10-Polycopié-Éthique Professionnelle - 20222023

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 55

‫عدة تكوين – سلك تكوين أطراإلدارة التربوية باملراكزالجهوية ملهن التربية والتكوين ‪2023 - 2022 -‬‬

‫جمزوءة‬
‫أخالقيات مهنة اإلدارة التربوية‬
‫‪ -2‬مطبوع املجزوءة‬

‫الوحدة المركزية لتكوين األطر‬

‫املوسم التكويني ‪2023 -2022‬‬

‫‪1‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫‪2‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬
‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫الفهرس‬
‫تقديم ‪04 ......................................................................................................................................................‬‬
‫الكفاية املستهدفة ‪10 ...................................................................................................................................‬‬
‫أهداف املجزوءة ‪10 .....................................................................................................................................‬‬
‫املحوراألول‪ :‬أخالقيات املهنة‪ :‬إضاءات مفهومية ‪11 ..................................................................‬‬
‫‪ -1‬األخالق ‪11 ....................................................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬األخالقيات ‪17 ..............................................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬املهنة ‪11 .......................................................................................................................................‬‬
‫املحورالثاني‪ :‬مرجعيات أخالقيات املهنة ‪20 ..............................................................................‬‬
‫‪ .1‬نظريات الفلسفة األخالقية ‪20 ....................................................................................................‬‬
‫‪2.‬مرجعيات أخرى ‪25 ........................................................................................................................‬‬
‫املحورالثالث‪ :‬املبادئ القيمية املوجهة ألخالقيات املهنة ‪27 .......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف املسؤولية وأهميتها ‪27 ...................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحقوق والواجبات املهنية ‪30 ..................................................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬املسوؤلية القانونية واملهنية ‪32 ................................................................................................‬‬
‫املحورالرابع‪ :‬عالقة أخالقيات مهن اإلدارة في مجال التربية والتكوين بمفهوم القيادة ‪34 .............‬‬
‫‪ -1‬القيادة القائمة على السلطة الرسمية ‪34 .................................................................................‬‬
‫‪ -2‬القيادة القائمة على الوظيفة ‪35 ...............................................................................................‬‬
‫‪ -3‬القيادة القائمة على العالقات اإلنسانية ‪35 .............................................................................‬‬
‫‪ -4‬أهم األدوار املميزة للقيادة األخالقية الناجحة ‪35 .....................................................................‬‬
‫َّ‬
‫املحورالخامس‪ :‬التزامات اإلطاراإلداري وعالقاته املؤطرة بأخالقيات املهنة ‪36 .............................‬‬
‫املحورالسادس‪ :‬آليات تفعيل أخالقيات املهنة ‪44 .....................................................................‬‬
‫الئحة املصادر واملراجع (لالستئناس والتوسع) ‪53 ......................................................................................‬‬

‫‪3‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫تقديم‬
‫»إن إصالح اإلدارة يتطلب تغيير السلوكات والعقليات‪ ،‬وجودة التشريعات‪ ،‬من أجل مرفق إداري‬
‫عمومي فعال‪ ،‬في خدمة املواطن؛ فالوضع الحالي‪ ،‬يتطلب إعطاء عناية خاصة‪ ،‬لتكوين وتأهيل املوظفين‪،‬‬
‫الحلقة األساسية في عالقة املواطن باإلدارة‪ ،‬وتمكينهم من فضاء مالئم للعمل‪ ،‬مع استعمال آليات التحفيز‬
‫واملحاسبة والعقاب‪«1‬‬
‫الص َ‬
‫واب إذا ما أكدنا على أن لفظ "أخالقيات" من بين أكثر العبارات رواجا ضمن‬ ‫َ‬
‫مجانبين َّ‬ ‫قد ال نكون‬
‫ما تنتجه التنظيمات املهنية من خطابات‪ ،‬وما ُّ‬
‫تعج به كل الحقول الخاصة بالعلوم اإلنسانية واالجتماعية من‬
‫س‬ ‫أبحاث وأدبيات‪ ،‬ال سيما منها تلك التي تروم دراسة املهن وشروط ممارستها وما يحيط بها من مواقف وما َّ‬
‫تتأس ُ‬
‫يضبط ممارستها من قوانين وتشريعات‪ ،‬بحيث ينذر أن تجد مهنة من املهن بمعزل‬ ‫عليه من قيم ومبادئ وما ْ‬
‫عن إضافة لفظ "أخالقيات" إليها‪ ،‬واألخالقيات في مجال اإلدارة التربوية ال تأخذ صورتها إال في عالقة مع ما‬
‫َّ‬
‫تحتضنه املؤسسة التربوية من أحداث وتفاعالت‪ ،‬مادامت هذه األخيرة عبارة عن تنظيم َيتولى املديرون تدبيره‬
‫بالتعاون مع أطره‪ ،‬وبالتالي فنجاحها في تحقيق ما ُينتظر منها تربويا‪ ،‬يتوقف على األطر اإلدارية‪ ،‬السيما املدير‬
‫اما توفير َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫مدونات أخالقية ملهنة اإلدارة التربوية‪ ،‬وفي ظل غيابها ضمن‬ ‫وحكامته‪ ،‬ولتحقيق هذا الهدف كان ِلز‬
‫سياقنا املغربي‪ ،‬أو عدم خروجها من الطابع الضمني لتكتس ي الطابع الصريح‪ ،‬وهو ما أكد عليه املجلس األعلى‬
‫للتربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي في رأيه رقم ‪ 20/5‬الصادر في يوليوز ‪ 2019‬والذي جاء فيه‪":‬‬
‫واستحضارا للسياق الحالي‪ ،‬الذي تعرفه مهن التدريس والتكوين والبحث باملنظومة الوطنية للتربية والتكوين‪،‬‬
‫مجتمعيين‪ ،‬فإن املجلس يشدد على الضرورة غير القابلة للتأجيل ملأسسة‬ ‫ْ‬ ‫وما تواجهه من اهتمام ومساءلة‬
‫ميثاق لقيم وأخالقيات املهن التربوية‪ ،‬يشكل مرجعية في الحقوق والواجبات املهنية واالجتماعية والثقافية‬
‫للفاعلين (ات) في هذه املهن‪ ،‬في احترام تام ملبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات‪ ،‬وفي استحضار للمرجعيات‬
‫ّ‬
‫املوجهة‪ ،‬الوطنية والدولية ‪".‬‬
‫انطالقا من تلك االعتبارات سعت هذه املجزوءة‪ ،‬التي تربطها عالقة تفاعل مع املجزوءات التكوينية‬
‫األخرى مع إضفائها للطابع الكلي والشمولي التهديفي على مضامينها‪ ،‬أو بكلمة واحدة منحها معنى‪ ،‬سعت إلى‬
‫تثمين الحس األخالقي لإلطار اإلداري‪ ،‬وقبل ذلك إلى تمكينه مما به يقوى على اتخاذ موقع تجاه الخصائص‬
‫الشرعية أو القانونية واألخالقية ملهنة إطار إدارة تربوية‪ ،‬ما يقتضيه ذلك التموقع من فحص نقدي للمواقف‬
‫والقيم واالتجاهات على الصعيد الشخص ي‪ ،...‬اعتبارا ما يطبع مهنة اإلطار اإلدارة التربوية من خصوصية‬
‫َّ ُ‬
‫تجعله يواجه بكيفية منتظمة مشاكل غاية في التعقيد‪ ،‬أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تخ ِلف ارتجاجا على‬
‫مستوى اإلحداثيات الخاصة بالسير املألوف واملعتاد؛ ذلك أن إدماج التالميذ الذين ينحدرون من رافد متنوعة‬
‫اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا‪ ،‬واستخدام املراقبة عبر استعمال تقنيات اإلعالم واالتصال مع ضرورة السهر‬

‫‪ - 1‬مقتطف من الخطاب امللكي في افتتاح الدورة األولى من الوالية التشريعية العاشرة بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر‪.2016‬‬

‫‪4‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫على حماية الحياة الخاصة لألفراد وضرورة بذل الجهد ألجل إدماج التالميذ ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬إلى‬
‫جانب ما يفرضه تدبير ندرة املوارد املالية من ضغوطات‪... .،‬‬
‫كل تلك املعضالت وغيرها كثير تفرض ضرورة البحث عن حلول تطبعها األصالة للمشكالت التي تتصارع‬
‫داخلها أشكال اجتماعية متباينة‪ ،‬بل ومتناقضة من التفكير‪ ،‬والعمل من أجل اتخاذ قرار في وضعيات ُ‬
‫سمتها‬
‫التعقيد والاليقين‪ ،‬واألمران معا (البحث عن الحلول واتخاذ القرارات) يقتضيان االنتباه الدائم واليقظة‬
‫املستمرة من إطار اإلدارة التربوية‪ ،‬عبر اعتماده الحوار ً‬
‫نهجا مستمرا مع كل الفاعلين في البيئة املدرسية‪ ،‬حتى‬
‫يتحقق له االقتراب من اتخاذ أفضل القرارات املمكنة‪.‬‬
‫وألن التسيير واإلدارة في أي مجال من املجاالت ال يستقيم معناه إال بالعملية الدؤوبة التخاذ القرارات‪،‬‬
‫فإن أطر اإلدارة التربوية عند مباشرتهم تدبير وتسيير مؤسساتهم التعليمية‪ ،‬يتخذون قرارات تكون لها آثار على‬
‫ً‬
‫حياة اآلخرين‪ ،‬وهذا األمر تحديدا هو ما يجعل من القيادة السيما في مجال التربية‪ ،‬مشكلة أخالقية؛ ألن كل‬
‫قرار إداري قد يحمل معه إرساء بعد جديد لحياة إنسانية أو إعادة هيكلتها برمتها‪ ،‬مما يجعل اإلدارة التربوية في‬
‫ْ‬
‫قلب َحلحلة املعضالت األخالقية‪ ،‬مادامت القيادة ال يمكن حتى إدراكها في انفصال عن العالقة باآلخرين‪،‬‬
‫وبالتالي ال وجود لقيادة في ظل العزلة‪ ،‬وكي يكون هناك قائد البد من وجود أشخاص يقودهم‪ ،‬مما يجعل قرار‬
‫قبولهم االضطالع بالوظائف‬ ‫من يتولى القيادة ذا تأثير بالغ في حياة من يتولى قيادتهم وإدراتهم‪ .‬وأطر اإلدارة حين ِ‬
‫اإلدراية في املجال التربوي على صعيد املدرسة‪ ،‬يكونون قد وافقوا على تحمل مسؤولية تأمين "العيش والتفاعل‬
‫الجيد" لكل من التالميذ واآلباء‪ ،‬وممارسة تلك املسؤولية يكون لها أثر مباشر على فشل أو نجاح التالميذ‪،‬‬
‫وبالتالي رقي أو ارتكاس املجتمع برمته‪ ،‬ألن فعل التربية هو بذاته وفي جوهره مشروع أخالقي‪ ،‬مادام انشغاله‬
‫منصبا على"رعاية نمو الكائنات اإلنسانية وإثراء التفاعالت فيما بينها‪".‬‬
‫ذلك أن "التربية من أعمال املجتمع البشري األولية والضرورية للغاية‪ ،‬باعتباره مجتمعا ال يبقى على‬
‫جد ُد نفسه باستمرار بالوالدة‪ ،‬وبمجيء أناس ُج ُدد"‪ ،1‬مما ُيظهر مدى املركزية التي يحظى بها البعد‬
‫حال‪ ،‬بل ُي ّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫يقدم نفسه أوال وقبل كل ش يء‪ ،‬بوصفه شعورا‬ ‫األخالقي الذي ينطوي عليه فعل التربية‪ ،‬لكون هذا الفعل ِ‬
‫الج ُدد‪ ،‬وتجاه ما ِيف ُدون عليه؛ أي تجاه العالم‪.‬‬
‫وإحساسا باملسؤولية تجاه الوافدين ُ‬

‫أما التجلي الثاني الذي يجعل من الفعل التربوي فعال أخالقيا باملاهية فهو مدى املركزية التي تطبع البعد‬
‫األخالقي في تأسيس مفهوم وفعل التربية هو ما يعطي كامل املشروعية للتفكير في "أخالقيات ممارسة التربية‬
‫والتعليم"‪ ،‬ال سيما من يتولون القيادة واتخاذ القرار على صعيد املؤسسات التعليمية‪ ،‬ألن األخالقية في التربية‬
‫ُ‬
‫ليست مجرد خطب و ِعظات أو معارف يتم تلقينها‪ ،‬بل هي مواقف وتفاعالت ووضعيات تنبض بالحياة‪.‬‬

‫‪ - 1‬حنة أرندت‪ ،‬بين املاض ي واملستقبل‪ :‬ستة بحوث في الفكر السياس ي‪ ،‬نقله إلى العربية‪ ،‬عبد الرحمن بوشناق‪ ،‬جداول للنشر والترجمة والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2014‬ص‪ ،‬ص ‪.251 ،250‬‬

‫‪5‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫لكن لسائل أن يسأل‪ :‬ملاذا االهتمام بأخالقيات أطر اإلدارة التربوية‪1‬؟ وهل كانت ممارسة تدبي وتسيير‬
‫ُ‬
‫وتدبير البيئة التربوية للتربية غ ْفال من األبعاد والقيم األخالقية؟ وبتعبير آخر؛ ما الذي َح َّتم الحديث عن هذه‬
‫األخالقيات في الحقبة املعاصرة من تطور املجتمعات‪ ،‬ودفع إلى االنتقال من الصعيد الضمني إلى الصريح‪ِ ،‬إ ْن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫انشغاال أو اشتغاال بها؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تؤشر عليه الزيادة في االهتمام بقضية من القضايا أو أمر بعينه‪ ،‬هو أنه ما عاد يسير من‬ ‫إن أول ما ِ‬
‫تلقاء ذاته‪ ،‬أو على أقل تقدير أن أداءه ما عاد كما كان أو أنه ما عاد يجري دون أن يثير التساؤل‪ ،‬حتى ال نقول‬
‫بأنه يؤشر على نوع من "األزمة" وهو األمر الذي ينطبق‪ ،‬بشكل من األشكال‪ ،‬على انبثاق االهتمام بـ"أخالقيات‬
‫َ‬
‫املهنة" وت َج ُّد ِد ِه‪ ،‬السيما منها مهن التربية والتعليم‪ ،‬فإلى ماذا يمكننا إرجاع ذلك وبماذا يمكننا تفسيره؟ أو‬
‫باألحرى على ماذا يدل ويؤشر؟‬
‫ُ‬
‫ت ْج ِم ُع جل األدبيات الخاصة بالعلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية على أن املجتمعات املعاصرة تعيش‬
‫ض ْربا من "أزمة املعنى والقيم"‪ .2‬يتحدد تجليها األوضح في االنكسار والتشظي الذي أصاب األطر التقليدية على‬ ‫َ‬
‫املستوى املعياري واألخالقي باعتبارها هي التي "توفر الخلفية الصريحة أو الضمنية ألحكامنا األخالقية وحدوسنا‬
‫خيمت‬‫أو ردود فعلنا (‪ )...‬فلفظ اإلطار معناه شرح ما له معنى في استجاباتنا األخالقية"‪ ،3‬فكان من آثار ذلك أن َّ‬
‫َّ‬
‫الال َ‬
‫مدنية وانعدام التسامح‪ ،‬إلى جانب ألوان اإلرباك‬ ‫صور اإلحساس بانعدام األمن‪ ،‬وارتفاع مظاهر‬
‫واالضطراب التي ألحقتها التطورات التقنية بـ"ممارسة الحكم" واالكتساح املهول للنزعة االستهالكية والبحث‬
‫عن الربح واستحكام الغموض وااللتباس على املستوى اإلتيقي‪ ،‬كل ذلك خلق نوعا من االرتجاج على مستوى‬
‫املعيش‪ ،‬وإضعافا للرابطة االجتماعية‪ ،‬ازداد عمقا مع التعددية‪ ،‬على اختالف أشكالها وصورها‪ ،‬التي صارت‬
‫تخترق املجتمعات املعاصرة مقترنة في الكثير من الحاالت بضرب من انعدام اليقين‪ ،‬وهو ما أحسن التعبير عنه‬
‫جون هوسايي قائال‪":‬لم يعد السؤال من اآلن فصاعدا هو البحث عن أساس مطلق‪ ،‬بقدرما صار‪ ،‬على العكس‬
‫من ذلك‪ ،‬كاشفا عن تدبير للتعددية"‪ .4‬كل ذلك جرى دون أن يتولد في املقابل ما يقوم مقام األطر التقليدية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫اللهم ما كان من جهة املراهنة على الفرد داخل املجتمعات املعاصرة التي تهيمن عليها النزعة الفردية‪ ،‬بوصفه‬

‫‪ُ ّ ُ1‬‬
‫وظف هنا مصطلح "أخالقيات" باعتبار ما هو متعارف على املستوى الرسمي على استعماله وتداوله ولو بشكل ضمني‪ ،‬غير أن ذلك ال يمنع من‬ ‫ن ِ‬
‫اإلشارة إلى البعد الغامض وامللتبس أو على أقل تقدير اإلشكالي‪ ،‬الذي ينطبع به استعمال هذا املصطلح بدال من مصطلح "إتيقا"‪ ،‬إلى جانب أن‬
‫توظيفه في هذا السياق‪ ،‬ينطوي على بعدين تكوينيين له هما‪ :‬البعد الديونطولوجي والبعد االتيقي التأملي أو التبصري‪.‬‬
‫‪ 2‬من العناوين الدالة على هذه املفارقة التي تطبع الحقبة من تطور املجتمعات املعاصرة في عالقتها باألبعاد القيمية واملعيارية‪ ،‬نجد عنوان كتاب‬
‫للبوفيتسكي‪ُ ،‬يظهر كيف أن ارتفاع الخطابات املتمحورة حول األخالق واالتيقا‪ ،‬يعلن من جانب آخر عن " أفول الواجب"‪:‬‬
‫‪2- Gilles Lipovetsky, Le crépuscule du devoir : l'éthique indolore des nouveaux temps démocratiques, Gallimard, paris,1992.‬‬
‫تكون الهوية الحديثة‪ ،‬ترجمة‪ :‬حيدر حاج إسماعيل‪ ،‬مراجعة هيثم غالب الناهي‪ ،‬املنظمة العربية للترجمة‪ ،‬توزيع‬ ‫‪ -3‬شارل تايلور‪ ،‬منابع الذات‪ُّ :‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،2014‬ص ‪ ،70‬وفي نفس الصفحة يتابع شارل تايلور قائال‪ ...":‬عندما نحاول أن نفهم ما نفترض‬
‫عندما نطلق حكما على شكل معين من أشكال الحياة بأنه جدير باالهتمام‪ ،‬أو نضفي القيمة على انجاز أو مرتبة معينة‪ ،‬أو نعرف واجباتنا األخالقية‬
‫ً‬
‫بأسلوب معين‪ ،‬فإننا ننطق‪ ،‬من بين أشياء أخرى‪ ،‬بما كنت ولم أزل أدعوه هنا "أطرا"‪ .‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪4- Houssaye.J.(dir), Education et philosophie, Approche contemporaines, Paris, ESF, 1999.‬‬

‫‪6‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫"ذاتا فاعلة" من أجل "بناء معاييره الخاصة" وتهيئة اإلجابات املالئمة بما يتناسب وسياق الوضعيات التي‬
‫ينخرط فيها أو يكون مساهما فيها‪.‬‬
‫إن هذا التفاوت بين التطور والتقدم املتسارع للمجاالت العملية والعلمية لحياة اإلنسان في املجتمعات‬
‫الراهنة من جانب‪ ،‬والثبات النسبي الذي يسم األطر املعيارية والقيمية القائمة وعدم كفايتها من جانب آخر‪،‬‬
‫كان من الالزم أن يمس املدرسة في الصميم‪ ،1‬باعتبارها مؤسسة وسيطة بين األسرة والعالم‪ ،‬وينعكس عليها في‬
‫صورة إشكاالت طالت‪ ،‬من بين ما طالت‪ ،‬ممارسة مهنة التربية والتعليم‪ ،‬واملرجعيات األخالقية التي يجب أن‬
‫توجهها‪ ،‬السيما الفاعلين الذين يوكل إليهم ضمان انتظام سير املدرسة كمرفق عمومي وبنية تتصارع فيها قيم‬
‫ومواقف تتعدد بتعدد املتدخلين فيها‪.‬‬
‫ّإن ممارسة دور على هذا القدر من الجسامة‪ ،‬داخل سياق باملالمح املشار إليها آنفا‪ ،‬والتي أقل ما يمكن‬
‫حتم االهتمام الصريح بـ"أخالقيات املهنة"‪ ،‬ففي ظل غياب وجود إجابات‬ ‫قوله عنه‪ ،‬أنه سياق إشكالي‪ ،‬هو الذي َّ‬
‫محددة سلفا على وضعيات ال تنفك تتجدد‪ ،‬ومع انتفاء "ألواح جاهزة" للقوانين والوصايا‪ ،‬في ظل "تراجع"‬
‫السرديات الكبرى" الذي َّ‬
‫عس َر كل إمكانية إلضفاء الخاصية الكلية على الفعل اإلنساني والتي كانت تمارسها إلى‬
‫حدود الثمانينات من القرن العشرين األنساق التي هيمنت في حقل العلوم اإلنسانية والفلسفة‪ ،‬من قبيل‬
‫املاركسية والتحليل النفس ي والبنيوية‪ ،2....‬صار ازدهار الخطاب االتيقي داال على أن الرؤية ذات الطابع الكلي‬
‫والحتمي على مستوى التفكير في الفعل داخل عالم اليوم لم تعد كافية‪ ،‬مما استدعى "تصورا آخر للذات‬
‫وملسؤوليتها"‪ ،3‬وفي سياقنا نحن‪ ،‬تصور آخر لدور إطار اإلدارة التربوية باعتباره يضطلع ‪ -‬من بين ما يضطلع به‬
‫– بدور القيادة األخالقية‪ ،‬وهنا يمكننا األخذ بالتمييز الذي يقيمه كل من أوري ‪ ،Oiry‬ودوجي ‪Duguey‬وفوكو‬
‫‪ Foucaud‬بين اإلتيقا املعيارية ‪ ،l’éthique normative‬باعتباره " بحثا عن " الخير"‪ ،‬واالتيقا التأملية أو‬
‫التبصرية ‪ l’éthique reflexive‬بوصفها تحريا لـ"العادل" وبحثا عنه‪ ،4‬بوصفه تمييزا يتكامل مع التمييز الذي‬
‫أقامه ماكس فيبر بين "أخالق االعتقاد" التي تنم عن سجل القيم واالعتقاد دون اعتبار نتائج الفعل‪ ،‬و"أخالق‬
‫املسؤولية"‪ 5‬التي تندرج في إطار عقالني وتميز رجل الفعل‪ ،‬بحيث تقوم على تعقل العالقة بين الغاية والوسائل‬

‫‪ 1‬في هذا السياق يمكننا أن نشير إلى أمر ينطوي على داللة عميقة في هذا االتجاه‪ ،‬وهو أن كتاب فرنسوا ليوتار ‪LYOTARD, Jean-François. La‬‬
‫‪ condition postmoderne‬الذي كان بمثابة تعبير بليغ عن مابعد الحداثة وعن تجليها األوضح املتمثل في انهيار "السرديات الكبرى"‪ ،‬كان في األصل‬
‫عبارة عن تقرير عن املعرفة في املجتمعات األكثر تطورا تم تقديمه إلى مجلس الجامعات التابع لحكومة الكيبيك‪ ،‬بناء على طلب من رئيسه‪ ،‬مما يدل‬
‫على أن املدرسة‪ ،‬بوصفها مؤسسة حداثية‪ ،‬تبقى عاكسة بكامل األمانة‪ ،‬لكل التقلبات والتحوالت التي تصيب الحداثة‪ ،‬ولصور التشكيك التي تطال‬
‫أسسها‪.‬‬
‫‪2Alain Kerlan, Philosophie pour l’éducation : Le compagnonnage philosophique en éducation et en formation, ESF éditeur,2003,‬‬

‫‪p.71.‬‬
‫‪3 Ibid.‬‬

‫‪4 Oiry E., Duguey I., Foucaud J. (2015), Éthique normative et éthique réflexiv : quel rôle dans le leadership éthique des managers‬‬

‫‪du soin ? Journal de gestion et d’économies médicales, vol. 33,(1), pp. 3-21.‬‬
‫‪5 Hottois G. (1996), Éthique de la responsabilité et éthique de la conviction, Laval théologique et philosophique, vol. 52, n° 2, pp.‬‬

