Professional Documents
Culture Documents
المبادئ الأساسية التي تحكم المرفق العام المحلي في الجزائر وتونس
المبادئ الأساسية التي تحكم المرفق العام المحلي في الجزائر وتونس
المبادئ الأساسية التي تحكم المرفق العام المحلي في الجزائر وتونس
الممخص:
إف المبادئ التي تحكـ المرفؽ العاـ سواء التقميدية أو الحديثة منيا ما وجدت سوى الف تكوف صماـ
أماف يحمي المصمحة العامة والخاصة لمدولة ومف خالليا األفراد ،كما أف دواـ سير المرفؽ العاـ وقابميتو
لمتغير والمساواة ىي المبادئ الكالسيكية الثالث التي تحكمو ،وييدؼ ىذا البحث إلى عرض أىـ المبادئ
األساسية المعموؿ بيا في تسيير المرافؽ العامة ومنيا المحمية ،كما يحاوؿ رصد مساىمات الفكر اإلداري
الحديث في ظؿ تداعيات الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وأثر ذلؾ في تحسيف تقديـ الخدمات العامة
وتشريؾ المواطنيف.
الكممات المفتاحية المبادئ األساسية ،المرفؽ العاـ ،الحكـ المحمي ،الحوكمة الرشيدة.
Abstract:
The principles that govern the public utility, whether traditional or modern, have only been
found to be a safety valve that protects the public and private interests of the state and through
it individuals, and the permanence of the functioning of the public utility, its susceptibility to
change, and equality in front of the three classic principles that govern it, This Research Is To
Present The Most Important Principles In The Management Of Public And Local Utilities, As
Well As To Monitor The Contributions Of Modern Administrative Thought In Light Of The
Implications Of Good Governance And Combating Corruption, And Its Impact On Improving
The Provision Of Public Services And The Participation Of Citizens.
Keywords: Basic principles, General Annex, Local government, Good Governance.
المقدمة:
يعد المرفؽ العمومي المحمي مف المحاور األساسية في عممية تحديث الدولة الرتباط ىذا األخير
بالمجتمع الذي ازدادت مطالبو وحاجياتو في عدة مجاالت ،ما أدى إلى تزايد أعباء توفير الخدمات
لمجميور والتي وقعت عمى عاتؽ الدولة ،فكاف مف الضروري إشراؾ أشخاص القانوف العاـ إلى جنبيا في
المؤلؼ المرسؿ
287
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
إحداث المرفؽ العمومي والتخمي تدريجيا عف األسموب المركزي في إدارة الدولة والتوجو نحو الالمركزية
التي تتجسد في الجماعات المحمية لما ليا مف صالحيات إدارة مرافقيا لتقديـ خدمات تتالءـ وتتواكب مع
تطمعات وتطورات الحياة العامة ،وىذا في إطار تعزيز ديمقراطية التقرب عبر مشاركة المواطنيف في
الحياة المحمية التي تعود بالنفع عمى المستفيديف مف الخدمات.
واذا كاف العنصر الجوىري مف إحداث المرفؽ العمومي ومنو المحمي تقديـ نشاط خدماتي يعود
بالمصمحة العامة لممواطنيف ،فإنو مف الضروري تنظيمو وضبطو لمحفاظ عمى الغاية مف وجوده ،وفي ىذا
الشأف نشير أف فكرة المرفؽ العمومي عرفت تطو ار محسوسا في ظؿ التغيرات والمستجدات الحديثة لإلدارة
الدولية ،وبالتالي استجابة اإلدارة الداخمية ليذه التحوالت.
وتعد الجزائر وتونس مف بيف الدوؿ التي شيدت ذلؾ ،فقد عرفت اصالحات دستورية وسياسية في
عدة مجاالت منيا التنظيـ الالمركزي كنشاط لموظائؼ اإلدارية والمرافؽ العمومية المحمية ،يفترض مف
وراء ىذه االصالحات إتاحة فرصة المشاركة لألفراد ولمجماعات العمومية المحمية لترسيخ أسس الحرية
والمساواة والعدالة في إطار الديمقراطية المحمية.
وعميو سنحاوؿ في ىذا البحث اإلجابة عمى اإلشكالية التالية 5ماىي المبادئ األساسية التي تحكـ
المرفؽ العمومي المحمي؟ وىؿ ضمف التشريع الجزائري والتونسي ىذه المبادئ في ظؿ تداعيات الحوكمة؟
المبحث األول :المبادئ االساسية التقميدية لتسيير المرفق العمومي المحمي
تعددت المبادئ التي نادى بيا فقياء القانوف اإلداري ،ومف بينيـ الفقيو لويس روالف الذي
استخمص المبادئ األساسية المشتركة بيف مختمؼ أنواع المرافؽ العمومية في النصؼ األوؿ مف القرف
العشريف التي نسبت لو وسميت بقانوف روالف وىي ثالث مبادئ أساسية ،1متمثمة أساسا في مبدأ
استم اررية المرفؽ العمومي ومبدأ المساواة أماـ المرفؽ العمومي ومبدأ تكيؼ المرفؽ العمومي.
وبيذا الخصوص نشير إلى أف الدستور الجزائري لـ يتطرؽ ليذه المبادئ بشكؿ صريح ،إال أننا
نستخمصيا مف المضموف ،الذي تعرض لصالحيات الوزير األوؿ والذي بدوره يسير عمى حسف سير
االدارات العمومية ،فكاف األجدر إضفاء الصبغة الدستورية عمى ىذه المبادئ دوف ربطيا بالسمطة
التنفيذية مما يجعميا صاحبة وصاية عمى المرافؽ العمومية المحمية محدثة مف طرؼ الجماعات المحمية.
11 Lombard (M) Gilles (D), Droit administratif, 6 e édition, Dalloz, 2005, p 283.
287
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
كما تجدر اإلشارة أنو في إطار تعديؿ قانوف الصفقات العمومية لسنة ،5102أدرج المشرع ضمنو
أحكاـ خاصة بتفويضات المرفؽ العاـ مشترطا احتراـ مبادئ االستم اررية والمساواة وقابمية التكيؼ عند
تنفيذ اتفاقية تفويضو.1
أما في تونس فقد حرصت السمطة التأسيسية عمى تكريس ىذه المبادئ صراحة في دستور الجميورية
الثانية لسنة ،5102ضمف الباب األوؿ المتعمؽ بالمبادئ العامة في الفصؿ 02الذي اعتبر أف االدارة
العمومية في خدمة المواطف والصالح العاـ ،وتعمؿ وفؽ مبدأي االستم اررية والمساواة لممرفؽ العاـ ،وبناءا
عمى قواعد تندرج ضمف مبدأ القابمية لمتكيؼ ،أصبح ليذه المبادئ قيمة دستورية في التشريع التونسي
خدمة لمجميور وحفاظا لحقوؽ مستخدمي المرفؽ العاـ ،وتطبيقا لذلؾ خصص القانوف األساسي عدد 54
لسنة 5103المتعمؽ بالجماعات المحمية ،قسـ المبادئ العامة لتسيير المرافؽ العامة المحمية حيث أكد
فيو عمى احتراـ ىذه المبادئ الدستورية في تقديـ الخدمات ،كما تمتزـ الجماعات المحمية بيذه المبادئ في
تسييرىا المباشر لممرفؽ العمومي المحمي ،عمى أف تتولى رقابة عمييا لضماف احتراـ تطبيقيا،2كما أف ىذه
3
المبادئ مرتبطة بكؿ أنواع تسيير المرفؽ العاـ سواء عف طريؽ أشخاص القانوف العاـ أو الخاص.
أوال :مبدأ االستمرارية المرفق العمومي المحمي
يقوـ المرفؽ العاـ بتأدية بعض الوظائؼ االدارية بتقديـ خدمات لمجميور حسب موضوع نشاطيا،
ولضماف العمؿ المنتظـ لمخدمات العمومية دوف انقطاع أو توقؼ ،اجمع الفقياء فيما سبؽ ومف بينيـ
البروفسور لوريس عمى مبدأ استم اررية المرفؽ العاـ الذي يعتبر أحد المبادئ األساسية لمحفاظ عمى سير
المرفؽ العاـ.
1أنظر المادة 514فقرة 5مف المرسوـ الرئاسي رقـ 522-02المؤرخ في 01سبتمبر سنة 5102المتضمف تنظيـ الصفقات
العمومية وتفويضات المرفؽ العاـ ،الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية العدد 21مؤرخ في 51سبتمبر .5102
أنظر الفصؿ 22و 22مف القانوف األساسي عدد 54لسنة 5103المتعمؽ بالجماعات المحمية المؤرخ في 4ماي ،5103الرائد 2
في ىذا االطار لـ يتطرؽ المشرع الجزائري في قانوف البمدية لسنة 5100ليذا المبدأ ضمف االحكاـ
المتعمقة بإنشاء مصالح عمومية ليا ،في حيف أكد المشرع عمى ضرورة أف تضمف المرافؽ المحدثة مف
قبؿ الوالية استم اررية المرفؽ لمحفاظ عمى السير الحسف في تقديـ الخدمات لممستخدميف.1
وتبعا لكوف المرفؽ العاـ أنشئ إلشباع حاجة عامة وأساسية لألفراد ،وكوف ىذه الحاجات باقية
ومستمرة ،كاف مف الضروري استمرار المرفؽ العاـ في إشباع ىذه الحاجات ،وبالتالي سير المرافؽ العامة
2
بانتظاـ واضطراد ،وىي القاعدة التي تحكـ سير المرافؽ العامة سواء كانت إدارية أـ اقتصادية.
في مقابؿ ذلؾ كاف المشرع التونسي حريص عمى تنصيص مبدأ استم اررية الخدمات ضمف قانوف
أساسي عدد 54لسنة ،5103المذكور سمفا ضمف الفصؿ ،22بيدؼ تحقيؽ الغاية التي وجد مف أجميا
المرفؽ العمومي المحمي والمتمثمة في تقديـ الخدمات األساسية لألفراد ،فحدوث أي انقطاع أو توقؼ سير
المرفؽ يترتب عنو حدوث اضطراب والحاؽ أضرار تمس باألفراد.
وعميو كاف لزاما إحاطة ىذا المبدأ بجممة مف التدابير والضمانات تكفؿ وجوده وتطبيقو عمى أرض
الواقع ،3فقد نظـ المشرع أحكاما مف شأنيا الحفاظ عمى سير المرفؽ العاـ ،كما رتب القضاء االداري
جممة مف التدابير لنفس الغرض.
