25

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 107

‫األخالق في الماركسيـة‬

‫نظـرة نقدية‬

‫دكتور‬
‫سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫‪1102‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ربما يكون من دواعي البحث في الماركسية وأخالقها‪ ،‬تلك المفاهيم‬ ‫‪-‬‬
‫المغلوطة عنها‪ ،‬والتي وجب علينا تصحيحها من منظور الفهم الحقيقي‬
‫للرؤية الماركسية للعالم‪ .‬وهي رؤية إنسانية – دينية – سياسية – أخالقية –‬
‫اقتصادية‪.‬‬
‫لقد قدمت الماركسية‪ ،‬بالفعل‪ ،‬رؤية شمولية للعالم بحيث يمكن لنا أن نسميها‬ ‫‪-‬‬
‫فلسفة كونية ‪ Cosmic philosophy‬إن صح هذا التعبير‪ ..‬ولِ َم ال وقد قدمت‬
‫الماركسية بالفعل رؤية شمولية للعالم فتعاطت الوجود من كافة نواحيه؟!‬
‫ونعتقد أن القليل من الفلسفات والمذاهب التي استطاعت أن تضم العالم كله‬
‫إلى صدرها وتحتويه برؤية ثاقبة مثلما فعلت الرؤية الماركسية‪.‬‬
‫فقد تناولت الماركسية الفكر وعالقته بالواقع‪ ،‬وأيضً ا الحلم بعالم أفضل‬ ‫‪-‬‬
‫وأكرم لإلنسانية‪ ،‬عالم يالمس الواقع في ديناميكية‪ ،‬ويالمس الذات اإلنسانية‬
‫في ثرائها الروحي والمعرفي‪ ،‬ومغزاها الدرامي بين األنا البروليتارية‬
‫واآلخر البرجوازي‪.‬‬
‫إن الماركسية تعد – بحق – هي الحدث األكثر تأثيرً ا على الشعوب وهي‬ ‫‪-‬‬
‫الفلسفة‪ .‬التي استطاعت أن تقول (ها أنا ذا) كنت ومازالت في قلب المشهد‬
‫ألنني تعاملت مع الكيان والجوهر وصرخت في وجه الزيف ودغدغة‬
‫المشاعر للنيل من اإلنسان أو لمكاسب سياسية أو أيديولوجية معنية‪.‬‬
‫وهذا ما سوف تكشف عنه دراستنا هذه‪.‬‬
‫إذن فليس غريبًا أن تقابل الماركسية بالنقد الشديد أو حتى أن يتالمس معها‬ ‫‪-‬‬
‫الحس اإلنساني الراقي ويتوافق مع رؤيتها وكأنه يتنفس ذاته من خاللها‪.‬‬
‫وليس هذا إال دليالً على حيويتها وديمومتها وبقائها وإن لم يكن على أرض‬
‫الواقع الفعلي‪ ،‬فهو يبقى ‪ -‬كحلم ‪-‬من أحالم الوجود اإلنساني‪.‬‬
‫فقد عانى اإلنسان كثيرً ا من تعنت وظلم وحب السيطرة من قبل بعض القوى‬ ‫‪-‬‬
‫السياسية واالنحيازات والتكتالت االقتصادية‪ ،‬مما كان له مردوده على البنية‬
‫االجتماعية والنظرية األخالقية‪.‬‬
‫ولذلك سوف تكون المعالجة حول األخالق الماركسية من عدة زوايا‪ ،‬نراها‬ ‫‪-‬‬
‫هي األبعاد الحقيقية للرؤية الماركسية األخالقية وهي‪:‬‬
‫‪1103‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫أوالً‪ :‬ماركس لوحة حياة ومفهوم إنساني بصياغة ماركسية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬األخالق الماركسية (بناء أخالقي بمقوالت ماركسية)‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬قيم األخالق في المجتمع الرأسمالي االشتراكي‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬مستويات الماركسية بين الحرية والنسبية‪.‬‬
‫خامسً ا‪ :‬الماركسية والمثالية األخالقية بين االستحالة واإلمكانية‪.‬‬
‫سادسً ا‪ :‬الماركسية في ميزان النقد‪.‬‬
‫أما المنهج المناسب لتناول هذه الموضوعات‪ ،‬ذات الخصوصية الماركسية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫فهو المنهج التحليل النقدي‪ ،‬فهو الذي يصمد أمام فلسفة بحجم الفلسفة‬
‫الماركسية‪ ،‬التي ال تكتفي –فقط‪ -‬بالنظرة السطحية أو الظاهراتية‬
‫(الفينومينولوجية) بل تصل إلى عمق الرؤية لكي تستنبط قيمًا معرفية جديدة‬
‫وأصيلة ومضمونية! إذن فالتحليل والتفكيك قائمان ماركسيًا‪.‬‬
‫وأيضً ا النقد الذي يظهرنا على ما في الماركسية من عيوب يجب إدراكها‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والعمل على تذويبها‪ ،‬ومواطن قوة يجب علينا أن نستلهمها اليوم في واقعنا‬
‫جدا تجعلنا نحصد نتائج أكثر فاعلية وديناميكية في‬ ‫المعاصر بضغطة شديدة ً‬
‫مجتمعنا الذي أصبح يئن ويتوجع كثيرً ا من رذائل وقيم إنسانية وأخالقية‬
‫زائفة ومتلونة بامتياز‪.‬‬
‫إذن فعلينا ‪-‬اآلن ‪-‬بإنقاذ المضمون األخالقي من عبث العابثين وبرجماتية‬ ‫‪-‬‬
‫البرجماتيين من خالل نظرة أخالقية ماركسية نستلهم أفضل ما فيها ‪ ..‬وكأن‬
‫الماركسية تكشف لنا‪ ،‬وبعمق‪ ،‬عن أمراضنا االجتماعية وصورتنا‬
‫االنعزالية ‪..‬‬

‫‪1104‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫‪ -1‬ماركس – لوحة حياة‬


‫ومفهوم إنساني بصياغة ماركسية‬
‫يقول دومييه "على اإلنسان أن يكون ابن عصره" ونحن نرى أن هذه‬
‫المقولة تنطبق على كارل ماركس إلى حد بعيد‪ .‬فهو ابن العصر والتاريخ‬
‫واألخالق والتناقضات الفجة‪ ،‬ابن شرعي ألجواء اقتصادية متهالكة طحنت‬
‫اإلنسان وجعلته مجرد آلة‪ ،‬وشيّئته فأصبح ال يعني شيًئ ا‪ ،‬مسخته فأصبح بال‬
‫مالمح ‪ ..‬وهذا ما سوف نعالجه من زوايا متعددة‪.‬‬
‫ماركس(‪ :)1‬فيلسوف اقتصادي ألماني ولد في تريير المدينة الرنيانية القديمة في‬
‫‪ ،1818‬ومات في لندن ‪ 1883‬وكان أسالفه من الحاخامين‪ .‬صار ماركس‬
‫المولود يهوديًا مسيحيًا في عامه السابع وفي السابعة عشرة وقع في الغرام فقد‬
‫تولع بصديقة ألخته الكبرى (جيني دي وستفالن)‪ ،‬ابنة رجل ليبرالي من األعيان‬
‫شقراء جميلة تكبر عاشقها بأربع سنوات‪ ،‬ولكنه كان يبدو‪ ،‬بضخامة جثته‪ ،‬أكبر‬
‫س ًنا منها ثم تركها ليدرس الحقوق ‪ 1835‬وعاش حياة مرحة وعاقر مع‬
‫أصدقائه الخمر‪ ،‬فكان كل شيء يحمل على االعتقاد بأنه لم يكن مرمو ًقا‪.‬‬
‫ويقال عن ماركس(‪ )2‬أنه كان رجل (متوحِّ د) منعزل عن البشر‬
‫وسلطوي ومن يعرف ماركس يجد صعوبة في التوفيق بينها وبين صورة‬
‫ماركس الزوج – األب – الصديق – ثم كان زواجه من (جيني فوت) مليًئ ا‬
‫بالحب والسعادة المتبادلة برغم االختالفات في الخلفية االجتماعية ورغم الفقر‬
‫المادي والمرض‪.‬‬
‫فقد وصفت ابنته الصغرى (إليانور) (‪ )3‬العالقة بين والديها (لقد تغلب‬
‫مور (لقب ماركس)‪ ،‬مرة ثانية‪ ،‬على مرضه‪ ،‬لن أنسى ما حييت‪ ،‬ذلك الصباح‬
‫الذي شعر أنه قوي بما يكفي للذهاب إلى غرفة أمي عندما أصبحا مع بعضهما‬
‫كأنما استعادا شبابهما هي الفتاة الشابة‪ ،‬وهو الشاب العاشق اللذان مازاال على‬
‫عتبة الحياة‪.‬‬
‫فقد كان ماركس إنسا ًنا مستقالً غير معزب ومنتجً ا بنفس الشكل الذي‬
‫صورته كتاباته إلنسان المجتمع الجديد فلم يكن متعصبًا وال انتهازيًا‪ ،‬بل إن‬
‫سيرته تجسي ًدا الزدهار اإلنسانية الغربية‪ ،‬فكان يملك القدرة على النفاذ لجوهر‬
‫الحقيقة ذاته‪ ،‬ال يأخذ بالمظاهر الخادعة‪ ،‬فهو ذو كمال وشجاعة ال تنطفئ مع‬
‫اهتمام عميق باإلنسان‪.‬‬
‫‪1105‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ومنذ البداية كان ماركس(‪ )4‬يرفض ‪-‬بشدة الذين‪ -‬أطلقوا على أنفسهم‬
‫لقب الماركسية (خطابه إلى إنجلز(*)(*) في ‪ )1882-9-30‬في الحركة‬
‫االشتراكية‪ .‬فهناك الحرج من أن تنسب محاولة تأسيس سالح نظري للطبقة‬
‫العاملة يقوم على المنهج العلمي في مواجهة المثالية والتجريبية إلى شخص‬
‫بعينه(*)(*) والرجوع إلى كتابات ماركس‪ ،‬نجدها تنتقد النزعة الفردية‪ ،‬وتكشف‬
‫الصراع الطبقي ال الفردي داخل العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫ولذلك اعتاد ماركس‪ ،‬في نهاية السبعينات من القرن (‪ ، )19‬أن ينفي عن‬
‫(‪) 5‬‬

‫نفسه صفة الماركسية في مواجهة تيار ينسب نفسه إلى الماركسية في فرنسا ويحول‬
‫القالب التصور المادي للتاريخ‪ ،‬أي الماركسية‪ ،‬إلى قالب تبسيطي يقوم على الوقائع‬
‫االقتصادية ‪ ..‬كما يرفض أن يكون ماركسيًا على غرار الحزب االشتراكي‬
‫الديمقراطي األلماني‪ ،‬وهي ماركسية ت ّدعي أنها تقوم على مذهب علمي خالص‪ ،‬على‬
‫حين أن علميتها كاذبة ليست إال تكي ًفا مع العالقات الواقعية الرأسمالية‪.‬‬
‫ولذلك يقال ال ماركس وال انجلز(‪ )6‬ارتضيا بأن يع ّدا من فئة الفالسفة‪،‬‬
‫بل تركا هذا اللقب للذين فضلوا االتصال بالروح‪ ،‬وهاموا بالغيب ووعظوا‬
‫بالفرضيات والوهميات‪ ،‬وأطلقا تعاليمهما من العلم‪ ،‬إنهما عالمان كما كان‬
‫داروين‪ ،‬قاهر‪ ،‬الطبيعة عالمًا – كما جاء على لسان جورج حنا‪.‬‬
‫ويكتب (بول ال فارغ)(‪ )7‬فيقول‪ :‬كان باإلمكان أن تسأل ماركس في أي‬
‫وقت تشاء وعن أي شيء‪ ،‬وكنت ستحصل – حتمًا‪ -‬على الجواب الشافي إن‬
‫دماغه كان أشبه بالباخرة الحربية ال ّراسية في المرفأ والمستعدة لالنطالق‪ ،‬لقد‬
‫مستعدا –دائمًا‪-‬لإلبحار في أي اتجاه من اتجاهات الفكر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان‬
‫كما يقول "إن ضمير ماركس األدبي لم يكن يقل صرامة عن ضميره‬
‫العلمي‪ ،‬فهو لم يكن ينشر أي شيء مالم يعالجه بكل دقة ويغيره عدة مرات‬
‫ليتطابق مع الشكل‪ ،‬ولم يكن يطيق فكره أن يتقدم إلى الجمهور بشيء لم يستنفذ‬
‫العمل فيه حتى النهاية‪.‬‬
‫والحقيقة كما يرى د‪ .‬مصطفى النشار(‪ .)8‬أن مذهب ماركس الفلسفي بالغ‬
‫من الشهرة الحد الكبير فقد نجحت الماركسية في حل مشكالت العصر فيقول‬
‫ماركس عن نفسه "ليس بين ابناء العصر من لقى مق ًتا وافتراء عليه مثل ما لقيت"‬
‫فقد استخدم ماركس المنهج العلمي(‪ Scientific Method )9‬والتضمين‬
‫الوجودي ‪ Ontological Presupposition‬وخاصة في استخدامه للقيمة ويعتبر‬
‫ماركس علميًا ممارسًا للتطبيق‪ ،‬فهو يتحدث عن الممارسة في العلم وتأثيرات‬
‫ذلك على العلم نفسه ومنها (نظرية العمل في القيمة) فقد نقد نظريات جون لوك‬

‫‪1106‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫– آدم سميث – ديفيد ريكاردو‪ ،‬واهتم بالظاهرة االجتماعية والتطور اإلنسان‬
‫والقوى المنتجة ‪.productive Forces‬‬
‫كتابات ماركسية‬
‫كتابات ماركس عديدة ومتشعبة في مجاالت مختلفة وسوف نذكر هنا‬
‫بعضمن أهم كتاباته‪.‬‬
‫إن ماركس في أطروحته(‪( )10‬الفرق بين فلسفة الطبيعة عند ديمقريطس‬
‫وفلسفة الطبيعة عند أبيقور)‪ ،‬كما في عدة مقاالت‪ ،‬أعاد طبعها (مهرنغ)‪ ،‬يبدو ‪-‬‬
‫أمامنا ‪-‬مثاليًا مخلصً ا من المدرسة الهيجلية‪ ،‬مثله مثل أنجلز الذي اشترك في‬
‫الحوليات نصيرً ا عني ًدا لإلنسانية الفيورباخية‪.‬‬
‫وهكذا كان كتاب (العائلة المقدسة) أو (نقد االقتصاد النقدي) يبين لنا كال‬
‫من المؤلفين ماركس‪ ،‬وأنجلز وقد قاما بخطوات عديدة في تطوير فلسفة‬
‫فيورباخ‪.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫‪Manifesto of‬‬ ‫وقد ألقا ماركس مع انجلز منفيستو الحزب الشيوعي‬
‫‪ the Communist party‬وهو يتناول ثالث نقاط أساسية‪:‬‬
‫‪.Bourgeois and proletarians‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.Proletarians and communists‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪.Socialist and Communist literature‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أي كل ما يتعلق بالبرجوازية والبروليتاريا والشيوعية واألدب‪.‬‬
‫ويعتبر البيان الشيوعي(‪ )12‬هو تاريخ البشرية كله‪ ،‬وهو الصراع بين‬
‫الطبقات‪ ،‬وأنه في كل عصر ومجتمع كان من الضروري أن توزع الملكيات‬
‫بين الذين أنتجوها توزيعًا متساويًا‪ ،‬ولكن هذا مالم يحدث أصالً فقد كانت‬
‫البشرية – دائمًا‪ -‬منقسمة إلى طبقات بعضها تحكم وتملك‪ ،‬واألخرى محكومة‬
‫وال تملك‪.‬‬
‫كذلك لماركس كتاب هام هو يؤسس الفلسفة(‪" )13‬لقد كان برودون سيء‬
‫الحظ ‪ ..‬لقد قيل عنه في فرنسا أنه كان اقتصاديًا فاشالً‪ ،‬ألنه كان يعد من أقدر‬
‫االقتصاديين الفرنسيين"‪.‬‬
‫وقد عالج ماركس في هذا الكتاب تناقض قيمة السلعة عند برودون –‬
‫االقتصاد واألخالق عند برودون – برودون وصراع الطبقات وغيرها‪.‬‬

‫‪1107‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫كما عرض ماركس في هذا الكتاب(‪ )14‬المذهب الثوري للبروليتاريا وقد‬
‫ردا على [فلسفة البؤس]‬‫صدر هذا الكتاب باللغة الفرنسية يوليو ‪ ،1847‬وذلك ً‬
‫للسيد برودون‪ ،‬وينتقد ماركس برودون ومفاهيمه المثالية واستخدامه لديالكتيك‬
‫هيجل(*)(*) بشكل مشوِّ ه‪.‬‬
‫أما الكتاب الذي كان‪ ،‬والزال له قيمة عالية في البناء االقتصادي‪ ،‬فهو‬
‫كتاب رأس المال لماركس‪.‬‬
‫وعنوان الكتاب هو(‪( )15‬رأس المال ونقد في االقتصاد السياسي) وقد‬
‫وضع على شكل بحث في علم االجتماع‪ ،‬ويقول ماركس في المقدمة (إن‬
‫موضوع البحث في هذا المؤلف هو الطريقة الرأسمالية في اإلنتاج‪ ،‬وعالقات‬
‫اإلنتاج والتبادل المناسب لهذه الطريقة‪ .‬والمجلد الثاني يعالج عملية انتشار رأس‬
‫المال والمجلد األخير وهو الثالث فيختص بتاريخ النظرية الرأسمالية‪.‬‬
‫إذن الموضوع العام للمؤلف‪ ،‬كله‪ ،‬لم يكن إال الرأسمالية‪.‬‬
‫ولذلك يقول غوربونون (في الثقافة)(‪ )16‬أشار لفين إلى أن (مسألة‬
‫مصير الرأسمالية في روسيا) أصبح بعد ظهور (رأسمال) كارل ماركس‬
‫(المسألة الرئيسية لالشتراكية الروسي وحول هذه المسألة كان يتوقف حل أهم‬
‫الموضوعات المتعلقة ببرامجهم وكان هذا يشمل مجال الثقافة وتحديد طابع‬
‫تطورها في روسيا‪ ،‬ودورها في العمليات االقتصادية االجتماعية‪.‬‬
‫والسؤال ما هو مفهوم رأس المال وما هي الرأسمالية؟‬
‫رأس المال(‪  )17‬مصطلح اقتصادي اقترن ظهوره واستخدامه بالنظام‬
‫الليبرالي (الرأسمالي) الذي أعطى المبرر لظهوره إلى المبادئ التي قام عليها‬
‫وأهمها الحرية االقتصادية من خالل الملكية الفردية لوسائل اإلنتاج وحرية‬
‫المنافسة وقانون العرض والطلب‪.‬‬
‫الرأسمالية(‪  )18‬هي التشكيل االقتصادي الذي حل محل اإليقاع وتقوم‬
‫الرأسمالية على الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج واستغالل المأجور واستخالص‬
‫فائض القيمة هو القانون األساسي لإلنتاج الرأسمالي‪.‬‬
‫ً‬
‫موجودا بصورة جنينية في‬ ‫والحقيقة أن ما تم اكتشافه في رأس المال كان‬
‫مخطوطة ‪ ،1844‬وفي البيان الشيوعي ‪ .. 1848‬القرن الوحيد مزيد من‬
‫النضج والتدقيق بتوالي السنين – كما يرى البعض(‪.)19‬‬

‫‪1108‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وعلى وجه العموم يمكن القول إن كتابات نيتشه تخضع للبعد األخالقي فيقول‬
‫كافكا(‪ :)20‬إن المؤلفات األولى لماركس وخاصة ماركس الشاب‪ ،‬استخدم معياره‬
‫في الحرب والتناغم ليقيم مبادئ خلقية موضوعية تكون حقيقية بشكل أبدي‪،‬‬
‫وهكذا في (مالحظات عن آخر تعليمات الدولة البروسية للرقباء) مقال نشره‬
‫ماركس في صحيفة (انيكدوتا) ‪ 1842‬ويالحظ ماركس أن التعليمات قد أحلت‬
‫كلمات (الذوق – اللياقة – اللباقة الخارجية) محل كلمات (األخالقيات –‬
‫اللباقات الرقيقة) في القانون األصلي‪.‬‬
‫فقد كتب ماركس(‪( )21‬نحن نرى كيف أن األخالقيات كأخالقيات‪ ،‬كمبر‬
‫للعالم والتي تطيع قوانينها تختفي وتكون لدينا محل طبيعتها الجوهرية مظهرً ا‬
‫خارجيًا‪ ،‬زخرفة يفرضها البوليس‪ ،‬حلية إقناعية"‪.‬‬
‫ومن خالل كتابات ماركس كلها يمكننا أن تصنف ماركس بالثوري‪.‬‬
‫يقول سارتر(‪ :)22‬إن ما يطالب به الثوري(*)(*) هو أن يكون إنسا ًنا غير‬
‫مبرر‪ ،‬لكنه‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬مضطهد في مجتمعه‪ ،‬وهو قادر‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬على تجاوز‬
‫هذا المجتمع بما يبذله من جهد لتغييره‪ ،‬والمثالية تضلله ألنها تربطه بحقوق‬
‫وقيم موجودة‪ ،‬وتعميه عن قدرته التي تستطيع أن تخلق له قيمة‪ ،‬وهو وطرائقه‬
‫في الحياة‪.‬‬
‫كما يقول لفين(‪ :)23‬إن االنتهازيين ال يعترفون إال باألشكال السلمية‬
‫سبيالً إلى تحقيق اإلصالحات الجزئية‪ ،‬في حين أن اليساريين ينفونها –حتمًا‪-‬‬
‫ويدعون إلى األعمال الثورية الفورية‪.‬‬
‫كما أدان لفين – بشدة – نزعة المقامرة لدى أنصار الحملة الثورية فقد‬
‫أخذ يذكر‪ ،‬مرارً ا وتكرارً ا‪ ،‬توكيد ماركس وأنجلز مؤسس الشيوعية العلمية‪ ،‬إلى‬
‫عدم محاولة استباق األحداث وعدم الدعوة إلى اإلطاحة الفورية بالنظم القائمة‬
‫في المكان والزمان اللذين لم تتضح فيهما الظروف الموضوعية‪.‬‬
‫والحقيقة أن الممارسة الثورية عند ماركس(‪ )24‬يأخذنا إلى المفهوم‬
‫األكثر جدالً عند ماركس وهو (القوة) إنها ليست فكرة ماركسية‪ ،‬بل إنها فكرة‬
‫المجتمع البرجوازي خالل األعوام الثالثمائة األخيرة‪ .‬إن الديمقراطية الغربية‬
‫هي ابنة الثورات اإلنجليزية – األمريكية – الفرنسية العظمى‪.‬‬
‫وهنا يجب مناقشة أفكار ماركس عن الثورة والشيوعية(‪ )25‬وذلك‬
‫بتوضيح األفكار السياسية األخرى لماركس‪ ،‬وخاصة التي تعلقت بالطبقات‬

‫‪1109‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫والدولة‪ ،‬والذي يمكن لنا فهمها داخل سياق ‪ within the context‬التزامه‬
‫ومسئوليته تجاه الثورة والشيوعية وكذلك داخل أبعاد تفكيره السياسي الخاص‪.‬‬
‫وهنا نجد ماركس يناقش إمكانيةالثورة االجتماعية ‪Social revolution‬‬
‫عندما تصبح قوى اإلنتاج ‪ forces of production‬قصيدة بعالقات اإلنتاج‬
‫‪ relations of production‬كما ال يمكن لنا إغفال ما كتبه ماركس عن الحكم‬
‫(التسلط) البريطاني في الهند‪ ،‬والذي نشر في نيويورك ‪ 25‬يناير ‪ 1853‬ولذلك‬
‫فإن الثورة األساسية‪ ،‬والتي تمثل الراس‪ ،‬كانت في آسيا‪.‬‬
‫وفي نظر ماركس(‪ )26‬البد أن تكون الثورة – في البداية – هي التي‬
‫تشمل الفكر وتسلسل الحركات األصلي فيما يتعلق بالمجتمع والحضارة وتعتبر‬
‫المعاناة اإلنسانية ‪ human suffering‬جزءًا هامًا من ذلك وخاصة فيما يتعلق‬
‫بالمرأة والطفل لكي توضع العناصر األساسية لألمل واحترام الذات فكل هذا‬
‫يوضع ضمن العناية المقدسة ‪.divine providence‬‬
‫ولذلك يجب أن ننظر فيما سوف يعود علينا من الظلم ‪ injustice‬أو‬
‫االستغالل ‪ exploitation‬أو العنف ‪ Violence‬حتى نسير –دائمًا‪ -‬في اتجاه‬
‫المساواة ‪ equality‬والعدالة ‪ Justic‬نحو الكمال والتحقق اإلنساني ‪human‬‬
‫‪ fulfillment‬وخاصة أننا نعيش في عالم يفتقد األمن االقتصادي ‪economic‬‬
‫‪.insecurity‬‬
‫وفي النهاية‪ ،‬يمكن القول إن هذه هي فلسفة العظماء(‪ )27‬وهي التي تتسم‬
‫بـ‪:‬‬
‫أنهم في الزمان فوق الزمان‪ ،‬لكل منهم‪ ،‬حتى أعظمهم وضع راهن ح ًقا في‬ ‫‪-1‬‬
‫مكان‪ ،‬وهو يرتدي ثيابًا تاريخية‪.‬‬
‫كل مفكر صحيح أصلي شأنه شأن كل إنسان طبيعي حقيقي‪ ،‬ولكن المفكر‬ ‫‪-2‬‬
‫العظيم أصيل بأصله‪ ،‬وهذا يعني انه يزود العالم بقدرة تواصل لم تكن من‬
‫قبل قائمة‪ ،‬واألصالة تكمن في األثر في التحقق المبدع الذي ال يمكن أن‬
‫يتكرر فاألصالة وثنية في التاريخ‪ ،‬واألصالة هي أصالة الفكر‪.‬‬
‫(‪)28‬‬
‫كلمات عن ماركس‬
‫انجلز‪ :‬كما أن داروين اكتشف قانون تطور الطبيعة العضوية‪ ،‬كذلك‬ ‫‪-1‬‬
‫اكتشف ماركس قانون تطور التاريخ اإلنساني‪.‬‬
‫باكونين‪ :‬يشكو ماركس من العيب الذي يشكو منه جميع العلماء المحترفين‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وقد بلغ به األمر إلى حد اعتبار نفسه بمنتهى الجدية‪ ،‬أبا االشتراكية‪.‬‬

‫‪1110‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫لينين‪ :‬الماركسية هي الوريث الطبيعي لخير ما أبدعته البشرية في القرن‬ ‫‪-3‬‬
‫التاسع عشر في الفلسفة األلمانية‪.‬‬
‫إرنست بلوخ‪ :‬لم يكن ماركس متعصبًا وال انتهازيًا‪ ،‬بل هو يمثل خير ما‬ ‫‪-4‬‬
‫في المأثور الغربي‪ :‬اإليمان بالعقل‪ ،‬وبتقدم اإلنسان‪.‬‬
‫برودون‪ :‬ماركس هو الدودة الوحيدة لالشتراكية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الفلسفة الماركسية وعناصرها‬
‫(الماركسية لغة الحياة والديمومة)‬
‫من المعروف أن لماركس وأنجلز مذهب اقتصادي وسياسي‬
‫أيديولوجيًا(‪ )29‬عرف بالماركسية وان صفة (ماركس) واالسم (ماركسية) لم‬
‫يصدرا عن ماركس نفسه وأصحابه وإنما عن خصومة أنصار باكونين حين دب‬
‫ال ِّنزاع بين الفريقين مما أدى إلى طرد أنصار باكونين في مؤتمر (الدولية‬
‫األولى) الذي انعقد في الهاي هولندا ‪ ،1872‬وقد بدأ الخالف بسخرية باكونين‬
‫من ماركس والماركسية‪ ،‬فأخذ يهاجم دكتاتورية الشرذمة – الماركسية المتسلطة‬
‫على أنقاض الدولية‪ ..‬ووصف مؤتمر الهاي بأنه (تزييف ماركس) ولذلك كان‬
‫لفظ ماركس والماركسيين منطويًا على الذم عند الباكونيين‪.‬‬
‫والماركسية هي نظرة عالمية شاملة(‪ ،)30‬إنها إذا ما عيرنا عنها‬
‫باختصاص المادية الحديثة‪ ،‬التي تمثل أعلى مرحلة من مراحل تطور تلك‬
‫النظرة إلى الحالة التي أرسيت أسسها في اليونان القديمة قبل ديمقريطس‪.‬‬
‫يقول لينين أن ماركس‪ ،‬في كتابه المميز (تعاليم مارك)‪ ،‬أنه العبقري‬
‫الذي أكمل األيديولوجيات الثالثة الرئيسية‪ ،‬التي كانت سائدة في القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬وهي في البلدان الثالثة األكثر تقدمًا في العالم‪ ،‬وهي الفلسفة األلمانية‬
‫الكالسيكية‪ ،‬واالقتصاد السياسي اإلنجليزي الكالسيكي‪ ،‬واالشتراكية‬
‫الفرنسية(‪.)31‬‬
‫ولقد كان دور الفلسفة داخل الماركسية كما يظل موضوع مجادالت‬
‫ويدل على ذلك ردود الفعل التي أثارها في العشرينات عمل دورج لوكاش‬
‫(التاريخ والوعي الطبقي) وخصوصًا عمل ك‪ .‬تورسين (الماركسية والفلسفة)‬
‫سواء من جانب االشتراكية الديمقراطية (كاوتسكي) أو من جانب اللينيتية‬
‫(ديبورين)‪.‬‬

‫‪1111‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ومن المعروف أنه في نقد فيورباخ وضع ماركس األسس الفلسفية‬
‫للماركسية الممارسة – فاعلية اإلنسان الحسية – معيار حقيقة الفكر – جملة‬
‫العالقات االجتماعية تفسير العالم وتحويله(‪.)32‬‬
‫وتعني نظرية ‪ Thérie‬في الماركسية‪ :‬أنها منظومة من األفكار‬
‫المرشدة في فرع من فروع العلم والمعرفة وتعميم التجربة اإلنسانية‪ ،‬مجموع‬
‫المعارف عن الطبيعة والمجتمع المتراكمة خالل التاريخ‪ .‬في الماركسية نجد أن‬
‫الممارسة هي محك النظرية ومعيار صوابها(‪.)33‬‬
‫إذن الماركسية ترفض التأمل ‪ Spéculation‬وال تعترف (إال بالنظرية‬
‫(لغويًا)‪ .‬وقاموس الروس الصغير يعلمنا أن كلمة ‪ Théoirie‬نظرية تعارض‬
‫‪( pratique‬ممارسة) وتعارضه أي ً‬
‫ضا ‪ speculation‬ليس له‪ ،‬عند هيج ْل‬
‫المدلول السيء له في الماركسية المادية ‪.‬‬
‫(‪)34‬‬

‫وبعض الماركسية وصفوا الماركسية بأنها عقالنية حديثة‪ ،‬عقالنية‬


‫مادية – عقالنية مادية جدلية‪ .‬والعقالنية كموقف فلسفي‪ ،‬كتأكيد على العقل‬
‫يمكن أن تكون مادية‪ ،‬مثالية‪ ،‬ثنائية(‪.)35‬‬
‫وقد كتب العديد من الماركسيين الغربيين من أمثال كارل كورسن –‬
‫جورج لوكاسين – ماكس هوكهيمر – هربرت ماركيوز – وليم ريتش الكثير‬
‫من المجادالت حول علمية الماركسية من الزاوية العقلية وخاصة الحرية‬
‫اإلنسانية كما ناقشوا االشتراكية العلمية ‪ Scientific Socialism‬لماركس‬
‫وانجلز والتي تقف في حالة تباين مع العلوم الخالصة لمجتمع البرجوازيين ولقد‬
‫ناقش لوكاش مشكلة اعتبار الماركسية علمًا(‪.)36‬‬
‫فقد كان ماركس ثوريًا ولهذا كان يحتاج إلى فلسفة يمكن أن تتمشى‬
‫ً‬
‫شروطا هي‪:‬‬ ‫معها نظريات الثورية‪ ،‬وكان لزامًا أن تستوفي هذه الفلسفة‬
‫أن تكون علمية ومادية ألن العلم يعالج المادة وال يعرف لغة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ال يمكن أن تكون مجرد تفسير ميكانيكي للعالم وهو التفسير الذي اتهم في‬ ‫‪-2‬‬
‫كتابه (األسرة المقدسة) ‪ 1845‬الماديين الفرنسيين بأنهم قدموه‪ ،‬وإنما البد‬
‫أن تقدم هذه الفلسفة ر ً‬
‫ُشدا للعمل الثوري وإال بقيت عقيمة(‪.)37‬‬
‫إن محتوى الفلسفة الماركسية يأتي في مخطوطات ‪ 1844‬إلثبات أن‬
‫الماركسية‪ ،‬كفلسفة‪ ،‬قد ولدت هناك‪ .‬وأن المنهج المعرفي الذي طبق على‬
‫االقتصاد السياسي لدراسة بنية اقتصادية – اجتماعية محددة يستند إلى‬
‫المحتوى الفلسفي المعروض في مخطوطات ‪( 1844‬المخطوطات الفلسفية‬

‫‪1112‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫واالقتصادية) تلك العمارة المعرفية لها أساس فلسفي في كتابات‬
‫ماركس(‪.)38‬‬
‫(‪)39‬‬
‫إذن ما هو السؤال األساسي في الفلسفة الماركسية؟‬
‫?‪What is the fundamental question of philosophy‬‬
‫يقول إفاناسيف‪ :‬إذا نظرنا إلى العالم سنجد كل الظواهر إما مادية أو مثالية‬
‫روحية فالظواهر المادية تحتوي كل ما يوجد موضوعيًا أي خارج وعي‬
‫اإلنسان (األفكار – األحاسيس – العواطف) يرتبط بمجال المثالي إذن فالسؤال‬
‫هو كيف يرتبط المادي بالمثالي؟‬
‫?‪What are the Material and the Spiritual Connected‬‬
‫إنها نفس العالقة بين الفكر والوجود أي الروحي والمادي وهي مشكلة‬
‫تتوقف عليها مشكالت أخرى‪.‬‬
‫إن السؤال األساسي في الفلسفة هو العالقة بين الوجود والوعي؟‬
‫‪The Fundamental question of philosophy and the relation‬‬
‫‪.between the being and consiciousness‬‬
‫ولكن وفي نفس الوقت اختلف مفهوم الماركسية‪ ،‬عند البعض‪ ،‬فنجد –‬
‫مثالً‪ -‬سارتر في أول إشارة واضحة ما قاله في محاضراته (الوجودية مذهب‬
‫إنساني) التي ألقاها ‪ 1946‬والذي يعترف فيها أنه يتبنى الكثير من أوصاف‬
‫الماركسية‪ ،‬وأن الوجودية هي موقف الحق للماركسية‪ ،‬وأن وجوديته تتجاوز‬
‫الماركسية أو تضيف إليها شيًئ ا جدي ًدا(‪.)40‬‬
‫ولذلك نجد أن الماركسية مثلت‪ ،‬منذ البداية‪ً ،‬‬
‫حدثا تاريخيًا وقوة‬
‫اجتماعية فاالتحاد السوفيتي ويوغوسالفيا يدعيان االنتماء –رسميًا‪ -‬إلى‬
‫الماركسية وبينهما تباين في اآلراء أدى إلى منازعات تدهورت معها العالقات‬
‫بين البلدين ومن لم يسمع بستالين أو بما يسمون اليوم بالستالينية‪.‬‬
‫إذن الماركسية ليست فلسفة مدرسية بل هي عقيدة في حالة ذات أهمية‬
‫عالية(‪.)41‬‬
‫ولذلك نجد مؤسس النظرية الشيوعية (ماركس) قد شرح الظواهر‬
‫الحتمية عندما قال‪ :‬إن كل شيء في الكون يتحرك طب ًقا لمبدأ الحتمية السببية‪،‬‬
‫وأن كل شيء ينتهي إلى قدر محتوم وإذا أردنا أن نعرف كل شيء عن أي‬
‫شيء في الكون فيجب أن تعرف مبادئه التي تحكمه بدقة(‪.)42‬‬
‫‪1113‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫عالقة ماركس بمذهب هيجل‬
‫"إن الفكر الماركسي في جوهره هيجلي وذلك من حيث مصدره وطابعه‬
‫فنجد روبرت تيكر ‪ R.Ctuker‬يؤكد على أن ماركس قد أقام الماركسية من‬
‫خالل ثورته الهيجلية وربما يكمن تلخيص أهم منجزاته في أنه أوقف هيجل‬
‫على قدميه(‪.)43‬‬

‫‪1114‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫مصادر الفلسفة الماركسية وعناصرها‬


‫إن مصادر الماركسية الثالثة كما يراها لينين هي(‪:)44‬‬
‫المادية ‪ ‬هي فلسفة الماركسية وقد دافع ماركس وانجلز عن المادية‬ ‫‪-1‬‬
‫الفلسفية وهي موجودة في مؤلف انجلز (لودفيج فيورباخ) و(دحض‬
‫دوهرنج) اللّذين على غرار البيان الشيوعي‪ ،‬الكتابان المفضالن لدى كل‬
‫عامل واع هما إلى جانب الفلسفة الكالسيكية مثل مذهب هيجل الذي قاد‬
‫إلى مادية فيورباخ وأهم المكتسبات هي الديالكتيك أي نظرية التطور‬
‫ونسبية المعارف‪.‬‬
‫بعدما الحظ ماركس أن النظام االقتصادي يشكل األساس الذي يقوم عليه‬ ‫‪-2‬‬
‫البناء الفوقي السياسي أعار انتباهه أكثر ما أعاره لدراسة هذا النظام‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫عندما دك النظام اإلقطاعي ورأى المجتمع الرأسمالي (الحر) النور تبين أن‬ ‫‪-3‬‬
‫جديدا الضطهاد الشغيلة ثم أخذت تنبثق المذاهب‬ ‫ً‬ ‫هذه الحرية تعني نظامًا‬
‫االشتراكية انعكاسًا لهذا االضطهاد ولكن االشتراكية البدائية كانت اشتراكية‬
‫طوبارية‪.‬‬
‫والفلسفة الماركسية تقوم على ثالثة أجزاء‪ :‬جدلية – مادية – مادية‬
‫(‪)45‬‬

‫تاريخية‪.‬‬
‫كما يذكر كاريوهنت أن عناصر الماركسية ثالثة هي ‪:‬‬
‫(‪)46‬‬

‫فلسفة جدلية مأخوذة عن هيجل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫نظام لالقتصاد السياسي (النظرية العمالية للقيمة)‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫نظرية الدولة ونظرية الثورة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫والجزء األول مأخوذ من الفلسفة الكالسيكية األلمانية‪ ،‬والثاني عن‬
‫المدرسة الكالسيكيةلالقتصاد السياسي البريطاني‪ ،‬والثالث عن التقاليد الثورية‬
‫الفرنسية‪ .‬وقد أشار البعض إلى العالقة بين الماركسية والفوضوية في مبادئها‬
‫األولى فهل هذا صحيح؟‬
‫في البداية ظهر مذهب يطلق عليه المذهب الفوضوي(‪ )47‬وتزعمه‬
‫برودون ونادي بضرورة معيشة األفراد أحرارً ا بال دولة وال دين‪ ،‬ثم ظهر‬
‫مذهب اإلصالح االجتماعي كرد فعل للمذهب الفوضوي‪ ،‬ونادى أنصاره وعلى‬
‫رأسهم (لبالي) بضرورة التغيير االجتماعي القائم على البحث االجتماعي ثم‬

‫‪1115‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫عولت هذه الحركات عن تحقيق أهدافها ولذلك ظهرت اآلراء الراديكالية الحديثة‬
‫َّ‬
‫في فكر هيجل – انجلز – ماركس‪.‬‬
‫والحقيقة أن الفوضوية اتجاه سياسي اجتماعي(‪ )48‬تشكل خالل فترة‬
‫األربعينات حتى الستينات من القرن الماضي وأهم مبادئها‪ :‬إقامة مجتمع إنساني‬
‫بال دولة وبال طبقات‪ ،‬مستغلة تمجيد الثورة والتمرد على السلطة في كل‬
‫صورها التقليدية‪ ..‬ولم تحقق الفوضوية نفس النجاح الذي حققته الماركسية‬
‫برغم من التزامن في الظهور على المسرح السياسي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ظلت‬
‫الفوضوية مؤثرة في بعض حركات التحرر الوطني في الستينات من هذا القرن‬
‫وقد مارست تأثيرً ا كبيرً ا على بعض منظري حركة اليسار الجديد عند ماركيوز‬
‫– قانون – دوبريه‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن الماركسية(‪ )49‬تتبع ايديولوجية معينة سواء في‬
‫الطبيعة أو األخالق أو الدولة‪.‬‬
‫فهل توجد عناصر بنائية في الماركسية؟ فهذا ما حاول اإلجابة عليه‬
‫د‪.‬فؤاد زكريا في (آفاق الفلسفة)(‪ )50‬فنجد بعض الماركسيين الجدد لم يهتموا‬
‫بالعوامل االقتصادية التي اقتصرت عليها الماركسية التقليدية (سيياج) وهو‬
‫ماركسي السببية المطلقة للعامل االقتصادي ووضعه في إطار أوسع منه‬
‫والمحاولة األهم هي التي قام بها (لوي التوسير) الذي أراد أن يعيد إلى‬
‫الماركسية انضباطها العلمي ويؤكد استقاللها عند هيجل وعن الذات الفلسفي‬
‫السابق له ويجعل محورها بنا ًء اجتماعيًا اقتصاديًا يكون اإلنسان – ذاته ‪-‬جزءًا‬
‫منه وقد كان لوسيان سيياج ‪ Lu cein se bag‬من أوائل الماركسيين الذين‬
‫تنبهوا إلى إمكان وجود (عناصر بنائية في فكر ماركس)‪.‬‬
‫ماركس والمادية الجدلية والتاريخية‬
‫إن المادية الجدلية ‪ Dialectical Materialism‬هي فلسفة هيجل التي‬
‫يدين لها ماركس بالكثير صعبة للغاية فهي تمقت كل ماال يستسي ُغه العقل ويعتقد‬
‫أن عملية التدرج الكوني – كلها ‪-‬تقوم على أساس مبدأ منطقي معقول وهو أن‬
‫(روح العالم) هي التشخيص‪ .‬وهذا ما أدى إلى تصريحه المشهور (بأن كل‬
‫شيء معقول وحقيقي) ونظام هيجل يقول بأن المطلق هو الشمول ال في الفكر‬
‫فقط بل في جميع التجارب(‪.)51‬‬
‫ويعرض ح‪ .‬أوسيبون(‪ )52‬الفلسفة الجدلية في عدة نقاط هي‪:‬‬

