Professional Documents
Culture Documents
شارف إيمان
شارف إيمان
شارف إيمان
فنية-
-دراسة تحميمية ّ
السنة الجامعية2019-2018:م
إهداء
الحم د داللذد أنادللند ارداللعمددددددد
والملرفةدود عنألندإلىد اءدهلاداللااجد
ووفقلندإلىدإأجنزدهلاداللمل
إهداءدإلىدمندالديمكندلعكعمنتد ندتلفيدحقهمن
إلىدمندالديمكندلألاق نمد ندتحصيدفضنئعهمن
إلىداللالدينداللزيزين
إلىداألسنتلةدودالزمالء
أ
تطرقناإلييافي
ّ منامنخاللومقوماتأدباألطفالالتي
ّ أماالمبحثالثانيفقدحمّ
ّ
الخيالفيعينة
ّ يعمىالقصة،وفيالمبحثالثالثواألخيرعالجنا
ّ الجانبالنظر
الدراسة.
أىدافدراساتنالمموضوعىي:
ازأىميةتراثناالعربيالقديمومدىاىتماموبالطفولة،تنشئةوتيذيبا .
ّ -إبر
بحقالعصرالذىبيألدبنا
اسية،التيتعد ّ
ّ ةالعب
بيانالخصوصياتالفنيةلمفتر ّ
ّ -
العربيالقديم.
الكشفعنأبرزالمالمحالفنيةألدباألطفالفيالتراثالعربيالقديم .
ّ -
بحثعمميأنينجزدونأنتواجيوصعوبات،وأبرزىافيعممنا
ّ اليمكنألي
ّ
باألمركونالقصةالتيتناولناىابالتحميل
ّ اجع،وماصع
ّ ىذاىوقمّةالمصادروالمر
قصةمنالتراثالعربيالقديم،لمتسبقبدراساتعنيا .
ّ
اعنأىمالمصادروالمراجعالذياستندعميياالبحثفيياآلتي:كتاب" في
ّ أم
ّ
أدب األطفال" لعميالحديدي "،أدب األطفال أهدافه وسماته" لمحمدحسنبريغش،
ألحمد فن الكتابة لألطفال"
لنجيبالكيالني،و " ّ "أدب األطفال في ضوء اإلسالم"
نجيب.
اجتيدنافيختامىذهالدراسةعمىحوصمةأبرزالنتائجالمحققة،نأملمن
خاللياأنتفتحآفاقمستقبميةرحبة،لمزيدمنالتنقيبفيتراثناالعربيالقديمعن
ة،كانتتقدملألطفال،تمتعيموتسمّييم .
ّ نفائسأدبي
ّ
ختامانتقدمبالشكروالعرفانإلىاألستاذالفاضل" سعيد بن يحي بهون عمي"،
ّ
الذيأشرفعمىىذاالبحث،ولميبخلعمينابوقتووتوجيياتو،ومالحظاتوالقيمةمن
ّ
ب
منقدملنايدالعونمنأساتذة
ّ أجلإنجاحىذاالعمل،والشكرموصولإلىك ّل
وزمالء.
ج
الفصل األول:
إرهاصات أدب األطفال في التراث
العربي القديم
:1تعريف التراث:
1-1لغة:
اث واحد ثوِ
الوَر ُ ثوِ
اإل ْر ُ الوَر ُ جاء في لسان العرب عن ابن منظورِ " :
رث و َ
الو ُ
اث أصمو ِم ْوَر ُ
اث ،وانقمبت الواو ياء َك ْس ِر ما قبميا ،والتراث أصمو فيو الواو. والمير ُ
والتُراث ما يخمفو الرجل لورثتو ،والتاء فيو بدل الواو.
ووَرثَوُ بعضيم عن ث إِ ْرثاً و ِم َيراثاً ،وىو :ما ُوِر َ
ث َ ث َي ِر ُ
واإلرث فيا المغة مصدرهَ :وَر َ
1
بعض".
متعددة:
عدة مواضع ،بمعان ّ
والتراث في القرآن الكريم ورد في ّ
[سورة النمل اآلية ان ﴾ مادي ،في قولو تعالىَ ﴿ :وَوِر َ
ث ُسمَ ْي َم ُ منيا ما يخمّف من إرث ّ
مون التُراث أكالً ﴾ [ سورةالفجراآلية .]19
﴿و تَأ ُك َ َ
]16وفي قولو تعالى أيضاَ " :
ث ِم ْن آل﴿ي ِرثُنِي َوَي ِر ُ
ومنيا ما يخمّف من إرث معنوي أخالقي ،في قولو تعالىَ :
[سورة الص ِال ُحون ﴾ ِ ِ
ض َي ِرثُيَا عَبادي َ وب﴾ [ سورة مريم آية .]6وفي قولو أيضا ﴿إِ َن األ َْر َ
َي ْعقُ ْ
األنبياء اآلية .]105
-1ابن منظور ،لسان العرب ،دار الصادر ،ط ،2مج،2بيروت لبنان ،1922 ،ص .201-199
5
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
"ليس ىناك شعب من شعوب العالم المتقدمة أو المتخمفة ،يخمو أدبو من التراث
،التي أىم الفنون األدبية
القصصي،يغني ويثري تاريخو وحضارتو ،والقصص من ّ
تعبر عن روح األمم وعقميتيا وطبيعتيا ،والعقمية العربية منحت حظاً موفو اًر من
ّ
الخيال ،والقدرة عمى صياغة المادة المحيطة بيا قصصاً جميالً ،كما أنيا تمتاز
كغيرىا من عقميات الشعوب السياسية بإعادة تأليف القصص القديمة ،التي تتوارثيا
من أقدم العصور3".حيث لجأ ال ُكتاب لمقصص كوسيمة لمتعبير عن أفكارىم
-1سيد عمي إسماعيل ،أثر التراث العربي في المسرح المعاصر ،دار الينداوي س اي سي دط ،ص .39-38
-2عبد العزيز بن عثمان التويجري ،التراث واليوية ،إيسيسكو ،الرباط المممكة المغربية ،دط2011 ،م ،ص.12
-3انظر عمي الحديدي ،في أدب األطفال ،مكتبة األنجمو المصرية ،ط 1988 ،4نقالً عن فؤاد حسنيين عمي،
قصصنا الشعبي ص .213
6
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
متحكماً في عواطف جميوره ،يتصرف فييا كما يشاء ،يحوليا تارة إلى الغضب وتارة
أخرى إلى العطف.
"ما استنقذ من قصص األولين وحكاياتيم أو أساطيرىم قمة قميمة فقط ،سقط أكثرىا
من يد الزمن وعمى مر الدىور معظميا ،ومع ذلك فما بقي منيا في تراثيا العربي
بفروعو ،األدبية والتاريخية واالجتماعية والدينية ،ال يدع مجاالً لمشك في أن الفن
1وىذا يعني أن القصصي ىو فن تناول حياة العرب قبل اإلسالم في كل مظاىرىا".
الفن القصصي كان موجوداً قبل اإلسالم لكنو لم يحضى باىتمام ال ُكتاب بشكل كبير.
"الواقع أن أدب األطفال كغيره من األجناس األدبية ،والفنون األخرى كانت لو صور
معروفة منذ القديم ،تتالءم مع طبيعة العصر وثقافتو ،وطبيعة المجتمعات ومعتقداتيا
وأفكارىا وعاداتيا وتقاليدىا ،فكما أن النقد األدبي والقصة والشعر ،والمقالة واألدب،
عامة كان قديماً ،كذلك كان أدب األطفال قديماً ،ولعمو أقدم من جميع األجناس األدبية
األخرى ،ألنو يواكب ظيور المغة ذاتيا ،وارتباطيا بصورة التعبير عن الحياة اإلنسانية،
والتعبير البسيط ىو الذي يمثل الحياة الفطرية ،ويصور العاطفة اإلنسانية ،عاطفة
األمومة واألبوة نحو الطفل بتعبير واضح ،وصور مأخوذة من البيئة ذات دالالت
واشارات إلى القيم والعادات والمعتقدات ،وىذا أمر طبيعي جداً ألن أدب األطفال
يختمف عن أدب الكبار ،بمغتو وصوره وأساليبو ،أدب يخص عالم الصغار عالم
البراءة2".وخالصة القول أن أدب األطفال كان حاض اًر منذ القدم ،ويمكن اعتباره أقدم
األجناس األدبية ،لكنو لم يمقى اىتماماً من طرف ال ُكتاب.
-2محمد حسن بريغش ،أدب األطفال أىدافو وسماتو ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط 1996 ،2م ،ص .47
8
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
"حظي أدب الطفل بنصيب من التراث ،فكانت وسيمتو غرس الشيامة وعزة النفس
في قموب األطفال ،ليذا نجد أن بين أدب الطفل والتراث عالقة قوية تظير في كل
اآلداب ،وعند جميع الشعوب واألمم ،فالتراث العربي بكل عناصره حافل بكثير من
الظواىر القصصية ،ومميء بكثير من الخطابات السردية .
فقد كان التراث القصصي في الحياة العربية قبل اإلسالم ،جانبا صغي ار من حكايات
األطفال ،يأخذ مادتو القصصية من خياالت الكبار ،وعمى الرغم من المحنة الكبرى
التي مرت بأطفال العرب في الجاىمية ،حين تعرضت البنات لموأد واألوالد لمتنشئة
الخشنة ،واالنفصال عن الوالدين ،بإرساليم إلى الصحراء مع المرضعات من البدو منذ
اليوم الثامن في الحياة ،إلى أن يبمغوا الثامنة أو العاشرة ،لينيموا من حرية الصحراء
وجوىا ،ويعودوا إلى االستقالل النفسي ،وخشونة الحياة.
"كان ىؤالء الصغار ينشئون بالقصص عمى مآثر قوميم ،وتشحن نفوسيم وعواطفيم
وتبث فييم المرضعات واألميات والجواري تقاليدىم
باألساطير الدينية والطقوسيةُ ،
االجتماعية ،فيحكين ليم قصصاً عن األسالف واألمجاد ،وبطوالت الفرسان في
ويفعمن قموبيم الغضة
الحروب واأليام والمعارك ،التي دارت بين قبيمتيم وأعدائياُ ،
بنشيد اإلثارة ،فيشبون عن الطوق ،وطنين الثأر يسد عمييم منافذ العقل والتفكير،ولكل
صنم قصة ،ولكل ساحر حكاية ،ولكل كاىن حديث ،تفتتن بيا قموب األطفال" .1
كانت معيشة األطفال في القديم تختمف عن معيشة أطفال اليوم ،فقد كان األطفال
يعيشون في ظروف قاسية بعيدا عن األىل ،ورغم ىذا كانوا ينشئون بقصص أسالفيم،
ويتعممون تقاليدىم من المربيات.