-1التدابير التشريعية:
تأخذ التدابير التشريعية لمحفاظ عمى استم اررية المرفؽ العمومي المحمي صو ار منيا تنظيـ ممارسة حؽ
اإلضراب كصورة أولى أما الثانية فيي تنظيـ حؽ االستقالة ،والصورة األخيرة ىي تنظيـ حماية أمواؿ
المرفؽ العاـ.
أ -تنظيم ممارسة حق االضراب:
االضراب ىو "اتفاؽ األعواف المرافؽ العمومية عف القياـ بأعماليـ أو االمتناع عف أداء واجباتيـ
الوظيفية لمدة معينة قصد الدفاع عف حقوقيـ المينية دوف انصراؼ نيتيـ لترؾ العمؿ نيائيا".1
أنظر المادة 2مف قانوف 12-05مؤرخ في 50فيفري سنة ،5105يتعمؽ بالوالية ،الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد 05 1
المواطن – دراسة قانونية وعممية ،جامعة الجياللي بونعامة خميس مميانة ،الجزائر ،يومي 02و 09ماي ،5102ص .24
287
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
ويترتب ع ف االضراب تعطؿ سير المرفؽ العاـ ،وىو ما يتعارض وأىـ مبدأ مف المبادئ األساسية
لممرفؽ العمومي المحمي أال وىو االستم اررية ،وعميو اختمفت الدوؿ في تنظيـ حؽ االضراب فينالؾ مف
ضيقت في نطاقو وىنالؾ مف وسعت نطاؽ ممارسة ىذا الحؽ.
فالمؤسس الدستوري الجزائري اعترؼ بحؽ االضراب مف أوؿ دستور سنة 0419ضمف المادة 51
في اطار قانوني محدد ،حتى جاء دستور سنة 0421ليضيؽ مف ىذا حؽ في القطاع العاـ مكتفيا بمنح
حؽ االضراب لمعامميف بالقطاع الخاص ،2وىذا لو عالقة بالتوجو االشتراكي المتبنى في ذلؾ الوقت،
فالسمطة الحاكمة كانت تمارس الحكـ وفؽ ايدولوجيات وليس في إطار دولة القانوف ،وفي ظؿ التوجو
الجديد نحو االقتصاد الحر ،أقر دستور 0434تصور جديد لطبيعة نظاـ الحكـ وتكريس جديد لمحقوؽ
والحريات األساسية ،حيث تـ االعتراؼ صراحة بحؽ اإلضراب في جميع القطاعات اال ما استثنى بنص
خاص ،3وىو ما كرستو المادة 20مف دستور 0441المتمـ والمعدؿ لسنة .5101
ىذا وقد نظـ المشرع الجزائري كيفية ممارسة حؽ االضراب ضمف القانوف رقـ 15-41المؤرخ في 11
فيفري 0441والمتعمؽ بالوقاية مف النزاعات الجماعية في العمؿ وتسويتيا وممارسة حؽ االضراب
المعدؿ والمتمـ بالقانوف رقـ 52-40المؤرخ في 50ديسمبر ،40440تناولت أحكاـ ىذا القانوف كيفية
تنظيـ وممارسة ىذا الحؽ الدستوري ووضعت الشروط والضوابط تماشيا مع السياسة العامة المنتيجة في
الجزائر ،سعيا منيا لمحفاظ عمى استم اررية بعض أنشطة المرافؽ العمومية الحيوية ،وذلؾ بتنظيـ الحد
األدنى مف الخدمات حسب طبيعة كؿ نشاط لممرفؽ العاـ عمى أف تتخذ االدارة جميع التدابير واإلجراءات
لتحقؽ ذلؾ.
وقد أورد المشرع أربع شروط رئيسية لشرعية االضراب وىي5
صالح الديف الشريؼ وماىر كموف ،قانون الوظيفة العمومية ،الطبعة الثانية المحينة ،مركز البحوث والدراسات اإلدارية،5119 ، 1
ص .04
أنظر المادة 10مف االمر رقـ ،42 -21مؤرخ في 55نوفمبر ،0421يتضمف إصدار دستور الجميورية الجزائرية الديمقراطية 2
استفتاء 59فيفري ،0434الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية ،عدد 14الصادر في 10مارس .0434
كما أكدت المادة 91مف األمر 19 -11المؤرخ في 02جويمية 5111المتضمف القانوف األساسي العاـ لموظيفة العمومية ،عمى 4
-استنفاذ اجراءات التسوية الودية والمتمثمة في الوساطة والمصالحة أو التحكيـ أو أي وسيمة أخرى
لتسوية.
-موافقة جماعة العماؿ عمى االضراب بعد انعقاد جمعية عامة يتـ فييا تقرير رغبتيـ في االضراب
باقتراع سري ،شرط أف يكوف قرار االضراب بموافقة أغمبية العماؿ المجتمعيف تضـ نصؼ عدد العماؿ
عمى األقؿ.
-االشعار المسبؽ باإلضراب في آجاؿ محدد ال يمكف أف يقؿ عف ثمانية ( )13أياـ ابتداء مف تاريخ
ايداعو لدى المستخدـ واعالـ المفتشية المختصة اقميميا مفاوضة أطراؼ الخالؼ.
-التدابير الالزمة لضماف الحفاظ عمى المنشآت واألمالؾ وضماف أمنيا وسالمتيا مف طرؼ
المستخدـ وممثموا العماؿ ،وتقع عمى العماؿ المضربيف المسؤولية المدنية والجزائية.
أما القيود الواردة عمى ممارسة حؽ االضراب5
قد يترتب عف حؽ اإلضراب انعكاسات عمى المرفؽ العمومي المحمي التي تخدـ المصمحة العامة ،مما
جعؿ المشرع يمتع بعض الفئات مف الموظفيف أو العماؿ بيذا الحؽ ويحرـ فئات أخرى حسب طبيعة
المرفؽ العمومي وأ نشطتو األساسية التي قد تعرض توقفيا حياة أو أمف أو صحة المواطنيف لمخطر ،ورغـ
حرماف ىؤالء الفئات مف االضراب إال أف القانوف يضمف حقيـ مف خالؿ اتباع األساليب والطرؽ التي
تسبؽ اعالف االضراب.
كما وضع المشرع قيود إجرائية عمى ممارسة حؽ االضراب في بعض مف القطاعات التي قد ينجـ
عنيا عدـ استمرار السير بيا أضرار ،أو يمس األنشطة االقتصادية الحيوية أو تمويؿ المواطنيف أو
المحافظة عمى المنشآت واألمالؾ الموجودة ،فيتعيف تنظيـ مواصمة األنشطة الضرورية في شكؿ القدر
األدنى مف الخدمة اجباري أو ناتج عف مفاوضات واتفاقيات أو عقود واف لـ يكف منصوص عمى ىذا يتـ
تحديد ذلؾ مف طرؼ المستخدـ أو الجماعة المحمية المعنية بعد استشارة ممثميف العماؿ وموظفي مياديف
النشاط التي تتطمب القدر األدنى مف الخدمة وموظفي المكمفيف بذلؾ ،وفي حاؿ رفض العماؿ أو
الموظفيف القياـ بذلؾ يعد ذلؾ خطأ مينيا جسيما.1
وبالتالي يمكف القوؿ أف حرص المشرع في تنظيـ قواعد قانونية متعمقة بحؽ ممارسة اإلضراب بشيء
مف التفصيؿ لتفادي أي تفسير ضيؽ وضماف حسف سير المرفؽ العمومي المحمي الذي يتأتى بتجسيد
مبدأ االستم اررية.
القانوف رقـ 15-41المؤرخ في 11فبراير 0441المتعمؽ بالوقاية مف النزاعات الجماعية في العمؿ وتسويتيا وممارسة حؽ 1
اإلضراب ،الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية ،عدد 11المؤرخ في 12فبراير ،0441ص 590وما بعدىا.
282
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
أما في تونس لـ يتـ النص صراحة عف حؽ ممارسة االضراب ضمف دستور الجميورية األولى لسنة
،0424في حيف تـ التنصيص عمى ممارسة الحؽ النقابي والذي يرى البعض أنو مف خاللو يتـ اكتساب
حؽ اإلضراب ضمنيا.
ولئف لـ يتضمف القانوف المنظـ ألعواف الوظيفة العمومية بما أف أعواف المرفؽ العمومي المحمي
يخضعوف لو ،كحؽ ممارسة اإلضراب إال أنو تـ اعتبار حؽ اإلضراب مضموف ضمنيا بناء عمى
نصوص قانونية عدة وخاصة منيا ما جاءت بو أحكاـ المجمة الجزائية التونسية التي أوردت اف نقابات
الموظفيف تخضع ألحكاـ مجمة الشغؿ التي تضمنت صراحة حؽ ممارسة االضراب ،ومف خالؿ ىذا ال
يوجد ما يمنع ممارسة ىذا الحؽ إال ما تـ منعو صراحة مف قبؿ المشرع عف طريؽ قوانيف خاصة أو مف
قبؿ السمطات االدارية لبعض القطاعات الحيوية.
أما فقو القضاء التونسي فقد أقر عمى "شرعية ممارسة حؽ االضراب في الوظيفة العمومية ولـ يستثنى
مف امكانية ممارسة ىذا الحؽ سوى األسالؾ التي نصت أنظمتيا األساسية صراحة عمى عكس ذلؾ".1
بالرجوع ألحكاـ مجمة الشغؿ ،بما أف أعواف المرفؽ العمومي المحمي الذيف يخضعوف لقانوف الوظيفة
العامة ،نقابتيـ يسري عمييا أحكاـ القانوف عدد 54لسنة 0442المتضمف مجمة الشغؿ ،كما أشرنا ليا
سابقا والتي نظمت شروط ممارسة حؽ اإلضراب ضمف الباب المتعمؽ بتسوية نزاعات الشغؿ الجماعية
والمجوء لإلضراب يكوف بعد 5
-استنفاذ الحموؿ السممية لفض نزاع الشغؿ بيف المؤجر والعممة ،حيث أوجب المشرع لمحاولة تسوية
نزاعات الشغؿ الجماعية المجوء واستنفاذ المستويات الثالث ،2بدءا بالمجنة االستشارية لممؤسسة وفي حاؿ
عدـ التوصؿ إلى حؿ يرضى أطراؼ النزاع يتـ المجوء إلى المكتب الجيوي لمتصالح فإف تعذر التوصؿ
إلى حؿ يتـ المجوء كآخر وسيمة إلى تفقدية الشغؿ المختصة اقميميا.3
-وجوب مصادقة المنظمة النقابية المركزية لمعماؿ أو منظمة المؤجريف المركزية وىو ما نصت عميو
الفقرة الثانية مف الفصؿ 921مكرر مف مجمة الشغؿ.