‫‪1116‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫الفلسفة بوصفها علمًا تتناول القوانين العامة التي تحكم الطبيعة والمجتمع‬ ‫‪-1‬‬
‫والفكر اإلنساني‪ ،‬هي ‪-‬في حقيقتها‪ -‬قوانين مادية جدلية وعامة ‪dialectical‬‬
‫‪.materialist and universal‬‬
‫لقد خلق ماركس وأنجلز‪ ،‬بإدماجهما النشاط البشري االجتماعي في الفلسفة‬ ‫‪-2‬‬
‫نظامًا فلسفيًا واح ًدا متكامالً ‪.A single integral philosophical system‬‬
‫ال يمكن باإلضافة إلى هذا أن تطابق بين الفلسفة االجتماعية وعلم االجتماع‬ ‫‪-3‬‬
‫فمجالها ليس هو مجال علم االجتماع وإنما جدل (ديالكتيك) التطور‬
‫االجتماعي ‪.Dialectics social development‬‬
‫وهكذا كان الجدل الهيجلي(‪ )53‬مدخال إلى النظرية الماركسية عن‬
‫المجتمع (من حيث إن عالقات اإلنتاج هي التي تحدد الطبقات األساسية في‬
‫المجتمع)‪.‬‬
‫ومما الشك فيه ارتباط المادية بالواقعية ‪ Realism‬والواقعي ‪ Real‬هو‬
‫التحقق من األعيان في مقابل الوهمي والممكن والمثالي(‪.)54‬‬
‫كما ارتبطت الواقعية والمادية الجدلية بمفكر كبير هو فيورباخ‪ ،‬والذي‬
‫تأثر به ماركس كثيرً ا كما‪ ،‬تأثر فيورباخ‪ ،‬لودفيج أندرباس ‪Feurbach‬‬
‫‪ Ludwing Andreas‬بهيجل(‪ .)55‬فقد وضع فيورباخ نظرية معرفة واقعية بدالً‬
‫من النظرية المثالية الكانطية‪ ،‬فالمادية الجدلية في تناقض تام مع المثالية الجدلية‬
‫الهيجلية وعالقة ذلك بمنطق الجدل(‪.)56‬‬
‫والسؤال اآلن هل مادية ماركس وانجلز هي مادية فيورباخ؟؟‬
‫عندما يعرِّ ف ماركس وانجلز مادتيهما يرجعان – عادة ‪ -‬إلى فيورباخ‬
‫باعتباره الفيلسوف الذي أعاد إلى المادية حقوقها‪ ،‬غير أن ذلك ال يعني أن مادية‬
‫ماركس وانجلز هي عين مادية فيورباخ فكالهما لم يقتبسا من مادية فيورباخ‬
‫سوى نواتها المركزية‪ ،‬ثم وسعاها وجعال منها نظرية فلسفية علمية للمادية ‪.‬‬
‫(‪)57‬‬

‫فقد أصبح الجدل عند ماركس موجهًا ال إلى المناقشات اللفظية‪ ،‬بل إلى‬
‫عالم الطبيعة والمادة قال انجلز (إن الجدل ال يعترف بوجود شيء مطلق)‬
‫إن الجدل‪ ،‬عند ماركس‪ ،‬ال يكتفي بعرض الصور الحقيقية للواقع‪ ،‬ولكن‬
‫يحللها ً‬
‫بحثا عن التناقضات الداخلية‪ ،‬التي تحل في األشياء والظواهر‪ ،‬ويوضح‬
‫كيف أن هذه التناقضات هي مصدر الحركة والتطور ‪.‬‬
‫(‪)58‬‬

‫‪1117‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫يقول ماركس(‪" )59‬إن المادية أو الحساسية يجب أن تكون أساس كل‬
‫عالم وال يكون العلم علمًا في الواقع إال إذا انطلق من المادية تحت شكلها‬
‫المزدوج كوعي محسوس وكحاجة محسوسة‪ ،‬إذن إال إذا انطلق من الطبيعة"‪.‬‬
‫والفالسفة الماديون(‪ ،)60‬من أمثال بيكون ولوك وهوبز‪ ،‬في القرن السابع‬
‫عشر‪ ،‬وهم الذين جعلوا ماركس يقول إن المذهب المادي في والته جاء من‬
‫كبار البريطانيين‪ ،‬عندما فقدت البرجوازية البريطانية ثوريتها‪ ،‬ثم جاء تطور‬
‫العلم من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر الذي جاء بتطوير المادية‬
‫من خالل االلة المعقدة‪.‬‬
‫والحقيقة أن للفلسفة اليونانية دورً ا كبيرً ا وأصيالً في مسألة المادية‬
‫وجذورها‪.‬‬
‫فقد كان الختيار ماركس فلسفة ديمقريطس(‪ )61‬موضوعًا ألطروحته‬
‫داللة‪ ،‬فديمقريطس بين األوليين من فالسفة اإلغريق بدأت فلسفته بمالمح مادية‪.‬‬
‫وجاء في أقواله (إن كل تغير ليس إال اتحاد أجزاء أو انفصال أجزاء‪ ،‬وما من‬
‫شيء يحدث دون سبب‪ ،‬وليس في الوجود غير ذرات تسبح في فراغ‪ .‬وكل‬
‫ماعدا ذلك وهم‪ .‬وقد وسع أبيقور في فلسفة ديمقريطس‪ ،‬بافتراض أن للذرات‬
‫قدرة ذاتية على الحركة‪.‬‬
‫وقد استخدمت المادية الجدلية(‪( )62‬ماركس ولينين) الطبيعة بمعنيين‬
‫اثنين‪.‬‬
‫المعنى الواسع ‪ ‬الطبيعة مقابل الروح‪ ،‬المادة مقابل الوعي‪ ،‬الكينونة‬ ‫‪-1‬‬
‫مقابل الفكر‪ ،‬ومبدأ المادية على أساس المنطق(*)(*) الجدلي‪.‬‬
‫المعنى الضيق ‪ ‬الطبيعة‪ ،‬كشكل أول‪ ،‬أولي للصيرورة الموضوعية‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وهو فاعلية اإلنسان المتخذ هد ًفا ضد المادية غير الجدلية وغير التاريخية‪.‬‬
‫إذن الفلسفة الماركسية مادية ‪ ،Materialist‬ألن المادة والوجود أوليان‬
‫وهي ديالكتيكية ‪ Dialectical‬ألنها تدرس العالم المادي ‪ Material world‬في‬
‫تطوره(‪.)63‬‬
‫وخال ًفا للمثالية التي تعتبر العالم تجس ًُّدا للفكرة المطلقة أو للعقل الكليِّ أو‬
‫للوعي تسير مادية ماركس الفلسفية من المبدأ القائل إن العالم‪ ،‬بطيعته‪ ،‬مادي‬
‫وإن حوادث العالم المتعددة هي مظاهر مختلفة للمادة المتحركة‪.‬‬

‫‪1118‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وخال ًفا للمثالية‪ ،‬التي تؤكد أن شعورنا – وحده ‪-‬هو الموجود واقعيًا‪،‬‬
‫وأن العالم المادي والكائن والطبيعة‪ ،‬ال توجد إال في إدراكنا وتخيالتنا ‪ ..‬تقوم‬
‫(المادية الفلسفية الماركسية) على مبدأ آخر‪ ،‬وهو أن المادة والطبيعة والكائن‪،‬‬
‫هي حقيقة موضوعية موجودة خارج اإلدراك والشعور(‪.)64‬‬
‫أما القوانين األساسية للجدل المادي ‪Basic Laws of Materialist‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ Dialectics‬فهي ‪:‬‬
‫(‪)65‬‬

‫قانون وحدة وصراع األضداد ‪The law of the unity and struggle of‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.opposits‬‬
‫قانون تحول التغير الكمي إلى كيفي ‪The law of the Transformation‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪.of quantitative of quantitative into qualitative change‬‬
‫قانون نفي النفي ‪.the law of the negation of negation‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وسوف نذكر‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬االنعكاسات األخالقية للديالكتيك المادي عند‬
‫ماركس‪.‬‬
‫ومن األهمية بمكان أن نعرض أن تصور ماركس للمادية(‪ )66‬قد تعرض‬
‫لعملية إساءة فهم جسيمة أكثر من أي مفهوم ماركسي آخر‪ ،‬فمن المعتقد –‬
‫بشكل كبير – أن ماركس يؤمن بأن الدافع السيكولوجي األعظم في اإلنسان إنما‬
‫هو ميله للراحة والكسب المادي يشكل الحافز الرئيسي في حياة اإلنسان الفردية‪،‬‬
‫وفي تطور الجنس البشري – كما يرى البعض‪.‬‬
‫(‪)67‬‬
‫‪Economic‬‬ ‫وهذا يقودنا – بالتبعية‪-‬الحديث عن المادية االقتصادية‬
‫‪ Material‬التي تعتبر مفهوما أحادي الجانب للتاريخ حيث يعتبر االقتصاد القوة‬
‫الوحيدة في التطور االجتماعي وال تعترف بأهمية السياسة واألفكار والنظريات‬
‫في العملية التاريخية ومن أنصارها برنشتاين في الغرب‪ ،‬والماركسيون‬
‫الشرعيون واالقتصاديون في روسيا‪.‬‬
‫أما موقف ماركس من المادية اآللية(‪ )68‬فهو واضح والمادية اآللية ‪..‬‬
‫تلك التي استطاع الماديون اإلغريق أن يناقشوا فيها طبيعة األشياء وكانت‬
‫أعمالهم نو ًعا من الشعر العلمي ‪ Scientific poetry‬ثم بالنظر إلى العبيد‬
‫والحركات االجتماعية وتطور العلم وتفكير الماديين وخاصة فيما يتعلق باآلالت‬
‫وفي التطبيقات الصناعية ‪.industrial applications‬‬

‫‪1119‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ويقول ماركس(‪ )69‬عن المادية اآللية والجدلية‪ :‬إن الطريقة الديالكتيكية‬
‫ليست فقط مختلفة عن الهيجلية‪ ،‬بل هي على طريقها المعاكس مباشرة‪.‬‬
‫في حين يرى البعض أن الفلسفة الماركسية معارضة للمادية اآللية(‪،)70‬‬
‫حيث ولدت في النصف الثاني من القرن (‪ )19‬واقتضت ظروف مولدها أن‬
‫تكون معارضة‪ ،‬منذ البدء‪ ،‬للفلسفات المادية اآللية التي سادت في القرن (‪)18‬‬
‫وأوائل (‪ )19‬ونعرف أن هلفيتوس والمتري من ممثلي المادية اآللية في القرن‬
‫(‪ .)18‬وكانا يقوالن بنظرية (اإلنسان آلة) َفر َّدا التفكير إلى الجسم ووضع‬
‫المتري نظرية مادية في األخالق‪ .‬وفي القرن (‪ )18‬وجدنا (كابانيه) يقول (أن‬
‫المخ يهضم‪ ،‬بكيفية ما‪ ،‬االنطباعات الحسية)‪.‬‬
‫لقد نبه ماركس وأنجلز عقم الفلسفات اآللية وتخلفها عن مجاراة العلم‬
‫في تطوره وعجزها عن تقديم شروح مالئمة لكثير من النتائج العلمية‪.‬‬
‫وفي النهاية‪ ،‬يأتي الحديث عن المادية التاريخية ‪Historical‬‬
‫‪.Materialism‬‬
‫في البداية يجب التعرف على نظرية ماركس في التاريخ(‪ .)71‬ومن‬
‫المعروف أن مالمح االشتراكية الماركسية المادية الديالكتيكية و(التفسير المادي‬
‫للتاريخ)(‪.)72‬‬
‫والمادية التاريخية هي علم فلسفي‪ ،‬يتناول بالبحث قوانين حياة أي‬
‫مجتمع وتطوره في إطار ما يميز تلك القوانين عن القوانين الشاملة للوجود‬
‫عمومًا‪ ،‬وهي أسلوب فلسفي في تحليل الظواهر االجتماعية يتجلّى في مراعاة‬
‫التناسب بين الموضوعي والذاتي‪ ،‬بين الظروف واإلنسان(‪ .)73‬إذن قوانين‬
‫التاريخ ظهرت من خالل التحليل العلمي الدقيق للمجتمع(‪.)74‬‬
‫‪ -2‬األخالق الماركسية (بناء أخالقي بمقوالت ماركسية)‬
‫أ‪ -‬مدخل عام‬
‫سوف نتناول فيه عدة نقاط من شأنها أن تكشف عن الحالة األخالقية في‬
‫الماركسية وهي‪:‬‬
‫النقطة األولى‬
‫إنسانية الماركسية – األخالق بين الفكر والعمل‬

‫‪1120‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫يتميز اإلنسان‪ ،‬عند ماركس‪ ،‬بمبدأ الحركة(‪ .)75‬إن مبدأ الحركة ال ينبغي‬
‫أن يفهم بشكل ميكانيكي بل كدافع لحيوية خالقة كطاقة‪ .‬إن ماركس يعتبر‬
‫العاطفة اإلنسانية (القوة الجوهرية لإلنسان‪ ،‬التي تندفع بقوة إلى موضوعها)‪.‬‬
‫تعقيب ‪ ‬هذا القول ضد ما يشاع عن موت العاطفة الماركسية فهل حلت‬
‫العاطفة –هنا‪ -‬محل العقل ‪ ..‬ال إنها توازنات ماركس التي لم يلتفت إليها أحد‪.‬‬
‫(‪)76‬‬
‫إن ماركس يبدأ في التعارض مع النزعة النسبية السوسيولوجية‬
‫بفكرة أن اإلنسان‪ ،‬بوصفه إنسا ًنا‪ ،‬هو كينونة قابلة للمعرفة واإلدراك أي ان‬
‫اإلنسان ككائن‪ ،‬من الممكن تحديده‪ ،‬ليس فقط‪ ،‬بيولوجيا‪ ،‬تشريحيًا‪ ،‬فسيولوجيًا‪،‬‬
‫ً‬
‫تجريدا‬ ‫وإنما –أيضًا‪-‬سيكولوجيًا(*)(*)‪ .‬وهذا المفهوم للطبيعة البشرية ليس‬
‫بالنسبة لماركس‪ ،‬مثله مثل هيجل‪ .‬إنه جوهر اإلنسان في تغايره عن األشكال‬
‫ً‬
‫تجريدا‬ ‫المتنوعة لوجوده التاريخي فيقول ماركس (إن جوهر اإلنسان ليس‬
‫متأصالً في كل فرد‪ ،‬على حدة)‪.‬‬
‫(‪)77‬‬
‫إذن ما هو اإلنسان الثري عند ماركس؟‬
‫طب ًقا لمفهوم ماركس عن اإلنسان الثري تنشأ رؤيته للفرق بين حس‬
‫الملكية وحس الوجود‪.‬‬
‫"لقد جعلتنا الملكية الخاصة أغبياء ومحدودين لدرجة أننا ال نعتبر‬
‫ً‬
‫موجودا بالنسبة لنا‬ ‫موضوعًا ما موضوعنا‪ ،‬إال عندما نملكه‪ ،‬عندما يكون‬
‫كرأسمال يؤكل – يشرب – يلبس – يسكن‪.‬‬
‫إن الماركسية(‪ ،)78‬وكما تجلت في رأس المال وبما أنها علم يقرأ نظام‬
‫الوجود االجتماعي هي نقطة البدء لتأكيد فلسفة قيم ترسخ إنسانية اإلنسان وتبعث‬
‫حريته المهدرة‪.‬‬
‫إن كون العلم هو المنطلق‪ ،‬يفرض على الفلسفة‪ ،‬بما هي بحث في‬
‫القيمة‪ ،‬تبرير وجودها‪ ،‬وتبرير إمكان الفعل القيمي في الوجود الحيادي‪.‬‬
‫تعقيب ‪ ‬يفهم من هذا الترسيخ أنها فلسفة إنسانية تعني بإنسانية الفرد‪ .‬وبالتالي‬
‫بأخالقه‪.‬‬
‫ولذلك وجدنا أن من بين تأكيدات ماركس(‪ )79‬الهامة هي مهمة اإلنسان‬
‫وهي مهمة أخالقية فمطلوب من اإلنسان أن يتطابق تمامًا مع الواقع‪ ،‬أن يصبح‬
‫ما هو أن يحقق ماهيته في مظهره‪ ،‬أن يتخذ نسق االختيار الوحيد الكلي‪ ،‬فهذا‬

‫‪1121‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫الموقف ‪-‬على األقل‪-‬له قوة قاعدة أخالقية كقوة قاعدة هندسية‪ ،‬فالماركسية تحمل‬
‫أخالقية‪ .‬ولكن مبنية فقط في مرحلة خاصة لحركة الواقع‪.‬‬
‫تعقيب ‪ ‬هنا نجد إشارة واضحة إلى أن األخالق جزء من حركة الواقع‬
‫والتاريخ والديمومة فهي ‪-‬إذن ‪-‬ليست أبدية وال أزلية‪.‬‬
‫وهنا البد من الحديث عن مكانة األخالق نظر ًيا وعمل ًيا من زاوية‬
‫ماركسية‪.‬‬
‫في البداية كانت األخالق عبارة عن محاولة تطبيق األحكام والمبادئ‬
‫النظرية المقبولة فلسفيًا على حياة الناس أكثر من أن تكون مسألة فلسفية ما‪ .‬وقد‬
‫ً‬
‫وحاثا على‬ ‫ً‬
‫واعظا بأنها شافية‪،‬‬ ‫دأب كل فيلسوف على إصدار (وصفة) أخالقية‬
‫تجربتها في الحياة ‪ ..‬ومن هنا صارت األخالق العملية إما مرتبطة بعلم‬
‫االجتماع المعروف بالسيوسيولوجيا أو محصورة بين دفتي كتاب من كتب‬
‫(آداب المعاشرة)(‪.)80‬‬
‫(‪)81‬‬
‫وهنا يمكن القول أنه ال تبدو عالقة الماركسية بفلسفة األخالق‬
‫وأسس األخالقيات الموضوعية للشيوعية مسائل عملية مستقلة‪ ،‬وعندما يتناول‬
‫الماركسيون‪ ،‬في الدول الصناعية المتقدمة بالفعل‪ ،‬فلسفة األخالق فإنهم يميلون‬
‫إلى التركيز على النقد الماركسي لألخالقيات مستخدمينه لتمييز (االشتراكية‬
‫العلمية) عن النزعة الخيرية غير العلمية عند الليبرالية والديمقراطية‬
‫االجتماعية‪ ،‬وحتى النقاد الجادون للماركسية مالم يكونوا هم منظري أخالقيات‬
‫يظنون أن العالقة الماركسية بفلسفة األخالق مسألة جانبية‪ .‬إن الجهد المعادي‬
‫للنزعة األخالقية في الماركسية األوربية لم يؤد إلى رفض شامل للمعايير‬
‫والواجبات والمبادئ أو نبذ كل الفروض األخالقية‪.‬‬
‫وهكذا كانت نظرية ماركس وانجلز ومازالت مرشد للعمل وليست‬
‫عقيدة جامدة وأن خطأ كارل كاوتسكي وأوتوبا أنهم لم يفهموا هذا األمر ‪.‬‬
‫(‪)82‬‬

‫النقطة الثانية‬
‫من القيمة االقتصادية إلى القيمة األخالقية‬
‫وطبقية األخالق‬
‫بحثا في الوجود‪ ،‬وال ً‬
‫بحثا في العمل الغائي ذاته‪ ،‬سواء‬ ‫إن الفلسفة ليست ً‬
‫كان فعالً أخالقيًا فرديًا‪ ،‬أو فعالً سياسيًا‪ ،‬أو فعالً فنيًا‪ ،‬وإنما هي بحث في القيمة‪،‬‬

‫‪1122‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫بحث في جدل القيمة مع الوجود‪ ،‬وبالتالي تهدف إلى استخالص القانون وبحث‬
‫يستهدف الوصول إلى القيمة المطلقة – كما يرى البعض(‪.)83‬‬
‫إن شكل القيمة‪ ،‬عند ماركس‪ ،‬هو التمثيل المادي لهيئة العمل في تحديد‬
‫المجتمع ‪ ..‬وهو يعني بذلك شكل القيمة (كتصور لإلنتاج)‪ .‬ولكن عندما نقول‬
‫المادة كتمثيل يعني شيًئ ا ما مختل ًفا أي نعني أن شكل القيمة‪ ،‬في وجودها كتمثيل‬
‫للتركيب االجتماعي ‪ Social constitutionl‬وشكل القيمة يحدد بنقد العمل ونقد‬
‫ً‬
‫بسيطا وخاصة تحليل االقتصاد‬ ‫العمل يأتي من خالل تحليله‪ ،‬وتحليل العمل ليس‬
‫السياسي‪ ،‬فليس من البساطة تحليل االيديولوجيا والقانون والدولة فكل هذا يتم‬
‫في إطار الحركات االجتماعية(‪.)84‬‬
‫ولذلك نجد بعض االقتصاديين الماركسيين يتحدثون كثيرً ا عن نظرية‬
‫العمل للقيمة‪ ،‬وتعريفها العام‪ .‬وهو ما عالجه ماركس في أدبياته من خالل‬
‫عرض مشكلة التحول (التغير)(‪.)85‬‬
‫في كتاب (توني) المجتمع المستغل حديث عن أن السعادة ليست بعيدة‪،‬‬
‫وفي سبيل الحصول عليها واجه العالم كثير من النتائج غير المنتظرة‪ ،‬والتي‬
‫تسبب متاعبه‪ ،‬كما كان انعدام الفرص االقتصادية سببًا في المتاعب االجتماعية‬
‫في القرن (‪ )18‬وإذا كانت إرادة الحصول على القوة االقتصادية صادرة عن‬
‫تصميم كاف فإنها تجلب الثراء إال ان التصميم يقضي على (القيود الخلقية) التي‬
‫يجب أن تحد من السعي وراء الغنى ولذا يجعل الجري وراء المادة ال معنى له‬
‫ضا‪ ،‬إذ أن ما يعطي األهمية للنشاط االقتصادي كأي نشاط آخر الهدف الذي‬ ‫أي ً‬
‫يوجه إليه ‪.‬‬
‫(‪)86‬‬

‫ومن هنا تحولت سلطة المال(‪ )87‬إلى مصدر قوة ونفوذ وهيمنة واستبداد‬
‫ً‬
‫أفرادا أو مؤسسات أو‬ ‫وطغيان أي مصدر للسيادة والتسلط بالنسبة لمن يملكونه‬
‫طبقات على حساب األفراد ومن قوانينها النمو ألجل النمو ‪La croissance‬‬
‫‪ pour la croissance‬واإلنتاج ألجل المنفعة ولذلك كان القتل والتدمير خاصية‬
‫جوهرية ومالزمة لسلطة رأس المال‪ .‬فقد نشأت السلطة على أنقاض اإلنسان‬
‫والطبيعة وقد أطلق عليهم جارودي أي على أصحاب السلطة من الرأسمالية‬
‫(القتلة) الذين يريدون التضحية بكل شيء في سبيل تحقيق غايتهم‪ ،‬وهو زيادة‬
‫الربح‪ .‬هذه التسمية هي (حفار القبور) ألنهم يتسببون في قتل الفقراء وهذا‬
‫التدمير هو ما جعله يطلق على هذه السلطة مصطلح (طاحونة الشيطان)‪ ،‬وهي‬
‫التي تخرب الطبيعة وتلوث الماء والهواء من خالل ممارستها االستغاللية(‪.)88‬‬

‫‪1123‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫أما بالنسبة لطبقية األخالق فإنها تأتي من خالل التعرف على اجتماعية‬
‫األخالق عند ماركس‪ :‬وهي تعني انعكاسا للمجتمع حيث يتكون المجتمع من‬
‫قسمين‪ :‬الجانب المادي المتمثل في نوع االقتصاد وحالة قوى اإلنتاج وشكل‬
‫ومسائل اإلنتاج ونمط العالقات اإلنتاجية االجتماعية‪ ،‬والقسم الثاني هو الجانب‬
‫الفكري والمعنوي الذي يتمثل في األساطير واالعتقادات واألخالق والفنون وكل‬
‫الدالئل تقول إن الجانب الثاني أو ما يسمى بالبناء الفوقي ينبع من ويقوم على‬
‫أساس األول أي البناء التحتي أو المادي‪.‬‬
‫إن التطور الفكري يرتبط باالقتصادي واالجتماعي الذي يستطيع أن‬
‫يفسر طبيعته وأسبابه(‪.)89‬‬
‫إذن‪ ،‬فإن كل قاعدة يقابلها بنيانها العلوي‪ ،‬وإذا تغيرت العالقات الطبقية‬
‫بين الناس‪ ،‬وتعدلت القاعدة التي يقوم عليها المجتمع أو انهارت وظهرت قاعدة‬
‫جديدة تغير البنيان العلوي القديم بدوره‪ ،‬وأسرع إلى إخالء مكانه لغيره(‪.)90‬‬
‫وهكذا شهدت المائة عام األخيرة حدوث تغيرات كبرى في البناء‬
‫االجتماعي للبالد الصناعية المتقدمة‪ ،‬ويمكن اعتبار تاريخ تلك الفترة – إلى حد‬
‫ما مؤثرً ا لنمو المساواة في مجاالت جديدة في الحياة االجتماعية أو نمو المواطنة‬
‫كما وصفه بعض الكتاب ومنهم ‪T.H Mar shall (Citizenship and social‬‬
‫‪ class) 1950‬كما اختفى مذهب الحرية االقتصادية المطلقة الذي كان أكثر‬
‫تطر ًفا من الواقع العملي(‪.)91‬‬
‫ومن هنا يقرر (بوتومور) أن الفروق الطبقية الموجودة في النظام‬
‫التربوي في (الهند) قائمة في كثير من المجتمعات‪ ،‬ففي كل مجتمع نظام للتدرج‬
‫االجتماعي وبالتالي يوجد تباين داخل النظام التربوي نفسه(‪.)92‬‬
‫وعند ماركس – نجد بوضوح – أن المادية الديالكتيكية تؤكد أن لكل‬
‫طبقة أخالقها ومصالحها‪ ،‬وأن لكل مجتمع طبقي أكثر من أخالق واحدة‪ ،‬بعكس‬
‫القوانين‪ ،‬فهي تعبر – عادة ‪-‬عن الطبقة الحاكمة‪ ،‬وما تراه لها من حقوق على‬
‫الطبقات المحكومة وواجبات لهؤالء تجاهها‪ ،‬بحيث تسلب األكثرية المستغلة‬
‫حقوقها وتحولها إلى متاع وآالت إنتاج ليس غير إذن فإن محاولة تبديل أخالق‬
‫لمجتمع معين ال تتم إال بتغيير البناء التحتي (األسس المادية االجتماعية)(‪.)93‬‬
‫إذن األخالق ليس إال أخالق طبقة وعندما يصل أنجلز إلى هذه النقطة‬
‫يلفت االنتباه إلى الوجه العقائدي األيديولوجي لألخالق‪ ..‬واقعة أن األخالق‬

‫‪1124‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫يمكن استخدامها لحماية المصالح الخاصة وتبريرها لطبقة ما ويؤمن بفكرة أنه‬
‫طالما كان المجتمع مقسمًا إلى طبقة تحكم وطبقة محكومة فإن تطبيق قواعد‬
‫األخالق يتجه إلى االكتفاء بحماية طبقة أو إلى اإلثقال على كاهل أجزاء معينة‬
‫في المجتمع(‪.)94‬‬
‫وهنا يجب اإلشارة إلى تأثيرات هيجل على ماركس في مسألة األخالق‬
‫االجتماعية واستنتاج ‪ Deduction‬األخالق االجتماعية من األخالقية عامة‪..‬‬
‫(‪.)95‬‬

‫‪1125‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫النقطة الثالثة‬
‫سؤال األخالق الماركسية‬
‫بين الوعي التقليدي والوعي التجديدي‬
‫في هذه النقطة نحاول كشف الغموض عن الموقف األخالقي الماركسي‬
‫وأسئلته ومنهجه ومشروعه‪ .‬وبالتالي المهمة الحقيقية للقيم األخالقية في‬
‫الماركسية‪.‬‬
‫يرى كامنكا في (األسس األخالقية للماركسية)(‪ )96‬أن العالقة بين‬
‫الماركسية وفلسفة األخالق يجري تناولها تلميحً ا ونادرً ا ما يجرى استكشافها‪،‬‬
‫والمجادالت حولها لم تقدم إال أحكامًا(*)(*) فيما يخص المسائل التضمينية فيها‬
‫وماركس نفسه لم يقدم شيء مخصصًا بشكل مباشر لمشكالت الفلسفة الخلقية‪.‬‬
‫ودليل ذلك ال يوجد تحليالً نقديًا لمعنى المصطلحات الخلقية أو أساس التفرقات‬
‫األخالقية‪ ،‬وال نجد بالفعل أنه تناول بعناية مفهوم اإللزام الخلقي أو معيار تميز‬
‫المطالب الخلقية عن غيرها من المطالب‪ .‬ولكنه من المؤكد أنه رفض بالفعل‬
‫تصور فلسفة األخالق باعتبارها علمًا معياريًا‪ ،‬لقد أنكر – بالمرة‪ -‬وجود قيم‬
‫ومعايير خارج العالم التجريبي للوقائع‪.‬‬
‫وكان ال يسأل عما ينبغي أن يكون‪ ،‬بل يسأل عما هو كائن‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فإن األجوبة‪ ،‬التي أدلى بها ظهرت في أعين الكثير من تالمذته ونقاده على أنها‬
‫أخالقية ودعائية أخالقية(‪.)97‬‬
‫وإن كنا نختلف مع بعض ما عرضه كامنكا بخصوص األخالق‬
‫الماركسية‪ ،‬إال أننا البد‪ ،‬لكي نستكشف حقيقة الموقف الخالقي عند ماركس‪ ،‬أن‬
‫نتعرف على أسئلة الماركسية عن القيم‪.‬‬
‫السؤال األول‪ )98( :‬عن كيفية الوصول لمستويات القيم األخالقية‬
‫والجمالية وعلى أي شيء يمكن تحديدها؟‬
‫السؤال الثاني‪ :‬منذ أصبحت هذه المستويات متنوعة فكيف يمكن لنا أن‬
‫نكتشف األشياء الصحيحة‪.‬‬
‫إذن سيبقى – دائمًا‪-‬السؤال حول موقف الماركسية من القيم(‪ ،)99‬حيث‬
‫توجد ثالثة أنواع من االقترابات األول ما هو الخير والشر‪ ،‬وما هو الجميل‬

‫‪1126‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫والقبيح وال توجد طريقة إلثبات إجابة واحدة هي الحقيقة ‪ True‬واألخرى فاسدة‬
‫‪False‬؛ ألنها موضوع الختالف المشاعر‪.‬‬
‫أما االقتراب الثاني فهو ميزة ‪ characteristic‬المؤسسة والنظام الديني‬
‫والقيم األخالقية هنا ال تخلق بواسطة اإلنسان بل يأمر بها إله معبود ما فوق‬
‫الطبيعة ‪ Super Mature deity‬وهي أبدية أزلية ‪ eternal‬وغير متغيرة‬
‫‪ Unchangeable‬وعلى اإلنسان أن يطيعها ‪ must obey‬ألنها إرادة هللا كما أن‬
‫العصيان والتمرد عليها يؤدي إلى عقاب اإلله ‪ God’s punishment‬بعد‬
‫الموت‪.‬‬
‫أما االقتراب الثالث فهو أن قيم اإلنسان ليست تح ّكمية تعسفية‪ ،‬فاإلنسان‬
‫هو الذي يخلق قِي َمهُ‪ .‬إنه يخلق قيم معينة‪ ،‬ويرفض أخرى وتحدد بواسطة العلل‬
‫‪ ،causes‬التي يكتشفها وقيمة الحقيقة إنما تحدد بواسطة طبيعته واحتياجاته‬
‫وإمكانياته ‪ ،potentialities‬وهو يطورها كموجود إنساني‪.‬‬
‫والماركسية تؤكد على االقتراب الثالث(‪ )100‬وتنحاز للمفكرين من‬
‫والفالسفة من أمثال أرسطو – اسبينوزا – هولباخ – كونت – جون ستيوارت‬
‫مل – ديوي‪.‬‬
‫ومن هنا ندرك أن ماركس(‪ )101‬ينفي علم األخالق التقليدي‪ ،‬وتبقى ‪-‬بعد‬
‫ذلك‪ -‬مسألة فعل اإلنسان وقواعده فما من شك في أن على اإلنسان أن يفعل‪.‬‬
‫فالماركسية هي نقد لكل علم أخالق تقليدي مبنىٍّ على ميل يتجاوز االختيار‬
‫(األمر المطلق – القانون اإللهي – القانون الطبيعي)‪.‬‬
‫ولذلك يؤكد (روبل)(‪ )102‬على أن علم األخالق الماركسي يتميز –سلبيًا‪-‬‬
‫بجهله األوامر األخالقية‪ ،‬وإيجابيًا‪ ،‬إن مسْ لكه برجماتي(*)(*) عملي بصورة‬
‫أساسية وهو يلتقي من خالل فيورباخ‪ ،‬بفكر أكبر جاهلي األوامر األخالقية وهو‬
‫اسبينوزا‪.‬‬
‫(‪)103‬‬
‫إذن كيف يمكن لإلنسان أن يختار قيمة في الماركسية؟‬
‫إنها تعتمد على الشخص الخالق المبدع ثم محاولة اختبارها‬
‫‪ examining‬من خالل التفكير فنختبر ما هو مقبول بالنسبة لنا‪ ،‬ثم نحاول أن‬
‫نتبعه من خالل ما هو األفضل‪ ،‬ألن اإلنسان هو صانع هذه الطرق‪ ..‬مثل ذلك‬
‫مثل الطعام فليس كل الطعام متشابه في الجودة إنه اختيار يعد عقليًا ‪rational‬‬
‫وعلميًا ‪ Scientific‬بتأثير الجوهر المعطى في نماذجه المختلفة للبشر‪ ،‬وحتى‬
‫‪1127‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫على مستوى الدول وظروف الحياة يمكن لنا تحديد ما هو الجيد‪ .‬هذه هي وجهة‬
‫نظر الماركسية‪.‬‬
‫وهذا ما يؤكد‪ ،‬عند ماركس‪ ،‬تلك العالقة الواضحة بين الوعي‬
‫واألخالق(‪ ..)104‬حيث يكون الوعي في موقف يحرر به نفسه من العالم‪ ،‬ويسير‬
‫بنفسه نحو تشكيل األشياء المجردة كالدين – الفلسفة – األخالق‪ ،‬وكل ما هو‬
‫نظري خالص لكن لو حدث وعارض الدين أو األخالق‪ ،‬أو الفلسفة أو كل ما‬
‫هو نظري‪ ،‬العالقات القائمة الموجودة‪ ،‬فإن هذا يعني أن العالقات االجتماعية‬
‫القائمة قد صارت إلى وضع تناقض قيمة مع قوى اإلنتاج القائمة وهذا األمر‬
‫يحدث في مجال العالقات القومية بظهور التناقض بين الوعي القومي ووعي‬
‫األمم األخرى‪.‬‬
‫وهنا يؤكد ماركس أن األخالقيات العقالنية والقانون العقالني مبادئ‬
‫للسلوك(‪.)105‬‬
‫إذن المهمة األخالقية المقصودة‪ ،‬عند ماركس‪ ،‬ليست سوى نداء ال‬
‫يقاوم‪ ،‬ال يمكن للبشر‪ ،‬في وضع معين‪ ،‬أن يتملصوا منه مجموعيًا على‬
‫األقل(‪.)106‬‬
‫إن فكرة الكل أو المجموع لها أهمية كبرى في صميم الفلسفة‬
‫الماركسية‪ ،‬وحسبنا أن نقول عن هذه الفلسفة أنها مادية تقول بالتغير وتؤمن‬
‫بالصيرورة وتفهم الديالكتيك سواء في األشياء أم في الفكر فالحقيقة عند‬
‫طابع نسبيٍّ مؤق ًتا‪ ،‬وبالتالي ال توجد أخالق أبدية كما ظن‬
‫ٍ‬ ‫الماركسيين ذات‬
‫الفالسفة بل إن األخالق هي أخالق طبقة من الطبقات ‪.‬‬
‫(‪)107‬‬

‫تعقيب ‪ ‬هذا الرأي مردود عليه فاألخالق غير متوحدة داخل الطبقة الواحدة‬
‫فهناك استثناءات غفلها ماركس وأنجلز‪ ،‬تتعلق بالفردانية والخصوصية‪ .‬ففي‬
‫داخل المجموع توجد األنا الجماعية واألنا الفردية‪.‬‬
‫فقد أصدر لوكاش(‪ )108‬كتابه (التكنيك واألخالق) وق َّدم فيه‪ ،‬ألول مرة‪،‬‬
‫في الفكر الماركسي محاولة لتأسيس فلسفة القيم في الممارسة الحزبية داخل‬
‫الحزب‪ ،‬وفي العالقة مع الجماهير وداخل عالقات اإلنتاج‪ .‬وكان يريد أن ينتقد‬
‫الممارسات االنتهازية واالستيالء على ممتلكات الشعب‪.‬‬
‫كما يمتدح لوكاش ‪ Lukacs‬سيمون دي بوفوار لقولها بأنه ليس هناك‬
‫مشكلة في هذا العصر‪ ،‬سوى مشكلة أخالقية واحدة هي ما رأيناه في الماركسية‬
‫‪1128‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وهناك مقالتان فلسفيتان تعالجان مشاكل العقيدة السياسية والعمل (أزمة األخالق‬
‫الماركسية) هذه هي المشكلة نفسها التي لفتت اهتمام سارتر أيضً ا‪ ،‬وهذه‬
‫المشكلة تعتبر‪ ،‬بالنسبة له‪ ،‬خطأ إيمانه المنهار سواء كان هذا الخطأ من قبل هذه‬
‫المشكلة – أم لم يكن تلك المشكلة‪ ،‬التي تبدو وقد بهرت إحساسه األخالقي في‬
‫االعتبارات األخرى(‪.)109‬‬
‫كما يقول كامو‪ :‬ينبغي أن نؤكد الجانب المشرق في األخالق الماركسية‪،‬‬
‫والتي كانت األساس الذي قام عليه الحكم الماركسي وعظمة كارل ماركس‬
‫نفسه‪ ،‬فماركس يعلي من قيمة العمل‪ ،‬وقد ذكر ماركس أصحاب االمتيازات بأن‬
‫امتيازاتهم لم تكن باالمتيازات الصادرة من السماء أن ما يملكونه ليس ح ًقا قدريًا‬
‫قد وهب لهم لألبد وفضحهم ماركس واتهمهم باإلجرام(‪.)110‬‬
‫إن األهداف اإلنسانية النبيلة من إلغاء الستغالل اإلنسان ألخيه اإلنسان‬
‫والقضاء على االغتراب وتحقيق أرقى أسباب الحرية والمعرفة والوفرة للفرد‬
‫والمجتمع‪ .‬إن هذه األهداف التي يحملها المشروع االشتراكي هي أهداف مفتقدة‬
‫في المشروع الليبرالي(‪.)111‬‬
‫ِّ‬
‫والمنظرين السوفيت قد بدأوا في إلحاح على‬ ‫فقد كان الحزب الشيوعي‬
‫أهمية فلسفة األخالق في الماركسية لدواعي سياسية واضحة وألن الماركسية‬
‫الراديكالية في العشرينات قد أصبحت غير مالئمة بشكل متزايد لمشكالتهم‪،‬‬
‫ً‬
‫متزايدا‬ ‫ومن زاوية أخرى فإن نقاد ماركس في أوربا الغربية قد أظهروا اهتمامًا‬
‫بالتصورات األخالقية الفلسفية وخاصة االغتراب(‪.)112‬‬
‫ومن هنا جاء التركيز على الفروق بين األخالق البرجوازية وأخالق‬
‫البروليتاريا ‪ ..‬أخالق البرجوازية تعكس مبادئها‪ ،‬وأساليبها أنانية وفردية‪،‬‬
‫وطريقة حياتها ال أخالقية؛ ألنها تتعارض مع المصالح المشتركة لإلنسانية‪ .‬ثم‬
‫أخالق االشتراكية (البروليتاريا) التي خلقت في ظل النظام القديم والمبادئ‬
‫األخالقية التقدمية(‪.)113‬‬
‫وسوف نقوم بتحليل نوعي األخالق فيما بعد؛ فقد كانت األخالق‪،‬‬
‫ومازالت‪ ،‬هي البحث عن توقير الحياة وتوكيدها إنها الحياة الكريمة للبشرية‪.‬‬
‫إن الحياة(‪ )114‬تنمو‪ .‬كما جاء في فلسفة الحضارة – من نفس الجذر‬
‫الذي ينمو منه توكيد العالم والحياة ألن األخالق ليست‪ ،‬هي األخرى‪ ،‬غير‬

‫‪1129‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫احترام للحياة‪ .‬وهذا ما يزودنا بالمبدأ األساسي في األخالقيات‪ ،‬ونعني بذلك أن‬
‫الخير هو في حفظ الحياة وترقيتها وأن الشر هو تحطيمها وتضييق أفقها‪.‬‬
‫أن معنى توقير الحياة(‪ respect of life )115‬أن يكون المرء في قبضة‬
‫أفراده الالمتناهية الالمفسرة الدافعة قُ ُدمًا‪ ،‬القائمة في الوجود إنها ترفعنا فوق كل‬
‫معرفة باألشياء وتجعلنا نصير مثل شجرة آمنة من التيارات‪ .‬ألنها مغروسة‬
‫وسط الجداول الجارية‪.‬‬
‫وذلك ألن البشر ال يقنعون باالكتفاء بعيش الحياة ولكنهم يرون أنفسهم‬
‫مضطرين إلى تقييم وجودهم‪ ،‬وتحديد هل يحيون حياة كريمة أم حياة بشعة‪ ،‬فهم‬
‫يسْ عون للحكم على قيمة األهداف(‪.)116‬‬
‫فهل األخالق بهذا عند ماركس لها الصفة الموضوعية؛ وما هو‬
‫قانونها الخلقي؟؟‬
‫إن األخالق الموضوعية ال تنتهي وال تختفي عند ماركس‪ ،‬وال يمكن‬
‫استبعاد تفسيرها (ما هو سيء بصفة عامة يظل سيًئ ا وال يهم الشخص الذي هو‬
‫صا أو موظ ًفا حكوميًا"(‪.)117‬‬
‫حامل للسوء‪ ،‬سواء كان ناق ًدا خا ً‬
‫أما القانون الخلقي(‪ Moral Law )118‬فهو مبدأ أخالقي في الفلسفة‬
‫المثالية يستخدم كقاعدة للسلوك‪ .‬وقد صاغ فولتير القانون الخلقي كقاعدة‬
‫لألخالق (عامل اآلخرين بمثل ما تريدهم أن يعاملوك به) وقدم كانط القانون‬
‫األخالقي باعتباره تنبيهًا أخالقيًا غير مشروط ال يحتاج إلى تبرير أخالقي‪ .‬أما‬
‫األخالق الماركسية فترفض نظرية القانون الخلقي باعتباره مقولة خارج‬
‫الطبقات والتاريخ‪.‬‬
‫ودليل ذلك أن نظرية ماركس(‪ )119‬ترتكز على صراع الطبقات وأن قوة‬
‫المذهب الماركسي ال تقوم على نظرته إلى التاريخ أو التنبؤات المستقبلية التي‬
‫يبنيها على هذه النظرية‪ ،‬بل على إدراكه الواضح بفعل الظروف االقتصادية‬
‫وتأثيرها في اإلنتاج (الفكري – الفني – الخلقي) على اإلنسان – كما يرى‬
‫سارتر‪.‬‬
‫ومما يؤكد على قيمة التفسير المادي للتاريخ وعالقته باألخالق(‪ )120‬هو‬
‫ما ذهب إليه كوتسكي ‪ kautsky‬من أن التفسير المادي للتاريخ هو أول تفسير‬
‫طرح على نحو متكامل المثال الخلقي على أنه العامل الموجه في الثورة‬
‫االجتماعية‪ .‬وأن هذه النظرية قد (علمتنا أن نستنبط أهدافنا االجتماعية من‬
‫‪1130‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫معرفة األسس المادية وحدها‪ ،‬فوضّحت لنا ما ينبغي أن نفعله في كتابه (فلسفة‬
‫األخالق والتفسير المادي للتاريخ)‪.‬‬
‫ومن خالل المنظور المادي للتاريخ وعالقته باألخالق يمكن النظر إلى‬
‫األخالق الماركسية نظرة تطورية‪.‬‬
‫(‪)121‬‬
‫والسؤال هو‪ :‬ما هي األخالق التطورية‬
‫هي اتجاه آلي في فلسفة األخالق أسسه سبنسر وكان من المؤمنين‬
‫بنظرية األخالق المتطورة في القرن (‪ )20‬المبادئ األساسية لألخالق التطورية‬
‫هي ينبغي أن يكون للسلوك األخالقي لإلنسان وظيفة التكيف مع األشياء‬
‫المحيطة‪ ،‬والعملية التطورية هي معيار األخالقيات وكل شيء يدعمها فهو خير‬
‫وكل شيء يعارضها فهو شر‪.‬‬
‫وتب ًعا لذلك نجد الهيجلية(‪ – )122‬التي تأثر بها ماركس – هي نظام‬
‫يصعب استخالص أخالق منه إال إذا كان القول يعيش الواقع عقالنيًا‪ ،‬وهذا ما‬
‫يعادل موقف العلم المطلق الجديد بفهم (التطور) بصورة كاملة‪.‬‬
‫الماركسية هي هيجلية حقيقية بحيث إنها تتمكن ‪-‬بصعوبة بالغة‪ -‬من‬
‫تقديم أساس أخالقي بالمعنى التقليدي‪.‬‬
‫عالقة المادية باألخالق‬
‫يرى البعض أن المادية تأخذ معنى الالأخالقية‪ ،‬إلى الرغبة العارمة في‬
‫الملذات واألفق الضيق الذي ينحصر في الحاجات المادية فقط(‪.)123‬‬
‫والسؤال هل هذا صحيح‪ ،‬طب ًقا لما عرضناه‪ ،‬عن األخالق الماركسية ‪..‬‬
‫إنه سؤال‪.‬‬
‫يفسر سارتر في (المادية والثورة)(‪ )124‬عالقة المادية باألخالق ‪ ..‬فقد‬
‫عرّ ف أوجيست كونت المادية بأنها المذهب الذي يحاول أن يفسر األعلى‬
‫بمفاهيم األدنى وكلمتا األعلى واألدنى ال يجب أن نفهمهما –هنا‪ -‬بمعناهما‬
‫األخالقي لكن كشكلين معقدين بصورة ما لنظام ما من النظم – كما ينظر‬
‫البعض إلى العالم على أنه أدنى منهم‪ ،‬كما تنظر الطبقة المضطهدة إلى نفسها‬
‫كطبقة أعلى‪.‬‬

