Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 18

‫أربعينية ابن خلدون وتطبيقاتها في‬

‫بعض دول العالم الثالث‬


‫د‪ .‬عزمي أبو السعود‬
‫أربعينية ابن خلدون‪ :‬هي أربعون خالصة أو مبدأ اعتصرت من مقدمة‬
‫ابن خلدون‪ ،‬مؤسس علم االجتماع‪ ،‬نلوذ بها اليوم‪ ،‬ليس هربا مما نعانيه‬
‫من أحداث جسام‪ ،‬بل لفهم ما يجري بنا وحولنا‪ ،‬بعد أن يعترينا مرحلة‬
‫متقدمة من المرض‪ ،‬أفرادا ومجتمعات‪ ،‬ففيها وصف دقيق لطريق‬
‫الخالص‪.‬‬
‫رأى ابن خلدون ان بناء الحضارة يحتاج للتدرج و انه ال يمكن يقوم على نهج ثوري‪،‬‬
‫حيث يبدأ هذا التدرج من تأمين الغذاء األساسي ثم يأتي بعد ذلك االهتمام بالملبس و‬
‫المسكن و بعد ذلك تأتي الزينة المفرطة و اإلهتمام بمظاهر الحياة و كمالياتها‪ ،‬و يجدد‬
‫ابن خلدون هنا تأكيده ان االمن الغذائي هو المرحلة االولى و االساسية في العمران و‬
‫ال عمران بدونها‪.‬‬
‫و من هنا ينبغي لمن يريد بناء اي دولة على البدء بتحقيق االمن الغذائي قبل اي‬
‫شيء‪ ،‬فإذا غاب الغذاء فانه ال يمكن المرور الي مرحلة اخرى‪ .‬و هنا نتبين ان دولنا‬
‫تسير عكس االتجاه الطبيعي للعمران مما يفسر حالنا اليوم‪.‬‬
‫إن القبيلة إذا قوي سلطانها ضعف سلطان الدولة‪ ،‬وإذا قوي سلطان الدولة ضعف‬ ‫‪.1‬‬
‫سلطان القبيلة‪.‬‬
‫االستبداد يقلب موازين األخالق‪ ،‬فيجعل من الفضائل رذائل‪ ،‬ومن الرذائل فضائل ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الظلم مخرب للعمران‪ ،‬وإن عائدة الخراب في العمران على الدولة بالفساد واالنتقاض‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫دخول الحكام واألمراء للسوق والتجارة والفالحة مضرة عاجلة للرعايا وفساد للجباية‬ ‫‪.4‬‬
‫ونقص للعمارة‪.‬‬
‫السيف والقلم أداة بيد الحاكم يستعين بهما على أمره والحاجة إلى السيف في نشأة‬ ‫‪.5‬‬
‫الدولة وهرمها أكثر من الحاجة للقلم‪.‬‬
‫‪ .6‬الُملك بالجند‪ ،‬والجند بالمال‪ ،‬والمال بالخراج‪ ،‬والخراج‬
‫بالعمارة‪ ،‬والعمارة بالعدل‪ ،‬والعدل بإصالح العمال‪ ،‬وإصالح‬
‫العمال باستقامة الوزراء‪.‬‬
‫‪ .7‬الهوية القبلية المبنية على البداوة تعرقل استقرار الدولة‪.‬‬
