Professional Documents
Culture Documents
Al Nafs
Al Nafs
Al Nafs
أول ًا :المعنى اللغوي .ثانيًا :المعنى الاصطلاحي مفهوم النفس ❖
أحدها :القلب .الثاني :الجنس والنوع .الثالث :الإنسان .الرابع :الروح النفس في الاستعمال القرآني ❖
الروح; الروح لغة .الروح اصطلاح ًا .الصلة بين النفس والروح الألفاظ ذات الصلة ❖
الجسد; الجسد لغة .الجسد اصطلاح ًا .الصلة بين الجسد والنفس
أول ًا :الخلق من نفس واحدة .ثانيًا :بيان طر يق الهداية والضلال .ثالثًا: خلق النفس وهدايتها ❖
إحاطة علم الله بما في النفس
أول ًا :النفس الأمارة بالسوء .ثانيًا :النفس اللوامة حالات النفس ❖
ثالثًا :النفس المطمئنة
أول ًا :تكليف النفس بقدر وسعها .ثانيًا :تحمل النفس لمسؤولية أعمالها خير ًا مسؤولية النفس ❖
أو شر ًا
أول ًا :الشح .ثانيًا :الوسوسة .ثالثًًا :التسو يل .رابع ًا :الخيانة .خامسًا: من أمراض النفس الإنسانية ❖
المخادعة .سادسًا :اتباع الهوى .سابع ًا :نسيان النفس من الأمر والنهي
أول ًا :حفظ النفس:النهي عن قتله .النهي عن ظلمها .حفظها من حفظ النفس وبذلها ❖
الشبهات والشهوات
ثانيًا :بذل النفس:بذلها ابتغاء مرضاة الله تعالى .إزهاق النفس في
مساخط الله تعالى
أول ًا :المحاسبة والمجازاة على الأعمال .ثانيًا :الشهادة على النفس .ثالثًا: النفس يوم القيامة ❖
المجادلة عن النفس .رابع ًا :التوفية بجزاء الأعمال .خامسًا :مصيرها
مفهوم النفس
أول ًا :المعنى اللغوي:
مقاييس اللغة — ابن فارس ( ٣٩٥هـ)
كي َْف ك َانَ ،م ِنْ ر ٍِيح َأ ْو غَيْر ِه َا،
ِيم َ ُوج َ
الن ّس ِ حدٌ يَد ُ ُ ّ
ل عَلَى خُر ِ ل و َا ِ الن ّونُ و َالْف َاء ُ و َال ّ
سِينُ َأ صْ ٌ َس) ُ (نَف َ
وِإَ لَيْه ِ يَرْجِ ُع ف ُر ُوع ُه ُ .مِن ْه ُ
ْف.
ن الْجَو ِ
ِيم م ِ َ ج َ
الن ّس ِ الت ّن َُ ّف ُ
س :خُر ُو ُ ● َ
ج بِه ِ ل شَيْء ٍ يُف ََر ّ ُ َس :ك ُ ُ ّ ِيم ر َ ْوح ًا وَر َاح َة ً .و ََالن ّف ُالن ّس ُِوج َ
ن فِي خُر ِ ك َأ َ ّ
الل ّه ُ كُر ْبَت َه ُ ،وَذَل ِ َ
س َ ● و َن َ ّف َ
حن» " يَعْنِي َأ َ ّنهَا ر َ ْو ٌ س َ
الر ّحْم َ ِ ِيث« " :ل َا تَس ُُب ّوا الر ِّيح َ فِإ َ َ ّنهَا م ِنْ نَف َ ِ ُوب .و َفِي الْحَد ِ ع َنْ مَك ْر ٍ
ل الْيم َ َ ِ
ن» " ،ي ُر َاد ُ َس ر َبِّك ُ ْم م ِنْ ق ِب َ ِ ن ال ْمَك ْر ُوبِينَ .وَج َاء َ فِي ذِكْر ِ الَْأ نْصَارَِ« " :أ ِ
جد ُ نَف َ س بِه ِ ع َ ِ
يُتَن َ ّف ُ
ن ال ْمُْؤم ِنِينَ بِم َ َك ّة َ. ن ال َ ّذِي َ
ن ك َانُوا يُْؤذ َ ْونَ م ِ َ ِس ع َ ِ َأ َ ّ
ن ب ِالَْأ نْصَارِ ن ُ ّف َ
ْس
َس .وََأ صَاب َْت فُلَان ًا نَف ٌ
ل لِلْع َيْنِ نَف ٌ
● و َيُق َا ُ
اِئض
ن فَقَد َ ن َ ْفسَه ُ .و َالْح َ ُ ك َأ َن ّه ُ ِإ ذ َا فُقِد َ ال َد ّم ُ م ِنْ بَد َ ِ
ن ا ْلِإ نْس َا ِ ْس :ال َد ّم ُ ،و َه ُو َ صَ ح ِيحٌ ،وَذَل ِ َ
● و ََالن ّف ُ
ُوج دَمِهَا. تُس َ َمّى ُ
الن ّفَسَاء َ لِ خُر ِ
مفردات ألفاظ القرآن — الراغب الأصفهاني ( ٥٠٢هـ)
ن َ
الل ّه َ خرِجُوا َأ نْفُسَكُم ُ﴾ [الأنعام ]93 :قال﴿ :و َاع ْلَم ُوا َأ َ ّح في قوله تعالىَ﴿ :أ ْ ● َال ّنْف ُسُ :
الر ّو ُ
سك ُ ْم فَاحْذَر ُوه ُ﴾ [البقرة ، ]235 :وقوله﴿ :تَعْلَم ُ ما فِي ن َ ْفس ِي و َلا َأ ع ْلَم ُ ما فِي
يَعْلَم ُ ما فِي َأ نْف ُ ِ
ك﴾ [المائدة ، ]116 :
س َ
ن َ ْف ِ
ل
ص َ ● وقوله﴿ :و َيُح َ ّذِر ُكُم ُ َ
الل ّه ُ ن َ ْفسَه ُ﴾ [آل عمران ]30 :فَن َ ْفس ُه ُ :ذ َاتُه ُ ،وهذا -وإن كان قد َ
ح َ
ومضاف إليه يقتضي المغايرة َ ،وإثباتَ شيئين من حيث العبارة ُ-
ٌ مضاف
ٌ ْظ حي ْثُ َ
الل ّف ُ من َ
ل وجه ٍ .وقال بعض الناس :إن فلا شيء َ من حيث المعنى سِوَاه ُ تعالى عن الاث ْنَوِ َي ّة من ك ّ ِ
س إليه تعالى إضافة ُ المل ِْك ،و يعني بنفسه نُف ُوسَنا الَأ َمّارَة َ بال ُ ّ
سوء ،وأضاف إليه على إضاف َة َ َ
الن ّ ْف ِ
سبيل المل ِْك.
ل ،وال ُ ّلح ُو ِ
ق بهم من غير ِإ دْخال ضَر َ ٍر على غير ِه .قال س للتشبه بالأفاض ِ مجَاهَدَة ُ َ
الن ّ ْف ِ ● والمُنَافَسَة ُُ :
س ال ْمُتَنافِس ُونَ﴾ [المطففين ]26 :وهذا كقوله﴿ :سابِق ُوا ِإ لى
ك فَل ْيَتَناف َ ِ
تعالى﴿ :و َفِي ذل ِ َ
مَغْف ِرَة ٍ م ِنْ ر َبِّكُمْ﴾ [الحديد ]21 :
س ،وبانْقِطَاعِه ِ ج في البدن من الف َ ِم والمنِْخَر ،وهو كالغ ِذاء َ
للن ّ ْف ِ ل والخار ُ
َس :الر ِّيح ُ الداخ ُ ● َ
الن ّف ُ
بُطْلانُها
ن» »وقوله عليه ل الْيم َ َ َِس ر َبِّك ُ ْم م ِنْ ق ِب َ ِ
جد ُ نَف َ َس ،ومنه ما رُوِيَ ِ« :إ ن ِ ّي لََأ ِ ● و يقال للف َر َِج :نَف ٌ
( )١
ج بها الكَر ْبُ .يقال: ن» أيَ :مم ّا يُف ََر ّ ُ س َ
الر ّحْم َ ِ الصلاة والسلام« :ل َا تَس ُُب ّوا الر ِّيح َ فِإ َ َ ّنهَا م ِنْ نَف َ ِ
ت طيِّبة ً، الل ّه ُ َ ّم ن َ ّف ِْس ع َن ِ ّي ،أي :ف َرِّجْ ع َن ِ ّي .وتَن َ ّفس ِ
َت الر ِّيح ُ :إذا ه ََب ّ ْ َ
،وص ََب ّيّ ٌ مَنْف ٌ
()٣
ُوس ،وتَن َُ ّف ُ
س النهار َاس :وِل َادَة ُ المَرَْأ ة ِ ،تقول :هي نُفَسَاء ُ ،وجم ْع ُها نُف ٌ
َاس ● والنِّف ُ
س﴾ [التكوير ]18 :ونَفِسْتُ بِكَذ َا :ض ََن ّ ْ
ت َالصّ ب ِْح ِإ ذا تَن َ ّف َ
توسّ ع ِه .قال تعالى﴿ :و ُ عبارة ٌ عن ُ
ُوس بِه ِ ،ومُنْف ٌِس. ن َ ْفس ِي بِه ِ ،وشَيْء ٌ نَف ٌ
ِيس ،ومَنْف ٌ
قال ابن فارس« :نفس ،النون والفاء والسين أصل واحد يدل على خروج النسيم كيف كان ،من
مقاييس اللغة .٥/٤٦٠ ريح أو غيرها ،وإليه يرجع فروعه»
ولفظ (النفس) في اللغة يطلق ويراد به معان عديدة ،منها:
● (النفس) الروح ،يقال :خرجت نفسه.
س فيذكرونه؛ لأنهم يريدون به الإنسان.
● والنفس الجسد ،و يقولون :ثلاثة أنف ٍ
انظر :مختار الصحاح، ● و(نفس) الشيء عينه يؤكد به ،يقال :رأيت فلان ًا نفسه وجاءني بنفسه.
الرازي ص .٣١٦
● ومن معاني (النفس) أيضًا :العظمة والكبر .و(النفس) :العزة .و(النفس) :الهمة.
وجوهره .انظر :تهذيب اللغة ،الأزهري.١٣/٨ ، و(النفس) :الأنفة .و(النفس) :عين الشيء وكنهه
● والنفس :في كلام العرب يجري على ضربين :أحدهما :خرجت نفسه ،أي :روحه .والثاني:
وحقيقته .انظر :تاج العروس ،الزبيدي .١٦/٥٥٩ معنى النفس فيه جملة الشيء
مع ًا».مرقاة ● الملا علي بأنها « :لطيفة ٌ في الجسد تولدت من ازدواج الروح بالبدن واتصالهما
المفاتيح ،الملا علي القاري .٥/١٩٠١
● المناوي« :هي جوهر مشرق للبدن ،فعند الموت ينقطع ضوؤه من ظاهر البدن
وباطنه».التوقيف على مهمات التعار يف ،المناوي ص .٣٢٧
Concept of Reality
•Pengetahuan (ilmu) didefinisikan sebagai “pengetahuan tentang sesuatu
sebagaimana adanya” (ma’rifat al-syai ‘ala ma hewa bihi). Atau dengan kata lain
ilmu adalah pengetahuan tentang realitas objek yang ditelitinya. Jadi, ilmu harus
berpadanan dengan realitas. Karena itu maka struktur epistemologi harus
berpadanan dengan struktur ontologis.
Dalam pandangan ilmiah Islam, wujud memiliki hierarki dari yang paling tinggi,
yakni wujud metafisik, lalu imajinal ke wujud yang paling rendah yaitu fisik. Nah
karena ilmu harus berpadanan (berkorespondens) dengan realitas wujud, padahal
wujud itu sendiri memiliki hierarki, maka ilmu juga memiliki hierarki yang
sepadan dengan realitas objeknya.
Klasifikasi Ibnu Khaldun
ۡض فِی س َِت ّة ِ َأ َی ّامࣲ ث َُم ّ ٱسۡ ت َو َى عَلَى َ ت و َٱلَۡأ ر ِ ٰ َسمَٰـوّ َ ق ٱل َ ُ ن ر ََب ّكُم
َ َ ٱلل ّه ُ ٱل َ ّذ ِی خ َل ّ َ ﴿ِإ
ٰ
ۭ ِ َٰ ۡس و َٱلۡقَم َر َ و َُٱلن ّجُوم َ مُس ََخّ ر
ت بَِأ ۡمرِه ۤ ِۗۦ َ شم ّ َ ل ٱل َنّهَار َ یَطۡلُب ُه ُۥ حَثِیثࣰا و َٱل
َ ۡ ش یُغۡش ِی َٱل ّیۖ ِ ۡ ٱل ۡعَر
ّ ُ ٱلل ّه ُ ر
]٥٤ َب ٱلۡعَٰـلَمِینَ﴾ [الأعراف َ َ ق و َٱلَۡأ م ۗۡرُ تَبَارَك
ُ ۡ َأ ل َا لَه ُ ٱلۡخَل
الل ّه ِ فِي خ َبَرِه ِ ،فلََه ُ الْخَل ْ ُ
ق وَلَه ُ ن ا ْلُأ ولَىِ -
صدْقُ َ ق و َالَْأ مْرُ﴾ ف ِيه ِ مَسَْأ لَتَا ِ
قَو ْلُه ُ تَع َالَىَ﴿ :أ لا لَه ُ الْخَل ْ ُ
ن ع ُيَي ْن َةَ :ف ََر ّقَ بَيْنَ الْخَل ْ ِ
ق َب .و َهَذ َا الَْأ مْرُ يَقْتَض ِي ال َنّهْ ي َ .قَا َ
ل اب ْ ُ الَْأ مْرُ ،خ َلَقَه ُ ْم وََأ م َرَه ُ ْم بِمَا َأ ح َ ّ
و َالَْأ ْمر ِ ،فمن جمع بينهما فقد كفر.