‫‪1131‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وعند غوريون(‪ )125‬نجد أن طريقة إنتاج الحياة المادية تحكم العمليات‬
‫االجتماعية والسياسية والروحية للحياة عامة من أهمية استثنائية لفهم التطور‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫ويؤكد مكسيم جوركي(‪ )126‬على أن الشعب هو القوة التي تخلق القيم‬
‫المادية(*)(*)‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬المصدر الوحيد الذي ال ينضب لكل القيم الروحية‪،‬‬
‫فالشعب من قبل الشعراء والفالسفة‪ ،‬الذين ال يبارون في عبقريتهم اإلبداعية‪ ،‬هو‬
‫مؤلف أعظم الشعر والمآسي‪ ،‬التي قدر لها أن تكتب وأعظمها جميعً ا هو تاريخ‬
‫الثقافة اإلنسانية (وقد جاء ذلك في مقال بعنوان‪" :‬تحطيم الشخصية" كتبه‬
‫جوركي عام ‪ 1908‬ونشره عام ‪.)1909‬‬
‫إذن فإن معالجة األخالق وتطورها(‪ )127‬وتاريخ الفكر يصبح بال معنى‬
‫وال خطة إذا لم يكن على أساس معالجة تأريخية مستعرضة للتشكيالت‬
‫االقتصادية االجتماعية الكبرى‪ ،‬كما أن المبادئ الخلقية والحقوق الدستورية‬
‫والتشريعات القانونية ليست معايير عقالنية أو خالدة يسبق المجتمع ويحدد‬
‫طبيعته من أعلى‪ ،‬بل هي تنتج من طريقة الحياة ووسائل المعيشة والنشاطات‬
‫االجتماعية وليس العكس‪ ،‬ولذلك فإن المبادئ الخلقية والحقوق الدستورية‬
‫واألنظمة القانونية تتغير باستمرار‪.‬‬
‫إذن الحياة ليست مادية فقط عند الماركسيين‪ ،‬ودليل ذلك ما جاء به د‪.‬‬
‫زكريا إبراهيم في (مشكلة الحياة) (‪ )128‬فيقول‪ :‬حتى لو تصورنا الحياة على نحو‬
‫مادي صرف سواء أكانت هذه المادية ميكانيكية أم ديالكتيكية‪ ،‬فإننا لن نستطيع‬
‫أن نعد الحياة البشرية مجرد انعكاس لقوانين العالم المادي (الطبيعي) على‬
‫المجتمع البشري‪ ،‬ومن المعروف كيف َرحَّ ب الماركسيون ‪(-‬مثال)‪ -‬بنظرية‬
‫داروين في النشوء واالرتقاء‪ ،‬ولكننا نجد أن انجلز يرفض تفسير الوجود‬
‫البشري باالستناد إلى مبدأ الصراع من أجل البقاء‪ ،‬وحجته في ذلك أن هناك‬
‫فار ًقا أساسيًا بين نشاط الحيوان ونشاط اإلنسان‪ ،‬ألن كل ما يستطيع الحيوان‬
‫القيام به هو عملية (التجميع) في حين أن اإلنسان ينهض لعملية (اإلنتاج) فيجهز‬
‫بنفسه وسائل معيشته محق ًقا بذلك عملية ما كانت الطبيعة تستطيع القيام بها بدونه‬
‫ولذلك يرى انجلز أن داروين لم يفطن إلى أن الحياة البشرية ال تعني البحث عن‬
‫وسائل المعيشة بل تعني اإلنتاج واالستمتاع والترقي‪.‬‬
‫وفي النهاية ‪ ...‬إذا كانت المادية ال تعني نفي األخالق‪ ،‬فهل يمكن‬
‫اعتبار الماركسية فلسفة نفعية؟‬

‫‪1132‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫يرى كامنكا(‪ :)129‬أنه يوجد إيحاء خافت بوجود نزعة وسيلية‬
‫‪ instumentalism‬أي وجود نزعة برجماتية‪ ،‬بالمعنى الحقيقي‪ ،‬كامن في ربط‬
‫ماركس الحقيقة بالواقع (القوة) فإذا كان ماركس يقول إن العقائد الحقة تجري‬
‫البرهنة عليها‪ ،‬أو تتأكد –باألحرى‪ -‬في الممارسة في تناولنا‪ ،‬وتعاملنا مع‬
‫موضوعات هذه العقائد إذن فإن هذا يكون صحيحً ا‪ ،‬وإذا كان ماركس يقول ما‬
‫قاله البرجماتيون إن (كل س هو ص حقيقة) وهذا ال يعني سوى (أن كل س هو‬
‫ص هكذا في الممارسة)‪.‬‬
‫نظرة نهائية حول تأرجح األخالق الماركسية‬
‫بين القبول والرفض‬
‫مهما قيل عن زيف األخالق الماركسية من قِبل البعض إال أنها موجودة‬
‫وموجودة بعمق‪.‬‬
‫فقد استند البعض على زيف األخالق من خالل ما ورد في (البيان‬
‫الشيوعي)(‪ )130‬مثل (إن القانون واألخالق والدين ليست كلها‪ ،‬في نظر‬
‫البروليتاريا‪ ،‬إال أوهامًا برجوازية تؤمن بأهدافها وكل وسيلة تؤدي إلى هذه‬
‫الغاية هي خير‪ .‬إن النظام الخلقي في أي مجتمع وديانته وقوانينه ليست غير‬
‫جزء من بناء زائف أقامته ظروف اإلنتاج‪ ،‬فهي تترجم بالتالي إلى مصلحة‬
‫الطبقة السائدة)‪.‬‬
‫وأن معنى هذا أن القيم األخالقية‪ ،‬والمثل والمعايير إنما تمثل فقط تعاليم‬
‫الطبقة السائدة‪ ،‬وطبيعي أال تجد القيم الخالدة في العقائد الدينية مكا ًنا لها ضمن‬
‫اإلطار المادي عن األخالق‪ .‬فقد أعلن لينين ‪ 1920‬ان األخالق هي كل ما‬
‫يؤدي إلى هدم هذا المجتمع االستغاللي‪.‬‬
‫والحقيقة –عندنا‪ -‬أن السؤال عن األخالق الماركسية هو سؤال عن‬
‫وجود وتفعيل‪ ،‬ال عن عدم وغياب‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬نعم توجد أخالق ماركسية(‪ ،)131‬ويوجد مذهب أخالقي يختلف عن‬
‫األخالق التقليدية المرتبطة بالالهوت ويتحدث لينين عن األخالق الماركسية‬
‫ويتساءل هل توجد أخالق شيوعية؟ بديهي أنهم يزعمون أن ليس لنا أخالق‪.‬‬
‫وفي هذا خلط يشوش األفكار يزرع االضطراب في عقول العمال والفالحين‬
‫فبأي معنى ننكر األخالق ‪ ..‬إننا ننكر األخالق‪ ،‬التي تب ِّشر بها البرجوازية‪ ،‬في‬
‫دعواها أن األخالق مشتقة من أوامر هللا‪.‬‬

‫‪1133‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫إذن ليست الماركسية ً‬
‫محوا لألخالق والتاريخ يشهد بذلك(‪.)132‬‬
‫موقف الماركسية من الدين موقف تأملي وعالقته باألخالق‬
‫في البداية يجب التعرف على موقف فيورباخ من الدين هذا الموقف‬
‫الذي تأثر به ماركس إلى حد كبير‪..‬‬
‫فكان لكتاب فيورباخ (ماهية المسيحية)(‪ )133‬أهمية كبيرة وخاصة أنه أخذ‬
‫كمواصلة لحملة اليسار الهيجلي على الكنيسة الكاثوليكية شأنه شأن كتابي شتراوس‬
‫وباور ‪ ..‬وعن هذا الكتاب أخذ ماركس فكرة الصلة بين الماهية والحاجة‪.‬‬
‫وموقف فيورباخ من الدين(‪ )134‬ينطلق من واقعة أن الدين يجعل اإلنسان‬
‫غريبًا عن نفسه‪ ،‬ويشطر العالم إلى عالم ديني موضوع (مادة) التصورات‬
‫وعالم دنيوي ويقوم عمله على تحليل الدين في ركيزته الدنيوية‪ .‬وهذا األمر‬
‫تبرزه بوضوح هذه المالحظة في رأس المال (المجلد األول – الكتاب الثاني –‬
‫المنشورات االجتماعية – باريس ‪.)1967‬‬
‫ومن وجهة نظر ماركس(‪ ،)135‬ومن بعده مانهايم‪ ،‬هو بديل للعلوم‬
‫الطبيعية واالجتماعية‪ ،‬لقد نشأ الدين لزمن األدغال والمغاور من تخيالت بدائية‪،‬‬
‫ومن تخيالت أساء فيها اإلنسان الفهم لطبيعته الخاصة وللطبيعة الخارجية‬
‫(‪)136‬‬
‫المحيطة به ‪ ...‬أي أن الدين ال ينظر إليه كأيديولوجية عند ماركس‬
‫‪ Religionas Ideology‬ويأتي ذلك من تأثر ماركس بفيورباخ من زاوية‬
‫الجوهر اإلنساني والوجود المقدس‪ .‬ففي الدين اإلنسان يخلق هللا فيظهر اإلنسان‬
‫على أنه خالق ‪ creator‬ويعتبر هذا التصور هامًا للذاتية والموضوعية للخالق‬
‫والمخلوق وهو أصل للتصور الماركسي في االغتراب والعزلة‪.‬‬
‫إن التصورات الدينية(‪ )137‬عند ماركس في عداد الخيال االجتماعي‪.‬‬
‫ولكن ال ينبغي إعطاء هذا التعبير أي معنى تحقيري‪ ،‬فكل ما تقدم يرى بخالف‬
‫ذلك إلى إثبات أن الخيالي ينطوي على حقيقة‪ ،‬غير أن التصورات تنسق وفق‬
‫منطق الكالم‪ ،‬وأن النصوص المقدسة في معظمها تعبر بصورة أمثال وأساطير‪،‬‬
‫ومن ثم البد من تأويلها لتوضيح معناها الباطني‪ .‬ورسالة اإليمان قابلة لتأويالت‬
‫مختلفة وحتى متناقضة وقد استطاعت حث البشرية على الخضوع إلى التسليم‬
‫بالنظام القائم واستطاعت سوقهم إلى تحمل آالمهم باعتبارها مشيئة الرب ‪..‬‬
‫والحال هذه انتقد الماركسيون الدين ال كدين بل كأيديولوجية‪ ،‬ولذلك لم يجعل‬

‫‪1134‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ماركس وانجلز ال نظريًا وال عمليًا من الكفاح المناهض للدين هد ًفا ثوريًا كما‬
‫يرى ميشال‪.‬‬
‫ومن هنا جاء موقف ماركس(‪ )138‬من نقد للدولة الدينية وموقفه من العلم‬
‫الروحاني والتصوف‪.‬‬
‫ومن المعروف أن لماركس موافقاته على األفكار المسيحية في سنواته‬
‫الدراسية‪ ،‬والمرحلة الثانية معارضة للمسيحية ومجموعة معتقداتها في الوقت‬
‫الذي كان فيه طالبا في جامعة برلين‪ .‬أما المرحلة الثالثة فهي استخدام النقد‬
‫الديني عن طريق تحليل االقتصاد االجتماعي ‪.Socio- economic analysis‬‬
‫فقد ظهر ذلك في عام ‪.1472‬‬
‫والدين وجهة نظر أكاديمية برجوازية(‪ ،)139‬هو نظرة إلى الكون‬
‫وطريقة حياة محددة باإليمان بوجود إله أو ألوهية‪ ،‬هو شعور باالرتباط والتعلق‬
‫تجاه قوة سحرية مبجلة‪ ،‬إال أن هذا التعريف غير مفيد ألنه مثالي‪ ،‬ال يربط بين‬
‫الشعور والواقع وبين البناء الفوقي والعالقات االجتماعية‪.‬‬
‫ولذلك يقول انجلز – الدين انعكاس خيالي في رؤوس الناس لتلك‬
‫القوى الخارجية التي تتحكم بوجودهم اليومي‪.‬‬
‫ومن هنا فليس موقف الشيوعية(‪ )140‬المعادي لكل دين عداء ال هواده فيه‬
‫ظاهرة عرضية – كما يرى المؤلف – وإنما هي نابع من جوهر النظرة‬
‫الشيوعية العامة إلى الحياة ونظام الحكم الشيوعي نظرة متطرقة لتمجيد الدولة‪،‬‬
‫والشيوعيون يعلنون إلحادهم النضالي‪ ،‬والشيوعية هي عدو لكل أشكال الدين‬
‫وخاصة الدين المسيحي ال بوصفه نظامًا اجتماعيًا‪ ،‬وإنما باعتباره دي ًنا في حد‬
‫ذاته‪ ،‬ألنها تريد أن تكون نفسها دين وأن تحل محل المسيحية‪.‬‬
‫ومن هنا جاء قول اريك فروم(‪ )141‬بأن فلسفة ماركس مذهبٌ وجوديٌ‬
‫روحيٌّ بالمعنى غير الديني‪ ،‬إنها‪ ،‬يسبب هذه الخاصية الروحية بالذات‪،‬‬
‫تتعارض مع التجربة المادية العصرية وتتفارق كثيرً ا عن الفلسفة المادية السائدة‬
‫هذه األيام‪ ..‬إن االشتراكية مذهب (خالص نبؤي) حسب لغة القرن (‪.)19‬‬
‫في حين يرى البعض أن نقد ماركس للدين(‪ )142‬مطابق إلنكاره كل القيم‬
‫الروحية‪ .‬وقد بدا هذا األكثر وضوحً ا ألولئك الذين ي َّدعون أن اإليمان باهلل هو‬
‫شرط التوجه الروحاني‪ ،‬ولكنّ هذه التصورات الشائعة عن مادية ماركس‬
‫وعداءه للنزعات الروحية والنظم اإلنسانية هي صورة زائفة كليًا‪.‬‬

‫‪1135‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ومن هنا كان البد من مناقشة جملة ماركس الهامة الدين أفيون‬
‫الشعوب ‪ ..‬ألن ذلك سيؤسس للعالقة بين الدين واألخالق عند الماركسية‪.‬‬
‫كتب ماركس(‪" )143‬إن الشدة الدينية هي في جزء منها التعبير عن‬
‫الشدة الواقعية‪ ،‬وفي جزء آخر االحتجاج على الشدة الواقعية الدينية‪ ،‬وهو‬
‫تحسر اإلنسان المضطهد‪ ،‬حرارة عالم عديم الشفقة‪ ،‬مثلما هو روح األوضاع‬
‫االجتماعية التي ال مكان للروح منها‪ :‬إنه أفيون الشعوب"‪.‬‬
‫هذه العبارة (أفيون الشعب)(‪ )144‬كانت مادة تعليقات كثيرة يكشف –‬
‫أغلبها‪ -‬عن ال فهم كامل لفكر ماركس فهو تفسير‪ ،‬كإدانة قاسية‪ ،‬للدين‪ .‬وسياق‬
‫الكالم جاف بخالف ذلك إلقامة الدليل على أن هذه العبارة هي باألحرى (تقويم‬
‫مدحي) فمن المحتمل أن يذكر األفيون في أيامنا هذه بمخدر تالشى تأثيراته‬
‫اإلرادة والملكات الفكرية‪ ،‬لهذا الذي يستعمله‪ .‬وفي القرن (‪ )19‬كان دواء‬
‫يستعمل عادة في مختبرات األدوية كمسكن وتسميه الدين باألفيون كان‪ ،‬ببساطة‬
‫تذكيرً ا بالخاصيات المهدئة لآلالم اإلنسانية‪ ،‬وكان برها ًنا استخدمه بسعة علم‬
‫الدفاع عن العقائد المسيحية لمصلحة الخاصة‪.‬‬
‫إلى جانب أن هذه العبارة ليست ابتكارً ا لماركس بل لكانط (الذي ال‬
‫يخفي إيمانه الديني على أحد ففي (الدين في حدود العقل) يستخدم كانط في‬
‫الواقع هذه العبارة لإلشارة إلى المواساة التي يحملها الكهنة إلى فراش المشرفين‬
‫على الموت‪.‬‬
‫استغلت لتعطي معنى‬ ‫(‪)145‬‬
‫ومن هنا يمكن القول إن كلمة (أفيون)‬
‫ومغلوطا تمامًا كما فعل معارضو‬‫ً‬ ‫االستهانة بأن فسرت تفسيرً ا مغرضًا‬
‫ً‬
‫ا مضلال‪ ،‬بل فسروها بعكس ما أريد بها‬ ‫تفسيرً‬ ‫الماركسية‪ ،‬حين فسروا ماديتها‬
‫تمامًا‪ ،‬وواضح أن ماركس يقصد بأفيون الشعوب معنى (التنهيدة والتنفيس ال‬
‫التخدير) بل إن الذي قصده في كل ما جاء في الفقرة هو أن يقول إن البشرية‬
‫وجدت في الدين عزاءها فيما كابدت من شقاء وعانت من ظلم‪.‬‬
‫ومن هنا كان إلغاء الدين‪ ،‬عند ماركس‪ )146(،‬من أجل سعادة حقيقية؛ ألنّ‬
‫الدين سعادة وهمية للشعب‪ ،‬يعني عند ماركس المطالبة بالسعادة الحقيقية‬
‫والمطالبة بتخلِّيه عن األوهام في وضعه‪ ،‬تعني المطالبة بتخلِّيه عن وضع يحتاج‬
‫إلى أوهام‪ ،‬إذن فإن نقد الدين هو أصالً نقد وادي الدموع هذا الذي يشكل الدين‬
‫هالته‪.‬‬
‫أن القوة الرئيسية‪ ،‬التي تؤدي إلى التغيرات في‬ ‫(‪)147‬‬
‫ولهذا رأى ماركس‬
‫اإلدراك البشري والتنظيمات االجتماعية ال يمكن العثور عليها في العقل البشري‬

‫‪1136‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وال في أي فكرة سامية أو وحي مقدس‪ ،‬بل في الظروف المادية للوجود (إنتاج‬
‫ضروريات الحياة) الذي يعتمد على قوى اإلنتاج‪.‬‬
‫لذلك وجه ماركس اللوم إلى األخالق المسيحية‪ ،‬وخاصة حول الزهد‬
‫في نقده الديني‪ ،‬ولكن ماركس في نقده ال يهاجم األخالق المسيحية وحدها كما‬
‫هو يفهمها ‪ ..‬فالماركسية تنقد كل قيمة‪ ،‬كما تنقد كل حقيقة أزلية فال توجد حقيقة‬
‫مبررة إال في التطور التاريخي الفعلي‪ ،‬كما أنه ال يمكن أن يكون ثمة قيمة إال‬
‫مثبتة في هذا التطور‪.‬‬
‫تعقيب ‪ ‬ومن هنا فالحقيقة عند ماركس في باطن التاريخ فالماركسية بناء‬
‫على هدم وإبراز لصورة أخالقية خارج اإلطار التقليدي‪..‬‬
‫‪-4‬األخالق الماركسية بين االغتراب والنضال‬
‫أ‪-‬أخالق االغتراب والعزلة‬
‫إن مفهوم االغتراب(‪ Alienation )148‬يكشف عن تنوع استعماله وتعدد‬
‫معانيه‪ ،‬وبعض هذه المعاني تعاني من الغموض إلى درجة تكاد تنتفي معها‬
‫قيمتها العلمية‪ .‬وأن الجانب المعرفي ‪ Congnitive A spect‬لهذا المفهوم قد‬
‫تعرض لتحليل في عدة اختصاصات ومازال الباحثون المعاصرون يعلقون على‬
‫فحصه لتشخيص داللته‪.‬‬
‫واالغتراب بمعنى االنفصال – االغتراب بمعنى االنتقال – االغتراب بمعنى‬
‫الموضوعية – انعدام القدرة والسلطة – انعدام المعنى – تالشي المعايير‪.‬‬
‫وقد تعددت التحليالت(‪ )149‬اللغوية لكلمة اغتراب(*)(*) وخاصة داخل‬
‫السياقات المتعددة‪ .‬السياق القانوني – السياق النفسي واالجتماعي – السياق‬
‫الديني‪.‬‬
‫والسؤال هو هل االغتراب خاصية مميزة للوجود اإلنساني(‪ )150‬في‬
‫العالم أم أنه مرتبط بوجود اإلنسان في عالم تاريخي معين؟ أم أنه ظاهرة يمكن‬
‫التخلص منها ألنه يرجع باألصل إلى وجود بعض المالبسات واألوضاع‬
‫والظروف التاريخية‪ ،‬ويمكن تغييره إذا تغيرت الظروف االجتماعية‬
‫واالقتصادية؟‬
‫االغتراب –إذن‪ -‬هو ‪ ‬االنسالخ عن المجتمع والعزلة(*)(*) واالنعزال‪ .‬وقد‬
‫يضاف إلى هذا اإلخفاق في التكيف مع األوضاع السائدة في المجتمع والالمباالة‬
‫وعدم الشعورباالنتماء وبمغزى الحياة ‪ ..‬ومفهوم االغتراب قديم‪ ،‬وليس قاصرً ا‬

‫‪1137‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫على المجتمع الصناعي الحديث ‪ ..‬فاالغتراب ظاهرة إنسانية توجد في مختلف‬
‫أنماط الحياة االجتماعية وكل الثقافات كما أن لها أصول ميتافيزيقية قديمة‪.‬‬
‫كما يتناول تاريخ االغتراب موضوع رفض القيم السائدة الستحداث قيم‬
‫جديدة مثل ما قام به الثوريون من مغادرة أوطانهم فقد عانوا تجربة االغتراب‪.‬‬
‫إرهاصات االغتراب بين هيجل وفيورباخ‬
‫يجمع الباحثون على أن هيجل ‪ 1831-1770‬هو أول من استخدم في‬
‫مقصودا ومفص ً‬
‫ال‪ ،‬ومع تزايد البحث في‬ ‫ً‬ ‫فلسفته مصطلح االغتراب استخدامًا منهجيًا‬
‫تأثير هيجل على من جاءوا من الفالسفة الذين أخذوا عنه هذا المصطلح‪ ،‬تزايد‬
‫البحث في االتجاه العكسي‪ ،‬أي تأثر هيجل بالسابقين أو المعاصرين له(‪.)151‬‬
‫واالغتراب في الفلسفة الهيجلية‪ )152(،‬يعني االستالب أيضً ا‪ ،‬وقد‬
‫اعتمدها هيجل في التعبير عن تصوره واقع الوجود بأنه ظاهرة استلبت أو‬
‫انتزعت من ماهيتها التي هي الفكرة المجردة أو الحقيقة المطلقة‪ ،‬فالوجود لهذا‬
‫في (غربة) افتقد بها حقيقته‪ ،‬وصار يسعى عبر الزمن أو التاريخ إلى استعادتها‬
‫أي ان الوجود نقص افتقد جوهره أو روحه‪ ،‬وراح يسعى بالتغيير المتواصل‬
‫إلى استعادتها‪.‬‬
‫ولذلك يعتبر هيجل(‪ )153‬هو المفكر الذي أغنى مفهوم االغتراب حيث‬
‫اعتبر تاريخ اإلنسان هو تاريخ االغتراب فهو يكتب في فلسفة التاريخ "إن ما‬
‫يسعى العقل حقيقة من أجله‪ ،‬هو تحقق فكرته‪ ،‬ولكنه في فعل ذلك‪ ،‬يقوم بإخفاء‬
‫ذاك الهدف عن رؤيته‪ ،‬ويكون فخورً ا وراضيًا عن هذا االغتراب عن جوهره"‪.‬‬
‫ومن هنا كان تأثير تفكير هيجل االغترابي على ماركس وهو ما سوف‬
‫نلمسه حين نتناول اغتراب ماركس‪.‬‬
‫أما بالنسبة لفيورباخ(‪ –)154‬والذي تأثر به ماركس كثيرً ا – فيرى أن‬
‫االغتراب هو سلب اإلنسان لنفسه وتعرية نفسه بنفسه وإضاعته لنفسه‪.‬‬
‫واالغتراب هو سيطرة الموضوع على الذات وسيطرة المن َتج (بفتح التاء) على‬
‫المنتِج (بكسر التاء) ويستخدم االغتراب‪ ،‬عند فيورباخ‪ ،‬على اإلنسان عمومًا‬
‫كوحدة مجردة‪.‬‬
‫وقد قام ماركس(‪ )155‬بانتقاد فيورباخ‪ ،‬وخاصة في االغتراب الديني فقد‬
‫أرجع فيورباخ االغتراب الديني إلى اغتراب الماهية اإلنسانية‪ ،‬فالكائن المقدس‬
‫أو هللا ليس شيًئ ا آخر سوى الوجود اإلنساني بعد أن تم تنقيته وتطهيره من كل‬
‫‪1138‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫النقائص اإلنسانية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فإن كل الصفات التي ننسبها إلى الطبيعة المقدسة‬
‫هي صفات الكائن اإلنساني‪ .‬والحل الذي يقدمه فيورباخ يبدو في رأي ماركس‬
‫حالً ساذجً ا ألنه يتعاطى عن حذر المشكلة باعتبار أن هذا االغتراب الديني ينشأ‬
‫عن تناقضات اجتماعية واقتصادية فالبؤس األرضي هو الذي يخلق الفردوس‬
‫السماوي‪.‬‬

‫‪1139‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫خصوصية الرؤية الماركسية االغترابية‬


‫لقد ورد مصطلح االغتراب‪ ،‬عند ماركس‪ ،‬في مؤلفاته التي تعرف‬
‫بمؤلفات الشباب مثل المخطوطات االقتصادية والفلسفية والتي كتبها ‪1844‬‬
‫والتي نشرت بعد وفاته (األيديولوجية األلمانية) ‪ .1845‬وأما مؤلفات سن‬
‫النضج مثل (مساهمة في نقد االقتصاد السياسي) و(رأس المال) ‪1876-1864‬‬
‫قد خلت من ذكر مصطلح‪ :‬االغتراب‪.‬‬
‫وقد اهتم ماركس باالغتراب االقتصادي الذي يعد َّه أصالً لجميع أنواع‬
‫االغتراب األخرى(‪.)156‬‬
‫ويعتبر ماركس من رواد البحث الهادف لتحليل مفهوم االغتراب الذي‬
‫منحه طابعً ا إمبريقيًا وسوسيولوجيا بعد أن كان مفهومًا ميتافيزيقيا والهوتيًا‪ ،‬وقد‬
‫برز اهتمام ماركس بهذا المفهوم بصورة خاصة في مؤلفه (مسودات اقتصادية‬
‫وفلسفية ‪ Economic and philosophical Manuscript‬المنشور عام‬
‫‪.)157(1844‬‬
‫ويرى كامنكا(‪ :)158‬أن مفهوم االغتراب عند ماركس له معنى أبعد حيث‬
‫يعطيه دورً ا أساسيًا في جدله االجتماعي أنه وهو يرى االغتراب على أنه ماهية‬
‫الحياة االقتصادية في شكلها االقتصادي السياسي‪ ،‬قد سعى إلى رد جميع‬
‫تناقضات الحياة االقتصادية إلى حقيقة واحدة‪ :‬االغتراب الذاتي اإلنساني المعبر‬
‫عنه في الملكية الخاصة ومحو هذه الملكية عنده يعني حل التناقضات في‬
‫المجتمع العقالني لإلنسان الالمغترب الكامل ‪.‬‬
‫إذن ما هي عالقة الذات والموضوع في االغتراب الماركسي سؤال؟‬
‫إن االغتراب أو االنخالع يعني‪ ،‬بالنسبة لماركس(‪ :)159‬أن اإلنسان ال‬
‫يمارس ذاته كقوة فعالة في عملية فهمه للعالم‪ ،‬بل كون العالم (الطبيعة –‬
‫اآلخرون –هو ذاته) مازال مغرَّ بًا بالنسبة لإلنسان إنها تقف فوقه وضده‬
‫كأشياء ‪ ..‬إن االغتراب هو –جوهريًا‪ -‬ممارسة للعالم وللذات بشكل سلبي كما‬
‫لو (أن الذات هي في حالة انفصال عن الموضوع)‪.‬‬
‫ومن هنا يرى ماركس أن االغتراب هو النقص في التحقق الذاتي(‪Al)160‬‬
‫‪ ienation lack of Self realization‬ولذلك يرى ماركس أن الحياة الجيدة‬
‫للفرد كانت دائمًا واحدة من النشاط المتعلق بتحقق الذات وال تستطيع الرأسمالية‬
‫أن تقوم بذلك أما في الشيوعية‪ ،‬فسوف يستطيع اإلنسان أن يعيش حياة إيجابية‬
‫‪1140‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫إنهاحياة (التحقق الذاتي) والتحقق هذا يم ّكننا من العيش بامتالء وحرية من خالل‬
‫القدرات الخاصة بكل فرد‪.‬‬
‫والمسألة األولى في الغربة(‪ ،)161‬التي صاغ كارل ماركس قانونها‬
‫األساسي بقوله (بقدر ما يزيد ما عندك بقدر ما يتناقض كيانك‪ ،‬فعالم الملكية‬
‫والغربة الذي تتخذ فيه العالقات اإلنسانية مظهر األشياء المنفصلة عن اإلنسان‬
‫المعادية له والمسيطرة عليه يطبق بكل ثقله على الكائن ويقف في وجه‬
‫الظالم ‪ ..‬وهذا التناقض قائم في قلب اإلنسانية البرجوازية من أيام جوته حتى‬
‫سان جون بيرس‪.‬‬
‫فقد حاول ماركس(‪ )162‬التمييز بين التموضع‪ ،‬أو باصطالح هيجل‪،‬‬
‫التخارج من جهة واالغتراب من جهة أخرى‪ ،‬فالتموضع‪ ،‬في نظره‪ ،‬هو الجانب‬
‫اإليجابي للعمل أي تخارج قوى اإلنسان وإرادته على نحو يكتسب معه عمل‬
‫الفرد طابعًا اجتماعيًا‪ ،‬أما االغتراب فهو الجانب السلبي للعمل‪ ،‬وال ينشأ عند‬
‫ماركس إال في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية تقوم على الملكية الخاصة‬
‫واالستغالل ‪..‬‬
‫ومما ال شك فيه أن ماركس يؤكد على أن االغتراب يؤدي إلى فساد كل‬
‫القيم(‪ )163‬فيجعل االقتصاد وقيمة الكسب والعمل والتوفير هي الهدف األعلى‬
‫للحياة مما يفشل اإلنسان في تطوير القيم األخالقية واقعيًا (غنى الضمير الطيب‬
‫وغنى الفضيلة وغيرها)‪.‬‬
‫ولكن كيف يمكن أن أكون فاضالً‪ ،‬إن لم أكن حيًا‪ ،‬وكيف يمكن أن أملك‬
‫ضميرً ا طيبًا إذا لم أكن مدر ًكا ألي شيء‪.‬‬
‫ففي دولة االغتراب يكون كل ميدان من ميادين الحياة في الجانب‬
‫االقتصادي واألخالقي مستقالً عن اآلخر‪.‬‬
‫ومن هنا كانت فلسفة ماركس(‪ ،)164‬كحال معظم اإلنتاج الفكري‬
‫الوجودي احتجاجً ا ضد اغتراب اإلنسان وتحوله إلى شيء‪ ،‬كما أنها حركة تقف‬
‫في وجه عملية تشويه إنسانية اإلنسان وتحوله إلى آلة هذا األمر الذي تأصل‬
‫خالل عملية تطور الثورة الصناعية الغربية‪.‬‬

‫‪1141‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫منظومة اغترابية في ضوء أوضاع اقتصادية‬


‫(االغتراب منتج طبيعي في مجتمع رأسمالي)‬
‫لقد تحول اإلنسان إلى سلعة‪ ،‬واغترابه عن نفسه أنه يعيش قوى حياته‪،‬‬
‫على أنها مستثمرة‪ ،‬يجب أن تحمل له أقصى ربح ممكن بشرط السوق القائمة‬
‫أن العالقات اإلنسانية هي –أسا ًسا‪ -‬تلك العالقات الخاصة باألجهزة اآللية‬
‫ً‬
‫المغتربة‪ ،‬كل منها يقيم أمنه على البقاء قرب القطيع وعلى أال يكون مختلفا في‬
‫جدا من الصورة التي‬ ‫الفكر والمشاعر والسلوك‪ .‬إن اإلنسان الحديث قريب ً‬
‫جيدا ويشبع رغباته‬ ‫رسمها (هكسلي) في (العالم الجديد الشجاع) يتغذى ويكتسي ً‬
‫الجنسية ومع هذا فهو بال نفس(‪..)165‬‬
‫إن المجتمع الرأسمالي الحديث تنظيم من االستعراضات ‪Spectacles‬‬
‫بأنه لحظة مجمدة من التاريخ‪ ،‬من المستحيل فيها أن تخبر الحياة الواقعية أو‬
‫تشارك بفاعلية في بناء العالم المعيش‪ .‬وقد جادل البعض بأن االستالب‬
‫‪ alienation‬المحوري بالنسبة للمجتمع الطبقي واإلنتاج الراسمالي قد تخلل كل‬
‫مجاالت الحياة االجتماعية والمعرفة والثقافة‪ .‬والنتيجة هي أن الناس أصبحوا‬
‫مستلبين ليس فقط من السلع التي ينتجونها ويستهلكونها بل عن نفس خبراتهم‬
‫ومشاعرهم‪ ..‬وتبعً ا ألوصاف ماركس فكل عمل ينجز في إطار الرأسمالية بأدائه‬
‫ليس لكي يشبع حاجة بل كوسيلة إشباع حاجات أخرى هو خارجي وغريب‬
‫(منبوذ مثل الطاعون)(‪.)166‬‬
‫إذن موضوع الغربة عند ماركس يتمثل في النظام الرأسمالي باستالب‬
‫العمل واغتراب العامل(‪.)167‬‬
‫إن عملية االغتراب يتم التعبير عنها في العمل‪ ،‬وفي تقسيم العمل‪،‬‬
‫فالعمل بالنسبة له هو التواصل الفعال لإلنسان مع الطبيعة‪ ،‬وخلق عالم جديد بما‬
‫فيه خلق اإلنسان لذاته‪ ،‬إال أنه عبر تطور الملكية الخاصة وتقسيم العمل يفقد‬
‫العمل صفته كتعبير عن طاقات اإلنسان ومشروعه‪ ،‬ويكون العمل (مغريًا)‬
‫لكونه توقف عن أن يكون جزءًا من طبيعة العامل وبالتالي ال يحقق ذاته في‬
‫عمله ويكون لديه شعورً ا بالبؤس أكثر من شعوره ككائن طبيعي (معافى)‪ ..‬ففي‬
‫العمل الالمغرب‪ ،‬ال يحقق اإلنسان ذاته كفرد فقط‪ ،‬وإنما –أيضً ا‪ -‬ذاته ككائن‬
‫نوعي ولذلك يرى ماركس أن انعتاق العمال يعني انعتاق اإلنسانية ككل(‪.)168‬‬

‫‪1142‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وذلك ألن العالقات السلعية هي المنتشرة وتختزل البشر إلى السلع التي‬
‫يمتلكونها مظهرً ا كميًا متشيًئ ا يماثل وقائع العلم الطبيعي(‪.)169‬‬
‫ولذلك يجد ماركس ثالثة عيوب رئيسية للرأسمالية(‪ )170‬أوالً عدم األهلية‬
‫‪ inefficiency‬واالستغالل ‪ exploitation‬واالغتراب ‪ alienation‬وهي توضح‬
‫الخطر القادم من الرأسمالية ومن هنا كانت هناك أسباب عديدة إلبطال‬
‫الرأسمالية نهائيًا‪ .‬وقد جعل الشيوعية تمحو االغتراب ‪abolish alienation‬‬
‫حتى الماركسيين الجدد في المدرسة الفرانكفونية ناقشوا أسوأ ما في الرأسمالية‪،‬‬
‫التي تجعل البشر يصِ لُون لدرجة أنهم ال يعلمون أنهم مغتربون ‪They are‬‬
‫‪ alienated‬ومن هنا تحاول الماركسية تحديد الفروق بين الحاجات العملية‬
‫‪ Actual needs‬والحاجات المُرْ ضِ ية (ال ُم ْقنِعة) ‪.Satisfied needs‬‬
‫ويخضع األفراد لألشياء في الرأسمالية(‪ )171‬وتصبح هذه األشياء‬
‫متح ّكمة في األفعال البشرية‪ ،‬وبذلك يصير األفراد ُخ ْدامًا لعالم السلع‪ ،‬ولقد‬
‫صارت السلعة‪ ،‬على الرغم من إنتاجها بأيد بشرية‪ ،‬عبارة عن معبود أو وثن‬
‫يتحكم في منتجه البشري واإلنسان‪.‬‬
‫وقد تحدث ماركس عن الصبغة الوهمية التي تتصل بالسلع فقال‪" :‬تعتبر‬
‫الصبغة الوهمية للسلع نتيجة للصبغة االجتماعية للعمل الذي ينتج السلع‪ ،‬وأن‬
‫العالقات االجتماعية الخاصة بين الناس هي التي تكتسب هنا الشكل الوهمي‬
‫لعالقة تقوم بين األشياء‪.‬‬
‫لقد اكتسبت النقود سلطا ًنا على اإلنسان وأخذت تتمتع – بالتالي‪ -‬بطغيان‬
‫مضارع طغيان إبليس‪.‬‬
‫وقد أكد هربرت ماركيوز(‪ )172‬ذلك‪ ،‬حيث وجد أن العامل في ظل‬
‫الرأسمالية يغترب حين يعجز عن االهتداء إلى ذاته وإلى الهدف من عمله في‬
‫ظل قوى ال شخصية مجهولة هي قوة (رأس المال) وتقلبات (السوق)‪.‬‬
‫على وجود تناقضات اجتماعية ‪Social‬‬ ‫كما يؤكد ‪Rogar‬‬
‫(‪)173‬‬

‫‪ contradicitions‬بين الرأسمالية والعمال (البروليتاريا)‪ ،‬وبينهم وبين العالم‬


‫الثالث الذي يعتمد على استغالل هذه المجموعات من البشر‪ .‬وقد عالجت‬
‫الماركسية األصيلة ذلك ‪ ..‬ومن هنا يحدث االغتراب بين عمال العالم األول‬
‫وتكريس الرأسمالية الستغالل العالم الثالث نتيجة طبيعية لذلك‪ ،‬يؤدي إلى ثورة‬
‫العالم الثالث‪ ..‬واألمل معقود على تحرر العالم الثالث من خالل النشاط‬

‫‪1143‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫(‪)174‬‬
‫والسؤال ما هو حال االغتراب في المجتمع االشتراكي؟‬
‫توجد في التجارب االشتراكية بيروقراطية وفساد وقيود على‬
‫الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير ولكنه هذا كله كان يهون إزاء ما تقدمه هذه‬
‫التجارب لنا من مساندات سياسية وعسكرية لقضايانا النضالية ومساعدات‬
‫اقتصادية وثقافية لخططنا التنموية‪ ،‬وإزاء ما كانت تمثله في ضمائرنا وعقولنا‬
‫من بديل اجتماعي إنساني تقدمي نبيل باهر خال من (االستغالل واالغتراب)‬
‫واألزمات في مواجهة عالم رأسمالي استعماري يحتل ويعتدي وسبب ما نحن‬
‫فيه هو أننا اغتربنا عن الواقع بذات النظرية التي من المفروض أن تحررنا من‬
‫االغتراب ألننا ألغينا الواقع بالنظرية والمثال ولم نختبر النظرية المثال بالواقع‪.‬‬
‫إذن يمكن القول إن تجاوز االغتراب(‪ )175‬الكامل لإلنسان المتحقق في‬
‫البروليتاريا ال يتم إال في مجتمع مشاعي‪ ،‬وهو أمر تصوره من قبل فيورباخ‬
‫وهيس ‪ ..‬ولكن لدى ماركس البروليتاريا هي مبدعة فعل التحرر بالثورة‬
‫الشيوعية‪ ..‬الثورة الشيوعية عند ماركس هي التحرر من االغتراب‪ ،‬لكن ليس‬
‫االغتراب الديني عند فيورباخ‪ ،‬وإنما االغتراب السلعي كما حلله االشتراكيون‬
‫الفرنسيون‪ ،‬فاإللحاد ال يضع نهاية لالغتراب‪ .‬إن اإلنسان الحديث جعل نفسه‬
‫ً‬
‫ساجدا أمامها للحصول على‬ ‫فصاميًا يغترب ألنه يصنع السلطة بيديه‪ ،‬ثم يخر‬
‫أي نصيب منها‪.‬‬
‫وذلك ألن العامل – كما يقول ماركس في إحدى رسائله – (يصنع‬
‫البندقية‪ ،‬فتؤخذ منه‪ ،‬ثم تديرها الشرطة إلى نحره)‪ .‬ولهذا االغتراب أراد‬
‫ماركس أن يضع ً‬
‫حدا‪.‬‬
‫ولذلك فإن الشيوعية(‪ )176‬هي اإللغاء اإليجابي للملكية الخاصة‬
‫لالغتراب الذاتي‪ ،‬وبالتالي فهي االمتالك الواقعي للطبيعة اإلنسانية بواسطة‬
‫اإلنسان ومن أجله‪ ،‬إنها عودة اإلنسان بذاته‪ ،‬ككائن اجتماعي إنساني واقعي‪،‬‬
‫إنها عودة واعية وكاملة تستوعب كل ثروة التطور السابق‪.‬‬
‫وذلك باختصار ألن مفهوم ماركس لالشتراكية(‪ )177‬هو االنعتاق من‬
‫االغتراب‪ ،‬وعودة اإلنسان لذاته وتحققها الفعلي‪.‬‬
‫وفي النهاية(‪  )178‬فقد انتقد االغتراب عند ماركس من قبل البعض‬
‫فنجد القول بأن مفهوم ماركس عن االغتراب‪ ،‬الذي يعتقد فيه أن الطبقة العاملة‬
‫هي الطبقة األكثر اغترابًا‪ .‬ومن هنا فإن االنعتاق من االغتراب يتطلب‪،‬‬
‫بالضرورة‪ ،‬البدء بتحرير هذه الطبقة ‪ ..‬إال أن ماركس لم يستطع التنبؤ بالدرجة‬

