Professional Documents
Culture Documents
O
O
O
اﻟﻣوﺿوع:
إﻋداد اﻟطﺎﻟب:
ﺗﺣت إﺷراف:
إﻟﻰ أﻣﻲ
أﺑﻲ
ﻋﺰاوي ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻴﻢ
ﺟﻮاد ﻋﻼل اﻟﻬﻼﻟﻲ
ﻋﺒﺪاﻟﻐﻨﻲ اﻟﺴﻌﺪي
إﻟﻰ
إﻟﻰ ﻣﻦ ﺻﺎﻏﻮا ﻟﻲ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺣﺮوﻓـﺎ وﻣﻦ ﻓﻜﺮﻫﻢ ﻣﻨﺎرة ﺗﻨﻴﺮ ﻟﻲ ﺳﻴﺮة اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻨﺠﺎح
أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ اﻟﻜﺮام.
-2-
ﻛﻠﻤﺔ ﺷﻜﺮ
أﺗﻘﺪم ﺑﺠﺰﻳﻞ اﻟﺸﻜﺮ إﻟﻰ أﺳﺘﺎذﺗﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺿﻴﺎء اﻟﺴﻤﻦ ﻹﺷﺮاﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ
ﻛﻤﺎ أﺗﻘﺪم ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ اﻟﺠﺰﻳﻞ إﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﻳﺪﻳﻬﻢ وﻓﻲ
-3-
ﻣﻘدﻣﺔ:
ﯾؤﺷر اﻟطﻠب اﻟﻣﺗزاﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻷﺧﯾر ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺟوﻫرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﺎت ﯾﻌرﻓﻬﺎ اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻧﻣط اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري .ﻓﺎﻟدوﻟﺔ
ﻟﯾﺳت ﺳوى ظﺎﻫرة ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﻟﯾدة إﺑداع وﺗﺟدﯾد ﻣﺗوﻗﻌﯾن ﻓﻲ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن .واﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻣن ﻫذا
اﻟﻣﻧظور ﺗﺑدو ﻛﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﺗطور ﺳﯾﺎﺳﻲ ﻣطﺑوع ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻘل ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺷرﯾﺔ
ﻣن ﻧظﺎم اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ إﻟﻰ آﺧر ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻣﺳﺗوى أﻋﻠﻰ ﻣن اﻟﺗدﺑﯾر اﻟذاﺗﻲ .وﻫﻲ ﻛذﻟك ﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﺗﺣدﯾث
ﺳﯾﺎﺳﻲ ،ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻋﻘﻠﻧﺔ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ،ﺗﻧوﯾﻊ ﻟﻠﺑﻧﯾﺎت ،وﺗوﺳﯾﻊ ﻟداﺋرة اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ.
ﻓﻣﺳﺎر اﻟﻣرﻛزة واﻟﺗﺣدﯾث رﻏم أﻧﻪ ﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﻻﻧدﻣﺎج اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ داﺧل اﻟدوﻟﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻛذﻟك
أﺣدث ﺗوﺟﻬﺎ ﻣﻧﺎﻗﺿﺎ وﻫو ﺗزاﯾد وﺗﻧﺎﻣﻲ اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻻﺧﺗﻼف اﻻﺛﻧﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ وﺑﺎﻻﻧﺗﻣﺎء إﻟﻰ
ﺟﻣﺎﻋﺎت أدﻧﻰ ﻣﺳﺗوى ﻣن اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻟوطﻧﻲ.
ٕواذا ﻛﺎﻧت اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺗﻌﺑر ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﻋن أزﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ وﻋن ﻟﺣظﺔ ﺗطورﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم
اﻟﺳﻠطﺔ داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ﻓﺈن أﺑﻌﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺗﺟرﺑﺔ ﻷﺧرى،
إذ ﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﺷﻛل ﻣﺣدد ﻟﻠﺟﻬﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺻﯾﻐﺔ ﻣرﻧﺔ ذات ﻣﺿﻣون ﻣﺗﻐﯾر ،ﻟﻬﺎ أوﺟﻪ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﻌدد
اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﺗﻬﺎ وﺑﻌدد اﻟﺗﯾﺎرات اﻟﻧظرﯾﺔ داﺧل ﻛل دوﻟﺔ .ﻓﺎﻟﺟﻬﺔ ﻗد ﺗﻛون ذات أﺳﺎس ﺟﻐراﻓﻲ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻟﺑﻌد اﻷﻗوى اﻟذي ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﻛذﻟك ﯾﺷﻛل اﻷﺳﺎس اﻻﻗﺗﺻﺎدي أﺣد اﻟﺟواﻧب
اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺧذ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن؛ دون أن ﻧﻧﺳﻰ أﺑدا اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻌﺎطﻔﻲ اﻟذي ﯾﺗرﺟم اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
وﻗد أﻓرز ﻟﻧﺎ اﺧﺗﻼف اﻟﺗوﺟﻬﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدول واﻟﺗﯾﺎرات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﻧظرﯾﺔ ﻣﺳﺗوﯾﺎت
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻷوروﺑﻲ اﻟذي ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣرﺟﻌﺎ ﻟﻠﺗﺻﻧﯾف ،ﺣﯾث
ﯾﺗم اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻋدة ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﺗﺗراوح ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺣدودة ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗوى اﻹداري إﻟﻰ اﻟﺟﻬوﯾﺔ
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻔدراﻟﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ.
ﺗﻌرف اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟدول وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﺗﻘﻠﺑﺎت ﻣﺗواﻟﯾﺔ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗرﻛﯾز أﺳس اﻟﺣﻛم ﺑﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد دﯾﻣﻘراطﯾﺔ ،ﺳﻌﯾﺎ ﺑذﻟك إﻟﻰ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺗﺧﻠف وﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ
-4-
وﺛﻘﺎﻓﯾﺎ ﻓﻲ إطﺎر أوﺳﻊ ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ وﺑﺗوزﯾﻊ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﻓﻌﺎل ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺎت .ذﻟك أن اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ ﻧﻌﯾﺷﻬﺎ
ﺣﺎﻟﯾﺎ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻣﻌﺎﻟم ﻫذا اﻟﺗﺣول اﻟﺟذري اﻟراﻣﻲ إﻟﻰ إرﺳﺎء ﻧﻬﺞ ﺟدﯾد وأﺳﻠوب ﺣدﯾث ﻹدارة اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﻧﻘل ﺟزء ﻣن ﺳﻠطﺎت اﻟﻘرار ﻣن اﻟﻣرﻛز إﻟﻰ اﻟﺿﺎﺣﯾﺔ ﺗﺧﻔﯾﻔﺎ ﻟﻠﻌبء ﻋن اﻟدوﻟﺔ .وﯾرﺟﻊ
ذﻟك إﻟﻰ ﻛون اﻟﻣﺑررات اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺳﺎرﯾﺔ وأﻣﻠت ﻣن ﻗﺑل اﻧﺗﻬﺎج اﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﻣﺷددة ﻟم ﺗﻌد ﻣﻼﺋﻣﺔ
ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وﻣﻧﻬﺎ اﻻﻧﻔﺟﺎر اﻟدﯾﻣﻐراﻓﻲ واﻟﻬﺟرة واﻻﺧﺗﻼل ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت واﻟﺑطﺎﻟﺔ وﺗﻘﻠص اﻟﻧﺧب
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻓرض ﻣن ﻣﻧظور ﻣﻘﺗرب ﺟدﯾد إﺗﺑﺎع اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﺷرطﺎ ﻟﻛل ﺗﻧﻣﯾﺔ
وﻣظﻬر ﻣن ﻣظﺎﻫر اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﺑل ﺗﺟﺳد اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﯾوﻣﯾﺔ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺗﻣﺛل ﻣﻌﯾﺎ ار ﻓﻌﺎﻻ ﻟﻠﺣد ﻣن ﻣﺳﺎوئ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ ٕواﻋﺎدة ﺗوازن اﻟﻧظﺎم
اﻹداري.
ﻣن اﻟﺻﻌب ﺟدا ﺗﺗﺑﻊ ﺗطور اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻧظﻣﺔ وﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣراﺣل إﻻ أﻧﻪ وﺑﺻﻔﺔ
ﻋﺎﻣﺔ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﺟﻬﺔ ﺷﻬدت ﺗطو ار ﻛﺑﯾ ار وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟدول اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ،وﻛﺎﻧت
ﻣﺣور ﻧﺿﺎﻻت ﻫﺎﻣﺔ ﻟﻠﺧروج ﺑﻬﺎ ﻣن داﺋرة اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ اﻟﺿﯾﻘﺔ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ وﺣدة
ﻻﻣرﻛزﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة داﺧل اﻟﻬرم اﻹداري واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻧظﺎم اﻟﻼﻣرﻛزي.
ﺗدﺧل ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻐرب ﺿﻣن ﻣﺳﺎر اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟذي اﻧﺧرط ﻓﯾﻪ ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ
اﻻﺳﺗﻘﻼل ،وﻗد ﻛﺎن ﯾﺣﻣل ﻓﻲ ﺗوﺟﻬﺎﺗﻪ ﺑﻌدا ﻣﻧﺎﻗﺿﺎ .إذ ﻛﺎن اﻟرﻫﺎن ﻫو ﺗدﻋﯾم ﺑﻧﺎء دوﻟﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ
ﺣدﯾﺛﺔ ﺗﻘطﻊ ﻣﻊ اﻟﻧﻣط اﻟﻘﺑﻠﻲ ﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ .ﻓﻛﺎن ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣﻐرب إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﺗراﺑﯾﺔ ﺗدﻣﺞ
ﻗﺑﺎﺋل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﻗد ﯾﻛون ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب ﻣﺎض ﺗﺎرﯾﺧﻲ ﺻراﻋﻲ ،وذﻟك ﺑﻬدف ﻣﺣو ﻛل ﺗﺄﺛﯾر
ﻟﻠﻘﺑﻠﯾﺔ ﻓﻲ رﺳم اﻟوﻻءات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﺗﻌوﯾض ذﻟك ﺑوﻻء ﻟﻠﻣرﻛز .وﻗد ظﻠت اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب
رﻫﯾﻧﺔ ﻣﻧطق إﺣﻛﺎم ﺿﺑط اﻟﻣﺟﺎل وﺗﺣﻘﯾق اﻻﻧدﻣﺎج ،أﻛﺛر ﻣﻧﻬﺎ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ٕواطﺎر
ﻟﻠﺗرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ وﻏرﺳﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .ﻓطﯾﻠﺔ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﻐرب اﻟﻣﺳﺗﻘل ،ﻛﺎﻧت ﻛل اﻟﺗﻌدﯾﻼت
اﻟﺗﻲ ﯾﺗم إﺟراؤﻫﺎ ﺗذﻫب ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﻣزﯾد ﻣن إﺣﻛﺎم اﻟﻣراﻗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎل واﻟﺳﺎﻛﻧﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﻋﻣﻠﯾﺔ
ﺧﻠق أﻗﺎﻟﯾم ٕواﻟﻐﺎء أﺧرى .وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت واﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ
واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﺈن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺣدودة ﺟدا ،ﺑﻔﻌل اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻔوﻗﻲ ﻹﻗرارﻫﺎ ،ﺑﻐﺎﯾﺔ
اﻟﺿﺑط اﻻﻣﻧﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌل اﺳﺗﻘﻼﻟﻬﺎ ﻓﻛرة ﻏﯾر ﻣﺳﺗوﻋﺑﺔ ،ﻻ ﻣن طرف اﻟﺳﻠطﺔ
-5-
اﻟﻣرﻛزﯾﺔ وﻻ ﻣن طرف اﻟﺳﺎﻛﻧﺔ أو اﻟﻧﺧب اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ؛ ﺛم وﺟود وﺻﺎﯾﺔ ﻣﻛﺛﻔﺔ ،ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻷﺟﻬزة أو
ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻣﺎل ،اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺗﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣﻌطﻰ اﻷول.
ﯾﺗﻌد ﺳﻘف أول ﺗﺟرﺑﺔ ﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ،ﺧﻠق أطر اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ذات طﺎﺑﻊ اﻗﺗﺻﺎدي ﺗﻧﺣﺻر
ﻟم ّ
ﻣﻬﻣﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ وﺗﻧﺳﯾق اﻷﺷﻐﺎل واﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧﺎطق واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ازدﻫﺎرﻫﺎ )اﻟﻔﺻل 3
ﻣن ظﻬﯾر 16ﯾوﻧﯾو ،(1971ﺣﯾث ﻟم ﺗرق اﻟﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗراﺑﯾﺔ ذات اﻻﺳﺗﻘﻼل
اﻟﻣﺎﻟﻲ واﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ .ﻋﻠﻰ أن اﻟﺧطﺎب اﻟﻣﻠﻛﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 24أﻛﺗوﺑر 1984ﺳﯾﻌﺑر ﻋن طﻣوح
ﻹﻗرار ﺟﻬوﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻣط اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺟﻬﺎت ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺎت
ﻣﺎﻟﯾﺔ "ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ أن ﺗﻘف ﻋﻠﻰ رﺟﻠﯾﻬﺎ وأن ﺗﻌرف ﺣﺎﺟﯾﺎﺗﻬﺎ وأن ﺗﻘﯾم ﺳﻠم أﺳﺑﻘﯾﺎﺗﻬﺎ وأن
ﺗﻌﺑر ﺑﺻوت ﺟﻣﺎﻋﻲ ﺑﻘطﻊ اﻟﻧظر ﻋن اﺧﺗﻼف اﻷﺣزاب واﻟﻣﺷﺎرب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻋن اﻟﺣﺎﺟﯾﺎت وﻋن
اﻟﻣطﺎﻣﺢ ،وأن ﺗﻛون ﻫﻲ اﻟﻧﺎطﻘﺔ واﻟﻣﺑرﻣﺟﺔ وﻫﻲ اﻟﻣﺧططﺔ وﻫﻲ اﻟﺑﺎﻧﯾﺔ وﻫﻲ اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ
أراﺿﯾﻬﺎ".
ﺑﻘﻲ اﻟطﻣوح ﻟﻣﺷروع ﺟﻬوي ﻛﺑﯾر ﻣوﺿوع اﻧﺗظﺎر إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻣراﺟﻌﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻟﺳﻧﺔ ،1992
اﻟﺗﻲ ارﺗﻘت ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﻣﺻﺎف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ .ﻋﻠﻰ أن ظﻬﯾر 2أﺑرﯾل 1997اﻟذي أﺧرج
اﻟﺟﻬﺎت إﻟﻰ ﺣﯾز اﻟوﺟود ﻛﺎن ﺑﻌﯾدا ﺟدا ﻋن طﻣوح ﺧطﺎب ،1984وﻟم ﯾرس ﺟﻬﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻣط
اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ؛ ٕواﻧﻣﺎ أرﺳﻰ ﻣﺳﺗوى آﺧر ﻣن اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺧﺎﺿﻊ ﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﻣرﻛز وﻓﺎﻗد ﻟﻠﻛﺛﯾر ﻣن
إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻔﻌل ،ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﻧوطﺔ ﺑﻬﺎ أو ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣوارد اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ
اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟﻬﺎ.
وﻓﻲ ﺳﯾﺎق دراﺳﺔ اﻟﺗطور اﻟﺟﻬوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،ﻻﺑد ﻣن اﻻﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﺗﺟﺎذﺑﺎت ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺻﺣراء
دﻓﻌت ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﺟﻬوﯾﺔ ﺗراوﺣت أﺳﻣﺎؤﻫﺎ ﺑﯾن اﻟﻣوﺳﻌﺔ واﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ،وﺗم
ﺗﻌﯾﯾن ﻟﺟﻧﺔ ﻣﻠﻛﯾﺔ ﻹﻋداد ﻫذا اﻟﻣﺷروع .وﺗﻔﺎﻋﻼ ﻣﻊ اﻟﺣرﻛﺔ اﻻﺣﺗﺟﺎﺟﯾﺔ ﻟﻠﺷﺎرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟﻣوازﯾﺔ
ﻟﻠﺣراك اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي ﻋرﻓﺗﻪ ﻣﻧطﻘﺔ ﺷﻣﺎل إﻓرﯾﻘﯾﺎ واﻟﺷرق اﻷوﺳط ،ﺳﯾؤﺳس اﻹﺻﻼح اﻟدﺳﺗوري
ﻟﺳﻧﺔ 2011ﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻬﺎ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣؤﻫﻼت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل واﻟﺗدﺑﯾر
اﻟﺟﻬوي .وﻣن أﻫم ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺣﻣﻠﻬﺎ ﻫﻧﺎك اﻻﻗﺗراع اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻟﻠﻣﻣﺛﻠﯾن اﻟﺟﻬوﯾﯾنٕ ،واﻋطﺎء
رؤﺳﺎء ﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬﺎت واﻻﻗﺎﻟﯾم واﻟﻌﻣﺎﻻت ﺻﻔﺔ اﻻﻣرﯾﯾن ﺑﺎﻟﺻرف ﻋوﺿﺎ ﻋن اﻟوﻻة واﻟﻌﻣﺎل،
-6-
واﻻرﺗﻛﺎز ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ ﻋدد ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ ﻛﺎﻟﺗدﺑﯾر اﻟﺣر واﻟﺗﻌﺎون واﻟﺗﺿﺎﻣن ٕواﺷراك اﻟﺳﻛﺎن .وﯾظﻬر
ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔﺻول اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻓﻲ دﺳﺗور 2011ﻫﯾﻣﻧﺔ اﻟﺑﻌد اﻟﺗﻧﻣوي
واﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻓﻲ اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﻼﻣرﻛزي.
إن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ أﺿﺣت اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻧﺟﺎح أي ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺗﻧﻣوﯾﺔ .وﻣﻣﺎ ﻻﺷك ﻓﯾﻪ أن
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ 111.14ﺷﻛل ﻗﻔزة ﻧوﻋﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،وﻋزز
اﻟﺑﻌد اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻬذا اﻟﺗﻧظﯾم ،وﻫو ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺿﻊ ﻣﺳؤوﻟﯾﺎت ﺟدﯾدة ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق
اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﯾن اﻟﻣﺣﻠﯾن اﻟذﯾن ﯾﺟدون أﻧﻔﺳﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﺟﻬوي أﻣﺎم ﻣﺷﺎﻛل وﺗﺣدﯾﺎت ﺟدﯾدة ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻋﺗﺎدوا اﻟﺗﻌﺎطﻲ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ .ﻓظﺎﻫرة اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﯾﻬﺎ ﻣﻌطﯾﺎت
وﺧﺻوﺻﯾﺎت ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻧﺎﻫﺎ ،ﺣﯾث ﺗﺗﻧوع ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺟﺎل
ودرﺟﺎت اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻣن ﺗﺟرﺑﺔ ﻷﺧرى.
وﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ،وﻹﻋطﺎء اﻟدراﺳﺔ ﺑﻌدا أﻛﺛر دﻗﺔ ،ﺗم اﻟﺗطرق ﻟﻠﺗﺟرﺑﺗﯾن
اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ واﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ واﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ﻟﻔﻬم اﻟﺟواﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ واﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب.
ﻓﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺗﻣﯾزت ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﻣﻧﺑﺛﻘﺔ ﻋن اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ
اﻟﺗﻲ أﺳﺳت ﻟﻧظﺎم ﻣرﻛزي ﺻﺎرم ،ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ إدﺧﺎل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ
اﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ دﻣﻘرطﺔ اﻟﻧظﺎم اﻹداري ﻋﺑر ﺗوﺳﯾﻊ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر اﻟﺷﺄن اﻟﻌﺎم ﻋﺑر ﻧظﺎم
ﻻ ﻣرﻛزي ﯾﺿﻣن ﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﻣواطن اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر ﺷؤوﻧﻪ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻋﺑر آﻟﯾﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎب وداﺧل
ﻣؤﺳﺳﺎت ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻣﺎﻟﻲ واﻹداري .دون أن ﯾطﺎل ﯾد إﺻﻼح اﻟﻣﺟﺎل
اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ.ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻋرﻓت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺔ واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻣﻧﺣﻰ ﺣداﺛﯾﺎ ﯾﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ
ﻣﻧطق اﻟﺗﻌﺎﻗد ﺑدل اﻟرﻗﺎﺑﺔ.
ﻛﻣﺎ ﻧﻣﯾز ﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر اﻟﺟﻬوي ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻔدراﻟﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ اﻟذي ﯾﻣﻧﺢ ﻟﻠﺟﻬﺔ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ
ﺛﻼﺛﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟدﺳﺗوري واﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﺛم اﻹداري .ﯾرﺟﻊ ﺗﺄﺳﯾس ﺟﻣﻬورﯾﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺔ اﻻﺗﺣﺎدﯾﺔ إﻟﻰ
اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟدﺳﺗوري ،وﻗرر ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻣﻧﺗﺧﺑﻲ ﺑرﻟﻣﺎﻧﺎت اﻟوﻻﯾﺎت ﺗﺄﺳﯾس دوﻟﺔ اﺗﺣﺎدﯾﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺎﻹﻋﻼﻧﺎت ﻋن وﺿﻊ ﺻﯾﻐﺔ ﻟدﺳﺗور اﺗﺣﺎدي اﻋﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗوﺣﯾد
-7-
أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ،وﺑﻠورة ﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﻼﻧدر اﻟﻣﺗﻣﺗﻊ ﺑدﺳﺗور وﺑرﻟﻣﺎن ،وﺣﻛوﻣﺔ وﺗﻣوﯾل وذﻟك ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺣددات اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻧظﺎم اﻟﻔدراﻟﻲ واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
ﺗوزﯾﻊ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺛﻼث ﺑﯾن اﻻﺗﺣﺎد واﻟوﻻﯾﺎت؛
ﺗوﻓر اﻟوﻻﯾﺎت ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻛﺎﻻﺳم ،اﻟﻌﻠم واﻟﺳﻠطﺔ؛
وﺟود ﻫﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﯾﺎ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﺑث ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟطرﻓﯾن.
ﻛل ﻫذا ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻼﻧدر اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ،ﻧﻣوذج ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ ذات اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟواﺳﻌﺔ،
وﻣﺟﺎﻻ ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﺑﯾن اﻟوﺣدة واﻟﺗﻌددﯾﺔ ،ﺑﯾن اﻻﻧدﻣﺎج واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ.
رﻏم اﺧﺗﻼف اﻟﻣدﻟول اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟوظﯾﻔﻲ ﻟﻛل ﻣن ﺟﻬوﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣوﺣدة )ﻓرﻧﺳﺎ ،اﻟﻣﻐرب
واﻟﻔدراﻟﯾﺔ )اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ( .أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ،ﻓﯾﺻﻔﻬﺎ ﻓﻘﻬﺎﺋﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ دوﻟﺔ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ،
ﻓﺈﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻣن اﻟدول اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺧذ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻣﻠﻛﻲ ،ﺗﻌرف ﻧﻣطﺎ ﻓرﯾدا ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﺗﻧظﯾم
اﻟﺟﻬوي ،وﺳﺑب ذﻟك طﻐﯾﺎن اﻟﻧزﻋﺔ اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﺟﻬﺎت وﻛذﻟك اﻟﺗﻔﺎوت اﻟﺻﺎرخ ﺑﯾن
اﻟﺟﻬﺎت اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﻧﺎطق اﻷﻧدﻟﺳﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ .ورﻏم ﺗﻌﺎﻛس ﻣﻧطﻠﻘﺎﺗﻬﺎ ،ﺣﯾث أن
اﻟﻔدراﻟﯾﺔ ﻫﻲ اﻧﺿﻣﺎم ﺑﻌض اﻟدوﯾﻼت إﻟﻰ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﻐرض ﺗﻛوﯾن اﺗﺣﺎد ﻓدراﻟﻲ ،أي أن اﻟﻔدراﻟﯾﺔ
ﺗﻧﺑﻊ ﻣن ﺗﺣت ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﻓوﻗﻲ .أﻣﺎ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣوﺣدة ﻓﻬﻲ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣن ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗﻌﻣد إﻟﻰ ﺗﻘﺳﯾم ﻣﺟﺎﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺟﻬﺎت ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓوﻗﯾﺔ.
اﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ:
اﻟﺟﻬﺔ:
ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻔﻬوم اﻟﺟﻬﺔ ﻣن اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ظﻬرت ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن
اﻟﻘرن ،19ارﺗﺑط ظﻬورﻩ ﺑﻣﻔﻬوم اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدول ذات اﻟﻧظﺎم اﻟﻠﯾﺑراﻟﻲ .وﺗﻌﻧﻲ ﻛﻠﻣﺔ اﻟﺟﻬﺔ
ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ،ﻧﺎﺣﯾﺔ ﻣن اﻟﻧواﺣﻲ ،أي ﺟزء ﻣن اﻟﻛل .وﻫﻲ ﺑﻬذا ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺿﺎﺣﯾﺔ أو اﻟﻣﺟﺎل
اﻟﻣﺣﯾط ﺑﻣرﻛز ﻣﻌﯾن Centre et Peripheriesوﻫﻛذا ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ واﻟﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد
ﺗﺿم ﻣراﻛز ﻋدة ﺑﺿواﺣﯾﻬﺎ اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ.
-8-
واﻟﺟﻬﺔ ﻫﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟذي ﻧﺗوﺟﻪ إﻟﯾﻪ وﻧﻘﺻدﻩ 1.وﺗﺧﺗﻠف اﻟﺟﻬﺔ ﻋن اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ رﻗﻌﺔ
ﺗراﺑﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣﺷﺧﺻﺔ ﺛﻘﺎﻓﯾﺎ أو ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ أو ﻋﺳﻛرﯾﺎ ،وﻋن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﻠق ﻋﻠﻰ اﺗﺟﺎﻩ ﻗطﺑﻲ
2
ﺟﻐراﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﺣدد ﺗراﺑﯾﺎ ،وﻋن اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر ﻋن ﺗوﺟﻪ ﺳﯾﺎﺳﻲ اﻗﺗﺻﺎدي ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻌﯾن.
ﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﺄﺗﻲ أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﻣﯾز ﺑن اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﻣدﻟول ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ذات أﻫداف ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
دﻓﺎﻋﯾﺔ ،واﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟﺣدﯾث اﻟذي ﯾﻌﻧﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﻛﺎﻣل اﻗﺗﺻﺎدي
إداري ﺗﻧﻣوي.
وﻗد ﻋرﻓت ﻟﺟﻧﺔ اﻟﺷؤون اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻷوروﺑﻲ اﻟﺟﻬﺔ "ﺑﺎﻟوﺣدات اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣوﻗﻊ ﺗﺣت ﻣﺳﺗوى
اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،وﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺗﻣﺛﯾﻠﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺿﻣوﻧﺔ ﺑوﺟود ﻣﺟﻠس ﺟﻬوي ﻣﻧﺗﺧب "وﻟﻌل ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف
ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 3ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ رﻗم 111.14
اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﻛوﻧﻬﺎ اﻟﺟﻬﺔ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗراﺑﯾﺔ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ،ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻻﻋﺗﺑﺎرﯾﺔ
واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻹداري واﻟﻣﺎﻟﻲ ،وﺗﺷﻛل أﺣد ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺗراﺑﻲ ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺗﻧظﯾﻣﺎ ﻻ
ﻣرﻛزﯾﺎ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ.
اﻟﺟﻬوﯾﺔ:
إن ﻣﻔﻬوم اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺗﻲ طﺑﻌت ﺗطور اﻟﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟذي أﻓرزﺗﻪ
اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﺗﻬﺎ أوروﺑﺎ ﻣﻊ ﻓﻛر اﻟﻧﻬﺿﺔ وﻋﺻر اﻷﻧوار .وﺑﻬذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﺈن اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻧﺑﺛﻘت
ﻋن ﻣﺟﻣوع اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﻣﺻرﻓﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﺗﻬﺎ أوروﺑﺎ ،واﻟﺗﻲ أدت
إﻟﻰ ﺗﺄﺳﯾس دوﻟﺔ وطﻧﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺗﺗوﯾﺞ ﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﻣﺷروع أو اﻟﻣد اﻟﺑورﺟوازي اﻟذي ﻗﺎدﺗﻪ
3
اﻟﺑورﺟوازﯾﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﺑﻛل ﻓﺻﺎﺋﻠﻬﺎ.
ﻏﯾر أن ﻣﺑررات ﺗﺷﻛﯾل اﻟدوﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟم ﺗﻛن ﺗﺳﻣﺢ إﻻ ﺑوﺟود دوﻟﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ ﺷﻣوﻟﯾﺔ ﻣﺣددة ﻣن
ﺣﯾث اﻷﻫداف واﻟﺗوﺟﻬﺎت ،وﻣﻊ ﺗﺳﺎرع اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﺗﻬﺎ أوروﺑﺎ ،ظﻬرت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
-9-
واﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺟدﯾدة .ﺟﺎءت اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻛﺈطﺎر اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻋﻣق اﻻﺧﺗﻼﻻت،
واﻟﻔوارق اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗظﻬر ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗوزﯾﻊ اﻟﺳﻛﺎن ،وﺗوزﯾﻊ اﻷﻧﺷطﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ذﻟك أﻣﺎم ﻓﺳﺢ اﻟﻣﺟﺎل أﻣﺎم اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
4
واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺑﻧﺎء اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ.
ﻟﻘد ﻋرف ﻣﻔﻬوم اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻋدة ﺗﺣوﻻت وﺗﻐﯾﯾرات ارﺗﺑطت ﺑﺗطور اﻟﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻷﯾدﯾوﻟوﺟﻲ
وﺑﺎﻟﻌواﻣل اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﻛل ﺑﻠد ﻋﻠﻰ ﺣدة ﻣﻧذ ﺗﺑﻠور اﻟﻣﻔﻬوم ﻷول ﻣرة ﻓﻲ ﻋﺎم 1847م ﻓﻲ
ﺟﻧوب ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻛل اﺗﺟﺎﻫﺎت أدﺑﯾﺔ ،ﺛم ﺗطور اﻟﻣﻔﻬوم ﻟﯾﺄﺧذ ﺷﻛل اﻟﺗﺧطﯾط ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ ،إذ ﺗﺑﻠور
اﻟﻣﻔﻬوم ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﺗواﻓق ﺑﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ ﺑﻛل ﻓﻌﺎﻟﯾﺎت وﻣؤﺳﺳﺎﺗﻪ وﺟﻬﺎﺗﻪ ،وﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ
اﻟوطﻧﯾﺔ ﻛﻣؤطر ﻟﻠﻣﺷروع اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ اﻟﻣواﻓق ﺣول ﻣﻌﺎﻟﻣﻪ اﻟﻛﺑرى.
اﻟﻔدراﻟﯾﺔ واﻟﻼﻧدر:
ﺗﻌﻧﻲ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ ﺣﺳب ﻣوﺳوﻋﺔ Hachetteﻧﺳق ﺳﯾﺎﺳﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎﺳم اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ٕوادارﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ وﺣﻛوﻣﺔ اﻟدول اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠﻔدراﻟﯾﺔ ﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن
ﻟﻔظ Foedusوﻫﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﻻﺗﯾﻧﯾﺔ اﻷﺻل ﺗﻌﻧﻲ اﺗﺣﺎد ،وﻫو ﻣﻔﻬوم ﻣﺷوب ﺑﻧوع ﻣن اﻟﺿﺑﺎﺑﯾﺔ
5
واﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﺔ.
أﻣﺎ اﻟﻼﻧدر ﻓﯾﺗم ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ وﺣدة ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣرﺗﻛزة أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻣزدوج
ﻟﻠﺳﻠط ،ﻓﺎﻟواﺿﺢ أن اﻟﺑﻌدﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻻ ﯾﻐﯾﺑﺎن ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم اﻟﻼﻧدر .إﻻ أن
ﺿم اﻟﻼﻧدر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻟب اﻟﻔدراﻟﻲ ﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﻣﻧﺣﻪ ﻣﺣددات أﻛﺛر دﻗﺔ ﻓﻲ ﺑﻠورة ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﺑﺷﻛل واﺿﺢ
أﻛﺛر ﻣن اﻟﺟﻬﺔ وأﻗرب إﻟﻰ ﻧظﺎم اﻟوﻻﯾﺔ.
ﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻓﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺳﻠط اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ ﺟزء ﻣن أﻫم اﻹﻧﺟﺎزات اﻟﺗﻲ ﺣﻘﻘﺗﻬﺎ
اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري ﺑﺗﻔﻌﯾل دور اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺟﻬوﯾﺔ ﻗوﯾﺔ
- 4إدرﯾس اﻟﻘﺎﺳﻣﻲ ﺧﺎﻟد اﻟﻣﯾر :ﺗﻧظﯾم اﻟﺟﮭﺎت ،ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺗﻛوﯾن اﻹداري ،اﻟﻌدد ،9ص .137
- 5ﻋﺑد اﻟﺟﺑﺎر ﻋراش :ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺟﮭوﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﺳﻠك اﻟﺛﺎﻟث وﺣدة ﺗدﺑﯾر اﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،اﻟﺳﻧﺔ
اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2006/،2005ﺑﺗﺎرﯾﺦ 8ﯾوﻟﯾوز ) 2006ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺳن اﻷول( ﺳطﺎت.
- 10 -
واﺳﺗﻛﻣﺎل اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ،وﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣؤﺷر اﻟﺗﻧﻣوي ﻟﻠﺗﻘطﯾﻊ اﻟﺟﻬوي اﻟﺟدﯾد ﺟوﻫر ﻫذﻩ
اﻷﻫﻣﯾﺔ ﻷﻧﻪ ﯾرﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﺗوازن واﻧﺳﺟﺎم ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﯾن ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف ﻣﻧﺎطق اﻟﺑﻼد.
إن اﻟﺟﻬﺔ ﻛﻣؤﺳﺳﺔ دﺳﺗورﯾﺔ ﺗﺑوأت ﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣرﻣوﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻣﻐرﺑﻲ،
وﺗﺟﺳدت ﺑوﺿوح ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺧﺎطب اﻟﻣﻠﻛﻲ .ﻓﺎﻟﺟﻬﺔ ﺗﺷﻛل ذﻟك اﻟﻔﺿﺎء اﻟواﺳﻊ ﻟﻠﺗﺣﺎور
واﻟﺗﺷﺎور ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ .وذﻟك اﻟرﻫﺎن اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻛﺑﯾر
اﻟﻣﺗوﺧﻰ ﻣﻧﻪ اﺳﺗﻛﻣﺎل ﺑﻧﺎء اﻟﺻرح اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ ،وﺗوﺳﯾﻊ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ .ﻟﻘد أﺻﺑﺢ اﻟرﻫﺎن اﻟﯾوم ﻣوﺟﻪ ﻧﺣو اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ اﻹطﺎر اﻟﻣﻼﺋم ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻔوارق
ﺑﯾن اﻟﻣﻧﺎطق ﻟﺑﻠورة ﻣﺧطط ﺟﻬوي ﻧﺎﺟﺢ.
ﺗرﺗﺑط أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوع اﻟذي ﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻛذﻟك ﺑﺎﻻﻫﺗﻣﺎم اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﺗﺣظﻰ ﺑﻪ "اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ
اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ" .ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻷﺑﺣﺎث اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ أو ﺧطﺎﺑﺎت اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻧﻔس
اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺗﺗﻘﺎﺳﻣﻪ ﻣﺧﺗﻠف وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم وﻣﻛوﻧﺎت اﻟرأي اﻟﻌﺎم اﻟوطﻧﻲ واﻟدوﻟﻲ.
ﻓدراﺳﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺗﻛﺗﺳﻲ أﻫﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ وذﻟك ﻟﻌدة اﻋﺗﺑﺎرات أﻫﻣﻬﺎ:
ﻛون اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺷﺄن اﻟﻌﺎم اﻟﻣﺣﻠﻲ واﻟﺟﻬوي ﯾﻌﺗﺑر ﻣن ﺻﻣﯾم ﻣطﻠب دﻣﻘرطﺔ اﻟﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ،
ﺑﻣﺎ ﺗﻌﻧﯾﻪ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻣن وﺿﻊ وﺗطوﯾر آﻟﯾﺎت اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ) La participation
(politiqueﻟﻠﻣواطﻧﯾن ﺑواﺳطﺔ ﻣﺟﺎﻟس ﺟﻬوﯾﺔ ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ،وﺗﺗوﻓر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ واﻟﻣوارد
اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ،اﻟﻼزﻣﺔ ﻷداء وظﺎﺋﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺟو ﻣن اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ؛ "ﻓﺑﻧﺎء اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ
ﯾﺗطﻠب ﻣﺳﺗوى ﻣﻌﯾن ﻣن اﻟﺗﺣرر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ) (L’émancipation politiqueﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎﺳم
ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت" 6ﻣﻣﺎ ﯾﻔﺗرض ﻣﻧطﻘﺎ ﻣؤﺳﺳﺎﺗﯾﺎ ﺑدﯾﻼ ،وأﺷﻛﺎل ﺟدﯾدة ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ،
وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺗﻧﻣوﯾﺔ ﻣن ﺗﺣت ).(par le bas
إن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب وﻣﻘﺎرﻧﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرب ﻛل ﻣن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ،
واﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺻﻌﺑﺔ اﻟﻣﻧﺎل ارﺗﺑﺎطﺎ ﺑﺷﺳﺎﻋﺔ وﺗﻌﻘﯾد إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻋﻠﻰ
6
- Alain Claisse : « l’espace démocratique locale dans les pays e, développement » Etat espace et
pouvoir locale : réflexion sur le Maroc et les Etats en.. p page 239.
- 11 -
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟدوﻟﻲ إﻻ أﻧﻧﺎ ﺳﻧﻌﻣل ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ
ﺗطرﺣﻬﺎ.
وﺑذﻟك ﺗﺗﻣﺣور إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
إﻟﻰ أي ﺣد اﺳﺗطﺎع اﻟطرح اﻟﻣﻐرﺑﻲ أن ﯾواﻛب وﯾﺳﺎﯾر اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ وأن ﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ
اﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ؟
وﻟدراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل ﻫذﻩ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺣورﯾﺔ ﻟﻠﻣوﺿوع واﻹﺣﺎطﺔ ﺑﻛل ﺟواﻧﺑﻬﺎ ،ﺳﻧﺣﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن
اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ واﻟﻬﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ واﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑـ:
ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻣﺣددات اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ واﻟﻣﻐرب؟
ﻣﺎ ﻫو اﻟطرح اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ؟
ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﻘوﻣﺎت وأﺳس اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب؟
ﻣﺎ ﻫﻲ اﻹﻛراﻫﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘف أﻣﺎم اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ؟
ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﺗﺟﺎوز ﻫذﻩ اﻹﻛراﻫﺎت اﻟﻣطروﺣﺔ؟
ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﺳﻧﻌﺗﻣد اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟﺗﺎﻟﻲ:
- 12 -
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ.
إن ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،وﻛذا اﻟﻧظم اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﯾﻧﺑﻧﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﺣددات اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ
واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل اﻷرﺿﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻠورة ﺧﺻوﺻﯾﺎت ﻛل ﻧظﺎم ﻋﻠﻰ ﺣدةٕ ،واﻋطﺎﺋﻪ
اﻟﻣﻛﺎﻧﺔ واﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟراﻫن .ﻓﻣن ﺳﻧن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرب
اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﺣﻠﻲ أﻧﻬم ﺗﻣﯾزوا ﺑوﺟود ﺟﻣﺎﻋﺎت ﻗدﯾﻣﺔ ﻋﺑرت ﻋن ﻣﯾل اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ
اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ ﻛﺄﺳﻠوب ﻓﻲ اﻟﻌﯾش وﻓق ﺗﺣﺎﻟﻔﺎت اﻧﺗﻣﺎﺋﯾﺔ إﻣﺎ ﻟﻠﻣﻛﺎن أو اﻹﻧﺳﺎن.7
ﻋرﻓت اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت واﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻣﺳﺎﯾرة ﻣﻧﻬﺎ ﻟﺗطور اﻟﻣرﺟﻌﯾﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ واﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺳﺳت ﻟﻣﺳﻠﺳل
ﺟﻬوي.
وﺟﺎء اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺣﺗﻣﯾﺔ ﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،واﻟﺗطور اﻟﻣطرد
ﻟﻧظﺎﻣﻪ اﻟﻼﻣرﻛزي ،وﺗﻛرﯾﺳﺎ ﻟﻠﻘطﯾﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﻧظﺎم اﻹداري اﻟﻣرﻛزي اﻟﺻﺎرم ،اﻟذي اﻋﺗﻣد ﻓﻲ ﻓﺗرة ﺑﻧﺎء
اﻟدوﻟﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟﺣدﯾث واﻟذي ﻟم ﯾﻌد ﻣﻼﺋﻣﺎ أﻣﺎم ﺗﻌدد اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ وﺗﺷﻌﺑﻬﺎ ،وﯾﺑرز ﻧﻬﺞ
ﺟدﯾد ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،ﯾدﻋو إﻟﻰ ﺗﺧﻔﯾف اﻟﻌبء ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ،وﻧﻘل ﺑﻌض ﻣن ﺳﻠطﺎﺗﻬﺎ
إﻟﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﺔ )اﻟﻣﺑﺣث اﻷول(.
أﺻﺑﺣت ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻌدﻫﺎ اﻟﺟﻬوي إﺣدى أﻫم اﻷﺳس واﻟدﻋﺎﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ
اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة وﻣﻛوﻧﺎ رﺋﯾﺳﯾﺎ ﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻣﺎ أن ﻛل ﺑﻠد ﯾﻧﻔرد ﺑﺗﻧظﯾﻣﻪ اﻟﺟﻬوي اﻟﺧﺎص ﺗﺑﻌﺎ ﻟظروﻓﻪ
وﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻪ وﺗﺷﻛل اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔﯾدراﻟﯾﺔ ﺑﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ٕواﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ .ﺑﺣﯾث أن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗطﺑﻊ اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﺑدﺳﺗور 1978ﻫﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ﻏﯾر اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،وﻓﻲ ذﻟك
ﺟواب ﻋﻠﻰ دوﻟﺔ ﻓراﻧﻛو اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،واﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻠﺗطور اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي ﺣﺻل ﻓﻲ اﻟﺑﻠد اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ﺧﻼل
-7اﻟﻣﻐرب أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ :دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ و اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻷول ،ﻣﻧﺷورات ﻛﻠﯾﺔ أﻵداب واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط ،ﺳﻠﺳﻠﺔ
ﻧدوات و ﻣﻧﺎظرات رﻗم ،17. 1991اﻟﻧﺷر اﻟﻌرﺑﻲ اﻹﻓرﯾﻘﻲ ،اﻟرﺑﺎط ،ص.91
- 13 -
أرﺑﻌﺔ ﻗرون اﻷﺧﯾرة .وأﺧﯾ ار ﻫو اﺳﺗﯾﻌﺎب ﺑﺣﻛﻣﺔ ﻣن اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﻣظﺎﻫر اﻟﺗﻌدد اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ
8
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻻﺛﻧﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ اﻟذي ﯾزﺧر ﺑﻪ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ.
أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻓﻬﻲ ﺗﻌد دوﻟﺔ اﺗﺣﺎدﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳس دﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﯾﻌﺑر
اﻟﻧظﺎم اﻟدﺳﺗوري ﻟﻠدوﻟﺔ ﻋن ذاﺗﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ وﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وﻧظﺎم
اﻻﻧﺗﺧﺎب .ﻟﻬذا ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻧظﺎم اﻟﻔﯾدراﻟﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ أﺣد اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻣﺗطورة ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻓﻘد
ﻧﻬﻠت ﻣن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدول ﻛﺈﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻣﺛﻼ ﻓﻲ ﻣطﻠﻊ اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت وﺣﺎوﻟت ﺗﻣﺛﻠﻪ ﻓﻲ
ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ اﻹداري اﻟﻼﻣرﻛزي .ﻛﻣﺎ أﻧﻪ اﻟﯾوم ،ﯾﻌد ﻣﺣط اﻫﺗﻣﺎم ﻛﺑﯾر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ
ﺗوﺳﯾﻊ ﻗﺎﻋدة اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﺑﻧﻲ ﺟﻬوﯾﺔ ﻣوﺳﻌﺔ ﻛﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻐرب ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل )اﻟﻣﺑﺣث
اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
-8أﺣﻣد اﻟﺳوداﻧﻲ ،اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أﺷﻐﺎل اﻟﯾوم اﻟدراﺳﻲ اﻟﻣﻧظم ﺑﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ واﻟﻣﺟﻠﺔ
اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺣول ﻣوﺿوع اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب ":واﻗﻌو آﻓﺎق"ﺑﺗﺎرﯾﺦ 26ﻓﺑراﯾر.2005
- 14 -
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :اﻟﻣﺣددات اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺗﯾن اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ واﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ.
ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺗراﺑﻲ إﻟﻰ ﺟﻬﺎت أو ﻣﻧﺎطق ﺣﺳب ﻣﻌﺎﯾﯾر
واﻋﺗﺑﺎرات ﻣﺗﻌددة وﻣﺗداﺧﻠﺔ ﯾرﺗﺑط ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﺳوﺳﯾو-ﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ،وﻛذا طﺑﯾﻌﺔ
اﻹﻛراﻫﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ اﻟﻣرﺣﻠﯾﺔ ،وﯾﻣﻛن رﺻد ﻫذﻩ اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺟرﺑﺗﯾن
اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ واﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ.
وﻟﻛﻲ ﻧﺗﺣدث ﻋن ﺟﻬوﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ واﻟﺑﺣث ﻋن أﺟود اﻟﻧﻣﺎذج وأﻧﺳﺑﻬﺎ ﻟﺑﻼدﻧﺎ ﻻﺑد ﻣن
اﻟرﺟوع إﻟﻰ واﻗﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﺑﺎﻷﻣس واﻟﯾوم واﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟدﻗﯾﻘﺔ ﻟﻠﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز
ﻣﻛوﻧﺎﺗﻪ .وﻛذا اﻟﺗطور اﻟذي ﺷﻬدﻩ اﻟﻣﻐرب ﻋﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣﺎﻓل ﺑﺎﻷﺣداث واﻟﻣﺣطﺎت اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت
ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس دﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻟﺣرﯾﺎت وﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن .وﻫﻛذا ﻓﺈن
9
اﻟﻣﻐرب اﻟذي اﻧﺗﻬﺞ أﺳﻠوب اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ وﻋﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻣﯾﻘﻬﺎ وﺗرﺳﯾﺧﻬﺎ ﺑﺗﺄن وﺛﺑﺎت ﻋﺑر ﻣراﺣل
)اﻟﻣطﻠب اﻷول(.
وﺗﻌﺗﺑر اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﻣﺣدﺛﺔ ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧون 4ﻣﺎرس ،1982إﺣدى اﻟﻧﻣﺎذج اﻟﻣﺟﺳدة
ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻬﻲ وﺣدة ﺗراﺑﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ اﺗﺟﺎﻩ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،ﺗﺳﺗﻧد ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻓﻲ ﺷرﻋﯾﺗﻬﺎ
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎدي ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺗوﻓر ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ أو ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون أﺳﺎس
ﺷرﻋﯾﺗﻬﺎ دﺳﺗوري .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﻣﺎرس إﻻ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺣددة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ واﻟﻌﻣل ﺗﺣت ﺳﻠطﺔ
اﻟوﺻﺎﯾﺔ )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺳﯾﺎق اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﺗطور اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻣن أﻫم ﻣﺣددات اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي
10
ارﺗﺑﺎطﺎ ﺑﻣﺎ ﺗم ﺗﺣﺻﯾﻠﻪ ﻣن ﺗراﻛﻣﺎت ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﺑﻠورة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟراﻫﻧﺔ.
-9ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺳﺗف ،اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻐرب اﻟﺟﻬﺎت ،ﻣﻘﺎل ﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ و اﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،ص.171
-10ﻋﺎدل اﻟﺳﺎﺧﻲ :اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب واﻟﻼﻧدر اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ)دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣﻌﻣﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺳن اﻷول ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺳطﺎت ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2007/2006ص
- 15 -
اﻟﻔرع اﻷول :ﻣراﺣل ﺗطور اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب.
ﺗﻛﺗﺳﻲ اﺳﺗﻌراض ﻫذﻩ اﻟﻣراﺣل أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑرى ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت واﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻬﺎ
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب اﻟﺗﻲ أﺳﺳت ﻟﻣﺳﻠﺳل ﺟﻬوي ﻻزال ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﺣرﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠﺑﻬﺎ
اﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،واﺣﺗراﻣﺎ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ ﻣﻊ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﻬوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب
ﺳﻧﻘﺳﻣﻪ إﻟﻰ ﺟزأﯾن ﺗﻛون ﻣرﺣﻠﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼل ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻓﺎﺻل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﺣﯾث ﺳﻧﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻔﯾدراﻟﯾﺔ اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﻫﺎ اﻟﻣﻐرب ﺟزءا ﻣن اﻟﻣﺳﻠﺳل اﻟﺟﻬوي؟ ﺛم دراﺳﺔ اﻟﺗﻘﺳﯾم
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﻟﻠﺗراب اﻟوطﻧﻲ ،وذﻟك ﻋﻠﻰ أن ﻧﺧص ﻻﻧﺗﻘﺎل اﻟﺟﻬﺔ ﻣن اﻟﺑﻌد اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻣﻊ ﺗﺟرﺑﺔ
1971إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ﻣﻛرﺳﺔ دﺳﺗورﯾﺎ.