‫‪489-498‬‬

‫‪7‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫ضمن منظور الفعالية اإلجرائية‪ .‬وما يهمنا من مثل هذه التمييزات في سياق هذا التقديم‪ ،‬هو بيان مدى مركزية‬
‫الدور الذي تحظى به الذات على مستوى التحرك بين السجالت اإلتيقية‪ ،‬لتعقل فعلها وتبريره‪ ،‬وهو ما يبقى في‬
‫انسجام تام مع البراديغم املعتمد في النظر إلى "مهنة اإلدرة والتدبير"‪ ،‬وبالتالي "تكوين فاعليها"‪ ،‬القائم أساسا‬
‫على مفهومين مركزيين‪ ،‬نعني بهما مفهوم" املَ ْه َن َنة" ومفهوم َّ‬
‫"الت َبصر"‪ ،1‬وكالهما يفترضان في من يزاول هذه املهنة‬
‫أن يكون متصفا بـ" التفكير النقدي‪ ،‬واالبداعية واملبادرة‪ ،‬وحل املشكالت والقدرة على تقويم املخاطر‪ ،‬واتخاذ‬
‫القرار والتدبير البناء للمشاعر والعواطف"‪ ،2‬ليكون قادرا على االنتقال بكامل السالسة والتكامل من الفعل‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ص ُره‪ ،‬ومنه إلى الفعل وقد ت َّم إغناؤه‪ .‬وحين يكون البعد اإلشكالي هو الخاص‬ ‫املُ َما َرس إلى الفعل الذي يتم َت َب ُّ‬
‫بالجانب االتيقي‪ ،‬ضمن منظور يجمع تفاعليا بين مفهومي "املهننة" و"التبصر"‪ ،‬ينخرط اإلداري في موقف‬
‫لتنمية ممارسته املهنية‪ ،‬طيلة مساره املنهي‪ ،‬إما عن طريق تحليل تجربته املهنية الخاصة وتأملها‪ ،‬بكيفية فردية‬
‫بغية حل املشاكل التي صادفها‪ ،‬والعمل على تسديد ممارسته بالتصويبات والتعديالت الضرورية‪ ،‬أو‬
‫بإخضاعها للمناقشة مع باقي الفاعلين في البيئة املدرسية‪ ،‬مما يجعل أخالقيات املهنة تفصح عن نفسها‬
‫بوصفها نتيجة محاولة ل َح ِ ّل املشكالت املرتبطة بالفعل امللموس واليومي‪ ،‬ألنها تجد نفسها في مواجهة مشكالت‬
‫تبدو الحلول التقنية لها غير كافية‪.‬‬
‫إن اإلملاع إلى هذين املفهومين ("املهننة" و"التبصر")‪ ،‬إنما كان ألجل بيان‪ُّ ،‬‬
‫التوزع الذي يطبع التنظيرات‬
‫الحالية‪ ،‬على مستوى تأسيس "أخالقيات املهنة"‪ ،‬تلك املرتبطة باملهام اإلدارية‪ ،‬بين من يركزون على تغليب‬
‫التصور الديونطولوجي"‪ ،‬مرجحين التأويل القائم على تصور للمهنة‪ ،‬وقد تم النظر إليها من زاوية‬ ‫ُّ‬ ‫"‬
‫الديونطولوجيا بوصفها‪" :‬مجموع القواعد األخالقية التي تحكم ممارسة مهنة من املهن‪ ،‬أو العالقات‬

‫‪ 1‬تحدد "الوثيقة اإلطار‪ ،‬الخاصة بعدة تأهيل األساتذة باملراكز الجهوية ملهن التربية والتكوين‪ ،‬وزارة التربية الوطنية‪ ،‬الوحدة املركزية لتكوين األطر‬
‫(يوليوز ‪ ،26:)2012‬مفهوم ا" التبصرية" كما يلي‪:‬‬
‫‪Réflexivité : Une démarche de pratique reflexive suppose de porter un regard critique sur son propre fonctionnement, mais aussi‬‬
‫‪d’effectuer une analyse à la fois autant individuelle et collective de ses actions pédagogiques autant a priori, en cours d’action,‬‬
‫‪qu’a posteriori . Ce regard critique suppose des prises de conscience de ses cohérences et incohérences, de ses pensées et actions,‬‬
‫‪de ses croyances et pratiques. Une telle démarche ne peut être entreprise que si elle présume également la capacité d’être en‬‬
‫‪mesure de se représenter sa pratique comme étant en constante évolution. Cela veut donc dire que cette représentation change‬‬
‫‪et qu’elle peut être à réviser en cours de formation à l’enseignement, en cours d’exercice de sa profession, dans une démarche de‬‬
‫‪formation continue. Cela signifie savoir réfléchir sur ses pratiques, mais aussi savoir les soumettre à d’autres pour des‬‬
‫‪commentaires, rétroactions et remises en question.‬‬
‫‪ -‬أما مفهوم " املهننة" ‪ ،‬فعلى الرغم من أننا ال نعثر على تحديد له ضمن معجم "املصطلحات واملفاهيم" بذات الوثيقة‪ ،‬إال أننا‪ ،‬نعثر على مفهوم‬
‫يبقى قريبا على مستوى تبليغ األساس ي منه‪ ،‬هو مفهوم "املنهي‪ " le professionnel‬والذي ّ‬
‫تحد ُده الوثيقة بالعبارات التالية‪ ":‬تحدد‪ Altet‬املنهي على‬
‫ِ‬
‫أساس أنه من يعرف تشغيل كفاياته داخل كل الوضعيات‪ ،‬إنه إنسان الوضعيات القادر على التفكير والتكيف داخل الفعل‪ ،‬وعلى التحكم في كل‬
‫وضعية جديدة‪ ...‬إن املهنية تفض ي إلى ممارسة على قاعدة معارف عقالنية‪ ،‬وتدمج ممارسات ناجحة في وضعيات‪ ،‬بغرض تحقيق التكيف‪ ،‬أما‬
‫الخاصية الثانية للمنهي‪ ،‬فتتحدد في استجابته‪ ،‬وتكيفه مع الطلب و السياق واملشاكل املركبة واملتنوعة‪ ( ،‬نقال عن رينال‪.)RAYNEL2002‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪Parlement européen (2006). « Recommandation du Parlement européen et du Conseil du 18 décembre 2006 sur les‬‬
‫‪compétences clés pour l’éducation et la formation tout au long de la vie », Journal officiel de l’Union européenne, n° 394, p. 10-‬‬
‫‪18.‬‬

‫‪8‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫االجتماعية القائمة بين أعضائها واملنتسبين إليها"‪ ،1‬وبين من يسيرون في اتجاه النظر إلى هذه األخالقيات‬
‫باعتبارها‪ ،‬إتيقا تطبيقية‪ ،‬تراهن على تفكير الفاعلين‪ ،‬وتبصرهم‪ ،‬بحثا عن حلول ملشكالت ومعضالت‬
‫ّ‬
‫أخالقية‪ ،‬تنبثق من سياقات مخصوصة وفريدة في نوعها‪ ،‬تؤط ُر ممارساتهم‪ ،‬وال يعثرون على إجابات جاهزة‬
‫لها‪ ،‬وال يجدون قواعد عامة تسمح باستنباط حلولها‪ .‬وهو ما يعني أنه ما من فعل في إمكانه أن يكون خيرا‬
‫أخالقيا بيقين قبلي‪ ،‬وأن التطبيق يصير بناء على ذلك‪ ،‬قائما بشكل أصيل على التروي العقالني؛ بمعنى أن‬
‫التطبيق ذاته يصير مبتكرا وخالقا للمعايير‪.‬‬
‫واملدرسة املغربية‪ ،‬بحكم تفاعالتها مع محيطها‪ ،‬وانفتاحها عليه‪ ،‬وبالنظر إلى األسس واملبادئ التي تم‬
‫تبنيها على مستوى إحداث سلك تكوين األطر التربوية باملراكز الجهوية ملهن التربية والتكوين‪ ،‬وبالنظر لقيادة‬
‫التغيير الذي تتواله هذه األطر‪ ،‬كان في حكم الواجب إيالء العناية الالزمة لـ"أخالقيات مهنتهم"‪ ،‬ألنها الشرط‬
‫الضروري والكافي إلمكان الحديث عن "مهننة اإلدارة التربوية" وتوحيدها معياريا‪ ،‬وبالتالي إضفاء املزيد من‬
‫الو ُرود ّ‬
‫الض ْمني‪ ،‬إلى مرتبة التوقف التأملي‬ ‫الشفافية على بعدها الجزائي‪ ،‬والعمل على االنتقال من مجرد ُ‬
‫ِ ِ‬
‫الصريح‪ ،‬في التعاطي مع "أخالقيات املهنة"‪ .‬إن تفكيرا أو أجرأة عملية‪ ،‬وهو ما كان تتويجا ملجموعة من‬ ‫َّ‬
‫االلتزامات التي أخذ بها املغرب وانخرط فيها منذ صدور "دستور سنة ‪ ،"2011‬الذي أكد تصديره والعديد من‬
‫ُْ‬
‫فصوله على التضافر التالزمي بين الحقوق والواجبات‪ ،‬السيما الفصلين ‪ 19‬و‪ .37‬وذات التوجه نلفيه على‬
‫مستوى الوثائق التربوية املرجعية‪ ،‬بدءا من امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬السيما املادتين ‪ 17‬و‪19‬منه‪ ،‬وكل‬
‫الوثائق التي أطرت البرنامج الوطني للتربية على حقوق اإلنسان واملواطنة‪ ،‬وكل ما ارتبط بتنمية السلوك املدني‪،‬‬
‫بدءا من االتفاقية التي تم توقيعها بين "الوزارة املكلفة بحقوق اإلنسان ووزارة التربية الوطنية" سنة ‪ ،1994‬كما‬
‫أن ذات املنحى ازداد بروزا مع الرؤية االستراتيجية ‪ ،2030-2015‬بما تضمنه الفصالن األول والثالث منها‪،‬‬
‫والتدابير ذات األولوية‪ ،‬خصوصا املحور الثامن منها الحامل لعنوان‪" :‬تخليق املدرسة"‪ ،‬مرورا بالتقارير التي‬
‫أصدرها "املجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي" والتي المست هيئة التدريس‪ ،‬وتكوينها سواء األساس ي‬
‫أو املستمر‪.‬‬
‫إن إعداد القسم األول‪ ،‬من مجزوءة أخالقيات املهنة‪ ،‬جاء من أجل تمكين أطر اإلدارة التربوية من‬
‫املوح َدة املوجهة لها‪ ،‬والعمل على تقعيدها‪ ،‬بما‬
‫استيعاب هذه املرجعيات‪ ،‬بعد إعادة إخراجها ضمن الرؤية َّ‬
‫تثيره "أخالقيات املهنة"‪ ،‬من إشكاالت وتساؤالت‪ ،‬وما تطرحه من صعوبات‪ ،‬مع ما ينجم عن ذلك من تنوع في‬
‫املواقف واختالف في الرؤى وتباين في زاويا املقاربة السيما الفلسفية منها‪.‬‬
‫اعتبار لكل ما سبق‪ ،‬تمت هيكلة هذا القسم األول وفق املحاور التالية‪:‬‬
‫املحور األول‪ :‬أخالقيات املهنة‪ :‬إضاءات مفاهيمية‪ ،‬وفيه تم التوقف عند األبعاد الداللية واملفاهيمية‪،‬‬
‫من خالل عرض املفاهيم املركزية التي ال مناص منها عند التصدي للتفكير في إشكاالت أخالقية مهنة اإلدارة‬

‫‪1 -CNRTL, URL: http://www.cnrtl.fr/definition/déontologie‬‬

‫‪9‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫والتدبير‪ ،‬اعتبارا ملدى أهمية املدخل املفاهيمي في تقريب الفهم‪ ،‬وتعميق التفكير الذاتي وتقريب التواصل‬
‫البينذاتي‪ ،‬وإضفاء الجدوى على كل نقاش ممكن‪.‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬مرجعيات أخالقيات املهنة‪ ،‬وفيه تمت إثارة سؤال املرجعيات املغذية للتفكير في أخالقيات‬
‫املهنة‪.‬‬

‫الكفاية املستهدفة‬
‫في نهاية املجزوءة‪ ،‬يصبح املتدرب(ة) قادرا على تعبئة املوارد الداخلية والخارجية املتعلقة بمجاالت‬
‫املوجهة ملمارسته املهنية‪ ،‬من أجل تحمل كامل وسليم ملسؤولية تدبير مؤسسة تعليمية‪،‬‬‫أخالقيات املهنة ّ‬
‫من خالل العمل بروح النصوص القانونية والتنظيمية‪ ،‬وااللتزام بترسيخ ثقافة الحق والواجب‪ ،‬وقيم العيش‬
‫املشترك والسلوك اإليجابي في الوسط السوسيومنهي‪.‬‬

‫أهداف املجزوءة‬
‫✓ ت تعرف مفهوم وأهمية أخالقيات املهنة واملفاهيم املرتبطة بها واملرجعيات املؤطرة لها؛‬
‫✓ الوعي بأهمية البعد القيمي األخالقي في مجال التربية والتكوين؛‬
‫✓ تمثل أخالقيات املهنة واستحضار أهمية إعمالها داخل الوسط السوسيومنهي؛‬
‫✓ تعزيز قيم االنتماء للمؤسسة والحفاظ على سمعتها وتفعيل دورها اإلشعاعي؛‬
‫✓ إنماء مواقف وسلوكات أخالقية ايجابية تجاه الذات وتجاه اآلخرين؛‬

‫‪10‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫املحوراألول‪ :‬أخالقيات املهنة‪ :‬إضاءات مفهومية‬
‫إن كل تحديد أو تعريف يتم تقديمه للفظ من األلفاظ يفض ي إلى تصور ُي ّ‬
‫وجه‪ ،‬بشكل من األشكال‪،‬‬
‫ِ‬
‫العمل والفعل‪ ،‬ألن العمل السديد كما يقال من تمام التصور‪ ،‬فإن صدق ذلك على كل االستعماالت‪ ،‬صار‬
‫أكثر ضرورة حين ارتباطه باملوضوعات األخالقية‪ ،‬بحكم وثاقة صلتها بالجانب العملي‪ ،‬وفي هذا السياق يطرح‬
‫سؤال تقديم إضاءة ملفهوم "أخالقيات املهنة "‪ 1‬واملفاهيم املرتبطة به‪ ،‬فكيف تتحدد كل من األخالق واإلتيقا؟‬
‫وهل من إمكانية إلقامة فصل بينهما؟ وإن كان الجواب إيجابا‪ ،‬فعلى أي جهة يكون مثل هذا الفصل مشروعا؟‬
‫ثم ما الذي يعنيه مفهوم" املهنة"؟ وبأي معنى تكون كل مهنة مستلزمة ألخالقيات َتو ِ ّح ُد أعضائها أو على أقل‬
‫تقدير تخلق قاعدة مشتركة بينهم خصوصا أطر اإلدارة التربوية؟‬
‫تيسيرا لإلجابة األولية عن هذه األسئلة‪ ،‬سنعمل بداية على تقديم تحديدات لكل مفهوم من املفاهيم‬ ‫ً‬
‫الثالث‪( ،‬األخالق‪ ،‬األخالقيات‪/‬اإلتيقا‪ ،‬املهنة)‪ ،‬ثم نعمد بعدها إلى محاولة فهم العالقات القائمة بينها ضمن‬
‫عما ُي َي ِ ّس ُر فهم استلزام مهنة‬
‫الحاكم لنا على مستوى إعداد املجزوءة‪ ،‬بوصفه أفقا يرشد للبحث َّ‬
‫ِِ‬ ‫التصور‬
‫اإلدارة والتدبير لألخالقيات‪.‬‬

‫‪ -1‬األخالق‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫األخالق لغة جمع خلق‪ ،‬والخلق اسم لسجية اإلنسان وطبيعته التي خلق عليها‪ .‬قال ابن منظور‪" :‬الخل ُق‬
‫بضم الالم وسكونها هو الدين والطبع والسجية‪ ،‬وحقيقته أن صورة اإلنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها‬
‫ومعانيها املختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها"‪ 2‬ويقول صاحب كتاب (القاموس)‬
‫ُ ُ‬ ‫َّ ُ َّ‬
‫ُ‬
‫والدين"‪ 3‬وقال الراغب‪" :‬والخلق والخلق في األصل واحد‪،‬‬ ‫الس ِج َّية والط ْب ُع واملروءة‬ ‫وبض َّم َت ْي ِن‪:‬‬
‫"والخلق بالضم َ‬

‫كالشرب والشرب‪ ،‬والصرم والصرم‪ ،‬لكن خص الخلق بالهيئات واألشكال والصور املدركة بالبصر‪ ،‬وخص‬
‫‪4‬‬
‫بالقوى والسجايا املدركة بالبصيرة"‬

‫‪ 1‬نأخذ بلفظ "أخالقيات" باعتباره مقابال للفظ الفرنس ي ‪ éthique‬واالنجليزي ‪ ،Ethics‬بدال من استعمال " املفهوم" كما هو في أصله االجنبي و‬
‫االكتفاء بالتعريب الصوتي له "االتيقا"‪ ،‬انسجاما مع عنوان املجزوءة أوال‪ ،‬ونزوال عند مقتض ى تداولي‪ ،‬وعمال ‪ ،‬بما درج على استخدامه الكثير من‬
‫الباحثين املغاربة‪ ،‬وفي هذا السياق يمكننا االستشهاد‪ ،‬بمجموعة من الباحثين املغاربة الذين ألفوا "موسوعة مفاهيم العلوم اإلنسانية والفلسفة"‪،‬‬
‫انظر‪ :‬محمد سبيال‪ -‬محمد الهرموزي‪ ،‬موسوعة مفاهيم العلوم اإلنسانية والفلسفة‪ ،‬منشورات املتوسط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بغداد ‪ ،2017 ،‬ص‪27 .‬‬
‫‪ 2‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ابن منظور)‪ ،‬لسان العرب‪2003 ،‬م على الرابط‪https://library.islamweb.net:‬‬
‫‪ 3‬محمد بن يعقوب الفيروز آبادي مجد الدين‪ ،‬القاموس املحيط‪ ،‬تحقيق محمد نعيم العرقسوس ي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط ‪ ،2005 ،8‬ص‪.881‬‬
‫‪ 4‬الراغب األصفهاني‪ ،‬مفردات ألفاظ القرآن الكريم‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬طبعة منقحة‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص‪.297‬‬

‫‪11‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫وهو املعنى الذي ال يختلف كثيرا عما هو شائع في كتابات املفكرين املسلمين الذين تصدوا للكتابة في‬
‫يحدد الخلق بأنه‪":‬عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها األفعال‬ ‫األخالق‪ ،‬وفي هذا السياق نجد الجرجاني ّ‬
‫ِ‬
‫بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية‪ ،‬فإن كان الصادر عنها األفعال الحسنة كانت الهيئة خلقا حسنا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫سميت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا"‬ ‫وإن كان الصادر منها األفعال القبيحة ّ‬
‫ً‬
‫ويذهب ابن مسكويه في كتابه "تهذيب األخالق" ُم َح ّددا‪ ،‬إلى القول‪" :‬الخلق‪ :‬حال للنفس داعية لها إلى‬
‫ّ‬
‫طبيعيا من أصل املزاج‪ ،‬كاإلنسان‬ ‫أفعالها من غير فكر وال روية‪ ،‬وهذه الحال تنقسم إلى قسمين‪ :‬منها ما يكون‬
‫الذي يحركه أدنى ش يء نحو غضب ويهيج من أقل سبب‪ ،‬وكاإلنسان الذي يجبن من أيسر ش يء‪ ،‬أو كالذي يفزع‬
‫من أدنى صوت يطرق سمعه‪ ،‬أو يرتاع من خبر يسمعه‪ ،‬وكالذي يضحك ضحكا مفرطا من أدنى ش يء يعجبه‪،‬‬
‫وكالذي يغتم ويحزن من أيسر ش يء يناله‪ .‬ومنها ما يكون مستفادا بالعادة والتد ّرب‪ ،‬وربما كان مبدؤه بالروية‬
‫‪2‬‬
‫والفكر‪ ،‬ثم يستمر أوال فأوال حتى يصير ملكة وخلقا"‬
‫وفي سياق نفس املعنى يقول الجاحظ‪" :‬الخلق هو‪ :‬حال النفس‪ ،‬بها يفعل اإلنسان أفعاله بال روية وال‬
‫ّ‬
‫اختيار‪ ،‬والخلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبعا‪ ،‬وفي بعضهم ال يكون إال بالرياضة واالجتهاد‪ ،‬كالسخاء‬
‫َ‬
‫قد يوجد في كثير من الناس من غير رياضة وال ت َع ُّمل‪ ،‬وكالشجاعة والحلم والعفة والعدل وغير ذلك من األخالق‬
‫املحمودة"‪.3‬‬
‫ُُ‬
‫إن ما يمكن الخروج به من استعراض هذه املعاني لكلمة "خلق"‪ ،‬ضمن املجال التداولي العربي‪ ،‬إن لغة‬
‫َْ‬
‫أو اصطالحا‪ ،‬هو ما أشار إليه املفكر محمد عابد الجابري‪ ،‬من أن "تلك العالقة اللغوية القائمة بين " الخلق"‬
‫‪4‬‬ ‫ُ‬
‫و" الخلق" في اللغة العربية‪ ،‬هي عالقة تلقي بظاللها على معنى "األخالق" فتجعلها تحمل معنى الطبع والعادة‬
‫(الحظ أننا نقول صفات هللا وال نقول أخالق هللا) ومن هنا كان التمييز بين "الخلق" الفطري أو املوهوب أو‬
‫الغريزي‪ ،‬إلخ وبين الخلق املكتسب بالتدريب والتعلم‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة أخرى‪ ،‬لم نصادف في التحديدات‬
‫السابقة ما يفيد في أن كلمة "أخالق" تستعمل اسما ملجموعة من املعارف التي تشكل علما هو "علم األخالق""‪.5‬‬

‫‪ 1‬الجرجاني‪ ،‬التعريفات الجرجاني‪ ،‬دار الكتب العلمي‪ ،‬بيروت لبنان الطبعة الثانية ‪ ،2013‬ص‪.101‬‬
‫‪ 2‬ابن مسكويه أحمد‪ ،‬تهذيب األخالق وتطهير األعراق‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.41.‬‬
‫‪ 3‬ا أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ‪ ،‬تهذيب األخالق‪ ،‬دار الصحابة للتراث للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1989 ،1‬طانطا‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 4‬يشير محمد عابد الجابري‪ ،‬هامش الصفحة ‪ 41‬إلى أن " كلمة "أخالق" هي جمع خلق‪ ،‬بينما املقابل األجنبي مفرد ‪ ،Morale‬وبالتالي فما تدل عليه‬
‫كلمة "أخالق" العربية بوصفها جمعا هو ما يعبر عنه بـ ‪ Mœurs‬ومعناها أقرب إلى العادات األخالقية‪ ،‬أو طبائع الناس‪ .‬وال تستعمل ‪Morale‬جمعا‬
‫إال كوصف‪ ،‬فحينئذ تجمع وتذكر وتؤنت حسب املوصوف"‪ ،‬انظر الدكتور محمد عابد الجابري؛ العقل األخالقي العربي‪ :‬دراسة تحليلية نقدية لنظم‬
‫القيم في الثقافة العربية‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2001 ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ 5‬املرجع نفسه‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫أما في اللسان الفرنس ي فلفظ ‪ Morale‬املشتق من الجدر الالتيني ‪ ،moralis‬أي ما له عالقة ارتباط‬
‫باآلداب والعوائد‪ ، mœurs‬فيدل على مجموع القواعد واألوامر واإللزامات واملحظورات التي تكون لها عالقة‬
‫بامتثال الفعل اإلنساني للعادات واألعراف الخاصة بمجتمع بعينه‪ ،‬وما تجدر اإلشارة إليه في هذا السياق هو‬
‫يفسر عدم إقامة أي اختالف داللي‬ ‫أن لفظ ‪moralis‬قد تم وضعه كترجمة للفظ اإلغريقي ‪ ،ethikos‬مما ّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫بينهما‪" ،1‬فمعلوم أن اليونان استعملوا للداللة [ على األخالق] لفظ ‪( ethikos‬أي خلقي) وهو الذي نقله الالتين‬
‫إلى لغتهم بلفظ "‪ ،"moralis‬وقد استعمل املتقدمون من فالسفة الغرب اللفظين بمعنى واحد باعتبارهما‬
‫مترادفين وإن كنا نجد بينهم من يؤثر استعمال هذا اللفظ أو ذاك"‪ .2‬وامليل إلى التركيز على التقارب الداللي الذي‬
‫يصل أحيانا إلى حد الترادف‪ ،‬بين اللفظ الالتيني ‪ moralis‬واللفظ األغريقي ‪ ،ethikos‬أو على العكس من ذلك‬
‫ترجيح التمييز بينهما‪ ،‬إنما ُّ‬
‫مرده‪ -‬السيما االختيار الثاني منهما‪ -‬إلى اختيارات اصطالحية‪ ،‬غالبا ما تكون على‬
‫ارتباط بالوفاء إلى منطلقات فلسفية‪ ،‬بيد أن مثل هذا النزوع لن يزداد إال حدة في األزمنة املعاصرة‪ ،‬فبماذا‬
‫يمكننا تفسير ذلك؟ وأي االختيارين أفيد من الناحية املنهجية واإلجرائية للتفكير في البعد األخالقي ملهن‬
‫التدريس؟ لنؤجل اإلجابة على هذه التساؤالت حتى تتضح الداللة بعد الوقوف عند مفهوم االتيقا‪.‬‬