‫‪1144‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫التي سيصبح فيها االغتراب هو قدر الغالبية الساحقة من الناس‪ ،‬وخصوصًا‬
‫المجتمع الذي يتعامل مع الرموز والبشر أكثر من تعامله مع اآلالت‪.‬‬
‫ب‪ -‬الماركسية أخالق نضالية‬
‫إذا كانت الماركسية ليست فلسفة‪ ،‬لكن هناك فلسفة ماركسية – كما يقول‬
‫البعض – ولما كانت الماركسية تربط الفكر بالنضال فإن كثيرً ا من المفكرين‬
‫الماركسيين العظام هم مناضلون عظام أيضً ا (ماركس – انجلز – لينين –‬
‫ماوتسي تونج) وغيرهم‪ .‬خاض هؤالء (المناضلون المفكرون غمار معارك‬
‫كثيرة شغلت جزءًا كبيرً ا من كتاباتهم وتركت لهم على مهام النضال أو النقاش‬
‫العاجلة‪ ،‬ولذلك ال توجد الفلسفة الماركسية في الكتب المخصصة لها فقط‪ ،‬بل‬
‫ضا‪ -‬في طيّات الكتابات األخرى التي قد ال تكون الفلسفة موضوعها‬ ‫نجدها –أي ً‬
‫‪..‬‬ ‫(‪)179‬‬
‫األساسي‬
‫ولذلك نجد في أعوام ‪( 1890 -1880‬عهد نضال الماركسيين) ضد‬
‫الشعبيين ‪ ..‬كانت البروليتاريا في روسيا أقلية ضئيلة بالنسبة إلى جماهير‬
‫الفالحين الفرديين الذين كانوا يؤلفون أكثرية السكان الكبرى‪ ،‬لكن البروليتاريا‬
‫كانت تتطور من حيث هي طبقة‪ ،‬بينما كانت جماهير الفالحين من حيث هي‬
‫طبقة في انحالل‪ ،‬ونظرً ا ألن البروليتاريا كانت تتطور من حيث هي طبقة‪،‬‬
‫أسس الماركسيون عملهم عليها‪ ،‬وهم لم يخطئوا في ذلك‪ ،‬ألنه من المعلوم أن‬
‫البروليتاريا التي لم تكن سوى قوة قليلة األهمية أصبحت – فيما بعد – قوة‬
‫تاريخية وسياسية من الدرجة األولى(‪.)180‬‬
‫إذن ما هو النضال الطبقي؟‬
‫إنه نضال قسم من الشعب ضد قسم آخر نضال جماهير المحرومين من‬
‫الحقوق والمظلومين من الشغيلة ضد أصحاب االمتيازات والظالمين والطفيليين‪،‬‬
‫نضال العمال األجراء أو البروليتاريا ضد المالكين أو البرجوازية‪.‬‬
‫إن هذا (النضال الكبير) كان موجو ًدا دائمًا وما يزال موجو ًدا في‬
‫األرياف الروسية‪ ،‬فمنذ زمن بعيد كان الفالحون يناضلون ضد ظالميهم‪ ،‬ضد‬
‫طبقة المّالكين العقاريين‪ ،‬الذين تحميهم حكومة القيصر‪ ،‬وتدافع عنهم ورغم ذلك‬
‫كانوا (يناضلون)(‪.)181‬‬

‫‪1145‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ومن المعروف أن االشتراكية الماركسية هي االشتراكية العلمية‪-‬‬
‫واإلنسانية الماركسية هي اإلنسانية العلمية النضالية‪ ،‬وهكذا ال غنى للجانب‬
‫اإلنساني للفلسفة الماركسية عن جانبها العلمي وال عن (النضال اإلنساني) ‪.‬‬
‫(‪)182‬‬

‫لماذا يناضل االشتراكيون الديمقراطيون؟‬


‫في سبيل تحرير الشعب العامل بَأسْ ِره من كل نهب‪ ،‬وكل ظلم وكل‬
‫تعسف‪ ،‬ولكي تتحرر الطبقة العاملة يتعين عليها‪ ،‬قبل كل شيء‪ ،‬أن تتحد‪ ،‬ولهذا‬
‫الغرض ينبغي أن تتوافر لها حرية التجمع‪ .‬وحق التجمع ينبغي أن تتوافر له‬
‫(الحرية السياسية) ‪ ..‬إن الحزب االشتراكي الديمقراطي يأخذ على نفسه مهمة‬
‫مساندة جميع العمال في (نضالهم) من أجل حياة أفضل(‪.)183‬‬
‫ولذلك نجد أن العمال هم األهم في االهتمام بالنضال ألن العمال – في‬
‫نظر ماركس – إذا ما أدركوا حتمية ثورتهم‪ ،‬فإنهم‪ ،‬بدافع من مصالحهم‬
‫وظروف حياتهم‪ ،‬البد أن يتولّوا مهمة تحقيق االشتراكية ‪ ..‬وتتخذ طبيعة‬
‫النضال الثوري المنطلق إلى األمام نحو تحريرهم الكامل وحريتهم االقتصادية‬
‫والمساواة بين الجميع‪.‬‬
‫إن البروليتاريا‪ ،‬في أنحاء العالم‪ ،‬يعتبرون أخوة لهم نفس المصالح‬
‫ويتع ّرضون لنفس اآلالم إذن يجب أن يتضامنوا بغض النظر عن القومية أو‬
‫العقيدة وإال سيستمرون في حالة الحرمان والبؤس(‪.)184‬‬
‫ومن المعروف أن العمل المأجور والرأسمال له عالقة وطيدة بالنضال‬
‫الطبقي‪ ..‬وذلك من خالل مجرى التاريخ‪ ،‬وعلى ضوء المادة التاريخية القائمة‬
‫والمتجددة يومًا‪ ،‬وكانت هزيمة الطبقة العاملة التي قامت بثورتي (فبراير‬
‫ومارس ‪ 24-23‬فبراير ‪ 1848‬في باريس‪ ،‬و‪ 13‬مارس في فيينا‪ 18 ،‬مارس‬
‫ضا للجمهوريين البرجوازيين في فرنسا والطبقات‬ ‫في برلين كانت هزيمة أي ً‬
‫البرجوازية والفالحية المناضلة ضد الحكم المطلق اإلقطاعي في القارة األوربية‬
‫كلها(‪.)185‬‬
‫ولذلك نجد في مقدمة بيان الحزب الشيوعي‪ ،‬يشير مؤسسا الماركسية‬
‫إلى ذلك الدور الجديد‪ ،‬الذي أخذت روسيا تلعبه في النضال التحريري‪ ،‬وتمثل‬
‫روسيا الفضيلة الطليعية للحركة الثورية في أوروبا)(‪.)186‬‬
‫ولذلك ظهر برنامج حزب العمال االشتراكي – الديمقراطي الروس كما‬
‫عرضته جريدة اإليسكرا ومجلة زاريا في النضال‪.‬‬
‫‪1146‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫واإليسكرا (الشرارة) أول جريدة ماركسية‪ ،‬غير شرعية‪ ،‬لعموم روسيا‬
‫أسسها لينين ديسمبر ‪ 1900‬في الخارج من حيث كانت ترسل سرً ا إلى روسيا‬
‫وزاريا (الفجر) مجلة ماركسية سياسية علمية أصدرتها إدارة اإليسكرا في سنتي‬
‫‪ 1902 – 1901‬بشتو تغارت(‪.)187‬‬
‫والسؤال ما هو واقع العالقة بين النضال واألخالق والسياسة؟‬
‫تدل التجربة التاريخية أن البلدان النامية ال تستطيع إذا ما اتبعت الطريق‬
‫الرأسمالي أن تسارع تقدمها المادي والثقافي والروحي وفق خصوصيتها وال‬
‫تأمين حريتها واستقاللها الوطني‪ ..‬إن هذه الظروف والمتطلبات التاريخية‬
‫تدفعها – بصورة موضوعية نحو [االشتراكية]‪.‬‬
‫والنضال ‪ ‬من أجل التطور السياسي واالقتصادي للشعوب من أجل‬
‫استقاللها والمساواة من أجل ح ّقها في التصرف بمواردها الوطنية‪ ،‬ومن أجل‬
‫توزيع جديد لوسائل اإلنتاج ‪ ..‬وهذا النضال يتجاوز إطار مصالح الدول النامية‬
‫ً‬
‫شرطا لتقدم اإلنسانية(‪.)188‬‬ ‫وتضامنها إنه يغدو‬
‫وإن هذه المسائل يجب أن توضع في إطار استراتيجية الحركة العمالية‬
‫والقوى الديمقراطية في هذه الدول ‪ ..‬إذن التقدم نحو االشتراكية يعقد العالقة بين‬
‫التحرر الوطني والنضال من أجل التقدم االجتماعي الطبقي(‪.)189‬‬
‫إن النضال مستمر – كما يقول لينين – وواجبنا أن نخضع جميع‬
‫المصالح لهذا النضال‪ ،‬ولهذه المهمة نخضع كل أخالقنا الشيوعية – ونحن‬
‫نقول‪ :‬األخالق هي ما يتيح هدم مجتمع المستثمرين القديمة وتوحيد جميع‬
‫الشغيلة حول البروليتاريا التي تنشأ المجتمع الجديد الشيوعي إن (األخالق‬
‫الشيوعية) إنما هي األخالق التي تخدم هذا (النضال) وتوحد الشغيلة ضد كل‬
‫استثمار ضد كل ملكية صغيرة(‪.)190‬‬
‫ويمضي لينين في تحديد (منازل النضال) وبين ما يشبه أن يكون‪ ،‬في‬
‫نظره االنتقال من جهاد أصغر إلى جهاد أعظم‪ .‬ومن واجب البروليتاريا أن تعيد‬
‫تربية وتثقيف قسم من الفالحين العمال لتقضي على مقاومة الفالحين الموسرين‬
‫الذين يثرون من بؤس اآلخر‪ .‬هذا هو هدف النضال الطبقي ويجب أن نخضع‬
‫المصالح جمي ًعا لهذا النضال وتخضع (أخالقنا الشيوعية) لرسالته(‪.)191‬‬
‫أيضا ما حاوله الفن (من الواقعية االشتراكية) فهو االنعكاس‬
‫وهذا ً‬
‫الفني للنضال من أجل انتصار الثورة االشتراكية‪.‬‬
‫‪1147‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫فليس صدفة أن هذا(‪ )192‬الفن تكون وتوطد في البلد الذي أنهى قبل غيره‬
‫العبودية الرأسمالية‪ .‬وبدأ بناء مجتمع شيوعي ال طبقي – لقد تطورت الواقعية‬
‫االشتراكية في (روسيا) كطريقة في المرحلة الثالثة – المرحلة البروليتارية في‬
‫حركة التحرر الروسية على أساس ارتباط الفن التقدمي الوثيق (بالنضال‬
‫الثوري) للطبقة العاملة‪.‬‬
‫وكان الكاتب البروليتاري العظيم (جوركي) أول من أعطى‪ ،‬في تاريخ‬
‫األدب العالمي صورة ذات فنية عالية للعامل الروسي الذي يشن تحت قيادة‬
‫حزب ماركسي لينيني نضاالً منظمًا واعيًا ضد القيصرية والرأسمالية‪.‬‬
‫(‪)193‬‬
‫وأخيرا هل نضال الطبقات يجعلنا ماركسيين؟‬
‫ً‬
‫كتب لينين يقول‪ :‬من يعترف فقط بنضال الطبقات لم يصبح بعد‬
‫ماركسيًا‪ ،‬إذن يمكن أن يكون لم يخرج بعد من نطاق التفكير البرجوازي‬
‫والسياسة البرجوازية‪ ،‬ولهذا فإن قصر الماركسية على عقيدة نضال الطبقات‬
‫تشويه لها‪ ،‬وجعلها مقبولة من البرجوازية‪ ،‬والماركسي هو الذي يعترف‬
‫بنضال الطبقات‪ ،‬كما يعترف بدكتاتورية البروليتاريا‪ ..‬كما كتب أن السبب‬
‫األساسي لعدم فهم االشتراكية الدكتاتورية البروليتاريا هو أنهم يذهبون حتى‬
‫النهاية – مع فكرة النضال الطبقي‪ ،‬وقد أثار لينين ذلك في كتاباته (حول‬
‫ديكتاتورية البروليتاريا)في (الدولة والثورة)‪.‬‬
‫تعقيب ‪ ‬هذا الرأي الذي أبداه لينين في منتهى األهمية ألنه يؤكد لدينا مدى‬
‫الحياد الماركسي ونزاهة الفكرة‪ ،‬فهو مع البروليتاريا في حالة وقوع الظلم‬
‫والقهر عليها إنسانيًا – اجتماعيًا – اقتصاديًا ‪ ...‬أما حين تتحول البروليتاريا إلى‬
‫ديكتاتورية متسلطة يسقط عنها القناع وتزيح كل ما أمامها من أجل بقائها في‬
‫السلطة هنا فقط تسقط البروليتاريا التي لم تستطع أن تحافظ على مكانتها‬
‫ومكتسباتها إال بالعنف والتسلط‪ .‬هنا تسقط الماركسية في نظر لينين – في هذه‬
‫الحالة فقط‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬في النهاية‪ ،‬ورغم كل المزايا والعيوب في النضال الطبقي(‪.)194‬‬
‫إال أنه يعبر تعبيرا صاد ًقا عن عبقرية ماركس‪ ،‬ألنه كان أول من استخلص هذا‬
‫االستنتاج‪ ،‬الذي ينطوي عليه التاريخ العالمي بصورة منسجمة إلى النهاية وهذا‬
‫االستنتاج هو مذهب النضال الطبقي ‪ Doctrine of struggle class‬وهذه‬
‫الطبقة كان ينبغي عليها بحكم وضعها االجتماعي أن تغدو القوة القادرة على‬

‫‪1148‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫تكنيس القديم وخلق الجديد ثم أن تثقف هذه القوى وتنظمها للنضال‪ ،‬حيث‬
‫تتحرر من أوهام المجتمع البرجوازي وتتعلم كيف تقدر نجاحها‪.‬‬
‫(ويمكن الرجوع‪ ،‬في ذلك‪ ،‬إلى مسودة قرار عن الثقافة البروليتارية‪،‬‬
‫وعالقتها بالنضال البروليتاري حتى في عهد ديكتاتوريتها)‪.‬‬

‫‪1149‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫‪ -3‬قيم األخالق بين المجتمع الرأسمالي واالشتراكي‬


‫أ‪ -‬قيم األخالق في المجتمع الرأسمالي‬
‫إذا كان النظام الرأسمالي(‪ )195‬يمثل مرحلة أكثر تقدمًا من النظام القبلي‬
‫واإلقطاعي‪ ،‬فهو ال يسمح بالتعادي بين أفراد األمة الواحدة‪ ،‬ويلزمهم جميعًا‬
‫بالخضوع للقانون لكنه مع ذلك يجيز أن تعتدي أمة قوية على أخرى ضعيفة‬
‫فتسلبها مصادر ثرواتها الطبيعية‪ ،‬وهو يبرر هذا االعتداء باسم التعمير‪،‬‬
‫واالستعمار بحجة أن األمة المطلوبة ال تحسن استغالل مصادرها‪.‬‬
‫مت السرقة واالعتداء السافر من الفرد على‬ ‫تعقيب ‪ ‬الرأسمالية‪ ،‬وإن حرّ ْ‬
‫الفرد في داخل الدولة‪ ،‬وأخضعتهم للقانون‪ ،‬فقد صنع هذا القانون صياغة تعطي‬
‫بعض األفراد امتيازات وحقو ًقا ال يتمتع بها اآلخرون‪ ،‬والذين يفوزون بهذه‬
‫االمتيازات والحقوق‪ ،‬في هذا النظام‪ ،‬هم األفراد الذين يبدون حرصًا زائ ًدا على‬
‫تجميع المال ألنفسهم (ومن منطلق قانوني)‪.‬‬
‫إن تغير عالقات اإلنتاج اإلقطاعية(‪ )196‬إلى رأسمالية يؤدي إلى إعادة‬
‫تركيب البناء الفوقي وتزول الحواجز االجتماعية واإلقطاعية‪ ،‬وترفع‬
‫البرجوازية شعار المساواة للجميع أمام القانون ويتبدل نظام الحكم المطلق بنظام‬
‫حكم دستوري برجوازي أو جمهوري ديمقراطي برجوازي برلماني‪ .‬إن‬
‫الديمقراطية البرجوازية ترفع شعار (الفردية) وتصوره كحرية تامة للفرد وفي‬
‫المجتمع الطبقي حملت (األخالق طابعً ا طبقيًا)‪.‬‬
‫إن النظام االقتصادي(‪– )197‬إذن‪ -‬هو موضع تجريح من الناحية‬
‫األخالقية‪ ،‬ولكنه‪ ،‬مع هذا الفشل في إظهار كيف يمكن القضاء على مساوئه‬
‫بال ّتخلّص من الرأسمالية‪ ،‬ولكنه كان حريصً ا على أال يلقى عليهم المسئولية‬
‫الكبرى في الشر األساسي‪ ،‬وإنما ألقى اللوم على جميع أعضاء المجتمع – كما‬
‫يرى المؤلف – ألن الرأسمالية‪ ،‬كالعمال الذين يستغلونهم‪ ،‬أسرى نظام ما‪،‬‬
‫وعليهم أن يعملوا وف ًقا قوانين هذا النظام وهي ليست قوانين (األنانية – البشرية)‬
‫وإنما قوانين تتحكم في تطور القوى اإلنتاجية‪.‬‬
‫وهكذا تحولت الرأسمالية إلى قوة رجعية(‪ )198‬ال تستهدف سوى‬
‫المحافظة على مصالحها التي تزداد توسعًا وانتشارً ا‪ ،‬هذا التحول يمثل‪ ،‬في حد‬
‫ذاته وجهًا سلبيًا في النظام الرأسمالي‪ ،‬وذلك ألنه يدل على أن النظام لم يكن‬

‫‪1150‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫تقدميًا إال في مرحلته المبكرة‪ .‬وأن من شأن هذا النظام أن يتحول إلى الرجعية‬
‫بمجرد أن تتحدد معالمه وتكتمل‪.‬‬
‫‪-1‬إن أول هذه الجوانب هو (الالأخالقية) فقد ولدت الرأسمالية مذاهبها األخالقية‬
‫الخاصة في مذهب المنفعة ‪ utilitarianism‬والبرجماتية ‪ Pragmatism‬في‬
‫الواليات المتحدة‪ ..‬وأن كال المذهبين األخالقيين إنما كانا تعبيرً ا عن الطابع‬
‫العملي لعصر التصنيع‪.‬‬
‫‪ -2‬كانت هناك نقطة ضعف كبرى للنظام الرأسمالي هي ارتباطه الوثيق‬
‫بالحرب والرأسمالية بما تثيره من حروب ال تنقطع‪ ،‬تهدد بالقضاء على ما‬
‫أنجزته هي ذاتها‪ ،‬وكذلك الحضارات السابقة من تقدم مما أدى إلى انتشار‬
‫(اليأس والتشاؤم)‪.‬‬
‫‪-3‬إذا كانت الحروب انحرا ًفا شامالً في السلوك على المستوى الدولي‪ ،‬فإن‬
‫المرحلة الرأسمالية قد شهدت أنواعً ا أخرى من االنحرافات على المستويات‬
‫المحلية أهمها (اإلجرام)‪.‬‬
‫وفي المجتمع الرأسمالي(‪ )199‬نرى كيف هبط مستوى األخالق إلى‬
‫مستوى الحيوانية‪ ،‬بعد أن صارت القيم األخالقية قيمًا تجارية‪ ،‬فكل ما يحقق‬
‫الربح أصبح مشرو ًعا ومقبوالً وعلى المستوى االجتماعي انتشرت اآلفات‬
‫االجتماعية كانتشار المخدرات والعنف والدعارة بتشجيع رأس المال ‪ ..‬أما‬
‫المجال الثقافي‪ ،‬فقد تحولت القيم الثقافية إلى قيم تجارية وهبوط مستوى الفن إلى‬
‫أسوأ مستوياته‪.‬‬
‫ولذلك فإن سيطرة الرأسمالية(‪ )200‬واستغالل اإلنسان تعتبر الحاجة‬
‫كخسيسة تعتبرها عالية مشتركة وحاجات اإلنسان األولية معتبرة كشيء منحط‪،‬‬
‫حيواني والملكية الخاصة ال تعرف أن تصنع من الحاجة األولية حاجة إنسانية‬
‫إلى "كل حاجة واقعية أو مفترضة هي ضعف سيوقع الضحية في فخه‪ .‬أي فخ‬
‫الملكية الخاصة"‪.‬‬
‫وهذا – بالطبع‪ -‬يفسح المجال الستغالل عام للطبيعة البشرية في‬
‫مجملها‪ :‬إنهم يستخدمون حاجات اإلنسان الستعباده‪.‬‬
‫وفي العالم ال يوجد توازن(‪ )201‬في المبدأ نفسه ليس من زاوية األساس‬
‫الشرعي (القانوني) وال النتائج الحقيقية‪ .‬وهذا ما نالحظه في الحركة االقتصادية‬

‫‪1151‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫مثل القوى االجتماعية‪ .‬وهذا يؤدي بدوره إلى استمرار التغير والثورة إنها‬
‫األسباب المادية للسلوك بل والمادية العميقة‪.‬‬
‫والسؤال اآلن ما هو موقع القيم في النظام الرأسمالي؟‬
‫(‪)202‬‬
‫(‪ )1‬قيم المساواة والعدالة‬
‫لقد وصف ماركس ظلم الرأسمالية بقوله (إن العامل ال يملك لحياته شيًئ ا‬
‫وكوخ مظلم) وظ َّل يجمع قصص ظلم‬ ‫ٍ‬ ‫(سوى لُقيْما ٍ‬
‫ت جافة ومالبس بالية‬
‫الرأسمالية في كتابه (الرأسمال)‪ ،‬ووصف أحد المفكرين االشتراكيين هذا الجزء‬
‫من عمل ماركس بقوله (إن أفضل أجزاء كتاب "الرأسمال" هي تلك التي تناقش‬
‫الوقائع االقتصادية‪ ،‬التي كان ماركس يعرفها معرفة موسوعية"‪.‬‬
‫(‪)203‬‬
‫(‪ )2‬قيم السعادة‬
‫في النظام الرأسمالي تغيب السعادة وتحل محلها األمراض والمعاناة ‪ills‬‬
‫‪ ،and Suffering‬وذلك من خالل تحليل ماركس القتصاد الرأسماليين‪ ،‬وبالتالي‬
‫يوضع الفقر في مقابل الغنى‪ ،‬أو بمعنى آخر الدول الفقيرة والدول الغنية ‪..‬‬
‫وخاصة فيما يتعلق باالقتصاد السياسي والعلمي ‪..‬‬
‫ولكن من المؤكد أن الوعي الجماهيري(‪ ،)204‬الواقف عند سطح‬
‫الظواهر‪ ،‬امتص وتمثل فكرة أن االستغالل وعدم المساواة وعدم العدالة في‬
‫العالقات بين األفراد والطبقات مستحيلة‪ ،‬وخاصة في ظل قوانين التبادل‬
‫المتكافئ تبعً ا لقواعد السوق‪.‬‬
‫ومن هنا كانت الماركسية(‪ )205‬منذ نشأتها‪ ،‬وفي كل معاركها حاولت أن‬
‫تكون أعلى درجة من الوعي الممكن للطبقة العاملة على النطاق العالمي‪ ،‬وتلك‬
‫الطبقة توجد في تناحر مع الرأسمالية وتطرح قضية الوصول بتناقضات النظام‬
‫الرأسمالي إلى منتهاها وبالتالي إلى نظام جديد‪.‬‬
‫ومن هنا كان تحليل ماركس(‪ ،)206‬لتطور الرأسمالي كله‪ ،‬صحيحً ا‪،‬‬
‫ولكن داخل حدود المرحلة التاريخية الواحدة‪ ،‬وداخل أشكال الصراع الطبقي‪،‬‬
‫وذلك من خالل تصورين هما‪:‬‬
‫تأييد المتحول (المتغير) ‪.Transformative maintenance‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إزاحة الصراع الطبقي ‪.Displacement of class struggle‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ومما ال شك فيه أن كل جملة تقال في تطور الرأسمالية(‪ )207‬وعمل‬
‫صراع الطبقات تعطي األساس في أشكالها الخاصة والجزئية من خالل الوعي‬

‫‪1152‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫االجتماعي‪ ،‬وفي تحققها األيديولوجي أنه يضع إيضاحً ا (صورة توضيحية)‬
‫‪ illustratism‬للديالكتيك االجتماعي‪ ،‬وهي الحقيقة التي قدمتها مبكرً ا الرأسمالية‬
‫حينما جاء دور التقدم للبرجوازية التي عالجت الفلسفات من منظور مادي في‬
‫إطار (األيديولوجيا والصراع الطبقي تحت اإلمبريالية) ‪Ideology and The‬‬
‫‪.class struggle under imperialism‬‬
‫نظرة ماركسية حول نهاية الرأسمالية‬
‫يرى بوليتزيد‪ :‬أن االعتقاد الخاطئ بأن نهاية الرأسمالية هي نهاية‬
‫التناقض ينتج عن خلط بين التطاحن ‪ Antagonism‬والتناقض ‪contradiction‬‬
‫فالتطاحن ليس سوى حالة خاصة أو لحظة من لحظات التناقض‪ ،‬فكل تطاحن‬
‫هو تناقض‪ ،‬ولكن ليس كل تناقض تطاح ًنا(‪.)208‬‬
‫ولكن الحقيقة أن ماركس يؤيد موت الرأسمالية ‪ ..‬إن أول ما تنتجه‬
‫البرجوازية هو (حفارو قبرها) وهذا ما جاء به ماركس في (األيديولوجية‬
‫األلمانية)(‪.)209‬‬
‫والسؤال هل زوال الرأسمالية يؤكد المهام الثورية وعلم أخالق؟‬
‫إن هذه النظرية تقود إلى تأكيد مهام ثورية وعلم حقيقي لألخالق‪ ،‬أو‬
‫أنها تفترض بالعكس سياسة الترقي في تأكد تطور ضروري دماريّ ونافع في‬
‫آن واحد(‪.)210‬‬
‫‪-‬في الحقيقة – وكما يرى ماركس – أن زوال االستغالل الرأسمالي‬
‫زوال االسترقاق السياسي‪ ،‬زوال الوهم األيديولوجي‪ ،‬والبؤس الديني(‪.)211‬‬
‫ب‪ -‬قيم األخالق في المجتمع االشتراكي‬
‫كيف تكون االشتراكية نزعة إنسانية؟‬
‫يؤكد د‪ .‬فؤاد زكريا(‪ )212‬أن االشتراكية نزعة إنسانية ويبدو ذلك من‬
‫القضاء على النظام الرأسمالي الذي يجعل اإلنسان ً‬
‫عبدا لنفس القوى التي خلقها‬
‫بيديه‪ ،‬فاالشتراكية تدعو اإلنسان إلى السيطرة – مرة أخرى – على القوى التي‬
‫أصبحت مسيطرة عليه‪ ،‬خارجة عن إرادته‪ ،‬وهي تطالب بإعادة هذه القوى مرة‬
‫أخرى إلى اإلنسان بدالً من تبديدها‪.‬‬

‫‪1153‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وعلى هذا األساس تكون االشتراكية نزعة إنسانية‪ ،‬وهدفها أن تستعيد‬
‫اإلنسان المتكامل الذي يجمع كل ما فرقته الرأسمالية من شتات‪ ،‬ويعيد صحتها‬
‫إلى ذاته‪.‬‬
‫ومع تطور المجتمع االشتراكي(‪ )213‬ينتقل اإلنسان من مملكة الضرورة‬
‫إلى مملكة الحرية‪ ،‬ومن مملكة الحيوانية إلى مملكة اإلنسان الحقيقي‪ ،‬إن إمكانية‬
‫تزويد كل فرد من أفراد المجتمع‪ ،‬بفضل اإلنتاج المشترك بوجود ليس هو ممتلًئ ا‬
‫ماديًا فحسب‪ ،‬وصائرً ا أكثر امتال ًء يومًا بعد يوم‪ ،‬بل بوجود يضمن للجميع‬
‫التطور الحر والممارسة الطليقة إلمكانيّاتهم الذهنية‪.‬‬
‫وهنا البد من االهتمام باالشتراكي(‪ )214‬وعالقة بالحركة النسائية‬
‫‪ Feminism‬وسياسة االختالف ‪ politics of difference‬ولالشتراكية دو ٌر في‬
‫الحركة النسائية‪ ،‬وخاصة بعد الحرب في تدعيم المرأة والحقوق المدنية ‪civil‬‬
‫‪ rights‬مما ينعكس على اإلصالح السياسي وإطار العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫(‪)215‬‬
‫إذن ما هي االشتراكية األخالقية؟‬
‫هي النقطة األفضل للحياة السعيدة والرفاهية الشاملة‪ .‬وليس االشتراكية‬
‫من مواليد هذا العصر‪ ،‬االشتراكية وجدت مع وجود اإلنسان‪ ،‬حيث كان البشر‬
‫يتعايشون ويتقاسمون موارد األرض‪ .‬وعندما أخذت الموارد في االزدياد بدأ‬
‫التقاسم يتحول إلى نظام (الالتساوي) تب ًعا لزيادة الموارد ونقصانها في أرض‬
‫ثابتة وتبعًا أيضً ا لغريزة حب البقاء في اإلنسان‪.‬‬
‫إن انقالب أسس المجتمع الرأسمالي إلى بديله االشتراكي(‪ )216‬يقتضي‬
‫نضاالً‪ ،‬لذلك فإنه البد من التحلّي بحد أعلى من المبدئية والتنظيم والتعاون‬
‫والصمود‪ .‬وصفات خلقية عالية من الشجاعة واإليثار واألخالص للوطن‬
‫والجماهير والحب للعدالة والشرف‪.‬‬
‫إن قضية بناء االشتراكية ليست قضية أفراد معينين وإنما قضية‬
‫الماليين من الجماهير‪ ،‬التي يلعب (العامل الخلقي) في نضالها دورً ا هامًا‪ ،‬وأن‬
‫النضال من أجل انتصار االشتراكية يولد (نهضة خلقية) ويربي الجماهير‬
‫الواسعة على أخالق ال تعرف الظلم واألنانية والميوعة واالنغالقات المذهبية‪.‬‬
‫وليست االشتراكية(‪ )217‬مدينة تقنية‪ ،‬تتلهف للقيام بأعمال مادية رائعة‬
‫دون أن تعبأ باإلنسان‪ ،‬كما يدعي المفكرون البرجوازيون‪ ،‬ذلك ألن اإلنسان‪ ،‬في‬
‫تمام تفتحه‪ ،‬هو مركز االشتراكية‪ ،‬وليس لجمع األعمال المادية من هدف سوى‬
‫‪1154‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫سد حاجاته على أفضل وجه‪ :‬كحاجته إلى المعرفة والثقافة وحاجاته إلى العيش‬
‫الكريمة أي بوجود العناصر المختلفة لحياة سعيدة‪ ،‬فاالشتراكية هي تحقيق‬
‫النزعة اإلنسانية‪.‬‬
‫إن األهداف اإلنسانية النبيلة(‪ )218‬من إلغاء الستغالل اإلنسان لإلنسان‬
‫والقضاء على االغتراب وتحقيق أرقى أسباب الحرية والمعرفة والوفرة للفرد‬
‫والمجتمع‪ .‬إن هذه األهداف التي يحملها (المشروع االشتراكي) هي أهداف‬
‫مفتقدة في المشروع الليبرالي‪ ،‬بل أهداف مقموعة في ظل المشروع‪.‬‬
‫ومن هنا يمكن القول أن النيات الطيبة(‪ )219‬ال تثمر في عالم ينوء‬
‫باألنانية والطمع وحب المال‪ ،‬والبد أن تحكم المجتمع حدود وتنظيمات تكفل‬
‫الحق للجميع‪ ،‬فكانت (االشتراكية العلمية) تقني ًنا لعمليتي اإلنتاج والتوزيع‬
‫لتحقيق رفاهية البشر‪ .‬فقد كان ماركس وانجلز من المبشرين بهما ويقومان‬
‫بدورهما في تطوير االشتراكية ولكنهما – كما يقول بول سويزي – قد اعتليا‬
‫مسرح التاريخ في الوقت المناسب‪ .‬وكان الجدل بين الناس يفضل االشتراكيين‬
‫الخياليين‪.‬‬
‫ً‬
‫جديدا‪ ،‬ولم يكن فجأة ولعله كان‬ ‫وأن هذا التفكير الخيالي(‪ )220‬لم يكن‬
‫مرحلة أساسية البد للفكر أن يجتازها قبل أن تنشأ االشتراكية العلمية على يد‬
‫َّ‬
‫تختط االشتراكية الفابية وحركة حزب العمال‬ ‫ماركس وانجلز‪ ،‬وقبل أن‬
‫البريطاني منهاجً ا واضحً ا لالشتراكية البريطانية وأما أنها ليست جديدة فقد‬
‫سبقتها أحالم (توماس مور ‪ )1516‬في اليوتوبيا وحركة العراقيين بزعامة‬
‫جيرارد وينستانلي) في إنجلترا وآراء (يابيوف) التي انتهت به إلى المقصلة في‬
‫الثورة الفرنسية‪.‬‬
‫إذن فاألمر يعود‪ ،‬برمته‪ ،‬إلى اإليمان بكرامة اإلنسان وبعالم تسوده‬
‫الحرية والمساواة فالحافز الذي يحرك هؤالء هو خير اإلنسان بقدر ما أتيحت‬
‫لهم رؤيته كان في زمنه‪.‬‬
‫فقد كان ومازال االشتراكيون(‪ )221‬يرفضون األساس الذي يقيم عليه‬
‫الرأسماليون نظامهم وهو تأسيس النشاط على حافز واحد هو حافز الربح‬
‫الشخصي‪ ،‬ويريد االشتراكيون أن يؤسسوا النشاط اإلنساني على حوافز اخرى‬
‫مختلفة تمامًا يرونها أكثر غيرية‪ ،‬ألنها تنظر إلى مصلحة األمة كلها دون‬
‫ً‬
‫تخطيطا علميًا‪.‬‬ ‫تفضيل طبقة على طبقة أخرى وتخطط لذلك‬

‫‪1155‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وقد تناول األدب هذا المفهوم الجاد لالشتراكية ‪ ..‬رأى جوركي(‪ )222‬أن‬
‫بناء مجتمع اشتراكي‪ ،‬ال يمكن أن يتحقق إال عن طريق شاعرية العمل المتحرر‬
‫واالبتكار الجماعي كثقافة جديدة‪ ،‬ففي االتحاد السوفيتي توحدت إرادة الجموع‬
‫العاملة لتكافح قوى الطبيعة األولى وفطرة الناس الموروثة‪ ،‬التي ليست في‬
‫حقيقتها سوى فوضوية الفرد الغريزية‪ ،‬ومصدر الجمال في فلسفة جوركي‬
‫الجمالية‪ ،‬ليست الطبيعة وليس هللا والعالم اآلخر لكنه اإلنسان ونشاطه الخالق‬
‫الذي غير العالم وف ًقا لقوانين الجمال‪ ،‬كما أن تحرير العمل ونشاط الجماهير‬
‫العاملة هي عند جوركي العنصران األساسيان الالزمان الزدهار الثقافة والفن‬
‫واإلبداع‪.‬‬
‫(‪)223‬‬
‫نوعا من التربية الشيوعية؟‬
‫والسؤال هي يتطلب ذلك ً‬
‫إن التربية الشيوعية من أهم جوانب تشكيل المجتمع خالل تحوله من‬
‫الرأسمالية إلى الشيوعية‪ ،‬فال يمكن بناء االشتراكية والشيوعية دون تحول في‬
‫وعي الناس ومواقفهم الفعلية وأخالقياتهم‪ .‬إن شق طريق جديد للحياة والمشاركة‬
‫في البناء االشتراكي والشيوعي عنصران جوهريان في التربية الشيوعية‪،‬‬
‫وتكفل الممارسة الفعلية للبناء الشيوعي أفضل مدرسة للتربية الشيوعية‪..‬‬
‫وليست التربية الشيوعية مجرد عملية ذاتية تخضع للعوامل الموضوعية‬
‫وحدها‪ ،‬إنما هي تتطلب تدريبًا بالحياة اليومية من أجل خير المجتمع‪ .‬والجانب‬
‫الرئيسي في التربية الشيوعية هو خلق موقف شيوعي تجاه العمل إذ يصبح‬
‫العمل بالنسبة إلنسان تمرس بروح الشيوعية ضرورة أولية للحياة‪ ،‬وتصبح‬
‫الفضائل األخالقية العليا مالمح دائمة لشخصه وسلوكه‪ ،‬وأحد األهداف العامة‬
‫للتربية الشيوعية تشكيل نظرة علمية عامة للعالم‪.‬‬
‫وتتضمن التربية الشيوعية نضاالً منظمًا ضد بقايا الرأسمالية في وعي‬
‫اإلنسان وخلق إحساس مرهف بالجمال‪.‬‬
‫والشيوعيون(‪ )224‬يعرفون –أيضً ا‪ -‬أن الضمير مرتبط بمعرفة الطريقة‬
‫الكلية لحياة إنسان ما‪ .‬فالجمهوري له ضمير مختلف عن الملكي‪ ،‬والمفكر له‬
‫ضمير مختلف عمن ال فكر له‪ ،‬ووفق ما يراه ماركس وانجلز فإن ما ينطبق‬
‫على الضمير ينطبق على كل األفكار والتصورات اإلنسانية (البيان الشيوعي –‬
‫المؤلفات المختارة – المجلد األول)‬

‫‪1156‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫(‪)225‬‬
‫‪Moral Stimulito‬‬ ‫ومن هنا تأتي قيمة حوافز العمل األخالقي‬
‫‪ labour‬وعالقته بالشيوعية فالنفس الداخلية العميقة‪ ،‬التي تحفز اإلنسان على أن‬
‫يعمل‪ ،‬والتي تنشأ من إحساسه بالمعتقدات األخالقية األيديولوجية والسياسية‬
‫والعلمية هي الحافز غير األناني لدى اإلنسان على أن يعمل من أجل فكرة ما‬
‫ً‬
‫ارتباطا وثي ًقا بالمصلحة المادية في العمل التي‬ ‫وحوافر العمل األخالقية ترتبط‬
‫تلعب دورً ا كبيرً ا في المرحلة األولى للشيوعية‪.‬‬
‫القيم األساسية في االشتراكية‬
‫إن العدل والظلم مفهومان أخالقيان يعبران عن مناقب أخالقية متعددة‬
‫للظواهر االجتماعية‪ ،‬وتربط الماركسية بين مفهوم العدل وفكرة تحرير المجتمع‬
‫من االستغالل واالشتراكية‪( ،‬وحدها)‪ ،‬هي التي تخلق عالقات عادلة أصيلة من‬
‫المساواة والصداقة األخوية والتعاون بين الناس‪ ،‬ويبلغ العدل االجتماعي ذروته‬
‫في (المجتمع الشيوعي) الذي تختفي فيه كل آثار الفرد من االجتماعية‬
‫واالقتصادية(‪.)226‬‬
‫وقد ذكر ماركس في كتابه (رأس المال)(‪ )227‬قصة الفتاة التي تدعى‬
‫(ماري آن واكلي) التي تعمل في مصنع للمالبس النسائية‪ ،‬والتي استغلتها‬
‫صاحبة المصنع (إيليزيه) وكانت هذه الفتاة تعمل ستة وعشرين ساعة ونصف‬
‫متواصلة‪ ،‬وفي أجواء غير صحية حتى أصيبت بالمرض‪ .‬وقال الطبيب عنها‬
‫أنها ماتت من جراء العمل الزائد في حجرة مكتظة بالناس‪.‬‬
‫وكان الغرض من عرض هذه الوقائع المروعة أن يثير ماركس‬
‫الكراهية في نفوس أتباعه ضد الرأسمالية‪ ،‬وأن يعدهم لخوض أكثر الحروب‬
‫المروعة في التاريخ وهي (الحرب الطبقية)‪.‬‬
‫وهناك قيمة أخرى هامة في نظر الشيوعية(‪ )228‬وهي أن األخالق‪ ،‬في‬
‫نظر الشيوعية‪ ،‬تتمثل ‪-‬كلّها‪ -‬في نظام التضامن ‪System of Solidarity‬‬
‫المتسق ونضال الجماهير نضاالً داعيًا ضد المستغلين‪ ،‬ونحن ال نؤمن باألخالق‬
‫السرمدية‪ ،‬ونفضح القصص الكاذبة الملفقة في موضوع األخالق‪ ،‬ونرى أن‬
‫األخالق تصلح للرقي بالمجتمع اإلنساني إلى أعلى والنهوض به للتحرر من‬
‫استغالل العمل‪.‬‬
‫وفي النهاية يمكن القول‪ ،‬وكما جاء على لسان (سيدني هوك)(‪.)229‬‬

