‫أ‪ .

‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬

‫صالح‬
‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين اربكان‬
‫أ‪ .‬منال محمد صالح‬
‫كلية التربية ‪ /‬جامعة الموصل ‪ -‬العراق‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫يعد السياسي والمفكر التركي نجم الدين اربك ان من الشخصيات اإلسالمية المهمة‬
‫في الق رن العش رين ‪،‬ويمثل عالمة ب ارزة في الواقع ال تركي السياسي منذ ثالثين عام اً‪،‬فقد‬
‫استطاع للمرة األولى في التاريخ التركي المعاصر أن يأتي باإلسالميين إلى السلطة في بلد‬
‫يعد من اعتى قالع العلمانية ‪.‬‬
‫وعند ذكر اسم اربك ان أول ما يتب ادر إلى ال ذهن نش اطه السياسي والج دال الكب ير‬
‫ٍ‬
‫عسكر وسياسيين ورجال احتكارات اال ان ذلك لم يكن إال‬ ‫بينه وبين العلمانيين وقياداتهم من‬
‫مظه راً من مظ اهر شخص يته وتعب ير واحد عن أوجه متع ددة فقد ك ان سياس ياً واقتص ادياً‬
‫ومفك را اس تراتيجيا لكنه انطلق في كل ذلك من إيم ان دي ني إس المي عميق لم تزحزحه كل‬
‫التحديات الجبارة التي واجهته والتي كانت كفيلة بإسقاط اعتى الرجال ‪.‬‬
‫وأح دى المظ اهر الب ارزة في شخص ية اربك ان هو فك ره االقتص ادي ال ذي نبع إلى‬
‫ج انب األس اس اإلس المي الراسخ من التجربة الغنية ال تي عاش ها في لب العمل الص ناعي‬
‫واالقتص ادي س واءاً من خالل تكوينه للمؤسس ات االقتص ادية أو إدارته لغ رف الص ناعة‬
‫والتج ارة ‪،‬أو من خالل تبنيه لخطط تط وير االقتص اد ال تركي في الس بعينيات أثن اء تس نمه‬
‫لمنصب ن ائب رئيس ال وزراء في ع دد من الحكوم ات في ح زب الس المة الوط ني ال ذي يعد‬
‫مؤسسه آنذاك‪.‬‬
‫وتج در اإلش ارة إلى أن فكر اربك ان لم يكن نظري اً بحت اً وإ نما دخل قسم كب ير منه‬
‫ح يز التط بيق حيث تب نى اربك ان حملة للص ناعات الثقيلة ال تي تض منت اس تثمارات متع ددة‬
‫ومهمة اشتملت على منشات صناعية كبيرة للمعادن والري والمواصالت وكان هدف هذة‬
‫الحملة هو التنمية والنه وض بتركيا وجعلها في مص اف ال دول الص ناعية واالنتق ال بها إلى‬
‫ٍ‬
‫اقتصاد قوي‪.‬‬
‫وبفعل هذه التجربة الغنية بلور اربكان منظوراً متماسكاً في بناء اقتصاد إسالمي‬
‫جديد تميز بعمقه وشموليته‪.‬‬
‫مما هو ج دير ب البحث والتحميص الس يما وان النظ ام قد وجد ج وانب منه مج االً‬
‫للتطبيق وحققت نتائج جديرة بكل اهتمام ‪.‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫وبحثنا ه ذا يقتصر على ج انب واحد من ج وانب رؤية نجم ال دين اربك ان‬
‫االقتص ادية وهو تش خيص الش رور واآلث ام ال تي خلقها النظ ام الرأس مالي وأثارها الض ارة‬
‫والمهلكة على االقتص اد ال تركي ع بر العق ود الماض ية من خالل التح الف بين الحكوم ات‬
‫المتعاقبة واالحتكارات الكبرى‪.‬‬
‫وسنتوافر في بحثنا هذا على استعراض واقع االقتصاد التركي ونقد اربكان للنظام‬
‫الرأسمالي وتطبيقاته الوخيمة المدمرة على االقتصاد التركي ‪.‬‬
‫حيث نظر اربك ان إلى العملية الرأس مالية بأذرعها المختلفة بوص فها شر مطبق ‪،‬‬
‫ف انتفعت فئة مح دودة واهتمت ب الثروات نتيجة السياسة البنكية والمالية الرأس مالية ‪ ،‬وبشر‬
‫اربك ان بالمقابل بنظ ام إس المي ع ادل يجتث ذلك كله من أساسه ليب ني المجتمع اإلس المي‬
‫الحقيقي الع ادل ال ذي حمل تس مية النظ ام الع ادل ((‪ Adel Dozen‬ال ذي تم تناوله من قبل‬
‫الباحثة في دراسة سابقة‪ ،‬لذا التجد ما يبرر العودة إليه مرة أخرى في هذا البحث ‪.‬‬

‫أوال‪-:‬واقع االقتصاد التركي‬

‫قامت الدولة الحديثة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك على نمط شديد المركزية وبسطت‬
‫س يطرتها على االقتص اد بداية من حقبة الثالثيني ات في محاولة لبن اء اقتص اد وط ني ق وي‬
‫‪،‬وفي ال وقت نفسه س اهم تش جيع أت اتورك للقط اع الخ اص ع بر ق انون تش جيع التص نيع في‬
‫حزي ران ‪ 1927‬في خلق برجوازية وطنية مس تقلة عن الدولة لكن متحالفة معها وتم من‬
‫(‪)1‬‬
‫خاللهما بناء رأسمالية الدولة التركية‪.‬‬
‫إن تق رب تركيا بعد الح رب العالمية الثانية من الغ رب الس يما عند إذعانها إلدخ ال نظ ام‬
‫التعددية الحزبية وتم االنتق ال إلى نظام تعدد األح زاب في مجال البنى السياسية األمر الذي‬
‫جر وراءه منطقيا مرحلة تطور الرأسمالية في تركيا وان االنتقال إلى نظام التعددية أدى إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫توطيد وترسيخ مواقع طبقة الرأسماليين ‪.‬‬
‫فعانى االقتصاد التركي مما تعانيه اقتصاديات الرأسمالية من جانب عجز تركيا التقلي دي عن‬
‫مواكبة الرأس مالية ودفعها ثمن ارتب اط اقتص ادها بالس وق العالمية ورض وخ الحكوم ات‬
‫التركية المتعاقبة إلرادة فـئة محـدودة مـن كبـار المنتفعين وأصحـاب ال ثروات الض خمة من‬
‫(‪)3‬‬
‫جانب أخر ‪.‬‬
‫وكانت األزمات االقتصادية تقصم ظهر الحكومات وتثير االضطرابات في تركيا فلم يشهد‬
‫االقتص اد ال تركي نم وا كب يرا ملفتا للنظر ح تى مطلع الس بعينيات وظل رهين التط ورات‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫السياسية التي كانت تتحكم بها القوى العلمانية بشكل خاص ‪ ،‬مع هذا واجه االقتصاد في تلك‬
‫الفترة مشكلة تغييرات هيكلية أساسية تمثل أهمها في تناقص نصيب قطاع الصناعة لصالح‬
‫(‪)4‬‬
‫قطاع الخدمات إضافة إلى مشاكل العجز الخارجي في موازين المدفوعات والتجارة‪.‬‬
‫ش هدت الص ناعات التحويلية في تركيا س يطرة الدولة على عملية التص نيع وال تي‬
‫أس فرت عن ظه ور ن وع من التح الف بين الدولة وفئة كب ار الص ناعيين المنتم يين التح اد‬
‫الغ رف الص ناعية والتجارية والمتمرك زين جغرافيا في غ رب تركيا وتحدي دا الم دن‬
‫(‪)5‬‬
‫المتروبولية(استنبول وأنقرة )‪.‬‬
‫وك انت ش رائح الطبق ات التجارية الك برى تعتمد على الدولة كمص در لثروتها‬
‫واستمرارها فالدولة أساس نجاح العملية االقتصادية ولكون هوالء على صلة وثيقة بالسلطة‬
‫(‪)6‬‬
‫السياسية بالتالي ظلوا قادرين على اكتساب دعم السلطة لهم ‪.‬‬
‫مما خلق تناقضا بين الرأس مال التج اري الص ناعي المتواجد في م دن اس تنبول‬
‫وأنق رة والمرتبط بعالق ات وثيقة مع الغ رب وبين البرجوازية الص ناعية التجارية الص غيرة‬
‫والمتواج دة في أق اليم األناض ول ‪ ،‬ومن الب ديهي أن ت ودي مثل تلك السياسة المهيمنة على‬
‫(‪)7‬‬
‫راس المال ومركزيته إلى تهديد البرجوازية ‪.‬‬
‫األمر ال ذي دفع بتج ار األناض ول إلى ض رورة التح رك والس عي لحص ولهم على‬
‫دعم الدولة من خالل مش اركتهم ب القروض في التج ارة الخارجية لتث بيت م واقفهم إال أن‬
‫ه والء أدرك وا فيما بعد إن تلك األم وال ال تي تجمعها الدولة ع بر المص ارف الحكومية‬
‫يس تحوذ عليها كب ار رجال األعمال فأتضح لهم أن تلك السياسة داعمة للرأسمالية الصناعية‬
‫والتي لم تكن لص الح جميع الص ناعيين مما انعكس عليهم وأدى إلى إفالس هم لمركزية راس‬
‫الم ال وتقوية نف وذ الرأس مالية الص ناعية في الم دن الك برى وبقيت المعض لة االقتص ادية‬
‫عنصرا أساسيا في االضطرابات السياسية والحركات الشعبية وبالتالي االنقالبات العسكرية‬
‫(‪)8‬‬
‫‪.‬‬
‫إال أن انقالب ع ام ‪ 1980‬ك ان إي ذانا في تح والت سياس ية واقتص ادية وفكرية‬
‫خطيرة في تركيا فقد شهد بداية الصعود السياسي لإلسالميين وما رافقه من نجاح اقتصادي‬
‫مبعثه إعادة الت وازن الجغرافي لالقتصاد التركي من خالل تحرك المدن األناض ولية لتلعب‬
‫دورا ف اعال في ه ذا االقتص اد ونمو دور اإلس الميين االقتص ادي من خالل بن اء عالق ات‬
‫(‪)9‬‬
‫خارجية مع الدول اإلسالمية والسيما دول الخليج العربي وفي مقدمتها السعودية ‪.‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫مما حقق فرصة لتج ار ومالك األناض ول لالس تفادة من تلك المتغ يرات وال تي‬
‫رافقتها عملية تحرير لالقتص اد نتيجة للخطط االقتص ادية المعتم دة في عقد الثمانين ات وال تي‬
‫حققت نجاحا ملحوظا لالقتص اد ال تركي على ص عيد تحس ين قدرته التنافس ية على المس توى‬
‫الدولي رافقها ظهور طبقة برجوازية محافظة جديدة استفادت من تخفيف سيطرة الدولة على‬
‫(‪)10‬‬
‫االقتصاد ‪.‬‬
‫وهي الطبقة المؤلفة غالبا من تجار وصناع شرق تركيا وكذلك من الفئات المهمشة‬
‫وصغار رجال اإلعمال في استنبول وأنقرة قد تآلف جميعها في اتحاد عرف باسم اتحاد رجال‬
‫األعم ال المس تقلين (‪ )MUSIAD‬ليك ون مقاربا ومعارضا لالتح اد الس ابق المه ني (‬
‫‪ )TUSIAD‬فنمت ه ذه الطبقة وأص بحت ذات ثقل كب ير في االقتص اد ال تركي مثل ش ركات‬
‫(اولكر – قومباس ان‪ -‬إخالص ‪ -‬إتق ان – بمب اش ) وأطلق عليها تس مية النم ور الخضر‬
‫نسبة إلى اللون األخضر الذي يرمز إلى اإلسالم وكانت إحدى النتائج التي تمخضت عن ذلك‬
‫فتح ش ركات جدي دة يمتلكها مس تثمرون إس الميون كما تأسست بن وك إس المية مثل (البركة‬
‫(‪)11‬‬
‫تورك – فيصل فيناس ) فضال عن بيت( كويت فيناس)‪.‬‬
‫وتح الفت تلك الق وة لتش كيل إط ار رس مي ومنظم يحمي مص الحها االقتص ادية في مواجهة‬
‫الكارتالت االقتصادية وعرفت نفسها بأنها منظمة غير حكومية على المستوى العام وكجمعية‬
‫لرجال االعمال على المستوى الخاص ‪ ،‬وألول مرة في تاريخ تركيا ظهرت مؤسسات مالية‬
‫إس المية تعمل وفقا لنظ ام المش اركة في ال ربح والخس ارة والمرابحة ب دال من نظ ام الفوائد‬
‫(‪)12‬‬
‫التقليدي ‪.‬‬