‫‪ -2‬األخالقيات‬

‫جاء في املعجم الفلسفي ألندري كونت سبونفيل‪ ،‬في تحديده للفظ إتيقا أو "أخالقيات" غالبا ما تكون‬
‫مرادفا ألخالق"‪ ،"Morale‬وبالتالي فمن املفيد أن نتحدث عن األخالق عندما ال نريد التمييز بينهما‪ ،‬لكن إن نحن‬
‫أردنا التمييز بينهما‪ ،‬فإن االشتقاق أو االيتيمولوجيا ال تفيدنا في ش يء على هذا املستوى‪ ،‬ألن لفظ اإلغريقي‬
‫‪ ،èthos‬واللفظ الالتيني ‪ mos‬أو ‪ ،mores‬يدالن تقريبا على نفس الش يء (اآلداب والعوائد والطباع‪ ،‬وكيفيات‬
‫العيش والتصرف)‪ ،‬والقدماء كانوا يعتبرون أحدهما ترجمة لآلخر‪ ،‬لكن هل عدم إقامة تمييز بينهما‪ ،‬يعني أنهما‬
‫كيفيتين لقول نفس الش يء‪ ،‬إحداهما إغريقية بينما األخرى التينية؟"‬
‫‪3‬‬

‫ً‬ ‫ربما لن نجد َن ًّ‬


‫صا مسعفا بكثافته وتركيزه‪ ،‬يكون ُم ْج ِمال وموجزا ‪ -‬دون إخالل‪ -‬لإلشكاالت والقضايا‬
‫ًّ‬
‫التي يفتح عليها التمييز بين اللفظين‪ ،‬أكثر من نص لطه عبد الرحمن‪ ،‬حيث يقول‪ " :‬أما املعاصرون فأبوا إال أن‬
‫يفرقوا بينهما (لفظ األخالق ولفظ اإلتيقا ‪ /‬األخالقيات)‪ ،‬وليس بدعا أن يحدث املرء تفرقة اصطالحية فيما‬
‫كان مجموعا تحت مصطلح واحد‪ ،‬متى دعت الحاجة إلى أن يعبر بوضوح عن ضربين واضحين من االنشغاالت‬

‫‪ 1‬انظر ضمن النصوص الخاصة باملجزوءة كل من نص بول ريكور ونص طه عبد الرحمن بخصوص إشكاالت التحديد املفاهيمي‪.‬‬
‫‪ 2‬طه عبد الرحمن‪ ،‬سؤال األخالق‪ ،‬مساهمة في النقد األخالقي للحداثة الغربية‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.17.‬‬
‫‪André Comte-Sponville, Dictionnaire Philosophique ; 4e édition « Quadrige » :2013, Presses Universitaires de France, 3‬‬
‫‪2001,p.465.‬‬

‫‪13‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫أو االعتبارات أو االستشكاالت‪ ،‬لكن ال يبدو أن األخالقيين املعاصرين قد استوفوا شرط الوضوح االصطالحي‬
‫في لجوئهم إلى التفرقة بين (» ‪ « Morals‬أو (» ‪ )« Morale‬وبين (» ‪ « Ethics‬أو» ‪ ،) « Ethique‬ليس ذلك ألن الوجه‬
‫الذي فرق به الواحد منهم بين املصطلحين املذكورين يختلف عن الوجه الذي فرق به اآلخر بينهما فقط‪ ،‬بل‬
‫أيضا ألنه يجوز أن يتردد هذا الواحد بين وجهين فأكثر من وجوه التفرقة وينساق إلى استعمال أحد اللفظين في‬
‫‪.1‬‬
‫معنى اآلخر ويورده في املواضع التي ينبغي أن يورد فيها هذا اللفظ الثاني‪".‬‬
‫وتوضيحا للعوامل التي أسهمت في تقوية االتجاه نحو التمييز بين املفهومين‪ ،‬البد من اإلشارة إلى أن‬
‫استعمال مصطلح أخالقيات ‪/‬إتيقا قد انحدر إلى املجال التداولي الفلسفي للغة الفرنسية من الدول التي‬
‫تتحدث باللغة االنجليزية (‪ ،)ethics‬حيث تأخذ اإلثيقا معناها داخل تقسيم مدرس ي للمعارف من قبيل فلسفة‬
‫اللغة‪ ،‬االبيستيمولوجيا‪ ،‬العلوم السياسية واالقتصاد‪ ،‬إلخ‪ .‬مما يجعل اإلتيقا والحالة هذه‪ ،‬معرفة نظرية‪ ،‬إلى‬
‫جانب معارف أخرى‪ ،‬لتكون بذلك مستلزمة ملنهج آخر غير منهج التحليل‪ .‬وفي هذا السياق يمكن التمييز بين‬
‫الف ِطن (‪ )homme prudent (phronimos‬حسب‬ ‫التجربة اإلتيقية باملعنى الدقيق؛ تلك التي تميز الرجل َ‬

‫أرسطو ومن العوامل التي عملت كذلك على تعميق التوجه نحو التمييز بين املفهومين ما فرضه تقدم العلوم‪،‬‬
‫خاصة منها تلك التي تمس مصير اإلنسان بشكل مباشر‪ ،‬واضعة حياته ومستقبله على تخوم الاليقين‪ ،‬ألن ما‬
‫جعل اإلتيقا ضرورية هو أن التخصصات أي العلوم والتقنيات املرتبطة بها‪ ،‬تبقى بطبيعتها غير كافية لتحديد‬
‫القرارات وفضال عن ذلك‪ ،‬يمكننا حتى التساؤل عما إذا لم يكن مبدأ التخصص بطبيعته متناقضا مع افتراض‬
‫حس إتيقي مشترك؟! مما يؤكد أن التقدير اإلتيقي ال يمكن إال أن يكون مهمة للحكماء العمليين‪ ،‬ممن تتوفر‬
‫َّ‬
‫فيهم الفطنة والحصافة باملعنى األرسطي‪ .‬وهو ما تؤ ِك ُده حتى الصفة االستشارية للجان اإلتيقا‪.‬‬
‫إن ما ينبغي التأكيد عليه في اتساق مع سؤال التربية‪ ،‬هو أن كال من االتيقا واألخالق‪ ،‬حتى وإن أحاال‬
‫على بعضهما البعض في األصل‪ ،‬مع إحالتهما كذلك على اآلداب والعوائد‪ ،‬فإن االختالف بينهما‪ ،‬خاصة في‬
‫الحقبة املعاصرة‪ ،‬إنما يدل على أن االنشغال واالهتمام باالتيقا‪ ،‬على عكس األخالق‪ ،‬نابع من الوعي بوجود‬
‫نقص يطبع اآلداب والعوائد‪ ،‬ألن املعايير ال تؤدي وظيفتها بكامل التلقائية‪ ،‬أو هي ما عادت تناسب أحيانا‬
‫الوضعيات الجديدة وتتالءم معها‪ ،‬وعليه يكون اطمئنان جماعة من الجماعات إلى العوائد واآلداب الخاصة بها‬
‫قويا حين انطوائها على نفسها‪ ،‬لكن بمجرد انفتاحها على الغير والحركة املتسارعة للتبادالت التي ما عادت‬
‫تنحصر في األسفار والتجارة فحسب‪ ،‬بل تجسدت في عوملة وسائل االتصال في ارتباط بإمبراطورية التقنيات؛‬
‫مما نتج عنه ُمضاعفة حركة إضفاء الطابع النسبي على العوائد واآلداب‪ ،‬وهي الحركة التي يمكن أن نجد بدرتها‬
‫األولى في الوعي بإمكانية أن تصير اآلداب والعوائد آدابا وعوائد أخرى‪ ،‬كوعي يرتبط أساسا بما سبق لحنة أرندت‬

‫‪ 1‬طه عبد الرحمن‪ ،‬سؤال االخالق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.17.‬‬

‫‪14‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫أن أسمته بخطر النسيان وما يفرضه من ضرورة نقل وتبليغ اإلرث اإلنساني من جيل إلى آخر‪ ،‬ما دام نقل هذه‬
‫اآلداب والعوائد ال يتم عن طريق الوراثة‪ ،‬بل يستلزم التربية بوصفها الفعل األجدر لالضطالع بمهمة ر ْدم َّ‬
‫الهوة‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫بين األجيال‪ ،‬وكما سبق ألرسطو أن أشار إلى ذلك‪ُ " :‬يظ ُّن أن بعض الناس يكونون أخيارا بالطبع [وبعضا بالعادة]‬
‫فبين َّأنه ليس كونه إلينا‪ ،‬بل إنما يكون بعناية ما إلهية للذين بختهم‬
‫وبعضا بالتعليم‪ .‬وهذا يكون من الطبيعة‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫جيد بالحقيقة‪ ،‬وأما القول والتعليم ففعل ال يقوى في الكل‪ ،‬بل ينبغي أن تكون نفس الذي يستمع التعليم قد‬
‫الز ْر َع الذي تربيه‪ 1".‬وهذا الوعي بضرورة التربية‪ ،‬يستلزم‬
‫لتحب وتبغض نعما‪ ،‬كمحبة األرض َّ‬
‫َّ‬ ‫استعملت بالعادة‬
‫جدد الذي تفرضه الوالدة‪ ،‬والذي يؤدي إلى‬ ‫أوال وعيا بالطبيعة الهشة لآلداب والعوائد‪ .‬وهو ما يشهد عليه َّ‬
‫الت ُّ‬

‫انبثاق الوعي باالختالف القائم بين اآلداب كما هي كائنة وبين ما يمكن أن تصيره‪ ،‬وتفكير صيرورتها هذه هو ما‬
‫يعطي ظهور اإلتيقا‪ ،‬باعتبارها تفترض التبصر و َّ‬
‫الروية والتأمل‪ ،‬في مقابل األخالق التي تركز على األمر واإلكراه‬
‫والواجب‪ ،‬وبذلك تكون األخالقيات أو االتيقا هي القدرة على التجديد التي تحول دون انغالق األخالق‪ ،‬ألن ما‬
‫يميز هذه األخيرة هو أنها مضمون بينما األولى (اإلتيقا أو األخالقيات) تساؤل‪ ،‬ألن األخالق حتى وإن "كانت تدل‬
‫على وثبة مبدعة‪ ،‬فإنها تتجمد في أوامر‪ ،‬تتساءل حولها اإلتيقا‪/‬األخالقيات وترتاب‪ ،‬ويحتمل أن تقف على منأى‬
‫ّ‬
‫منها"‪ .2‬وهو ما يؤك ُده نوعا ما تمييز برجسون بين " األخالق املغلقة" و"األخالق املفتوحة"‬
‫مهما يكن‪ ،‬فإن ما ينبغي التركيز عليه‪ ،‬هو أن اختيار االستعمال الترادفي بين اللفظين "أخالق"‬
‫و"أخالقيات"‪ ،‬أو الركون إلى تدشين تمييزات فيما بينهما‪ ،‬مع التباين والتنوع الذي يمكن أن تأخذه تلك‬
‫التمييزات التي يتم اقتراحها‪ ،‬إنما ُّ‬
‫مرده إلى منطلقات فلسفية واختياريات فكرية‪ ،‬لكنها ليست باالختيارات‬
‫املنفصلة عن دينامية التجربة اإلنسانية‪ ،‬بل محكوم عليها بمحايثة ما يعتمل في واقع املمارسة اإلنسانية‪ ،‬على‬
‫اختالف مجاالتها وتباين ميادينها‪ .‬بما فيها امليدان األساس الذي ييهئ األرضية لغيره من امليادين‪ ،‬نعني ميدان‬
‫التربية‪ .‬وهي االختيارات التي ستعبر عن نفسها أكثر من خالل املدار س والتيارات التي تتوزع التفكير األخالقي‪.‬‬
‫كما أن ما يتوجب االحتفاظ به من التحديدات السابقة‪ ،‬يتمثل في العناصر التالية‪:‬‬
‫محدد لألخالق واألخالقيات (اإلتيقا) هو البعد العالئقي‪ ،‬بحيث ال يمكن الحديث عن‬ ‫✓ أبرز ّ‬
‫ِ‬
‫األخالق في غياب عالقة بين الذات والغير‪ ،‬وحتى عندما تدخل الذات في عالقة مع ذاتها‪ ،‬فإن العالقة تكون‬
‫مؤطرة باألخالق‪ ،‬والغير يكون حاضرا‪ ،‬كبعد تكويني لهذه العالقة‪ ،‬باملعنى الذي جعل لفيناس ُي َن ّ‬
‫ص ُب اإلتيقا‬‫ِ‬
‫أولى مقارنة باألنطولوجيا‪ ،‬ويعطي األولوية في تأسيس املسؤولية للغير على حساب األنا‪.‬‬

‫‪1‬أرسطو طاليس‪ ،‬األخالق‪ ،‬ترجمة اسحق بن حنين‪ ،‬حققه وشرحه وقدم له عبد الرحمان بدوي‪ ،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪ ،‬القاهرة‪،2007 ،‬‬
‫املقالة العاشرة‪ ،‬ص‪.307.‬‬
‫‪ 2‬جاكلين روس‪ ،‬الفكر األخالقي املعاصر‪ ،‬ترجمة وتقديم الدكتور عادل العواد‪ ،‬عويدات للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،2001 ،‬ص‪،12.‬‬

‫‪15‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫األخالق واألخالقيات هي كيفية في التصرف والفعل تتم على هدي من التعاطي مع اإلنسان‪،‬‬ ‫✓‬
‫من جهة ما هو كذلك فحسب‪ ،‬ألنه على خالف األشياء له قيمة مطلقة‪.‬‬
‫ليست األخالق واألخالقيات علما خالصا وال هما محض تأمل‪ ،‬بل إن ما يميزهما هو الفعل‬ ‫✓‬
‫والعمل‪ ،‬أي املمارسة‪ .‬ففي باب البعد األخالقي‪ ،‬حتى وإن كان التفكير والروية أساسيان‪ ،‬إال أنهما ال يكتمالن‪،‬‬
‫إال باالنخراط واملبادرة إلى الفعل‪ ،‬إذ ال يمكن الحكم على شخص بأخالقية سلوكه إن هو لم يفعل أوال‪.‬‬
‫أن الفعل األخالقي إنما يأتي بوصفه تالقحا بين القواعد املوضوعية التي تكون سابقة علينا في‬ ‫✓‬
‫الوجود‪ ،‬وبين الذات التي تتطلع إلى أفعال وتعمل على القيام بها وفرضها‪ ،‬وهو ما يعني أن األخالق واألخالقيات‪،‬‬
‫كون من ضمير املتكلم "أنا" وضمير املخاطب "أنت" وضمير الغائب "هو"‪،‬‬ ‫ال يمكن تمثلهما إال ضمن املثلث املُ َّ‬
‫كما يرى بول ريكور‪.‬‬
‫َّ‬
‫بعد كل هذا‪ ،‬آن لنا التساؤل ضمن هذا املسار التوضيحي للمفاهيم‪ ،‬عن املفهوم الذي يشكل املضاف‬
‫َّ‬
‫إليه من مركب صيغة اإلضافة‪" :‬أخالقيات املهنة"‪ ،‬أي "املهنة"‪ ،‬فعلى ماذا يدل هذا املفهوم تحديدا؟ وأي عالقة‬
‫عقلها بينه وبين "اإلتيقا أو األخالقيات؟‬‫يمكن َت ُّ‬

‫‪ -3‬املهنة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫الحذق بالخدمة والعمل ونحوه‪ ،‬وأنكر األصمعي‬ ‫جاء في لسان العرب‪ ":‬امل ْهنة وا ِمل ْهنة وامل َهنة وامل ِهنة كله‪ِ :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الكسر‪ .‬وقد َم َه َن َي ْم ُه ُن َم ْهنا ِإذا عمل في صنعته‪َ .‬م َه َن ُهم َي ْم َه ُنهم َوي ْم ُه ُنهم َم ْهنا َوم ْه َنة‬
‫َ‬ ‫واألنثى ماه َ‬ ‫ُ‬ ‫وم ْه َن ًة َأي خدمهم‪ .‬واملاه ُ‬
‫حدكم‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫على‬ ‫ما‬ ‫الحديث‪:‬‬ ‫وفي‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫الخادم‬ ‫الصحاح‪:‬‬ ‫وفي‬ ‫‪،‬‬ ‫العبد‬ ‫‪:‬‬‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وخدمته‪ ،‬والرواية بفتح امليم‪ ،‬وقد‬ ‫لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبي مهنته؛ قال ابن األثير‪ :‬أي ِبذلته ِ‬
‫تكسر‪.1"......‬‬

‫إن الدالالت السابقة وغيرها التي ترتبط بـ" املهنة" وأسرتها االشتقاقية في املعجم العربي‪ ،‬إذا ما استثنيا‬
‫َّ ً‬ ‫ُّ ْ‬ ‫َّ‬
‫الصغر‪ ،"...‬مما يشكل مثاال ُمؤ ِكدا للحذر‬ ‫"الحذق"‪ ،‬يبقى ُجلها ذا معنى قدحي‪ ،‬من قبيل" االبتذال الحقارة و‬
‫املنهجي الذي أشار إليه عالم االجتماع سيرج بوغام بقوله‪" :‬من أجل تعريف وتحديد ما هي املهنة في‬
‫السوسيولوجيا‪ ،‬البد أن نتخلص في ذات الوقت‪ ،‬من الداللة املتعددة للفظ في اللغة املتداولة وأن نتخلص‬
‫‪2‬‬
‫كذلك من استعماله الضيق واملحصور في العالم االنجلوساكسوني"‬

‫أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ( ابن منظور)‪ ،‬لسان العرب‪2003 ،‬م على الرابط‪https://library.islamweb.net :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2-Serge Paugam Les 100 mots de la sociologie : « Que sais-je ? » n° 3870, 1ere édition, ,puf, Paris, 2001, p.86.‬‬

‫‪16‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫وما يطرح صعوبة على مستوى تحديد هذا املفهوم هو أنه يبقى اليوم مفهوما متعدد الداللة ومثار‬
‫اختالف‪ ،‬وإن شئنا إلقاء نظرة على تطور هذا املفهوم في حقل السوسيولوجيا َّمليزنا في استعماله بين الفترة التي‬
‫امتدت من العشرينات إلى الستينات من القرن العشرين‪ ،‬حيث عكف علماء االجتماع أصحاب النزعة‬
‫الوظيفية‪ ،‬وعلى رأسهم تالكوت بارسونز‪ ،‬على استخالص سلسلة من املقاييس النوعية للمهن (وهي املقاييس‬
‫التي تبقى من جهة أخرى متغيرة من مهنة إلى أخرى)‪ ،‬غير أن مهنة الطب تظل أكثرها رمزية‪.‬‬

‫وقد رفض إيفريت هوغز ‪ Everett Hughes‬األخذ بهذه التراتبية‪ ،‬منتقدا خضوع الوظيفيين لتأثير‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫"الخطابة االجتماعية" التي أنتجها أعضاء هذه املهن‪ ،‬والتي تق ِّدم النشاط الذي يزالونه كما لو كان يؤدي خدمة‬
‫ضرورية ونزيهة لصالح الجماعة‪ ،‬ليعمل في املقابل على إبراز املزايا والفضائل االستكشافية التي تنطوي عليها‬
‫دراسة مقارنة للمهن‪ ،‬بحيث صار مرافعا ومنافحا عن "سوسيولوجيا املهن املتواضعة" في مقابل "سوسيولوجيا‬
‫ُ‬
‫دع َية واملتغطرسة"‪ .‬وفقا لهذا التوجه اهتم تالميذه في جامعة شيكاغو‪ ،‬بموسيقيي الجاز‪ ،‬وحراس‬ ‫للمهن امل ِ‬
‫اإلقامات السكنية وسائقي سيارات األجرة‪ ،‬تجار الفراء‪ ،‬ومتعهدي الجنائز‪.‬‬

‫وإجماال يمكن القول بأن أهم الخصائص التي تحدد املهنة هي املتمثلة في‪:‬‬

‫أنها ليست جمعية (تجمع إرادي ملجموعة من األشخاص)‪ ،‬وال هي بالجماعة (جماعة من‬ ‫✓‬
‫األشخاص لهم نفس التصور للخير)‪ .‬ألن ما يجمع بين األشخاص داخل نفس املهنة ليس ما هم عليه وما يريدون‬
‫أو يتطلعون ألن يصيروه‪ ،‬بل ما هو ملقى على عاتقهم القيام به هنا واآلن بصورة جماعية‪.‬‬
‫العنصر الذي يتحكم في املهنة ويمنحها مدلولها ال يتعين البحث عنه جهة الهوية وال في جانب‬ ‫✓‬
‫الغاية ‪ ،telos‬بل البد من البحث عنه جهة املهمة املشتركة‪.‬‬
‫في ظل املجتمع الحديث الذي تطبعه التعددية‪ ،‬مركز ثقل املهنة ما عادت تمثله التشابهات‪،‬‬ ‫✓‬
‫َ ُ‬
‫بل الفائدة واملنفعة العمومية لهذه املهنة هي ما ُيك ّونه‪ .‬فذلك هو ما يشكل عن حق "شرف" املهنة" على حد‬
‫تعبير هيغل‪ ،‬ألن "املصير الذي يجعل من مصلحة األفراد وحقوقهم عنصرا مصيره الزوال‪ ،‬هو في نفس الوقت‬
‫العنصر اإليجابي في فرديتهم‪ ،‬طبعا ليست فرديتهم العرضية املتغيرة‪ ،‬وإنما فرديتهم املوجودة في ذاتها ولذاتها"‪،1‬‬
‫عندها تكتسب املهنة صفتها املوضوعية‪ ،‬أي عندما يعترف املمارسون لها بمهمة مشتركة لها منفعة جماعية‪،‬‬
‫فيصير في إمكانهم تحقيق االتفاق بينهم‪ ،‬عبر فرضهم ملجموعة من املعايير املشتركة على أنفسهم‪.‬‬

‫إن أبرز ما يمكن الخروج به من هذه الوقفة املفاهيمية عند املفاهيم الثالثة املركزية (األخالق‪،‬‬
‫األخالقيات‪ /‬اإلتيقا‪ ،‬واملهنة) هو املتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬أورده عبد الرحمن بدوي في كتابه‪ ،‬فلسفة الحق والسياسة عند هيغل‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات و النشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،1996‬ص‪.216‬‬

‫‪17‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫عند أخذنا بمثلث الضمائر الثالث (ضمير املتكلم "أنا"‪ ،‬وضمير املخاطب" أنت" وضمير‬ ‫✓‬
‫الغائب "هو" ) الذي قال به ريكور‪ ،‬والذي يتعزز بتعريفه لألخالق بأنها "العيش مع اآلخر ومن أجله داخل‬
‫مؤسسات عادلة"‪ ،1‬يتبين أن العمل التربوي تتجسد فيه كمهنة هذه الداللة األخالقية‪ ،‬فهو العالقة التي تنضح‬
‫فعال بـ"العيش مع ومن أجل الغير"‪ ،‬ألن عالقة من يتولى مهنة التدريس مع األطراف املشاركة فيها‪ ،‬خاصة‬
‫ْ‬
‫املتعلمين‪ ،‬هي عالقة معية وانهمام‪ ،‬فهي َبذل ألجل تحقيق استقالل وحرية املتعلم باعتباره وجودا إنسانيا في‬
‫صيرورة‪ ،.‬يتم من خالل مؤسسات وعبر توسطها‪ ،‬في أفق تعميق عدالتها‪.‬‬
‫إن التفكير االتيقي عند ربطه بامليدان اإلداري يكون متمتعا بأهمية كبيرة‪ ،‬ومستدعيا ألعلى‬ ‫✓‬
‫درجة من درجات مهنية اإلداريين‪ ،‬التي من الالزم أن تتأسس بدورها على ممارسة مستقلة ومسؤولة‪ ،‬تسهر على‬
‫خير التالميذ وتضمن خير املجتمع في اآلن ذاته‪ .‬مما يتطلب ضرورة أن يكون إطار اإلدارة التربوية َّ‬
‫موجها بـ «‬
‫أخالقيات مهنية" تكون حصيلة توافق بين الفاعلين األساسيين املعنيين؛‬
‫إن أخالقيات املهنة من وجهة نظر املجتمع بمؤسساته‪ ،‬تقيم عالقات وثيقة‪ ،‬من حيث هي‬ ‫✓‬
‫تفكير نسقي ومعياري حول النشاط اإلنساني‪ ،‬مع املشروع التربوي‪ ،‬ألنها تمثل نوعا من الضمير بالنسبة له‪،‬‬
‫وألن التعليم وضعية قائمة على العالقات التفاعلية في املؤسسة التربوية‪ ،‬فضال عن خضوعه لقوانين عامة‬
‫تنصب على حقوق األشخاص ومسؤولياتهم‪ ،‬فإنه يخضع ملقتضيات إيتيقية أو أخالقية خاصة بالخدمة‬
‫ُ‬
‫العمومية وبما ت ِ ّح ُدده من عالقات نوعية‪ ،‬لذلك كان في حكم الواجب أن يعكف كل مجتمع على الكيفية التي‬
‫تتم بها معالجة ودراسة األسئلة التي ترتبط بالتربية والتكوين؛‬
‫نُ ّ‬
‫مثلة لخاصية أساسية لجماعة مهنية معترف بها مؤسساتيا‪،‬‬ ‫كما أن أخالقيات املهنة تكو م ِ‬ ‫✓‬
‫وفي سياقنا هذا هيئة اإلدارة التربوية‪ ،‬تخ ّ ِو ُل لها "واجبات نوعية مخصوصة" تكون بمثابة ملتقي يضمن اجتماع‬
‫ُ‬
‫أعضائها حول قيم وقواعد مشتركة‪ .‬لتمكينها من إحداثيات ت ِعينها على اتخاذ القرار‪ ،‬وتعيين توجهاتها‪ ،‬حتى‬
‫تكون قادرة على التصرف والفعل داخل سياقات العمل التي تبقى سماتها البارزة هي الغموض االلتباس‬
‫والصعوبة‪ ..‬وبالتالي فالديونوطولوجيا [إطار الواجبات أو مدونة الواجبات] موجودة ألجل أن تنير للمهنيين‬
‫ص ْدفة تفض ي إلى انغالقهم‪ ،‬تشكل دليال موجها لتحمل‬‫ممارساتهم للقرار‪ .‬وهي بعيدا عن أن تكون بمثابة َ‬
‫املسؤولية في خضم وغمار الفعل‪ .2‬ويتمثل الهدف األول ملدونة الواجبات في التأكد من أن أفعال املمارس‬
‫ستكون في خدمة مصلحة املستفيد‪ .‬وعند رفع هذا األخير لشكاية أو دعوى يتم تعيين لجنة تأديبية من قبل‬

