Professional Documents
Culture Documents
العربية لن تموت
العربية لن تموت
رغم ك ِّل التحديات التي واجهت اللغة العربية ،ورغم ك ّل المحاوالت التي لم تنقطع بشك ٍّل حثيث عن إظهار العربية بمظهر الضعف
والقصور ،أثبتت لغة قرآننا الكريم -تلك اللغة المكرمة -وجودها وفاعليتها ...لكن التحدي الكبير الواجب علينا العمل بج ٍّد تجاهه هو ضعف
...ارتباط أبناء العربية بها ،وتقصيرهم تجاهها
.حول التوجيهات الصحيحة لعالقة العرب بلغتهم كان لنا الحوار التالي مع د .حسان الطيان
:ضيفنا في سطور
منبر الداعيات" :نلحظ انحساراً في استخدام اللغة العربية ،إذ يمارسها العرب بشكل غير صحيح فضالً عن تقهقر بالغتها وفصاحتها ،فما "
األسباب؟ وما الحلول برأيك؟
أسباب التقهقر كثيرة جداً ،أكثرها اتصاالً بنا فساد المؤسسة التعليمية؛ فمهنة التعليم باتت مهنة َم ْن فَ ِشل في حياته ،فمن يدخلون فرع اللغة ♦
العربية إنما يدخله ألن درجاتها أجبرته على ذلك فلم يستطع أن يدخل قسما ً آخر؛ ينبغي أن يدخل قسم اللغة العربية من أن يكون عاشقا ً لها ال
دخيالً عليها .ومعلوم أن الطالب إذا لم يحب اختصاصه فلن يُبدع فيه ،ولن يكون شأنه فيه شأن المبدع الذي يعشق اختصاصه ،حيث ترى
العجب إلبداعاته وإتقانه وتم ّك نه ،ومن ثم ترى العجب في تعليمه لهذه اللغة بحيث ينقل عشقه لطالبه فتغدو اللغة على ألستنهم أغنية ال ضريبة
.تُفرض عليهم وكلفة ينفرون منها ويتقاذفونها ويتجنبونها
كما أن المسألة ينبغي أن تبدأ باختيار المدرِّس ال ُكفء العاشق للعربية المتم ّكن من قراءة القرآن ترتيالً وتجويداً وفهما ً وإدراكا ً للمرامي
.والبالغة ،ثم بإعطاء المعلم حقه بالراتب الذي ينبغي أن يكفيه
منبر الداعيات" :بوصفك عضواً مراسالً في مجمع اللغة العربية بدمشق :إلى أي مدى استطاعت المجامع أن تقوم بدورها في حماية لغة "
الوحي؟ وكيف تق ّوم قدرتها على المواكبة والمسايرة لك ّل مستجدات العلم والتكنولوجيا من خالل تعريب مصطلحاتها؟
ال َم جامع قامت بدور عظيم ،والمطلوب منها أكثر من ذلك؛ فمهمتها تتعدى حدود جدران ال َمج ّمع لتخرج إلى فضاء المجتمع بإعالناته...