ﯾرى ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن أن اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺑﻠﻲ اﻟﻘدﯾم ﻻ ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى اﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺟزءا ﻣن اﻟﻣﺳﻠﺳل
اﻟﺟﻬوي اﻟﻣﻐرﺑﻲ ،11ذﻟك ﻷﻧﻪ ﻟم ﯾﺳﺗﻣد ﻣﻘوﻣﺎﺗﻪ ﻣن واﻗﻊ ﺟﻬوي ﻣﻘﻧن وﻣﺧطط ﻟﻪ)أ( وﯾﻌﺗﺑرون أن
اﻟﻣﺣطﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺗﻘﺳﯾم اﻟﺟﻬوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﯾرﺗﺑط ﺑﻔﺗرة اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ )ب(.
ﺗرﺗﺑط ﻓﻛرة اﻟﺟﻬﺎت ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻓﺗرة ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻛﺎن اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ ﻣﻘﺳﻣﺎ ﻓﻲ
ظل اﻟوﺣدة اﻟوطﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻗﺑﻠﯾﺔ ﻋدﯾدة ﻓﺎﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﻣوﺟود آﻧذاك ﻟم ﯾﻛن ﺗﻘﺳﯾﻣﺎ
ﻗﺎﺋﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﺳس ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ،ﺑل ﻛﺎن ﻓﻘط ﺗﻘﺳﯾﻣﺎ ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻋن اﻟواﻗﻊ وﻫو ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳس ﻗﺑﻠﯾﺔ
12
وﺟﻐراﻓﯾﺔ.
اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ واﻟﻌرﻓﯾﺔ اﻟﻣرﺗﻛزة ﻋﻠﻰ اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻘﺑﻠﻲ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﺑﺣﯾث ﺗﺷﻛﻠت ظﺎﻫرة
ﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .وﻟم ﺗﻛن ﻧظﺎﻣﺎ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ،13ﻣﻣﺎ ﺟﻌل ﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﺗﻧﺎﻓر واﻟﻌداء أﺣﯾﺎﻧﺎ
11
-Charle André JUlain: Les histoires de l’Afrique du Nord, origines la canquete arabe: EdPayhéque paris1978.p56.
-12أﻟﺳﻌﯾدي ﻣزروع ﻓﺎطﻣﺔ:اﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺟدﯾدة ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،2003 ،ص.123
-13ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺳﺗف :اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب رﻫﺎن ﺟدﯾد ﻟﻣﻐرب ﺟدﯾد ،اﻟﻣﻧﺷورات اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣﻐﺎرﺑﯾﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ أﻷوﻟﻰ،1993ص.43
- 16 -
ﺧﺎﺻﺔ ﺗؤطرﻫﺎ رواﺑط ﻗﺑﻠﯾﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ أو ﻋرﻓﯾﺔ ،أو ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻋﻬود وﻣواﺛﯾق ﺗدﺧل ﻓﻲ إطﺎر
14
اﻟﺗﺣﺎﻟﻔﺎت.
ﺟﻬﺎز اﻟﻣﺧزن وﺟﻬﺎز "اﺟﻣﺎﻋﺔ" ﺣﯾث ﺗﺻﻧف اﻟﻘﺑﺎﺋل ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﺧزن ﺣﺳب ﺣﺟﻣﻬﺎ ﺑدءا
ﺑﺎﻟﻘرﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻔﺧدة ،ﻓﺎﻟﻌﺷﯾرة ،ﻓﺎﻟﻘﺑﯾﻠﺔ ،ﻓﺎﻟﻔﯾدراﻟﯾﺔ اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ .وﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل ﻣﻊ ﺑﻼد اﻟﻣﺧزن ﻧﺟد ﺑﻼد اﻟﺳﯾﺑﺔ
واﻟﺗﻲ ﺗﺣدد اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﺑﺎﻷﻣﺎﻛن اﻟﻧﺎﺋﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗدﺧل ﺿﻣن اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻹداري.15
ﻓﺎﻟﺳﯾﺑﺔ ﻫﻧﺎ ﻻ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﻔوﺿﻰ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻻﻧﺗروﺑوﻟوﺟﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﺑل ﻫﻲ وﺳﯾﻠﺔ دﻓﺎﻋﯾﺔ ﻣن
ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗرﻓض ﺗﻠك اﻟﻘﺑﺎﺋل اﻟﺗﻬﻣﯾش اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﺣﺗﻛﺎر اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺧزن ،وﺗﻌﺑﯾ ار ﻋن
اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ،16وﻋﻠﻰ ﺿرورة ﻧﺟد :اﻟﻐرب ،اﻟرﯾف ،اﻟﺣوز ،ﺳوس ،اﻟﺻﺣراء.
ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﻓﻘد ذﻫب ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن واﻗﻊ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺷدﯾدة اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت
ﺗﻣﯾز اﻟﻧظﺎم اﻹداري واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﯾﻧﻔﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ وﺟود ﺗﻧظﯾم ﺟﻬوي ﻗﺑل ،1912ذﻟك أن اﻟدوﻟﺔ
ﺳﻌت ﻟﺗﻔﺎدي أﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺟﻬﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻧد اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻻﺣﺗﻣﺎء ﺑﺎﻷﻋراف واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد،
واﻟﺗﻲ رﻓﺿت اﻟﺳﻠطﺔ اﻟدﻧﯾوﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠطﺎن ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﻌﺗرف ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟروﺣﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻷﻣر اﻟذي
ﺟﻌل اﻟﻣﺧزن ﻣؤﺳﺳﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺿرورﯾﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﺳﻠطﺎﻧﻲ ،وﻧظﺎم اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺳﯾﺎﺳﻲ
17
وﺳﻠوﻛﻲ ﺗﻣﯾزت وﻻزاﻟت ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻪ ﺑﻼدﻧﺎ.
ﻓﺎﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذي ﺗﻣﺗﻌت ﺑﻪ ﺑﻌض اﻟﻣﻧﺎطق ﻣن ﺣﯾن ﻵﺧر ﻛﺎن ﻧﺎﺗﺟﺎ ﻋن ﺿﻌف اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻣرﻛزﯾﺔ أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﻛﺎن ﻣؤﺳﺳﺎ ﻋﻠﻰ وﺟود ﺗﻧظﯾم ﺟﻬوي ،ﺧﺻوﺻﺎ وأن ﺟﻬﺎت ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟم
ﺗﻛن ﺗﺳﺗﻣد ﻣﻘوﻣﺎﺗﻬﺎ ﻣن أي ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ وﺗﻧظﯾﻣﻲ ،ﻣﻣﺎ ﯾؤﻛد ﻋدم وﺟود ﺗﻧظﯾم ﺟﻬوي ﺑﺎﻟﻣﻔﻬوم
18
اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻪ اﻟﯾوم ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻘﺎﻧون.
14
-Alaroui: Les origines sociales et culturelle nationalisme 1830-1912.Edition Fmaspero. Paris 1977.
-15ﻣﺣﻣد اﻟﻛﻼوي :اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و اﻟﺳﻠطﺔ ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺟدﯾدة ،اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،1995ص.112
-16ﻣﺣﻣد اﻟﻣﻌﺗﺻم :ﻣﺧﺗﺻر اﻟﻧظم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات إﯾزﯾس، 1991،ص.72
-17ﻣﯾﺷﯾل روﺳﻲ :اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،ﺗرﺟﻣﺔ إﺑراﻫﯾم اﻟزﯾﺎﻧﻲ ،ﻣﺻطﻔﻰ أﺟدﯾﺎ ﻧور اﻟدﯾن اﻟراوي ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺟدﯾدة ،اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء،1993 ،
ص .93
-18
- 17 -
ب -اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺟﻬوي اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري
ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻌد ﺗوﻗﯾﻊ ﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺑﺎﺷرت اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣﻐرب إﻟﻰ
ﻣﻧﺎطق وﺟﻬﺎت ،ﺣﯾث ﺗم ﺧﻠق دواﺋر ﻣدﻧﯾﺔ وأﺧرى ﻋﺳﻛرﯾﺔ ،ﻣﻊ إﺻدار اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﺎم اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻗ اررﯾن ﺑﺧﺻوص اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺗراﺑﻲ ﻟﻠﻣﻐرب:
اﻟﺛﺎﻧﻲ؛ ﻓﻲ 11دﺟﻧﺑر 1923ﺗم ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ إﻟﻰ أرﺑﻊ ﺟﻬﺎت ﻣدﻧﯾﺔ وﻫﻲ:
اﻟﻐرب ،اﻟﺷﺎوﯾﺔ ،وﺟدة ،اﻟرﺑﺎط ،وﺛﻼث ﻣراﻗﺑﺎت ﻣدﻧﯾﺔ وﻫﻲ :أﺳﻔﻲ ،اﻟﺻوﯾرة ،اﻟﺟدﯾدة ،وﺛﻼث
ﺟﻬﺎت ﻋﺳﻛرﯾﺔ وﻫﻲ ﻓﺎس ،ﻣﻛﻧﺎس ،ﻣراﻛش.
ﻟﻛن ﻫذا اﻟﺗﻘﺳﯾم ﺳﯾﻌرف ﺗﻐﯾﯾ ار ﺳﻧﺔ 1935ﺗم ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣﻐرب إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺗﯾن ﻓﻘط:
اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ وﺗﺿم ﺛﻼث ﺟﻬﺎت وﻫﻲ :وﺟدة ،اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟرﺑﺎط .وﺛﻼث أﻗﺎﻟﯾم ،وﻫﻲ :إﻗﻠﯾم
أﺳﻔﻲ ،ﻣﯾﻧﺎء ﻟﯾوطﻲ ،ﻛزاﻛﺎن .واﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ وﻫﻲ ﺗﺿم ﺛﻼث ﺟﻬﺎت :ﻓﺎس ،ﻣﻛﻧﺎس ﻣراﻛش
19
وأرﺑﻌﺔ أﻗﺎﻟﯾم ﺗﺎزة ،ﺗﺎﻓﯾﻼﻟت ،ﺗﺧوم درﻋﺔ ،وﺳط اﻷطﻠس.
واﻟﻣﻼﺣظ ﻫو أﻧﻪ ﺑﺗطور اﻟوﺟود اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،ﺗطورت ﻣﻌﻪ اﻟﺟﻬﺎت ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق،
ذﻟك أﻧﻬﺎ اﻧﺗﻘﻠت وظﯾﻔﺗﻬﺎ ﻣن ﻣﺟرد إطﺎر ﻟﻠﺗﺣﻛم اﻟﻌﺳﻛري واﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ إﻟﻰ إطﺎر ﻓﺎﻹدارة
ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر اﻟﺷؤون اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻗد أﻧﺷﺄت ﻟﻬدﻩ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﺟﺎﻟس إدارﯾﺔ ﺟﻬوﯾﺔ ﻣؤﻟﻔﺔ ﻣن
أﻋﺿﺎء ﻣﻌﯾﻧﯾن )اﻟﻣوظﻔون واﻷﻋﯾﺎن( وأﻋﺿﺎء ﻣﻧﺗﺧﺑﯾن ،ﺣﯾث ﻛﺎﻧت ﻟﻬﺎ ﺻﺑﻐﺔ اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺗم
إﻧﺷﺎء اﻟﻠﺟن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻗرار اﻟﻣﻘﯾﻣﻲ اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 1ﯾوﻟﯾوز ،1936ﺑﺗﺎرﯾﺦ 15
ﻓﺑراﯾر 1941ﺛم أﻋﯾد ﺗﻧظﯾم اﻟﻠﺟن ﻋدة ﻣرات ﻣﻣﺎ أﻛد ﻋﻠﻰ وﺟود اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،وﻫو ﻣﺎ دﻓﻊ
إﻟﻰ اﻟﺗﺳﺎؤل ﺣول ﻣدى ﺻﺣﺔ ﻣﺎ ورد ﻟدى ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟدارﺳﯾن اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم
اﻹداري اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﺑﺄن اﻟﻣﻐرب ﻗد ﻋرف اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻣﻧذ ﻋﻬد اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﯾﻘول
ﻣﯾﺷﯾل روﺳﻲ ﺑﺄن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ )أو اﻟﺟﻬﺔ( ﻓﻲ ﻓﺗرة اﻟﺣﻣﺎﯾﺔٕ ،وان ﻛﺎﻧت ﻻ ﺗﺷﻛل إطﺎ ار ﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ،ﻓﻘد
-19اﻟﻣﻬدي ﺑﻧﻣﯾر :اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب" دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟﻘﺎﻧون رﻗم 47.96اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬﺎت ،ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ و اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ،
- 18 -
20
اﻟﻛﻔﯾل ﺗطور ﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﺎؤل ﻛﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻼﺋم ﺗوﺟﯾﻬﻬﺎ ﻧﺣو اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻹداري
ا ﻋرﻓت
ﺑﻣﻧﺣﻬﺎ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗوﺟﻪ ﻧﺣو ﺳن ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺟﻬوﯾﺔ ﯾﻛون ﻫدﻓﻬﺎ اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻫو اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ دﻋم
ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼﻻت واﻟﺗﻔﺎوﺗﺎت اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣوﺟودة ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت
ﺑﻔﻌل اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﺑﺗﺄﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﻌﺎﻣل اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﻣﻊ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ.
ﻏداة اﻻﺳﺗﻘﻼل ،وﺟد اﻟﻣﻐرب ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم ﺗرﻛﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ ﺟﺳﯾﻣﺔ ﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﻔوارق
اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﺣﺳب ﺑل ﺷﻣﻠت ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺻﻌدة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺣﯾث أﻫﻣل اﻟﺗﻘﺳﯾم
اﻟﺟﻬوي اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﻟﯾﺄﺧذ اﻹطﺎر اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻣﺣﻠﻪ ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﺗﻣﻛن ﻣن ﻓرض ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺗﯾﺔ
ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ ٕوادارﯾﺎ ﺑﺣﯾث اﻋﺗﺑر اﻹﻗﻠﯾم أﻫم اﻟﺗﻘﺳﯾﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ ،ﻓﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻔﻬﺎ
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻟﻣزدوج اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ،ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ أوﻟت اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎﻷﻗﺎﻟﯾم واﻟﻣﻧﺎطق اﻟواﻗﻌﺔ
ﺧﺎرج ﻣﺣور اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء – اﻟﻘﻧﯾطرة ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺑذﻟك ﻣﺣﺎرﺑﺔ ﻓﻛرة اﻟﻣﻐرب اﻟﻧﺎﻓﻊ واﻟﻣﻐرب ﻏﯾر
اﻟﻧﺎﻓﻊ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻓﻛرة اﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ ﺗﻣﯾز ﺑﯾن أﻗطﺎب اﻟﺑﻠد اﻟواﺣد.
وﻟم ﯾظﻬر اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﺟﺎل اﻟﺟﻬوي واﻟوﺟﻬﺔ إﻻ ﺑﻌد اﺳﺗﻔﺣﺎل ﺧطورة اﻟﻔوارق واﻟﺗﻔﺎوﺗﺎت
اﻟﺟﻬوﯾﺔ وﻋﺟز اﻹطﺎر اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻋن ﻣواﺟﻬﺗﻬﺎ ﻧظ ار ﻷﻧﻪ إطﺎر ﻣﺣدود ﻻ ﯾﻼﺋم اﻟﻬدف اﻟﻣرﺟو ﻣﻧﻪ
ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼﻻت واﻟﻼﺗوازﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﻬﺎ ﻣﺧﺗﻠف
ﺟﻬﺎت اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ،ﻧظ ار ﻻﺧﺗﻼف ﺣﺟم اﻷﻗﺎﻟﯾم وﻋدم ﺗﺳﺎوﯾﻬﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺳﻛﺎن واﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟم
ﺗﻌد ﺗﺷﻛل وﺣدات ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ وﻗﺎدرة ﺑﺄن ﺗﺳﺗﻌﻣل ﻛﺈطﺎر ﻟﻠﺗﺧطﯾط اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻣن
ﻫﻧﺎ ظﻬرت ﺿرورة اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾم ﺟدﯾد وﻓﻌﺎل ﻓﻛﺎﻧت اﻟﺟﻬﺔ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻻﺧﺗﯾﺎرات
إﻋداد اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﯾﻔﺗرض ﻓﯾﻬﺎ أن ﺗﻛون وﺣدة ﺗراﺑﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم
إطﺎر ﻟﻠﻧﻣو اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .وﺑﻌد ﻣرور ﺧﻣس ﺳﻧوات ،ﺑدأ اﻻﻫﺗﻣﺎﻣﺎت اﻷوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺷﺎﻛل
-20ﻣﺣﻣدا ﻟﺳﻌﯾد :رﺟل اﻟﺳﻠطﺔ و ﻣواﻛﺑﺔ اﻟﺗطور ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺳن اﻟﺛﺎﻧﻲ ،اﻟدار
اﻟﺑﯾﺿﺎء ،ﻋﯾن اﻟﺷق،ﺳﻧﺔ،1998/1997ص.40
- 19 -
اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،وذﻟك ﻣﻧذ أن ﺑدأ اﻟﻣﻐرب ﯾﻌﻣل ﺑﻔﻛرة اﻟﺗﺧطﯾط ٕوان اﺧﺗﻠﻔت درﺟت ﻫذﻩ اﻻﻫﺗﻣﺎﻣﺎت ﻣن
ﻣﺧطط ﻵﺧر ﻟﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻔوارق اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﻟﻛن ﻫذﻩ اﻻﻫﺗﻣﺎﻣﺎت اﻷوﻟﯾﺔ ﺗﻔﺗﻘر إﻟﻰ اﻟﺗﻧﺳﯾق واﻻﻧﺳﺟﺎم
21
ٕواﻟﻰ رؤﯾﺔ ﺷﻣوﻟﯾﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟﻬوﯾﺔ وظﻠت ﻣﺟرد ﻣﺗﻣﻧﯾﺎت.
إن اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ وﻗف ﺗزاﯾد اﻻﺧﺗﻼﻻت اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑدت واﺿﺣﺔ ﻟدى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻣﻧذ ذﻟك اﻟﺣﯾن،
ﺗوﺟت ﻫذﻩ اﻟرﻏﺑﺔ ﺑﺻدور اﻟظﻬﯾر اﻟﺷرﯾف رﻗم 1.71.77اﻟﻣؤرخ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 16ﯾوﻧﯾو 1971ﺑﺷﺄن
إﺣداث اﻟﺟﻬﺎت واﻟذي اﻋﺗﺑر ﺣﺟر اﻷﺳﺎس ﻓﻲ وﺿﻊ ﻣﻧظور ﺷﺎﻣل ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺗﻛﺗﺳﻲ طﺎﺑﻌﺎ
ﻋﻣﻠﯾﺎ وﺗﺟﻠﻰ ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺧططﺎت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻣﻐرب واﻟﺗﻲ ﻟﺣﻘت ﺻدور اﻟظﻬﯾر اﻟﻣذﻛور
ﺣﯾن ﺧﺻﺻت اﻟﺣﯾز اﻷﻛﺑر ﻣن اﻟﺟﻬوﯾﺔ .وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة أﻧﻪ ﺑﻌد ظﻬﯾر ،1971ﺑدت اﻟﺟﻬوﯾﺔ
ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻣن أﻫم وﺳﺎﺋل إﻋداد اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺟﻬﺔ ﺧﺎرج إطﺎر
ﺳﯾﺎﺳﺔ إﻋداد اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ وﻻ ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة دون اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﻷن أﻫﻣﯾﺔ
اﻟﺗوﺟﻪ اﻻﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺑﻼد ﻣﻊ اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﻓﻘد أﺿﺣﻰ ﻋﻧﺻ ار أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺧططﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.22
ﺷﻛل دﺳﺗور 14دﺟﻧﺑر 1962ﻗﻔزة ﻧوﻋﯾﺔ وأﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ إﻻ أﻧﻪ ﻟم ﯾدم
طوﯾﻼ أﻣﺎم اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻣﻐرب آﻧذاك ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ أزﻣﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ .وارﺗﺑﺎطﺎ
داﺋﻣﺎ ﺑﻬذا اﻟدﺳﺗور ﻧﺟدﻩ ﻗد ﻧص ﺻراﺣﺔ ﻓﻲ ﻓﺻﻠﯾﺔ 93و 94ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ :اﻟﻔﺻل 93
"اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻫﻲ اﻟﻌﻣﺎﻻت واﻷﻗﺎﻟﯾم واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﯾﻛون إﺣداﺛﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون".
اﻟﻔﺻل " 94ﺗﻧﺗﺧب اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻣﺟﺎﻟس ﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ ﺗدﺑﯾ ار دﯾﻣﻘراطﯾﺎ طﺑﻘﺎ
ﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﺣددﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون".
-21ﻣﯾ ار ﻓﺿﺔ ،أﻣﯾﻧﺔ اﻟﻣﺻري ،ﺗطور اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺳﻠك اﻟﻌﺎدي ﻟﻠﻣدرﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻺدارة.
-22ﺳﻣﯾﺔ ﺑﺎﻧﻲ :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ و ﺧﯾر ااﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻣﯾل دﺑﻠوم اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم.
- 20 -
ب -اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ ظل دﺳﺗور :1972 – 1970
ﻋرﻓت اﻷوﺿﺎع اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣﻐرب ﺧﻼل ﻋﻘد اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ﺗﺄﺟﺟﺎ ﺑﺣﯾث وﺟدت اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ أﻣﺎم ﻣﺳﺗﺟدات وﺗطورات أﺧرى اﻟﺷﻲء اﻟذي دﻋﻰ إﻟﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ وﺿﻊ دﺳﺗور
23
ﻣﺣل دﺳﺗرو ،1962وﺑﺎﻟﻔﻌل ﻫذا ﻣﺎ ﺗﺄﺗﻰ ﻣن ﺧﻼل دﺳﺗور 31ﯾوﻟﯾوز ،1970ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﺟدﯾد
اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أﯾﺿﺎ ﻫو أن ﻫذا اﻟدﺳﺗور ﻧص ﻓﻲ ﻓﺻﻠﻪ 86ﻋﻠﻰ أن "اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻣﻠﻛﺔ
ﻫﻲ اﻟﻌﻣﺎﻻت واﻷﻗﺎﻟﯾم وﻛل ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ أﺧرى ﺗﺣدث ﺑﻘﺎﻧون .وﻫذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل 87ﺗﻧﺗﺧب اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻣﺟﺎﻟس ﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ ﺗدﺑﯾ ار دﯾﻣﻘراطﯾﺎ طﺑق اﻟﺷروط
اﻟﺗﻲ ﯾﺣددﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون".
ﻟﻛن ﻫذا اﻟدﺳﺗور ﻫو اﻵﺧر ﻟم ﯾﻌﻣر طوﯾﻼ ﻣﺛل اﻟذي ﺳﺑﻘﻪ ،ذﻟك ﺑﺳﺑب اﻷﺣداث اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻣﻐرب ﻣﻊ ﻣطﻠﻊ اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت ،ﻟﯾﻌدل ﺑﻣوﺟب دﺳﺗور 10ﻣﺎرس ،1972ﻫذا اﻷﺧﯾر
ﻋرف ﺗﻐﯾﯾ ار ﻧﺳﺑﯾﺎ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻧص ﻋﻠﯾﻪ دﺳﺗور ،1962ﺑﺣﯾث أﻧﻪ ﻟم ﯾﺣدد أﻧواع اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﺣﺿرﯾﺔ واﻟﻘروﯾﺔ ،وﺗرك ﻟﻠﻣﺷرع ﻛﺎﻣل اﻟﺻﻼﺣﯾﺔ ﻓﻲ إﺣداث أي ﻧوع آﺧر ﻣﻧﻬﺎ .24وارﺗﺑﺎطﺎ
ﺑﺎﻟﻔﺻل 87ﻣن دﺳﺗور 1972ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻪ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻧﺟدﻩ ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ :اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ
ﺑﺎﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ﻫﻲ اﻟﻌﻣﺎﻻت واﻷﻗﺎﻟﯾم واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺣﺿرﯾﺔ واﻟﻘروﯾﺔ وﻛل ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﺣدث ﺑﻘﺎﻧون" .أﻣﺎ
اﻟﻔﺻل 88ﻣﻧﻪ ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﯾﻪ "ﺗﻧﺗﺧب اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻣﺟﺎﻟس ﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ ﺗدﺑﯾ ار
دﯾﻣﻘراطﯾﺎ طﺑق اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﺣددﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون".
وﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟدﺳﺎﺗﯾر اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ) (72 – 70 – 62ﺷﻛﻠت ﺑداﯾﺔ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر اﻟﺟدي ﻓﻲ
اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ،وﻛذا ﻣﺣطﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ أرﯾد ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ رﻓﻊ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾري ﻟﻠﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب.
وﯾﻣﻛن رﺻد ﻫذا اﻟﺗطور اﻟزﻣﻧﻲ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻛل اﻟﺗﺎﻟﻲ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺣطﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ
اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
-23ﻟﻌﻠﻣﻧﺄﻫﻣﺎﻷﺳﺑﺎﺑﺎﻟرﺋﯾﺳﯾﺔﻟﻌدﻣﺎﺳﺗﻣراردﺳﺗور،1962ﺗرﺟﻊ ﺑﺎﻷﺳﺎس إﻟﻰ ﻋدم اﻧﺳﺟﺎم اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﺳﻧﺔ.1965
-24اﻟﻣﻬدي ﺑﻧﻣﯾر :اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﻣﺣﻠﻲ ،اﻟﻣطﺑﻌﺔ و اﻟوراﻗﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻣراﻛش،طﺑﻌﺔ،1997
- 21 -
-دﺳﺗور 1972ﻗد أﺿﺎف ﺻﻧﻔﺎ آﺧر ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت وﻫﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺣﺿرﯾﺔ واﻟﻘروﯾﺔ ﻓﻲ
ﺣﯾن أن دﺳﺗور 1962و 1970ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك؛
-دﺳﺗور 1970و 1972ﻧص ﻋﻠﻰ أن "ﻛل ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ أﺧرى ﺗﺣدث ﺑﻘﺎﻧون" وﻫو ﻣﺎ ﻟم
ﯾﻛن ﻓﻲ دﺳﺗور 1962ﺑﺣﯾث ﻛﺎﻧت ﻓﻘط ﻋﺑﺎرة "وﯾﻛون إﺣداﺛﻬﺎ ﺑﻘﺎﻧون".
اﻟﻣﻐرب ﯾﺣﺎول ﺟﺎﻫدا ﻟوﺿﻊ اﻟدﻋﺎﺋم اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي ﻣﻧذ اﻻﺳﺗﻘﻼل ،ﻟﻛن ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺗﻲ دﺷﻧت ﺑدﺳﺗور 1962ﻣرو ار ﺑدﺳﺗور 1970و ،1972ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺎءت ﺑﺎﻟﻔﺷل ،ﻫذا اﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي ﻟﻌب دو ار ﻛﺑﯾ ار ﻓﻲ ﺣﺳم وﻋرﻗﻠﺔ اﻟﺑﻧﺎء اﻟﺟﻬوي ،ﺣﯾث ﻛﺎن ﯾﺟب اﻧﺗظﺎر
اﻟدﺳﺗور اﻟﻣراﺟﻊ ﻟﺳﻧﺔ 1992ﺣﯾث ﺳﯾﺗم اﻻﻋﺗراف واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ
ﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻔﺻل 94ﻣن دﺳﺗور 1992اﻟذي ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﺳﯾﺗم إﻧﺷﺎء ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ﺟدﯾدة ﺗﺗﻣﺗﻊ
ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻣﺎﻟﻲ ،وﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ وﻗد ﺟﺎء ﻫذا اﻟﺗﻐﯾﯾر ﻻﺳﺗﺟﻼء ﺣﻘﯾﻘﺔ
اﻟدور اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﺗﺿطﻠﻊ ﺑﻪ اﻟﺟﻬﺔ ﺑﻌدﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ ﻏﯾر ﻣﺣددة ﺑﺷﻛل ﻗﺎﻧوﻧﻲ وﻋﻠﻣﻲ
25
وﺑذﻟك ﺗم اﻟرﻗﻲ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺻﺎف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻷﺧرى ،ﺑل وﺿﻌت ﻋﻠﻰ رأس ﺛﺎﺑت
اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ،وأﺻﺑﺣت ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗراﺑﯾﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ وﻟﻬﺎ إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺑﺷرﯾﺔ وﻣﺎﻟﯾﺔ
ﻟﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ.
وﻫﻛذا أﺻﺑﺣت اﻟﺟﻬﺔ ﻗﺎﻋدة دﺳﺗورﯾﺔ ﺗﺳﺗﻣد ﻣﻧﻬﺎ وﺟودﻫﺎ ﻷول ﻣرة ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺳﺗوى ،ﻣﻣﺎ
26
ﺣﯾث ﻛﺎن ﻻﺑد ﺟﻌل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻬم ﻟﻠدﺳﺗور اﻟﺟدﯾد )(1992
ﻣن اﻧﺗظﺎر ﺗﻌدﯾل دﺳﺗور 1972ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1992ﻟﯾﺗم اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﻛﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻗد
اﺿﻣن دﺳﺗور 13ﺷﺗﻧﺑر 1996ﻓﻲ ﻓﺻﻠﻪ 100و 101ﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧﻪ دﺳﺗور 1992ﺣﯾث اﻋﺗﺑر
- 22 -
اﻟﻔﺻل 100ﺑﺄن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ﻫﻲ" :اﻟﺟﻬﺎت واﻟﻌﻣﺎﻻت واﻷﻗﺎﻟﯾم واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﺣﺿرﯾﺔ واﻟﻘروﯾﺔ وﻻ ﯾﻣﻛن إﺣداث أي ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ إﻻ ﺑﻘﺎﻧون".
ﺑﻌد أن ﺗﻣت دﺳﺗرة اﻟﺟﻬﺔ ﻋﺎم ،1992ﺗم إدﺧﺎﻟﻬﺎ ﺣﺳب دﺳﺗور 1996ﺿﻣن ﺛم اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم اﻟﻣواطﻧﯾن وﺗﻣﺛﯾﻠﻬم ﻛﻣﺎ ﺗﺎم اﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ ﻛﺄﺳﺎس ﺗراﺑﻲ ﻻﻧﺗﺧﺎب ﺛﻼﺛﺔ
2827
ﻣن ﺟﻬﺎت اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ﻫﯾﺋﺔ ﻧﺎﺧﺑﺔ ﺗﺗﺄﻟف أﺧﻣﺎس ﻣﺟﻠس اﻟﻣﺳﺗﺷﺎرﯾن اﻟذﯾن ﺗﻧﺗﺧﺑﻬم ﻓﻲ ﻛل ﺟﻬﺔ
ﻣن ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟﻣﺄﺟورﯾن ﻛﻣﺎ ﺗم إﺣداث ﻣﺟﺎﻟس ﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻠﺣﺳﺎﺑﺎت ﺗﺗوﻟﻰ ﻣراﻗﺑﺔ ﺣﺳﺎﺑﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
29
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ وﻫﯾﺂﺗﻬﺎ وﻛﯾﻔﯾﺔ ﻗﯾﺎﻣﻬﺎ ﺑﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ.
إن اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر إذن ﺗﻛﻣﻠﺔ ﻟﻠﻣﺳﺎر اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ اﻟذي ﺑدأﻩ اﻟﻣﻐرب ﻣﻧذ ،1962ﻓﺎﻟﺗﻌدﯾل
30
اﻟدﺳﺗوري اﻷﺧﯾر ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﻌطﻲ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﺻﻔﺔ ﺗﻘرﯾرﯾﺔ ﺑدل اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟطﺎﺑﻊ اﻻﺳﺗﺷﺎري.
واﻟﻣﻼﺣظ ﻫو أن اﻟﻣﺷرع ﺣول ﺗوﺳﯾﻊ إطﺎر اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺈﻧﺷﺎﺋﻪ ﻟﺟﻬﺎت ﺗﺗﻣﺗﻊ
ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻣﺎﻟﻲ ،وﻧﻌﺗﻘد أن رﻏﺑﺔ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﺗﻧﺣو ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻩ اﻟﺗطﻠﻌﺎت
اﻟﻣﻌﻘودة ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻬﺔ أن ﺗﻠﻌﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﻓﻼ
ﻏراﺑﺔ أن ﯾﻘﺣﻣﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﺿﻣن اﻟدﺳﺗور.
وﻗد أﻋطﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟدﺳﺗوري ﻣﻧذ 1992ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻗﺎﻋدة دﺳﺗورﯾﺔ ﺗﺳﺗﻣد ﻣﻧﻬﺎ وﺟودﻫﺎ ،وﻧﻌﺗﻘد أن
اﻟﻣﺷرع ٕوان ﻛﺎن ﻗد ارﺗﻘﻰ ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻣﺳﺗوى وﺟﻌل ﻣﻧﻬﺎ إطﺎ ار دﺳﺗورﯾﺎ ،31ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم
اﻟﻣواطﻧﯾن وﺗﻣﺛﯾﻠﻬم ،ﻣﺛﻠﻣﺎ ﺗﻘوم اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﻧﻘﺎﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺗﺄطﯾر واﻟﺗﻧظﯾم ،إﻻ أن ﻫذا
-27ﻗﺎل اﻷﺳﺗﺎذ روﺳﻲ" :أن ﻫذﻩ اﻟﺧطوة ﺗﻌﺗﺑر ﺗﻛرﯾﺳﺎ ﻟﻠﻌﻬد اﻟدﺳﺗوري ﻟﻠﺟﻬﺔ" وﻗﺎل اﻟﻣرﺣوم اﻟطﺎﻫري اﻟﻣﺻﻣودي أن اﻟدﺳﺗور اﻟﺟدﯾد أﻋطﻰ اﻟدﻓﻌﺔ اﻷﺧﯾرة ﻟﺗﺣﻘﯾق
إﺻﻼح ﺟﻬوي ﻓﻌﻠﻲ و أرﺳﻰ اﻟﻼ ﻣرﻛزﯾﺔ و اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس دﺳﺗورﯾﺔ ﻣﻠزﻣﺔ".
-وارد ﻓﻲ ﻛﺗﺎب ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺳﺗف :اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب رﻫﺎن ﺟدﯾد ﻟﻣﻐرب ﺟدﯾد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.186
-28اﻟﻔﺻل 3ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟﻣراﺟﻊ ﻟﺳﻧﺔ ،1996واﻟﻔﺻل 38اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻧﻔس اﻟدﺳﺗور.
-29اﻟﻔﺻل 98ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟﻣراﺟﻊ ﻟﺳﻧﺔ 1996
-30ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣدﯾث ﺻﺣﻔﻲ ﺧﺎص ﺑوﻟﻲ اﻟﻌﻬد –آﻧذاك– ﻣﺣﻣد اﻟﺳﺎدس ﺻﺣﯾﻔﺔ ABCاﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ،ﻣﺄﺧوذا ﻣن اﻧﺑﻌﺎث أﻣﯾﺔ ،اﻟﺟزء ،1997، 42ص ،242ﻣﺎﯾﻠﻲ:
"أﻋﺗﻘد أن ﺗم اﻟﺷروع ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠﺳل اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ ﻣﻧذ و ﻗت طوﯾل ﻣﻊ أول دﺳﺗور ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﺳﺗﺻﺑﺢ ﻟﻠﻣﻐرب اﻵن ﻏرﻓﺗﺎن ،وﻣزﯾد ﻣن اﻟﻣراﻗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟدﺳﺗور اﻟﺟدﯾد ﺳﯾﻌطﻲ ﻧﻔﺳﺎ ﺟدﯾدا ﻟﻠﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺗوﻓر ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻠس ﺣﺳﺎﺑﺎت ﺧﺎﺻﺎت ﺑﻬﺎ ،ﻫﻛذا ﯾﻛون اﻟﻣﻐرب ﺧطﻰ ﺧطوات ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠﺳل
اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ".
-31ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺑﺎﻟزاع :ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق،
- 23 -
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟذي ﺗوﺟد ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺟﻬﺔ ﺣﺎﻟﯾﺎ ﻻ ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺣﻘق اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ
أﻛﻣل وﺟﻪ.
ﻓﻣن ﺟﻬﺔ أوﻟﻰ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﻣﺷرع اﻟدﺳﺗوري أﻏﻔل ﺗﺿﻣﯾن اﻟدﺳﺗور ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟﺟﻬﺔ ﻓﺎﻟدﺳﺗور ﻟم ﯾﺷر إﻟﻰ ﻧوﻋﯾﺔ اﻧﺗﺧﺎب اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﻓﺄوﻛل
اﻷﻣر ﻟﻠﻣﺷرع اﻟﻌﺎدي اﻟذي اﺗﺑﻊ ﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر أﺳﻠوب اﻻﻧﺗﺧﺎب ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرـ ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻟم ﯾﺣدد
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻬﺔ ،وﻟم ﯾﺷر إﻟﻰ اﻟﻣوارد اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ ،ﺑل ﺗرك أﻣر ﺗﺣدﯾد ﻛل ذﻟك ﻟﻠﻣﺷرع
32
اﻟﻌﺎدي.
إن ورش اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﯾﺗطﻠﻊ إﻟﻰ ﺑﻠورة اﻹرادة اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ اﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣﻐرب
ﻣن ﺟﻬوﯾﺔ ﻣﺗﻘدﻣﺔ ،دﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺟوﻫر ﻣﻛرﺳﺔ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ واﻟﻣﻧدﻣﺟﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ
وﺛﻘﺎﻓﯾﺎ وﺑﯾﺋﯾﺎ ،ﺗﻛون ﻣدﺧﻼ ﻹﺻﻼح ﻋﻣﯾق ﻟﻬﯾﺎﻛل اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺳﯾر اﻟﺣﺛﯾث اﻟﻣﺗدرج ﻋﻠﻰ
درب اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ واﻟﻼﺗﻣرﻛز اﻟﻔﻌﻠﯾﯾن اﻟﻧﺎﻓذﯾن ،واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﻌﻣﻘﺔ ،واﻟﺗﺣدﯾث اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
33
واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻹداري ﻟﻠﺑﻼد واﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟﺟﯾدة
وﻟﻬذﻩ اﻷﺳﺑﺎب ﻓﻘد ﺟﺎء اﻟدﺳﺗور اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟﺟدﯾد ﻟﺳﻧﺔ 2011ﻟﺗﻛرﯾس ورش اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ
ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل.
طﺑﻘﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻘرة اﻷﺧﯾرة ﻣن اﻟﻔﺻل اﻷول ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻟﺳﻧﺔ ) :2011اﻟﺗﻧظﯾم
اﻟﺗراﺑﻲ ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ ﺗﻧظﯾم ﻻﻣرﻛزي ،ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ( ،ﻛﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﺻل
143ﻣن ﻧﻔس اﻟدﺳﺗور ﻋﻠﻰ) :ﺗﺗﺑوأ اﻟﺟﻬﺔ ،ﺗﺣت إﺷراف رﺋﯾس ﻣﺟﻠﺳﻬﺎ ،ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﺻدارة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ،ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎت إﻋداد وﺗﺗﺑﻊ ﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،واﻟﺗﺻﺎﻣﯾم اﻟﺟﻬوﯾﺔ
ﻹﻋداد اﻟﺗراب ،ﻓﻲ ﻧطﺎق اﺣﺗرام اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟذاﺗﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ( ،إن ﻛل ﻫذﻩ
- 24 -
اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﺟﺎءت ﻣن أﺟل ﺗرﺳﯾﺦ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺑﺑﻼدﻧﺎ ﻛﺧﯾﺎر ﻻ ﻏﻧﻰ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق
ﺗﻧﻣﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ وﻣﺗوازﻧﺔ.
إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺎﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻋﻣل اﻟدﺳﺗور اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻟﺳﻧﺔ 2011ﻋﻠﻰ ﺗﻌزﯾز اﻟﻼﺗرﻛﯾز
اﻹداري ﻛﻼزﻣﺔ ﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗوﺳﯾﻊ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى
اﻟﺗراﺑﻲ.
ﻣﻧذ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺑدأت اﻹرﻫﺎﺻﺎت اﻷوﻟﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،ﺛم ﺗﺟﺳدت ﺑﻌد اﻻﺳﺗﻘﻼل ﻋﺑر
اﻟدﺳﺎﺗﯾر اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ،وﺧﺻوﺻﺎ دﺳﺗوري 1992و ،1996وظﻬﯾر 16ﯾوﻧﯾو ) 1971أ( ﺛم ظﻬﯾر
2أﺑرﯾل ) 1997ب(.اﻻ ان اﻟﺗﺟﺳﯾد اﻟﻔﻌﻠﻲ واﻟدﺳﺗوري ﻟﻬذا اﻟﺗﻧظﯾم ﻟم ﯾﺗﺟﺳد ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻣن ﺧﻼل
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ ) 111.14د(.
ﻧص اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ظﻬﯾر 16ﯾوﻧﯾو 1971ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾراد ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﺗﻲ
ﺗرﺑط ،أو ﯾﺣﺗﻣل أن ﺗرﺑط ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﺟﻐراﻓﻲ واﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻋﻼﻗﺎت ﻛﻔﯾﻠﺔ
ﺑﺗﻘوﯾﺔ ﻧﻣوﻫﺎ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﻣن ﺟراء ذﻟك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺗﻬﯾﺋﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ ،وﺗؤﻟف اﻟﺟﻬﺔ إطﺎر ﻋﻣل
اﻗﺗﺻﺎدي ﯾﺑﺎﺷر داﺧﻠﻪ إﺟراءات دراﺳﺎت ٕواﻧﺟﺎزات ﺑراﻣﺞ ﻗﺻد ﺗﺣﻘﯾق ﺗﻧﻣﯾﺔ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ وﻣﺗوازﻧﺔ
34
ﻟﻣﺧﺗﻠف أﺟزاء اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ.
وﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧﻼﺻﻪ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﺻل أن اﻟﺟﻬﺔ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﻻ وﺣدة ﺗراﺑﯾﺔ ﻻ ﻣرﻛزﯾﺔ
35
ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻌﺗﺑر ﺑﺄن وﺿﻌﯾﺔ ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ واﺿطﻼﻋﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﻬﺎم اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ، وﻻ ﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ،
ﻓﻠﻔظ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟذي أﺷﺎر إﻟﯾﻪ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ﺗﺟﻣﯾﻊ ﻫذﻩ اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﻣﺗﺟﺎورة
-34ﺣﻧﺎن ﻟﻛﻧﯾزي :رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﺗﺣت ﻋﻧون اﻟﺟﻬﺔ و اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻘروﯾﺔ ،ﺟﻬﺔ اﻟﺷﺎوﯾﺔ وردﯾﻐﺔ ﻧﻣوذﺟﺎ.2009/2008 ،
-35ظﻬﯾر ﺷرﯾف رﻗم 171.77ﻓﻲ 16ﯾوﻧﯾو،1971
- 25 -
دوﻧﻣﺎ أي اﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠوﺿﻌﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟذي ﻗﺎﻣت ﺑﻪ اﻟدوﻟﺔ آﻧذاك،
ﯾﺑرﻫن ﻋن ﻋﺟزﻩ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻣطروﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺟﻬوي.36
وﺗﺑﻘﻰ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺳﻧدة ﻟﻠﺟﻬﺔ ﺿﯾﻘﺔ وﻣﺣدودة إن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻻﻗﺗﺻﺎدي أو
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻧﻔس اﻟﺟﻬﺔ ظﻠت اﻟﺳﻣﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﻣﻣﯾزة ﻟﻠﺗﻧظﯾم
37
وﻓﺿﻼ ﻋن ظﻬﯾر 1971اﻟذي ﺧﻠف اﻟﻣﻧﺎطق اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺳﺑﻊ ،ﺑرزت اﻟﺟﻬوي ﻟﺳﻧﺔ .1971
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺳﻌﻰ ﻫﻲ اﻷﺧرى إﻟﻰ ﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻔوارق واﻻﺧﺗﻼﻻت
اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﺑﯾن ﺟﻬﺎت اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ﻓﺄﻧﺷﺋت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻬﯾﺋﺎت إن ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد
اﻟﻣرﻛزي أو ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﺟﻬوي .ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣرﻛزي أﻧﺷﺋت ﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺧطﯾط
واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ ﻏﺷت 1971وﺻدور ﻣرﺳوم 19ﻏﺷت 1979ﯾﺣدد ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ واﻟﯾت ﺗﺗﺟﻠﻰ
أﺳﺎس ﻓﻲ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺟدول اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﺑﺗﻌﺎون ﻣﻊ ﻛل اﻟو ازرات اﻟﻣﻌﻧﯾﺔٕ ،واﻋداد ﻣﺷﺎرﯾﻊ
اﻟﻣﺧططﺎت اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻣرﺳوم 24ﯾﻧﺎﯾر ،1972واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣن ﻣﻣﺛﻠﻲ
ﻋن اﻟو ازرات اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ وﻣﻣﺛﻠﯾن ﻋن اﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص ،اﻟذﯾن ﯾﻌﯾﻧون ﺑﺎﻗﺗراح ﻣن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ
اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺎﻷﻣر ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺻﻧدوق اﻟوطﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ.
أﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي ،وﻟﻣﺣﺎرﺑﺔ ﺑﻠورة ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺟﻬوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟواﻗﻊ اﻻﻗﺗﺻﺎدي
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻗﺎم اﻟﻣﺷرع ﺑﺧﻠق ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ واﻹﺻﻼﺣﺎت
اﻟﻣﻘﺗرﺣﺔ ،واﻟﺗﻘﻠﯾص ﻣن ﺣدة اﻟﻔوارق اﻟﻣوﺟودة ﺑﯾن اﻷﻗﺎﻟﯾم ﻧﻔس اﻟﺟﻬﺔ اﻟواﺣدة .وﻟﻬذﻩ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﺗم
إﻧﺷﺎء اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم ﺗﺣدﯾد ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻬﺎ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ظﻬﯾر 16ﯾوﻧﯾو ،1971
ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎﻣس ﻣﻧﻪ اﻟذي ﯾﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﺑدي اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ رأﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ
ﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺗﻬﯾﺋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ
اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،واﻟﺗﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬم اﻟﻣﻧطﻘﺔ وﺗﺣﺎط ﻋﻠﻣﺎ ﺑﺣﺎﻟﺔ ﺗﻘدم ﺗﻧﻔﯾذ ﻫذﻩ
اﻟﺑراﻣﺞ ،وﯾﺟوز ﻟﻬﺎ أن ﺗطﻠب ﻣن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺗزوﯾدﻫﺎ ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺳﯾر
- 26 -
اﻟﺷﻐﺎل واﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻗل أو ﺗؤﺧر إﻧﺟﺎزﻫﺎ ،وﯾﻣﻛن ﺗﻘدﯾم ﻛل ﻣﻘﺗرح ﯾﻬم ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ
38
اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻻزدﻫﺎر اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻣﻧطﻘﺔ.
ﻫذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻧﺟد ﻣؤﺳﺳﺗﯾن ﺟﻬوﯾﺗﯾن :اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ
اﻟداﺋﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد رﻫن إﺷﺎرة اﻟﻌﻣﺎل ،وﺗﺗﺄﻟف ﻣن رؤﺳﺎء اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟو ازرات.
واﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻣﻧدوﺑﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻠﺗﺧطﯾط :وﻫﻲ ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟو ازرة اﻟﺗﺧطﯾط،
وﻫﻲ ﻣن اﻟﻣﻧطﻠق وﺣدة إدارﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﻣرﻛزة ،ﺣﯾث أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﺗوﺟﯾﻬﺎت اﻹدارة ،وﻓﻲ
ﺣدود اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ اﻟﺗراﺑﻲ ،وﯾﺗﻣﺛل دورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻷﺑﺣﺎث واﻟدراﺳﺎت ذات اﻟﺻﺑﻐﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺿﻊ ﺗﻘﺎرﯾر ﺳﻧوﯾﺔ ﻋن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﺧطط ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﺟﻬﺔ ،39ﻫذا ﻓﺿﻼ ﻋن
ﻣﺳﺎﻫﻣﺗﻬﺎ ﻓﻲ إﻋداد ﻣﺧطط اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﻌدد اﻟوﺣدات
اﻹدارﯾﺔ واﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﻓﺈن اﺿطﻼع ﻫذﻩ اﻟوﺣدات ﺑﻣﻬﺎم اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺣدﺛﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﺗﻘﺳﯾم
،1971ظل ﻣﺣدودا وﻟم ﯾﺳﺗﺟب ﻟﻠواﻗﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﺷﻬد ﺗطو ار ﺳرﯾﻌﺎ
ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ واﻟدﯾﻣﻐراﻓﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻗد ﺷﻛل ﺧطﺎب اﻟﻣﻠك اﻟراﺣل
ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 24أﻛﺗوﺑر 1984أﻣﺎم اﻟﻣﺟﻠس اﻻﺳﺗﺷﺎري اﻟذي ﯾﻧم ﻋن رﻏﺑﺔ ﺟﻼﻟﺗﻪ
ﻓﻲ وﺿﻊ إطﺎر ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺟدﯾد ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻫدف ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻧواة أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
ﻋرف اﻟﻣﻐرب ﺗطو ار ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر اﻟﺷﺄن اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﻣﻧذ دﺳﺗور
1992ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ أﺻﺑﺢ ﻗﺎﻧون 2أﺑرﯾل ،1997اﻟذي ﻧﺳﺦ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻘدﯾم اﻟذي
أﺟﻣﻊ ﻛل اﻟدارﺳﯾن ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻣﻼﺋﻣﺗﻪ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ ،وﯾﺷﻛل اﻹطﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺟدﯾد ﻟﻠﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺧﻼل
ﺗﺻدﯾر ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﺗﺑدو اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ ﺳطرﻫﺎ واﺿﻌوﻩ ﺟﻠﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث إﻧﻪ ﯾﺳﻌﻰ ﻟﻼﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻣطﺎﻣﺢ
40
ﻏﯾر أن أﻫم ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣذﻛور ﻫو ﺗﻣﻛﯾن اﻟﺷﻌب اﻟﻣﻐرﺑﻲ وﻟﺗطﻠﻌﺎﺗﻪ ﻧﺣو اﻷﻓﺿل.
اﻟﺟﻬﺔ ﻣن ﺟﻬﺎز ﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻫو اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي وﺟﻬﺎز ﺗﻧﻔﯾذي ﻋﻠﻰ رأﺳﻪ ﻋﺎﻣل اﻟﺟﻬﺔ ورﺋﯾس
- 27 -
اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻫذا ﻓﻘد ﺣدد اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺿول 6إﻟﻰ 9
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻬﺎت ،وﻫﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت إدارﯾﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ،ﻏﯾر أن أﻫم اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرﺳﻬﺎ
اﻟﺟﻬﺎت ﻫﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة وﻫﻲ ذات طﺑﯾﻌﺔ دﺳﺗورﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠﺟﻬﺎت ﺑﺈﯾطﺎﻟﯾﺎ ،إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ وأﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ،ﺣﯾث أﻧﻬﺎ ﺗﻣﺎرس اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺻﻔﺔ
ﻣﺑﺎﺷرة ﻋن طرﯾق اﻟدﺳﺗور ،ﯾظﻬر إذن أن ﺟﻬوﯾﺔ ،1997ﻗد أﺗت ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺟدﯾدة،
ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى أﺟﻬزة اﻟﺟﻬﺔ واﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ وطرق ﺗﻣوﯾﻠﻬﺎ وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﺳﻠطﺎت اﻟوﺻﺎﯾﺔ ،وأﯾﺿﺎ
ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣﺟﺎﻟﻲ اﻟذي أﻓرزﺗﻪ وﻻ أدل ﻣن ذﻟك رﻓﻊ ﻋدد اﻟﺟﻬﺎت إﻟﻰ 16ﺟﻬﺔ ﺑدل
ﺳﺑﻌﺔ ،ﻟﻛن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ،ﺑﺄن ﻓﻛر وﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ﻻ زال ﻟم ﯾﻧﺿﺞ ﺑﻌد ﺑﻣﺎ
ﻓﯾﻪ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ وﻻزاﻟت أرﻛﺎن ﻗﯾﺎﻣﻪ ﻫﺷﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺣدﯾث ﻋن اﺳﺗﻘﻼل إداري وﻣﺎﻟﻲ ﺟﻬوي
ﻓﻌﻠﻲ إﻻ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﻧﺢ اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﺟﻬوي ﻟﺳﻠطﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎﻣش واﺳﻊ ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ
ﻣن أﺟل ﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ اﻹدارﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،وﻻ ﯾﻣﻛن دﻣﻘرطﺔ اﻟﻘرار اﻟﻣﺎﻟﻲ
اﻟﺟﻬوي وﺗﺄﻣﯾن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﻻ ﻋﺑر ﺗﺄﺳﯾس وﺗﻧظﯾم وﺳﺎﺋل وأدوات ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻬذا
اﻟﻘرار.
وﺣﺳب اﻟﻔﺻل اﻷول ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 47.96اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬﺎت ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﻌﺗﺑرﻫﺎ
ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻣﺎﻟﻲ وﺗﻧﺎط ﺑﻬﺎ ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ
اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻫذا وﻻ ﯾﺟوز ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣن اﻷﺣوال أن ﯾﻣس
41
إﺣداث اﻟﺟﻬﺎت ﺑوﺣدة اﻷﻣﺔ وﻻ ﺑﺎﻟﺣوزة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ.
ﺷﻛل اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟدﯾد اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻗﻔزة ﻧوﻋﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣر ﻓﻲ إطﺎر ﻗﺎﻧون 16
ﯾوﻧﯾو 1971ﻓﻘد أﺻﺑﺣت اﻟﺟﻬﺔ ذات أﺟﻬزة ﺗداوﻟﯾﺔ ﻛﻣﺎ أﺻﺑﺣت ذات ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﻌﻧوﯾﺔ واﺳﺗﻘﻼل
ﻣﺎﻟﻲ ،ﻓﺎﻷﻣر ﯾﺗﻌﻠق إذا ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ وﺣدة ﺗﺷﻛل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﻧدﻣﺟﺔ وﺣﯾﺔ ﺣرﯾﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻛﺎﻣل ﻣﻛوﻧﺎﺗﻬﺎ
ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺛﻣﺎر اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﻟﻬﺎ واﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻣوﺿوﻋﺔ رﻫن إﺷﺎرﺗﻬم .ﻛﻣﺎ ﺗﺷﯾر إﻟﻰ
-41ﺳﻌﯾد اﻟﻌﯾدي :اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ و رﻫﺎن اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﺟﻬﺔ اﻟﺷﺎوﯾﺔ وردﯾﻐﺔ ﻧﻣوذﺟﺎ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ
.2009/2008
- 28 -
ذﻟك ﻣﻘدﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺟﻬﺔ ،ﻓﻘد ﻣﻧﺢ اﻟﻣﺷرع ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻣﺗﺳﻌﺔ وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻣﺳؤوﻟﯾﺎت
ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﺟﻬﺔ ،ﻓﻌﻣل ﻋﻠﻰ رﺑط اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﺑﻌد اﻟﺗﻧﻣوي ﺣﯾث أﻟﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﻣﺳؤوﻟﯾﺎت
اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺗﻌددة وﻗد ﻧظﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺟﻬﺎت،
وﻣن ﺑﯾن اﻷﺳﺑﺎب واﻷﻫداف ﻣن إﺣداث اﻟﺟﻬﺔ ﯾﻣﻛن أن ﻧذﻛر:
ﻣﻊ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ،ذﻟك أن ﻫذا اﻹﺻﻼح ،اﻟذي ﯾؤﺳس وﯾواﻛب إﺻﻼﺣﺎت
أﺧرى ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت ﺣﯾوﯾﺔ ،ﯾﻌزز اﻟﺑﻌد اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻟﺗﻧﻣوي ﻟﻠﺗﻧظﯾم اﻟﻼﻣرﻛزي ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ.
- 29 -
ﻣﺑدأ اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﺣر ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر ﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬﺔ ،اﻟذي ﯾﺧول ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﻟﻛل ﺟﻬﺔ ،ﻓﻲ
ﺣدود اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ،ﺳﻠطﺔ اﻟﺗداول ﺑﻛﯾﻔﯾﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ ،وﺳﻠطﺔ ﺗﻧﻔﯾذ ﻣداوﻻﺗﻬﺎ وﻣﻘرراﺗﻬﺎ،
طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ اﻟﺟﺎري ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻣل ؛
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﺻدارة اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ إﻋداد اﻟﻣﺧططﺎت واﻟﺑراﻣﺞ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟذاﺗﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ؛
ﻣﺑدأي اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺗﺿﺎﻣن ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت ،وﺑﯾﻧﻬﺎ وﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ﻣن
أﺟل ﺑﻠوغ أﻫداﻓﻬﺎ وﺧﺎﺻﺔ إﻧﺟﺎز ﻣﺷﺎرﯾﻊ ﻣﺷﺗرﻛﺔ؛
اﻋﺗﻣﺎد ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻓﻲ إﺳﻧﺎد اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻟﻠﺟﻬﺔ ؛
ﻣﻣﺎرﺳﺔ رﺋﯾس ﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬﺔ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﺑﻣوﺟب ﻗ اررات ﺑﻌد ﻣداوﻻت
اﻟﻣﺟﻠس.
ﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻌدة ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﺟدﯾدة أﻫﻣﻬﺎ:
ﺣﺻر اﻟﺗﻧﺎﻓس ﻋﻠﻰ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﻣﺟﻠس ﺑﯾن رؤﺳﺎء اﻟﻠواﺋﺢ اﻟﻣﻧﺗﻣﯾن ﻟﻸﺣزاب -
اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣراﺗب اﻟﺧﻣس اﻷوﻟﻰ ﺣﺳب ﻋدد اﻟﻣﻘﺎﻋد اﻟﻣﺣﺻل ﻋﻠﯾﻬﺎ داﺧل
اﻟﻣﺟﻠس وﺑﯾن رأس ﻻﺋﺣﺔ ﻣن ﻟواﺋﺢ اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﯾن اﻟذي ﺳﺎوى أو ﻓﺎق ﻋدد اﻟﻣﻘﺎﻋد اﻟﺗﻲ
ﺣﺻﻠت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻻﺋﺣﺗﻪ ﻋدد اﻟﺣزب اﻟﻣرﺗب ﺧﺎﻣﺳﺎ ؛
ﺗوﺳﯾﻊ داﺋرة ﺣﺎﻻت اﻟﺗﻧﺎﻓﻲ ﻟﺗﻣﻛﯾن رﺋﯾس اﻟﺟﻬﺔ وﻧواﺑﻪ ﻣن اﻟﺗﻔرغ ﻟﻣﻬﺎﻣﻬم -
ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ وﻟﺿﻣﺎن ﺣﻛﺎﻣﺔ ﺟﯾدة :ﻋدم اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻟﻠرﺋﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻋﺿﺎء اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟﺑرﻟﻣﺎن
وﻛذا أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺑﯾﺋﻲ واﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻼﺗﺻﺎل اﻟﺳﻣﻌﻲ
اﻟﺑﺻري وﻣﺟﻠس اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ واﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻧزاﻫﺔ واﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻟرﺷوة وﻣﺣﺎرﺑﺗﻬﺎ؛
اﻧﺗﺧﺎب اﻟﻣﻛﺗب ﻟﻣدة اﻧﺗداب اﻟﻣﺟﻠس ،ﻣﻊ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﻗﺎﻟﺔ اﻟرﺋﯾس ﺑﺄﻏﻠﺑﯾﺔ 3/4 -
ﻓﻲ ﻣطﻠﻊ اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ﻣن اﻟوﻻﯾﺔ اﻻﻧﺗداﺑﯾﺔ ؛
- 30 -
اﻋﺗﻣﺎد ﻧﻣط اﻻﻗﺗراع ﺑﺎﻟﻼﺋﺣﺔ ﻻﻧﺗﺧﺎب ﻧواب اﻟرﺋﯾس وﻛذﻟك ﺿﻣﺎن ﻓوز -
ﻻﺋﺣﺔ واﺣدة ﺑﻣﺟﻣوع ﻣﻧﺎﺻب ﻧواب اﻟرﺋﯾس ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ
وﺟود ﻣﺗرﺷﺣﺎت ﻻ ﯾﻘل ﻋددﻫن ﻋن ﺛﻠث اﻟﻣرﺷﺣﯾن ﻟﻣﻧﺻب ﻧواب اﻟرﺋﯾس؛
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺟﻠس ﻓﻲ ﻓرق ﯾﺗم ﺗﺣدﯾد ﻛﯾﻔﯾﺎت ﺗﺄﻟﯾﻔﻬﺎ وﺗﺳﯾﯾرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم -
اﻟداﺧﻠﻲ ؛
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ رﺋﺎﺳﺔ إﺣدى اﻟﻠﺟﺎن اﻟداﺋﻣﺔ؛ -
ﺗوﺿﯾﺢ ﻛﯾﻔﯾﺎت اﺟﺗﻣﺎع اﻟﻠﺟﺎن اﻟداﺋﻣﺔ ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﻘدﯾم طﻠب ﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻬﺎ ﻣن -
طرف ﺛﻠث أﻋﺿﺎﺋﻬﺎ ،وﺿرورة ﺗزوﯾدﻫﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻟوﺛﺎﺋق اﻟﺿرورﯾﺔٕ ،واﻣﻛﺎﻧﯾﺔ
اﺳﺗدﻋﺎء ﻣوظﻔﻲ اﻟﺟﻬﺔ ،أو ﻣوظﻔﻲ اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻟﻣﻘﺎوﻻت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،ﺑواﺳطﺔ
رﺋﯾس اﻟﻣﺟﻠس وﻋن طرﯾق اﻟواﻟﻲ ؛
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﺣداث ﻟﺟﺎن ﻣؤﻗﺗﺔ؛ -
ﻓﺗﺢ اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ أﻣﺎم أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس ﺑﺻﻔﺔ ﻓردﯾﺔ أو ﻋن طرﯾق اﻟﻔرﯾق اﻟذي -
ﯾﻧﺗﻣون إﻟﯾﻪ ﺑﺗﻘدﯾم أﺳﺋﻠﺔ ﻛﺗﺎﺑﯾﺔ ،وﺗﺧﺻﯾص ﺟﻠﺳﺔ ﻟﻸﺟوﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺳﺋﻠﺔ ؛
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯾق ﺟدول اﻷﻋﻣﺎل وﺗوارﯾﺦ اﻧﻌﻘﺎدﻫﺎ ﺑﻣﻘر اﻟﺟﻬﺔ؛ -
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ طرد ﻛل ﻋﺿو ﯾﻌرﻗل اﻟﻣداوﻻت أو ﻻ ﯾﻠﺗزم ﺑﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻘﺎﻧون -
واﻟﻧظﺎم أﻋطﯾت ﻟﻠﻣﺟﻠس ﻋوض اﻟرﺋﯾس؛
اﻧﻌﻘﺎد ﺟﻠﺳﺔ ﻏﯾر ﻣﻔﺗوﺣﺔ ﻟﻠﻌﻣوم ﺑطﻠب ﻣن ﺛﻠث أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس أو ﺑطﻠب -
ﻣن اﻟواﻟﻲ إذا ﺗﺑﯾن أن اﻧﻌﻘﺎدﻫﺎ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﻣﻔﺗوﺣﺔ ﻟﻠﻌﻣوم ﻗد ﯾﺧل ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم.
- 31 -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﯾد ﻣن اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠس ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن -
اﻻﻧﺗﻣﺎء ﻟﻠﺣزب اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،وﺗوﺿﯾﺢ اﻟﻣﺳطرة اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑطﻠب اﻟﺗﺟرﯾد ؛
إﺿﺎﻓﺔ رؤﺳﺎء اﻟﻠﺟﺎن اﻟداﺋﻣﺔ وﻧواﺑﻬم ورؤﺳﺎء اﻟﻔرق إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﻔﯾدﯾن -
ﻣن اﻟﺗﻌوﯾﺿﺎت؛
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻛﺣق ﻷﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس ؛ -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ ﻋن اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺣدث ﻟﻸﻋﺿﺎء أﺛﻧﺎء -
ﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﺎﻣﻬم ؛
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣوظﻔﯾن واﻷﻋوان اﻟذﯾن ﯾﻣﺎرﺳون اﻧﺗداﺑﺎ ﻋﻣوﻣﯾﺎ -
ﯾﺳﺗﻔﯾدون ﻣن رﺧص ﻟﻠﺗﻐﯾب ﻓﻲ ﺣدود اﻟﻣدة اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻟﻠدورات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﺎت ؛
ﺗﻌزﯾز وﺿﻌﯾﺔ رﺋﯾس اﻟﺟﻬﺔ )اﻟﻣوظف( ﻣن ﺧﻼل ﺗﺧوﯾﻠﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻹﻟﺣﺎق -
واﻟوﺿﻊ رﻫن اﻹﺷﺎرة؛
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑدأ اﻟدﺳﺗوري اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﺳﺗﻣ اررﯾﺔ اﻟﻣرﻓق اﻟﻌﺎم اﻟذي -
ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﯾﺳﺗﻣر اﻟرﺋﯾس واﻟﻧواب اﻟﻣﺳﺗﻘﯾﻠون ﻓﻲ ﺗﺻرﯾف اﻷﻣور اﻟﺟﺎرﯾﺔ إﻟﻰ ﺣﯾن اﻧﺗﺧﺎب
ﻣن ﯾﺧﻠﻔوﻫم؛
ﻋدم أﻫﻠﯾﺔ اﻟرﺋﯾس أو ﻧواﺑﻪ اﻟﻣﺳﺗﻘﯾﻠﯾن ﻟﻠﺗرﺷﺢ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﻬﺎم ﺧﻼل ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻣن -
ﻣدة اﻧﺗداب اﻟﻣﺟﻠس ؛
ﻣﻧﻊ اﻷﻋﺿﺎء ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻛل ﻧﺷﺎط ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻧﺎزع اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ؛ -
ﻣﻧﻊ أﻋﺿﺎء ﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬﺔ ﺧﺎرج اﻟﻣﻛﺗب ﻓﻲ اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﺗﺳﯾﯾر؛ -
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﻗﺎﻟﺔ اﻟﻌﺿو اﻟﻣﺗﻐﯾب 3ﻣرات ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ أو 5ﻣرات ﻣﺗﻘطﻌﺔ ،واﻹﻋﻼن -
ﻋن اﻹﻗﺎﻟﺔ ﯾﺗم ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﺟﻠس ،وﻛذﻟك ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟرﺋﯾس ﻓﻲ ﻣﺳك ﺳﺟل اﻟﺣﺿور.
ﺗﺣدﯾد اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻟﻠﺟﻬﺔ ذات طﺎﺑﻊ ﺗﻧﻣوي اﻗﺗﺻﺎدي
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ،ﺗم ﺗﻣﻛﯾن اﻟﺟﻬﺔ ﻣن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ذاﺗﯾﺔ -
واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻣﻊ اﻟدوﻟﺔ واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﻧﻘوﻟﺔ إﻟﯾﻬﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ؛
- 32 -
ﺣﺻر اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻬﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻬوض ﺑﺎﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧدﻣﺟﺔ واﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ -
)ﻣﻊ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ( ،واﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎﻻت اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺧﺎﺻﺔ
ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
ﺣﺳﯾن ﺟﺎذﺑﯾﺔ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺗراﺑﻲ ﻟﻠﺟﻬﺔ وﺗﻘوﯾﺔ ﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺗﻪ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ؛ -
-ﺗﺣﻘﯾق اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻷﻣﺛل ﻟﻠﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﺗﺛﻣﯾﻧﻬﺎ واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﻬﺎ ؛ -
-اﻋﺗﻣﺎد اﻟﺗداﺑﯾر واﻹﺟراءات اﻟﻣﺷﺟﻌﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻣﺣﯾطﻬﺎ واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﯾﺳﯾر -
ﺗوطﯾن اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ ﻟﻠﺛروة واﻟﺷﻐل؛
اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ ؛ -
اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﺳﯾن اﻟﻘدرات اﻟﺗدﺑﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ وﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ -
ﺗﻌوﯾض ﻣﺧطط اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ، -
وﺗدﻗﯾق اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻪ ،وﺗﺣدﯾد ﻣدة اﻟﻌﻣل ﺑﻪ ،وﻛﯾﻔﯾﺎت إﻋدادﻩ ،ووﺿﻌﻪ ﻛوﺛﯾﻘﺔ
ﻣرﺟﻌﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ،وﻋدم إﺧﺿﺎﻋﻪ ﻟﻠﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻣن طرف ﻫﯾﺋﺎت
أﺧرى واﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺷﯾر ﻋﻠﯾﻪ ﻣن طرف اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟداﺧﻠﯾﺔ ؛
-اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟرﺋﯾس ﻓﻲ وﺿﻊ ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ؛ -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺳﯾق ﻣﻊ واﻟﻲ اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ -
ﺑﺻﻔﺗﻪ ﻣﻛﻠﻔﺎ ﺑﺗﻧﺳﯾق أﻧﺷطﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻼﻣﻣرﻛزة ﻟﻺدارة اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ؛
-اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﺗﺿﻣﯾن ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺗﺷﺧﯾﺻﺎ ﻟﺣﺎﺟﯾﺎت -
ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﺟﻬﺔ وﺗﺣدﯾدا ﻷوﻟوﯾﺎﺗﻬﺎ وﺗﻘﯾﯾﻣﺎ ﻟﻣواردﻫﺎ وﻧﻔﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ واﻷﺧذ ﺑﻌﯾن
اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻧوع؛
ﺗدﻗﯾق اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟﺟﻬوي ﻹﻋداد اﻟﺗراب ،وﻛﯾﻔﯾﺎت -
إﻋدادﻩ ،ووﺿﻌﻪ ﻛوﺛﯾﻘﺔ ﻣرﺟﻌﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻷﺧرى وﺑﺎﻗﻲ اﻹدارات
اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ .ﻛﻣﺎ ﺗم اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋﻠﻰ إﺣﺎﻟﺔ ﻫذا اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟﺟﻬوي ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟو ازرﯾﺔ ،وأﺻﺑﺢ
ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻓﻘط ﻟﻠﺗﺄﺷﯾرة ﻣن طرف اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟداﺧﻠﯾﺔ.
- 33 -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﻋدة اﻟواﻟﻲ ﻟرﺋﯾس ﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗﺻﻣﯾم -
اﻟﺟﻬوي ﻹﻋداد اﻟﺗراب ،وﻫو ﺗﻧزﯾل ﻟﻣﻘﺗﺿﻰ دﺳﺗوري ؛
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ أﻫداف إﻋداد اﻟﺗراب ؛ -
ﺗﺣدﯾد ﻣﺟﺎﻻت اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻣﻊ اﻟدوﻟﺔ ؛ -
ﻓﺗﺢ اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ أﻣﺎم اﻟﺟﻬﺔ ﻷﺧذ ﻣﺑﺎدرة ﺗﻣوﯾل ﻣﺷروع ﻻ ﯾدﺧل ﺿﻣن -
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻟذاﺗﯾﺔ ؛
ﺑﺧﺻوص اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ واﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻓﻘد ﺗم اﻋﺗﻣﺎد ﻣﺑدأي اﻟﺗدرج -
واﻟﺗﻣﺎﯾز ﻟﺑﻠورﺗﻬﺎ
ﺗﺣدﯾد ﺻﻼﺣﯾﺎت واﺿﺣﺔ ﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬﺔ و ﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟرﺋﯾس -
إﺳﻧﺎد ﺗﻧﻔﯾذ ﻗ اررات اﻟﻣﺟﻠس إﻟﻰ رﺋﯾس اﻟﻣﺟﻠس ﺑدل واﻟﻲ اﻟﺟﻬﺔ ؛ -
ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﻣﻘررات اﻟﺗﻲ ﯾﺿطﻠﻊ رﺋﯾس اﻟﻣﺟﻠس ﺑﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺑرﻧﺎﻣﺞ -
اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ واﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟﺟﻬوي ﻹﻋداد اﻟﺗراب ،واﻟﻘ اررات اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗﻧظﯾم إدارة اﻟﺟﻬﺔ
وﺗﺣدﯾد اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ،اﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗدﺑﯾر اﻟﻣراﻓق اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،و اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﺗﻌﺎون
واﻟﺷراﻛﺔ واﻟﺗوأﻣﺔ ؛
ﺗﺧوﯾل ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻟرﺋﯾس ﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬﺔ ،ﺑﻌد ﻣداوﻻت -
اﻟﻣﺟﻠس ؛
ﺗﺧوﯾل اﻟرﺋﯾس ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻌﯾﯾن ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻧﺎﺻب ﺑﺈدارة اﻟﺟﻬﺔ. -
إﺳﻧﺎد اﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟرﺋﯾس. -
رﺋﯾس ﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬﺔ ﻫو اﻵﻣر ﺑﻘﺑض ﻣداﺧﯾل اﻟﺟﻬﺔ وﺻرف ﻧﻔﻘﺎﺗﻬﺎ؛ -
اﺳﺗﺛﻧﺎء اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺻرف ﻣن اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺗﻔوﯾﺿﻬﺎ ﻟﻠﻧواب. -
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﻔوﯾض اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺻرف ﻟﻠﻣدﯾر اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ وﺗوﺿﯾﺢ اﻷﻣر ﺑﺄن -
اﻟﺗﻔوﯾض ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﻔوﯾض اﻹﻣﺿﺎء وﻟﯾس ﺑﺗﻔوﯾض اﻟﻣﻬﺎم؛
إﻟزام اﻟرﺋﯾس ﺑﺗﻘدﯾم ﺗﻘرﯾر إﺧﺑﺎري ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﻓﻲ إطﺎر -
ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻪ.
- 34 -
ﺗﻌزﯾز دور اﻟﻣواطﻧﯾن واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ ﻋن طرﯾق آﻟﯾﺎت ﺗﺷﺎرﻛﯾﺔ ﻟﻠﺣوار -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ إﺣداث آﻟﯾﺎت ﺗﺷﺎرﻛﯾﺔ ﻟﻠﺣوار واﻟﺗﺷﺎور ﻣن طرف ﻣﺟﻠس -
اﻟﺟﻬﺔ ؛
ﺗﻣﻛﯾن اﻟﺟﻬﺎت ﻣن إﺣداث ﺛﻼث ﻫﯾﺋﺎت اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ إﺣداﻫﺎ ﺑﺷراﻛﺔ ﻣﻊ -
ﻓﻌﺎﻟﯾﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ أو أﺧرى ﻣﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن وﺛﺎﻟﺛﺔ ﺗﻬﺗم ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺷﺑﺎب
؛
ﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣواطﻧﺎت واﻟﻣواطﻧﯾن واﻟﺟﻣﻌﯾﺎت ﻣن ﺣق ﺗﻘدﯾم اﻟﻌراﺋض ﻹدراج -
ﻧﻘطﺔ ﻓﻲ ﺟدول أﻋﻣﺎل اﻟﻣﺟﻠس.
ﺣﺻر وﺗﻘﻠﯾص اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﻣواﻛﺑﺔ أﺟﻬزة اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ أداء ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ
- 35 -
ﺗﻣﻛﯾن اﻟﺟﻬﺔ ﻣن إدارة ﻓﻌﻠﯾﺔ ﺗﺿم ﻣدﯾرﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ وﻣدﯾرﯾﺔ ﻟﺷؤون -
اﻟرﺋﺎﺳﺔ واﻟﻣﺟﻠس؛
ﺗﻌوﯾض اﻟﻛﺎﺗب اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻟﻣدﯾر اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ؛ -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾم اﻹدارة ﺑﻘرار ﻟرﺋﯾس اﻟﻣﺟﻠس ﯾﺗﺧذ ﺑﻌد ﻣداوﻻت -
اﻟﻣﺟﻠس ؛
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم أﺳﺎﺳﻲ ﺧﺎص ﺑﻣوظﻔﻲ إدارة اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ؛ -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ آﻟﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ ،وﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ -
ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ ﻛﺷﺧص اﻋﺗﺑﺎري ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ،ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻻﺳﺗﻘﻼل اﻹداري
واﻟﻣﺎﻟﻲ وأن ﻣﻘرﻫﺎ ﯾﻛون داﺧل اﻟداﺋرة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ ؛
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺧﻠق ﺷرﻛﺎت ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ؛ -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺟﻬﺎت ﺗﺄﺳﯾس ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ )ﻣﺟﻣوﻋﺔ -
اﻟﺟﻬﺎت( أو ﻣﻊ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﺗراﺑﯾﺔ أﺧرى )ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ(؛
ﺗﻣﻛﯾن اﻟﺟﻬﺎت ﻣن إﺑرام اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﻣﻊ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﺗراﺑﯾﺔ أﺧرى أو ﻣﻊ اﻹدارات -
اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ أو اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ أو اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت اﻟﻣﻌﺗرف ﻟﻬﺎ ﺑﺻﻔﺔ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ
اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﻟﻠﺗﻌﺎون أو اﻟﺷراﻛﺔ ﻣن أﺟل إﻧﺟﺎز ﻣﺷروع أو ﻧﺷﺎط ذي ﻓﺎﺋدة ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻻ
ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ إﺣداث ﺷﺧص اﻋﺗﺑﺎري ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم أو اﻟﺧﺎص.
ﺗوﻓﯾر ﻣوارد ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ ووﺿﻊ ﻧظﺎم ﻣﺎﻟﻲ ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺗﺣدﯾث واﻟﻧﺟﺎﻋﺔ
اﻟﺟدﯾدة ﻟﻠدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل
ﺗم ﺗﻣﻛﯾن اﻟﺟﻬﺎت ﻣن ﻣوارد ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﺑﺎﻟﺧﺻوص ﻓﻲ % 5ﻣن -
ﺣﺻﯾﻠﺔ اﻟﺿرﯾﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺎت و % 5ﻣن ﺣﺻﯾﻠﺔ اﻟﺿرﯾﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟدﺧل و 20%ﻣن
ﺣﺻﯾﻠﺔ اﻟﺿرﯾﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘود اﻟﺗﺄﻣﯾن ،ﺗﺿﺎف إﻟﯾﻬﺎ ﻣﺧﺻﺻﺎت ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ
- 36 -
اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻓﻲ أﻓق ﺑﻠوغ 10ﻣﻼﯾﯾر درﻫم ﺳﻧﺔ .2021وﯾﺗم رﺻد ﻫذﻩ اﻟﻣوارد ﺑوﺗﯾرة
ﺗزاﯾد ﺳﻧوي ﺗدرﯾﺟﻲ.
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ أن ﻧﻘل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﯾﻛون ﻣﻘﺗرﻧﺎ ﺑﻧﻘل اﻟﻣوارد اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ -
اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻬﺎ ؛
ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﺻل 142ﻣن اﻟدﺳﺗور ،ﻓﻘد ﺗم ﺗﻔﻌﯾل إﺣداث ﺻﻧدوﻗﻲ -
اﻟﺗﺄﻫﯾل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺗﺿﺎﻣن ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت.
إﻋﺎدة ﻫﯾﻛﻠﺔ ﺗﺑوﯾﺑﺎت اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ ﻣن أﺟل اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻟﻠﻧﻔﻘﺎت ﻣرﺗﻛزة -
ﻋﻠﻰ اﻟوﺳﺎﺋل إﻟﻰ ﻣﯾزاﻧﯾﺔ ﻣرﺗﻛزة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﻘدﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺑراﻣﺞ وﻣﺷﺎرﯾﻊ
وﻋﻣﻠﯾﺎت ؛
اﻋﺗﻣﺎد ﺑرﻣﺟﺔ ﻣﺗﻌددة اﻟﺳﻧوات وﺗﺣﯾﯾن اﻟﺑرﻣﺟﺔ ﺳﻧوﯾﺎ ﻟﻣﻼﺋﻣﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺗطور -
اﻟﻣوارد واﻟﺗﻛﺎﻟﯾف؛
ﺗﻌوﯾض اﻟﺣﺳﺎب اﻹداري ﺑﺑﯾﺎن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ ﯾﻌد ﻓﻲ أﺟل اﻗﺻﺎﻩ 31ﯾﻧﺎﯾر -
ﻣن اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻣواﻟﯾﺔ وﺗﺣﺻر ﻓﯾﻪ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﯾزاﻧﯾﺔ ؛
إﺧﺿﺎع ﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ ﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻠﺣﺳﺎﺑﺎت ؛ -
إﺧﺿﺎع اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺎﺗﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻟﺗدﻗﯾق ﺳﻧوي ﺗﻧﺟزﻩ ﺑﺷﻛل -
ﻣﺷﺗرك اﻟﻣﻔﺗﺷﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﻔﺗﺷﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻺدارة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﯾن اﻟﻣﻛﺎن وﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺎﺗﯾﺔ ؛
إﺧﺿﺎع ﺻﻔﻘﺎت اﻷﺷﻐﺎل واﻟﺗورﯾدات واﻟﺧدﻣﺎت ﻟﺣﺳﺎب اﻟﺟﻬﺔ واﻟﻬﯾﺋﺎت -
اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ وﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون اﻟﺟﻬﺔ طرﻓﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻠﻧﺻوص
اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ.
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﺣداث ﻟﺟﺎن ﻟﺗﻘﺻﻲ ﺣول ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻬم ﺗدﺑﯾر ﺷؤون اﻟﺟﻬﺔ؛ -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ "ﻣﻠك ﻋﺎم وﻣﻠك ﺧﺎص ﻟﻠﺟﻬﺔ". -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ آﻟﯾﺎت اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺗدﺑﯾر اﻟﺣر اﻧﺳﺟﺎﻣﺎ ﻣﻊ -
اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة
- 37 -
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻋﺗﻣﺎد اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﺗدﺑﯾر )ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻬﺎم، -
وﺿﻊ دﻻﺋل ﻟﻠﻣﺳﺎطر ،ﺗﺑﻧﻲ اﻟﺗدﺑﯾر ﺑﺣﺳب اﻷﻫداف ،اﻟﺑرﻣﺟﺔ ﻣﺗﻌددة اﻟﺳﻧوات ،وﺿﻊ
ﻣﻧظوﻣﺔ ﻟﺗﺗﺑﻊ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ واﻟﺑراﻣﺞ(؛
إﻋداد ﻗواﺋم ﻣﺣﺎﺳﺑﯾﺔ وﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣن طرف اﻟرﺋﯾس ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﺳﯾﯾر واﻟوﺿﻌﯾﺔ -
اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬﺔ واﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾر ﻣرﻓﻘﺎ ﻋﻣوﻣﯾﺎ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻬﺎ ،وﯾﺗم إطﻼع اﻟﻌﻣوم
ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘواﺋم؛
اﻋﺗﻣﺎد ﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻘﯾﯾم اﻟﻣﺳﺗﻣر واﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻻﻓﺗﺣﺎص؛ -
اﻟﺗزام اﻟدوﻟﺔ ﺑﻣواﻛﺑﺔ اﻟﺟﻬﺔ ﻟﺑﻠوغ ﺣﻛﺎﻣﺔ ﺟﯾدة ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ وﻣﻣﺎرﺳﺔ -
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣوﻛوﻟﺔ إﻟﯾﻬﺎ .وذﻟك ﻋن طرﯾق:
ﺗﺣدﯾد اﻵﻟﯾﺎت ﻟﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﯾن ﻣن دﻋم ﻗدراﺗﻬم اﻟﺗدﺑﯾرﯾﺔ ﻋﻧد ﺑداﯾﺔ ﻛل -
اﻧﺗداب ﺟدﯾد؛
وﺿﻊ أدوات ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﺑﺗﺑﻧﻲ أﻧظﻣﺔ اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻌﺻري وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣؤﺷرات -
اﻟﺗﺗﺑﻊ واﻹﻧﺟﺎز واﻷداء وأﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت؛
وﺿﻊ آﻟﯾﺎت ﻟﻠﺗﻘﯾﯾم اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﺧﺎرﺟﻲ اﻟﻣﻧﺗظم؛ -
ﺗﻣﻛﯾن ﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻟوﺛﺎﺋق اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ -
ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻬﺎ.
- 38 -
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﺑﻌد اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ واﻹطﺎر اﻟﺑﻧﯾوي.
ﻋرف اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺗطورات ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﻣﻊ ﻗﺎﻧون 22دﺟﻧﺑر ،1789
ﺣﯾث ﻛﺎن اﻟﻧظﺎم اﻹداري ﻣرﻛزي ﺻﺎرم ،ﻓﺎﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻗﺎﻣت ﺑﺑﺳط ﻧﻔوذﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎل
اﻟﺗراﺑﻲ ،ﻓﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﺗدﻋﯾم اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ وﺗوﺳﯾﻊ ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻪ ﻟم
ﯾرق إﻟﻰ ﻣﺻﺎف اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ إﻟﻰ ﺳﻧﺔ ) 1982اﻟﻔرع اﻷول( ،ﻛﻣﺎ ﺗم إدﺧﺎل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻹﺻﻼﺣﺎت ﻟﺗﻛرﯾس اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ وﺗدﻋﯾم ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻬﺎ ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺗﻬﺎ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﺗﻛرﯾﺳﺎ ﻟﻠﻘطﯾﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟﻔﯾوداﻟﻲ ،ﻗﻣت اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﺑﻔرﻧﺳﺎ ﺑﺑﺳط ﻧﻔوذﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎل
اﻟﺗراﺑﻲٕ ،واﺧﺿﺎﻋﻪ ﻟﻧظﺎم إداري ﻣرﻛزي ﺻﺎرم ،وذﻟك ﻋﺑر ﻗﺎﻧون 22دﺟﻧﺑر ،1789ﺣﯾث أن
اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﻟﻐﺎء اﻟﺗدرﯾﺟﻲ ﻟﻼﻣﺗﯾﺎزات اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻺﻗطﺎﻋﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻔﯾوداﻟﻲ اﻋﺗﺑر ﻛﺧطوة
43
ﺣﺎﺳﻣﺔ ﻟﺑﻧﺎء دوﻟﺔ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون.
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﺗدﻋﯾم
اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ وﺗوﺳﯾﻊ ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻬﺎ ،ﻟم ﯾرق اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي إﻟﻰ اﻟﺣذر اﻟذي طﺑﻊ اﻟﻘﺎدة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﯾن ﻣن
اﻷﺧطﺎر اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن ﺗﺑﻧﻲ ﻧظﺎم ﺟﻬوي ﻣﺳﺗﻘل ﻏﯾر أن أﺣداث ﺷﻬر ﻣﺎي ﻟﺳﻧﺔ 1968اﻟﺗﻲ ﻣﺳت
اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ وﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﺑﯾﻧت ﻣدى ﻋﻣق اﻷزﻣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ،واﻟﻲ ﺗﻔﺳر
إﻟﻰ ﺣد ﺑﻌﯾد ﻋدم ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ ﻟﻼﺿطﻼع ﺑﻣﻬﺎﻣﻬﺎ اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ ،ﻣﻣﺎ ﻋﺟل ﺑﺿرورة
اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻹﺻﻼح ﺟﻬوي ﻓﻌﺎل ،وﯾﺟد ﻫذا اﻟﻣﻧﺣﻰ اﻹﺻﻼﺣﻲ أﺳﺎﺳﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺧطﺎب ﻟﺷﺎرل
دوﻛول ﻓﻲ ﻣﺎرس 1968ﺑﻠﯾون Lyonﺻرح ﻓﯾﻪ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :إن ﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﻌﺑت دو ار
أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟوﺣدة اﻟوطﻧﯾﺔ ﯾﺟب أن ﺗﺗرﻛز ﻣﻛﺎﻧﻬﺎ ﻟﺗﻔﻌﯾل اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر
دﻋﺎﻣﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻼ .وﺑﻬذا اﻟﺻدد اﻧﻘﺳﻣت اﻷطروﺣﺎت اﻹﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ
-43ﻫﺷﺎم ﻣﻠﯾﺢ :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب )أي ﻧﻣوذج ﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ( ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ واﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،طﺑﻊ :طوب ﺑرﯾس ،اﻟرﺑﺎط،
اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺑراﯾر.2010
- 39 -
ﯾﺗﺑﻧﺎﻫﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟرواد ﻛـ،Rebert Laffant ،Schriber ،Edgar Pisani ،servan :
Michel Racardإﻟﻰ رأﯾﯾن ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﯾن:
-اﻟرأي اﻷول :ﯾطﺎﻟب ﺑﺿرورة ﺗﺄﺳﯾس ﺳﻠطﺔ ﺟﻬوﯾﺔ وﺗﺧوﯾل اﻟﺟﻬﺔ ﺻﻼﺣﯾﺎت ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﺗﻣﺎرس
ﻋﺑر ﻣﺟﺎﻟس ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ﺑﺎﻻﻗﺗراع اﻟﻣﺑﺎﺷر.
-اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾطﺎﻟب ﺑﺗﻘﯾﯾد ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ
ﻛﺎﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ٕواﻋداد اﻟﺗراب.
وﻟﺗرﺟﻣﺔ ﻫذا اﻟﻣﻧﺣﻰ اﻹﺻﻼﺣﻲ ﺗﻘدﻣت ﺣﻛوﻣﺔ ﺑوﻣﺑﯾدو ﺑﻣﺷروع ﻗﺎﻧون ،ﻋرض ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻔﺗﺎء
اﻟﺷﻌﺑﻲ ،وﯾﻬم إﺻﻼح ﺑﻧﯾﺔ ﻣﺟﻠس اﻟﺷﯾوخ وﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣرﺗﻘﺑﺔ ،ﺣﯾث
44
ﺑﻘﯾت اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ﺣذرة ﻣن ﻛل إﺻﻼح ﺟﻬوي.
وﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1972ﺗﻘدﻣت ﺣﻛوﻣﺔ Jaque schabande Pelmasﺑﻣﺷروع ﻗﺎﻧون ﺣول اﻟﺟﻬﺔ،
وﻗد ﺣظﻲ ﻫذا اﻟﻣﺷروع ﺑﻧﻘﺎش ﻣﺳﺗﻔﯾض داﺧل اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ وﻣﺟﻠس اﻟﺷﯾوخ ،وﺗﻣت اﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ
ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ 5ﯾوﻟﯾوز ،1972وﻟﻘد ﻣﻧﺢ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﺳﻧد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺣﯾث ﺗم إﺣداث
ﻧوع ﺟدﯾد ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ذات ﺑﻌد ﺗراﺑﻲ وﺗﺿم ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻗﺎﻟﯾم ،وظﯾﻔﺗﻬﺎ
اﻻﺿطﻼع ﺑﻣﻬﺎم اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،واﻟﻣﻼﺣظ ﺑﻬذا اﻟﺻدد أن ﻗﺎﻧون 5ﯾوﻟﯾوز ،1972ﻗد ﺣدد
ﺑﺷﻛل ﺳﻠﺑﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﺟﻬﺔ ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺳﯾﯾر وﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻬﺎ اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ
ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘق ﻣﻧﺎﻓﻊ ﺟﻬوﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أن ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﺗﻛون داﺋﻣﺎ إﻣﺎ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ أو
اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻷﺧرى ،وﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1975ﻗﺎﻣت اﻟدوﻟﺔ وﺑﺷﻛل ﻣﺣﺗﺷم ﺑﺗﺧوﯾﻠﻬﺎ ﺑﻌض
اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺿﺋﯾﻠﺔ ﻹﺣداث اﻟﻣﻧﺗزﻫﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،أو اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟطرﻗﻲ
اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ واﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ،أو ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺗﺟﻬﯾزات اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ أو اﻟﺳوﺳﯾوﺗرﺑوﯾﺔ وﺑﻌض اﻟﺗﺟﻬﯾزات
45
ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻟم ﺗﺗﻣﺗﻊ اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ ظل ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺎﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﺻﺣﯾﺔ ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻘروي،
-44ﺧﺎﻟد اﻟﻐﺎزي :اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﻔرﻧﺳﺎ ،ﻣﻧﺷورات اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ،ﺣول ﻣوﺿوع اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،واﻗﻊ وآﻓﺎق ﺑﺗﺎرﯾﺦ 26
ﻓﺑراﯾر ،2005ص.84
-45ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.84
- 40 -
اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺈﻧﺟﺎز أﻣﺛل ﻟﻠوظﺎﺋف اﻟﻣﻧوطﺔ ﺑﻬﺎ ،ﺣﯾث اﻗﺗﺻرت ﻣداﺧﯾل اﻟﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ
ﺑﻌض اﻟرﺳوم اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟورﻗﺔ اﻟرﻣﺎدﯾﺔ وﺣﻘوق اﻟﺗﺳﺟﯾل وﺑﻌض اﻟﺿراﺋب اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻗد ﺗم
ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﻘف اﻟﺿرﯾﺑﻲ ﻓﻲ 25ﻓرﻧك ﻟﻠﻔرد ،ﻣﻣﺎ ﺷﻛل ﻋﺎﺋﻘﺎ أﻣﺎم طﻣوح اﻟﺟﻬﺔ آﻧذاك.
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺑﻧﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻘد أﺳس ﻗﺎﻧون 1972ﻟﻣﺑدأ اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺟﻠﺳﯾﺔ ﺑﺣﯾث ﺗﺿﻣن
اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي واﻟﻠﺟﻧﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﯾﻣﺎرس اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﺳﻠط ﺗداوﻟﯾﺔ ،وﯾﺗم
اﺳﺗﺷﺎرﺗﻪ ﺣول اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ٕواﻋداد اﻟﺗراب ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﻧﺟﺎز دراﺳﺎت اﻟﺗﻬﯾﺋﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ
وﺗﻧﻔﯾذ ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺗﻬﯾﺋﺔ ،وﯾﺗﻛون اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﻣن ﻧواب وﺷﯾوخ اﻟﺟﻬﺔ وﻣﻣﺛﻠﻲ ،اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﺗم اﻧﺗﺧﺎﺑﻬم ﺑﺎﻻﻗﺗراع اﻟﻌﺎم ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر.
أﻣﺎ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﺗﻌﺗﺑر ﻟﺟﻧﺔ اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ وﺗﺗﻛون ﻣن أﻋﺿﺎء ﯾﻌﯾﻧون ﻟﻣدة 5
ﺳﻧوات وﻓق اﻟﻣﺳطرة اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
واﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر ،أن ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﺟﻬوﯾﺔ Le Préfetﯾﻘوم ﺑدور اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ
ﻟﻘ اررات اﻟﺟﻬﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻼﺟﺗﻣﺎع وﺗﻘوم اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻪ ﺑﺈﻋداد وﺗﻧﻔﯾذ
ﻣﯾزاﻧﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻣﺎرس ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ رﻗﺎﺑﺔ ﺷرﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣداوﻻت اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺟﻬوي .ﻏﯾر أن ﻫذﻩ
اﻟﻣﻌوﻗﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟم ﺗﺣد ﻣن طﻣوﺣﺎت ﺑﻌض اﻟﺟﻬﺎت ﺣﯾث ﻗﺎﻣت اﻟﺑﻌض ﻣﻧﻬﺎ ﻛﺟﻬﺔ Midi
- 41 -
Pyréméesﺳﻧﺔ ،1977ﺑﺈﻋداد ﺑرﻧﺎﻣﺟﻬﺎ اﻟﺟﻬوي ٕواﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻛﻣﺎ ﻗررت ﺟﻬﺔ
Pacaﺗﻘدﯾم ﻣﺳﺎﻋدات ﻣﺑﺎﺷرة ﻟﺑﻌض اﻟﻣﻘﺎوﻻت اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﻓﻲ وﺿﻌﯾﺔ ﺻﻌﺑﺔ ﻛﻣﺎ ﻗﺎﻣت ﺟﻬﺔ La
46
Bretagneﺑﺎﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ.
إن ﺗﺻﺎﻋد وﺛﯾرة دﯾﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ووﺻول اﻟﯾﺳﺎر إﻟﻰ ﺳدة اﻟﺣﻛم أﺛﻧﺎء اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت
،1981ﻗد ﻣﻬدا اﻟﺳﺑﯾل ﻹدﺧﺎل إﺻﻼﺣﺎت ﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﻧظﺎم إداري ﻻﻣرﻛزي ،ﺣﯾث أﺻﺑﺣت
اﻟﺟﻬﺔ ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧون 2ﻣﺎرس 1982ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون .وﻣﻧﺣت ﻟﻬﺎ ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻣﻬﻣﺔ
ﻹﻧﺟﺎز وظﺎﺋف ﺗﻧﻣوﯾﺔ ،واﻟﻣﻼﺣظ ﺑﻬذا اﻟﺻدد أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻗد واﻛب ﺗطور اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي
اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل إﺻدارﻩ ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ اﻟﻣﻬﻣﺔ وﻧذﻛر ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل
اﻟﻣﺛﺎل ﻗﺎﻧون 7ﯾﻧﺎﯾر .1983وﻓﻲ ﯾوﻟﯾوز 1983ﻗﺎﻧون 6ﯾﻧﺎﯾر 1986وﻗﺎﻧون 6ﻓﺑراﯾر 1992
47
وﻗﺎﻧون 27ﻓﺑراﯾر ،2002ﺗرﺳﺎﻧﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﺎ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻣن دور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء اﻹداري اﻟﻔرﻧﺳﻲ.