شاكر الساحمي ،نزاعات الشغؿ الجماعية وطرؽ تسويتيا في قانوف الشغؿ التونسي ،سمسمة كراسات قانوف الشغؿ والعالقات المينية، 1
288
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
-التنبيو المسبؽ باإلضراب ،بحيث يجب ابالغ الجيات المعنية مسبقا باإلضراب عف طريؽ رسالة
مضمونة الوصوؿ ،تتضمف المعمومات الخاصة بيذا االضراب ،وقد حددت مدة االعالـ المسبؽ بعشرة
أياـ حتى تتمكف االدارة مف اتخاذ التدابير الالزمة في ىذا الشأف ،كما يمكف ألطراؼ النزاع خالؿ فترة
التنبيو المسبؽ تأجيؿ االضراب أو الصد عف العمؿ باتفاؽ الطرفيف.
ولكف بعد ثورة سنة ،5100تـ االعتراؼ بحؽ ممارسة اإلضراب صراحة ضمف الفصؿ 91مف
دستور سنة ،5102وأصبح مشروعا ،مع مراعاة بعض االستثناءات ،غير أف لـ يتـ بعد وضع حدود
تضبط ممارسة ىذا الحؽ بالرغـ أف أحكاـ الدستور الجديد لمجميورية الثانية أكدت عمى أف ممارسة حؽ
اإلضراب يجب أف ال يخؿ بالمصالح العامة ،باتخاذ التدابير الالزمة مف شأنيا الحفاظ عمى دواـ سير
المرافؽ العمومية ،فكاف البد مف وضع ضمانات تكفؿ ذلؾ.
وقد شيدت تونس ارتفاع منسوب اإلضرابات في عديد مف المجاالت بعد ما كاف حؽ ممارسة
اإلضراب مغيبا في دستور سنة ،0424فينالؾ بعض المطالب منيا لجاف في المجمس التأسيسي ناشدت
بضرورة وضع ضوابط وشروط تنظيـ ممارسة حؽ اإلضراب بما يضمف سير الخدمات العامة الدنيا ،إال
أف ىنالؾ أطراؼ نقابية ترفض ضبط حؽ اإلضراب بالرغـ مف أف القانوف المقارف قيد اطالؽ ىذا الحؽ،
خاصة أف ىنالؾ بعض القطاعات قوانينيا األساسية الخاصة تمنع ممارسة حؽ اإلضراب ،1وىي
تتعارض مع المبدأ الدستوري لسنة ،5102وعميو يجب مالئمة القوانيف والتنظيمات حسب ما جاء بو
الدستور حتى ال ييدد االضراب سير المرفؽ العاـ المحمي وال يتعارض واستم اررية المرفؽ العاـ بانتظاـ
واطراد ،والذي تـ دسترتو ،ليتـ تفادي تضارب المصالح بيف األعواف والمستخدميف.
وعميو ومف خالؿ ما تقدـ وفقا لمدستور الجزائري وتعديالتو المتعاقبة ،كفؿ حؽ ممارسة اإلضراب إال
أف القوانيف التنظيمية ليذا الحؽ قيدت ممارستو ووضعت شروطا حتى ال يتسبب في عرقمت سير المرافؽ
العمومية المحمية ،في حيف تمكنت تونس مف انتزاع حؽ اإلضراب الذي جاء بعد مطالب ونضاالت،
والذي كاف مغيبا ،إال أف معالمو غير واضحة بيف القوانيف والتنظيمات وخاصة بعد أف أصبح اإلضراب
حؽ دستوري ،ما يجعؿ منو قاعدة إلزامية وفؽ مبدأ سمو الدستور ىكذا نكوف أماـ وضعيتيف متعارضتيف،
فأماـ ىذا اإلطالؽ تواجو المرافؽ العمومية المحمية عرقمة استمرار سير نشاطيا.
ب -تنظيم حق االستقالة:
ىياـ مروة ،القانوف اإلداري الخاص ( المرافؽ العامة الكبرى وطرؽ إدارتيا – االستمالؾ األشغاؿ العامة – التنظيـ المدني) ،الطبعة 1
تعد االستقالة حؽ مشروع لمموظؼ العاـ ،ذلؾ أنو ال يصح أف يبقي المرفؽ العاـ عمى موظؼ غير
راغب في االستم اررية في الوظيفة ،1إذا كانت االستقالة عمال اراديا يعبر موظؼ أو عوف المرفؽ العاـ
ع ف ارادتو في التخمي عف وظيفتو بصفة نيائية ،فإنو ليس مف حقو أف يترؾ أو يتوقؼ عف أداء وظائفو
الموكمة إليو أداؤىا دوف اجراءات مسبقة سعيا منو لمحفاظ عمى دواـ العمؿ.2
وليذا فقد أوجبت التنظيمات المتعمقة بحؽ االستقالة مجموعة مف القيود والشروط لتنظيـ االستقالة
يمكف اختصارىا في5
-تقديـ طمب االستقالة كتابيا لمسمطة المختصة قانونا ،وقد أكد المشرع التونسي أف تكوف رغبة
الموظؼ باالستقالة صريحة وغير مشروطو.
-يتعيف عمى العوف المقدـ طمب االستقالة مالزمة وظيفتو وقيامو بواجباتو المينية إلى حيف صدور
قرار االستقالة واال تعرض الموظؼ لعقوبة تأديبية.3
تجدر االشارة إلى أف حؽ االستقالة مف الحريات األساسية التي ضمنتيا االتفاقيات الدولية والتشريعات
ضمف حريات العمؿ والتي ال يمكف المساس بيا ،وأغمب الدوؿ التي تسعى لتحقيؽ الديمقراطية كرست
ىذه الحريات ،وقد نظـ المشرع الجزائري حؽ االستقالة صراحة في المادة 551ضمف القانوف األساسي
رقـ ،19 -11بحيث تتولى السمطة المخولة ليا صالحيات التعيف اتخاذ قرار بشأف طمب االستقالة الذي
يقدمو العوف في أجؿ اقصاه شيراف ابتداء مف تاريخ ايداع الطمب ،أما إف رأت السمطة المخولة ليا
صالحيات التعييف تأجيؿ الموافقة عمى طمب االستقالة لضرورات قصوى لممصمحة أو المرفؽ العمومي
المحمي فيمكف ليا ذلؾ لمدة ال تزيد عف شيريف مف تاريخ انقضاء األجؿ األوؿ وبعد انقضاء األجؿ
الثاني تصبح االستقالة فعمية.
سميماف حاج عزاـ ،دور المبادئ العاـ لممرفؽ العاـ المفوض في حماية حقوؽ المنتفعيف ،مجمة الحقوؽ والحريات ،جامعة بسكرة، 1
ص.03
أنظر5 3
-المادة 504مف أمر رقـ 19 -11المؤرخ في 02جويمية 5111يتضمف القانوف األساسي العاـ لموظيفة العمومية.
-الفصؿ 24مف القانوف عدد 005لسنة 0439المؤرخ في 05ديسمبر 0439المتعمؽ بضبط النظاـ األساسي العاـ ألعواف
الدولة والجماعات العمومية المحمية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية.
277
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
في مقابؿ ذلؾ لـ يتطرؽ القانوف التونسي عدد 005لسنة 0439المتعمؽ بضبط النظاـ األساسي
العاـ ألعواف الدولة والجماعات العمومية المحمية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية ،صراحة
ألجؿ قبوؿ استقالة أو رفضيا ضمف أحكامو ،ويبدو أف عدـ الوضوح في ىذه االجراءات بغية الحفاظ
عمى سير المصالح والمرافؽ العامة ،إال أنو في رأينا تنظيـ ىذه األحكاـ ضروري لمحفاظ عمى الحقوؽ
والحريات العامة وضماف أكثر الستمرار المرفؽ العاـ مف خالؿ وجود نصوص صريحة.
ج -تنظيم حماية أموال المرفق العمومي المحمي:
األصؿ أف القانوف أجاز الحجز لمدائف كإجراء تحفظي قبؿ البث في النزاع الستخالص الديف مف
المديف أما االستثناء أنو ال يجوز الحجز عمى أمواؿ المرفؽ العمومي المحمي ،وفاء لما يتقرر لمغير مف
ديوف في مواجيتيا ،1مما قد يتسبب مف جراء ذلؾ في تعطؿ تقديـ الخدمات العامة ،وضمانا لمسير
المنتظـ لممرفؽ العمومي المحمي فقد أحاطيا المشرع باإلجراءات الخاصة ،وىي حماية ألمالؾ واألمواؿ
العمومية.
فقد نص المشرع الجزائري في القانوف المدني عمى عدـ جوازية التصرؼ في أمواؿ الدولة أو
حجزىا ،2معتب ار كؿ أمواؿ الدولة حسب ما جاء في المادة 133كؿ العقارات والمنقوالت التي تخصص
بالفعؿ أو بمقتضى نص قانوني لمصمحة عامة ،أو إلدارة أو مؤسسة عمومية أو ىيئة ليا طابع إداري
وبالتالي أمواؿ وأمالؾ المرافؽ العامة المحمية تندرج ضمف أمواؿ الدولة ،إضافة إلى ذلؾ فقد أضفى
المشرع الجزائري عمييا الحماية الجنائية ونظميا ضمف القانوف الجنائي ،وذلؾ بعدـ مساس ممتمكات
المرافؽ العامة ،ألف ىذه األخيرة تعود بالنفع العاـ.
وعمى نفس المنواؿ في تونس ،فإنو ال يجوز اجراء أي حجز ولو كانت بمقتضى أحكاـ أو بطاقات
تنفيذية عمى السندات والقيـ والمكاسب المنقولة وغير المنقولة بدوف أي استثناء األمواؿ التي تممكيا الدولة
أو المؤسسات العمومية أو الجماعات العمومية المحمية ،وكؿ ما يقع مف حجز وأعماؿ تنفيذية وغيرىا
خالفا لألحكاـ المقررة أعاله يعتبر باطال بطالنا مطمقا.
إذف ال يعقؿ اجراء الحجز عمى األمواؿ العامة مما قد يتسبب في وقؼ نشاط المرفؽ العمومي المحمي
ويترتب عنو ضرر لممستخدميف ،كذلؾ يعتبر المساس بممتمكات المرفؽ العمومي المحمي مساس بالماؿ
عمى كحموف ،قانوف التأمينات واستخالص الديوف الخاصة والعامة ،الطبعة األولى ،منشورات مجمع األطرش لمكتاب المختص، 1
األمري ػػف رقـ 035 -12ورقػ ػ ػ ػ ػػـ 29 -21المؤرخيف في 01جويمية سنة 0412و 50جويمية سنة .0421
277
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
العاـ وليذا فقد جرـ المشرع ذلؾ كحماية جزائية عمى ممتمكات المرافؽ العامة المحمية ،كؿ ىذا حفاظا
عمى استم اررية سيره.
