ‫بوقت يفوت بفواته‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ -1‬أن يتعلق ألاصل‬ ‫فإنه ُينتقل إلى بدلها‪ ،‬وهو صيام شهرين‬ ‫لكن لو‬ ‫ألادلة على هذه القاعدة‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فالبدل يقوم مقام املبدل‪،‬‬ ‫ألاصل‪ ،‬فهل ينتقل على ألاصل‪ ،‬أو‬ ‫شرع الانتقال إلى البدل مباشرة‪،‬‬ ‫متتابعين‪ ،‬فإذا تعذر الصيام انتقل إلى بدله‪ ،‬وهو‬
‫ولو كان ُي َ‬ ‫يمكن أن ُيستدل لهذه القاعدة باألدلة الواردة في القرآن‬
‫وحكمه حكم ألاصل‪ ،‬وكذلك‬ ‫يستمر في البدل؟‬ ‫رجى حصول ألاصل؛ وذلك كمن‬ ‫إلاطعام‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫َّ‬ ‫والسنة‪ ،‬الدالة على مشروعية الانتقال إلى ألابدال عند تعذر‬
‫التابع له حكم متبوعه‪.‬‬ ‫ال يخلو ألامر من حالتين‪:‬‬ ‫دخل عليه وقت الصالة ولم يجد املاء‪،‬‬ ‫‪ -3‬ألاصل في حق املسلم املكلف القادر أن يصوم شهر‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫املبدَلت؛ ومن ذلك‪:‬‬
‫ويفترقان في أمور منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يكون البدل مقصودا في‬ ‫فإن له الانتقال إلى التيمم‪ ،‬وإن كان‬ ‫تعذر ذلك بسبب العجاَز للكبر‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫فإنه‬ ‫رمضان‪ ،‬لكن لو‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪( :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [النساء‪.]33:‬‬
‫‪َّ -1‬أن البدل واملبدل ال‬ ‫شرع له الاستمرار في‬ ‫نفسه‪ ،‬فهذا ُي َ‬ ‫يرجو القدرة على املاء‪.‬‬ ‫شرع الانتقال إلى بدله‪ ،‬وهو إلاطعام‪.‬‬ ‫ُي َ‬
‫يجتمعان‪ ،‬بخالف َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫( ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)‬ ‫‪ -2‬وقوله‪:‬‬
‫التابع مع‬ ‫البدل؛ وذلك كما لو قدر على‬ ‫بوقت يفوت‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ -2‬أن ال يتعلق ألاصل‬ ‫هديا‪ ،‬لكن لو تعذر‬ ‫‪ -4‬ألاصل في حق املتمتع أن يذبح ً‬
‫متبوعه‪ ،‬فال مانع من‬ ‫العتق في أثناء الصوم‪ ،‬أو قدر على‬ ‫بفواته‪ ،‬وال ضرر في تأخيره‪ ،‬ففي هذه‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫الهدي‪َّ ،‬‬ ‫[البقرة‪.]083:‬‬
‫شرع له الانتقال إلى بدله‪ ،‬وهو الصيام‪.‬‬
‫اجتماعهما‪.‬‬ ‫املتمتع على الهدي في أثناء‬ ‫شرع الانتقال إلى البدل‪ ،‬إذا‬ ‫الحالة ال ُي َ‬ ‫‪ -5‬ألاصل في العين املغصوبة أن َّ‬ ‫(ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬ ‫‪ -3‬وقوله‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫يردها الغاصب بعينها‬
‫‪َّ -2‬أن ثبوت البدل مشروط‬ ‫الصوم؛ َّ‬
‫فإنه ُي َ‬ ‫كان ُي َ‬ ‫تعذر ُّرد العين؛ لتلفها‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫شرع له الاستمرار‬ ‫رجى حصول ألاصل؛ وذلك كمن‬ ‫شرع‬ ‫فإنه ُي َ‬ ‫سليمة‪ ،‬لكن لو‬ ‫ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ) [البقرة‪.]021:‬‬
‫املبدل‪ ،‬بينما ثبوت‬ ‫َ‬ ‫بعدم‬ ‫في صومه‪.‬‬ ‫يرجو وجود ماله الغائب‪ ،‬ليشتري به‬ ‫النبي ‪َ ،‬ف َقال‪َ:‬‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ٌ َ َّ‬ ‫َ ْ َ ُ َْ َ َ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الانتقال إلى بدلها‪ ،‬والبدل يختلف؛ فاملثل باملثل‪،‬‬ ‫‪ -4‬عن أ ِّبي هريرة ‪ ،‬قال‪ :‬جاء َ رجل ِّإلى ِّ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ ََْ َ َ َ َ‬ ‫ََْ ُ َ ُ َ‬
‫التابع مشروط بثبوت‬ ‫‪ -2‬أن يكون البدل مقصودا لغيره‪،‬‬ ‫والجماع‬
‫رقبة‪ ،‬في كفارة القتل‪ ،‬واليمين‪ِّ ،‬‬ ‫والقيمة بالقيمة‪.‬‬ ‫ال‪َ :‬وق ْع ُت َعلى‬ ‫هللا‪ ،‬قال‪« :‬وما أهلكك؟» ق‬ ‫هلكت‪ ،‬يا َرسول ِّ‬
‫في َّ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ ُ َََ ً َ َ َ‬ ‫َ‬
‫املتبوع‪.‬‬ ‫فهنا يلاَزمه أن يعود إلى ألاصل؛‬ ‫الصوم‪.‬‬ ‫‪ -6‬ألاصل في حق املرأة املطلقة غير الحامل‪ ،‬أن تعتدَّ‬
‫ِّ‬ ‫ال‪ :‬ال‪،‬‬ ‫ْام َرأ ِّتي ِّفي رمضان‪ ،‬قال‪« :‬هل ت ِّجد ما تع ِّتق رقبة؟» ق‬
‫َّ‬ ‫َ َ ََ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ‬
‫‪َّ -3‬أن البدل يقوم مقام‬ ‫وذلك كما لو قدر على املاء في أثناء‬ ‫بوقت يفوت‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ -3‬أن ال يتعلق ألاصل‬ ‫َّ‬
‫بالحيض‪ ،‬لكن لو تعذر ذلك؛ لكون املرأة صغيرة أو‬
‫َ َ َ‬
‫ال‪ :‬ال‪،‬‬ ‫وم ش ْه َرْي ِّن ُم َت َت ِّاب َع ْي ِّن؟» ق‬ ‫قال‪« :‬فهل تست ِّطيع أن تص‬
‫َ‬
‫املبدل‪ ،‬بينما َّ‬ ‫ٌ‬ ‫آيسة‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ ْ‬
‫التابع ال يقوم‬ ‫التيمم‪ ،‬أو بعد الفراغ منه‪ ،‬وقبل‬ ‫بفواته‪ ،‬وفي تأخيره ضرر‪ ،‬فهذا فيه‬ ‫فإنها تنتقل إلى البدل‪ ،‬وهو الاعتداد باألشهر‪.‬‬ ‫ال‪« :‬ف َه ْل ت ِّجد َما تط ِّع ُم ِّس ِّتين ِّمس ِّكينا؟»‪ ...‬الحديث‪ .‬أخرجه‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫مقام املتبوع‪.‬‬ ‫نظر إلى َ‬‫َّ ُ َ‬ ‫خالف‪َّ ،‬‬
‫الشروع في الصالة‪ ،‬وكذا املعتدة‬ ‫مدى تحمله‬ ‫والراجح أنه ي‬ ‫البخاري ومسلم‬
‫باألشهر‪ ،‬لو رأت الدم‪َّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ‬
‫فإنها تنتقل‬ ‫للضرر؛ وذلك كمن يرجو وجود ماله‬ ‫ص ِّان َعة ط َع ٍّام ِّمث َل‬ ‫‪ -5‬عن عا ِّئشة‪ ،‬أنها قالت‪ :‬ما رأيت‬
‫ألن‬ ‫إلى الاعتداد بالحيض؛ وذلك َّ‬ ‫ً‬
‫الغائب‪ ،‬ليشتري به رقبة في كفارة الظهار‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ََ ٌ ََ ََْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫الن ِّب ِّي ‪ِّ ‬إن ًاء ِّف ِّيه طعام‪ ،‬فما ملكت نف ِّس ي‬ ‫صف َّي َة‪َ ،‬أ ْه َد ْت إ َلى َّ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُّ‬
‫يستقر‬ ‫مقصود‪ ،‬فال‬
‫ٍّ‬ ‫البدل هنا غير‬
‫ٌَ‬
‫ال‪ِّ « :‬إناء‬‫َأ ْن ك َس ْرُت ُه‪ ،‬ف ُقل ُت‪َ :‬يا َر ُسو َل الل ِّه‪َ ،‬ما ك َّف َارُت ُه؟ ف َق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حكمه إال ُّ‬ ‫َ َ َ ََ ٌ َ َ‬
‫بالشروع في املقصود‪.‬‬ ‫ام كط َع ٍّام» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي‪ ،‬بإسناد‬ ‫ك ِّإن ٍّاء‪ ،‬وطع‬
‫صحيح‪.‬‬
‫الكلية َّ‬
‫السادسة‬ ‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 54 -‬‬

‫َّ ا ُّ ُ ا ا َّ َّ ا ُ ٌ ْ ا ْ ا‬
‫صل اح ِة‬ ‫التصرف على الر ِعي ِة منوط ِبامل‬

‫‪3‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬
‫ألادلة على هذه القاعدة‬

‫الرعية تقتض ي أن ُيساوي ُّ‬


‫السلطان بينهم في العطاء‪،‬‬ ‫‪َّ -1‬أن مصلحة َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫أوَل‪ :‬دليل النقل‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫سواء‬ ‫َّأن مقتض ى الوالية على َّ‬
‫الرعية‬
‫وأن ال ُيفاضل بينهم إال بحسب نفعهم للدين وأهل إلاسالم‪ ،‬وال‬ ‫والية عام ًة ‪-‬وهي والية ُّ‬
‫ً‬
‫يجوز أن ُيفاضل بينهم فيما عدا ذلك؛ َّ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪( :‬ﭑ ﭒﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ) [ألانعام‪.]052:‬‬ ‫السلطان‪،-‬‬ ‫أكانت‬
‫ألنه ال مصلحة في هذا‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الت ُّ‬‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن هللا تعالى قد أباح لولي اليتيم َّ‬
‫صرف في ماله بما فيه صالحه ونماؤه‪ ،‬ومفهومه عدم جواز التصرف‬ ‫أم والية خاصة ‪-‬وهي والية من دونه‪ ،-‬أن‬
‫الرعية تقتض ي أن ُي ِّعين الوالي إلمامة الصالة بهم‬ ‫‪َّ -2‬أن مصلحة َّ‬
‫ً‬
‫فاسقا؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫محق ًقا للمصلحة‪.‬‬ ‫تصرف الوالي بما تحت واليته ينبغي أن يكون ِّ‬ ‫يدل على َّأن ُّ‬ ‫مما ُّ‬ ‫في مال اليتيم بما يؤدي إلى إفساده‪َّ ،‬‬
‫محق َقة للمصلحة الدينية‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫ِّ‬ ‫تكون‬
‫ألن الصالة خلف‬ ‫عدال‪ ،‬وال يجوز أن ُيعين ً‬
‫إماما‬ ‫ً‬
‫إماما‬ ‫التحذير من الغش للرعية‪ ،‬وعدم ُّ‬ ‫‪َّ -2‬أنه قد وردت جملة من ألاحاديث ُتفيد َّ‬
‫ِّ‬ ‫النصح لهم‪ ،‬والخيانة في أداء حقوقهم‪،‬‬ ‫الدنيوية لهم‪.‬‬
‫الفاسق مكروهة‪ ،‬وال مصلحة في ذلك‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ومنها‪:‬‬
‫ُ‬ ‫هللا َ ع َّي ًة‪َ ،‬ي ُم ُ‬ ‫َُ ُ َ ْ َْ َ َْ‬ ‫َ‬
‫حدث الناظر عليه وظيفة‬ ‫‪ -3‬أن مصلحة الوقف والواقف‪ ،‬أن ال ي ِّ‬ ‫وت َو ُه َو َغاشٌّ‬ ‫وت َي ْو َم َي ُم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هللا ‪ ‬يقول‪« :‬ما ِّمن عب ٍّد يستر ِّع ِّيه ر ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫عن مع ِّقل بن يس ٍّار ‪ ‬قال‪ :‬س ِّمعت رسول ِّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫في الوقف بغير شرط الواقف‪ ،‬وال تقتضيها مصلحة الوقف؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫َّ َ َّ َ ُ َ ْ َ‬
‫نظر َّ‬ ‫هللا َعل ْي ِّه ال َج َّنة» أخرجه البخاري ومسلم واللفظ ملسلم‪.‬‬ ‫ِّل َر ِّع َّي ِّت ِّه‪ِّ ،‬إال حرم‬
‫مبني على املصلحة‪.‬‬ ‫الناظر على الوقف ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ ْ َ ُ َّ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َع ْن ُه ‪َ ‬ق َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫ص ُح‪ِّ ،‬إال ل ْم َي ْدخ ْل َم َع ُه ُم‬ ‫هللا ‪َ ‬ي ُقو ُل‪َ « :‬ما ِّم ْن أ ِّم ٍّير ي ِّلي أمر املس ِّل ِّمين‪ ،‬ثم ال يجهد لهم‪ ،‬وين‬ ‫ال‪ :‬س ِّمعت َرسول ِّ‬
‫يلي أمرها القاض ي‪ ،‬وعليه‬ ‫‪َّ -4‬أن مصلحة املرأة التي ال ولي لها‪ ،‬أن َ‬ ‫ْ َ‬
‫ال َج َّنة» أخرجه مسلم‪.‬‬
‫يتصرف في تاَزويجها بما تقتضيه املصلحة‪ ،‬فيزوجها من الكفء‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬
‫َّ‬ ‫حقق مصالحهم‪.‬‬ ‫وهذا يعني وجوب العمل على ما ي ِّ‬
‫كفء؛ ألنه ال مصلحة في ذلك‪.‬‬ ‫وال يجوز أن ياَزوجها من غير ٍّ‬ ‫ال َر ُسو ُل‬ ‫ال‪ :‬ق َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫دة بعملهم بطاعة هللا تعالى؛ َع ْن ْابن ُع َم َر ‪ ،‬ق َ‬ ‫َّ ٌ‬
‫عية لهم مقي‬ ‫الر َّ‬ ‫يدل على َّأن طاعة َّ‬ ‫*وورد في الحديث ما ُّ‬
‫ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ ُ َ َّ َ ُ َ َ‬ ‫َّ‬
‫اعة َعلى امل ْر ِّء امل ْس ِّل ِّم ِّف َيما أ َح َّب َوك ِّر َه َما ل ْم ُي ْؤ َم ْر ِّب َم ْع ِّص َي ٍّة‪ ،‬ف ِّإ ْن أ ِّم َر ِّب َم ْع ِّص َي ٍّة فال َس ْم َع َعل ْي ِّه َوال‬ ‫الل ِّه ‪« :‬السمع والط‬
‫يدل على َّأن عملهم بخالف ما‬ ‫مما ُّ‬ ‫اع َة» أخرجه الترمذي وهو صحيح‪ ،‬فال تجوز طاعتهم في حال مخالفتهم لطاعة هللا ‪َّ ،‬‬ ‫َط َ‬
‫ينت ُج من هذا َّ‬ ‫عية ما ُ‬ ‫ً‬
‫صرف‪.‬‬ ‫الت ُّ‬ ‫الر َّ‬ ‫معصية هلل ‪ ،‬فال يلاَزم َّ‬ ‫للرعية‪ُ ،‬ي َع ُّد‬ ‫َّ‬ ‫حقق املصلحة‬ ‫ي ِّ‬
‫ُ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫َُُ ُْ َ‬ ‫ُ‬
‫اب ‪ ‬من قوله‪ِّ " :‬إ ِّني أن َاَزل ُت ن ْف ِّس ى ِّم ْن َم ِّال الل ِّه‪ِّ ،‬ب َمن ِّزل ِّة َو ِّالى الي ِّت ِّيم‪ِّ ،‬إ ِّن‬ ‫ويضاف َإلى هذا ما أ ِّثر عن َ عمر بن الخط ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫است ْعففت" أخرجه سعيد بن منصور في سننه‪ ،‬وابن أبي شيبة في‬
‫اس َت ْغ َن ْي ُت ْ َ َ ْ ُ‬ ‫اح َت ْج ُت أ َخ َذ ُت م ْن ُه‪َ ،‬فإ َذا أ ْي َس ْر ُت َر َد ْد ُت ُه‪َ ،‬وإن ْ‬ ‫ْ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تصرف إلامام في املال؛ بحيث يكون‬ ‫بيان للمنهج الذي ينبغي أن يكون عليه ُّ‬ ‫مصنفه‪ ،‬والبيهقي في السنن‪ ،‬وهذا من عمر ‪ٌ ‬‬
‫تقدم في آلاية السابقة‪.‬‬ ‫دل عليها ما َّ‬ ‫تصرفه بحسب املصلحة التي َّ‬ ‫ُّ‬
‫عية منزلة الولي من اليتيم))‪.‬‬ ‫الر َّ‬
‫نصا للقاعدة من قول عمر ‪ ‬هذا‪ ،‬فقال‪(( :‬منزلة إلامام من َّ‬ ‫وقد أخذ إلامام الشافعي ًّ‬
‫حق ًقا‬ ‫تصرفه ٌم ِّ‬ ‫مبنيا على تحقيق املصلحة‪ ،‬فإذا لم يكن ُّ‬ ‫والنظر يقتض ي أن يكون ً‬ ‫ناظر‪َّ ،‬‬ ‫ثانيا‪ :‬دليل العقل‪َّ :‬أن الوالي ٌ‬ ‫ً‬
‫عبثا‪ ،‬وكالهما ليس من َّ‬ ‫ن ً‬
‫النظر في ش يء‪ ،‬فال ُيلتفت إلى‬ ‫وإما أن يكو‬ ‫ضررا‪َّ ،‬‬ ‫تصرفه ً‬ ‫للمصلحة‪ ،‬فال يخلو‪َّ :‬إما أن يكون ُّ‬
‫َ‬ ‫هذا َّ‬
‫صرف في هذه الحال‪ ،‬بل ُيلغى لعدم الفائدة فيه‪.‬‬ ‫الت ُّ‬
‫الكلية َّ‬
‫السابعة‬ ‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 55 -‬‬
‫اج ب َّ‬
‫الض ام ِان‬ ‫ْال اخ ار ُ‬
‫ِ‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫شروط إعمال هذه القاعدة‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫الدليل على هذه القاعدة‬