ﺗم إﺧﺿﺎع اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟﻣﻧطق ﺟدﯾد ﻛرﺳﻪ ﻗﺎﻧون 2ﻣﺎرس 1982ﺣﯾث ارﺗﻘت
اﻟﺟﻬﺔ إﻟﻰ ﻣﺻﺎف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون .وﻗد واﻛب ذﻟك إدﺧﺎل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﻛرﯾس اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ وﺗدﻋﯾم ﻧﻔوذﻫﺎ اﻟﺗراﺑﻲ وﯾﺗﻣظﻬر ذﻟك ﻣن ﺧﻼل
اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺑﻧﯾوي ﻟﻠﺟﻬﺔ )أ( وطﺑﯾﻌﺔ ﺗواﺟد اﻟدوﻟﺔ داﺧل اﻟﺟﻬﺔ)ب(.
ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻣﺟﻠﺳﯾﻪ ﺣﯾث ﺣﺎﻓظ اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺟﻬوي ﻛﺟﻬﺔ
اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﺗﻌﻣل ﺑﻣوازاة ﻣﻊ اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ورﺋﯾﺳﻪ.
-46ﻫﺷﺎم ﻣﻠﯾﺢ :ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺑﻔرﻧﺳﺎ ،ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ واﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،ص.86
-47ﺧﺎﻟد ا ﻟﻐﺎزي :ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق،
- 42 -
-1اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي:
ﯾﺗم اﻧﺗﺧﺎب اﻟﻣﺳﺗﺷﺎرﯾن اﻟﺟﻬوﯾﯾن ﺑواﺳطﺔ اﻻﻗﺗراع اﻟﻌﺎم اﻟﻣﺑﺎﺷر ،وذﻟك ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﻣﺛﯾﻠﯾﺔ
اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻼﻗﺗراع اﻟﻼﺋﺣﻲ ﻟﻣدة 6ﺳﻧوات.
وﯾﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﻣرة ﻛل ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﻋﻠﻧﯾﺔ ،وﯾﺿﻊ ﻗﺎﻧوﻧﻪ
اﻟداﺧﻠﻲ ،وﻋﻧد ﺣﺻول اﻟﻧﺻﺎب اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ﯾﺗم اﻟﺗﺻوﯾت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟﻣﻌروﺿﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ
ﻓﺻﻼ ﻓﺻﻼ .ﻛﻣﺎ ﯾﻘوم اﻟﻣﺟﻠس ﺑﺎﻧﺗﺧﺎب اﻟرﺋﯾس ،واﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟداﺋﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔرع ﺑدورﻫﺎ إﻟﻰ ﻟﺟﺎن
48
ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ذات طﺎﺑﻊ اﺳﺗﺷﺎري.
وﯾﻌﺗﺑر اﻟرﺋﯾس ﻣﻧذ ﺳﻧﺔ 1982اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ وآﻣ ار ﺑﺎﻟﺻرف ،ﯾﺳﺗدﻋﻲ وﯾرأس
اﻟﺟﻠﺳﺎت ،وﯾﻧﻔذ اﻟﻣداوﻻت ،وﯾدﯾر اﻟﻣراﻓق ،ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻪ ﺗﻔوﯾض ﺑﻌض ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻪ ﻟﻧواﺑﻪ أو ﻷﻋﺿﺎء
اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ،وﯾﻌﺗﺑر اﻟرﺋﯾس ﻣﻣﺛﻼ ﻟﻠﺟﻬﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،وﯾﺗﻌﺎﻗد ﺑﺎﺳﻣﻬﺎ وﻟﻪ ﺳﻠطﺔ ﺗوﺟﯾﻪ وﺗﺳﯾﯾر
اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﯾن واﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت.
ﻫﻛذا ﯾﻼﺣظ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻗد ﺧطﺎ ﺧطوات ﻣﻬﻣﺔ ﻧﺣو ﺗﺣرﯾر اﻟﺟﻬﺔ ﻣن اﻟﻘﯾود اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺣد ﻣن ﻧﺷﺎطﻬﺎ ،وذﻟك ﻋﺑر ﺗﻘﻠﯾص دور اﻟدوﻟﺔ وﻣﻣﺛﻠﻬﺎ Préfetﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻧﻔﯾذ
واﻟرﻗﺎﺑﺔ ،وﻟﻬذا اﻟﺻدد وﺳﻌﯾﺎ ﻧﺣو ﺗﻛرﯾس اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ ﺛم إﻟﻐﺎء اﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘررات
اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،وﺗﻌوﯾﺿﻬﺎ ﺑرﻗﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ إدارﯾﺔ ﺗطﺎل ﺷرﻋﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻘررات ،ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺢ
ﺑﺈﻣﻛﺎن ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ Le Préfetﺣق اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ إذا ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﻘ اررات ﻏﯾر
ﺷرﻋﯾﺔ ﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ،أﻣﺎ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻘد أﺻﺑﺣت ﻣن اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺟﺎﻟس
اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻠﺣﺳﺎﺑﺎت.
-48ﺑﻠﺣﺎج ﺣﻔظ اﷲ :اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ورﻫﺎن اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2009
.2010/
- 43 -
-اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺟﻬوي ،ﯾﺷﺎرك ﻫذا اﻟﻣﺟﻠس ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟﻬوﯾﺔ
ﻋﺑر آراﺋﻪ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ،وﻟﻘد ﺣدد ﻣرﺳوم 11أﻛﺗوﺑر 1982ﺗرﻛﯾﺑﺔ ﻫذا اﻟﻣﺟﻠس ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﺗﺎﻟﻲ:
-اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﻋداد وﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟوطﻧﻲ داﺧل اﻟﺟﻬﺔ ،وﻛذا اﻟﺑﯾﺎن اﻟﺳﻧوي ﻟﻛﯾﻔﯾﺔ
ﺗﻧﻔﯾذﻩ ،ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺗﺧطﯾط وﺗﺻﺎﻣﯾم اﻟﺗﻬﯾﺋﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ؛
-وﺛﺎﺋق اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ ﻹﺑداء اﻟرأي ﺣول اﻟﺗوﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﺟﻠس
اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أن ﯾﺑدي رأﯾﻪ إذا طﻠب ﻣﻧﻪ ذﻟك ﻓﻲ ﻛل اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ.
ﺣﺎوﻟت ﺣﻛوﻣﺔ Rocardإﻋطﺎء ﻧﻔس ﺟدﯾد ﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗﻣت اﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧون 6
ﻓﺑراﯾر 1992اﻟذي ﻛرس ﺳﻣو اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ﻣن ﺟﻬﺔ وﺣﺟم ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ Le
Préfetﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﺗم ﺣﺻر وظﺎﺋف ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻓﻲ:
- 44 -
ﻗ اررات ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ Le Préfetﻣﻣﺛﻼ ﻟﻠدوﻟﺔ داﺧل اﻟﺟﻬﺔ وأن ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻪ اﺗﺧذت ﺻﺑﻐﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ،ﺣﯾث ﺗطورت ﻓﻲ ﻣﻧﺣﻰ ﺗﺄﺳﯾس رؤﯾﺎ ﺣداﺛﯾﺔ ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ،ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺣت
ﺻﻼﺣﯾﺎت Le Préfetﺗﻧﺻب أﺳﺎس ﻧﺣو ﺗﺳﯾﯾر ﻋﻘود اﻟﺑراﻣﺞ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺎت ﻹﻧﺟﺎز
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻔوارق اﻟﺟﻬوﯾﺔ وﯾﻌﻣل ﺑﺟﺎﻧب Le Préfetاﻟﻛﺎﺗب
اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺷؤون اﻟﺟﻬوﯾﺔ Le SecrétaireGénéral des Affaires Régionalesاﻟذي ﯾﻘدم ﻟﻪ
اﻟدﻋم واﻟﺳﻧد ،ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺢ ﻫذا اﻟﻣؤﺗﻣر ﻣﺟﺎﻻ ﻟﺗﺑﺎدل اﻷﻓﻛﺎر واﻵراء ٕواﻧﺟﺎز إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ
داﺧل اﻟﺟﻬﺔ ﺑﻣﻌﯾﺔ رؤﺳﺎء اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺟﻬوﯾﺔ.
وﺑﻬذا اﻟﺻدد ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﯾﺟب أن ﺗﻛون رﻫن إﺷﺎرة اﻟﻣﺟﺎﻟس
اﻟﺟﻬوﯾﺔ إذا اﻗﺗﺿت اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ذﻟك ﻣﺛﺎل :اﻟﻣدﯾرﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻠﺷﻐل واﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻣﻬﻧﻲ،
اﻟﻣدﯾرﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻟﻠﺷؤون اﻟﺻﺣﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
وﻗد أﻓرز اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ ﺻﻌوﺑﺔ ﺗﻛﯾﯾف ﻣوظﻔﻲ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺟﻬوي ﻣﻊ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻧظ ار
ﻟﻼﺧﺗﻼف اﻟﻘﺎﺋم ﺑﯾن اﻟرؤى اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣﻧﺗﺧﺑﯾن ،وﻣﻧطق اﻟﺗﺳﯾﯾر داﺧل اﻟﻣرﻓق اﻟﻌﻣوﻣﻲ ،ﻟﻛن ﻋﻠﻰ
اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﻗد أﻓرز ﻫذا اﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟﻣزدوج ﻧﺗﺎﺋﺞ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﻣور واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط
اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ.
ﻋﻛس دﺳﺗور اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ اﻟذي ﻋرﻓﻪ اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻹداري ﺑﻔرﻧﺳﺎ،
ﻛﻣﺎ ﺟﺳد اﻟﻘﯾم اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ،وﯾﻌﺗﺑر ﺿﻣﺎﻧﺔ ﻻﺣﺗرام أﺳس اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ
ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘﯾم واﻟﻣﺑﺎدئ ﻛﻣﺑدأ اﻟوﺣدة ،واﻟﻣﺳﺎواة واﻟﺗﺿﺎﻣن ،واﺣﺗرام اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟوﺣدة اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﺑﻣﺎ ﯾﺣول دون أﯾﺔ ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗﺧوﯾل ﺑﻌض اﻟﺟﻬﺎت أﻧظﻣﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ذات ﺑﻌد ﺳﯾﺎﺳﻲ ،ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻹﯾطﺎﻟﯾﺔ واﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ.
- 45 -
ﯾﻘوم اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ أﺳس ﻣﺑدأ اﻟوﺣدة ،أي ﻋدم ﺗﻌدد أﻧﻣﺎط اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
واﻟﻣﺣﺎﻓظﺎت ،وﻫو ﻣﺎ ﻋﻛﺳﻪ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ،ﺣﯾث ﺣﺎول اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ وﺣدة اﻟدوﻟﺔ وﺗﻣﺎﺳﻛﻬﺎ.
ﻏﯾر أن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺗﻌﺗرﺿﻪ ﺑﻌض اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات اﻟطﻔﯾﻔﺔ ،ﺣﯾث ﺗم ﻣﻧﺢ ﺑﻌض اﻟﺟﻬﺎت أﻧظﻣﺔ
ﻧوﻋﯾﺔ ﺗﺗﻼءم ﺧﺻوﺻﯾﺗﻬﺎ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ وﻣﺳﺗواﻫﺎ اﻟﺗﻧﻣوي .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﺗﺗﻣﺗﻊ اﻟوﺣدات اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ
ﺑﻣﻧطﻘﺔ ﺑﺎرﯾس وﻛورﺳﯾﻛﺎ وﻣﺎ وراء اﻟﺑﺣﺎر ﺑوﺿﻊ ﺧﺎص.
ﯾﻛرس ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺗﺣﻘﯾق اﻷدوات واﻵﻟﯾﺎت اﻟﺿﺎﻣﻧﺔ ﻟﻠﻣﺳﺎواة ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ
اﻹدارﯾﺔ )اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ،ﻣﺣﺎﻓظﺎت ،ﺟﻬﺎت( ﺣﺗﻰ ﺗﺗﻣﻛن ﻣن اﻻﺿطﻼع ﺑﻣﻬﺎﻣﻬﺎ اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ ،وﺗﺳﺎﻫم
ﻓﻲ ﺗﺟﺎوز اﻻﺧﺗﻼﻻت اﻟﻣﺟﺎﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت ،ﺧﺻوﺻﺎ وأن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﻌﻛس ﻗﯾﻣﺔ دﺳﺗورﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ
اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ.
وﻫو ﻣﺑدأ اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻟﻠﺗوازن اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﺗﺿﺎﻣن واﻟﺗﻛﺎﻣل واﻟﺗﻌﺎون ﻓﯾﻣﺎ
ﺑﯾﻧﻬﺎ ،ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻟﻠﺗوازن اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﻼﺋم واﻟﻌﺎدي ،دون أن ﺗﻣﺎرس أﯾﺔ وﺣدة ﺗراﺑﯾﺔ
وﺻﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺣدة ﺗراﺑﯾﺔ أﺧرى.
ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز اﻟﻧظﺎم اﻟﻼﻣرﻛزي اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،واﻟﺗﻲ اﻧﺑﺛﻘت ﻋن
اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻹداري اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،وﻫو ﻣﺎ ﻋﻛﺳﻪ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ،ﺣﯾث ﺣﺎول اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ
ﻋﻠﻰ وﺣدة اﻟدوﻟﺔ وﺗﻣﺎﺳﻛﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﺣﺗرام ﺧﺻوﺻﯾﺎت ﻛل ﺟﻬﺔ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺗﺧوﯾل
اﻟﺟﻬﺎت ﺻﻼﺣﯾﺎت ﺣﯾوﯾﺔ ٕواﺳﺗراﺗﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﺗﻰ اﻟﻣﯾﺎدﯾن واﻟﻣﺟﺎﻻت ،وﻣﻧﺢ اﻟﺑﻌض ﻣﻧﻬﺎ أﻧظﻣﺔ
49
ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﺗﺗﻼﺋم وﻣوﻗﻌﻬﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ وﻣﺳﺗواﻫﺎ اﻟﺗﻧﻣوي.
-49ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﯾن :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب )أي ﻧﻣوذج ﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ(،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺑراﯾر ،2010ص 88و.90–89
- 46 -
ح -اﻟﺗﻛرﯾس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ:
ﻟﻘد أﺻﺑﺣت اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻹداري اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻣﺎﻟﻲ
واﻹداري ،وذﻟك ﻣﻧذ ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ ﺑﻘﺎﻧون 2ﻣﺎرس 1982ج ،ﺣﯾث أﺻﺑﺢ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻬﺎ ﻣﻣﺎرﺳﺔ
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت واﺳﻌﺔ ،ﺗﺷﻣل ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺻﺣﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
ٕواﻋداد اﻟﺗراب ،وﺿﻣﺎن اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﺣﺗرام وﺣدة واﺳﺗﻘﻼل اﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت
واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ،ﺑﺣﯾث ﺗذوب ﺷﺧﺻﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻬﺔ.
ﺳﺎﻫﻣت ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺑﻌد اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ،ﻓﻲ ﺗطوﯾر اﻟﺟﻬﺔ ﺑﻔرﻧﺳﺎ،
ﺣﺗﻰ أﺻﺑﺣت ﺑﻌد ﻗﺎﻧون 2ﻣﺎرس 1982ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ﺗﺗﻛﻠف ﺑﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ ﻫﯾﺋﺔ
ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ﻋن طرﯾق اﻻﻗﺗراع اﻟﻣﺑﺎﺷر ،وﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﺎت واﺳﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘطﺎﻋﺎت
واﻟﻣﺟﺎﻻت ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺟﻬوي.
ان اﻟﻣﺗﺗﺑﻊ ﻟﻠﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻻ ﯾﻠﻣس ﺗﻔﺎوﺗﺎ ﻛﺑﯾ ار ﻣﻧذ اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟذي
أﻗﺎﻣﺗﻪ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ واﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ أدﺧﻠت ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻧذ اﻻﺳﺗﻘﻼل إﻟﻰ ﺣدود ﺳﻧﺔ ،1992ﻓﺎﻟﺟﻬوﯾﺔ
ﺷﻛﻠت طﯾﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﺿﺑط واﻟﻣراﻗﺑﺔ أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﻫﻲ أداة ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﻣرﺣﻠﺔ
اﻟﺟدﯾدة واﻟﺗﻲ ﺑدات ﻣﻊ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ ودﺳﺗور .2011
أﻣﺎ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻘد ﻛﺎن وﻓﯾﺎ ﻟﻣرﺟﻌﯾﺎﺗﻪ وﻣﺣﺗواﻩ ﻟﻣﺑﺎدئ دﺳﺗور اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ
اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﯾﻌﻛس ﻣﺳﺗوى أرﻗﻰ ﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺑﻧﻲ ﺟﻬوﯾﺔ إدارﯾﺔ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن
ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﺑﻌض اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻛﺟﻬﺔ ﻛورﺳﯾﻛﺎ ،أو ﺟزر ﻣﺎ وراء اﻟﺑﺣﺎر ،ﺑﺿرورة ﺗﺧوﯾﻠﻬﺎ أﻧظﻣﺔ
ﺧﺻوﺻﯾﺔ ذات ﺑﻌد ﺳﯾﺎﺳﻲ ،ﻛﻣﺎ أن ﻧﺟﺎح اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ
أﺣدﺛت ﻣن أﺟﻠﻬﺎ ،وﻟو ﺑﺷﻛل ﺟزي ،وﻗدرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ وﺣدة اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ظل ﻧظﺎم إداري
ﻣرﻛزي ﻓرﯾد ،ﯾﻌود ﺑﺎﻷﺳﺎس إﻟﻰ ﻛوﻧﻬﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺗﻣﯾﺔ ﻟﺗطور طﺑﯾﻌﻲ ﻟﻧظﺎﻣﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻹداري،
وﻗدرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻣروﻧﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﻬﺎ أدوار
- 47 -
اﻟدوﻟﺔ ،أو ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻌﺗرض اﻟﺟﻬﺎت وﺑﺎﻗﻲ اﻟﺟﻬﺎت وﺑﺎﻗﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ.
- 48 -
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻣﺣددات اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺗﯾن اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ واﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ.
أﺿﺣت ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻌدﻫﺎ اﻟﺟﻬوي إﺣدى أﻫم اﻷﺳس واﻟدﻋﺎﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ
اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة وﻣﻛوﻧﺎ رﺋﯾﺳﯾﺎ ﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻣﺎ أن ﻛل ﺑﻠد ﯾﻧﻔرد ﺑﺗﻧظﯾﻣﻪ اﻟﺟﻬوي اﻟﺧﺎص ﺗﺑﻌﺎ ﻟظروﻓﻪ
وﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻪ .وﺗﻛﻣن ﻗوة اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ ﻛون ﻫذﻩ اﻟدول ﻗد ﺟﻌﻠت ﻣن
اﻟﺟﻬوﯾﺔ آﻟﯾﺔ ﺗدﺑﯾرﯾﺔ وﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﺣدﯾﺛﺔ ﺿﻣن ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺗﻧﻣوﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺣددة،
واﺿﺣﺔ اﻷﻫداف واﻟﻣﻘﺎﺻد ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﯾم وﻣﻌﺎﯾر ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺗﻧﺳﺟم ﻣﻊ ﻣطﺎﻟب وﺧﺻوﺻﯾﺎت
اﻟﺳﯾﺎق اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟذي ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﻪ .ﺣﯾث ﯾﻘر أﻏﻠب اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟﯾوم ﺑﺄن اﻟﺟﻬوﯾﺔ
ﻛﻣﻧظوﻣﺔ وﺿرورة ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺗﺷﻛل وﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻌرﻓﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم وﻛذا اﻟﺗﻐﯾر اﻟذي طﺎل
أدوار اﻟدوﻟﺔ ،وأﺻﺑﺣت اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﯾوم ﺿرورة ﺣﺿﺎرﯾﺔ ٕواﺻﻼﺣﯾﺔ وﺷرطﺎ ﻻزﻣﺎ ﻣن ﺷروط
وأوﻟوﯾﺎت اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ.
ﺗﺷﻛل اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔﯾدراﻟﯾﺔ ﺑﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻣﺣددا أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ ﺑﻠورة واﻗﻊ اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣﺣﻠﻲ
ﻟﻠدوﻟﺔ ذﻟك أن اﻟﻧظم ﺳواء ﻛﺎﻧت إدارﯾﺔ أو ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ أو اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻻ ﺗﻧﺷﺄ ﻣن ﻓراغ ،ﺑل
ﻫﻲ ﺗطور ﻣﺗﺗﺎﻟﻲ اﻟﺣﻠﻘﺎت ،ﺗﺳﺗﻧد ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑﻘﻬﺎ وﺗﻛون أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻣﺎ ﺳﯾﺗﺑﻌﻬﺎ .50ﺣﯾث
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﺣﻠﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﻓﻲ طرﯾق اﺳﺗﻛﻣﺎل اﻟﺻرح اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﺑﺳﯾطﺔ أو
ﻣرﻛﺑﺔ ،ﻷن اﻟﻣﺣﻠﯾﺎت ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ أﻋﺿﺎء ﻓﻲ ﺟﺳم اﻟدوﻟﺔ ﺗﻣﻛن اﻟﺳﻛﺎن ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎﻫم واﻟﺗداول
ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ﻋﺑر أﺟﻬزة ﺗﻣﺛﯾﻠﯾﺔ وﻣن ﺧﻼل ﻣﺧططﺎت ﺗﺳﺗﻬدف ﺑﻠوغ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻲ أﺑﻌﺎدﻫﺎ اﻟﻣﺟﺎﻟﯾﺔ
واﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ.
-50ﻓﺎطﻣﺔ ﺑورﻗﺎدي وﻛﻧﺎﻧﻲ آﻣﺎل :ﺗطور اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب )ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ( اﻟﺟﻬﺔ ،اﻟﺟﻬوﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻺدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ،اﻟﻌدد8
ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺳﺎﻋﺔ ، 199ص.16
- 49 -
وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﺗﺻﺑﺢ اﻟﺣﺎﺟﺔ ﺟد ﻣﻠﺣﺔ ﻟﺗرﺳﺎﻧﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺿﻣن ﺗﻧظﯾم وظﺎﺋف واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
اﻟﻣﺣﻠﯾﺎت ،ﺣﯾث ﺗرﺗﻛز اﻟوﻻﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗرﺳﺎﻧﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻏﻧﯾﺔ ،ﻓﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت
51
اﻟدﺳﺗور اﻻﺗﺣﺎدي ﻧﺟد أن ﻟﻛل وﻻﯾﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺔ دﺳﺗورﻫﺎ اﻟﺧﺎص اﻟﻣﺣدد ﻟﻬﯾﺋﺎﺗﻬﺎ وﻋﻼﻗﺎﺗﻪ.
ﺗﻐﯾرت ﺧرﯾطﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﻌﺻور ﺑﻌدﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻘﺳﻣت ﻋﺑر ﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ إﻟﻰ دوﯾﻼت ﻗﺑﻠﯾﺔ ،ﺣﯾث
ﺷﻛل ﻧﻣوذج اﻟﻣﺣﻠﯾﺎت اﻟردﯾف اﻷﻛﺑر ﻟﻠدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎز واﺟﺑﺎﺗﻬﺎ وﻣواﺟﻬﺔ أﻋﺑﺎﺋﻬﺎ؟ وﻫذا ﻣﺎ أدى
ﺑﺎﻟﻣﺣﻠﯾﺎت أﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﺄرﺟﺢ ﺑﯾن اﻟﺗﺟزﺋﺔ واﻟوﺣدة ،اﻧﺗﻬت ﺑﺑوادر إﻧﺷﺎء ﻣﺣﻠﯾﺎت أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ)اﻟﻔﻘرة
اﻷوﻟﻰ( ﺛم ﻋواﻣل أﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ وﺗدﺧﻼت أﺟﻧﺑﯾﺔ اﻧﺗﻬت ﺑﺎﺗﺣﺎد اﻟوﻻﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ(.
ارﺗﺑط اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺣﻠﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﺑـ "اﻣﺗﯾﺎز ﻓورﻣس" اﻟذي أﻋطﻰ ﻟﺣﻛﺎم اﻟوﻻﯾﺎت ﻣﻛﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻛﻣﺎ
ﻋرﻓت أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺑﻌد ذﻟك إﻧﺷﺎء دوﯾﻼت أﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣﺟزأة.
-1اﻣﺗﯾــﺎز ﻓورﻣــــس:
طرﺣت إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻋﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﻬد إﻣﺑراطور ﻓرﯾدرﯾك اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑداﯾﺔ ق
،12ﺣﯾث ﻣﻛن اﻹﻣﺑراطور اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣدن اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻪ ﻣن ﺟﺑﺎﯾﺔ وﺿراﺋب ورﺳوم ،ﺣﯾث أدى
ذﻟك إﻟﻰ ﻧظﺎم اﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟذاﺗﻲ ،ﻓﻬذا اﻻﻣﺗﯾﺎز ﻣﻧﺢ اﻟﻣﺣﻠﯾﺎت اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﻘﺿﺎء وﺗﺷﻛﯾل
اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟدﻧﯾﺎ وﺗﺣدﯾد أﻣﺎﻛﻧﻬﺎ ،وأﻟﻐﻰ اﻟﺗﻘﺳﯾم ﺑﯾن اﻟﻣواطﻧﯾن.
52
وﻓﯾﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﻘﺿﺎء ،ﻓﻘد اﻗﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟوﻗﺎﺋﻊ ﺿﻣن ﺣدودﻫﺎ.
ﻛﻣﺎ ﺗم اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻸﻣراء ﺑﺗﺧﺻﯾص ﻣدﻧﻬم ،وﺣق ﺑﻧﺎء اﻟﺷوارع ٕواﻧﺷﺎء اﻷﺳواق وﺻك اﻟﻧﻘود ﻋﻠﻰ
- 50 -
اﻟﻘﯾﺻر ،ﻛﻣﺎ أﺻﺑﺣت طﺑﻘﺔ أﻣراء اﻟراﯾﺦ ﺣﻛﺎم اﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت واﻷﻗﺎﻟﯾم ،وأطﻠق ﻋﻠﯾﻬم اﺳم ﺣﻛﺎم اﻟوﻻﯾﺎت
وﺗﺄﻛدت ﺣﻘوﻗﻬم ،وﻟم ﯾﻌد ﻟﺣﻛﺎم اﻟوﻻﯾﺎت إﺻدار أواﻣر إدارﯾﺔ ﺟدﯾدة أو ﻓرض اﻟﺿراﺋب دون اﻟرﺟوع
إﻟﻰ ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟطﺑﻘﺎت.
ﺗﺄﺳﺳت أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺧﻼل اﻟﻘرون اﻟوﺳطﻰ ﻋﻠﻰ اﺗﺣﺎدﯾﺔ ﻟﻌدد ﻣن اﻟدول اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ أﻣﺎ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻌﺻر
اﻟﺣدﯾث وﺿﻊ ﻛﺎرل اﻟراﺑﻊ اﻟﻣرﺳوم اﻟذﻫﺑﻲ ﺳﻧﺔ ،1365ﺣﯾث أﺻﺑﺢ اﻟﻣﻠك ﯾﻧﺗﺧب ﻣن ﻗﺑل ﺳﺑﻌﺔ ﻣن
ﻛﺑﺎر اﻷﻣراء ،ﻣﻣﺎ أﺻﺑﺢ ﻗﺎﻧوﻧﺎ أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻟﻺﻣﺑراطورﯾﺔ دﻓﻊ ﻣدﻧﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﻘد اﺗﺣﺎدات.
ﺳﺎﻫﻣت اﻟﻌﺻب اﻟﺗﻲ أﺑرﻣﻬﺎ اﻷﻣراء 53ﻓﻲ إﻧﺷﺎء ﺣﻛم ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠوﻻﯾﺎت )اﻟدوﯾﻼت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ(.
وﺿﻊ اﻟﻘﯾﺻر ﻣﻛﺳﻣﻠﯾﺎن ،ﻧظﺎﻣﺎ ﺟدﯾدا ﻋﺎم ،1495ذﻟك ﻣن أﺟل ﺗرﺗﯾب ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻣﺎرات
ﺑﺎﻟﻘﯾﺻر ،ﺣﯾث أﻧﺷﺄ ﻋدة ﻣؤﺳﺳﺎت ﻟﺗﻘوﯾﺔ ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻹﻣﺎرات أﻫﻣﻬﺎ اﻟراﯾﺧﺳﺗﺎت )ﺑرﻟﻣﺎن اﻟراﯾﺦ(
واﻟدواﺋر اﻹدارﯾﺔ ﺛم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟراﯾﺦ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻛل ﻫذا أدى إﻟﻰ ﺗﺄﺳﯾس دوﯾﻼت إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﺣﺻل
ﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺎت ﺷﺑﻪ ﻣطﻠﻘﺔ ﻣﻛﻧﺗﻬم ﻣن إﻗﺎﻣﺔ إدارة ﺻﺎرﻣﺔ واﻗﺗﺻﺎد ﻣﺎﻟﻲ ،وﻣن اﻟﺗﻧﺎﻓس ﻓﻲ
ﻣﺟﺎﻻت اﻟﻌﻠوم وﺗﻛوﯾن اﻟﺟﯾوش.
إن اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻟرﺳﻣﻲ ﻟﻺﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ ﺳﻧﺔ ،1806ﺑرزت ﺿرورة إﺻﻼح اﻟدوﻟﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ
وﺗﻧظﯾﻣﯾﺎ ،ﺧﺻوﺻﺎ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻹدارة اﻟذاﺗﯾﺔ ﻟﻺﻣﺎرات اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﺣﯾث أﻓرز اﻧدﻣﺎج ﺿﻌﯾف ﻟدوﯾﻼت
ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ذات ﺳﯾﺎدة ،ﻛﻣﺎ أن ﺑرﻟﻣﺎن اﻻﺗﺣﺎد ﻟم ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى ﺑرﻟﻣﺎن ﻣﻧﺗﺧب ،ﻛل ﻫذا أدى إﻟﻰ
اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄﺳﯾس اﺗﺣﺎد ﻓﻌﻠﻲ ﺑﺳﺑب ﻏﯾﺎب اﻟﺗوازن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ،اﻷﻣر اﻟذي أﻓرز اﻧﺗﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌﺑﯾﺔ
أرﻏﻣت اﻷﻣراء ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم ﺗﻧﺎزﻻت وﺗﺄﺳﯾس ﺑرﻟﻣﺎن ﺣﻘﯾﻘﻲ ،ﺣﯾث اﻧﺗﺧب ﺑﺣرﯾﺔ ﻣؤﺗﻣر اﻟﺗﺟﻣﻊ
54
اﻟوطﻧﻲ ،ﺣﯾث ﺗم إﺻدار دﺳﺗور أﺳﺎﺳﻲ ﺳﻧﺔ 1848رﻏم ﺗطﺑﯾﻘﻪ ﺣﯾﻧﻬﺎ إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻫﺎﻣﺎ،
وﺗواﻟت ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﻧﺟﺎح واﻹﺧﻔﺎق ،ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﺟﻌل اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ
-53ﻋﺑداﻟﺟﺑﺎر ﻋراش :ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ،ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2006/06/ 08اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻣﺎﺳﺗر وﺣدة ﺗدﺑﯾر اﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ.
-54ﺑﻠﺣﺎج ﺣﻔظ اﷲ :ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق،
- 51 -
اﻟﺧﺻوص ﻗد اﻧﺗزﻋت ﺑﺎﻟدم واﻟﺣدﯾد ﻓﻲ ﻣﻌظم ﻧواﺣﯾﻬﺎ ،وارﺗﻛزت ﻋﻠﻰ ﺻراﻋﺎت اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺎت
اﻟﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ.
أدت ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻫزﯾﻣﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺳﻧﺔ 1945ﺗرﻛﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺿﺧﻣﺔ ،ﺣﯾث أﺻﺑﺣت أراﺿﯾﻬﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ
ﻫدﻓﺎ ﻟﺿرﺑﺎت اﻟﺣﻠﻔﺎء وﺗﻘطﯾﻊ ﺗراﺑﻬﺎ ﺑﯾن إدارة اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرﯾن )أ( ﻣﻣﺎ ﺷﻛل ﻋﻘﺑﺔ أﻣﺎم أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ
اﻻﺗﺣﺎدﯾﺔ ﻟوﺿﻊ ﺳﯾﺎﺳﺎت ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﻓﯾدراﻟﯾﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﺣرة )ب(.
ﺗم ﺗﻘﺳﯾم أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺑﯾن اﻟﺣﻠﻔﺎء إﻟﻰ ﻣﻧﺎطق اﺣﺗﻼل ﺑﯾن ﻛل ﻣن اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳﯾوﻓﯾﺎﺗﻲ وﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ
اﻟﻌظﻣﻰ واﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة وﻓرﻧﺳﺎ ،ﺣﯾث ﺗم ﺗﻘﺳﯾم ﻣﻘﺎطﻌﺎت أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺑﯾن دول اﻟﺣﻠﻔﺎء ،وﻋرف
اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﻟﻸراﺿﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ،دو ار ﻣﻬﻣﺎ ﻓﻲ رﺳم ﺣدود اﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﺗم إﺣداﺛﻬﺎ ﻣﺎ
ﺑﯾن 1945و 1947ﻣن طرف اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﻟﻬﺎ ﺻﻼﺣﯾﺎت ﺗﻌﯾﯾن اﻟوﻻة
واﻟﻣﺣﺎﻓظﯾن ورؤﺳﺎء اﻟﻣﻧﺎطق اﻹدارﯾﺔ ورﺟﺎل اﻟﺷرطﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺑﻠدﯾﺎت ،أي ﻋﻣﻠت اﻟﺣﻛوﻣﺎت
اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟدول اﻻﺣﺗﻼل ﻋﻠﻰ ﺗﻌﯾﯾن اﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﺣدود اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت – 1946
،1947ﺣﯾث ﺷﻛﻠت ﺣﻛوﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت ﻋﻠﻰ أﺳس اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻠﻣﻘﺎطﻌﺎت
55
ﺑﺎﻟﻣﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻹدارة اﻟذاﺗﯾﺔ وﺑﺣﯾﺎة دﺳﺗورﯾﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ.
ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗرﺳﯾﺦ ﻧزاﻋﺎت أﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ وﻣﺻﻠﺣﯾﺔ ،ﺗﻣﺛﻠت داﺧل ﻣﺟﻠس اﻟﺳﯾطرة اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﺣﻠﻔﺎء،
اﻟذي ﻟم ﯾﺳﺗطﻊ رﺳم ﻣﺷروع اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣوﺣدة اﻟﺟدﯾدة ﺑﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺑﺳﺑب اﻧﻔﺻﺎل اﻟﺣﻠﯾﻔﯾن اﻟﺧﺻﻣﯾن
اﻟﺷرﻗﻲ واﻟﻐرﺑﻲ إﻟﻰ اﺗﺟﺎﻫﯾن ،اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷول ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻣوﺳﻛو أراد ﺑﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ أن ﺗﻛون دوﻟﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ
ﺷﻌﺑﯾﺔ ،واﻵﺧر أرادﻫﺎ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﺑرﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﺗﺑﻌﺎ ﻟواﺷﻧطن ،ﻫذا ﻣﺎ أدى ﺑﺎﻟوﺣدة اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ أن ﺗﺻﺑﺢ
ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻔﻘودة ﻓﻲ ﺗﺳﻠﺳل ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺣﻠﻔﺎء.
- 52 -
أﺑﻘﻰ ﻛل ﻣن اﻻﺗﺟﺎﻫﯾن اﻟﺷرﻗﻲ واﻟﻐرﺑﻲ اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻠﻣﻘﺎطﻌﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﻛﺈطﺎر أﯾدﯾوﻟوﺟﻲ ،ﻫذا ﻣﺎ
ﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗرﺳﯾﺦ اﻟﻣﺣﻠﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻛدوﯾﻼت ﺻﻐﯾرة داﺧل اﻟدوﻟﺔ اﻷم اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﻌد اﻟﺣﻠﻔﺎء ﯾﺑدوﻧﻬﺎ
56
ﻗﺎم اﻟﻐرب اﻷطﻠﺳﻲ ﺑﻌدة ﺟﻬود ﻟﺗوﺣﯾد ﻣﻧﺎطق اﺣﺗﻼل أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ،ﻹﯾﺟﺎد اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق وﺣدﺗﻬﺎ.
ﻛﯾﺎن اﻗﺗﺻﺎدي ٕواداري ﻣوﺣد ،إﻻ أن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻣﻘﺳﻣﺔ إﻟﻰ دوﻟﺗﯾن ﻏرﺑﯾﺔ وأﺧرى ﺷرﻗﯾﺔ.
أﻣﺎم اﻷوﺿﺎع اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﺗﻬﺎ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ واﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎرم ﻟﻠﺣزب اﻻﺷﺗراﻛﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ
اﻟﻣوﺣد ،ودﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ﻧﺧﺑﺔ ﻣن اﻟﻘﯾﺎدﯾﯾن ،واﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،واﻟﻌﺟز اﻟﺗﻘﻧﻲ ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﻧﺎت واﻟدﯾون
اﻟﺿﺧﻣﺔ اﺗﺟﺎﻩ اﻟﻐرب ،وﻋدم اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﯾن اﻟﻘﯾﺎدة واﻟﺷﻌب ،ﺛم
اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﺗﺣﺟر اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ وﺟود اﻷﺷﺧﺎص اﻷﻛﺑر ﺳﻧﺎ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﻬرم اﻟﻘﯾﺎدي ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ،ﻛل
ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﺑﺄس اﻷﻟﻣﺎن ﻣن ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻬم اﻟﻣﺷﺗت إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎ رﻏم وﺣدة اﻟﻛﯾﺎﻧﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻌﻬم ،57وﻓﻲ اﻹﺳرار ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﺗﻛﺗﯾل اﻟوﻻﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻛﯾﺎن اﺗﺣﺎدي ﻣوﺣد ﻋﺎم
،1990ﺗﻛون ن إﺣدى ﻋﺷر وﻻﯾﺔ ﺑﻌد ﺿم ﺳﺎرﻻﻧد ،وﻗد ﺗﺄﺳﺳت ﻫذﻩ اﻟوﻻﯾﺎت ﻓﻲ ﻛل ﻣن
اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻻﺣﺗﻼل اﻟﻘوى اﻟﻐرﺑﯾﺔ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ – ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ اﻟﻌظﻣﻰ
– ﻓرﻧﺳﺎ( ،وﻛذا ﻣﻧظﻣﺔ اﻻﺣﺗﻼل اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ أﻗﯾﻣت ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎطق ﺟﻣﻬورﯾﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ.
وﻋﻠﻰ إﺛر اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟﺣرة أﻷوﻟﻰ ،اﻟﺗﻲ ﺟرت ﻓﻲ 18ﻣﺎرس 1990ﺑﻌد ﺗوﺣﯾد أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺗﻘرر
58
ﻓﺑﺎﻧﺿﻣﺎم وﻻﯾﺎت ﺑراﻧد ﺗﺷﻛﯾل ﺧﻣس وﻻﯾﺎت ﺟدﯾدة ﻋﻠﻰ أراﺿﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ
ﺗدﻧﺑورﻏوﻣﯾﻛﻧﺑورغ – ﻓورﺑوﻣرﻧوﺳﻛﺳوﻧﯾﺎ – اﻧﻬﺎﻟت وﺗورﯾﻧﻐن ،وﻛذا ﺗوﺣﯾد ﺑرﻟﯾن ،أﺻﺑﺢ اﻻﺗﺣﺎد
اﻟﻔﯾدراﻟﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﯾﺿم 16وﻻﯾﺔ اﺗﺣﺎدﯾﺔ ،أﺳﺳت ﻓﻲ ﻧطﺎﻗﻬﺎ ﻛﯾﺎﻧﺎت ﺑرﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣﺗﻌددة وروﻋﻲ ﻓﻲ
ﺗﺣددﯾﻬﺎ ﻣﺳﺄﻟﺗﻲ اﻻﻧﺗﻣﺎءات اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ واﻟﺣدود اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،ووﺟدت ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ
أﺳﻠوﺑﺎ ﺟدﯾدا ﻣﺗواﻓﻘﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻘوﯾﻣﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ.
- 53 -
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻹطﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻔدراﻟﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ.
ﺗﻌﺗﺑر ﺟﻣﻬورﯾﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ دوﻟﺔ اﺗﺣﺎدﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳس دﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﯾﻌﺑر اﻟﻧظﺎم
اﻟدﺳﺗوري ﻟﻠدوﻟﺔ ﻋن ذاﺗﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ واﻟﻧظﺎم اﻟﻔدراﻟﻲ ،وﻛذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظﺎم
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وﻧظﺎم اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت ،وﻻ ﯾﻘﺗﺻر ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻧظﺎم اﻟدﺳﺗوري ﻟﻠدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻘط ،ﺑل
59
ﯾﻣﺗد ﻟﯾﺷﻣل ﺣﯾﺎة اﻟﻧﺎس ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ.
ﯾﻧﺑﻧﻲ اﻟﺗﺄطﯾر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻔدراﻟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ وﻣرﺗﻛزات دﺳﺗورﯾﺔ )اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ( وﻋﻠﻰ
ﻗواﻧﯾن ﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠوﻻﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ( وﻣﺳﺎﯾرة ﻟﺧﺻوﺻﯾﺗﻬﺎ.
ﺗﻌﺗﺑر ﺧﺎﺻﯾﺎت اﻟدوﻟﺔ ﺑﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ اﻻﺗﺣﺎدﯾﺔ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت دﺳﺗورﯾﺔ ﻣﺣددة ﻟﻣﻬﺎم ووظﺎﺋﻔﻬﺎ ﻫﺎدﻓﺔ
إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﻓﻬﻲ ﺗرﺳم ﺑﺷﻛل إﺟﻣﺎﻟﻲ اﻟﻬﯾﻛﻠﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻣﻘوﻣﺎت
60
ﻛﻣﺎ ﺗم اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺗوطﺋﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ )اﻟدﺳﺗور اﻷﺻل( ﻣن ﺧﻼل ﻣوادﻩ اﻟدوﻟﺔ،
20و .28وأن اﻟﺗﺄﻛﯾد إﺗﺑﺎﻋﺎ ﻋﻠﻰ ﻛون اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ – وﻓﻘﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن
اﻟﻣﺎدة – 20دوﻟﺔ اﺗﺣﺎدﯾﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺗﺣدﯾد ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ ﻛﺄﺳس ﻣوﺟﻬﺔ
وﻣﻠزﻣﺔ ﻛذﻟك ﻟدﺳﺎﺗﯾر اﻟﻼﻧدر ،ﯾﺑﯾن ﺑﺟﻼء ﺑﺄن دوﻟﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ ﺧﻣس ﻣرﺗﻛزات دﺳﺗورﯾﺔ
ﻫﻲ :اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ،دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون ،اﻟدوﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟدوﻟﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ.
أوﻻ :اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ:
إن ﺗﺑﻧﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻣﻬوري ،ﻛﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻣﻧطوق اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة 28ﻣن اﻟدﺳﺗور
اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ،ﯾﻣﻧﻊ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ واﻟﻼﻧدر اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻬﺎ ﻣن اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﻠﻛﻲ أو اﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﺑﻧﯾﻪ.
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﯾﺟب اﻟﺗذﻛﯾر ﺑﺄن اﻟﻣﺷرع ﻗد أﺣﺎط ﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﻪ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون اﻟدﺳﺗوري اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ
-59اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ – اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ ))،(BGBI.III100–1ﻣﺎي.(1949
-60ﻋﺑد اﻟﺟﺑﺎر ﻋراش :ﻣداﺧﻠﺔ ﺗﺣت ﻋﻧوان اﻟﻧظﺎم اﻟﻔدراﻟﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ اﻟوﺣدة اﻟﺗﻌددﯾﺔ أﺷﻐﺎل اﻟﻧدوة اﻟدوﻟﯾﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﻣﻧﻌﻘدة ﺗﺣت اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﺑﺳطﺎت31
ﻣﺎي 1ﯾوﻧﯾو.2006
- 54 -
ﺑﻘﯾود اﻟﺗﻌدﯾل اﻟدﺳﺗوري اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ،ﺷﻛل اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻻﺗﺣﺎد واﻟﻼﻧدر
ﺑﺿﻣﺎﻧﺔ دﺳﺗورﯾﺔ أﺑدﯾﺔ ،ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر أي ﺗﻌدﯾل دﺳﺗوري )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة (73ﯾﻣس
ﻣﺑدأ اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ ﻣﻔﺗﻘر ﻟﻠﻣﺷروﻋﯾﺔ.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ:
ﺗﻧص اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة 90ﻣن اﻟدﺳﺗور ﻋﻠﻰ أن اﻟﺷﻌب ﻫو ﺻﺎﺣب اﻟﺳﯾﺎدة وﻣﺎﻟﻛﻬﺎ
اﻟﻔﻌﻠﻲ ،وﺗﻛﻣن ﻓﻛرة اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎدة اﻟﺷﻌب ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺷﻛل ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺿﻣﺎن
ﺗﺣﻘﯾق ﻓﻌﺎل ﻟﻠﻣﻬﺎم اﻟﻣﻧوطﺔ ﺑﻬﺎ وﺗﻘﯾﯾد اﻟﺳﻠطﺔ وﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻷﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻓﻲ إدارة اﻟﺷؤون اﻟﻌﺎﻣﺔ
ﻣﻣﺎ ﯾﻔﺗرض وﺟود ﺗﻣﺛﯾﻠﯾﺔ ﺷﻌﺑﯾﺔ ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺣر وﻣﺗﺳﺎوي وﺳري وﻣﻧﻔﺗﺣﺎ وﻣﺳؤول ﻟﺗﻛوﯾن
اﻹرادة اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ،وﺟﺑت اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺻطﻠﺢ ﻋﻠﯾﻪ "ﺑﺣﻛم اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ" اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺿرورة ﻗﺑول اﻷﻗﻠﯾﺔ
ﻟﻘ اررات اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ وﺣﻣﺎﯾﺔ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻟﺣﻘوق اﻷﻏﻠﺑﯾﺎت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗواﻓﻘﻲ ﯾﺿﻣن ﻋﺑر آﻟﯾﺎت
61
ﻣؤﺳﺳﺎﺗﯾﺔ ٕواﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺗﻌددﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻛذا ﻣﺑﺎدئ اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻣﺳﺎواة.
ﯾﻌد ﻣﺑدأ دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ وأﺟﻬزﺗﻬﺎ واﻟﻣﻘﯾدة ﻹرادﺗﻬﺎ وذﻟك
ﺑﻬدف ﺗرﺳﯾﺦ ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻹدارة ﺣﯾث ﯾﺳﻣو ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﺗرﺳﯾﺧﺎ
واﺣﺗراﻣﺎ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺗﻘﯾدا ﻟﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ وﺿﻣﺎﻧﺎ ﻟﻠﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ.
وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﺻﺎرم ﻟﻣﻔﻬوم دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺗﻌذر ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ،ﻓﻼ أﻗل ﻣن ﺗﺣدﯾد
أﻫم ﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻪ واﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺣﺻرﻫﺎ ﻓﻲ اﻵﺗﻲ:
اﻟﻣﺳﺎواة واﻟﺣرﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌداﻟﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون وﺑﺎﻟﻘﺎﻧون وﺿﻣﺎن اﻟﺣرﯾﺔ ﻣن
اﻟدوﻟﺔ وﺑﺎﻟدوﻟﺔ؛
ﻓﺻل اﻟﺳﻠطﺎت )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة (20؛
ﻣﺑدأ ﺧﺿوع اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﻔﻘرة 3ﻣن اﻟﻣﺎدة ) 20اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ(؛
-61ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﯾن :ﺟﻣﻊ وﺗﻧﺳﯾق د/ﺳﻌﯾد ﺟﻔري وﻛري ﻣﻠﺣرش ،اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،أي ﻧﻣوذج ﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ.
- 55 -
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ دﺳﺗورﯾﺔ اﻟﻘواﻧﯾن؛
اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ دﺳﺗورﯾﺔ اﻟﻘواﻧﯾن؛
اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ وﻛﻔﺎﻟﺔ ﺣق اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ.
ﺗﻠك ﻫﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون ﻛﻣﻛون أﺳﺎﺳﻲ وآﻟﯾﺔ ﺿﺑطﯾﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﻬدف
ﺗﻧظﯾم اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ وﺗﻘﯾﯾدﻫﺎ وﺟﻌﻠﻬﺎ إﻛراﻫﺎ ﻣﺷروﻋﺎ.