-2التدابير القضائية:
باإلضافة لألحكاـ التشريعية التي تصبو إلى ضماف سير المرفؽ العمومي المحمي بكيفية مستمرة
ودائمة دوف انقطاع ،كاف لمقضاء اإلداري مكانة ال يستياف بيا في الحفاظ عمى استمرار نشاط المرفؽ
العمومي المحمي ،حيث تـ اتخاذ تدابير قضائية مف خالؿ صياغة مبادئ تتالءـ وتتطور مع الظروؼ
دوف تقيده بنصوص تشريعية ،حرصا منو عمى تحقيؽ المصمحة العامة ومف بيف ىذه المسائؿ المتعمقة
بالمرفؽ العاـ المحمي ما يمي5
أ -نظرية الظروف الطارئة:
إذا كاف القانوف االداري ينظـ عالقات األفراد مع أشخاص القانوف العاـ ومف بينيـ المرافؽ العامة التي
قد تحدثيا الجماعات المحمية ،فإف نشأة القانوف االداري تكمف في القضاء الذي يخمؽ حموؿ ونظريات في
حاؿ وقوع حوادث استثنائية عامة غير متوقعة تصيب الروابط القانونية الناشئة عف األفراد واالدارة في
تسيير مرافقيا العامة ،وبيذا أحدثت نظرية الظروؼ الطارئة التي أخذ بيا القضاء الفرنسي وطبقيا أثناء
الحرب العالمية األولى ،وتسببت بتغيرات االقتصادية 1كاف ليا أثر بالغا في تنفيذ عقود المبرمة مف طرؼ
الم ارفؽ العامة.
كرس المشرع الجزائري قاعدة العقد شريعة المتعاقديف في المادة 011مف القانوف المدني ،إال أنو لـ
يكتفى فقط بالمفيوـ التقميدي لمعقد الذي يأخذ فقط اتفاؽ ارادتي األطراؼ المتعاقدة بؿ أضاؼ لذلؾ تالئـ
وتناسب حقوؽ والتزامات المتعاقديف في حالة وجود اختالالت استثنائية منيا مثال اقتصادية أو اجتماعية
أو غيرىا تأثر في العالقات العقدية .ولمحفاظ عمى ىذه العالقة وضماف بقاء واستمرار النشاط ،فقد مكف
المشرع القاضي باآلليات الضرورية لمعالجة ىذه االختالالت التي تصيب العقد ضمف المادة 012مف
القانوف المدني الجزائري ،كما ينظر القاضي في النزاعات التي تط أر عمى تنفيذ صفقة عمومية أو
تفويضات المرفؽ العاـ بعد استنفاذ اجراءات التسوية الودية.
أما المشرع التونسي فمـ يضع قاعدة عامة مف شأنيا إفساح المجاؿ لمقاضي في األخذ بنظرية الظروؼ
الطارئة ويعود سبب ذلؾ حسب رأي البعض إلى عدة أسباب نمخصيا في سببيف ،أوليما الدفاع عف مبدأ
277
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
سمطاف االرادة وكأف بيف النظريتيف تنافر إذا تـ األخذ بإحداىا ما يؤذي الى نفي األخرى ،وثانييا سببو
المعطي االقتصادي خشية مف انييار االقتصاد.
ب -نظرية الموظف الفعمي:
استقر فقو القضاء عمى نظرية الموظؼ الفعمي لتحقؽ مبدأ دواـ سير المرافؽ العامة المحمية ،سعيا منو
لمحفاظ عمى تقديـ الخدمات العمومية بانتظاـ واطراد ،بالرغـ مف أف الموظؼ الفعمي ال يعتبر موظفا عاما
كوف تعييف ىذا األخير كاف بقرار غير سميـ ،أو لـ يتـ صدور قرار تعيينو ولكنو يشتغؿ بصفة دائمة
لمنصب مرفؽ عمومي محمي ،إال أف اآلثار القانونية المترتبة عف تصرفات الموظؼ الفعمي تبقى سميمة
بالرغـ مف أنيا غير مشروعة مف الناحية القانونية ألنو لـ يعيف بأداة قانونية.
بالنسبة لنظرية الموظؼ الفعمي في القانوف الجزائري ،لـ يتطرؽ ليا المشرع الجزائري عند تعداد
األشخاص الذيف ليـ صفة الموظؼ عند ارتكابيـ جرائـ الفساد االداري ،وىذا في مادة الوقاية مف الفساد
ومكافحتو ،إال أنو يمكف متابعة الموظؼ الفعمي عند ارتكابو إحدى جرائـ الفساد االداري ،بالرجوع إلى
المادة 5مف القانوف رقـ 10-11المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو استعمؿ المشرع عبارة "يشتغؿ"
ولـ يعتمد عمى عبارة "عيف" أو "انتخب" وبالتالي يندرج ىذا ضمف الموظؼ الفعمي ،عمى غرار ذلؾ في
تونس ،الذي لـ تتضمف نصوصو التشريعية مفيوـ الموظؼ الفعمي ،إال أنو نالحظ أف المشرع التونسي
أعطى تعريؼ واسع وشامؿ لمموظؼ العمومي وىو ما جاء في الفصؿ 35مف المجمة الج ازئية التونسية،
مف خاللو تندرج نظرية الموظؼ الفعمي ،حيطة مف المشرع الجزائي حتى ال يفمت كؿ مف ارتكب جريمة
مف العقاب ويتدرع بعذر القانوف تحت طائمة عدـ اكتسابو صفة الموظؼ لحؿ إجراءات التعييف أو بطالف
القرار.
ثانيا :مبدأ المساواة أمام المرفق العمومي المحمي
إف مبدأ المساواة أماـ المرفؽ العمومي المحمي ما ىو إال تطبيؽ لمبدأ مساواة األفراد أماـ القانوف الذي
حرصت معظـ األمـ والشعوب عمى تكريسو وخاصة بعد االعالف العالمي الحقوؽ اإلنساف لسنة ،0234
كما كرستو معظـ الدساتير الديمقراطية الحديثة ،فأصبح حؽ دستوري تـ تضمينو في جميع الدساتير
الجزائرية المتعاقبة حتى آخر دستور.1
المادة 95مف دستور 0441المعدؿ بدستور " 5101كؿ المواطنيف سواسية أماـ القانوف .وال يمكف أف يتذرع بأي تمييز يعود سببو 1
إلى المولد ،أو العرؽ أو الجنس أو الرأي ،أو أي شرط أو ظرؼ آخر ،شخصي أو اجتماعي".
277
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
وكذلؾ األمر بالنسبة لتونس ،1وفي ىذا السياؽ تجدر اإلشارة أف المؤسس الدستوري التونسي كذلؾ
حرص عمى أف تعمؿ االدارة العمومية وفؽ مبدأ المساواة أماـ المرفؽ العاـ أثناء تقديميا الخدمات
العمومية.
كما يقصد بو ضرورة التزاـ السمطة المفوضة بضماف المساواة بيف مختمؼ المتعيديف والمترشحيف دوف
تمييز طرؼ عمى طرؼ آخر ،أو منح امتيازات لطرؼ عمى حساب طرؼ آخر ،أو وضع عقبات أو
2
عراقيؿ في مواجية مترشح عمى حساب مترشح آخر ...إلخ.
فكاف لمبدأ المساواة أماـ المرافؽ العامة تطبيقاتو التي تقع عمى مستخدمي المرافؽ العامة المحمية
وعمى أعوانيا المكمفيف بإدارتيا5
-1مبدأ المساواة بين مستخدمي المرافق العمومية المحمية:
مساواة مستخدمي المرافؽ العمومية المحمية في تحمؿ األعباء أو االنتفاع مف خدمات المرفؽ ،يعتبر
أحد أىـ المبادئ األساسية التي تحكـ جميع المرافؽ العامة المحمية ميما كاف نوع نشاطيا التي تمارسو،
وأي كاف شكؿ أو أسموب إدارتيا ،يستوجب مبدأ المساواة بيف مستخدميف عدـ تميز أو تفضيؿ بينيـ عمى
أساس اختالؼ الجنس أو العرؽ أو الديف أو المغة وغيرىا ،والغرض مف ذلؾ حفاظ الموظؼ العاـ عمى
واجباتو الوظيفة وأخالقياتو المينية في معاممتو لألفراد ،وعميو أف ال يفاضؿ بيف األشخاص في مجاؿ
انتفاعيـ مف خدمات المرفؽ وكذا تقديـ الخدمات المرفقية لمصالح العاـ بنزاىة وحياد بما يتماشى مع
سيرورة الدولة ،ومؤذي ىذا القوؿ يعني أنيا ليست مساواة مطمقة ،فقد تفرض بعض المرافؽ شروط أو
إجراءات معينة عمى بعض المنتفعيف لتقديـ الخدمات وىو ما قد تطبقو بعض المرافؽ ذات الصبغة
التجارية والصناعية فيما يخض الرسوـ أو الضرائب ،3الميـ أف يتـ تنظيـ ذلؾ وفؽ قوانيف أو تنظيمات.
وفي ىذا الخصوص وحماية لحقوؽ وحريات المواطف في مواجية المرافؽ االدارية فقد أحاطيا التنظيـ
االداري بتونس بآليات لخدمة الصالح العاـ ،في اطار برامج اإلصالح اإلداري وتحسيف خدمات المرفؽ
العمومي واعطاء المواطف حقو في ممارسة الديمقراطية ،مف خالؿ بعث مؤسسة الموفؽ االداري كما تـ
الفصؿ 50مف الدستور التونسي لسنة " 5102المواطنوف والمواطنات متساووف في الحقوؽ والواجبات ،وىـ سواء أماـ القانوف مف 1
غير تمييز."...