‫مقي ٌد بشرطين‪:‬‬
‫إعمال هذه القاعدة َّ‬ ‫ثم استعملها َّ‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َّ َ ُ ً ْ َ َ ُ َ‬
‫لعدة‬ ‫شخصا اشترى سيارة‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫اع غال ًما‪ ،‬فأق َام ِّع ْن َد ُه َما‬ ‫عن عا ِّئشة‪ ،‬أن رجال ابت‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ً‬
‫ماال‪َّ ،‬‬ ‫ًَْ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ َ ْ ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫متولدة من ألاصل‪،‬‬‫‪ -1‬أن تكون املنفعة منفصلة‪ ،‬غير ِّ‬ ‫ثم وجد‬ ‫أيام‪ ،‬أو أجرها‪ ،‬وكسب من وراء ذلك‬ ‫يم‪ ،‬ث َّم َوجد ِّب ِّه عيبا‪ ،‬فخاصمه ِّإلى‬ ‫ش ٍّاء الله أن ي ِّق‬
‫َّأما إن كانت املنفعة متصلة؛ كلبن الدابة‪ ،‬أو صوفها‪،‬‬ ‫فإن ما حصل من‬ ‫عيبا‪ ،‬فأراد ردها للبائع؛ َّ‬ ‫بها ً‬ ‫َّ‬
‫الر ُج ُل‪َ :‬يا َر ُسو َل الل ِّه‪،‬‬
‫ال َّ‬ ‫النبي ‪َ ،‬ف َر َّد ُه َع َل ْي ِّه‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َّ‬
‫َ ْ َ َُ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫َّأن استحقاق املنفعة املنفصلة التي‬ ‫الخراج‪ :‬املراد به‪ :‬املنافع‬
‫السيارة من منفعة‪ ،‬أو مال ال ُّ‬ ‫الله ‪ْ « :‬ال َخ َر ُ‬ ‫َ َ َ ُ ُ َّ‬
‫اس َتغ َّل غال ِّمي‪ ،‬فق‬
‫وثمر الشجر‪ ،‬أو كانت منفصلة ومتولدة من ألاصل؛‬ ‫يحق للبائع املطالبة‬ ‫ٍّ‬ ‫اج‬ ‫ال َرسول ِّ‬ ‫ق ِّد‬ ‫َّ‬
‫تحصل من الش يء‪ ،‬والتي تستند إلى‬ ‫املنفصلة التي تحصل من‬
‫فإنها تكون في ملك مالك ألاصل املتولدة‬ ‫كولد الدابة؛ َّ‬ ‫بعوض عنه؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ألنه خراج‪ ،‬فيكون للمشتري مقابل‬ ‫ٍّ‬ ‫ِّبالضم ِّان» أخرجه أحمد وأصحاب السنن‪ ،‬وهو حسن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫عوضا عن‬ ‫سبب مشروع‪ ،‬تكون‬ ‫ٍّ‬ ‫الش يء‪ ،‬وهي مستندة إلى‬
‫منه‪ ،‬وخراجها له‪ ،‬دون نظر إلى الضمان وعدمه‪.‬‬ ‫ضمانه للسيارة‪.‬‬ ‫الن َّبي ‪‬‬ ‫نص في القاعدة؛ فقد جعل َّ‬ ‫هذا الحديث ٌّ‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫نقص أو‬ ‫تحمل تبعة ذلك الش يء؛ من‬ ‫ُّ‬ ‫سبب مشروع؛ كسكنى‬
‫ٍّ‬
‫‪ -2‬أن تكون املنفعة مستندة إلى سبب مشروع؛‬ ‫شقصا ‪-‬الشقص هو‪:‬‬ ‫ً‬ ‫شخصا اشترى‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫املنفعة التي استفادها املشتري من العبد‪ ،‬في مقابل‬
‫ً‬ ‫القطعة من ألارض‪ -‬من أحد ُّ‬ ‫هالك ونحوهما‪ ،‬ومعنى هذا َّأن‬ ‫ٍّ‬
‫الدار‪ ،‬وأجرة َّ‬
‫الدابة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫كالشراء مثال‪َّ .‬أما لو استندت املنفعة إلى سبب غير‬ ‫أرض‬
‫ٍّ‬ ‫الشركاء في‬ ‫ضمانه له لو تلف عنده‪ ،‬أو حدث به نقص‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ً‬
‫مثال‪َّ ،‬‬ ‫مشتركة‪َّ ،‬‬ ‫استحقاق تلك املنافع يكون ملن‬ ‫بالضمان‪ :‬الباء للعوض‪.‬‬
‫فإنها ال تباح للغاصب‪ ،‬وال‬ ‫مشروع؛ كالغصب‬ ‫ثم شفع فيها الشريك آلاخر‪ ،‬وكان‬ ‫يتحمل تلك َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫يكون خراجها له‪ ،‬وإن كانت في ضمانه؛ فلو َّأن شخصاً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫التبعة‪ ،‬فيكون استحقاق‬ ‫والضمان هو‪ :‬الالتزام‬
‫استغل الشقص؛ بأن أخذ ثمرته أو‬ ‫املشتري قد‬ ‫تحمل َّ‬
‫التبعة‪.‬‬ ‫املنفعة‪ ،‬في مقابل َّ‬ ‫ُّ‬
‫ُّ‬ ‫وأجرها‪َّ ،‬‬
‫غصب سيارة َّ‬ ‫وتحمل تبعة‬ ‫بالتعويض‪،‬‬
‫يحق ملالكها مطالبة‬ ‫فإنه‬ ‫أجرته‪ ،‬فهي للمشتري‪ ،‬وليس للشفيع مطالبة‬
‫َّ‬ ‫املشتري بردها؛ َّ‬ ‫الش يء‪.‬‬
‫الغاصب بمقابل أجرتها التي أخذها مع أن ضمانها على‬ ‫ألنه خراج‪ ،‬فيكون للمشتري مقابل‬
‫الغاصب‪.‬‬ ‫ضمانه َّ‬
‫للشقص‪.‬‬
‫َّ َّ‬
‫الكلية الثامنة‬ ‫القاعدة‬ ‫‪- 56 -‬‬
‫ُْ‬ ‫ُ‬
‫الغ ْر ُم بالغن ِم‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقة هذه القاعدة بالقاعدة السابعة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫ألادلة على هذه القاعدة‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هذه القاعدة تفيد عكس ما أفادته القاعدة‬ ‫‪َّ -1‬أن نفقة رد العارية إلى صاحبها ‪-‬املعير‪ ،-‬تجب على‬ ‫(ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪:‬‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫املعنى إلاجمالي‬
‫السابعة؛ فقاعدة‪( :‬الخراج بالضمان) أفادت َّأن‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الرد هنا (غ ْر ٌم)‪ ،‬والانتفاع‬ ‫ألنه املنتفع بها‪ ،‬فنفقة َّ‬ ‫املُستعير؛ َّ‬
‫املنفعة التي يحصل عليها َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚ ﯛﯜﯝ‬
‫الشخص‪ ،‬تكون في‬ ‫تقرر َّأن (الغ ْر ُم بالغ ْنم)‪.‬‬ ‫(غ ْن ٌم)‪ ،‬وقد َّ‬
‫َّأن ما يلاَزم املرء من‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ‬ ‫تبعات ش ٍّيء‬
‫ِّ‬ ‫الغ ْرم‪ :‬املراد به‪ :‬ما يلاَزم املرء‬
‫تحمله تبعات ذلك الش يء‪ ،‬وقاعدة‪( :‬الغ ْر ُم‬ ‫مقابل ُّ‬ ‫ودع‪ ،‬تجب على‬ ‫وعكس هذا نفقة رد الوديعة إلى صاحبها امل ِّ‬ ‫ُّ‬
‫َّ‬
‫تحمله تبعات الش يء‪ ،‬تكون في‬ ‫بالغ ْنم) أفادت َّأن ُّ‬ ‫ُ‬
‫ألن مصلحة الانتفاع بالوديعة‬ ‫ودع؛ َّ‬ ‫املُودع نفسه‪ ،‬ال على املُ َ‬ ‫مطلوب له‪ ،‬تكون َّفي مقابل ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [البقرة‪.]233:‬‬ ‫ٍّ‬ ‫تحم ٍّل‬ ‫تعويض‪ ،‬أو‬
‫ٍّ‬ ‫من‬
‫ِّ‬ ‫ل‬ ‫َّ‬
‫مقابل ما يحصل له من منفعة‪.‬‬ ‫تقرر أنَّ‬ ‫(غ ْن ٌم)‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫له‪ ،‬فنفقة الرد هنا (غرم)‪ ،‬والانتفاع‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫حصو منافع ذلك الش يء‪ ،‬حتى وجه الاستدَلل منه في موضعين‪:‬‬ ‫للتبعية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بالغ ْنم‪ :‬الباء للعوض‪ ،‬وهو ما‬
‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ُُْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إنه لو تعدد من ينتفع بذلك ألاول‪َّ :‬أن هللا تعالى قد جعل إرضاع الوالدات‪،‬‬
‫معاكس لنص قاعدة‪( :‬الغرم بالغنم)‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫*هناك تعبير‬ ‫(الغ ْر ُم بالغ ْنم)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫سواء َّ‬ ‫الش يء‪ ،‬كانت َّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كن زوجات أم مطلقات ‪-‬وهو غ ْرم‪ ،-‬في‬ ‫ٌ‬ ‫التبعات عليهم‬ ‫يحصل للمرء من املنافع‬
‫وهو قولهم‪( :‬الغنم بالغرم)‪ ،‬ومعنى هذا اللفظ‬ ‫ْ‬ ‫‪َّ -2‬أن أجرة كتابة صك عقد املبايعة تكون على املشتري؛‬
‫ادف ملعنى قاعدة‪( :‬الخراج َّ‬ ‫ٌ‬ ‫فدل على َّأن‬ ‫وكسوتهن ‪-‬وهو ُغ ْنم‪َّ ،-‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫رزقهن‬ ‫مقابل‬ ‫بقدر انتفاعهم‪.‬‬ ‫املطلوبة له‪.‬‬
‫بالضمان)‪.‬‬ ‫مر‬ ‫ألنه املنتفع به‪ ،‬حيث َّإنه توثيق النتقال امللكية إليه‪ ،‬فأجرة‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(غ ْن ٌم)‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الغ ْرم بالغ ْنم‪.‬‬
‫*يذكر بعض العلماء قاعدة‪:‬‬ ‫تقرر َّأن‬ ‫الكتابة هنا هنا (غ ْر ٌم)‪ ،‬والانتفاع‬
‫النعمة)‪.‬‬ ‫ُ‬
‫(الغ ْر ُم بالغ ْنم)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الثاني‪َّ :‬أن هللا تعالى قد أوجب على وارث الصبي‪،‬‬
‫والنقمة بقدر ِّ‬ ‫النقمة‪ِّ ،‬‬ ‫(النعمة بقدر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫‪َّ -3‬أن نفقة عمارة َّ‬ ‫كل حسب مقدار إرثه منه ‪-‬وهو‬ ‫نفقة رضاعته‪ٌّ ،‬‬
‫النقمة) مرادف لقاعدة‪:‬‬ ‫(النعمة بقدر ِّ‬ ‫قوله‪ِّ :‬‬ ‫الدار املشتركة بين شخصين فأكثر‪ ،‬تكون‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫عليهم بقدر ُملكهم؛ َّ‬ ‫فدل على‬ ‫ُغ ْرم‪ ،-‬في مقابل إرثهم منه ‪-‬وهو غنم‪َّ ،-‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫(الخراج بالضمان)‪ ،‬و(الغنم بالغرم)‪.‬‬ ‫ألن انتفاعهما من الدار بحسب مقدار‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّأن الغ ْرم بالغ ْنم‪.‬‬
‫النعمة) مرادف لقاعدة‪:‬‬ ‫(والنقمة بقدر ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وقوله‪:‬‬ ‫التعمير هنا (غ ْر ٌم)‪ ،‬والانتفاع (غ ْن ٌم)‪،‬‬ ‫ُملك كل منهم؛ فنفقة َّ‬
‫ٍّ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ ُ ُ‬ ‫هللا ‪َ ‬ق َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ‬
‫ْ‬ ‫ُُْ ُ‬
‫(الغرم بالغنم)‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َّ ر َّ ُ ْ ُ ُ‬
‫وقد تقر أن (الغرم بالغنم)‪.‬‬ ‫ال َرسول ِّ‬
‫هللا‬ ‫‪ -2‬عن ج ِّاب ِّر ب ِّن ع ْب ِّد ِّ‬
‫َ‬
‫هللا في الن َساء‪َ ،‬فإ َّن ُك ْم أ َخ ْذ ُت ُم ُ‬ ‫‪َ « :‬ف َّات ُقوا َ‬
‫َّ‬
‫شخصا غن ًّيا له أخ فقير؛ فإن نفقة ألاخ القريب‬ ‫ً‬ ‫‪ -4‬لو َّأن‬ ‫وه َّن‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َُ‬
‫هللا‪َ ،‬ولك ْم‬
‫َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َّ َ‬ ‫ََ‬
‫ألنه لو مات الفقير ورثه الغني‪،‬‬ ‫الفقير تكون على أخيه الغني؛ َّ‬ ‫هللا‪ ،‬واستحللت ْم ف ُروج ُهن ِّبك ِّل َم ِّة ِّ‬ ‫ِّبأم ِّان ِّ‬
‫َْ َ َ‬ ‫َ َ ْ َّ َ ْ َ ُ ْ ُ َ ُ َ‬
‫ُ‬
‫فالنفقة على ألاخ الفقير هنا (غ ْر ٌم)‪ ،‬ومنفعة إرثه لو مات‬ ‫وطئ َن ف ُرشك ْم أ َح ًدا تك َر ُهون ُه‪ ،‬ف ِّإ ْن‬ ‫علي ِّهن أن ال ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ض ْرًبا َغ ْي َر ُم َبرح‪َ ،‬و َل ُهنَّ‬ ‫وه َّن َ‬ ‫اضرُب ُ‬ ‫َف َع ْل َن َذل َك َف ْ‬
‫تقرر َّأن (الغ ْر ُم بالغ ْنم)‪.‬‬ ‫(غ ْن ٌم)‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ِّ ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وف» أخرجه مسلم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ر‬ ‫َع َل ْي ُك ْم ر ْز ُق ُه َّن َوك ْس َو ُت ُه َّن ب ْاملَ ْ‬
‫ع‬
‫‪ -5‬لو أشرفت سفينة على الغرق‪ ،‬واحتاج ركابها إلى إلقاء‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫فإن ضمان ألامتعة يكون على جميع الركاب‪،‬‬ ‫بعض ألامتعة؛ َّ‬ ‫وجه الاستدالل‪َّ :‬أن الحق الذي على الاَزوجة‬
‫ُ‬
‫بعدد رؤوسهم؛ لتساويهم في نفع إلقاء ألامتعة‪ ،‬فضمان‬ ‫لاَزوجها فيما ورد في هذا الحديث ُي َع ُّد غ ْر ًما‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬
‫(غ ْن ٌم)‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫في مقابل غ ْنمها بالنفقة عليها‪ ،‬وإلاحسان إليها‪.‬‬
‫تقرر َّأن‬ ‫ألامتعة هنا (غ ْر ٌم)‪ ،‬ومنفعة إلقائها‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(الغ ْر ُم بالغ ْنم)‪.‬‬
‫َّ َّ‬
‫الكلية التاسعة‬ ‫القاعدة‬ ‫‪- 57 -‬‬
‫َّ ا‬ ‫ا‬ ‫ْ ُ َّ‬
‫الض امان‬ ‫ال اج اواز الش ْر ِع ُّي ُين ِافي‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫شروط إعمال هذه القاعدة‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫الدليل على هذه القاعدة‬