"كما يبير األطفال بما يسمعون من خوارق ،وما يبدو ليم كأنو معجزات ،فيعظمون
ويقدسون ويعبدون كما يعبد آبائيم األولون ،وتوارثت أطفال الجاىمية حكايتيم الخاصة
بيم ،وانتقمت إلييم من جيل إلى جيل ،غير أن الجانب الرسمي من المجتمع لم يمقي باالً
إلى ىذا المون ،فظل محصو اًر بين جدران الخيام والمنازل والدور ،ال يخرج إلى المجتمع،
ليكون تعبي اًر عن مراحل التفكير والعواطف والخيال والمعتقدات لإلنسان ،بل وتناقمتو
شفاه النساء واألطفال ،في حدوده الضيقة المحدودة واستأثر أدب الكبار بالحفظ وترك
أدب األطفال لمذاكرة ،يتساقط منيا عمى درب الزمن مع النسيان".1
بعبارة أخرى لم يدون الجاىميون شيئاً من نثرىم وال شعرىم ،وىذا ال ينفي معرفتيم
لمكتابة ،بل عرفيا بعضيم واستخدموىا ،وقد كان ليم أنواع من النثر منيا ِ
القصص،
التي شغفوا بيا شغفاً كبي اًر ،حيث كان الراوي يبير السامعين بما يضيفو عمى القصة
من خيالو وفنو ،فمرة يضحكيم و مرة يحزنيم ،كما استمدوا مادة قصصيم من
األساطير والخرافات ومن األخبار واألحاديث التاريخية المأثورة ،وقد وصمت إلينا بعض
ىذه القصص عن طريق الرواة والمغويين ،في العصر العباسي الذين دونوا ما وصل
إلييم ،وال شك أن الكثير منيا قد تغير وانحرف عن أصولو ،لطول المسافة بين العصر
الجاىمي والعباسي ،ولكنيا ظمت تحتفظ بسمات القصص القديم.
2-2مطماله في الع ر اإلسطمي:
"لقد حرص اإلسالم عمى القيام بتربية الطفل عمى أكمل وجو وأتم صورة ،فقد وضع
األسس السميمة لالىتمام بالصحة النفسية والجسمية لممولود ،وذلك في السنوات األولى
من عمره و مالحظتو بدقة ،وتعويده السموك الحسن ،والعادات النبيمة ،والخمق
1
فقد كان اإلسالم اإلسالمي الرفيع ،ونبو إلى ضرورة القدوة الحسنة في ىذا الصدد.
ميتماً بالطفل منذ والدتو ،وحريصاً عمى تربيتو وتيذيبو بما يتماشى مع الدين
اإلسالمي.
"جعل اإلسالم العمم فرضاً ،وليذا أوجب عمى الوالدين تيذيب الطفل وتشويقو ،وابراز
مواىبو ،وتفتح عبقريتو ،وسيرة المصطفى -عميو السالم -ذات أثر كبير في ىذا
2
االتجاه عمى مر األيام وتتالي العصور".
حرص اإلسالم عمى العمم ،وجعمو ضرورة ال غنى عنيا لألطفال ،فبالعمم يستطيع
الطفل معرفة سيرة الرسول عميو الصالة والسالم ويقتدي بيا في مسار حياتو.
"كان لمقصة في القرآن الكريم دو ار بار از في توجيو األطفال الوجية الخيرة ،فيذه القصص
ليست لمكبار فقط ،لكنيا كانت لمصغار كذلك ،ولعل قصة "الذبيح" خير
شاىد عمى ذلك ،فيي ترمز إلى الطاعة التامة ﵀ -عز وجل -وعمى الوالد ،وكذلك
قصة " يوسف عميه السطم " التي تربي في األطفال أن طاعة ا﵀ -عز وجل -ىي
أ الحب الكهف " وغيرىا من سبب النجاة في المواقف الصعبة ،وال ننسى قصة "
القصص القرآني ،الذي كان لو دو ار واضحا في تربية األطفال تربية إسالمية
3
صحيحة".
تعددت القصص في القرآن الكريم وكان ليا دو ار كبي ار في تثقيف األطفال ،وتربيتيم
عمى أسس سميمة.
-1محمد عمي اليرفي ،أدب األطفال دراسة نظرية و تطبيقية ،مؤسسة المختار ،ط 1القاىرة 2001،م ،ص.46
-2المرجع نفسو ص .47
-3المرجع السابق ص .48
11
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
-1مدثر حميد ،في أدب األطفال العربي و تطوره ،مجمة القسم العربي ،عدد الثاني و العشرون 2005م.
-2الحديث 2453رواه الترميذي.
-3الحديث 2089رواه األلباني.
12
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
ط ،4بيروت ،لبنان 2013 ،م -1أحمد بن محمد بن عبد ربو األندلسي ،العقد الفريد ،دار الكتب العممية ،
ص.275-274
-2محمد حسن بريغش ،أدب األطفال أىدافو و سماتو ص .45-44
13
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
"بعد وفاة الرسول كان اآلباء واألميات والمعممون والمسممون ،يزودون أجيال
األطفال التي لم تعاصر النبي الكريم بقصص عن حياتو وسيرتو ،ومعجزاتو وأخالقو،
وجياده وقصص أخرى عن بطوالت المسممين األولين ،من صحابتو الذين أسيموا معو
ومثل يترسميا األبناء
في نشر الدين ،وبناء األمة اإلسالمية ،قدوة يقتدي بيا الخمقُ ،
1
والتابعون".
بعبارة أخرى ركز اإلسالم عمى الطفولة ،وأرسى أسسيا الصحيحة بما يتناسب
وقدرات الطفل العقمية والنفسية ،وحدد مراحل التربية حسب سن الطفل ،والتربية في
مرحمة الطفولة تختمف عن المراىقة ،والمراىقة تختمف عن مرحمة الشباب ،ونجد أن
القرآن والسيرة وضعا أسس ثابتة ال تتغير بتغيير الوقت ،واىتمام اإلسالم بالطفل كون
الطفل اليوم ىو رجل الغد ،فطفل اليوم ىو المستقبل ،فإن أحسنا تربيتو فسننتظر
مستقبالً مشرفاً.
-3-2مطماله في الع ر األموي:
"مما تجدر اإلشارة إليو أن العصر األموي قد شيد تدوين التراث العربي ،دون أن
يكون لألطفال أدب ،وتراث يعتد بو ،حتى جاء ىارون الرشيد فوضع أدب األطفال
ضمن المنيج التعميمي ،وقد ساىم اإلمام الغزالي -رحمو ا﵀ -تعالى باىتمام واسع في
بيان الطريق في رياضة األطفال ،في أول نشؤىم ووجو تأديبيم وتحسين أخالقيم،
منبيا بذلك إلى أىمية تعميم الطفل القرآن ،وأحاديث األخبار ،وحكايات األبرار ،ليغرس
في نفس األطفال حب الخير والفضيمة ،كما أن الغزالي قد نبو إلى أىمية المعب
2
بالنسبة لألطفال ،وأثره النفسي في تربيتيم".
يعود الفضل لإلمام الغزالي في االىتمام باألطفال ،فقد حث عمى تعميميم القرآن وغيره من
األمور الدينية ،التي تغرس فييم الخير من جية ،ومن جية أخرى نبو عمى أىمية
المعب ودوره في تسمية األطفال.
"كانت القصص في العيد األموي دينية ،وتاريخية ،وسياسية ،ونشاط القصص الديني
والسياسي والتاريخي لمكبار ،في ذلك العصر البد أن يترك آثاره عمى األطفال ،فكان
قصصا وحكايات ،في كل ىذه االتجاىات الدينية بأسموب
ً يروُون لألطفال
الكبار ُ
يالئم سنيم ،وبأفكار تناسب عقوليم ،وتندرج مع ثقافتيم ،لتثبت من عقائدىم وتدعم في
1تعددت أذىانيم المذاىب الدينية ،التي يعتنقيا ذووىم فتتمكن من قموبيم وعواطفيم".
القصص في العصر األموي ،حيث قام الكبار بتبسيط ىذه القصص لألطفال بما
يتناسب مع مدركاتيم العقمية.
دونوا التراث العربي في أواخر العصر األموي ،وجيوا كل جودىم إلى أدب
"والذين ّ
الكبار ،ولم ييتموا بتدوين أدب األطفال ،مما كان يروى ويحكى ليم من قصص
وحكايات ،وتركوا المتأخرين من الباحثين يتخبطون في ظممات الظّن ،واالستنتاج
والتخمين ،ولم يتسرع انتباه المدونين من أدب األطفال إلى األغنيات ،التي كان الكبار
يرقصون بيا الصغار ،وكان لمعرب نصيب موفور من ىذه المقطوعات الشعرية،
اشتيرت في أخبارىم ،وأثرت عمييم في مجالسيم ومنتدياتيم ومنازليم ،وكانوا يتخذون
ىذا الترقيص بالغناء ،وسيمة ترفيو وتسمية لمطفل ،وبجانب ذلك كانوا يبتغون بو غرس
جميل الخصال ،وحميد الفعال ،في ذىنو قبل أن يشتد عوده ويكبر ،وقد تمكنت منو
2
األخالق ،ونقشت في مخيمتو الصفات ،وانطبعت في قمبو القدوة".
لم ييتم المدونون األوائل بأدب األطفال ،وىذا ما جعل المدونين المتأخرين في حيرة من
أمرىم ،فانتيى بيم األمر إلى تدوين مقطوعات شعرية ،مرفقة بالغناء لتسمية الطفل.
" -من أغنيات الترقيص شيماء بنت حميمة السعدية وأخت الرسول الكريم (من
الرضاع) ،وحاضنتو مع أميا ،حيث كانت ترقصو بقوليا:
وليس من نسل أبي وعمي ىذا أخ لي لم تمده أمي
فأنمو الميم فيمن تنمي فديتو من ُمخول ُمعم
ومما كانت ترقصو بو أيضا:
يافعا وأمردا
حتى نراه ً ياربنا أبق لنا محمداً
معا والحسدا
وأكبت أعاديو ً مسوداً
ثم نراه سيداً ّ
1
وأعطو ع اًز يدوم أبداً "
في األخير يمكننا القول أنو قبل ىارون الرشيد لم يكن لألطفال نصيب من األدب
والتراث ،تم تدوينو في ذلك العصر ،فجاء ىارون الرشيد فاعتنى بأدب الطفل،
بمساعدة اإلمام الغزالي-رحمو ا﵀ -في تطوير ىذا األدب لترسيخ مكارم األخالق
فييم ،فتعددت مجاالت القصص من الدين إلى التاريخ إلى السياسة ،ومع ذلك لم
صعب األمر عمى المدونين
ييتموا بتدوين القصص التي كانت تروى لألطفال ،مما ّ
من بعدىم ،لكنيم ومع ذلك ركزوا عمى المقطوعات الشعرية ،التي توارثتيا األجيال
فاىتموا بيا ودونوىا.