السعيد سميماني ،التسوية الودية لنزاعات تفويض المرفؽ العمومي المحمي ،مجمة أبحاث قانونية وسياسية ،جامعة جيجؿ ،الجزائر، 2
277
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
تدعيـ ىذه المؤسسة مف خالؿ المركزية مؤسسة الموفؽ االداري بمقتضى األمر لسنة .15111ولخص
دورىا باالرتقاء بتحسيف جودة الخدمات االدارية والسعي لتقريب االدارة مف المواطف.2
-2مبدأ المساواة بين أعوان المرفق العمومي المحمي:
مف الضروري المساواة بيف أعواف المرافؽ العمومية المحمية سواء عند االلتحاؽ كمترشحيف لوظائؼ
عامة أو خالؿ مسارىـ الميني ،فال يجوز لمقائميف عمى المرفؽ التمييز بيف األعواف عمى أساس الجنس
أو الموف أو الديف أو العقيدة أو ألي سبب ال يستند لمعايير قانونية أو موضوعية محددة ضمف القانوف أو
التنظيـ.
تعتبر المساواة بيف أعواف المرفؽ مبدأ دستوري ،فقد أكد الدستور الجزائري عمى ضرورة المساواة بيف
جم يع المواطنيف في تقمد الوظائؼ في الدولة دوف أي شروط أخرى غير الشروط التي حددىا القانوف،
ويحمؿ ىذا المبدأ منزلة في التشريع الجزائري يبرز في االحكاـ القانونية المتعمقة بالوظيفة العمومية
ليفصؿ أكثر في ىذه القاعدة بعدـ جواز التمييز بيف الموظفيف بسبب آرائيـ أو جنسيتيـ أو أصميـ أو
بسب أي ظرؼ مف ظروفيـ الشخصية أو االجتماعية.
كما ينبثؽ مبدأ المساواة بيف األعواف ضمف ما جاء بو الفصؿ 50مف الدستور التونسي الذي يقضي
بالمساواة أماـ القانوف بيف جميع المواطنيف والمواطنات مف غير تمييز ،عمى أف تتولى الدولة التدابير
الالزمة لضمانو عمى أساس الكفاءة واالنصاؼ.
وفي ىذا الخصوص ،نمفت النظر لمسألة تعزيز مكانة المرأة وعدـ التفرقة بيف الجنسيف ،فقد أكد
المؤسس الدستوري الجزائري ضرورة ضماف الدولة تكافؤ الفرص بيف المرأة والرجؿ في تحمؿ مختمؼ
المسؤوليات وفي جميع المجاالت ،والجديد الذي جاء بو التعديؿ الدستوري لسنة ،5151أف تعمؿ الدولة
عمى تشجيع ترقية المرأة في مناصب المسؤولية بالييئات االدارية 3والتناصؼ في تولي المناصب ،وىذا ما
نجده في النصوص القانونية التي ال تميز بيف الجنسيف في عدة مسائؿ منيا تنظيـ أحكاـ الشيادة وخاصة
منيا بالعقود الحالة المدنية ،وتولييا وظائؼ منيا القضاء.
ثالثا :مبدأ قابمية التكيف المرفق العمومي المحمي
بمقتضى األمر عدد 5029لسنة 0445المؤرخ في 01ديسمبر 0445يتعمؽ بإحداث خطة الموفؽ اإلداري. 1
البشير السعيد ،مقاربة استشرافية لحقوؽ االنساف والحريات األساسية في تونس ،طبعة جديدة محينة ،دار أرشيؼ االسالـ ،تونس، 2
،5114ص.11
3أنظر المادة 91دستور .5101
277
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
نشأة ىذا المبدأ يعود لمقضاء االداري والذي ساىـ في ابراز نظريات منيا متعمقة بالتعديؿ في العقود
مف قبؿ االدارة ،وكذلؾ فيما يخص أعواف المرافؽ العمومية ،كؿ ذلؾ لضماف حسف سير المرفؽ
العمومي ،فيذا التكيؼ يعود بشكؿ أساسي لإلدارة التي ليا سمطة تقديرية في اعتماد األساليب التي تراىا
تتماشى أكثر مع المنفعة العامة لممرفؽ فميا ذلؾ الميـ أف ال تتعارض وطبيعة ونشاط المرفؽ.
يقصد بمبدأ قابمية المرفؽ العاـ لتكيؼ دائـ ومستمر ،مسايرة التحوالت التي قد يفرضيا النظاـ السياسي
لمدولة ،أو التطورات الحاصمة والمستحدثة عمميا وتكنولوجيا مما يؤدي إلى إدراج آليات وطرؽ لتحسيف
تقديـ الخدمات العامة وتحقيؽ المصمحة العامة مما يتطمب تعديؿ القوانيف والتنظيمات المتعمقة بالمرفؽ
العاـ.
في ىذا االطار ،ال يمكف لألعواف ومستخدمي المرفؽ العاـ االعتراض عمى التعديالت الجديدة التي
تط أر عمى أحكاـ القوانيف أو التنظيمات التي قد يترتب عنيا تغير في المراكز القانونية التي يوجد بيا
العوف أو مستخدمي المرفؽ .كما يخوؿ القانوف لمسمطة محدثة المرفؽ العمومي المحمي امكانية إلغائو إف
لـ ترى ضرورة لوجوده وفؽ اجراءات محددة.
باعتبار أف المرفؽ العمومي المحمي أداة فاعمة والزمة لممصالح العامة ،يرتبط بشكؿ مباشر وطبيعة
النظاـ السياسي والتنظيـ االداري ،كما أنو أرضية خصبة لمتحوالت والتوجيات المحدثة ،ومنيا الديمقراطية
والحك ـ الراشد ،فيذه المفاىيـ ال تكاد أف تنفصؿ عف بعضيا ،حيث ال يمكف أف نتحدث عف قاعدة قابمية
التكيؼ واليدؼ منيا ازدىار الخدمة العمومية لتعود بالنفع لمعامة دوف المرور بمقتضيات الديمقراطية
والحكـ الراشد.
ففي ظؿ ىذه التحوالت السياسية لبناء دولة القانوف قائمة عمى مؤسسات عامة سواء كاف بإرادة سياسية
مف النخبة الحاكمة أو مف جراء عوامؿ خارجية وضغوطات منيا المنظمات الدولية والتطورات الحاصمة
في مجاؿ التكنولوجيا واالعالـ ،كاف الزما ادراج االصالح االداري ضمف اصالحات اقتصادية وسياسية
وغيرىا ،1فيذه اصالحات االدارية ىي ضرورة لمتكيؼ مع التحوؿ الديمقراطي واالتجاه الحديث لإلدارة
العمومية الذي يتـ فيو التخمي عف تركيز العمؿ وتحديد سمطات وفؽ القوانيف واألنظمة الثابتة بمعزؿ عف
البيئة المحيطة بيا.
1
Fatma ELLAFI, «Mutabilité et Démocratie» ,Démocratie et Administration, Actes du colloque
organisé à Tunis les 10 et 11 octobre 2011, Collection Forum des juristes Nº15, Editions Latrach,
Tunis 2014, p63.
277
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
ويتضح لنا جميا وجود نصوص تشريعية تصبو نحو مبدأ القابمية لتكيؼ المرفؽ العمومي المحمي في
كؿ مف الجزائر وتونس ،بدرجات متفاوتة إال أف تطبيؽ ىذا المبدأ يقابمو معوقات تحوؿ دوف مواكبة
التحوالت والتطورات الراىنة ،برغـ مف أىمية ىذا المبدأ كونو امتداد لمواصمة تعزيز مبادئ الحوكمة
الرشيدة بصفة عامة.
لقد بات مف الضروري مالئمة ىذا المبدأ والتحوالت الحديثة أو كمما دعت الضرورة لذلؾ بتييئة بيئة
رطبة تتأقمـ والمتطمبات المناسبة لمتطور وجودة الخدمات العامة ،إال أف عدـ تحقؽ ذلؾ كاف لوجود
عقبات بالرغـ مف الجيود المبذولة بالدولتيف وباألخص الجزائر ،لكف حاؿ دوف تحقؽ ذلؾ بسبب األزمات
التي مرت بيا مف عدـ االستقرار السياسي وعدـ وجود األمف في فترة التسعينات مف القرف الماضي،
باإلضافة إلى تغير التوجو مف االشتراكي إلى االقتصاد الحر مف خالؿ دستور 0434الذي حاؿ دوف
استقرار المؤسسات العمومية.
أما مف الناحية االدارية فنجد عدـ وجود آليات قانونية منفتحة عمى التكيؼ لممتغيرات بإعطاء سمطة
تقديرية أوسع لإلدارة المختصة بصفة عامة والجماعات المحمية بصفة خاصة بتمكينيا باستقاللية
التصرؼ في التدبير المحمي والتنمية المحمية مف خالؿ مرافقيا العمومية ،فالعمؿ الدؤوب يباشر مف قاعدة
اليرـ االداري وليس مف قمتو ،فمف الضروري وجود قنوات التواصؿ التشاور وكذا الحوار بيف مختمؼ
األطراؼ عمى المستوى المحمي لغرس الوعي واالرادة السياسية 1تسيؿ االصالح االداري باالضطالع
عمى التجارب الناجحة الخارجية وليس فقط تطبيؽ وتقميد ىذه التجارب والمناىج االدارية دوف وجود بيئة
مالئمة لذلؾ.
عمى خالؼ ذلؾ في تونس ينتظر منيا تحقؽ نتائج إيجابية بخصوص تكيؼ المرفؽ العمومي المحمي
مع التحوالت الحاصمة ووجود ترسانة مف القوانيف والتنظيمات التي تشؽ طريقيا نحو حداثة اإلدارة
والتسيير اإلداري ،منيا قانوف النفاذ لممعمومة وقانوف مكافحة الفساد وغيرىا مف التشريعات أف تؤمف
خدمات لألحسف لممواطنيف ،إال أف ذلؾ يستوجب تييئة اإلدارات العمومية لتطبيؽ ىذه القوانيف ،بإضافة
إلى وجود وعي ثقافي وتربوي مف أجؿ تحقؽ ذلؾ.