‫مقي ٌد بشرطين‪:‬‬ ‫إعمال هذه القاعدة َّ‬ ‫شخصا حفر حفرة في ملكه‪ ،‬أو في الطريق‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫ُيستدل لهذه القاعدة بدليلين‪:‬‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫املعنى إلاجمالي‬
‫مقي ًدا بشرط‬ ‫صرف املباح َّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫أحدهما‪ :‬أن ال يكون َّ‬
‫العام بإذن ولي ألامر‪ ،‬فسقط فيها إنسان أو‬ ‫َّ‬
‫أحدهما من املعنى‪ :‬وحاصله‪َّ :‬أن اتصاف الش يء‬
‫السالمة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫فإنه ال ضمان على‬ ‫حيوان‪ ،‬وحصل له تلف؛ َّ‬ ‫الشرع يمنع من وصفه َّ‬ ‫بالجواز في حكم َّ‬
‫بالتعدي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫َّأن َّ‬
‫الت ُّ‬
‫ً‬ ‫الت ُّ‬ ‫ثانيهما‪ :‬أن ال يكون َّ‬ ‫ألن فعله هذا جائاَز ً‬ ‫الحافر؛ َّ‬ ‫بالتعدي امتنع ترتيب َّ‬ ‫وإذا امتنع وصفه َّ‬ ‫شرعا‬ ‫صرف املباح‬ ‫الجواز الشرعي‪ :‬املراد به‪:‬‬
‫صرف املباح عبارة عن إتالف مال‬ ‫شرعا‪ ،‬والجواز الشرعي‬ ‫الضمان‬ ‫ٌ‬
‫إتالف؛ َّ‬ ‫إذا َّ‬ ‫ُّ‬ ‫إلاباحة َّ‬
‫الش َّ‬
‫غيره ألجل نفسه‪ ،‬وذلك في حال َّ‬ ‫ُينافي َّ‬ ‫بالتعدي‪َّ ،‬‬ ‫عليه‪ ،‬بدليل َّأنه لو ثبت وصفه َّ‬ ‫فإن‬ ‫ترتب عليه‬ ‫تصر ٍّف‪،‬‬ ‫رعية ألي‬
‫الضرورة‪.‬‬ ‫الضمان‪.‬‬ ‫ترتب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫هذا إلاتالف ال يكون‬ ‫سواء أكان فعال أم تركا‪.‬‬
‫وهذا ما نلحظه في جميع الفروع السابقة املذكورة‬ ‫شخصا استأجر سيارة أو دابة ليحمل‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫الضمان‪.‬‬ ‫عليه ثبوت َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫حملها قدر املعتاد‪ ،‬فتلفت‪َّ ،‬‬ ‫مضمونا‪.‬‬ ‫الالتزام‬ ‫هو‬ ‫الضمان‪:‬‬
‫أمثلة على هذه القاعدة‪.‬‬ ‫فإنه ال‬ ‫ثم َّ‬ ‫عليها‪َّ ،‬‬ ‫ثانيهمي ي ي ييا‪َّ :‬أنـ ـ ـ ــه ُيمكـ ـ ـ ــن أن ُيسـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـتدل لـ ـ ـ ــبعض صـ ـ ـ ــور‬ ‫ُّ‬
‫يتحقق فيها هذا َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يضمن؛ َّ‬ ‫وتحمل تبعة‬ ‫بالتعويض‪،‬‬
‫الشرطان أو‬ ‫ومن ألامثلة التي لم‬ ‫شرعا‪ ،‬والجواز‬ ‫جائاَزا‬ ‫ألنه فعل فعال‬ ‫القاعـ ــدة‪ ،‬وهـ ــي ُّ‬
‫الصـ ــورة التـ ــي يكـ ــون الفاعـ ــل فيهـ ــا‬
‫الشرعي ُينافي َّ‬ ‫الش يء‪.‬‬
‫أحدهما‪:‬‬ ‫الضمان‪.‬‬ ‫محس ــنا؛ بقول ــه تع ــالى‪( :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ً‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫‪ -1‬لو َّأن شخصا أتلف شيئا بمروره في الطريق العام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أجيرا في إصالح سيارة‪َّ ،‬‬
‫فلما‬ ‫شخصا كان ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -3‬لو َّأن‬
‫َّ‬ ‫فإنه يضمنه؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫ) [التوبة‪.]20:‬‬
‫ألن املرور في الطريق العام‪ ،‬وإن كان‬ ‫طلبها مالكها منه‪ ،‬حبسها عنده حتى يعطيه أجرة‬
‫مقي ٌد بشرط َّ‬ ‫شرعا‪ ،‬إال َّأنه َّ‬ ‫مباحا ً‬ ‫ً‬ ‫فإنه ال يضمن؛ َّ‬ ‫إصالحها‪ ،‬فتلفت عنده‪َّ ،‬‬ ‫وج ي ييه الاس ي ييتدَلل‪ :‬م ـ ــا ذك ـ ــره الش ـ ــيخ عب ـ ــد ال ـ ــرحمن‬
‫السالمة‪.‬‬ ‫ألنه فعل‬
‫شخصا اضطر إلى طعام غيره‪ ،‬فأكله‪َّ ،‬‬ ‫الس ــعدي ف ــي (تفس ــيره)‪" :‬ويس ــتدل به ــذه آلاي ــة عل ــى‬
‫فإنه‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫الضمان‪.‬‬‫شرعا‪ ،‬والجواز الشرعي ُينافي َّ‬ ‫جائاَزا ً‬ ‫فعال ً‬ ‫ً‬
‫ألن إلاتالف هنا بطريق ألاكل‪ ،‬وإن كان ً‬ ‫يضمنه؛ َّ‬ ‫قاعدة وهي‪ :‬أن من أحسن على غيره‪ ،‬في [نفسه] أو‬
‫مباحا‬ ‫شخصا التقط لقطة‪ ،‬فأنفق على العين‬ ‫ً‬ ‫‪ -4‬لو َّأن‬
‫في ماله‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ثم ترتـب علـى إحسـانه نقـص‬
‫شرعا‪ ،‬إال َّأنه عبارة عن إتالف مال غيره ألجل نفسه في‬ ‫ً‬ ‫بالنفقة على صاحبها‪،‬‬ ‫امللتقطة بأمر القاض ي‪ ،‬ليرجع َّ‬
‫تقدم َّأن (الاضطرار ال ُيبطل َّ‬ ‫الضرورة‪ ،‬وقد َّ‬ ‫حال َّ‬ ‫َّ‬ ‫أو تل ــف‪ ،‬أن ــه غي ــر ض ــامن ألن ــه محسـ ــن‪ ،‬وال س ــبيل‬
‫حق‬ ‫ِّ‬ ‫فلما طلبها مالكها منه حبسها عنده‪ ،‬حتى يعطيه‬
‫مقابل نفقته عليها‪ ،‬فتلفت عنده‪َّ ،‬‬ ‫على املحسنين"اهـ‪.‬‬
‫الغير)‪.‬‬ ‫فإنه ال يضمن؛‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فعال ً‬
‫جائاَزا ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫*الشرطان السابقان ذكرهما (الشيخ أحمد الاَزرقا)‪،‬‬ ‫شرعا‪ ،‬والجواز الشرعي ُينافي‬ ‫ألنه فعل‬
‫وجمعهما (الشيخ مصطفى الاَزرقا) في ((املدخل الفقهي‬ ‫الضمان‪.‬‬ ‫َّ‬
‫العام)) في قيد واحد‪ ،‬فقال‪" :‬وهذه القاعدة فيما يظهر‬
‫ً‬ ‫دة بأن يكون الجواز الشرعي ً‬ ‫ٌ‬
‫مطلقا‪ ،‬فلو كان‬ ‫جوازا‬ ‫مقي‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫جوازا مقيدا‪ ،‬فإنه ينافي الضمان"‪ .‬ثم اقترح في آخر‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نص القاعدة‪:‬‬ ‫شرحه للقاعدة أن يكون ُّ‬
‫َّ‬ ‫ُ َ‬
‫(الجواز الشرعي املطلق ُينافي الضمان)‪.‬‬
‫الكلية العاشرة‬ ‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 58 -‬‬

‫ْ ْ ا ا ْ‬ ‫ا ا ُ ُ اا ا ْ اا ا ا‬
‫ص َّرف ِفي ِمل ِك الغ ْي ِر ِبال إذ ِن ِه‬‫َل يجوز ِألح ٍد أن يت‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫الدليل على هذه القاعدة‬

‫َّأما منطوق القاعدة‪ ،‬فمن أمثلته‪:‬‬ ‫الرضا في‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫يتصرف في‬ ‫يصح منه أن‬ ‫ُّ‬ ‫ألحد‪ ،‬وال‬
‫يحل ٍّ‬ ‫َّأنه ال ُّ‬
‫شخصا أخذ سيارة غيره بدون إذنه‪ ،‬واستعملها‪َّ ،‬‬ ‫يستدل لهذه القاعدة بأدلة الشرع العامة الدالة على اشتراط ِ‬
‫تصرفه ال يجوز‪،‬‬‫فإن ُّ‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫العقود ونحوها‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫ًّ‬
‫تصرفا فعليا‪ ،‬أو قوليا‪ ،‬بدون ٍّ‬
‫إذن من‬ ‫ًّ‬ ‫ُّ ً‬
‫ملك غيره‪،‬‬
‫فإنه يجب عليه‬ ‫غاصبا‪ ،‬فلو تلفت السيارة‪ ،‬أو حدث بها عيب؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫ولذا َّ‬
‫فإنه ُي َع ُّد‬ ‫َّ‬
‫تعالى‪( :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫‪ -1‬قوله‬ ‫إذن من الشرع‪ ،‬وهذا ما أفاده منطوق‬ ‫املالك‪ ،‬أو ٍّ‬
‫ضمانه‪.‬‬ ‫القاعدة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النساء‪.]22:‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫‪ -2‬لو أن شخصا باع بيتا لغيره بدون إذنه‪ ،‬فإن البيع ال يصح‪ ،‬إال إن أجاز املالك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُّ َ ُ ْ‬ ‫َ َ َ ُ ُ َّ‬ ‫ُّ‬
‫وأما مفهومها‪ :‬فأفاد أن التصرف في ملك الغير‬ ‫َّ‬
‫يصح ُم ً‬
‫فإنه ال ُّ‬ ‫وأما إذا لم ُيجاَزه؛ َّ‬ ‫وتكون إلاجازة الالحقة كالوكالة َّ‬
‫السابقة‪َّ ،‬‬ ‫س ِّمنه» أخرجه‬ ‫يب نف ٍّ‬ ‫‪ -2‬قال رسول الل ِّه ‪« :‬ال ي ِّحل مال ام ِّر ٍّئ ِّإال ِّب ِّط ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫طلقا‪.‬‬ ‫بإذن‬
‫بإذن منه؛ سواء أكان صريحا‪ ،‬أم داللة‪ ،‬أو ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫َّ‬ ‫أحمد‪ ،‬وهو صحيح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الشرع‪ ،‬يكون ً‬ ‫من َّ‬
‫وأما املفهوم املخالف لنص القاعدة‪ ،‬فمن أمثلته‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ُّ ً‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وصحيحا‪.‬‬ ‫مباحا‬
‫شخصا أذن آلخر أن يبيع سيارته‪ ،‬فقام املأذون له ببيعها‪َّ ،‬‬ ‫وجه الاستدَلل‪ :‬أن التصرف العاري من إلاذن يعد تصرفا خاليا من‬
‫فإن ُّ‬
‫تصرفه‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫َّ َّ ُّ‬ ‫َّ َّ‬
‫تصرف مأذون فيه على سبيل َّ‬ ‫ألنه ُّ‬ ‫صحيح؛ َّ‬ ‫الرضا ال‬‫الرضا‪ ،‬وقد دل الدليالن املتقدمان على أن التصرف الخالي من ِّ‬ ‫ِّ‬
‫التصريح‪.‬‬ ‫يحل به املال‪ ،‬فيكون َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫ُّ‬
‫يصح‪ ،‬وال ُّ‬
‫شخصا ناَزل ً‬ ‫صرف العاري من إلاذن غير صحيح‪.‬‬
‫ضيفا على آخر‪ ،‬فقال هذا الضيف باالنتفاع ببعض ما‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬
‫يملكه املضيف؛ كالجلوس على بعض فرشه‪ ،‬أو الانتفاع بإضاءة البيت‪ ،‬أو‬
‫ٌ‬ ‫ألنه ُّ‬ ‫يصح وينفذ؛ َّ‬
‫تصرفه ُّ‬‫فإن ُّ‬ ‫بتكييفه‪َّ ،‬‬
‫تصرف مأذون فيه عن طريق الشرع‪.‬‬
‫تصرفه ُّ‬ ‫فإن ُّ‬ ‫ٌ‬
‫مصلحة لليتيم‪َّ ،‬‬ ‫ُّ ً‬ ‫‪ -3‬لو َّأن ولي اليتيم َّ‬
‫يصح‬ ‫تصرفا فيه‬ ‫تصرف في ماله‬
‫ٌ‬ ‫ألنه ُّ‬ ‫وينفذ؛ َّ‬
‫تصرف مأذون فيه عن طريق الشرع‪.‬‬
‫الكلية الحادية عشرة‬ ‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 59 -‬‬

‫ا ُ‬ ‫ا ْ‬ ‫ُ ا ُ ْ ْ ا ْا‬
‫اع ِل َل ْلا ِم ِر اما ل ْم ايك ْن ُم ْج اب ًرا‬‫يضاف ال ِفع ُل إلى الف ِ‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫أمثلة للفروع َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫الدليل على هذه القاعدة‬

‫َ‬ ‫ٌ‬
‫َّأما منطوق القاعدة‪ ،‬فمن أمثلته‪:‬‬
‫(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫ستدل لهذه القاعدة بقوله تعالى‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫على مال الغير‪ُ ،‬ي‬ ‫َّأن الفعل الذي هو عبارة عن ت َع ٍّد‬
‫شخصا أمر آخر بحفر حفرة في الطريق العام‪ ،‬ثم وقع فيها إنسان‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫فإن حكم هذا‬ ‫أو نفسه‪ ،‬إذا كان بأمر من أحد‪َّ ،‬‬
‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫فإن َّ‬ ‫دابة‪َّ ،‬‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [البقرة‪.]281:‬‬ ‫ُ‬
‫الضمان يكون على الفاعل دون آلامر‪.‬‬ ‫الفعل ينسب إلى فاعله‪ ،‬دون آلامر به‪ ،‬إال إذا كان وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن هللا تعالى قد بين هنا َّأنه يحصل َّ‬
‫مكلفا‪ ،‬بإتالف مال لغيره‪ ،‬ففعل‪َّ ،‬‬ ‫شخصا آخر ً‬ ‫التكليف بما كان‬
‫فإن إلاتالف‬ ‫ٍّ‬
‫ً‬ ‫شخصا أغرى‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫داخال في قدرة املُ َّكلف‪ ،‬ولذلك َّ‬ ‫ً‬ ‫كره‬
‫ُ‬
‫كرها للفاعل على الفعل‪ ،‬أو في حكم امل ِّ‬
‫آلامر ُم ً‬
‫ِّ‬
‫الضمان يجب على املُ ِّتلف دون‬ ‫فإن َّ‬ ‫يتعلق باملُتلف الفاعل دون آلامر‪ ،‬ولذلك َّ‬ ‫َّ‬ ‫فإنه يكون من كسبه واكتسابه‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ًّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ً‬ ‫أم‬ ‫ا‪،‬‬‫حقيقي‬ ‫اه‬
‫ر‬ ‫إلاك‬ ‫أكان‬ ‫وسواء‬ ‫به‪،‬‬ ‫ر‬‫غر‬ ‫له؛ بأن‬
‫آلامر‪.‬‬
‫أحد‪ ،‬وهو في‬
‫بأمر من ٍّ‬‫ألن يكون مسؤوال عنه‪ ،‬ويدخل فيه ما فعله املكلف ٍّ‬ ‫نسب حكم الفعل إلى آلامر؛ َّ‬ ‫وحينئذ ُي َ‬ ‫ًّ‬
‫حكميا‪،‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫حدود قدرته‪ ،‬فإنه يكو مسؤوال عنه‪.‬‬
‫نار‪ ،‬ففعل‪ ،‬وترتب عليها ضرر‪ ،‬فإن ضمان‬ ‫‪ -3‬لو أن السلطان أمر شخصا بإيقاد ٍّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫املأمور في هذه الحالة‪ ،‬يكون في حكم آلالة في يد‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫خارجا عن قدرة املكلف‪ ،‬فإنه ال يكلف به‪ ،‬وال‬ ‫ً‬ ‫ومفهوم ذلك َّأن ما كان‬
‫جبر‪.‬‬‫الضرر يكون على السلطان آلامر‪ ،‬دون الفاعل؛ ألن السلطان يعد في حكم امل ِّ‬ ‫ً‬
‫مسؤوال عنه‪ ،‬وال ُي َ‬ ‫آلامر‪.‬‬
‫َّ‬ ‫صبيا بإتالف مال لغيره‪ ،‬ففعل‪َّ ،‬‬ ‫شخصا ُم َّكل ًفا أمر ًّ‬ ‫نسب إليه‪ ،‬ومنه ما‬ ‫يكون من اكتسابه‪ ،‬فال يكون‬
‫الضمان يتعلق‬ ‫فإن َّ‬
‫ٍّ‬
‫ً‬ ‫‪ -4‬لو َّأن‬ ‫ويضاف إلى هذا‪ :‬ما لو كان الفعل املأمور به كان ُم َ‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫كر ًها على فعله‪.‬‬ ‫ملصلحة آلامر‪َّ ،‬‬
‫غرر‪.‬‬
‫جبر‪ ،‬أو م ِّ‬ ‫باملكلف آلامر‪ ،‬وال يتعلق بالصبي؛ ألن املكلف آلامر إما م ِّ‬ ‫فإن ألامر هنا يكون في حكم‬
‫تبين َّأن الجدار‬ ‫ثم َّ‬ ‫بابا في جداري هذا‪ ،‬ففعل‪َّ ،‬‬ ‫شخصا قال آلخر‪ :‬افتح لي ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -5‬لو َّأن‬ ‫الوكالة‪ ،‬يقوم فيها املأمور مقام آلامر في حدود‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َّ‬
‫غرر‪.‬‬ ‫ليس له‪ ،‬فإن الضمان يكون على آلامر دون الفاعل؛ ألن آلامر م ِّ‬ ‫ألامر؛ كما لو أمره ببناء داره‪.‬‬
‫*إلاكراه الحكمي أو التقديري‪ :‬هو الذي ينتج عن‬
‫فإن أمره في حكم إلاكراه‪.‬‬ ‫أمر السلطان‪َّ ،‬‬
‫َّ َّ‬
‫الكلية الثانية عشرة‬ ‫القاعدة‬ ‫‪- 60 -‬‬
‫ْ‬ ‫ا َّ‬ ‫َّ ُ ْ‬
‫الث ِابت ِبال ُب ْر اه ِان كالث ِاب ِت ِبال ِع اي ِان‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫تنبيه آخر‬ ‫تنبيه‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪ -1‬لو َّأن ُّ‬