-1الشيخ يوسف بن إسماعيل النبياني ،حجة ا﵀ عمى العالمين في معجزات سيد المرسمين ،دار الكتب العممية،
ط ،1بيروت ،لبنان1996 ،ص .194
16
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
-1محمود حسن إسماعيل ،المرجع في أدب األطفال ،دار الفكر العربي ،ط ، 3القاىرة 2011 ،م ،ص .42
-2مدثر حميد ،قرة العين طاىره ،أدب األطفال العربي وتطوره ،ص .155-154
17
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
تعددت اآلراء بين الكتاب حول أقدمية أدب الطفل ،فمنيم من يرى أنو قديم ،ومنيم من
ّ
يرى أنو مشمول في أدب الكبار ،حيث تحدث بعض الكتاب عن ىذا األدب وأكدوا
عمى قدمو.
أن معظم ىذه الكتب لم تسطر أساسا لألطفال ،إال أنيا كانت مصد اًر غنياً بشتى
"رغم ّ
ألوان القصص واألشعار ،يستميميا المربون والجدات واألميات واآلباء ،ويخرجون منيا
ما يناسب عمر الطفل ،وأخالقو ،وعقيدتو ،ويقدمونيا إليو في ثوب جذاب ،ففي "ألف
ليمة وليمة" الكثير من الخرافات والخزعبالت والتصوير الجنسي الفاضح ،وىذا ما دعا
عدد كبير من الكتاب المحدثين إلى تنقيتيا من الشوائب ،وتقديم بعض قصصيا في
مبسطة ممتعة ومفيدة ،كذلك نرى أن
كتب أو تمثيالت ،في المذياع والتمفاز ،بطريقة ّ
كتاب " كميمة و دمنة" يحتوي عمى عدد كبير من قصص الطير والحيوان ،لكنيا تنحو
منحى فمسفي واإلغراق الرمزي ،مما يعيق عمى فيم الطفل ،وليذا حاول الذين يكتبون
صص ىادف ُمبسط ذي منحى
لألطفال ،في أوروبا والعالم اإلسالمي ،تحويميا إلى قَ َ
1
أخالقي".
ىناك العديد من القصص التي لم تكتب أساسا لألطفال ،وىذا ما جعل ال ُكتاب
مبسطة ومفيدة ،ومن ىذه
يجتيدون في تغييرىا بما يتناسب مع الطفل ،بطريقة ّ
القصص ألف ليمة وليمة.
"ويتوقف "عمي الحديدي" عند الحديث عن كتاب "ألف ليمة و ليمة" فيرى رأياً آخر حيث
يقول :أما سيد مصنفات التسمية "ألف ليمة وليمة" وعشرات المجموعات التي ألفت غمى
شاكمتو ،وحكاياتيا عن الجن واألساطير ،والمغامرات وأسفار البحار ،وما فييا من
النوادر التي أمتعت العالم وأسعدتو ،فال يصمح منيا لمصغار إال النادر القميل كقصة
-1نجيب الكيالني ،أدب األطفال في ضوء اإلسالم ،دار مؤسسة الرسالة ،ط 1996 ، 4ص .12
18
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
"عطء الدين و الم بحح" ،وقصة "عمي بحبح واألربعون الراميحًا" ،وبعض مغامرات
1
"السندبحد".
خالصة القول إنو قد غمب عمى أدب الطفل في العصر العباسي االختالط،
فامتزجت الثقافة اإلسالمية بثقافة األعاجم ،نتيجة الفتوحات اإلسالمية ،فامتألت بيوت
قصصا من ثقافتيم ،التي كانت
ً المسممين بالجواري ،وكن يقصصن عمى األطفال
ترتكز عمى الخرافات والخزعبالت ،وفي المقابل كان ىناك مجموعة من األدباء
والفقياء المسممين ،حاولوا الحفاظ عمى أسس التربية اإلسالمية الصحيحة.
الفكرة ما تحتاجو من اىتمام ،وكال الفريقين عمى طرفي نقيض ،لكنيما ال يستطيعان
1
بموغ المثل األعمى الذي ننشده في فن األدب".
"في قصص األطفال بالذات ،فالفكرة ىي األساس الذي يقوم عميو البناء الفني
لمقصة ،كما أن الفكرة تشكل مصد اًر من مصادر اإلعجاب ،ونحن نق أر القصة ،وال
تستطيع أية قصة أن تتحد مالمحيا ،وكيانيا المميز المؤثر إال باستكمال عنصر
الفكرة.
ومن شروط الفكرة في الكتابة القصصية لألطفال:
-أن تكون ذات قيمة مفيدة.
-أن تكون مناسبة لمدارك األطفال ،مرتبطة بحياتيم وعواطفيم.
2
تسبب صدمة لمطفل".
-أن تخمو من المثالية الشديدة ،حتى ال ّ
-1محمد سيد حالوة ،األدب القصصي لألطفال (مضمون اجتماعي نفسي) ،مؤسسة جورس الدولية اإلسكندرية،
دط ،سنة ،2000ص .37
وىناك قصص تبدو الحوادث والوقائع منفصمة أو غير متسمسمة ،ولكنيا تحافظ عمى
بناءىا القصصي من خالل عناصر أخرى ،غير الحوادث كالشخصيات أو الفكرة
1
العامة أو ما إلى ذلك".
أي أن الحدث ىو مجموعة األفعال ،التي تكون مرتبة ترتيب متسمسل أو غير
متسمسل ،كما تصور الشخصية وتكشف عن أبعادىا ،ودورىا في القصة ،وصراعيا مع
الشخصيات األخرى.
"ال ُيشترط في الحوادث أن تكون كبيرة ،فقد تكون كثير من الحوادث االعتيادية التي
يصادفيا الطفل كل يوم ،مصد اًر وافر من قصصيم بل تستطيع مثل ىذه القصص
التي تتناول حوادث اعتيادية يقوم ببطولتيا أشخاص اعتياديون لتفسير كثيرمن جوانب
2
الحياة تفسي ار صادقا سميما رغم أنيا ال تفسر ليم كل شيء".
أما عن طرق بناء الحدث القصصي فيناك نوعان ىما:
ّ
1-2-3البنحء:
"ىو الطريقة التي تسير عمييا القصة لبموغ ىدفيا ،ويكون البناء فنياً إذا اعتمد
طرائق التشويق ،وكان متالحم األجزاء بحيث يتكون منو ما نسميو (الوحدة الفنية) وقد
تقوم وحدة السرد عمى شخصية البطل ،كما في قصص المغامرات ،أو تقوم عمى
تالحم الوقائع ،بحيث تتبع تصميماً معيناً وتسير متساندة غير متزاحمة ،وبحيث يقع
كل حادث في محمو مطو اًر ما قبمو ،مطمقاً ما بعده ،وذلك في تساوق معقول وفي تناغم
بين الموضوع والواقع يوفران المتعة األدبية ،وما ال شك فيو أن البناء يختمف باختالف
-1ىادي نعمان الييتي ،أدب األطفال فمسفتو ،فنونو ،وسائطو ،دار الييئة المصرية العامة لمكتاب،دط ،القاىرة،
دت ،ص .140
-2المرجع نفسو ،ص .141
21
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
-2-2الالبكة الفنية:
"الحبكة ىي إحكام بناء القصة بطريقة منطقية مقنعة ،ألنيا ىي القصة في وجييا
المنطقي ،ومفيوميا أن تكون الحوادث والشخصيات مرتبطة ارتباطاً منطقياً ،يجعل من
مجموعيا وحدة متماسكة األجزاء ،ذات داللة محددة وىي تتطمب نوعاً من الغموض
2
الذي تتضح أس ارره في وقتيا المناسب".
مكونة من ثالث عناصر أساسية ىي :االستيالل ،العقدة ،النياية:
وىي ّ
أ -االستهطل:
"يعد االستيالل من أىم عتبات النص الموازي ،التي تحيط بالنص األدبي خارجياً،
وىو إيحاء بمنطوق الحكاية ،يثير الخيال ،فضالً عن أنو عنصر من أىم عناصر
3
البناء الفني الحكائي ،ألنو بمنزلة المدخل الرئيس لولوج عالم القصة".
ب-العقدة ( :لالظة التأزم )
"يقصد بيا الذروة التي تبمغيا األحداث في القصة ،من حيث تعقيدىا ثم تدرجيا في
الحل ،وىناك بعض القصص التي يحكييا األطفال تخمو من العقدة ،وبعضيا تتعقد
1www1.amahmet.k12.il>arabic>Doclib4
-2أحمد نجيب ،أدب األطفال ،عمم و فن ،دار الفكر العربي دط ،القاىرة1991 ،م ،ص .77
-3بيون عمي سعيد ،أدب األطفال دراسة في المقومات والفنون والموضوعات ،الجزائر2018 ،م ص .102
22
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
فيو األحداث ثم تنفرج أكثر من مرة ،وىاتان الحالتان تبعدان ما يحكيو الطفل عن
مفيوم القصة بمعناىا الحديث ،عمى اعتبار أن العقدة تعد مكوناً أساسياً في القصة،
فيي التي تنتيي إلييا األحداث في تجمعيا وتشابكيا ،وىي التي يبدأ انفراج األحداث
عنيا ليحس الطفل بالخط الدرامي المأساوي ،أو الخط الكوميدي ،وكالىما يشعره بالمذة
1
ويساعده عمى االندماج مع األحداث ومعايشتيا".
-1حسن شحاتة ،أدب األطفال العربي ،دراسات و بحوث ،الدار المصرية المبنانية ،ط1991 ،1م ،ط1994 ،2م
ص .170-169
البوابة2WWW.ALBAWABA.COM2019-2000
23
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
لرسم الشخصيات أىمية معينة ،والقارئ بحاجة إلى أن يرى الشخصية أمامو حية
مجسمة ،وأن يسمعيا تتكمم بصدق وح اررة واخالص ،فيرى فييا صدق الحقيقة ،وح اررة
الحياة ،واذا تم لو التعرف عمييا وفيميا واالقتناع بيا ،كان ىذا ىو المدخل األول نحو
تحقيق نوع من التعاطف بينو وبينيا ،وتحقيق التعاطف بين القارئ وبعض شخصيات
القصة ،يخمق جواً انفعالياً مساعداً ،يخطو بالقصة خطوات واسعة في طريق النجاح.