المبحث الثاني :المبادئ الحديثة لممرفق العمومي المحمي
خالد تمعيش ،المرفؽ العاـ في الجزائر والتحوالت الجديدة في دور الدولة 5أزمة الخدمة في ظؿ تحديات الحوكمة ،الممتقى الدولي 1
حوؿ " 5المرفؽ العمومي في الجزائر ورىاناتو كأداة لخدمة المواطف – دراسة قانونية وعممية " ،جامعة الجياللي بونعامة خميس مميانة،
الجزائر ،يومي 02و 09ماي ،5102ص.022
272
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
بالنظر لممبادئ األساسية الثالث لسير المرفؽ العاـ المشار الييا سابقا – المبادئ التقميدية – والتي
ختمناىا بمبدأ ق ابمية التكيؼ ،يوحي لنا مف خالؿ ذلؾ وجود مبادئ حديثة لتسير المرافؽ العامة المحمية
في ظؿ التحوالت والتطورات التي شيدتيا السنوات األخيرة في مجاؿ عمـ االدارة ،فقد حدث التحوؿ مف
نظاـ االدارة المحمية القائـ عمى المجالس المحمية المنتخبة إلى نظاـ االدارة المحمية يشارؾ المجالس
المحمية المنتخبة القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في صنع القرار في ظؿ ما
ىو معروؼ بالحكـ الراشد الذي يعد أحد المرتكزات التي تقوـ عمييا ،فال يمكف الحديث عف تسيير المرافؽ
العامة المحمية دوف المرور بمفيوـ الحكـ الراشد كإطار جديد استجابت لو العديد مف الدوؿ ،ىذا المفيوـ
قائـ عمى عدة معايير أو مؤشرات تداولتيا الوثائؽ الدولية كالبنؾ العالمي ،منظمة التجارة العالمية،
الصندوؽ الدولي متمثمة في المساءلة ،الشفافية ،دولة القانوف ،السموؾ األخالقي وغير ذلؾ.
ومف خالؿ ما تقدـ ،نحاوؿ ابراز أىـ مبادئ الحوكة الرشيدة في تسيير المرافؽ العمومية المحمية والتي
نظمتيا التشريعات الجزائرية والتونسية.
أوال :المبادئ األساسية لحوكمة المرفق العمومي المحمي
إضافة لما تـ تناولو سابقا مف المبادئ األساسية لسير المرافؽ العمومية ،ولضماف تقديـ خدمات
عمومية أفضؿ مع األخذ بعيف االعتبار طموحات ورغبات المواطنيف لتعزيز الصالح العاـ ،البد مف توفر
جممة مف الشروط األساسية إلرساء التنمية المحمية وىي عبارة عف قواعد ومبادئ إلدارة رشيدة لممرافؽ
العمومية المحمية.
فالمتتبع ألحكاـ الدستور الجزائري والتونسي يالحظ في ثناياىما أىـ مبادئ الحوكمة الرشيدة مف
الحياد ،الشفافية ،النزاىة ،النجاعة ،المساءلة ،سيادة القانوف ،المشاركة ،مكافحة الفساد ،...إال أنو بطبيعة
الحاؿ ىنالؾ تفاوت بينيما في كيفية تنظيميا ومعالجتيا وكذا الضمانات الكفيمة لمحفاظ عمى ىذه المبادئ
الدستورية باختالؼ الجيات التي اصدرتيا والبيئة السياسية التابعة ليا ،حتى تصؿ في بعض منيا إلى
افراغيا مف محتواىا.
يحوي الدستور الجزائري في طياتو مبادئ الحوكمة الرشيدة بالرغـ مف عدـ النص صراحة عمييا ،فقد
أشار لمشاركة المواطنيف في اختيار مؤسسات الغاية مف نشاطيا تحقيؽ العدالة االجتماعية والقضاء عمى
التفاوت الجيوي في مجاؿ التنمية ،وىو ما جاء بو التعديؿ الدستوري لسنة ،15101وىو ما يندرج ضمف
مبدأ العدؿ واالنصاؼ لجميع فئات المجتمع لخمؽ فرص تحسيف أوضاعيـ االجتماعية.
المادة 4مػف دستػور الج ازئػر لسنػة ،0441الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد 21مؤرخة في 13ديسمبر 0441المعػدؿ 1
بالقانػ ػػوف رقـ 19-15المػؤرخ فػػي 01أفريػػؿ 5115جريدة رسمية لمجميورية الجزائرية عدد 52مؤرخة في 02أفريؿ 5115
278
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
كما أكد المؤسس الدستوري عمى قاعدة مساواة المواطنيف أماـ القانوف حماية لمحقوؽ والحريات العامة،
وأوجب عمى المرفؽ العمومي المحمي تقديـ الخدمات العمومية لممواطنيف دوف انحياز أو تميز ،1بسبب
التوجيات السياسية أو العتبارات حزبية أو عرقية ،فيجب تقيد المرافؽ العامة المحمية بالواجب الخدماتي
والسعي لضماف الكفاءة والنزاىة والحياد لمتأكيد عمى دولة القانوف والمؤسسات القائمة عمى قواعد الحكامة.
إضافة ليذه القواعد التي ارتقى بيا الدستور الجزائري وخاصة بعد تعديؿ سنة ،5151إدراج قاعدة
الشفافية بتمكيف المواطف مف الحصوؿ عمى المعمومات والوثائؽ واإلحصائيات حفاظا عمى مصالحيـ،
واتخاذىـ الق اررات المناسبة في الزمف المناسب ،فتفعيؿ ىذا المبدأ سيساىـ المحالة في مبدأ مساءلة
األجيزة المحمية والمرفقية وكذا األجيزة المركزية والييئات األخرى مف خالؿ المعمومات المتاحة حوؿ
القوانيف ووضوح االجراءات وتفحص النتائج مما يستوجب المعنييف باتباع االجراءات المناسبة سواء عمى
المستوى االداري أو القضائي لممحاسبة ،إذ يعد ذلؾ تدشيف لمرحمة جديدة لتدبير الشأف العاـ المحمي،2
لكف قيد ىذا الحؽ بعدـ المساس بالحياة الخاصة بالغير والمصالح المشروعة لممؤسسات وبمقتضيات
األمف الوطني ليتـ تنظيـ ذلؾ وفؽ قانوف.3
حوؿ ىذا الموضوع يتعيف أيضا عمينا اإلشارة أف المساعي حوؿ االصالحات الدستورية سيما المتعمقة
بمؤشرات الحكـ الراشد ىي في الحقيقة تبدو محمسة لحد ما لتوفير الحد األدنى مف مبادئ االدارة الرشيدة،
إال أنو يبدو أف ىذه االصالحات ماىي إال استجابة لتحوالت دولية وضغوطات داخمية لقطيعة متغمغمة
بيف الدولة واألفراد لعدـ وجود الثقة بينيما فكاف لزما مقاربة الدولة لممجتمع وخاصة في ظؿ الحراؾ
السياسي الذي عرفتو الدوؿ المجاورة ،فيي اصالحات ليست نابعة مف صناعة سياسية لمسمطة الحاكمة
بالجزائر ألنيا غير مكتممة النعداـ آليات وسبؿ تحقؽ مبادئ الحوكمة الرشيدة عمى مستوى األجيزة
واإلدارات وخاصة المرافؽ العمومية ومنيا المحمية ،وخير مثاؿ عمى ذلؾ لمبدأ مكافحة الفساد فقد كانت
الجزائر سباقة في توقيع االتفاقية سنة 5112وىي سنة بعد توقيعيا ،وتـ تنظيـ قانوف الوقاية مف الفساد
ومكافحتو رقـ 10-11لسنة ،5111بالرغـ مف ذلؾ نالحظ استفحاؿ ظاىرة الفساد االداري ،فالبد مف
إعادة النظر في سبؿ وآليات مكافحة الفساد.
والقانوف 04-13المؤرخ في 02نوفمبر 5113جريدة رسمية لمجميورية الجزائرية عدد 19مؤرخة في 01نوفمبر ،5113المعدؿ
بالقانوف رقـ 10-01المؤرخ في 11مارس ،5101جريدة رسمية لمجميورية الجزائرية عدد 02مؤرخة في 12مارس .5101
المادة 52مف دستور 0441المعدؿ في .5101 1
277
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
في مقابؿ ذلؾ ،تسعى تونس لمواصمة مسار البناء الديمقراطي كدولة قانوف قائمة عمى المؤسسات،
وبعد التصفح في دستور سنة ،5102والتمعف في أحكامو التي تتعمؽ باإلدارة ونشاطيا االداري اليومي
لممرفؽ العاـ ،بدا واضحا أف السمطة التأسيسية التونسية تبنت التوجو الحديث لمفيوـ الحكـ الراشد ،كخطوة
نحو عولمة القيـ السياسية واالقتصادية مف أجؿ تطوير شروط نمط الحياة لممجتمعات في مختمؼ النواحي
مع ترسيخ وعي ثقافة حقوؽ االنساف بيف المواطنيف وضرورة إدراكو بوجود تكامؿ بيف مؤسسات الدولة
وتطويرىا بناء عمى قيـ وممارسات تكتمؿ بمبادئ اقتساـ السمطة والتداوؿ عمييا ومشاركة مؤسسات
المجتمع المدني.
ىذه المساعي المطروحة ىي مف جممة المطالب الشعبية بعد ثورة ،5100وليذا تكفؿ الدولة ضماف
مبادئ وقواعد الحوكمة الرشيدة في تسيير المرافؽ العمومية المحمية كالحياد والنزاىة والنجاعة والمساءلة
والشفافية ،وارساء ليذه القاعدة األخيرة كرس الدستور حؽ المواطف في النفاذ إلى المعمومة ،1وحماية ليذه
المكاسب والمبادئ الدس تورية ،أحطتيا السمطة التأسيسية بييئات دستورية مستقمة ،يبدوا واضح عزميا في
مواصمة مسيرة دعـ الديمقراطية.
ثانيا :تنظيم مبادئ حوكمة المرفق العمومي المحمي
تدعيما لمبادئ الحوكمة الرشيدة عمى المستوى المحمي وسير مرافقيا العمومية ،تـ تحديث المنظومة
القانونية الج ازئرية والتونسية تماشيا مع مقتضيات االتفاقيات الدولية التي جاءت بمبادئ أساسية لمحوكمة،
بالرغـ مف محاوالت سابقة ومتعددة لإلصالح االداري ،وىذه المحاوالت المتكررة نتيجة عدة أسباب منيا
تغير التوجيات والمناىج واألىداؼ المرجوة مف اإلصالح والتأكيد عمى اليدؼ الرئيسي وىو زيادة فعالية
وكفاءة اإلدارة العمومية ،إال أف ىذا لـ يكف كافي لمواجية المشاكؿ التي تقبع المرافؽ العمومية المحمية،
كما أف الجماعات المحمية المحدثة ليا لـ تكف تتمتع باالستقاللية الكافية لمتصرؼ في مصالحيا،
ولمتصدي ليذا كاف البد اختيار الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وىذا األسموب يعد أكثر مثالية حاليا
العتماده عمى مشاركة منتفعي خدمات المرفؽ العمومي المحمي في رسـ االستراتيجيات وتنفيذ وتقييـ
ومراقبة العممية اإلدارية لتحسيف تقديـ الخدمات أكثر فعالية وكفاءة عمى المستوى المحمي ،كما يعد
األسموب كفيؿ بتوفير الحياة الكريمة لألفراد بضماف حقوؽ اإلنساف وتطبيؽ مبادئ العدالة واإلنصاؼ
بينيـ وتحقيؽ التنمية المحمية والمستدامة ،وما ىذا إال تطبيؽ لمبادئ وقيـ الديمقراطية.