‫‪ .8‬إذا خشي الناس أن يسلب الظلم حقوقهم أحبوا العدل وتغنوا‬
‫بفضائله‪ ،‬فإذا أمنوا وكانت لهم القوة التي يظلمون بها تركوا‬
‫العدل‪.‬‬
‫‪ .9‬الخوف يُحي النزعات القبلية والمناطقية والطائفية‪ ،‬واألمن‬
‫والعدل يلغيها‪.‬‬
‫‪.10‬إن الرخاء واالزدهار واألمن تساهم في الحد من العصبية‪،‬‬
‫بينما الحروب والخوف والفقر (البطالة) تعزز من العصبية‪.‬‬
‫‪ .11‬إذا زال العدل انهارت العمارة وتوقف اإلنتاج‪ ،‬فافتقر الناس‬
‫واستمرت سلسلة التساقط حتى زوال الملك‪.‬‬
‫‪ .12‬العدل إذا دام عمر‪ ،‬والظلم إذا دام دمر‪.‬‬
‫‪ .13‬ال تستقيم رعية في حالة كفر أو إيمان بال عدل قائم أو ترتيب‬
‫لألمور يشبه العدل ‪.‬‬
‫‪ .14‬السلطان واألمراء ال يتركون غنيا في البالد إال وزاحموه في ماله‬
‫وأمالكه‪ ،‬مستظلين بحكم سلطاني جائر من صنعتهم‪.‬‬
‫‪ .15‬كلما فقد الناس ثقتهم بالقضاء تزداد حالة الفوضى‪ ،‬وهي أولى‬
‫عالمات اإلصالح‪ ،‬فالقضاء هو عقل الشعب ومتى فقدوه فقدوا‬
‫عقولهم‪.‬‬
‫‪ .16‬إذا عم الفساد في الدولة فإن أولى مراحل اإلصالح في الدولة هي‬
‫الفوضى‪.‬‬
‫‪ .17‬الظلم ال يقع إال من أهل القدرة والسلطان ‪.‬‬
‫‪ .18‬من أهم شروط العمران سد حاجة العيش واألمن {أطعمهم من جوع‬
‫وآمنهم من خوف}‪.‬‬
‫‪ .19‬غاية العمران هي الحضارة والترف‪ ،‬وإنه إذا بلغ غايته انقلب إلى‬
‫الفساد وأخذ في الهرم‪ ،‬كاألعمار الطبيعية للحيوانات‪.‬‬
‫‪ .20‬انتشار الفساد يدفع بعامة الشعب إلى مهاوي الفقر والعجز عن‬
‫تأمين مقتضيات العيش‪ ،‬وبداية لشرخ يؤدي إلى انهيار الدولة ‪.‬‬
‫الترف و الحكم العصبي القبلي‪:‬‬
‫العصبية القبلية هي اصال ليست اال طريقة للسعي للفوز بالحكم و هنا يؤكد ابن خلدون‬
‫ان كل حاكم يحاول ان يلعب بنار اذكاء العصبيات القبلية و العرقية انما يبني في النهاية‬
‫عدوا طامعا في الحكم سيضهر عليه يوما‪ ..‬و هنا يقول ابن خلدون ان الترف هو بداية‬
‫النهاية الي حكم عصبي قبلي ألن الترف سيجعل المصلحة الفردية تغلب على مصلحة‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫ال تتوقع شيئا من جيل قبل الذل‪:‬‬