ق و َه ُو َ قَو ْلُهُ" :كُنْ "ِ ".إ َن ّما َأ مْرُه ُ ِإ ذا َأ راد َ ق ال ْمَخْلُوقُ ،و َالَْأ مْرُ ك َلَام ُه ُ ال َ ّذ ِي ه ُو َ غَي ْر ُ َ
مخ ْلُو ٍ فَالْخَل ْ ُ
ل
ن عَلَى فَسَادِ قَو ْ ِ
ل بَي ّ ِ ٌ
ق و َالَْأ ْمر ِ د َلِي ٌ
ل لَه ُ كُنْ فَيَكُونُ(" )١١و َفِي ت َ ْفرِقَتِه ِ بَيْنَ الْخَل ْ ِ
شي ْئا ً َأ ْن يَق ُو َ
َ
ق ق الْقُر ْآنِِ ،إ ْذ لَو ْ ك َانَ ك َلَام ُه ُ ال َ ّذ ِي ه ُو َ َأ م ٌْر َ
مخ ْلُوقًا لَك َانَ ق َ ْد قَالََ :أ ل َا لَه ُ الْخَل ْ ُ ل بِ خَل ْ ِ
م َنْ قَا َ
الت ّك َُل ّم ِ بِمَا ل َا فَاِئدَة َ ف ِيه ِ.
ن َ ن وَمُسْتَغ ّ ٌ
َث .و ََالل ّه ُ يَتَع َالَى ع َ ِ ج ٌ
ستَه ْ َ ك عِ يّ ٌ م ِ َ
ن الْك َلَا ِم وَم ُ ْ و َالْخَلْقُ .وَذَل ِ َ
ْس ْض( )١٢بَِأ ْمرِه ِ" ".و َال َ ّ
شم َ سب ْح َانَه ُ ".وَم ِنْ آياتِه ِ َأ ْن تَق ُوم َ ال َ ّ
سماء ُ و َالَْأ ر ُ و َيَد ُ ُ ّ
ل عَلَيْه ِ قَو ْلُه ُ ُ
ات قَاِئم َة ٌ بَِأ ْمرِه ِ ،فَلَو ْ ك َانَ سب ْح َانَه ُ َأ َ ّ
ن ال ْمَخْلُوق َ ِ و َالْقَم َر َ و َُالن ّجُوم َ مُس ََخّ ٍ
رات بَِأ ْمرِه ِ( ." )١٣فََأ خْبَر َ ُ
ك
ك الَْأ مْرُ ِإ لَى َأ ْمر ٍ آخَر َ ِإ لَى م َا ل َا نِهَايَة َ لَه ُ .وَذَل ِ َ
مخ ْلُوقًا ل َاف ْتَق َر َ ِإ لَى َأ ْمر ٍ آخَر َ يَق ُوم ُ بِه ِ ،وَذَل ِ َ
الَْأ مْرُ َ
ات بِه ِ .و َيَد ُ ُ ّ
ل ن َأ مْرَه ُ ال َ ّذ ِي ه ُو َ ك َلَام ُه ُ قَدِيم ٌ َأ ز َلِيّ ٌ غَي ْر ُ َ
مخ ْلُوقٍ ،لِي َصِ َحّ ق ِيَام ُ ال ْمَخْلُوق َ ِ محَالٌ .فَثَب َتَ َأ َ ّ
ُ
ْض و َما بَيْنَه ُما ِإ َلّا( )١٤ب ِالْحَقّ ِ" .وََأ خْبَر َ
ماوات و َالَْأ ر َ
ِ سعَلَيْه ِ َأ يْضًا قَو ْلُه ُ تَع َالَى ":و َما خ َلَقْنَا ال َ ّ
َات" :كُنْ " .فَلَو ْ ك َانَ الْح َُقّ َ
مخ ْلُوقًا لَمَا صَ َ ح ّ تَع َالَى َأ َن ّه ُ خ َلَقَهُم َا ب ِالْحَقّ ِ ،يَعْنِي الْقَو ْ َ
ل و َه ُو َ قَو ْلُه ُ لِل ْمَكُون ِ
َت كَل ِمَتُنا ل ِع ِبادِن َا ق ب ِال ْمَخْلُوقِ .يَد ُ ُ ّ
ل عَلَيْه ِ "و َلَق َ ْد سَبَق ْ يخ ْل َ ُ
ق ل َا ُ ات ،لَِأ َ ّ
ن الْخَل ْ َ ق بِه ِ ال ْمَخْلُوق َ ِ
يخ ْل ُ َ
َأ ْن َ
ل َت لَه ُ ْم م َِن ّا الْحُسْنى ُأ ولِئ َ
ك عَنْها مُبْعَد ُونَ( "." )١٥و َلكِنْ ح ََقّ الْقَو ْ ُ ن ال َ ّذِي َ
ن سَبَق ْ ال ْمُرْسَلِينَ"ِ ".إ َ ّ
ل فِي
ك يُوجِبُ الَْأ ز َ َ
ل فِي الْقِد َ ِم( ،)١٧وَذَل ِ َ
ق فِي الْقَو ْ ِ م ِن ِ ّي( ." )١٦و َهَذ َا كُل ّه ُ ِإ شَارَة ٌ ِإ لَى ال َ ّ
سب ْ ِ
َات احْ ت َُجّ وا بِهَا عَلَى مَذْهَبِهِمْ ،مِث ْ َ
ل قَو ْلِه ِ ال ْوُجُودِ .و َهَذِه ِ ُ
الن ّكْت َة ُك َاف ِي َة ٌ فِي َ
الر ّدِّ عَلَيْهِمْ .و َلَه ُ ْم آي ٌ
الل ّه ِ قَد َرا ً
ل قَو ْلِه ِ تَع َالَى ":وَكانَ َأ مْرُ َ
َث" الْآيَة َ .وَمِث ْ َ
محْد ٍ
تَع َالَى" :م َا يَْأ ت ِيه ِ ْم م ِنْ ذِكْرٍ م ِنْ ر َ ّبِه ِ ْم ُ
ل الْق َاض ِي َأ بُو بَكْر ٍ :مَعْن َى" م َا يَْأ ت ِيه ِ ْم م ِنْ
م َ ْقد ُوراً( ." )١٨و َ" مَفْع ُول ًا(" )١٩وَم َا ك َانَ مِثْلَه ُ .قَا َ
يف" ِإ َلّا اسْ تَم َع ُوه ُ و َه ُ ْم يلَْع َب ُونَ" ،لَِأ َ ّ
ن تخْوِ ٍ ن َ
الن ّب ِ ِيّ ﷺ وَوَعْدٍ و َ َ ي م ِنْ وَعْظٍ م ِ َ
ذِكْرٍ(َ" )٢٠أ ْ
الل ّه ُ تَع َالَى ":فَذَك ِّر ْ ِإ َن ّما َأ ن ْتَ
ل َ الل ّه ِ عَلَيْه ِ ْم وَسَلَام ُه ُ و َ َ
تحْذِير َه ُ ْم ذِك ْر ٌ .قَا َ ل صَلَوَاتُ َ
س ِ ْظ ُ
الر ّ ُ وَع َ
الل ّه ِ قَد َرا ً م َ ْقد ُوراً" و "مَفْع ُول ًا"
س الذِّكْر ِ .وَمَعْن َى "وَكانَ َأ مْرُ َ ن فِي َ
مج ْل ِ ِ مُذَك ِّر ٌ( ." )٢١و َيُق َالُ :فُلَا ٌ
ن و َنَصْرَه ُ لِل ْمُْؤم ِنِينَ وَم َا حَكَم َ بِه ِ و َق َ ّدرَه ُ م ِنْ َأ فْع َالِه ِ .وَم ِنْ
ن الْك َافِرِي َ
أراد سبحانه عِق َابَه ُ و َان ْتِق َام َه ُ م ِ َ
ل ع َ َّز وَج َ َ ّ
ل ":و َما َأ مْرُ فِرْعَوْنَ ب ِرَشِيدٍ" يَعْنِي ك قَو ْلُه ُ تَع َالَى ":ح ََت ّى ِإ ذا جاء َ َأ مْرُنا(" )٢٢و َقَا َ
ذَل ِ َ
شاعِرُ: ل ال َ ّ
به شأنه وأفعال وَطَرَاِئق َه ُ .قَا َ
ت ...بَِأ خْ ف َافِه َا م َْرعًى تَب َو َّأ م َضْ َ
جع َا لَهَا َأ مْرُه َا ح ََت ّى ِإ ذ َا م َا تَب َو َّأ ْ
ْس
ْس من الإرادة في شي .و َال ْمُعْتَز ِلَة ُ تَق ُولُ :الَْأ مْرُ نَف ُ ن الَْأ مْرَ لَي َ الث ّانيِ َة ُ -وِإَ ذ َا تَق ََر ّر َ هَذ َا فَاع ْل َ ْم َأ َ ّ
َ
ِيح ،بَلْ يَْأ م ُرُ بِمَا ل َا يُر ِيد ُ و َيَنْهَ ى ع ََم ّا يُر ِيد َُ .أ ل َا ت َر َى َأ َن ّه ُ َأ م َرَ ِإ ب ْر َاه ِيم َ بِذ ْ َِبح صح ٍ ْس ب ِ َ ا ْلِإ ر َادَة ِ .و َلَي َ
ْس وَلَدِه ِ و َل َ ْم يُر ِ ْده ُ مِن ْه ُ ،وََأ م َرَ نَب َِي ّه ُ َأ ْن يُصَل ِ ّي َ م َ َع ُأ َمّتِه ِ خَمْسِينَ صَلَاة ً ،و َل َ ْم يُر ِ ْد مِن ْه ُ ِإ َلّا خَم َ
حي ْثُ يَق ُولُ ":و َي َ ّتخِذ َ مِنْك ُ ْم شُه َداءَ( ." )٢٣و َق َ ْد نَهَ ى ا ْلكُ َ ّفار َ
ات .و َق َ ْد َأ ر َاد َ شَه َادَة َ حَم ْزَة َ َ
صَلَو َ ٍ
ع َنْ قَتْلِه ِ و َل َ ْم يَْأ م ُْره ُ ْم بِه ِ .وهذا صحيح نفيس فبابه ،فَت ََأ َمّل ْه ُ.
كثْرَة ُ و َال ِات ِ ّس َاع ُ.
ن ال ْبَرَكَة ِ و َ ِهي َ ا ْل َ الل ّه ُ ر ُ ّ
َب ال ْعالم َي ِنَ﴾ "تَبارَك َ" تَف َاعَلَ ،م ِ َ قَو ْلُه ُ تَع َالَى﴿ :تَبارَك َ َ
ل الَْأ زْهَر ُِيّ " :تَبارَك َ" تَع َالَى و َتَع َا َظم َ و َارْتَفَعَ.
ن ع َرَف َة َ .و َقَا َ
يقال بورك الشيء وبورك فيه ،قال اب ْ ُ
ن ب ِاسْمِه ِ يُت َبَر ّك ُ و َيُتَي ّ ْمنُ .و َق َ ْد مضى في الفاتحة معنى" ر ُ ّ
َب ال ْعالم َي ِنَ(" )٢٤ و َق ِيلَِ :إ َ ّ
three basic realms: the terrestrial or material, the imaginal or the intermediate, and the
celestial realm. They correspond respectively to the world of clay out of which the
human body is created and where we live, the world of fire where jinn are located, and
the world of light where angels dwell. Above the celestial reigns the Infinite or the
Divine. These realms are never considered in isolation from each other but rather as a
whole.