877
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
وليذا اىتدى الدستور التونسي ألسموب الحوكمة الرشيدة ومحاربة الفساد مع التنصيص عمى ىيئات
مستقمة تضمف ذلؾ ،مقارنة بما جاء بو الدستور الجزائري بتضمينو ببعض مبادئيا بشكؿ مبعثر وغير
مكتمؿ مما يزىد مف منزلة الحوكمة ودورىا في إدارة المرافؽ العمومية.
إذ تبقى مسألة دسترة مبادئ وقيـ الحوكمة غير كافية حتى تتحقؽ النتائج المرجوة مف ىذا التكريس
البد مف صياغة محكمة لمقوانيف والتنظيمات الكفيمة بتطبيؽ وتفعيؿ الحوكمة الرشيدة في سبيؿ دعـ
مبادئيا عمى مستوى المرافؽ العمومية المحمية ،حيث يعد ضعؼ أو غياب تنظيـ ىذه المبادئ والقواعد
الحمقة األضعؼ في تحسيف تقديـ الخدمات وتحقيؽ التنمية المحمية.
وقد صادقت الجزائر وتونس عمى ىذه االتفاقية ،فكاف ميالد أوؿ قانوف في الجزائر كإطار منظـ
لموقاية مف الفساد ومكافحتو رقـ 10-11المؤرخ في 51فيفري ،5111والذي أصدر بمرسوـ رئاسي،
فرغـ ذلؾ استفحمت ظاىرة الفساد عمى مختمؼ األصعدة منيا إدارة المرفؽ العاـ المحمي والذي يعود
لضعؼ جودة ىذا القانوف المذكور أعاله.
أما في تونس وبالرغـ مف انضماميا التفاقية مكافحة الفساد والتي صادقت عمييا بصفة صورية سنة
5113حسب قانوف عدد 52لسنة ،5113إال أنيا لـ تأخذ القدر الكافي ليا ولـ يتـ تنظيميا ،بخالؼ
بعض النصوص المتفرعة في القوانيف األخرى ،مثؿ ما جاء في المجمة الجنائية ومجمة االجراءات الجزائية
وغيرىا أيف القت ىذه القضية اىتماما أو باألحرى ىي سبب مف أسباب الثورة ،النتشار وباء الفساد الذي
أخذ أشكاؿ متعددة ،مما تـ اصػ ػػدار المرسػػوـ اإلطػ ػػاري عػدد 051لسنة 5100المؤرخ في 02نوفمبر
5100المتعمؽ بمكافحة الفساد.
كما تـ المصادقة عمى القانوف االساسي عدد 24لسنة 5102بتاريخ 52أوت 5102متعمؽ بالييئة
الدستورية المستقمة لمحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وىي ىيئة مف بيف الييئات األخرى المستقمة التي
تشترؾ معيـ في جممة مف أىداؼ أىميا دعـ الديمقراطية ،1وتصبو إلى التقميص مف تأثير الفساد عمى
المجتمع التونسي مع الشروع في تغيير بعض مف السموكيات والتصرفات بشكؿ يخمؽ أرضية مناسبة
لتضامف األفراد ضد الفساد ويكرس بنية اجتماعية وثقافية لعموية القانوف وضرورة احترامو ،وىذا بوجود
إرادة سياسية تبعث إلى إرساء تغيير ممموس في مجاؿ الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مع تشجيعيا
لممشاركة المجتمعية الفاعمة.
الفصؿ 052مف دستور سنة "55102تعمؿ الييئات الدستورية المستقمة عمى دعـ الديمقراطية وعمة كافة مؤسسات الدولة تيسير 1
عمميا."...
877
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
وقد نص الفصؿ 091في فقرتو الثانية أف "تتولى الييئة رصد حاالت الفساد في القطاعيف العاـ
والخاص ،والتقصي فييا ،والتحقؽ منيا ،واحالتيا عمى الجيات المعنية" ،حيث لـ يحدد الدستور الجيات
التي تتولى الردع أو العقاب في حاؿ تـ رصد حالة فساد.
وذكر الفصؿ 01مف القانوف األساسي عدد 24لسنة ،5102بخصوص التقصي في شبيات الفساد
في إطار صالحيات الييئة ،وفي حاؿ تـ رصد حاالت الفساد وتـ التقصي فييا والتحقؽ منيا يتـ إحالتيا
عمى الجيات اإلدارية أو القضائية ذات النظر عند االقتضاء.
بالمقارنة بيف ىيئات مكافحة الفساد في الجزائر وتونس وعمميا بناء عمى النصوص القانونية ،يتضح
أف الييئة الوطنية لموقاية مف الفساد ومكافحتو في الجزائر قاصرة في تحقيؽ األىداؼ التي أحدثت مف
أجميا ،فالعبرة في العمؿ الرقابي ال تكمف في وجود الييئات بؿ في مدى التغيير والقضاء عمى
االختالالت ،باعتبارىا جياز لسمطة إدارية تتمتع باستقالؿ مالي واداري تابعة لسمطة التنفيذية توضع لدى
رئاسة الجميورية يتولى تشكيؿ أعضائيا بمرسوـ رئاسي وىو ما يعيؽ محاسبة ومساءلة كؿ أطراؼ بحرية
ودوف وجود ضمانات تكمفيا ،وبما ال يتماشى والمعايير الدولية الصادرة عف منظمة اآلنتوساي ،1التي
أكدت عمى مبدأ االستقاللية لمييئة الرقابية عف األجيزة موضوع الرقابة.
عمى خالؼ ذلؾ في تونس تتشكؿ ىيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مف أعضاء مستقميف
محايديف مف ذوي الكفاءة والنزاىة ،يتـ انتخابيـ مف قبؿ مجمس نواب الشعب وتتركب الييئة مف أعضاء
بصفة قضاة ومختصيف في عدة مجاالت.
مف خالؿ األطر التشريعية يبدو أف المشرع الجزائري لـ يضع آليات قانونية كافية لمواجية ىذه
الظاىرة وىو مغاير لما جاء بو التشريع التونسي ،ومساعي اإلدارة العميا والتي وضعت "االستراتيجية
الوطنية لمحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مف " 5150 -5101وتطمح إلى تغيير السموكات والتصرفات
بشكؿ يخمؽ مناخا مواطنيا جماعيا مناىضا لمفساد ويعزز ذىنية تحترـ عموية القانوف وىذا بوجود إرادة
سياسية قوية وقيادة رشيدة في الوظائؼ العميا ،باالعتماد عمى سياسات تمكف مف تبسيط وتوضيح
اإلجراءات واآلليات والنظـ متعمقة بالتصرؼ العمومي ومنح األولوية لرقمنة اإلدارة وتحديثيا وتحسيف
الخدمات العمومية مف خالؿ تظافر كافة الجيود وتحفيز وتشجيع المشاركة المجتمعية في وضع
السياسات العامة ،وكذا التنسيؽ والتناغـ بيف مختمؼ المكونات االستراتيجية لتحقيؽ األىداؼ المرجوة.
(،)ISSAI والمحاسبة المالية لمرقابة العميا لألجيزة الدولية المعايير ،INTOSAI اإلنتوساي منظمة 1
كذلؾ واستجابة لممطالب الشعبية التي جاءت بيا ثورة سنة ،5100ومواصمة لمسيرة االنتقاؿ
الديمقراطي الستكماؿ المنظومة التشريعية لمحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ،ونزوال ليذه الغاية كاف
إصدار القانوف األساسي عدد 01لسنة 5102المؤرخ في 2مارس 5102المتعمؽ باإلبالغ عف الفساد
وحماية المبمغيف مف االنجازات القانونية التي تأكد عمى وجود إرادة سياسية حقيقية لمتغيير في المجاؿ
اإلداري.
كما يعد النفاذ لممعمومة مف أدوات الوقاية مف الفساد وأداة لشفافية إدارة المرافؽ العمومية المحمية
والتصرؼ في مواردىا ونفقاتيا ،وبيذا الخصوص يضمف الدستور الجزائري والتونسي ممارسة حؽ النفاذ
لممعمومة لكؿ شخص طبيعي أو معنوي ،وىذا ما مف شأنو تعزيز الحوكمة المفتوحة التي تمزـ الجماعات
المحمية ومصالحيا بنشر جميع الوثائؽ والمعمومات التي تخص الشأف المحمي مع توفيرىا لطالبيا ،كما
ييدؼ ىذا اإلفصاح عف المعمومات والوثائؽ في مساىمة األطراؼ المحمية بتدبير الشأف المحمي وىو
تعزيز الديمقراطية التشاركية وتطبيؽ ليذا الحؽ الدستوري فقد تعرض المشرع الجزائري إلى ذلؾ ضمف
الباب الثالث لقانوف البمدية لسنة ،5100المعنوف بمشاركة المواطنيف في تسيير الشؤوف البمدية ،أما
المشرع التونسي حرص عمى تأكيد عمى ىذا المبدأ في القانوف األساسي عدد 54المتعمؽ بالجماعات
المحمية ،بأف تضمف الجماعة المحمية النفاذ إلى المعمومة وتمتزـ بنشر كؿ الوثائؽ المتعمقة بإدارة مرافقيا،
كما تمتزـ الجماعة المعنية بتحضير تقارير دورية عف سير مرافقيا وتنشر بالموقع اإللكتروني الخاص بيا،
ومكف المشرع مكونات المجتمع المدني مف متابعة وتقييـ أداء سير المرافؽ العامة المحمية ،بتقديـ طمب
لمجماعة المحمية التابعة ليـ والتي تتولى إحداث لجنة تشمؿ أعضاء منتخبيف مف المجمس وادارييف لنفس
الغرض واعداد تقرير يرفع لمجمس الجماعة المحمية .إضافة إلى ذلؾ يمكف لمجماعة المحمية أف تطرح
استبياف لمستخدمي أحد المرافؽ العمومية التابعة ليا حوؿ سيره أو طرؽ تصرفو بغرض تحسيف الخدمات
وتشريؾ المواطنيف عمى أف يتـ نشر نتائج االستبياف بعد دراستيا بكؿ الطرؽ المتاحة.1
وفي إطار ضماف حؽ األفراد في النفاذ إلى المعمومة واالطالع عمى نشاط المرفؽ العمومي المحمي،
تـ تنظيـ قانوف أساسي عدد 55لسنة ،5101المتعمؽ بالحؽ في النفاذ إلى المعمومة لتعزيز مبدأي
الشفافية والمساءلة في تصرفات المرافؽ العمومية بغية تحسيف جودة أدائيا ودعـ مشاركة العموـ في
وضع السياسات العامة ،2وفي ىذا االطار تـ إحداث ىيئة النفاذ إلى المعمومة مستقمة تتولى ذلؾ.