‫‪ 1‬انظر‪ ،‬الدراسة السابعة من كتاب بول ريكور " الذات عينها كآخر"‪ ،‬ترجمة وتقديم د‪ .‬جورج زيناتي‪ ،‬املنظمة العربية للترجمة‪ ،‬توزيع مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬نوفمبر‪ ،2005 ،‬ص‪.456-397:‬‬
‫‪2 « Les Sciences de l'éducation - Pour l'Ère nouvelle » 2012/1 Vol. 45 | page .145.‬‬

‫‪18‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫ّ‬
‫املخلين بالواجب‪ ،‬لكن هذا اإلطار‬ ‫الجماعة املهنية بغاية القيام بتحقيق وتحديد املتابعات الواجبة في حق ِ‬
‫ّ‬
‫يؤث ُر سلبا على قدرة‬‫اإليتيقي أو حتى الديونطولوجي ال وجود له باملعنى الدقيق‪ ،‬كما هو حاصل في تعليمنا‪ ،‬مما ِ‬
‫ّ‬
‫املهنيين على اتخاذ القرار‪ ،‬كما ُي ِؤث ُر أيضا على شعورهم باالنتماء إلى الجماعة املهنية‪.‬‬

‫بعد هذه الوقفة التي حاولنا من خاللها الوقوف عند املفاهيم الثالث املركزية بإيجاز‪ ،‬وأبرز اإلشكاالت‬
‫التي تثيرها العالقة فيما بينها‪ ،‬إن على املستوى التداول اللغوي‪ ،‬أو على مستوى اإلستشكال الفلسفي لألخالق‬
‫واألخالقيات‪ ،‬كما حاولنا مالمسة أبرز الخطوط التي ترتسم من خالل ذلك على مستوى التفكير في أخالقيات‬
‫املهنة‪ ،‬بقي علينا الوقوف عند ما يمكن أن ينجم على مستوى اختيار أسس بعينها للتمييز والتفريق بين "‬
‫األخالق" و"األخالقيات"‪ ،‬أو " التقريب بينهما‪ ،‬من تيارات وزاويا نظر إلشكالية األخالق بصفة عامة‪ ،‬والتي ال‬
‫تردد صداها عند كل محاولة للتفكير في الفعل اإلتيقي لإلطارى اإلداري في املجال التربوي‪ .‬فما هي‬ ‫مناص من ُّ‬
‫أبرز مدارس وتيارات الفلسفة األخالقية؟ وأيها أكثر فاعلية على مستوى إغناء التفكير األخالقي في مهنة اإلدارة‬
‫التربوية؟‬

‫‪19‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫املحورالثاني‪ :‬مرجعيات أخالقيات املهنة‬
‫‪ .1‬نظريات الفلسفة األخالقية‬

‫إن التربية والتعليم فعل إنساني‪ ،‬يتم داخل نظام مؤسساتي وفقا ملعايير‪ ،‬كما أنه يجمع ضمن عالقة‬
‫متعددة األبعاد ذواتا إنسانية‪ ،‬لكن ما يضفى الوحدة واملعنى على كل ذلك هو الغايات أو البعد التهديفي‪،‬‬
‫واملكونات الثالث مجتمعة هي ما يشكل موضوع األخالق بوصفها توضح "معنى الخير والشر‪ ،‬وتبين ما ينبغي أن‬
‫تكون عليه معاملة الناس بعضهم بعضا‪ ،‬وتشرح الغاية التي ينبغي أن يقصدها الناس في أعمالهم‪ ،‬وتنير السبيل‬
‫لعمل ما ينبغي"‪ 1‬مما يعني قيام تجربتنا األخالقية أوال وقبل كل ش يء على األحكام األخالقية التي تأخذ بدورها‬
‫صورتين أساسيتين هما الصورة املعيارية والصورة التقويمية‪ ،‬كما تتجسدان في الحكم بالخير أو الشر‪ ،‬بالعدل‬
‫أو الظلم‪ ،‬وفي تفسيرهما اإلحساس بالذنب أو بالغضب تجاه أفعال بعينها‪ .‬وقد اغتنت أبعاد إشكالية األخالق‪،‬‬
‫َّ َ‬
‫مثلت األخالقيات التطبيقية أبرز‬ ‫وازدادت تعقيدا والتباسا بفعل التطور التاريخي للواقع اإلنساني‪ ،‬فكان أن‬
‫َّ‬
‫خل ُ‬
‫فه التطور والتعدد الذي طبع الوجود اإلنساني‪ ،‬خاصة في مجاالت بعينها‪ ،‬وما نجم عنه من تعقيد‬ ‫ترجمة ملا‬
‫واستشكال على مستوى التفكير األخالقي‪ ،‬فقد شهدت اإليتيقا ظهورها في الستينات من القرن العشرين بعد‬
‫أن تم "امتحان أشكال جديدة من املسؤولية املوكولة إلى اإلنسان والناتجة عن التغيير النوعي في الفعل‬
‫ُ‬
‫البشري‪ ،‬من جهة طبيعته العميقة وخصائصه امل َم ِّيزة"‪ ،2‬ألجل تقديم إضاءة وتوضيح للموقف الذي يتعين‬
‫اتخاذه في مواجهة أسئلة ومشكالت ملموسة تنتمي إلى ميادين كبرى هي البيوإتيقا‪ ،‬إتيقا البيئة‪ ،‬إيتيقا األعمال‪،‬‬
‫ثم اإلتيقا املهنية وإتيقا التدريس جزء منها‪ ،‬مما يجعلها بالطبيعة منتمية إلى االتيقا التطبيقية‪ ،‬ألن األمر يتعلق‬
‫فيها بتوضيح اإلشكاالت األخالقية ذات العالقة بمهنة بعينها هي التعليم‪ .‬فما ننتظره هنا من االتيقا التطبيقية‬
‫هو تقديم ما يجب فعله وما يجب عدم فعله واالمتناع عن اتيانه‪ .‬ففيها ال نبحث عن مبدأ تكون له صالحية‬
‫عامة‪ ،‬بقدرما نكون في مضمار البحث عن حلول لوضعيات ملموسة ألن واقع مجال التربية والتعليم بما ينطوي‬
‫عليه من أبعاد وعالقات‪ ،‬يبقى عاكسا ألزمة االتيقا املعاصرة نفسها كما يقول ريكور بوصفها َّ‬
‫موزعة بين بعدين‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫"اثنين من جهة نحمي مناطق حرية املبادرة ونرتبط بالجماعة ومن جهة أخرى نحتج ضد الالنظام والالعدالة‬
‫والبؤس‪ ،‬وهكذا نعيش في نظامين أخالقيين‪ :‬أخالق الجماعة وأخالق خاصة"‪ ،3‬لكن هل التعددية التي تطبع‬
‫السياقات والتركيز على إبراز خصوصيتها‪ ،‬مع ما يرافق ذلك من تعميق االهتمام بالبعد الخاص والنوعي‬
‫للممارسة املهنية‪ ،‬بما فيها مهنة التعليم‪ ،‬يعني تعميما للنزعة النسبية؟‬

‫يمكن التخفيف من خطورة مثل هذا املنزلق من خالل العمل على التفكير فيما هو سياقي وملموس‬
‫ُوم ِّميز ملمارسة مهنية بعينها‪ ،‬باالرتكاز على االختيارات املعيارية الكبرى‪ ،‬حتى تكون بمثابة منارات تهدي التأمل‬

‫‪ 1‬أحمد أمين‪ ،‬علم األخالق‪ ،‬لجنة الترجمة والتأليف النشر‪ ،‬ط‪ 7‬القاهرة‪ ،1957 ،‬ص‪.9.‬‬
‫‪P. Ricoeur, Lectures1, Autour du politique, Seuil,1991,p.277.2‬‬
‫‪Histoire et vérité, Seuil, 1964, p.304. P. Ricoeur,3‬‬

‫‪20‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫والتبصر األخالقي ملمارس مهنة التربية والتعليم‪ ،‬في ظل تحول بنيوي على مستوى تصور هذه املهنة‪ ،‬أقل ما‬
‫حج َم إلى أدنى ّ‬
‫حد الفصل بين الفعل والتفكير‪ .‬وكذلك في ظل "االستعمال والتداول‬ ‫يمكن أن يقال عنه أنه قد َّ‬
‫املبتذل للفظ إتيقا الذي يجهل بالكامل التحليل الذي يتواله التفكير األخالقي وما يميزه من مناقشات‬
‫ُّ‬
‫التبصر‬ ‫واستدالالت"‪ ،1‬فما هي التصورات األخالقية الكبرى؟ وبأي وجه يمكنها أن تفيد في تطعيم وإغناء‬
‫َ‬
‫األخالقي ملمارس مهنة اإلدارة التربوية؟‬

‫إن املطلوب من أخالقيات املهنة هو أن تزودنا بتوجه عام يساعدنا على إيجاد الحلول للمواقف بل‬
‫وحتى املعضالت األخالقية التي يمكن أن تنجم عن التصادم بين الواجبات املهنية وبين املطالب العامة التي‬
‫ينادي بها مجموع املواطنين‪ ،‬على ضوء هذه االعتبارات‪ ،‬لم نعمد إلى تقديم وعرض التصورات األخالقية الكبرى‬
‫بشكل مفهومي وتأريخي كأن نتحدث على سبيل املثال عن النظريات األخالقية املتمحورة حول مفهوم الخير‬
‫والكمال‪ ،‬والنظريات األخالقية املتمحورة حول السعادة أو ما يعرف باألوديمونية‪ ،‬ثم النظريات القائمة على‬
‫مفهوم اللذة ومفهوم املنفعة‪ ،‬وتلك املتمحورة حول مفهوم الواجب‪ ،‬واملتمحورة حول مفهوم الفضيلة ‪-‬مع‬
‫وعينا الكامل بالطابع املنهجي ملثل هذا التصنيف‪ ،‬إذ ال نعدم تداخال بين الفئات املفهومية (النظريات املتمحورة‬
‫حول الخير والكمال تتداخل مع تلك املركزة على السعادة وعلى الفضيلة مثال)‪ -‬أو الوقوف عند التأسيس‬
‫املاوراء أخالقي‪ ،‬من قبيل التصدي ملنشأ أحكامنا املعيارية وتقويماتنا‪ ،‬وهل بالفعل هناك فصل بين أحكام‬
‫الواقع وأحكام القيمة‪.‬‬

‫على الرغم من وعينا بأهمية كل ذلك‪ ،‬فإن ما شكل بؤرة اهتمامنا هو باألحرى التداخل الذي يمكن أن‬
‫يفيد املمارس وهو في موقف يطرح عليه معضلة أو إحراجا أخالقيا يبحث له عن حل‪ ،‬أو عن كيفية لتعقله‪،‬‬
‫وما يمكن أن يفرضه مثل هذا املوقف من تعارض‪ ،‬وعندها ُيطرح اإلشكال ذاته آخذا الشكل التساؤلي التالي‪:‬‬
‫هل أعمد إلى التطبيق واإلعمال املبدئي للقواعد الواجبة‪ ،‬أم على العكس من ذلك يتعين على أن آخذ خصوصية‬
‫السياق بعين االعتبار؟ هل يكون محور اهتمامي الوحيد هو املبدأ واملعايير األمرية‪ ،‬أم يتعين علي النظر إلى‬
‫غاية الفعل وما يمكن أن ينجم عنه من تبعات ونتائج؟‬

‫مثل هذه األسئلة وأخرى غيرها تترجم نفس األفق اإلشكالي‪ ،‬الذي يقتض ي التفكير فيه استحضار‪ ،‬إن‬
‫صراحة أو ضمنا‪ ،‬كل املفاهيم السابقة‪ ،‬غير أنها تنتظم في صورة قطبين‪ ،‬هما القطب الديونطولوجي‬
‫[الواجباتي] املركز على القواعد اآلمرة وعلى كونيتها من جهة والقطب اإلتيقي املركز على الفعل وتبعاته وتعددية‬
‫سياقه وخصوصيته من جهة أخرى‪ .‬فأي القطبين يكون أكثر مالءمة لخصوصية فعل التربية والتعليم؟ أال‬
‫َّ‬
‫يمكن أن تكون أخالقية مهنة التربية والتعليم األكثر تمتعا بالصالحية هي تلك التي تنهل من الجمع الخالق فيما‬

‫‪1 Sandra Laugier, « Pourquoi des théories morales ? L'ordinaire contre la norme », Cités 2001/1 (n° 5), p. 93-112.‬‬

‫‪21‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫بين القطبين املذكورين مع ترجيحها ألهمية الواحد منهما في مقابل اآلخر وتغليب أهميته تبعا لخصوصية‬
‫الوضعيات وطبيعة ما تطرحه من معضالت ومآزق؟‬

‫لتيسير االقتراب من اإلجابة على هذه األسئلة ليكن توقفنا أوال عند أبرز التصورات املعيارية‬

‫‪ 1.1‬النظريات الديونطولوجية‬

‫إن األخالق الكانطية هي الصرح أو البناء األكثر اكتماال ألخالق تبذل جهدا كي تكون ديونطولوجية أو‬
‫قائمة على الواجب بشكل خالص‪ ،‬بمعنى ال تعمل على إدخال أي باعث أو دافع آخر غير صيغة "يجب عليك"‬
‫التي ترجع إلى القانون األخالقي‪ .‬فكانط ال يكتفي باستبعاد امكانية أال تكون اإلرادة خيرة إن هي كانت َّ‬
‫محد َدة‬
‫بدوافع أوبواعث خارجية مثل املصلحة والفائدة واللذة أو السعادة‪ ،‬وبشكل أعم امليول واالغراءات الحسية‪.‬‬
‫فمن البين بذاته أن اإلرادة لن تكون في هذه الحالة خيرة بذاتها‪ ،‬بل إن كانط يذهب أبعد من ذلك عندما يؤكد‬
‫على أنه سيكون من الخطير جدا ترك بواعث أخرى تتعاون مع القانون األخالقي‪ ،‬ألن األفضل هو أن ُي ّ‬
‫حد َد‬
‫ِ‬
‫القانون اإلرادة على حساب امليول‪ .‬ما دامت الخاصية املميزة للكائنات العاقلة‪ ،‬أي الكائنات الحرة‪ ،‬هي القدرة‬
‫على الفعل والتصرف بفضل تمثل القانون وحده‪ ،‬دون إعارة االهتمام ألي غاية خارجية أخرى‪ .‬ذلك أن اإلرادة‬
‫الحرة هي تلك التي ال ترتكز على نظام طبيعي سابق الوجود‪( ،‬كما هو الحال بالنسبة لكل الكائنات الحية التي‬
‫تبحث عن تحقيق متناغم ومنسجم لطبيعتها)‪ ،‬بل تستند بشكل كلي على تمثل قواعدها باعتبارها قوانين‬
‫عملية كونية‪ ،‬وهو ما يعني عمليا "أن أي واجب ال يكون أخالقيا إال إذا كان من املمكن اعتباره مبدأ يمكن‬
‫تطبيقه على الجميع دون أن يؤدي ذلك إلى تناقض في الفكر أو في اإلرادة"‪.1‬‬

‫وفي هذا السياق يميز كانط في الواجبات بين األصناف التالية‪:‬‬

‫الواجبات التامة (مثل واجب عدم الكذب وواجب الوفاء بالوعد) والواجبات غير التامة من‬ ‫•‬
‫قبيل واجب اإلحسان وما يجعله كذلك هو أنه من املستحيل احترامه بالنسبة لجميع الناس وفي كل الظروف‪،‬‬
‫لكن عدم احترامه إطالقا سيكون أمرا سيئا‪.‬‬
‫واجبات نحو ذواتنا (املحافظة على أنفسنا العمل على تحسينها وتطويرها)‪ ،‬ثم واجبات نحو‬ ‫•‬
‫الغير (احترام الغير‪ ،‬عدم معاملته كوسيلة وحبه والعمل على تقاسم أهدافه‪ )...‬وهي بدورها واجبات تنقسم إلى‬
‫واجبات تامة وأخرى ناقصة‪.‬‬

‫والديونطولوجيا املهنية‪ Déontologie professionnelle‬تبقى مستلهمة لهذا االتجاه الفلسفي‬


‫األخالقي‪ ،‬بوصفها مجموعا من التوجيهات واملعايير (التي ليست كلها‪ ،‬اللهم ما هو واجب من طبيعة أخالقية)‬

‫‪p.46. PUF, 3e édition ,2014, Que sais-je, Ruwen Ogien, la philosophie morale, Monique Canto- sperber,1‬‬

‫‪22‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫التي تتحكم في النشاط املنهي داخل ممارسة مهنة من املهن‪ .‬ولن نفهم على وجه الحقيقة ما تكونه الديونطولوجيا‬
‫املهنية‪ ،‬إال إن فكرنا في الوظائف التي تضطلع بها بالنسبة ملمارسة مهنة من املهن‪ .‬وهي الوظائف التي يمكن‬
‫تركيزها في ثالث أساسية‪ :‬املساعدة‪ ،‬التعريف أو التحديد‪ ،‬ثم التخليق‪ ،‬وبذلك يكون هدفها األول‪ ،‬وفقا‬
‫للوظيفة األولى‪ ،‬متمثال في تنظيم جماعة مهنية من خالل تمكينها من اإلحداثيات التي تساعدها على اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬لتكون قادرة على تعيين توجهاتها‪ ،‬حتى تكون مقتدرة على التصرف والفعل داخل سياقات العمل التي‬
‫تبقى سماتها البارزة هي االلتباس والتعقيد‪.‬‬

‫وتتمثل وظيفتها الثانية في كونها تحدد هوية مهنة من املهن‪ ،‬فهي تحاول دائما اإلجابة بأكثر ما يمكن من دقة‬
‫عن سؤال "معنى وماهية فعل منهي بعينه" من قبيل‪ :‬ما الذي يعنيه البناء بالنسبة ملهندس معماري؟ ما الذي‬
‫يعنيه اإلخبار بالنسبة للصحفي؟ ما الذي يعنيه تقديم العالجات بالنسبة للطبيب؟ ولذلك فإن التفكير في‬
‫الديونطولوجيا الخاصة بمهنة التعليم‪ ،‬معناه إجماال التفكير في ما يعنيه فعل التعليم‪ .‬وإلى الديونطولوجيا‬
‫يرجع كذلك أمر التمييز بين املمارسات الجيدة واملمارسات السيئة‪ .‬كما أنها تحدد وتعرف املمارسات املشبوهة‪،‬‬
‫وامللتبسة وغير املشروعة على الصعيد السوسيو‪-‬أخالقي حتى ال تحتفظ إال بتلك التي تستحق أن يتم االحتفاظ‬
‫بها‪.‬‬
‫بهذا املعنى تكون الديونطولوجيا ضربا من الحكمة الجماعية يؤدي إليها مسار ُّ‬
‫تكون املهنة واملناقشات‬
‫التي تمت عبر تاريخها‪ .‬فبماذا يمكن للمنظور الديونطولوجي أن يغني مهنة التعليم؟ وما الذي يجعل هذه املهنة‬
‫أقرب بحكم طبيعتها لالستفادة والنهل من هذا املنظور؟‬

‫يدافع أصحاب اعتماد االختيار الديونطولوجي على مستوى أخالقيات املهنة عن هذا التوجه باعتباره‬
‫األنسب مادام يعمل على وضع القيود املعيارية من أجل املحافظة على حقوق األفراد وصيانة كرامتهم‪ ،‬وفي‬
‫ّ‬
‫مجال التعليم حقوق التالميذ وكرامتهم‪ ،‬بيد أن ما ُي َم ِثل مشكال في مثل هذا االختيار هو صورته املطلقة‪ ،‬بمعنى‬
‫تلك التي تؤكد على ضرورة االحترام الالمشروط للواجب بغض النظر عن كل النتائج املمكنة‪ ،‬فهل باإلمكان أن‬
‫نتجاهل كل ما يمكن أن تسفر عنه أفعالنا من نتائج في كل الظروف؟ في مواجهة هذه النزعة اإلطالقية ظهرت‬
‫حد ُد أخالقية األفعال انطالقا مما ينجم عنها من نتائج‪.‬‬‫في حقل الفلسفة األخالقية نظرية ُت ّ‬
‫ِ‬
‫‪ .2.1‬النزعة القائمة على اعتبار النتائج‬

‫فما تطلبه منا هذه النظرية األخالقية هو العمل على الرفع من كل ما من شأنه تحقيق أفضل‬
‫حالة ممكنة لألشياء‪ ،‬ولفظ "أفضل" هذا ليس بالنسبة للشخص‪ ،‬بل "األفضل" من وجهة نظر محايدة وغير‬
‫شخصية‪ ،‬وهذا الطابع غير الشخص ي أو املجرد هو أول ما ينصب عليه النقد املوجه لهذه النظرية‪ .‬وحتى يتبين‬
‫الفرق الذي يفصلها عن النظرية أو التصور الديونطولوجي‪ ،‬ال بأس من الوقوف عند املثال الذي قدمه كانط‬
‫صديقه الهارب من قتلة يالحقونه‪ ،‬وسألوه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫لكي يستدل على املنع املطلق للكذب‪ ،‬فإذا لجأ عند شخص‬
‫صديقك هل هو عندك؟"‪ ،‬فلو تصرف هذا الشخص تبعا للقاعدة التي تأمر بوجوب قول الحقيقة"‪ ،‬فمن‬

‫‪23‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫املحتمل أن يقتل صديقه‪ ،‬لذلك فإن صاحب النزعة القائمة على اعتبار النتائج‪ ،‬يقول بضرورة مراقبة القواعد‬
‫بناء على نفعية العمل‪ ،‬وهو ما عبر عنه انتقاد كونسطان لكانط بقوله‪" :‬قول الحقيقة ال يعتبر واجبا إال للذين‬
‫لهم الحق في الحقيقة"‪ .1‬فاملبدأ الذي ترتكز عليه هذه النظرية هو أنه يلزمنا دائما فعل أكبر قدر من الخير‬
‫واقتراف أقل ما يمكن من شر‪ ،‬مما يجعلها‪ ،‬عكس النظرية الديونطولوجية‪ ،‬ذات طابع غائي‪ ،‬بمعنى أنها تحكم‬
‫بأخالقية الفعل بناء على الغاية من ورائه‪ .‬فبالنسبة لها ما يبرر القواعد األخالقية مثل "تحريم القتل"‪ ،‬و"منع‬
‫الكذب"‪ ،‬هي قيم‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لقيمة الحياة اإلنسانية وقيمة الحقيقة في مثالنا‪ ،‬وعليه يكون ما‬
‫يمنح للفعل طابعه األخالقي هي القيم التي يستهدف تحقيقها‪.‬‬