يجب أن تتميز شخصيات قصص األطفال بخصائص تجعميا مناسبة ليم وفق
مراحل النمو التي يكونون فييا ،ومن أىم ما يجب أن يراعى في ىذا الشأن الوضوح
والتمييز والتشويق.
1-3-3الوضوح:
يستدعي رسم الشخصيات بعناية مع التركيز عمى الجوانب المحسوسة ،الممموسة
المرئية بما يتفق مع أسموب الطفل في التفكير الحي بحيث تبدو الشخصية مجسمة
بشكميا ولونيا وسائر خصائصيا المادية في مخيمة الطفل وكأنيا أمامو نابضة بالحياة
1
والحركة".
2-3-3التمييز:
"يحتم التمييز أن ال تتقارب الشخصيات في أسمائيا أو في صفاتيا ،أو في بعض
خصائصيا ،مما يؤدي إلى أن تتداخل في مخيمة الطفل ،فيخمط بينيما ،والوضوح
والتمييز معاً يقتضيان أال يزيد عدد الشخصيات عن مستوى قدرة الطفل ،عمى التذكر
واالستيعاب.
-1احمد نجيب ،فن الكتابة لالطفال ،دار اقرا ،ط ،3بيروت لبنان1986،م ،ص.78
24
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
3-3-3التشويق:
يدعو إلى اختيار شخصيات تستيوي الطفل ،سواء أكانت ىذه الشخصيات من
1
الحيوان ،أو من أبطال األساطير ،أو من الشخصيات المحببة في عالم األطفال".
وبين طريقة األطفال في ىذا وفق لمرحمة النمو التي يكونون فييا ،حتى يكون أسموبو
أقرب إلى نفوسيم ،كما يجب أن يمم بدقائق لغة الكتابة لألطفال ،وأن يحيط عمماً
1
بقاموسيم المغوي المتميز ،حتى يكتب ليم ما يناسبيم من ألفاظ وتراكيب".
شيئاً فشيئاً من الواقعية والمادية ،ليعبر عن المحسوسات واالنفعاالت ،تعبي اًر موحياً
بخمق أجواء خاصة بو ،تَْبتعث في قارئو أو سامعو ما يشاء من االنطباعات ،وينتيي
ويفرض فيمن
إلى ما يسمى بالوصف الوجداني ،وىو يمثل مرحمة متطورة من الفنيةُ ،
1
يمجأ إليو رىافة حسية ،وتقنية فذة".
3-4-3السرد:
"نقصد بالسرد كتابة القصة أو روايتيا لمطفل ،وىي طريقة استخدام القاموس المغوي
في عرض الحدث أو الوقائع ،وىنا نؤكد مرة أخرى عمى أىمية اختيار األلفاظ
المناسبة ،لسن الطفل الذي نكتب لو ،فالمغة ذات األلفاظ الصعبة أو الغريبة ال يفيميا
الطفل ،فيي تعيق عممية التمقي والفيم والعيش في قمب الحدث ،كما تعطل
انسيابيةالتمثُل والتخيل ،كذلك فإن األلفاظ ذات الدالالت المعنوية أو التجريبية ،تربك
الطفل ،وتورثو الحيمة وتوقعو في الغموض ،وليذا فإن الكممات ذات الدالالت المجسدة
والتي ترمز إلى أشياء يعرفيا الطفل ،في بيئتو الخاصة أو العامة ىي التي تناسبو ،وال
يستطيع الطفل أن يفيم التجريدات إال في سن متأخرة ،بعد أن تنمو مداركو و تتكثف
خبراتو2".وىنا يجب مراعاة األلفاظ المناسبة لسن الطفل ،التي تتناسب مع مدركاتو
العقمية ودرجة استيعابو ليا.
"المفظة في السرد ال تمقى ىكذا جامدة ،دفعة كقالب من طوب ،ولكن البد أن
تواكبيا لفظة مساعدة ،أو جمل موحية تشحن سياق المغة أو تعبيرىا بالحركة وتثرييا
بالتخييل والتجسيد ،فإذا قمنا (حضر أحمد) فإن مجرد الحضور ىكذا ال يوحي إال بفعل
-1جبور عبد النور ،المعجم األدبي ،دار العمم لمماليين ،ط 1بيروت ،1979 ،ط ،1984 ،2ص .293-292
-2نجيب الكيالني ،أدب األطفال في ضوء اإلسالم ،ص .28
27
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
بسيط ،ال يمفت النظر عادة ،بينما إذا قمنا (حضر أحمد وىو يبكي..أو وىو يرتجف
ويرتعش )...فإننا بذلك قد أضفنا حركة وحيوية.
من الخير تجنب األلفاظ البذيئة التي تخدش الحياء ،وتدفع الطفل إلى سموكات غير
أخالقية ،فيكفي الطفل ما يسمعو في الشارع من كالم فاحش ،وممارسات ضارة تبعث
1
األسى في النفوس".
28
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
"إن مراعاة ظروف الزمان والمكان أمر حيوي وجوىري ،فحوادث القصة ووقائعيا
حدثت في زمان معين ومكان خاص ،وىذا يفرض عمييا أن تراعي خصائص كل
منيما من حيث البيئة المكانية وما فييا ،وعادات الناس وتقاليدىم وأساليبيم ،في
1
التعامل و ما إلى ذلك".
1-2-4التنحسب العقمي:
معنى ىذا أن يتناسب ىذا األدب مع األطفال ،حسب مستوياتيم العقمية وقدراتيم
خصوصا وأن جميور األطفال
ً عمى الفيم والتذوق ،أي مراعاة السن التي نكتب ليا،
غير متجانس ،فيم يختمفون في أطوار نموىم الجسمي ،والعوامل الفعالة في ىذه
األطوار ،من بيئة وثقافة وخصائص ذاتية وغيرىا.
2-2-4التنحسب التربوي:
معنى ىذا تناسب ىذا األدب مع المفاىيم التربوية واألخالقية ،التي نسعى إلى
غرسيا فيناك بعض الموضوعات التي يجب أن نقي األطفال منيا ،وأن نحافظ عمييم
ضدىا كبعض آراء البالغين في الحياة ،مثل توظيف الجنس في القصة وصور الرعب
رفضا مطمقاً وانما المقصود
والعنف والجريمة ،وىذا ال يعني رفضنا ىذه الموضوعات ً
خصوصا في المراحل األولى
ً مراعاة المقدار الذي يسمح بو ،والكيفية التي يصاغ بيا،
1
لمطفولة ،إذ أن ىذه الموضوعات تتطمب مستوى قرائي يتجاوز مستوى األطفال.
3-2-4التنحسب الفني:
"يقصد بو القواعد األساسية في فن الكتابة ،سواء أكان اإلنتاج قصة أم مسرحية
أم شع اًر ،يشغل فييا وسائل كالصورة والصوت والمون والرسم ،لتحقيق الغاية الفنية وىي
تنمية الحس الجمالي والتذوق الفني ،فالطفل بحكم مستواه العمري والعقمي أكثر احتياجا
لموسائل الفنية ،التي تطيء لو القضايا ،وتقرب لو المفيومات ،فاألديب ال يكتب لمطفل
ليرشده ويمقنو العموم فقط ،وانما ليضيف ليذا الطفل بعداً جمالياً ،يعمل عمى تربية
2
الذوق فينشط الخيال وييذبو".
-1العيد جمولي ،النص األدبي لألطفال في الجزائر ،دار ىومة ،دط ،دت ،ص.10-9
-2المرجع السابق ،ص .16-15
30
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
بعد تعريفنا لمعنصرين سنرى كيف تم توظيفيما في المادة التراثية ،بما يناسب مع
مرحمة الطفولة ،ومن بين ىذه العناصر التراثية:
3-4البسحصة و التنحسب في ألف ليمة وليمة:
"تعد ألف ليمة وليمة من أىم المصادر التراثية ،التي أثرت في أدب األطفال في كثير
من بمدان العالم ،فمن الكتاب الذين اقتبسوا منيا قصصا لألطفال" :نوري بشاري" فقد
استميم منيا قصة لألطفال ىي "عالء الدين والمصباح السحري" وقصة "مغامرات
السندباد" ،ففي ىذه األخيرة يقوم السندباد بمغامرات مختمفة ،ويالحظ قارئ القصة أن
صاحبيا حافظ عمى حوادثيا كما ىي في مصدرىا ،ولم يتصرف فييا إال في التبسيط
والتيذيب ،مما يجعميا مناسبة لممتمقي الصغير.
من بين الكتاب أيضا الذين استميموا من ىذا التراث األدبي قصصا لألطفال:
الكاتب "محمد المبارك حجازي" ولو في ىذا المجال "سمسمة من وحي مغامرات السندباد
البحري" ،وتضم ىذه السمسمة مجموعة من القصص ،وقد َّ
عدل الكاتب في قصصو،
وجعميا مغايرة لمقصة األصمية ،كما وردت في مصدرىا ،وىذا لتتناسب ومستوى
الطفل ،وجد الكاتب في شخصية السندباد بطالً مغام اًر متغمباً عمى كل ما يعترضو من
أخطار ،منتص اًر لمحق والخير ،ويعود بعد مغامرات كثيرة إلى مسقط رأسو ،محمالً
بالكنوز ،وقد اختمفت مستويات توظيف ىذه الشخصية ،فمن الكتاب من حافظ عمى
مالمحيا كما وردت في مصدرىا ومنيم من أضاف إلييا إضافات ال تفسد ىذه
1
غير و َّ
بدل ألن فنيات التمخيص تستدعي ذلك". المالمح ،ومنيم من حذف و َّ
-1ينظر ،العيد جمولي ،مجمة األدب و المغات ،مجمة األثر ،جامعة قاصدي مرباح ورقمة ،الجزائر ،ماي 2010م،
ص .123-121
31
إرهاصات أدب األطفال في التراث العربي القديم الفصل األول:
"من خالل مل سبق نالحظ أن الكاتب في استميامو قصص ألف ليمة وليمة يعمد
إلى تاطيرىا بإطار زماني ومكاني ،ليوحي لمطفل بواقعيتيا رغم غرابتيا الشديدة،
فتعددت األمكنة من بغداد إلى البصرة إلى بالد اليند وفارس وافريقيا ،تختمف األزمنة
فمن قديم الزمان وسالف العصر واألوان إلى عيد ىارون الرشيد ،كما حرص عمى
صبغ الحادثة بطابع واقعي ،من أجل خمق انسجام بين العناصر الخيالية والواقعية،
فأبطال ىذه الحكايات "السندباد"" ،عالء الدين"" ،عمي بابا" ىم بشر في سموكيم
وتصرفاتيم ،يقومون بأفعال وأعمال إنسانية ،فيم يجسدون في قصصيم صراع الخير
والشر ،ومعاناة اإلنسان في سعيو وراء لقمة العيش ،وكل ىذا من شأنو أن يقنع المتمقي
1
الصغير بواقعية الحكاية".