ۡض وَم َا بَیۡنَهُم َا فِی س َِت ّة ِ َأ َی ّامࣲ ث َُم ّ ٱسۡ ت َو َى عَلَى
ت و َٱ ۡلَأ ر َ ق ٱل َ ّ
سمَٰـوَ ٰ ِ ٱلل ّه ُ ٱل َ ّذ ِی خ َل َ َ
َ
ٰ
ِیع َأ فَلَا تَتَذ َ َك ّر ُونَ ٤ ش م َا لَك ُم مّ ِن د ُونِه ِۦ م ِن و َل ِ ࣲیّ وَل َا شَف ٍ ۚ﴾ٱل ۡعَر ۡ ِ ۖ
ج ِإ لَیۡه ِ فِی یَوۡمࣲ ك َانَ م ِ ۡقد َارُه ُۥ سم َ ۤا ء ِ ِإ لَى ٱ ۡلَأ ۡر ِ
ض ث َُم ّ یَعۡر ُ ُ ن ٱل َ ّ
﴿یُدَب ّ ِر ُ ٱ ۡلَأ مۡرَ م ِ َ
ۤ
ح ِإ لَیۡه ِ فِی یَوۡمࣲ ك َانَ م ِ ۡقد َارُه ُۥ ج ٱل ۡمَل َٰۤـ ِٕىك َة ُ و ُ
َٱلر ّو ُ َأ ل َۡف سَن َة ࣲ م َِّم ّا تَع ُ ُ ّدونَ ٥
تَعۡر ُ ُ
ث ُ َ ّم ۡب و َٱل َش ّهَٰـدَة ِ ٱل ۡعَزِیز ُ َ
ٱلر ّحِیم ُ ٦ ك عَٰـل ِم ُ ٱل ۡغَی ِ
ذَ ٰل ِ َخَمۡسِینَ َأ ل َۡف سَن َة ࣲ ٤
ل نَسۡلَهُۥ م ِن سُلَٰـلَة ࣲ مّ ِن َمّ ۤا ء ࣲ َمّهِین ࣲ ٨
جَع َ َ
س ۡم َع و َٱلَۡأ بۡصَٰـر َ و َٱلَۡأ فۡـِٔد َ ۚة َ قَلِیل ࣰا َمّا
ل لَكُم ُ ٱل َ ّ
جع َ َ خ ف ِیه ِ م ِن ُرّو ِ
حهِۦۖ و َ َ س َو ّىه ُ و َنَف َ َ
ث َُم ّ َ
ٰ
﴾ [السجدة] تَشۡك ُر ُونَ ٩
ل شَیۡء ࣲ و َه ُو َ ُ
یجِیر ُ وَل َا یُجَار ُ عَلَیۡه ِ ِإ ن كُنتُم ۡ تَعۡلَم ُونَ ٨٨ ﴿قُلۡ م َنۢ بیَِدِه ِۦ مَلَكُوتُ ك ُ ّ ِ
سَیَق ُولُونَ ل َِل ّ ۚه ِ قُلۡ فََأ َن ّى ٰ ت ُ ۡسحَر ُونَ ٨٩
﴾ [المؤمنون ]٨٩-٨٨
كن ْتُم ْ تَعْلَم ُونَ﴾ ل شَيْء ٍ وه ْو َ ُ
يجِير ُ ولا يُجار ُ عَلَيْه ِ إ ْن ُ ﴿قُلْ م َن بيَِدِه ِ مَلَكُوتُ ك ُ ّ ِ
﴿سَيَق ُولُونَ ل َِل ّه ِ قُلْ ف َأن ّى ت ُ ْسحَر ُونَ﴾
ق َ ْد ع َرَف ْتَ آنِف ًا نُكْت َة َ تَكْر ِير ِ القَوْلِ.
ف في ك المُقْتَرِنُ ب َِالت ّص َ ُرّ ِ يم .فالمَلَكُوتُ :المل ُ ْ ُ م الم ِ ِ
والمَلَكُوتُ :م ُبالَغ َة ٌ في المل ُ ْكِ ب ِض َ ِ ّ
ل شَيْءٍ) . ك جاء َ بَعْدَه ُ (ك ُ ّ ِ ف الأن ِ
ْواع والع َوال ِ ِم لِذَل ِ َ مخ ْتَل َ ِ
ُ
ن الأذى .وم َصْ دَرُه ُ الإجارَة ُ يجِير ُ) يُغ ِيثُ ويَم ْن َ ُع م َن يَشاء ُ م ِ َ واليَد ُ :الق ُ ْدرَة ُ .ومَعْنى ( ُ
وب عَلى أ ْن لان المجَ ْر ُور َ مَغْل ُ ٌ ْف الِاسْ تِعْلاء ِ أفاد َ أ َ ّ فَي ُف ِيد ُ مَعْنى الغَلَبَة ِ ،وإذا ع ُ ّدِيَ بِ حَر ِ
ل المُجار ُ ب ِأذ ًى ،فَمَعْنى (﴿لا يُجار ُ عَلَيْه ِ﴾) لا يَسْتَط ِي ُع أحَدٌ أ ْن يَم ْن َ َع أحَدًا م ِن
يُنا َ
عِقابِه ِ ،فَيُف ِيد ُ مَعْنى الع َِز ّة ِ الت ّا َمّة ِ.
ل فَيُف ِيد ُ
ل فاع ِ ٍ ل لِق َصْ دِ ان ْتِفاء ِ الفِعْ ِ
ل ع َنْ ك ُ ّ ِ ل (﴿يُجار ُ عَلَيْه ِ﴾) لِل ْم َجْ ه ُو ِ
وبُنِي َ فِعْ ُ
العُم ُوم َ م َ َع الِاخْ ت ِصارِ.
ج إلى تَد َُب ّر ِ الع َ ْق ِ
ل لِإدْراكِه ِ ع ُ ّق ِبَ الِاسْ تِفْهام ُ الل ّه ِ ه َذا َ
خف ًِي ّا َ
يح ْتا ُ ف َ ولَم ّا كانَ تَص َ ُرّ ُ
ل بِمِثْلِه ِ ح ًَث ّا
كن ْتُم ْ تَعْلَم ُونَ﴾ [المؤمنون ]٨٤ :كَما ع ُ ّق ِبَ الِاسْ تِفْهام ُ الأ َ ّو ُبِقَو ْلِه ِ﴿ :إ ْن ُ
لَهم عَلى ع ِل ْمِه ِ والِاه ْت ِداء ِ إلَيْه ِ.
ل عَلى أ َ ّنهم إذا تَد َب ّر ُوا عَل ِم ُوا فَق ِيلَ﴿ :سَيَق ُولُونَ ل َِل ّهِ﴾ [المؤمنون]٨٥ :
ث َُم ّ ع ُ ّق ِبَ بِما يَد ُ ُ ّ
.
وق َرَأ الجم ُْه ُور ُ ﴿سَيَق ُولُونَ ل َِل ّهِ﴾ [المؤمنون ]٨٥ :بِلا ِم الجَرِ ّ داخِلَة ً عَلى اس ْ ِم الجَلالَة ِ
ك في نَظ ِيرِه ِ السّابِقِ.
ن لا ٍم وق َ ْد عَلِم ْتَ ذَل ِ َ
ل سال ِفِه ِ .وق َرَأه ُ أبُو عَمْرٍو و يَعْق ُوبُ بِد ُو ِ
مِث ْ ِ
ل يا (وأن ّى) يَج ُوز ُ أ ْن تَكُونَ بِمَعْنى (م ِن أيْنَ) كَما تَق َ َ ّدم َ في سُورَة ِ آ ِ
ل ِعم ْرانَ ﴿قا َ
سِحْ ر ُ مُسْت َعار ٌ ك ه َذا﴾ [آل عمران . ]٣٧ :والِاسْ تِفْهام ُ تَعْجِيبِيٌّ .وال ّ م َْر ي َم ُ أن ّى ل َ ِ
ل شُع ُور ُكم ن اخْ ت َ َ ّ ْس ب ِواق ٍ
ِع واقِع ًا .والمَعْنى :فم َ ِن أي ْ َ ل ما لَي َ ِ
جامِع تَخ َُي ّ ِ ل بِ
لِتَرْو ِِيج الباطِ ِ
جع َلُوهم سِحْ رِ :تَرْوِيج ُ أي َِم ّة ِ الكُ ْفرِ عَلَيْهِم ُ الباطِ َ
ل حَت ّى َ ج عَلَيْكُم ُ الباطِلُ .فالمُراد ُ ب ِال ّ
ف َرا َ
سحُورِينَ.
كالم َ ْ
ل شَیۡء ࣲ و َه ُو َ ُ
یجِیر ُ وَل َا یُجَار ُ عَلَیۡه ِ ِإ ن كُنتُم ۡ تَعۡلَم ُونَ ٨٨ قُلۡ م َنۢ بیَِدِه ِۦ مَلَكُوتُ ك ُ ّ ِ
[المؤمنون]
ل شَيْءٍ﴾ ف ِيه ِ وجْ هانِ: قَو ْلُهُ﴿ :مَلَكُوتُ ك ُ ّ ِ
ل شَيْءٍ ،قالَه ُ ُ
مجاهِدٌ. ن ك ُ ِّ
أحَد ُهُما :خ َزاِئ ُ
ل شَيْءٍ ،قالَه ُ َ
الضّ ح ّاك ُ. ك ك ُ ِّ
الث ّانِي :مُل ْ ُ
ُوت. ُوت َ
والر ّه َب ِ ِفات المُبالَغَة ِكالجَب َر ِ
والمَلَكُوتُ م ِن ص ِ
Tafsir Ruh al-Ma’ani
الل ّه ُ
ي م َنْ َأ ر َاد َ َ ن م َنْ َأ خ َاف َه ُ .ث َُم ّ ق ِيلَ :هَذ َا فِي ال ُد ّن ْيَاَ ،أ ْ ي ل َا يَُؤ َمّ ُ"و َلا يُجار ُ عَلَيْه ِ" َأ ْ
خو ْف َه ُ ل َ ْم يَم ْنَعْه ُ مِن ْه ُ م َان ِعٌ ،وَم َنْ َأ ر َاد َ نَصْرَه ُ وََأ مْن َه ُ ل َ ْم يَدْفَعْه ُ م ِنْ نَصْرِه ِ
ِإ ه ْلَاك َه ُ و َ َ
اب م َان ِ ٌع وَل َا ي ل َا يَم ْن َع ُه ُ م ِنْ مُسْتَحِقّ ِ َ
الث ّو َ ِ خرَة َِ ،أ ْ
وََأ مْنِه ِ د َاف ِعٌ .و َق ِيلَ :هَذ َا فِي الْآ ِ
َاب د َاف ِعٌ.
ِب الْعَذ ِ
يَدْف َع ُه ُ ع َنْ مُسْتَوْج ِ
Human Soul
يرات في بَحرِ َ
الر ّد َى ن الخ َ ِ م َرضى ع َ ِ
هج َأ قو َ ِم ٍ
غ َرقَى فَلا َ د َاع لِن َ ٍ
ل رَذِيلَة ٍ م َذم ُومَة ٍ
شُغِف ُوا بِك ُ ّ ِ
صَر َف َت وُجُوههم ل ِو َجه ِ الد ِّرهَمش
ن المَقصُودِ لم يَستَيقِظ ُوا
ن َام ُوا ع َ ِ
طب أعظَ ِم
سَتَكُونُ يَقظَتُه ُم لِ خ َ ٍ
Alkindi
Al-Farabi
Ibnu Sina
Syi’ah Ismailiyyah
Al-Nasafi
Al-Sijistani
Al-Kirmani
Suhrawardi
Ibn Arabi
Al-Ghozali
Selanjutnya, sebagai binatang yang berpikir, manusia secara individu terbagi
menjadi tiga macam; jiwa, ruh, dan badan. Badan tersusun dari materi-materi dan
unsur-unsur yang terdiri dari ruh dan jiwa. Ia adalah wujud yang berdiri tegak,
memiliki wajah, dua tangan, dua kaki, dan kemampuan berpikir. Ruh merupakan
sesuatu yang mengalir dalam otot-otot yang menancap dan di dalam urat.
Sedangkan jiwa adalah substansi yang berdiri sendiri; tidak berada di suatu tempat
dan tidak hinggap pada apa pun.
) مرة٢٩٥( يخص موضوع البحث منها،) مرة٢٩٨( وردت مادة (نفس) في القرآن الكريم
: هي،والصيغ التي وردت.
:.]٤٤٩-٤٥٠ ص، الدامغاني،وجاءت النفس في القرآن على أربعة أوجه [الوجوه والنظائر
● أحدها :القلب :ومنه قوله تعالىِ:إ ۡن ِهی َ ِإ َلّ ۤا َأ سۡم َ ۤا ء ࣱ س ََم ّی ۡتُم ُوه َ ۤا َأ نتُم ۡ و َءَاب َ ۤا ُؤكُم َمّ ۤا
الروح:
الروح لغة:
● قال ابن فارس( :روح) الراء والواو والحاء أصل كبير مطرد ،يدل على سعة وفسحة
واطراد .وأصل ذلك كله الريح .وأصل الياء في الريح الواو ،وإنما قلبت ياء لكسرة ما قبلها.
فالروح روح الإنسان ،وإنما هو مشتق من الريح ،وكذلك الباب كله .والروح :نسيم الريح.