‫وهذه قاعدة ذهبية أشار اليها و ذلك ألن الجيل‬


‫الذي يقبل بالذل المرة االولى يقبله ان اضطر في‬
‫المرة الثانية‪ ..‬و استشهد بقصة بني اسرائيل و‬
‫حكمة التيه اربعين سنة و هي ان يذهب الجيل‬
‫الذي كان قد قبل الذل من فرعون و يأتي جيل‬
‫عفي ال يقبل الذل‪.‬‬
‫المغلوب يتبع الغالب‪:‬‬

‫النفس البشرية ترى الغالب كامال و تستقر فيها عظمة‬


‫المنتصر لتغلبه عليها او تقوم بمغالطة نفسها بتبرير‬
‫الخسارة لكمال المنتصر‪ ،‬و هذا التبرير يكون من قبل الفرد‬
‫او االمة على حد السواء‪ ..‬فالنفس البشرية تميل إلختالق‬
‫األعذار اكثر من االعتراف بالتقصير و الخطأ‪ ..‬و لهذا‬
‫السبب تتبع االمة المغلوبة االمة الغالبة في كل شيء‬
‫اللباس و السالح و طريقة االدارة تشبه االبن بابيه النه‬
‫يعتقد فيه الكمال و هنا يتبين ان اهم و اصعب مراحل‬
‫اإلنتصار هو محو الهزيمة النفسية لالمة‬
‫األمة المملوكة لغيرها فانية ال محالة‪:‬‬
‫عندما تقنع األمة المملوكة او المغلوبة بحالة الهزيمة و تحيط بها حالة من فقدان‬
‫االمل و غياب الحافز فانها تسير نحو الفناء الن كال العاملين يمثالن السر خلف‬
‫البناء و العمل و حتى كثرة النسل‪ ..‬فان غلب الخمول على االمة المغلوبة تراجعت‬
‫حتى تصبح لقمة سائغة لكل طامع فيتدخل بهم الجميع و يتناهشون ما تبقى منهم‬
‫حتى يفنى وجودهم اما باالبادة اما باالنصهار التام‪.‬‬
‫و ذكر في هذا السياق الفرس بعد سقوط دولتهم على يد المسلمين‪ ،‬فقد كان عددهم‬
‫كبير جدا لكنهم تناقصوا و تشتتوا رغم العدل االسالمي فيهم و اعتبر هنا ان‬
‫مسألة االندثار مرتبطة بالتبعية و ليست بالعدل (و حتى زمن ابن خلدون كان ما‬
‫يقوله صحيحا عنهم لكن يبدو انهم استوعبوا الدرس في ما بعد حتى قلبوا علينا‬
‫ضهر المجن و ال حول و ال قوة اال باهلل) و يمكن مطابقة هذه النظرية مع ما حدث‬
‫مع الهنود الحمر في امريكا ايضا‪ .‬فاالنسان حسب ابن خلدون رئيس بطبعه فان‬
‫فقد هذه الصفة خسر كيانه و اصبح اقرب للحيوان اذ صار ال يهتم اال بغرائزه و‬
‫نسي وضيفته في الحياة و هي االعمار و االنجاز‪.‬‬
‫العرب و عقدة المصاعب‪:‬‬

‫قال ابن خلدون ان للعرب طريقة في الحرب حيث لم يكونوا‬


‫محبين للصعاب و للطرق الوعرة‪ ،‬فكل امة خلف جبل او بحر‬
‫كانت في مأمن منهم فالعرب لم يكونوا ابدا مهتمين بخوض‬
‫الصعاب الطبيعية قبل اي حرب‪ ..‬و حتى المرات القليلة التي‬
‫خالف فيها التاريخ هذ القاعدة نجد ان قوام من قام بهذه‬
‫الخطوة هم شعوب حليفة كالبربر و الترك‪ ..‬و هذه العقدة‬
‫مازالت قائمة الى حد اآلن‪.‬‬
‫الحكم الديني هو االكثر مناسبة للعرب‪:‬‬

‫و ذلك بسبب طبيعة العربي المائلة للرياسة و صعوبة انصياعه لغيرهم‪،‬‬


‫كما ان اهوائهم ال تلتقي ابدا و هنا تحدث عن قاعدته الشهيرة "اتفق‬
‫العرب ان ال يتفقوا" التي يتداولها الناس اليوم بجهل دون ان يفهموا‬
‫قصر العالمة الكبير‪ ،‬فالحل الوحيد لجمع العرب هو الدين النه من هللا و‬
‫ليس من البشر‪.‬‬

‫و يعتبر ابن خلدون ان هذا ليس بمسبة بل بالعكس هو احدى اهم‬


‫ميزات العرب فهم الشعب االقرب الى الفطرة البشرية السليمة و ذلك ما‬
‫جعلهم اسرع لقبول الحق حتى في الجاهلية‪ ،‬و لذلك ال يصلح لحكم‬
‫العرب اال الحكم الديني و ال ينجح معهم سواه‪.‬‬
‫البدو أساس الحضارة‪:‬‬
‫يعتبر ابن خلدون ان البدو هم اساس اي حضارة ألنهم اكثر انتاجا و اقل‬
‫استهالكا من اهل المدن إلكتفاء البدو بالضروريات و حرص الحضر على‬
‫الكماليات‪ ..‬و يتعرض في هذا الباب لحقائق تاريخية تؤكد ان اصل معظم‬
‫اهل المدن يعود للبادية و بالتالي البدو هم اصل الحضارة‪.‬‬
‫إضافة الى ان طبائع البدو افضل من طبائع الحضر و انقى و اشجع و‬
‫اقرب للفطرة البشرية و لهذا يعتبر ابن خلدون ان بناء اي حضارة ال يتم‬
‫اال على ايدي البدو و هي حقيقة تاريخية‪.‬‬