‫ثانياً‪-:‬الجانب االقتصادي في فكر اربكان‬

‫بعد أن استكمل نجم الدين اربكان أعداده العلمي في ألمانيا قرر العودة إلى بلده‬
‫رافضاً الحياة في الغرب ليلتحق بخدمة العلم ضابطاً احتياطاً لمدة ستة اشهر في وحدة‬
‫الهندسة العسكرية وبعد إكمال الخدمة التحق بالتدريس الجامعي أستاذا في جامعة استنبول‬
‫التقنية ‪ ،‬وهناك لم يكتفي بالعمل النظري وإ نما نجح في صنع محرك محلي في ورش الجامعة‬
‫ليتحول الحقاً إلى مشروع ضخم إلنتاج هذة المحركات في عام ‪ 1956‬وسمي المحرك‬
‫(بالمحرك الفضي) ‪،‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫وجاءت فكرة إنشاء المصنع المذكور عندما اطلع اربكان أثناء عمله في ألمانيا على‬
‫محضر لطلبية مؤسسة ( التجهيزات الزراعية التركية ) لمحركات ألمانية وعندما عاد إلى‬
‫(‪)13‬‬
‫تركيا بدا في مساعيه لبناء صناعة وطنية ‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1965‬أصبح اربكان بروفسوراً ثم حصل بعد ذلك وبحكم انه رجل‬
‫صناعي على عضوية اتحاد الغرف الصناعية والتجارية ‪ ،‬وفي أيار ‪ 1968‬اميناًعاماً لهيئة‬
‫اتحاد الغرف ‪،‬ثم رئيساً لهذا االتحاد عام ‪ 1969‬إال أن الحكومة قامت في ذلك الوقت بإبعاده‬
‫(‪)14‬‬
‫بقوة الشرطة ‪.‬‬
‫كان لدى اربكان وعي مبكر بأهمية بناء اقتصاد وطني قوي ومستقل واهتم مبكراً باألنشطة‬
‫التجارية االقتصادية حتى نظر إليه في عقد الستينات وقبل أن يدخل المعترك السياسي‬
‫باعتباره احد أعمدة االقتصاد التركي وكان من أوائل من تبنوا بمبدأ ضرورة تواجد‬
‫(‪)15‬‬
‫اإلسالميين في النشاط االقتصادي حتى ال يقتصر على الكارتالت االقتصادية ‪.‬‬
‫فتبنى اربكان مسالة الدفاع عن مصالح تجار األناضول وصانعيه الصغار بسبب تمثيلهم في‬
‫االتحاد فآمـن بان التغيير يحتاج إلى حركة اشمل وأعمق وأوسع وهو ما عمل عليه فأسس في‬
‫‪ 26‬كانون الثاني ‪ 1971‬حزب النظام الوطني الذي تم حله بعد ستة عشر شهراً من تأسيسه‬
‫‪،‬ليعمد اربكان مع رفاقه لتأسيس حزب السالمة الوطني في ‪11‬تشرين‪1‬االول ‪1972‬وهو‬
‫الحزب الذي حقق إنجازات كبيرة استطاع معها أن يشارك في ائتالفيين مع حزب الشعب‬
‫(‪)16‬‬
‫الجمهوري عام ‪ 1971‬وحزب العدالة عام ‪. 1977‬‬
‫وإلدراك اربكان أن نمو النظام الرأسمالي سيقلل من األساس االقتصادي‬
‫االجتماعي للمجتمع التقليدي في مدن األناضول ‪ ،‬لذا استطاع أن يبني قاعدة اقتصادية في‬
‫عهد الحكومات االئتالفية التي شارك فيها حزب السالمة الوطني وارتبط خطاب التصنيع‬
‫الجديد بضرورة بناء صناعة وطنية قومية تحرر االقتصاد التركي من هيمنة راس المال‬
‫(‪)17‬‬
‫األجنبي ورفع مستوى االستثمار التركي في مجال محدد هو الصناعات ‪.‬‬
‫امتلك اربكان فلسفة اقتصادية تقوم على التصنيع وان فكره االقتصادي اعتمد على تلك‬
‫الفلسفة حيث يقول ‪ ":‬ال يمكن التقدم من خالل السياحة والزراعة من يقول ذلك غافال عن‬
‫الحقيقة أن ما يلزمنا هو ثورة صناعية لتطوير الصناعات الثقيلة ‪ ،‬فأن لم نصنع نحن‬
‫(‪)18‬‬
‫محركاتنا ولم نصنع مصانعنا فلم نتمكن من مقارعة الغرب ‪.‬‬
‫فتبنى حزب السالمة الوطني قضايا ذات طابع اقتصادي تنموي وأصر الحزب‬
‫على القيام بحملة للصناعات الكبرى السيما الصناعات الثقيلة واخذ اربكان على عاتقه تلك‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫الحملة في عهد الحكومة االئتالفية الثانية عام ‪ 1975‬وبعد حصوله على قرار مجلس‬
‫الوزراء وبقية ألبنا القانونية باشر بها وبهذا الخصوص ذكر اربكان قائال ‪ ":‬سارت هذه‬
‫الحملة العظيمة والتاريخية بسرعة ومساعي ال مثيل لها خالل عامي (‪) 1977-1976‬‬
‫وتضمنت استثمارات كبيرة ومهمة اشتملت على منشات صناعية للطاقة والمعادن ومنشات‬
‫(‪)19‬‬
‫ضخمة للري والمواصالت ‪.‬‬
‫قام اربكان آنذاك بافتتاح أكثر من مئة مؤسسة صناعية كبرى وعمل على إصدار‬
‫قانون يلغي الفوائد الربوية على القروض الزراعية ورسم الحزب رؤية شاملة لمشكالت‬
‫الشعب التركي وأحواله وهي (البطالة ‪ ،‬التبعية الكاملة للغرب ممثلة في الحلف األطلسي‬
‫(‪)20‬‬
‫والسوق األوربية المشتركة )‪.‬‬
‫ونجد أن اربكان ظل طوال مشواره السياسي ناقدا للسوق األوربية ألنها تقوم على‬
‫القوة والهيمنة ويرى أنها محاولة إلخضاع تركيا‪ ،‬في حين انه البد من إعادة الشعب التركي‬
‫إلى ج ذوره ومبادئه الس ليمة الص حيحة المتمثلة بالس وق اإلس المية ومن اب رز ج وانب تلك‬
‫الس وق ت دفق روؤس األم وال بين ال دول اإلس المية وتط وير من اهج وط رق اس تخدام ه ذه‬
‫المص ادر في مواجهة الرأس مال المس تعمل وأيضا البد من تش جيع االس تثمارات المش تركة‬
‫(‪)21‬‬
‫والمتبادلة بين الدول اإلسالمية وتدعيم التعاون في هذا المجال‪.‬‬
‫وأق دم اربك ان خالل وج وده س واء ك ان في الحكوم ات االئتالفية أو في المعارضة في‬
‫السبعينات وعمل جاهدا إلنقاذ اقتصاد بالده من خالل تقوية أواصر بالده مع العالم اإلسالمي‬
‫وزي ادة ص ادرات تركيا إلى تلك البل دان وحث زعام ات تلك ال دول للوق وف إلى ج انب بالده‬
‫(‪)22‬‬
‫ليحول دون ارتباط بالده الكامل بعجلة االقتصاد الغربي ‪.‬‬
‫ويميز اربكان رؤيته بين النظرة اإلسالمية وبين النظرة الغربية للعالم ويرى أن‬
‫هناك فروقاً كبيرة تجعلهما نقيضين ال يلتقيان ويعتقد أن أهم ما يجب على تركيا فعله هو ترك‬
‫التبعية للغرب والعودة مجدداً للعالم اإلسالمي الذي يمكنها أن تتولى قيادته فيما ستبقى تابعة‬
‫(‪)23‬‬
‫وذليلة إذ أصرت على أن تبقى متوجهة نحو الغرب ‪.‬‬
‫ويفسر اربكان أن ارتباط تركيا بالنظام الرأسمالي يجعلها خاضعة وضعيفة فنجده‬
‫يطرح بديالً عن السوق األوربية يتمثل بسوق إسالمية مشتركة قائالً ‪ -:‬إن العالم اإلسالمي‬
‫الممتد على مساحات واسعة يتجاوز سكانه ‪ 1.5‬مليار نسمة يمتلك من الثروات الهائلة التي‬
‫يمكن أن تحقق سوقاً اقتصادياً ضخمة جداً تلبي احتياجات اقطار ِه وتحقق نهضة كبيرة‬
‫(‪)24‬‬
‫وشاملة ‪.‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫وعندما تسلم اربكان الوزارة تبين له حقيقة الواقع االقتصادي التركي وكيفية إتمام‬
‫صفقات بين الشركات والدولة قائال ‪ " :‬وجدنا فئة محدودة العدد من أرباب الشركات الكبرى‬
‫تسلطت على الدولة كال ينهب بأقصى قدرته ورجاالت الدولة مجرد شركات لهوالء في‬
‫التسلط والنهب والديون الداخلية التي تقترضها الخزينة من هوالء فيتقاضون على ديونهم‬
‫(‪)25‬‬
‫‪ % 140‬فائدة أي بمعدل ‪%37‬على حساب الدوالر ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عومرية سلطاني‪ ،‬الموسياد " التركية ‪ :‬الدمج السياسي لإلسالميين عبر بوابة االقتصاد إسالم اون الين‬
‫‪،2009\8\13‬ص‪.4‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فالديمير ايفانوفيش داينلوف ‪ ،‬الصراع السياسي في تركيا ‪ ،‬ترجمة يوسف الجهماني ‪ ،‬حوران ‪ ،‬دمشق ‪:‬‬
‫‪ ، 1999‬ص‪. 8‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪Necemttin Erbakan "20 Soru cerapta adildüzen , hom arcordelnecm eddin erbaken‬‬
‫‪., hayati , cocukluk soyu. Htm. , s3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عمر خشرم ‪ ،‬الصراع من بوابة االقتصاد ‪ ،‬ملفات خاصة ‪ : 2006‬تركيا ‪..‬صراع الهوية ‪ ،‬الجزيرة ‪.‬نت‬