‫‪1157‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫(ليست الشيوعية معدة بطبيعة األمور‪ ،‬ألن تتحقق إال أنه إذا كان البد‬
‫للمجتمع من االستمرار فالشيوعية تقدم الطريق الوحيد للخروج من المأزق الذي‬
‫سببه قصور الرأسمالية من تزويد إجرائها بوجود اجتماعي الئق‪ ،‬وما يؤكده‬
‫ماركس في الواقع هو‪ :‬إما هذه الشيوعية‪ ،‬وإما تلك البربرية)‪.‬‬
‫‪ -4‬مستويات الماركسية بين الحرية والنسبية‬
‫مستوى الحرية‬
‫إن الحرية المطلقة(‪ )230‬ال توجد إال في عالم الحيوانات البرية غير‬
‫األليفة‪ .‬الحيوان البري يتمتع بمطلق الحريات يأكل ويشرب حتى أنه يشرب دم‬
‫رفيقه‪ ،‬يفترس دون أن يخشى لومًا حرية مطلقة إلى أبعد الحدود ‪ ..‬واإلنسان‬
‫ضا‪ -‬كان يتمتع بحرية مطلقة ال وازع وال رادع‪ ،‬ألن اإلنسان‬ ‫االبتدائي –أي ً‬
‫البدائي لم يكن يتعرف إلى المجتمع كمجتمع لم يتقيد بواجبات‪ ،‬إنه كان أقرب‬
‫إلى الحيوانية منه إلى اإلنسانية‪.‬‬
‫غير أن مفهوم الحرية تطور مع تطور اإلنسان والمجتمع وأصبح‬
‫يشمل الحقوق والواجبات التي تفرضها عليه‪ ،‬لكي تكون الحرية قيمًا حتى يسمو‬
‫عن الفصائل الحيوانية واإلنسانية البدائية‪ .‬ولو كانت الحرية ال تخضع لشرط أو‬
‫قيد لما قامت الحكومات ووضعت األنظمة‪.‬‬
‫وقد أنكر هيجل(‪ )231‬أن يكون اإلنسان حرً ا بطبعه وأنكر أن تكون الدولة‬
‫هي التي تحد من حريته وأنكر –كذلك‪ -‬قدرة اإلنسان على تجاوز حدود واقعه‬
‫وقدرته على تصور ما يتعلق بمستقبله‪ .‬وقال‪ :‬إن الفيلسوف ال ينبغي له وال هو‬
‫يستطيع أن يتجاوز في الفكر واقعه الذي هو أقصى ما يمكن أن يدركه‪.‬‬
‫أما فيورباخ فيقول(‪( :)232‬إن من واجب العصور الحديثة هو تحقيق‬
‫وتجسيد هللا وقلب علم هللا إلى علم اإلنسان)‪.‬‬
‫"أما هدف الفالسفة الكالسيكيين المحافظة على حرية هللا المطلقة مع‬
‫االعتراف بوعي الحرية عند اإلنسان"‪.‬‬
‫أما اسبينوزا ففي كتابه (أفكار ميتافيزيقية) يقول "اما فيما يتعلق باإلرادة‬
‫اإلنسانية التي قلت أنها حرة فتلك الحرية ال تستمر في الكون إال بعون هللا وال‬
‫يوجد بشر يريد أن يفعل إال ما قدره هللا منذ األزل"‪.‬‬

‫‪1158‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫أما ماركس(‪ )233‬فيكتب عن األخالقية وحرية اإلرادة المطلقة غير‬
‫المقيدة‪ .‬إن الحرية تميز اإلنسان والسيد الممكن على بيئة الممكن على بيئة عن‬
‫الحيوان العبد بالضرورة‪ .‬وهكذا يرفض ماركس – باختصار – في المالحظات‬
‫البدائية لرسالته في الدكتوراه تناول بلوتارخ للخوف‪.‬‬
‫"في الخوف‪ ،‬الخوف الذي ال تمايز فيه‪ ،‬يعامل اإلنسان كحيوان‪ ،‬ثم في‬
‫الحيوان ال يهم –إطال ًقا‪ -‬كيف يظل مقي ًدا" فإذا لم يجعل الفيلسوف العار األكبر‬
‫النظر إلى اإلنسان على أنه حيوان‪ ،‬إذن فلن يقدر له أن يفهم شيًئ ا على اإلطالق‪.‬‬
‫إذن عند ماركس الحرية(‪ )234‬هي ماهية اإلنسان بشكل تام حتى أن‬
‫خصومها يجعلونها واقعية حتى وهم يكافحون ضدها فال يوجد إنسان يقاتل ضد‬
‫الحرية‪ ،‬على األقصى أنه يقاتل ضد حرية اآلخرين (في مناقشة لحرية‬
‫ً‬
‫مختلطا بالفلسفة الهيجلية والجو‬ ‫الصحافة)‪ ،‬وإذا كان إيمان ماركس بالحرية‬
‫الثقافي‪ ،‬فإن هذا اإليمان يتقوى‪ ،‬بشكل كبير‪ ،‬من طبيعته الممتازة اهتمامه‬
‫النيتشوي بالكرامة التي يراها في االستقالل وال َّتسيُّد على األشياء‪.‬‬
‫وينفجر هذا الجهد وسط المثالية العليا لمقالته "تأمالت شاب في اختياره‬
‫رسالة حياته"‪.‬‬
‫ومن هنا كان هدف ماركس(‪ )235‬متمثال في االنعتاق الروحي لإلنسان‬
‫وتحريره من قيود الحتمية االقتصادية إلعادة بنائه في كليته اإلنسانية ولتمكينه‬
‫من إيجاد الوحدة والتوافق مع البشر والطبيعة‪ ..‬وأن أغلب الناس محكومة بعامل‬
‫الرغبة في الكشف المادي‪ ،‬كما أنهم وصلوا إلى درجة االمتثال الذي استطاع‬
‫امتصاص فرديتهم إنهم‪ ،‬حسب مصطلح ماركس‪( ،‬بشر سلعيون) عاجزون‬
‫وواقعون تحت سيطرة آالت مكتملة الرجولة‪.‬‬
‫ومن هنا فإن الفكر البشري مدين للماركسية (‪ )236‬بمثال جديد مثال‬
‫الحرية المجسدة الواقعية‪ .‬وقد سلم أعداء الماركسية أنفسهم بعظمة هذا المثال‪،‬‬
‫وهم مفكرون فقط‪ ،‬إمكانية تحققه فالماركسية تعتبر نفسها من الوجهة الفلسفية‬
‫أكمل تحرير تبينه الفكر البشري والحياة االجتماعية‪ ،‬فهو أكثر عم ًقا من التحرر‬
‫الذي حققه الفالسفة الفرنسيون في القرن (‪ )18‬وأكثر جذرية من التحرر الذي‬
‫حققه الفالسفة األلمان (كانط وهيجل)‪.‬‬

‫‪1159‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ولذلك ر ّكز الفالسفة الماركسيون(‪ )237‬انتقادهم على جميع الظاهرات‬
‫التي تفرض – على الحياة اإلنسانية كالدين – األخالق – األفكار الشرعية‬
‫والسياسية‪.‬‬
‫ً‬
‫تجسيدا‬ ‫كما يرى الماركسيون باستحالة تحقق العدل والحرية تحق ًقا‬
‫واقعيًا بمحض فاعلية فكرتي‪ :‬العدل‪ ،‬والحرية‪ ،‬ولم يكن أمام أعدائها إال انتقاد‬
‫تماديها في طريق الحرية وتطرفها في فهمها‪.‬‬
‫(‪)238‬‬
‫‪exploitation,‬‬ ‫كما يربط ماركس بين االستغالل والحرية والقوة‬
‫‪ Freedom, and Force‬فيتحدث عن العبيد وتحكم رأس المال والرأسمالية‬
‫فيهم على اعتبار أنهم القوة العاملة المسخرة لهم ويتحدث عن أصل االستغالل‬
‫الرأسمالي (االستغالل االقتصادي)‪ .‬ومن هنا يأتي تأثير عمل(‪ )239‬اإلنسان‬
‫وعالقته باإلرادة اإلنسانية والنمو االجتماعي ويبدو ذلك في معرفة الناس‬
‫الصحيحة لضرورات اإلنتاج الموضوعية ولقانون الترابط الضرروي وخاصة‬
‫في العالقة بين مقياس العمل(‪ )240‬والوقت وعالقته بالحرية حيث يرى البعض‬
‫أن الوقت المبذول يمكن أال يكون مقياسً ا للعمل‪.‬‬
‫ومن هنا يأتي المقصد الحقيقي من الحرية(‪ )241‬أي اإلرادي واالختياري‬
‫‪ ،Voluntary‬الذي ينتج لإلنسان كل رغباته وما يأمل فيه ويختاره وعندما يكون‬
‫في سن مسئول ‪ responsible age‬وفي حالة تملكه لمشاعره ويستطيع أن يميز‬
‫بين امتالك القوة أو ما هو ضد إرادة اآلخر‪ ..‬إذن هنا – فقط – تكون اإلجابة‬
‫عند الماركسية إنها تؤمن بحرية اإلرادة‪.‬‬
‫ويؤكد فوربونون في كتابه (في الثقافة)(‪ )242‬أن الفهم الماركسي اللينيني‬
‫للحرية يناقض الموقف الفردي والبرجوازي الصغير‪ .‬إن اإلنسان الفردي يفصح‬
‫عن رغبته في تحطيم العالقات االجتماعية‪ ،‬واالرتقاء فوق الصراع االجتماعي‬
‫ليتأمل هذا الصراع (بحرية)‪ .‬إن هذا الفهم للحرية يتناقض تناقضًا مباشرً ا مع‬
‫األيديولوجيا البروليتارية(*)(*)‪.‬‬
‫ورغم ذلك فقد توصل البعض إلى أن الماركسية(‪ )243‬عدوة الحريات بعد‬
‫مقارنة بين النازية والشيوعية تأدى منها إلى القول بأن جوار الشيوعية‬
‫والنازيين أقرب جوار‪.‬‬
‫ومن الطبيعي وجود خالف جوهري بين المذهبين – كما يرى المؤلف‪.‬‬
‫وما هي النازية؟ أليست هي مؤامرة الرأسمالية واإلقطاعية ضد طبقات الشعب‬

‫‪1160‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫األلماني – بوجه عام – وضد الطبقة العاملة – بوجه خاص – أليست النازية‬
‫هي الدفاع عن الرأسمالية االستعمارية ضد طبقات الشعب الصاعدة‪ ،‬أليست هي‬
‫األقلية الطاغية تستبد باألغلبية أبشع أنواع االستبداد‪.‬‬
‫ولذلك فإن المحاولة التي تخلط بين فكرة الزعيم(‪ )244‬في المذهب النازي‬
‫وفكرة الدولة في الشيوعية هي مغالطة مبتذلة‪ ،‬ألن الزعيم النازي لم يكن سوى‬
‫الصنم الذي نصبه رأسماليون ألمانيا العسكرية االستعماريون وزودوه بأموالهم‬
‫ومن هنا جاء قول هتلر "إن العقيدة التي تتيح للشخصية اإلنسانية الحق في‬
‫حريتها وكرامتها لم تؤت إال أعظم الدمار‪ .‬إنها لن تصبح شيئا يذكر في اليوم‬
‫الذي تنتظم فيه الدولة األلمانية)‪.‬‬
‫إذن الحرية الفردية‪ ،‬في نظر الماركسية‪ ،‬ال يضحى بها من أجل الدولة‪،‬‬
‫بل إن الدولة أداة لضمان هذه الحرية وتدعيم أسسها الملموسة‪.‬‬
‫كذلك يؤكد (كامنكا)(‪ )245‬أن ماركس كان جبريًا ‪ ..‬لقد أدرك أنه ال يمكن‬
‫أن يوجد موضع للتفرقة بين عالم الحرية بمعنى الالتحددية ‪Inderminate‬‬
‫وعالم السببية الفيزيائية‪ ،‬فالسلوك اإلنساني واألحداث االجتماعية محددة‬
‫بالطريقة نفسها شأن كل األحداث األخرى‪ ،‬وعلى هذا األساس أصالً رفض‬
‫تصور أن الفلسفة األخالقية معنية باإلرشاد والسلوك لهذا يرفض ماركس أن‬
‫األخالقيات معنية باإللزام الشخصي‪ ،‬وال موضع هناك إللزامية بالسلوك وفق‬
‫هذا المنحنى‪ ،‬ألنه سوف يسير فيه على أية حال‪.‬‬
‫(‪)246‬‬
‫والسؤال هنا ماذا يمكن أن يفعل الجبري بالحرية؟‬
‫إن ماركس الشاب‪ ،‬وهو يسير على خط اسبينوزا وهيجل‪ ،‬يتناول‬
‫الحرية على أنها جبر ذاتي أن تكون حرً ا يعني أن تتحدد بطبيعتك‪ ،‬وأال يكون‬
‫حرً ا يعني أن تتحدد من الخارج‪ .‬وهنا يربط ماركس بين التناغم والتنافر‬
‫بالتعاون والصراع‪ .‬والصعوبة هنا تسدد إلى قلب موقف ماركس‪.‬‬
‫أما إذا قِيل إن مجرد تقرب سارتر(‪ )247‬من الماركسية أكبر دليل على‬
‫تنكره لمذهبه السابق في (الحرية) خصوصًا وأن الماركسية تنادي (بحتمية‬
‫التاريخ) وتقول أن البشر مجبرون حضاريًا واقتصاديًا ببعض الظروف‪،‬‬
‫وبالتالي فإنها ال تكاد تدع مجاالً للحرية الفردية‪ ،‬كان ردنا‪ ،‬على ذلك‪ ،‬أن الجهد‬
‫الذي قام به سارتر في كتابه (نقد العقل الجدلي) قد انحصر في العمل على‬

‫‪1161‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫إفساح المجال داخل اإلطار الماركسي للفرد الحر‪ ،‬وأن سارتر لم يرد –قط‪-‬‬
‫للوجودية أن تستحيل (فلسفة جبرية) تنادي بحتمية التاريخ‪.‬‬
‫واآلن تأتي المعالجة الموضوعية لمسألة الحرية الماركسية من زاويتي‬
‫االشتراكية والرأسمالية‪.‬‬
‫أ‪ -‬في المجتمع االشتراكي‬
‫ألول مرة‪ ،‬وبشكل واقعي مع تطور المجتمع االشتراكي‪ ،‬ينتقل اإلنسان‬
‫من مملكة الضرورة إلى مملكة الحرية‪ ،‬ومن مملكة الحيوانية إلى مملكة اإلنسان‬
‫الحقيقي‪ .‬إن إمكانية تزويد كل فرد من أفراد المجتمع بفضل اإلنتاج المشترك‬
‫بوجود ليس هو ممتلًئ ا ماديًا فحسب‪ ،‬وصائرً ا أكثر امتال ًء يوما بعد يوم‪ ،‬بل‬
‫بوجود يضمن للجميع التطور الحر والممارسة الطبقية إلمكانياتهم الحكيمة‬
‫والذهنية(‪.)248‬‬
‫ومن هنا جاء دور الثوري – كما يرى سارتر – فالثوري ال يثور‬
‫للثورة بل يتجاوزها ويريد تنظيم المجتمع تنظيمًا عقليًا بنزعة اإلنسانية جديدة ‪..‬‬
‫إن حريته حرية تتخذ (الحرية هد ًفا) لها واالشتراكية هي وسيلة تحقيق عالم‬
‫الحرية(‪.)249‬‬
‫وهكذا نجد أن هدف االشتراكية(‪– )250‬دائمًا‪ -‬هو انعتاق اإلنسان‪.‬‬
‫االنعتاق الذي هو نفسه‪ ،‬عملية تحقق ذات اإلنسان‪ ،‬في سياق تفرده وتواصله‬
‫المنتج مع اإلنسان والطبيعة ‪ ..‬إن هدف االشتراكية‪ ،‬هو تطوير الشخصية‬
‫الفردية ‪ ..‬إن مجمل مفهوم ماركس للتحقق الذاتي لإلنسان يمكن فهمه بشموله‬
‫فقط بالعالقة مع مفهوم العمل‪..‬‬
‫إذن العمل‪ ،‬ورأس المال ليسا مقولتين اقتصاديتين فقط‪ ،‬بل أنهما‬
‫مقولتان انثربولوجيتان‪ِ ،‬بحُكم القيمة األساسية في موقف ماركس اإلنساني‪.‬‬
‫وقد اختصر (موريس توريز)(‪ )251‬تعاليم الجدلية الماركسية حول هذه‬
‫المسألة في عام ‪ 1934‬في المؤتمر القومي للحزب الشيوعي الفرنسي في‬
‫الكلمات التالية‪:‬‬
‫"يناضل الشيوعيون ضد جميع صور الدكتاتورية البرجوازية حتى ولو‬
‫ارتدت هذه الدكتاتورية صورة الديمقراطية البرجوازية ‪ ..‬كما يكشف‬
‫الشيوعيون القناع عن عملية انحطاط الديمقراطية البرجوازية الرجعي‪ ،‬ممهدة‬
‫الطريق أمام الفاشية"‪.‬‬
‫‪1162‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ومن هنا كان حديث ماركس(‪ )252‬الدائم حول االقتصاد والثورة السياسية‬
‫وتطور المجتمع الدراماتيكي الذي تحققه الشيوعية واالشتراكية والديمقراطية‬
‫االجتماعية التي تتحقق بالحرية اإلنسانية كلها‪.‬‬
‫وذلك من منطلق أن األساس في الشخصية االجتماعية(‪ )253‬هو الحقوق‬
‫المتساوية ‪ equal rights‬والنشاط السياسي الحر يبدو أنه الهدف الحقيقي لرضا‬
‫الذات االجتماعية وهذا ما يقصد به األيجو ‪ ego‬ولكي نفهم ذلك دعنا نختبر‬
‫اإليجو أي الخبرة المعاصرة وممارسة الغطاء النفسي هذا الغطاء المكون‬
‫للفردانية ‪ individualism‬وتستطيع الماركسية أن تساعدنا في فهم ذلك من خالل‬
‫المكونات البيئية‪.‬‬
‫ب‪ -‬في المجتمع الرأسمالي‬
‫البد أن تدرك أن مصدر الحرية‪ ،‬التي نادت بها الرأسمالية وطبيعة هذه‬
‫الحرية‪ ،‬هي حرية التجارة واألعمال بالنسبة للرأسمالي‪ ،‬وحرية العمل عند‬
‫الرأسمالي بالنسبة للبروليتاري ‪ ..‬ولهذا يضطر البروليتاري‪ ،‬كي ال يموت من‬
‫الجوع‪ ،‬إلى العمل طيلة الوقت المحدد كي ينال أجره‪.‬‬
‫أما البروليتاريا العصرية فهي كالعبد ال يملك شيًئ ا سوى حريته إال‬
‫قدرته على بيع قوته على العمل‪ .‬وكان العبد ينال غذاءه من سيده‪ .‬أما الرأسمالي‬
‫فهو يعطي البروليتاري في صورة أجر‪ ،‬الضروري مما يحتاجه في غذائه‬
‫فالرأسمالية إذن هي (العبودية المأجورة)(‪.)254‬‬
‫إننا نصل إلى هذه النتيجة‪ ،‬وهي أن اإلنسان (العامل) ال يعود يشعر‬
‫بنفسه أنه يفعل بحرية إال في وظائفه الحيوانية األكل – الشرب – التناسل –‬
‫سكنه – زينته‪ ،‬وال يعود يشعر بنفسه إال كحيوان في وظائفه البشرية‪ ،‬فالحيواني‬
‫يصبح البشري‪ ،‬والبشري يصبح الحيواني‪.‬‬
‫وبدون شك إن األكل والشرب والتناسل هي –أيضًا‪ -‬وظائف بشرية‬
‫بشكل صحيح‪ ،‬ولكن في التجريد الذي يفصلها عن باقي النشاط اإلنساني‪.‬‬
‫وحتى الحاجة إلى الهواء الطلق تبطل أن تكون حاجة لدى العامل‪ ،‬إن‬
‫تجريد الحاجة‪ ،‬ذلك لم يعد بالتلطف‪ ،‬بل هو إضعاف الحاجات األكثر طبيعية‬
‫ووضع مكانها حاجة مشددة في حدتها لكن مجردة‪ ،‬طالما هي ال تجد ما‬
‫يرضيها‪.‬‬

‫‪1163‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫لقد أصبحت الحاجة شبحً ا‪ :‬شبح الدراهم المفتش عنها بنهم (شبح‬
‫البؤس)(‪.)255‬‬
‫ومن هنا كانت نظرية ماركس لها مفاهيمها األخالقية وخاصة فيما‬
‫يتعلق بالليبرالية المعاصرة وديمقراطية أمريكا (إن صحت) واهتمامه بجذور‬
‫التصور الديمقراطي ونقده الداخلي من خالل الجدل ومناقشة النظرية‬
‫الديمقراطية من ناحية الوعود الفاشلة في إقامة مجتمع أفضل كما يدعي البعض‬
‫وعالقة ذلك بالعالمية ‪.)256(internationalism‬‬
‫وأخيرً ا‪ ،‬فقد حاولت الماركسية‪ ،‬بعد ماركس وبواسطة أنجلز‪ ،‬أن تنقلب‬
‫إلى فلسفة‪ ،‬كما يرى البعض – وأن تبرر الحرية أمام الضرورة من دون أن‬
‫تستوعب التبديل األساسي في الحضارة‪ ،‬ولذلك نجد انجلز يظن أن الدعوات‬
‫الهيجلية تكرار‪ .‬ال يستقيم – َكتب أنجلز "لقد كان هيجل سبا ًقا إلى تقرير العالقة‬
‫بين الحرية والضرورة حق قدرها ‪ ..‬وأن الضرورة ال تكون عمياء إال بقدر ما‬
‫ال تكون مفهومة"(‪.)257‬‬
‫كما انتقد (إدجار موران)(‪ .)258‬الحرية الماركسية‪ ،‬ويرى أنه كان من‬
‫المفروض أن يجد اإلنسان‪ ،‬عند ماركس‪ ،‬خالصة بإزالة االغتراب بمعنى أنه‬
‫يتخلص بالتحرر من كل ما هو غريب وبالسيطرة على الطبيعة إال أن فكرة‬
‫اإلنسان‪ ،‬غير المغترب‪ ،‬فكرة غير عقالنية‪ ،‬ألن االستقالل والتبعية ينفصالن‪،‬‬
‫فنحن نخضع لكل ما يغذينا وينمينا ما نمتلكه يمتلكنا – الحياة – الجنس – الثقافة‬
‫أما فكرة التمرد المطلق‪ ،‬والسيطرة على الطبيعة والخالص على األرض إنما‬
‫هي فكرة نحتها الجنون المجرد‪.‬‬
‫تعقيب‪ :‬إن ماركس لم يلغ الجزء الضروري في حياة اإلنسان وفي‬
‫تشكيله ولكن يؤكد على الوجود المعنوي الحر في الفكر والتصرف واإلبداع في‬
‫اإلنسانية كما ينبغي أن تكون فليس – عكس ما يدعي المؤلف – من الجنون‬
‫المجرد أو غير المجرد أن يحقق اإلنسان ذاته على األرض وأن يتحرر من‬
‫العبودية وأن يكون ً‬
‫سيدا على األرض كما أراده هللا أن يكون‪.‬‬
‫وهذا ما يجعلنا نناقش هنا مسألة الحرية بين المطلق والنسبي‪.‬‬
‫مستوى النسبية واإلطالق‬
‫ال شك أنه يوجد اختالف كبير من أنصار المدرسة التجريبية أو المادية‬
‫منها‪ ،‬فبينما يذهب البعض مثل الوضعية المنطقية‪ ،‬والسوفسطائية وآخرين إلى‬

‫‪1164‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫النسبية المطلقة وإلى اعتبار األخالق كلها أوامر وتعبيرات عن رغبات إنها‬
‫عبارات ال تحمل صد ًقا وال كذبًا وبالتالي يرون عدم إمكان قيام أخالق على‬
‫اإلطالق ‪ ..‬فذهبت (المادية الديالكتيكية) إلى أن المطلق ينشأ من خالل النسبي‪،‬‬
‫إن المطلق ال يتحقق كامالً ولكنه في عملية نمو واتساع أفقي وعمودي باستمرار‬
‫إن النسبية –عندهم‪ -‬ليست مطلقة(‪.)259‬‬
‫يقول كامنكا(‪ :)260‬إن رؤية ماركس كانت إدرا ًكا غير مصطنع للفروق‬
‫من األخالقية الوضعية ولالختالف بين التعاون التلقائي للخيرات والتحالفات‬
‫المؤقتة الخارجية والمفروضة الممكنة للشرور والتوتر‪ ،‬بين أخالق الحرية‬
‫والمشروع عند المنتج‪ ،‬واهتمام العمل بالغايات وأشكال األمن واألرباح وينقد‬
‫ماركس‪ ،‬حيث يكمن ضعف ماركس الرئيسي في فشله في استخراج الفرق بين‬
‫الحرية في اإلطار الوصفي وفي إطار طبيعة العمليات والحركات المتضمنة‪.‬‬
‫ويشارك انجلز ماركس(‪ )261‬في أن جميع األحكام الخلقية نسبية‪ ،‬وأن‬
‫األخالقيات‪ ،‬في الواقع‪ ،‬تقدمت‪ ،‬أنه يفرض جميع القيم الخلقية المطلقة‪ ،‬ومع‬
‫ذلك يتنبأ بظهور (أخالقيات إنسانية حقة)‪ ..‬وتحت تأثير نفوذه تذبذب‬
‫الماركسيون القطعيون حول االعتقاد بأن الماركسية هي علم (حر القيمة)‪.‬‬
‫وقد حاول هيلفردنغ ‪ Hilferding‬أن يح َّل التناقض‪ ،‬بشكل صارم‬
‫‪.1920‬‬
‫"إن نظرة الماركسية‪ ،‬كذلك تطبيقها بعيدان عن أحكام القيمة‪ ،‬ولهذا يكون‬
‫من الزيف أن نتصور‪ ،‬كما هو الحادث على نطاق كبير من داخل األخالق‬
‫وخارجها‪ ،‬أن الماركسية واالشتراكية متطابقان على هذا النحو ثم جاء قول‬
‫شيسخين ‪ A.E. shishkin‬عميد الفلسفة السوفيتية المعاصرين (إن فلسفة األخالق‬
‫الماركسية ال تفرض المعايير‪ ،‬إنها تستخلصها من الكيان االجتماعي لإلنسان)‪.‬‬
‫وفي (الماركسية والتحليل النفسي) يرى أسبورن(‪ :)262‬أن العجز عن‬
‫تفهم المتطلبات األخالقية الماركسية هو المسئول عن هذه الشروح الخاصة‬
‫للموقف الماركسي‪ .‬ونجد مثاال على ذلك في انتقاد األستاذ ك‪.‬ر بوبر للماركسية‬
‫عندما يصف الماركسية بأنها تتسم بنسبية أخالقية والمبدأ األخالقي الذي تعتمد‬
‫عليه الماركسية‪ ،‬يمكن تلخيصه في الشعار (تب ّنوا أخالق المستقبل)‪..‬‬
‫ويتصور بوبر أن ماركس يقول "إنني ارى أن البرجوازية مصيرها‬
‫الفناء‪ ،‬وأن البروليتاريا‪ ،‬ومعها أخالق جديدة‪ ،‬ستنتصر عليها‪ ،‬أرى أن هذا‬
‫التصور ال يمكن تجنبه‪ ،‬ومن الجنون أن نقاومه‪ ،‬تمامًا كالجنون الذي يمكن أن‬

‫‪1165‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫نصاب به إذا ما ذهبنا إلى عكس قانون الجاذبية األرضية‪ ،‬لذا فإن ضرورة‬
‫األساس يكون في صالح البروليتاريا وأخالقها‪ .‬وهذا القرار يرتكز على تنبؤ‬
‫علمي وتاريخي"‪.‬‬
‫إذن سيبقى السؤال الدائم للماركسية هو(‪)263‬؟‬
‫‪Is any thing taken as an absolute in Marxist ethics, or is‬‬
‫‪.everthing relative‬‬
‫أي هل يوجد مطلق في األخالق الماركسية أو ما يرتبط بها؟؟‬
‫إذن في النهاية‪ ،‬يأتي نقد مطلقية األخالق من إلغاء نظرية الضمير‬
‫ويمكن إجمال ذلك في(‪:)264‬‬
‫من الواضح أن ا ّدعاء المدارس المثالية بوجود ضمير نظري في كل‬ ‫‪-1‬‬
‫إنسان‪ ،‬ضمير غير مكتسب (الحاسة السادسة) التي هي كحاسة البصر‬
‫والسمع ووظيفتها تميز الخير والشر بالفطرة‪ ،‬هو ادعاء تبطله الحقيقة‪.‬‬
‫قيم األخالق كالعدل والصداقة والمساواة ليست أزلية بل نشأت تدريجيًا‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وقد بدا اإلنسان من مستوى الحيوانات العليا‪ ،‬ولكن عن طريق التعاون‬
‫والعمل واللغة‪ ،‬وأن لكل مجتمع قيمه‪.‬‬
‫في تطور اإلنسان وتطور قيمة وتشريعاته كان يشخص أيضً ا آلهته‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وينسب لهم تطوراته ومستواه وبالتدريج عمل على خلق عالم منفصل عن‬
‫األفكار والقيم المطلقة‪.‬‬
‫‪ -5‬الماركسية والمثالية األخالقية‬
‫بين االستحالة واإلمكانية‬
‫يشرح بيكاردا لدانتي‪ ،‬نظام الجنة(‪ ،)265‬هي وصف لمجتمع متعدد‬
‫األشكال‪ ،‬ولكن يوجد بين قلوب أعضائه التفاني التام في تحقيق هدف مشترك‪،‬‬
‫وتب ًعا لهذا الهدف يحدد مكان كل فرد ويقيم نشاطه‪ ،‬وسيجد األفراد مكانتهم من‬
‫مكانهم في هذا النظام‪ ،‬وهم مندمجون مع بعض اندماجً ا تامًا بفضل وحدة القصد‬
‫التي تربطهم حتى أنهم نسوا أنفسهم وهم لذلك مسرورون‪.‬‬
‫الفرد للفرد كالبنيان يشد بعضه بعضًا‬ ‫هنا ال ضغينة وال حسد‬
‫خيرات المجتمع في تناول كل فرد‬ ‫هنا ال أنانية وال نزاع‬
‫وهنا العمل المتواصل لمصلحة المجتمع‬ ‫هنا الصدق وال شيء غيره‬

‫‪1166‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫الفرد للكل والكل للفـرد‬
‫أيها اإلنسان إن السعادة ليست في جمع المال‪ ،‬وإنما في راحة البال فكن‬
‫خيرً ا لتحظى بالهناء‪.‬‬
‫وهنا يبدو معيار القيم األخالقية في العالقات بين الطبقات‪ ،‬وقبل كل‬
‫شيء يضع النشاط االقتصادي نفسه في مكانه المناسب كخادم للمجتمع ال سيده‪.‬‬
‫فما هو موقف الماركسية من هذه المثالية؟‬
‫كانت الماركسية(‪ )266‬تدعو إلى عمليات ثقافية متعددة إماطة اللثام عن‬
‫(المثالية) ومبحث االبستمولوجيا يعيد النظر في تقنيات المعرفة اإلنسانية نظرية‬
‫جديدة عن الحرية يتيح اإلفالت من اسر النزعة اللفظية في المقاالت المثالية‬
‫المنمقة من أجل (كرامة اإلنسان)‪.‬‬
‫وعندما يمضي ماركس في وصف الدولة الشيوعية(‪ )267‬تصبح لغته‬
‫خيالية إلى حد يشبه لغة االشتراكيين الفرنسيين الذين لم يتمكن من أن يحرر‬
‫نفسه من تأثيرهم‪ ،‬ولذلك يقول عندما يزول التناقض بين العمل العقلي‬
‫والجسماني وعندما يصبح العمل ليس وسيلة للعيش‪ ،‬هنا يستطيع المجتمع أن‬
‫ينقش على علمه عبارة (من كل فرد حسب مقدرته‪ ،‬وإلى كل فرد بحسب‬
‫احتياجاته)‪.‬‬
‫وكما فعل ماركس(‪ )268‬الذي كان أول شخص وصل لنتيجة أكيدة من‬
‫دراسته لنظرية القيمة لكن رودبرتوس فتح أمامه الباب الذي يقوده بها للطوباوية‬
‫‪. utopia‬‬
‫وقد ظهرت الطوباوية في كتاب جون جراي ‪John Gray 1831‬‬
‫وجربت هذه الطوباوية وبشر بها في إنجلترا ‪ 1830‬وظهرت في ألمانيا على يد‬
‫رودبرتوس ودعاها الحقيقة األخيرة وأظهرها برودون في فرنسا ‪.1846‬‬
‫والماركسية هي جزء ال يتجزأ من ميراث حداثة النهضة والتنوير(‪،)269‬‬
‫فقد كان هدفها الوصول إلى المجتمع الالطبقي‪ ،‬ولم تكن تمجيد البروليتاريا‬
‫سوى محطة للوصول إلى نفي جميع الطبقات بما فيها البروليتاريا‪ ،‬ولم يكن‬
‫التركيز على الجانب االقتصادي سوى وسيلة للتحرر اإلنساني الشامل‪ ،‬ولكن‬
‫تكلس الحلم الماركسي وتوقف تطبيق الماركسية عند حد ديكتاتورية البروليتاريا‬
‫ومركزية السلطة خاصة (في العصر االستاليني) وبذلك تحولت األفكار الساعية‬
‫إلى حلم التحرر الشامل إلى إيديولوجية تدافع عن مصالح محدودة وطبقية‪ ،‬وهنا‬
‫‪1167‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫يمكننا القول أن تاريخ الفلسفة هو تاريخ الصراع بين الفلسفة واإليديولوجيا أو‬
‫بين التسامح والتعصب وبين الحرية والقمع‪.‬‬
‫إن المجتمع المثالي في النظرية الماركسية(‪ )270‬هو الذي يحل فيه‬
‫التعاون محل الصراع بين الطبقات – كما يبدو من فكرة ماركس أن كل ما هو‬
‫طيب بالنسبة لإلنسان يتحقق في مجتمع دون طبقات مؤسس على مستوى مرتفع‬
‫لإلنتاج‪ .‬وهذه الفكرة مختلفة عن المثل األعلى السياسي ألرسطو الذي وضعه‬
‫األستاذ (تيلور) كما لو كان المثل األعلى الرستقراطية قليلة العدد‪ ،‬ولكنها تمتلك‬
‫أوقات فراغ‪ ،‬ومستوى عاليًا من الثقافة‪ .‬هذه االرستقراطية التي ال تمتلك ثروة‬
‫هائلة‪ ،‬وال تتميز بطريقة ملحوظة بغنى مادي‪ ،‬وقد تحررت من روح المغامرة‬
‫تعمل بهدوء على ارتقاء العلوم والفنون على حين تقوم طبقة من العمال على‬
‫توفير حاجاتها المادية‪ ،‬هذه الطبقة ال تتمتع بالحقوق المادية تعامل بلطف ولكنها‬
‫ً‬
‫شديدا ويعده أعظم فالسفة‬ ‫دون مستقل‪ ،‬رغم أن ماركس يكن ألرسطو إعجابًا‬
‫الحضارة القديمة‪ .‬إال أن فكرة أرسطو ال يجب أن ينظر إليها من زاوية‬
‫الظروف التاريخية‪.‬‬
‫وقد كان ماركس ال يشغل باله بتعريف ما هو خير بقدر انشغاله بكيفية‬
‫تحقيق السعادة في المجتمع‪ ،‬أي تحقيق الظروف المواتية التي تمكن اإلنسان من‬
‫الوصول إلى السعادة أكثر من اهتمامه بالخصائص المجردة لحالة السعادة‪.‬‬
‫ومن هنا كان ماركس على وعي بالمثل واليوتوبيات القديمة(‪ )271‬التي‬
‫تحققت في إطار األنساق التأملية ‪ ، speculative systems‬كما تحدثت عنها‬
‫ضا من خالل مخطوطات ماركس وبعد وفاته‪.‬‬ ‫إنجلترا أي ً‬
‫ويلفت ماركس نظرنا إلى سؤال هو(‪ )272‬هل يجب أن نظل مكتوفي‬
‫األيدي ونحن نتأمل معنى التاريخ وننتظر جنة عدن المقبلة أو يجب أن نشتغل‬
‫لتحقيق مثل أعلى يستحق جميع مجهوداتنا وكل طاقتنا؟‬
‫"إنّ الجماهير تملي على التاريخ مهمته وفعله"!!‬
‫وإذا كان اإلنسان الحي‪ ،‬الواقع وحده الذي يعمل شيًئ ا فذلك أن ماركس‬
‫يتحدث عن (تاريخ مثالي) وبالمقابل عن اإلنسان الخائض في الحياة االقتصادية‬
‫ضمن القوى المنتجة‪.‬‬
‫ولذلك فإن ما يميز النظرة الماركسية لالشتراكية(‪ )273‬عن النظرات‬
‫الخيالية (اليوتوبية) هو أنها تجعل مطلب الجماهير الذاتي منذ آالف السنين يتفق‬

‫‪1168‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ومتطلبات القانون االقتصادي األساس لنوع من اإلنتاج قد حدد بصورة علمية‬
‫وهذا ما يفسر نجاح بناء االشتراكية في االتحاد السوفيتي بقيادة الحزب‬
‫الشيوعي وليس بسبب اختيار حر أو حظ سعيد بل ألنه كان ملمًا بعلم‬
‫المجتمعات‪ ،‬كما يرى البعض‪.‬‬
‫ومن هنا لم تأتي مثالية ماركس(‪ )274‬إال بعد الدراسة الحقيقية للواقع‬
‫الراهن‪ ،‬حيث وضع ماركس وانجلز الخطوط األساسية في مبدأهما في وقت‬
‫مبكر بعد أغسطس ‪ 1844‬حين التقيا في باريس واستطاعا الحكم على العديد‬
‫من النظريات التاريخية والفلسفية واليوتوبية واالقتصادية والسياسية وفن التعبئة‬
‫العسكرية ‪ Tactical‬والحكم أي ً‬
‫ضا على النظريات الزائفة للواقع‪.‬‬
‫ومن هنا ظهرت اليوتوبيا عند اليساريين وهي يوتوبيا اشتراكية‬
‫تستوحي ألفاظها من قاموس اشتراكي مثل (الجوع – الشعب –الكفاح –‬
‫العمال)(‪.)275‬‬
‫وقد ارتبطت الشيوعية باليوتوبيا؛ ألنها‪ ،‬بتفكير بسيط‪ ،‬هي القريبة إلى‬
‫اليوتوبيا‪ ،‬وتاريخ الشيوعية القديم(‪.)276‬‬
‫وهنا يجد ماركس أن الرأسمالية وقد أخذت بالتعفن أكثر فأكثر‪ ،‬لم يكن‬
‫لها بد من أن تخلق (حفاري قبرها) ولكن هوية هؤالء تبقى –وحدها‪ -‬غير‬
‫محددة‪.‬‬
‫على أن ماركس‪ ،‬على كونه (متفائالً)‪ ،‬إال أن المهمة التي يقترحها أمر‬
‫ً‬
‫مشروطا –تاريخيًا‪ -‬في تحديداته ولكنها من مهمات‬ ‫مطلق مع أن هذا األمر‬
‫ماركسية لمن ينتسب كليًا للمادية التاريخية ‪.‬‬
‫(‪)277‬‬

‫وهنا يجدر بنا توضيح تلك العالقة بين الماركسية والهيجلية في المسألة‬
‫المثالية‪.‬‬
‫يقول ماركس‪ ،‬ر ًدا على هيجل(‪ ،)278‬إن المثالي ليس إال العالم المادي‬
‫منعك ًسا بواسطة الذهن اإلنساني‪ ،‬وذلك لتمييز المادية عن المثالية إال أنه يبرز‬
‫هنا سؤال‪:‬‬
‫أيلزم من ذلك في اللغة المادية الجدلية أن يصبح مصطلح مثالي‬
‫معادالً للوجود في الوعي فقط كما هو شائع؟‬

‫‪1169‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫يقول أساتذة الماركسية‪ :‬إن مثالية هيجل أقرب‪ ،‬كثيرً ا‪ ،‬إلى الحقيقة من‬
‫المادية (الغبية) السطحية المبتذلة‪.‬‬
‫والسؤال ما هي كنه العالقة بين المثالية واألخالقية الماركسية؟‬
‫يجب أن نعرف‪ ،‬في البداية‪ ،‬أن التجريد يالزم المثالية(‪ )279‬في أحكامها‬
‫(عامة) فلكل كيان قائم مثل أعلى مجرد وهو بمثابة الروح للجسد‪ ،‬فالمجتمع ال‬
‫يتألف من مجموع أفراده وكيان المجتمع المادي الزائل ال يساوي بالنسبة‬
‫للمقومات الروحية التي هي الجوهر الخالد أكثر مما تساوي الواسطة بالنسبة‬
‫للغاية‪ .‬وبهذا االعتبار ال تقوم المثالية بتقدير ما يقدمه الناس من تضحيات‬
‫بمعيار المنافع المادية التي يحققونها ألن التضحية للمثل ال تكون حقة‪ ،‬إال إذا‬
‫كانت مجردة عن استهداف النفع المادي‪.‬‬
‫ولذلك يرى ادوار موروسير(‪ :)280‬أن محرك االشتراكية عند البعض‬
‫هو لغة الطوباوية األخالقية والماركسية من حيث اعتبارها حركة مهدية‪ ،‬غير‬
‫أننا نشعر –أحيا ًنا‪ -‬بانطباع أن التناقض األساسي‪ ،‬الذي ينبغي حله‪ ،‬هو تناقض‬
‫المسيحية والماركسية‪ ،‬وأن الح َّل يبدو من خالل تفسير التعالي على أنه (مبدأ‬
‫الحرية)‪ .‬وتأتي المصالحة داخل مذهب تعدد سياسي وأخالقي‪ ،‬وعلى أساس‬
‫مبدأ اإلخصاب المتبادل‪.‬‬
‫(‪)281‬‬
‫كما تبدو المثالية‪ ،‬في الجانب السياسي‪ ،‬وخاصة (الحرب والسالم)‬
‫حيث يكتب اليساريون في مقوالتهم‪ :‬أنه خالل الربيع والصيف القادمين يجب أن‬
‫يبدأ انهيار المنظومة اإلمبريالية‪.‬‬
‫وقد يرى البعض أن الصياغة –هنا‪ -‬غير دقيقة‪ ،‬وجاءت على نحو أكثر‬
‫صبيانية على الرغم من التظاهر بالعلمية‪.‬‬
‫ولكن على الرغم مما تقدم من فكر مثالي يتالحم مع الفكر الماركسي إال‬
‫أن المثالية –هنا‪ -‬لم تخلو من نقد لها‪..‬‬
‫يقول إنجلز‪ ،‬وهو يمتدح ماركس(‪ :)282‬لقد كشف ماركس عن حقيقة‬
‫بسيطة ظلت دفينة إلى يومه تحت ركام من أضاليل المثالية – حقيقة بسيطة‬
‫هي‪ :‬أن الضرورة األولى واألساسية والشغل الشاغل لبني اإلنسان هو الطعام‬
‫والشراب والملبس والمأوى التي ال يستطيع ‪-‬بدونها‪ -‬أن يشغل باله بالسياسة‬
‫والعلم والفن والدين‪.‬‬