ولقد تميز أسموبيا بشيء من الرقي الفني ،المتمثل في سيولة عباراتيا ،وفصاحة
1
كمماتيا ،وبعض الصور الفنية التي تحقق الجمال الفني لكنيا في مستوى األطفال".
خط ة:
نستنتج مما تقدم أن أدب الطفل كان وال يزال حاض اًر في األدب العربي قديما
وحديثاً ،حيث اعتنى العرب بقصص األطفال ،باعتبارىا وسيمة من وسائل التربية،
وغرس القيم الفاضمة في نفوس األطفال ،وقد ظير ذلك من خالل التراث الذي وصمنا
من العصر الجاىمي مرو اًر بالعصور اإلسالمية ،كما اىتم الكتاب بالمقومات الفنية،
بحيث طبقوىا عمى القصص ليسيل استيعابيا لدى األطفال.
،1 -1ينظر سعد أبو رضا ،النص األدبي لألطفال أىدافو ومصادره وسماتو ،رؤية إسالمية ،مكتبة العبيكان ،ط
الرياض2005 ،م ،ص .77-76
33
الفصل الثاني:
معايير أدب األطفال في قصة
الغواص
األسد و ّ
عينة الدراسة:
-1توصيف ّ
1-1من حيث الشكل:
مدونة الدراسة،
اعتمد مصدر اإلصدار ابن األزرق لدراسات التراث السياسي في ّ
موحداً لسمسمة نصوص التراث السياسي ،أساسو المّونين ،األزرق بدرجاتو
شكالً ّ
واألبيض ،وقد لجأت دار النشر لمجموعة من الرموز في كتبيا عامة ،فكل رمز يدل
عمى فترة زمنية معينة ،فالرمز الذي في غالف كتابنا يد ّل عمى العصر العباسي ،وىذا
ما َن ْمحظو في مجموعة الكتب التي حققيا ىذا المركز في نفس العصر.
يخص حجم الكتاب فمقاييسو ،21x29.5ونالحظ عمى غالف الكتاب في
ّ أما فيما
ّ
الجانب األيمن العموي عنوان السمسمة ،الذي كتب بالمّون األبيض داخل إطار برتقالي،
وىو عنوان ينتمي إلى سمسمة نصوص التراث السياسي ،ويقابمو في الجانب األيسر
رمز مركز ابن األزرق لدراسات التراث السياسي ،وىو مكتوب داخل معين بالمونين
األبيض و األزرق ،كما يتوسط الغالف رمز يدل عمى العصر العباسي ،الذي اعتمدتو
دار النشر ،وأسفل العنوان نجد نوع القصة ،وىي حكاية رمزية عربية من القرن
الخامس ىجري ،بتحقيق رضوان السيد ،الذي قسم الكتاب إلى أربعة مواضيع (مرايا
235 األمراء ،فكر سياسي ،آداب السياسة ،نصائح المموك) ،يتكون ىذا الكتاب من
صفحة ،مقسمة عمى تسعة عشر باباً ،مكتوب عنوانيا بخط بارز ،أما خط المتن
17إلى 19سط اًر، حجمو متساوي في كل الصفحات ،ومعدل سطوره يتراوح ما بين
وىوكتاب من الطبعة الثالثة ،بتاريخ 1432ه2012-م بيروت ،لبنان ،أما فيما يخص
الصور ،فيذه القصة ال تحتوي عمى صور بحكم كونيا تاريخية وتراثية.
القصة ثالث مخطوطات معروفة اليومّ ،أوليا في المكتبة البمدية باإلسكندرية،
ّ "ليذه
ويرجع تاريخ انتساخيا إلى سنة 950ه ،ولم يذكر ناسخيا األصل الذي نقل عنو وال
ذكر تاريخو ،وتحتفظ دار الكتب المصرية بالمخطوطة الثانية لمحكاية،ويعود تاريخ
35
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
انتساخيا إلى سنة 1329ه ،وىي منسوخة بخط حديث عن مخطوطة اإلسكندرية،
1131ه، وتوجد النسخة الثالثة في بانكيبور باليند ،ويرجع تاريخ انتساخيا إلى عام
1
وتبقى ىذه النسخة ميمة رغم تأخر تاريخ انتساخيا".
في األخير نجد مجموعة من المصادر والمراجع أبرزىا" :البصائر والذخائر" ألبي
حيان التوحيدي ،تحقيق إبراىيم الكيالني" ،البيان والتبيين" لمجاحظ ،تحقيق عبد السالم
ىارون و"تاريخ األمم والمموك" ،لمطبري تحقيق دي غويو إلخ.
في آخر الكتاب نجد الفيرس ،وىو الوصف الفني لمواد الكتاب ،لتكون في متناول
القارئ بأيسر الطرق ،و في أقل وقت ممكن.
36
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
"األمة" وليست دولة "مرايا األمراء" ،أي أن الرعايا والسمطان متساوون في المسؤولية
اتجاه الدولة ،أما في مرايا األمراء ،فيجب عمى المجتمع الخضوع لمسمطة.
وتطورىا ،ونسج خيوطيا والسير
ّ أدت الشخصيات دو اًر ميماً في تحريك األحداث
ّ
بيا إلى النياية ،عن طريق أفعاليا وأقواليا وتحركاتيا ،فشخصيات ىذه القصة من
الحيوانات ،وىم يمثمون الطبقة الحاكمة ،وىي بذلك تنتمي إلى عالم مجيول من
اإلنسان ،ولكنو مشوق عمى الدوام واالستمرار ،يثير خيال القارئ،ويستشير عقمو ،حيث
يجد القارئ نفسو مطالب بإرجاع كل شخصية من الحيوانات إلى ما يشابييا في عالم
البشر.
يخص المغة ،فتتخمّميا بعض التعقيدات ،لكن السمة الغالبة عمييا الوضوح .
ّ أما فيما
ّ
إن ىذا الكتاب يمجد الفضائل األساسية كالوفاء والشجاعة والوعظ ،وغير ذلك،
ّ
ويدين الرذائل والشرور في شتى مظاىرىا.
-نصيحة الرعية لمممك واجبة فصالح -2باب ما يجب عمى الرعية من
الممك من صالح حال الرعية. نصيحة الممك ،و َّ
أن ذلك ينفع الناصح
كنفعو لممنصوح و َّ
أن أمر الممك والرعية
أن
متعمق بعضو ببعض وفيو داللة عمى ّ
نصحو لمممك نصحو لنفسو.
37
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
-إصرار الغواص عمى التقرب من -3باب فيما يحتاج إليو ذو الفضل
الممك لنصيحتو ،وتحذير صديق الغواص من المداراة ألصحاب المموك.
لألخير من حاشية الممك وخطورتيا.
-تفكير الغواص بطريقة لنصح الممك -4باب مضرة التبرع بالنصائح و
كيف يتمطف المرء في إيرادىا مع السالمة دون تبعات وتقبل الممك لنصيحة الغواص
وضمو لحاشيتو. من التبعة فييا.
-الرأي ال يصمح إالَّ باالشتراك فعمى -5باب انتفاع الممك بذي الرأي ،و
الممك االنتفاع بالحكماء ومشورتيم. فيو بيان عن أمر العالم الذي يعمم وال
يعمل بعممو.
38
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
-االنتفاع بعمم النجوم إلى جانب -10باب االنتفاع بعمم النجوم مع
التوكل وكيف يجب استعماليا من حيث ال التوكل والحزم إذا كان استعمال ىذا العمم
يضر بالدين.
تضر بالدين وال تنقص من الحزم وىو داع ال ُ
لمعاقل أن ال َي ِ
طرح الحزم مع التوكل وال
يدع التوكل مع األخذ بالحزم و َّ
أن ىذا
محتاج إلى ىذا ،وىذا محتاج إلى ىذا.
-حذف الغواص وقدرتو عمى دقة -11باب تمام الحيمة.
التصرف فأحال الو ِاقعة عن ظاىرىا ابتغاء
النيل من الجاموس.
-استفسار الممك عن طريقة الغواص -12باب كيف يكون تمام الرأي.
لموصول إلى المعرفة.
ُ -حسن تعيين الممك الكفاءات في -13باب استعمال الممك ُك َّل واحد من
المناصب الالَّئِقة بيم. أصحابو في المكان الالّئق بو.
-دراسة التاريخ و أخبار المموك ِ
وسَير -14باب منفعة ِ
العمم واألخبار لممموك
الفضالء منيم ضروري كي يأخذ من داع لممموك إلى التفتيش عن
وىذا الباب ِ
خبرتيم فاألمور أشباه بعضيا ببعض. ِسَير الفضالء منيم ،وأن يتخذوا من ُيَن ِقب
عن محاسن ذلك ليم وي ِ
عرضو عمييم. َ
39
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
-ظيور براءة الغواص ونجاتو من -16باب حاجة أصحاب الممك إلى
الموت. بعض المقاربة والمطف فيإيراد النصيحة.
ورفض
-دعوة الممك الغواص لمعودةَ ، -18باب في مضرة سوء العادة بالنفس
الغواص ِخشيةً عمى نفسو من سوء وانطباعو فييا.
الطباع.
-بعد أن يئس الممك من صحبة -19باب في أقسام السياسة.
الغواص معو طمب منو نصائحو لتسيير
الحكم والرعية.
ُ
* دراسة الجدول :نالحظ من خالل ىذا الجدول ،أن كل باب مختمف في أفكاره
عن اآلخر ،لِما يحممو من فكرة أو نصيحة يستفيد منيا القارئ ،فقد تعددت األفكار،
واختمفت األحداث في كل باب.
40
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
رغم تباين األحداث ،يوجد انسجام في الموضوعات وىدفيا ،ففي نياية كل باب
وكل قصة نخمص بحكمة في جانب من جوانب الحياة.
أما في حجم كل باب وجدنا اختالفا حسب ما تقتضيو أىمية القصة ،ويظير ذلك
مثالً في الباب السابع "باب انتفاع المموك بالحيمة والمكائد والتمطف في عرضيا عمييم،
وىو داع لممموك ،ال يطرحوىا ،وبيان لوجو النفع بيا" ،وقد كان ىذا الباب في ثالث
عشرة صفحة ،ومن ىنا يظير التباين في حجم القصص بين جنبات ىذا الكتاب.