‫‪، 3/11/2006‬ص‪.2‬‬
‫(‪Culalp , Haldun , "Globalization and political Islam : The Social Book of Turkish )5‬‬
‫‪`s Welfare Party ", International Journal of Middle East Studies , No.33 ,2001 ,‬‬
‫‪.U.S.A.,p. 435‬‬
‫(‪)6‬‬
‫يوسف إبراهيم الجهماني ‪ ،‬حزب الرفاه والرهان على السلطة ‪ /‬مطبعة حوران دمشق ‪، 1997‬ص‪.8‬‬
‫(‪)7‬‬
‫‪.Elections of Turkey in 1969. Middle East Journal , vol.1,,no.24,1970,p.12‬‬
‫(‪)8‬‬
‫فيروز احمد ‪ ،‬تدخل العسكريين واألزمة في تركيا ‪ ،‬في نوبار هوفبسبيان وآخرون ‪ ،‬إعداد سامي الرزاز‬
‫وغانم بيبي ‪ ،‬مؤسسة األبحاث العربية بيروت ‪ ،1985 ،‬ص‪.219‬‬
‫(‪)9‬‬
‫هاكان يافوز ‪ " ،‬العالقات التركية – اإلسرائيلية ‪ ،‬من منظور الجدل حول الهوية التركية "‪ ،‬مركز اإلمارات‬
‫للدراسات والبحوث االستراتيجية ‪،‬ع ‪ ، 29‬اإلمارات العربية المتحدة ‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫(‪)10‬‬
‫هاينتس كرامر ‪ ،‬تركيا المتغيرة تبحث عن ثوب جديد ‪ ،‬تعريب فاضل جتكر ‪ ،‬العكبيان ‪ ،‬السعودية‬
‫‪، 2001‬ص‪.34‬‬
‫(‪)11‬‬
‫محمد نور الدين ‪ "،‬المواجهة بين الرفاه والعسكر ‪ :‬التباسات الديمقراطية والهوية " ‪ ،‬مجلة شؤون األوسط‬
‫‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث والتوثيق ‪،‬ع‪ ،64‬بيروت ‪ ، 1997‬يافوز ‪،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 12‬‬
‫(‪)12‬‬
‫مصطفى عاشور ‪ ،‬توركت اوزال ‪ ...‬والمد االسالمي في تركيا ‪،‬ص‪www.islam ،2006-7-26 ، 3‬‬
‫‪. on line net Arabie / history .com‬‬
‫(‪)13‬‬
‫صباح الدين اوجار ‪ " ،‬اربكان والرفاه االسالمي ‪ ،‬ترجمة احمد المرسى ‪ ،‬الصفصافي ‪ ،‬التراك للنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 2003‬ص‪.155‬‬
‫(‪)14‬‬
‫عاشور ‪،‬المصدر السابق ‪،‬ص ‪.4‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫ويستمر اربكان بالقول موضحا طبيعة عمل البنك المركزي قائال ‪ ":‬وجدنا أن البنك‬
‫المركزي يقترض أمواال بمدة يوم أو يومين بفائدة ‪ %80‬يقترضها أيضا من هوالء‪ ،‬هذه‬
‫األمور زادت التضخم ورفعت األسعار وأفقرت الشعب وأفلست الدولة لحساب فئة محدودة‬
‫متحكمة في السياسة واالقتصاد متحكمة في األمة كلها ‪ ،‬وفي حال ضبط هذا التسيب يوفر‬
‫(‪)26‬‬
‫للدولة خمسة مليارات دوالر في السنة على األقل ‪.‬‬
‫وظهر دوره الحقيقي في اإلصالح االقتصادي عند توليه رئاسة الوزراء عام‬
‫‪ 1996‬عندما صرح قائالً‪ -:‬قامت حكومة الدورة (‪ )54‬بالتحول إلى االقتصاد الحقيقي‬
‫المستثمر من خالل الجهود العظيمة التي عملت على ترميم االقتصاد من جهة وتامين نصيب‬
‫كبير من الرفاهية بشكل لم يشهد له من قبل طبقات الشعب من جهة وباالقتصاد الصاعد‬
‫(‪)27‬‬
‫للوطن من جهة أخرى ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مساس بالرأي العام وعلى‬ ‫وقد ركز برنامج حكومته على ثالث قضايا أساسية على‬
‫المستويين الداخلي والخارجي هي هيكلة الدولة واالقتصاد الذي يعني االستمرار في أجراء‬
‫(‪)15‬‬
‫حسام تمام ‪ ،‬اإلسالميون األتراك ‪ :‬االنقسام على المشروع ‪ ،‬أسالم اون الين ‪ ،‬ص‪. 2‬‬
‫(‪)16‬‬
‫نجم الدين اربكان ‪ :‬صانع مستقبل تركيا ‪ ،‬إسالم اون الين ‪،2009‬ص‪.1‬‬
‫(‪)17‬‬
‫سلطاني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪)18‬‬
‫يوسف الشريف ‪ ،‬نجم الدين اربكان مسيرة ناجحة محتواها محطات فشل ‪،‬مجلة الملف اإلمارات العربية‬
‫المتحدة ‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫(‪)19‬‬
‫تضمنت مصانع الصناعات الثقيلة والتي اشتملت على منشات الحديد والصلب ومصانع للسكر واالسمدة‪،‬‬
‫وللمزيد من المعلومات ينظر ‪ :‬أوجار ‪،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪.173-156‬‬
‫(‪)20‬‬
‫رسالة تركيا " حزب السالمة ونجم الدين اربكان " ‪ ،‬مجلة المجتمع ‪ ،‬ع ‪، 15‬س‪ ، 26‬أب ‪ ، 1977‬ص‬
‫‪.13‬‬
‫(‪)21‬‬
‫طالل يونس الجليلي ‪ ،‬قراءة في افكار النخبة السياسة في تركيا ‪ ،‬دار الكتب والطباعة والنشر ‪(،‬موصل ‪:‬‬
‫‪ ) 2007‬ص‪.77‬‬
‫(‪)22‬‬
‫هل ستعيد الحكومة النظر في قضية اربكان ‪ ،‬مجلة المجتمع ‪،‬ع‪ ، 610‬س‪ ،14‬آذار ‪ ، 1983‬الكويت ‪،‬ص‬
‫‪.5‬‬
‫(‪)23‬‬
‫تمام ‪،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪)24‬‬
‫حزب الرفاه االسباب الحقيقية لالوضاع الحالية في تركيا ‪ ( ،‬انقرة ‪:‬د‪.‬ت‪ ، ).‬ص‪.1‬‬
‫(‪)25‬‬
‫محمد مصطفى الطحان ‪ ،‬حزب الرفاه ‪ ،‬ماذا حقق من خططه في االصالح ‪ ،‬مجلة البيان ‪،‬ع ‪111‬‬
‫(الرياض ‪ ، ) 1997:‬ص‪.72‬‬
‫(‪)26‬‬
‫المصدر نفسه ‪.‬‬
‫(‪)27‬‬
‫‪Necemttin Erbakan ," The just System " , Ankara 1991, p. 5‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫التحقيقات حول الفساد المستشري في البالد بإعادة هيكلة الدولة ويحقق النظام وزيادة‬
‫الصادرات مع إيجاد موارد جديدة للدولة وخصخصة كافة الشركات العامة وتنظيم عمل‬
‫(‪)28‬‬
‫البنوك وتطوير سوق البورصة وتشجيع االستثمار ورؤوس األموال في البالد ‪.‬‬
‫ويستذكر اربكان الديون الداخلية لتركيا قائال ‪ " :‬عندما تولينا السلطة كانت نسبة‬
‫الديون ‪ 38‬مليار دوالر وهذه المبالغ ديون داخلية‪ ،‬وان ميزانية تركيا ‪48‬مليار دوالر فقط‬
‫فتضطر إلى االستدانة من االستثمار االحتكاري ويتم تقديم ضمانات الدولة لهذه الجهات‬
‫وتقوم هذه الجهات بالحصول على فوائد كبيرة من الدولة تتراوح إلى ‪ %140‬فتتمكن هذه‬
‫الجهات من جمع مبالغ طائلة لذا نرى أن هذا االقتصاد اقتصاد سهل ألنهم يربحون من‬
‫(‪)29‬‬
‫الفوائد ‪.‬‬
‫ويسجل اربكان دهشته قائال ‪ " :‬كان رصيدنا عام ‪ 1996‬من العمالت الصعبة يبلغ‬
‫‪ 21‬مليار منها ‪ 18‬مليار مودعة لدى الغرب بناءا عـلى تعليمات البنك الـدولي تتقاضى تركيا‬
‫(‪)30‬‬
‫عليه ‪ % 1.2‬بينما تدفع أكثر من ‪ %10‬فائدة على كل قرض تتخذه من هوالء ‪.‬‬
‫كان الغالب على النقد الذي يوجه الربكان انه يقدم حالً خيالياً ال يستند إلى الواقع‬
‫وال يمكن تطبيقه إال أن الرد على ذلك ببساطة هو أن اربكان شخصيا لعب دورا مهما في دفع‬
‫نظرياته للتطبيق منذ أن قام بأول نشاطاته االقتصادية عام ‪ 1956‬عندما ترك التدريس‬
‫النظري في الجامعة وأسس شركة المحرك الفضي ( غموش موتور ) من اجل تعزيز‬
‫اقتصاد تركيا وتحريره من السيطرة األجنبية وسيطرة الكارتالت االقتصادية المتمركزة في‬
‫(‪)31‬‬
‫غرب تركيا والمتحكمة باالقتصاد التركي مدافعا عن مصالح مالك وتجار األناضول ‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك فقد انتقد الخبراء خطته أثناء رئاسته للوزراء ومحاولته إلنقاذ ما‬
‫يمكن إنقاذه من االقتصاد المتدهور حيث صرح هوالء بالقول ‪ " :‬أن الشعار الذي ينادي به‬
‫اربكان ال معنى له الن مثل هذه النقود ال وجود لها وكما هو الحال مع الحكومات السابقة فأن‬
‫اربكان ورجاله سيقومون باالستقراض الخارجي ورفع األموال لرفع نفقات الدولة إن هذه‬