‫‪1170‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫كذلك نجد لينين(‪ )283‬يتحدث عن المعالجة الماركسية لتطور المؤسسات‬
‫االجتماعية فيقول "ليس هناك أثر ألي محاولة من جانب ماركس لتأمل أو تفكير‬
‫في إقامة يوتوبيا‪ ،‬أو صياغة افتراضات بلهاء ساذجة عمّا ال يمكن معرفته‪،‬‬
‫فماركس يتناول موضوع الشيوعية بنفس الطريقة التي يمكن أن يعالج بها عالم‬
‫الطبيعة موضوع تطور نوع بيولوجي جديد"‪.‬‬
‫ويأتي نقد آخر في (أفكار جديدة لعالم جديد) (‪ :)284‬إن األفكار الكلية‬
‫المتمثلة بالماركسية اللينينية حققت تقريبًا – وفي كل المجاالت عكس ما كانت‬
‫تسعى إليه من غايات على مدى طويل‪ :‬وهو ربط وسائل اإلنتاج والتبادل‬
‫بالدولة ً‬
‫ربطا كامالً‪..‬‬
‫أما األفكار الكلية المتمثلة بالقومية االشتراكية (النازية) فحققت اإلفناء‪ ،‬الذي‬
‫ارتبط اسمه بها‪ ،‬لكنها لم تستطع أن تحقق (المجتمع المستقبلي المثالي) الذي كانت‬
‫بطلته والقومية االشتراكية تقوم على فكرة سلبية يسيطر عليها وهم االنحطاط‬
‫والموت إلى جانب فشل ايديولوجيا الكمال‪ ،‬وانتظار الوصول إلى جنة أرضية‪ ،‬إنما‬
‫يمر من خالل اإلشارة إلى كبش محرقة يفترض به أن يشكل أصل كل بالء‪.‬‬
‫إذن المشكلة ليست في تصور مجتمع مثالي(‪ ،)285‬كما أن تلخيصها في‬
‫ثورة المقهورين على القاهرين أو المظلومين على الظالمين هو تبسيط مخل‪،‬‬
‫فتاريخ الفكر مليء بمجتمعات مثالية كثيرة‪ ،‬ولم يحاول أحد الوصول إليها‪ ،‬أو‬
‫باءت كل محاوالت الوصول إليها بالفشل‪.‬‬
‫كما أن تاريخ المجتمعات مليء بالثورات التي قام بها المقهورون‪،‬‬
‫والثورات التي استخدم فيها المقهورون والمظلومون التي منيت بالهزيمة‪ ،‬أو‬
‫تمخضت عن طبقات جديدة تمارس قهرً ا أو ظلمًا من نوع جديد‪ .‬وبالعلم نستطيع‬
‫أن نتبين كيف تتطور المجتمعات البشرية‪ ،‬ومن ّث َّم يمكن أن تجعل هذا التطور‬
‫مجاالً للنشاط الواعي‪.‬‬
‫‪ -6‬الماركسية في ميزان النقد‬
‫(انتقادات – تحيزات)‬
‫تعرضت الماركسية – شأنها شأن الفلسفات األخرى‪ -‬للنقد والتحليل‬
‫والهجوم والشروح والتحيز ‪ ..‬وكان البد لفلسفة ثرية‪ ،‬ذات أبعاد سياسية‬
‫واقتصادية واجتماعية‪ ،‬أن تنال كل هذا االهتمام من اآلخرين‪ ،‬فهي فلسفة‬
‫استطاعت أن يكون لها تأثيرها الواضح على اإلنسان والمجتمعات لما تحمله من‬
‫قضايا هامة كانت والزالت‪ ،‬موضعًا للنقاش بل أن هناك قضايا ماركسية تفرض‬
‫نفسها على الواقع المعاصر بحكم حيويتها وفاعليتها المستمرة‪..‬‬
‫‪1171‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫أ‪ -‬االنتقادات الموجهة إلى الماركسية‬
‫‪ -1‬من الزاوية الفلسفية‬
‫يقول سارتر في (المذهب المادي والثوري) إنه ال يحاسب الماركسية‬
‫على ما يعتقدونه‪ ،‬بل على ما يفعلونه‪ .‬وهذا ما يفسر بأنه ال يكتفي بأن يكون‬
‫مجرد ماركسي‪ ،‬ولهذا فإنه في اللحظة التي يصرح فيها بأنه يتبنى الماركسية‬
‫كمنهج موجه‪ ،‬يوجه –أيضً ا‪ -‬عد ًدا من االنتقادات األساسية إلى الماركسية‪،‬‬
‫ويمكن تلخيص كافة االنتقادات‪ ،‬إذا ما حددت أنها موجهة إلى (كسل‬
‫الماركسيين) وهذا الكسل يتجلَّى في إيمان الماركسيين بأن الماركسية قد تكونت‬
‫واكتملت‪ ،‬ولم يعد هناك من جديد يكتشف‪ ،‬وأن جميع األسئلة قد تم الرد عليها‪،‬‬
‫لكن سارتر يعتقد أن الماركسية مازالت فتية‪ ،‬وأنها بعيدة عن أن تكون قد‬
‫اكتملت ألنها كاإلنسان ال تتكون –نهائيًا‪ -‬إال في لحظة الموت(‪.)286‬‬
‫تعقيب ‪ ‬خطأ النقد السارتري هنا يقوم –أساسً ا‪ -‬على إغفال جوهر الفلسفة‬
‫الماركسية التي تقوم –أصالً‪ -‬على مبدأ الحركية والجدل وحركة التاريخ‬
‫والتطور وهو اإليمان الباقي دائمًا عند الماركسيين‪ .‬فكيف يوجه سارتر نقده إلى‬
‫إلى (كسل الماركسيين) وهم من آمنوا بالتطور واالستمرارية ولم تكن حركيتهم‬
‫كسل وال علميتهم خمول وبطالة‪.‬‬
‫إن الماركسية(‪ )287‬بفرض أنها نظرية لها قيمتها‪ ،‬نتاج التفكير الغربي‪.‬‬
‫والتهمة الرئيسية التي يمكن توجيهها إلى ماركس بوصفه ثوريًا دوليًا‪ ،‬هي أنه‬
‫فكر في الثورة في حدود قصرها على األحوال السائدة في الغرب‪ .‬وسار‬
‫الروس على هديها إال أنه كان يعوزهم –دائمًا‪ -‬الشعور بالنسبية‪ ،‬فاعتنقوا‬
‫المذهب في يقين صلب ال يلين‪ ،‬حتى أحالوه إلى قانون متحجر جامد يظنون‬
‫أنهم‪ ،‬وحدهم‪ ،‬القادرون على تفسيره تفسيرً ا صحيحً ا‪..‬‬
‫ومن هنا يأتي نقاد الماركسية فيما يتعلق بالمادية التاريخية(‪ )288‬فهم نقاد‬
‫الماركسية البرجوازية الذين أثبتوا أن ما يعلنه الفالسفة الماركسيون من صلة‬
‫بين المادية والتاريخية‪ ،‬وبين مصالح الطبقة العاملة وأفكار الشيوعية ما هو إال‬
‫دليل على الضيق الطبقي لدى العلم االجتماعي الماركسي اللينيني‪.‬‬
‫كما قام البعض بنقد المنهج الجدلي(‪ ..)289‬إن المنهج الجدلي الذي‬
‫اصطنعه ماركس له تأثير‪ .‬على المؤرخين المتأخرين فنجد (وليم هنري‬
‫تشمبدلن) نقد هذا المنهج فيقول (لقد عجزت الطريقة) المادية التاريخية التي‬

‫‪1172‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫أسسها ماركس عن تعليل ما نراه من فروق واضحة بين الشعوب التي في‬
‫مستوى واحد من حيث الرقي االقتصادي‪ ،‬فلم تدخل في حسابها العوامل الحيوية‬
‫كالجنس والدين والقومية‪.‬‬
‫ويعد أنثوني جيدنسن(‪ Anthony Giddens )290‬من الناقدين المعاصرين‬
‫للمادية التاريخية حيث قام بالنقد الجذري واألصلي للماركسية ‪Marxism and‬‬
‫‪ some radical critics‬وقدم رؤيته في (النظرية البنائية) فالحياة االجتماعية ال‬
‫تدرس من خالل اإلنتاجية واالستغالل بل من خالل القوة والسيطرة ولذلك‬
‫رفض المزاعم المتعلقة بالمادية التاريخية لسببين‪:‬‬
‫األول‪ :‬نموذج اإلنتاج ليس هو المفتاح دائمًا لخطة البناء االقتصادي‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التغيرات التاريخية في بعض األحيان تعبر عن القوة وعالقات اإلنتاج‪.‬‬
‫ولذلك يرى البعض أن الظواهر الفوضوية(‪ )291‬الكمية موجودة في‬
‫االقتصاد‪ ،‬وهكذا فإن االقتصاد الحر يبقى صحيحً ا على الرغم من وجود‬
‫األزمات االقتصادية‪ ،‬كما يقول البعض أن الرأسمالية حيث تسود الظواهر‬
‫الفوضوية في أوربا والواليات المتحدة قد أغنت اإلنسانية باالكتشافات والمعرفة‬
‫‪ ..‬إن الحياة والرياح هي ظواهر فوضوية إن الفوضوية تسود معدل هطول‬
‫المطر وحركة الرياح فوضوية أيضًا فالظواهر الفوضوية لها تطبيقاتها‪.‬‬
‫والسؤال من أين يأتي خطأ الماركسية عند السوفيت؟‬
‫إن التراتيل السوفيتية عن تحويل ملكية وسائل اإلنتاج إلى الدولة قد‬
‫جعلت الكثيرين الذين لم يهتموا بأن يقرأوا أي شيء لماركس يتوهمون أن‬
‫الماركسية هي وصفة جاهزة أو ملكية الدولة لوسائل اإلنتاج‪ .‬وقد ثبت في‬
‫التطبيق خطأ (النظرية) (‪.)292‬‬
‫ولذلك نجد في مؤلفات لينين (‪ )1918 – 1914‬اقتباسات واستشهادات‬
‫من كاوتسكي الماركسي ولكن لينين كان يتميز عند كاوتسكي بأنه لم يكن أسير‬
‫نص النظرية الحرفي‪ ،‬فقد كان على اقتناع بأنه ال يمكن االحتفاظ بالروح‬
‫الثورية الحقة إال في حالة امتالك القدرة على رؤية العالم بنظرة جديدة دون‬
‫تحيز أو أحكام مسبقة أو استسالم الذهن لمجموعة من الصيغ والمعادالت‬
‫الجاهزة(‪.)293‬‬
‫‪ -2‬من الزاوية اإلنسانية واألخالقية‬

‫‪1173‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫يقال أن ماركس كان ينكر أهمية الفرد ككائن لدرجة أنه لم يقدر‪ ،‬ولم‬
‫يفهم الحاجات الروحية لإلنسان‪ ،‬حيث يظن أن مثاله هو اإلنسان الحسن التغذية‬
‫والكساء و(المعدوم الروح)(‪.)294‬‬
‫وهنا تغدو اإليديولوجيا محض أيديولوجيا رغم تحفظات إنجلز‬
‫الصريحة‪ .‬وقد استتبع ذلك بالفعل تهوين من (مضمار الذاتية) بأكمله وهو‬
‫تهوين لم يطل فقط الذات من حيث إنها ‪ Egocogito‬أي الذات العقلية بل –‬
‫كذلك‪ -‬الداخلية واالنفعاالت والمخيلة‪ ،‬فذاتية الفرد ووعيه وال شعوره تنزع إلى‬
‫الذوبان في الوعي الطبقي‪ ،‬ومهما مهد السبيل أمام هذا التطور تأويل الذاتية‬
‫على أنها مفهوم (برجوازي)‪ ،‬وهذا أمر مشكوك فيه تاريخيًا(‪.)295‬‬
‫ويأتي رأي آخر ضد النزعة الذاتية في الماركسية من حيث إن الحرية‬
‫الفردية في التعبير والنقد مرتبطة بالسيادة ولكنها ال تتحقق إال بسيادة الفرد على‬
‫نفسه‪ ،‬وليست بسيادة الدولة التي تتجسم في الواقع في النظام الماركسي‪ ،‬في‬
‫عصابة معينة محددة وفي زعيم يتزعم هذه العصابة بكل أساليب اإلرهاب‪،‬‬
‫وليس بأسلوب االستقامة في التفكير والتصرف‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬وهو أسلوب اإلنسان‬
‫المهذب وسبيل اإلرادة القوية ليس إذالل (الدولة) للفرد‪ ،‬وليس استقالل جماعة‬
‫الحزب الشيوعي في النظام الماركسي للفرد(‪.)296‬‬
‫ومن هنا يأتي الهجوم على األخالق الماركسية‪ .‬هذا الهجوم على‬
‫المعالجة الموضوعية للمشاكل األخالقية على الرد (المادي) لأليديولوجيات إلى‬
‫األسس المادية للمجتمع وإلى الموقف المادي لطبقة ما أو إلى (المصالح) المادية‬
‫وهي موجودة في بعض صفحات البيان الشيوعي(‪.)297‬‬
‫ومهما كان الظلم الذي وقع على عمال المصانع في أوربا الغربية من‬
‫جانب أصحاب رؤوس األموال‪ ،‬فإن ذلك ال يبرر‪ ،‬على اإلطالق‪ ،‬أن يكون‬
‫النداء باسم الفلسفة والتفكير اإلنساني الذي يوجه العمال هو (الثورة الدموية أو‬
‫االنقالب والتخريب)(‪.)298‬‬
‫ويرى كامنكا(‪ :)299‬نتيجة فشل ماركس في تناول المسائل األخالقية‬
‫بشكل إيجابي‪ ،‬وفشله في الرفع من شأن طرق الحياة والتنظيم فوق الغايات‬
‫والسياسة‪ ،‬فإن الفروق األخالقية لم تلعب دورً ا رئيسيًا في الثقافات التي صدعت‬
‫الماركسية‪.‬‬

‫‪1174‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ولم تكن المسألة الحقيقية‪ ،‬التي تواجه الماركسية هي فلسفة األخالق‪ ،‬بل‬
‫النتائج المترتبة على إهمالهم لفلسفة األخالق‪ ،‬لقد كان ماركس على خطأ في‬
‫تبين االنهيار الباطني للرأسمالية واإلفقار المتزايد للعامل‪ .‬ومن المالحظ أن‬
‫اإلهمال الماركسي لفلسفة األخالق قد حال بين الماركسيين وبين الهجوم على‬
‫النزعة اإلصالحية إلعالئها من شأن الجوائز واألمن‪.‬‬
‫فقد حاول المشروع الماركسي(‪ )300‬تطوير شكل متطرف من المساواة‬
‫االجتماعية‪ ،‬على حساب الحرب‪ ،‬وذلك بإزالة الالمساواة الطبيعية واالستعاضة‬
‫عنها بمكافأة الحاجات وليس الكفاءات وبمحاولة القضاء على تقسيم العمل‪ .‬فكل‬
‫محاولة مستقبلية تجعل المساواة االجتماعية تتقدم إلى ما وراء (مجتمع الطبقة‬
‫الوسطى) ينبغي أن تقاس بفشل المشروع الماركسي‪ ،‬ومن أجل التوصل إلى‬
‫إلغاء الفوارق (الضرورية والثابتة)‪.‬‬
‫وكان البد أن تنتهي هذه المجتمعات الشيوعية إلى قبول درجة أساسية‬
‫من الالمساواة االجتماعية يسميها ميلو فان جيالس ‪ Milovan Djilas‬الطبقة‬
‫الجديدة من رسمي الحزب‪ ،‬وقد ذكر ذلك في كتابه الهام ‪The new class:‬‬
‫‪.Analysis of the communist system‬‬
‫إذن من المؤكد أن الضعف األساسي في تفكير ماركس(‪ )301‬يكمن في‬
‫فشله باستخالص نظرية عن الطبقات والتنظيمات والحرية في إطار إيجابي‪ ،‬في‬
‫إطار طبيعة العمليات وفي صراع االتجاهات تصاغ األهداف وتنشأ التكيفات‬
‫وقد آمن ماركس بمجتمع ال طبقي تختفي فيه صراع االتجاهات وطرق‬
‫المعيشة‪.‬‬
‫وهكذا يصبح االنتقال إلى االشتراكية شيًئا ال يقدر ببساطة على بحثه بجدية‬
‫كان يجب أن نخرج من الحسبان (الطبقة الدقيقة لديكتاتورية البروليتاريا) وقيم‬
‫ووسائل الحياة‪ ،‬كما يمثلها الناس الذين تقع في أيديهم مقاليد األمور‪ .‬إن القضاء على‬
‫الملكية الخاصة سيقضي على األساس الذي تقوم عليه المصالح المتنافسة‪.‬‬
‫إن رؤية االشتراكي للمجتمع كما تقول (روزا) عن لينين (هي رؤية‬
‫الرأسمالي لمصنع يديره رئيس عمال)‬
‫إن لينين – كما يرى كامو‪ )302(-‬لم يرحم ضرب كل األشكال العاطفية‬
‫من العمل الثوري‪ ،‬وكان يريد تطهير العمل الثوري من كل اخالقية يمكن أن‬
‫تعوقه‪ ،‬ألنه كان يعتقد –بحق‪ -‬أن السلطة الثورية ال يمكن أن تقوم لها قائمة‬

‫‪1175‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫مادامت تحترم الوصايا العشر‪ ..‬إنه يأخذ زمام السلطة بال قلق وال يبالي بأية‬
‫اخالقيات ً‬
‫باحثا عن أحسن الطرق لتشغيل الدولة‪.‬‬
‫إذن لسنا في حاجة إلى ماركس وانجلز(‪ )303‬ليقول لنا إن معايير السلوك‬
‫تتقارب من عصر إلى عصر‪ ،‬ومن جيل إلى جيل‪ ،‬وأن على كل جيل أن يحل‬
‫مشاكله الخلقية الخاصة به‪ ،‬وليس هناك أخالق عامة‪ ،‬بل ليست أكثر من تعبير‬
‫عن مصالح الطبقة‪ ،‬مع أن كل مؤلف أدبي عظيم يعكس األحوال االجتماعية‬
‫التي تسود عصره‪ ،‬كما أن هناك مبادئ خلقية مطلقة وثابتة ال تتغير حظيت‬
‫بالموافقة العامة عبر العصور مثل الصفة العامة التي تقود الناس إلى الموافقة‬
‫على أن (سقراط) كان رجالً صالحً ا وأن (نيرون) كان رجالً شريرً ا‪ .‬وأن‬
‫والحنث‪.‬‬
‫َ‬ ‫الصدق واإلحسان خير من الكذب‬
‫ولذلك يقال(‪ :)304‬إن التجربة قد كشفت أن الماركسية (نظرية ناقصة)‬
‫وأن الزمن والتجربة قد أبرزا الكثير من نقائص الفكرة الماركسية‪ ،‬لقد أثبتت‬
‫تجربة الزمن أن تحليل ماركس ألحوال زمانه كان خاطًئ ا‪ ،‬فأسلوب العمل‪ ،‬الذي‬
‫اقترحه ماركس‪ ،‬أصبح بال جدوى‪ ،‬والحل الذي اقترحه لعالج مشكالت البشر‬
‫هو أبشع أنواع (الظلم)‪ .‬وهكذا رفضت تجربة التاريخ كل تلك األسس التي‬
‫اعتمدها ماركس لبناء (مبادئ فلسفة المستقبل) وهو عنوان كتاب لماركس نشره‬
‫‪ ..1842‬إن هذه التجربة التاريخية هي حكم التاريخ على الماركسية‪ ،‬ولكن‬
‫أتباع ماركس رفضوا قبول هذا الحكم ‪ ..‬ويقال إن الحقائق الجديدة التي يقدمها‬
‫أتباع ماركس‪ ،‬هي أدلة على أخطائه ليس إال‪.‬‬
‫وفي المجال االقتصادي نجد مدلول ريكاردو(‪ )305‬بأن اإلنتاج‬
‫االجتماعي الكلي يخص العمال ألنه من نتاجهم‪ ،‬وأن هذا القول يقود إلى‬
‫الشيوعية‪ ،‬لكن كما يشير ماركس فيما يتعلق بالقول السابق بأنه خطأ من الناحية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ألن هذا القول يؤدي إلى (تطبيق األخالق) في (حقل االقتصاد)‬
‫وحينما نقول (هذا ليس عدالً) ويجب أال يكون هكذا فإنما يصبح هذا القول متعل ًقا‬
‫باألخالق ال باالقتصاد وهذه الحقيقة االقتصادية (تناقض الشعور األخالقي)‪.‬‬
‫والحقيقة أن أعداء االشتراكية(‪ )306‬وهي البرجوازية الرأسمالية يقولون‬
‫إن نجاح االشتراكية ال يمكن أن يتحقق إالباستبعاد الفرد‪ ،‬فيزعمون أن‬
‫االشتراكية تقضي على الطاقة الشخصية واألفراد ومواهبها وحقوقها‬
‫وحريتها ‪ ..‬والحقيقة عكس ذلك – كما يرى المؤلف – أي أن الرأسمالية هي‬
‫التي تفعل ذلك‪.‬‬

‫‪1176‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ولذلك نجد موق ًفا واضحً ا من الميتافيزيقية(‪ )307‬تجاه الماركسية وهم‬
‫غيظا عليها ويعيبون عليها (ثوريتها) ألنهم محافظون ودعاة استقرار‬ ‫ً‬ ‫حانقون‬
‫وبدون هذا االستقرار هم ال يرتاحون وال يطمئنون على فلسفتهم وعلى األنظمة‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية المرهونة به‪ ..‬الميتافيزيقيون هائمون‬
‫باالستقرار وذلك يعود – كما يرى المؤلف – إلى تخوفهم على األوضاع القائمة‬
‫في عالمهم وحرمان أسياد العالم من مغانم يضمنها لهم هذا االستقرار‪ .‬إن‬
‫االستقراريين يرون في كل حركة تحررية في بلد‪ ،‬خطرً ا عليه وعلى السالم‬
‫العالمي‪.‬‬
‫(‪)308‬‬
‫إذن على المستوى السياسي نجد أن الماركسيين المتزمتين‬
‫المتمسكين بالرؤية كان عليهم أن يجدوا بديالً للبروليتاريا‪ ،‬ولقد وجد لينين الذي‬
‫يعني بالشعبية الروسية البديل في الطبقة المثقفة الثورية والحزب المركزي‬
‫الهرمي البناء للثوريين المحترمين الذين يعملون كطليعة للطبقة العاملة‪ ..‬ثم‬
‫ظهر االستبداد من قبل الحزب الشيوعي وأن هذا االستبداد اليشير إلى عدم‬
‫جدارة رؤية ماركس‪ ،‬بل باألحرى إلى أنه كان معها بنصف قلبه‪.‬‬
‫ولذلك يمكن اعتبار أن التقدمية(‪ ،)309‬التي ينادي بها اليساريون‬
‫الماركسيون (من أتباع لينين) اليوم هي شعار االستبداد بالحكم في مجتمعاتهم أو‬
‫هي أوحى عماله ألولئك الذين يساندوهم في البقاء في كراسي الحكم في هذه‬
‫المجتمعات‪ ،‬الذين سبقوهم إلى تطبيق فكر ماركس في العشرينات من القرن (‬
‫‪ )20‬وما يزالون يرونه صالحً ا للبقاء منذ الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫ومن ضمن االعتراضات الموجهة إلى منظومة األخالق الماركسية ما‬
‫جاء به سوريل(‪.)310‬‬
‫إذن يجب االهتمام باألسس الميتافيزيقية لفكر ماركس‪ ،‬وما يدعم ذلك‬
‫أن ماركس لم يخشّ شيًئ ا قدر خشيته تناول أفكاره على نحو ثابت نهائي‪ ،‬ومن‬
‫ثم فإن تحديد نظرية ماركس بصورة قاطعة بدا متعارضً ا‪ ،‬عند سوريل مع‬
‫طبيعة فكر ماركس بالدرجة األولى‪.‬‬
‫وقد بدت الصعوبة‪ ،‬عند سوريل‪ ،‬في اقترابه من ماركس من خالل‬
‫(االهتمامات األخالقية عند برودون) خصوصًا وأن ماركس انتقد نظرية العدالة‬
‫عند برودون باعتبارها مجرد توازن بين القوى ال تقدم حالً للتناقضات الكامنة‬
‫في النظام البرجوازي ‪..‬‬

‫‪1177‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫إن المشكلة عند ماركس أكثر تعقي ًدا‪ ،‬وهي تتطلب‪ ،‬لحلِّها‪ ،‬تذويب‬
‫الفروق بين الطبقات‪ ،‬وتصفية الشقاء اإلنساني الذي تولد بنظام تقسيم العمل‪.‬‬
‫والحقيقة‪ ،‬كما يرى (بيرتون)(‪ ،)311‬أن نيتشه وماركس من محطمي القيم‬
‫واألصنام يعني ممن أرادوا تحطيم عدد كبير من القيم في عالم القرن (‪)19‬‬
‫حتى يتحقق لإلنسان وجود أخصب وأكمل‪.‬‬
‫الموجه إلى الماركسية في المثالية؟‬
‫ّ‬ ‫واآلن ما هو النقد‬
‫يرى كروتشه(‪ )312‬أن البحث الماركسي‪ ،‬في أساسه‪ ،‬لم يكن واقعيًا‪ ،‬فقد‬
‫تصور ماركس‪ ،‬في دراسته‪ ،‬مجتمعًا مثاليًا نموذج ًّيا تناول فيه المجتمع األوربي‬
‫الحديث والدول الغربية وأمريكا‪ ،‬ولذلك فالبحث الماركسي في هذا المجال لم‬
‫يكن إال قضايا ال صلة لها بالواقع‪ ،‬مما أدى إلى اعتقاد كروتشه أن كتاب (رأس‬
‫المال) هو بحث تجريدي‪ ،‬األمر الذي يشكل اختال ًفا بين ما يسمى بالمجتمع‬
‫التاريخي من جهة‪ ،‬والمجتمع االفتراضي التصوري من جهة أخرى‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يرى كروتشه أن صورة المجتمع األخير هو الذي كان مجرد‬
‫بحوث ماركس ونشاطه‪ ،‬ولذلك بقيت أطروحاته مجرد فرضيات لم تتحقق في‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫تعقيب ‪ ‬سؤالنا لماذا ال تتحول الفرضيات إلى وقائع ملموسة وتطبيقات فلسفية‬
‫‪ ..‬فقد كان يجب على كروتشه أن يحاول إيجاد البدائل أو الظروف المالئمة‬
‫للتطبيق الماركسي بدالً من لهجة اإلحباط لكل النشاطات الماركسية‪.‬‬
‫ولذلك يرى البعض أن فلسفة ماركس(‪ )313‬لن تكون فرعً ا من الفردوس‬
‫ً‬
‫تجسيدا لمستقبل ذهبي يزول فيه كل قهر واغتراب‪ ،‬كما يحدد (إله) التاريخ‬ ‫أو‬
‫و(نبيُّه األمين) كارل ماركس‪.‬‬
‫والسؤال اآلن ما هي أزمة الماركسية‪ ،‬وعالقتها باستمرارها أو‬
‫زوالها؟ إنه سؤال هام تبدو مسألة الممارسة‪ ،‬عند الماركسية‪ ،‬من أكثر‬
‫االنتقادات واألزمات التي واجهتها الماركسية‪.‬‬
‫ولذلك يقول جارودي(‪ )314‬يستطيع الماركسيون‪ ،‬كحل لقضية الممارسة‪،‬‬
‫أن يرددوا الكلمات ممارسة – عمل – فعل – إنتاج ‪-‬شغل – صيرورة –‬
‫تحول‪ ،‬وأن يضعوا عالمات التشديد‪ ،‬هذا ال يحل المسألة‪ ،‬ال يحل أية مسألة‪.‬‬

‫‪1178‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫فقد أعجب هابرماس(‪ )315‬بالنظرية الماركسية‪ ،‬وقد قرأ كتاب لوكاش‬
‫(التاريخ والوعي الطبقي) ‪ History and class sciousness‬بحماسة‪ ،‬وقد‬
‫خلص في النهاية إلى أنه من المستحيل تضييق ماركس أو لوكاش مباشرة على‬
‫مرحلة ما بعد الحرب الكبرى‪ ،‬وكانت هذه الثنائية هي التي جذبته إلى هور‬
‫كهايمر وكتاب أدورنو وجدليات التنوير ‪.Dialectic of Enlightenment‬‬
‫ويشترك هابرماس مع التقليد الماركسي في االهتمام بتطور الرأسمالية‬
‫وتناقضاتها مع الحياة االجتماعية والشخصية‪ ،‬إال أنه‪ ،‬هو نفسه‪ ،‬يرفض‬
‫المسلمات األساسية لماركس ونادى‪ ،‬بدالً من ذلك‪ ،‬بضرورة إعادة بناء المادية‬
‫التاريخية في كتابه عن (النظرية والممارسة) فعلى الرغم من أن االتحاد‬
‫السوفيتي –نفسه‪ -‬لم يلغ –تمامًا‪ -‬المبادئ النظرية الخالصة للماركسية‪ ،‬فالظاهر‬
‫أن هايرماس كان يشك في هذه المبادئ الوثيقة الصلة بإحداث نوع من احتكار‬
‫بيروقراطي يهدف إلى تقصير االنتقال من االقتصاد الزراعي إلى الصناعي‬
‫المتقدم‪.‬‬
‫إذن ما هي أزمة الماركسية الحقيقية؟‬
‫توجد نظريتان(‪ )316‬ترى األولى أن األزمة هي أزمة نمو‪ ،‬بينما ترى‬
‫األخرى أنها أزمة زوال واحتضار‪ ،‬ولكن البد لدعاة النظرية الثانية‪ ،‬كي يكونوا‬
‫محقين في زعمهم‪ ،‬أن يثبتوا أن الماركسية تتغافل عن قضاياها وتناقضاتها‬
‫الداخلية‪ ،‬وإال فال داللة الدعائهم‪ ،‬إال أن الماركسية تعاني تبدالً وتحوالً أما‬
‫النظرية األولى نظرية (أزمة النمو) فال تثبت بمجرد االدعاء‪ ،‬بل تقتضي بتبيان‬
‫التجدد الذي تصير إليه هذه األزمة‪.‬‬
‫وقد حملت الماركسية(‪ )317‬في باطنها‪ ،‬خصوصً ا في صورتها الستالينية‪،‬‬
‫جذور انهيارها‪ ،‬التي تمثلت في البيروقراطية والفساد‪.‬‬
‫ولذلك لم َتب َْق الماركسية(‪ )318‬كثيرً ا بل فقط إلى عام ‪ -1970‬كما يرى‬
‫البعض – وقد حلت محلها ما بعد البنيوية ‪ Structuralism‬وما بعد الحداثة‬
‫‪.Modernism‬‬

‫‪1179‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫‪ -2‬تحيزات حول الفلسفة الماركسية‬


‫يقول (كاريو) يجب أخذ الماركسية مأخذ الجد‪ ،‬ومن أكبر األخطاء‬
‫التهوين من شأنها وقوتها‪ ،‬شأنها شأن أي نظام فكري تكمن في قوة اجتذابها‬
‫لطبقة المثقفين‪ ،‬وال يمكن تفنيدها بمجرد أن ننسب إلى زعمائها مواقف وأعماال‬
‫لم يتخذوها‪ ،‬ولهذا يتعين بذل الجهود لعرضها عرضً ا عادالً موضوعيًا‪ .‬ويرى‬
‫(كاربو) أن الماركسية (مذهب جبار) ال يمكن معارضته معارضة ناجحة إال‬
‫على أيدي هؤالء الذين يفهمونه(‪.)319‬‬
‫كما أن الغرب قد قبل ادعاءات الروس الدعائية‪ ،‬ووصل إلى االفتراض‬
‫بأن نظرات ماركس تتطابق مع الرؤية والتطبيق الروسيين(‪.)320‬‬
‫ولذلك كانت نهاية االتحاد السوفيتي سببًا في موت الماركسية ‪..‬‬
‫والحقيقة أن الماركسية تتميز بنفسها من حيث إنها طريقة (مزاج) ‪ Mode‬في‬
‫التفكير‪ ،‬وفي التحليل‪ ،‬وفي النظرة االشتراكية واألهداف االجتماعية والسياسية‬
‫وفي النظر إلى الشيوعية كحركة تاريخية(‪..)321‬‬
‫وهل النقمة على روسيا(‪ )322‬هي متجذرة – ح ًقا – في إطار مشاعر‬
‫إنسانية وأخالقية‪ ،‬أو أن األمر ال يتعدى حقيقة اعتبار النظام‪ ،‬الذي تنتفي فيه‬
‫الملكية الخاصة‪ ،‬نظامًا ال إنسانيًا ومثيرً ا للحظر‪..‬‬
‫وهذا ما كتبه ماركس في رأس المال(‪ The capital )323‬ففي وقت ما‬
‫كان هناك رد فعل الفكر األوربي ضد الرأسمالية إلى فلسفة قائمة بذاتها ‪..‬‬
‫جديدا من أشكال االستغالل‪ ،‬وقد عرفها ماركس بنفسه‬ ‫ً‬ ‫وكانت هذه الفلسفة شكالً‬
‫"بأنها تجرد ملكيات الذين يجردون اآلخرين من ملكياتهم‪ ..‬وقد زعم ماركس أن‬
‫هذا الحل هو مقتضى التاريخ نفسه بل إنه حتمية من حتميات التاريخ‪.‬‬
‫ولذلك قال رسل عن ماركس "إنه ليس داعية إلى الثورة‬
‫االشتراكية‪ ،‬بل هو المتنبئ بها"‪.‬‬
‫ويبدو –جليًا‪ -‬تناقض المنتقدين للماركسية(‪ )324‬ويتمثل ذلك في حقيقة ان‬
‫األشخاص الذين يفهمون ماركس والمادية‪ ،‬هم أنفسهم الذين يتهمون االشتراكية‬
‫بانعدام الواقعية‪ ،‬ألنها ال تقر أن الدافع الفعال الوحيد الذي يدفع اإلنسان للعمل‪،‬‬
‫يتركز في ميله للربح المادي‪.‬‬

‫‪1180‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫والسؤال كيف يمكن للفلسفة الماركسية أن تتطور‪ ،‬وهل هي‬
‫منهج أم مذهب‪:‬‬
‫كيف يمكن لفلسفة ما أن تتطور والمفروض فيها أنها وسعت كل شيء‬
‫من اإلنسان إلى الطبيعة‪ ،‬إلى ما وراء الطبيعة موضحة كل األساسيات‬
‫والعموميات والمناهج والمعايير‪ ،‬والتي ليس على الناس إال أن يتبعوها للوصول‬
‫إلى الفرعيات والخصوصيات ببساطة علينا أن نتخلص من هذا الفهم للفلسفة‪.‬‬
‫لكن ما البديل إذا أردنا للفلسفة أال تتحول إلى مطبعة مالحظات هنا وهناك ال‬
‫يجمعها نسق واحد نظري‪.‬‬
‫قد يرى البعض البديل في أن تتخلى الفلسفة عن (المذهب) وتكتفي‬
‫بالمنهج فمن الممكن أال يتعارض ثبات المنهج مع تغير النظريات التي تصل‬
‫إليها على أساسه‪ ،‬ألم تتغير الفيزياء من النظرية الكالسيكية إلى نظرية الكم مع‬
‫عدم تغير المنهج العلمي ‪..‬‬
‫أما البديل الحقيقي – الذي يطرحه المؤلف – هو أال تتخلى الفلسفة عن‬
‫المذهب(‪..)325‬‬
‫كما يقال أن الماركسية باقية فقد ظهر مقال لينين (الماركسية‬
‫والتحريفية) (‪ )326‬أن نمو الماركسية ونشرها وترسيخ أفكارها بين الطبقة العاملة‬
‫يؤدي إلى تزايد حدة حمالت البرجوازية ضد الماركسية‪ ،‬التي تصبح أكثر قوة‬
‫وصالبة وقدرة على الحياة‪ ،‬بعد كل مرة يعلن فيها العلم الرسمي (القضاء‬
‫عليها)‪.‬‬
‫فقد ظلت الماركسية‪ ،‬طوال نصف القرن األول من وجودها‪ ،‬منذ‬
‫األربعينات من القرن التاسع عشر تناطح النظريات التي ناصبتها العداء‪ ،‬ثم‬
‫ص َّفى ماركس وانجلز حسابهما مع الراديكاليين من أنصار هيجل الجدد‪..‬‬
‫ضا‪ -‬أن الماركسية(‪ )327‬قد ماتت عند البعض من خالل أسوأ‬ ‫ويقال –أي ً‬
‫صفاتها ومالمحها ‪ The worst Features‬في نظريتها األصلية‪ .‬وكان نجاحها‬
‫–فقط‪ -‬في الثورية‪ ،‬بينما أوربا وأمريكا كانوا من االشتراكيين المتزمتين‪ ،‬على‬
‫حين أن العالم الثالث أخذ بالماركسية اللينينية‪ ،‬التي أصبحت برنامجً ا هامًا‬
‫للقوميين‪ ،‬ولكن‪ ،‬في النهاية‪ ،‬لم تعد القوة والسلطة باقية كقانون للطبقات ومن‬
‫هنا جاءت اهمية الماركسية الغربية ‪ ،western Marxism‬التي تمثل دورً ا هامًا‬
‫في الوعي والشعور ‪.The role of consciousness‬‬
‫إذن على الماركسية وجوب إعادة إنتاجها وفي النهاية وكما يقول‬
‫توماس ليمكي(‪ .)328‬من المؤكد أن ماركس سيعود إلى الظهور يوما ما‪ .‬ما أتمناه‬
‫ليس بالضبط عملية رفع الزيف عن ماركس الحقيقي‪ .‬أو إعادة وضعه في‬
‫موقعه‪ ،‬بل تخفف األثقال عن ماركس وتحريره من دوغمائية الحزب الذي أقفل‪،‬‬

‫‪1181‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫ولذلك يقول إتيان باليبار ‪ Etienne Balibar‬إن موقف فوكو تحول‪ ،‬خالل‬
‫تطوره النظري‪ ،‬متنقالً من قطيعة مع ماركس كنظرية إلى (حلف تكنيكي) ي َّتسم‬
‫باستخدام بعض مفاهيم الماركسية أو بعض المناهج المتوائمة مع الماركسية‪.‬‬
‫نتائج البحث‬
‫‪-1‬تساؤالت حول الماركسية والمادية‬
‫وإجابات ذات أبعاد واقعية‬
‫هل هناك فلسفة تعيش على الفكر المحض دون أن تتنفس الحياة‪ ،‬ودون أن‬ ‫ا‪-‬‬
‫تشعر بالوجود الحي الديناميكي؟‬
‫هل هناك فلسفة تحرك الجسد‪ ،‬وال يكون للروح أي دور في انبعاث‬ ‫ب‪-‬‬
‫الجسد وتحريكه؟‬
‫هل توجد فلسفة – ومهما حاولت أن تدعي – أنها تنظر إلى مقومات‬ ‫ج‪-‬‬
‫الحياة دون أن تلتفت إلى من يعيشها ويسكن فيها؟‬
‫هل يمكن العيش بدون قيم‪ ،‬واإلنسان هو الممثل األول للقيم اإلنسانية التي‬ ‫د‪-‬‬
‫أخذت صفاتها من صفاته‪ ،‬واستمدت وجودها من وجوده الثري وفكره‬
‫العميق؟ وحتى إذا انقلبت منظومة القيم وتغيرت‪ ،‬فال شك أنها‪ ،‬في‬
‫األصل‪ ،‬موجودة وبالتغيير معدلة وبالتطور محولة‪ .‬أليس كذلك؟‬
‫وإنسان اليوم ليس كإنسان األمس فقد تغيرت منظومة الحياة فأصبحنا‬
‫بين الثابت والمتحول في حالة من التشتت التي تقترب من الفوضى المعرفية‪.‬‬
‫وسؤالي دائمًا هو سؤال الفلسفة السيال ‪ ..‬هل غابت القيم اإلنسانية في‬
‫الفلسفات المادية ومنها الماركسية‪.‬‬
‫اإلجابة ال‪ :‬ألنه مهما حاولت هذه الفلسفات أن تغلِّب العقل‪ ،‬والمادة‬
‫على الروح والوجدان‪ ،‬فهي –بالروح‪ -‬تعيش‪ ،‬وبالقلب تنبض‪ ،‬وباإلحساس‬
‫يكون الحبور والفرح أو الشقاء واأللم‪.‬‬
‫هذا هو سؤالي الذي صهرني في بوتقته كثيرً ا وجعلني أرفض (عن علم‬
‫خاص بي) أن تكون المادية ضد الروحانية‪ ،‬أو أن يعيش اإلنسان أحادي الجانب‬
‫عقل ومادة بال روح‪.‬‬
‫ومن هنا كان هذا البحث المتواضع عن قيم األخالق في الفلسفة المادية‬
‫وتصوري أن الماركسية أوضح ما يمثل هذا الفكر‪.‬‬

‫‪1182‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫لقد ه ّزت الماركسية العالم كلَّه بتوجهاتها السياسية والدينية واألخالقية‬
‫والفنية‪ ..‬إنها ذات طابع فريد‪ ،‬تعتمد على حماس إنساني شعبي فاستقطبت‪ ،‬بذلك‬
‫عددا كبيرً ا من الناس‪ ،‬وكأنها كانت المتنفس اإلنساني له كتعبير صادق‬ ‫الفكر‪ً ،‬‬
‫تتوق به نفوسهم من قيم العدل والمساواة والحرية والفردانية الموقرة ‪..‬‬‫ُ‬ ‫عما‬
‫اإلنسان في الماركسية‪ :‬يعشق التغيير والنسبية‪ ،‬يفكر ‪-‬خارج‬
‫ً‬
‫منحازا لإلنسانية كلها‬ ‫الصندوق‪ -‬متفتحً ا وليس منغل ًقا‪ ،‬كاش ًفا وليس مكشو ًفا عنه‪،‬‬
‫إنسان الماركسية يوجه جملته إلى البروليتاريا‬
‫َ‬ ‫وطبقة البروليتاريا‪ .‬وكأنّ‬
‫المقهورة "انتظروني فقد جئت اليوم إلنقاذكم من براثن الرأسمالية المتوحشة"‪.‬‬
‫‪-2‬األخالق الماركسية رؤية على الجانب اآلخر‬
‫(األخالق الموازية)‬
‫الفلسفة الماركسية بانطالقتها العنيدة والصادقة وتحدياتها المثمرة قد‬ ‫ا‪-‬‬
‫استطاعت أن تخلق أخال ًقا موازية لألخالق التقليدية‪ ،‬رافضة ‪-‬بشدة – ك َّل‬
‫ما هو تقليدي بليد راديكالي غير متحرر‪ ،‬عاكسة للمفاهيم االقتصادية‬
‫واالجتماعية والعقلية في الحياة اإلنسانية بمنظومة قيمية‪.‬‬
‫إذا لم يكن للفلسفة الماركسية رصيد أكثر من االهتمام بالكينونة اإلنسانية‪،‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫واالنحياز المطلق لإلنسان‪ ،‬إلى جانب العدالة االجتماعية والتحرر‬
‫الثوري والبعد االشتراكي العميق فهذا يكفيها‪.‬‬
‫ولذلك وجدناها – عمليًا – تسعى النعتاق اإلنسان من أسر اإلنسان‪،‬‬
‫تقضي على العبودية ودونية اإلنسان وعبودية المال لإلنسان فهي فلسفة‬
‫إنسانية من الطراز األول‪.‬‬
‫إذا كانت األخالق الماركسية مستوحاة من قيم عصرية تطورية‪ ،‬ترفع من‬ ‫ج‪-‬‬
‫شأن اإلنسان بامتالك أدواته اإلنتاجية والمعرفية والقيمية فهي فلسفة‬
‫جديرة باالحترام ويكفيها فخرً ا أن يكون نداؤها الدائم هو الحرية الفردية‬
‫واالشتراكية‪ ،‬وحسن توزيع الثروة واالنحياز المطلق للبروليتاريا وحقها‬
‫في الحياة والكرامة اإلنسانية والتقدم ‪..‬‬
‫يقول ميرلوبونتي في (فينومينولوجيا اإلدراك) جملة هامة هي "أن الفكر‬ ‫د‪-‬‬
‫الذي يعيش لذاته‪ ،‬بدون الكالم ال يعيش حتى لذاته"‪.‬‬
‫ونحن نضيف أن الفكر‪ ،‬الذي يعيش لذاته‪ ،‬بدون كلماته وبدون تطبيقاته‬
‫الحيوية‪ ،‬فيصبح الفكر المنطوق والمطبق‪ .‬إنما هو ال يعيش لذاته وال لكلماته ‪..‬‬
‫إنه فاقد للوجود والحياة‪ .‬وفي حالة الماركسية نجد العدالة – المساواة –‬
‫‪1183‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫المشاركة – النضال – البحث عن األفضل‪ ،‬إذن فليست الفلسفة األخالقية‬
‫الماركسية مجرد تنظير فلسفي ألحوال المجتمع األلماني أو الرأسمالي أو‬
‫االشتراكي‪ ،‬ولكنها فلسفة العمل والممارسة فهي ال تقوم –فقط‪ -‬بنقد الظلم بل‬
‫تعمل على إلغائه بتحرير المقهورين من البروليتاريا ‪ ..‬فهي فلسفة ال تبحث فيما‬
‫هو كائن بل فيما ينبغي أن يكون‪.‬‬
‫األخالق والنضال‬ ‫‪‬‬
‫إن فكرة النضال البروليتاري هي‪ ،‬في نظرنا‪ ،‬أسمى القدرات األخالقية‬
‫وكأنها درجات األخالق‪ .‬درجات النضال = درجات األخالق‪.‬‬
‫وذلك نرى أن عدمية األخالق الماركسية (كما يرى البعض) هو‬
‫اعتراف صريح باألخالق الماركسية عن طريق الحذف واالستبدال‪ ،‬أي استبدال‬
‫األخالق التقليدية بأخالق نضال إنساني‪.‬‬
‫إن أخالق النضال هي أخالق البطولة والفداء إنها أخالق تعلو فوق‬
‫البساطة والسطحية (الخير – الشر – الفضيلة – الرذيلة) أنها األخالق‬
‫النضالية‪ ،‬أخالق الصمود والتحدي أخالق تكافح من أجل األفضل إنسانيًا‬
‫وسياسيًا واقتصاديًا وإبداعيًا‪.‬‬
‫إنها تطرح –جانبًا‪ -‬مقوالت األخالق الجامدة لتستبدلها بما هو أرقى‬
‫وأشبع لحاجات اإلنسان سيكولوجيا واقتصاديًا‪ ،‬فهي تطعم اإلنسان ثم تملُؤ ه‬
‫داخليًا بروح التفاؤل واالندماج وليس التشاؤم واالغتراب ‪ ..‬إن الماركسية‬
‫تتركز على أمراضنا االجتماعية وصورتنا االنعزالية وتحاول أن تجد الصورة‬
‫المثلى للقضاء عليها‪.‬‬
‫وحين يمتلك اإلنسان وسائل إنتاجه فقد امتلك ذاته وقوته وأصبح شري ًكا‬
‫فعاالً في العملية االقتصادية يأخذ ويعطي فال يخرج من مجتمعه بكوب فارغ‬
‫تملؤها دموع االحتياج والمعاناة فيفقد إنسانيته أمام توحش من ال إنسانية لهم ‪..‬‬
‫وكيف نطالب من ال يمتلك شيًئ ا‪ ،‬إنه ساخط ينظر إلى المستقبل بعين الترقب‬
‫والحزن وليس بعين األمل والفرح‪ .‬فهل يمكن أن نعلم هذا اإلنسان كيف يفرح‬
‫بوجوده في هذه الحياة التي ينقصها شيء واحد‪ ،‬فقط‪ ،‬هو الحياة نفسها ‪ ..‬إذن ال‬
‫مفر من النضال لتحقيق اآلمال في مجتمع مثالي وكأن الماركسية هي دعوة‬
‫للنضال ‪ Strife‬وبالتالي للتضامن ‪.Soldierity‬‬