ﺗرﺟﻊ ﻓﻛرة اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ إﻟﻰ أواﺳط اﻟﻘرن 19إﺛر اﻟﺗﺻﻧﯾﻊ واﻻﻧﻔﺟﺎر اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ
واﻟﺗﻣدن وﻛذا ﻓﺷل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ .وﯾذﻛر أن أوﻟﻰ اﻹﺟراءات ﻗد ﻋرﻓت طرﯾﻘﻬﺎ إﻟﻰ
اﻟوﺟود ﻋﺑر اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﯾن وﻟﯾس ﻋﺑر اﻟﺗرﺳﯾﺦ اﻟدﺳﺗوري إذا ﺗم اﺳﺗﺻدار ﻗﺎﻧون
اﻟﺗﺄﻣﯾن اﻟﺻﺣﻲ ) (1883وﻗﺎﻧون ﺗﺄﻣﯾن اﻟﺣوادث ) (1889وﻗﺎﻧون ﺗﺄﻣﯾن اﻟﻌﺟزة ).(1889
ﺟﺎء دﺳﺗور ﺳﻧﺔ 1949ﻟﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺑﻧﻲ ﻣﺑدأ اﻟدوﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ وﻫو ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة 20ﻣن اﻟدﺳﺗور واﻟﺗﻲ ﺗﻠزم اﻟدوﻟﺔ
ﺑوﺿﻊ ﺗداﺑﯾر ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﺎدل وﻣﺗوازن ﺑﻣﻌﻧﻰ
ﺗﻛﺎﻓؤ اﻟﻔرص وﺗﺟﺎﻧس ﻓﻲ ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻌﯾش ﻟﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣواطﻧﯾن وﺧﺻوﺻﺎ اﻟﻣﻬﻣﺷﯾن واﻟﻣﻌوزﯾن.
ﺗﺣدد اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة 20ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟﻬﯾﻛﻠﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ ﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺎ اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ ﺑوﺟود ﻣﺳﺗوﯾﯾن
– ﻣﺳﺗوى اﻻﺗﺣﺎد وﻣﺳﺗوى اﻟﻼﻧدر ﻛﺑﻧﯾﺎت ﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻼﺗﺣﺎد ﯾوزع اﻟدﺳﺗور ﺳﻠطﺎﺗﻬﺎ أﻓﻘﯾﺎ وﻋﻣودﯾﺎ
وﯾﺿﺑط ﻧوﻋﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﺎ وﯾﻬدد درﺟﺔ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﻬﺎ وﺗراﺗﺑﯾﺗﻬﺎ.
- 56 -
اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺗﻌدد دﺳﺎﺗﯾر اﻟوﻻﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ.
ﺗﻬدف ﻗواﻧﯾن اﻟوﻻﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﺗرﺳﯾﺦ ﻣﺑدأﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن ﯾﺗﻣﺛل أوﻟﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،ﻋﺑر اﻧﺗﺧﺎب أﺟﻬزة ﺗﻣﺛﯾﻠﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر ،وﺗﻧظﯾم وظﺎﺋﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ أﻛﺛر
اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟرﻏﺑﺎت وﺗطﻠﻌﺎت اﻟﻣواطﻧﯾن .أﻣﺎ اﻟﻣﺑدأ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗرﺳﯾﺦ اﻵﻟﯾﺎت واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺣﻘﻘﺔ
62
ﻹدارة ذاﺗﯾﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ.
ﺗرﺗﻛز ﻗواﻧﯾن ﺗﻧظﯾم اﻟوﻻﯾﺎت ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟﻣدن واﻟﺑﻠدﯾﺎت واﻟﻣراﻛز ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ إدارة ذاﺗﯾﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ،
ﺑﺗﻧﺳﯾق ﻣن اﻷﺟﻬزة اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ واﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﺑﻌد ﺗﺷرﯾﻊ ﻗواﻧﯾن اﻟﺑﻠدﯾﺎت ﻣن اﻟوﻻﯾﺎت ﻣﻣﺎ
ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ اﺧﺗﻼف اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺑﻠدﯾﺎت ﻣن وﻻﯾﺔ إﻟﻰ أﺧرى ﻟدرﺟﺔ ﯾﺻﻌب ﻣﻌﻬﺎ اﻟﺗﻌﺎﻣل
ﻣﻊ ﻗواﻧﯾن ﻛل وﻻﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدة ،ﻟذﻟك ﺳﻧﻛﺗﻔﻲ ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻟﺟواﻧب ﻋﻠﻰ اﻹطﺎر اﻟﻌﺎم اﻟذي ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾن
ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن .ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟدﺳﺗور اﻻﺗﺣﺎدي ،ﻓﺈن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻟﻠوﻻﯾﺎت واﻟﺑﻠدﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ
ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﺣﺗرام ﺳﯾﺎدة اﻟﺷﻌب ،وﺗﺟﻌل اﻟﻣواطن ﻣﺣور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ،
وﻓﺎﻋل رﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر اﻟﺷﺄن اﻟﻣﺣﻠﻲ ،ﻓﯾﺣق ﻟﻪ:
63
ﻣﻣﺎرﺳﺔ دور رﻗﺎﺑﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟﺑﻠدﯾﺎت ﻓﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ؛
اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾزاﻧﯾﺔ؛
ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻣﺧططﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ.
إن ﺗﻌدد اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ دوﻟﺔ اﻟﻘواﻧﯾن ﺑﺣﯾث أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة ﻣﺎ ﺑﯾن ﺳﻧﺗﻲ
1949و 2002ﻋرض ﻋﻠﻰ اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻣﺎ ﯾزﯾد ﻋن 9200ﻣﺷروع ﻗﺎﻧون ،ﺗم ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻣﻧﻬﺎ 5640
ﻗﺎﻧون ،وﺗرﺗﺑط ﻣﻌظم ﻫذﻩ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ ﺑﺗﻌدﯾﻼت ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻣﻣﺎ ﯾؤﻛد دﯾﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﻧص
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ اﻟذي ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﻣﺳﺎﯾرة اﻟﺗطورات اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﻣرﺣﻠﯾﺔ .وﻋﻣوﻣﺎ ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن
ﺗﻣر ﺑﺛﻼث ﻣراﺣل أﺳﺎﺳﯾﺔ:
-62ﺣﻘﺎﺋق ﻋن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ – و ازرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﻣطﺑﻌﺔ ﻓﺳﺗرم اﻧﻧزﻓﯾﻛﺎ ود.م.م أﻛﺗوﺑر ،2004ص.131
-63ﻋﺎدل اﻟﺳﺎﺧﻲ :ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق،
- 57 -
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺗﻌرض ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻣن أﺟل اﻻﺳﺗﺷﺎرة اﻟﻔﻧﯾﺔ
اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ.
64
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ :ﺣﯾث ﯾﺗم ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻬﺎ واﻟﺗﺻوﯾت ﻋﻠﯾﻬﺎ.
وﯾﺣق ﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟوﻻﯾﺎت اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣرﺗﺑط ﺑﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘواﻧﯾن أن ﺗﻣﺎرس
اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص اﻟﻧظﺎم اﻟﺗﻣﺛﯾﻠﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺎﻧﺗﺧﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻣﺑﺎﺷرة واﻟﺣرة واﻟﻣﺗﻣﺎﺛﻠﺔ
واﻟﺳرﯾﺔ ،ذﻟك أن اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻛل ﻣواطن أﻟﻣﺎﻧﻲ ﯾﺑﻠﻎ ﻣن اﻟﻌﻣر 18ﺳﻧﺔ ،ﻣﻊ ﺗوﻓرﻩ ﻋﻠﻰ
اﻟﺷروط اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﺑﺄن ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣق اﻻﻧﺗﺧﺎب ﺳواء ﻛﺎن ﻣﻘﯾﻣﺎ داﺧل اﻟوطن أم ﺧﺎرﺟﻪ .وﯾﻣﻛن
ﻟﻸﺟﺎﻧب اﻟﺗرﺷﯾﺢ ﻟﻼﻧﺗﺧﺎﺑﺎت ﺑﻌد ﻋﺎم ﻣن ﺣﺻوﻟﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ،إﻣﺎ داﺧل ﺣزب ﻣﻌﯾن
أو ﺑﺻﻔﺔ ﻻ ﻣﻧﺗﻣﻲ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﻣﻌظم دول اﻟﻌﺎﻟم.
وﻣن ﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﻧظﺎم اﻟﺗﻣﺛﯾﻠﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ،أﻧﻪ ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟﺑرﻟﻣﺎن اﻻﺗﺣﺎدي ﻣزﯾﺞ
ﺑﯾن ﺣق اﻻﻧﺗﺧﺎب ﺑﺎﻷﻏﻠﺑﯾﺔ وﺣق اﻻﻧﺗﺧﺎب ﺑﺎﻟﺗﻣﺛﯾل اﻟﻧﺳﺑﻲ ،ﺣﯾث ﯾﻛون ﻟﻛل ﻣواطن ﺻوﺗﺎن:66
- 58 -
* اﻟﺻوت اﻷول :ﯾﻧﺗﺧب ﺑﻪ اﻟﻣواطن ﻣرﺷﺢ داﺋرﺗﻪ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﯾﺔ ،وﯾﺗﺣدد اﻟﻔﺎﺋز وﻓق اﻟﻧظﺎم
اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ،وذﻟك أن ﻣن ﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ أﻛﺛر اﻷﺻوات ﯾﺗم اﻧﺗﺧﺎﺑﻪ.
* اﻟﺻوت اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾﻧﺗﺣب ﺑﻪ اﻟﻣواطن ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣرﺷﺣﻲ اﻟوﻻﯾﺔ ﻣن ﺣزب ﻣﺎ ،ﻓﯾﺗم ﺗرﺗﯾب ﻣرﺷﺣﻲ
اﻟﺣزب ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛل وﻻﯾﺔ.
-ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻓرز اﻷﺻوات :ﺗﺗم ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﻣﺎد ﻛﻼ اﻟﺻﻧﻔﯾن ﻣن اﻷﺻوات ﻣﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ
ﺗﻛون اﻟﺑرﻟﻣﺎن اﻻﺗﺣﺎدي ﻣن ﻣن ﺻﻧﻔﯾن ﻣن اﻟﻧواب:
* اﻟﺻﻧف اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻧواب اﻟذﯾن ﺗم اﻧﺗﺧﺎﺑﻬم ﻣن ﺧﻼل ﻗواﺋم اﻷﺣزاب ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت ،وﯾﺑﻠﻎ ﻋددﻫم
67
299ﻧﺎﺋب ﻛذﻟك.
وﯾﺗﻣﯾز ﻧﻣط اﻻﻧﺗﺧﺎب اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺑﺎزدواﺟﯾﺔ اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،ذﻟك أن اﻋﺗﻣﺎد ﻧﻣط ﻗواﺋم
ﻣرﺷﺣﻲ اﻟوﻻﯾﺎت ،ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ أن ﺗﻛون ﻛل اﻷﺣزاب ﻣﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺑرﻟﻣﺎن وﻓﻘﺎ ﻟﻧﺻﯾﺑﻬﺎ ﻣن اﻷﺻوات
ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ﯾﻣﻛن اﻻﻧﺗﺧﺎب اﻟﻣﺑﺎﺷر اﻟﻣواطﻧﯾن ﻣن ﻓرﺻﺔ اﻧﺗﺧﺎب ﺳﯾﺎﺳﯾﯾن
ﺑﺄﻋﯾﻧﻬم ﻓﻲ دواﺋرﻫم اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﯾﺔ.
- 59 -
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :أﺳﺑﺎب إﻗرار اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي واﻟﺣدود اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻓﻲ إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ.
ﺗﻛﺗﺳﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺗﺷﻛل ﻧﻣوذﺟﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣوﺣدة اﻟﺗﻲ ارﺗﻘت ﻓﯾﻬﺎ
"اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ" إﻟﻰ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ذات اﻟطﺎﺑﻊ
اﻟدﺳﺗوري اﻟﻣﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﻣروﻧﺔ واﻟﺑﺳﺎطﺔ ﺗﺷﻣل اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﺎدﯾﺔ وأﺧرى ﻓوق ﻋﺎدﯾﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
ﺗرﺳﺎﻧﺔ ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻧظﻣﺔ واﻟﺗﻲ ﺗراﻋﻲ اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ وﺗﻌزز ﻣﺑدأ ﺳﯾﺎدة اﻷﻣﺔ اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ
ﻛﻣﺑدأ دﺳﺗوري ﻣﺣﺳوم ﻓﯾﻪ ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣدﯾث اﻟدوﻟﺔ دون
ﺗﺟزﺋﺔ ﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ ﺑﺷﻛل ﯾدﻋم وﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ وﺣدة وﺗﻣﺎﺳك اﻟدوﻟﺔ ،إذ ﺑﻔﺿل ﺗﺑﻧﻲ ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ،
اﺳﺗطﺎﻋت إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ أن ﺗﺣﺗوي اﻟﻧزاﻋﺎت اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ وﺣدة اﻟدوﻟﺔ واﻟﺣرص ﻋﻠﻰ
اﻻﻧدﻣﺎج اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺗﻣﺎﺳك اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ.
إن ﻣوﻗﻊ إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ أﻏرى ﻛﺛﯾ ار ﻣن اﻷﺟﻧﺎس اﻟﺑﺷرﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻬﺟرة اﻟﻣﺗواﺻﻠﺔ إﻟﯾﻪ ﻣﻧذ
اﻟﻘدﯾم ﺣﯾث ﯾﺷﻛل ﺟﺳ ار ﻣﻣﺗدا ﻣﺎ ﺑﯾن أورﺑﺎ ٕواﻓرﯾﻘﯾﺎ وﻫﻲ ﻓﻲ ﺻورة ﺳﺎﺣرة ﻋﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﯾط
اﻷطﻠﺳﻲ ﻏرﺑﺎ وﻓﻲ ﺑﺣر اﻷﺑﯾض اﻟﻣﺗوﺳط ﺷرﻗﺎ وﺟﻧوﺑﺎ ﻓﺎﺗﺣﺔ ﺑﺎﺑﻬﺎ اﻟﺑﺣري اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺟزر
اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣﺎر اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﺔ.
وﻫذا اﻟﻣوﻗﻊ ﯾﻣﺗﺎز ﺑﻣﻧﺎخ ﻣﻌﺗدل وطﺑﯾﻌﺔ ﺧﻼﺑﺔ وﺛروات ﻣﻧﺟﻣﯾﺔ وزراﻋﯾﺔ ﻓﺗﺣت ﺷﻬﯾﺔ اﻟﻧﺎزﺣﯾن
وﻫدف اﻟﻐﺎزﯾن ،ﺗﺣول ﺑﺣﻛم اﻟظروف واﻷﺣداث ﻣﻊ ﻣرور اﻷﯾﺎم إﻟﻰ ﻣﻠﺗﻘﻰ ﺣﺿﺎرﺗﻪ وﻣﺟﻣﻊ
68
أﺟﻧﺎس وﺷﻌوب وﻟﻐﺎت.
-68أﺣﻣد اﻟﺳوداﻧﻲ :اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻋدد ﺧﺎص ،أﺷﻐﺎل ﯾوم دراﺳﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﺟﻠﺔ وﻣﻧظﻣﺔ ﻣؤﺳﺳﺔ
ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،واﻗﻌو آﻓﺎق.2005–2–26،
- 60 -
ب -اﻟﺳﺑب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻧزوح اﻟﺑﺷري
ﻧزح إﻟﻰ إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ أﺟﻧﺎس ﺑﺷرﯾﺔ ﻣن اﻟﺳﻠﺗﯾن واﻟﻔﯾﻧﯾﻘﯾﯾن واﻹﻏرﯾﻘﯾﯾن واﻟﻘرطﺎﺟﯾﯾن واﻟروﻣﺎن
واﻟﻐوطﯾﯾن واﻟﻌرب اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﺷﻛﻠوا ﻧﺳﯾﺟﺎ ﺑﺷرﯾﺎ ﻋﺟﯾﺑﺎ وﺣﺿﺎرة وﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻓﺳﯾﻔﺳﺎء.
ﻓﻛﺎن طﺑﯾﻌﻲ أن ﯾﻧﺷﺄ ﻋن ﻫذا اﻟﻣﺻدر اﻟﻣﺗﻧوع ﺧﻠط وﺗﻌدد ﻓﻲ ﻣظﺎﻫر اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻔﻛرﯾﺔ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻣﻧﻬﺎ ﺑﺎﻷﺧص اﻟﺗﻌدد اﻟﻠﻐوي وﻋدد ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺟﻬﺎت ﺗﻔرع ﻣﻌظﻣﻬﺎ ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء
اﻟﺑﺎﺳﻛﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻌرف ﺑﺎﺳم )اﻟورﻣﺎﻧﻛﯾﺔ( وﻫﻲ ﺑدورﻫﺎ ﺗﻔرﻋت ﻋن اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ ﻓﺎﺣﺗﻔظ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل ﻋدة ﻟﻐﺎت ﺗﺳﺗﻌﻣل ﯾوﻣﯾﺎ ،وﺗﺧﺗﻠف ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺗﻣﺎم اﻻﺧﺗﻼف:
ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺑﺎﺳﻛﯾﺔ ﺗﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺑﺎﺳك وﻧﺎﻓﺎ ارواﻟﺟﻠﻘﯾﺔ وﻫﻲ أداة ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻟدى ﺳﻛﺎن اﻟﺷﻣﺎل اﻟﻐرﺑﻲ
ﻣن إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ،واﻟﻘطﻼﻧﯾﺔ ،وﻫﻲ ﻟﻐﺔ أﻫل اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺷرﻗﯾﺔ وأﻣﺎرت إﻧدرو وﺑﺷﻲء ﻣن
اﻻﺧﺗﻼف واﻟﻔروق اﻟﺑﺳﯾطﺔ ،ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ ﺳﻛﺎن ﺑﻠﻧﺳﯾﺔ وﺟرز اﻟﺑﺎﻟﯾﯾﺎر ،واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘﺷﺗﺎﻟﯾﺔ ،وﻫﻲ ﻟﻐﺔ
ﺑﻘﯾﺔ ﺳﻛﺎن اﻟﺑﻼد.
وﻗد ﻧﺷﺄت ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺔ اﻷﺧﯾرة ﻓﻲ ﻛﺎﻧﺗﺎ ﺑﯾ ار ﺷﻣﺎل إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ،وﻛﺎﻧت ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗطور ﺣﺻل ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ ﻋﺑر اﻟﻘرون اﻟوﺳطﻰ .وﺗﻔرع ﻋﻧﻬﺎ ﻋدة ﻟﻬﺟﺎت أﻫﻣﻬﺎ اﻟﺑﺎﺑﻠﻲ ،ﻟﻬﺟﺔ أﻫﻠﻲ
إﺳﺗورﯾﺎﺳواﻟﺳﺎﯾﺎﻏﯾس ،وﻟﻬﺟﺔ أﻫل ﺗﺎﻣو ار وﻟﯾون واﻟﺗﺷﺎرو ﻟﻬﺟﺔ ﯾﺗﺣدث ﺑﻬﺎ أﻫل ﺳﻼﻣﻘﺔ ،وﺗﻌﺗﺑر
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘﺷﺗﺎﻟﯾﺔ أو اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ﺛﺎﻟث ﻟﻐﺎت اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺣﯾث ﻋدد اﻟﻧﺎطﻘﯾن ﺑﻬﺎ وﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺑﻠدان اﻟﺗﻲ
69
ﺗﺗﺣدث ﺑﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺗﻌﺗﺑر ﻟﻐﺔ رﺳﻣﯾﺔ ﻓﻲ دول وﺳط ﺟﻧوب أﻣرﻛﯾﺎ.
وﻫذا اﻟﺗﻌدد اﻟﻠﻐوي ﯾﻌﻛس ﺗﻌدد اﻟﺷﻌوب ،وﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدول أو اﻟدوﯾﻼت اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻗدﯾﻣﺎ
ﻣﺗﻔرﻗﺔ وﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﺣﺗﻰ ﺿﻣﺗﻬﺎ رﻗﻌﺔ ﺟﻐراﻓﯾﺔ واﺣدة.
ﯾﻣﻛن أن ﺗﻌود إﻟﻰ أواﺧر اﻟﻌﻬد اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻧﺗﺻﻔﺢ ﺧرﯾطﺔ إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ،ﻓﻧﺟدﻫﺎ ﻣﻛوﻧﺔ ﻋﻧد وﻓﺎة ﻣﻠك
ﻧﺎﻗﺎراﺻﺎ ﻧﺷوا ﺳﻧﺔ 1035ﻣن 18ﻣﻣﺎﻟﯾك ،ﺳﺗﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺳﯾﺣﯾﺔ وﻫﻲ ﻟﯾون وﻗﺷﺗﺎﻟﺔ وﺛﻘﺎ ار أورﻏون
-69ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛﺎﻓﻲ :إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻣن اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ إﻟﻰ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ أﻣﺛوﻟﺔ ودرة ﻣطﺑﻌﺔ،ص.11
- 61 -
وﻣﻘﺎطﻌﺎت ﻛﺎطﺎﻟوﻧﯾﺎ ،و 12ﻣﻧﻬﺎ إﺳﻼﻣﯾﺔ وﻫﻲ ﺳراﻗﺳطﺔ وطﻠﯾطﻠﺔ وﺑﻠﻧﺳﯾﺔ و وادي اﻟﺣص و ادﻧﯾﺔ
وﻏرﻧﺎطﺔ وﻗرطﺑﺔ و إﺷﺑﯾﻠﯾﺎ ،وﻛﺎن ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﻠوك اﻟطواﺋف.
ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻬذﻩ اﻷﺳﺑﺎب ورﺑﻣﺎ وﺟود ﻏﯾرﻫﺎ ﻛﺎن ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﯾﻧﺷﺄ ﻫذا اﻟﺗﻧوع واﻟﺗﻌدد ﻓﻲ أﻫم
اﻟﻣظﺎﻫر اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟذي ظل اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﻬﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻷﻣد طوﯾل وﺿﻊ إطﺎر
دﺳﺗوري ﯾﺣﻣل ﻗﯾم وﺣدة اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺷﻌوب.
ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ﻛﺎﻟﻘوة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟوﺣدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎدة
اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﯾم ﻋﻠﯾﺎ ﯾﺣﺗﻛم إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺷﻌب ﺑﺄﻛﻣﻠﻪ ،ﻓﻘد ﻛرس دﺳﺗور إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ
اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟـ 1978ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ أﻫﻣﻬﺎ:
إن أول ﻣﺑدأ ﯾطرح ﻋﻠﻰ واﺿﻌﻲ دﺳﺗور 1978ﻫو اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﺗﻛرﯾس ﺣﻛم اﻻﺳﺗﻘﻼل
اﻟذاﺗﻲ اﻟﻼزم ﻟﻸﻗﺎﻟﯾم واﻟﻘوﻣﯾﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،وأطﻠﻘوا ﻋﻠﯾﻬﺎ دوﻟﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ اﻟذي ﯾﺟب أن
ﯾؤﺳس وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﻫو ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟدﺳﺗور وذﻟك ﻟﺳﺑﺑﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن :ﻣﺑدأ اﻟدﺳﺗرة ﺗﺷﻣل ﻧﺷﺎط
ﻛل اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ وﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘوات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،وﻫو ﻣﺑدأ وطد ﻫدف اﻷﺳﻠوب اﻟﺗﺄﺳﯾﺳﻲ
ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﻟﺿﻣﺎن اﻟﻧظﺎم اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ واﻟﺗﻌﺎﯾش اﻟﺳﻠﻣﻲ ﺑﯾن
ﻣﺧﺗﻠف ﻣﻛوﻧﺎت وﺷﻌوب إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ.
ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺑﺎﻋث ﻟدﺳﺗرة دوﻟﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ ﻫو ﺑﺎﻋث ﻗﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﺳﯾﺻﺑﺢ ﺑﻌد اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ
رﻛن ﻣن أرﻛﺎن دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺳﯾﻌطﻲ ﻓرﺻﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﺗطور وﯾﻔﺗﺢ اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻠﻣﺷﺎرﻛﺔ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻛﺎﻓﺔ اﻷطراف واﻟﻔﺎﻋﻠﯾن.
- 62 -
وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﺈن ﻣﺑدأ اﻟدﺳﺗرة ﻟﻪ ﺑﻌد واﺳﻊ ﯾظﻬر ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻘﺑل وظﯾﻔﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻷن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ذاﺗﯾﺎ أﻛﺑر ﻣن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻬﯾﺂت
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ واﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت وذﻟك ﻟﻸﺳﺑﺎب اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
أ -اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ذاﺗﯾﺎ ﯾﻛون ﻟﻬﺎ طﺑﯾﻌﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗدﻗﯾق وﺣﺳم ،ﻓﻲ ﺣﯾن
اﻟﻬﯾﺂت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ واﻟﻣﻘﺎطﻌﺎت ﻟﻬﺎ طﺑﯾﻌﺔ إدارﯾﺔ وﺗﺧﺿﻊ ﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻣرﻛزﯾﺔ.
ب -اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ذاﺗﯾﺎ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﺗﺧﺗﻠف طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻋن اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺗﻊ
ﺑﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ .وﺗﺧﺿﻊ إﻟﻰ رﻗﺎﺑﺔ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ وﺗﺷرﯾﻌﯾﺎ وﻗﺿﺎﺋﯾﺎ وﻣﺎﻟﯾﺎ.
ج -اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ذاﺗﯾﺎ ﯾﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﺑﺳﻠطﺔ ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﺧﺎص ﺑﻬﺎ ،وﻟذﻟك ﻓﻬﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻧظﺎم
ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻲ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ،ﻣﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻌﺎم اﻟذي ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻪ اﻟدوﻟﺔ.
د -اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ذاﺗﯾﺎ ﺗﺷﺎرك ﻓﻲ اﻷﺟﻬزة اﻟدﺳﺗورﯾﺔ )اﻟﻛورﺗﯾس( وﻓﻲ اﻟﻣﻬﺎم اﻟﻌﺎﻣﺔ
ﻟﻠدوﻟﺔ .وﻟﻬذﻩ اﻷﺳﺑﺎب وﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻛﺗﺳب ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﺳﻣوا دﺳﺗورﯾﺎ ،وﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑطﺑﯾﻌﺔ
ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟدوﻟﺔ .وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻣن ﻣن اﻟدﺳﺗور ﻧﺟد أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺳﻣﻰ
اﻟﺗﻧظﯾم اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ دوﻟﺔ ) (estadoﻟﻛﻧﻪ أﺧﺿﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﺻل وظﯾﻔﻲ أو أﻓﻘﻲ ﻣﻊ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ
اﻟدوﻟﺔ ،وﻧﺗﺞ ﻋن ذﻟك اﻻﻋﺗراف ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ اﻟﺛﻼث:
اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ واﻋﺗﺑرت ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت أﺟﻬزﺗﻬﺎ ﺟزءا ﻣن أﺟﻬزة اﻟدوﻟﺔ ،ﻛﻣﺎ
ﺳﺑق ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1981واﻟﻘواﻋد واﻟﻧﺻوص اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋن أﺟﻬزة اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﯾﺟب أن ﻻ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ أﺣﻛﺎم اﻟدﺳﺗور ﻛﻣﺎ ﯾﺟب آن ﺗﺧﺿﻊ ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ،
وﻧﻧﺟد اﻟﻣﺎدة 155ﻣن اﻟدﺳﺗور ﻣﻧﺣت إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻟرﺋﯾس اﻟﺣﻛوﻣﺔ ،إذ ﯾﻣﻛﻧﻪ أن ﯾﺗﺧذ اﻟﺗداﺑﯾر
اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﺟﺑﺎر ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟدﺳﺗور .واﺳﺗﻧﺎدا
ﻟﻬذا اﻟﻣﺑدأ ،ﺗﺗﻣﺗﻊ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑﺳﻠطﺔ ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ وﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺧﺎص ﻓﻲ
إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺷﺎرك ﻓﻲ اﻷﺟﻬزة اﻟدﺳﺗورﯾﺔ وﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،وﺑذﻟك ﺗﻛﺗﺳب ﻫذﻩ
اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺳﻣوا دﺳﺗورﯾﺎ وﺗﺗﻣﯾز ﺑطﺑﯾﻌﺔ ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ "طﺎﺑﻊ اﻟدوﻟﺔ" ،ﻛﻣﺎ ﯾرﻣﻲ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ
- 63 -
ﻛذﻟك إﻟﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ وظﯾﻔﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ ﻣن ﺧﻼل وﺿﻊ اﻟﺧطوط اﻟﺿﺎﺑطﺔ ﻓﻲ اﻟدﺳﺗور ﺣﺗﻰ
ﺗﻧﺳﺟم وﺗﺗﻧﺎﻏم اﻷﻧظﻣﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،ﻣﻊ اﻟﺗوﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﺣﺗرام ﻣﺑدأ ﺗدرج اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺿﻣﺎن ﻋدم
ﺗﻌﺎرض ﻣﺎ ﺗﺗﺧذﻩ أو ﺗﺻدرﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻣن ﻗ اررات وﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻊ أﺣﻛﺎم اﻟدﺳﺗور ﻣﻊ
70
وﺟوب ﺧﺿوﻋﻬﺎ ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ.
ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻫدﻓﻪ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫو ﺣﻣﺎﯾﺔ وﺣدة إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﺷﻌﺑﺎٕ ،واﻗﻠﯾﻣﺎ وأﻣﺔ ودوﻟﺔ ،وﻗد أﺷﺎرت إﻟﻰ
ذﻟك اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟدﺳﺗوري ﺑﻌﺑﺎرة:
"ﯾﺑﻧﻲ اﻟدﺳﺗور وﺣدة اﻷﻣﺔ اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟﻐﯾرة ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺟزﺋﺔ ،ووطﻧﺎ ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﻻ ﯾﺗﺟ أز ﻟﻛل
اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﯾن ،وﯾﺣدد وﯾﺿﻣن ﺣق اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﻘوﻣﯾﺎت واﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛﺎﻣل وﺗﺗﺿﺎﻣن ﻓﯾﻣﺎ
ﺑﯾﻧﻬﺎ .وﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﻫذا اﻟﻧص أن اﻟدﺳﺗور ﻟم ﯾﻌﺗرف ﺑﺎﻟﺣق اﻟﻣطﻠق ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﻟﻠﺷﻌوب اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﻟف
ﻣﻧﻬﺎ إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ رﻏم أﻧﻬﺎ أﻣﺔ اﻷﻣم ،أو ﻟﻘوﻣﯾﺎت واﻷﻗﺎﻟﯾم ،ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺑﯾر ﯾﺟب أن ﯾﻔﻬم ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﺣدود
اﻟﺳﯾﺎدة اﻟواﺣدة ﻻ أﻛﺛر ،وﻗد ﻣﻧﺢ اﻟدﺳﺗور ﻟﻠﺷﻌب اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ﺟﻣﯾﻌﻪ وﻛذﻟك وﺣدة إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﯾﺿﻣﻧﻬﺎ
وﺟود ﺳﻠطﺔ ﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ واﺣدة ،وﻫو اﻟﻛورﺗﯾس اﻟﻌﺎم اﻟﻣﻧﺗﺧب ﻣن ﻛل اﻟﺷﻌوب اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ .وﻫﻧﺎك
ﺿﻣﺎﻧﺔ أﺧرى دﺳﺗورﯾﺔ ﻟﻠوﺣدة ،وﻫﻲ أن اﻟدﺳﺗور ﻗد اﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة أﻛﺛر ﻣﻼﺋﻣﺔ وﺑﺷﺟﺎﻋﺔ ﻧﺎدرة ﻣن
ﺧﻼل وﺿﻊ ﺧط ﺣﻘﯾﻘﻲ ﺗﺣت "ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻌدد اﻟﻘوﻣﯾﺎت اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ذﻟك أن اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة 56
ﻣﻧﻪ أﺷﺎرت إﻟﻰ أن:
"اﻟﻣﻠك ﻫو رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ورﻣز وﺣدﺗﻬﺎ واﺳﺗﻣ اررﯾﺗﻬﺎ ﻛﻣﺎ أﺷﺎرت اﻟﻣﺎدة 61ﻣﻧﻪ ﻣن ﺟﻬﺗﻬﺎ ﻋﻧدﻣﺎ
ﯾؤدي اﻟﻣﻠك اﻟﺗﻘﺳﯾم ﻋن ﺗوﻟﯾﺔ اﻟﺗﺎج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ:
-70ﻣﺻطﻔﻰ ﺑﻠﻘزﺑور :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب )أي ﻧﻣوذج ﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺑراﯾر.2010
- 64 -
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﺟب أن ﯾﻔﻬم ﻣﺑدأ اﻟوﺣدة ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﺻدر ﻟﺗﻌدد اﻟﻘوﻣﯾﺎت ﻓﻲ ظل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣوﺣدة
اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻓﻲ ﺣﺿﻧﻬﺎ ﺑوﺟود ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﻟف ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗدم اﻟﻣﺳﺎواة.
وﻫو ﻣﺑدأ ﯾﺣرص ﻋﻠﻰ ﺗﻛرﯾس اﻵﻟﯾﺎت اﻟﺿﻣﺎﻧﺔ ﻟﻠﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ )اﻟﺟﻬﺎت(
اﻟﺗﻲ ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ ﻛﺈﺣدى اﻟﻘﯾم اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ﺑﺣﯾث ﻟم ﯾﺳﻣﺢ اﻟدﺳﺗور اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ﻷﯾﺔ
ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ أن ﺗﻣﯾز ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻛﯾﻔﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺳﺑب ،ﺳواء ﺑﺳﺑب ﺣﺟﻣﻬﺎ أو ﻋدد ﺳﻛﺎﻧﻬﺎ أو ﺑﺳﺑب
اﻟﻣﺳﺗوى اﻻﻗﺗﺻﺎدي أو اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو ﺣﺗﻰ ﺑﺳﺑب اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ وﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻓﻲ ﻫذا
اﻻﺗﺟﺎﻩ ﺑﯾن ﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻣن اﻟﻣﺳﺎواة.
-اﻟﻣﺳﺎواة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻷﻓراد :وﺗؤﻛد ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺎدة 139ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻛﺎﻓﺔ
اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﯾن ﺳواﺳﯾﺔ ﯾﺗﻣﺗﻌون ﺑﻧﻔس اﻟﺣﻘوق وﺗﻘﻊ ﻋﻠﯾﻬم ﻧﻔس اﻟواﺟﺑﺎت ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺗراب اﻟدوﻟﺔ وﻻ
ﯾﺟوز ﻷي ﺳﻠطﺔ ﻓﻲ أي ﺟﻬﺔ أن ﺗﺗﺧذ إﺟراءات ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﺗﻣﻧﻊ ﺣرﯾﺔ اﻻﺳﺗﻘرار أو
اﻟﺗﺟول ﻟﻸﺷﺧﺎص وﺣرﯾﺔ ﺗداول اﻷﻣوال ﻓﻲ ﻛل اﻹﻗﻠﯾم اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ.
-اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ :ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺎواة ﺗﻘررﻫﺎ اﻟﻣﺎدة 138ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن
اﻟدﺳﺗوري ﺣﯾث ﻻ ﺗﻌطﻲ اﻟﺣق ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗطﺑﯾق أﯾﺔ اﻣﺗﯾﺎزات ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ أو اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺄي
ﺣﺎل ﻣن اﻷﺣوال ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف أﻧظﻣﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ،ﺑل إن ﻋدم اﻟﻣﺳﺎواة ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻷﻓراد أو ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻣرﻓوض وﻻ ﯾﻧﺗﺞ أي ﺳﯾﺎﺳﺔ ،وﻗد وﺿﻊ اﻟﻣﺷرع
اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت ﻹﻗرار ﻫذا اﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﻬم ﻣﻧﻬﺎ:
+أن اﻟﻘﺿﺎء اﻟدﺳﺗوري ﻫو ﻣن ﯾﺿﻣن اﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﺳواء؛
+ﺗﺣدد اﻟﻣﺎدة 149ﻣن اﻟدﺳﺗور ﺑﺷﻛل ﺣﺻري اﻟﻣﺟﺎﻻت واﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﺣﻔوظﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ؛
+اﻟدوﻟﺔ ﻫﻲ ﻣن ﯾﺿﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻺدارات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ وﻛذا اﻷﻧظﻣﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻣوظﻔﯾﻬﺎ
وﺿﻣﺎن ﯾﺣق اﺗﺧﺎذ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻟﻛﺎﻓﺔ اﻹدارﯾﯾن؛
- 65 -
+ﺗﺣﺗﻔظ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺣق اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺳﺎس إﺣدى اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑﻣﺑدأ
71
دﺳﺗوري ﻹﻟزاﻣﻬﺎ إﺟﺑﺎرﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬﺎ )اﻟﻣﺎدة .(155
ﻣﻔﻬوم اﻟﺗﺿﺎﻣن ﻫو أﺣد اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﺗطوﯾر أﺳﻠوب اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗوزﯾﻊ
اﻟﻣوارد ﺑﻬدف ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ.
واﻷﺟﻬزة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻬر ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ﻣراﻗﺑﺔ ﻣﺑدأ اﻟﺗﺿﺎﻣن ﻫﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﻛورﺗﯾس اﻟﻌﺎم
واﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ.
ﻓﻘد ﺳﺑق أن أﺻدرت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﻣﺑدأ اﻟﺗﺿﺎﻣن ﻗﺎل ﻓﯾﻪ ﺑﺄن ﻣﺟﻠس اﻟﺷﯾوخ
ﻛﻐرﻓﺔ اﻟﺗﻣﺛﯾل اﻟﺗراﺑﻲ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻟﻪ دور اﻟﺑطل اﻟﺣﺎﺳم ﻓﻲ رﻗﺎﺑﺔ ﻣﺑدأ اﻟﺗﺿﺎﻣن .ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ
أن ﻻ ﯾﻔﻬم ﻣﺑدأ اﻟﺗﺿﺎﻣن ﻋﻠﻰ إطﻼﻗﻪ ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ﻷن اﻟدﺳﺗور ﻣﻧﻌﻪ ﻣن ﺧﻼل
ﻣﻧﻊ ﻗﯾﺎم اﻟﻔدراﻟﯾﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ.
وﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻛﻣﺎ ﺳﺑق أن ذﻛرﻧﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺑدأ ﯾﻠزم اﻟﻘوﻣﯾﺎت واﻷﻗﺎﻟﯾم اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﻛﺎﻣل واﻟﺗﺿﺎﻣن
ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻟﻠﺗوازن اﻻﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﻼﺋم واﻟﻌﺎدل وﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﺎﺳك اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ،وﯾﻬدف ﻫذا
اﻟﻣﺑدأ ﺑﺎﻷﺳﺎس إﻟﻰ ﺗطوﯾر اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟذاﺗﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗوزﯾﻊ اﻟﻣوارد واﻟﺧﯾرات ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻣﺑدأ
اﻟﻣﺳﺎواة ،واﺳﺗﻧﺎدا ﻟﻠﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟدﺳﺗور ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن اﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻣﺑدأ
اﻟﺗﺿﺎﻣن ﺑﺎﻟﻘدر اﻟذي ﯾﺣﻘق اﻟﺗوازن اﻻﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﻼﺋم واﻟﻌﺎدل ﺑﯾن ﻛل أﺟزاء اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ.
إن ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﺗﺗﻌزز ﻗوﺗﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ أﻗرﻩ اﻟدﺳﺗور ﻣن ﺗﻧظﯾم
ﻟﻠﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﻛذا ﻣﺎ أﺳﻧدﻩ ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺎت واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت.
وﻛﺧﻼﺻﺔ ﻟﻬذﯾن اﻟﻧﻣوذﺟﯾن اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ واﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ،ﺑﺣﯾث ﻧﺟد أن اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣطﺎﺑﻘﺔ
ﻟﺗﻘﻠﯾد ﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ ﻗدﯾم ﻓﺎﻟﻔدراﻟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﺗﻘﻠﯾد ﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ ﻗدﯾم .ﻓﺎﻟﻔدراﻟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ذات
- 66 -
ﺟذور ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،وﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﺗﻘﻠﯾد ﻛﺎﻣﺗﯾﺎز ﻛﺑﯾر ﯾﺣول دون ﻗﯾﺎم ﻧظﺎم ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر
اﻟﺧﺎﺻﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺷﻛل ﺧط ار ﻣﺣدﻗﺎ ﺑﺎﻷﻣﺔ ،ﻓﻬو اﻵن ﻧظﺎم ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﺧﺎﺻﯾﺎت
واﻟﻣطﺎﻣﺢ واﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻛل ﺟﻬﺔ .أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻓﻬﻲ ﺗظل اﻟﻧﻣوذج واﻷﻣﺛوﻟﺔ ﻛﻣﺎ
ﻗﺎل ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻟﻛل ﺑﻠد ﻏﺎرق ﻓﻲ ﺑﺣر اﻟﺗﺧﻠف ﺗﺗﺟﺎذﺑﻪ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،وﯾﺗﻌرض ﻟﻣﺳﺎوﻣﺎت اﻟﻌوﻟﻣﺔ ،وﺗدﺧﻼت اﻟدوﻟﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ،وﺻﻌود اﻟﺗﯾﺎرات اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ
اﻟﻣﻧﺎدﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت واﻟﻬوﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗرﺗﻛﺑﻬﺎ.
- 67 -
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﻘوﻣﺎت ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب.
اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻫﻲ ﺗﻧظﯾم ﻫﯾﻛﻠﻲ ٕواداري ﺗﻘوم ﺑﻣوﺟﺑﻪ اﻟﺣﻛوﻣﺔ أو اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل
ﻋن ﺑﻌض اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت ﻟﻔﺎﺋدة اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠوﺣدة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ،وذﻟك ﻟﺗﻌزﯾز اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ،
وﺗﻧﺷﯾط اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺟﺎري وﺗﻘرﯾب اﻹدارة واﻟدوﻟﺔ ﻋﻣوﻣﺎ )ﺑﻣﺎ ﺗُﻘدم ﻣن ﺧدﻣﺎت وﺗُوﻓر ﻣن ﻣﺻﺎﻟﺢ(
ٍ
ﺳﯾﺎﺳﺎت ﻣﺣﻠﯾﺔ ﺗﻧﺑﻊ ﻣن اﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻣﻣﯾزة ﻟﻛل إﻗﻠﯾم ﻋﻠﻰ ﻣن ﻫﻣوم اﻟﻣواطن ،ﻋﺑر ﺻﯾﺎﻏﺔ
اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
واﻟداﻓﻊ اﻷﻫم إﻟﻰ ﻧﻬﺞ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻫو إﺣداث ﻗدر ﻣن اﻟﺗوازن اﻟﺗﻧﻣوي واﻻﻗﺗﺻﺎدي ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت
اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ،وﺗﺣﻔﯾز اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ وﺗﺣرﯾرﻫﺎ ﻣن ﻋﻘﺎل اﻟﻣرﻛزﯾﺔ.
اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﺗطﻠب ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺟدﯾدة ﻟﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ وﺑﯾن
ﻫذﻩ اﻷﺧﯾر ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻬدف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣن اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻫو ﺗﺟﺎوز ﻣرﻛزﯾﺔ اﺣﺗﻛﺎر
اﻟﻘ اررات واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎن ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ
واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣدى ﻗرﺑﻬم ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻬم اﻟﺳﺎﻛﻧﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،ﻣن ﺷﺎﻧﻪ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻛﺎﻣل
ﻓﻲ اﻷدوار واﻟﻧﺟﺎﻋﺔ اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﺑدل اﻻزدواﺟﯾﺔ واﻟﺗداﺧل اﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻰ إﻓراغ أي ﻣﺟﻬود
ﺗﻧﻣوي ﻣن ﻣﺿﻣوﻧﻪ.
ﺣﯾث ﯾﻌد ﺗداﺧل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ وﺑﯾن أﺻﻧﺎف ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة إﺣدى
ﻣظﺎﻫر اﻻرﺗﺑﺎك ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر اﻟﺷﺄن اﻟﻌﺎم اﻟﺗراﺑﻲ ،وﺳﺑﺑﺎ ﻣﺑﺎﺷ ار ﻟﺗﺑدﯾد اﻟﻣوارد اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وﻟﻣﺣدودﯾﺔ ﻧﺗﺎﺋﺞ
اﻟﺗدﺧﻼت واﻟﻣﺟﻬودات اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ وﺿﻌف ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻬﺎ.
ﻛﻣﺎ ﯾؤدي ﻛذﻟك إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﻋﻣل اﻷﺟﻬزة اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﯾﺔ واﻟﺗﻘﯾﯾم ،ﺣﯾث ﯾﺗﻌذر ﻣﻌرﻓﺔ
اﻟﻣﺳؤول ﻋن ﻋﻣل ﻣﻌﯾن أو اﻟﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ إﻧﺟﺎزﻩ وﻣراﻗﺑﺔ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗوظﯾف اﻷﻣوال اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ وطرق
اﻟﺗﺳﯾﯾر.
ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ اﯾﺟﺎد "ﺗﻘﻧﯾﺔ" ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﺗوﺿﯾﺢ ﺻﻼﺣﯾﺔ ﻛل ﻣﺳﺗوى ﺗراﺑﻲ ﺑﺷﻛل دﻗﯾق ﯾﻣﻛن ﻣن
ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺣدﯾد دور ﻛل اﻟﻔﺎﻟﻌﯾن اﻟﻣﺣﻠﯾﯾن .اﻻﻣر اﻟذي ﯾﻣﻛن ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﻋﺑر اﻋﺗﻣﺎد ﻣﺑدأ "اﻟﺗﻔرﯾﻊ".
وﻫﻛذا ﻧﺻت اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻔﺻل 140ﻣن دﺳﺗور ،2011ﻋﻠﻰ أن "ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ وﺑﻧﺎء
- 68 -
ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ،اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ذاﺗﯾﺔ واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻣﻊ اﻟدوﻟﺔ واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﻧﻘوﻟﺔ إﻟﯾﻬﺎ
ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة".
وﺗﻌود أﺻول ﻛﻠﻣﺔ "ﺗﻔرﯾﻊ" ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﻰ اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻼﺗﯾﻧﻲ "" SUBYIDIUM
وﺗﻌﻧﻲ اﻹﺳﻌﺎف ""SERCOURSواﻹﻧﺎﺑﺔ واﻹﻋﺎﻧﺔ ،وﺗﻔﯾد ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ أﺧر ﻋﻼﻗﺔ " ﺷﯾﺋﯾن" ذا
أﻫﻣﯾﺔ ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﺣﯾث ﯾﻌوض اﺣدﻫﻣﺎ اﻷﺧر.
ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﺎن ظﻬور اﻟﻣﺑدأ ﺑﻔرﻧﺳﺎ ﯾﻌود إﻟﻰ ﺗﻘرﯾر " " Guichardﺳﻧﺔ ،1976
اﻟذي أﻛد ﻋﻠﻰ اﻧﻪ " ﻟﯾس ﻣن اﻟﺿروري إﺳﻧﺎد أي اﺧﺗﺻﺎص إﻟﻰ ﻫﯾﺋﺔ ﻋﻠﯾﺎ وان ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ﻣﺗﻰ
ﻛﺎﻧت ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗراﺑﯾﺔ أدﻧﻰ وﻗرﯾﺑﺔ ﻣن اﻟﻣواطن ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺿﻣﺎن اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻣﺗوﺧﺎة .وﻗد ﺟﺎء ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﺟزء اﻷول ﻣن ﻫذا اﻟﺗﻘرﯾر ،واﻟذي ﯾﺣﻣل ﻋﻧوان "" ،ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت" ،أن
ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﯾﻘود إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﻣﺳﺗوى اﻷﻣﺛل ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت.
ﺗﻌد اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﺣول ﻣﻧﺢ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء ،أول وﺛﯾﻘﺔ رﺳﻣﯾﺔ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ
اﻟﺗﻔرﯾﻊ ،إذ ﺗم اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻻول ﻣرة ،وﺑﺷﻛل ﺻرﯾﺢ ،ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﻣﺑﺎدرة ،وﺟﻌل
ﻣﻧﻪ أﺳﺎس ﺗﻧظﯾم اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت واﻟﺳﻠط ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ وﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ .ﻗﺑل أن ﯾﻘوم اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ
ﺑﺟﻌﻠﻪ ﻣﺑدأ دﺳﺗورﯾﺎ ،ﺑﻌد اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ دﺳﺗور ،2011وﺑذﻟك ﻓﻘد أﺻﺑﺢ أﺳﺎﺳﺎ ﻟﺗﻧظﯾم
اﻟﺳﻠطﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ،وﻓﻲ ﺻدارﺗﻬﺎ اﻟﺟﻬﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﻣن ﺷﺄﻧﻪ ﺗوﺿﯾﺢ وﺗﻘوﯾﺔ
اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ )اﻟﻣﺑﺣث اﻻول( ،واﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ إﻧﺟﺎح اﻻﺻﻼﺣﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣرﺗﻘﺑﺔ )اﻟﻣﺑﺣث
اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
- 69 -
اﻟﻣﺑﺣث اﻻول :ﻋﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب.
ﯾﺗﺳﻊ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻛﻠﻣﺎ ﺗراﺟﻌت اﻟدوﻟﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻔرﯾﻌﯾﺔ ،أو ﺑﻌﺑﺎرة
أﺧرى ،ﻓﺈن رﻓﻊ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﯾدﻫﺎ ﻋن ﺗﻧظﯾم اﻟﺷﺄن اﻟﻣﺣﻠﻲ ،ﻣﻘﺎﺑل ﺗﻌزﯾز ﺻﻼﺣﯾﺎت وﺳﻠط
اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺟﺳﯾدا ﻟﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ.