‫(‪)28‬‬
‫رواء زكي ‪ ،‬وصال نجيب ‪ ،‬تركيا دراسة في السياسة واالقتصاد ‪ ،‬المكتبة الوطنية ( بغداد ‪ ) 2002:‬ص‬
‫‪.47‬‬
‫(‪)29‬‬
‫لقاء خاص مع االستاذ نجم الدين اربكان اجراه احمد منصور قناة الجزيرة الفضائية ‪-11-24 ،‬‬
‫‪، 1999‬ص‪.5‬‬
‫(‪)30‬‬
‫المصدر نفسه ‪.‬‬
‫(‪)31‬‬
‫عاشور ‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.4‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫الطريقة ستضع قيود وسالسل أكثر على ميزانية الدولة المرهقة أصال وستخلق أزمات‬
‫(‪)32‬‬
‫اقتصادية إضافية في المستقبل " ‪.‬‬
‫إال أن توقعات هوالء جاءت مخالفة للواقع فقد استطاع اربكان تحسين التصدير‬
‫وتقليل الديون الداخلية والخارجية وحقق بعض النجاحات من خالل رفعه مستوى دخل الفرد‬
‫(‪)33‬‬
‫من خالل زيادة رواتب الموظفين والعسكريين ‪.‬‬
‫وخالل فترة حكمه القصيرة أدت تلك اإلصالحات االقتصادية إلى خفض ديون‬
‫تركيا الداخلية والتي كان يتغذى على فوائدها العالية أوساط اقتصادية كبيرة وعمالقة في‬
‫تركيا اعتادت أن تقترض بـوسائلها الخاصة مـن بنوك الدولة أمواال طائلة وبفـوائد بسيطة‬
‫بحـجة أن هـذه‬
‫األموال سوف تستخدم في مشاريع تنموية إال أنها في الحقيقة تستخدم لغرض‬
‫إيداعها في خزينة الدولة على شكل قرض داخلي يقبض أصحابها فوائد طائلة وهكذا كان‬
‫الكثيرون يتربحون دون أن يدفعوا من جيوبهم مقابل لذلك فيما أموال الدولة تذهب لسداد‬
‫(‪)34‬‬
‫الفوائد فقط دون دعم للتنمية والصناعة ‪.‬‬
‫إال أن األزمة السياسية التي ظهرت مع بداية عام ‪ 1997‬حالت دون قطف ثمار‬
‫(‪)35‬‬
‫إصالحات اربكان لالقتصاد والتعامالت االقتصادية التي قامت بها حكومة الرفاه ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -:‬نقد اربكان للنظام الرأسمالي‬

‫تناول اربكان في برنامجه ( الفكر الوطني ) ( ملي جروش ) العديد من المشكالت‬
‫التي يعاني منها المجتمع التركي سواء على الصعيد الداخلي والخارجي بالعرض والتفنيد‬
‫وكانت مشكلة االقتصاد التركي على راس تلك المشكالت فقد وجه نقده للنظام االقتصادي‬
‫الرأسمالي قائال ‪ ":‬إن النظام الرأسمالي الينتهي تأثيره عند حدود الساحة االقتصادية فهو‬
‫يصنع عالم خاص به وهو نظام مادي نفعي ويسعى لصبغ األمم األخرى بثقافته وسلوكه ‪،‬‬