‫اكتفينا بتقديم هاتين النظريتين‪ ،‬على الرغم من أن الحقل الفلسفي املكرس لدراسة األخالق يعج‬
‫بالكثير من التصنيفات‪ ،‬اعتبارا لكونه التصنيف الذي يبقى أكثر مالءمة ملوضوعنا‪ ،‬وبالنظر إلى أن جل‬
‫الدارسين يجمعون على أن التقليدين البارزين في الفلسفة األخالقية‪ ،‬هما التقليد التليولوجي (الغائي) الذي‬
‫يعد أرسطو ممثله األبرز من جهة والتقليد الديونطولوجي (القائم على الواجب) الذي يعتبر كانط أبلغ من‬
‫أفصح عنه وأرس ى أسسه من جهة ثانية‪ .‬فهل من إمكانية تسير في اتجاه التوفيق بين االتجاهين؟ وبأي معنى‬
‫تكون هذه اإلمكانية هي األكثر تناسبا مع أخالقيات مهنة التعليم‪ ،‬بحكم طبيعة هذه املهنة ذاتها؟‬

‫‪ .3.1‬في أفق التركيب بين التقليدين‬


‫لقد عمل بول ريكور على إرساء مشروع اتيقي قائم على خلق تمفصل بين التقليد الغائي التليولوجي‬
‫العائد ألرسطو والتقليد الديونطولوجي الذي يعتبر كانط أبرز ممثل له‪ ،‬فبالنسبة له القصد االتيقي يسبق‬
‫القانون األخالقي على مستوى نظام التأسيس‪ ،‬غير أن العبور من التطلع إلى األمر‪ ،‬ومن الرغبة إلى املنع والحظر‬
‫هو عبور ال يمكن تفاديه‪ .‬ومن هنا جاء تشريع القانون بغية الحؤول دون السقوط في العنف‪ .‬وريكور في كتابه‬
‫"الذات عينها كآخر" يحدد األخالق من خالل ثالث أبعاد "التطلع إلى العيش الكامل‪ ،‬أو الحياة الكاملة‪ ،‬مع كل‬
‫اآلخرين ومن أجلهم‪ -‬داخل مؤسسات عادلة" كل مكونات هذا التعريف تبقى على الدرجة نفسها من األهمية‬
‫كما أنها تبقى متكاملة فيما بينها‪ .‬ألن اإليتوس األخالقي هو على التوالي االنهمام بالذات‪ ،‬واالنهمام بالغير ثم‬
‫االنهمام أو االنشغال باملؤسسة‪ .‬وبتعبير آخر ترتبط الحياة األخالقية بالذات‪ ،‬وبرغبتها في حياة كاملة‪ ،‬لكنها‬
‫تعني وتستلزم أيضا انفتاح الذات على الغير‪ .‬وما يجعل هذا التصور ذا أهمية كبيرة بالنسبة ألخالقيات املهنة‬
‫التبصر ضمن العالقة بالغير‪ ،‬وهو التبصر الذي من الالزم أن يرتكز على سياق‬ ‫ُّ‬ ‫هو األهمية التي يمنحها لبعد‬
‫ثقافي وأكسيولوجي ينهل من مصادره املتعددة‪ ،‬وفي غيابه تصير الحياة داخل املجتمع من باب املستحيالت‪،‬‬
‫ودون الوقوف عند العناصر املكونة للدائرة االتيقية كما وضعها بول ريكور‪ ،‬نكتفي باإلشارة إلى أن التحديد‬

‫‪Emmanuel kant, D’un prétendu droit de mentir par l’humanité, G. Flammarion, Paris 1994, pp.99-103.1‬‬
‫ترجمة عز الدين الخطابي‪ ،‬ضمن كتاب‪ :‬في الترجمة والفلسفة والسياسة و األخالقية‪ ،‬منشورات علوم التربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2004‬ص‪.141.‬‬

‫‪24‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫الذي يقدمه لالتيقا‪ ،‬بوصفها "العيش مع اآلخرين ومن أجلهم داخل مؤسسات عادلة" ‪ ،1‬يبقى منطويا على‬
‫َ‬
‫العناصر التي يمكنها أن تتيح لنا ش َّق مسارات ألجل التفكير في أخالقيات املهنة تكون قائمة على التفاعل بين‬
‫الت َبصري (األنا) وبين االلتزام باألبعاد املرتبطة بالواجب واألوامر التي تقتضيها املهنة (البعد‬ ‫البعد َّ‬
‫الديونطولوجي) والتي تبقى عاكسة بدورها للبعد األمري الذي تجسده املؤسسات االجتماعية بما فيها املدرسة‪،‬‬
‫وكل ذلك إنما يتجسد على املستوى الفعلي واألفق الغائي على قاعدة االنشغال بالغير‪ ،‬إن على مستوى عالقة‬
‫َ‬
‫امل ِع َّية التي تقوم في عمقها على الرعاية والعناية‪.‬‬
‫‪.2‬مرجعيات أخرى‬
‫رغم ما قد يبدو من إطالة على مستوى التوقف عند املرجعيات الفلسفية ألخالقيات املهنة‪ ،‬فإن‬
‫العكس هو الحاصل‪ ،‬بمعنى أننا لم نعمل إال على التقاط العناصر التي اعتبرناها أساسية بالنسبة ألخالقيات‬
‫التدريس تحديدا‪ ،‬ومع ذلك يمكننا الجزم عن حق بأنه ما من مرجعية أكثر عمقا على مستوى التأسيس‬
‫والشمولية إلشكالية األخالقيات سوى املرجعية الفلسفية‪ ،‬التي تؤسس لغيرها من املرجعيات وتحضر فيها‪،‬‬
‫ومن بين هذه املرجعيات يمكن ذكر‪:‬‬
‫✓ املواثيق الدولية‪ :‬بالنظر إلى انفتاح جميع بلدان العالم على بعضها‪ ،‬وبالنظر إلى تبادل‬
‫املصالح واالهتمامات بين هذه الدول‪ ،‬فقد تم تنظيم العالقات التي تربطها بمجموعة من املواثيق الدولية‬
‫(امليثاق الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬املواثيق الدولية لحقوق املرأة‪ ،‬املواثيق الدولية لحقوق الطفل‪ )...‬تلزم الجميع‬
‫احترامها‪ ،‬لتشكل بذلك مرجعا أساسيا ألخالقيات املهنة‪.‬‬

‫النصوص القانونية‪ :‬ويقصد بها دستور الدولة وجميع القوانين املنبثقة عن السلطة‬ ‫✓‬
‫التشريعية والسلطة التنفيذية بمختلف أنواعها‪ ،‬والتي تتضمن مقتضيات تحث على التحلي بمجموعة من‬
‫السلوكيات واألخالقيات منها‪ :‬االنضباط واحترام الوقت والتقيد به‪ ،‬االبتعاد عن املحسوبية‪ ،‬تقديم املصلحة‬
‫العامة على املصلحة الخاصة‪ ،‬عدم إفشاء أسرار العمل‪ ،‬عدم قبول الرشوة‪ ،‬احترام التسلسل اإلداري‪،‬‬
‫التعامل بنزاهة‪ ،‬التعاون مع الجميع‪...‬‬

‫القيم السائدة في املجتمع‪ :‬تعتبر قيم املجتمع الذي يعيش فيه الفرد ويتعامل داخله في إطار‬ ‫✓‬
‫عالقات متفاعلة مرجعا مهما من املرجعيات التي تؤثر في أخالقيات املهنة‪ .‬واإلطار التربوي‪ ،‬كواحد من أبناء‬
‫املجتمع‪ ،‬يؤثر ويتأثر باملنظومة القيمية املتضمنة للقيم الدينية التي تحث على الصدق والتعاون والتسامح‬

‫‪ 1‬بول ريكور‪ ،‬الذات عينها كآخر‪ ،‬ترجمة وتقديم وتعليق د‪ .‬جورج زيناتي‪ ،‬املنظمة العربية للترجمة‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة االولى‪،‬‬
‫بيروت‪( ،‬نوفمبر‪ ،)2005‬ص‪.456.‬‬

‫‪25‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫والصبر والصفح والتواضع‪ ،‬وترفض الظلم‪ ،‬والكذب والنفاق والرياء‪ .. .‬الخ‪ .‬فضال عن تضمنها للقيم‬
‫االجتماعية والثقافية املرتبطة بالعادات والتقاليد السائدة في املجتمع‪.‬‬

‫أدبيات صادرة عن النقابات والتنظيمات املهنية ومكونات املجتمع املدني في مجال‬ ‫✓‬
‫أخالقيات املهنة‪ :‬وهي أدبيات تحدد مجموعة من القواعد املتعلقة بممارسات املهنيين والتزاماتهم تجاه‬
‫اآلخرين‪.‬‬

‫القيم الخاصة بالفرد‪ ،‬وهي القيم التي يتشبع بها الفرد خالل أطوار نمو شخصيته ومراحل‬ ‫✓‬
‫تنشئته االجتماعية‪ ،‬سواء تعلق األمر بمستوى قيمه األولية املتميزة بالدوام أو بمستوى قيمه الثانوية املتصفة‬
‫بالتغير حسب السياقات والوضعيات‪.‬‬

‫‪26‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫املحورالثالث‪ :‬املبادئ القيمية املوجهة ألخالقيات املهنة وعالقة أخالقيات مهن‬
‫اإلدارة في مجال التربية والتكوين بمفهوم القيادة‬
‫أخالقيات مهنة اإلدارة التربوية هي مجموعة من املبادئ التربوية التي تتضمن الواجبات املهنية‪ ،‬واألخالقية‪ ،‬تجاه‬
‫املدرسين‪ ،‬واملتعلمات واملتعلمين‪ ،‬والزمالء‪ ،‬واملجتمع املحلي‪ ،‬وزمالء املهنة‪ ،‬واتجاه الذات أيضا‪.‬‬
‫وتعرف أيضا بأنها مجموعة من السلوكيات‪ ،‬واملمارسات اإلدارية‪ ،‬واإلنسانية املختلفة التي يمارسها املدبر تجاه‬
‫العاملين من إداريين‪ ،‬ومدرسين‪ ،‬وتجاه املتعلمات واملتعلمين‪ ،‬وأولياء أمورهم‪ ،‬واملجتمع املحلي‪.‬‬
‫كما تعرف أيضا بأنها منظومة من القيم والسلوكيات التي يفترض أن يتحلى بها مدبرو املؤسسات التعليمية في‬
‫تعاملهم مع أطراف العملية التعليمية‪.‬‬
‫ُ‬
‫كما تعرف أيضا بأنها منظومة من القيم والسلوكيات التي يفترض أن يتحلى بها مدبرو املؤسسات التعليمية في‬
‫تعاملهم مع أطراف العملية التعليمية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬القيم املوجهة ألخالقيات املهنة (اإلنسانية واألخالقية واملهنية)‬

‫‪ -1‬مفهوم القيم وأهميتها‪:‬‬


‫القيم‪ :‬جمع قيمة‪ ،‬وهي مأخوذة من التقويم وإزالة االعوجاج‪ ،‬ويراد بها املثل واملبادئ االجتماعية‬
‫السامية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وتعرف القيم أيضا بأنها‪ :‬جملة املقاصد التي يسعى القوم إلى إحقاقها متى كان فيها صالحهم عاجال أو‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اإلنسانية‬ ‫آجال‪ ،‬أو إلى إزهاقها متى كان فيها فسادهم عاجال أو آجال‪ .‬وهي القواعد التي تقوم عليها الحياة‬
‫الحيوانية‪ ،‬كما تختلف الحضارات بحسب ّ‬
‫تصورها لها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتختلف بها عن الحياة‬
‫ّ‬
‫اجتماعية‪ ،‬وهي بشكل‬ ‫ّ‬
‫نفسية أو‬ ‫ٌ‬
‫صفات ذات ّ‬
‫أهمية العتبارات‬ ‫وقد وردت في القاموس التربو ّي ّ‬
‫بأنها‬
‫للسلوك والعمل‪ .‬وعموما فالقيم عبارة عن مفاهيم سلوكية تدفع بالفرد إلى االنتماء واالختيار في‬‫وجهات ّ‬ ‫عام ُم ّ‬
‫ّ‬
‫مجاالت الحياة وفق اهتماماته واتجاهاته وتقديره لألشياء التي يحتك بها خالل حياته‪ ،‬سعيا إلرضاء نفسه‬
‫وإشباع حاجاته‪.‬‬
‫ّ‬
‫أهمية القيم‪:‬‬
‫أهمي ٌة ُعظمى في حياة الفرد واملجتمع‪ ،‬حيث ُتساهم في بنائه وتكوينه‪ ،‬ومن ّ‬
‫أهميتها‪:‬‬ ‫للقيم ّ‬

‫صاحبة مبدأ ثابت‪.‬‬ ‫قوية ناضجة ُومتماسكة‬‫شخصية ّ‬


‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بناء‬ ‫❖‬
‫ِ‬
‫اكتساب الفرد القد ة على ضبط ّ‬
‫النفس‪.‬‬ ‫❖‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التحفيز على العمل وتنفيذ النشاط بشكل ُمتقن‪.‬‬ ‫❖‬
‫ً ً‬ ‫ُ ّ‬
‫حماية الفرد من الوقوع في الخطأ واالنحراف؛ حيث تشكل القيم درعا واقيا‪.‬‬ ‫❖‬

‫‪27‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫ّ‬
‫الداخلي‪.‬‬ ‫إحساس الفرد ّ‬
‫بالسالم‬ ‫❖‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪.‬‬ ‫االستقرار ّ‬
‫والتوازن في الحياة‬ ‫❖‬
‫ّ‬
‫باملسؤولية‪.‬‬ ‫إحساس الفرد‬ ‫❖‬
‫حب ِتهم‪.‬‬ ‫كسب ثقة ّ‬
‫الناس َوم َّ‬ ‫❖‬
‫ّ‬ ‫إكساب الفرد القد ة على ّ‬
‫التأقلم مع الظروف برضا وقناعة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫❖‬
‫للمجتمع وقانون ُيراقب ُّ‬
‫تحركاته‬ ‫تشكيل نمط ّ‬
‫عام ُ‬ ‫❖‬
‫تحفظ للمجتمع بقاؤه واستمراريته وهويته وتميزه عن غيره من املجتمعات‪.‬‬ ‫❖‬
‫تصنف القيم حسب املجال الذي تعنى به إلى عدة أنواع‪ ،‬نذكر من بينها‪:‬‬

‫‪ – 2‬القيم اإلنسانية‪:‬‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية على أنها القواعد املؤسسة للمنظومة األخالقية املتكاملة‪ ،‬والتي تعارفت عليها‬ ‫عرف القيم‬ ‫ُت َّ‬
‫وتم تأكيدها من الديانات‪ ،‬واألفكار اإلصالحية‪ ،‬واألعمال الفنية‪،‬‬ ‫اإلنسانية السليمة‪ ،‬والتي ُر ِ ّسخت‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الفطر‬
‫تضم‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانية على أرض الواقع‪ ،‬من خالل التعامالت اليومية بين الناس‪ ،‬وهي ُّ‬ ‫واألدبية العظمى‪ .‬تظهر القيم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طيفا واسعا من القيم واألخالق الحميدة؛ كالصدق‪ ،‬واألمانة‪ ،‬والتسامح‪ ،‬واإلنفتاح‪ ،‬واإلنصاف‪ ،‬والتعاون على‬
‫وتفقد الضعفاء‪،‬‬‫الخير‪ ،‬وحب اآلخرين‪ ،‬ومساعدة املحتاجين‪ ،‬واملودة‪ ،‬واالهتمام بالناس‪ُّ ،‬‬

‫مكن ألي إنسان عاقل أن ينكر إحدى هذه القيم‪ ،‬وإال‬ ‫ُ‬
‫وإرساء العدالة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬ومن هنا فإنه ال ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫أثبت وبما ال يدع مجاال للشك أنه أبعد ما يكون عن‬

‫‪ – 3‬القيم األخالقية‪:‬‬
‫وهي مجموعة اإللتزامات األخالقية التي تنتقل من جيل إلى آخر عبر التقاليد املتوارثة‪ ،‬فهي قواعد وقيم‬
‫متعارف عليها دون أن ٌتضمن في كتب التشريع واألنظمة‪ ،‬وتعتبر ذات تأثير قوي على البشر ليبقوا على الطريق‬
‫الصحيح دون اللجوء إلى فرض السلطة وتطبيق القانون‪ ،‬فكل شخص يرغب في أن يكون موضع احترام وتقدير‬
‫من قبل املجتمع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتعرف القيم األخالقية أيضا ب ّأنها مجموعة من املبادئ األساسية التي ّ‬
‫تكون شخصية اإلنسان وتنظم‬
‫سلوكه‪ ،‬كما تحدد عالقات األفراد مع بعضهم البعض من أجل تحقيق الغاية من خلق اإلنسان‪ ،‬إذ ّأن التمسك‬
‫بالقيم األخالقية هو أساس صالح املجتمع‬

‫‪28‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫ّ‬
‫فإنه ال بد ألي إنسان أن يتصف بالقيم األخالقية السليمة والطيبة ّ‬
‫ألنها من األمور التي يسعى‬ ‫وبالتالي‬
‫وخاليأ من املعوقات التي تعكر صفوه‪ً ،‬‬
‫أيضا للتقليل من انتشار‬ ‫ً‬ ‫املجتمع لترسيخها من أجل جعل املجتمع ً‬
‫آمنأ‬
‫الجرائم‪ ،‬والفاحشة‪.. .‬‬
‫ونذكر من بينها‪ :‬العدالة واإلنصاف – الصدق واألمانة – التسامح – التواضع – اإلحترام – النزاهة –‬
‫مساعدة اآلخرين – الصبر‪.‬‬
‫‪ – 4‬القيم املهنية‪:‬‬
‫وهي مجموعة املعايير والقيم الخاصة بمهنة معينة ضمن املنشأة الواحدة‪ ،‬تهدف إلى توحيد جميع‬
‫أعضاء هذه املنشأة‪ ،‬والحفاظ على ديمومتها واستقرارها بشكل يضمن تحفيز العاملين فيها‪ ،‬وتعرف هذه القيم‬
‫بما يسمى "مدونة السلوك في الوظائف"‪ .‬فهناكقيم عامة مشتركة بين مجموعة من املهن كالصدق واإلحترام‬
‫واألمانة‪ ،.. .‬وهناك قيم خاصة بمهن أخرى‪ ،‬فقيم مهنة الطب قد تختلف عن قيم مهنة األمن والتعليم‬
‫واإلقتصاد وغيرها‪ ،‬إال أن وجود وتطبيق هذه القيم ضروري للحفاظ على العالقة بين املهنيين في كافة مجاالتهم‬
‫مما يضمن وحدة واستقرار املجتمع‪ ،‬ونذكر منها‪ - :‬حسن التصرف ‪-‬املبادرة – اإلبداع – العمل من خالل الفريق‬
‫– التجديد – التجرد من اإلنحياز‪ -‬اإلنفتاح – العمل وفق الضمير‬
‫أمثلة القيم األخالقية‪:‬‬
‫الضمير املنهي‪ :‬يعتبر الضمير املنهي من الصفات الضرورية التي يجب على كل عامل أو موظف أن يتصف‬
‫بها‪ .‬في كل املجاالت العمل حيث أن العمل كيفما كان يقتض ي اإلتقان واملهارة‪.‬‬
‫التسامح‪ :‬نابع من السماحة‪ ،‬وهو إعتراف بثقافة اآلخر وتفاهم جماعي متبادل بين مختلف الفئات‬
‫والشعوب‪ ،‬ويعتبر مبدأ من مبادئ حقوق اإلنسان ويتضمن الحرية واملساواة كما نصت عليه الشريعة‬
‫اإلسالمية وتضمنته ديباجة مبادئ ميثاق األمم املتحدة‪ .‬و من سمات املوظف أن يكون متسامحا مع اآلخرين‬
‫(الرؤساء ‪ +‬زمالء العمل‪).. .‬‬

‫الشفافية‪ :‬مصطلح يدعو إلى نمط جديد من التفاعل يقوم على إرساءمجموعة من القيم تأتي على‬
‫رأسها قيم النزاهة واملساءلة واإلفصاح ومحاربة الفساد‪.‬‬
‫النزاهة‪ :‬هي اإلستقامة والقيم األخالقية التي يتحلى بها الفرد‪ ،‬مثل‪ :‬الصدق‪ ،‬األمانة والشفافية‬
‫والشرف‪ .. .‬وهي أيضا كرم في األخالق التي البد منها‪ ،‬وأن يتصف بها اإلنسان أيا كان سنه‪ ،‬وهي مكافحة الفساد‬
‫ومن األمثلة أيضا العدل واملساواة‪...‬‬

‫‪29‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫خطاطة القيم األخالقية‬

‫االحترام‬ ‫االنضباط‬

‫التعاون‬ ‫صفات‬
‫أخالقيات املهنة‬ ‫املوظف‬

‫االتصال‬
‫فريق العمل‬

‫املظهر‬

‫ثانيا‪ :‬الحقوق والواجبات املهنية‬

‫‪ - 1‬معنى الحقوق والواجبات املهنية‪:‬‬


‫الحقوق املهنية‪ :‬يقصد بها القوانيين والقواعد املهنية التي تتعلق بالفرد العامل في أي مؤسسة مهنية‬
‫وتتمثل هذه الحقوق املهنية بالشروط التي تضعها املؤسسة املهنية لصالح الفرد نظرا ألهميتها في تحقيق‬
‫الحقوق املهنية للفرد ومدى تكيفه بالعمل والبنية ومستوى تطوره في املسار املنهي‪.‬‬
‫الواجبات املهنية‪ :‬هي تحمل العاملين أو املوظفين كل ما عليهم من واجبات ويلتزمون بها على مدى‬
‫سنوات العمل بكل جد ومثابرة واجتهاد دون كلل أو ملل وأن يكونوا إيجابيين السلبيين‪.‬‬
‫‪ - 2‬اإلخالص والتفاني في أداء الواجب املنهي‪.‬‬
‫اإلخالص في العمل‪ :‬اإلخالص في العمل من األمور الواجبة على كل شخص يمتهن عمال لكي يرض ي‬
‫نفسه بالبداية‪ ،‬ومن ثم إرضاء من يهمهم األمر‪ .‬ويقابله التفاني أو الكفاءة في العمل‪.‬‬
‫التفاني في العمل‪ :‬هو بذل الجهد إلنجاز عمل معين‪ .‬ونقول يتفانى في عمله أي يندمج فيه ويبذل غاية‬
‫جهده إلنجازه‪.‬‬
‫الكفاءة في العمل‪ :‬هي القدرة على أداء العمل وإتقانه بكل احترافية‪.‬‬
‫يعتبر اإلخالص والتفاني في العمل هو املحرك األساس ي والعامل األكثر ديناميكية في كل العملية‬
‫التنموية أو الخدمية‪ ،‬وهو ذروة العطاء الذي يمكن للموظف أو العامل إعطاؤه للعمل الذي يشغله في العديد‬
‫من النواحي‪.‬‬