و يقال أراح الإنسان ،إذا تنفس.10
الجسد:
الجسد لغة:
قال ابن فارس(« :جسد) الجيم والسين والدال يدل على تجمع الشيء أيضا واشتداده .من ذلك
جسد الإنسان» ،17والجسد :البدن .تقول منه :تجسد ،كما تقول من الجسم :تجسم .والجسد أيضًا:
الزعفران أو نحوه من الصبغ ،وهو الدم أيضًا.18
قال ابن جبرين« :فما دامت الروح في الجسد فإنها تسمى نفسًا وتسمى روح ًا ،فإذا خرجت الروح
من الجسد فإنها لا تسمى نفسًا غالبًا ،وإن كانت قد تسمى بذلك في مثل قول الله تعالى في سورة
ح ِإ لَیۡه ِ شَیۡء ࣱ ل ُأ و ِ
حی َ ِإ ل َیّ و َل َ ۡم یُو َ ٱلل ّه ِ كَذِب ًا َأ ۡو قَا ََى عَلَى َ ن ٱف ۡتَرالأنعام﴿ :وَم َنۡ َأ ظۡ لَم ُ م َِم ّ ِ
ٰ
ۡت
ت ٱل ۡمَو ِ ظٰـل ِم ُونَ فِی غ َم َر َٰ ِ ٱلل ّ ۗه ُ و َلَو ۡ ت َر َۤى ِإ ذِ ٱل َ ّ
َ ل م َ ۤا َأ نز َ َ
ل ل مِث ۡ َ سُأ نز ِ ُ
ل َ وَم َن قَا َ
ٰ
ن بِمَا كُنتُم ۡ تَق ُولُونَ تج ۡز َ ۡونَ عَذ َابَ ٱل ۡه ُو ِ خرِج ُۤوا ۟ َأ نفُسَك ُ ۖم ُ ٱل ۡیَوۡم َ ُ سط ُۤوا ۟ َأ یۡدِیه ِ ۡم َأ ۡ و َٱل ۡمَل َٰۤـ ِٕىك َة ُ ب َا ِ
تَسۡتَكۡب ِر ُونَ﴾ [الأنعام.]٩٣: ٱلل ّه ِ غَیۡر َ ٱلۡحَقّ ِ وَكُنتُم ۡ ع َنۡ ءَایَٰـتِه ِۦ
عَلَى َ
﴿ٱلل ّه ُ
َ يعني :أخرجوا أرواحكم ،فإذا خرجت فإنها تقبضها الملائكة وتكفنها ،وكذلك قوله تعالى:
جاء ذكر النفس في حق الله تعالى في مواضع عدة من القرآن الكريم ،منها :قوله تعالىَ ﴿ :لّا ی َ ّتخِذِ
ٱلل ّه ِ فِی
ن َ ۡس م ِ َ
ك فَلَی َ
نَ وَم َن ی َ ۡفع َلۡ ذَ ٰل ِ َ ن َأ وۡلِی َ ۤا ء َ م ِن د ُو ِ
ن ٱل ۡمُؤۡم ِنِی ۖ ٱل ۡمُؤۡم ِن ُونَ ٱ ۡلكَٰـفِرِی َ
ٱلل ّه ِ ٱل ۡم َصِ یر ُ﴾ [آل عمران.]٢٨: ٍ
شَیۡء ِإ َلّ ۤا َأ ن تَت ّق ُوا ۟ مِنۡه ُ ۡم تُق َىٰة ࣰۗ و َیُح َ ّذِر ُكُم ُ َ
ٱلل ّه ُ ن َ ۡفسَهُۥۗ وِإَ لَى َ
لِن َ ۡفس ِی﴾ [طه.]٤١: ك
وقوله تعالى﴿:و َٱصۡ طَنَعۡت ُ َ
ن یُؤۡم ِن ُونَ بِـَٔایَٰـتِنَا فَق ُلۡ سَلَٰـمٌ عَلَیۡك ُ ۡ ۖم كَت َبَ ر َُب ّك ُ ۡم عَلَىج ۤا ءَك َ ٱل َ ّذ ِی َ
وقوله تعالى﴿:وِإَ ذ َا َ
ٰ
ح فََأ َن ّه ُۥ
ل م ِنك ُ ۡم س ُۤوء َا بِ جَهَٰـلَة ࣲ ث َُم ّ ت َابَ م ِنۢ بَعۡدِه ِۦ وََأ صۡ ل َ َ ٱلر ّحۡم َة َ َأ َن ّه ُۥ م َنۡ عَم ِ َ
سه ِ َ
ن َ ۡف ِ
ۢ
غَف ُور ࣱ َرّحِیم ࣱ﴾ [الأنعام.]٥٤:
حديث أبي ذ ٍر رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله عز وجل أنه قال:
(يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي).24
حديث عائشة رضي الله عنها ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( :وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء ً
عليك أنت كما أثنيت على نفسك) .25
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم( :يقول الله تعالى( :أنا عند ظن
عبدي بي ،وأنا معه إذا ذكرني ،فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) .26
ونقل ابن بطال الإجماع على أن نفس الله ذاته ،حيث قال« :وما ذكر في الأحاديث من ذكر النفس
فالمراد به إثبات نفس لله ،والنفس لفظة تحتمل معانٍ ،والمراد بنفسه تعالى ذاته ،فنفسه ليس بأمر
يزيد عليه ،فوجب أن تكون نفسه هي هو ،وهذا إجماع».27
أقوال العلماء في النفس :اختلف أهل العلم في النفس المثبتة لله تعالى:
أبو حنيفة النعمان بن ثابت الذي قال في الفقه الأكبر تحت عنوان« :القول في الصفات»:
«وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن ،فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه
واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف ،ولا يقال :إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطال الصفة
وهو قول أهل القدر والاعتزال ،ولكن يده صفته بلا كيف ،وغضبه ورضاه صفتان من صفات
الله تعالى بلا كيف » .28
واستدل ابن عادل على جواز تسمية ذات الله بالنفس خلال تفسيره للآية( :كتب ربكم على نفسه
الرحمة) حيث قال «:دلت هذه الآية على جواز تسمية ذات الله سبحانه وتعالى بالنفس ،أيضًا قوله
س َٱتّ خِذ ُونِی وَُأ ِم ّی َ ِإ لَٰـه َیۡنِ م ِن
ن م َۡر ی َم َ ءَأَ نتَ قلُ ۡتَ ل ِ َلن ّا ِ
ٱلل ّه ُ یَٰـع ِیس َى ٱب ۡ َ
ل َ تعالى﴿ :وِإَ ۡذ قَا َ
ۡس ل ِی بِ ح ّ ٍ َۚق ِإ ن كُنتُ قلُ ۡت ُه ُۥ فَق َ ۡدل م َا لَی َ ك م َا یَكُونُ ل ِۤی َأ ۡن َأ قُو َ سبۡحَٰـن َ َ ل ُ ٱلل ّ ۖه ِ قَا َ
ن َ د ُو ِ
ُوب﴾ ك ِإ َن ّ َ
ك َأ نتَ عَل ّٰـم ُ ٱل ۡغ ُی ِ عَلِم ۡت َهُۥۚ تَعۡلَم ُ م َا فِی ن َ ۡفس ِی وَل َ ۤا َأ ع ۡلَم ُ م َا فِی ن َ ۡف ِ
س َۚ
[المائدة ]١١٦:يدل عليه ،والنفس هنا بمعنى الذات والحقيقة ،لا بمعنى الجسم والدم؛ لأنه سبحانه
مقدس عنه؛ لأنه لو كان جسم ًا لكان مركبًا ،والمركب ممكن ،وذلك باطلٌ؛ لقوله تعالى:
ٌ وتعالى
ن ٱلَۡأ نۡعَٰـ ِم َأ ۡزوَ ٰج ࣰا
سك ُ ۡم َأ ۡزوَ ٰج ࣰا وَم ِ َ
ل لَك ُم مّ ِنۡ َأ نف ُ ِ
جع َ َ
ض َ
ت و َٱلَۡأ ۡر ِ ۚ ﴿فَاطِر ُ ٱل َ ّ
سمَٰـوَ ٰ ِ
[الشورى.29 »]١١: سمِی ُع ٱل ۡب َصِ یر ُ﴾ ی َ ۡذر َُؤك ُ ۡم ف ِی ۚه ِ لَی َ
ۡس كَمِثۡلِه ِۦ شَی ۖۡء ࣱ و َه ُو َ ٱل َ ّ
خلاف» .30
ٌ قال ابن عاشور « :وفي جواز إطلاق النفس على ذات الله تعالى بدون مشاكلة ٍ
وما نرجحه هو أن النفس هي ذات الله سبحانه وتعالى المتصفة ،دون تشبيه أو تمثيل أو تعطيل.
والمعنى :احذروا أيها الناس ربكم في أن تخالفوا أمره ونهيه ،فيحل بكم عقابه ،ثم بين عز وجل أنه
خلق جميع الناس من شخ ٍ
ص واحدٍ ،يعني :من آدم ،وخلق من النفس الواحدة زوجها؛ أي:
ل واحدٍ وأ ٍم واحدة ٍ ،وأن حق بعضهم على
امرأتها حواء ،فنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رج ٍ
أب واحدٍ وأ ٍم واحدة ٍ،
واجب وجوب حق الأخ على أخيه؛ لاجتماعهم في النسب إلى ٍ
ٌ ض
بع ٍ
وأن بعد التلاقي في النسب إلى آدم مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى؛ ليتناصفوا ،ولا
يتظالموا؛ وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف ،على شرع الله ،ثم أسند الطبري هذا
القول لعدد من التابعين هم :السدي ،وقتادة ،ومجاهد .31
قال ابن كثير « :يقول تعالى آمرًا خلقه بتقواه ،وهي عبادته وحده لا شر يك له ،ومنبهًا لهم على
س واحدة ٍ ،وهي آدم عليه السلام (ﭚ ﭛ ﭜ) وهي حواء ،عليها قدرته التي خلقهم بها من نف ٍ
السلام ،خلقت من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم ٌ ،فاستيقظ فرآها فأعجبته ،فأنس إليها وأنست
إليه».32
وبين القاسمي أن هذا الخلق يعد من قدرة الله الباهرة ،وحقيق بالاعتبار ،حيث قال عن ذلك« :
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) أي :اخشوه أن تخالفوه فيما أمركم به أو نهاكم عنه ،ثم نبههم على اتصافه بكمال القدرة
الباهرة؛ لتأييد الأمر بالتقوى وتأكيد إ يجاب الامتثال به على طر يق الترغيب والترهيب ،بقوله
تعالى ( :الذي خلقكم من نفس واحدة) أي :فرعكم من أصل واحد وهو نفس أبيكم آدم ،وخلقه
تعالى إياهم على هذا النمط البديع مما يدل على القدرة العظيمة» .33
ن ِإ لَیۡهَاۖ فَل َم ّا
سكُ َ
جه َا لِی َ ۡ
ل مِنۡهَا ز َ ۡو َ
جع َ َ وقال تعالى :ه ُو َ ٱل َ ّذ ِی خ َلَقَك ُم مّ ِن َن ّ ۡفسࣲ وَ ٰ ِ
حد َة ࣲ و َ َ
ٱلل ّه َ ر َ َ ّبهُم َا ل ِٕىَ ۡن ءَاتَی ۡتَنَا صَٰـلِح ࣰا
ت بِهِۦۖ فَلَم ّ ۤا َأ ثۡق َلَت َدّع َوَا َ
خف ِیفࣰا فَم ََر ّ ۡ
ت حَم ۡل ًا َ تَغ َ َ ّ
شىٰهَا حَمَل َ ۡ
شٰـكِر ِینَ﴾ [الأعراف.]١٨٩: ن ٱل َ َّل ّنَكُونَنّ م ِ َ
وكذلك في هذه الآية المقصود بالنفس الواحدة هو آدم ،وزوجها هي حواء ،حيث أخرج الطبري
حدَة ٍ ) من آدم » و يعني بقوله( :وجعل منها عن قتادة « قوله( :ه ُو َ الَّذ ِي خ َلَقَك ُ ْم م ِنْ ن َ ْف ٍ
س و َا ِ
زوجها) وجعل من النفس الواحدة وهو آدم زوجها حواء».34
حدَة ٍ) يعني :من آدم( ،وجعل) وخلق منها وقال البغوي «:قوله تعالى( :ه ُو َ الَّذ ِي خ َلَقَك ُ ْم م ِنْ ن َ ْف ٍ
س و َا ِ
زوجها ،يعني :حواء( ،ليسكن إليها) ليأنس بها و يأوي إليها ،فلما تغشاها ،أي :واقعها وجامعها
حملت حمل ًا خفيف ًا ،وهو أن أول ما تحمل المرأة من النطفة يكون خفيف ًا عليها ،فمرت به ،أي:
استمرت به وقامت وقعدت به ولم يثقلها».35
س واحدة ٍ ،ولكنه
معنى الآية :الإنشاء :هو الإحداث والإ يجاد ،ولم يبين هنا كيفية إنشائهم من نف ٍ
بين ذلك في مواضع أخر بأنه خلق من تلك النفس الواحدة التي هي آدم زوجها حواء ،وبث منهما
رجال ًا كثير ًا ونساء ً .36
و َتَقۡو َٰىهَا) أي :فأرشدها إلى فجورها وتقواها ،وبين لها ذلك ،وهداها إلى وقوله( :فََأ ل ۡهَمَه َا فُجُور َه َا
ما قدر لها ،فبين لها الخير والشر.37
وفي ذلك نقل القرطبي أقوال ًا متقاربة لابن عباس وبعض التابعين ،مفادها أن معنى قوله تعالى:
(فََأ ل ۡهَمَه َا) عرفها طر يق الخير وطر يق الشر ،أي :عرفها الطاعة والمعصية ،فإذا أراد الله عز وجل
ألهم عبده المؤمن المتقي الخير فعمل به ،وإذا أراد به السوء ألهم الفاجر فجوره والشر فعمل به ،كما
[البلد.38]١٠:
ٱل ۡبلََد ِ ١ قال:ل َ ۤا ُأ قۡسِم ُ بِهَٰـذ َا
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا ينافي وجود الأعمال التي بها تكون السعادة والشقاوة،
وأن من كان من أهل السعادة فإنه ييسر لعمل أهل السعادة ،ومن كان من أهل الشقاوة فإنه
ييسر لعمل أهل الشقاوة.
ونهى صلى الله عليه وسلم أن يتكل الإنسان على القدر ويدع العمل ،وكل من اتكل على القدر
وترك ما أمر به من الأعمال الواجبة هو من الأخسرين أعمال ًا ،وكان من جملة أهل الشقاوة
الميسرين لعمل أهل الشقاوة؛ لأن أهل السعادة هم الذين يفعلون المأمور و يتركون المحظورة.