‫(‪)32‬‬
‫‪Ilnur Cevik," Erbakan Rafah face economic hard face ", Turkish Daily News ,26‬‬
‫‪.July 1996‬‬
‫(‪)33‬‬
‫محمد مصطفى الطحان ‪ ،‬تركيا التي عرفت من السلطان الى نجم الدين اربكان ‪،‬من ‪2006- 1842‬‬
‫الكويت ‪ ، 2007 ،‬ص ‪. 307‬‬
‫(‪)34‬‬
‫الشريف ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫(‪)35‬‬
‫‪Ilnur Cevik ,"So what did Erbakan achieve as prime minister?" Turkish daily‬‬
‫‪.news ,19June 1997‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫ويعيش أيضا حالة من الإلطمانينة المعنوية في مقابل أن يحصل على التقدم المادي وكلما‬
‫(‪)36‬‬
‫تقدم في الرفاهية المادية كلما زادت أزماته ومشاكله المعنوية "‪.‬‬
‫وينسب اربكان طبيعة النظام الرأسمالي للحضارة الغربية قائال ‪ " :‬إن النظام‬
‫الرأسمالي هو افرازات الحضارة الغربية المسيطرة على األوضاع العالمية منذ حوالي (‬
‫‪300‬سنة) وهي ال تؤمن سعادة اإلنسان وكل ما تفرزه الظلم ‪ ،‬وان قوة النظام الرأسمالي قوة‬
‫اقتصادية وان عدم سقوطها كالشيوعية هو الحلف المثلث الذي أقامته مع الصهيونية‬
‫(‪)37‬‬
‫واإلمبريالية مما جعلها أقوى واثبت من الشيوعية نسبياً " ‪.‬‬
‫إن النظام االقتصادي القائم في تركيا حاليا من وجهة نظر اربكان " نظام استعباد "‬
‫وهو نظام لم يوجد في تركيا صدفة (على حد قوله ) بل أن الرأسمالية العالمية والصهيونية‬
‫بمكر ومعرفة وتخطيط أوصلتا هذا النظام ‪ ،‬واليهود هم الذي يوجهون الرأسمالية العالمية‬
‫وهم جميعا يوجهون األحزاب التقليدية في تركيا وفقا لخطط صندوق النقد الدولي الذي يؤمن‬
‫(‪)38‬‬
‫القروض الخارجية وان ارتباط تركيا بالنظام الرأسمالي يجعلها خاضعة وضعيفة ‪.‬‬
‫وان سبب األزمات االقتصادية التي يتعرض لها االقتصاد التركي برأي اربكان‬
‫يعود إلى عاملين هما خضوع تركيا لتأثيرات السوق الرأسمالية األوربية وغياب القيم‬
‫الروحية في ظل سيادة القيم المادية مما أدى إلى خلق حالة من عدم التوازن في جوانب‬
‫(‪)39‬‬
‫التطور االقتصادي ‪.‬‬
‫ويوضح اربكان أن نظام "االستعباد العالمي " يستغل تركيا عن طريق الفائدة‬
‫والضرائب وطبع النقود بال غطاء مالي والنظام المصرفي والقروض وبسبب هذه الجراثيم‬
‫تدفع األسعار باستمرار لالرتفاع وتزيد من نسبة التضخم وتجعل جميع مقدرات الدول وإ نتاج‬
‫األفراد بيد الرأسمالية والصهيونية وإ سرائيل ومجموعة من شركاء هذه األنظمة والشركات‬
‫(‪)40‬‬
‫الكبرى ‪.‬‬
‫وان تبعيات هذا النظام االستبدادي حسبما يفسرها اربكان هي حرمان العامل من‬
‫حقوقه حيث ال يبقى مما يحصل عليه سوى السدس في الوقت الذي تذهب إليه الخمسة‬
‫(‪)36‬‬
‫طارق عبد الجليل السيد ‪ ،‬الحركات االسالمية في تركيا المعاصرة ( دراسة في الفكر والممارسة) مطبعة‬
‫جواد الشرق ‪ ،‬مصر ‪، 2001‬ص‪. 262‬‬
‫(‪)37‬‬
‫نجم الدين اربكان ‪ ،‬النظام االقتصادي العادل ‪ ،‬حزب الرفاه ‪ ( ، 1992- 1991‬انقرة ‪ :‬د‪.‬ت‪ ).‬ص‪.5‬‬
‫(‪)38‬‬
‫نور الدين ‪ ،‬قبعة وعمامة ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫(‪)39‬‬
‫تمام ‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.5‬‬
‫(‪)40‬‬
‫نور الدين ‪ ،‬قبعة وعمامة ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.69‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫أسداس المتبقية بصورة فوائد وضرائب مباشرة وغير مباشرة وتالعبات بأسعار الدوالر وان‬
‫(‪)41‬‬
‫الخلل في توزيع الدخل يعود إلى النظام المصرفي غير العادل ‪.‬‬
‫وينسب اربكان أسباب تردي الوضع المعيشي للفرد إلى الدولة لعدم توفيرها فرص‬
‫العمل للقطاع الخاص فضال عن سعر صرف العملة غير المستقر وطبيعة الضرائب‬
‫(‪)42‬‬
‫المفروضة لذا يفقد القطاع الخاص الثقة بالنظام ألنه نظام تدخلي وممانع وكيفي ‪.‬‬
‫كما أن التضخم والذي يعتبر احد نتائج النظام الرأسمالي وشروره يعمل على‬
‫خفض االنتاج وزيادة البطالة مما يودي إلى خلل في توزيع الثروة القومية األمر الذي يخلق‬
‫حالة من العداء بين اإلنسان وأخيه يتمخض عنه عادات غير أخالقية كالرشوة والفساد ويفتقد‬
‫(‪)43‬‬
‫للقيم المعنوية والروحية ‪.‬‬
‫إن النظام الرأسمالي يعمد عن قصد على زيادة كميات السلع في السوق أو نقصها‬
‫(‪)44‬‬
‫فترتفع األسعار أو تنخفض بشكل مفتعل تبعا لصالح الشركات االحتكارية ‪.‬‬
‫ويذكر اربكان أن النظام االستعبادي العالمي يستغل تركيا والعالم عن طريق خمسة جراثيم‬
‫يعاني منها االقتصاد التركي والتي شخصها وفقا لما يلي ‪-:‬‬
‫النظام المصرفي والقروض ‪-:‬‬
‫وفيما يخص النظام المصرفي فان اربكان ينتقد عمل البنوك التركية والتي يتم‬
‫تأسيسها تحت إشراف الدولة ثم تباع إلى المستثمرين على أساس الخصخصة ‪ ،‬بدعوى أن‬
‫ذلك يعد من ضرورات التوسع واالنتشار للتنمية الوطنية السريعة في تركيا ‪ .‬إال أن اربكان‬
‫يرى أن حقيقة عمل هذه البنوك قد أدى إلى زيادة األسعار بدال من مساعدة اإلنتاج كشريك له‬
‫‪ ،‬حيث تحسب الفوائد الثابتة للمبالغ وتعطى الودائع مع فوائدها الكبيرة إلى الدولة والقسم‬
‫األخر من الودائع تسدد إلى أصحابها وصاحب الودائع أيضا يسحبها ويودعها مرة أخرى ‪،‬‬
‫في حلقة من الفساد المستمرة مما يودي إلى ازدياد للفوائد بصورة مضطردة ‪ ،‬وهذا ينعكس‬
‫بدوره على ضعف اإلنتاج إذ تستثمر األموال بالمضاربات على حسابه ويتسبب في ضعف‬
‫(‪)45‬‬
‫الصادرات وهذه التطبيقات تودي إلى تضخم وتكون سببا لها ‪.‬‬
‫(‪)41‬‬
‫‪.Nacmttine Erbakan ,"introduction to D-8",August2005,p.25‬‬
‫(‪)42‬‬
‫‪Necemttin Erbakan`s 20 Soru 20 cevapta Adil Dozen , home arcorde / necmeddin‬‬
‫‪.erbakan / hayati / cocukluk soyu. Htm., s.3‬‬
‫(‪)43‬‬
‫حزب الرفاه ‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.2‬‬
‫(‪)44‬‬
‫نور الدين ‪ ،‬قبعة وعمامة ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫(‪)45‬‬
‫نجم الدين اربكان ‪ ،‬تركيا واوضاعها االقتصادية ‪ ( ،‬انقرة ‪ :‬د‪.‬ت‪ ).‬ص ‪.17‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫ويعزو اربكان أسباب تردي أوضاع تركيا االقتصادية إلى أصحاب العقلية النفعية‬
‫القائمة على استقراض خزينة الدولة بنسب ربوية عالية ودعم البنك المركزي للبنوك‬
‫األخرى(بدال من الدفع للدولة يدفع للبنوك) وعمليات إيداع النقود بغية الفوائد الربوية لليلة‬
‫واحدة وكذلك توزيع واردات القطاع العام إلى البنوك الخاصة وبنسب ربوية منخفضة‬
‫وتمويل وتامين نقل حساب توديعات بنوك الدولة من العملة الصعبة إلى الفروع في الخارج‬
‫والى البنوك المتعاقدة ثم تحويل ونقل هذه الحسابات إلى البنوك الخاصة وبنسب مخفضة من‬
‫الربا ومخصصات القروض وعمليات الفساد في الخصخصة وإ دارة استثمارات الدولة خالل‬
‫سنوات طويلة األمد وهذه العقلية تؤثر على القيادة السياسية بقوة األعالم والرأسمال الذي‬
‫يمتلكونه والقيادة السياسية تقوم بالتطبيقات التي تلبي رغبات هوالء الذين ال يعملون إال‬
‫للحصول على الغنى عن طريق االنتفاع بغير حق ودور الدولة الذي يفتقر إلى إعداد خطط‬
‫(‪)46‬‬
‫تشمل جميع قطاعات المجتمع واقتصار خدماتها على كبار المستثمرين‪.‬‬
‫ويبين اربكان إن جملة هذه األعمال تؤدي إلى خلق حالة من الضيق واالضطراب‬
‫وسوء المعيشة والغالء وقلة المال والفقر والجوع والسقوط والبطالة والرشوة وعدم تكافؤ‬
‫الفرص التخلف وعدم التوازن في توزيع الثروات وعدم االلتزام بالحق والتضخم والتردي‬
‫نحو السوء واالنحالل األخالقي‪ ،‬وتحت ذريعة مكافحة التضخم المزمن الذي يالزم‬
‫االقتصاد التركي والذي يصل أحيانا إلى ‪ %100‬يتسلل صندوق النقد الدولي ببرامجه إلى‬
‫(‪)47‬‬
‫داخل بنيان االقتصاد التركي ‪.‬‬
‫لذا نجـد أن اربكـان يقارن بين الـوضع المتدهور لالقتصاد في تركيا والوضع في‬
‫ألمانيا قـائال ‪ " :‬ألمانيا الغربية ومنذ ما يقارب أربعين سنة أي بعد الحرب العالمية الثانية‬
‫أصبحت الطرق والخطوط والمواصالت وخطوط المياه خراب والبيوت كلها تهدمت ولكن‬
‫األلمان بنوا ذلك في أربعين سنة ‪ ،‬اليوم تأتي ألمانيا في مقدمة الدول الراقية فماذا فعلنا نحن‬
‫في هذه األربعين سنة ؟ مجرد أحزاب متكررة ال تختلف ذرة في المحتوى من شعارات‬
‫اليساريين والرأسماليين تتناوب على مقاعد الحكم تحكم البلد بكل وسائل التضليل والخداع‬
‫ال ترى إال الفساد واإلسراف على الجانب األخر حيث طبقة النصف في المئة من حزب‬
‫السلطة وازالمهم" ‪ ،‬والقول الربكان‪" :‬إن الذين يسرفون هم الطبقة التي تستفاد في كل‬