‫‪30‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫إن اإلخالص والتفاني في العمل يتجلى في‪ :‬احترام الوقت وإتقان العمل – العمل بحرفية ومهنية للعمل‬
‫املناط للقيام به أو الخدمة املطلوب تقديمها – التعاطي اإليجابي والسهل مع املواطنين طالبي الخدمة –‬
‫التعاون اإليجابي مع بقية الزمالء – اإلبتعاد عن املنازعات واملشاحنات – العمل بروح الفريق الواحد‪ -‬املحافظة‬
‫على أسرار العمل ومكوناته– احترام القوانين والقواعد واألصول واألنظمة والتعليمات املعمول بها – اإلبداع‬
‫واإلبتكار واإلبتعاد عن العمل الروتيني اململ‪.. .‬‬
‫‪- 3‬استحضارااللتزام قبل اإللزام‪:‬‬
‫االلتزام‪ :‬ينبع من داخل املوظفين أنفسهم‪ ،‬فهو حماس‪ ،‬أو باألحرى تعبير عن تحمس املوظف لعمله‪،‬‬
‫كما أنه‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬التعبير املرئي عن تصورات املوظف عن عمله‪ ،‬وانطباعه الشخص ي عن املؤسسة التي‬
‫يعمل لصالحها‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬فإن اإللتزام في العمل هو النواة أو الوقود الداخلي (غير املادة املرئية عادة) الذي يؤدي إلى‬
‫الكثير من األمور اإليجابية‪ ،‬والتي من بينها على سبيل املثال‪ :‬معدل رضا وظيفي مرتفع‪ ،‬إنتاجية عالية‪ ،‬وكفاءة‬
‫وجودة منقطعة النظير‪ ،‬ناهيك عن الرغبة املحمومة في التعلم الدائم واإلستفادة من اآلخرين وإفادتهم‪.‬‬
‫كما هو معلوم ليس كل املوظفين ملتزمين‪ ،‬وحتى امللتزمين أنفسهم ليسوا على ذات القدر من االلتزام‬
‫صوب العمل‪ .‬ألن االلتزام قرار شخص ي قبل أن يكون نتيجة استراتيجية إدارية معينة‪.‬‬
‫اإللزام‪ :‬ينبع من اإلدارة‪ ،‬ويتم من خالله وضع القواعد واللوائح واإلجراءات‪ ،‬وجميع اإلرشادات الالزمة‬
‫لتحديد ما يجب عمله‪ ،‬وبصورة دقيقة ومحددة‪ ،‬وإلزام كافة املوظفين بها كل بحسب وظيفته وما يتعلق بها مع‬
‫مراعاة عدم التحريف أو التعديل (اإللزام الحرفي) وذلك ليصيروا في أداء عملهم أشبه باآلالت‪ ،‬مع التهديد‬
‫املستمر لكل من يخالف هذه التعليمات بالعزل والعقوبات الرادعة‪ ،‬وهو ما يسمى باألسلوب الترهيبي لتحقيق‬
‫اإللزام‪.‬‬
‫‪- 4‬كتمان السراملنهي‪:‬‬
‫يقصد بالسر املنهي عدم إفصاح املوظف أو إدالئه بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته إذا كانت‬
‫سرية بطبيعتها‪ ،‬أو بموجب التعليمات ويظل هذا االلتزام قائما ولو بعد ترك الوظيفة‪.‬‬
‫وينص الفصل ‪ 18‬من القانون األساس ي العام للوظيفة العمومية على أن " كل موظف يكون ملزما بكتم‬
‫سر املهنة في كل ما يخص األعمال واألخبار التي يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها "‬
‫ومن هنا كان على املوظف العمومي االلتزام بواجب املحافظة على األسرار التي يطلع عليها بحكم‬
‫وظيفته‪ ،‬وعدم إفشائها أو تسريبها خارج ميدانها وإإل عرض نفسه للمساءلة التأديبية والجنائية‪.‬‬
‫وعموما فإن الهدف والغرض من هذا الواجب هو املحافظة على الصالح العام من ناحية‪ ،‬وصالح‬
‫األفراد الذين تتعلق بهم تلك األسرار من ناحية أخرى‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫‪ - 5‬احترام التسلسل الهرمي اإلداري‪:‬‬
‫يمثل واجب إحترام السلطة التسلسلية وإطاعة املرؤوس لرؤسائه أحد الواجبات الهامة التي تقع على‬
‫عاتق املوظف العام ويتوقف نجاح التنظيم اإلداري على كيفية تلقي األوامر وكيفية تنفيذها‪.‬‬
‫فاملوظف يجب عليه إحترام رؤسائه ويتمسك بآداب اللياقة في مخاطبتهم أو أثناء إبداء آرائه ومقترحاته‬
‫بشأن مسألة معينة‪ ،‬كما يتقيد بالحدود الالزمة للمحافظة على كرامة رؤسائه وحرمة الوظيفة‪.‬‬
‫‪ - 6‬عدم ممارسة نشاط أو سلوك منهي متعارض مع الوظيفة أو مدرللدخل‪:‬‬
‫ال يجوز للموظف ممارسة التجارة‪ ،‬أو املشاركة في تأسيس الشركات أو يكون عضوا في مجلس إدارتها‪،‬‬
‫إذا كانت تلك املشاركة تؤثر على استقالله الوظيفي‪.‬‬
‫حفاظا على نشاط املوظف وأداء عمله بدقة وكفاءة‪ ،‬حظر(منع) املشرع في قانون الخدمة املدنية‬
‫الجمع بين الوظيفة وأي عمل إإل في األحوال التي يجوز فيها لذوي املؤهالت املهنية والعلمية مزاولة هذه املهن في‬
‫غير أوقات العمل الرسمي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬املسوؤلية القانونية واملهنية‬


‫‪ – 1‬تعريف املسؤولية وأهميتها‪:‬‬
‫➢ املسؤولية‪:‬‬
‫تعرف املسؤولية بأنها الدور الذي يلعبه كل فرد بمؤسسة معينة‪ ،‬وفقا ملا يرتبط بهذا الدور من حقوق‬
‫وواجبات‪ .‬ويتوقف تحقيق املسؤولية بوعي الشخص وإدراكه ملاهية الكيان‪ ،‬وموقعه بالنسبة لهذا الكيان أو‬
‫تلك املؤسسة‪.‬‬
‫إن تحمل املسؤولية هو القيمة التابعة للتعريف باملسؤولية‪ ،‬ويعني اإللتزام بجميع املعايير التي يتمكن‬
‫الفرد من خاللها بتحقيق دوره على أكمل وجه‪.‬‬
‫➢ أهميتها‪:‬‬
‫تكمن أهمية املسؤولية في كونها مرتبطة بالقيادة بشكل كبير‪ ،‬ألن القائد الناجح هو الذي يعتاد على‬
‫تحمل املسؤولية وهو الذي يقوم بحل كل املشاكل التي تواجهه‪ ،‬وتكمن أهميتها أيضا في كون القائد الناجح‬
‫يستطيع حل كل أزمات ومشاكل العمل‪ ،‬وكلما كانت املشاكل صعبة كلما كان تحمل املسؤولية أكبر‪.‬‬
‫والقائد الذي يتحمل املسؤولية يكون مصدر القوة والنجاح للمؤسسة التي يعمل بها‪.‬‬
‫فعندما يكون الشخص مسؤوال مسؤولية كاملة عن قرارته يكون مدركا أنه يجب أن يكون أكثر حذرا في‬
‫اتخاد أي قرار‪ ،‬وأن يكون حريصا في جعل األمور متوافقة معه حتى يحقق أهدافه‪.‬‬

‫‪32‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫‪- 2‬املسؤولية القانونية‪:‬‬
‫وهي املسؤولية التي تدخل في دائرة القانون ويترب عنها جزاء قانوني‪ .‬وبالتالي هي حالة الشخص الذي‬
‫يخالف قاعدة من قواعد القانون‪ ،‬وال تتحقق هذه املسؤولية إإل إذا وجد ضرر ولحق هذا الضرر شخصا آخر‬
‫غير مسؤول‪ .‬عكس املسؤولية األدبية أوسع نطاقا من املسؤولية القانونية‪.‬‬
‫‪ – 3‬املسؤولية املهنية‪:‬‬
‫هي اإللتزام بأداء وظائف مهنية معينة‪ ،‬وتحقيق النتائج املهنية املرغوب بها‪ .‬أي أنها املسؤولية عن األداء‬
‫السليم للواجبات‪ ،‬وتتمثل بالتزام املوظف املنهي املرؤوس الذي تم تكليفه بواجب ألداء الواجب نفسه وبنفس‬
‫الطرق واألساليب والخطوات املرسومة له من قبل اإلدارة املهنية‪.‬‬
‫‪-4‬الشعورباملسؤولية واحترامها‪:‬‬
‫الشعور باملسؤولية تعني أن يكون الشخص مسؤوال في عمله عن نتائج القرارات والتصرفات التي تصدر‬
‫عنه في معرض قيامه باألعمال املوكلة إليه‪ ،‬وتكون املسؤولية قانونية أو أخالقية وفق مقتضيات القانون‬
‫الطبيعي املستمد من األعراف والعادات والتقاليد السائدة في املجتمع‪.‬‬
‫والشعور باملسؤولية من أهم العوامل التي البد أن تتوفر في الشخص الذي ال يريد االعتماد على غيره‬
‫في إنجاز أعماله اليومية‪.‬‬

‫‪33‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫املحورالرابع‪ :‬عالقة أخالقيات مهن اإلدارة في مجال التربية والتكوين بمفهوم القيادة‬

‫تعتبر القيادة التربوية سلوكا يقوم به املدير‪ -‬القائد لتوجيه نشاط املجالس واألساتذة والطلبة‬
‫والشركاء‪ ،‬لتحقيق رسالة املؤسسة‪.‬‬
‫والقيادة وظيفة لها دور أساس ي في نجاح التدبير‪ ،‬وهي كفاية يتفاعل فيها الفن بالعلم لتمكين القائد‬
‫من كسب ثقة واحترام الجميع‪ ،‬ومن القدرة على التأثير في سلوكهم ومواقفهم‪ ،‬وتحفيزهم على االنخراط الفعال‬
‫في تحقيق أهداف مشروع املؤسسة‪.‬‬
‫والقيادة الناجحة هي التي تستطيع أن تتكيف مع البيئة وتستجيب لجملة من االعتبارات واملسؤوليات‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫وتبقى القيادة‪ ،‬إستراتيجية منظمة تقوم على أساس اعتبار املؤسسة التربوية نظاما له أهداف يمكن‬
‫تحديدها بوضوح‪ ،‬ويمكن متابعة تحقيق هذه األهداف خالل فترة زمنية معينة عن طريق التنسيق وإيجاد‬
‫الحوافز لدى العناصر املختلفة التي يتكون منها النظام‪.‬‬

‫استراتيجية القيادة التربوية األخالقية تقوم على أربعة مبادئ‪:‬‬

‫مبدأ النظام الكلي‪ :‬يقرر أن املؤسسة التربوية مجموعة من األجزاء أو العناصر يتم التنسيق‬ ‫•‬
‫بينها لتحقيق أهداف املؤسسة‪ ،‬وكل عنصر يسهم في تحقيق األهداف املنشودة‪.‬‬
‫مبدأ األهداف‪ :‬تحديدها مرتبط بالتخطيط وترتكز على إستراتيجية زمنية‪ ،‬وتكون محددة‬ ‫•‬
‫بوضوح بحيث يمكن قياسها‪ ،‬وتتصف بالشمولية كي تغطي جميع مراكز املسئولية وجوانبها بصورة جدية‪.‬‬
‫بحيث يتمسك القائد بتحقيق األهداف أثناء التنفيذ‬
‫مبدأ املشاركة وااللتزام‪ :‬بحيث يتحمل كل شخص جزءا من املسؤولية‬ ‫•‬
‫مبدأ املراقبة وتقويم األداء‪ :‬عن طريق مقارنة اإلنجازات الفعلية مع اإلنجازات املستهدفة‬ ‫•‬

‫ويمكن أن نفهم مدلوالت القيادة اإلدارية من خالل ثالث اتجاهات‪:‬‬


‫‪ -1‬القيادة القائمة على السلطة الرسمية‬
‫من أهم مميزات هذا االتجاه ربطه بين السلطة والقيادة‪ ،‬وجعلها في قبضة واحدة‪ ،‬وتعد السلطة القوة‬
‫املحركة لدور القائد وسبيله في فرض إرادته ومكانته واحترامه بين أتباعه‪ ،‬وفي غالب األحيان يتم الخضوع ملثل‬
‫هذه القيادات تحت طائلة الخوف من العقاب واملساءلة‪ ،‬إال أن العيب الظاهر في هذا االتجاه يتجلى في أن‬
‫شخصية املدير ال تؤثر في املرؤوسين إال بمقدار ما تفرضه سلطته املستمدة من وظيفته‪ ،‬فضال على أن هذا‬
‫السلوك يقتل روح اإلبداع واملبادرة والحماس عند األفراد‪ ،‬وتنتفي فيه أساليب الحوار واملشاركة املثمرة‪.‬‬

‫‪34‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫‪ -2‬القيادة القائمة على الوظيفة‬
‫يعتبر هذا االتجاه أخف ضررا من االتجاه األول‪ ،‬لكنه ال يرقى إلى مستوى القيادة في االتجاه الثاني‪ .‬فهو‬
‫اتجاه يربط بين ممارسة القيادة وانجاز الوظائف تماشيا مع التعليمات والتوجيهات الرسمية‪ ،‬فالقائد يحرص‬
‫على تحقيق األهداف وفق املساطر الرسمية وحسب ما يمليه التسلسل الهرمي للوظائف‪ ،‬مما يحول املؤسسة‬
‫إلى آلة متحركة بأسلوب دقيق ورتيب يقوم فيها القائد بدور املوجه واملنسق والرقيب وصاحب القرارات‪ ،‬فيما‬
‫يكتفي األتباع" بالتنفيذ املمكنن"‪ ،‬فال يتحسسون قيمتهم وال قيمة ما ينجزون كأفراد لهم قدرات وطموحات‬
‫وأهداف سامية‪ ،‬ألن الجميع‪ ،‬وبكل بساطة‪ ،‬يعمل بمقدار ما تمليه عليه وظيفته‪.‬‬
‫‪ -3‬القيادة القائمة على العالقات اإلنسانية‬
‫تقوم القيادة اإلدارية في هذا االتجاه على قوة شخصية املدير وما يملكه من صفات وملكات ينفذ بها‬
‫إلى قلوب أتباعه وأرواحهم‪ ،‬فيقبلون به قائدا عن قناعة‪ ،‬إنها قيادة غير قائمة على السلطة الرسمية‪ ،‬بل نابعة‬
‫من قوة الشخصية‪ ،‬ومدى تأثيرها في اآلخرين‪ ،‬فيكون هذا االتجاه أكثر انسجاما وأوفر إبداعا وتحقيقا للنجاح‪،‬‬
‫كما أن العمل سينتقل من مجرد وظائف ومسؤوليات روتينية إلى فريق متماسك ومتكامل ومتناسق متوحد‬
‫األفكار واألهداف وهذا ما تسعى إليه كل قيادة ناجحة‪.‬‬
‫‪ -4‬أهم األدواراملميزة للقيادة األخالقية الناجحة‬
‫املبادرة والتصرف املالئم حسب طبيعة كل موقف؛‬ ‫▪‬
‫استشراف أفكار واقتراحات وحلول جديدة تساهم في إثراء العمل وإيجاد الحلول املالئمة؛‬ ‫▪‬
‫التدبير التشاركي واإلنصات للفرقاء وتعزيز تبنيهم للعمل ومساهمتهم فيه؛‬ ‫▪‬
‫التواصل الفعال مع املربين واملتعلمين والشركاء؛‬ ‫▪‬
‫التنشيط الفعال ملجالس املؤسسة وألدوار العاملين بها؛‬ ‫▪‬
‫إنجاز وظائف التدبير وعملياته (من تخطيط وتنظيم وتوجيه…) بأسلوب قيادي‪.‬‬ ‫▪‬

‫‪35‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫َّ‬
‫املحورالخامس‪ :‬التزامات اإلطاراإلداري وعالقاته املؤطرة بأخالقيات املهنة‬
‫فضاء قائما على عالقات متعددة تحدد‬‫ً‬ ‫تتميز ممارسة اإلطار اإلداري التربوي بطابعها العالئقي‪ ،‬إذ تعتبر‬
‫طبيعة فعل اإلطار اإلداري‪ ،‬وتتحكم في الروابط التي تجمعه مع مكونات العملية التربوية وأطرافها الرئيسيين‪.‬‬
‫سواء داخل املؤسسة أو خارجها‬
‫إن مدى اطالع مديري املهنة على وجوب االلتزام بأخالقيات املهنة من شأنه أن يساهم في التعرف أكثر‬
‫على قواعد االنضباط األخالقية‪ ،‬والقدوة الحسنة‪ ،‬واألهم بالضمير املنهي واالبتعاد من الشبهات‪ ،‬وذلك بهدف‬
‫تحقيق الوعي بأهمية البعد القيمي األخالقي في مجال التربية‪ ،‬وتنمية روح التواصل والتعاون واالحترام املتبادل‬
‫بين مختلف الفاعلين من داخل املؤسسة ومن خارجها من جهة‪ ،‬ومع مختلف الشركاء من جهة أخرى‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق يتعين على اإلطار اإلداري االلتزام بمجموعة من االلتزامات يمكن اجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫االلتزام بالنصوص القانونية والتنظيمية املنظمة للعمل داخل املؤسسة التعليمية وخارجها‪:‬‬

‫يتوجب على اإلطار اإلداري أن يلتزم باملقررات الرسمية التي تنظم للعمل داخل املؤسسة التعليمية‬
‫وخارجها‪ ،‬سواء القوانين املنظمة للموظف العمومي‪ ،1‬أو القوانين املنظمة للعاملين في قطاع التربية الوطنية‪،2‬‬
‫أو القوانين املنظمة ملؤسسات التعليم العمومي‪ ،3‬أو القوانين املنظمة ألطر األكاديمية‪ ،4‬إلى جانب القوانين‬
‫الداخلية للمؤسسة التعليمية التي يعمل في إطارها‪ ،‬وأن تكون عالقته باملوظفين الساهرين على تدبيرها‬
‫موسومة باالحترام‪ .‬كما عليه أن يكون دوما قادرا على تحمل مسؤوليته األخالقية واملهنية في كل ما يصدر عنه‬
‫من أقوال أو أفعال‪ .‬وعليه على اإلطار اإلداري‪:‬‬

‫‪ -‬أن يستوعب النصوص التشريعية والتنظيمية ويقدر أهميتها في تدبير الشؤون اإلدارية والتربوية‬
‫للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلملام الواسع لجميع املستجدات القانونية في قطاع التربية والتكوين وتوظيفها بعقالنية‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال النصوص التشريعية والتنظيمية استعماال وظيفيا يرتكز على مبدأ املساواة أمام القانون‬
‫واتخاذ القرار املالئم حسب طبيعة كل موقف‪ ،‬باعتباره القيادة التربوية واإلدارية للمؤسسة التي توجه نشاط‬
‫املجالس واألساتذة والتالميذ‪.‬‬
‫‪ -‬مراعاة معايير االنضباط املدرس ي في التطبيق‪.‬‬

‫‪ 1‬الظهيرالشريف رقم ‪008-58-1‬بتاريخ ‪ 4‬شعبان ‪ 24( 1377‬فبراير‪ )1958‬يحتوي على القانون األساس ي العام للوظيفة العمومية‪.‬‬
‫‪ 2‬املرسوم رقم ‪ 2-02-854‬صادرفي ‪ 8‬ذي الحجة ‪ 10 ( 1423‬فبراير‪ )2003‬بشأن النظام األساس ي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية‪.‬‬
‫‪ 3‬املرسوم رقم ‪ 2.02.376‬الصادر في ‪ 6‬جمادى األولى ‪ (17 1423‬يوليو ‪ )2002‬بمثابة النظام األساس ي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم‬
‫العمومي‪،‬‬
‫‪ 4‬أنظراألنظمة األساسية الخاصة بأطراألكاديمية‪ ،‬الباب الثالث‬

‫‪36‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫‪ -‬يقوم باطالع املعلمين على القوانين واألنظمة‪.1‬‬
‫‪ -‬االستناد الى الئحة القوانين واألنظمة املدرسية عند إقرار العقوبات لكل من يخالف من قبل األطر‬
‫التربوية واملتعلمين‪.‬‬
‫‪ -‬تحري العدل في معالجة االختالالت الصادرة عن العاملين باملؤسسة أي من الطاقم التعليمي بالنظام‬
‫والقانون‪.‬‬

‫االلتزام املنهي تجاه باقي األطرالتربوية واإلدارية العاملة باملؤسسة‪:‬‬

‫يجب أن تكون العالقة بين اإلطار اإلداري وباقي األطر اإلدارية العاملة باملؤسسة التعليمية مبنية على‬
‫الثقة املتبادلة وعلى التعاون واعتماد املقاربة التشاركية في العمل‪ ،‬وأن تقوم على االحترام املتبادل والتواصل‬
‫الفعال‪ ،‬وتبادل األفكار والخبرات‪ ،‬والتعاون والتشارك‪ .‬وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬اشراك األطر اإلدارية والتربوي العاملة باملؤسسة في تدبير شؤون املؤسسة عن طريق تفعيل‬
‫‪2‬‬
‫مجالس املؤسسة‬
‫‪ -‬يساهم في تنمية العادات الحميدة لدى األطر التربوية‪.‬‬
‫‪ -‬التعامل بحزم مع األمور التي تستدعي التعامل بجد معهم‪.‬‬
‫‪ -‬عزو اإلنجازات القيمة والنوعية ألصحابها بكل أمانة وشفافية عند رفعها للمسؤولين‪.‬‬
‫تقييم األطر التربوية وفق معايير شفافة وواضحة وخالية من أي التباس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تحفيزهم على تطوير أنفسهم بالبحث والدراسة‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على تنمية املساءلة الذاتية لديهم‪.‬‬
‫‪ -‬الحرص على مطابقة أفعاله مع أقواله فيما يخص التعامل معهم‪.‬‬
‫‪ -‬التعامل بعدل مع الجميع بالعدل ودون تمييز‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم بتقديم النصح واإلرشاد لألطر بكل تواضع‪.‬‬
‫‪ -‬ينمي روح العمل الجماعي عندهم‪.‬‬
‫ً‬
‫شخصيا‪.‬‬ ‫‪ -‬االبتعاد عن تشكيل جماعات موالية له‬
‫‪ -‬الحرص على توفير فرص متكافئة للجميع أثناء العمل‪.‬‬
‫‪ -‬معالجة مشاكل األطر بطرق موضوعية‪ .‬القيام باشراك األطر في إعداد رسالة املدرسة ورؤيتها‪.‬‬
‫ً‬
‫معنويا وفق االنجازات التي يحققونها‪.‬‬ ‫‪ -‬يقوم بدعم وتعزيزهم‬
‫‪ -‬يتقبل النقد البناء من دون تعصب لرأيه أو انفعال‪.‬‬

‫‪ 1‬وذلك في إطار احترام لضوابط الحكامة والشفافية واحترام تام ملبادئ حقوق االنسان‬
‫‪ 2‬املرسوم رقم ‪ 2.02.376‬الصادر في ‪ 6‬جمادى األولى ‪ 17( 1423‬يوليوز ‪ )2002‬بمثابة النظام األساس ي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم‬
‫العمومي‪ ،‬الفرع الثاني‪ :‬مجالس املؤسسة‬

‫‪37‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫االلتزام تجاه املتعلمين واملتعلمات‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫يستند هذا االلتزامات على مجموعة من املواد الواردة في النظام األساس ي الخاص بمؤسسات التعليم‬
‫العمومي‪ ،1‬وعدد من املواثيق الخاصة بحقوق االنسان الوطنية والدولية‪ ،2‬ويظهر الطابع العالئقي لإلطار‬
‫اإلداري التربوي في عالقته باملتعلمات واملتعلمين‪ ،‬من خالل قيامها على أسس تربوية توجه ممارسته املهنية‬
‫ومسؤولياته القانونية واإلدارية والتربوية‪ ،‬ويتجلى ذلك من خالل ما يلي‪:‬‬

‫ضمان االستفادة من مختلف الخدمات املقدمة في املؤسسة التعليمية وفق الشروط املحددة‬ ‫•‬
‫لها‪ ،‬في اتجاه تحقيق مبدئي االنصاف وتكافؤ الفرص‪ ،‬مع تخويل تمييز إيجابي لفائدة االوساط القروية وشبه‬
‫الحضرية واملناطق ذات الخصاص‪.‬‬
‫ّ‬
‫العمل على ضمان الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة‪ ،‬يمكن من اكتساب‬ ‫•‬
‫املعارف واملهارات الضرورية لالندماج والتفتح وبناء املشروع الدراس ي واملنهي‪ ،‬وذلك من خالل اعتماد التعليم‬
‫الحضوري والتعليم عن بعد‪ ،‬كلما اقتضت الضرورة ذلك‬
‫تمكين املتعلمات واملتعلمين من الولوج إلى الفضاءات املالئمة للتمدرس واملتوفرة على‬ ‫•‬
‫التجهيزات واملرافق الضرورية‪ ،‬بما فيها الولوجيات والفضاءات الخضراء؛‬
‫توفير شروط النجاح للتلميذات والتالميذ في وضعية إعاقة من خالل تكييف االختبارات‬ ‫•‬
‫والتصحيح حسب خصوصيات كل صنف من أصناف اإلعاقة؛‬
‫تمكين الجميع من االستفادة من التتبع الفردي والدعم والتأطير التربوي؛‬ ‫•‬
‫ضمان استفادة الجميع من كل الحصص املقررة شريطة احترامه(ها) التوقيت مع الحرص‬ ‫•‬
‫على االلتزام بالحضور وعدم التغيب عنها؛‬
‫التوجيه واملساعدة في إعداد املشروع الشخص ي الدراس ي واملنهي واالستفادة من برامج وعمليات‬ ‫•‬
‫وحمالت إعادة التوجيه؛‬
‫الحماية القانونية من كل أشكال االستغالل واالمتهان واإلهمال الجسماني والروحي واملعاملة‬ ‫•‬
‫السيئة والعنف املادي واملعنوي؛‬

‫‪ 1‬املرسوم رقم ‪ 2.02.376‬الصادر في ‪ 6‬جمادى األولى ‪ 17( 1423‬يوليوز ‪ )2002‬بمثابة النظام األساس ي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم‬
‫العمومي‪ ،‬الفرع األول‪ :‬اإلدارة التربوية‬
‫‪ 2‬انظرالفصل املتعلق بمرجعيات أخالقيات املهنة‬