كما تباينت القصص حجماً تباينت في النيايات ،فيناك النيايات السعيدة والحزينة،
ورغم اختالفيا فالنياية دائماً ما تكون حكمة لجانب من جوانب الحياة ،وجاءت أغمبيا
عمى لسان الحيوان ،ومع ذلك نالحظ وجود بعض الشخصيات اإلنسانية ،فمثال يوجد
الغواص والتاجر.
الموام صديق ّ
ّ
نستنتج من كل ما سبق أن ىناك انسجام في مواضع واختالف في مواضع اخرى،
ىذا كمو كان سببا في بالغة وجمال ىذه القصة.
مدونة البحث:
مقومات أدب األطفال في ّ
ّ )2
1-2الفكرة:
"الفكرة ىي األساس الذي يقوم عميو البناء الفني لمقصة ،والموضوع الذي تبنى عميو
1
القصة".
فالفكرة ىنا واحدة ومحددة وغير متناقضة ،ذات ىدف واضح ،مراعية ألغمب
مقومات القصة.
-1عز الدين إسماعيل ،األدب وفنونو دراسة ونقد ،دار الفكر العربي دط ،القاىرة2013 ،م ،ص.109
41
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
قد تناولت ىذه القصة عدة مواضيع ،حيث سعت لتنمية معارف الطفل ،في مختمف
جوانب الحياة ،فنجدىا قد اىتمت بجوانب تربوية ،التي تيدف إلى زرع الفضيمة والوفاء
واألخالق ،وسعى ىذا الكتاب إلى تثبيت قيم ومبادئ ،يجب أن ترسخ في ذىن الطفل
ليعمل بيا في المستقبل ،فالقصة التي تناولناىا بالدراسة ،مقسمة إلى تسعة عشر باباً،
متعددة القيم والمبادئ ،مثل العدل والصدق والوفاء والسياسة واألخالق ،وفي بعض
األحيان حيل بطابع فكاىي ،فمثالً في باب "أقسام السياسة" وظفت الفكرة بطريقة
صريحة،تتمثل في مجموعة من النصائح قدميا الغواص لمممك قبل مفارقتو ،أما في
باب "حيل أصحاب المموك بعضيم عمى بعض" ،فقد وظفت الفكرة بطريقة ضمنية،
تتمثل في كيد خصوم الغواص واإلطاحة بو ،وذلك بطريقة غير مباشرة ،تتمثل في
نصائح قدمت لو.
2-2الحدث:
"ىو المحور األساسي الذي ترتبط بو باقي عناصر القصة ،ارتباطاً وثيقاً ،كارتباط
1
الخيوط معاً في نسج بشكل قطعة قماش".
فبالنظر الى مدونة الدراسة ،يكمن دور الحدث في كونو العنصر االساسي لتسمسل
ووضوح الفكرة ،فبِتتالي األحداث تتضح الفكرة اكثر فاكثر.
القصة ،وقد ساىم في إبراز مالمح الشخصيات من
ّ أىم عنصر في
يعد الحدث ّ
ّ
خالل األدوار المسندة إلييا ،فمن بين األحداث في قصتنا :الحيمة التي نصبيا الغواص
لمجاموس من أجل قتمو ،حيث "ذىب الغواص إلى الجاموس وأقنعو بأن ىناك قوم
ِّ
فصدق الجاموس الغواص فيجم عمييم لكنو انفمت منيم ،فدخل في بركة يريدون قتمو،
ماء فييا وحل ،وسقط دون حركة ،وعندما بردت جراحو لم يستطع النيوض ،فمضى
-1عبد القادر أبو شريفة ،حسين الفي قزق ،مدخل إلى تحميل النص األدبي ،دار الفكر ،ط ،4عمان 2008م،
ص.124
42
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
بالغواص إلى األسد وقال لو :قد أدركت بغيتك ،وقتمت عدوك ،إن أردت تعال لتأخذه
أو ابعث من يأتيك بو ،فبعث الممك جنوداً مع الغواص فقطعوا الجاموس ،وجروه إلى
1
األسد فأكل منو وفرق عمى أصحابو".
في خالصة القول يعتبر ىذا الحدث من بين أىم األحداث في القصة.
1-2-2الحبكة:
"الحبكة ىي المجرى الذي تندفع فيو الشخصيات والحوادث ،حتى تبمغ القصة
2
نيايتيا ،وتكوين الفكرة وتسمسميا تسمسالً طبيعياً ومنطقياً".
أ) االستهالل:
ىو تمييد قصير لألحداث ،ومدخل يشترط فيو جذب انتباه القارئ ،وعدم اإلسراف
فيو ،ويتمثل االستيالل في قصتنا "األسد و الغواص" أن ىناك ممك كان أسداً حسن
الطريقة في مممكتو ،محموداً في رعيتو ،يحبيم محبة الوالد ويعاقبيم كما يضرب الوالد
ولده،إذا رأى في ذلك مصمحتو ،وكان لديو مستشار اسمو الغواص ،وىو ثعمب زاىد
حكيم ،واليد اليمنى لمممك ومساعده في كل أمور الدولة ،وكان األسد يثق فيو ثقة
عمياء ويستشيره في كل شيء.
فيي تعتبر أكثر عنصر مشوق في القصة ،التي تثير فضول القارئ ،مما يدفعو إلى
إكمال األحداث إلى النياية.
بدأت العقدة عندما "دخل الشك في نفس الممك ،بخصوص الغواص ،وذلك بسبب
المكيدة التي ُنصبت لمغواص ،فصار ال يخبره بأس ارره ،أحس الغواص بتغيير الممك
واعتبر ذلك من شدة ثقتو بو ،ولما رأى خصوم الغواص ،شك الممك ،زادت قوتيم
وثقتيم في أنفسيم ،وازدادوا كيداً عميو ،حتى زاد شك الممك في الغواص ،لكن الممك
احتار ماذا يفعل ألنو يعرف أخالق الغواص وذكاءه ودينو ،فاحتار في أمرين إما يقتمو
فيكون قد قابل اإلحسان باإلساءة ،أو يعفو عنو فيأتي غيره بكبيرة أكثر منيا.
قرر الممك سجنو ،ثم جاء خصوم الغواص إلى الممك ،وأخبروه عن الغواص وعن
أخطاءه ،وكل ىميم أن يثق الممك بكالميم ،فقالوا لو أن لمغواص ماالً ُمخبأ عند
التاجر ،فقبض الممك التاجر وأجبره عمى االعتراف ،لكن التاجر انكر حتى ضربو
الممك فاعترف لو بالمال المدفون في الدكان ،وعميو اسم الغواص ،عمماً أن المال
سوء،ويتدرج التأزم حتى
المدفون وضعو خصوم الغواص ليكيدوا عميو ،ثم تزداد األمور ً
ال يشعر القارئ بالممل ،ومن شدة صدمة الممك امتنع عن األكل والشرب ،لكنو لم
يتسرع في الحكم عمى الغواص ،حتى يحيط باألمور من كل جوانبيا ،فسجن الممك مع
1
الغواص سجينين لكي يعرف الحقيقة".
العقدة وفيت حقيا الفني ،حيث عقدت شيئاً فشيئاً حتى وصمت ذروتيا.
الذين يكرىونو ،وىذه النياية لم تستغرق مساحة طويمة في القصة ،وقد أعقبت أحداثاً
سابقة ،فما كان يشد المتمقي بات معروفاً ،وليس من الطبيعي أن ُيطيل في
التفصيالت ،خصوصاً بعدما صار التوتر خفيفاً واليدف واضحاً.
في األخير فطن الممك وأمر بقتميم ،واعتذر من الغواص بكل حياء وخجل ،فطمب منو
أن يعود لمعمل معو ،ووعده أن ال يشك فيو مرة أخرى ،فرفض الغواص ذلك ،ألنو
اتيمو تيمة باطمة ،ولما يئس األسد من صحبة الغواص قال لو انصحني :فنصحو
الغواص بأمور لصالح الدولة ،وبعدىا تفرد الغواص بنفسو لعبادة اهلل ،وانقطع إلى بيت
من بيوت اهلل في بعض الجبال ،وكان الممك يزوره من وقت إلى آخر حتى فرق الدىر
1
بينيما".
3-2الشخصيات:
"المقصود بالشخصية ال يقتصر عمى البشر فقط ،و إنما يتعداه ليشمل كل ما يؤدي
1
فعالً ،أو يمارس تأثي اًر ،أو يتمتع بحضور قوى تتجاوز أصداؤه حدود حجمو".
ال يخمو أي عمل سردي من عنصر الشخصية ،التي تعد ركيزة ىامة ال نستطيع
تجاوزىا واالستغناء عنيا ،ولطالما أولى ال ُكتاب والقصاصون بيذا العنصر اىتماما
وعناية كبيرين ،فالشخصية البطمة في قصة الطفل ،عنصر رئيسي ،ألنيا تمثل قدوتو
وتجسد طموحاتو.
تعددت الشخصيات في ىذه القصة،وىي شخصيات عمى لسان الحيوان ،وقد وظفت
ىذه الشخصيات توظيفاً واضحاً ومقنعاً ،إذ ال خالف بين صفاتيا في القصة وما ىو
معروف عنيا في الواقع ،وفي خبرة الطفل ،وقسمت ىذه الشخصيات إلى قسمين:
تميز بالعدل
أما األسد فيو الممكّ ،
شخصيتان رئيسيتان؛ وىما األسد والثعمبّ ،
التصرف ،وىذا ما جعمو محبوباً عند رعيتو ،والشخصية الثانية وىي الثعمب
ّ وحسن
أىم صفاتو الوفاء واإلخالص
بالغواص ،وىو مستشار الممك ،ومن ّ
كنى ّ الم ّ
(ابن آوى) ُ
ىمو الوحيد مصمحة المممكة. في عمموّ ،
أما الشخصيات الثانوية فيي :المَّوام وىو صديق الغواص ،الذي كان برفقتو أثناء
ّ
دخولو لمسجن ،والذي نصحو بعدم التعاون مع السمطة ،ونجد أيضاً التاجر وخصوم
الغواص الذي نصبو مكيدة لو.
-1فؤاد قنديل ،فن كتابة القصة ،الييئة العامة لقصور الثقافة ،دط ،يونيو 2002م ،ص .205-204
46
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
4-2المّغة واألسموب:
"المقصود بالمغة في القصة األلفاظ التي يستخدميا الكاتب ،وىي أحد األركان
األساسية في القصة ،وبما أن المغة وسيمة لعمميات عقمية مختمفة ،كالتفكير والتخييل
والتذكر ،لذلك فإن المغة التي تكتب بيا القصة تساعد األطفال ،عمى تنمية قدراتيم
العقمية ،إلى جانب إنماء ثروتيم المغوية.