‫بالعيان في ش ٍّيء‬ ‫يختلف الثابت بالبرهان عن الثابت ِّ‬ ‫يترت ُب على إعطاء الثابت بالبرهان حكم الثابت‬ ‫لسلعة‬
‫ٍّ‬ ‫الشهود شهدوا بحصول املبايعة‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫الدعوى التي‬ ‫سمع َّ‬ ‫بالعيان ال ُت َ‬ ‫َّ َّ‬ ‫فإن ملكية تلك السلعة ُ‬ ‫ما بين شخصين‪َّ ،‬‬
‫واحد‪ ،‬وهو أن الثابت ِّ‬ ‫بال ِعيان‪ ،‬ثالثة أمور‪:‬‬ ‫تثبت‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫عوى‬ ‫فإنه يمكن سماع َّ‬
‫الد َ‬ ‫الثابت بالبرهان َّ‬ ‫َّ َّ‬
‫تخالفه‪ ،‬أما‬ ‫ٌ‬
‫إنكار بعد ذلك‬ ‫قبل من امل َّد َعى عليه‬ ‫‪ -1‬أن ال ُي َ‬ ‫َّ‬
‫بالشهادة‪ ،‬بمنزلة‬ ‫للمشتري‪ ،‬ويكون ثبوت ذلك‬ ‫َّ‬
‫ُّ‬ ‫َّأن ألامر الثابت بالبينة الشرعية‪،‬‬ ‫البرهان‪ :‬املراد به‪ :‬البينة‬
‫التي تخالفه‪.‬‬ ‫الثبوت‪.‬‬ ‫ثبوته باملعاينة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الشرعية؛ ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُيعطى حكم ألامر الثابت بمشاهدة‬ ‫كالشهود العدول‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫فلو َّأن شخصا ادعى على آخر أنه قتل مورثه‪ ،‬ونحن‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫ادعاء‪،‬‬ ‫‪ -2‬أن ال ُيسمع من امل َّد َعى عليه بعد القضاء‬ ‫ُّ‬
‫‪ -2‬لو َّأن الشهود شهدوا بحصول الكفالة في‬ ‫ٌ‬
‫سمع؛ َّ‬ ‫عوى ال ُت َ‬ ‫فإن هذه َّ‬
‫الد َ‬ ‫حيا‪َّ ،‬‬ ‫نشاهد ُمورثه ًّ‬ ‫ُّ‬ ‫فإن الكفالة ُ‬ ‫الدين من شخص آلخر‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫العين‪ ،‬من جهة َّأن املشاهدة حجة‬ ‫ال ِعيان‪ :‬املراد به‪ :‬مشاهدة‬
‫ألنها‬ ‫بخالف ذلك الثبوت‪.‬‬ ‫تثبت‪،‬‬ ‫ُ َ ٌ‬ ‫َّ‬
‫ويكون ثبوت ذلك َّ‬ ‫لاَزمة ال تسوغ مخالفتها‪ ،‬فكما َّأن‬ ‫م‬ ‫الش يء بحاسة البصر‪.‬‬
‫ثابت بال ِّعيان‪.‬‬ ‫ألمر ٍّ‬ ‫مخالفة ٍّ‬ ‫‪ -3‬أن يسري إلاثبات بالبرهان على غير املقض ي‬ ‫بالشهادة‪ ،‬بمنزلة ثبوته باملعاينة‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ألامر املشاهد بحاسة البصر‪ ،‬ال يسع‬
‫ولو َّأن شخصا ادعى دينا على آخر‪ ،‬وأثبته بالبينة‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫عليه من ذوي العالقة‪ ،‬فيثبت الحكم بالنسبة‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫إليهم ً‬ ‫إلانسان مخالفته‪ ،‬فكذلك ألامر‬
‫ثم َّاد َعى امل َّد َعى عليه في مجلس القضاء‪َّ ،‬أن‬ ‫رعية‪َّ ،‬‬ ‫الش َّ‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الد َ‬ ‫فإن هذه َّ‬ ‫أقر بأن ال ش يء له عليه‪َّ ،‬‬ ‫املُ ِّدعي َّ‬ ‫الثابت بالبينة الشرعية‪ ،‬ال تسوغ‬
‫عوى‬
‫ٌ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫مخالفته‪ ،‬وإن كان من املحتمل َّأن‬
‫ثابت بالبرهان‪.‬‬ ‫ألمر ٍّ‬‫تسمع؛ ألن هذه الدعوى مخالفة ٍّ‬
‫الواقع بخالف ما أفادته البينة‬
‫ً‬
‫الشرعية؛ ككون الشهود كذبة‬
‫سبب‬ ‫َّ‬
‫بالصالح‪ ،‬أو وجود‬ ‫مستترين‬
‫ٍّ‬
‫ٌ‬
‫مبر ٍّئ لم يطلع عليه أحد‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪- 61 -‬‬

‫َّ َّ‬
‫الكلية الثالثة عشرة‬ ‫القاعدة‬
‫ْا ُ ْاا ا ا‬
‫ال الكال ِم أ ْولى ِم ْن ِإ ْه ام ِال ِه‬‫ِإعم‬

‫مكانة هذه القاعدة وأهميتها‬ ‫‪1‬‬

‫معنى القاعدة‬ ‫‪2‬‬

‫ال ي ي ي ي ي ي ي َّيدليل عل ي ي ي ي ي ي ييى ه ي ي ي ي ي ي ييذه‬ ‫‪3‬‬


‫ا‬ ‫ْاا ْ‬ ‫ا‬ ‫القاعدة‬
‫صل ِفي الكالم ال اح ِقيقة‪.‬‬ ‫ألا ْ‬ ‫‪1‬‬ ‫املتفرعة عنها‬ ‫ِ‬ ‫القواعد‬ ‫‪4‬‬
‫ا‬ ‫يق ي ي ي يية ُي ا‬ ‫ا ا َّ ا ْ ْ ا ا‬
‫ص ي ي ي ييار ِإل ي ي ي ييى‬ ‫ِإذا تع ي ي ي ييذرت الح ِق‬ ‫‪2‬‬
‫ا ًّ ا ْ ا ً‬ ‫ا ْ ا ُ ْ ا ُ َّ ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ْ ْ ُا ْ ا‬
‫يد نصا أو ِدَللة‪.‬‬
‫يل التق ِي ِ‬ ‫از‪ .‬اق اي ْج ِري اعلى إطال ِق ِه‪ ،‬ما لم يقم د ِل‬ ‫املاملجطل‬ ‫‪3‬‬
‫ا ا ُ ا ْ ُ‬ ‫ْ ُا ْ‬
‫ض اما َل ايت اج َّزأ ك ِذك ِر ك ِل ِه‪.‬‬ ‫ِذكر بع ِ‬ ‫‪4‬‬
‫ا‬ ‫ْ ا‬ ‫ا ْ‬ ‫ْ ا‬ ‫ْا ْ ُ‬
‫اض ِر لغ ٌو او ِفي الغا ِئ ِب ُم ْعت اب ٌر‪.‬‬ ‫الوصف ِفي الح ِ‬ ‫‪5‬‬
‫اب‪.‬‬ ‫ُّ ا ُ ُ ا ٌ ْ ا ا‬
‫السؤال معاد ِفي الجو ِ‬ ‫‪6‬‬
‫ا ا ا َّ ا ْ ا ُ ْ ا ا‬
‫ال الكال ِم ُي ْه ام ْل‪.‬‬ ‫ِإذا تعذر ِإعم‬ ‫‪7‬‬
‫َّ َّ‬
‫الكلية الثالثة عشرة‬ ‫القاعدة‬ ‫‪- 62 -‬‬

‫ْ ا ُ ْاا ا ا‬
‫ال الكال ِم أ ْولى ِم ْن ِإ ْه ام ِال ِه‬‫ِإعم‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫الدليل على هذه القاعدة‬ ‫معنى القاعدة‬ ‫مكانة هذه القاعدة وأهميتها‬

‫عقلي‬
‫ٍ‬ ‫بدليل‬
‫ٍ‬
‫َّ‬
‫ستدل لها‬‫هذه القاعدة ُيمكن أن ُي‬ ‫َّ‬
‫الفقهية‪،‬‬ ‫حص ى من الفروع‬ ‫يتفرع عنها ما ال ُي َ‬
‫هذه القاعدة ذات مكانة عظيمة‪َّ ،‬‬
‫حاصله‪:‬‬ ‫املعنى إلافرادي‬ ‫املعنى إلافرادي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وقد َّ‬
‫عدها (السيوطي) قاعدة عاشرة من الكتاب الثاني‪ ،‬الذي عقده للقواعد‬
‫يؤدي إلى أن يكون الكالم ً‬
‫لغوا‪ ،‬ال‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫يتخرج عليها ما ال ينحصر من ُّ‬ ‫الكلية‪ ،‬التي َّ‬ ‫َّ‬
‫أن إهمال الكالم ِّ‬ ‫َّأن الكالم إذا أمكن حمله على ً‬ ‫الجاَزئية‪.‬‬ ‫الصور‬
‫فائدة فيه‪ ،‬وكالم العاقل ُيصان عن اللغو ما أمكن‬ ‫معنى من‬ ‫هذه القاعدة مكونة من شقين متقابلين‪،‬‬
‫شمولية القاعدة‬ ‫َّ‬ ‫ولم يذكرها علماء القواعد‪ ،‬الذين رتبوا مؤلفاتهم بحسب‬
‫ذلك‪ ،‬وصون الكالم عن اللغو يحصل بإعمال‬ ‫املعاني؛ بحيث يكون له ثمرة‪ ،‬كما َّأنه‬ ‫أحدهما أرجح من ْلاخر‪:‬‬
‫أمكن حمله على ً‬ ‫والاتفاق عليها‪ ،‬ضمن القواعد الكبرى‪.‬‬
‫معنى من املعاني؛‬ ‫أحدهما‪( :‬إعمال الكالم)‪ :‬املراد به‪ :‬حمل‬
‫الكالم واجتناب إهماله‪.‬‬
‫بحيث ال يكون له ثمرة‪َّ ،‬‬ ‫الكالم على ً‬ ‫والذي يظهر َّأن هذه القاعدة‪ ،‬تقرب من القواعد الكبرى‪ ،‬ملا يأتي‪:‬‬
‫فإن حمله على‬ ‫معنى من املعاني؛ بحيث‬
‫‪َّ -1‬أن هذه القاعدة محل اتفاق بين العلماء في الجملة‪ ،‬ويظهر هذا من خالل‬
‫املعنى الذي له ثمرة‪ ،‬أولى من حمله على‬ ‫يكون له ثمرة‪.‬‬
‫تفريعاتهم عليها‪ ،‬وتعليالتهم بها‪.‬‬
‫املعنى الذي ال ثمرة له‪.‬‬ ‫ثانيهما‪( :‬إهمال الكالم)‪ :‬املراد به‪ :‬حمل‬
‫الكالم على ً‬ ‫‪َّ -2‬أن هذه القاعدة تدخل كثيرا غالب أبواب الفقه‪ ،‬وخاصة ما يكون منها ذو‬
‫ً‬
‫معنى من املعاني؛ بحيث ال‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ارتباط َّ‬
‫بالت ُّ‬
‫القولية للمكلف‪.‬‬ ‫صرفات‬ ‫ٍّ‬
‫يكون له ثمرة‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫السابقين يدلنا على أهمية هذه القاعدة‪ ،‬وكما َّأن هذه القاعدة‬ ‫وتأمل ألامرين َّ‬ ‫ُّ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فإن لها تعل ًقا‬
‫املكلف القولية كلها‪ ،‬وطرق تصحيحها‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫تصرفات‬ ‫تتعلق بأحكام‬
‫كبيرا بخطابات َّ‬
‫الشارع؛ من حيث َّإنه يجب صونها عن إلاهمال وإلالغاء‪ ،‬ولذا‬ ‫ً‬
‫ُّ‬
‫َّ‬
‫القولية‪.‬‬ ‫الس َّنة‬
‫كانت هذه القاعدة ذات تعلق باألبحاث القرآنية‪ ،‬وأبحاث ُّ‬
‫يدلنا على َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫أهمية هذه القاعدة‪ ،‬ومسيس الحاجة إليها في بناء أحكام‬ ‫وهذا كله‬
‫الفقه‪.‬‬
‫‪- 63 -‬‬

‫املتفرعة عن قاعدة‬ ‫اِ‬ ‫القواعد‬


‫ا‬ ‫ْا ُ ْاا‬
‫ال الكال ِم أ ْولى ِم ْن ْإه ام ِال ِه‬‫إعم‬
‫ا‬ ‫ْاا ْ‬ ‫ا‬
‫صل ِفي الكالم ال اح ِقيقة‪.‬‬ ‫ألا ْ‬ ‫‪1‬‬
‫ا ا َّ ْ ْ ا ا ُ ا ا ْ ا‬
‫ِإذا تعذ ارت الح ِقيقة يصار ِإلى املجاز‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫اً‬ ‫ا ًّ ا‬ ‫ا ا ْ ا ُ ْ ا ُ َّ ْ‬ ‫ا ْا‬ ‫ُْ ْا‬
‫صا أ ْو ِدَللة‪.‬‬ ‫يد ن‬
‫يل التق ِي ِ‬ ‫املطل اق اي ْج ِري اعلى إطال ِق ِه‪ ،‬ما لم يقم د ِل‬ ‫‪3‬‬
‫ا ا ُ ا ْ ُ‬ ‫ْ ُا ْ‬
‫ض اما َل ايت اج َّزأ ك ِذك ِر ك ِل ِه‪.‬‬ ‫ِذكر بع ِ‬ ‫‪4‬‬
‫ا‬ ‫ْ ا‬ ‫ا ْ‬ ‫ْ ا‬ ‫ْا ْ ُ‬
‫اض ِر لغ ٌو او ِفي الغا ِئ ِب ُم ْعت اب ٌر‪.‬‬ ‫الوصف ِفي الح ِ‬ ‫‪5‬‬

‫اب‪.‬‬ ‫ُّ ا ُ ُ ا ٌ ْ ا ا‬
‫السؤال معاد ِفي الجو ِ‬ ‫‪6‬‬
‫ا ا ا َّ ا ْ ا ُ ْ ا ا‬
‫ال الكال ِم ُي ْه ام ْل‪.‬‬ ‫ِإذا تعذر ِإعم‬ ‫‪7‬‬
‫‪- 64 -‬‬