‫(‪)46‬‬
‫حزب الرفاه ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪)47‬‬
‫عبد الكريم حمودي ‪ ،‬تركيا ‪ ...‬الغرق في دوامة الصندوق ‪،‬إسالم اون الين ‪ 7/8/2009،‬ص ‪.1‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫الظروف وتعيش على المال الحرام هم الذين يدفعون إلى السلطة والسلطة بالمقابل تقدم لهم‬
‫(‪)48‬‬
‫المنافع هذه الماليين من شعبنا التستحق هذه المعاناة فبالدنا من خير بلدان العالم "‪.‬‬
‫الفائدة ‪-:‬‬
‫وبطيعة الحال أن رؤية اربكان اإلسالمية السليمة قد جعلته يتخذ موقفا رافضا للربا‬
‫ويعتبره سلوكا غير أخالقيا ويقول ‪":‬إننا نرفض بشدة الربا ألننا نعلم انه عامل سلبي في‬
‫الحياة االقتصادية والربا في النهاية يحقق الفقر ويولد حاله عدم االستقرار االقتصادي ويجبر‬
‫(‪)49‬‬
‫المال على فقدان قيمته تلقائيا كل عام"‪.‬‬
‫ويعزو اربكان أسباب الربا إلى نظام االستقراض لليلة واحدة مفسرا ذلك بالقول‬
‫‪":‬في الوقت الذي كانت الخزنية تستقرض بنسبة ربوية عالية تدفع للبنوك مقابل كل (‬
‫‪)100‬ليرة تركية ما قيمته (‪ )194‬ليرة من السندات فتكون النتيجة ضخ النقد للخدمة غير‬
‫المشروعة ‪.‬أما البنوك فتعطي بدورها هذه السندات ذات القيمة إلى البنك المركزي وتأخذ‬
‫بدال عنها ليرة تركية تستخدمها ما بقي ورق السندات ذات القيمة في البنك المركزي‬
‫يعني(تأخذ مقابل سند ذات قيمة ‪ 250-194‬ليرة تركية وهكذا تكون قد قاما بوظيفتهما في‬
‫(‪)50‬‬
‫الكسب غير العادل ‪.‬‬
‫من جهة أخرى تكون البنوك قد باعت أوراق السندات بالسعر بـ‪ 250‬ليرة تركية التي تساوي‬
‫قيمة ‪ 194‬ليرة تركية وبدون فوائد ربوية ثم بيعها في السوق بفوائد ربوية ‪ ،‬وعندما ما‬
‫تنتهي مدة ورق السندات إما تعاد من قبل من في أيديهم إلى خزينة الدولة مقابل فوائد ربوية‬
‫إضافية بعد االنتهاء مدة المقاولة إلى البنوك وبالنتيجة يكون البنك قد استفاد وبصورة عظيمة‬
‫من ورق السندات ويعود ليأخذ من الخزينة قيمة السندات (الرأسمال مع الفوائد الربوية‬
‫(‪)51‬‬
‫)ونتيجة لذلك تنقل الضرائب والرسوم التي توخذ من الفقراء إلعطائها إلى الخزينة ‪.‬‬
‫أن تواجد األموال على شكل ودائع بنكية داخل النشاط االقتصادي التركي هدفها‬
‫الحصول على نسب فائقة عالية إما عن طريق بيع وشراء األسهم والمضاربة في البورصات‬
‫التركية أو عن طريق بيع شراء العمالت الصعبة في أسواق العمالت التركية ولقدرة هذه‬
‫األموال على التحرك السريع تأثيرا على الوضع االقتصادي مباشرة لعدم إسهامها في اإلنتاج‬

‫(‪)48‬‬
‫اربكان ‪ ،‬تركيا واوضاعها االقتصادية ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪)49‬‬
‫السيد ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.262‬‬
‫(‪)50‬‬
‫‪.Erbakan `s 20 Soru 20 A.E. , s.6‬‬
‫(‪)51‬‬
‫اربكان ‪ ،‬تركيا واوضاعها االقتصادية ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.18‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫أو توفير فرص عمل داخل تركيا فعند حدوث أية أزمة سياسية في تركيا وإ حساس أصحابها‬
‫بالخطر على مصالحهم تسحب فورا من األسواق التركية مما يودي بالتالي إلى خلل بالتوازن‬
‫العام باالقتصاد وتظهر فورا أزمات اقتصادية خانقة تعيد االقتصاد التركي إلى الوراء مثلما‬
‫(‪)52‬‬
‫حصل عام ‪.2001-1999‬‬
‫وعلى اثر ذلك فان القطاع الحكومي يتأثر بالعجز والتضخم والحاجة إلى التمويل‬
‫الذي يدفع الدولة إلى االستقراض الداخلي بربا مرتفع وهذا يعني ارتفاع نسب الفوائد الربوية‬
‫كما يودي التضخم إلى زيادة اإلرباح غير العادلة للفئة النفعية عن طريق سياسات العملة‬
‫(‪5‬‬
‫ونسب الفوائد الربوية واألثر الضار والمهلك على االقتصاد التركي ومن ثم على المواطن ‪.‬‬
‫‪)3‬‬

‫طبع العملة بدون رصيد مالي ‪-:‬‬

‫أما فيما يخص طبع العملة بدون رصيد مالي فينسب اربكان سبب ذلك إلى‬
‫استقراض الدولة القروض الخارجية قائال ‪":‬تقدم الدولة هذه القروض بالعملة الصعبة للبنك‬
‫المركزي وهذا بدوره يمنح الخزينة مقابل ذلك الليرة التركية للعرض في األسواق وهذا‬
‫(‪)54‬‬
‫الوضع تسبب في توسع النقد في مدة قصيرة ‪.‬‬
‫ومن اجل أن ال يسبب هذا االنفتاح النقدي في تضخم مالي يضطر البنك المركزي‬
‫لبيع العملة بسعر رخيص نوعا ما وتأخذ الفئة النفعية هذا العملة وتعرضها في األسواق بعد‬
‫(‪)55‬‬
‫فترة وبسعر مرتفع مستفيدة من فرق البيع والشراء ‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى تبيع ما أخذته من البنك المركزي بالسعر المنخفض من العملة الصعبة إلى‬
‫البنك المركزي وبسعر مرتفع مرة أخرى وتأخذ مقابل هذا الليرة التركية لتعرضها في‬
‫السوق وهكذا يحصل انفتاح في النقود في مدة قصيرة وتستمر هذه الحلقة المفرغة والنتيجة‬
‫(‪)56‬‬
‫ال تتغير سواء أخذت النقود من الداخل أو من الخارج ‪.‬‬
‫إن طبع العمالت بدون رصيد يودي إلى خلخلة االستقرار بالتالي يتم التالعب بالمستثمرين‬
‫وعدم قدرتهم تخطيط للمستقبل بدون قلق ‪ .‬وهكذا تصاب العملية النقدية التركية بضرر بالغ‬