اء
ثم إن أسموب كتابة القصة لو شأن في إيصال ما يريده الكاتب إلى الطفل ،سو ً
أكان ذلك فكرة ،أم قيمة ،أم حتى حقيقة عممية ومعرفية عمى أن يتناسب ىذا األسموب
1
ومستوى الطفل المغوي من جية ،وطبيعة الموضوع المطروح من جية أخرى".
يمكن لمطفل أن يفيم لغة أعمى من لغتو ،وأسموباً أرقى من أسموبو بقميل ،ولعمو من
ويقوى أسموبو،
األفضل إضافة ألفاظ جديدة في كل قصة يقرأىا ،وبيذا تتطور لغتوَ ،
فالقصة التي تناوليا بالدراسة ،الحظنا فييا بعض التعقيدات ،ألنيا تحتوي عمى مفردات
صعبة مثل" :قد ساساىم"ُ " ،ج ِم َع الحزم"" ،تغرب في َغ ْيضة" ،ىذه المفردات تحتاج إلى
شرح وتوضيح ،إلزالة الغموض والغرابة عنيا ،وذلك بذكر معناىا بين قوسين بعد
ُورودىا مباشرة.
عمى العموم فالسمة الغالبة عمى القصة الوضوح ،فقد استخدم الكاتب فييا لغة
مشوقة تكاد تخمو من الممل ،نتيجة استخدامو أسموب الحوار ،حيث ال تمل إذا قرأت
ّ
-1أمل حمدي دكاك ،القصة في مجاالت األطفال و دورىا في تنشئة األطفال اجتماعياً ،منشورات الييئة العامة
السورية لمكتاب ،دط ،دمشق 2012،م ص .58-57
47
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
1-4-2الحوار:
"الحوار جزء ىام من األسموب التعبيري في القصة ،فكثي ار ما يكون الحوار السمس
المتقن مصد اًر من أىم مصادر المتعة في القصة ،وبواسطتو تتصل شخصيات القصة
1
بعضيا بالبعض اآلخر اتصاالً صريحاً مباش اًر".
ردات
الحوار يسمح لمقارئ أن يسبح بخيالو ،فيتخيل الشخصيات وأصواتيا ،و ّ
فعميا وحتى تعابير وجييا ،فالحوار يجعل الشخصيات قريبة ومتفاعمة مع القارئ.
الغواص ،استخدم الكاتب أسموب الحوار بشكل كبير ،لكي ال
ففي قصة األسد و ّ
الغواص
يحس القارئ بالممل أثناء قراءتو لمقصة ،ومثال ذلك :جرى حوار بين الممك و ّ
حيث سألو:
"قالَ :فمِ َم
ُس َميت غواصاُ ؟
قال :لِغوصي عمى المعاني الدقيقة ،واستخراج أسرار العموم الخفية.
قال لو األسد :فاألسماء كميا تجري في ىذا المجرى؟
قال :ال !أييا الممك ! َّ
إن األسماء وان كانت تُراد لمتعريف والتمييز ،فإنيا تقال عمى
2
وجيين ،اسم يدل عمى معنى في المسمى ،واآلخر اسم ال يدل عمى معنى فيو".
فالكاتب لم يستغني عن الحوار في القصة ،وذلك ليترك لمشخصيات تمثيل الحوادث
بحرية وطالقة ،ويترك الشخصية تتكمم وثبت عواطفيا وأحاسيسيا ،بطريقة عفوية دون
صنعة وتكمف.
-1محمد يوسف نجم ،فن القصة ،دار بيروت لمطباعة و النشر ،دط ،بيروت ،1955ص .112
-2إعتناء رضوان السيد ،األسد والغواص ،مجيول المؤلف ،ص.77
48
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
2-4-2الوصف:
1
ىو أسموب إنشائي ،يتناول ذكر األشياء في مظيرىا الحسي ،ويقدميا لمعين.
تتمثل وظيفة الوصف في تصوير األشياء المراد التعبير عنيا ،لتقريب حالة وشكل
الموصوف بالنسبة لمقارئ وتقيميو ،حيث أن وصف حالة معينة ُيسيل عميك تقديم
صورة دقيقة لممتمقي ،بطريقة أسيل من أن تعطي لو معمومة ،ففي ىذه القصة وظف
الكاتب الوصف بشكل واضح ،حيث وصف لنا الشخصيات الرئيسية وصفاً دقيقاً وىما:
الغواص ،حيث وصف األسد بأنو ممك الوحوش ،كان حسن الطريقة في
الممك و ّ
مممكتو ،محبوباً عند رعيتو،ىمو الوحيد مصمحتيم وراحتيم ،كان يتعامل معيم مثل
تعامل الوالد مع ولده ،كما وصف الغواص بأنو زاىد حكيم ،ومستشار الممك ،ولو
تميزه ،مثل الوفاء وحسن التعامل ،ومنو يمكننا القول أن لموصف أىمية
صفات أخالقية ّ
في القصة ،ال يمكن االستغناء عنو أو التقميل من أىميتو ،فمن دونو تبقى األحداث
والشخصيات وغيرىا غامضة ومبيمة ،لذلك البد منو في القصة ،ألنو يشغل مساحة
ميمة جداً فييا.
5-2البيئة القصصية:
"يعد عنصر البيئة ركناً أساساً في القصة ،فيو الحيز الطبيعي الذي يقع الحدث
فيو ،وتتحرك الشخصيات في مجالو ،ولذلك فإن صفاتو تختمف من نوع قصصي
2
آلخر ،من حيث االتساع والضيق ،وذلك بحسب طاقة كل جنس وقدراتو الفنية".
ويعتبر الزمان والمكان عنصرين ي ِ
أطران بيئة القصة ،ويساعدان عمى سيرورة ُ
األحداث فييا ،فمكل قصة زمان ومكان تتجسد فييما األحداث ،فالمكان ىو الساحة
-1سي از قاسم ،بناء الرواية ،ميرجان القراءة لمجميع ،مكتبة األسرة ،دط2004،م ،ص .111
-2بيون عمي سعيد ،مجالت األطفال ودورىا في التنشئة الثقافية ،رسالة دكتوراه ،إشراف أحمد منور ،جامعة
تمت مناقشتيا في 05أكتوبر 2015م ،ص.248
الجزائر ّ ،2
49
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
التي تجرى فييا األحداث ،أما الزمان فيو وقت حدوثيا ،فقد جرت أطوار القصة في
الغابة ،إضافة إلى أماكن أخرى مثل السجن ،الدكان ،والبِركة التي وقع فييا الجاموس،
أما الزمان فكانت اإلشارة إليو قميمة كقولو :ذات يوم ،ساعتو ،كل يوم ،في الميل،
وعموماً قد راعى الكاتب سرد ىذه األحداث في وقتيا.
خالصة القول أنو كمما كانت القصة ذات بيئة محددة ،وكمما اتضح فييا الزمان
والمكان كمما كانت ُمقنعة لألطفال.
)3الخيال في قصة األسد والغواص:
1-3تعريف الخيال:
"ىو عممية عقمية ،تستعين بالتذكر في استرجاع الصور العقمية المختمفة ،ثم تمضي
بعد ذلك لتؤلف منيا تنظيمات جديدة ،تربط الفرد بماضيو ،وتمتد بو إلى حاضره
ومستقبمو ،فتبني من ذلك كمو دعائم قوية لإلبداع الفني ،واالبتكار العقمي ،والتكييف
السوي لمبيئة ،وكل مشروع وكل مظير من مظاىر حياتنا القائمة ،كان فكرة وخياال في
1
أذىان الناس قبل أن يصبح حقيقة واقعة".
لمخيال أىمية كبيرة في تنمية إبداعات الطفل ،وقدراتو العقمية ،وىو الذي يقف وراء
إبداعاتو الذاتية في أي عمل أو فن ،يريد أن يظيره بصورة أحسن.
2-3الخيال في أدب األطفال:
ِّ
ومجددا لمنشاط العقمي والفكري ،ومحققاً إذا كان الخيال روح الفنون والعموم واآلداب،
لمتوازن النفسي في شخصية اإلنسان ،كاتباً وأديباً ومفك اًر ،فيو عند الطفل ،انطالقة في
رحاب األجواء الحرة ،تبعث االرتياح واألمل ،وتثير المتعة والسعادة في النفس ،فتربية
-1فؤاد البيي السيد ،األسس النفسية لمنمو،دار الفكر العربي ،ط ،1956 ،1ص .142
50
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
الخيال عند األطفال تَُن ِمي مياراتيم الفنية والعممية ،وتجعميم ذوي إبداع ذاتي ،وتفكير
خالَّق.
يقول الباحثون إن العباقرة والمخترعين ،كانوا في طفولتيم ذوي خياالت خصبة،
1
وتصور ّبناء،ساعدتيم عمى ارتياد أوسع العوالم ،وىم مازالوا صغا اًر.
ُّ وتَفَتُح ذىني،
.76 -1يوسف مارون ،أدب األطفال بين النظرية والتطبيق ،المؤسسة الحديثة لمكتاب ،ط2011 ،1م ،لبنان ،ص
-2انظر سمير عبد الوىاب أحمد أدب األطفال قراءات نظرية ونماذج تطبيقية ،دار المسيرة ،ط 2006 ،1م-ط،2
2009م ،عمان األردن ،ص .302
51
الغواص
معايير أدب األطفال في قصة األسد و ّ الفصل الثاني:
الخالصة:
الغواص رغم قدميا ،إال أنيا حوت مالمح فنية
نخمص مما سبق ،أن قصة األسد و ّ
لمنص الموجو لألطفال خصوصا ما تعمق بالتبسيط والتناسب ،مما يمكن أن نعتبرىا
من بوادر تشكل الفن القصصي الطفولي ،في األدب العربي القديم.
52
خاتمة:
في ختام دراستنا لمالمح أدب األطفال في التراث العربي القديم ،ومن خالل تحميمنا
عينة لمدراسة ،أمكننا استخالص النتائج والمالحظات اآلتية:
الغواص" ّ
لقصة "األسد و ّ
النص
ّ مقومات
تبين لنا ّأنيا استوفت أبرز ّ
الغواص ّ
لقصة األسد و ّ
-من خالل تحميمنا ّ
الموجو لألطفال و ىي :
ّ األدبي
-الفكرة :من الفكرة تبدأ القصة ،وقد تعددت األفكار في ىذه القصة ،حيث شممت
جوانب عدة من الحياة لتوسيع مدارك الطفل ،وزرع مختمف القيم فيو.