إن ﻣﻘﯾﺎس ودرﺟﺔ اﻟﻌﻣل ﺑﻬذا اﻟﻣﺑدأ ﺗﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل ﻋﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﻬﯾﺋﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎ
وﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص .وﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﻐرﺑﻲ ،ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺑﺣث ﻋن
ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗوزﯾﻊ اﻻدوار واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي )اﻟﻣطﻠب اﻷول( ،وﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺗﻛﺎﻣل
ﺑﯾن ادوار ﻛل ﻣن اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي وﻣﻣﺛﻠﻲ اﻻدارة اﻟﻣرﻛزﯾﺔ )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
إن ﺑﺣث ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﺗطرق ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻟم ﺗدﺧل
ﻛل ﻣن اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي وﻣﻣﺛﻠﻲ اﻻدارة اﻟﻣرﻛزﯾﺔ )اﻟﻔرع اﻷول( ،ﻟﻠوﻗوف ﺑﻌد ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻻﺛﺎر
اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣﺗﻣﯾزة ﻓﻲ ﻓﻛر واﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ اﻻﺻﻼﺣﯾﺔ ،اﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ ﺗرﺳﯾﺦ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣواطﻧﯾن ﺑﺻورة أوﺳﻊ ﻣن ﺗﺳﯾﯾر ﺷؤوﻧﻬم اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﺗوظﯾف ذﻟك
ﻟﺧدﻣﺔ اﻻزدﻫﺎر اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﺑﻼد.
ﻛﻣﺎ أن إﺣداث اﻟﺟﻬﺔ ،وﺗﺧوﯾﻠﻬﺎ ﺻﻔﺔ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗراﺑﯾﺔ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ دﺳﺗور ،2011ﻋﻣل ﻋﻠﻰ دﻋم
اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺧﻠق ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ﻛﺣﻠﻘﺔ وﺳطﻰ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﺑوﺿﻊ
اﻟطﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾزﺧر ﺑﻬﺎ ﻋدم اﻟﺗرﻛﯾز اﻻداري ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ72ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،ﻟذﻟك ﻓﺈن ﻋﺎﻣل
72
-أﻧظر ﺑﯾﺎن اﻻﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ أوردھﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ دﯾﺑﺎﺟﺔ اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 111.14اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﺟﮭﺔ ،اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻋدد ،3321ص449.
- 70 -
ﻣرﻛز اﻟﺟﻬﺔ ﯾﺣﺗل ﻣرﻛ از اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎ داﺧل اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ،ﺣﯾث ﯾﻌد ﻋﻧﺻ ار اﺳﺎﺳﯾﺎ ورﻛﯾزة ﺻﻠﺑﺔ
ﻓﻲ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻧظرﻧﺎ إﻟﻰ ﻣوﻗﻌﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣﺗﻣﯾز داﺧل ﻫذا اﻟﺗﻧظﯾم ،إذ وردت
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻪ وﺳﻠطﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻣواد ﻗﺎﻧون اﻟﺟﻬﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌل ﺣﺿورﻩ ﻗﺎﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣراﺣل
وﻟﻘد ﻓﺻل اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺟﻬﺎت ،74اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي وﺧص ﻟﻬﺎ 73
ﻧﺷﺎط اﻟﻣﺟﻠس.
اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ )اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ( ،أﻣﺎ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﺎﻣل اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ أو اﻻﻗﻠﯾم ﻣرﻛز اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻘد ﻧظﻣت ﻓﻲ
اﻟﺑﺎب اﻟﺧﺎﻣس )اﻟﻔﻘرة ﺛﺎﻧﯾﺔ(.
ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 111.14ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻣﺷرع ،وان ﺧول ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺣﺻرﯾﺔ ﻟﺗﺳﯾﯾر ﺷؤوﻧﻪ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر إﻟﻰ ﺣد ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻛر اﻟﺗﻔرﯾﻌﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ
اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻻ ﺗزال ﻧﺎﻗﺻﺔ .إذ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ
ﻋﻧد ﺗﺣدﯾدﻩ ﻟﻣﺟﺎﻻت ﺗدﺧﻼت اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﻟم ﯾﺣد ﻋن اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت.
ﺑﺎﺳﺗﻘراء اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ ﻟﻠﺟﻬﺔ ،ﻧﻼﺣظ أﻧﻬﺎ وان ﺣﺎوﻟت أن ﺗﺣدد
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﺑﺷﻛل ﺣﺻري ،ﻓﻬﻲ ﻟم ﺗﻛن ﺑﺎﻟدﻗﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ،وﻟم ﺗﺣدد ﻣﺟﺎﻻت
ﺗدﺧل اﻟﻣﺟﻠس ﺑﺷﻛل واﺿﺢ ،ﻓﺎﻟﻣﺟﻠس أﺳﻧدت إﻟﯾﻪ ﻣﻬﺎم ﻣن ﻗﺑﯾل "اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻻﻋﻣﺎل اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﻧﻌﺎش
اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات"" ،إﻋﺗﻣﺎد ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻣﻬﻧﻲ"" ،اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻻﻋﻣﺎل اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﻧﻌﺎش
اﻟﺗﺷﻐﯾل"" ،اﻋﺗﻣﺎد ﻛل اﻟﺗداﺑﯾر اﻟراﻣﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺑﯾﺋﺔ" ،وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺗﺳﻲ
ﺻﺑﻐﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻓﺿﻔﺎﺿﺔ ،ﺗﻣﺗد ﻟﺗﺷﻣل ﻣﺟﺎﻻ ﺑﺄﻛﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ،ﻛﺎﻟﺗﺷﻐﯾل ،اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات،
ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺑﯾﺋﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺟﺎﻻت ،اﻟﺗﻲ ﯾﺻﻌب ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻧﻬوض ﺑﻬﺎ ﻟوﺣدﻫﺎ ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن
ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﺈن اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ وﻋدم دﻗﺔ اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ أﻓرﻏت ﻫذﻩ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣن ﻣﺣﺗواﻫﺎ
73
-
ﻋﺑد اﻟﻠطﯾف ﻛوﯾﻣن اﻟﻌﻣرﺗﻲ" ،إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ظل اﻻدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ" ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣﻌﻣﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم،
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟﻣﺎﻟك اﻟﺳﻌدي ﺑطﻧﺟﺔ ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2015/2016ص.50 .
74
- 71 -
وﺟﻌﻠت اﻟﺟﻬﺔ ﺗﻘوم ﺑﻛل ﺷﻲء ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ال ﺗﺗدﺧل ﻓﻲ أي ﺷﻲء ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﺗداول اﻟﻣﺟﻠس
اﻟﺟﻬوي ﻓﻲ ﺷؤوﻧﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ )اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ( ﻏﯾر ﻛﺎف ﻟﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ،ﺑل إن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ
أو ﺳﻠطﺔ اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻣﺻدر اﻻﺳﺎﺳﻲ ﻻﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ.75
أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻧﻘﻠﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﻓﻘد ﺣددﻫﺎ
اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ،وذﻟك ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﻘط ﻻ اﻟﺣﺻر ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺷف ﻣن
ﻋﺑﺎرة "ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ" .
وﻫﻲ ﻻ ﺗﺧﻠو أﯾﺿﺎ ﻣن اﻟﻐﻣوض واﻟﺿﺑﺎﺑﯾﺔ إذ ﻟم ﯾﺗم ﺗﺣدﯾد ﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود ﺑ ـ "اﻟﺗﺟﻬﯾزات ذات
اﻟﻔﺎﺋدة اﻟﺟﻬوﯾﺔ" .ﻛﻣﺎ أن ﻋﺑﺎرة "اﻻﻋﻣﺎل اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ" ﯾﻣﻛن أن ﺗﺷﻣل ﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ
ﻛل اﻟﻣﺟﺎﻻت.
إﻧﻪ وﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ،ﯾرﻣﻲ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ إﻟﻰ ﺗدﻋﯾم ﺧطﺎب
اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺗﺷﺎرﻛﻲ ،اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺗﺷﺎرﻛﯾﺔ ﺗﺻﺎﻋدﯾﺔ وذﻟك ﺗﺟﺳﯾدا ﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﻘرب اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﯾﺳﻣﺢ
ﺑﺗﺟﺎوز ﻋﺎﻣل ﺗراﻛم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت اﻟذي ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺗدﺑﯾر ﻣزدوﺟﺎ وﻣﺗداﺧﻼ.
وﺑﺧﺻوص اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻓﻘد أوردﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 111.14ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ،
وذﻟك ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﻘط .وﯾﺎﺧذ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع ﻫﻧﺎ أﯾﺿﺎ أﻧﻪ ﻟم ﯾﻛن واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﺟﺎﻻت
وﺣدود إﺑداء اﻟرأي ،ﺣﯾث ﻗﺎم ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل ﻧﻔس اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻐﺎﻣﺿﺔ ،اﻟﺗﻲ أوردﻫﺎ ﻓﻲ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟدوﻟﺔ ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺧﻠط
ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻫﻲ ﻣن اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻻﺻﻠﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي وأوردﻫﺎ ﻓﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ وﺑﺎﻟﺧﺻوص ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻧﯾﻣﻧﻬﺎ ،اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﺧﺗﯾﺎر طرق ﺗدﺑﯾر اﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ،
ﻓﻬذا اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة 32ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي وﺟﻌﻠﺗﻪ ﻣن ﻗ اررات اﻟﻣﺟﻠس
اﻟﺟﻬوي اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟزوﻣﺎ ﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ ﺳﻠطﺔ اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﻋﻧد ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ.
_75ﺣﺟﯾﺔ زﯾﺗوﻧﻲ" ،اﻟﺟﮭﺔ واإﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﺟﮭوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب" ﻣﻧﺷورات اﻟﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﺑﺣوث اﻻدارة واﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﻣﺎل ،اﻟﻌدد ،4ﻣطﺑﻌﺔ طوب ﺑرﯾس
اﻟرﺑﺎط ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻻوﻟﻰ ،2015ص22. .
- 72 -
إذن ﻓﺄﻣﺎم ﻫذا اﻟﻐﻣوض اﻟذي ﯾطﺑﻊ ﺗدﺧﻼت اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﺗﻘﯾﯾدﻩ ﺑﺳﻠطﺔ
اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﻔرﯾﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﺣدودة،
وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺗﺄﻛد ﻣﻊ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﺣﺟم ﺗدﺧﻼت اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
اﻟﺟﻬوﯾﺔ.
إن اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻورﻫﺎ ﺧﺎرج إطﺎر ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻻﺟﻬزة اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﺔ
اﻟﻣﺳﯾرة ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ،ﻫﻧﺎك ﺳﻠطﺎت ﺧول ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﺣق اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر اﻟﺷؤون اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟﻣﺟﻠس ،وﯾﺗﻌﻠق اﻻﻣر ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ وﺧﺻوﺻﺎ ﻣﻣﺛﻠﻬﺎ ﻋﺎﻣل ﻣرﻛز اﻟﺟﻬﺔ ،اﻟذي ﯾﺿطﻠﻊ
ﺑﺄدوار واﺳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ،ﻓﻬو ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم واﻟﺣرص ﻋﻠﻰ
ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻘواﻧﯾن واﻻﻧظﻣﺔ داﺧل ﺣدود داﺋرﺗﻪ اﻟﺗراﺑﯾﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﻣﺛﻼ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى
اﻟﻣﺣﻠﻲ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﯾﻘوم ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﺎم ﻓﻲ إطﺎر ﻧظﺎم اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺟﻬﺎز ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ
)أوﻻ( ووﺻﯾﺎ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ )ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
- 73 -
ﻛﻣﺎ ﯾﻣﺛل ﻋﺎﻣل اﻟﺟﻬﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ ﺳواء ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟدﻋﺎوى أو اﻟدﻓﺎع ﻓﯾﻬﺎ
طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة 49ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺟﻬﺔ.
رﻏم اﻟﻣﺟﻬودات اﻟﺗﻲ ﺑذﻟﻬﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﺑﯾﺎن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺑﻘﻰ
ﻧﺎﻗﺻﺔ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن ﺟواﻧﺑﻬﺎ ،ذﻟك أن ﻧﻔس ﻫذﻩ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺗﺳﻧد إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﺗراﺑﯾﺔ أﺧرى ﻣن
ﻣﺳﺗوى ﺗراﺑﻲ آﺧر ﻛﺎﻟﻌﻣﺎﻻت واﻻﻗﺎﻟﯾم واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺣﺿرﯾﺔ واﻟﻘروﯾﺔ ﺑﻧﻔس اﻟﺻﯾﻐﺔ ودون ﺗﺑﯾﺎن
اﻟﺣدود ﺑﯾﻧﻬم ﺑﻣﺎ ﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ ﺗﻧﺎزع ﺑﯾن ﻫؤﻻء اﻟﻣﺗدﺧﻠون.
ﻓﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻣﯾدان اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻣﺛﺎل ﻓﺈن أول ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﺑﻬذا اﻟﺧﺻوص أن اﻟﻧﺻوص
اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف أﺻﻧﺎﻓﻬﺎ ﻗد اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻋﺑﺎرات واﺳﻌﺔ وﻓﺿﻔﺎﺿﺔ
ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟدور اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺣﺗﻣل ﻣﻌﻪ إدﺧﺎل ﻛل ﺷﻲء ﻓﯾﻪ .ﻓﻘد ﺟﻌﻠت
ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن ﻣن اﻟوﺣدات اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن وﺿﻊ ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
- 74 -
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺧﺎص إﻣﺎ ﺑﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ أو اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ أو اﻻﻗﻠﯾم أو اﻟﺟﻬﺔ وﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﯾﻘﺎل ﻋن
إﻧﻌﺎش اﻻﻗﺗﺻﺎد وﺷرﻛﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﺧﺗﻠط ،وﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﯾﻼﺣظ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﺎل اﻟرﯾﺎﺿﻲ
واﻟﺗﺷﻐﯾل واﻟﺑﯾﺋﺔ واﻟﺳﻛن وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺟﺎﻻت.
وﯾرﺟﻊ ﻫذا اﻟﺗداﺧل ﻓﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺳواء ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ أو ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻻﺧرى إﻟﻰ ﻋدة أﺳﺑﺎب ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﻫو ﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻘﺻور اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ )اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ( وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ
ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺄﺳﺑﺎب أﺧرى )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ(.
إﻧﻪ وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 111.14ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ رﻏم ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺻﺑو إﻟﯾﻪ ﻣن
ﺗدﻗﯾق ﻟﻣﺟﺎل ﺗدﺧل ﻛل ﻣن اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي وﺳﻠطﺗﯾﻪ اﻟرﺋﺎﺳﯾﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﺑﺎﺑﺗﻛﺎر أﺳﻠوب ﺟدﯾد ﻟم
ﯾﻌدﻩ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻼﻣرﻛزي ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﺣدﯾد اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ذاﺗﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي وأﺧرى ﻣﻧﻘوﻟﺔ إﻟﯾﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻟدوﻟﺔ وأﺧرى اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟم ﯾﺻل إﻟﻰ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣﺑﺗﻐﺎة،
إذ ﺿﻠت ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻣﺟﺎﻻت ﺗدﺧل اﻟﺟﻬﺔ ﻏﺎﻣﺿﺔ وﻣﺑﻬﻣﺔ وذﻟك راﺟﻊ إﻟﻰ ﻋدة
أﺳﺑﺎب ﻣﻧﻬﺎ اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﺎم ﻟﺗﺣدﯾد اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻬﺔ ،اﻟذي اﻗﺗﺑﺳﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣن
اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﯾﻧﻬﺞ ﻧﻔس اﻷﺳﻠوب واﻟذي أﺿﺣت اﻟﺟﻬﺔ ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﺗﻘوم ﺑﻛل ﺷﻲء وﻓﻲ أي
ﻣﺟﺎل.
إن اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﺻﯾﻎ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺻﻌب وﺿﻊ ﺣد ﻓﺎﺻل
ﺑﯾن ﺗدﺧﻼت وﻣﺳؤوﻟﯾﺎت اﻟﺟﻬﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ واﻟدوﻟﺔ وﺑﺎﻗﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى
وذﻟك ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘطﺎﻋﺎت واﻟﻣﯾﺎدﯾن ،ﺑﺣﯾث أن اﻟﻌﺑﺎرات واﻟﺗﻌﺎﺑﯾر اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻛل ﺻﻧف ﻣن
اﻟﻬﯾﺋﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺗدﺧﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي ﺑﺎﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺎﻻت وﻓﻲ ﻛل اﻟﻘطﺎﻋﺎت
اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻬﺎ ،ﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﻲ ﺿل اﻋﺗﻣﺎد "اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﺎم ﻟﻼﺧﺗﺻﺎﺻﺎت" ﻣن وﺿﻊ ﺣد
ﻟﺗدﺧﻼت ﻛل ﻫﯾﺋﺔ أو ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدة.
- 75 -
إن اﻟﻘراءة اﻟﺑﺳﯾطﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺳﻧدة ﻟﻠﺟﻬﺔ ﺗوﺿﺢ ﻟﻧﺎ اﻟﻐﻣوض واﻟﺿﺑﺎﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗطﺑﻌﻬﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﺑﯾن ﺑﺟﻼء أن دور اﻟﺟﻬﺔ ﻏﯾر واﺿﺢ ﺣﯾث ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﯾﻣﻛﻧﻪ
اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻛل ﺷﯾﺊ ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﻪ ال ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻘوم ﺑﺄي ﺷﻲء ﺑﺷﻛل واﺿﺢ ودﻗﯾق ﯾﻛﻣل أدوار
اﻟوﺣدات اﻷﺧرى واﻟدوﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﺳﺗﻌﻣل ﻋدة ﻋﺑﺎرات ﻏﺎﻣﺿﺔ ﻣﺛل "إﻋداد"" ،دراﺳﺔ"" ،اﻟﺑث"،
"اﻟﻘﯾﺎم"" ،اﺗﺧﺎذ اﻹﺟراءات"" ،اﻟﺳﻬر" ،وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﻔﺿﻔﺎﺿﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟوﻗوف
ﻋﻠﻰ ﺑداﯾﺔ وﻧﻬﺎﯾﺔ ﺗدﺧﻼت اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﻌﯾن ﻣن اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
إذن ﻓﺎﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﺎم ﻟﻼﺧﺗﺻﺎص اﻟذي ﯾﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ واﻟﻣؤﺳس ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻻدارﯾﺔ ،ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ﻗﺎﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻬوض
ﺑﺄدوارﻩ ﺑﺎﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧذﻫب ﻓﻲ ﻧﻔس طرح اﻷﺳﺗﺎذ ﺑوﺟﯾدة اﻟذي ﯾدﻋو إﻟﻰ
اﻟﻌدول ﻋن ﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻣﺑدأ وﺗﺑﻧﻲ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻌداد اﻟواﺿﺢ
76
ﻟﻼﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺳﺗﻧدة ﻟﻛل ﻫﯾﺋﺔ أو ﻣؤﺳﺳﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ وذﻟك ﺑﻣوﺟب ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ.
إن ﺗداﺧل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺗدﺧﻠﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﺗﺑﯾﺎن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي إﻟﻰ ﻋدة أﺳﺑﺎب أﺧرى وﻣﻧﻬﺎ
ﺑﺎﻟﺧﺻوص ﺗﻌدد ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ وﺟود ﺛﻼﺛﺔ أﺻﻧﺎف ﻣن اﻟﺟﻬﺎت
اﻟﺗراﺑﯾﺔ ،ﻣن ﺟﻬﺎت وﻋﻣﺎﻻت وأﻗﺎﻟﯾم وﺟﻣﺎﻋﺎت ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻘﺳﯾﻣﺎت اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻓﻲ إطﺎر ﻋدم
اﻟﺗرﻛﯾز اﻹداري ﻣن واﻟﯾﺎت ودواﺋر ،ﻗﯾﺎدات وﻣﻘﺎطﻌﺎت وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠو ازرات
وﻓروع إدارات اﻟدوﻟﺔ اﻟﻐﯾر اﻟﻣﻣرﻛزة ،وﻫﯾﺋﺎﺗﻬﺎ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻷﻣر ﯾﺳﺗدﻋﻲ إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟﻣرﻛزي ،ﻣﻊ ﻋدم اﻟﺗرﻛﯾز
واﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ،ﻟﺗﻘﻠﯾص أﻧواع اﻟوﺣدات اﻻدارﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ،ﻗﺻد ﺗﺑﺳﯾط اﻟﺗﻧظﯾم اﻟذي ﻏﺎﯾﺔ ﻣرﻣﺎﻩ
76
-ﻟﻠﺗﻌﻣق أﻛﺛر ﻓﻲ طرح اﻷﺳﺗﺎذ راﺟﻊ ﻛﺗﺎﺑﮫ" ،ﺗداﺧل اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ" ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص43. .
- 76 -
أﯾﺿﺎ ﺗﺑﺳﯾط ﺗدﺑﯾر اﻟﺷؤون ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ ،ﺳواء ﻣن طرف اﻹدارات اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ،أو ﺗﻠك
اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ.
ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻼﻣرﻛزي ﻓﺈﻧﻪ ﻗد ﺣﺎن اﻟوﻗت ﻟﻠدﺧول ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﻌﻣﻘﺔ ﺣول ﺟدوى
اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣﺎﻻت واﻷﻗﺎﻟﯾم ﻛﺟﻣﺎﻋﺎت ﺗراﺑﯾﺔ ،ﺑﻌد أن أﺻﺑﺣت اﻟﺟﻬﺔ ﺑدورﻫﺎ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗراﺑﯾﺔ.
ﻓﺈﻋﺗﻣﺎد ﺛﻼث ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻻ ﯾﺗﻼءم اﻟﺑﺗﺔ ﻣﻊ اﻷوﺿﺎع اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟراﻫﻧﺔ،
وﻻ ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻫدف ﺗﺑﺳﯾط اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﻣﻐرﺑﻲ واﻟﺗﻘﻠﯾص ﻣن ﻛﺛرة اﻟﻣﺗدﺧﻠﯾن.ﻓﺎن ﺗطﺑﯾق
اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻓﻘط )اﻟﺟﻬﺎت – اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت( أﻛﺛر إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ وذﻟك ﻋﻠﻰ ﻏرار ﻣﺎ أﺛﺑﺗﺗﻪ ﻋدة
ﺗﺟﺎرب ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣن ﻧﺟﺎح ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ اﻟﻼﻣرﻛزي رﻏم اﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻓﻘط وﻣﺛﺎل
ذﻟك إﻧﺟﻠﺗرا ،ﻫوﻟﻧدا ،اﻟداﻧﻣﺎرك ،اﻟﺳوﯾد وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟدول اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ.
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن اﻟﺗﻘﺳﯾﻣﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻗد ﺳﺎﻫﻣت ﺑدورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺻﻌﯾد ﺗوزﯾﻊ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺗﺷﺎﺑﻛﻬﺎ وﺗداﺧﻠﻬﺎ إذ أن ﻋدم ﺗﻌﯾﯾن اﻟﺣدود اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ووﺣدات ﻋدم
اﻟﺗرﻛﯾز اﻹداري اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ أﻓﺿﻰ إﻟﻰ ﻋدة آﺛﺎر ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻣن ﺟﻣﻠﺗﻬﺎ ﺗداﺧل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن ﺟﻣﺎﻋﺔ
وأﺧرى وﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت واﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﻣﺛﻠﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ،ذﻟك أﻧﻌدم ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺗداوﻟﯾﺔ
وأﺟﻬزﺗﻬﺎ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟﻠﺣدود اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب اﻟﺗدﺧل ﻓﯾﻬﺎ ﻻﻧﺟﺎز ﻣﺷروع أو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻧﺷﺎط ﻣﺎ أو
ﻣﻣﺎرﺳﺔ أﻋﻣﺎل ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗدﺧل أﻛﺛر ﻣن ﺟﻬﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﻌﯾن وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟرﻗﻌﺔ
اﻟﺗراﺑﯾﺔ .ﻛﻣﺎ أن ﻋدم وﺿوح اﻟﺣدود اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻟﻛل اﻟﻬﯾﺋﺎت واﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻋدم ﻣﻌرﻓﺔ
اﻟﺳﺎﻛﻧﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺧدﻣﺎﺗﻬﺎ ،ﻣﻣﺎ ﻗد ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ ازدواﺟﯾﺔ اﻷﻋﻣﺎل واﻟﻘ اررات واﻷﻧﺷطﺔ واﻟﺗدﺧﻼت
77
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ذﻟك إﻫﻣﺎل أو اﻷﺣﺟﺎم ﻋن ﺗﻘدﯾم ﺧدﻣﺎت ﻟﺷرﯾﺣﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻟﺳﻛﺎن.
ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﺈن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي ﯾﻌرف اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻻﻛراﻫﺎت ،اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ اﻹﺿرار ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣواطﻧﯾن ،ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟوﺿﻊ ﯾﺳﺗدﻋﻲ إﻋﺎدة اﻟﻧظر
ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﻼﻣرﻛزي ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﺗوﺿﯾﺢ واﻟﺗدﻗﯾق ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺟﺎﻟس
اﻟﺟﻬوي ،ﻛﻣﺎ ﯾﺗوﺟب ﻛذﻟك إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ دور اﻟدوﻟﺔ وﺳﻠطﺎت اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺧوﯾل
77
-ﻣﺣﻣد ﺑوﺟﯾدة" ،ﺗداﺧل إﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ" ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص224 – 223. .
- 77 -
اﻟﺟﻬﺔ أدوار أﻛﺛر ﻟﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺗﻌزﯾز ﻟﻠﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ٕواﺷراك ﻟﻠﺳﻛﺎن ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر ﺷؤوﻧﻬم
اﻟﯾوﻣﯾﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﺗﺑﻧﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﺟدﯾدة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل طرق ووﺳﺎﺋل ﺗﺣدﯾد وﺗوزﯾﻊ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻟﻣﺎ ﯾﺣﻘق ﺗﻛﺎﻣﻼ واﻧﺳﺟﺎﻣﺎ ﻓﻲ أدوار ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺗدﺧﻠﯾن.
- 78 -
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن أدوار اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ.
إن ﺑﻧﺎء ﻋﻼﻗﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس واﺿﺣﺔ وﻣﺑﺎدئ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﯾﺳﺗدﻋﻲ إﻋﺎدة
اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟوﺿﻊ اﻟراﻫن ،ﻓﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻛﺎﻣل اﻟﻣﻧﺷود ﺑﯾن أدوار ﻛل ﻣن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ وﺗﺣدﯾد
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻛل طرف ﻣﻧﻬﻣﺎ ،ﯾﻘﺗﺿﻲ إﻋﺎدة ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟوﺣدات ﺑﺷﻛل ﻣﻧﻬﺟﻲ
ووﻓق ﻣﻧظور ﺷﻣوﻟﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﻣﺳﺑﻘﺔ ﻟﺑﺣث اﻟﺟﻬﺔ اﻷﻧﺳب ﻟﻣزاوﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎص ﻣﻌﯾن ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ
ﻟﻣﺑدأ ﺣﻛﺎﻣﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز أﺷﻛﺎل اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺷراﻛﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺔ واﻟدوﻟﺔ
)اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠو ازرات(.
ﻟﻘد ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣﻐرب ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﺻﻼﺣﺎت اﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﻬوض أو اﻟدﻓﻊ ﺑﺎﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻼﻣرﻛزي
ﻧﺣو اﻷﻣﺎم ﻟﻣﺎ ﯾﺣﻘﻘﻪ ﻣن ﻣزاﯾﺎ ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧﻣوي )ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ( أو ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ أو اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ )إﺷراك اﻟﻣواطﻧﯾن ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار وﺗﻘرﯾب اﻹدارة ﻣﻧﻬم( ،وﺑﺎﻟﻣوازاة
ﻣﻊ ذﻟك ﺿل ﻧظﺎم ﻋدم اﻟﺗرﻛﯾز ﻣﺗﻘﻬﻘ ار وﻣﺗﺄﺧ ار إذ ﻟم ﯾﺳﺎﯾر ﻓﻲ ﺗطورﻩ ﻧﻔس ﻧﻔس وﺗﯾرة ﺗطور ﻧظﺎم
اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ.
إذن وأﻣﺎم اﻟﻣﻔﺎرﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺷﻬدﻫﺎ اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﻣﻐرﺑﻲ رﻏم ﻣﺎ ﺑذل ﻣن ﻣﺟﻬودات ﻟﺗطوﯾرﻩ
ﯾظل ﻣﻌﯾﺑﺎ وﻧﺎﻗﺻﺎ ﻣن ﻋدة ﺟواﻧب ،ﻟذﻟك ﻓﺈن ﺗﻧﺳﯾق اﻷدوار وﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف
اﻟﻣﺗدﺧﻠﯾن وﺑﺎﻻﺧص ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ )ﻟﻣﺎ ﯾﺗوﻓران ﻋﻠﯾﻪ ﻣن إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت( رﻫﺎن ﺗﺣﻘﯾق إدارة ﻣﺣﻠﯾﺔ
ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ رﻓﻊ ﺗﺣدﯾﺎت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ وﻫذا ﯾﺳﺗﻠزم أوﻻ ﺗوﺿﯾﺢ ﻋﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ )اﻟﻔرع اﻷول(
وﺗﻘوﯾﺔ اﻟﺷراﻛﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
إن اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد وﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ
ﻣﺑدأ "اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﺎم" ﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﻛراﻫﺎت اﻟﺗﻲ أﻋﺎﻗت اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻼﻣرﻛزي اﻟﺟﻬوي
وﺣدت ﻣن ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻪ ﺑﺷﻛل أو ﺑﺂﺧر ،ﻓﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻛرس ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﻐﻣوض واﻟﺿﺑﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ
إﺳﻧﺎد اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻬﻲ ﺗﺗﺑﻧﻰ اﻟﺗوزﯾﻊ اﻷﻓﻘﻲ ﻟﻠﺳﻠطﺎت ﻣﻣﺎ ﻣن ﺗطور ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ .ﻟذﻟك ﻓﺈن
- 79 -
ﻣطﻠب ﺗوﺿﯾﺢ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﯾﻔرض ﻧﻔﺳﻪ ﻛﺄوﻟوﯾﺔ ﻗﺻوى ﻓﻲ طرﯾق ﺗﺣدﯾث اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي
وﺗﺣدﯾد ﻋﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺟﻬﺎت.
إن ﺗﺟﺎوز إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ وﻏﻣوض ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ واﻟﺟﻬﺎت وﺗداﺧل اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ﻟن ﯾﺗﺄﺗﻰ
إﻻ ﺑﺗﺑﻧﻲ إﺻﻼﺣﺎت ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ دﻗﺔ ﺗوزﯾﻊ اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺗدﺧﻠﯾن )اﻟﻔﻘرة
اﻷوﻟﻰ( ﺑﺎﻋﺗﻣﺎد ﻣﻘﺎرﺑﺎت وﻣﺑﺎدئ ﺛﺎﺑﺗﺔ )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ(.
ﯾﻌﺗﺑر ﻣطﻠب ﺗدﻗﯾق اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ٕواﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻣن أﻫم ﺷروط ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ
واﻟﺟﻬﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺟب أن ﺗﻛون اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺳﻧدة ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﺔ أو اﻟﻣﻧظﻣﺔ
ﻟﺗدﺧﻼت اﻟﺟﻬﺔ ،ﻣﺳﺗﻧدة ﻋﻠﻰ ﺗوزﯾﻊ ﻣﺣدد ودﻗﯾق ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﻧﺟﻠﻲ ﻣﻌﻪ اﻟﻐﻣوض اﻟذي ﯾﻠف
ﺣدود ﺗدﺧﻼت ﻛل طرف ﻋﻠﻰ ﺣدة ،وﯾﺣد ﻣن ﺗداﺧل اﻟﺳﻠطﺎت واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ،ﻓﻬذا ﻣن ﺷﺄن
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻔﺎدي إﺗﻛﺎل ﻛل ﻣﺳﺗوى أو ﺟﻬﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى أو ﺟﻬﺔ أﺧرى ،أو ﺗدﺧﻠﻬﻣﺎ ﻓﻲ
ﻧﻔس اﻟﻣﺟﺎل وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت وﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟرﻗﻌﺔ اﻟﺗراﺑﯾﺔ ،أن ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗوﺿﯾﺢ وﺗﻌزﯾز اﻟﻌﻼﻗﺔ
ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺗدﺧﻠﯾن ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﺿﻣن ﺗﻛﺎﻣﻠﻬﻣﺎ واﻧﺳﺟﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺗدﺧﻼﺗﻬم.
إذن ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣطﺎﻟب ﺑﺎﻟﻌدول ﻋن اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﺎم اﻟﻣﺗﺑﻊ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
وﺗوزﯾﻊ اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت ،واﻟﺑﺣث ﻋن طرق أﺧرى أﻛﺛر ﻣﻼﺋﻣﺔ وﻣﺳﺎﯾرة ﻟﻠﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث
ﺗﻣﻛن ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻫﺎ ﺳواء اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ أو اﻟﻬﯾﺋﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ أو اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻟﻠو از ارت ﻣن اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت واﺿﺣﺔ وﻣدﻗﻘﺔ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ ﺑداﯾﺔ
وﻧﻬﺎﯾﺔ ﺳﻠطﺗﻬﺎ.
إن ﻣن ﺷﺄن ﺗدﻗﯾق اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺣﻘﻘﻪ ﻣن ﺗوﺿﯾﺢ ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ
ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ،أن ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﯾﺟﺎﺑﯾﺎت واﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗدﺑﯾر اﻟﺷﺄن
اﻟﻼﻣرﻛزي اﻟﺟﻬوي ،ﻓوﺿوح اﻻﺧﺗﺻﺎص ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﻲ إطﺎرﻫﺎ ﺗﺗﺣﻘق
اﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ وﺑذﻟك ﺗطوﯾر وﺗﺟوﯾد ﺗدﺑﯾر اﻟﺷﺄن اﻟﻣﺣﻠﻲ .وﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ داﺋﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﺳﻌﻰ
- 80 -
ﻓﻲ ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ اﻟﻼﻣرﻛزي إﻟﻰ إﯾﻼء أﻫﻣﯾﺔ ﻗﺻوى ﻟﻣﺟﺎل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘق اﻟوﺿوح واﻟدﻗﺔ
ﻓﯾﻬﺎ ،ﻓﻔﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ورﻏم اﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﺎم ﻹﺳﻧﺎد اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻏﯾر أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻗﺎم ﺑﺈﺻدار ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﺗﺣدد وﺗوﺿﺢ ﺑدﻗﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﻫذا ﻣﺎ
78
ﻧﻔس اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﯾطﺎﻟﯾﺎ ،ﺣﯾث اﻋﺗﺑرﻩ اﻟﺑﻌض ﺧطوة ﻟﻠﺣد ﻣن ﻗﺎﻋدة أو ﻣﺑدأ اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﺎم.
ﻟﺟﺄ اﻟﻣﺷرع اﻻﯾطﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﻋدة وﺳﺎﺋل ﻟﺣل ﻣﺷﻛل ﺗﺷﺎﺑك اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣﺟﺎﻟس
اﻟﺟﻬوﯾﺔ.
إﻧﻪ وﻣن أﺟل ﻣﺎ ﺳﺑق أﺻﺑﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟﺧوض ﻓﻲ رﻫﺎن ﺗدﻗﯾق اﻻﺧﺗﺻﺎص
وﺗوﺿﯾﺣﻬﺎ ﻓﻲ أﺳرع وﻗت ﻣﻣﻛن ﻟﺗدارك اﻟﻔرص اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗﻘوﯾﺔ ﻣرﻛز اﻟﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻏﺎﯾﺔ ﻛل إﺻﻼح .ﻛﻣﺎ أن ﻣن ﺷﺄن ﺗوﺿﯾﺢ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت أن ﺗﺟﻌل
79
ﻣن اﻟﺟﻬﺔ ﻧواة ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻼﻣرﻛزي.
إذن ﻓﺗدﻗﯾق اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﻘﻘﻪ ﻣن ﺗوﺿﯾﺢ ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ
وﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ وﻣﺟﺎﻻت ﺗدﺧﻼت ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻟﻪ ﻋدة إﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ﺳواء ﻓﻲ ﺗﻛرﯾس وﺗﻌزﯾز اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ
اﻟﺟﻬوﯾﺔ أو ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت وﺗرﺷﯾد ﻟﻠﺗدﺧﻼت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ.
إن إﻋﺎدة ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ ﯾﺟب أن ﯾﻘوم ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺑدأ ﺗﺣدﯾد
ﺗوﺟﻪ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،وﻟﯾس إﻗرار ﺗﺧﺻص ﻟﻬﺎ ،واﻟﻘﺻد ﻫﻧﺎ أن ﯾﻛون ﻟﻠﺟﻬﺔ ﺗوﺟﻪ
ودور ﻣﺣددﯾن ﻛﺎﻟﺗوﺟﻪ اﻻﻗﺗﺻﺎدي ٕواﻋداد اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ ،وﯾﻛون ﻟﻠدوﻟﺔ أﯾﺿﺎ ﺗوﺟﻪ ﺧﺎص ﺑﺣﯾث
ﺗﺗﻔرغ ﻟﻠوظﺎﺋف اﻟﺳﯾﺎدﯾﺔ واﻷﻣور اﻟﻬﺎﻣﺔ.
وﻋﻠﻰ ﺿوء ﻣﺎ ﺳﺑق ﺗﺗوزع اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺎت،
ﺑﺣﯾث ﺗرﻋﻰ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻛﺎﻣل واﻟﺗﻧﺎﺳق واﻟﻣدارﻛﺔ )أو اﻟﺗﻔرﯾﻊ( ،وﻫذا اﻻﺧﯾر ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ
78
-ﻣﺣﻣد ﺑوﺟﯾدة" ،ﺗداﺧل إﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ" ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.140 .
79
- Michel Rousset: “politique et devloppement au maroc, 1956 / 2004 “, publication de revue marocaine d·administra
tion.
- 81 -
أﺳﺎس أن ﯾﻣﺎرس اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺳﺗوى اﻻدﻧﻰ وﻻ ﯾﺗدﺧل اﻟﻣﺳﺗوى اﻷﻋﻠﻰ ﻣﻧﻪ إﻻ إذا
ﻛﺎن ﻫو ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻬوض ﺑﻪ أو أﻧﻪ ﻏﯾر ﻣﻼﺋم ﻟﻪ .وﯾﻘﺗﺿﻲ ﻫذا ﺗﺣدﯾد أﻓﺿل ﻣﺳﺗوى
80
ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﺣددة.
وﯾﺗﻣﺛل ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﺑدأ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن أﻓﺿل وأﻧﺳب ﻣﺳﺗوى ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ
اﻟدوﻟﺔ أن ﺗﺗدﺧل إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺟز ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺟﻬﺔ ﻋن ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺗﻠك اﻟﻣﻬﺎم واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ،وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟدوﻟﺔ ﯾﺟب أن ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻟﻠﺟﻬﺎت ﻋن ﻛل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ
اﻻﺿطﻼع ﺑﻬﺎ ،ﻓﻬو ﻣﺑدأ ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ وﺿﻊ ﻧظﺎم ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر اﻟﺷؤون اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ ﻣﻼﻣﺗﻪ،
81
ﺑﺣﯾث أن ﺗطﺑﯾﻘﻪ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺈﻋطﺎء اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻻدارﯾﺔ ﻣروﻧﺔ أﻛﺛر وﻣﻼﺋﻣﺔ أﻛﺑر.
وﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻏرﯾﺑﺎ ﻋن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﻐرﺑﻲ ،ﻓﻘد ﻟﻣﺢ إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟوطﻧﻲ وان ﻛﺎن ﺑﺻﻔﺔ
ﺿﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻗواﻧﯾن اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻗﺎم وﻷول ﻣرة ﺑﺗﺻﻧﯾف اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي
إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ذاﺗﯾﺔ واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟدوﻟﺔ وأﺧرى اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ،اﻟﺷﻲء اﻟذي اﻗﺗﺑﺳﺗﻪ
واﻋﺗﻣدﺗﻪ ﺑﺎﻗﻲ أﻧظﻣﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ اﻻﺧرى )ﻣن ﻋﻣﺎﻻت وأﻗﺎﻟﯾم وﺟﻣﺎﻋﺎت( ﻻﺣﻘﺎ .ﻏﯾر أﻧﻪ
ﺗﺑﻘﻰ اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗﻔﺎوض ﺣول اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء أول وﺛﯾﻘﺔ رﺳﻣﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن
ﻣﺻطﻠﺢ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ وﺗﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﺻراﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﻬﺎ ،82إذ اﻋﺗﻣدﺗﻪ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﺗوزﯾﻊ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ وﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ.
وﻋﻣوﻣﺎ ﻓﺈن ﺗوﺿﯾﺢ ﻋﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ وان ﻛﺎﻧت ﻣرﻫوﻧﺔ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﺿرورة ﺗدﻗﯾق
وﺗوﺿﯾﺢ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣوﻛوﻟﺔ ﻟﻛل ﺟﻬﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ واﻋﺗﻣﺎد ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ واﺿﺣﺔ
وﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻬﺎ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻣوﺿوع اﻟﺳﺎﻋﺔ ﻟﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن ﻣﻣﯾزات ﺗﺟﻌل ﻣﻧﻪ ﺿﺎﺑطﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ
80
-أﻧظر ﻓﻲ ذﻟك :ﻣﺣﻣد ﺑوﺟﯾدة" ،ﺗداﺧل اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ" ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ﺻﻔﺣﺎت – 324 – 323
324.
81
-اﻟﻣﺻطﻔﻰ ﺑﻠﻘزﺑور" ،ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﮭﺎت أي ﻧﻣوذج ﻣﻣﻛن ﻓﻲ أﻓق ﻣﻐرب اﻟﺟﮭﺎت" ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﺑﺣوث اﻻدارة
واﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﻣﺎل ،اﻟﻌدد اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﻣطﺑﻌﺔ طوب ﺑرﯾس – اﻟرﺑﺎط ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،2011ص239 – 232. .
82
-اﻟورﻗﺔ اﻟﺗﻘدﻣﯾﺔ أﻟﺷﻐﺎل اﻟﻣﻧﺎظرة اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﻣﻐﺎرﺑﯾﺔ ﺣول ﻣوﺿوع" ،ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﺗﺟﻠﯾﺎﺗﮫ وإﺳﮭﺎﻣﺎﺗﮫ ﻓﻲ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟﺟﯾدة واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ"،
ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص24. .
- 82 -
ﻟﻼﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺿﺎﻣﻧﺎ ﻟﺳﯾﺎدة ﻣﺑدأ اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻋﺑر إﺳﻧﺎد اﻟﻣﻬﺎم ﻷﻗرب ﻣﺳﺗوى ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻬوض
ﺑﻪ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺟودة واﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ واﻟﺣﻛﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗدﺧل اﻟﻌﻣوﻣﻲ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﻣد أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ
ﺗوﻓﯾر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط اﻟﻣوازﯾﺔ وان ﺗﻔﺎوﺗت درﺟﺎت ﻣﻠﺣﺎﺣﯾﺗﻬﺎ ،وﻣﻧﻬﺎ ﺿرورة إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ
اﻟﺗﻘﺳﯾﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﻣدة وﻓق ﻣﻧظور واﺿﺢ وﻣﺗﻛﺎﻣل وﻣﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟظرﻓﯾﺎت واﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت
اﻟﻣﺗوﻓرة وﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﻬﺎ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز دور اﻟﻘﺿﺎء واﻟﻠﺟوء
إﻟﯾﻪ ﻟﻔض اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟواردة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﻧﺎزع اﻟﺳﻠط وﺗداﺧﻠﻬﺎ ،وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺷروط واﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت
اﻟﻣﺗداﺧﻠﺔ.
ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺷراﻛﺔ83واﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ ﻣن اﻵﻟﯾﺎت اﻟﻣﻛﻣﻠﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﺗوﺿﯾﺢ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻷدوار ،ﻓﺎﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻛرﻫﺎن ﻣوﺣد ﺗﺿل ﻣﺗوﻗﻔﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺧذﻫﺎ اﻟدوﻟﺔ ﺑوﺣداﺗﻬﺎ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎ وﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص،
ﻓﻔﻲ ﺿل ﺗﻌﻘﯾدات اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﯾﺿل اﻟﺗﻌﺎون رﻫﺎن أي إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺗﻧﻣوﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﯾﺟب أن ﯾﺷﻛل
ﺿﺎﺑط اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣرﻛز وﻣﺧﺗﻠف وﺣداﺗﻪ اﻹدارﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺗﺻدرﻫﺎ اﻟﺟﻬﺎت ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ اﻟﻣﺧﺎطب
ﺑﺎﺳم ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻷﺧرى.
ﻓﺄﻣﺎم ﺗداﺧل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺗطﺎول طرف ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت طرف آﺧر ،وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺻﻼﺣﯾﺎت
ﻏﯾر ﻣﻘررة ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻﺗﻪ ،ﺗﻌد اﻟﺷراﻛﺔ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻬﺎ ﺗﻔﺎدي ﻫذﻩ اﻹﺷﻛﺎﻻت ﺧﺻوﺻﺎ وان
ﻛﺎن ﺿﻌف اﻟﺗﻣوﯾل واﻟﺧﺑرات اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ،ﻣﻣﺎ ﻫو ﻣطﻠوب ﻻﻧﺟﺎز اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ ،ﻫو اﻟﺳﺑب ﻓﻲ
ذﻟك اﻟﺗداﺧل.
إن اﻟﺷراﻛﺔ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد ﺻﯾﻐﺔ ﻣﻼﺋﻣﺔ ﺗﻣﻛن اﻹطراف اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ أﻫداف ﻣﺷﺗرﻛﺔ
أو ﻏﺎﯾﺎت ﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺔ ،ﻣن ﺗﺣﻘﯾق ﺗﻠك اﻷﻫداف واﻟﻐﺎﯾﺎت ﻣن ﺧﻼل ﺗوﺣﯾد اﻟرؤى واﻟﺟﻬود وﺗﻛﺎﻣل
83
-ﺗﻌرف اﻟﺷراﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﻔﮭوﻣﮭﺎ اﻟواﺳﻊ ب " :ﻛل أﺷﻛﺎل اﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ واﻟﻣﻘﺎواﻟت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ " .أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻔﮭوﻣﮭﺎ
اﻟﺿﯾق ﻓﺗﻌﻧﻲ" :اﻟﺗﻌﺎون إﻟﻧﺟﺎز ﻣﺷﺎرﯾﻊ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ أو ﻓروﻋﮭﺎ أو اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ واﻟﻣﻘﺎواﻟت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ،وھذه اﻟﺷراﻛﺔ ﺗﺗم
ﺑواﺳطﺔ ﻋﻘد ".ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل أﻧظر :ﻣﺣﻣد ﺑوﺟﯾدة" ،ﺗداﺧل اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ" ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.
324وﻣﺎ ﺑﻌدھﺎ.
- 83 -
اﻟﻘﯾم ،واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎوز اﻟﺗﺣدﯾﺎت واﻟﻣﺻﺎﻋب اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻌﺗرض اﻟﻌﻣل واﻟﺟﻬود ﻋﻠﻰ اﻟﻣدى
اﻟﻘﺻﯾر واﻟﻣﺗوﺳط ،اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾوﻓر ﺑﯾﺋﺔ ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠﻌﻣل اﻟﻣﺷﺗرك وﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف .ﻓﺎﻟﻌﻣل
اﻟﺗﺷﺎرﻛﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻟﺗﺣﺳﯾن اﻟﺗدﺑﯾر ،إذ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺎﻻﻧﻛﺑﺎب ﻋﻠﻰ اﻷوﻟوﯾﺎت واﻛﺗﺷﺎف
اﻟﺑﻧﯾﺎت واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻣن أﺟل ﺗﻧﺳﯾق وﺗدﺑﯾر اﻟﺗدﺧﻼت ،وطرﯾﻘﺔ ﻋﻣل ﺗﺳﻬل وﺗوﺟﻪ اﻟﺣوار
ﻣﻊ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺗدﺧﻠﯾن اﻟﺟﻬوﯾﯾن أو ﻏﯾر اﻟﻣﻧﺗﻣﯾن ﻟﻠداﺋرة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ .ﻓﺎﻟﺷراﻛﺔ آﻟﯾﺔ ﻟﺗﺣﺳﯾن
اﻟﺗواﺻل داﺧل اﻟﺟﻬﺔ.