‫‪1‬‬
‫ا‬ ‫ْاا ْ‬ ‫ا‬
‫صل ِفي الكالم ال اح ِقيقة‬
‫ألا ْ‬

‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫تنبيه‬ ‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬

‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬


‫فرعها بعضهم على قاعدة‪:‬‬ ‫هذه القاعدة َّ‬ ‫ً‬
‫منهجا من مناهج‬ ‫هذه القاعدة ترسم لنا‬ ‫ثم َّإنه بعد ذلك‬ ‫شخصا قال آلخر‪ :‬وهبتك هذا الش يء‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫البيع؛ َّ‬ ‫طالبه بقيمته‪ ،‬بحجة َّأنه أراد بلفظ الهبة َ‬
‫(إعمال الكالم أولى من إهماله)‪ ،‬وتقدم في‬ ‫إعمال الكالم؛ وذلك َّإن إعمال الكالم إذا‬ ‫ألن الهبة حقيقة‬ ‫ِّ‬ ‫الراجح أو الغالب في الكالم‬‫َّأن َّ‬ ‫الحقيقة‪ :‬املراد به‪ :‬اللفظ‬
‫املسألة السابقة وجه تفريعها عليها‪.‬‬ ‫ممكنا على وجه الحقيقة‪ ،‬وعلى وجه‬ ‫ً‬ ‫كان‬ ‫فيما كان بغير عوض‪ ،‬وألاصل في الكالم الحقيقة‪.‬‬ ‫إذا َّ‬
‫تردد بين الحقيقة واملجاز‪،‬‬ ‫املستعمل في املعنى الذي‬
‫وفرعها بعضهم (كالسيوطي وابن نجيم) على‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫املجاز‪ ،‬فإن َّ‬ ‫فإن البنات يدخلن مع‬ ‫شيئا على أوالده‪َّ ،‬‬ ‫شخصا وقف ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫حمل على الحقيقة؛ َّ‬ ‫أن ُي َ‬
‫الراجح إعماله على وجه‬ ‫ألن‬ ‫وضع له في أصل اللغة‪.‬‬
‫قاعدة‪( :‬اليقين ال ياَزول بالشك)‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ألابناء في هذا الوقف؛ َّ‬ ‫َ‬
‫الحقيقة؛ ِّملا تقدم في معنى القاعدة‬ ‫ألن لفظ (الولد) حقيقة في ألابناء والبنات‬ ‫ٌ‬
‫أصل‪ ،‬واملجاز‬ ‫املعنى الحقيقي‬ ‫ُ‬
‫ُويقابل الحقيقة املجاز‪،‬‬
‫ووجه تفريعها عليها‪َّ :‬أن إرادة املعنى الحقيقي‬ ‫إلاجمالي‪.‬‬ ‫معا‪ ،‬وقصر لفظ (الولد) على ألابناء فقد مجاز‪ ،‬وألاصل في الكالم‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫بدل‪ ،‬وألاصل ُيقدم ُويرجح على‬ ‫ٌ‬ ‫اللفظ‬ ‫به‪:‬‬ ‫واملراد‬
‫أمر ُمتيق ٌن؛ لكونه هو َّ‬
‫الراجح‪،‬‬ ‫املتكلم ٌ‬
‫ِّ‬ ‫في كالم‬ ‫الحقيقة‪.‬‬ ‫البدل‪.‬‬ ‫املستعمل في غير املعنى‬
‫الذهن‪ ،‬وإرادة املعنى املجازي في‬ ‫ً‬
‫مثال‪-‬؛ فإنهَّ‬ ‫ى ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫واملتبادر إلى ِّ‬ ‫وكذا املفتاح يعد من لوازم القفل‪ ،‬فمن اشتر قفال ‪-‬‬ ‫الذي ُو ِّض َع له في أصل‬
‫ُ َ‬ ‫ألن املفتاح من لوازم القفل‪ ،‬فيكون ً‬ ‫يملك مفتاحه؛ َّ‬
‫الكالم أمر مشكوك فيه؛ لكونه غير متبادر على‬ ‫تابعا له‪ ،‬فيعطى‬
‫الذهن‪ ،‬والحمل على اليقين أولى؛ َّ‬ ‫لعالقة‪ ،‬مع وجود‬
‫ٍّ‬ ‫اللغة‬
‫ألن اليقين‬ ‫ِّ‬ ‫حكمه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫القرينة املانعة من إرادة‬
‫أقوى من الشك‪.‬‬ ‫لتبعية لوازم العين‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫السابقة تعد أمثلة‬ ‫وهذه ألامثلة َّ‬
‫املعنى ألاصلي‪.‬‬
‫ثم إنه وكل من باعه عنه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫شخصا حلف أن ال يبيع شيئا‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -3‬لو َّأن‬
‫ٌ‬ ‫فإنه ال يحنث في يمينه؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫ألن حلفه حقيقة في فعل نفسه‪ ،‬وهو لم‬
‫يفعل بنفسه‪ ،‬وألاصل في الكالم الحقيقة‪.‬‬
‫‪- 65 -‬‬
‫‪2‬‬
‫ا ا َّ ا ْ ْ ا ا ُ ا ا ْ‬
‫صار ِإلى امل اجاز‬‫ِإذا تعذرت الح ِقيقة ي‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬

‫ً‬ ‫َّأن الكالم إذا دار بين الحقيقة واملجاز‪ ،‬ولم يمكن‬
‫منهجا آخر من مناهج‬ ‫هذه القاعدة ترسم لنا‬ ‫املبنية على هذه القاعدة‪ُ ،‬يمكن ذكرها من‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الفقهية‬ ‫الفروع‬
‫الكالم‪ ،‬واجتناب إهماله؛ وذلك باالنتقال من‬ ‫ُّ‬ ‫حمله على حقيقته‪ ،‬ألي سبب من ألاسباب‪َّ ،‬‬
‫خالل ذكر أوجه تعذر الحقيقة؛ وهي ثالثة أوجه‪:‬‬ ‫فإنه‬ ‫ٍّ‬ ‫ِّ‬
‫الحقيقة إلى املجاز‪ ،‬عند تعذر الحقيقة‪.‬‬ ‫ً‬
‫طريقا‬ ‫يتعين‬ ‫حمل على مجازه؛ َّ‬
‫ألن املجاز حينئذ َّ‬ ‫ُي َ‬
‫ٍّ‬
‫إلعمال الكالم‪ ،‬واجتناب إهماله‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الوجه ألاول‬
‫الوجه الثالث‬ ‫الوجه الثاني‬
‫َّ ُّ‬ ‫َّ ُّ‬ ‫َّ ُّ‬
‫التعذر الشرعي‬ ‫التعذر العرفي‬ ‫التعذر الحقيقي‬
‫وهذا الوجه له صورتان‬

‫وذلك بأن يكون َّ‬


‫الشرع هو الذي َّأدى‬ ‫وذلك بأن يكون العرف هو الذي َّأدى‬
‫إلى هجران الحقيقة‪.‬‬ ‫حمل الكالم‬ ‫في َ‬ ‫إلى هجران الحقيقة‪ُ ،‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫ً َّ‬
‫مثاله‪ :‬لو َّأن شخصا وكل شخصا آخر‬
‫ً‬ ‫حينئذ على املجاز‪.‬‬ ‫ٍّ‬
‫ٌ‬ ‫بالخصومة‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أن تكون إرادة املعنى الحقيقي ممكنة‪،‬‬ ‫أن تكون إرادة املعنى الحقيقي ممتنعة‬
‫فإن الخصومة حقيقة في‬ ‫مثاله‪ :‬لو أن شخصا حلف أن ال يضع‬ ‫شخصا وقف ً‬
‫ٌ‬ ‫قدمه في دار فالن‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫ولكن بمشقة‬ ‫شيئا على‬ ‫ً‬ ‫مثالها‪ :‬لو َّأن‬
‫املنازعة‪ ،‬ومجاز في املرافعة عن هذا‬ ‫فإن ذلك حقيقة‬
‫َّ‬
‫ٍّ‬ ‫ً‬
‫شخصا حلف على ألاكل‬ ‫مثالها‪ :‬لو َّأن‬ ‫ثم ملا نظرنا بعد ذلك لم نجد‬ ‫أوالده‪َّ ،‬‬
‫الشخص عند القاض ي في دعو ًى ما‪،‬‬ ‫في وضع الجاَزء املعروف من الجسد‬ ‫الشجرة‪َّ ،‬‬ ‫من هذه َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫دل َّ‬‫وقد َّ‬ ‫ومجاز في ُّ‬‫ٌ‬ ‫فإن ذلك حقيقة‬ ‫أوالد‪،‬‬
‫له أوالدا‪ ،‬ولكن وجدنا له أوالد ٍّ‬
‫الشرع على عدم إرادة املعنى‬ ‫الدخول عليه في بيته‪،‬‬ ‫فقط‪،‬‬ ‫فإن الوقف يكون لهم؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫الحقيقي؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫في ألاكل من خشبها وأوراقها‪ ،‬وهذا‬ ‫ألن لفظ‬
‫ألن الشرع قد منع من‬ ‫وقد دل العرف على عدم إرادة هذا‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫في َ‬ ‫املنازعة‪ُ ،‬‬ ‫في َ‬
‫املعنى الحقيقي‪ُ ،‬‬ ‫بمشقة؛ لذلك فهو في‬ ‫ممكن ولكن‬ ‫ومجاز‬ ‫(الولد) حقيقة في الولد املباشر‪،‬‬
‫حمل الكالم على مجازه‪،‬‬ ‫حمل الكالم على‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ً‬ ‫ويكون هذا َّ‬ ‫مجازه‪ ،‬وال يحنث هذا َّ‬ ‫حكم املمتنع حقيقة‪ ،‬فيصار إلى‬ ‫في الولد غير املباشر‪ ،‬وقد امتنع هنا‬
‫الشخص وكيال له في‬ ‫الشخص إال إذا‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫املجاز‪ ،‬وهو الثمر‪ ،‬فال يحنث هذا‬ ‫حمل الكالم على معناه الحقيقي‪ ،‬لعدم‬
‫ألنه ِّإذا ت َعذ َر ْت ال َح ِّق َيقة‬ ‫املرافعة؛ َّ‬ ‫ألنه ِّإذا ت َعذ َر ْت ال َح ِّق َيقة‬ ‫دخل البيت؛ َّ‬
‫َّ‬ ‫وجود أوالد مباشرين لهذا َّ‬
‫ُ َ َ ْ‬ ‫ُ َ َ ْ‬ ‫الشخص إال إذا أكل من ثمر هذه‬ ‫الشخص‪،‬‬ ‫ٍّ‬
‫صار ِّإلى امل َجاز‪.‬‬ ‫ي‬ ‫صار ِّإلى امل َجاز‪.‬‬‫ي‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫الشجرة؛ َّ‬
‫ألنه ِّإذا ت َعذ َر ْت ال َح ِّقيقة‬ ‫َّ‬
‫حمل اللفظ على مجازه؛ ألنه ِّإذا‬ ‫في َ‬ ‫ُ‬
‫ُ َ َ ْ‬ ‫َ َ َّ َ ْ ْ َ َ ُ َ َ ْ‬
‫صار ِّإلى امل َجاز‪.‬‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫تعذرت الح ِّقيقة يصار ِّإلى املجاز‪.‬‬
‫‪- 66 -‬‬

‫‪3‬‬
‫اً‬ ‫ا ًّ ا‬ ‫ا ا ْ ا ُ ْ ا ُ َّ ْ‬ ‫ا ْا‬ ‫ُْ ْا‬
‫صا أ ْو ِدَللة‬ ‫يد ن‬
‫يل التق ِي ِ‬‫املطل اق اي ْج ِري اعلى إطال ِق ِه‪ ،‬ما لم يقم د ِل‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬

‫منهجا من مناهج‬ ‫ً‬ ‫هذه القاعدة ترسم لنا‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫إعمال الكالم؛ وذلك َّإن إعمال الكالم إذا‬ ‫املبنية على هذه القاعدة‪ُ ،‬يمكن ذكرها من‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الفقهية‬ ‫الفروع‬ ‫ُ ا‬
‫ً‬
‫منهجا‬ ‫هذه القاعدة ترسم لنا‬ ‫َّ‬
‫املجرد من‬ ‫املطلق‪ :‬ألامر‬
‫عمل به على إلاطالق‪ ،‬وإذا‬ ‫طلقا؛ َّ‬
‫فإنه ُي َ‬ ‫كان ُم ً‬ ‫خالل ذكر حاَلت هذه القاعدة؛ وهي َل تخلو من ثالث حاَلت‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫القيود َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ ً‬ ‫في إعمال الكالم املطلق واملقيد؛‬ ‫الدالة على بعض‬
‫قييد‪.‬‬
‫كان مقيدا؛ فإنه يعمل به على الت ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫خال من‬ ‫وذلك أنه إذا وجد كالم ٍّ‬ ‫ألاوصاف أو الحدود‪.‬‬
‫عمل به على‬ ‫فإنه ُي َ‬‫القيود‪َّ ،‬‬ ‫نصا‪ :‬أن يكون ألامر‬ ‫التقييد ًّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الحالة َّ‬ ‫إطالقه‪ ،‬فإذا قام َّ‬ ‫بلفظ ُّ‬ ‫ً‬
‫الحالة الثالثة‬ ‫الحالة الثانية‬ ‫ألاولى‬ ‫الدليل على‬ ‫يدل على بعض‬ ‫مقرونا ٍّ‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫املطلق ًّ‬‫ا‬ ‫ا‬ ‫قي ًدا؛‬ ‫عمل به ُم َّ‬ ‫تقييده َّ‬
‫فإنه ُي َ‬ ‫ألاوصاف أو الحدود‪.‬‬
‫تقييد املطلق دَللة‬ ‫نصا‬ ‫تقييد‬ ‫إجراء املطلق على إطالقه‬ ‫ِّ‬
‫سواء أكان َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫قييد بطريق‬ ‫ِّ‬ ‫الت‬ ‫قييد دَللة‪ :‬أن يكون ألامر‬ ‫الت ِ‬
‫ً‬
‫الداللة‪.‬‬ ‫اللفظ‪ ،‬أم بطريق ِّ‬ ‫عرف‪ ،‬أو‬
‫بحالة‪ ،‬أو ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫مقرونا‬
‫شخصا يعمل في حمل ألامتعة‪ ،‬فوكل‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫شخصا آخر في أن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شخصا وكل‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫شخصا آخر في أن‬‫ً‬ ‫شخصا وكل‬‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫مما ُّ‬ ‫نحوهما َّ‬
‫ً‬ ‫يدل على بعض‬
‫صديقا له في أن يشتري سيارة‪ ،‬فاشترى الوكيل‬ ‫(اشتر لي سيارة‬ ‫ِّ‬ ‫يشتري له سيارة‪ ،‬بقوله‪:‬‬ ‫(اشتر لي‬‫ِّ‬ ‫يشتري له سيارة‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫سيارة صغيرة‪ ،‬ال تصلح لحمل ألامتعة‪َّ ،‬‬ ‫ألاوصاف أو الحدود‪.‬‬
‫فإنه ال‬ ‫سوداء)‪ ،‬فاشترى له الوكيل سيارة‬ ‫سيارة)‪ ،‬فاشترى له الوكيل سيارة‬
‫ألنه قد قام دليل‬ ‫يلاَزم املوكل قبول السيارة؛ َّ‬ ‫املوكل قبول‬ ‫خضراء‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫فإنه ال يلاَزم‬ ‫املوكل‪( :‬أردت السيارة‬ ‫ِّ‬ ‫بيضاء‪ ،‬فقال‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫التقييد ًّ‬ ‫ألنه قد قام دليل َّ‬ ‫السيارة؛ َّ‬ ‫قبل كالمه هنا؛ ألنَّ‬ ‫فإن ال ُي َ‬ ‫حمر َاء)‪َّ ،‬‬
‫املوكل‪ ،‬فال يكون‬‫املتمثل في حالة ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫قييد داللة‪،‬‬ ‫الت ِّ‬ ‫نصا‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الكالم ُمطل ًقا‪ ،‬بمعنى‪َّ :‬أنه ال يجوز للوكيل شراء‬ ‫فال يكون الكالم ُمطل ًقا؛ بمعنى‪َّ :‬أنه ال‬ ‫توكيله مطلق‪ ،‬واملطلق يجري على‬
‫نوع يختاره هو‪.‬‬ ‫السيارة من أي ٍّ‬ ‫يجوز للوكيل شراء السيارة بأي لو ٍّن‬ ‫إطالقه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫شرعي‪ ،‬وكل صديقه في أن‬ ‫ٍّ‬ ‫علم‬ ‫‪ -2‬لو أن طالب ٍّ‬ ‫يختاره هو‪.‬‬ ‫‪ -2‬لو أن شخصا أعار شخصا آخر شيئا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الش يء)‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫يشتري له بعض الكتب‪ ،‬فاشترى له الوكيل ً‬
‫كتبا‬ ‫شخصا آخر شيئا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شخصا أعار‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫فإنه يجوز‬ ‫بقوله‪( :‬أعرتك هذا‬
‫املوكل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫في الطب أو في الهندسة‪ ،‬فإنه ال يلاَزم ِّ‬ ‫بقوله‪( :‬أعرتك هذا الش يء ملدة يومين)‪،‬‬ ‫للمستعير الانتفاع بالعارية‪ ،‬في جميع‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫قييد‬ ‫قبول هذه الكتب؛ ألنه قد قام دليل الت ِّ‬ ‫فإنه ال يحق للمستعير الانتفاع بهذا الش يء‬ ‫وجوه الانتفاع بالحدود املعتادة‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫بعد مض ي اليومين؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫املوكل‪ ،‬فال يكون الكالم‬ ‫ملتمثل في حالة ِّ‬ ‫داللة‪ ،‬ا ِّ‬ ‫ألنه قد قام دليل‬ ‫يتقيد الانتفاع باَزمان أو مكان معينين‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُمطل ًقا‪ ،‬بمعنى‪َّ :‬أنه ال يجوز للوكيل شراء الكتب‬ ‫نصا‪ ،‬فال يكون الكالم ُمطل ًقا؛‬ ‫التقييد ًّ‬
‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫ألن إلاعارة هنا مطلقة‪،‬‬ ‫طريقة خاصة؛ َّ‬
‫َ‬
‫علم يختاره هو‪.‬‬ ‫في أي ٍّ‬ ‫بمعنى‪َّ :‬أنه يتقيد باملدة التي ذكرها املعير‪.‬‬ ‫واملطلق يجري على إطالقه‪.‬‬
‫‪- 67 -‬‬