ففي صحيح مسلم عن عمران بن الحصين رضي الله عنه ،قال(:إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالا :يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ،و يكدحون فيه ،أشيء ٌ قضي
عليهم ومضى فيهم من قد ٍر قد سبق ،أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم ،وثبتت الحجة عليهم؟
فقال ):لا ،بل شيء ٌ قضي عليهم ومضى فيهم ،وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل:و َن َ ۡفسࣲ وَم َا
).39
٨ س َو ّ ٰىهَا ٧
فََأ ل ۡهَمَه َا فُجُور َه َا و َتَقۡو َٰىهَا َ
س َو ّ ٰىهَا) :خلقها وأنشأها وسوى أعضاءها ،والتنكير للتفخيم،
َ ومعنى سواها في قوله:( :و َن َ ۡفسࣲ وَم َا
و َتَقۡو َٰىهَا) أي :عرفها وأفهمها حالهما وما فيهما من الحسن والقبح ،وقوله و(فََأ ل ۡهَمَه َا فُجُور َه َا
) أي: ح م َن ز َ َكّ ىٰهَا) :هو جواب القسم على الراجح ،وقوله( :و َق َ ۡد خ َابَ م َن د ََسّ ىٰهَا
(ق َ ۡد َأ فۡل َ َ
خسر من أضلها وأغواها ،فأخفاها وأهملها ولم يشهرها بالطاعة والعمل الصالح ،والمراد هنا بالنفس
إما :جميع ما خلق من الجن والإنس ،وقيل :المراد نفس آدم .40
معنى الإلهام في الآية :اختار الزجاج حمل الإلهام على التوفيق والخذلان ،وذلك بتوفيقه إياها
للتقوى ،وخذلانه إياها للفجور ،حيث قال « :علمها طر يق الفجور وطر يق الهدى ،والكلام على أن
ألهمها التقوى وفقها للتقوى ،وألهمها فجورها خذلها » .41
﴾
و َلَو ۡ َأ لۡقَى مَع َاذِیرَه ُۥ ١٥
سه ِۦ بَصِ یرَة ࣱ ١٤
ن عَلَى ن َ ۡف ِ
ل ٱ ۡلِإ نسَٰـ ُ
قال تعالى﴿:ب َ ِ
ٰ ٰ
[القيامة]١٥-١٤:
المعنى :بل للإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه بعمله ،ويشهدون عليه به ،يعني :ولو اعتذر بكل
عذر وجادل عن نفسه ،فإنه لا ينفعه؛ لأنه قد شهد عليه شاهد من نفسه ،وقيل :معناه ولو اعتذر
فعليه من نفسه ما يكذب عذره ،وهذا للإخبار بأن الكافر يعلم ما فعله؛ لأنهم تشهد عليهم ألسنتهم
وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ،إذ هو قرأ كتاب أعماله ،والمقصود بالبصيرة:
حذوف،
ٍ لموصوف م
ٍ كما وأضاف ابن عاشور معنى ً رابع ًا ،وهو قوله« :و يحتمل أن تكون بصيرة ٌ صفة ً
ل تقديره :حجة ٌ بصيرة ٌ ،وتكون بصيرة ٌ مجاز ًا في كونها بينة ً كقوله تعالى﴿ :وَم َا م َنَع َن َ ۤا َأ ن ُن ّرۡ ِ
س َ
ل
س ُ نَ و َءاتَی ۡنَا ثَمُود َ َ
ٱلن ّاق َة َ مُبۡصِرَة ࣰ فَظَلَم ُوا ۟ بِهَاۚ وَم َا نُرۡ ِ َ َ ب ِٱلۡـَٔای َ ِ َ
ٰـت ِإ لّ ۤا َأ ن كَذّبَ بِهَا ٱلَۡأ ّولُو ۚ َ
ٰـت ِإ َلّا َ
تخۡوِ یفࣰا﴾[الإسراء.]٥٩: ب ِٱلۡـَٔای َ ِ
والتأنيث لتأنيث الموصوف ،والمعاذير :اسم جمع معذرة ٍ والمعنى :أن الكافر يعلم يومئذٍ أعماله التي
استحق العقاب عليها ،و يحاول أن يعتذر وهو يعلم أن لا عذر له ،ولو أفصح عن جميع معاذيره
».44
خطۡبَة ِ ٱلنِّسَ ۤا ء ِ َأ ۡو َأ كۡ نَنتُم ۡ ف ِ ۤی ح عَلَیۡك ُ ۡم ف ِیم َا ع َ َّرضۡ تُم بِه ِۦ م ِنۡ ِ قال تعالى﴿ :وَل َا جُنَا َ
ٱلل ّه ُ َأ َن ّك ُ ۡم سَت َ ۡذك ُر ُونَه َُنّ و َلَٰـكِن َلّا تُوَاعِد ُوه َُنّ س ِ ًرّا ِإ َلّ ۤا َأ ن تَق ُولُوا ۟ قَوۡل ࣰا سك ُ ۡ ۚم عَل ِم َ َ
َأ نف ُ ِ
ٱلل ّه َ یَعۡلَم ُ م َا ف ِ ۤی َمّعۡر ُوفࣰاۚ وَل َا تَعۡزِم ُوا ۟ ع ُ ۡقدَة َ ٱلنِّك ِ
َاح ح ََت ّى یَب ۡل ُ َغ ٱ ۡلكِتَٰـبُ َأ جَلَهُۥۚ و َٱع ۡلَم ۤ ُوا ۟ َأ َ ّ
ن َ
ٰ
ٱلل ّه َ غَف ُور ٌ ح َل ِیم ࣱ﴾ [البقرة.]٢٣٥: ن َ سك ُ ۡم ف َٱحۡذَر ُو ۚه ُ و َٱع ۡلَم ۤ ُوا ۟ َأ َ ّ َأ نف ُ ِ
معنى الآية :واعلموا أيها الناس أن الله يعلم ما في أنفسكم من هواهن ،ونكاحهن ،فاحذروا الله واتقوه
في أنفسكم أن تأتوا شيًئا مما نهاكم عنه من عزم عقدة نكاحهن ،واعلموا أن الله ذو سترٍ لذنوب
عباده ،وتغطية ٍ عليها فيما تكنه نفوس الرجال من خطبة المعتدات ،وذكرهم إياهن في حال
عددهن ،أنه ذو أناة ٍ لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم .45
والهاء في قوله (عليه):
و يفيد قوله( :يعلم مافي انفسكم فاحذروه) توعد المصرحين بخطبة النساء على ما يقع في ضمائرهم من
أمور النساء ،وأرشدهم إلى إضمار الخير دون الشر .47
وقال أبو السعود(«:يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) من ذوات الصدور التي من جملتها العزم على ما
نهيتم عنه» .48
وقال القاسمي «:واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم من الميل إليهن قبل الأجل فاحذروه ،واعلموا أن
الله غفور ٌ يغفر ذلك الميل إذ لم يتعد العزم عقدة النكاح ،حليم ٌ لا يعاجل بالعقوبة » .49
هذا إخبار من الله جل جلاله أن له ما في السماوات وما في الأرض ،خلق الجميع ورزقهم ودبرهم
لمصالحهم ،فكانوا بأوامر في هذا الوجود إما ظاهرًا وإما على سبيل الخفية ،فيغفر لمن يأتي بأسباب
المغفرة ،و يعذب من يشاء بذنبه الذي لم يتب منه ،وسبحانه على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.
م) شق ذلك على المسلمين ،وظنوا دخول هذه
سك ُ ۡ
َأ نف ُ ِ ولما نزل قوله تعالى ( :وِإَ ن تُبۡد ُوا ۟ م َا ف ِ ۤی
الخواطر فيه ،فنزلت الآية التي بعدها ،وفيها قوله( :ربنا لا تحملنا مالا طاقه لنا به)[البقرة.]٢٨٦:
فبينت أن ما لا طاقة لهم به فهو غير مؤاخذٍ له ،ولا مكلف به ،50ومرادهم أن هذه الآية أزالت
الإيهام الواقع في النفوس من الآية الأولى ،51وبينت أن المراد بالآية الأولى :العزائم المصمم عليها
.52
ومعنى الآية :وإن تبدوا ما في أنفسكم فتعملوا به أو تخفوه مما أضمرتم ونو يتم ،يحاسبكم به الله ويخبركم
به ،أو يكون ذلك في كتمان الشهادة ،فإن تعلنوا الشهادة أو تخفوها يجاز يكم بها الله ،ثم يغفر
للمؤمنين إظهار ًا لفضله ،و يعذب الكافرين إظهار ًا لعدله ،يدل عليه أنه قال :يحاسبكم به الله ،ولم يقل:
يؤاخذكم به ،والمحاسبة غير المؤاخذة .53
تخْف ُوه ُ) يعني :تسروه ،فلا يطلع عليه وقوله تعالى( :وِإَ ْن تُبْد ُوا) أي :وإن تظهروا ما في قلوبكم ( َأ ْو ُ
أحد ،يطلعكم عليه الله على وجه المحاسبة ،ولا يلزم من المحاسبة العقوبة؛ ولهذا قال( :فَيَغْف ِر ُ لم َِنْ يَش َاء ُ
و َيُع َ ّذِبُ م َنْ يَش َاء ُ) .54
حالات النفس
س ۤوء ِ ِإ َلّا م َا ر َ ِ
حم َ ر َب ِ ّ ۤ ۚی ِإ َ ّ
ن ر َب ِ ّی ۡس لََأ َمّارَة ُۢ ب ِٱل ُ ّ ن َ
ٱلن ّف َ قال تعالى ۞﴿ :وَم َ ۤا ُأ بَرُِّئ ن َ ۡفس ِیۚ ِإ َ ّ
ۤ
غَف ُور ࣱ َرّحِیم ࣱ﴾) [يوسف.]٥٣:
ومقام الوسوسة من العبد مقام النفس الأمارة بالسوء ،فوسوسة العدو في الصدور ،وهو الشيطان
َ
ٱلن ّاسِ﴾[الناس.]٥: صد ُورِ المقصود في قوله تعالى﴿ :ٱل َ ّذ ِی یُو َسۡ و ُ
ِس فِی ُ
وهي التي تذنب وتتوب فعندها خير ٌ وشر ٌ ،لكن إذا فعلت الشر تابت وأنابت فتسمى لوامة ً؛ لأنها
تلوم صاحبها على الذنوب؛ ولأنها تتلوم أي :تتردد بين الخير والشر .56
فهي تلك التي تنورت بنور القلب عن سنة الغفلة ،وكلما صدرت عنها سيئة بحكم جبلتها أخذت تلوم
وتعنف نفسها وتتوب عنها ،وحالت دون التمادي في العصيان ،والتي تلومه كذلك على عدم
الاستكثار في الخير.57
ولا يمكن زكاة النفس وطهارتها إلا بعد محاسبتها ،وقد ربط ابن القيم بين هذين المعنيين حيث قال:
موقوف على محاسبتها ،فلا تزكو ولا تطهر ولا تصلح ألبتة إلا بمحاسبتها،
ٌ «فإن زكاتها وطهارتها
فبمحاسبتها يطلع على عيوبها ونقائصها ،فيمكنه السعي في إصلاحها » .58
ووقت الليل هو أفضل الأوقات لمحاسبة الإنسان لنفسه ،وأكد الماوردي هذا المفهوم وبين سببه
وكيفيته ،حيث قال « :ثم عليه أن يتصفح في ليله ما صدر من أفعال نهاره ،فإن الليل أخطر للخاطر
وأجمع للفكر ،فإن كان محمود ًا أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه ،وإن كان مذموم ًا استدركه إن
أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل » .59
وهي التي تحب الخير والحسنات وتريده ،وتبغض الشر والسيئات وتكره ذلك ،60والتي تعتبر
الحوادث الحياتية خيرها وشرها ابتلاء ومحنة ،وهي تلك النموذج الذي يسعى إليه الإنسان المسلم،
وهي التعبير الصادق عن تلك الحالة التي لا يعرف فيها الفرد أمراض الشبهة والشك والشهوة
والبغي ،وهي النموذج الأكمل للصحة النفسية التي تؤدي إلى الحياة الطيبة في الدنيا وإلى الفوز والنعيم
المقيم في الآخرة .61
الخلاصة :إذا كانت النفس تحت أمر الله تعالى ،وزايلها الاضطراب بسبب معارضة الشهوات
سميت مطمئنة ،وإذا لم يتم سكونها وصارت مدافعة لشهوات النفس أو معترضة عليها سميت لوامة؛
لأنها تلوم صاحبها على تقصيرها في عبادة مولاها ،وإن تركت الاعتراض وأذعنت لمقتضى
الشهوات ودواعي الشيطان سميت أمارة بالسوء.