‫(‪)52‬‬
‫خشرم ‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.5‬‬
‫(‪)53‬‬
‫اربكان ‪،‬تركيا وأوضاعها االقتصادية ‪،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪)54‬‬
‫‪.Erbakan ,"the just system",op.,cit. ,p.4‬‬
‫(‪)55‬‬
‫اربكان ‪ ،‬النظام االقتصادي العادل ‪،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.6‬‬
‫(‪)56‬‬
‫‪.Erbakan `s 20 Soru 20 A.E. , s.7‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫وتفقد قيمتها الشرائية ÷‪،‬والمتتبع لالقتصاد التركي يعرف المحاوالت المتواصلة لتخفيض‬
‫(‪)57‬‬
‫قيمة الليرة التركية عبر العقود الماضية ‪.‬‬
‫الضرائب ‪-:‬‬
‫بالنسبة لموضوعة الضرائب فان اربكان يرى أن فرض هذه الضرائب على‬
‫الشعب يعود إلى ديوان تركيا الداخلية والتي تصل إلى حدود مرعبة(على حد قوله)‪ ،‬وان هذه‬
‫الضرائب تخصص لتسديد الديون الداخلية وبعد ذلك تقوم الدولة باالستدانة مجددا وان نسبة‬
‫(‪)58‬‬
‫‪ %88‬من الضرائب المفروضة على الشعب توخذ لهذا الغرض ‪.‬‬
‫لذلك يوكد اربكان انه ‪":‬ليس من حق الدولة بحجة أنها يجب أن تكون قوية أن تجمع‬
‫الضرائب كيفما اتفق من المواطنين ‪ ،‬فهي ال يجب أن تأخذ غير حقها وال تأخذ إال الضرائب‬
‫(‪)59‬‬
‫التي تقابل الخدمات التي توديها من اجل زيادة اإلنتاج " ‪.‬‬
‫والمشكلة األساسية للضرائب العالية هو تأثيرها السلبي على اإلنتاج الن ذلك بطبيعة الحال‬
‫سيرفع قيمة السلع المنتجة محليا فسيقل اإلقبال على شرائها وبالتالي ستتعثر عملية اإلنتاج‬
‫ويقل فيرتبط بذلك قلة الطلب على المواد األولية واليد العاملة المحلية وما ينتج عن ذلك من‬
‫أثار ضارة على االقتصاد التركي ‪ ،‬فيما لو خفضت الضرائب على السلع المنتجة فسينخفض‬
‫ثمنها ويزداد الطلب عليها وبالتالي سيتوسع اإلنتاج ويزداد الطلب على اليد العاملة والمواد‬
‫األولية وتنتقل إلى التصدير الذي سيؤدي بدوره إلى دخول العملة الصعبة إلى تركيا وتقليص‬
‫(‪)60‬‬
‫الديون الخارجية ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬موقف اربكان من دور الدولة في االقتصاد‬
‫كما سبق القول أن االقتصاد التركي قد نشئ أساساً على تحالف بين الدولة‬
‫واالحتكارات االقتصادية الكبيرة ‪ ،‬حيث وظفت األدوار السياسية والتشريعية للدولة لخدمة‬
‫هذه الطبقة التي تعرف بإسم طبقة النصف بالمئة ‪ ،‬ألجل ذلك يلقي اربكان اللوم على الدولة‬
‫ويحملها مسؤولية تردي الوضع االقتصادي لقيامها بعمليات تخطيط للمشاريع وهي تفتقر‬
‫لألموال الالزمة مما يدفعها إلى االقتراض من البنوك بفرض فوائد عالية جدا بالتالي تودي‬
‫هذه الفوائد إلى تضخم كلفة االنتاج الذي يعود بدوره بالنفع على الفئة النفعية كما أن‬

‫(‪)57‬‬
‫حزب الرفاه ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪)58‬‬
‫لقاء خاص مع نجم الدين اربكان ‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.6‬‬
‫(‪)59‬‬
‫‪.Erbakan , " the just system ", op.,cit., p.5‬‬
‫(‪)60‬‬
‫‪.Erbakan `s 20 Soru 20 A.E. , s.7‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫االقتراض الداخلي يودي إلى زيادة الربا ‪ ،‬وان عملية طرح العملة تعمل على زيادة التضخم‬
‫دون أن يرافقه مدخوالت إنتاجية مما يودي بدوره إلى عجز الدولة وزيادة مديونتها وتدخل‬
‫(‪)61‬‬
‫تحت عب تسديد القروض وفوائدها مما يجعلها تدخل في إطار التبعية والرأسمالية ‪.‬‬
‫ويشير اربكان انه ال يمكن القيام بعملية نهوض سريعة وضمن فترة زمنية كافية‬
‫وبمقياس كافي في تحقيق االستمرار في ظل الفوائد العالية للبنوك ومن الصعب حصول‬
‫الدولة على مصادر المال بسبب الفائدة العالية مما يجعل قيمة االستثمارات عالية جدا ‪ ،‬كما‬
‫أن الفائدة وارتفاع الضريبة غير المحقة سترفع كلفة االنتاج إلى ثالثة أمثال راس مال العمل‬
‫وستكون الرغبة في االستراد أكثر من الرغبة في االنتاج وهذا ما يسبب إغراق الدولة في‬
‫(‪)62‬‬
‫الديون ‪.‬‬
‫كما أن الضرائب غير المنصفة ستقلل من المصادر وتكون عقبة أمام أي استثمار‬
‫والحاصل يكون منخفضا ‪ ،‬إن الضرائب وأسعار الصرف وأسعار الفائدة وطبع العملة بدون‬
‫رصيد يسبب خلخلة وال يحقق االستقرار مما يودي إلى عزوف األشخاص المتمكنين ماديا‬
‫عن فكرة إقامة االستثمار والتخطيط للمستقبل ويكون ذلك سببا في زيادة المحتكرين وفقدان‬
‫(‪)63‬‬
‫الموارد بصورة غير عادلة ‪.‬‬
‫وان المشكلة األساسية التي يراها اربكان هي تقصير الدولة في عدم إعالم البرلمان‬
‫عن ظروف وشروط االستقراض ومتى سيسدد وكم من القروض والديون الداخلية‬
‫والخارجية وكيفية إعادة تسديدها وضمن هذا السياق يذكر اربكان قائال ‪ " :‬إن المشكلة‬
‫األساسية لتركيا تكمن في عدم إعالم البرلمان بمجريات األمور بالرغم من أن إحدى مواد‬
‫الدستور تنص على ذلك (إن الواردات والصادرات يتم تعينها عن طريق الميزانية ثم بعد‬
‫ذلك تقدم الميزانية إلى البرلمان بالرغم من ذلك ال نجد الميزانية العائدة للدولة تقدم إلى‬
‫(‪)64‬‬
‫البرلمان ‪.‬‬
‫من جانب آخر يلقي اربكان مسؤولية تردي االقتصاد على الدولة كونها متحالفة مع‬
‫الكارتالت االقتصادية الكبيرة في الوقت الذي يجب آن تكون مساعدة للفعاليات االقتصادية‬
‫للقطاع الخاص أوال عن طريق دعم هذا القطاع وعدم التدخل في أسعار المنتجات أو‬

‫(‪)61‬‬
‫اربكان ‪ ،‬تركيا واوضاعها االقتصادية ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪)62‬‬
‫حزب الرفاه ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪)63‬‬
‫اربكان ‪ ،‬النظام االقتصادي العادل ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪)64‬‬
‫اربكان ‪ ،‬تركيا واوضاعها االقتصادية ‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.20‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫(‪)65‬‬
‫التخطيط المركزي ‪.‬‬
‫توحي دعوة اربكان هذه إلى سيطرة الدولة مركزيا ولكن في الحقيقة هي تأكيد‬
‫لدعوة الدولة ودورها المنحصر في التخطيط العام ودعم القطاع الخاص في استثماره حتى‬
‫(‪)66‬‬
‫يكتمل وينجح وعندها يترك للمستثمر ‪.‬‬
‫إن السبيل لمواجهة شرور النظام الرأسمالي من وجهة نظر اربكان هو تحقيق‬
‫االنسجام التام للمصالح االقتصادية بين المسلمين وواجبات الدولة إلدارة االقتصاد بمعنى‬
‫( واجبات الدولة مقابل حرية المواطنين ) وإ ذا ما تحقق ذلك فأن كل جوانب االقتصاد التي‬
‫تديرها الدولة وتشرف عليها سوف تتعاون لخلق منفعة مشتركة للجميع وإ ذا ما تبنت تركيا‬
‫هذا المنهاج سوف تحل كل مشاريعها االقتصادية وتصبح واحدة من القوى االقتصادية‬
‫(‪)67‬‬
‫الكبرى ‪.‬‬
‫من جانب آخر يجب أن ال تتدخل الدولة في لسعار المواد المنتجة فهي بذلك تساعد‬
‫بشكل ايجابي للتخطيط المركزي وان عليها تحقيق المساواة للجميع واالستفادة من خدماتها‬
‫بحيث يستطيع كل شخص اختيار المشروع الذي يناسبه وإ عطائه التأمينات والقروض بدون‬
‫(‪)68‬‬
‫فائدة ‪.‬‬
‫ومن ضمن الحلول التي يوصي بها اربكان تطوير وتطبيق السياسات التي تمكن‬
‫من سيولة المال وراس المال بين الدول اإلسالمية ‪ ،‬كما ينبغي على المسلمين أن يطوروا‬
‫مناهج وطرق استخدام مصادرهم كقوة مشتركة ضد رأسمال المستعمر وتشجيع االستثمارات‬
‫المشتركة والمتبادلة بين الدول اإلسالمية وتشكيل أنظمة وهيئات جديدة تزيد من التعاون ‪،‬‬
‫فالمطلوب من المسلمون المساهمة العادلة من المصادر العالمية وطبقا العتقادهم " إن الظلم‬
‫(‪)69‬‬
‫من كبائر الذنوب " ‪.‬‬
‫كما يوصي اربكان بإحياء نظام بنكي إسالمي قائال ‪":‬علينا أن نوقف عمل البنكي‬
‫الربوي ونحي نظاما بنكيا إسالميا ‪ ،‬إن البنوك الربوية تجمع أموال المواطنين مقابل فائدة‬