‫‪1184‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫يقول الشاعر الفرنسي بوالو‪" :‬إن ما تتمثله جي ًدا‪ ،‬تأتي صياغته‬
‫واضحة والكلمات التي تقولها تظهر فينا طائعة"‪.‬‬
‫وهذا القول – عندنا – تنطق به الماركسية بجالء‪ .‬فقد تمثلت أفكارها‬
‫وصاغتها وأطاعتها أفكارها في التطبيق‪.‬‬

‫‪1185‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫األخالق واالقتصاد‬ ‫‪‬‬


‫(إن البطن الجائعة ليس لها عقل)‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا كانت هناك مقولة تؤكد ليس بالخبز وحده (أي بالمال) يحيا اإلنسان‬
‫فهناك قول آخر ليس بالفقر يعيش البشر فكيف يعيش إنسان في ظل االحتياج‬
‫والعوز‪.‬‬
‫ثم كيف نطالبه باإلبداع والخلق والتمرد من أجل الجديد بعد أن حجبت عنه‬
‫احتياجاته اليومية إشراقة الشمس ونور القمر‪ ،‬فمنعت عنه اإلبداع والفكر‬
‫ليسير –بدونهما‪ -‬كمن يدور في ساقية ال للحب ال لالحترام ال لالندماج‬
‫وأهالً بالكراهية وسوء التقدير والوحدة‪.‬‬
‫تلك هي أخالق اإلبداع‪ ،‬التي أرادت الماركسية أن تستبدلها بأخالق االقتصاد‬
‫الرأسمالي المتوحش‪.‬‬
‫‪ -‬البد ‪-‬إذن ‪-‬من اقتصاد اشتراكي وهادف وشمولي‪ ،‬قادر على تحقيق تكافؤ‬
‫الفرص وانتشال اإلنسان من اغترابه وعزلته الندماجية تجلب السعادة‬
‫والخير واللذة‪.‬‬
‫‪ -‬إنه التناغم مع ثقافة جديدة بأخالق جديدة‪ ،‬تجعل من البناء االقتصادي‬
‫المتوازن صمام األمان للعقل والروح‪ .‬إنه التسامح الذي ينشأ من المساواة‬
‫وحسن توزيع الثروة‪ .‬إنه األنا واألخر ليس بالمواجهة والصراع ولكن‬
‫بالتالحم واالنصهار‪.‬‬
‫‪ -‬إن الهدف الماركسي يتبلور في الخروج من االنحياز لِلقوىِّ صاحب رأس‬
‫المال إلى االنحياز للفقراء المعدمين ‪ ..‬إنها قمة األخالقية‪ ،‬إنها ليست أخالق‬
‫انحيازية بقدر ما هي أخالق مبدئية – إن صح التعبير ‪ .‬أي التي تقوم على‬
‫مبدأ عِ ش من أجل اآلخرين (ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط)‪.‬‬
‫يقول الشاعر األلماني جوته "إن العيش بدون األخرين هو االنتحار‬
‫الميتافيزيقي"‪.‬‬
‫وسؤالي‪ :‬كيف ينعم من يعيش في رغد العيش بل ولديه أكثر مما يحتاج‬
‫واألخرون يعيشون وينامون في حالة من الفقر والقهر؟ سؤال يستدعي منا‬
‫ً‬
‫حديثا قصيرً ا من الضمير األخالقي‪..‬‬
‫‪ ‬الماركسية والضمير‪:‬‬
‫الماركسية – عندنا – هي إيقاظ للضمير اإلنساني وضربة بمطرقة من نار على‬
‫رؤوس أصحاب األموال والحكومات التي تشجع على الجشع واالستحواذ وجلد‬
‫الفقراء بالغالء من أجل إثراء األغنياء ‪ ..‬إنها –بالفعل‪ -‬سياسة العبث والالمباالة‬

‫‪1186‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫‪ ..‬رجال لم يدركوا قيمة الحياة إال حياتهم اإلنسانية ‪ ..‬إنها اإلنسانية المطموسة‬
‫في عالم سيطرت فيه أخالقيات الغاب فغاب معها الضمير وقست القلوب‪.‬‬

‫‪1187‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫الماركسية والدين منطلق إنساني‬ ‫‪‬‬


‫حقيقي ال زائف‬
‫مما يذكر للماركسية النظرة المختلفة للدين مستبعدة النظرة التقليدية األسيرة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫فالدين عندها هو االنفتاح والتحرر من غلبة البعض على البعض‪ ،‬الدين‬
‫المتحرك مع تحرك العصر واختالف األحداث وديمومة الحياة‪.‬‬
‫الماركسية تعالج أزمات اإلنسان في عالم متغير الهث مريض يشجب‬ ‫‪-‬‬
‫االشتراكية من منطلقات هشه ال عقالنية ومن منطق واحد وهو أن‬
‫االشتراكية ضد التميز اإلنساني‪ ،‬وضد الطبيعة‪ ،‬وضد الدين ومع اإللحاد‬
‫والكفر (ألن الدين أفيون الشعوب) وهم أنفسهم صانعو األفيون ومو ّزعوه‪.‬‬
‫إن الماركسية ال تنظر إلى القشور بل تبحث عن المضمون‪ .‬إنهم ينأون‬ ‫‪-‬‬
‫بأنفسهم عن ساحة الكفر واإللحاد – إن ص َّح ذلك التعبير – أما المزيفون‬
‫فإنهم يقذفون بأنفسهم في أحضان عبودية الحاكم واستغالله إنهم يقتربون من‬
‫الدين‪ .‬ولكنهم يبتعدون عن اإلنسانية أي إنسانية الدين‪ ،‬الذي يحمل المعنى‬
‫العميق للمساواة والعدالة والحرية واإلخاء ‪ ..‬إنه الباطن الثوري للدين هؤالء‬
‫يتغافلون عنه كثيرً ا‪ ،‬أو كأنهم يعيشون في عالم من الثنائية ‪.Dulaism‬‬
‫إذن فالماركسية ال ترفض الدين‪ ،‬وال تضع شعارً ا أن من يدخل من باب‬ ‫‪-‬‬
‫الماركسية عليه أن يترك الدين خارج هذا الباب‪ ،‬أي ال يكون متدي ًنا أو حامالً‬
‫ألي دين ‪ ..‬فهي أي الماركسية ال تقف عند هذه النقطة ‪..‬‬
‫الماركسية ال تهتم بأن تكون متدي ًنا أم ال‪ ،‬ألنها ال تبحث إال في جوهر الدين‬ ‫‪-‬‬
‫فقط‪ ،‬أي في المعامالت واألخالقيات (الدين معاملة)‪ ،‬أما حين يستخدم‬
‫البعض الدين كمدخل سياسي‪ ،‬أو كنوع من المس ِّكنات (كما قالت الماركسية‬
‫– الدين أفيون الشعوب)‪ ،‬في هذه الحالة ترفض الماركسية ال ِّدين‪ ،‬الذي‬
‫يجعل اإلنسان في حالة استكانة وخضوع لألقوى‪ ،‬أي الدين كمخدر وأفيون‬
‫لسالم داخلي مزيف في حين أن المشكالت ستظل باقية ولن تحل‪.‬‬
‫الماركسية ‪ ‬تبحث عن الدين في قوته وانطالقه الدائم‪.‬‬

‫‪1188‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫السياسة واألخالق من منظور جديد (متحرر وكاشف)‬


‫كان البد أن تنتقد الماركسية الممارسات السياسية‪ ،‬ذات الوجه المزدوج من‬ ‫‪-‬‬
‫ديكتاتورية الرأسمالية إلى ديكتاتورية البروليتاريا‪ .‬وكأن الديكتاتورية هي‬
‫قدر اإلنسانية حيث التحول من الرحمة إلى العنف‪ ،‬ومن الديمقراطية‬
‫(وبعدها األخالقي) إلى الديكتاتورية وعنفها اإلنساني‪ ،‬فهل هذا هو قدر‬
‫الشعوب‪ ،‬أم هو قدر فرضته السلطات اللعينة على شعوبها‪ ،‬إذن فالديمقراطية‬
‫والعدالة وتبادل السلطة هي خطة للعمل في المجتمعات االشتراكية (أو هذا‬
‫ما ينبغي أن يكون) ‪ ..‬إذن فعلينا بوضع تكنيك للتطبيق من حيث خطواته‬
‫وآلياته‪ ،‬وإال فمصير هذه الديمقراطية هو العبث والالجدوى ‪ ..‬إذن‬
‫فالماركسية تبحث عن إنسان منخرط في العملية السياسية فعال ومنفعل‬
‫وقادر على التغيير‪.‬‬
‫المطلق والنسبي في األخالق الماركسية‬ ‫‪‬‬
‫ال يغيب عن األذهان أسس التشكيل القيمي للماركسية بين المطلق والنسبي ‪..‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومن المعروف عن الماركسية أنها ذات طابع حركي ديمومي فهي صيرورة‬
‫من الكم إلى الكيف ومن الرأسمالية إلى االشتراكية ‪ ..‬إيمان دائم بالتطور‬
‫الذي يقلب التربة االجتماعية‪ ،‬حتى تسقط الرأسمالية في القاع وتطفو‬
‫االشتراكية على السطح‪ ،‬فهي بمثابة التصالح اإلنساني مع الواقع المنحاز إلى‬
‫اإلنسان والليبرالية‪.‬‬
‫‪ -3‬أحالم ماركسية في ضوء عالم متقلب‬
‫(مشروع مستقبلي)‬
‫إن المشروع المستقبلي للماركسية يتطلب منا النظرة الجديدة للكون‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ضا بالمراهنة على‬ ‫ووضع منهجية لتطبيقها على الواقع الراهن‪ ،‬بل أي ً‬
‫استمراريتها في المستقبل‪.‬‬
‫إنه المستقبل الزاخر بالحرية والعدالة‪ ،‬القادر على قهر ظلم الطبقة‬
‫الحاكمة‪ ،‬إنه عدالة التوزيع‪ ،‬وليس غزارة اإلنتاج لصالح طبقة معينة‪،‬‬
‫وهنا تبدو بجالء إنسانية الماركسية (إنسانية إلى أبعد حد)‪.‬‬
‫إنها مرحلة جديدة من مراحل التطور الذهني عبر منظومة ال تتعارض‬ ‫‪-2‬‬
‫مع النسق قدر ما تتواءم مع التثوير والتنوير الفعلي ألفراد المجتمع‪ ،‬وهنا‬
‫ينبغي التعامل مع التطور وصراع األضداد بشكل أكثر انفتاحية‪.‬‬
‫‪1189‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫إذن ال يمكن النظر إلى الماركسية‪ ،‬وخاصة في جانبها األخالقي‪ ،‬على‬
‫أنها مذهب أخالقي متكامل في كل شيء (ال) ولكن ننتظر أن تكون منهجً ا‬
‫ورؤية في التفكير (نعم) وهي مصحوبة بالتفعيل‪.‬‬
‫إن الماركسية حالة اجتماعية متوالية بعد ذلك‪ ،‬فهي أشبه بمتوالية‬ ‫‪-3‬‬
‫هندسية ‪ ..‬ثمار وخصوبة‪ ،‬موجة وراءها موجة أخرى في سلسلة ال‬
‫تنتهي من التطور ‪ ..‬إذن الماركسية‪ ،‬كما نرى‪ ،‬منهج ال مذهب – نسبية‬
‫ال مطلقة‪ ،‬علمية كما أن عالمها منظور‪ ،‬ديالكتيكية بشكل دائم مع‬
‫الطبيعة‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬وبناء على ما سبق‪ ،‬يحدث اآلتي‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫زيادة االختالفات في اآلراء حول الماركسية‪.‬‬ ‫ا‪-‬‬
‫هجوم عليها من زاوية دوجماطيقية‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫تأييد لها من زاوية ليبرالية متفتحة‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫قدرتها على إقامة عالقة دائمة مع كل واقع وكل تطور‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫إذن ستبقى الماركسية –دائمًا‪ -‬هي سؤال المغامرة عن أخالق المغامرة‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أخالق النضال والكفاح‪ ،‬أخالق مدفوعة الثمن قبل إحراز الهدف‪ .‬اخالق‬
‫ضد االنحراف واالستغالل‪ .‬إنها الهدف والمصير في مرحلة حاسمة ال‬
‫ينبغي فيها التردد‪ ،‬ففي التردد خيانة‪ ،‬وهل يمكن التردد بين أن أكون أوال‬
‫أكون (إنسان أم سحق تحت األقدام) إنه مبدأ اإلنسانية واحترام الكينونة‪.‬‬
‫حلم الماركسية هو الدعوة للحرية وفتح النوافذ المغلقة والتفتح على‬ ‫‪-6‬‬
‫األشياء والوجود وشحذ الهمم‪ ،‬والمطالبة بوجود إنساني يليق باإلنسان‪،‬‬
‫دعوة بال أفق محدود لتحقيق اآلدمية في مجتمعات رفضت اآلدمية لكل‬
‫البشرية في حين تقبلتها فقط لبشر بعينهم‪ ،‬فكسرت أنف الوجود اإلنساني‬
‫المتحقق والفعلي‪.‬‬
‫جيدا أننا أصبحنا مجرد شيء في هذا العالم‪ ،‬ولكن الحقيقة أن‬ ‫نعلم ً‬ ‫‪-7‬‬
‫الماركسية قد صدمتنا بهذه الحقيقة التي ال نريد مواجهتها‪ ،‬رغم أننا‬
‫نعايشها‪ ،‬فقد أحببنا الوهم ألنه يبعدنا عن الحقيقة المفزعة‪ ،‬وهو أننا مجرد‬
‫أشياء في الطبيعة يحركها الغير بال هوادة ولمصلحته هو‪.‬‬
‫ومن هنا كانت الدعوة الثورية للماركسية من أجل عالم أفضل ال نكون‬
‫فيه شيء بل نحن العالم كله بأشيائه المختلفة‪.‬‬
‫إن آراء الماركسية هي طرح معاينة دقيقة والشروع الفعلي في تطبيقها‬ ‫‪-8‬‬
‫والثقة في المأمول والمستقبلي على أساس بناء قوي متوازن يقضي على‬
‫الصراع الطبقي‪ ،‬إنها أرض الرفاهية والمساواة وليس الفقر والتمييز‪.‬‬
‫‪1190‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫وكأن الماركسية تحقق أفضل ما في الكوجيتو الديكارتي من إنسانية‬
‫ووجودية ‪ ..‬فال تقف الماركسية عند مستوى التفكير والوجود‪ ،‬بل تصل‬
‫بنا إلى مستوى أنا موجود إذن لي حقوق اقتصادية كاملة‪ ،‬فأنا في حالة‬
‫شراكة دائمة مع اآلخرين‪.‬‬
‫إن الماركسية تحلم وتحلم بمجتمع السيميترية والتوازن اإلنساني في مقابل‬ ‫‪-9‬‬
‫مجتمع الفوضى في المأكل والمشرب والجنس‪ .‬مجتمعها مجتمع النظام‬
‫والعقالنية حتى في إشباع الحاجات األساسية‪ ،‬فاإلنسان هو العقل‬
‫والشعور والضمير وهذا هو الفرق بين اإلنسان والحيوان‪ ،‬ذات تعقل ما‬
‫تريد‪ ،‬وذات ال تعقل ما تريد (مجتمع اإلنسانية ومجتمع الغاب) هذا‬
‫المجتمع الماركسي الذي يتالحم مع طبقة البروليتاريا التي تقع – في‬
‫نظرنا – في موقع القلب من التفكير الماركسي األخالقي‪.‬‬
‫وأخيرً ا – وبما أنها دراسة قائمة على النقد لبلوغ األكمل واألفضل فنحن‬ ‫‪-10‬‬
‫نرى أن الماركسية – لألسف – لم تكرس أفضل أساتذة االقتصاد‬
‫السياسي من الليبراليين وعلماء االقتصاد المحلي والعالمي لصياغة بنا ٍء‬
‫والئق وقادر على المواجهة الدائمة بعدم وجود ثغرات‬ ‫ٍ‬ ‫اقتصاديٍّ متكامل‬
‫فيه‪.‬‬
‫إلى جانب االستعانة بعلماء االجتماع وعلماء النفس وعقول قادرة على‬
‫التفلسف والتنظير ‪ ..‬إنها الخطط العقالنية والمتكاملة التي تشكل أفضل‬
‫مجتمع ممكن عن طريق االستخدام األمثل واألكمل لكافة الموارد‬
‫واإلمكانات المادية للبشرية‪ ،‬إلى جانب وضع حلول وبدائل متعددة تنبئنا‬
‫بما سوف يحدث في المستقبل من تغيرات في الهيكل االقتصادي‬
‫والمنظومة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -4‬استنتاجات‬
‫الماركسية بين الحقيقة والزيف‬
‫بين الواقع والشعارات‬
‫الماركسية بال دين – االشتراكية غياب ومحو للفردانية – االشتراكية‬
‫تؤسس األخالق على القيم االقتصادي (المادية فقط)‪.‬‬
‫أنها ح ًقا مفاهيم مغلوطة عن الماركسية ال تبحث في عمق الفلسفة‬
‫الماركسية قدر ما تقف عند حدود الشكل الخارجي لها‪ ،‬أو الصورة التي يريد‬
‫اآلخرون تصديرها إلينا ومنها (موت األخالق في الماركسية وقتل الدين بتعاطي‬
‫‪1191‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬
‫األفيون) عامة هؤالء المروّ جون هم‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬المستفيدون من الرأسمالية‬
‫هؤالء هم الطغاة الذين ينظرون إلى إنسان اليوم المطحون المرهق ثم يديرون‬
‫ظهورهم عنه باشمئزاز‪ .‬فهو –عندهم‪-‬إنسان من الدرجة العاشرة‪.‬‬
‫وأخيرً ا يأتي سؤالنا؟ هل يمكن للفكر أن يموت؟‬
‫الفكر ال يموت مهما اختلفنا أو اتفقنا معه ‪ ..‬بل فقط يمكننا استدعاء‬
‫أفضل ما فيه‪ ،‬وال نتوقف عند هذه المرحلة بل نتجاوزها إلى مجادلة ونقد شامل‬
‫ألسوأ ما فيه تلك هي الفلسفة النقدية الواعية باللحظة التاريخية‪.‬‬

‫‪1192‬‬
‫المجلة العلمية بكلية اآلداب – العدد الرابع والثالثون – يناير ‪2019‬‬
‫د‪ /‬سنـاء عبد الحميد خضــر‬

‫الهـوامش‬

‫‪1193‬‬
‫‪ )( 1‬طرابيشي‪ ،‬جورج‪ :‬معجم الفالسفة – دار الطليعة للطباعة والنشر – ط‪ – 1‬بيروت – ‪ – 1987‬ص ص‪.576 :571‬‬
‫وأي ً‬
‫ضا‪:‬‬
‫‪- Manuel, Frank. E: Arequiem for karl Marx- printed in the united states of America – second‬‬
‫‪printing – 1997 p.p. viii: xi – 4, 5.‬‬
‫فقد كانت أفكار وانجلز متطابقة إلى حد بعيد وفي عالقة دائمة مع نظرياته في الصراع الطبقي واالستراتيجية الثورية واليوتوبيا‪.‬‬
‫وكان ال يعتمد كثيرً ا على أبنية العقالنية وقد اشتهر ماركس وإنجلز بالتهكم والسخرية ‪.irony‬‬
‫‪- Somer ville, John: The philosophy of Marxism – An Exposition – Random house – first‬‬
‫‪printing – New york – 1967. P. prefance.‬‬
‫ويتحدث المؤلف عن صعوبة أن نفهم العالم في القرن [‪ ]20‬دون فهم ماركس وأعماله مثل فرويد أو داروين لكي نفهم أن وقتنا هذا‬
‫مختلف عن أزمنة أخرى ويتناول هذا الكتاب المبدأ الشائع للماركسية ومصطلحات الفلسفة النظامية ‪Systematic philosophy‬‬
‫الجتياح سوء الفهم الذي تعلق بالطالب والقراء لألعمال الماركسية‪.‬‬
‫‪- Carver, Terrell: Marx- Cambridge university press. 1991. P.p. 1: 14.‬‬
‫‪:‬كاتب المقال ‪- Reading Marx: life and works (Terrell carver).‬‬
‫‪ -‬إبراهيم‪ ،‬عبدالفتاح‪ :‬االجتماع والماركسية – دار الطليعة للطباعة والنشر – بيروت – دت‪.‬‬
‫ص ص‪.183 :180‬‬
‫‪ )( 2‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – ترجمة محمد سيد رصاص – دار الحصاد للنشر والتوزيع – ط‪ – 1‬سوريا‬
‫‪ – 1998‬ص ص‪.102 ،101‬‬
‫‪ )( 3‬المصدر السابق‪ :‬ص ص‪.104 :102‬‬
‫‪ )( 4‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – دار النهر للنشر والتوزيع – ط‪ – 2‬القاهرة – ‪ – 1994‬ص‪.7‬‬
‫(*) (*) إنجلز‪ ،‬فردريك ‪ Engels, Frederick 1820-1895‬زعيم البروليتاريا وكون مع ماركس المذهب الماركسي أي نظرية‬
‫الشيوعية العلمية‪ ،‬ونظرية المادية الجدلية والتاريخية ومنذ شبابه سعى إلى المساهمة في الكفاح من أجل تبديل العالقات االجتماعية‬
‫القائمة‪.‬‬
‫روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – ترجمة سمير كرم – دار الطليعة – ط‪ – 4‬بيروت – ‪ – 1981‬ص ص‪.58 :56‬‬
‫ومن أهم مؤلفاته لودفيج فيورباخ – الرد على دوهرنج – جدل الطبيعة وقد نقد انجلز في الكتب الثالثة النزعات المثالية وأقام‬
‫مذهبه المادي الجديد معدال لجدل هيجل واشترك مع ماركس في صياغة البيان الشيوعي المشهور الذي يبدأ بعبارة (يا عمال العالم‬
‫اتحدو)‪.‬‬
‫‪ -‬ماركس‪ ،‬كارل‪ :‬األدب والفن واالشتراكية – ترجمة عبدالمنعم الحقي – مكتبة مدبولي – ط‪ – 2‬القاهرة – ‪ – 1977‬ص‪.7‬‬
‫‪ -‬إبراهيم‪ ،‬عبدالفتاح – االجتماع والماركسية – مصدر سابق ص ص‪.183 :180‬‬
‫(*) (*) في هذا القول منتهى التواضع من ماركس مما يكشف عن إيمانه المطلق باإلنسانية أكثر من اهتمامه برد األفكار إلى جذرها‬
‫الحقيقي وهو (ماركس)‪.‬‬
‫‪ )( 5‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص‪.17‬‬
‫‪ )( 6‬حنا‪ ،‬جورج‪ :‬ضجة في صف الفلسفة – دار العلم للماليين – ط‪ – 2‬بيروت – ‪ – 1952‬ص‪.17‬‬
‫‪ )( 7‬ستيبانوفا‪ :‬كارل ماركس – سيرة حياة – ترجمة إسكندر ياسين – دار التقدم – موسكو – ‪ – 1979‬ص ص‪.349 ،348‬‬
‫‪ )( 8‬النشار‪ ،‬مصطفى‪ :‬فالسفة أيقظوا العالم – روابط للنشر وتقنية المعلومات – ط‪ – 7‬القاهرة – ‪ – 2016‬ص‪.348‬‬
‫‪9‬‬
‫‪)( Carver, Terrell: Marx – op. cit p.p. 108-124: 125.‬‬
‫‪ )( 10‬بليخانوف‪ :‬القضايا األساسية في الماركسية – ترجمة حنا عبود – دار دمشق للطباعة والنشر – دمشق – د‪.‬ت – ص ص‪:8‬‬
‫‪.11‬‬
‫‪11‬‬
‫– ‪)( Marx & Engels: Manifesto of the communist party – foreign languages press peking‬‬
‫‪third printing – 1977- p.p. 31: 62.‬‬
‫‪ )( 12‬الكروا‪ ،‬جان‪ :‬نظرة شاملة على الفلسفة الفرنسية المعاصرة – ترجمة يحيى هويدي – دار المعرفة – القاهرة – د‪.‬ت – ص‬
‫‪.132‬‬
‫‪ )( 13‬ماركس‪ ،‬كارل‪ :‬بؤس الفلسفة – ترجمة حليم اليازجي – بيروت – د‪.‬ت – ص ص‪.62 ،61 ،31 ،25‬‬
‫‪ )( 14‬ستيبانوف‪ :‬كارل ماركس – مسيرة حياة – مصدر سابق – ص ص‪.57 :54‬‬
‫(*) (*) وهنا يجب الرجوع إلى الدفاتر الفلسفية ‪ philosophical Notebooks‬التي دون عليها لينين فقرات مطولة نسخها لينين‬
‫‪ 1916-1914‬من مؤلفات فلسفية وتحتوي الدفاتر على تلخيصات للكتب التالية – العائلة المقدسة لماركس وانجلز – محاضرات‬
‫في جوهر الدين ‪ -‬فيورباخ – علم المنطق – محاضرات في فلسفة التاريخ لهيجل – فلسفة هيرقليطس لالسال – الميتافيزيقا‬
‫ألرسطو‪.‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.195‬‬
‫‪ )( 15‬هيكل‪ ،‬مصطفى‪ :‬خالصة رأس المال لكارل ماركس – مطبعة التوكل – مصر – ‪ – 1947‬ص ص‪.48 :38‬‬
‫‪ )( 16‬غوربونون‪ ،‬ف‪.‬ف‪ :‬في الثقافة – ترجمة يوسف خالن – دار الفارابي – ط‪ – 1‬بيروت – ص‪.34‬‬
‫وكان يسمى كتاب رأس المال ‪ capital‬عمل حياة ماركس حتى وفاته ونشر المجلد األول ‪ 1867‬والمجلدان اآلخران بعد وفاته‪.‬‬
‫وقد مكنه البحث العلمي من أن يتبين كيف أن فائض القيمة هي حجر الزاوية في االقتصاد السياسي‪.‬‬
‫انظر‪ :‬روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.223‬‬
‫وهو كتاب مذهبي – كما قال البرت اشفيتسر – يعتمد على التعريفات والجداول لكنه ال يتعمق في مسائل الحياة وأثره الكبير يرجع‬
‫إلى دعوته إلى اإليمان بالتقدم الكائن في باطن األحداث ويتفاعل معها‪.‬‬
‫انظر‪ :‬اشفيتسر‪ ،‬البرت‪ :‬فلسفة الحضارة – ترجمة عبدالرحمن بدوي – دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع – ط‪– 1983 – 3‬‬
‫ص‪.284‬‬
‫‪ )( 17‬طاطاو‪ ،‬الشريف – نقد سلطة رأس المال (روجيه غارودي نموذجً ا) – سلطة الثقافة – الجمعية الفلسفية المصرية – مركز‬
‫الكتاب للنشر – ط‪ – 1‬القاهرة – ‪ -2013‬ص‪.281‬‬
‫‪ )( 18‬روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.224‬‬
‫‪ )( 19‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص‪.21‬‬
‫‪ )( 20‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – ترجمة مجاهد عبدالمنعم مجاهد منشورات – دار اآلداب – ط‪– 1971 – 1‬‬
‫ص‪.44‬‬
‫‪ )( 21‬المصدر السابق‪ :‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ )( 22‬سارتر‪ ،‬جان بول‪ :‬المادية والثورة – منشورات دار مكتبة الحياة – بيروت‪ – 1980 -‬ص‪.16‬‬
‫(*) (*) والسؤال ما هي الثورة بوجه عام؟‬
‫‪ -1‬في الطبيعة ‪ ‬كل بركان يتفجر وكل زلزال يقلب وجه األرض من حال إلى حال هو ثورة‪.‬‬
‫‪ -2‬في العلم ‪ ‬كل اكتشاف أو اختراع يقلب القواعد المعروفة رأ ًسا على عقب هو ثورة – اكتشاف كوبرنيقوس لدوران األرض‬
‫واكتشاف باستور للطفيلية الجرثومية هي ثورة‪.‬‬
‫‪ -3‬في السياسة واالجتماع ‪ ‬كل حركة راديكالية إلزالة ظلم الحكام ورفع الطغيان وتغيير األسس هو ثورة‪ .‬انظر‪:‬‬
‫حنا‪ ،‬جورج‪ :‬ضجة في صف الفلسفة – مصدر سابق – ص‪.28‬‬
‫‪ )( 23‬لينين‪ :‬فتنة البرجوازية الصغيرة – دار الثقافة الجديدة – القاهرة – ‪ – 1987‬ص ص‪.7-6‬‬
‫‪ )( 24‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.39‬‬
‫‪25‬‬
‫– ‪() kithching, Gavin: karl Marx and the philosophy of praxis – Routedge – London‬‬
‫‪Newyork- p.p. 120-121.‬‬
‫‪26‬‬
‫– ‪() Roger: Marxism – 1844 – 1990 – origins, betrayal, rebirth – Routledge – New york‬‬
‫‪London – 1992 – p. ix.‬‬
‫انظر أيضً ا‪:‬‬
‫‪- Carver, terell: Marx. Op. cit. p.p. 55: 105.‬‬
‫‪ )( 27‬ياسبرز‪ ،‬كارل‪ :‬عظمة الفلسفة – ترجمة عادل العوا – منشورات دار عويدات – بيروت ‪.1988‬‬
‫‪ )( 28‬طرابيشي‪ ،‬جورج‪ :‬معجم الفالسفة – مصدر سابق ص‪.775‬‬
‫‪ )( 29‬بدوي‪ ،‬عبدالرحمن‪ :‬الموسوعة الفلسفية – جـ‪ – 2‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر – ط‪ – 1‬بيروت – ‪ – 1984‬ص‪.418‬‬
‫‪- Hawkes, David: Ideology – Routlege – First published – London and New york – 1996 – p.‬‬
‫‪88.‬‬
‫‪- Makdisi, Saree (Editied by) – Marxism beyond Marxism – Routledge – New york – London‬‬
‫‪– 1996 – p. 1.‬‬
‫ويأتي هنا ذكر العديد من المقاالت المختارة في البحث عن كنه الماركسية مع دراسة لألشعار والقصائد المكتوبة في مقدمة الثورة‬
‫‪.‬الصناعية منذ القرن التاسع عشر‬
‫‪ )( 30‬بليخانوف‪ :‬القضايا األساسية في الماركسية – مصدر سابق – ص‪.3‬‬
‫ضا‪:‬‬‫وأي ً‬
‫‪- Morris, pan; Realism – Routledge – First published – London New york – 2003. P. 167.‬‬
‫‪31‬‬
‫– ‪() Northrop: The meating of East and west, an inquiry concerning world understanding‬‬
‫‪New york – 1946 – p. 221.‬‬
‫‪ )( 32‬لينين‪ :‬الدفاتر الفلسفية – جـ‪ – 1‬ترجمة إلياس مرقص – دار الحقيقة – ط‪ – 2‬بيروت – ‪ – 1983‬ص‪.103‬‬
‫‪ )( 33‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.27‬‬
‫‪ )( 34‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.83‬‬
‫‪ )( 35‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.41‬‬
‫‪36‬‬
‫‪() Rogar: Marxism – 1844 – 1990 – op. cit. p.p. 110-111.‬‬
‫‪ )( 37‬هنت‪ ،‬كاريو‪ :‬الشيوعية نظريًا وعمليًا – دار الكتاب المصري – د‪.‬ت‪ – .‬ص‪.42‬‬
‫وأي ً‬
‫ضا‪:‬‬
‫‪- Mcbride, William: The philosophy of Marx – Hutchinson of London – p. 21.‬‬
‫‪ )( 38‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.6‬‬
‫‪39‬‬
‫‪() Afanasy, v: Marxist philoso[hy – progress publishers – Mosco – 1968 – p.p. 13: 18.‬‬
‫‪ )( 40‬طرابيشي‪ ،‬جورج‪ :‬سارتر والماركسية – منشورات دار الطليعة – ط‪ – 1‬بيروت – ‪ -1964‬ص‪.34‬‬
‫‪ )( 41‬لوفيفر‪ ،‬هنري‪ :‬أزمة الماركسية الراهنة – تعريب ألبير منصور – دار الطليعة للطباعة والنشر – ط‪ – 1‬بيروت – ‪– 1961‬‬
‫ص‪.233‬‬
‫‪ )( 42‬الحريري‪ ،‬علي عبدالمجيد‪ :‬فلسفة الفوضوية – دار نينوي للدراسات والنشر والتوزيع – ط‪ – 2002 – 1‬ص‪.13‬‬
‫‪ )( 43‬عبدالكريم‪ ،‬محمد الغريب‪ :‬السيسيولوجيا الراديكالية – دراسة نقدية تحليلية في النظرية الماركسية – المكتب الجامعي الحديث‬
‫– اإلسكندرية – ‪ – 1988‬ص‪.14‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫‪- Hawkes, David: Ideology – op.cit. p. 91.‬‬
‫‪- Elster, John: An introduction to karl Marx – Cambridge university press – New york – 1990‬‬
‫‪– p. 194.‬‬
‫– ‪- Stace. W.t.: the philosophy of Hegel –Asystematic Exposition – Dover publication – Inc.‬‬
‫‪First published – 1955 – p.I: 31.‬‬
‫‪- Kitching, Gavin: karl Marx and the philosophy of praxis – op. cit. p.p. 7: 9.‬‬
‫‪- (Marx - Hegel, Feuerbach, and the philosophy of praxis).‬‬
‫‪ -‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص ص‪.20 ،19‬‬
‫‪ )( 44‬لينين‪ ،‬فالديمير‪ :‬مصادر الماركسية الثالثة – دار التقدم – موسكو – ‪ – 1975‬ص ص‪.14 :6‬‬
‫‪- Morris, pan: Realism. Op. cit. p.p. 5: 13.‬‬
‫‪ -‬عبدالمعطي‪ ،‬علي‪ :‬الفكر السياسي الغربي – دار المعرفة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع – اإلسكندرية‪ ،1992 ،‬ص‪-401‬‬
‫‪.402‬‬
‫‪ )( 45‬عبدالكريم‪ ،‬محمد الغريب – السسيولوجيا الراديكالية – دراسة نقدية تحليلية في النظرية الماركسية – مصدر سابق – ص‪.59‬‬
‫وسوف نقوم بعرض هذه العناصر الثالثة فيما بعد‪.‬‬
‫‪ )( 46‬هنت‪ ،‬كاريو‪ :‬الشيوعية نظريًا وعمليًا – مصدر سابق – ص‪.24‬‬
‫‪ )( 47‬عبدالكريم‪ ،‬محمد الغريب – السسيولوجيا الراديكالية – دراسة نقدية تحليلية في النظرية الماركسية – مصدر سابق ص‪.10‬‬
‫‪ )( 48‬حماد‪ ،‬حسن‪ :‬آفاق األمل – دار الثقافة للنشر والتوزيع – القاهرة – ‪ – 1999‬ص‪.67‬‬
‫‪49‬‬
‫‪)( kitching, Gavin: karl Marx and the philosophy of praxis .. op. cit. p.151: 155.‬‬
‫* األيديولوجية ‪ Ideology‬هي مجموعة أفكار ونظريات اجتماعية تشكل نظامًا متكامالً تعبر عن المصالح الحيوية لطبقة أو طبقات‬
‫معينة فاأليديولوجية ليست ثمرة للنشاط الروحي لهذه الطبقة أو تلك ولكنها إحدى الوسائل التي تلعب دورً ا في تشكيل الوعي لدى‬
‫الناس الذين ينتمون إلى هذه الطبقة التي تنطق باسمها هذه األيديولوجية‪.‬‬
‫وقد أصبحت (الماركسية) االيديولوجية الوحيدة للطبقة العاملة ألنها األيديولوجية المعبرة عن مستقبل التقدم البشري عامة وهي‬
‫األيديولوجية القائمة على أسس موضوعية علمية دقيقة واأليديولوجية تقوم على أسس سياسية فالسياسة في المجتمع الطبقي تقتحم‬
‫القانون واألخالق والعلم والفن والفلسفة والدين‪.‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫ريابوف‪ ،‬ف‪ :‬الفن واأليديولوجية – ترجمة خلف الجراد – دار الحوار للنشر والتوزيع – ط‪ – 1‬سوريا – ‪ – 1984‬ص ص‪،3‬‬
‫‪.4‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Hawkes, David: ideology – op. cit. pp. 1-2.‬‬
‫‪ )( 50‬زكريا‪ :‬فؤاد‪ :‬آفاق الفلسفة – دار التنوير للطباعة والنشر –ط‪ – 1‬بيروت – ‪ – 1988‬ص ص‪.335 ،274 ،273‬‬
‫‪ )( 51‬هنت‪ ،‬كاريو‪ :‬الشيوعية نظريًا وعمليًا – مصدر سابق – ص ص‪.25 ،24‬‬
‫‪ )( 52‬عبدالكريم‪ ،‬محمد الغريب – السسيولوجيا الراديكالية – دراسة نقدية تحليلية في النظرية الماركسية – مصدر سابق – ص‪.70‬‬
‫وأي ً‬
‫ضا‪:‬‬
‫‪Hawkes, David: ideology – op. cit. p. 73.‬‬
‫‪53‬‬
‫‪)( Northrop: The meating Of East and west – op. cit. pp. 228-229.‬‬
‫أيضًا‪:‬‬
‫حنا‪ ،‬جورج‪ :‬ضجة في صف الفلسفة – مصدر سابق – ص ص‪.16 :14‬‬
‫‪ )( 54‬وهبة‪ ،‬مراد‪ :‬المعجم الفلسفي – دار الثقافة الجديدة – ط‪ – 3‬القاهرة – ‪ – 1979‬ص ص‪.466 :464‬‬
‫ضا‪:‬‬‫وأي ً‬
‫‪- Morris, pan: Realism – op. cit. p.p. 1:6 – 131.‬‬
‫‪ -‬حيث يأتي الحديث عن ما هي الواقعية والواقعية وأزمة المعرفة ‪what is Realism? Realism and the crisis of‬‬
‫‪.knowledge‬‬
‫‪ -‬كلينجندر‪ ،‬ف‪.‬د‪ :‬الماركسية والفن الحديث (مدخل إلى الواقعية االشتراكية) ترجمة إبراهيم فتحي – النجاح الجديدة – الدار‬
‫البيضاء – ‪ – 1989‬ص ص‪.90 ،89-97 :60‬‬
‫‪ -‬حيث يتحدث عن الواقعية في الفن واستخدامها من خالل أشعار تنسون الذي يقول‪:‬‬
‫أيها الك ّت اب – يا صانعي المقاالت‪ ،‬يا مالحدة يا روائيون‪ ،‬واقعيون‪ ،‬يا نظامون يا مختلقي القوافي‪ ،‬قوموا بأدواركم‪.‬‬
‫أفصحوا عن عار الطبيعة الذي يحمل الموت على جبينه بألوان الفن وظالله الحية‪.‬‬
‫مزقوا الستار عن آثار األشقاء انزعوا الثياب عن أهوائكم الوضعية‪.‬‬
‫‪-‬الكتمان والاحترام‪ ،‬ليسقطا م ًع ا – سيروا إلى األمام عرايا – دعوا اآلخرين يحملقون في عريكم إلى األمام‪ ،‬إلى األمام‪ ،‬وإلى‬
‫ضا في أعماق الهوة‪.‬‬‫الوراء‪ ،‬إلى أسفل أي ً‬
‫كما ظهرت الواقعية االجتماعية في األدب ‪ Socialist Realsim in Literature‬وهي تخلق الوحدة بين النظرية‬
‫والممارسة وهي تسير في اتجاه تطور العلم السوفيتي ‪ Soviet Science‬وكتاب االتحاد السوفيتي وعلى رأسهم جوركي‬
‫‪ Gorky‬انظر‪:‬‬
‫‪- Guest, David: lectures on Marxist philosophy – London. Lawrence & wishart. L.T.D. p.p.‬‬
‫‪74: 83.‬‬
‫‪ )( 55‬حلو‪ ،‬شارل (تقديم)‪ :‬موسوعة أعالم الفلسفة جـ‪ – 2‬مراجعة جورج نخل – دار الكتب العلمية – ط‪ – 1‬بيروت – ‪ 1992‬ص‬
‫ص‪.211 :207‬‬
‫هو فيلسوف وعالم اجتماع ألماني من أب اشتهر كأستاذ للقانون درس الالهوت في هان لبرغ وتتلمذ على يد هيجل وانضم إلى جماعة‬
‫اليسار الهيجلي الثائر على الدولة والكنيسة‪ ،‬ومن مؤلفاته أفكار عن الموت والخلود ‪ – 1830‬تاريخ الفلسفة الجديدة ‪– 1836‬‬
‫‪ – 1841‬نقد الفلسفة الهيجلية ‪ 1839‬ثم ابتعد عن فلسفة هيجل ألنها لم تستطيع حل مشكلة االختالف بين اإلنسان وتجاربه وأنها‬
‫بقيت بعيدة عن عالم الواقع وأكد أن الحواس التي احتقرها الفالسفة هي التي تؤدي إلى بلوغ الحقائق الفلسفية‪.‬‬
‫أما النقد الديني‪ :‬فقد كان حول فكرة محورية هي فكرة التغريب ‪ Alienation‬وهي فكرة التعالي ‪ Transcendance‬دون غيره‬
‫كما أن االحتقار واإليمان بالعناية اإللهية يدفع إلى احتقار التقدم المادي‪ .‬كما يعتقد فيورباخ أن الدين أساء إلى الحب فالدين يشكل‬
‫عقم للتقدم المادي واألخالقي في العصر الحديث‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫‪() Northrop: the meating of East and West – op. cit. p. 225.‬‬
‫‪ )( 57‬ستالين‪ ،‬يوسف‪ :‬المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية – دار دمشق للطباعة والنشر – دار ابن سينا – بيروت – د‪.‬ت – ص‬
‫‪.18‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫‪- Somerville, John: The philosophy of Marxism – op. cit. p.p. 3: 80.‬‬
‫‪ -‬ويعالج فيه المادية الديالكتيكية والمنطق والديالكتيك‪.‬‬
‫‪1- The nature of reality: Dialecitcal Materialism.‬‬
‫‪2- The nature of thought: logic and Dialectics.‬‬
‫‪- Hawkes, David: Ideology – op. cit. p. 88.‬‬
‫‪ )( 58‬النساج‪ ،‬سيد حامد‪ :‬حول الفكر االشتراكي – دار النهضة الحديثة – القاهرة – د‪.‬ت – ص‪.175‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫‪- Elster, John: An intreoduction to karl Marx – op.cit. p.p. 34: 36.‬‬
‫‪ )( 59‬كالفيز‪ ،‬جان إيف‪ :‬كارل ماركس – جـ‪ – 2‬ترجمة سهيل إدريس – المكتبة الكاثوليكية – بيروت – ‪ – 1956‬ص‪.42‬‬
‫‪60‬‬
‫‪() Guest, David: lectures on Marxist philosophy op. cit. p.p. 29: 30.‬‬
‫‪ )( 61‬إبراهيم‪ ،‬عبدالفتاح‪ :‬االجتماع والماركسية – مصدر سابق – ص‪.187‬‬
‫ضا‪:‬‬‫وأي ً‬
‫‪- Guest, David: Lectures On Marxist philosophy – op. cit. p.p. 27-82.‬‬
‫حيث يأتي الحديث عن المادية المبكرة التي بدأت بسؤال هو‪ :‬ما هي المادة األولية للكون؟‬
‫?‪What is the primary stuff of the universe‬‬
‫وهو سؤال يرجع إلى بواكير الفالسفة اليونان وخاصة الماديون والطبيعيون األوائل فقد اعتقد طاليس ‪ Thales‬أن الجوهر األولي‬
‫‪ praimary substance‬هو الماء نرى انكسمندر ‪ Anaximander‬تحدث عن مجموعة من العناصر مكون للكون‪ .‬والمالحظ‬
‫في النهاية في حالة انكسمندر كيف يمكن لنا أن نكتشف قوة مادية العالم وخاصة للتأمل العلمي ‪ Scientific speculation‬مما أدى‬
‫إلى وجود نظرية تطور جديدة إلى جانب المفكرين الماديين الكبار فظهر لوقيبوس وديمقريطس والمأصّلون للتصور الذري ‪atomic‬‬
‫‪ conception‬ثم ظهر بعدها أرسطو الذي يبحث عن المضمون المادي األساسي لألشياء‪.‬‬
‫‪ )( 62‬لينين‪ :‬الدفاتر الفلسفية – جـ‪ – 2‬ترجمة إلياس – مرقص – دار الحقيقة – ط‪ – 2‬بيروت – ‪ – 1982‬ص‪.71‬‬
‫(*) (*) توجد معالجة موضوعية للعالقة بين المنطق والديالكتيك والتناقض ‪.Logic- dialectic-contradiction‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫‪- Carver, terell: Marx: op. cit pp. 275.‬‬
‫‪ -‬وأيضً ا‪:‬‬
‫‪- Guest, David: lectures on Marxist philosophy – op. cit. p.p. 82: 84.‬‬
‫‪63‬‬
‫‪() A Fanasy, v. Marxist philosophy progress publisher- Moscow – 1968 p.p. 15:18.‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫‪- Northrop: The meating of East and west – op. cit. p. 247.‬‬
‫‪ )( 64‬ستالين‪ ،‬يوسف‪ ،‬المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية – مصدر سابق – ص‪.41‬‬
‫‪65‬‬
‫‪() Afanasy, v: Marxist philosophy- op. cit. p.p. 93: 128.‬‬
‫‪ )( 66‬فروم‪ ،‬أريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس‪ :‬مصدر سابق – ص‪.17‬‬
‫‪ )( 67‬روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.428‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫‪- Kitching, Gavin: karl Marx and the philosophy of praxis op. cit. p.p. 61: 64-90: 93.‬‬
‫حيث نجد معالجة للمادية االقتصادية الماركسية ونقدها من قبل البعض‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫‪() Guest, David: lectures on Marxist philosophy – op. cit. p. 28.‬‬
‫‪69‬‬
‫‪() Ibid. p. 27.‬‬
‫‪ )( 70‬يوسف‪ ،‬أبو سيف‪ :‬حول الفلسفة الماركسية – دار القرن العشرين – القاهرة – د‪.‬ت‪ – .‬ص‪.9 :7‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫‪- Afansy, v.: Marxist philosophy – op. cit. p.p. 21: 24-31: 35.‬‬
‫‪71‬‬
‫‪)( kitching, Gavin: karl Marx and the philosophy of Praxis – op. cit. p. 61: 64.‬‬
‫‪ )( 72‬النساج‪ ،‬سيد حامد‪ :‬حول الفكر االشتراكي – مصدر سابق – ص ص‪.177 :169‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫‪-Guest, David: lectures on Marxist philosophy. P.p. 47: 49.‬‬
‫‪ )( 73‬النشار‪ ،‬مصطفى‪ :‬فالسفة أيقظوا العالم – مصدر سابق – ص‪.350‬‬
‫‪74‬‬
‫‪() Rogar: Marxism – 1844 – 1990 – orgins, betrayal, rebirth – p.p. 40-41.‬‬
‫‪ )( 75‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.48‬‬
‫‪ )( 76‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.43‬‬
‫(*) (*) إذا أردنا موازنة ماركس وفرويد من الزاوية القيمية على الرغم من تعارضهما أمكننا القول أنهما يتفقان على اعتبار أن مصدر‬
‫القيم هو األنا الدنيا أي الـ (هو) أو الليبيدو‪ ،‬في نظر فرويد والبنية التحتية في نظر ماركس وهذا الينبوع القيمي يلقى رقابة كبت‬
‫فيحول بالتصعيد إلى إسقاط في قيم مثلى هي قيم األنا العليا عند فرويد ويتحول عند ماركس بالثورة والصراع الطبقي إلى قيمة‬
‫وحيدة عليا هي (المطلب الشيوعي) للقضاء على االغتراب وتحرر العامل‪.‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫العوا‪ ،‬عادل‪ :‬العمدة في فلسفة القيم – دار طالسي للدراسات والترجمة والنشر – ط‪ 1‬دمشق – ‪ 1986‬ص‪.638‬‬
‫‪ )( 77‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.52‬‬
‫‪ )( 78‬خرطبيل‪ ،‬سامي‪ :‬الوجود والقيمة – دار الطليعة للطباعة والنشر – ط‪ -1‬بيروت – ‪ – 1980‬ص‪.115‬‬
‫‪ )( 79‬كالفيز‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.67 ،66‬‬
‫‪ )( 80‬ﻘﭭلجملي‪ ،‬حكمت‪ :‬الجدل أو الديالكتيك ماديًا – ترجمة عن التركية فاضل حتكر – مكتبة المادية التاريخية – ط‪– 1975 – 1‬‬
‫ص ص‪.9 :6‬‬
‫ضا‪:‬‬‫وأي ً‬
‫اشفيتسر‪ ،‬البرت‪ :‬فلسفة الحضارة – مصدر سابق – ص د‪ .‬ز‪.‬‬
‫‪ )( 81‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.27‬‬
‫‪ )( 82‬لينين‪ :‬مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية – دار التقدم – موسكو – ‪.1967‬‬
‫‪ )( 83‬خرطبيل‪ ،‬سامي‪ :‬الوجود والقيمة – مصدر سابق – ص‪.170‬‬
‫‪84‬‬
‫‪() Makdisi, Sareec (Edited by): Marxism beyond Marxism – op. cit. p.p. 150-151.‬‬
‫‪85‬‬
‫‪() Elgar, Edward: Marx and Non Equilibrium Economics – op. cit p.p. 1-29-77.‬‬
‫‪ )( 86‬توني‪ ،‬ر‪ .‬هـ‪ :‬المجتمع المستغل – ترجمة محمد أمين إبراهيم – المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر‬
‫– ‪ – 1962‬ص‪.35‬‬
‫‪ )( 87‬طاطاو‪ ،‬الشريف‪ :‬نقد سلطة رأس المال (روجيه جارودي نموذجا – سلطة الثقافة – مصدر سابق ص‪.282‬‬
‫‪ )( 88‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.293‬‬
‫ض ا‪ :‬بورر‪ ،‬جون & جولدينجر‪ ،‬ملتون‪ :‬الفلسفة وقضايا العصر – جـ‪ – 1‬ترجمة أحمد حمدي محمود – الهيئة المصرية العامة‬ ‫وأي ً‬
‫للكتاب – القاهرة – ‪ – 1990‬ص‪.201‬‬
‫حيث نجد أن بيتر سنجر الذي يعمل بتدريس الفلسفة في استراليا يتحدث عن العالقة بين الجوع – الوفرة – األخالق‪.‬‬
‫‪ )( 89‬األلوسي‪ ،‬حسام محي الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – دار الطليعة – ط‪ -1‬بيروت ‪ – 1989 -‬مصدر سابق ‪ -‬ص‪.34‬‬
‫‪ )( 90‬ماركس‪ ،‬كارل‪ :‬األدب والفن واالشتراكية – مصدر سابق – ص‪.66‬‬
‫‪ )( 91‬بوتومو‪ :‬الطبقات في المجتمع الحديث – ترجمة محمود الجوهري – دار الكتاب للتوزيع – ط‪ – 2‬القاهرة – ‪ - 1987‬ص‬
‫‪.58‬‬
‫‪ )( 92‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.37‬‬
‫‪ )( 93‬األلوسي‪ ،‬حسام محي الدين‪ :‬التطور والنسبية – مصدر سابق ‪ -‬ص‪.17‬‬
‫‪ )( 94‬أوسبورن‪ ،‬و‪ :‬الماركسية والتحليل النفسي – ترجمة سعاد الشرقاوي – مراجعة مصطفى زيور – دار المعارف – ط‪– 2‬‬
‫القاهرة – د‪.‬ت – ص ص‪.90 ،89‬‬
‫‪Carver, Terrell: Marx. Op. cit. p.p. 143: 145.‬‬
‫‪95‬‬
‫‪() Stace, w.t: The philosophy of Hegel Asystematic Exposition – op. cit. p. 404.‬‬
‫‪ )( 96‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.14‬‬
‫(*) (*)‬