مسؤولية النفس
و ُسۡ عَهَاۚ) :إلا طاقتها وقدرتها؛ لأن التكليف لا يرد إلا بفع ٍ
ل يقدر عليه المكلف، معنى الآيةِ( :إ َلّا
أي :لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقه ويتيسر عليه دون مدى غاية الطاقة والمجهود ،فلا يكلفها ما لا
قدرة لها عليه لاستحالته ،ولا ما يثقل عليها أداؤه ،وتحمل المكروه ،ولها ما كسبت من طاعة وعليها
ما اكتسبت من معصية .63
والوسع هو الطاقة والاستطاعة ،والمراد به هنا ما يطاق ويستطاع ،والمستطاع هو ما اعتاد الناس
ل على عدم
قدرتهم على أن يفعلوه إن توجهت إرادتهم لفعله مع السلامة وانتفاء الموانع ،وهذا دلي ٌ
وقوع التكليف بما فوق الطاقة في أديان الله تعالى؛ لعموم (ن َ ۡفسًا) في سياق النفي؛ لأن الله تعالى
ما شرع التكليف إلا للعمل واستقامة أحوال الخلق ،فلا يكلفهم ما لا يطيقون فعله ،وقد امتازت
ل
جع َ َ ٱلل ّه ِ ح ََقّ ِ
جه َادِهِۦۚ ه ُو َ ٱجۡ تَبَىٰك ُ ۡم وَم َا َ شر يعة الإسلام باليسر والرفق (وَجَٰـهِد ُوا ۟ فِی َ
َج مّ ِلَ ّة َ َأ بیِك ُ ۡم ِإ ب ۡرَ ٰه ِیم َۚ ه ُو َ س ََم ّىٰكُم ُ ٱل ۡمُسۡل ِمِینَ م ِن قَب ۡ ُ
ل و َفِی هَٰـذ َا عَلَیۡك ُ ۡم فِی ٱلد ِّی ِن م ِنۡ حَر ࣲ ۚ
سۚ فََأ ق ِیم ُوا ۟ َ
ٱلصّ ل َ ٰوة َ و َءَاتُوا ۟ ل شَه ِیدًا عَلَیۡك ُ ۡم و َتَكُونُوا ۟ شُهَد َ ۤا ء عَلَى َ
ٱلن ّا ِ لِیَكُونَ َ
ٱلر ّسُو ُ
َ
ٱلن ّصِ یر ُ) [الحج.]٧٨: ٱلز ّكَوة َ و َٱعۡت َصِ م ُوا ۟ ب َِٱلل ّه ِ ه ُو َ مَو ۡلَىٰك ُ ۡ ۖم فَنِعۡم َ ٱل ۡمَو ۡلَى ٰ و َنِعۡم َ َ
َ
ٰ
ض وِإَ ن
ت وَم َا فِی ٱلَۡأ ۡر ِ ۗ س قال( :لما نزلت هذه الآية( :ل َِّل ّه ِ م َا فِی ٱل َ ّ
سمَٰـوَ ٰ ِ « عن ابن عبا ٍ
قال :دخل قلوبهم منها شيء ٌ لم يدخل قلوبهم من شيءٍ ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم( :قولوا:
سمعنا وأطعنا وسلمنا) قال :فألقى الله الإيمان في قلوبهم ،فأنزل الله تعالى( :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة )]٢٨٦:قال :قد فعلت ((ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)
كسَب َۡت و َعَلَیۡهَا م َا ٱلل ّه ُ ن َ ۡفسًا ِإ َلّا و ُسۡ عَهَاۚ لَهَا م َا َ [البقرة )]٢٨٦:قال :قد فعلت (ل َا یُك َل ّ ُِف َ
خذۡن َ ۤا ِإ ن نَ ّسِین َ ۤا َأ ۡو َأ خۡ طَأۡنَاۚ ر َ َب ّنَا وَل َا تَحۡم ِلۡ عَلَی ۡن َ ۤا ِإ صۡر ࣰا كَمَا حَمَل ۡت َه ُۥ
َت ر َ َب ّنَا ل َا تَُؤا ِ
ٱكۡ تَسَب ۡ ۗ
ن م ِن قَبۡلِنَاۚ ر َ َب ّنَا وَل َا تُحَم ِّل ۡنَا م َا ل َا طَاق َة َ لَنَا بِهِۦۖ و َٱع ُ
ۡف ع ََن ّا و َٱ ۡغفِر ۡ لَنَا و َٱ ۡرحَم ۡن َ ۤا ۚ عَلَى ٱل َ ّذ ِی َ
ن) [البقرة )]٢٨٦:قال :قد فعلت).65
ٱ ۡلكَٰـفِرِی َ َأ نتَ مَو ۡلَىٰنَا ف َٱنصُرۡن َا عَلَى ٱلۡقَو ۡ ِم
و ُسۡ عَهَاۚ) هو تقييدٌ بالمتعارف عليه ،حيث قال« : ۡس ِإ َلّا واعتبر الشوكاني قوله ( :ل َا تُك ََل ّ ُ
ف نَف ٌ
ُوف) أي :هذه النفقة والكسوة الواجبتان على الأب بما يتعارفه الناس لا يكلف منها إلا
(ب ِٱل ۡمَعۡر ِ ۗ
ما يدخل تحت وسعه وطاقته ،لا ما يشق عليه و يعجز عنه».67
الخلاصة :لاحظنا أن تكليف النفس بوسعها وبما تطيقه جاء في شتى الجوانب الحياتية العملية ،كما
تبين من خلال تفسير الآيات السابقة ،سواء أكان ذلك في المعاملات بين الناس أو النفقة أو
العبادات أو الكيل والميزان أو غيرها ،وهذا يدلل على يسر وسماحة شرع الإسلام ،ومدى توافقه مع
فطرة الإنسان؛ وبالتالي يدلل على رحمة الله تعالى بعباده ورأفته بهم ،وهو ما أكدته الآيات السابقة،
نص على أنه تعالى لا يكلف العبد ما لا يطيقه ،بل مع ما يتناسب ويتوافق مع قدرته
وهي ٌ
وإمكانه.
الآيات التي تحمل معنى هذا العنوان هي آيات مكية ،وسبب ذلك أن القرآن المكي أصل ًا جاء
لغرس العقيدة الصحيحة في النفوس ،وبيان أن عمل كل إنسان مرهون بذاته ،فهو الذي يقرر ماذا
يعمل؟ وبالتالي عليه تحمل نتيجة عمله سواء في الخير أو الشر.
يقول تعالى ذكره لبني إسرائيل فيما قضى إليهم في التوراة :إن أحسنتم يا بني إسرائيل ،فأطعتم الله
وأصلحتم أمركم ولزمتم أمره ونهيه أحسنتم وفعلتم ما فعلتم من ذلك لأنفسكم؛ لأنكم إنما تنفعون
بفعلتكم ما تفعلون من ذلك أنفسكم في الدنيا والآخرة ،أما في الدنيا فإن الله يدفع عنكم من بغاكم
سوءًا ،وينمي لكم أموالكم ،ويزيدكم إلى قوتكم قوة ً ،وأما في الآخرة فإن الله سبحانه وتعالى يثيبكم به
جنانه ،ومعنى (ﯕ) فإليها ،والمعنى :وإن عصيتم الله وركبتم ما نهاكم عنه حينئذٍ ،فإلى أنفسكم
تسيئون ،لأنكم تسخطون بذلك على أنفسكم ربكم ،فيسلط عليكم في الدنيا عدوكم ،ويمكن منكم من
بغاكم سوءًا ،و يخلدكم في الآخرة في العذاب المهين .69
وعن معنى (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) ،قال ابن عاشور« :أننا نرد لكم الكرة لأجل التوبة وتجدد الجيل وقد
أصبحتم في حالة نعمة ٍ ،فإن أحسنتم كان جزاؤكم حسنًا وإن أسأتم أسأتم لأنفسكم ،فكما أهلكنا من
قبلكم بذنوبهم فقد أحسنا إليكم بتوبتكم ،فاحذروا الإساءة كيلا تصيروا إلى مصير من قبلكم ،وإعادة
فعل أحسنتم تنو يه ٌ فلم يقل :إن أحسنتم فلأنفسكم ،وأسلوب إعادة الفعل عند إرادة تعلق شيء ٍ به
ح يقصد به الاهتمام بذلك الفعل » .70
أسلوب عربي ٌ فصي ٌ
ٌ
ج ۤا ءَكُم ُ ٱلۡح َُقّ م ِن َرّ بِّك ُ ۡ ۖم فَم َ ِ
ن ٱه ۡتَد َى فِإ َ َن ّمَا یَه ۡتَدِی اس ق َ ۡد َ وقال تعالى( :قُلۡ ی َٰۤـَأ ُ ّیهَا َ
ٱلن ّ ُ
ٰ
ل فِإ َ َن ّمَا یَضِ ُ ّ
ل عَلَیۡهَاۖ وَم َ ۤا َأ ن َا ۠ عَلَیۡك ُم ب ِوَك ِیل ࣲ) [يونس.]١٠٨: ض َّ
سهِۦۖ وَم َن َ
لِن َ ۡف ِ
يقول تعالى آمرًا لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عند الله هو
الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ،فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفع ذلك الاتباع على نفسه،
ل بكم
ومن ضل عنه فإنما يرجع وبال ذلك عليه ،ويبين لكم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه غير موك ٌ
حتى تكونوا مؤمنين به ،وإنما أنا نذير ٌ لكم ،والهداية على الله تعالى .71
ومعنى قوله تعالى( :ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) فيه قولان :أحدهما :أنه القرآن ،والثاني :محمد صلى الله عليه وسلم،
ولم يبق لكم عذر ،فمن اهتدى بالإيمان والمتابعة فإنما يهتدي لنفسه؛ لأن نفعه لها ،ومن ضل بالكفر
بهما فإنما يكون وبال ضلاله على نفسه (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) أي :في منعكم من اعتقاد الباطل ،ولست
بحفيظ عليكم من الهلاك كما يحفظ الوكيل المتاع من الهلاك ،ولست موكول إلى أمركم ،وإنما أنا بشير
ونذير .72
وفي ذلك يتساءل الطبري :وما هذه الخيانة التي كان القوم يختانونها أنفسهم ،التي تاب الله عز
وجل منها عليهم فعفا عنهم؟!
ثم يجيب بنفسه قائل ًا :كانت خيانتهم أنفسهم التي ذكرها الله في شيئين ،أحدهما :جماع النساء،
والآخر :المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حرام ًا ذلك عليهم .91
ويدلل على إجابته بقول أسنده لكثيرين أن ناسًا من المسلمين أصابوا النساء والطعام في رمضان بعد
العشاء ،منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،ورجل من الأنصار ،فشكوا ذلك إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،فأنزل الله( :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) .92
ومعنى العتاب في قوله(:ﭤ ﭥ) أي :تخونونها بالمباشرة في ليالي الصوم ،فالاختيان هنا معبر ٌ به عما وقعوا
فيه من المعصية بالجماع ،وبالأكل بعد النوم ،وكان ذلك خيانة ً لأنفسهم؛ لأن وبال المعصية عائد ٌ
على أنفسهم ،فكأنه قيل :تظلمون أنفسكم وتنقصون حقها من الخير ،فتستأثرون أنفسكم فيما نهيتم
عنه،
بقوله( :ﭦ ﭧ) أي :قبول التوبة من خيانتهم لأنفسهم ،فتجاوز عنكم وعفا عنكم ولم يعاقبكم بما
فعلتم ،والتخفيف عنهم بالرخصة والإباحة .93
والعتاب أيضًا في قوله( :ﮘ ﮙ) أي :إرادة اتقائهم الوقوع في المخالفة؛ لأنه لو لم يبين لهم الأحكام لما
اهتدوا لطر يق الصواب ،أو لعلهم يلتبسون في الإتيان بالمأمورات على وجهها الصحيح ،إذ لو لم يبين
بعبادات غير مستكملة ٍ ،وهم وإن كانوا معذورين عند عدم البيان ،وغير مؤاخذين بإثم
ٍ الله لهم؛ لأتوا
التقصير إلا أنهم لا يبلغون صفة التقوى.94
وكذلك أنفسهم هنا :بمعنى بني أنفسهم ،أي :بني قومهم ،كقوله( :ث َُم ّ َأ نتُم ۡ ه َ ٰۤـُؤلَاۤء ِ تَقۡتُلُونَ
ن وِإَ نتخۡرِجُونَ فَرِ یقࣰا مّ ِنك ُم مّ ِن دِیَٰـرِه ِ ۡم تَظَٰـه َر ُونَ عَلَیۡه ِم ب ِٱ ۡلِإ ۡث ِم و َٱل ۡع ُ ۡدوَ ٰ ِ َأ نفُسَك ُ ۡم و َ ُ
ٰـب
ض ٱ ۡلكِت َ ِ م َأ فَتُؤۡم ِن ُونَ ببَِعۡ ِ جه ُ ۡ ۚ
خر َا ُ ی َأۡتُوك ُ ۡم ُأ سَٰـر َى تُفَٰـد ُوه ُ ۡم و َه ُو َ ُ
مح ََر ّم ٌ عَلَیۡك ُ ۡم ِإ ۡ
ٰ
خزۡیࣱ فِی ٱلۡحیَ َٰوة ِ ٱل ُد ّن ۡیَاۖ و َیَوۡم َ ك م ِنك ُ ۡم ِإ َلّا ِ ض فَمَا جَز َ ۤا ء ُ م َن ی َ ۡفع َ ُ
ل ذَ ٰل ِ َ و َت َ ۡكف ُر ُونَ ببَِعۡ ࣲۚ
تَعۡم َلُونَ) [البقرة.]٨٥: ل ع ََم ّا
ٱلل ّه ُ بِغَٰـف ِ ٍ
َاب وَم َا َ ٱلۡق ِیَٰـمَة ِ ی ُر َ ُدّونَ ِإ ل َ ۤى ٰ َأ َ
ش ّدِ ٱلۡعَذ ِ ۗ
ومعنى قوله تعالى( :ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) وهو طعمة ،يعني :مخاصمًا عنهم ،أي :لا تكن معينًا مدافع ًا عنه،
واستغفر الله مما هممت به من معاقبة اليهودي ،وقال مقاتلٌ :واستغفر الله من جدالك عن طعمة،
إن الله كان غفور ًا رحيم ًا .97
وفي هذه الآية تشر يف للرسول صلى الله عليه وسلم ،وتفو يض الأمور إليه بقوله :لتحكم بين الناس بما
أراك الله ،وتقويم أيضًا على الجادة في الحكم ،وتأنيب على قبول ما رفع إليه في أمر بني أبيرق
بسرعة.98
ق لقتادة بن
وهذه الآيات وما بعدها نزلت في طعمة ابن أبيرقٍ ،سرق درعًا في جراب فيه دقي ٌ
يهودي ،فحلف طعمة ما لي بها علم ٌ ،ورماه بالسرقة ،فاتبعوا أثر الدقيق إلى
ٍ النعمان ،وخبأها عند
دار اليهودي ،فقال اليهودي :دفعها إلي طعمة ،فسأل قوم طعمة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجادل
عن صاحبهم وأن يبر يه .99
وعن قتادة «:ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق ،وفيما هم به نبي الله صلى
الله عليه وسلم من عذره ،وبين الله شأن طعمة بن أبيرق ،ووعظ نبيه وحذره أن يكون للخائنين
خصيم ًا » .100
وجاء العتاب في توجيه النهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بألا يكون خصيم ًا لأجل الخائنين،
أي :مدافع ًا عنهم ،و يعد هذا عتاب؛ لأن أسلوبه شديد في موضعيه ،وخرج مخرج التحذير مما يخشى
وقوعه لاحق ًا لو تكرر.