‫‪38‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫الحرص على ضمان استفادة جميع املستحقين من برامج الدعم االجتماعي‪ ،‬وذلك وفق‬ ‫•‬
‫الشروط واملعايير املنظمة لهذه البرامج‪.‬‬
‫الحرص على تمثيلية التلميذات والتالميذ في مجالس املؤسسة التعليمية‪ ،‬وكذا مشاركو‬ ‫•‬
‫التلميذات والتالميذ في أنشطة الحياة املدرسية التربوية والرياضية والفنية والثقافية‪ ،‬وفي األندية التربوية‬
‫املحدثة باملؤسسة التعليمية؛‬
‫االطالع الدائم على املعلومات واملذكرات والوثائق املرتبطة بمساره(ها) الدراس ي وطلب تحيينها‬ ‫•‬
‫أو تصحيحها أو تغييرها عند االقتضاء؛‬
‫الحرص على عدم التعرض للتصوير أو التسجيل السمعي البصري من دون إذن األمهات واآلباء‬ ‫•‬
‫واألولياء أو دون ترخيص من اإلدارة التربوية‪ ،‬مع منع استعمال صور التلميذات والتالميذ في أي حال من الحوال‬
‫لهدف تجاري‪ ،‬أو قصد إساءة لكرامتهم(هن)؛‬
‫االطالع‪ ،‬في مستهل السنة الدراسية‪ ،‬على مضمون البرامج الدراسية ونظام االمتحانات وطبيعة‬ ‫•‬
‫املراقبة املستمرة‪ ،‬والنظام الداخلي للمؤسسة وجدول الحصص وفق مقتضيات املقرر السنوي الخاص‬
‫بتنظيم السنة الدراسية‪.‬‬
‫االستماع لحاجيات املتعلمين عن طريق عقد لقاءات مع اللجان التالميذية بين الفنية واالخرى‬ ‫•‬
‫وتفهم دوافعهم‪ ،‬والعمل على تحقيق رغباتهم التي تسهم في تحقيق ذواتهم‪ ،‬وتنمية شخصيتهم‪ ،‬والدفع بهم إلى‬
‫األفضل؛‬
‫العمل على الحد من السلوكات السلبية املوجودة بين املتعلمين بحيث ال يتغاض ى عن تجاوزات‬ ‫•‬
‫املتعلمين ومخالفاتهم‪ .‬ويحفز املتعلمين للدراسة‪ ،‬والتحصيل الدراس ي ‪،‬وأداء واجباتهم‪.‬‬
‫العمل على إنماء الشعور باالرتباط باملؤسسة التعليمية لدى املتعلمات واملتعلمين‬ ‫•‬

‫االلتزامات املهنية تجاه أباء وأمهات التالميذ وأولياء أمورهم وباقي الشركاء‪:‬‬

‫تأتي االلتزامات املهنية بأخالقيات مهنية اتجاه أمهات وآباء وأولياء املتعلمات واملتعلمين ومختلف شركاء‬
‫املؤسسة في إطار انفتاح املؤسسة على محيطها عبر آلية إشراك مختلف مكوناته في تفعيل الحياة املدرسية‪،‬‬
‫هذه االلتزامات تؤطرها نصوص ومرجعيات تشريعية وحقوقية وقانونية وتربوية‪.1‬‬

‫‪ 1‬امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬املواد‪19 - 18 – 17 – 16 :‬‬


‫دليل الحياة املدرسية‪،‬‬
‫الرؤية االستراتيجية ‪ ،2030-2015‬الرافعة ‪18‬‬
‫قانون اإلطار ‪ 51-17‬الصدر سنة ‪ 2019‬املادة ‪6‬‬

‫‪39‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫نجد العديد من النصوص القانونية التي تنص على ضرورة اشراك أولياء األمور من خالل ممثليهم في‬
‫جمعية آباء وأولياء أمور التالميذ وكذا ممثل الجماعات الترابية مثال في تدبير شؤون املؤسسة خاصة في مجلس‬
‫التدبير‪.1‬‬

‫يظهر الطابع العالئقي ملهنة اإلطار اإلداري من خالل أشكال العالقة التي تربطه بعدد من الشركاء‬
‫اللذين لهم دور أساس ي في تطوير منظومة التربية والتعليم كجمعية آباء وأولياء أمور التالميذ واملجتمع املحلي‬
‫من جماعات ترابية‪ 2‬واملجتمع املدني إلى جانب مختلف الفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪ 3‬باملنطقة التي‬
‫تتواجد في نفوذها الترابي املؤسسة التي يشتغل فيها اإلطار اإلداري‪..‬‬

‫وعلى هذا األساس يتعين على اإلطار اإلداري في عالقته مع كل الشركاء أن تتسم بما يلي‪:‬‬

‫تقدير أهمية الدور الذي يقوم به جميع شركاء املؤسسة التعليمية‪.‬‬ ‫•‬
‫الحرص على أن تكون املدرسة قدوة خاصة املتعلقة باحترام التقاليد للمجتمع املحلي‪.‬‬ ‫•‬
‫التشاور مع أولياء أمور املتعلمين في أمور تخص أبناءهم‪.‬‬ ‫•‬
‫التحلي بالشفافية في إعطاء الصورة الواقعية للمدرسة في اللقاءات التي تنعقد بين املدرسة‬ ‫•‬
‫واملجتمع املحلي‪.‬‬
‫تنفيذ ما يتم اقراره مع أولياء األمور في االجتماعات الرسمية‪.‬‬ ‫•‬
‫مشاركة املجتمع املحلي في املناسبات واألنشطة‪.‬‬ ‫•‬
‫االستفادة من خبرات املجتمع املحلي ومواقعهم الوظيفية واالجتماعية لحل املشكالت املتعلقة‬ ‫•‬
‫باملتعلمين‪.‬‬
‫في إطار هذه العالقات يتعين‪:‬‬
‫اعتماد املقاربة التشاركية في العمل عن طريق‪:‬‬ ‫➢‬
‫ارساء أسس الحكامة التربوية وسياسة القرب‪.‬‬ ‫•‬
‫توظيف فعلي للمقاربة التشاركية والتدبير بالنتائج‪.‬‬ ‫•‬

‫املرسوم رقم ‪ 2.02.376‬الصادر في ‪ 6‬جمادى األولى ‪ 17( 1423‬يوليوز ‪ )2002‬بمثابة النظام األساس ي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي‬
‫‪ 1‬املرسوم رقم ‪ 2.02.376‬الصادر في ‪ 6‬جمادى األولى ‪ 17( 1423‬يوليوز ‪ )2002‬بمثابة النظام األساس ي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي‪،‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مجالس املؤسسة – املادة ‪19‬‬
‫‪ 2‬ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم ‪ 1.84.165‬صادر في ‪ 6‬محرم ‪ 2( 1405‬أكتوبر ‪ ،)1984‬يغير ويتمم بموجبه الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 1.76.583‬بتاريخ ‪ 5‬شوال ‪ 30(1396‬سبتمبر‪ )1976‬املعتبربمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي‬
‫‪ 3‬الرؤية االستراتيجية ‪ ،2030-2015‬الصادرة عن املجلس األعلى للتعليم‬

‫‪40‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫تكريس منهجية التدبير الجماعي للمؤسسة عن طريق اشراك الفاعلين التربويين باملؤسسة بما‬ ‫•‬
‫فيهم املتعلمون واملتعلمات‪.‬‬
‫جعل املدرسة فضاء مفعما بالحياة عبر مختلف االنشطة املدرسية‪.‬‬ ‫•‬
‫االرتقاء بجودة تدبير املؤسسة اداريا وتربويا‪.‬‬ ‫•‬
‫تفعيل مجاالت الحياة املدرسية لتجاوز مختلف االختالالت أو االكراهات في أفق تحقيق‬ ‫•‬
‫االنتظارات والتطلعات‪.‬‬
‫تكريم أفراد املجتمع املحلي وخاصة أولياء األمور الذين يتعاونون ويقدمون الدعم للبرامج‬ ‫•‬
‫واألنشطة التربوية‪.‬‬
‫زيادة وعي األطر اإلدارية والتربوية وكذا أفراد املجتمع املحلي بمجاالت الشراكة بين املدرسة‬ ‫•‬
‫واملجتمع املحلي (تحديد الرؤية واألهداف للعملية التعليمية التعلمية والتخطيط املدرس ي)‬
‫املساهمة الفعالة في أنشطة املؤسسة‪ ،‬من خالل‪:‬‬ ‫➢‬
‫التشبع بقيم التعاون والتكافل وروح العمل الجماعي‪.‬‬ ‫•‬
‫التمرس على الحياة الديمقراطية وممارستها في تعاونياتهم وجمعياتهم‪.‬‬ ‫•‬
‫التدريب على ممارسة العمل الجمعوي استعدادا لالنخراط في مكونات املجتمع املدني‪.‬‬ ‫•‬
‫تفعيل العملية التربوية عن طريق إذكاء التعلم الذاتي والتشاركي‪ ،‬وممارسة األنشطة التعاونية‬ ‫•‬
‫املختلفة (الثقافية‪ ،‬الفنية‪ ،‬االجتماعية) ‪...‬‬
‫املشاركة في تدبير شؤون املؤسسة واملحافظة على بيئتها وعلى ممتلكاتها‪.‬‬ ‫•‬
‫تنمية املوارد البشرية واملادية للمؤسسة التعليمية‪.‬‬ ‫•‬
‫ربط جسور التعاون والتواصل بين املؤسسة واألسرة‪.‬‬ ‫•‬
‫االنفتاح على الوسط املحلي والتطورات املعاصرة‪.‬‬ ‫•‬
‫تنمية الشخصية الخالقة املبدعة واملسؤولة لدى التالميذ‪.‬‬ ‫•‬
‫ربط التربية والتكوين بمجاالت التنمية املستديمة‪.‬‬ ‫•‬
‫التركيز على تنفيذ األنشطة املدرسية التي تهتم بحاجات املجتمع املحلي مع زيادة الدور اإلعالمي‬ ‫•‬
‫التربوي املدرس ي في اشعاع املدرسة‪.‬‬
‫لشعور باالرتباط باملؤسسة التعليمية لكون‪:‬‬ ‫•‬

‫‪41‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫االرتباط يمثل أحد املؤشرات األساسية للتنبؤ بالعديد من النواحي السلوكية‪ ،‬وخاصة معدل‬ ‫•‬
‫التواجد بمقر العمل‪ .‬فمن املفترض أن األفراد األكثر ارتباطا سيكونون أطول بقاء في املقر‪ ،‬وأكثر عمال نحو‬
‫تحقيق أهداف املؤسسة‪.‬‬
‫االرتباط باملؤسسة يمكن من االنكباب على حل مشاكل املؤسسة‪.‬‬ ‫•‬
‫الشعور باالنتماء للمؤسسة من أكثر املسائل التي أخذت تشغل بال األخصائيين‪ ،‬كونه أصبح‬ ‫•‬
‫يتولى مسؤولية املحافظة على املؤسسة ليجعلها في حالة صحية سليمة تمكنها من االستمرار والبقاء‪.‬‬
‫االرتباط يعتبر عامال هاما في ضمان نجاح تلك املؤسسة واستمرارها وارتفاع جودة عرضها‬ ‫•‬
‫التربوي‪.‬‬
‫كلما أن الشعور باالنتماء واالرتباط قويا باملؤسسة لدى املدبر فإنه سيساعده على‪:‬‬ ‫•‬
‫زيادة لحمة العاملين باملؤسسة‪.‬‬ ‫•‬
‫تقوية درجة الشعور باملسؤولية لدى العاملين‪.‬‬ ‫•‬
‫تقوية درجة املشاركة الفعالة لدى العاملين في أنشطة وعمليات املؤسسة‪.‬‬ ‫•‬
‫تقوية درجة االستعداد للتضحية من أجل املؤسسة‪.‬‬ ‫•‬
‫الحديث عن املؤسسة بكل خير من طرف األطر العاملة بها‪.‬‬ ‫•‬
‫الدفاع عنها من أي نقد أو هجوم‪.‬‬ ‫•‬
‫عدم التفكير في االنتقال إلى مؤسسة أخرى‪.‬‬ ‫•‬
‫ارتفاع معنويات مختلف العاملين باملؤسسة‪.‬‬ ‫•‬
‫تغليب املصلحة العامة على املصلحة الخاصة‪.‬‬ ‫•‬

‫على العموم فإن مختلف التزامات اإلطار اإلداري سواء في إطار عالقاته مع مختلف الفاعلين أو الشركاء‬
‫يجب من جهة أن تقوم على‪:‬‬

‫الشفافية والعدالة‬ ‫•‬


‫الحكامة‬ ‫•‬
‫التشجيع والتحفيز‬ ‫•‬
‫االحترام والتقدير‬ ‫•‬
‫ومن جهة أخرى فإنه من الضروري أن تنبني هذه االلتزامات على مبادئ أساسية أبرزها‪:‬‬

‫‪42‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫التعاون‬ ‫•‬
‫التواصل‬ ‫•‬
‫الصدق والنزاهة‬ ‫•‬

‫‪43‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫املحورالسادس‪ :‬آليات تفعيل أخالقيات املهنة‬
‫تقديم‪:‬‬
‫تتجلى أهمية موضوع آليات تفعيل األخالقيات املهنية بالحقل التعليمي في دورها األساس ي الذي يتجسد‬
‫في ترسيخ املمارسات األخالقية والقيم اإلنسانية‪ ،‬على املستويات املرجعية والقانونية والحقوقية واإلدارية‬
‫والتربوية‪ ،‬والتي ينبغي أن تنعكس بشكل أكثر إيجابية في تعزيز القناعة والوعي بأهمية األخالقيات املهنية في أداء‬
‫املهام وفي العالقات التربوية بين مختلف مكونات الوسط املدرس ي ومع املحيط‪ ،‬وتكوين اتجاهات إيجابية نحو‬
‫املهنة واملدرسة‪ ،‬تساعد على االرتقاء باألداء لدى األطر اإلدارية والتربوية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم آليات ترسيخ أخالقيات املهنة‬


‫تعرف على أنها وسائل وسبل ترسيخ أخالقيات املهنة في العمل واملؤسسات املهنية‪ ،‬حيث يتعين على كل‬
‫مؤسسة مهنية أن تقوم باتباع مجموعة من األنظمة والقواعد لتنمية وترسيخ مفهوم أخالقيات املهنة لدى‬
‫جميع املوظفين‪ ،‬وتتمثل وسائل ترسيخ أخالقيات املهنة في العمل واملؤسسات املهنية من خالل ما يلي‪:‬‬
‫✓ وضع الرقابة املهنية الذاتية‪ :‬وتتمثل هذه الوسيلة بوضع قواعد ذاتية لجميع املوظفين من‬
‫حيث مراقبة أنفسهم ومراقبة أخالقياتهم في التعامل والتفاعل مع غيرهم من املوظفين وزمالء العمل املنهي؛ ألن‬
‫الشخص يكون رقيب نفسه أكثر من غيره مما يظهر من خالل تعامله مع غيره من املوظفين‪.‬‬
‫وضع نظام منهي جماعي‪ :‬تتمثل هذه الوسيلة في تفعيل نمط العمل املنهي الجماعي لجميع‬ ‫✓‬
‫ً‬
‫املوظفين معا‪ ،‬من خالل تفعيل العمل ضمن الفريق املنهي الذي يزيد من تفاعل املوظفين لتحقيق نفس‬
‫األهداف املهنية‪ ،‬مما يساعد على تنمية أخالقيات املهنة لديهم من خالل التعامل املحترم وااللتزام بحفظ‬
‫األسرار املهنية وغيرها‪.‬‬
‫تنمية القدوة الحسنة‪ :‬من الجيد في أي مكان أن يكون للشخص وجهة يثق بها وبتصرفاتها من‬ ‫✓‬
‫حيث القيم واألخالق‪ ،‬وكذلك في العمل املنهي‪ ،‬فإن من األفضل أن يتخذ املوظف القدوة الحسنة له من‬
‫املوظفين واملسؤولين الذين تكون لديهم الخبرة والسمعة الحسنة في العمل املنهي‪.‬‬
‫ضبط اإلدارة املهنية‪ :‬قبل ترسيخ أخالقيات املهنة لدى املوظفين يتوجب أن تكون اإلدارة‬ ‫✓‬
‫املهنية بموظفيها من املدير واملسؤولين املهنيين لديهم أخالقيات مهنية وقيم إيجابية في العمل املنهي‪.‬‬

‫‪44‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫التقييم اإليجابي للموظفين‪ :‬يتمثل باستمرار في إعطاء كل موظف تقديرا وقيمة لجميع‬ ‫✓‬
‫سلوكياته املهنية وتصرفاته في املؤسسة املهنية‪ ،‬وتقويم ما هو سلبي وغير مناسب للعملية املهنية وأخالقيات‬
‫املهنة في املؤسسة املهنية الواحدة‪.1‬‬

‫آليات تفعيل أخالقيات املهنة بالوسط املدرس ي‪:‬‬


‫تعرف في ميدان اإلدارة التربوية‪ ،‬على أنها مجموع القواعد والنصوص الجاري بها العمل والهادفة إلى‬
‫تأطير الحياة اليومية إلطار اإلدارة التربوية‪ ،‬إذ يحتاج االلتزام بأخالقيات املهنة في الوسط املدرس ي مجموعة‬
‫من الضوابط العامة‪ ،‬املعلنة‪ ،‬املوحدة والقابلة للتطبيق حتى يصبح للمساءلة معنى‪ .‬ويقترن تحديد مفهوم‬
‫أخالقيات املهنة في هذا املجال‪ ،‬بالعمل على ضوء مجموعة من الضوابط والسلوكيات والقيم واملواقف‬
‫املرتبطة بخصوصية التربية والتعليم (الرضا عن املهنة ‪ -‬اإلخالص لها والتحلي باملروءة والضمير املنهي ‪-‬‬
‫التضحية والحلم ‪ -‬التواضع والقدوة الحسنة)‪ ،‬التي يجب أن يتحلى بها إطار اإلدارة التربوية أثناء مزاولة مهمته‬
‫التربوية واإلدارية ودوره األخالقي بشكل عام‪ ،‬ويقتض ي هذا املفهوم الوعي بأهمية العالقات واالتجاهات في‬
‫أبعادها املختلفة‪ ،‬وفي الوعي واملعرفة بالذات وفق ما تستوجبه املرجعية املهنية‪ ،‬وتبقى الغاية من وراء‬
‫أخالقيات املهنة بمجال اإلدارة التربوية تعزيز وترسيخ القيم (قيم املواطنة ـ قيم الدين اإلسالمي ـ قيم األخالق‬
‫السامية ـ قيم الديموقراطية ـ قيم حقوق اإلنسان وحقوق الطفل واألسرة‪)...‬‬

‫ثانيا‪ :‬أصناف آليات تفعيل أخالقيات املهنة‬


‫اآلليات القانونية‪ :‬جميع النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل وهي عامة وخاصة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫آليات قانونية عامة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الدستور‪ :‬حيث ينص في الفصلين‪ 162 :‬و‪ 167‬منه على ضرورة تخليق الحياة العامة واملرفق‬ ‫✓‬
‫العمومي‬

‫الفصل ‪ 162‬الوسيط مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة‪ ،‬مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق‬
‫العالقات بين اإلدارة واملرتفقين‪ ،‬واإلسهام في ترسيخ سيادة القانون‪ ،‬وإشاعة مبادئ العدل واإلنصاف‪ ،‬وقيم‬
‫التخليق والشفافية في تدبير اإلدارات واملؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس‬
‫صالحيات السلطة العمومية‪.‬‬
‫الفصل ‪ 167‬تتولى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪ ،‬املحدثة بموجب الفصل ‪،36‬‬
‫على الخصوص‪ ،‬مهام املبادرة والتنسيق واإلشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد‪ ،‬وتلقي ونشر‬
‫املعلومات في هذا املجال‪ ،‬واملساهمة في تخليق الحياة العامة‪ ،‬وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬وثقافة املرفق‬
‫العام‪ ،‬وقيم املواطنة املسؤولة‪.‬‬

‫‪ - 1‬رندا العكاشة‪" ،‬وسائل ترسيخ أخالقيات املهنة في العمل واملؤسسات املهنية"‪ ،‬موقع‪https://e3arabi.com :‬‬

‫‪45‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫القانون الجنائي‪:‬‬ ‫✓‬

‫الفصل ‪482‬‬

‫إذا تسبب أحد األبوين في إلحاق ضرر بالغ بأطفاله أو بواحد أو أكثر منهم‪ ،‬وذلك نتيجة سوء املعاملة‬
‫أو إعطاء القدوة السيئة في السكر أو سوء السلوك أو عدم العناية أو التقصير في اإلشراف الضروري من ناحية‬
‫الصحة أو األمن أو األخالق‪ ،‬يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم‪،‬‬
‫سواء حكم عليه بالحرمان من السلطة األبوية أم ال‪.‬‬

‫الفصل ‪467-2‬‬

‫يعاقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبغرامة من خمسة آالف إلى عشرين ألف درهم ما لم يكن‬
‫الفعل جريمة أشد‪ ،‬كل من استغل طفال دون الخامسة عشرة سنة ملمارسة عمل قسري أو توسط أو حرض‬
‫على ذلك‪.‬‬

‫يقصد بالعمل القسري بمفهوم الفقرة السابقة إجبار الطفل على ممارسة عمل ال يسمح به القانون‬
‫أو القيام بعمل مضر بصحته‪ ،‬أو سالمته‪ ،‬أو أخالقه‪ ،‬أو تكوينه‪.‬‬

‫القانون املدني‪:‬‬ ‫✓‬

‫حيث ينص قانون املسطرة املدنية (صيغة محينة بتاريخ ‪ 26‬أغسطس ‪ )2019‬في الفصل ‪ 43‬على ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫تكون الجلسات علنية إال إذا قرر القانون خالف ذلك‪.‬‬

‫لرئيس الجلسة سلطة حفظ النظام بها ويمكنه أن يأمر بأن تكون املناقشة في جلسة سرية إذا‬
‫استوجب ذلك النظام العام أو األخالق الحميدة‪.‬‬

‫الفصل ‪248‬‬

‫يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسة آالف‬
‫درهم إلى مائة ألف درهم من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من‬
‫أجل‪:‬‬

‫‪46‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫‪ - 1‬القيام بعمل من أعمال وظيفته بصفته قاضيا‪ ،‬أو موظفا عموميا ‪،‬أو متوليا مركزا نيابيا أو االمتناع‬
‫عن هذا العمل‪ ،‬سواء كان عمال مشروعا أو غير مشروع‪ ،‬طاملا أنه غير مشروط بأجر‪ .‬وكذلك القيام أو االمتناع‬
‫عن أي عمل ولو أنه خارج عن اختصاصاته الشخصية إال أن وظيفته سهلته أو كان من املمكن أن تسهله‪.‬‬

‫‪ - 2‬إصدار قرار أو إبداء رأي ملصلحة شخص أو ضده‪ ،‬وذلك بصفته حكما أو خبيرا عينته السلطة‬
‫اإلدارية أو القضائية أو اختاره األطراف‪.‬‬

‫‪ - 3‬االنحياز لصالح أحد األطراف أو ضده‪ ،‬وذلك بصفته أحد رجال القضاء أو املحلفين أو أحد أعضاء‬
‫هيئة املحكمة‪.‬‬

‫‪ - 4‬إعطاء شهادة كاذبة بوجود‪ ،‬أو عدم وجود مرض ‪،‬أو عاهة أو حالة حمل أو تقديم بيانات كاذبة عن‬
‫أصل مرض أو عاهة أو عن سبب وفاة وذلك بصفته طبيبا أو جراحا أو طبيب أسنان أو مولدة‪.‬‬

‫إذا كانت قيمة الرشوة تفوق مائة ألف درهم تكون العقوبة السجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات‬
‫والغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم‪ ،‬دون أن تقل قيمتها عن قيمة الرشوة املقدمة أو املعروضة‪.‬‬

‫وفي الفصل ‪339‬‬

‫تكون الجلسات علنية‪ ،‬إال أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بعقدها سرية إذا كانت علنيتها خطيرة بالنسبة‬
‫للنظام العام أو لألخالق الحميدة‪.‬‬

‫القانون اإلداري‪:‬‬ ‫✓‬

‫وخاصة املادتين األولى والثانية التي تحدد مفهوم املرفق العام‪:‬‬


‫املادة األولى‪:‬‬

‫يحدد هذا القانون املبادئ والقواعد التي تنظم املساطر واإلجراءات اإلدارية املتعلقة بالقرارات اإلدارية‬
‫التي يطلبها املرتفقون من اإلدارات العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها واملؤسسات العمومية‬
‫وكل شخص اعتباري آخر خاضع للقانون العام والهيئات املكلفة بمهام املرفق العام‪.‬‬

‫املادة الثانية‪:‬‬

‫‪:‬‬ ‫يراد بما يلي في مدلول هذا القانون‬


‫‪ -‬اإلدارة أو اإلدارات‪ :‬اإلدارة أو اإلدارات العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها واملؤسسات‬

‫‪47‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫العمومية وكل شخص اعتباري آخر خاضع للقانون العام والهيئات املكلفة بمهام املرفق العام‪ ،‬التي تتولى تلقي‬
‫ودراسة الطلبات املتعلقة بالقرارات اإلدارية ومعالجتها وتسليم هذه القرارات‪.‬‬