‫ا ا ‪ 4‬ا ا ا َّ ُ ا ْ ُ‬ ‫ذ ْك ُر اب ْ‬
‫ض ما َل يتجزأ ك ِذك ِر ك ِل ِه‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬

‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬
‫تنبيهان‬ ‫عالقتها بالقاعدة ال َّ‬
‫كلية‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫نص القاعدة عند (ابن نجيم)‬ ‫هذا هو ُّ‬
‫والنظائر))‪ ،‬وهو‬ ‫في كتابه ((ألاشباه َّ‬
‫ً‬ ‫ً َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أ‬
‫منهجا من مناهج‬ ‫هذه القاعدة ترسم لنا‬ ‫شخصا طلق نصف زوجته أو‬ ‫أن ما ال يقبل التجاَزئة يكون ذكر ‪ -1‬لو َّأن‬ ‫نصها في ((مجلة ألاحكام العدلية))‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫(الاَزركش ي والسيوطي) ُّ‬ ‫َّأما عند َّ‬
‫يقبل َّ‬ ‫إعمال الكالم‪ ،‬واجتناب إهماله؛ وذلك تنزيل‬ ‫طالق‪ ،‬أو‬ ‫(نصفك‬ ‫البعض منه ‪-‬اختيارا أو إسقاطا‪ ،-‬ربعها مثال‪ ،‬بأن قال‪:‬‬ ‫فنصها‪:‬‬
‫التجاَزئة‪،‬‬ ‫هذه القاعدة متعلقة بما ال َ‬ ‫بعض ما ال يتجاَزأ منزلة الكل‪ ،‬فيما َّ‬
‫ِّ‬ ‫يترتب‬ ‫تطلق ُّكلها؛ َّ‬ ‫ُ‬ ‫طالق)‪َّ ،‬‬ ‫ربعك ٌ‬ ‫ً‬
‫قائما مقام ذكر الكل من جهة ما ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يض‪ ،‬فاخ ِّت َي ُار َب ْع ِّض ِّه‬ ‫( َما َال َي ْق َب ُل َّ‬
‫الت ْب ِّع َ‬
‫ِّ‬ ‫ألن املرأة ال‬ ‫فإنها‬
‫الكل‪ ،‬فيأخذ‬ ‫ِّ‬ ‫كذكر‬ ‫فيها‬ ‫البعض‬ ‫فيكون ذكر‬ ‫ً‬ ‫الكل من أحكام‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َْ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫حكمه‪َّ ،‬أما ما َ‬
‫أحكام‪ ،‬يجعل للكالم ثمرة‪ ،‬فيكون‬ ‫ٍّ‬ ‫عليه من‬ ‫الكل‪.‬‬‫تتجاَزأ‪ ،‬فيكون ذكر البعض منها كذكر ِّ‬ ‫يترتب على ِّ‬ ‫اط‬ ‫كاخ ِّتي ِّار ك ِّل ِّه‪ ،‬وِّإسقاط بع ِّض ِّه ك ِّإسق ِّ‬
‫يقبل التجاَزئة فال تتعلق به‬ ‫الكالم معمال‪ ،‬ولو كان ذكر البعض ال يقوم‬
‫ُ َ ً‬ ‫وكذا لو طلق ٌ‬ ‫ُكله)‪ ،‬ومعنى العبارتين ٌ‬
‫واحد‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫طلقة أو‬‫ٍّ‬ ‫رجل زوجته نصف‬ ‫ِّ ِّ‬
‫حكم‬ ‫هذه القاعدة‪ ،‬ويكون للبعض منه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫مثال‪َّ ،‬‬ ‫ً‬
‫الكل هنا‪ ،‬لم يكن للكالم ثمرة‪،‬‬ ‫مقام ذكر ِّ‬ ‫فإنها تطلق طلقة واحدة كاملة؛‬ ‫ربعها‬
‫خاصا آخر‪.‬‬ ‫كما ًّ‬ ‫خاص‪ ،‬كما َّأن للكل ُح ً‬ ‫ٌّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫نص القاعدة‬ ‫َّ‬ ‫فيكون الكالم مهمال‪ ،‬وقد‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ألن الطلقة ال تتجاَزأ‪ ،‬فيكون ذكر البعض‬
‫إنسانا آخر‪ ،‬في‬ ‫إنسانا كفل‬ ‫مثاله‪ :‬أو َّأن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ‬
‫الكبرى على أن ِّإعمال الكال ِّم أولى ِّمن ِّإهم ِّال ِّه‪.‬‬ ‫ً‬
‫الدين‪َّ ،‬‬ ‫نصف ما عليه من َّ‬ ‫الكل‪.‬‬
‫منها قائما مقام ذكر ِّ‬
‫فإن هذه‬
‫ً‬ ‫الكفالة تصح‪ ،‬ويكون هذا َّ‬ ‫إنسان كفالة‬ ‫ٍّ‬ ‫شخصا كفل نصف‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬
‫الشخص كفيال‬
‫بنصف املال‪ ،‬الذي على ذلك َّ‬ ‫إحضار‪ ،‬بأن قال‪( :‬أنا‬ ‫ٍّ‬ ‫نفس؛ أي‪ :‬كفالة‬ ‫ٍّ‬
‫الشخص‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫يقبل َّ‬ ‫مما ُ‬ ‫ألن املال َّ‬ ‫املكفول؛ َّ‬ ‫أكفل نصفه)‪ ،‬فإنه يكون كفيال بهذا‬
‫التجاَزئة‪،‬‬ ‫الشخص كله؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ألن إلانسان ال يتجاَزأ‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫للكل‬‫فيكون للبعض منه حكم‪ ،‬كما أن ِّ‬ ‫فيكون ذكر البعض منه ً‬
‫ً‬ ‫قائما مقام ذكر‬
‫حكما آخر‪.‬‬
‫الكل‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حقهم من‬ ‫َّ‬
‫‪ -3‬لو عفا بعض أولياء الدم عن ِّ‬
‫ب‬ ‫القصاص ُّكله؛ ألنَّ‬ ‫َ‬ ‫فإنه يسقط‬ ‫القصاص‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫هذه القاعدة تتحدث عن الجاَزء ‪-‬أي‪ :‬البعض‪ ،-‬وقد ذكر بعض العلماء‬ ‫حق ال يتجاَزأ‪ ،‬فيكون إسقاط‬ ‫القصاص ٌّ‬ ‫َ‬
‫الكل في الحكم إال في مسائل قليلة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫َّ‬
‫أن الجاَزء ال ياَزيد على ِّ‬ ‫بعضه كإسقاط ِّكله‪.‬‬
‫فإن هذا يكون‬ ‫علي كظهر أمي)‪َّ ،‬‬ ‫(أنت َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫‪ -1‬لو أن رجال قال لاَزوجته‪ِّ :‬‬
‫صريحا‪ ،‬بل‬ ‫ً‬ ‫علي كأمي)‪ ،‬لم يكن هذا‬ ‫(أنت َّ‬ ‫ً‬
‫صريحا في الظهار‪ ،‬ولو قال‪ِّ :‬‬
‫مثال‪ ،‬وال يقع ً‬‫ً‬
‫ظهارا إال إذا نواه‪.‬‬ ‫هو كناية عن الاحترام‬
‫ٌ‬
‫نجسة‪ُ -‬ي َعدُّ‬ ‫‪َّ -2‬أن بعرة البعير اليابسة ‪-‬عند من يرى أن فضلة البعير‬
‫َّ‬
‫ألن‬‫سببا في تنجيس املاء‪ ،‬والبعرة الكاملة ال ُتنجسه‪[ .‬وذلك َّ‬ ‫الجاَزء منها ً‬
‫ِّ‬
‫للبعرة الكاملة من الصالبة‪ ،‬ما يمنع من اختالط ش يء من أجاَزائها‬
‫باملاء‪ ،‬بخالف جاَزئها املنكسر منها]‪.‬‬
‫‪- 68 -‬‬

‫‪5‬‬
‫ا‬ ‫ْ ا‬ ‫ا ْ‬ ‫ْ ا‬ ‫ْا ْ ُ‬
‫اض ِر لغ ٌو او ِفي الغا ِئ ِب ُم ْعت اب ٌر‬
‫الوصف ِفي الح ِ‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬

‫هذه القاعدة ترسم لنا ً‬


‫منهجا من مناهج إعمال‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫الكالم‪ ،‬واجتناب إهماله؛ وذلك َّأن إلغاء‬ ‫املبنية على هذه القاعدة‪ُ ،‬يمكن ذكرها من‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الفقهية‬ ‫الفروع‬
‫ُّ‬ ‫ْا ْ ُ‬
‫الوصف في الحاضر‪ ،‬واعتباره في الغائب‪َّ ،‬‬ ‫خالل ذكر حاَلت هذه القاعدة؛ وهي َل تخلو من حالتين‪:‬‬ ‫هذه القاعدة تتعلق في أغلب أحوالها بالعقود‪،‬‬ ‫بذات‬ ‫القائمة‬ ‫الحالة‬ ‫ص ف‪:‬‬ ‫الو‬
‫مما‬
‫لذلك يكون معناها‪َّ :‬أن املعقود عليه؛‬ ‫املوصوف‪.‬‬
‫يؤدي إلى إعمال الكالم واجتناب إهماله‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ْ ا‬
‫ومشارا‬‫ً‬ ‫حاضرا في مجلس العقد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫َّإما أن يكون‬ ‫اضر‪ :‬املوجود في املجلس مع إمكان‬ ‫الح ِ‬
‫وبيان ذلك‪:‬‬
‫َّ‬
‫ثم َّإنه‬
‫اعتبر‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫أن إلغاء الوصف في الحاضر لو ِّ‬
‫َّ‬ ‫الحالة الثانية‬ ‫الحالة ألاولى‬ ‫إليه‪.‬‬ ‫إلاشارة إليه‪.‬‬
‫ال ْغو‪ :‬الباطل املضمحل الذي ال ُيبنىَ‬
‫لم يوافق الواقع‪َّ ،‬‬ ‫ْ ا‬ ‫ْ ا ُ ْا ْ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ ا ْا ْ‬ ‫وإما أن يكون غائبا‪ ،‬أو في حكم الغائب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫يصح‪ ،‬ويكون‬ ‫فإن العقد ال ُّ‬ ‫ف ِفي الغا ِئ ِب‬ ‫اع ِتبار الوص ِ‬ ‫اض ِر‬
‫ف ِفي الح ِ‬ ‫ِإلغ ُاء الوص ِ‬
‫همال‪ ،‬ولذلك يكون إلغاء الوصف في‬
‫ُ َ ً‬
‫الكالم م‬ ‫فإن‬ ‫حاضرا ُووصف بوصف ما؛ َّ‬
‫ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫فإن كان‬ ‫حكم‪ ،‬وال ُي َلتفت إليه‪.‬‬
‫عليه ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ا‬
‫مؤديا إلى صحة العقد‪ ،‬وفي ذلك‬‫َّ‬ ‫ً‬ ‫الوصف في هذه الحالة غير ملتف ٍّت إليه‪ ،‬وال أثر‬ ‫الغا ِئ ِب‪ :‬غير املوجود في املجلس‪ ،‬أو هو‪:‬‬
‫الحاضر‪ِّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ََُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫إعمال للكالم‪.‬‬
‫شخص سيارة‪ ،‬وهي‬ ‫ٍّ‬ ‫لو كان عند‬ ‫شخص سيارة سوداء‬ ‫ٍّ‬ ‫لو كان عند‬ ‫عيين باإلشارة؛‬ ‫له في الحكم‪ ،‬واملعتبر هنا هو الت ِّ‬ ‫مكن إلاشارة إليه؛ َّإما‬‫موجود ولكن ال ي ِّ‬
‫َ‬ ‫غائبة عن مجلس العقد‪ ،‬أو في‬ ‫اللون‪ ،‬حاضرة في مجلس العقد‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وأما الغائب فهو ال ُيعلم إال بالوصف‪ ،‬فلو َّأنه‬ ‫َّ‬
‫وأراد بيعها‪ ،‬فقال ُ‬
‫ألنها أبلغ‪.‬‬ ‫لعدم رؤيته‪ ،‬كما في حال الظالم‪ ،‬أو ال‬
‫عت َبر الوصف‪َّ ،‬‬ ‫لم ُي َ‬ ‫حكم الغائبة‪ ،‬وأراد بيعها‪ ،‬فقال‬ ‫للمشتري‪( :‬بعتك‬ ‫غائبا‪ ،‬أو في حكمه؛‬ ‫وأما إن كان املعقود عليه ً‬ ‫َّ‬ ‫فائدة من إلاشارة إليه‪ ،‬لكون املقصود‬
‫فإن املوصوف ‪-‬الذي هو‬ ‫للمشتري‪( :‬بعتك سيارتي َّ‬ ‫سيارتي هذه الخضراء اللون)‪َّ ،‬‬ ‫فإن الوصف في هذه الحالة ُم َ‬
‫ُ َ‬ ‫السوداء‬ ‫فإن‬ ‫عت َب ٌر‪ ،‬أي‪َّ :‬أن له ٌ‬
‫أثر‬ ‫َّ‬ ‫بمنفعة إلاشارة أعمى‪ ،‬أو نحوه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫يؤدي إلى عدم‬ ‫املعقود عليه‪ -‬ال يعلم‪ ،‬وهذا ِّ‬ ‫اللون)‪َّ ،‬‬
‫ُ َ ً‬ ‫َّ‬ ‫فإننا ننظر‪ :‬إن طابق‬ ‫يصح على السيارة السوداء؛‬ ‫ُّ‬ ‫العقد‬ ‫َ‬
‫الواقع‬ ‫َ‬
‫العقد‬ ‫في صحة العقد وبطالنه‪ ،‬فإن َ‬
‫وافق‬ ‫عت ٌّد به‪ُ ،‬وي َبنى عليه الحكم‪.‬‬
‫ُم ْع ات اب ٌر‪ :‬أي‪ُ :‬م َ‬
‫همال‪ ،‬ولذلك‬ ‫صحة العقد‪ ،‬فيكون الكالم م‬ ‫الوصف الواقع َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫صح العقد‪ ،‬وإن خالفه لم َّ‬ ‫َّ‬
‫صح العقد‪ ،‬وإن‬ ‫بناء على إلاشارة‪ ،‬فإن السيارة في هذه‬ ‫يصح‪.‬‬
‫مؤد ًيا إلى‬
‫يكون اعتبار الوصف في الحاضر‪ِّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫ُّ‬ ‫يصح‪ ،‬إال إذا رض َي‬ ‫خالفه لم‬ ‫الحالة حاضرة‪ ،‬وقد وصفها مالكها‬
‫فيصح العقد‪ ،‬ويكون‬ ‫العلم باملعقود عليه‪،‬‬ ‫املشتري باختالف الوصف؛ ألنَّ‬ ‫َّ‬
‫ُ َ ً‬ ‫بأنها خضراء‪ ،‬والوصف في الحاضر‬
‫عمال‪.‬‬ ‫الكالم م‬ ‫الوصف في الغائب ُم َ‬
‫عت َبر‪.‬‬ ‫لغو‪ ،‬فيلغو في وصفها َّ‬
‫بأنها خضراء‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫ُّ‬
‫ويصح العقد على السيارة السوداء‪.‬‬
‫‪- 69 -‬‬
‫‪6‬‬
‫اب‬ ‫ُّ ا ُ ُ ا ٌ ْ ا ا‬
‫السؤال معاد ِفي الجو ِ‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬

‫ً‬
‫منهجا من مناهج إعمال‬ ‫هذه القاعدة ترسم لنا‬ ‫أطلقت زوجتك؟ فقال‪ :‬نعم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫فإن كالمه‬ ‫لرجل ‪-‬على وجه الاستخبار‪:-‬‬ ‫‪ -1‬لو قيل ٍّ‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫الكالم‪ ،‬واجتناب إهماله‪.‬‬ ‫ال ُم َع ٌاد في ْال َج َواب‪ ،‬فكأنهَّ‬
‫الس َؤ ُ‬
‫ألن ُّ‬ ‫فتطلق زوجته؛ َّ‬‫ُ‬ ‫َّ‬
‫يكون إقر ًارا منه بالطالق‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّأن ُّ‬ ‫الس اؤ ُ‬
‫وبيان ذلك‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫املتقدم‪ ،‬إذا أتى‬
‫ِّ‬ ‫السؤال باملعنى‬ ‫ال‪ :‬ال ُي َراد به هنا الاستفهام‬ ‫ُّ‬
‫قال‪ :‬نعم طلقت زوجتي‪.‬‬ ‫جواب‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫اعتبر بمفرده لم يكن للكالم فائدة‪،‬‬ ‫َّأن الجواب لو ُ‬
‫ُّ‬
‫فإن مضمون ُّ‬
‫السؤال‬ ‫ٌ‬ ‫بعده‬ ‫فحسب‪ ،‬بل ُي َراد به الاستفهام والطلب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والسؤال في هذا املثال‪ :‬استفهام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ال ِّفي‬ ‫هم ًال‪ ،‬فإذا أعيد ُّ‬
‫الس َؤ ُ‬ ‫فيكون الكالم ُم َ‬ ‫يكون مكررا في الجواب‪.‬‬
‫شخص لبائع الكتب‪( :‬بعني هذا الكتاب بعشرة رياالت)‪ ،‬فقال البائع‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -2‬لو قال‬
‫ُ َ ً‬
‫عمال‪،‬‬ ‫اب‪ ،‬كان للكالم فائدة‪ ،‬فيكون الكالم م‬ ‫ْ ََ‬ ‫ال ُم َع ٌاد في ْال َج َواب‪ ،‬فكأنهَّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الجو ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫السؤ ُ‬ ‫َّ‬
‫فإن البيع ينعقد بعشرة رياالت؛ ألن ُّ‬ ‫(بعتك)‪َّ .‬‬
‫ال الكال ِّم أ ْولى ِّم ْن ْإه َم ِّال ِّه‪.‬‬ ‫َو ْ‬
‫إع َم ُ‬
‫قال‪ :‬بعتك هذا الكتاب بعشرة رياالت‪.‬‬
‫والسؤال في هذا املثال‪ :‬طلب‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫‪- 70 -‬‬
‫‪7‬‬
‫ال ْال اك االم ُي ْه املْ‬
‫إ اذا ات اع َّذ ار إ ْع ام ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫عالقتها بالقاعدة الك َّلية‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬

‫َّ ٌ‬
‫مقيدة بما إذا كان‬ ‫َّ‬
‫الكلية‬ ‫َّأن القاعدة‬ ‫ُّ‬
‫املبنية على هذه القاعدة‪ُ ،‬يمكن ذكرها من خالل ذكر أسباب تعذر‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الفقهية‬ ‫الفروع‬ ‫َّأنه إذا استحال حمل الكالم على‬
‫مك ًنا‪ ،‬واملفهوم املخالف لذلك‪:‬‬ ‫ُ‬
‫إلاعمال م ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ْاا‬
‫ِإ ْع ِم ِال الكالم‪ ،‬التي هي أسباب إلهماله‪ ،‬وهي ترجع في جملتها إلى تعذر حمل الكالم على‬
‫معنى صحيح حقيقي‪ ،‬أو مجازي‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫ً‬
‫َّأن إلاعمال إذا كان غير ُممكن‪َّ ،‬‬
‫فإن الكالم‬ ‫ً‬ ‫لغوا‪ ،‬فال ُي ُّ‬
‫حينئذ ُي َع ُّد ً‬
‫ِّ‬ ‫مجازي؛ وهذه ألاسباب أهمها سببان‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫حقيقي‪ ،‬أو‬
‫ٍ‬ ‫صحيح‬
‫ٍ‬ ‫معنى‬ ‫عتد به‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫الكالم‬
‫ُي َهمل‪ ،‬وهذا ما أفادته قاعدتنا هذه‪.‬‬ ‫وال ُيلتفت إليه‪ ،‬وال ُي َبنى عليه حكم‪ٌ.‬‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫السبب َّ‬


‫َّ‬
‫السبب الثاني‬ ‫ألاول‬
‫ً‬
‫أن يكون اللفظ مشتركا بين معنيين‪ ،‬وَل‬ ‫معارضة الكالم لواقع ألامر‪ ،‬وظاهر‬
‫رجح ألحدهما على ْلاخر‬ ‫ُ‬
‫م ِ‬ ‫الحال‬
‫شخصا آخر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شخصا كفل‬ ‫مثاله‪ :‬لو َّأن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫مثاله‪ :‬لو أن شخصا أقر أنه قطع يد‬ ‫َّ‬
‫نفس‬‫ولم ي ِّبين نوع الكفالة‪ :‬هل هي كفالة ٍّ‬
‫ُ‬ ‫فلما نظرنا وجدنا َّأن يد ذلك‬ ‫شخص آخر‪َّ ،‬‬
‫غرم‬ ‫فإن هذا إلاقرار ال ُّ‬ ‫ٌ‬
‫سليمة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫‪-‬أي‪ :‬إحضار‪ ،-‬أو كفالة مال ‪-‬أي‪ٍّ :‬‬ ‫يصح‪،‬‬ ‫الشخص‬
‫وأداء‪-‬؟‬ ‫ٌّ‬
‫شرعي؛‬ ‫لغوا‪ ،‬وال ُي َبنى عليه حكم‬ ‫عد ً‬ ‫في ُّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫فإن هذه الكفالة ال تصح‪ ،‬ويهمل هذا‬ ‫َّ‬
‫ملعارضة هذا الكالم للواقع‪ ،‬وظاهر الحال‪،‬‬
‫ألن لفظ (الكفالة) ُم َ‬ ‫الكالم؛ َّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬
‫شترك بين‬ ‫ُفي َهمل هذا الكالم؛ لتعذر إعماله حقيقة أو‬
‫رجح ألحدهما على آلاخر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫معنيين‪ ،‬وال م ِّ‬ ‫مجازا‪.‬‬
‫ً‬
‫فيتعذر إعمال الكالم حقيقة أو ً‬ ‫َّ‬
‫مجازا‪.‬‬
‫الرابعة عشرة‬ ‫القاعدة َّ‬
‫الكلية َّ‬ ‫‪- 71 -‬‬

‫ط اَل اي ُع ُ‬
‫ود‬
‫َّ ُ‬
‫السا ِق‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬
‫ما يجري فيه إلاسقاط‬

‫سلعة بثمن حال‪َّ ،‬‬ ‫ً‬


‫يحق للبائع حبس املبيع‬ ‫فإنه ُّ‬
‫ٍّ‬
‫ً‬
‫شخصا باع‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫إلاسقاط يجري في الحقوق الخالصة للعباد‪،‬‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫حتى يقبض جميع الثمن‪ ،‬لكن لو َّأن البائع سلم املشتري املبيع قبل‬ ‫ً‬
‫َّ‬ ‫الثمن‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫كحق‬ ‫ِّ‬ ‫بشرط كونها حقوقا اختيارية؛ وذلك‬
‫يسترد املبيع ليحبسه عنده حتى يقبض‬ ‫ثم أراد أن‬ ‫قبض‬ ‫الشفعة‪ ،‬وحق َّ‬ ‫الخيار‪ ،‬وحق ُّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الدعوى‪ ،‬ونحوها‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫حق بإسقاط صاحبه له‬ ‫الساقط‪ :‬هو صفة ملوصوف محذوف َّأنه إذا سقط ٌّ‬ ‫َّ‬
‫الثمن‪ ،‬فإنه ال يحق له ذلك؛ ألنه قد أسقط حقه في الحبس‪ ،‬بتسليم‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬
‫ومعنى هذا أن إلاسقاط ال يجري فيما يأتي‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫صرف التي َّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫تقديره‪ :‬الحكم أو َّ‬
‫ط َال َي ُع ُ‬
‫ود‪.‬‬
‫َ َّ ُ‬
‫املبيع إلى املشتري‪ ،‬والسا ِّق‬ ‫صراحة أو داللة‪ ،‬أو بإسقاط الشرع له‪،‬‬ ‫تم‪.‬‬
‫‪ -1‬ألاعيان؛ َّ‬
‫ألنه ال ُي َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫الشفيع قد أسقط حقه في الشفعة‪ ،‬فإنه ليس له الحق في‬ ‫َّ‬ ‫‪ -2‬لو َّأن َّ‬ ‫تصور إسقاطها‪.‬‬ ‫صبح كاملعدوم‪ ،‬فال ُي َت َمك ُن من‬ ‫َّ ُ‬
‫وإسقاطه يكون‪ :‬إما بإسقاط املكلف‪ ،‬فإنه ي ِّ‬
‫َّ‬
‫كحق‬ ‫جبرا إلى العبد؛‬ ‫‪ -2‬الحقوق التي تنتقل ً‬ ‫وإما باإلسقاط َّ‬ ‫َّ‬
‫ط َال َي ُع ُ‬
‫ود‪.‬‬
‫َ َّ ُ‬
‫حقه فيها‪ ،‬والس ِّاق‬ ‫ألنه قد أسقط َّ‬ ‫املطالبة بها بعد ذلك؛ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫إرجاعه‪.‬‬ ‫الشرعي‪.‬‬
‫إلارث‪.‬‬ ‫صبح كاملعدوم‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ا ُ‬
‫ا‬
‫َّ‬ ‫َل يعود‪ :‬يراد به‪ :‬أنه ي ِّ‬
‫‪ -3‬الحقوق الخالصة هلل تعالى؛ ألنها ال تقبل‬ ‫الذي ال سبيل إلى إعادته‪ ،‬ولذلك َّ‬
‫عبر‬
‫الاَزنا‪،‬‬
‫حد ِّ‬‫كالحق في ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫إلاسقاط من العبد؛ وذلك‬ ‫َّ ُ َ‬
‫الس ِّاقط ال‬ ‫بعضهم عن القاعدة بقوله‪( :‬‬
‫السرقة‪ ،‬ونحوها‪ ،‬فهذه ال تقبل إلاسقاط‬ ‫وحد َّ‬
‫ِّ‬ ‫وم َال َي ُع ُ‬‫ود‪َ ،‬ك َما َأ َّن ْاملَ ْع ُد َ‬ ‫َي ُع ُ‬
‫ود)‪.‬‬
‫بعفو ولي املاَزني بها‪ ،‬وال بعفو صاحب املال‪.‬‬
‫الكلية الخامسة عشرة‬ ‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 72 -‬‬

‫َّ‬ ‫ا ا ُّ ا ا ْ ْ ا ا ا ا ا ا ُّ‬
‫تبد ُل سب ِب ِاملل ِك قا ِئ ٌم مقام تبد ِل الذ ِ‬
‫ات‬

‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬


‫شروط إعمال هذه القاعدة‬ ‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫دليل هذه القاعدة‬ ‫ُ‬
‫من العلماء من يذكر هذه القاعدة‪ ،‬ويذكر‬
‫هذه القاعدة َّ‬ ‫ً‬
‫مقيدة في إعمالها بشرطين‬ ‫قاعدة أخرى‪َّ ،‬تتفق معها في املعنى‪ ،‬وإن‬
‫ثم َّإنه‬ ‫فقيرا ُد ِّف َعت إليه زكاة مال‪َّ ،‬‬ ‫شخصا ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -0‬لو َّأن‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫اختلفت في اللفظ؛ وهي قولهم‪:‬‬
‫ألا ْن َ‬ ‫َع ْن َع ِّائشة‬
‫فإن هذا جائاَز‬ ‫أهدى ما حصل عليه إلى شخص غني‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ص ِّار‬ ‫اس ِّمن‬ ‫‪ ،‬أنها اشترت ب ِّريرة ِّمن أن ٍّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫اب ِّب َمن ِّزل ِّة اخ ِّتال ِّف‬ ‫َْْ َ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫اش َت َر ُطوا ْال َوَال َء‪َ ،‬ف َق َ ُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫( َاخ ِّتالف ألاسب ِّ‬
‫حقه من كونه‬ ‫َّ‬
‫وصحيح؛ ألن سبب ا ِّمللك قد تبدل في ِّ‬
‫َّ‬ ‫هللا ‪« :‬ال َوال ُء ِّمل ْن َو ِّل َي‬ ‫ال‪َ :‬رسول ِّ‬ ‫و‬ ‫ألا ْع َي ِّان)‪.‬‬
‫ْ‬
‫ْْ َ‬ ‫َ‬ ‫ان َز ْو ُج َها َع ْب ًدا‪َ ،‬و َأ ْه َدتْ‬ ‫الن ْع َم َة»‪َ ،‬و َخ َّي َر َها َ ُسو ُل هللا ‪َ ‬و َك َ‬ ‫َ‬
‫هدية‪َ ،‬وت َب ُّد ُل َس َب ِّب ِّاملل ِّك ق ِّائ ٌم َم َق َام‬ ‫زكاة إلى أن صار َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫اب) بمعنى‪( :‬ت َب ُّد ُل‬ ‫ْ َ ُ ْ ْ َ‬
‫فقولهم‪( :‬اخ ِّتالف ألاسب ِّ‬
‫َّ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َْ ََ ُْ ْ ََ ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل َعائ َش َة َل ْح ًما‪َ ،‬ف َ‬ ‫ْْ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ت َبد ِّل الذ ِّ‬ ‫هللا ‪« :‬لو صنعتم لنا ِّمن هذا‬ ‫ِّ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫َس َب ِّب ِّاملل ِّك)‪.‬‬
‫شخصا َّ‬ ‫ال‪ُ « :‬ه َو َلهاَ‬ ‫ص ِّد َق ب ِّه َع َلى َبر َير َة‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫الل ْحم»‪َ ،‬ق َال ْت َعائ َش ُة‪ُ :‬ت ُ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ ْ َ‬
‫قريب له‪ ،‬أو أعطاه زكاة‬ ‫ٍّ‬ ‫تصدق على‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وقولهم‪ِّ ( :‬ب َمن ِّزل ِّة اخ ِّتال ِّف ألا ْع َي ِّان) بمعنى‬
‫ٌ‬ ‫َ ٌَ َ‬
‫املتصدق عليه مات بعد ذلك‪ ،‬وعاد املال‬ ‫َّ‬ ‫ثم َّإن‬ ‫ماله‪َّ ،‬‬ ‫ص َدقة َول َنا َه ِّد َّية» أخرجه البخاري ومسلم واللفظ ملسلم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫(قا ِّئ ٌم َمق َام ت َبد ِّل الذ ِّ‬
‫ات)‪.‬‬
‫َ‬
‫َّ‬ ‫إلى َّ‬ ‫تحر ُم عليه‬ ‫الن َّبي ‪ُ ‬‬ ‫أن َّ‬ ‫أن من املعلوم َّ‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬‬
‫املتصدق‪ ،‬فإنه يملكه‪ ،‬وإن كان هو عين ما‬ ‫ِّ‬ ‫الشخص‬
‫َ‬ ‫الصدقة‪ ،‬واللحم الذي ُتصدق به على بريرة يم َّ‬
‫تتغير ذاته‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫حقه‪َ ،‬وت َب ُّد ُل‬ ‫َّ‬
‫بذله أو دفعه؛ ألن سبب ا ِّمللك قد تبدل في ِّ‬
‫َّ‬ ‫لكن‬ ‫ِّ‬ ‫‪2‬‬
‫َّ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫ََ ْْ َ‬ ‫الصدقة إلى الهدية‪ ،‬مقام‬ ‫الن َّبي أقام ُّ‬
‫تبدل سبب ا ِّمللك من َّ‬ ‫َّ‬
‫ات‪.‬‬ ‫سب ِّب ِّاملل ِّك قا ِّئ ٌم َمق َام ت َبد ِّل الذ ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫معنى القاعدة‬
‫تبدل ذات اللحم‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫َّأن ُّ‬