خامسًا :المخادعة:
یَشۡع ُر ُونَ) یخۡدَع ُونَ ِإ َلّ ۤا َأ نف ُسَه ُ ۡم وَم َا ٱلل ّه َ و َٱل َ ّذ ِی َ
ن ءَام َن ُوا ۟ وَم َا َ قال تعالى( :یُخَٰـدِع ُونَ َ
[البقرة.]٩:
وذلك أن المنافقين أبطنوا الكفر وأظهروا الإيمان ،وإذا خادعوا المؤمنين فقد خادعوا الله ،ونسب
ذلك إلى الله تعالى من حيث أن معاملة الرسول كمعاملته ،وذلك كقوله عز وجل( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭖ)[الفتح.]١٠:
وعلى هذا يوجه مفهوم المخادعة أن معناه أنهم يقدرون في أنفسهم أنهم يخادعون الله ،والله هو
الخادع لهم ،أي المجازي لهم جزاء خداعهم ،وهنا يجدر التنبيه على أمرين:
أحدهما :فظاعة فعلهم فيما تجرؤوه من الخديعة ،وأنهم بمخادعتهم الرسول والمؤمنين يخادعون الله.
والثاني :التنبيه على عظم المقصود بالخداع ،وتنبيهًا على عظم الرسول صلى الله عليه وسلم ،وأن
معاملته كمعاملة الله ،وعظم أوليائه .101
وقوله تعالى( :ﭸ) أي :يفعلون فعل المخادع ،فالمخادعة تكون بين اثنين ،فيظهرون خلاف ما
يسرون ،وكذلك معناه يخدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فصورة صنيعهم مع الله سبحانه
وتعالى من إظهار الإيمان واستبطان الكفر ،وصنع الله معهم بإجراء أحكام المسلمين عليهم ،وهم
عنده أخبث الكفار وأهل الدرك الأسفل من النار؛ استدراج ًا لهم.
ومعنى (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) :أي :ما تحل عاقبة الخداع إلا بهم ،فدائرة الخداع راجعة إليهم وضررها يحيق
بهم ووبال فعلهم راجع عليهم ،وأنهم في ذلك خدعوا أنفسهم لما غروها بذلك ،فخدعتهم أنفسهم
حيث حدثتهم بالأماني الفارغة وحملتهم على مخادعة من لا تخفى عليه خافية ،والنفس ذات الشيء
وحقيقته ،فالمراد بالأنفس هاهنا ذواتهم.
(ﮀ ﮁ) :لا يحسون لذلك لتمادي غفلتهم ،والشعور :الإحساس ،أي :لا يشعرون أنهم يخدعون
أنفسهم .102
وعن اعتقاد المنافقين بأنهم (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) وكيف رد الله عليهم ،قال ابن كثير:
« ولهذا قابلهم على اعتقادهم (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) بقوله( :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) يقول :وما يغرون بصنيعهم
هذا ولا يخدعون إلا أنفسهم ،وما يشعرون بذلك من أنفسهم كما قال تعالىِ( :إ َ ّ
ن ٱل ۡمُنَٰـفِق ِینَ
اس وَل َا كسَالَى ٰ ی ُر َ ۤا ءونَ َ
ٱلن ّ َ ٱلل ّه َ و َه ُو َ خَٰـدِعُه ُ ۡم وِإَ ذ َا قَام ُۤوا ۟ ِإ لَى َ
ٱلصّ ل َ ٰوة ِ قَام ُوا ۟ ُ یُخَٰـدِع ُونَ َ
ُ
ٱلل ّه َ ِإ َلّا قَلِیل ࣰا) [النساء.103 »]١٤٢: ی َ ۡذك ُر ُونَ َ
ن
ل و َءَاتَی ۡنَا ع ِیس َى ٱب ۡ َ
س ِۖ قال تعالى( :و َلَق َ ۡد ءاتَی ۡنَا م ُوس َى ٱ ۡلكِتَٰـبَ و َق َ ّفی ۡنَا م ِنۢ بَعۡدِه ِۦ ب ُ
ِٱلر ّ ُ َ
لۢ بِمَا ل َا تَه ۡو َۤى َأ نفُسُكُم ُ ج ۤا ءَك ُ ۡم رَسُو ُ
س َأ فَك ُ َل ّمَا َ ٰـت وََأ َی ّدۡنَٰـه ُ ب ِر ِ
ُوح ٱلۡقُد ُ ِ ۗ م َۡر ی َم َ ٱل ۡبَی ِّن َ ِ
ٰ
ٱسۡ تَكۡبَرۡتُم ۡ فَفَرِ یقࣰا ك َ َذ ّب ۡتُم ۡ و َفَرِ یقࣰا تَقۡتُلُونَ) [البقرة.]٨٧:
يصف الله جل جلاله بني إسرائيل بالعتو والعناد والمخالفة ،والاستكبار على الأنبياء ،وأنهم إنما
يتبعون أهواءهم ،فذكر أنه آتى موسى التوراة فحرفوها وبدلوها ،وخالفوا أوامرها وأولوها.
وأرسل الرسل والنبيين من بعده الذين يحكمون بشر يعته ،فكانت بنو إسرائيل تعامل الأنبياء عليه
السلام أسوأ المعاملة ،ففر يق ًا يكذبونه ،وفر يق ًا يقتلونه ،وما ذاك إلا لأنهم كانوا يأتونهم بالأمور
المخالفة لأهوائهم وآرائهم وبإلزامهم بأحكام التوراة التي قد تصرفوا في مخالفتها؛ فلهذا كان يشق ذلك
عليهم ،فيكذبونهم ،وربما قتلوا بعضهم.104
وعن سبب التعبير بالهوى عن رفضهم للحق ،قال أبو السعود« :والتعبير عنه بذلك؛ للإيذان بأن مدار
الرد والقبول عندهم :هو المخالفة لأهواء أنفسهم والموافقة لها لا شيء ٍ آخر» .105
والتعبير عن القتل بالمضارع مع كونه كالتكذيب وقع في الماضي فيه نكتة بلاغية وهي :تصوير جرم
القتل الشنيع واستحضار هيئته المنكرة ،كأنه وقع في الحال؛ للمبالغة في النعي عليهم وتوبيخهم ،حيث
أفادت الآية أنهم بلغوا من الفساد واتباع أهوائهم أعلى درجة بهم في الضلال ،حتى لم يعد يؤثر في
قلوبهم وعظ الرسل وهديهم ،بل صار يغريهم بز يادة الكفر والتكذيب وقتل أولئك الهداة
الأخيار.106
لۢ
ج ۤا ءَه ُ ۡم رَسُو ُ ق بَنِی ِإ سۡرَ ٰۤءِی َ
ل وََأ ۡرسَل ۡن َ ۤا ِإ لَیۡه ِ ۡم رُسُلࣰاۖ ك ُ َل ّمَا َ وقال تعالى( :لَق َ ۡد َأ خَذۡن َا م ِیثَٰـ َ
ۤ
م فَرِ یقࣰا ك َ َذ ّبُوا ۟ و َفَرِ یقࣰا یَقۡتُلُونَ) [المائدة.]٧٠: بِمَا ل َا تَه ۡو َۤى َأ نف ُسُه ُ ۡ
ٰ
عن مصير الرسل الذين أرسلوا إلى بني إسرائيل ،يتساءل و يجيب صاحب تفسير المنار« :ماذا كان
حظ أولئك الرسل من بني إسرائيل؟ كان حظهم منهم ما أفاده الاستفهام التوبيخي في قوله( :ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) فاتبعتم الهوى وأطعتم الشهوات ،وعصيتم الرسل واحتميتم عليهم أن أنذروكم ودعوكم
إلى أحكام كتابكم ».107
و يفيد قوله( :ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) الإشارة إلى ز يادة تفظيع حالهم من أنهم يكذبون الرسل أو يقتلونهم،
تكليف بمشقة ٍ فادحة ٍ ،كما فعل المشركون من العرب في مجيء
ٍ ولا يلتمسون لأنفسهم فيها عذر ًا من
الإسلام ،بل لمجرد مخالفة هوى أنفسهم بعد أن أخذ عليهم الميثاق فقبلوه ،فتتعطل بتمردهم فائدة
التشر يع وفائدة طاعة الأمة لهداتها.108
الفائدة :هذا تعليم ٌ عظيم ٌ للأمم أن تكون سائرة ً في طر يق إرشاد علمائها وهداتها ،وأنها إذا أرادت
حملهم على مسايرة أهوائها فقد حق عليهم الخسران كما حق على بني إسرائيل؛ لأن في ذلك قلبًا
للحقائق ومحاولة انقلاب التابع متبوعًا والقائد مقود ًا ،وأن قادة الأمم وعلماءها إذا سايروا الأمم على
هذا الخلق كانوا غاشين لهم ،وزالت فائدة علمهم وحكمتهم واختلط الحابل بالنابل.109
تَعۡق ِلُونَ) اس ب ِٱل ۡبِر ِّ و َتَنسَوۡنَ َأ نفُسَك ُ ۡم وََأ نتُم ۡ تَت ۡلُونَ ٱ ۡلكِتَٰـبَ ۚ َأ فَلَا قال تعالىَ( :أ ت َأۡم ُرونَ َ
ٱلن ّ َ ُ
[البقرة.]٤٤:
تفسير الآية :هذا خطاب لبني إسرائيل في أمر ٍ يفعله علماؤهم ،ويرضى به سائرهم وأخلافهم،
فيلامون جميع ًا عليه ،إذ هو عيب فيهم سلف ًا وخلف ًا ،وهو عيب الناس إذا ضعف وازع الدين ،وهو
أن يأمروا الناس بالحقائق الدينية ،ولا يأخذون بهديها ،وتلك إحدى صفات النفاق ،فيكون قولهم
ت َ ۡفع َلُونَ) [الصف.]٣: ٱلل ّه ِ َأ ن تَق ُولُوا ۟ م َا ل َا
مخالفا لفعلهم (كَبُر َ مَقۡتًا عِند َ َ
ولذا خاطبهم الله سبحانه وتعالى مستنكرًا تلك الحال فيهم ،والاستفهام هنا إنكاري لإنكار واقع
حالهم من أنهم يأمرون الناس بالخير ،وينسون أنفسهم ،أي :يتركونها من غير توجيه إليه ،فيكونون
بمنزلة من ينسونها ،ولا يفكرون في أمرها ،مع أن دواعي التذكير والتفكر في ذات أنفسهم قائمة؛
لأنهم يتلون الكتاب ،فالاستنكار للحال التي يجتمع فيها الأمر بالخير والحث عليه مع ترك أنفسهم لا
تفعلها ،وكأنهم نسوها ولم يذكروها.
ولذا قال سبحانه وتعالى( :ﮭ ﮮ) والاستفهام هنا للتنبيه إلى مناقضة حالهم للعقل المدرك ،فمعنى
الاستفهام :أن حالهم هي حال من لا عقل له ولا إدراك ،و(ألا) هنا :للاستفهام والتنبيه إلى نفي
ما وراءه ،والفاء فاء السببية ،أي بسبب هذه الحال يحكم عليهم بأنهم لا يعقلون .110
وعن معنى نسيان النفس هنا ،قال الطبري« :ومعنى نسيانهم أنفسهم في هذا الموضع نظير النسيان
ض ی َأۡم ُرُونَ ب ِٱل ۡمُنكَر ِ و َیَنۡهَوۡنَ
الذي قال جل ثناؤه( :ٱل ۡمُنَٰـفِق ُونَ و َٱل ۡمُنَٰـفِقَٰـتُ بَعۡضُه ُم مّ ِنۢ بَعۡ ࣲۚ
سق ُونَ)
ٱلۡفَٰـ ِ م ِإ َ ّ
ن ٱل ۡمُنَٰـفِق ِینَ هُم ُ ٱلل ّه َ فَن َ ِ
سیَه ُ ۡ ۚ م نَس ُوا ۟ َ ن ٱل ۡمَعۡر ِ
ُوف و َیَقۡبِضُونَ َأ یۡدِیَه ُ ۡ ۚ عَ ِ
[التوبة.]٦٧:
بمعنى :تركوا طاعة الله فتركهم الله من ثوابه» .111وأما الألف في (ﮤ) يرى الزجاج أنها ألف
استفهام ،ومعناه :التقرير والتوبيخ ههنا ،ثم بين أن المقصود في (البر) هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها :أنه التمسك بكتابهم ،فقد كانوا يأمرون أتباعهم بالتمسك بكتابهم و يتركون هم التمسك به.
والثاني :اتباع محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن جحدهم النبي صلى الله عليه وسلم هو أصل ًا تركهم
التمسك بكتابهم.