الفصميف 21و 23مف القانوف األساسي عدد 54سنة 5103مؤرخ في 4ماي 5103المتعمؽ بمجمة الجماعات المحمية. 1
2أنظر الفصؿ األوؿ مف القانوف األساسي عدد 55لسنة 5101مؤرخ في 52مارس 5101يتعمؽ بالحؽ النفاذ إلى المعمومة ،الرائد
الرسمي لمجميورية التونسية عدد 51مؤرخ في 54مارس .5101
877
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
الخاتمة:
بعد استعراض أىـ المبادئ األساسية لتسيير المرفؽ العمومي المحمي في الجزائر وتونس التي تـ
التطرؽ ليا في الدستور والقوانيف ذات الصمة بالدولتيف ،كوف أف موقع المرافؽ العامة متجذرة في سائر
مناحي الحياة منيا السياسية واالقتصادية واالجتماعية ...فقد منح المرفؽ نحو "إدارة إدارية" إلى "إدارة
المواطنة" وذلؾ بإعادة النظر في عالقة المرفؽ العمومي المحمي ومستخدميو اليدؼ مف ذلؾ تسييؿ
التواصؿ واالنفتاح وادماج المواطف كشريؾ فاعؿ في عممية صنع الق اررات المحمية لالرتقاء بجودة
الخدمات واشباع الحاجيات العامة.
فيمكف أف تظير سمات التقارب في المبادئ األساسية لممرفؽ العمومي المحمي في الجزائر وتونس مف
خالؿ تشابو في التنظيـ السياسي واإلداري بيما ،مما يضع فكرة المرفؽ العاـ أماـ مظاىر التحوالت
الجديدة منيا مفيوـ الحكامة واالنتقاؿ مف الديمقراطية التمثيمية إلى الديمقراطية التشاركية ،لكف التبايف
الحاصؿ بيف الدولتيف ىو التنظيـ القانوني ليذه المبادئ الالمعة بصورة غير كافية يطفئ بريقيا.
قائمة المصادر والمراجع
أوال 5النصوص القانونية
-االمر رقـ ،42 -21مؤرخ في 55نوفمبر ،0421يتضمف إصدار دستور الجميورية الجزائرية
الديمقراطية الشعبية ،الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد 42الصادر في 52نوفمبر .0421
-دستػور الج ازئػر لسنػة ،0441الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد 21مؤرخة في 13
ديسمبر 0441المعػدؿ بالقانػ ػػوف رقـ 19-15المػؤرخ فػػي 01أفريػػؿ 5115جريدة رسمية لمجميورية
الجزائرية عدد 52مؤرخة في 02أفريؿ 5115والقانوف 04-13المؤرخ في 02نوفمبر 5113جريدة
رسمية لمجميورية الجزائرية عدد 19مؤرخة في 01نوفمبر ،5113المعدؿ بالقانوف رقـ 10-01المؤرخ
في 11مارس ،5101جريدة رسمية لمجميورية الجزائرية عدد 02مؤرخة في 12مارس .5101
-الدستور التونسي لسنة 5102
-األمر رقـ 23 -22المؤرخ في 51سبتمبر سنة 0422المتضمف القانوف المدني المعدؿ والمتمـ
بمقتضى األمري ػػف رقـ 035 -12ورقػ ػ ػ ػ ػػـ 29 -21المؤرخيف في 01جويمية سنة 0412و 50جويمية
سنة .0421
-القانوف عدد 52لسنة 0411مؤرخ في 91أفريؿ 0411يتعمؽ بإصدار مجمة الشغؿ.
-القانوف عدد 005لسنة 0439المؤرخ في 05ديسمبر 0439المتعمؽ بضبط النظاـ األساسي العاـ
ألعواف الدولة والجماعات العمومية المحمية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية.
877
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
-األمر عدد 5029لسنة 0445المؤرخ في 01ديسمبر 0445يتعمؽ بإحداث خطة الموفؽ اإلداري.
-القانوف رقـ 15-41المؤرخ في 11فبراير 0441المتعمؽ بالوقاية مف النزاعات الجماعية في العمؿ
وتسويتيا وممارسة حؽ اإلضراب ،الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية ،عدد 11المؤرخ في 12فبراير
.0441
-األمر رقـ 19 -11المؤرخ في 02جويمية 5111يتضمف القانوف األساسي العاـ لموظيفة العمومية.
-المرسوـ الرئاسي رقـ ،03 -34المؤرخ في 53فيفري ،0434المتعمؽ بنشر نص تعديؿ الدستور،
الموافؽ عميو في استفتاء 59فيفري ،0434الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية ،عدد 14الصادر في
10مارس .0434
-القانوف رقـ 12-05مؤرخ في 50فيفري سنة ،5105يتعمؽ بالوالية ،الجريدة الرسمية لمجميورية
الجزائرية عدد 05الصادر في 54فيفري .5105
-المرسوـ الرئاسي رقـ 522-02المؤرخ في 01سبتمبر سنة 5102المتضمف تنظيـ الصفقات
العمومية وتفويضات المرفؽ العاـ ،الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية العدد 21مؤرخ في 51سبتمبر
.5102
-القانوف األساسي عدد 55لسنة 5101مؤرخ في 52مارس 5101يتعمؽ بالحؽ النفاذ إلى المعمومة،
الرائد الرسمي لمجميورية التونسية عدد 51مؤرخ في 54مارس .5101
-القانوف األساسي عدد 54لسنة 5103المتعمؽ بالجماعات المحمية المؤرخ في 4ماي ،5103الرائد
الرسمي لمجميورية التونسية عدد 94مؤرخ في 02ماي .5103
-المرسوـ الرئاسي رقـ 225-51المتعمؽ بالتعديؿ الدستوري ،الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية
العدد 35الصادر بتاريخ 91ديسمبر .5151
ثانيا 5الكتب
-البشير السعيد ،مقاربة استشرافية لحقوؽ االنساف والحريات األساسية في تونس ،طبعة جديدة محينة،
دار أرشيؼ االسالـ ،تونس.5114 ،
-شاكر الساحمي ،نزاعات الشغؿ الجماعية وطرؽ تسويتيا في قانوف الشغؿ التونسي ،سمسمة كراسات
قانوف الشغؿ والعالقات المينية ،تونس ،بدوف سنة.
-صالح الديف الشريؼ وماىر كموف ،قانوف الوظيفة العمومية ،الطبعة الثانية المحينة ،مركز البحوث
والدراسات اإلدارية.5119 ،
877
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
-عبد المطيؼ قطيش ،النظرية العامة لممؤسسات العامة في الفقو واالجتياد ،الطبعة األولى ،منشورات
الحمبي الحقوقية.5109 ،
-عمى كحموف ،قانوف التأمينات واستخالص الديوف الخاصة والعامة ،الطبعة األولى ،منشورات مجمع
األطرش لمكتاب المختص ،تونس.5100 ،
-محمد اليادي عبد اهلل ،نزاعات الشغؿ والضماف االجتماعي تشريعا وفقيا وقضاء ،طبعة ،0دار
اسيامات في أدبيات المؤسسة ،تونس.5114 ،
-ىياـ مروة ،القانوف اإلداري الخاص ( المرافؽ العامة الكبرى وطرؽ إدارتيا – االستمالؾ األشغاؿ
العامة – التنظيـ المدني) ،الطبعة األولى ،المؤسسة الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع ،الجزائر.5119 ،
ثالثا 5المقاالت
-السعيد سميماني ،التسوية الودية لنزاعات تفويض المرفؽ العمومي المحمي ،مجمة أبحاث قانونية
وسياسية ،جامعة جيجؿ ،الجزائر ،المجمد ،1العدد .5150 ،0
-سميماف حاج عزاـ ،دور المبادئ العاـ لممرفؽ العاـ المفوض في حماية حقوؽ المنتفعيف ،مجمة الحقوؽ
والحريات ،جامعة بسكرة ،الجزائر ،العدد.5103 ،1
-محمد الزيف ميالس ،النظاـ القانوني لممرفؽ العاـ ،مجمة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية،
المركز الجامعي تيبازة ،المجمد ،2العدد .5150 ،5
-مصطفى العياشي ،نظاـ المناوبة لضماف سير المرفؽ العاـ في المؤسسات الصحية ،مجمة معالـ
لمدراسات القانونية والسياسية ،المركز الجامعي تندوؼ ،الجزائر ،العدد ،2جواف .5103
رابعا 5أشغاؿ الممتقيات
-خالد تمعيش ،المرفؽ العاـ في الجزائر والتحوالت الجديدة في دور الدولة 5أزمة الخدمة في ظؿ تحديات
الحوكمة ،الممتقى الدولي حوؿ " 5المرفؽ العمومي في الجزائر ورىاناتو كأداة لخدمة المواطف – دراسة
قانونية وعممية " ،جامعة الجياللي بونعامة خميس مميانة ،الجزائر ،يومي 02و 09ماي ،5102
ص.022
-دليمة جاليمة ،المبادئ األساسية التي تحكـ المرفؽ العاـ ،الممتقى الدولي حوؿ 5المرفؽ العمومي في
الجزائر ورىاناتو كأداة لخدمة المواطف – دراسة قانونية وعممية ،جامعة الجياللي بونعامة خميس مميانة،
الجزائر ،يومي 02و 09ماي .5102
خامسا 5المواقع االلكترونية
877
ردمد إلكتروني1669-9747 : ردمد ورقي 1799 - 7799 :المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية
ص.ص. 849-981 : العدد :االول المجلد :السادس السنة1411 :
-منظمة اإلنتوساي ،INTOSAIالمعايير الدولية لألجيزة العميا لمرقابة المالية والمحاسبة (،)ISSAI
،ttp://www.intosai.orgkتاريخ التصفح 51جواف .5150
سادسا 5مراجع أجنبية
-
Lombard (M) Gilles (D), Droit administratif, 6 e édition, Dalloz, 2005.
- Fatma ELLAFI, «Mutabilité et Démocratie» ,Démocratie et Administration,
1
Actes du colloque organisé à Tunis les 10 et 11 octobre 2011, Collection Forum
des juristes Nº15, Editions Latrach, Tunis 2014.
872