‫آليات قانونية خاصة‪:‬‬ ‫‪.2‬‬


‫النظام األساس ي للوظيفة العمومية‬ ‫✓‬

‫الفصل الثامن عشر‬

‫بقطع النظر عن القواعد املقررة في القانون الجنائي فيما يخص السر املنهي‪ ،‬فإن كل موظف يكون‬
‫ملزما بكتم سر املهنة في كل ما يخص األعمال واألخبار التي يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها‪.‬‬
‫ويمنع كذلك منعا كليا اختالس أوراق املصلحة ومستنداتها أو تبليغها للغير بصفة مخالفة للنظام‪ .‬وفيما عدا‬
‫األحوال املنصوص عليها في القواعد الجاري بها العمل‪ ،‬فان سلطة الوزير الذي ينتمي إليه املوظف يمكنها وحدها‬
‫أن تحرر هذا املوظف من لزوم كتمان السر أو ترفع عنه املنع املقرر أعاله‪.‬‬

‫النظام األساس ي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية‬ ‫✓‬


‫النظام األساس ي الخاص بأطر األكاديمية‬ ‫✓‬
‫القانون اإلطار ‪51.17‬‬ ‫✓‬
‫اآلليات اإلدارية‪ :‬مجموع القواعد املرتبطة بالتدبير اإلداري‬ ‫‪-‬‬
‫املذكرات التنظيمية‬ ‫✓‬
‫القرارات واملقررات الوزارية‬ ‫✓‬
‫ميثاق حسن سلوك املوظف العمومي‬ ‫✓‬
‫النظام الداخلي للمؤسسات التعليمية‬ ‫✓‬
‫دليل املساطر اإلدارية‬ ‫✓‬
‫اآلليات الحقوقية‪ :‬املبادئ الحقوقية الكونية التي صادق عليها املغرب وتبناها بشكل‬ ‫‪-‬‬
‫دستوري‪ ،‬وهي تنقسم إلى نوعين‪ :‬دولية ووطنية‬
‫دولية‪ :‬وهي املواثيق والعهود الدولية التي وقع عليها املغرب واملرتبطة بحقوق اإلنسان خاصة‬ ‫✓‬
‫املرتبطة بالطفولة واملرأة‪...‬‬

‫وطنية‪ :‬دالئل حقوق اإلنسان بقطاع التربية الوطنية والنوادي التربوية مثل نادي املواطنة‬ ‫✓‬
‫وحقوق اإلنسان‬

‫‪48‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫اآلليات التربوية‪ :‬مجموع القواعد املنظمة للعالقات التربوية واملؤطرة للحياة املدرسية‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫دليل الحياة املدرسية‪،‬‬ ‫✓‬
‫دليل االحتفال باأليام العاملية والوطنية‪،‬‬ ‫✓‬
‫دليل املدرسة والسلوك املدني‪،‬‬ ‫✓‬
‫دليل األندية التربوية‪،‬‬ ‫✓‬
‫استراتيجية قطاع التربية الوطنية في محاربة العنف املدرس ي‪.‬‬ ‫✓‬

‫ثالثا‪ :‬نماذج من األطرالقانونية ألخالقيات املهنة‬


‫نظم املشرع املغربي أخالقيات املهنة في مجال التربية والتعليم بعدد من األطر املرجعية التي يمكن‬
‫إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫املذكرة رقم‪ 46 :‬الصادرة عن وزيرالتربية الوطنية بتاريخ‪ 6‬ربيع الثاني ‪ 1425‬املو افق ل‪26 :‬‬ ‫‪-‬‬
‫مايو ‪ ،2004‬بمثابة ميثاق حسن سلوك املوظف العمومي‪ ،‬والذي ينص على العمل بميثاق حسن سلوك‬
‫املوظف العمومي داخل اإلدارات كآلية مرجعية إلرساء أسس إدارة حديثة ومسؤولة ومواطنة وقريبة من‬
‫انشغاالت املواطنين‪ ،‬وانطالقا من الدور االستراتيجي الذي توليه وزارة التربية الوطنية والشباب لتخليق الحياة‬
‫اإلدارية وترسيخ ثقافة املرفق العام الذي يعتبر إحدى الدعامات األساسية إلصالح منظومة تدبير الشأن‬
‫اإلداري والتربوي‪ ،‬وسعيا منها إلى تأسيس أسلوب حديث للتعامل يتوخى اعتماد العمل بمواثيق حسن سلوك‬
‫املوظف العمومي داخل اإلدارة في جو يسوده التعاون والتآزر واالنضباط لقواعد األخالقيات املهنية‪ ،‬يشرفني‬
‫إخباركم أنه تقرر تفعيل ميثاق حسن سلوك املوظف العمومي وفق األهداف واملرجعيات واإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ – 1‬األهداف العامة‪:‬‬
‫تخليق الحياة اإلدارية وترسيخ ثقافة املرفق العام؛‬ ‫▪‬
‫االنضباط بقواعد األخالق املهنية وتدعيم الشفافية؛‬ ‫▪‬
‫ترسيخ ثقافة املرفق العام والقيم الوقائية لتدعيم البنيان التشريعي املتطابق مع روح‬ ‫▪‬
‫املقتضيات القانونية الجاري بها العمل؛‬
‫الرفع من جودة الخدمات‪.‬‬ ‫▪‬
‫‪ - 2‬املرجعيات‪:‬‬
‫إن املرجعيات التي تحكمت في استراتيجية اعتماد ميثاق حسن سلوك املوظف العمومي تتأسس بناء‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫التوجهات السامية لصاحب الجاللة الهادفة إلى ترسيخ املفهوم الجديد للسلطة؛‬ ‫▪‬

‫‪49‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫تكريس دولة الحق والقانون؛‬ ‫▪‬
‫البرنامج الحكومي في جانبه املتعلق بتحديث القطاعات العامة؛‬ ‫▪‬
‫ميثاق حسن التدبير؛‬ ‫▪‬
‫امليثاق اإلفريقي للوظيفة العمومية‪.‬‬ ‫▪‬
‫املذكرة ‪ 09‬بتاريخ ‪ 06‬فبراير ‪ 2008‬بشأن تنمية السلوك املدني؛ والتي نصت على ما يلي‪" :‬‬ ‫‪-‬‬
‫تعد املؤسسة التربوية واالجتماعية األهم‪ ،‬فيما يخص تربية وتكوين الفرد على السلوك املدني املؤهل للقيام‬
‫بالوظائف االجتماعية األساسية‪ ،‬ومساهمة بشكل كبير إلى جانب باقي مؤسسات التنشئة االجتماعية في تنمية‬
‫االتجاهات واملواقف والسلوكات العالئقية والتواصلية بين مكونات املجتمع‪ .‬واملدرسة املغربية‪ ،‬لها من التراكم‬
‫على مستوى البرامج واملبادرات ذات االرتباط بالتربية على حقوق اإلنسان واملواطنة‪ ،‬ما يؤهلها ألن تلعب أدوارا‬
‫طالئعية في مجال تنمية السلوكات اإليجابية لدى املتعلمات واملتعلمين وكافة الفاعلين التربويين واإلداريين‪.‬‬
‫فالسلوك املدني‪ ،‬سواء كان عمال حركيا‪ ،‬أو تفكيرا أو أداء لغويا‪ ،‬أو مشاعر وانفعاالت أو إدراكا‪ ...‬ينبغي أن‬
‫يكون مرتبطا بثقافة املواطنة كقاعدة للتحرك املشترك‪ ،‬ومكثفا للوعي باحترام الحقوق والحريات‪ ،‬ومراعيا‬
‫آلليات التصريف الديمقراطي لكل أوجه االختالف‪ .‬والرهان اليوم‪ ،‬هو أن يصبح " السلوك املدني" مؤطرا‬
‫لحياتنا اليومية‪ ،‬ولكل التفاعالت بين مكونات مجتمعنا‪ ،‬بما يجعلها مزودة بشحنات من التعبير عن االنتماء‬
‫للمجتمع على قاعدة املواطنة‪ ،‬ومن االحترام لحقوق وحريات اإلنسان‪ ،‬ومن االلتزام بآليات التصريف‬
‫الديمقراطي لالختالف‪ .‬وأن يصبح املحيط االجتماعي واملؤسساتي محكوما بهذه املقومات الثالثة األساسية‪،‬‬
‫التي تجعل الفرد يستجيب له بطريقة إيجابية‪ ،‬حتى يحقق تكيفه وتوافقه مع هذا املحيط‪ .‬لذلك‪ ،‬فاملقومات‬
‫السلوكية هي التعبير العملي عن الهدف التربوي العام‪ ،‬املتمثل في " تنمية السلوك املدني" وهي عبارة عن عادات‬
‫سلوكية وفكرية واجتماعية وانفعالية ينبغي إكسابها للنشء‪ .‬ويتطلب االنتقال من الهدف العام إلى ترجمته‬
‫فيشكل عادات ضرورة إدراك طبيعة وشكل الكفاءات والقدرات واملهارات التي سيتم االرتكاز على تنميتها لدى‬
‫املتعلمات واملتعلمين‪ ،‬إلكسابهم القدرة على ممارسة مجموعة من األداءات السلوكية اإليجابية"‪.‬‬

‫املذكرة رقم‪ 88 :‬الصادرة عن وزارة التربية الوطنية بتاريخ ‪8‬جمادى األولى ‪1427‬ه املو افق‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 5‬يونيو ‪ 2006‬املوجهة ملديري األكاديميات وباقي الفاعلين في الهيئات اإلدارية والتربوية‪ :‬وتتضمن فحوى هذه‬
‫املذكرة تنص على إرساء مرصد القيم‪ ،‬وتمكين مختلف الفاعلين في مجال التربية والتكوين على توعية النشء‬
‫املغربي باألبعاد العميقة التي تكتسيها التربية على القيم‪ ،‬إلحدى اللبنات األساسية بناء مجتمع حداثي متطور‬
‫ومتمدن‪ ،‬وانسجاما مع روح القيم التي ينص عليها امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬وسعيا إلى ترسيخ القيم‬
‫الرفيعة باالنسجام التام مع سيرورة اإلصالح النوعي الذي تشهده املنظومة التربوية‪ ،‬ومن أجل إدماج فعلي‬

‫‪50‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫لتلك املبادئ والقيم من املناهج التربوية والتكوينية وعبر فضاء املؤسسات التعليمية‪ ،‬وتنص املذكرة على‬
‫ضرورة قيام األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بجميع جهات اململكة باتخاذ اإلجراءات الالزمة إلرساء‬
‫مراصد القيم على املستوى الجهوي واإلقليمي‪ ،‬وعلى ضرورة أخذ هذه البنيات املؤسساتية الخاصة بمراصد‬
‫القيم بعين االعتبار وأن تؤخذ بكامل الجدية ملا تكتسيه مسألة القيم في التربية والتكوين من أهمية أساسية‬
‫ً‬
‫فضاء‬ ‫ومحورية‪ .‬وتنص املذكرة في ديباجتها على أن اآلتي‪" :‬تشكل املدرسة– باعتبارها مؤسسة تربوية –‬
‫اجتماعيا للتنشئة والتربية والتكوين‪ ،‬وهي بذلك مجال إلنتاج القيم األخالقية واستدماجها ومجال ملمارسة‬
‫فردية وجماعية ذات بعد قيمي حاسم في بلورة سلوكات أخالقية تصب في الحياة االجتماعية‪ ،‬ومن ثم ال ّبد أن‬
‫ّ‬
‫تجسد هذه املؤسسة االجتماعية قيم املجتمع وأن تساهم في الرقي بها وفي بناء قدرات التمحيص والنقد‬
‫واالختيار العقلي املسؤول لدى الناشئة بلوغا للمواقف األخالقية اإليجابية سواء كانت فردية أو جماعية"‪.‬‬
‫وتنص املذكرة على قائمة القيم املستهدفة وهي اآلتية‪" :‬الكرامة‪ ،‬تقدير الذات‪ ،‬تقدير اآلخر‪ ،‬احترام االختالف‪،‬‬
‫عدم التمييز بسبب الجنس‪ ،‬أو العرق أو اللون أو املعتقد‪ ،‬الحرية‪ :‬حرية الرأي والتفكير والتعبير‪ ،...‬املسؤولية‪،‬‬
‫التشبث بالحقوق‪ ،‬احترام الواجبات‪ ،‬املساواة‪ ،‬العدل‪ ،‬التضامن‪ ،‬التسامح‪ ،‬التعاون‪ ،‬الحوار‪ ،‬السلم‪،‬‬
‫املشاركة‪ ،‬الديموقراطية‪ ،‬الوسطية واالعتدال"‪.‬‬
‫التقرير الصادر عن املجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الصادر في يناير ‪2017‬‬ ‫‪-‬‬
‫حول "التربية على القيم باملنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي"‪ :‬وينطلق تقرير املجلس في‬
‫موضوع “التربية على القيم باملنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي” من كون التربية على القيم تقع‬
‫في صميم وظائف املدرسة‪ ،‬وإحدى آليات اإلدماج االجتماعي والثقافي لألجيال املتعلمة وتحقيق التماسك‬
‫االجتماعي‪ ،‬وأحد مداخل تكوين وتأهيل رأس املال البشري‪ ،‬وكون تنمية التشبع بالقيم يعد رافعة للنهوض‬
‫باملنظومة التربوية‪ ،‬والرفع من جودتها على كافة املستويات‪.‬‬
‫دليل الحياة املدرسية الصادر عن وزارة التربية الوطنية في غشت ‪ :2008‬والذي يحدد‬ ‫‪-‬‬
‫مجموعة من املبادئ الخاصة بهذا املجال التربوي الحيوي‪ ،‬وتتمثل في ضرورة "تطوير الحياة الـمدرسية وبلورة‬
‫مهامها وأدوارها لتسهم الـمؤسسة التربوية بفعالية في اإلصالح‪ ،‬وتوفر الـمناخ الـمناسب لتحقيق غايات‬
‫الـمدرسة الـمغربية الوطنية الـمنشودة‪ ،‬وذلك انطالقا أن من الحياة الـمدرسية التي تشكل جوهر عمليات‬
‫التربية والتكوين‪ ،‬ويلزم أن تكون أنشطتها الـمتنوعة مفعمة بالحياة ومنفتحة على كافة أبعاد ومكونات محيطها‪،‬‬
‫حتى يتمكن الـمجتمع الـمدرس ي من مواكبة مستجدات الحياة ومتطلبات التنمية‪ ،‬وتحقيق النمو الـمتكامل‬
‫والـمتوازن لشخصية كل متعلـم بعيدا عن أي تمييز أو إقصاء أو تهميش‪ .‬فالحياة الـمدرسية توفر الـمناخ التربوي‬
‫واالجتماعي الـمناسب للتنشئة الـمتكاملة والـمتوازنة‪ ،‬وتركز على إكساب الـمتعلمين الكفايات والقيم التي‬

‫‪51‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫تؤهلهم لالندماج الفاعل في الحياة‪ ،‬وترجمة القيم واالختيارات إلى ممارسة ملـموسة في حياتهم من خالل‬
‫السلوك الـمدني الـمواطن‪ ،‬واحترام التنوع الثقافي واالختالف في الرأي‪ ،‬والـممارسة الديمقراطية‪ ،‬واتخاذ‬
‫الـمبادرات والقرارات عن بينة واقتناع‪ .‬كما تركز الحياة الـمدرسية أيضا على التجديد التربوي‪ ،‬وإثراء البرامج‬
‫والكتب الـمدرسية وباقي األدوات والوسائل التعليمية‪ ،‬بما فيها ا لـمستجدات التكنولوجية‪ ،‬قصد تكوين مواطن‬
‫فاعل في محيطه االجتماعي والثقافي‪ .‬واستثمارا لكل التراكمات والتجارب التي عرفها مجال الحياة الـمدرسية وما‬
‫يفرضه السياق الجديد من تجديد في الطرق واآلليات والـمقاربات التي تتيح للفاعلين التربويين والشركاء‬
‫االشتغال بكيفية تسهل التدبير الجيد للشأن التربوي بالـمؤسسات التعليمية‪ ،‬وتيسر إسهامهم الفاعل في‬
‫اإلصالح على الـمستوى الـمحلي؛ يأتي هذا الدليل في صيغته الجديدة ليقدم إطارا شامال ومتكامال للحياة‬
‫الـمدرسية‪ ،‬و يؤسس لتصور جديد لتدبيرها وتحسين جودتها من خالل إثراء مكوناتها ومجاالتها وسبل تفعيلها‪،‬‬
‫وذلك بعد إصدار الدليل الـمرجعي لـمشروع الـمؤسسة الذي يشكل إحدى الـمقاربات الـمنهجية و اآلليات‬
‫العملية لتفعيل الحياة الـمدرسية واالرتقاء بجودة الـمؤسسة والتعلـم"‪.‬‬
‫ختاما‪ ،‬في خضم التحوالت العميقة التي تشهدها املنظومات القيمية والثقافية في عصرنا الراهن وفي‬
‫مؤسساتنا التربوية بالخصوص‪ ،‬وإيمانا بحتمية ترسيخ قيم املواطنة والسلوك املدني في املمارسات اليومية‬
‫باملؤسسات التعليمية‪ ،‬بات لزاما تأطير األطر اإلدارية والتربوية للتشبع بمبادئ وأسس أخالقيات املهنة‪ ،‬حتى‬
‫تحترم كل القيم والقواعد والقوانين املنظمة للحياة الفردية والجماعية واملؤسساتية‪ ،‬تحصينا للمؤسسات‬
‫التربوية من كل انزالق أخالقي أو سلوك ال مدني‪ ،‬خاصة وأن تحصين املجتمع يبدأ من تحصين املؤسسة‬
‫التربوية‪.‬‬

‫‪52‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫املصادرواملراجع (لالستئناس)‬
‫❖ باللغة العربية‬
‫‪ o‬كتب‬
‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن علي اإلفريقي املصري‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬بيروت‪ :‬دار صادر‪ ،‬ط ‪1414 ،3‬ﮬ‪.‬‬ ‫•‬
‫البشري‪ ،‬د‪ .‬قدرية محمد‪ ،‬أخالقيات مهنة التعليم‪ ،‬الطبعة األولى‪ّ ،‬‬
‫عمان‪ :‬دار الخليج للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫•‬

‫‪.2015‬‬
‫رضوان‪ ،‬بواب‪ ،‬األداء الوظيفي واالجتماعي لألستاذ الجامعي في نظام األملدي)‪ ، (LMD‬مجلة العلوم‬ ‫•‬

‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬العدد‪ ،21 :‬دجنبر ‪ ،2015‬ص‪.86-71 .‬‬


‫السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم‪ ،‬تحقيق محمد إبراهيم عبادة‪،‬‬ ‫•‬

‫القاهرة‪ :‬مكتبة اآلداب‪ ،‬ط‪.2004 ،1 .‬‬


‫عطية‪ ،‬محيي الدين محمد‪ ،‬الصورة املنشودة للمعلم‪ّ ،‬‬
‫عمان‪ :‬أمواج للطباعة والنشر والتوزيع‪.2015 ،‬‬ ‫•‬

‫حنة أرندت‪ ،‬بين املاض ي واملستقبل‪ :‬ستة بحوث في الفكر السياس ي‪ ،‬نقله إلى العربية‪ ،‬عبد الرحمن‬ ‫•‬

‫بوشناق‪ ،‬جداول للنشر والترجمة والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬أكتوبر ‪2014‬‬
‫أحمد أمين‪ ،‬علم األخالق‪ ،‬لجنة الترجمة والتأليف النشر‪ ،‬ط‪ 7‬القاهرة ‪.1957،‬‬ ‫•‬
‫شارل تايلور‪ ،‬منابع الذات‪ُّ :‬‬
‫تكون الهوية الحديثة‪ ،‬ترجمة‪ :‬حيدر حاج إسماعيل‪ ،‬مراجعة هيثم غالب‬ ‫•‬

‫الناهي‪ ،‬املنظمة العربية للترجمة‪ ،‬توزيع مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪2014‬‬
‫طه عبد الرحمن‪ ،‬سؤال األخالق‪ ،‬مساهمة في النقد األخالقي للحداثة الغربية‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪،‬‬ ‫•‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء‬


‫أرسطو طاليس‪ ،‬األخالق‪ ،‬ترجمة اسحق بن حنين‪ ،‬حققه وشرحه وقدم له عبد الرحمان بدوي‪ ،‬الهيئة‬ ‫•‬

‫العامة لقصور الثقافة‪ ،‬القاهرة‪2007 ،‬‬


‫جاكلين روس‪ ،‬الفكر األخالقي املعاصر‪ ،‬ترجمة وتقديم الدكتور عادل العواد‪ ،‬عويدات للطباعة‬ ‫•‬

‫والنشر‪ ،‬بيروت‪2001 ،‬‬


‫بول ريكور " الذات عينها كآخر"‪ ،‬ترجمة وتقديم د‪ .‬جورج زيناتي‪ ،‬املنظمة العربية للترجمة‪ ،‬توزيع مركز‬ ‫•‬

‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬نوفمبر‪2005 ،‬‬


‫عبد الرحمن بدوي‪ ،‬فلسفة الحق والسياسة عند هيغل‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات‬ ‫•‬

‫والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪1996 ،‬‬

‫‪53‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫‪ o‬وثائق ونصوص رسمية‬
‫• دستور اململكة املغربية ‪,2011‬‬
‫• الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.008‬الصادر في ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬واملنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪2372‬‬
‫بتاريخ ‪ 11‬أبريل ‪ 1958‬بمثابة النظام األساس ي العام للوظيفة العمومية‪.‬‬
‫• املرسوم رقم ‪ 2 .02 .854‬الصادر في ‪ 13‬فبراير ‪ 2003‬بمثابة النظاماألساس ي الخاص ملوظفي وزارة التربية‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫• املرسوم امللكي رقم ‪ 62.68‬بتاريخ ‪ 17‬مايو ‪ 1968‬بتحديد املقتضيات املطبقة على املوظفين املتمرنين‬
‫باإلدارات العمومية‪.‬‬
‫• مذكرة رقم ‪ 3-02‬فبراير ‪ 2005‬حول تأطير اتفاقيات الشراكة املبرمة من لدن االكاديميات الجهوية‬
‫للتربية والتكوين ومصالحها االقليمية او املحلية‬
‫• مذكرة ‪46‬ميثاق حسن سلوك املوظف العمومي‬
‫• مذكرة ‪75‬استثمار مواد االتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل‬
‫• دليل حقوق اإلنسان بقطاع التربية الوطنية ‪.2007‬‬
‫• دليل املدرسة والسلوك املدني ‪.2008‬‬
‫• دليل الحياة املدرسية ‪:2007‬‬
‫• القانون اإلداري‬
‫• القانون الجنائي‬
‫• قانون االلتزامات والعقود‬
‫• القانون رقم ‪ 41.90‬املحدد للمحاكم اإلدارية‬
‫• ميثاق حسن التدبير وأخالقيات املهنة‪.‬‬
‫• مجزوءة التشريع املدرس ي وأخالقيات املهنة‪ ،‬يوليوز ‪.2012‬‬
‫• استراتيجية قطاع التربية الوطنية في محاربة العنف املدرس ي ‪.2010‬‬
‫• الوثائق املرجعة للندوة الوطنية األولى حول املدرسة والسلوك املدني‪.2008‬‬

‫‪54‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان ‪ 32‬زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‪ /‬فاكس‪0537724473 :‬‬
‫ مراجع باللغة الفرنسية‬o
• Gilles Lipovetsky, Le crépuscule du devoir : l'éthique indolore des nouveaux temps démocratiques,
Gallimard, paris,1992.
• Houssaye.J.(dir), Education et philosophie, Approche contemporaines, Paris, ESF, 1999
• Oiry E., Duguey I., Foucaud J. (2015), Éthique normative et éthique réflexiv : quel rôle dans le
leadership éthique des managers du soin ? Journal de gestion et d’économies médicales, vol. 33,(1)
• Alain Kerlan, Philosophie pour l’éducation : Le compagnonnage philosophique en éducation et en
formation, ESF éditeur,2003, p.71.
• Hottois G. (1996), Éthique de la responsabilité et éthique de la conviction, Laval théologique et
philosophique, vol. 52, n° 2, pp. 489-498
• Serge Paugam Les 100 mots de la sociologie : « Que sais-je ? » n° 3870, 1ere édition, puf, Paris, 2001,
• P. Ricoeur, Histoire et vérité, Seuil, 1964.
• Monique Canto- sperber, Ruwen Ogien, la philosophie morale, Que sais-je, PUF, 3e édition ,2014
• Les Sciences de l'éducation - Pour l'Ère nouvelle » 2012/1 Vol. 45
• Sandra Laugier, « Pourquoi des théories morales ? L'ordinaire contre la norme », Cités 2001/1 (n° 5)
• Plan d’action stratégique à moyen terme d’institutionnalisation de l’égalité entre les sexes dans
le département de l’enseignement scolaire (PASMT/IÉS)2008

55 ‫وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‬


0537724473 :‫ فاكس‬/‫ زنقة السعديين – الرباط– الهاتف‬32 ‫الوحدة املركزية لتكوين األطرملحقة حسان‬

You might also like