‫ب‬ ‫تغير سبب تملك إلانسان‬
‫أ‬ ‫لش يء‪ُ ،‬ي َّنزل منزلة ُّ‬
‫يع ْد الختالف ألاسباب‬ ‫ألنه حصل املقصود لم ُ‬ ‫يحصل املقصود مع اختالف ألاسباب؛ َّ‬ ‫ُ‬ ‫تغير ذات ذلك‬
‫مشروعا في ألاصل‪ ،‬ومعنى هذا َّأنه لو لم يكن السبب‬ ‫ً‬ ‫أن يكون السبب املتبدل‬ ‫أن ال‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ثم َّ‬ ‫مشروعا‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫أثر‪ ،‬حتى ُي َّنزل اختالفها منزلة اختالف ألاعيان‪ ،‬ويحدث عدم حصول املقصود عندما يتغيرَّ‬ ‫ٌ‬ ‫فتعطى ذات الش يء‬ ‫الش يء؛‬
‫تبدل إلى سبب مشروع‪ ،‬فإن تبدله ال يكون قائما مقام تبد ِّل‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫َُ َ‬ ‫العاقدان لألسباب املختلفة‪َّ ،‬‬ ‫حكما غير حكمها الثابت لها أوال‪.‬‬
‫ات‪ ،‬ومن أمثلة هذا‪:‬‬ ‫الذ ِّ‬
‫َّ‬ ‫فإن اختالف ألاسباب ال ُي َّنزل منزلة اختالف ألاعيان‪ ،‬وال يبالى‬
‫ثم وهبه أو باعه لشخص آخر‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فإن‬ ‫ٍّ‬
‫شخصا سرق مال شخص آخر‪َّ ،‬‬
‫ٍّ‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫باختالف ألاسباب بعد ذلك‪ ،‬ولذلك ذكر بعض العلماء‪ ،‬قاعدة تفيد هذا القيد‪ ،‬وهو قوله‪( :‬ال‬
‫َ َ ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ْ َ َ َ َ َْْ ُ‬ ‫َْْ َ‬ ‫َُ َ ْ َ‬
‫ات‬ ‫بيعا‪ ،‬ال يقوم َمق َام ت َبد ِّل ذ ِّ‬
‫هبة أو ً‬ ‫السبب هنا من كونه سرقة‪ ،‬إلى كونه‬ ‫تبدل َّ‬ ‫ود)‪.‬‬
‫اب ِّعند سالم ِّة املقص ِّ‬
‫مثاله‪ :‬لو َّأن قبضت نصف مهرها‪ ،‬فوهبت هذا النصف مع النصف الذي لم تقبضه ُ‬
‫يبالى ِّباخ ِّتال ِّف ألاسب ِّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫بأن مسروق‪.‬‬ ‫موصوفا َّ‬ ‫الش يء‪ ،‬بل َي َبقى‬ ‫بعد إلى‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الدخول‪َّ ،‬‬ ‫طلقها قبل ُّ‬ ‫ثم َّإن زوجها‬ ‫زوجها‪َّ ،‬‬
‫ثم باعها على‬ ‫شخصا نسخ برامج الحاسب آلالي بدون إذن منتجها‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬لو َّأن‬ ‫فإن ألاصل أن يسترد الاَزوج نصف ما دفعه‬
‫َّ‬
‫نسخا بدون إذن‪ ،‬إلى كونه ً‬ ‫ً‬ ‫تبدل َّ‬ ‫فإن ُّ‬ ‫الناس‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ألن‬‫الدخول مع فرض املهر‪ ،‬ولكنه هنا ال يرجع عليها بش يء؛ َّ‬ ‫لاَزوجته؛ لكونه طلقها قبل ُّ‬
‫بيعا‪ ،‬ال يقوم‬ ‫ٍّ‬ ‫السبب هنا من كونه‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املقصود هنا قد حصل بارسترجاعه بطريق الهبة‪َّ ،‬‬
‫فإنه قد سلم َّ‬
‫منسوخ بدون إذن منتجه‪.‬‬ ‫ات الش يء‪ ،‬بل َيبقى البرنامج موصوفا بأنه‬ ‫َمق َام ت َبد ِّل ذ ِّ‬ ‫للاَزوج عين ما دفعه‪.‬‬
‫ً‬ ‫طالقا قبل ُّ‬ ‫ً‬
‫الدخول‪ ،‬إلى أن يكون هبة‬ ‫وال ُيقال‪َّ :‬إن اختالف سبب استحقاق هذا املال من كونه‬
‫ألنه قد حصل املقصود مع عدم تغير العاقدين لألسباب املختلفة‪.‬‬ ‫ُي َّنزل منزلة اختالف ألاعيان؛ َّ‬
‫الكلية ال َّسادسة عشرة‬ ‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 73 -‬‬

‫َّ‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ا ا‬


‫اما ث ابت ِبالش ْر ِع ُمق َّد ٌم اعلى اما ث ابت ِبالش ْر ِط‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬
‫دليل هذه القاعدة‬

‫شخصا أحرم بالحج عن غيره‪ ،‬وهذا َّ‬


‫الشخص لم َّ‬
‫يحج‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫َ َ ٌ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫فإن إحرامه بالحج يكون حجة إلاسالم؛ َّ‬ ‫حجة إلاسالم‪َّ ،‬‬ ‫‪ ،‬أ َّن َب ِّر َيرة‪ ،‬أت ْت َها َو ِّه َي ُمكات َبة ق ْد‬ ‫َع ْن َعا ِّئشة‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫ألن حجة‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬
‫َ‬
‫بالشرط‪َ ،‬و َما ث َب َت‬‫ثابت َّ‬ ‫بالشرع‪ ،‬وحجه عن غيره ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ثابتة َّ‬ ‫إلاسالم‬ ‫كات َب َها أ ْهل َها َعلى ِّت ْس ِّع أ َو ٍّاق‪ ،‬ف َقال ْت ل َها‪ِّ :‬إ ْن ش َاء أ ْهل ِّك‬
‫َََ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ ُ ْ َ َّ ً َ َ ً َ َ َ ْ َ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ ُ َ َّ ٌ َ َ َ َ‬
‫ِّبالشر ِّع مقدم على ما ثبت ِّبالشر ِّط‪.‬‬ ‫ان ال َوال ُء ِّلي‪ ،‬فأت ْت أ ْهل َها‬ ‫عددتها لهم عدة و ِّاحدة‪ ،‬وك‬ ‫أمر من ألامور بطريق َّ‬
‫الشرع‪،‬‬ ‫ال َّشرط‪ :‬املراد به هنا‪ :‬ما يشترطه إلانسان َّأنه إذا ثبت ٌ‬
‫َف َذ َك َر ْت َذ ِّل َك َل ُه ْم‪َ ،‬ف َأ َب ْوا إ َّال َأ ْن َي ْش َتر ُطوا ْال َوَال َء َل ُهم‪ْ،‬‬ ‫أمرا آخر‪ُ ،‬ينافي ُم َ‬
‫واشترط إلانسان ً‬ ‫على نفسه‪ ،‬أو يشترطه عليه غيره‪.‬‬
‫‪ -2‬لو َّأن املرأة اشترطت على زوجها حين العقد‪ ،‬أن ال يسافر معها‬ ‫ََ َ ْ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َََ ْ‬
‫قتض ى ما ثبت‬
‫الشرع‬ ‫ألنه قد ثبت في َّ‬ ‫عتبر؛ َّ‬
‫لغو‪ ،‬وال ُي َ‬ ‫الشرط ٌ‬ ‫فإن هذا َّ‬ ‫إذا سافرت‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِّللن ِّب ِّي ‪ ،‬فقال‪« :‬افع ِّلي»‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ال‪ :‬فذك َرت ُه َعا ِّئشة‬ ‫ق‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫بالشرع‪ ،‬فإن املعتبر واملقدم هو ما ثبت في الشرع‪.‬‬
‫اس َف َحم َد هللاَ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َففعلت فقام النب ُّي ‪ ،‬فخط َب الن َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫محر ًما لها في‬ ‫الاَزوج َ‬‫محرم‪ ،‬فإذا لم يكن إال َّ‬ ‫تحريم سفر املرأة بدون َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫السفر‪َّ ،‬‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َّ َ َ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ ُ ُ ً‬
‫تعين سفره معها؛ ألن عدم سفره معها قد ثبت بالشرط‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وأثنى علي ِّه‪ ،‬ثم قال‪« :‬ما بال ِّرج ٍّال يشت ِّرطون شروطا‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ َ ُ ُّ ا ْ ا ْ ا‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫َو َما ث َبت ِّبالش ْرِّع ُمق َّد ٌم َعلى َما ث َبت ِّبالش ْر ِّط‪.‬‬ ‫اب‬ ‫هللا»‪ ،‬قال‪« :‬كل شر ٍط ليس ِفي ِكت ِ‬ ‫اب ِّ‬ ‫ليست ِّفي ِّكت ِّ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اط ٌل‪ِّ ،‬ك َت ُ‬ ‫ا ا ا‬
‫هللا أ َح ُّق‪َ ،‬وش ْرط ُه أ ْوث ُق‪َ ،‬وال َوال ُء‬ ‫اب ِّ‬ ‫هللا ف ُهو ب ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬
‫ِّملن أعتق» أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫دل على َّأن َّ‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أنه َّ‬
‫يتضمن‬ ‫الشرط الذي‬
‫والس َّنة‪ ،‬فهو شرط‬ ‫مقتض ى ما ورد في الكتاب ُّ‬ ‫َ‬ ‫مخالفة‬
‫حينئذ بما ثبت في‬ ‫غير ُمعتد به‪ ،‬فيكون الاعتداد‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬
‫ٍّ‬
‫َّ‬
‫الشرع‪.‬‬
‫ويؤيد هذا ما جاء في سبب ورود هذا الحديث‪ ،‬وذلك‬ ‫ِّ‬
‫ملا اشترت بريرة من مواليها‪ ،‬اشترطوا‬ ‫َّأن عائشة‬
‫الن َّبي ‪‬‬ ‫أن يكون والؤها لهم‪ ،‬فأخبرت عائشة ‪‬ا َّ‬
‫بذلك‪ ،‬فقال هذا‪.‬‬
‫السابعة عشرة‬‫الكلية َّ‬‫القاعدة َّ‬ ‫‪- 74 -‬‬
‫َّ‬ ‫ُُ ُ ُ ْ ا ُُ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُ ا َّ ُ‬
‫املعلق ِبالش ْر ِط ي ِج ُب ثبوته ِعند ثب ِ‬
‫وت الش ْر ِط‬
‫َّ‬ ‫ا ْ‬
‫‪2‬‬
‫ص‬‫ِفي مو ِر ِد الن ِ‬ ‫‪1‬‬
‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬

‫رجال قال لاَزوجته‪( :‬إن خرجت من البيت بغير إذني‪ ،‬فأنت طالق)‪َّ ،‬‬ ‫ً‬
‫فإن‬ ‫‪ -1‬لو َّأن‬ ‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫بالشرط‪ ،-‬يقع عند ثبوت َّ‬ ‫َّ‬
‫الطالق ‪-‬وهو املعلق َّ‬ ‫َّ‬
‫الشرط الذي هو هنا‪ :‬الخروج بغير‬
‫الاَزوج‪.‬‬ ‫إذن َّ‬ ‫َّ‬
‫ً‬
‫معدوما‬ ‫شرط‪ ،‬يكون‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫أن ألامر املعلق على ٍّ‬ ‫الشرط‬ ‫الشرط‪ :‬املراد به هنا‪:‬‬
‫فالحاصل‪َّ :‬أن هذه املرأة إذا لم تخرج لم يقع الطالق‪ ،‬وإن خرجت بدون إذن‬ ‫َ‬ ‫التعليقي‪ ،‬وهو‪َّ :‬‬‫َّ‬
‫ُ‬ ‫قبل حصول شرطه وثبوته‪ ،‬ويكون‬ ‫الشرط الذي ُرِّبط‬
‫زوجها طلقت‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫حصول الحكم بحصوله ُّ‬
‫فالن نصف ما عليه من َّ‬ ‫‪ -2‬لو قال املكفول له للكفيل‪( :‬إذا َّأدى ٌ‬ ‫تحقق شرطه‬ ‫بتحققه عند‬ ‫محكوما‬ ‫وتحققه‪.‬‬
‫الدين‪ ،‬فقد‬
‫َّ‬
‫املعلق َّ‬ ‫أبرأتك من الكفالة)‪َّ ،‬‬ ‫وثبوته‪.‬‬
‫بالشرط‪ ،-‬يحصل عند‬ ‫فإن إلابراء من الكفالة ‪-‬وهو‬
‫الشرط الذي هو هنا‪ :‬أداء املكفول نصف ما عليه من َّ‬ ‫ثبوت َّ‬
‫الدين‪ ،‬ويبرأ من‬
‫الكفالة إذا َّأدى املكفول نصف ما عليه من َّ‬
‫الدين‪.‬‬
‫َّ َّ‬ ‫‪- 75 -‬‬
‫الكلية الثامنة عشرة‬ ‫القاعدة‬
‫ا ْ ا‬ ‫ا ْ ا ُ ُ ا ا ُ َّ‬
‫اعاة الش ْر ِط ِبق ْد ِر ِإلا ْمك ِان‬
‫يلزم مر‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫َّ‬
‫املبنية على القاعدة‬ ‫أمثلة للفروع‬ ‫معنى القاعدة‬
‫دليل هذه القاعدة‬

‫َّ‬
‫مثال الشرط الجائز‪:‬‬ ‫َّ َ ً‬ ‫َ ُ ْ َ ََ ُ‬
‫وط ِّه ْم‪ِّ ،‬إال ش ْرطا‬
‫ال ‪« :‬واملس ِّل ُمون على ش ُر ِّ‬ ‫َق َ‬
‫ً‬
‫شخصا اشترى سلعة‪ ،‬واشترط على البائع حملها أو تركيبها‪.‬‬ ‫لو َّأن‬ ‫َ ً َ َ‬
‫املعنى إلاجمالي‬ ‫املعنى إلافرادي‬
‫فإن َّ‬
‫الشرط صحيح‪ ،‬يجب الوفاء به‪ ،‬بقدر إلامكان‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َح َّر َم َحالال‪ ،‬أ ْو أ َح َّل َح َر ًاما» أخرجه الترمذي‪.‬‬
‫َّ‬
‫مثال الشرط الفاسد‪:‬‬ ‫الن َّبي ‪َّ ‬بين َّأنه يلاَزم‬ ‫وجه الاستدَلل‪َّ :‬أن َّ‬
‫بالشروط‪ ،‬بالقدر الذي تسمح به‬ ‫َّأنه يجب الوفاء ُّ‬ ‫التقييدي‪،‬‬ ‫ال َّشرط‪ :‬املراد به هنا‪َّ :‬‬
‫الشرط َّ‬
‫َّ‬
‫ً‬
‫شخصا باع سلعة‪ ،‬واشترط على املشتري أن يبيعه سلعة‬ ‫ً‬ ‫لو َّأن‬ ‫أمر‬
‫الوفاء بالشرط الذي يشترطه املسلم في ٍّ‬ ‫الشرط ً‬
‫جائاَزا‪ ،‬لاَزم‬ ‫الشريعة؛ وذلك َّأنه إذا كان َّ‬ ‫قواعد َّ‬ ‫أمر قد ُو ِّج َد‬
‫وهو‪ :‬التزام أمر لم يوجد في ٍّ‬
‫خالفا لنصوص َّ‬ ‫من أموره‪ ،‬إال ما كان ُم ً‬ ‫َّ‬
‫أخرى‪.‬‬ ‫الشرع‪.‬‬ ‫الوفاء به‪ ،‬وهو ما تتعلق به هذه القاعدة‪.‬‬ ‫بصيغة مخصوصة‪.‬‬
‫ْ ا‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫فسد للعقد؛ ألنه من قبيل بيعتين‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫فإن هذا الشرط فاسد‪ ،‬وهو م ِّ‬
‫َّ‬ ‫فاسدا‪ ،‬لم يلاَزم الوفاء‪ ،‬ويكون‬ ‫ً‬ ‫وأما إذا كان َّ‬
‫الشرط‬ ‫َّ‬ ‫ِب اق ْد ِر ِإلا ْمك ِان‪ :‬املراد به‪ :‬ما تسمح به قواعد‬
‫أمر ُم َّ‬
‫بيعة‪ ،‬وذلك ٌ‬ ‫ً‬ ‫الشريعة في نظام العقود‪ ،‬بحيث ال َّ‬ ‫َّ‬
‫حرم‪.‬‬ ‫في ٍّ‬ ‫سببا في فساد العقد‪.‬‬ ‫يترتب‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫وإن كان الشرط ً‬ ‫على َّ‬
‫مثال الشرط اللغو‪:‬‬ ‫ويصح العقد‪.‬‬ ‫لغوا‪ ،‬لم يلاَزم الوفاء به‪،‬‬ ‫الشرط مخالفة هذه القواعد‪.‬‬
‫َّ‬
‫يتصرف فيها‪.‬‬ ‫شخصا باع سلعة‪ ،‬واشترط على املشتري أن ال‬ ‫ً‬ ‫لو َّأن‬
‫َّ‬
‫فالشرط ٌ‬
‫لغو‪ ،‬وال يلاَزم الوفاء به‪ ،‬والعقد صحيح هنا‪.‬‬

You might also like