‫(‪)65‬‬
‫‪.Erbakan `s 20 Soru 20 A.E. , s.7‬‬
‫‪)66‬‬
‫( ‪Culalp , Haldun , " Globalization and Political Islam : The Social Books of‬‬
‫‪Turkish `s Welfare Party ", International Journal of Middle East Stuies ,No.33,‬‬
‫‪.2001 , U.S.A. , p.343‬‬
‫(‪)67‬‬
‫‪.Erbakan , " the just system ", op.,cit., p.5‬‬
‫(‪)68‬‬
‫حزب الرفاه ‪،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.5‬‬
‫(‪)69‬‬
‫وثيقة ماذا يعني فكر االمة ‪ ،‬كلمة القاها نجم الدين اربكان في المؤتمر االول لحزب السعادة ‪.2003‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫محددة وتعطي هذه األموال للتجار الماسونيين في استنبول وأزمير لمشاريعهم هناك ‪ ،‬وال‬
‫يعود هذا المال بفائدة على مناطقنا في األناضول بالمقابل يجب علينا أن نجد نظام يحل محل‬
‫هذا النظام هو نظام بنكي يختار فيه المودع المشروع الذي يريد أن يساهم فيه ويأخذ أرباحه‬
‫وريعه "‪ ،‬و بذلك كان اربكان يتنبأ بإنشاء البنوك اإلسالمية والتي لم تكن قد رأت النور بعد‬
‫في تركيا إال أنها الحقا استطاعت الصمود أمام األزمة االقتصادية الخانقة التي عصفت في‬
‫(‪)70‬‬
‫تركيا عام ‪ 2001‬وانهارت على أثارها كبرى البنوك الربوية في تركيا ‪.‬‬
‫ولتحقيق شعار اربكان " تركيا يطيب فيها العيش " يرى انه ال بد من التأكيد على استقالل‬
‫تركيا والتأكيد على وحدة الشعب والبالد والنهوض بالمصادر الوطنية واستثمارها بدل البقاء‬
‫في اسر الديون الخارجية وإ غراق البالد في الفوائد مؤكدا على ضرورة إنفاق الموارد‬
‫الوطنية على الشعب وتلبية حاجياته وتوفير الراحة له بدل ذهاب تلك الموارد إلى الخارج‬
‫لتستفيد منه القوة الخارجية ‪ ،‬ويسجل اربكان إصراره على " تركيا رائدة ال تابعة " " وتركيا‬
‫عظيمة من جديد " ظل ينادي بضرورة عودة تركيا للعالم اإلسالمية ورفض تبعيتها للغرب‬
‫(‪)71‬‬
‫لتعيد تأسيس دورها سياسيا واقتصاديا وفكريا ضمن جذورها وبيئتها اإلسالمية ‪.‬‬
‫وبقي اربكان متمسكا بمبادئه رغم تقادم السنين ليعود من جديد ويؤكد إصراره على‬
‫التمسك بها وتجسد ذلك من خالل حضوره المؤتمر الثامن عشر التحاد المجتمعات‬
‫اإلسالمية والذي انعقد تحت شعار " نمو بناء عالم جديد ‪ :‬األزمة االقتصادية العالمية‬
‫واإلسالم " في ‪ 29-28‬أيار ‪ 2009‬في مدينة استنبول بمناسبة الذكرى ‪ 556‬لفتح‬
‫القسطنطينية ‪ ،‬حيث شارك في محاضرته مشيراً إلى ما تقوم به اإلمبريالية من تشويه‬
‫المفاهيم ومنها مفهوم العولمة قائال ‪ " :‬أن مفهوم العولمة في حقيقته ال يشير إلى كافة شعوب‬
‫العالم وإ نما إلى فئة محدودة تسيطر على مقدرات العالم مستخدمة آليات عديدة الستمرار‬
‫هيمنتها ومنها األعالم وصناعة األفالم ( التي تمرر قيم التحلل والشذوذ عبر البطل األبيض‬
‫والمتمدن والمتحضر ) والمؤسسات االقتصادية التي تستغل الشعوب المستضعفة من خالل‬
‫(‪)72‬‬
‫النظام الربوي وزرع العمالء في مواقع السلطة بتوجيه القرار السياسي ‪.‬‬
‫وفيما يخص موضوعة الحضارة الغربية قال اربكان ‪ " :‬إن اهلل أرسل الرسل إلنقاذ‬

‫(‪)70‬‬
‫الشريف ‪،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫(‪)71‬‬
‫التقرير الختامي للمؤتمر السادس عشر التحاد التجمعات اإلسالمية ‪/26‬أيار ‪.2006/‬استنبول ‪،‬ص‪.42‬‬
‫(‪)72‬‬
‫كلمة نجم الدين اربكان بمناسبة مرور ذكرى فتح القسطنطينية ‪ ،‬موقع الشيخ راشد الغنوشي ‪29-28 ،‬‬
‫حزيران ‪، 2009‬ص‪.1‬‬
‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫البشرية كلما انحرف ميزان العدل وغلب على نهجه مبدأ " حق القوة " وهذا المبدأ الذي‬
‫تعتمده حضارة الغرب المعاصرة مما يضع اإلنسانية بعد ختم النبوة أمام تحدي حقيقي‬
‫(‪)73‬‬
‫للخروج من اسر الحضارة الغربية والنظام اإلمبريالي " ‪.‬‬
‫وفي حديثه عن الدوالر األمريكي والذي يسميه " بالدوالر اليهودي " لتضمنه " رموزا‬
‫يهودية منها الهرم والعين وكتابه تحت الهرم تشير إلى عقائد اليهود " ‪ ،‬قائال ‪ " :‬إن ثالثة‬
‫تريلون دوالر في العالم خارج أمريكيا وهي ال قيمة لها ألنها مجرد ورق دون رصيد لها‬
‫من الذهب ومن خالل لعبة الورق هذه يبتزون بترول العالم العربي ويقدمون القروض‬
‫(‪)74‬‬
‫الربوية " ‪.‬‬

‫الخاتمة ‪:‬‬
‫كانت تجربة الرأسمالية في تركيا المعاصرة ذات ظالل قاتمة انعكست أثارها‬
‫السلبية على المجتمع التركي‪ ،‬حيث خلقت تبينا شاسعا بين الطبقات المستفيدة وعامة الشعب‬
‫وتجلت أصداء ذلك في التوترات السياسية واالجتماعية التي عصفت في تركيا عبر العقود‬
‫الماضية ‪.‬‬

‫(‪)73‬‬
‫المصدر نفسه ‪.‬‬
‫(‪)74‬‬
‫نفسه ‪.‬‬
 ‫أ‪ .‬منال محمد‬ ‫النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان‬
‫صالح‬
‫انطالقا من ذلك الواقع قدم السياسي والمفكر اإلسالمي نجم الدين اربكان تشخيصا للمساوئ‬
‫التي جرها النظام الرأسمالي على تركيا ضمن برنامج متكامل قدمه اربكان بعنوان ( النظام‬
‫العادل ) أراد فيه أن يعيد بناء تركيا من جديد وفق منظور إسالمي واقعي استمد في الحاجات‬
‫الحقيقية للمجتمع التركي ‪.‬‬
‫وقد تيسر الربكان تطبيق بعض جوانب هذا البرنامج واتت بنتائج مبهرة على‬
‫مستوى االقتصاد التركي إال هذا البرنامج بطبيعة الحال يستهدف مواجهة قوى عاتية سياسية‬
‫واقتصادية ‪ ،‬فبالتالي قررت مجابهة صحابه المرة تلو المرة األخرى منذ مطلع السبعينيات‬
‫وحتى اآلن ‪ ،‬لكن اربكان يخرج دائما من هذه المجابهة مبتسما متفائال ألنه يستمد ألهامه من‬
‫إيمانه اإلسالمي العميق وديدنه قول اهلل تعالى " أما الزبد فيذهب جفاء وإ ما ما ينفع الناس‬
‫فيمكث في األرض "‬