والثالث :الصدقة ،حيث كانوا يأمرون ببذلها وكانوا يضنون بها؛ لأنهم وصفوا بقساوة قلوبهم،
وأكلوا الربا والسحت .112
وعن خطورة هذا الفعل -خاصة من العلماء -قال الشوكاني« :وأشد ما قرع الله في هذا الموضع
من يأمر بالخير ولا يفعله من العلماء الذين هم غير عاملين بالعلم ،فاستنكر عليهم أول ًا أمرهم للناس
بالبر مع نسيان أنفسهم في ذلك الأمر الذي قاموا به في المجامع ،ونادوا به في المجالس إيهام ًا للناس
بأنهم مبلغون عن الله ما تحملوه من حججه ،ومبينون لعباده ما أمرهم ببيانه ،وموصلون إلى خلقه ما
استودعهم وائتمنهم عليه ،وهم أترك الناس لذلك وأبعدهم من نفعه وأزهدهم فيه».113
وليس الأمر بالبر وفعله مقتصر ًا على اليهود ،بل على كل مسلم ،حيث جاء في الحديث الصحيح عن
مالك رضي الله عنه ،قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( :رأيت ليلة أسري بي
ٍ أنس بن
رجال ًا تقرض شفاههم بمقارض من نارٍ ،فقلت :من هؤلاء يا جبر يل؟) ،فقال( :الخطباء من
أمتك ،يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ،وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون) .114
.1
حفظ النفس وبذلها
أول ًا :حفظ النفس:
.1النهي عن قتلها
ٱلل ّه ُ ِإ َلّا ب ِٱلۡحَقّ ِ ۗ وَم َن قُت ِ َ
ل مَظۡلُوم ࣰا فَق َ ۡد ۡس َٱل ّتِی ح َرّم َ َ ● قال تعالى( :وَل َا تَقۡتُلُوا ۟ َ
ٱلن ّف َ
ل ِإ َن ّه ُۥ ك َانَ م َنصُور ࣰا) [الإسراء.]٣٣: جعَل ۡنَا ل ِوَلِیِّه ِۦ سُلۡطَٰـنࣰا فَلَا یُسۡر ِف ف ِ ّی ٱلۡقَت ۡ ِ ۖ
َ
ن ءَام َن ُوا ۟ ل َا ت َأۡك ُل ُۤوا ۟ َأ مۡوَ ٰلَك ُم بَی ۡنَك ُم ب ِٱل ۡبَٰـط ِ ِ
ل ِإ َلّ ۤا َأ ن تَكُونَ ● وقال تعالى( :ی َٰۤـَأ ُ ّیهَا ٱل َ ّذ ِی َ
رَحِیم ࣰا) ٱلل ّه َ ك َانَ بِك ُ ۡم
ن َ ض مّ ِنك ُ ۡ ۚم وَل َا تَقۡتُل ُۤوا ۟ َأ نفُسَك ُ ۡ ۚم ِإ َ ّ
تِ جَٰـرَة ً ع َن ت َر َا ࣲ
[النساء.]٢٩:
.2النهي عن ظلمها.
ِٱتخَاذِكُم ُ ٱل ۡعِجۡ َ
ل ل م ُوس َى لِقَوۡمِه ِۦ یَٰـقَو ۡ ِم ِإ َن ّك ُ ۡم ظَلَم ۡتُم ۡ َأ نفُسَك ُم ب ِ ّ ● قال تعالى( :وِإَ ۡذ قَا َ
ٰ
فَت ُوب ُۤوا ۟ ِإ لَى ٰ ب َار ِِٕىك ُ ۡم ف َٱق ۡتُل ُۤوا ۟ َأ نفُسَك ُ ۡم ذَ ٰلِك ُ ۡم خَیۡر ࣱ َ ّلك ُ ۡم عِند َ ب َار ِِٕىك ُ ۡم فَتَابَ عَلَیۡك ُ ۡمۚ
ح فَل َم ّال لَهَا ٱ ۡدخُل ِی ٱل َص ّرۡ َ ۖ
ٱلر ّحِیم ُ) [البقرة ،]٥٤:وقالت بلقيس( :ق ِی َ ٱلت ّ َو ّابُ َ ِإ َن ّه ُۥ ه ُو َ َ
ل ِإ َن ّه ُۥ صَرۡحࣱ ُم ّم ََر ّد ࣱ مّ ِن ق َوَارِیر َۗ قَال َ ۡ
ت َت ع َن سَاقَیۡهَاۚ قَا َ حسِبَت ۡه ُ لُجَ ّة ࣰ و َ َ
كشَف ۡ رََأ ت ۡه ُ َ
ٱلۡعَٰـلَمِینَ) [النمل،]٤٤: ن ل َِل ّه ِ ر ِّ
َب َب ِإ ن ِ ّی ظَلَم ۡتُ ن َ ۡفس ِی وََأ سۡ لَم ۡتُ م َ َع سُلَیۡمَٰـ َ
ر ِّ
● وقال آدم عليه السلام( :قَال َا ر َ َب ّنَا ظَلَم ۡن َ ۤا َأ نفُسَنَا وِإَ ن َل ّ ۡم تَغۡفِر ۡ لَنَا و َتَرۡحَم ۡنَا لَنَكُونَنّ
ن) [الأعراف.]٢٣: ن ٱلۡخَٰـسِر ِی َ
مِ َ
حشَة ً َأ ۡو ظَلَم ۤ ُوا ۟ َأ نف ُسَه ُ ۡم ● ثم قد يقرن ببعض الذنوب كقوله تعالى( :و َٱل َ ّذ ِی َ
ن ِإ ذ َا فَع َلُوا ۟ فَٰـ ِ
ٱلل ّه َ ف َٱسۡ تَغۡف َر ُوا ۟ لِذُنُو بِه ِ ۡم وَم َن یَغۡف ِر ُ ٱل ُذ ّنُوبَ ِإ َلّا َ
ٱلل ّه ُ و َل َ ۡم یُص ِ ُرّوا ۟ عَلَى م َا ذَك َر ُوا ۟ َ
ٰ
م یَعۡلَم ُونَ) [آل عمران.122]١٣٥: فَع َلُوا ۟ و َه ُ ۡ
وجاء النهي عن ظلم النفس في القرآن الكريم في العديد من الآيات.
ٱلل ّه ِ یَوۡم َ خ َل َ َ
ق ٰـب َٱلل ّه ِ ٱث ۡنَا ع َشَر َ شَهۡرࣰا فِی كِت َ ِ ن ع ِ َ ّدة َ ٱل ُش ّه ُورِ عِند َ َ
● قال تعالىِ( :إ َ ّ
ن ٱلۡقَی ِّم ُۚ فَلَا تَظۡل ِم ُوا ۟ ف ِیه َِنّ ۡض مِنۡه َ ۤا َأ رۡبَع َة ٌ حُر ُ ۚم ࣱ ذَ ٰل ِ َ
ك ٱلد ِّی ُ ت و َٱلَۡأ ر َ ٱل َ ّ
سمَٰـوَ ٰ ِ
ٱلل ّه َ م َ َع
ن َ َأ نفُسَك ُ ۡمۚ و َقَٰـت ِلُوا ۟ ٱل ۡمُشۡرِكِینَ كَا َۤف ّة ࣰ كَمَا یُقَٰـت ِلُونَك ُ ۡم كَا َۤف ّة ࣰۚ و َٱع ۡلَم ۤ ُوا ۟ َأ َ ّ
ٱل ۡم َُت ّق ِینَ) [التوبة.]٣٦:
[لقمان.146]٢٨:
ت م ِن س ُۤوء ࣲ تَو َ ُدّ لَو ۡ َأ َ ّ
ن ت م ِنۡ خَیۡر ࣲ ُ ّمح ۡضَر ࣰا وَم َا عَم ِل َ ۡ تجِد ُ ك ُ ُ ّ
ل ن َ ۡفسࣲ َمّا عَم ِل َ ۡ (یَوۡم َ َ ●
ب ِٱل ۡع ِبَادِ) [آل وف بَیۡنَهَا و َبَی ۡن َه ُۤۥ َأ مَدَۢا بَع ِیدࣰاۗ و َیُح َ ّذِر ُكُم ُ َ
ٱلل ّه ُ ن َ ۡفسَهُۥۗ و ََٱلل ّه ُ ر َء ُ ُۢ
عمران.]٣٠:
ثانيًا :الشهادة على النفس:
ل مّ ِنك ُ ۡم یَق ُُصّ ونَ عَلَیۡك ُ ۡم ءَایَٰـتِی نس َأ ل َ ۡم ی َأۡتِك ُ ۡم ر ُ ُ
س ࣱ قال تعالى( :یَٰـمَعۡشَر َ ٱلۡج ّ ِِن و َٱ ۡلِإ ِ ●
و َیُنذِر ُونَك ُ ۡم لِق َ ۤا ء َ یَوۡمِك ُ ۡم هَٰـذَاۚ قَالُوا ۟ شَهِدۡن َا عَل َۤى َأ نفُسِنَاۖ وَغ َ َّرتۡهُم ُ ٱلۡحیَ َٰوة ُ ٱل ُد ّن ۡیَا
ٰ
ن) [الأنعام.]١٣٠: و َشَهِد ُوا ۟ عَل َۤى َأ نفُسِه ِ ۡم َأ َ ّنه ُ ۡم ك َانُوا ۟ كَٰـفِرِی َ
ٰ
س ۤا ِٕىقࣱ و َشَه ِیدࣱ) [ق.]٢١: ل ن َ ۡفسࣲ َمّعَه َا َ ت كُ ُ ّ ج ۤا ء َ ۡ
وقال تعالى( :و َ َ ●
ٱلل ّه ُ
ل َ ك َ ّفارَة ࣱ ل َ ّهُۥۚ وَم َن َل ّ ۡم َ
یحۡك ُم بِم َ ۤا َأ نز َ َ ص َ ّدقَ بِه ِۦ فَه ُو َ َ
َاص فَم َن ت َ َ
ح قِص ࣱ ۚ و َٱلۡجُر ُو َ
ظٰـل ِم ُونَ) [المائدة.]٤٥: ك هُم ُ ٱل َ ّفَُأ و۟ل َٰۤـ ِٕى َ
خص ،فالاختلاف بينهما بالاعتبار كقولهَ( :أ ت َأۡم ُرُونَ
● والنفس الثانية :ما به الشخص ش ٌ
تَعۡق ِلُونَ) [البقرة.]٤٤: اس ب ِٱل ۡبِر ِّ و َتَنسَوۡنَ َأ نفُسَك ُ ۡم وََأ نتُم ۡ تَت ۡلُونَ ٱ ۡلكِتَٰـبَ ۚ َأ فَلَا َ
ٱلن ّ َ
رابع ًا :التوفية بجزاء الأعمال:
كسَب َۡت ٱلل ّهۖ ِ ث َُم ّ تُو َفَ ّى ٰ ك ُ ُ ّ
ل ن َ ۡفسࣲ َمّا َ ● قال تعالى( :و ََٱت ّق ُوا ۟ یَوۡم ࣰا تُرۡجَع ُونَ ف ِیه ِ ِإ لَى َ
م ل َا یُظۡلَم ُونَ) [البقرة.]٢٨١: و َه ُ ۡ
كی َۡف ِإ ذ َا جَمَعۡنَٰـه ُ ۡم لِیَوۡمࣲ َلّا ر َی ۡبَ ف ِیه ِ وَو ُف ِّی َۡت ك ُ ُ ّ
ل ن َ ۡفسࣲ َمّا ● وقال تعالى( :ف َ َ
یُظۡلَم ُونَ) [آل عمران.]٢٥: كسَب َۡت و َه ُ ۡم ل َا
َ
خامسًا :مصيرها:
ۡت وِإَ َن ّمَا تُو ََف ّوۡنَ ُأ جُور َك ُ ۡم یَوۡم َ ٱلۡق ِیَٰـم َ ۖة ِ فَم َن ل ن َ ۡفسࣲ ذ َ ۤا ِٕىق َة ُ ٱل ۡمَو ِ ۗ ● قال تعالى( :ك ُ ُ ّ
ع ٱل ۡغ ُر ُورِ) ل ٱلۡج َنَ ّة َ فَق َ ۡد فَا ۗز َ وَم َا ٱلۡحیَ َٰوة ُ ٱل ُد ّن ۡی َ ۤا ِإ َلّا م َتَٰـ ُخ َٱلن ّارِ وَُأ ۡد ِ
ن َ ح عَ ِحز ِ َ
زُ ۡ
[آل عمران.]١٨٥:المقصود من هذه الآية تأكيد تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والمبالغة
في إزالة الحزن من قلبه ،وذلك من وجهين:أحدهما :أن عاقبة كل الناس الموت ،وهذه
الغموم والأحزان تذهب وتزول ،وبالتالي لن يلتفت العاقل إليها.والثاني :أن بعد هذه الدار
س ما يليق بها من الجزاء؛ ولذلك فكل
دار ٌ يتميز فيها المحسن عن المسيء ،وتأخذ كل نف ٍ
واحد من هذين الوجهين يعمل على إزالة الحزن والغم عن قلوب العقلاء المؤمنين .160
َت) [التكوير]١٤:
َأ حۡ ضَر ۡ ۡس َمّ ۤا
● وقال تعالى( :عَل ِم َۡت نَف ࣱ
) [الانفطار.]٥: َت َت وََأ َ ّ
خر ۡ ۡس َمّا ق َ ّدم ۡ
● وقال تعالى( :عَل ِم َۡت نَف ࣱ