‫سيادة اهل المدن على البدو‪:‬‬


‫وذلك لسيطرة اهل المدن على معاش اهل البادية لبحثهم عن الكماليات‬
‫بالشراء مما يجعل معاش البدو مرتبطا بالمدن لصيقا بها‪.‬‬
‫«إن القبيلة إذا قوى سلطانها ضعف سلطان الدولة‪ ،‬وإذا قوى سلطان الدولة ضعف سلطان‬
‫القبيلة»‪ ،‬يمكن أن نضع كلمة الجماعات محل القبيلة لترى مصداقية هذه القاعدة‪ ،‬فهى تحل‬
‫فى مساحات الفراغ االقتصادى واالجتماعى والعلمى والثقافى الذى تتركه الدولة‪.‬‬
‫«الطغاة يجلبون الغزاة»‪ .‬لك أن تراها فى الخديوي توفيق‪ ،‬وصدام حسين‪ ،‬والقذافى‪ ،‬وعبدهللا‬
‫صالح وغيرهم‪.‬‬
‫«االستبداد يقلب موازين األخالق‪ ،‬فيجعل من الفضائل رذائل ومن الرذائل فضائل»‪ .‬ترى‬
‫ذلك فى معظم بالد العرب والمسلمين‪ ،‬فرغم وجود األديان فإنك تراها أكثر البالد إخالفاً‬
‫للوعد وإهماالً فى العمل وخيانة لألمانة وهروباً من المسؤولية وليس بسبب غياب الدين ولكن‬
‫لكثرة االستبداد فيهم‪.‬‬
‫يرفض ابن خلدون تدخل الدولة المباشر فى اإلنتاج والتجارة‬
‫لما يترتب عليه من أضرار اقتصادية‪ ،‬ويرى أن حاجة الدولة‬
‫للمال هو الذى يدفعها لذلك‪ ،‬مما يؤدى إلى عكس مقصودها‪،‬‬
‫انظر إلى فشل الدول الشيوعية واالشتراكية‪.‬‬

‫«الصناعة هى السبب األساسى فى االزدهار الحضارى»‪.‬‬


‫حينما أخذت الصين وكوريا وماليزيا واليابان بهذه القاعدة‬
‫تطورت‪ ،‬أما دول الخليج والعرب فلم تصنع سيارة أو توك‬
‫توك‪ ،‬فصارت إلى ما صارت إليه‪.‬‬
‫الفلسفة من العلوم التى استُحدثت‪ ،‬فمع انتشار العمران تكثر بالمدن‪،‬‬
‫وعلى الناظرين فيها االطالع على العلوم الشرعية قبلها حتى يضبط‬
‫الشرع حركتهم‪ ،‬فال يقعوا فى معاطب الفلسفة‪ ،‬وهذه وهللا من أدق‬
‫حكمه‪.‬‬

‫«دخول الحكام واألمراء للسوق والتجارة والفالحة مضرة عاجلة للرعية‬


‫وفساد للجباية (االقتصاد) ونقص للعمارة»‪ ،‬فذلك للمجتمع وليس‬
‫للحكومات‪.‬‬
‫العدوان على الناس فى أموالهم ذاهب بآمالهم فى تحصيلها واكتسابها‪،‬‬
‫وهذا يؤدى إلى ضياع العمران البشرى‪ ،‬أى ضياع المجتمعات والدول‪.‬‬
‫شك اًر لحسن استماعكم‬

You might also like