-الحدث :بعد الفكرة يكون الحدث ،فالقصة عبارة عن مجموعة احداث تتعقد ثم تنفرج ،
الغواص ،ففي نياية كل قصة نخرج بحكمة.
وىذا ما ظير مع مغامرات األسد و ّ
-الشخصيات :لجأ إلييا المؤلف باعتبارىا داللة رمزية ،تيدف إلى رسم نماذج يمكن
االحتذاء بيا ،وتقميد أفعاليا ،ونقل قيميا ومبادئيا السميمة لمطفل .
-المغة واألسموب :تم االىتمام بالمغة واألسموب في ىذه القصة اىتماما خاصا ،فيي
التي تحقق التواصل بين المبدع والقارئ الصغير ،فاألسموب سمس وممتع ويصل
بسيولة لمطفل.
53
وقوتو وجمالو.
-تكمن خصائص أدب األطفال في وضوح األسموب ّ
الفنية.
-توفّر الخفّة في أسموب أدب األطفال ،وىذا كمّو بفضل وجود المقومات ّ
-الزمان والمكان :المكان ال يخرج عن نطاق الطبيعة ،و ىذا تماشيا مع شخصيات
القصة ،بينما الزمان يكاد يكون منعدما و غير محدد ،ألن الفئة التي وجيت ليا القصة
تكون لم تستوعب معنى لزمن بعد .
-أدب األطفال ىو نوع من أنواع األدب ،يعتبر وسيطاً تربوياً يتيح الفرصة أمام
وتقبل
األطفال لمعرفة اإلجابات عن أسئمتيم ،ومحاوالت االكتشاف واستخدام الخيال ّ
الخبرات الجديدة.
-الخيال بنية ىامة في أدب األطفال ،حيث أسيم في إحداث تطور من خالل حركتو
داخل النصوص.
في األخير أممنا أن تفتح ىذه الدراسة آفاقا مستقبمية لمزيد التنقيب عن مالمح أدب
األطفال في تراثنا العربي القديم ،كونو يزخر بنفائس فنية مشوقة ،كثي ار ما أثارت وجدان
الطفولة قديما وحديثا.
54
قائمة المصادر و المراجع:
-1القرآن الكريم رواية ورش
أوال :قائمةالمصادر
ثانيا :قائمةالمراجع
ط ،4 -1أحمد بن محمد بن عبد ربو األندلسي ،العقد الفريد ،دار الكتب العممية،
بيروت ،لبنان 2013 ،م.
سنة -2أحمد نجيب ،أدب األطفال ،عمم وفن ،دار الفكر العربي دط ،القاىرة،
1991م.
-3أحمد نجيب ،فن الكتابة لألطفال ،دار اق أر ،ط ،3بيروت لبنان1986 ،م.
55
-6بيون عمي سعيد ،أدب األطفال :دراسة في المقومات والفنون و الموضوعات ،دار
جسور ،الجزائر2018 ،م.
-7جبور عبد النور ،المعجم األدبي ،دار العمم لمماليين ،ط 1بيروت ،1979 ،ط ،2
1984م
-8سعد أبو رضا ،النص األدبي لألطفال أىدافو ومصادره وسماتو ،رؤية إسالمية،
مكتبة العبيكان ،ط ،1الرياض2005 ،م.
-9سمير عبد الوىاب أحمد أدب األطفال قراءات نظرية ونماذج تطبيقية ،دار المسيرة،
األردن. ط2006 ،1م-ط2009 ،2م ،عمان
-10سيد عمي إسماعيل ،أثر التراث العربي في المسرح المعاصر ،دار الينداوي س
اي سي دط.
-11سي از قاسم ،بناء الرواية ،ميرجان القراءة لمجميع ،مكتبة األسرة ،دط2004 ،م.
-الشيخ يوسف بن إسماعيل النبياني ،حجة اهلل عمى العالمين في معجزات سيد
المرسمين ،دار الكتب العممية ،ط ،1بيروت ،لبنان1996 ،م.
-12عبد الحميد جودة السحار ،القصة من خالل تجاربي الذاتية ،دار مصر
لمطباعة ،دط ،مصر ،دت.
-13عبد العزيزبن عثمان التويجري ،التراث واليوية ،إيسيسكو ،الرباط المممكة
المغربية ،دط2011 ،م.
56
-14عبد الفتاح أبو معال ،أدب األطفال دراسة وتطبيق ،دار الشروق لمنشر والتوزيع،
ط ،2عمان ،األردن 1988م.
-15عبد القادر أبو شريفة ،حسين الفي قزق ،مدخل إلى تحميل النص األدبي ،دار
الفكر ،ط ،4عمان2008،م.
ط 1988 ،4نقالً -17عمي الحديدي ،في أدب األطفال ،مكتبة األنجمو المصرية ،
عن فؤاد حسنيين عمي ،قصصنا الشعبي.
العيد جمولي ،النص األدبي لألطفال في الجزائر ،دار ىومة ،دط ،دت .
-18فؤاد البيي السيد ،األسس النفسية لمنمو،دار الفكر العربي ،ط 1956 ،1م.
-19فؤاد قنديل ،فن كتابة القصة ،الهيئة العامة لقصور الثقافة ،دط ،يونيو 2002م.
-20محمد حسن بريغش ،أدب األطفال أىدافو وسماتو ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط،2
1996م.
اجتماعي نفسي) ، -21محمد سيد حالوة ،األدب القصصي لألطفال (مضمون
مؤسسة جورس الدولية اإلسكندرية ،دط ،سنة 2000م.
-22محمد عمي اليرفي ،أدب األطفال دراسة نظرية وتطبيقية ،مؤسسة المختار ،ط 1
القاىرة 2001 ،م.
57
-23محمد يوسف نجم ،فن القصة ،دار بيروت لمطباعة والنشر ،دط ،بيروت
1955م.
،3 -24محمود حسن إسماعيل ،المرجع في أدب األطفال ،دار الفكر العربي ،ط
م. القاىرة2011 ،
-25نجالء محمد عمي أحمد ،أدب األطفال ،جامعة اإلسكندرية ،دط ،دت .
،4 -26نجيب الكيالني ،أدب األطفال في ضوء اإلسالم ،دار مؤسسة الرسالة ،ط
1996م.
-27ىادي نعمان الييتي ،أدب األطفال فمسفتو ،فنونو ،وسائطو ،دار الييئة المصرية
العامة لمكتاب،دط ،القاىرة ،دت.
-28يوسف مارون ،أدب األطفال بين النظرية والتطبيق ،المؤسسة الحديثة لمكتاب،
ط2011 ،1م ،لبنان.
ثالثا :المجالت
-2العيد جمولي :مجمة األدب لمغات ( مجمة األثر) جامعة قاصدي مرباح ،ورقمة،
الجزائر ،ماي 2010م.
عدد الثاني -3مدثر حميد ،في أدب األطفال العربي وتطوره ،مجمة القسم العربي،
والعشرون 2005م.
58
رابعا :الرسائل
-1بيون عمي سعيد ،مجالت األطفال ودورىا في التنشئة الثقافية ،رسالة دكتوراه،
تمت مناقشتيا في 05أكتوبر 2015م.
إشراف أحمد منور ،جامعة الجزائر ّ ،2
1. www1.amahmet.k12.il>arabic>Doclib4
www.albawaba.comالبوابة ©2. 2019-2000
59
فهرس الموضوعات:
الصفحة المحتوى
بسم اهلل الرحمان الرحيم
اإلهداء
الشكر والتقدير
مقدمة ............................................................أ-ب-ج
33-5 الفصل األول:إرهاصاتأدب الطفل في التراث العربي القديم........
5 )1تعريف التراث................................................
5 -1-1لغة......................................................
5 -2-1اصطالحا................................................
6 )2مالمح أدب الطفل في التراث العربي القديم...................
6 -1-2مالمحو في العصر الجاىمي...........................
10 -2-2مالمحو في العصر اإلسالمي..........................
14 -3-2مالمحو في العصر األموي............................
17 -4-2مالمحو في العصر العباسي...........................
19 )3المقومات الفنية في أدباألطفال.............................
19 -1-3الفكرةفي قصص األطفال..............................
20 -2-3الحدث وطرق بناءه في قصص األطفال.................
21 -1-2-3البناء..........................................
22 -2-2-3الحبكة الفنية...................................
60
22 أ -االستيالل...........................................
23 ب -العقدة(لحظة التأزم)................................
23 ج -النياية(لحظة االنفراج).............................
24 -3-3الشخصيات في قصص األطفال...........................
24 -1-3-3الوضوح...........................................
25 -2-3-3التمييز............................................
25 -3-3-3التشويق..........................................
25 -4-3المغة واألسموب في قصص األطفال.......................
26 -1-4-3الحوار.............................................
27 -2-4-3الوصف...........................................
27 -3-4-3السرد.............................................
28 -5-3البيئة القصصية في قصص األطفال......................
29 )4البساطة والتناسب في التراث العربي القديم...................
29 -1-4مفيوم البساطة.......................................
30 -2-4مفيوم التناسب.......................................
30 -1-2-4التناسب العقمي.................................
30 -2-2-4التناسب التربوي................................
30 -3-2-4التناسب الفني..................................
31 -3-4البساطة والتناسب في ألف ليمة وليمة....................
32 -4-4البساطة والتناسب في كميمة ودمنة.......................
52-35 الغواص.......................
الفصل الثاني :تحميل قصة األسدو ّ
35 )1توصيف عينة الدراسة.......................................
35 -1-1من حيث الشكل.......................................
61
36 -2-1من حيث المضمون...................................
41 )2مقومات أدباألطفال في مدونة البحث........................
41 -1-2الفكرة.................................................
42 -2-2الحدث................................................
43 -1-2-2الحبكة.........................................
43 أ -االستيالل...........................................
43 ب -العقدة..............................................
45 ج -النياية.............................................
46 -3-2الشخصيات..............................................
47 -4-2المغة واألسموب..........................................
48 -1-4-2الحوار.............................................
49 -2-4-2الوصف...........................................
49 -5-2البيئة القصصية.........................................
50 )3الخيال في مدونة البحث......................................
50 -1-3تعريف الخيال.........................................
50 -2-3الخيال في أدب األطفال...............................
51 -3-3عالقة الخيال بأدب األطفال............................
53 خاتمة...........................................................
55 قائمة المصادر والمراجع.........................................
60 فهرس الموضوعات.............................................
62