وﻟﻘد أوﻟﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻧﺎﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺷراﻛﺔ ﻓﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻘد أورد ﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻌﺎون
ﻓﻲ ﻋدة ﻣﻘﺗﺿﯾﺎﺗﻛﻣﺎ ﺧﺻص اﻟﺑﺎب اﻟﺧﺎﻣس ﻟﻠﺗﻌﺎون ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ وﺟود ﻧﺻوص
أﺧرى ﺗﻧص وﺗﻘر ﺑوﺿوح أﺳﻠوب اﻟﺷراﻛﺔ ﻻﻧﺟﺎز اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ وﺗﺣﻘﯾق أﻋﻣﺎل وأﻧﺷطﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .ﻓﺗﻌدد
اﻟﻣﺗدﺧﻠﯾن واﻟﻔﺎﻋﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﺷﺄن اﻟﻌﺎم اﻟﺟﻬوي ،وﺗداﺧل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم ﯾﻔرض آﻟﯾﺔ
اﻟﺷراﻛﺔ ،وﺧﺻوﺻﺎ أن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن ﻟﯾﺳوا ﻋﻠﻰ درﺟﺔ واﺣدة ﻣن اﻻﺧﺗﺻﺎص.
وﺑﺧﺻوص اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗرد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺷراﻛﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺎت ﻫﻧﺎك اﻟﺗﺟﻬﯾزات
اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ واﻟﺑﻧﯾﺎت اﻟﺗﺣﺗﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣﺛل إﻧﺟﺎز وﺻﯾﺎﻧﺔ اﻟطرق اﻟﻌﺎﻣﺔ ٕواﻧﺗﺎج اﻟطﺎﻗﺔ وﺗﺟﻬﯾزات
اﻟﻧﻘل اﻟﻌﻣوﻣﻲ ،واﻟﺳﯾر واﻟﺟوﻻن ،واﻟﺗﺟﻬﯾزات اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ ﻛﺎﻟﺗﺟﻬﯾزات اﻟﺳﯾﺎﺣﯾﺔ
واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ،وﻓﻲ ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺑﯾﺋﺔ ٕواﻋداد اﻟﺗراب وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﯾﺎدﯾن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،إذ ﯾﻣﻛن أن
ﺗﺗوﺳﻊ رﻗﻌﺔ اﻟﺷراﻛﺔ ﻛﻠﻣﺎ ﺗوﺳﻌت اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ أو اﺗﺿﺣت أﻛﺛر ،وﻛﻠﻣﺎ ازدادت
إﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وﻗدراﺗﻬﺎ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ وﻣؤﻫﻼت اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﯾن واﻟﻣﺳﯾرﯾن ﻟﻠﺷﺄن اﻟﻌﺎم اﻟﺟﻬوي.
وﺗرد أﻏﻠب اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﺷراﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣﯾوﯾﺔ واﻟﻣﻬﻣﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗدﻋﯾم اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ
اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،وﺗدﻓﻊ ﺑﺎﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻟﯾدﻋم ﻧطﯾرﻩ اﻟوطﻧﻲ .وذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﺗم ﺗﺟﺎوز اﻟﻌواﺋق
اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗرض ﻫذا اﻷﺳﻠوب وﻣن ﺗﻌﻘد ﻣﻬﺎم اﻟﺷراﻛﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺻﻌب ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن
ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻘود .ﻓﻘـد ﺣـدث ﻣـﺛﺎل أن أﺑرم ﻋﻘد ﺷراﻛﺔ ﺑﯾن إﺣدى ﻟﺟﻣﺎﻋـﺎت واﻟﻣﻛﺗـب اﻟـوطﻧﻲ
ﻟﻠﻛﻬرﺑـﺎء ،وذﻟـك ﺑﺎﺳـم اﻟﻣﻣﺛﻠـﯾن اﻟﻘـﺎﻧوﻧﯾﯾن ﻟﻛــﺎل اﻟطــرﻓﯾن )اﻟ ـرﺋﯾس واﻟﻣــدﯾر( ،ﻟﻛــن ﻓــﻲ اﻻﺧﯾــر ﺗــم
ﺗﻌــدﯾل ﻫــذا اﻟﻌﻘــد ﺑﺈﺿــﺎﻓﺔ طــرف ﺛﺎﻟــث وﻫــو وزﯾــر اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟوﺻﯾﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ.
- 84 -
وﺗزداد اﻷﻣور ﺻﻌوﺑﺔ ﻓـﻲ ﺣﺎﻟـﺔ ﻋﻘـد اﻟﺷـراﻛﺎت ﻣـﻊ اﻟﺟﻬـﺎت أو اﻟﻣؤﺳﺳـﺎت اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ،اﻟﺗـﻲ
ﺗﺗطﻠـب اﻟﺳرﻋﺔ واﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ،ﺣﯾـث ﯾﺻـطدم ذﻟـك ﺑﻣرﻛزﯾـﺔ اﻟﻘـرار ٕواﺑﻌﺎدﻩ ﻣـن اﻟﻣﺳـﺗوى
اﻟﺟﻬـﺔ .وﺣﺗـﻰ ﻓـﻲ ﺣﺎﻟــﺔ ﺻــدور اﻟﻘ ـرار وﻋﻘــد اﻟﺷ ـ ارﻛﺔ ﻓــﺈن ﻫــذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻻ ﺗﺗﺧــذ ذاك اﻟطــﺎﺑﻊ
اﻟــﻼزم ﺑﻬــﺎ ،أي ﺷ ـراﻛﺔ ذات ﺑﻌــد وطــﺎﺑﻊ ﺟﻬــوي .ﺑــل إﻧﻬــﺎ ﺗﻧﺣــو ﻓــﻲ اﻷﺧﯾر أن ﺗﻛــون اﺗﻔﺎﻗﯾــﺔ
ﻣرﻛزﯾــﺔ ﻣوﻗﻌــﺔ ﻣــن طــرف أﻛﺛــر ﻣــن و ازرة أو ﻣﺳؤول ﻓﻲ اﻟﻣرﻛز.
وﻛذﻟك ﻣن اﻟﻌواﺋق اﻟﺗﻲ ﺗﺣول دون ﺗطور واﻧﺗﺷﺎر أﺳﻠوب اﻟﺷـراﻛﺔ ،ﺣﺟـم ﻛﻠﻔـﺔ اﻟﻣﺷـﺎرﯾﻊ اﻟﺗـﻲ
ﺗﺣــددﻫﺎ اﻟدوﻟــﺔ ،واﻟﺗــﻲ ﺗﻛــون ﻣرﺗﻔﻌــﺔ ﻓﺗرﺗﻔــﻊ ﻣﻌﻬــﺎ ﺣﺻــﺔ ﻣﺷــﺎرﻛﺔ اﻟﺟﻬــﺔ ﻓﯾﻬــﺎ ،اﻻﻣــر اﻟــذي
ﯾﺟﻌــل اﻟﺟﻬــﺔ ﺑﻣواردﻫﺎ اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ ﻏﯾر ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟدﺧول ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺷراﻛﺎت.
إﻻ أﻧــﻪ رﻏــم ﻗﻠــﺔ ﺗﺟــﺎرب اﻟﺷ ـراﻛﺔ ورﻏــم اﻟﻌواﺋــق اﻟﺗــﻲ ﺗﻌﺗرﺿــﻬﺎ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺳــﺗوى اﻟﺟﻬــوي ،ﻓــﺈن
ﻫــذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻗــد أﺑﺎﻧـت ﻋــن إﯾﺟﺎﺑﯾــﺎت ﻣﺷـﺟﻌﺔ ،ﺣﯾــث أﻧـﻪ ﻛﻠﻣــﺎ ﺳــﺎﻫم أي طـرف ﻓــﻲ إﻧﺟـﺎز أي
ﻣﺷــروع ﻣــﺎ ،إﻻ وﺗﻣﻠﻛﻪ إﺣﺳﺎس ﻗوي ﺑﺄن اﻻﻧﺟﺎز ﻣﻬم وﻫو ﻣـن ﺻـﻠﺑﻪ ،وﺑﺎﻟﺗـﺎﻟﻲ ﯾﺗﻌـﯾن اﻟﻣﺣﺎﻓظـﺔ
ﻋﻠﯾـﻪ ،ﻛﻣـﺎ أن اﻟﺗﺷـﺎرك ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﺑﺈﯾﺟﺎد اﻟﺗﻣوﯾل اﻟﻼزم ﻟﻣﺷﺎرﯾﻌﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻌﺎﻗد.
وﺑﻧـ ــﺎء ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻣ ـ ــﺎ ﺳ ـ ــﺑق ،ﻓـ ــﺈن إﺻ ـ ــدار ﺧ ـ ــﺎص ﯾ ـ ــﻧظم اﻟﺷ ـ ـراﻛﺔ ،ﺳﯾﺳ ـ ــﻣﺢ ﺑﺗﺷ ـ ــﺟﯾﻊ وﺗ ـ ــوﻓﯾر
اﻷﻣﺎن ﻟﻼﺳﺗﺛﻣﺎرات واﻟﻣﺑﺎدرات ،وذﻟك ﻋﺑـر ﺗوﺿـﯾﺢ اﻟوﺿـﻌﯾﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـﺔ ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻗـدﯾن ،وﺗﺑﯾـﺎن
اﻹﺟراءات اﻟواﺟـب إﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﺷرﯾك واﻻﻟﺗزاﻣﺎت واﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة.
ﻓﺎﻟﺷراﻛﺔ ﻣﺛﺎل ﻓـﻲ اﻟـدول اﻟﻣﺗﻘدﻣـﺔ ،ﺗﻧظﻣﻬـﺎ ﻧﺻـوص ﻗﺎﻧوﻧﯾـﺔ .ﻛﻣـﺎ ﻫـو اﻟﺷـﺄن ﻓـﻲ اﻟوﻻﯾـﺎت
اﻟﻣﺗﺣـدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ،أﻣــﺎ ﻓــﻲ ﻓرﻧﺳــﺎ ﻓﻘــد ﺻــدر ﻣرﺳــوم ﺑﺗــﺎرﯾﺦ 22ﯾوﻧﯾــو 2013ﺑﺷــﺄن ﻋﻘــود
اﻟﺷ ـراﻛﺔ ،ﺣــدد اﻟﻧظــﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻌﻘود اﻟﺷﻣوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻣوﺟﺑﻬﺎ ﺗﺳﻧد اﻹدارات إﻟﻰ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن
اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن إﻧﺟﺎز ﻣﺷﺎرﯾﻊ أو ﺗﺣﻘﯾـق ﺗﺟﻬﯾزات أو ﻏﯾر ذﻟك.
ﻋﻣوﻣﺎ ﻓﺈن اﻟﺷراﻛﺔ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﺧﻠﯾص اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣرﻛزي ﻣـن اﻻﺣﺗﻘـﺎن ،ﻋﺑـر ﻓﺳـﺢ اﻟﻣﺟـﺎل
ﻟﺑـروز ﻓﺎﻋﻠﯾن ﺟدد ،ﻛﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ واﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص .ﻫـذا ﻣـن ﺟﻬـﺔ ،وﻣـن ﺟﻬـﺔ أﺧـرى ﻓـﺈن
اﻟﺗـدﺑﯾر اﻟﺗﺷـﺎرﻛﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﺟﻬوي ﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻐﯾرات ،ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ
ﺑﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻘرب اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب ﺗﻧﻣﯾﺔ ﺳﻠوﻛﯾﺎت اﻟﺗﻌﺎون واﻻﺷﺗراك.
- 85 -
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :دور ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻓﻲ إﻧﺟﺎح اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب.
إن ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ اﻟذي ﯾطﺑق ،ﻋﻣﻠﯾﺎ وﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن ،دون اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟدﺳﺎﺗﯾر
واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ،ﻗد أﻓرز ﺗﺟﺎرب ﻏﻧﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻔﺳر ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ،
وﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎدي ﺑﺈﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﻣﺟﺎﻻت ،واﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ آﻟﯾﺎت وﺗﻘﻧﯾﺎت ﺣﻛم ﺟدﯾدة ﺗﺄﺧذ
ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ،اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﺳوﺳﯾو ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،وﻓﻠﺳﻔﺔ اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ واﻟﺳﻠطﺎت واﻟﺗراب.84
إن اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺗﺷﻬد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺗﻪ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻟﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ،ﻟﯾس
ﻓﻘط ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗﻧظﯾم اﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﺑﺈﻋطﺎء اﻷﺳﺑﻘﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻋدة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻣﺔ ،ﺑل أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى
ﺗﺣدﯾد اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻷطراف ،إذ ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﺗﻛون اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﻣﺳﺎﻋدة اﻟﺳﻠطﺔ اﻻدﻧﻰ
ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ﻟﺿﻣﺎن اﺳﺗﻘﻼل ﺣﻘﯾﻘﻲ ،إذن ﻓﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻣن ﺷﺄن اﻟﻌﻣل ﺑﻪ واﻷﺧذ ﺑﻣﺑﺎدﺋﻪ أن
ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎح اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ اﻟﻣرﺗﻘﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﺳواء ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﺗوزﯾﻊ وﺗﻧظﯾم اﻟﺳﻠطﺔ ﺑﯾن
اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ ،أو ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﺿﺑط اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ.
واﻟﻣﻐرب ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﯾﻘﯾن ﺑﺄﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ،اﻟذي أﺻﺑﺢ ﺷﻌﺎر ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،ﺳواء
ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﺗﻌزﯾز ﺗﻧظﯾﻣﻪ اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ أو ﻣن ﺧﻼل ﺗﻛرﯾس ﻣﺑﺎدئ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﺷﺎرﻛﯾﺔ اﻟﻘرب،
اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ،واﻟﺟودة ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﺗم اﻟﺗﻠﻣﯾﺢ إﻟﯾﻪ ﻛﻣﺑدأ ﻣن ﻣﺑﺎدئ ﺗﻧظﯾم
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧظم ﻟﻬﺎ ،ﻗﺑل أن ﯾﺗم اﻋﺗﻣﺎدﻩ وﺑﺷﻛل ﺻرﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺎدرة
اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﺗﺧوﯾل ﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء ﺣﻛﻣﺎ ذاﺗﯾﺎ ،إذ ﯾﻌﺗﺑر آﻟﯾﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﺿﻣﺎن اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﺗدﺧﻼت
اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻓﻲ ظل ﺧﺻوﺻﯾﺎت ﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،ﻟﯾﺄﺗﻲ
أﺧﯾ ار اﻟدﺳﺗور اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻟﺳﻧﺔ 2011وﯾرﻗﻲ ﺑﻬذا اﻟﻣﺑدأ وﯾﺟﻌل ﻣﻧﻪ ﻣﺑدأ دﺳﺗورﯾﺎ ،وأﺳﺎﺳﺎ ﻟﺗوزﯾﻊ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻓﻲ أﻓق ﺗﻔﻌﯾل اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ )اﻟﻣطﻠب اﻷول(.
-84ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺮﯾﺮاﻟﺘﻘﺪﯾﻤﻲ ﻟﻠﻤﻨﺎظﺮة اﻟﺪوﻟﯿﺔ واﻟﻤﻐﺎرﺑﯿﺔ اﻟﻤﻨﻌﻘﺪة ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﺣﻮل ﻣﻮﺿﻮع" ،ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻔﺮﯾﻊ ﺗﺠﻠﯿﺎﺗﮫ وإﺳﮭﺎﻣﺎﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ و
اﻟﺤﻜﺎﻣﺔ اﻟﺠﯿﺪة واﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ" ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.2..
- 86 -
اﻟﻣطﻠب اﻷول :أﺳﺎس ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻓﻲ أﻓق اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ.
ﯾﻼﺣظ أن اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻣرﻛزي ،اﻟﻣﺗﺟﺳد ﻣﺣﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻫﯾﺋﺎت ﻧظﺎم ﻋدم اﻟﺗرﻛﯾز ،ﯾﻐﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧظﯾم
اﻟﻼﻣرﻛزي اﻟﺟﻬوي ،وذﻟك ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻷدوار اﻟﻣﺣﺗﺷﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﻧﺣت ﺳواء ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي أو
ﻟﺟﻬﺎز اﻟرﺋﺎﺳﻲ ،ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﺗﻲ اﺣﺗﻔظ 1ﺑﻬﺎ ﻟﺻﺎﻟﺢ رﺟﺎل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻓﻲ
ﻣﻘدﻣﺗﻬم اﻟواﻟﻲ أو ﻋﺎﻣل ﻣرﻛز اﻟﺟﻬﺔ ،اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟﻣداوﻻت اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ،ﻫذا
ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻧظﺎم اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﺿﻌﯾﻔﺎ.
إن ﺑﻧﺎء اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﯾﺗطﻠب اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺿرورﺗﯾﻬﺎ أوﻻ ،واﻟوﻋﻲ ﺑدورﻫﺎ ﺛﺎﻧﯾﺎ ،85وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺳﺗﻠزم إﻋﺎدة
اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺗﻣوﻗﻊ اﻟدوﻟﺔ داﺧل اﻟﺟﻬﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﻛﻔل ﺣرﯾﺔ وﺻﻼﺣﯾﺎت أﻛﺛر ﻟﻠﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﻓﻲ
ﻣﻘدﻣﺗﻬﺎ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ،ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﺷﺎرﻛﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ )اﻟﻔرع
اﻷول( ،وﻫذا ﻟن ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﺗطوﯾر اﻟﺟﻬﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ واﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺷرﯾﻛﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
إن اﻻﻧﺗﻘﺎل ﺑﺎﻟوﺿﻊ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ واﻟدﺳﺗوري ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ ﯾﻌد ﻣن ﺷروط اﻟﺗﺄﻫﯾل اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ ،اﻟذي
ﯾﻌﺗرف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬﺎت ،وﯾﻣﻧﺣﻬﺎ اﻟﺣق ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر
ﺷؤوﻧﻬﺎ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ وﺗدﺑﯾر ﻣواردﻫﺎ ،ﺑواﺳطﺔ ﻫﯾﺋﺎت ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ﺑﺷﻛل دﯾﻣﻘراطﻲ وﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن
اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ واﻟﻣرﻛزﯾﺔ )اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ( اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺗﺣﻘﯾق إﻗﻼع اﻗﺗﺻﺎدي وﺗﻧﻣوي ﻣﺣﻠﺔ
ﺣﻘﯾﻘﻲ )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ(.
ﻣﻊ ﺗطور اﻟدول واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ وﺛﻘﺎﻓﯾﺎ ،وﺑﻣوازاة اﻟﺗﻛﺗﻼت اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻛﺑرى،
أﺻﺑﺣت اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻣطﻠﺑﺎ ﻣﻠﺣﺎ وأداة أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺗرﺳﯾﺦ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﺷﺎرﻛﯾﺔ ،وﻋﺎﻣﻼ ﻣﻬﻣﺎ ﻓﻲ
-85ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﺨﺎﻟﻘﻲ ﻣﺮاد" ،اﻟﺘﻨﻮع واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ-دراﺳﺔ ﻧﻈﺮﯾﺔ وﺗﻄﺒﯿﻘﯿﺔ" ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻨﯿﻞ دﺑﻠﻮم اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ اﻟﻤﻌﻤﻘﺔ
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ – أﻛﺪال ،اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ ،2011/2012ص99. .
- 87 -
إﯾﺟﺎد ﺗوازﻧﺎت ﺑﯾن ﺣﺗﻣﯾﺔ اﻻﻧﺧراط ﻓﻲ ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻻﻧﻔﺗﺎح واﻻﻧدﻣﺎج اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن وﺑﯾن ﻣطﺎﻟﺑﺔ
اﻟﻣواطﻧﯾن ﺑﻣﺷﺎرﻛﺗﻬم ﻓﻲ ﺗﺷﺧﯾص ﺣﺎﺟﯾﺎﺗﻬم وﺗﺣدﯾد أوﻟوﯾﺎﺗﻬم.86
إن ﻟﻠﺟﻬﺔ اﻟﻘدرة ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻻﺧﺗﻼف واﻟﺗﻌددﯾﺔ ﺑﺟﻣﯾﻊ أﻧواﻋﻬﺎ ،ﺑﻔﺿل ﺗﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن ﺗﺣوﯾل
اﻟﻧﺳق اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻣن ﻣﺟﺎل ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﺗﺷﺗت ،ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﻬودات ،إﻟﻰ وﺣدة ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ وﻣﻧﺳﺟﻣﺔ
أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﺣوار واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن ،وﺗرﺳﯾﺦ اﻟﻔﻌل اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻰ
87
ﻋوض اﻟﻣرﻛز. ﺗﺣوﯾل ﻣﺻدر اﻟﺣﻛم إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋدة
وﻻ ﺷك ﻓﻲ أن ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻌزﯾز اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺗوﺿﯾﺣﻬﺎ )أوﻻ( وﺗﺣرﯾر اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻬوي اﻟﻼﻣرﻛزي
)ﺛﺎﻧﯾﺎ( ﯾﻌدان أﺳﺎس ﺗﺣﻘﯾق دﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺷروع اﻻﺻﻼح اﻟﺟﻬوي.
ﻟﻘد ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣﻐرب ﺧﯾﺎر اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻣﻧذ ﻋدة ﺳﻧوات ،إﻗﺗﻧﺎﻋﺎ ﻣﻧﻪ ﺑﻛون اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ
ﻟم ﯾﻌد ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻬﺎ ﻣﺳﺎﯾرة ﻣﺎ ﯾﻔرﺿﻪ ﺗدﺑﯾر اﻟﺷﺄن اﻟداﺧﻠﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻣن ﺗﺣدﯾﺎت ،ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى
اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ )اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ( ،أو ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ .ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﯾﻌرف
دﯾﻧﺎﻣﯾﺔ ﻣﺳﺗﻣرة وداﺋﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻛون ﺣﺎﺿر ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ،أو ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى
اﻟﻌﻣﻠﻲ .وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﻓﻘد دﺧل اﻟﻣﻐرب ﻣؤﺧ ار ﻓﻲ ﻧﻘﺎش وطﻧﻲ ﻋﻣﯾق ﯾروم إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق إﺻﻼﺣﺎ
ﺷﺎﻣﻼ ﻟﺗﻧظﯾﻣﻪ اﻟﺟﻬوي ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﺎت ﯾﻌرف ﺑﻣﺷروع اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺗم ﺗﺷﻛﯾل
ﻟﺟﻧﺔ اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻛﻠﻔت ﺑﺈﻧﺟﺎز دراﺳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺣول ﻣﺳﺗﻘﺑل واﻟﺳﺑل اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺗطوﯾر اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب،
وﻗد ﺧﻠﺻت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺟﻬﺔ ،إﻟﻰ ﺿرورة اﻟﺗوﺳﯾﻊ واﻟﺗﻔﺻﯾل ﻓﯾﻬﺎ وذﻟك
طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
-86أﺗﻼﺗﻲ طﺎرق" ،اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹداري :اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻻداري" ،ﻣﻄﺒﻌﺔ دار اﻟﻘﻠﻢ – اﻟﺮﺑﺎط ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻻوﻟﻰ ،2012ص229. .
-87ﻋﺎدل ﺗﻤﯿﻢ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص211. .
- 88 -
-2ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺎل ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﺎﻻت ،ﺗﻧﻘل ﻣﺳؤوﻟﯾﺎت اﻟدوﻟﺔ وﻣﻬﺎﻣﻬﺎ اﻟﻣدﻗﻘﺔ إﻟﻰ
اﻟﺟﻬﺎت ﻓﻲ إطﺎر ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،وﯾﺟري ذﻟك ﺑﺎﻟﺗدرج ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﻌﺎﻗد ﻣﺿﺑوط اﻟﺷﻛل ﺑﺣﺳب
ﻗدرة اﻟﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣﻠﻬﺎ ،وﯾؤطر ﻫذا اﻟﻧﻘل داﺋﻣﺎ ﺑﺟﻌل اﻟﻣوارد واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ رﻫن
إﺷﺎرة اﻟﺟﻬﺔ.
-3ﻟﻠﺟﻬﺎت اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ذاﺗﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺟﺎﻻت ،ﺗﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن ﺣرﯾﺔ اﺗﺧﺎذ اﻟﻣﺑﺎدرات
ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﻟدﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻣوارد اﻟذاﺗﯾﺔ ﻣن ﻏﯾر ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗرن
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ إﻟﯾﻬﺎ ﻣن طرف اﻟدوﻟﺔ ،وﺗﺣﯾﯾن ﺗﻠك اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺗﺣدد ﺑﺷﻛل
ﻣﻧﺗظم ﻗﯾﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺗطور ﻣواردﻫﺎ اﻟذاﺗﯾﺔ وﻗدرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗدﺧل.
-4ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي دور اﻟﺻدارة ﺗﺟﺎﻩ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ،ﻣﻊ اﺣﺗرام
اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ،وذﻟك ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص وﺿﻊ ﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ وﺗﺗﺑﻌﻬﺎ ﻓﻲ
اﻧﺳﺟﺎم ﻣﻊ ﺗوﺟﻬﺎت اﻟدوﻟﺔ وﺑﻌد اﺳﺗﺷﺎرة ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻟﻌﻣوﻣﯾﯾن واﻟﺧواص ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل
اﻟﺟﻬوي 88واﻟﺟدﯾد ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ ﯾﻣﻛن ﻓﻲ ﻛون اﻹﺻﻼح اﻟﻣرﺗﻘب ﺳﯾﻘوم ﺑﺗﺣدﯾد ﻟﯾس ﻓﻘط
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﺑل ﻓﻲ رﺻد ﻛﺗﻠﺔ ﻣن اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻘﺎﺻرة ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ
واﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻧﻔس اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﺎﻫﺎ ﻣﺷروع اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ .وﻫذﻩ اﻟﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة
ﻣﻌﺎﻛﺳﺔ ﻟﻠطرﯾﻘﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗﺣدﯾد
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣوﻛوﻟﺔ ﻟﻠﻣﺟﺎﻟس اﻟﻣﻧﺗﺧﺑﺔ.
وﺑﻬذا اﻟﻣﻧظور ،ﺳﯾرﺗﻛز اﻹﺻﻼح ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ اﻟﻣدارﻛﺔ أو اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن
ﻟﻬﺎ أن ﺗﻣﺎرس ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻻ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻼﺋم ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻛﻣﺳﺗوى وطﻧﻲ .وﺑﻌﺑﺎرة
أﺧرى ﯾﻌﻧﻲ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻋﻣﻘﻪ ،أن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻬﺎ أن ﺗﻣﺎرس اﻻ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺟﻬﺔ أن ﺗﻣﺎرﺳﻬﺎ ،ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ ﺧﺻوﺻﯾﺔ دورﻫﺎ اﻟرﺋﯾﺳﻲ ،أو ﺑﺳﺑب ﻣﺣدودﯾﺔ
اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻓر ﻋﻠﯾﻬﺎ .89
-88ﺗﻘﺮﯾﺮ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺳﺘﺸﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ،اﻟﻜﺘﺎب اأﻟﻮل ،اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺳﺘﺸﺎرﯾﺔ ﺣﻮل اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ ،اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ ،1122ص.
24.
-89ﻣﺤﻤﺪ اﻟﯿﻌﻜﻮﺑﻲ" ،ﻣﻔﮭﻮم اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺐ اﻟﻤﻠﻜﯿﺔ" ،ﻣﻘﺎل ﻣﻨﺸﻮر ﺑﺎﻟﻤﺠﻠﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ ﻟﻺدارة اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ واﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ،ﻋﺪد ،4.ﯾﻮﻟﯿﻮز-
ﻏﺸﺖ ،1121ص.2. .
- 89 -
إذن ﻓﺎﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺷروع اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺳﺗﻛون أﻛﺛر ﺻﻼﺣﯾﺎت وﺳﻠط ﻣﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ
اﻟوﻗت اﻟراﻫن ،وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻫذا ﻓﺈن اﻟﻣﺷروع اﻟﺟدﯾد ﯾﻌﺗزم اﻟﺗدﻗﯾق أﻛﺛر ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻬﺔ
وذﻟك ﺗﻌزﯾ از ﻟﻠﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﻲ وﺿوﺣﺎ ودﻗﺔ ﻓﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ،ﺣﺗﻰ ﺗﺳﺗﺟﯾب
ﻟﻠﺗطﻠﻌﺎت اﻟﻣﻌﻘودة ﻋﻠﯾﻬﺎ.
ﻻ ﺷك ﻓﻲ أن اﻟﺟﻬوﯾﺔ أداة ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،إذا ﻣﺎ وﻓر ﻟﻬﺎ ﻣن اﻵﻟﯾﺎت ﻣﺎ
ﯾﻠزم ﻹﻧﺟﺎﺣﻬﺎ ،ﻓﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺿرورة ﺗوﺳﯾﻊ ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺟﻬﺔ وﺗدﻗﯾﻘﻬﺎ ﻓﺈن ﻛل ذﻟك ﯾﺑﻘﻰ دون
ﻣﻌﻧﻰ ﺣﻘﯾﻘﻰ ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗم ﺗﺣرﯾر اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻬوي ،ﻣن ﻛل أﺷﻛﺎل اﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣدة اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ
ﻓﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺟﻬﺎت وﺗﻔﺣص ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﻪ وأﺣﻛﺎﻣﻪ ،ﺳﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد أن اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗم اﺧﺗﯾﺎرﻫﺎ ﻛﺑﻌد واﺳﺗراﺗﯾﺟﺔ ﺗﻧﻣوﯾﺔ ،ﺗﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟواﺳﻌﺔ ﻟﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ اﻟذي ﯾﺳﺗﺣوذ ﻋﻠﻰ ﻣﻌظم اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺟﻬﺔ ،اﻻﻣر اﻟذي
ﯾﺧﻠق ﻣرﻛزﯾﺔ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار داﺧل اﻟﻼﺗرﻛﯾز وﺗﻧﺟم ﻋﻧﻪ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﺧﺗﻧﺎﻗﺎت واﻟﻧﻘﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﺗﺧﯾم
ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻬوي وﺗﺣول دون ﺗطوﯾرﻩ .90
ﻛﻣﺎ أن آﻟﯾﺔ اﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ،ﺗﺣد ﻣن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻬوي
اﻟﻼﻣرﻛزي ،ﻣﻣﺎ ﯾﻔرغ ﻣﺑدأ اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻣﺑﺎدرة واﺷراك اﻟﺳﺎﻛﻧﺔ ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ ﻣن ﻣﺿﻣوﻧﻪ ،وﻫو ﻣﺎ
ﯾﺟﻌل ﻣن ﺗﺣرﯾر اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻬوي ﻓﻲ أﻓق اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺿرورة ﻣﻠﺣﺔ ،ﺑل وأﯾﺿﺎ ﻣﻘﯾﺎﺳﺎ ﻟﻣدى
رﻏﺑﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻓﻲ إﻧﺟﺎح اﻹﺻﻼح اﻟﻣرﺗﻘب وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﯾرى أﺳﺗﺎذﻧﺎ اﻟﻔﻘﯾﻪ ﻣﺣﻣد اﻟﯾﻌﻛوﺑﻲ
أن اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﻣﻧطﻘﯾﺎ اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن وطﺄة اﻟوﺻﺎﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺗﻌﻧﻲ طﺑﻘﺎ
ﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ أن اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﺗؤطر ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺧﺎص واﻷﻋﻣﺎل
ﺳﺗﺗﺣدد ﺑطرﯾﻘﺔ ﻟﺑراﻟﯾﺔ ﺗﻼﺋم ﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي.
واﻟواﻗﻊ أن اﻟﺟﻬﺔ ﻛﻣﺳﺗوى ﻧوﻋﻲ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ ﺗﺳﺗﺣق ﺗﺄﺳﯾس وﺻﺎﯾﺔ ﻣطﺎﺑﻘﺔ أﻛﺛر ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻫذﻩ
اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،إذ ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ أن اﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ذات اﻟﺻﺑﻐﺔ اﻹدارﯾﺔ أﺻﺑﺣت
- 90 -
ﻣﺗﺟﺎوزة ﻧﺿ ار ﻟظﻬور ﻧﺧﺑﺔ ﺟدﯾدة ﻣن اﻟﻣﺳﯾرﯾن ،ﻓﻔﻲ ﻧظرﻩ أن ﺗطور اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻣﺷروط ﺑﺎﻟﺗﺧﻠص
ﻣن اﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟﻣرﺗﻛزة ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎدﻗﺔٕ ،واﺣﻼل اﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺣﻠﻬﺎ ،ﺣﯾث
ﺳﯾﻛون دور ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ﻫﻧﺎ ﻣراﻗﺑﺔ ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﻘ اررات اﻟﻣﺗﺧذة ﻣن ﻗﺑل اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ وﺗﻘدﯾم
91
اﻟطﻌون ﻓﯾﻬﺎ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ ﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﺧروج ﻋن اﻹطﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣوﺿوع
ﺗﻌد اﻟﺟﻬﺔ أداة أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﺧوض ﺗﺣدﯾﺎت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺷﻛل ﺷرطﺎ ﺟوﻫرﯾﺎ ﻟﺗﻧظﯾم ٕواﻋداد ﻣﺟﺎل
ﺗراﺑﻲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﺣﻠﻲ،
وذﻟك ﻋﺑر اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت ﺟﻬوﯾﺔ ﺗﻧﻣوﯾﺔ ،ﺗﺗوﺧﻰ اﻟﺣد ﻣن اﻟﻔﻘر وﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻔوارق اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺗوزﯾﻊ
92
إن ﻣن ﺷﺄن اﻋﺗﻣﺎد اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب اﻟﻌﺎدل ﻟﻠﺛروات واﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻹﻗﺻﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
أن ﺗﺳﺎﻫم ﺑﺷﻛل ﺣﺎﺳم ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻠﺑﻼد ،وﻓﻲ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر اﻷﻣﺛل ﻟﻠﻣؤﻫﻼت
واﻟﻣوارد اﻟذاﺗﯾﺔ ﻟﻛل ﺟﻬﺔ واﺳﺗﻧﻬﺎض ﻫﻣم ﻣﺧﺗف اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻟﻣﺣﻠﯾﯾن ،ﻟﻠﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ واﻧﺟﺎز
93
اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻣﻬﯾﻛﻠﺔ اﻟﻛﺑرى وﺗﻘوﯾﺔ ﺟﺎذﺑﯾﺔ اﻟﺟﻬﺎت.
إن اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﻟن ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻘط ،إذ ﻣن اﻟﻣﻧﺗظر أن ﯾﻛون ﻣطﻠب
اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﻠب ﻫذا اﻹﺻﻼح اﻟﻬﯾﻛﻠﻲ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،وﻫذا ﻣﺎ ﺧﻠﺻت إﻟﯾﻪ
أﯾﺿﺎ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ .إذ وﺿﻌت اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي ﻓﻲ اﻟﺻدارة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧدﻣﺟﺔ ،94وأﻧﺎطت ﺑﻪ ﻟﻌب دور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
ﻓﺈدارة اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻟم ﺗﻌد ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﺣﺳب ،ﺑل ﺗﺟﺎوزت ذﻟك
إﻟﻰ اﻋﺗﻣﺎد ﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﻘرار ،وﻻ ﻣرﻛزﯾﺔ اﻷﻧﺷطﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧدﻣﺟﺔ ﻓﻲ
ﻣﺟﻣوع اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ .ﻓﻔﻲ ظل اﻟﻧظﺎم اﻻﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺟدﯾد ،ﻟم ﯾﻌد ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﺣﻛوﻣﺎت
اﻟﻣرﻛزﯾﺔ أن ﺗﺳﺗﺟﯾب ﻟﻣﺧﺗﻠف ﺣﺎﺟﯾﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،إذ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗوﻟﻲ اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﻣﺧﺗﻠف ﺟﻬﺎت
-91ﻟﻼطﻼع أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ طﺮح اﻻﺳﺘﺎذ راﺟﻊ ﻣﻘﺎﻟﮫ" :ﻣﻔﮭﻮم اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺐ اﻟﻤﻠﻜﯿﺔ" ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص12. .
-92ﻋﺎدل ﺗﻤﯿﻢ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص2.
-93ﻛﺮﯾﻢ ﻟﺤﺮش" ،اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻤﺮﺟﻌﯿﺔ اﻟﻤﻠﻜﯿﺔ وﺧﺎﻟﺼﺎت ﺗﻘﺮﯾﺮ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺳﺘﺸﺎرﯾﺔ" ،ﻣﻘﺎل ﻣﻨﺸﻮر ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ
اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ واﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ،ﻋﺪد ﻣﺰدوج ،22-21ﺑﻌﻨﻮان "اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب" ،ﻣﻄﺒﻌﺔ طﻮب ﺑﺮﯾﺲ – اﻟﺮﺑﺎط ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ،1122
ص11. .
-94راﺟﻊ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺼﺪد ﺗﻘﺮﯾﺮ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺳﺘﺸﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﻮﺳﻌﺔ ،اﻟﻜﺘﺎب اﻻول ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص24. .
- 91 -
اﻟدوﻟﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾﺻﻌب ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻧﻬوض ﺑﻛل ﺷؤوﻧﻬﺎ ،ﻟذﻟك ﻟﺟﺄت أﻏﻠب اﻟدول إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز ﻧظﺎﻣﻬﺎ
اﻟﻼﻣرﻛزي ،ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﺑرﺻد ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺳﻛﺎن وﺗﺣدﯾد اﺣﺗﯾﺎﺟﺎﺗﻬم اﻟﯾوﻣﯾﺔ وﺗﻠﺑﯾﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ.
إذن ﻓﺎﻟﺗﻣﻛﯾن ﻣن ﺷروط ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﯾﺳﺗوﺟب ﺗﺣﻠﯾل ﻋﻧﺎﺻر ﻫذﻩ اﻻﺧﯾرة وﺗﺄﺳﯾﺳﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﻣﻌطﯾﺎت ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وواﻗﻌﯾﺔ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﻠﺟﻬﺎت ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ وﺑرﻣﺟﺔ ﻣﺎﻟﯾﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﺿوﺋﻬﺎ ،95ﻻن ﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻲ ظل ﻫذا اﻟﺑﻌد ﯾرﺗﺑط ﺑﻘدرة اﻟﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﺑرﻣﺟﺔ ﻣﺷﺎرﯾﻌﻬﺎ اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ
وﻓق ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺷﻣوﻟﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ،ﺗﺿﻊ أﻫداﻓﺎ واﺿﺣﺔ وﻣﻣﻛﻧﺔ اﻟﺗﺣﻘق.
وﻣن اﻟﻣﻌﻠوم أن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ ﺗﻧﺑﻧﻲ ﺣﺗﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻗدرة وﻧﺟﺎﻋﺔ
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن اﻟﺟﻬوﯾﯾن ،ﻟذﻟك ﻓﻼ ﯾﺟب أن ﻧﻧﺳﻰ أن اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺣﻛم ﻣﺑدأ اﻟﻣدارﻛﺔ )اﻟﺗﻔرﯾﻊ( ،ﻣدﻋوة
ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻧوﻋﯾﺔ وﻣﻌﻘدة ﺗﺳﺗﻧد ﺑﺎﻷﺳﺎس إﻟﻰ اﻟﺗﺧطﯾط اﻟﻣﺟﺎﻟﻲ واﻻﻗﺗﺻﺎدي ،وﻫذا ﻣﺎ
ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﺟﻬوي اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ وﺟود ﻧﺧﺑﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﯾرﯾن ﺑﺗﻛوﯾن ﻣﻼﺋم وﻋﻠﻰ
ﺑﻧﯾﺎت إدارﯾﺔ ﻣن ﻧوع ﺟدﯾد .ﻓﺎﻷﻣر ﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﻫﻧﺎ ﺑﺎﻹدارة اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ واﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺎﺷر أﻋﻣﺎل
اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﯾوﻣﻲ ،ﺑل إدارة ﻣﻬﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺑﻧﯾﺎت ﻣﻼﺋﻣﺔ ﺗﺷﺗﻐل ﺑﻧوع ﻣن اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ،
ﻛﺧﻼﯾﺎ اﻟدراﺳﺎت واﻟﺗﺧطﯾط ،واﻟراﺻد اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﻬزة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺗدﺧل ،ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺑﺣث
وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺑﻧﯾﺎت.
ﻓﻼ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺟﻬﺔ ﻛﻣﺳﺗوى إداري ﺟدﯾد ﻟﻠﺗﺳﯾﯾر ﯾﻧﺿﺎف إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺛﺎﻟث اﻷﺧرى،
ﺑل ﻫﻲ ﻣﺳﺗوى ﻟﻠﺗﺄﻣل واﻟﺗﻧظﯾر ﺣول اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،وﻟﺗﺻور ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ ٕواﻋداد
اﻟﺗراب ،96ﻣﻣﺎ ﯾﺣﺗم ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ،وﺗﺑﻧﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺟدﯾدة
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟوطﻧﻲ.
- 92 -
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺟﻬﺔ ﻛﺷرﯾك ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ.
إن إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي ﻓﻲ أﻓق ﻣﺷروع اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،وﻣﻧﺢ اﻟﺟﻬﺔ
اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﺳﻠط واﻷدوار ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗﻧظﯾم وﺗﺳﯾﯾر اﻟﺗراب اﻟﻣﺣﻠﻲ ،ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة إﻋﺎدة
اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط اﻟدوﻟﺔ ﺑﻬﺎ ،وﺗﻣوﻗﻊ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗراب اﻟﺟﻬوي.
واﻟﺣدﯾث ﻋن ﺗﻣوﻗﻊ اﻟدوﻟﺔ ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﺣﺿور اﻟداﺋم واﻟﻘوي ﻟﻠدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﺣﻠﻲ
ﻛﻔﺎﻋﻠﺔ أو ﻛﻣوﺟﻬﺔ وﻣراﻗﺑﺔ ،ﺳواء ﺑﺎﺣﺗﻛﺎرﻫﺎ ﻷﻫم اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠﻬﺎ داﺋﻣﺔ اﻟﺣﺿور أو
ﺑﺗوﻓرﻫﺎ ﻋﻠﻰ أﺟﻬزة وﻣؤﺳﺳﺎت ذات وزن ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي )ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣل( 97.ﻟذﻟك
ﻓﺈن اﻟوﻗت ﻗد ﺣﺎن ،ﺧﺻوﺻﺎ ﻓﻲ ظل ﻣﺷروع اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ،ﻻﻋﺎدة ﺗﻣوﻗﻊ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي واﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗﺷﺎرﻛﯾﺔ ﺗﻌﯾد اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻋوض آﻟﯾﺔ اﻟوﺻﺎﯾﺔ
اﻟﻣﻌﺗﻣدة.
إن اﻟﺗطور اﻟذي ﻋرﻓﺗﻪ اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،واﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺗﻲ راﻛﻣﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر اﻟﺷﺄن اﻟﻣﺣﻠﻲ ﺟﻌل
ﻣﻧﻬﺎ ﻫﯾﺄة ﻣؤﻫﻠﺔ وﻟﻬﺎ ﻣن اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻣﺎ ﯾﻠزم ﻟﻠﺳﻣﺎح ﻟﻬﺎ ﺑرﺑط ﻋﻼﻗﺎت ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻬﯾﺄة واﻟﺑﻧﯾﺎت
اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،ﻹﻧﺟﺎز ﻣﺷﺎرﯾﻊ وﺑراﻣﺞ ﻣﺷﺗرﻛﺔ واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﻬﺎ اﻟﺑﻼد ،وﻣن
أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ذﻟك ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ﺗﻘوﯾﺔ ﺗﻧﺳﯾﻘﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺟﻬﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ ٕواﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ إدارﺗﻬﺎ
اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ.
إن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻛﺎﻣل اﻟﻣطﻠوب ﺑﯾن أدوار ﻛل ﻣن اﻟﺟﻬﺔ واﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻼﻣرﻛزي ،ﯾﺳﺗوﺟب
إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﺗدﻗﯾق وﺗوﺳﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺗﺣرﯾر اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻬوي ،اﻋﺗﻣﺎد ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﺟدﯾدة ﻓﻲ
ﺗدﺧﻼت اﻟدوﻟﺔ.
98
ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد وﺗوزﯾﻊ اﻷدوار ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺗوﯾﯾن وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣﻐرب إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺟدﯾدة
99
اﻟذي ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺗﻘﯾﯾد ﺗدﺧﻼت اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣرﻛزي واﻟﻣﺣﻠﻲ ،ﻣﻌﺗﻣدا ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ
-97ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﻜﯿﺤﻞ" ،اﻟﺮھﺎﻧﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻟﺘﻨﻤﻮﯾﺔ ﻟﻠﺠﮭﻮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب " رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻨﯿﻞ دﺑﻠﻮم اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ اﻟﻤﻌﻤﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ – اﻟﺴﻮﯾﺴﻲ ،اﻟﺮﺑﺎط ،اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ ، ،.111 / 1121ص229. .
-98راﺟﻊ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻟﺴﻨﺔ ،1122وﻣﻘﺘﺮﺣﺎت اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺳﺘﺸﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ،اﻟﻜﺘﺎب اﻻول.
-99اﻟﻔﺼﻞ 231ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺪل ﻟﺴﻨﺔ 2011.
- 93 -
ﻣﻘﺎﺑل ﺗوﺳﯾﻊ ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻬﯾﺄة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺗﻛرﯾﺳﺎ ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ٕواﺷراك اﻟﺳﺎﻛﻧﺔ ﺑﺷﻛل أوﺳﻊ
ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،اﻟﻘرب ،ﺑﺧﻠق ﻣراﻛز اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار ﻗرﯾﺑﺔ ﻣن اﻟﻣواطﻧﯾن ،وﻟﻣﺎ ﯾوﻓراﻧﻪ ﻣن
ﺟودة وﻓﻌﺎﻟﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎد ﻓﻲ أداء اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ.
إذن وﻣن ﺧﻼل ﻛل ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟدوﻟﺔ ﻋﺎزﻣﺔ /ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﻣراﺟﻌﺔ ﻧظرﺗﻬﺎ ﻟﻠﻬﯾﺋﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ،
ٕواﻋﺎدة ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺷرﯾﻛﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺷروﻋﻬﺎ اﻹﺻﻼﺣﻲ واﻟﺗﻧﻣوي
ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻣﺣﻠﻲ أو اﻟوطﻧﻲ.
- 94 -
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ وﺧﺻوﺻﯾﺎت ﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ.
إن ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺗﺗﻠﺧص ﻓﻲ إﻋطﺎء اﻷﺳﺑﻘﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻋدة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻣﺔ ،أي أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﺑﻌﺎ
ﻟﻬذا اﻟﻣﺑدأ ﻻ ﺗﺗدﺧل إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﺣﻘﯾق ﺑﺷﻛل ﻛﺎف اﻷﻫداف اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗظرة ﻣن طرف
اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻻدﻧﻰ ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻬو ﯾﻣﻧﺢ اﻷﺳﺑﻘﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠطﺎت اﻷﻛﺛر ﻗرﺑﺎ ﻣن اﻟﻣواطﻧﯾن وﻫو ﺑذﻟك ﯾﺟﯾب
ﻋﻠﻰ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻬو ﻻ ﯾﺣرص ﻓﻘط ﻋﻠﻰ إﺳﻧﺎد اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﻣﺳﺗوى اﻻدﻧﻰ ﺑل
ﯾروم أﯾﺿﺎ إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن أﻓﺿل وأﻧﺳب ﻣﺳﺗوى ﻟﻣزاوﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎص ﻣﻌﯾن ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘق ﻣﺗطﻠﺑﺎت
اﻟﺟودة واﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎد ﻓﻲ اﻟﺗدﺧﻼت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ.
وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻟﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ ،ﯾﻌد اﻟﺗﻧظﯾم
اﻟﻔدراﻟﻲ أﻧﺳب ﻣﺟﺎل ﻟﺗطﺑﯾﻘﻪ ﻟﻣﺎ ﯾﺗوﻓر ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻣﻣﯾزات ﺗﺟﻌل ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻧظﯾم اﻷﻛﺛر ﺗواﻓﻘﺎ ﻣﻊ
ﺧﺻﺎﺋص ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﺑﺣﯾث أن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ ﻻ ﺗﺗدﺧل إﻻ إذا أﺑﺎﻧت اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﺟﻬوﯾﺔ أو
اﻟﻔدراﻟﯾﺎت ﻋن ﻋﺟزﻩ.