بمطبوعاته ...بتدريسه ...في ظني أن مهمة ال َمجمع أن يبسط سلطته ومراقبته على كل ذلك حتى نُنَقّ َي هذه البيئة التي لُوثت تلويثا ً عجيباً،
.وحتى نضمن األمن اللغوي وهو َأوْ لى بكثير مما يبحث عنه بعض الساسة من وجوه األمن اُألخرى
منبر الداعيات" :بوصفك أستاذاً مشاركا ً في الجامعة العربية المفتوحة بالكويت ،والمنسِّق العام لمقررات اللغة العربية فيها ،نريد أن نتعرّف"
-بحسب تقويمك -على واقع اللغة العربية بين طالّب هذه اللغة العظيمة؟
.واقع اللغة بين طالبها أليم ،وأنا واحد ممن يعاني من مشكلة تدريس اللغة العربية
قد أعاني أكثر من غيري ألنّي أدرِّ س العربية لغير المختصصين ،وهذا بالء في الحقيقة بُليت به .ألن الطالب ليس مقتنعا ً لألسف بلغته ،وليس
حريصا ً أبداً على إتقانها ...هو حريص على أن يأخذ المق ّر ر وأن ينجح فيه بأي شكل من األشكال .فالواقع بين صفوف الطلبة أليم جداً يحتاج
إلى المزيد من الوعي أوالً ،وإلى المزيد من المعالجة .ونسأل هللا سبحانه وتعالى العون ،ونسأله تعالى أن يلهمنا سبالً سليمة لتأدية هذه المهمة
.التي نحملها على عاتقنا ،وهللا المستعان
":منبر الداعيات"
برأيك بعد كل المتغيرات والمستجدات المعاصرة :كيف نن ّمي تذ ّو ق جيل العصر اإللكتروني -أطفاله وشبابه -للغة العربيـة الفصيحـة وقدرتَه
على استخدامها وإكسابها الجاذبية؟
منبر الداعيات" :تف ّشى استخدام اللهجة العامية في مجتمعاتنا ،فلم تَ ْسلم منها النصوص األدبية سواء بشكل جزئي أو كلّي ،فهل يستوعب "
األدب مفردات وتراكيب العامية؟ وعلى من تقع المسؤولية في تنامي استخدامها؟
أزمتنا أزمة إنسان ال أزمة لسان .العربية برغم األخطار ال ُمح ِد قة بها بخير ،يحتاج لمن يستخرجه ...فربنا سبحانه وتعالى حفظها بحفظ أهلها
لها أيضا ً ...ينبغي أن تكون النهضة على المستوى الفردي واالجتماعي الرسمي والدوليّ ،
فإن هللا يزَ ع بالسلطان ما ال ي َزع بالقرآن" ،كما قال
سيدنا عثمان رضي هللا عنه؛ فمسؤولية الفرد مسؤولية عظيمة وكذلك مسؤولية المجتمع ،ولكن مسؤولية الدولة أعظم ،وهي التي يمكن أن
ّ
فتسن تشريعات من شأنها أن تحفظ لنا وعلينا لغتنا اإلعالمية ،كأن تسمح بمحاسبة األدباء على تأخذ األمر بحزم ليس معه أي تراخ،
.استخدامهم العاميّة بنصوصهم
منبر الداعيات" :كيف يمكن للغة العربية أن تصمد في زمن عولمة الثقافة وسيادة اللغة اإلنجليزية؟"
السبيل للنهوض بلغة القرآن هو أن نتمسك بها فال نتخلى عنها أبداً ،ومن السبل التي تَحضُرني أن ال تُغرينا المدارس األجنبية .ومن المؤسف
أن بعض أرباب اللغة العربية يضعون أوالدهم في مدارس إرسالية مب ّر رين ذلك بضمان مستقبلهم! وجمعية االتحاد اإلسالمي عندها مشروع
عظيم -وهو المدرسة الدولية -آفاق تسعى إلى ترسيخ دعائم العربية والشريعة في نفوس الطلبة والسم ّو بأخالقهم اإلسالمية ،باإلضافة إلى
لست أبداً ض ّد تعليم الفرنسية واإلنكليزية ،بل أنا مع إتقان اللغة األجنبية إتقانا ً ال يشوبه خلل ،ولكن ينبغي
ُ ق ،فأنا
أنه يصبو إلى تعليم متميز را ٍ
.أن ال يكون ذلك على حساب لغتنا العربية أبداً
منبر الداعيات" :ما السبيل للنهوض بلغة القرآن الكريم من كبوتها ،واستعادة الثقة بقدرتها على مواكبة التطور والتحديث ،وعلى تقوية األمة"
وتوحيدها؟
وهللا هذه لغة لن تموت بإذن هللا ،فهي لغة خالدة ما دامت السموات واألرض والجبال حتى يرث هللا األرض و َم ْن عليها .واستعادة الثقة
بقدرتها على مواكبة التطور الحديث تحتاج إلى عمل وج ّد ،وإلى أن نأخذ الكتاب بقوة صغيرنا وكبيرنا عالمنا ومتعلمنا مسؤولنا ورعيتنا،
فالمسؤولية مشتركة بين الجميع وهي :رفع راية اللغة العربية حتى تعود إلى سلطانها القديم يوم كان الناس كلما أرادوا أن يتعلموا شيئا ً أو
.يطوروا أنفسهم يُقال لهم ال ب ّد أن تتعلموا العربية أوالً؛ فزاد المعرفة هو العربية