إذن ﻓﺎﻟﺗﻔرﯾﻊ ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ ﻛﻠﻣﺎ ﺗراﺟﻌت اﻟدوﻟﺔ ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت
اﻟﻣوﺣدة )اﻟدول اﻟﺑﺳﯾطﺔ( وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﻣﻐرب ﻓﺈن أﻗﺻﻰ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟوﺻول إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ
اﻹداري ﻫو ﺗﺑﻧﻲ اﻟﺟﻬوﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﺗﻌزﯾز ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻣﺟﺎﻟﺳﻬﺎ )اﻟﻔرع اﻷول( ٕواﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ
أدوار اﻟدوﻟﺔ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻور ﻧظﺎم ﺣﻛم ذاﺗﻲ إﻻ إذا ﺗﻣﺗﻌت ﻫﯾﺋﺎت وﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺳﻠطﺎت
واﺳﻌﺔ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﯾﺎت أﺑﻧﺎء اﻹﻗﻠﯾم ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺣﻘﯾق ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ﺷﺎﻣﻠﺔ .ﻓﺗوﺳﯾﻊ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻫﯾﺋﺎت اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ وﺗﻌزﯾز ﺳﻠطﺎﺗﻬﺎ ﻫو اﻟذي ﯾوﺿﺢ ﻣدى اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ
اﻹﻗﻠﯾم وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻪ ودون ﺗدﺧل ﻣن اﻟدوﻟﺔ أو اﻟﻣرﻛز.100
-100ﺣﺠﯿﺒﺔ اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﻲ" ،اﻟﺠﮭﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﺑﯿﻦ ﻣﻄﻠﺐ اإﻟﺼﺎﻟﺢ ورھﺎن اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ" رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻨﯿﻞ ﺷﮭﺎدة اﻟﻤﺎﺳﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺤﺴﻦ اﻻول –
ﺳﻄﺎت ،اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ ،2012/2011ص192. .
- 95 -
وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺗﺟﺎرب اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻧﺟد أن ﻫﻧﺎك ﺛﺎﻟث طرق ﻟﺗوزﯾﻊ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺎت وﻫﻲ:
ﺗﻌﯾﯾن وﺗﺣدﯾد اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾن اﻻﻗﻠﯾم واﻟﺟﻬﺔ
واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ.
اﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ ﺗوزﯾﻊ وﺗﺣدﯾد ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻻﻗﻠﯾم اﻟﻣﺣﻛوم ذاﺗﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت
ﻣﺣدودة.
اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺗﻌﯾﯾن وﺗﺣدﯾد ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ذات اﻟﺳﯾﺎدة ،أﻣﺎ اﻟﺑﺎﻗﻲ
101
ﻓﯾﺗرك ﻟﻠﺟﻬﺎت
وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻐرب ﻓﺈن اﻟﻔﻛرة اﻻﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺳﺗﻘﯾﻬﺎ ﻣن ﻣﺷروع اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ اﻟذي
ﺗﺿﻣﻧﺗﻪ اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ،102ﻓﻬﻲ ﻛوﻧﻪ ﺧص ﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء
ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺟد واﺳﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﯾﺎدﯾن ﻋدة )اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ( ،ﻓﻲ ﺣﯾن أﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ أﺧرى ﺣﺻرﯾﺔ ﻟﻔﺎﺋدة
اﻟدوﻟﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺗم اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺻراﺣﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻣﺎرس ﺑﺎﺗﻔﺎق ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن وذﻟك ﻋﻣﻼ ﺑﻣﺑدأ
103
ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﺣدد ﻫﯾﺋﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬذﻩ اﻟﺟﻬﺔ ﻟﻠﻧﻬوض ﺑﻬذﻩ اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ(. اﻟﺗﻔرﯾﻊ.
ﻟﻘد ﻣﻛن ﻣﺷروع اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﻬﻣﺔ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ ﺳﻛﺎن ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم
اﻟذاﺗﻲ داﺧل اﻟﺣدود اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ وﻣن ﺧﻼل ﻫﯾﺋﺎت ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﻓق ﻗواﻋد
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ وﻗد ﺷﻣﻠت ﻫذﻩ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
- 96 -
اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺗﺧطﯾط اﻟﺟﻬوي وﺗﺷﺟﯾﻊ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات واﻟﺗﺟﺎرة واﻟﺻﻧﺎﻋﺔ
واﻟﺳﯾﺎﺣﺔ واﻟﻔﻼﺣﺔ؛
ﻣﯾزاﻧﯾﺔ اﻟﺟﻬﺔ وﻧظﺎﻣﻬﺎ اﻟﺟﺑﺎﺋﻲ.
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ:
ﺗﻘوم اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻧﻬوض ﺑﺎﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﺻﺣراوي
اﻟﺣﺳﺎﻧﻲ.
104
وأﺧﯾ ار اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺑﯾﺋﻲ.
اﻟرﺳوم واﻟﺿراﺋب واﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ﻣن ﻟدن اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻟﻠﺟﻬﺔ.
اﻟﻌﺎﺋدات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﻣن إﺳﺗﻐﻼل اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﻣرﺻودة ﻟﻠﺟﻬﺔ.
- 97 -
ﺟزء ﻣن اﻟﻌﺎﺋدات اﻟﻣﺣﺻﻠﺔ ﻣن طرف اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣﺗﺄﺗﯾﺔ ﻣن اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ
اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﻠك ،ﺑﺻﻔﺗﻪ أﻣﯾر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن
ﻏﯾر أن اﻟدوﻟﺔ ﻋﻧد ﻣﺑﺎﺷرﺗﻬﺎ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﯾﺟب أن ﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺗﺷﺎور
ﻣﻊ ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء ،وذﻟك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛل اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ذات اﻟﺻﻠﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
ﻫذﻩ اﻟﺟﻬﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء أن ﺗﻘﯾم ﻋﻼﻗﺎت ﺗﻌﺎون ﻣﻊ ﺟﻬﺎت أﺟﻧﺑﯾﺔ
ﺑﻬدف ﺗطوﯾر اﻟﺣوار واﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺎت وذﻟك ﺑﻌد اﻟﺗﺷﺎور ﻣﻊ اﻟﺣﻛوﻣﺔ وﻓق ﺑﻧود اﻟﻣﺑﺎدرة 1ﻛﻣﺎ
أﺳﻧدت اﻟﻣﺑﺎدرة أﯾﺿﺎ ﺳﻠطﺔ ﻣزاوﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر إﻟﻰ
ﻣﻧدوب اﻟﺣﻛوﻣﺔ .2
ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﺗﻣﺎرس اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺗم اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﺗﺧوﯾﻠﻬﺎ ﺻراﺣﺔ ﺑﺎﺗﻔﺎق ﺑﯾن
107
اﻟذي ﯾﻌطﻲ اﻻوﻟوﯾﺔ ﻟﻠﻬﯾﺋﺎت اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻣن اﻟﻣواطﻧﯾن إذ أﻧﻪ اﻟطرﻓﯾن ،وذﻟك ﻋﻣﻼ ﺑﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ
وﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ﻋدم اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﺷﺄن اﻟﺟﻬوي ﻟﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ
-106ﻣﻦ ﻧﺺ اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ ﺣﻮل ﻣﻨﺢ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬاﺗﻲ ﻟﻠﺼﺤﺮاء ،اﻟﻔﻘﺮة 24.
-107ﻣﻦ ﻧﺺ اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ ﺣﻮل ﻣﻨﺢ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬاﺗﻲ ﻟﻠﺼﺤﺮاء ،اﻟﻔﻘﺮة 24.
- 98 -
ﺑﺎﻟﺻﺣراء إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا أﺑﺎﻧت ﻫذﻩ اﻻﺧﯾرة ﻋن ﻗﺻور أو ﻋﺟز ﻓﻲ اﻟﻧﻬوض ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص
ﻣﻌﯾن.
ﻣن أﺟل أن ﺗﻣﺎرس ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻟﺑد ﻟﻬﺎ ﻣن اﻟﺗوﻓر ﻋﻠﻰ ﻫﯾﺂت
ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ،ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ.
-1اﻟﺑرﻟﻣﺎن اﻟﺟﻬوي:ﺣﺳب اﻟﻔﻘرة 2.ﻣن اﻟﻣﺑﺎدرة ﯾﺗﻛون ﺑرﻟﻣﺎن اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء
ﻣن أﻋﺿﺎء ﻣﻧﺗﺧﺑﯾن ﻣن طرف ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘﺑﺎﺋل اﻟﺻﺣراوﯾﺔ ،وﻛذا ﻣن أﻋﺿﺎء ﻣﻧﺗﺧﺑﯾن
ﺑﺎﻻﻗﺗراع اﻟﻌﺎم اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻣن طرف ﻣﺟﻣوع ﺳﻛﺎن اﻟﺟﻬﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﺗﺗﺿﻣن ﺗﺷﻛﯾﻠﺔ
108
وﯾﻣﺎرس ﻫذا اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﺟﻣﯾﻊ ﺑرﻟﻣﺎن ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء ﻧﺳﺑﺔ ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻣن اﻟﻧﺳﺎء
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗدﺧل ﻓﻲ إطﺎر اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ،ﻣﻊ اﺷﺗراط ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘواﻧﯾن
109
اﻟﺻﺎدرة ﻋﻧﻪ ﻟﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﻬﺔ وﻟدﺳﺗور اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ واﻟﻘﺎﻧون اﻟوطﻧﻲ
-2اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ:ﯾﻣﺎرس اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء رﺋﯾس
ﺣﻛوﻣﺔ ﯾﻧﺗﺧﺑﻪ اﻟﺑرﻟﻣﺎن اﻟﺟﻬوي وﯾﻧﺻﺑﻪ اﻟﻣﻠك .ﻓﻬو ﯾﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻬﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺗوﻟﻰ
ﺗﺷﻛﯾل ﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺟﻬﺔ وﯾﻌﯾن اﻟﻣوظﻔﯾن اﻹدارﯾﯾن اﻟﺿرورﯾﯾن ﻟﻣزاوﻟﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
اﻟﻣوﻛوﻟﺔ إﻟﯾﻬﺎ ،ﺑﻣوﺟب ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻓﻬو ﻣﺳؤول أﻣﺎم ﺑرﻟﻣﺎن اﻟﺟﻬﺔ.
ورﻏم أن اﻟرﺋﯾس ﯾﺗم ﺗﻧﺻﯾﺑﻪ ﻣن طرف اﻟﻣﻠك ،واﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺷروع ﻓﺈن ذﻟك ﻻ
ﯾدﺧل ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺷﻛﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾراد ﺑﻬﺎ اﻟﺗذﻛﯾر ﺑﺎﻟوﺣدة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ،وﻟﯾس اﻻﺳﺗﻧﺎد ﻓﻲ
ﻣزاوﻟﺔ ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻪ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﺑﻬذا اﻟﺗﻧﺻﯾص ﯾﻛون ﻣﻣﺛل ﻟﻠدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻬﺔ.
وﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﻔﻘرة 12ﻧﺳﺗﺷف اﻟدور اﻟﻣﺣوري اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ رﺋﯾس اﻟﺣﻛوﻣﺔ ،ﺗﺄﺳﯾﺳﺎ ﺑرﺋﯾس
ﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻓﻲ إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ اﻟذي ﺗﺟﺗﻣﻊ ﻟﻪ اﻻدارة واﻟﺗﻧﺳﯾق ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﻓﯾﻪ ﺳﯾطرة
اﻟرﺋﯾس ﻓﻲ ﻧظﺎم ﺑرﻟﻣﺎﻧﻲ ،وﻫذا ﯾﺣﯾﻠﻧﺎ إﻟﻰ ﻛون اﻟﻧظﺎم اﻟﺑرﻟﻣﺎﻧﻲ ﯾوﺟد ﻓﻘط ﻧظرﯾﺎ وﺑﯾﻧﻣﺎ ﻋﻠﻰ
- 99 -
أرض اﻟواﻗﻊ ﺗوﺟد ﻣﻼﻣﺢ ﻧظﺎم رﺋﺎﺳﻲ ،وﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌل أﺣد اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻻﺳﺑﺎن ﯾﺗﺳﺎءل ﺑﺧﺻوص
اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻻﺳﺑﺎﻧﯾﺔ ﻟﻣﺎذا ﻟم ﯾﺗم ﺗﻐﯾﯾر طرﯾﻘﺔ اﻧﺗﺧﺎب رﺋﯾس اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻣن طرف اﻟﺑرﻟﻣﺎن
110
اﻟﻣﺣﻠﻲ إﻟﻰ اﻧﺗﺧﺎب ﻣن ﻗﺑل ﻣواطﻧﻲ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ؟
-3اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ:أﺟﺎز ﻣﺷرع اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻟﻠﺑرﻟﻣﺎن اﻟﺟﻬوي إﺣداث ﻣﺣﺎﻛم
ﻟﻠﺑث ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن ﺗطﺑﯾق اﻟﺿواﺑط اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﻬﺎ اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻟﺟﻬﺔ
اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ وﺗﺻدر ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﻛم ﺑﻛل اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ وﺑﺎﺳم اﻟﻣﻠك ،وﻫو ﻣﺎ
ﯾﻔﻬم ﻣﻧﻪ أن ﻫذا اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻓﻲ ﺷﻣوﻟﯾﺗﻪ ﯾﺑﻘﻰ داﺧل داﺋرة اﻟﺟﻬﺎز اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ وان ﻟم ﯾﺻرح ﺻراﺣﺔ ﺑذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺎدرة ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻔﻘرة 14ﻧﺻت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻛﺄﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﺗﺗوﻟﻰ اﻟﻧظر ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ ﻓﻲ ﺗﺄوﯾل ﻗواﻧﯾن اﻟﺟﻬﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻔﻘرة
13ﻓﻘد أﻛدت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻣراﺳﯾم اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿرورة أن ﺗﻛون
اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻧظﺎم
اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ ﻟدﺳﺗور اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ.
واﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻫذﻩ اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ،اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻧﺻت اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ 19
ﻋﻠﻰ ﺿرورة أن ﺗﺗوﻓر اﻟﺟﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻠس اﻗﺗﺻﺎدي واﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺗﺷﻛل ﻣن ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟﻘطﺎﻋﺎت
111
اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻣﻬﻧﯾﺔ واﻟﺟﻣﻌوﯾﺔ وﺷﺧﺻﯾﺎت ﺑرﻫﻧت ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎءة ﻋﺎﻟﯾﺔ
إﻧطﺎﻗﺎ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﺑدو أن اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ )اﻟﺻﺣراء( ﻧظ ار ﻟﺧﺻوﺻﯾﺗﻬﺎ وﻻﻋﺗﺑﺎرات أﺧرى
ﺳﺗﻛون اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺟﻬﺎت اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ ،ﺣﯾث أن ﺳﯾﻧﺎرﯾو اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﯾﺑدو ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﻬذا
اﻹﻗﻠﯾم وﻗﺎﺻر ﻋﻠﯾﻪ 112ﻓﺎﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ ﻓﻲ ظل ﻫذﻩ اﻟﺷروط ﺳﺗﻛون ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ ﻣﺷروع اﻟﺟﻬوﯾﺔ
اﻟﻣوﺳﻌﺔ اﻟذي اﻧﺧرط اﻟﻣﻐرب ﻓﻲ ﺗﺑﻧﯾﻪ 113وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﯾﻌﺗﺑر
-110ﺣﻤﯿﺪ أﺑﻮﻻس" ،ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ واﻟﺠﮭﻮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب" ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص243. .
-111ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺮﺟﻊ ،ص243. .
-112ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺜﻤﺎﻧﻲ" ،اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﻮﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب وآﻓﺎق اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬاﺗﻲ" رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻨﯿﻞ ﺷﮭﺎدة اﻟﻤﺎﺳﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ
اﻟﺴﻮﯾﺴﻲ ،اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ ،.2011/2012ص.21. .
-113ﯾﺸﮭﺪ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﻼﻣﺮﻛﺰي ﺑﺎﻟﻐﺮب إﺻﻼﺣﺎت ﻋﻤﯿﻘﺔ ﺣﺎﻟﯿﺎ وﺑﺎﻟﺨﺼﻮص ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﺠﮭﻮي وﻓﻲ ھﺬا اﻻطﺎر ﺗﻢ ﺗﻨﺼﯿﺐ ﻟﺠﻨﺔ
اﺳﺘﺸﺎرﯾﺔ ﻻﻧﺠﺎز دراﺳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ وﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﺸﺮوع وھﺬا ﻣﺎ ﺗﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﻋﻠﻰ ﻏﺮارھﺎ ﻗﺎم اﻟﻤﻐﺮب ﺑﺈﺻﺪار دﺳﺘﻮر ﺟﺪﯾﺪ 2011ﯾﺘﺒﻨﻰ
إﺻﻼﺣﺎت ھﯿﻜﻠﯿﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ اﻻداري اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎ وﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص ،وﻣﻦ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ أﯾﻀﺎ أن ﺗﻘﻮم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﻟﺒﺮﻟﻤﺎن
ﺑﺈﺳﺘﻜﻤﺎل ﻣﺮاﺣﻞ ھﺬا اﻹﺻﻼح وإﺻﺪار ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﺤﺪﺛﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﻼﻣﺮﻛﺰي ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب.
إﻧﻪ وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺣﻘﻘﻪ أﻧظﻣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻣن إﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ
)اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻧزﻋﺎت اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ( ﻟﻬﺎ ﻋدة ﻣﻣﯾزات ،ﻓﻬﻲ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧﺢ اﻟﻣواطﻧﯾن ﻫﺎﻣﺷﺎ أوﺳﻊ ﻟﺗﺳﯾﯾر ﺷؤوﻧﻬم ﺑﺄﻧﻔﺳﻬم ،ﻛﻣﺎ
ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق ﻣطﻠب اﻟﻘرب ،اﻟﺳرﻋﺔ واﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘ اررات ،وﻫذا ﻣن ﺷﺄﻧﻪ ﺿﻣﺎن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ
أﻛﺑر ﻓﻲ اﻟﺗدﺧﻼت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﺑﺄﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ ﻣﻣﻛﻧﺔ.
وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول ﻓﺈن ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﯾﻠﺗﻘﻲ ﻣﻊ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ وﻓﻠﺳﻔﺗﻪ ﻓﻲ ﻋدة ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت
وﻣﺑﺎدئ ،ﻛﺎﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗدﺑﯾر اﻟﺷؤون اﻟذاﺗﯾﺔ ،اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ وﺣرﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ
اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ،ﺗراﺟﻊ ﻣﻔﻬوم اﻟدوﻟﺔ اﻟﺳﺎﺋدة وﻏﯾرﻫﺎ ،إذن ﻓﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﺳﯾﻛون ﻟﻪ ﻣﻛﺎن ﻣﺗﻣﯾز ﻓﻲ
ظل ﺗﻣﺗﯾﻊ ﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء ﺑﺣﻛم ذاﺗﻲ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻟﯾس ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ ﻓﻘط )ﺗوزﯾﻊ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت( ﺑل أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ.
إن ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ رﻏم ﺗوﻓرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺣﻠﯾﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺑﻘﻰ
ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺳﯾﺎدة اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﻓﻘد ﻋﻣﻠت اﻟﻣﺑﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺧﻠق ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ وﻣﻧطﻘﺔ
اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ،ﺗﻛرﯾﺳﺎ ﻟﻠوﺣدة اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻣن اﻟﺛواﺑت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻣﻐرب.
وﻫﻛذا ﺣددت اﻟﻣﺑﺎدرة اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺟوﻫرﯾﺔ ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟدوﻟﺔ وﺑﯾﻧت ﻣﺟﺎﻻت ﺣﺿورﻫﺎ ﺑﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺣﻛم
اﻟذاﺗﻲ )اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ( ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل اﺣﺗﻔظت ﻟﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺑﺣﺿور ﺣﻘﯾﻘﻲ داﺧل اﻟدوﻟﺔ )اﻟﻔﻘرة
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ(.
ﻟﻘد اﻋﺗرﻓت اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﺑﺳﯾﺎدة اﻟﻣﻐرب ﻋﻠﻰ اﻟﺻﺣراء ،ﻋن طرﯾق إﻗرارﻫﺎ
ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺳﻠطﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ ،وﺗﺣت ﺟﻧﺎح ﻣﺑدأ اﻟﺳﯾﺎدة ﻫذا اﻟذي ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺑﺎدرة
114
اﻟﻣﻐرب ﺑﺻﻼﺣﯾﺎت ﻣﺗﻌددة ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ ،ﯾدور ﻣﺣورﻫﺎ ﺣول ﻋدم ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،اﺣﺗﻔظ
اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ،واﻟﻣﺣددة دﺳﺗورﯾﺎ ،وﻋدم اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺛواﺑت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ
اﻟﻛﺑرى ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻣﻐرﺑﻲ ،وﺗﺗﺟﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺛواﺑت ﻓﻲ اﻟوﺣدة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ ﺑﺗﻠك اﻟرﻗﻌﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻘﻰ ﺣﻛ ار ﻟرﻣوز اﻟدوﻟﺔ ،ﺑﺳﯾران اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ ﻛل ﺷﺑر ﻣﻧﻬﺎ 115وﺑﺎﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺳﯾﺎدة
ﻓﯾﻬﺎ ﻻ ﺳﯾﻣﺎ اﻟدﻓﺎع واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻟﻠﻣﻠك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ أﻣﯾ ار
ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن ،116ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻠم واﻟﻧﺷﯾد اﻟوطﻧﻲ واﻟﻌﻣﻠﺔ ،اﻷﻣن اﻟوطﻧﻲ واﻟوﺣدة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ،اﻟﻧظﺎم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ ،3ﺣﯾث ﯾﺗم إﺻدار اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺎﺳم اﻟﻣﻠك ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺟﻬوﯾﺔ،
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ أﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء ،ﻻ ﯾﺟب أن ﺗﺧل ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
117
اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻋﻠﻰ واﻟﻣﺟﻠس اﻟدﺳﺗوري ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ ﻋﻧد ﻣﺑﺎﺷرﺗﻬﺎ ﻟﻣﻬﺎﻣﻬﺎ
ﻛﻣﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺎت اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ أﯾﺿﺎ أن ﺗﻣﺎرس اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ وﻓق ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ
118
وﻣﻊ ﺗﻌدد اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت وﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟدوﻟﺔ ﺑﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ وﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻣﻊ دﺳﺗور اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ
ﯾﺑﻘﻰ دور ﻣﻧدوب اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،أﻫم ﻣظﻬر ﻣن ﻣظﺎﻫر ﺣﺿور اﻟدوﻟﺔ ﻓﯾﻬﺎ ،إذ ﺗﻧص اﻟﻔﻘرة
29ﻣن اﻟﻣﺑﺎدرة ﻋﻠﻰ أن ﻣزاوﻟﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﺗﺗم
ﻋن طرﯾق ﻣﻧدوب ﺣﻛوﻣﻲ ﯾﺗم ﺗﻌﯾﯾﻧﻪ ﻣن طرف اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣرﻛزﯾﺔ .وﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أن اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ
اﻟذي ﺟﺎءت ﺑﻪ اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﻋﻧﺻر اﻟوﺻﺎﯾﺔ ،اﻟذي ﺑواﺳطﺗﻪ ﺗﺿل اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ
اﺿطﻼع داﺋم ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺗﺟدات ﻓﻲ ﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗظل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺎﻟك اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﻘ اررات
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎدة اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻣﻧطﻘﺔ .4
ﻛﺎن ﻫذا ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ أﻣﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ،ﻓرﻏم ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺑﺎدرة ﻣن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب ،ﻓﻬﻲ ﺗﺑﻘﻰ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻧﺳﺑﯾﺔ ،إذ ﯾظل دور اﻟدوﻟﺔ ﺣﺎﺿرا ،وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺳﺗﺷﻔﻪ ﻣن
ﺧﻼل ﻋدة ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت وﺑﻧود اﻟﻣﺑﺎدرة .ﻓﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻔﻘرة 24اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣوارد اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم
اﻟذاﺗﻲ ﻧﺟد أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻘوم إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺟﻬﺔ ﺑﺗﺣﺻﯾل اﻟﻌﺎﺋدات اﻟﻣﺗﺄﺗﯾﺔ ﻣن اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ
اﻟﻣوﺟودة داﺧل اﻟﺟﻬﺔ وﺗﺧﺻص ﺟزء ﻣﻧﻬﺎ ﻟﻬﯾﺋﺎت ﻫذﻩ اﻟﺟﻬﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺟﺳد ﺣﺿور اﻟدوﻟﺔ أﯾﺿﺎ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺿﻣﺎن اﻟﺗﺿﺎﻣن اﻟوطﻧﻲ ،وذﻟك ﺣﻔﺎظﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ
120
ﺳﻛﺎن اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ دﺳﺗورﯾﺎ
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻓﺈن ﻋﻧﺻر اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﻫذا اﻟذي أﺻرت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻘﺔ اﻟدوﻟﺔ
ﺑﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﺷرطﺎ أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻻ ﺑد ﻣن وﺟودﻩ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ أﻛﺛر دول اﻟﻌﺎﻟم ﺗﺷﺑﺛﺎ ﺑﺎﻟﺟﻬوﯾﺔ
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،وﯾﻛﻔﻲ ﻫﻧﺎ ﺑﺄن ﻧذﻛر أن اﻟدﺳﺗور اﻻﯾطﺎﻟﻲ ﻗد أوﻛل إﻟﻰ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ،
ﺑرﺋﺎﺳﺔ ﻣﻧدوب اﻟﺣﻛوﻣﺔ ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﺟﻬﺎت ،وﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ ﺗرى أﻧﻬﺎ ﻏﯾر
ﻣﺷروﻋﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻟﻠﺗﺛﺑت ﻣن ﻣﺷروﻋﯾﺗﻬﺎ .وﻟﻠﻣﻧدوب ﺣق اﻻﻋﺗراض ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟود
.121
ﻗﺎﻧون ﻣﺧﺎﻟف
إن ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ واﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺷﺄن اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻣن ﻗﺑل
ﻫﯾﺋﺎت وﻣؤﺳﺳﺎت ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ أو ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﺣﻠﯾﺎ ،ﻏﯾر أن ﻫذا ﻻ ﯾﻧﻔﻲ أو ﯾﻘطﻊ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻣرﻛز ﺳواء
ﻣن ﺧﻼل ﺗواﺟد اﻟدوﻟﺔ داﺧل اﻟﺟﻬﺔ أو ﺗواﺟد ﻫذﻩ اﻻﺧﯾرة داﺧل اﻟدوﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗظل ﻗﺎﺋﻣﺔ،
ﺗﺧﺗﻠف ﻓﻘط طﺑﯾﻌﺔ وﻧوﻋﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ودرﺟﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ،
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻣﻐرب وﻣن ﺧﻼل ﻣﻘﺗرﺣﻪ ﻟﻠﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء ﻟم ﯾﺷذ ﻋن ﻫذﻩ
اﻟﻘﺎﻋدة ﺑل اﺣﺗﻔظ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﺑﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣﺗﻣﯾزة داﺧل ﻫﯾﺎﻛل وﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن
ﺟﻬﺔ أﺧرى رﻗﻰ ﻣن ﻣﺳﺗواﻫﺎ ﻟﺗﺻﺑﺢ ﺷرﯾﻛﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت واﺗﺧﺎذ ﻋدة ﻗ اررات.
وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ واﺳﺗﻘراء ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﻬﺎ ﻧﺟد أن ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء اﺣﺗﻔظ
ﻟﻬﺎ ﺑﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣﺗﻣﯾزة داﺧل ﺳﯾﺎﺳﺎت وﻫﯾﺎﻛل اﻟدوﻟﺔ وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺳﺗﺧﻠﺻﻪ ﻣن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻘرة 24اﻟﺗﻲ
أﻟزﻣت اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗﺷﺎور ﻣﻊ ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء ﻋﻧد ﻣﺑﺎﺷرﺗﻬﺎ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
اﻟﻌﺎﻟﻘﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وذﻟك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛل اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻫذﻩ اﻟﺟﻬﺔ.
ﻛﻣﺎ ﺗﺗﺟﺳد ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺗﺷﺎور أﯾﺿﺎ ﺑﯾن ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ واﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل إﻗﺎﻣﺔ ﺟﻬﺔ
اﻟﺻﺣراء ﻟﻌﺎﻟﻘﺎت اﻟﺗﻌﺎون ﻣﻊ ﺟﻬﺎت أﺟﻧﺑﯾﺔ إذ أن اﻟﻣﺑﺎدرة اﺷﺗرطت ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﻗﺑل
إﺑراﻣﻬﺎ ﻟﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت أن ﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺗﺷﺎور ﻣﻊ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،122وﻟم ﯾﺗوﻗف اﻷﻣر ﻋﻧد
ﻫذا اﻟﺣد ﻓﻘط ،ﻓﻘد ﻋﻣﻠت اﻟﻣﺑﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ وﻷول ﻣرة ﺑﺷﻛل ﺻرﯾﺢ وﻓﻲ
وﺛﯾﻘﺔ رﺳﻣﯾﺔ ،إذ وﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺗﺻﺑﺢ ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ذات ﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣﺗﻘدﻣﺔ وﻣﺗﻣﯾزة ﻟﯾس
ﻓﻘط ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟوطﻧﻲ ﺑل ﺣﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟدوﻟﻲ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺗﺟﺎرب اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ،إذ
أن ﻣﺷروع اﻟﻣﺑﺎدرة ﻧص ﻋﻠﻰ أن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺳﻧدة ﺻراﺣﺔ ﻷﺣد اﻷطراف ﯾﺗم
اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن وﻓق ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ،123إﻻ أن اﻷوﻟوﯾﺔ ﻫﻧﺎ ﺳﺗﻣﻧﺢ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم
وﯾﺗرﺟم وﺟود ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟوطﻧﻲ وﻓق ﻣﺷروع اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء
أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻬﯾﺋﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ،إذ ﯾﻧص اﻟﺑﻧد 22ﻣن اﻟﻣﻘﺗرح ﻋﻠﻰ أن ﺳﺎﻛﻧﺔ
ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء ﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺑرﻟﻣﺎن وﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ،وﺗﺷﺎرك ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ
124
اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ
إذن وﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﺗﺧوﯾل اﻟﺻﺣراء ﺣﻛﻣﺎ ذاﺗﯾﺎ ﺗﻧدرج ﺿﻣن
رؤﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻟﻠﻣﺟﺎل ،أي إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺗراﺑﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ،وﻛذا ﺗﻐﯾﯾر ﻧﻣط اﻟﺗدﺑﯾر
اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﻣﺣﻠﻲ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ،وذﻟك ﺑﺎﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟﻣﻧطق اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻧظرة اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻌﻣودي
ﻟﻠﺳﻠطﺔ واﻋﺗﻣﺎد ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺟدﯾدة ﻓﻲ ﺗﺻور ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ وﺗوزﯾﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳس أﻓﻘﯾﺔ وﻋﻣودﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻔس
اﻟوﻗت ،ﻟﻬذا ﻓﺈن اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ اﻧﺳﺟﺎﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻋﻣﻠت ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﻠطﺎت
اﻟﻣﺣﺟوزة ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ وأﺧرى ﻟﺟﻬﺔ اﻟﺻﺣراء ،125ﺑذﻟك ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺷﻛل ﻧﻣوذﺟﺎ ﻓرﯾدا ﯾﺿﻣن
ﺗوزﯾﻌﺎ ﺗﻘﺎطﻌﯾﺎ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻣﺳﺗوﯾﺎﺗﻬﺎ وﯾﻧطﻠق ﻣن ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ.
وﻣﻬﻣﺎ ﯾﻛن ﻓﺈﻧﻪ وﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺳﯾﺎدة ،ﺗﺑﻘﻰ ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻣور ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﺗﻔﺎوض ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن،
وﻓق ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ،اﻟذي ﺳﯾﺷﻛل ﻗﺎﻋدة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗﻧظﯾم اﻟﺳﻠط وﺗوزﯾﻌﻬﺎ ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻷطراف.
ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول ﻓﺈن اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻪ ﻣن ﺧﺻوﺻﯾﺎت ﯾﻌﺗﺑر أﻧﺳب ﺗﻧظﯾم
ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﺟﺳد ﻓﯾﻪ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣوﺣدة ،ﻟﻣﺎ ﯾﺗوﻓران ﻋﻠﯾﺔ ﻣن ﻋﻧﺎﺻر وﺗوﺟﻬﺎت
ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗﻧظﯾم اﻟﺳﻠطﺔ.
وﺗﺧﺗﻠف درﺟﺔ ﺗطﺑﯾق ﻫذا ﻣﺑدأ ﻣن دوﻟﺔ إﻟﻰ أﺧرى ،إذ ﻫﻧﺎك ﻣن اﻟدول ﻣن ﯾﻌﺗﻣدﻩ ﺑﺻﻔﺔ
ﻣﺑﺎﺷرة ،وﻣن اﻟدول ﻣن ﯾطﺑﻘﻪ ،ﻟﻛن دون اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﻪ .ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﺈن
ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﯾﺗﺄﺛر ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ أﻛﺛر ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ ،ﻻﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ
ﻋﻠﻰ آﻟﯾﺔ اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﺗﺻﺎﻋدي ﻟﻼﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ،ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟدول اﻟﻣوﺣدة اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد اﻟﺗوزﯾﻊ
اﻟﺗﻧﺎزﻟﻲ.
ﻓﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﺗﺗﻠﺧص ﻓﻲ ﺗﺧوﯾل اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﺳﻠطﺔ اﻟﺗدﺧل ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺻﺎﺣﺑﺔ
اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻷﺻﻠﻲ ،ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻬﺎ اﺣﺗرام اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﺗدﺧﻼﺗﻬﺎ ،وﻫذﻩ
اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻻ ﺗﻛﺗﺳﺑﻬﺎ اﻻ إذا ﻋﺟزت اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻻدﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻬوض ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص ﻣﺎ ،ﺑﺎﻟﺷﻛل
أو اﻟﺟودة اﻟﻣطﻠوﺑﯾن ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻘﻰ ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟدوﻟﺔ ،ﻟذﻟك ﻓﺎﻟدول
اﻟﻣرﻛﺑﺔ ﺗﺑﻘﻰ أﻧﺳب ﻣﺟﺎل ﻟﺗطﺑﯾﻘﻪ.
وﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﻐرب ﺑدورﻩ ﻣن اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ،وان ﻛﺎن ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﺗﺣﻔظ ،وﻫذا ﻣﺎ
ﯾﺳﺗﺷف ﺑﺎﻟﺧﺻوص ﻣن ﻗواﻧﯾن اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ .وﯾﻌد اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﺑﺎرز ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ،ﻓﻘد ﺗم
اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻷول ﻣرة ،وان ﻛﺎن ﺑﺷﻛل ﺿﻣﻧﻲ ،ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺟﻬﺔ ﻟﺳﻧﺔ ،1997
وﺗﺑﻧﺗﻪ ﺑﺎﻗﻲ اﻟوﺣدات اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻓﻲ أﻧظﻣﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،ﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺿﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ
ذﻟك ،ﻗﺑل أن ﯾﺗم اﻋﺗﻣﺎدﻩ ﺑﺷﻛل ﺻرﯾﺢ ﻓﻲ ﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﻣﻘﺗرح اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻟﻠﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﺟﻬﺔ
اﻟﺻﺣراء ،وﻛذﻟك ﻓﻲ ﺗوﺻﯾﺎت اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ ،وأﺧﯾ ار ﻓﻲ دﺳﺗور .2011
ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻧد ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺈﺻدار أول ﻧص ﺗﻧظﯾﻣﻲ ﻟﻠﺟﻬﺔ ﻛﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗراﺑﯾﺔ ،ﺣﺎول أن ﯾﻣﻧﺢ
ﻟﻣﺟﺎﻟﺳﻬﺎ ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ اﻟذاﺗﯾﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧﺣﻬﺎ ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ،
إن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻔرﯾﻌﯾﺔ اﻟﻣﺗﻠﺧﺻﺔ ﻓﻲ ﺗﺧوﯾل ﺳﻠطﺔ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار ﻷﻗرب ﻣﺳﺗوى ﻣن ﻣﻛﺎن ﺗﻧﻔﯾذﻩ،
ﺗﻼﻣس ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ﻣن ﺧﻼل ﻧظﺎﻣﻲ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ وﻋدم اﻟﺗرﻛﯾز ،ﻏﯾر أن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ أﺑﺎﻧت
ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﻛراﻫﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺣد ﻣن اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻔﻌﻠﻰ ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ،ﻓﻣن ﺟﻬﺔ ﻫﻧﺎك اﻟﻐﻣوض
اﻟذي ﯾطﺑﻊ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣن ﺿﻣﻧﻬﺎ اﻟﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻫﻧﺎك
ﺳﻠطﺔ اﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣد ﻣن ﻣﺑدأ اﻟﺣرﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر اﻟﺷﺄن اﻟﻣﺣﻠﻲ.
إن ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﯾﻌد ﺣﺎﻟﯾﺎ ،ﻣﺑدأ دﺳﺗورﯾﺎ ،وآﻟﯾﺔ ﻟﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻟﺗراﺑﯾﺔ ،وﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ،وﺑذﻟك ﻓﺈن اﻟﻣﻐرب ﻋﺎزم ﻋﻠﻰ ﺗﺧوﯾل ﺣرﯾﺔ أﻛﺑر
ﻟﻠﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر ﺷؤوﻧﻬﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻋﻣﺎل ﺑﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ
اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ،وذﻟك ﻟﺿﻣﺎن ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺟودة ،اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ،اﻟﻘرب واﻟﺳرﻋﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ،
وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻛﻔﻠﻪ اﻟﻣﺑدأ.
ارﺗﺑط ﺗطور اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻣﻧذ اﻻﺳﺗﻘﻼل إﻟﻰ ﺣدود 2011ﺑﺗطور اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ،
ﻓﺎﻟﺟﻬﺔ ﺟﺎءت ﻟﺳد اﻟﻔراغ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﻋﺟز ﻫذﻩ اﻟوﺣدات اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺳﯾﺎﺳﺔ ﻋدم اﻟﺗرﻛﯾز
واﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺗﻣﺛﯾل اﻟﺳوﺳﯾو ﺳﯾﺎﺳﻲ ،ﻓﺎﻟﻣﺗﺗﺑﻊ ﻟﻠﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ
ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻻ ﯾﻠﻣس ﺗﻔﺎوﺗﺎ ﻛﺑﯾ ار ﻣﻧذ اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟذي أﻗﺎﻣﺗﻪ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ واﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ
دﺧﻠت ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻧذ اﻻﺳﺗﻘﻼل إﻟﻰ ﺣدود ﺳﻧﺔ ،1992ﻓﺎﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺷﻛﻠت طﯾﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ وﺳﯾﻠﺔ
ﻟﻠﺿﺑط واﻟﻣراﻗﺑﺔ أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﻫﻲ أداة ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ.
إن اﻟﻣد اﻟﺟﻬوي اﻟﻧﺎﺑﻊ ﻣن اﻟﺗطور اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﻓﻲ ﺧﺿم اﻟﺗﯾﺎرات اﻟﺳﺎﺋدة اﻟﻣﺗﺷﺑﺛﺔ
ﺑﺎﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻔردﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت واﻟدﻓﺎع ﻋن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،واﻟﺳﻌﻲ إﻟﻰ ﺗوﻓﯾر اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﻣﻼﺋم ﻟﻛراﻣﺔ
اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن اﻟواﺣد واﻟﻌﺷرﯾن ،وﯾﻌﺗﺑر ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﺣوﻻ ﻓﻲ اﻟﻧظرة إﻟﻰ أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻛﺎﻓؤ
وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﻣﺎء اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
ﻓﺎﻟﻣﻐرب ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟدول ﺳواء اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘﺗﻪ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ ،ﻛﻔرﻧﺳﺎ وأﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ٕواﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ،أو اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﻓﻲ
ﻧﻔس اﻟوﺿﻊ ،ﻗد أﻗدم ﻣﻧذ اﺳﺗﻘﻼﻟﻪ ﻋﻠﻰ دﻣﻘرطﺔ ﻣؤﺳﺳﺎﺗﻪ.
ﻓﻧﻬﺞ أﺳﻠوب اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ وﺗﺑﻧﻰ ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺟﻬوﯾﺔ ،ﯾﺗم ﺑﺗراﺟﻊ اﻟدوﻟﺔ ﻋن ﻣﻬﺎم ﻋدﯾدة أﺻﺑﺢ ﻣن
اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻣﺣﯾد ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ واﻟﺗطور .ﻛﻣﺎ أن ﻫﻧﺎك اﻟﺗﺎﺑث اﻻﻗﺗﺻﺎدي وﯾﺗﻣﺛل
ﻓﻲ اﻣﺗﻼك اﻟﺟﻬﺔ ﻟﻘ اررات اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗﺗﻛﻔل ﺑﺈدﻣﺎج ﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻬﺎ اﺳﺗﻐﻼل
ﻣواردﻫﺎ ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﻬﺎ ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ واﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ.
ﻻﺷك ﻓﻲ أن اﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ أو اﻟﺟﻬﺎت ﻫﻲ ﻣن اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻧﺎﺟﺣﺔ ﻟرﺻد اﻟﺗوازن ﺑﯾن
ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻬﺎت وﺗﺣﻘﯾق ﻧوع ﻣن اﻟﺗﻛﺎﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗوزﯾﻊ اﻷﻧﺷطﺔ واﻟﺳﻛﺎن.
ﻓﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻔﻌﯾل دور اﻟﺟﻬﺔ أﺻﺑﺢ ﺿرورة ﺣﯾوﯾﺔ ﻟﻌدة اﻋﺗﺑﺎرات:
اﺳﺗﻛﻣﺎل اﻟﺑﻧﺎء اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺑﻘﻰ اﻟﺟﻬﺔ ﻣﻧﻐﻠﻘﺔ ﻋن ﺣرﻛﺔ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺗﻲ
ﺷﻣﻠت ﻣﺟﺎﻻت أﺧرى ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﻫﻲ اﺧﺗﯾﺎر
اﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺷروع اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ اﻟﺣداﺛﻲ.
اﻟﻛﺗب اﻟﻌﺎﻣﺔ:
ﻣﯾﺷﯾل روﺳﻲ :اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،ﺗرﺟﻣﺔ إﺑراﻫﯾم اﻟزﯾﺎﻧﻲ ،ﻣﺻطﻔﻰ أﺟدﯾﺎ ﻧوراﻟدﯾن اﻟراوي ،ﻣطﺑﻌﺔ
اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺟدﯾدة ،اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء.1993 ،
ﻣﺣﻣد اﻟﻛﻼوي :اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﺳﻠطﺔ ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺟدﯾدة ،اﻟداراﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ .1995
ﻣﺣﻣد اﻟﻣﻌﺗﺻم :ﻣﺧﺗﺻر اﻟﻧظم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات إﯾزﯾس.1991 ،
أﺗﻼﺗﻲ طﺎرق" ،اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري :اﻟﺗﻧظﯾم اﻻداري" ،ﻣطﺑﻌﺔ دار اﻟﻘﻠم – اﻟرﺑﺎط ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻻوﻟﻰ .2012
ﺗﻘرﯾر اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ،اﻟﻛﺗﺎب اﻻول ،اﻟﺗﺻور اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﺣول اﻟﺟﻬوﯾﺔ،
اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ .2010
اﻟﻛﺗب اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ:
ﻣﺻطﻔﻰ ﻣﺣﺳن :ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗدﺑﯾر اﻻﺧﺗﻼف ﻣن ﻣﻼﺣظﺎت ﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ﺣول اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ وﻗﺿﺎﯾﺎ
اﻟﺗﻧظﯾم واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻌﺎم اﻟﺛﺎﻟث )اﻟﻣﻐرب ﻧﻣوذﺟﺎ(،دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ،ﺑدون ﺳﻧﺔ طﺑﻊ.
اﻟﻣﻬدي ﺑﻧﻣﯾر :اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري اﻟﻣﺣﻠﻲ ،اﻟﻣطﺑﻌﺔ واﻟوراﻗﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻣراﻛش ،طﺑﻌﺔ .1997
ﺣﺳن ﺻﺣﯾب" :اﻟﺟﻬﺔ ﺑﯾن اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ واﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ" ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻌدد .2006
ﺣﻘﺎﺋق ﻋن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ – و ازرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﻣطﺑﻌﺔ ﻓﺳﺗرﻣﺎن ﻧزﻓﯾﻛﺎود.م.م أﻛﺗوﺑر .2004
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﯾن :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب )أي ﻧﻣوذج ﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،اﻟطﺑﻌﺔ
اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺑراﯾر .2010
ﻣﺻطﻔﻰ ﺑﻠﻘزﺑور :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب )أي ﻧﻣوذج ﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،اﻟطﺑﻌﺔ
اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺑراﯾر .2010
اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﺣول ﻣﻧﺢ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺻﺣراء.
اﻟـرﺳﺎﺋــل:
اﻟﻣـﺟﻼت واﻟﻣـﻘﺎﻻت:
أﺣﻣد اﻟﺳوداﻧﻲ ،اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أﺷﻐﺎل اﻟﯾوم اﻟدراﺳﻲ
اﻟﻣﻧظم ﺑﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ واﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺣول ﻣوﺿوع اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي
ﺑﺎﻟﻣﻐرب" :واﻗﻊ وآﻓﺎق" ﺑﺗﺎرﯾﺦ 26ﻓﺑراﯾر .2005
ﻋﺑد اﷲ ﻣﺗوﻛل" :ﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻬﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺳق اﻟﻼﻣرﻛزي اﻟﻣﻐرﺑﻲ" ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻘﺎﻧون واﻗﺗﺻﺎد اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ،اﻟﻌدد
.2001 –45
إدرﯾس اﻟﻘﺎﺳﻣﻲ ﺧﺎﻟد اﻟﻣﯾر :ﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬﺎت ،ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺗﻛوﯾن اﻹداري ،اﻟﻌدد .9
اﻟﻣﻐرب أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ :دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻷول،
ﻣﻧﺷورات ﻛﻠﯾﺔ أﻵداب واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط ،ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻧدوات وﻣﻧﺎظرات رﻗم ،1991.17اﻟﻧﺷر اﻟﻌرﺑﻲ
اﻹﻓرﯾﻘﻲ ،اﻟرﺑﺎط.
اﻟدﺳﺎﺗﯾر:
اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ – اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ )) ،(BGBI.III 100 – 1ﻣﺎي
.(1949
اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 111.14اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬﺔ ،اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻋدد .3321
ظﻬﯾر ﺷرﯾف رﻗم 171.77ﻓﻲ 16ﯾوﻧﯾو .1971
ﺗﻘﺎرﯾر:
ﺗﻘرﯾر ﺣول اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻣرﻓوع إﻟﻰ اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك ﻣﺣﻣد اﻟﺳﺎدس ،اﻟﻠﺟﻧﺔ
اﻻﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺟﻬوﯾﺔ.
-Alain Claisse : « l’espace démocratique locale dans les pays e, développement
» Etate space et pouvoir locale : réflexion sur le Maroc et les Etatsen..
-Michel Rousset: “politique et développement au maroc, 1956 / 2004 “,
publication de revue microcline d'administration.
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟﻬوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ- 13 - ................................................................... .
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :اﻟﻣﺣددات اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺗﯾن اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ واﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ- 15 - ......................................................... .
اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ :ﻣن اﻟﻔﯾدراﻟﯾﺔ اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري- 16 - ............................................................................... .
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟﻬوي اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﺑﻌد اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ واﻹطﺎر اﻟﺑﻧﯾوي- 39 - ......................................... .
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻣﺣددات اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺗﯾن اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ واﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ- 49 - ....................................................... .
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :أﺳﺑﺎب إﻗرار اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي واﻟﺣدود اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻓﻲ إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ- 60 - .............................................................. .
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺣدود اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﻗرار اﻟﻧظﺎم اﻟﺟﻬوي اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ- 62 - ...................................................................... .
اﻟﻔرع اﻻول :ﻣﻌﺎﻟم ﺗدﺧل ﻛل ﻣن اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺟﻬوي وﻣﻣﺛﻠﻲ اﻻدارة اﻟﻣرﻛزﯾﺔ- 70 - .............................................................. .
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻻﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي- 74 - ......................................................... .
اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :اﻻﺳﺑﺎب اﻻﺧرى ﻟﺗداﺧل اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺟﻬوي- 76 - ............................................................. .
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن أدوار اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﻬﺔ- 79 - ................................................................................. .
اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺗرﺳﯾﺦ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت- 81 - ......................................................................... .
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :دور ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻓﻲ إﻧﺟﺎح اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب- 86 - .................................................................. .
اﻟﻣطﻠب اﻷول :أﺳﺎس ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﻓﻲ أﻓق اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ- 87 - .......................................... .
اﻟﻔرع اﻻول :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ أداة ﻟﻠدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺗراﺑﯾﺔ- 87 - .......................................................................... .
اﻟﻔﻘرة اﻻوﻟﻰ :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ أﺳﺎس ﻟﺗرﺳﯾﺦ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗراﺑﯾﺔ- 87 - ...................................................................... .
اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :اﻟﺟﻬوﯾﺔ اﻟﻣوﺳﻌﺔ ورﻫﺎن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺗراﺑﯾﺔ- 91 - ............................................................................ .
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔرﯾﻊ وﺧﺻوﺻﯾﺎت ﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ- 95 - ............................................................................ .
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ظل ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﻟﻠﺟﻬﺔ- 101 -............................................................................. .
اﻟﻔﻘرة اﻻوﻟﻰ :ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ داﺧل ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ- 102 -...................................................................................... .
اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﻣﻛﺎﻧﺔ ﺟﻬﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ داﺧل اﻟدوﻟﺔ- 103 -...................................................................................... .