‫‪ )( 97‬المصدر السابق‪ :‬ص ص‪.15-14‬‬


‫وللتعرف على الفرق بين سؤال األخالق الماركسي وسؤال األخالق ومشكلتها بصفة عامة يمكن الرجوع إلى‪:‬‬
‫– ‪- Snore, Francis: The Nature of Moral Thinking – Routledge – First published – London‬‬
‫‪1992.‬‬
‫‪- Ling Trevor: Karl Marx and religion in Europe and India – The Macmillan press – Ltd- First‬‬
‫‪published – New york – Tokyo – 1980.‬‬
‫‪98‬‬
‫‪() Somerville, John: The philosophy of Marxism An Exposition – op. cit. p. 162.‬‬
‫‪99‬‬
‫‪)( Ibid: p. 162-163.‬‬
‫‪100‬‬
‫‪() Ibid: 163.‬‬
‫‪ )( 101‬كالفيز‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص‪.64‬‬
‫‪)( 102‬المصدر السابق – ص‪.65‬‬
‫(*) (*) سوف تكون لنا وقفة مع األخالق الماركسية وعالقتها بالنفعية‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫‪() Somerville, John: The philosophy of Marxism An Exposition – op. cit. p.p. 23-171: 174.‬‬
‫‪ )( 104‬ماركس‪ ،‬كارل‪ :‬األدب والفن واالشتراكية – مصدر سابق – ص‪.127‬‬
‫‪ )( 105‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.59‬‬
‫‪ )( 106‬كالفيز‪ ،‬جان ايف – كارل ماركس – مصدر سابق – ص‪.69‬‬
‫‪ )( 107‬إبراهيم‪ ،‬زكريا‪ :‬مشكلة الفلسفة – مكتبة مصر – القاهرة – د‪.‬ت – ص‪.33‬‬
‫‪ )( 108‬بسطاويسي‪ ،‬رمضان‪ :‬جورج لوكاش ونقد الممارسة السياسية واالجتماعية – قضايا فكرية – القاهرة – نوفمبر – ‪1990‬‬
‫– ص‪.124‬‬
‫‪ )( 109‬موروخ‪ ،‬ايريس‪ :‬سارتر – المفكر العقلي الرومانسي – ترجمة شاكر النابلسي – دار الثقافة العربية للطباعة – القاهرة –‬
‫د‪.‬ت – ص ص‪.84 ،83‬‬
‫‪ )( 110‬ألبير كامي‪ :‬المتمرد – ترجمة عن الفرنسية عبدالمنعم الحفني – مطبعة الدار المصرية – القاهرة د‪.‬ت – ص‪.206‬‬
‫‪ )( 111‬العالم‪ ،‬محمود أمين‪ :‬جالسنوست (مصارحة ال ينقصها الطابع الشخصي) – قضايا فكرية – الكتاب التاسع والعاشر – دار‬
‫الثقافة الجديدة – القاهرة – نوفمبر – ‪ – 1990‬ص‪.12‬‬
‫‪ )( 112‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.29‬‬
‫‪ )( 113‬روزنتال & يودين – الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص ص‪.15 ،14‬‬
‫‪ )( 114‬اشفيتسر‪ ،‬البرت‪ :‬فلسفة الحضارة – مصدر سابق – ص‪.98‬‬
‫‪ )( 115‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.347‬‬
‫‪ )( 116‬بورتر‪ ،‬بيرتون‪ :‬الحياة الكريمة – ترجمة أحمد حمدي محمود – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – ‪ – 1993‬ص‪.9‬‬
‫‪ )( 117‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.44‬‬
‫‪ )( 118‬روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.371‬‬
‫‪ )( 119‬سارتر‪ ،‬جان بول‪ :‬نظرية االنفعال – ترجمة هاشم الحسيني‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة – بيروت – د‪.‬ت – ص ص‪-103‬‬
‫‪.104‬‬
‫‪ )( 120‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.17‬‬
‫‪ )( 121‬روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.12‬‬
‫ضا‪:‬‬‫وأي ً‬
‫‪- Pepper, Stephen: Ethics – Appleton, century – crofts, Inc. New york – 1990 – p.p. 199:‬‬
‫‪221.‬‬
‫‪ )( 122‬كالقيز‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص‪.64‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫ﻘﭭلجملي‪ ،‬حكمت‪ :‬الجدل أو الديالكتيك ماديًا – مصدر سابق – ص ص‪.9 ،6‬‬
‫‪ )( 123‬بوليتزيد‪ ،‬جورج‪ :‬المبادئ األساسية للفلسفة – دار الفنون واألبحاث العلمية – ط‪ – 1‬القاهرة – ‪ – 2015‬مصدر سابق –‬
‫ص‪.103‬‬
‫‪ )( 124‬سارتر‪ ،‬جان بول‪ :‬المادية والثورة – مصدر سابق – ص‪.25‬‬
‫‪ )( 125‬غوربون‪ ،‬ف‪.‬ف‪ :‬في الثقافة – مصدر سابق ص‪.21‬‬
‫‪ )( 126‬جوركي – مكسيم‪ :‬األدب والحياة – ترجمة فؤاد دواره – مراجعة على الراعي – الدار المصرية للتأليف والترجمة –‬
‫القاهرة ‪ – 1965‬ص‪.179‬‬
‫(*) (*) لقد وضع شيلر نظريته في القيم المادية في مقابل قيم األخالق الصورية (كانط) وهو يرتب القيم إلى ‪:‬‬
‫أ‪ -‬قيمة الشعور الحسي أو السار ويقابلها الفنان‪.‬‬
‫ب‪ -‬قيمة الشعور الحيوي‪ ،‬والنبيل ويقابلها الفنان‪.‬‬
‫جـ‪ -‬قيمة الشعور العقلي‪ ،‬والجميل والصواب والمعرفة الخالصة بالحقيقة ويقابلها العبقري‪.‬‬
‫د‪ -‬قيمة الحق المطلق أو المقدس ويقابلها القديس‪.‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫مكاوي‪ ،‬عبدالغفار‪ :‬لم الفلسفة – منشأة المعارف – اإلسكندرية – ‪ – 1981‬ص‪.183‬‬
‫‪ )( 127‬األلوسي‪ ،‬حسام الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – مصدر سابق – ص‪.34‬‬
‫‪ )( 128‬إبراهيم‪ ،‬زكريا‪ :‬مشكلة الحياة – دار مصر للطباعة – د‪.‬ت – ص‪.13‬‬
‫‪ )( 129‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.171 ،138‬‬
‫وأي ً‬
‫ضا‪:‬‬
‫‪Pepper, Stephen: Ethics. Op. cit. p.p. 138: 163.‬‬
‫‪ )( 130‬النساج‪ ،‬سيد حامد‪ :‬حول الفكر االشتراكي – مصدر سابق – ص ص‪.197 ،196‬‬
‫‪ )( 131‬عبدالمعطي‪ ،‬علي‪ :‬تيارات فلسفية حديثة – دار المعرفة الجامعية – ط‪ – 2‬اإلسكندرية – ‪ – 1996‬ص ص‪.45 ،44‬‬
‫‪ )( 132‬يوسف‪ ،‬أبو سيف‪ :‬حول الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.31 :29‬‬
‫‪ )( 133‬إبراهيم‪ ،‬عبدالفتاح‪ :‬االجتماع والماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.192 :188‬‬
‫‪ )( 134‬برتران‪ ،‬ميشال‪ :‬وضعية الدين عند ماركس وانجلز – ترجمة صالح كامل – دار الفارابي – ط‪ – 1‬بيروت – ‪– 1990‬‬
‫ص‪.22‬‬
‫ضا‪:‬‬‫وأي ً‬
‫– ‪- Wilelenbery, Frik. J: Avalue and virtuein goldless universe- Cambridge university – press‬‬
‫‪2005 – p.p.1: 6.‬‬
‫‪ -‬وفي هذا الكتاب يأتي عرض ثالثة مواقف من الدين قبل ماركس‪.‬‬
‫‪- Moral Snare, Francis. The nature of Moral thinking – op. cit – p.p. 4-5.‬‬
‫‪ )( 135‬ياسين‪ ،‬بوعلي‪ :‬الثالوث المحرم – دراسات في الدين والجنس والصراع الطبقي – دار الطليعة للطباعة والنشر – ط‪– 3‬‬
‫بيروت – ‪ – 1979‬ص‪.15‬‬
‫‪136‬‬
‫‪)( Elster, John: Anintroduction to karl Marx. Op. cit. p.p. 180: 188.‬‬
‫‪ )( 137‬برتران‪ ،‬ميشال‪ :‬وضعية الدين عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.16‬‬
‫‪138‬‬
‫– ‪() Ling, Trevor: karl Marx and religion in Europe and India. The Macmillan press LTd‬‬
‫‪First published New york – Tokyo – 1980 – p.p. 3: 17 – 20: 31.‬‬
‫‪ )( 139‬ياسين‪ ،‬بوعلي‪ :‬الثالوث المحرم – دراسات في الدين والجنس والصراع الطبقي – مصدر سابق – ص‪.11‬‬
‫‪ )( 140‬بردبائف‪ ،‬نقوال‪ :‬أصل الشيوعية الروسية ‪ -‬ترجمة فؤاد كامل – مراجعة راشد البراوي – الدار المصرية للتأليف والترجمة‬
‫– القاهرة – د‪.‬ت – ص ص‪.175 :73‬‬
‫‪ )( 141‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدرسابق – ص‪.20‬‬
‫‪ )( 142‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.18‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫كالفيز‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص‪.147‬‬
‫‪ )( 143‬برتران‪ ،‬ميشال‪ :‬وضعية الدين عند ماركس وانجلز – مصدر سابق – ص‪.38‬‬
‫‪ )( 144‬المصدر السابق‪ :‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ )( 145‬إبراهيم‪ ،‬عبدالفتاح‪ :‬االجتماع والماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.215 ،214‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫العوا‪ ،‬عادل‪ :‬العمدة في فلسفة القيم – مصدر سابق – ص‪.637‬‬
‫‪ )( 146‬برتران‪ ،‬ميشال‪ :‬وضعية الدين عند ماركس وانجلز – مصدر سابق – ص‪.39‬‬
‫ياسين‪ ،‬بوعلي‪ :‬الثالثوم المحرم – دراسات في الدين والجنس والصراع الطبقي – مصدر سابق – ص ص‪.23 :19 ،17‬‬
‫‪ )( 147‬النساج‪ ،‬سيد حامد‪ :‬حول الفكر االشتراكي – مصدر سابق – ص‪.171‬‬
‫‪ )( 148‬النوري‪ ،‬قيس‪ :‬االغتراب اصطالحً ا ومفهومًا وواق ًع ا – عالم الفكر – المجلد العاشر – العدد األول – وزارة الكويت –‬
‫الكويت – ‪ – 1979‬ص ص‪.17 :13‬‬
‫‪ )( 149‬رجب‪ ،‬محمود‪ :‬االغتراب – سيرة مصطلح – دار المعارف – ط‪ – 4‬القاهرة – ‪ – 1993‬ص ص‪.40 :31‬‬
‫(*) (*) االغتراب نظرية توسع في شرحها ماركس في كتاباته األولى وهي تحاول أن تصور وتفسر غربة البشر عن مجتمعهم بجانب‬
‫محاولة تفسير طبيعة الغربة وآفاقها المحتملة ويعزو ماركس االغتراب إلى ظاهرة تقسيم العمل في الرأسمالية انظر‪:‬‬
‫إدجار‪ ،‬أندرو & سيد جويد بيتر‪ :‬موسوعة النظرية الثقافية والمفاهيم والمصطلحات األساسية – مصدر سابق – ص‪.93‬‬
‫‪ )( 150‬بدور‪ ،‬عبدالكريم‪ :‬البطل واالغتراب في الفكر اإلنساني – طرزان ومفهوم االغتراب – مجلة البيان – العدد ‪ – 237‬رابطة‬
‫األدباء في الكويت – الكويت – ‪ – 1985‬ص‪.46‬‬
‫(*) (*)العزلة ‪ isolation‬هي االستعمال اآلخر لمصطلح االغتراب‪ ،‬وهي أكثر ما يستعمل لوصف وتحليل دور المفكر أو المثقف الذي‬
‫يغلب عليه الشعور بالتجرد ‪ Detachment‬وعدم االندماج النفسي والفكري بالمقاييس الشعبية ‪ Folkloristic standars‬في‬
‫المجتمع‪ ،‬ويرى بعض الباحثين في ذلك نو ًع ا من االنفصال عن المجتمع وثقافته واألشخاص الذين يحيون حياة عزلة واغتراب ال‬
‫يعطون قيمة كبيرة لكثير من األهداف والمفاهيم التي يثمنها أفراد المجتمع‪.‬‬
‫وقد استخدم األستاذ مرتون ‪ Marton‬في كتابه النظريات االجتماعية والبناء االجتماعي مفهوم العزلة بصورة مترادفة ألوضاع‬
‫ينعدم فيها التوافق ‪ Correspondence‬أو التطابق بين األهداف والوسائل‪.‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫النوري‪ ،‬قيس‪ :‬االغتراب – اصطالحً ا ومفهومًا وواقعً ا – مصدر سابق – ص‪.17‬‬
‫‪ )( 151‬رجب‪ ،‬محمود‪ :‬االغتراب – سيرة مصطلح – مصدر سابق‪ -‬ص ص‪.16 :9‬‬
‫‪ )( 152‬إبراهيم‪ ،‬عبدالفتاح‪ :‬االجتماع والماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.222 ،221‬‬
‫‪ )( 153‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.65‬‬
‫‪ )( 154‬ماركس‪ ،‬كارل‪ :‬الفن واألدب في االشتراكية – مصدر سابق – ص‪.43‬‬
‫‪ )( 155‬حماد‪ ،‬حسن‪ :‬آفاق األمل – مصدر سابق – ص‪.100‬‬
‫‪ )( 156‬رجب‪ ،‬محمود‪ :‬االغتراب – سيرة مصطلح – مصدر سابق – ص ص‪.17 ،16‬‬
‫‪ )( 157‬النوري‪ ،‬قيس‪ :‬االغتراب – اصطالحً ا ومفهومًا وواق ًعا – مصدر سابق – ص‪.21‬‬
‫‪ )( 158‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.120‬‬
‫‪ )( 159‬فروم‪ ،‬أريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.63‬‬
‫‪160‬‬
‫‪)( Elster, Jhon: An itntroduction to karl marx – op. cit. p.p. 43-44.‬‬
‫ضا‪:‬‬‫وأي ً‬
‫كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.201 :194‬‬
‫‪ )( 161‬جارودي‪ ،‬روجيه‪ :‬واقعية بال ضفاف – ترجمته حليم طوسون – دار الكتاب العربي للطباعة والنشر – القاهرة – ‪1968‬‬
‫– ص‪.111‬‬
‫‪ )( 162‬رجب‪ ،‬محمود‪ :‬االغتراب – سيرة مصطلح – مصدر سابق – ص‪.163‬‬
‫‪ )( 163‬فروم‪ ،‬اريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.71‬‬
‫‪ )( 164‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.9‬‬
‫‪ )( 165‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬فن الحب – ترجمة مجاهد عبدالمنعم مجاهد – دار العودة – ط‪ – 2‬بيروت – ‪ – 1981‬ص‪.78‬‬
‫‪ )( 166‬بالنت‪ ،‬سادي‪ :‬راية التمرد ‪ -‬ترجمة أحمد حسان – المجلس األعلى للثقافة – القاهرة – ‪ – 1999‬ص‪.7‬‬
‫‪ )( 167‬إبراهيم‪ ،‬عبدالفتاح‪ :‬االجتماع والماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.225 :223‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫‪Northrop: the meating of East and west – op. cit. p.p. 232: 233.‬‬
‫‪ )( 168‬فروم‪ ،‬أريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.68 :66‬‬
‫‪ )( 169‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص‪.20‬‬
‫‪170‬‬
‫‪() Elster, Jhon: An introduction to karl Marx – op. cit. p.p. 41-42.‬‬
‫‪ )( 171‬هيكل‪ ،‬مصطفى‪ :‬خالصة رأس المال لكارل ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.48 :42‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫طاطاو‪ ،‬الشريف‪ :‬نقد سلطة رأس المال (روجيه جارودي نموذجً ا) – مصدر سابق – ص ص‪.296 :294‬‬
‫‪ )( 172‬زكريا‪ ،‬فؤاد‪ :‬هربرت ماركيوز – دار الفكر المعاصر للنشر والتوزيع – القاهرة – ‪ – 1987‬ص‪.58‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫ياسين‪ ،‬بوعلي‪ :‬الثالوث المحرم – دراسات في الدين والجنس والصراع الطبقي – مصدر سابق – ص ص‪.34 :27‬‬
‫ويناقش فيه دور الجنس في الصراع الطبقي وعالقته باالغتراب‪.‬‬
‫‪173‬‬
‫‪() Rogar: Marxism – 1844 – 1990 Origins, betrayal, rebirth – op. cit. p.p. 26: 36.‬‬
‫‪ )( 174‬العالم‪ ،‬محمود أمين‪ :‬جالسنوست (مصارحة ال ينقصها الطابع الشخصي) – مصدر سابق – ص‪.5‬‬
‫‪ )( 175‬مغيث‪ ،‬أنور‪ :‬المناخ الثقافي لنشأة الماركسية – قضايا فكرية – الكتاب التاسع والعاشر – دار الثقافة الجديدة – القاهرة –‬
‫‪ – 1990‬ص‪.39‬‬
‫‪ )( 176‬فروم‪ ،‬أريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.50‬‬
‫‪ )( 177‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.63‬‬
‫‪ )( 178‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.73‬‬
‫‪ )( 179‬عامر‪ ،‬محمد‪ :‬قضايا في الفلسفة الماركسية – دار الثقافة للطباعة والنشر – القاهرة – ‪ – 1978‬ص ص‪.32 :30‬‬
‫‪ )( 180‬ستالين‪ :‬المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية – مصدر سابق – ص ص‪.39 ،38‬‬
‫‪ )( 181‬لينين‪ :‬إلى الفالحين الفقراء – دار التقدم – موسكو – د‪.‬ت – ص ص‪.91 :83‬‬
‫‪ )( 182‬عامر‪ ،‬محمد‪ :‬قضايا في الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص‪.37‬‬
‫‪ )( 183‬لينين‪ :‬إلى الفالحين الفقراء – مصدر سابق – ص‪.49‬‬
‫‪ )( 184‬النساج‪ ،‬سيد حامد‪ :‬حول الفكر االشتراكي – مصدر سابق – ص ص‪.185 ،184‬‬
‫‪ )( 185‬ماركس‪ :‬العمل المأجور والرأسمال – دار التقدم – موسكو – د‪.‬ت – ص ص‪.18 :16‬‬
‫‪ )( 186‬ستينا نوفا‪ :‬كارل ماركس – سيرة حياة – مصدر سابق – ص‪.401‬‬
‫‪ )( 187‬لينين‪ :‬إلى الفالحين الفقراء – مصدر سابق ص ص‪.94 ،91‬‬
‫وأي ً‬
‫ضا‪:‬‬
‫ستينانوفا‪ :‬كارل ماركس – سيرة حياة – مصدر سابق – ص ص‪.129 ،49 :46‬‬
‫بدء النضال من أجل تأسيس الحزب البروليتاري‪.‬‬ ‫( ‪)1‬‬
‫الصحيفة الرينانية الجديدة – نضال التحرر الوطني في هنغاريا وإيطاليا‪.‬‬ ‫( ‪)2‬‬
‫‪ )( 188‬الشريف‪ ،‬جالل فاروق‪ :‬االشتراكية والبال النامية – مجلة المعرفة – العدد ‪ – 203‬وزارة الثقافة واإلرشاد القومي – سوريا‬
‫– ‪ – 1979‬ص ص‪.14 :12‬‬
‫‪ )( 189‬المصدر السابق‪ :‬نفس الصفحات‪.‬‬
‫ضا‪:‬‬‫وأي ً‬
‫فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص‪.42‬‬
‫‪ )( 190‬لينين‪ ،‬فالديمير‪ :‬مصادر الماركسية الثالثة – مصدر سابق – ص‪.132‬‬
‫‪ )( 191‬عبدالمعطي‪ ،‬علي‪ :‬الفكر السياسي الغربي – مصدر سابق – ص ص‪.420‬‬
‫‪ )( 192‬مرعي‪ ،‬فؤاد (ترجمة)‪ :‬أسس علم الجمال الماركسي اللينيني – جماعة من األساتذة السوفيت – دار الفارابي – بيروت –‬
‫‪ – 1978‬ص‪.241‬‬
‫‪ )( 193‬بوليتزر‪ ،‬جورج‪ :‬أصول الفلسفة الماركسية – ترجمة شعبان بركات – منشورات المكتبة العصرية للطباعة والنشر – بيروت‬
‫– د‪.‬ت – ص ص‪.132 ،131‬‬
‫‪ )( 194‬لينين‪ :‬في الثقافة والثورة – دار التقدم – موسكو – ‪ – 1968‬ص ص‪.132 ،14 ،13‬‬
‫‪ )( 195‬النويهي‪ ،‬محمد‪ :‬نحو ثورة في الفكر الديني – دار اآلداب – ط‪ – 1‬بيروت – ‪ – 1983‬ص ص‪.67 ،66‬‬
‫‪ )( 196‬األلوسي‪ ،‬حسام الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – مصدر سابق – ص‪.49‬‬
‫‪ )( 197‬هنت‪ ،‬كاريو‪ :‬الشيوعية نظريًا وعمليًا – مصدر سابق – ص‪.82‬‬
‫‪ )( 198‬زكريا‪ ،‬فؤاد‪ :‬آفاق الفلسفة – مصدر سابق – ص ص‪.59 :56‬‬
‫‪ )( 199‬طاطاو‪ ،‬الشريف‪ :‬نقد سلطة رأس المال (روجيه غارودي نموزجً ا) – مصدر سابق – ص‪.300‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫‪Marris, pan: Realism – op. cit. p. 163.‬‬
‫‪ )( 200‬كالفيز‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص‪.45‬‬
‫‪201‬‬
‫‪)) Elgar, Edward: Marx and Non – Equilibrium Economics. Op. cit. p. viii-ix.‬‬
‫‪ )( 202‬خان‪ ،‬وحيد حامد‪ :‬سقوط الماركسية – ترجمة ظفر اإلسالم خان – رابطة الجامعات اإلسالمية – ط‪ - 1987 – 1‬ص‪.37‬‬
‫‪203‬‬
‫‪)( Elgar, Edward: Marx and Non- Equilibrium Economics – op. cit. p.p. 1: 3.‬‬
‫‪204‬‬
‫‪() Marx, karl, Engles: Selected correspondence, progress. Publishers, Moscow – 1985.‬‬
‫‪p.62.‬‬
‫‪ )( 205‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص‪.10‬‬
‫‪206‬‬
‫‪)( Rogar: Marxism – 1844- 1990 – origins, betroyal, rebirth. Op. cit. p. 151.‬‬
‫ضا‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫بوليتزر‪ ،‬جورج‪ :‬أصول الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.69 ،68‬‬
‫‪207‬‬
‫‪)( Guest, David: lectures on Marxist philosophy – op. cit. p.p. 74-75.‬‬
‫‪ )( 208‬بوليتزيد‪ ،‬جورج‪ ،‬وآخرون‪ :‬المبادئ األساسية للفلسفة – مصدر سابق – ص‪.78‬‬
‫‪ )( 209‬كالفيز‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص‪.68‬‬
‫‪ )( 210‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.62‬‬
‫‪ )( 211‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.61‬‬
‫‪ )( 212‬زكريا‪ ،‬فؤاد‪ :‬آفاق الفلسفة – مصدر سابق – ص‪.67‬‬
‫‪ )( 213‬األلوسي‪ ،‬حسام الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – مصدر سابق – ص‪.153‬‬
‫‪214‬‬
‫‪)( Rogar: Marxism- 1844 – 1990 – origins, betroyal – rebirth – op.cit. p. 130.‬‬
‫‪ )( 215‬حنا‪ ،‬جورج‪ :‬ضجة في صف الفلسفة – مصدر سابق – ص‪.41‬‬
‫واالشتراكية األخالقية ‪ ethical socialism‬تفسير كانطي جديد لالشتراكية على أساس نظرية األخالق عند كانط‪ .‬وقد نفى منظرو‬
‫االشتراكية األخالقية (كوهن – ناتورب) الفلسفة الماركسية أي المادية الجدلية‪ ،‬وحاولوا أن يربطوا االشتراكية العلمية بالفلسفة‬
‫األخالقية الكانطية‪ ،‬واعتبروا األخالق عل ًم ا موضوعه إزالة التناقضات في العالقات االجتماعية وكانط أول من صاغ الفكرة‬
‫األساسية لالشتراكية‪ ،‬وهي فكرة التضامن (أعمل دائ ًما بحيث تعبر اإلنسانية في شخصك أو في أشخاص اآلخرين كغاية ال كمجرد‬
‫واسطة)‪.‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.31‬‬ ‫‪-‬‬
‫خضر‪ ،‬سناء‪ :‬إشكالية الضمير وعالقتها بالواجب عند كانط – دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر – ط‪ – 2009 – 1‬ص ص‬ ‫‪-‬‬
‫‪.182 :176‬‬
‫‪ )( 216‬األلوسي‪ ،‬حسام الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – مصدر سابق – ص‪.153‬‬
‫‪ )( 217‬بوليتزر‪ ،‬جورج‪ :‬أصول الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص‪.129‬‬
‫‪ )( 218‬العالم‪ ،‬محمود أمين‪ :‬جالسنوست (مصارحة ال ينقصها الطابع الشخصي) – مصدر سابق – ص‪.12‬‬
‫‪ )( 219‬النجار‪ ،‬حسين فوزي‪ :‬الفكر السياسي الحديث – دار الكتاب العربي للطباعة والنشر – القاهرة – ‪ – 1996‬ص‪.78‬‬
‫‪ )( 220‬المصدر السابق‪ :‬ص ص‪.78 :75‬‬
‫‪ )( 221‬النويهي‪ ،‬محمد‪ :‬نحو ثورة في الفكر الديني – مصدر سابق – ص‪.67‬‬
‫‪ )( 222‬جوركي‪ ،‬مكسيم‪ :‬األدب والحياة – مصدر سابق – ص‪.35‬‬
‫‪ )( 223‬روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.31‬‬
‫‪ )( 224‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.171 :167‬‬
‫‪ )( 225‬روزنتال & يودين‪ :‬الموسوعة الفلسفية – مصدر سابق – ص‪.186‬‬
‫‪ )( 226‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.293‬‬
‫‪ )( 227‬خان‪ ،‬وحيد الدين‪ :‬سقوط الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.39 ،38‬‬
‫‪ )( 228‬عبدالمعطي‪ ،‬علي‪ :‬الفكر السياسي الغربي – مصدر سابق – ص‪.421‬‬
‫‪ )( 229‬كالفيز‪ ،‬جان إيف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.68 ،67‬‬
‫‪ )( 230‬حنا‪ ،‬جورج‪ :‬ضجه في صف الفلسفة – مصدر سابق – ص ص‪.63 :57‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫‪- Pepper, Stephen: Ethics. – op. cit. p.p. 36: 51.‬‬
‫‪ )( 231‬إبراهيم‪ ،‬عبدالفتاح‪ :‬االجتماع والماركسية –مصدر سابق – ص‪.203‬‬
‫‪ )( 232‬العروي‪ ،‬عبدهللا‪ :‬مفهوم الحرية – دار التنوير للطباعة والنشر – ط‪ – 2‬بيروت – ‪ – 1983‬ص‪.61‬‬
‫‪ )( 233‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.47‬‬
‫‪ )( 234‬المصدر السابق‪ :‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ )( 235‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.19 ،18‬‬
‫‪ )( 236‬لوفيفر‪ ،‬هنري‪ :‬أزمة الماركسية الراهنة – مصدر سابق – ص ص‪.12 :9‬‬
‫‪ )( 237‬المصدر السابق‪ :‬نفس الصفحات‪.‬‬
‫انظر أيضً ا‪:‬‬
‫‪- Carven, Terrell: Marx – op. cit. p.p. 246 – 247.‬‬
‫وفيه سنجد نظرة ماركس للعالقة بين الجمال والحرية أيضًا‪.‬‬
‫‪238‬‬
‫‪() Elster, Jhon: An Antroduction to karl Marx – op. cit. p.p. 81:83.‬‬
‫‪ )( 239‬بوليتزر‪ ،‬جورج‪ :‬أصول الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.40 :38‬‬
‫‪240‬‬
‫‪() Makdisi, Saree (Edited by) Marxism beyond Marxism – op. cit. p.2.‬‬
‫‪241‬‬
‫‪() Somerville, John: The philosophy of Marxism – op. cit. p. 184.‬‬
‫‪ )( 242‬فوربونون‪ ،‬ف‪.‬ف‪ :.‬في الثقافة – مصدر سابق – ص‪.156‬‬
‫(*) (*) وهنا يجب التفرقة بعمق بين الليبرالية الواقعية والليبرالية األيديولوجية وهو ما قدمه القديس ماكس وأسالفه‪.‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫فادية‪ ،‬ميشيل‪ :‬االيديولوجية – وثائق من األصول الفلسفية – ترجمة أمينة رشيد – دار التنوير للطباعة والنشر – ط‪ – 1‬القاهرة –‬
‫‪ – 1982‬ص‪.43‬‬
‫‪ )( 243‬يوسف‪ ،‬ابوسيف‪ :‬حول الفلسفة الماركسية‪ -‬مصدر سابق – ص ص‪.41 :32‬‬
‫‪ )( 244‬المصدر السابق‪ :‬نفس الصفحات‪.‬‬
‫‪ )( 245‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.143 :140‬‬
‫‪ )( 246‬المصدر السابق‪ :‬نفس الصفحات‪.‬‬
‫‪ )( 247‬إبراهيم‪ ،‬زكريا‪ :‬دراسات في الفلسفة المعاصرة – دار مصر للطباعة – ط‪ – 1‬القاهرة – د‪.‬ت – ص‪.525‬‬
‫‪ )( 248‬األلوسي‪ ،‬حسام الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – مصدر سابق – ص ص‪.154 ،153‬‬
‫‪ )( 249‬سارتر‪ ،‬جان بول‪ :‬المادية والثورة – مصدر سابق‪ -‬ص‪.30‬‬
‫‪ )( 250‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.56 :54‬‬
‫‪ )( 251‬بوليتزر‪ ،‬جورج‪ :‬أصول الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.223 :210‬‬
‫‪252‬‬
‫‪() Rogar: Marxism – 1844 – 1990 – origins, betrayal, rebirth – op. cit p.p. 39-40.‬‬
‫‪253‬‬
‫‪() Ibid: p. 198: 207.‬‬
‫‪ )( 254‬بوليتزر‪ ،‬جورج‪ :‬أصول الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.74 :71‬‬
‫‪ )( 255‬كالفيز‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.46 ،45‬‬
‫‪256‬‬
‫‪(( carver, Terrell: Marx op. cit. pp. 168-169.‬‬
‫‪ )( 257‬خرطبيل‪ ،‬سامي‪ :‬الوجود والقيمة – مصدر سابق – ص‪.122‬‬
‫‪ )( 258‬موران‪ ،‬إدجار‪ :‬نهاية األمل وصدمة المستقبل – مجلة القاهرة – العدد ‪ – 132‬القاهرة ‪ – 1993‬ص‪.30‬‬
‫‪ )( 259‬األلوسي‪ ،‬حسام محي الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – مصدر سابق – ص‪.17‬‬
‫‪ )( 260‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.6‬‬
‫‪ )( 261‬المصدر السابق‪ :‬ص ص‪.17 :15‬‬
‫‪ )( 262‬أسبورن‪ ،‬و‪ :‬الماركسية والتحليل النفسي – مصدر سابق – ص ص‪.90 ،89‬‬
‫‪263‬‬
‫‪)( Somerville., John: The philosophy of Marxism – op. cit. p.184.‬‬
‫‪ )( 264‬األلوسي‪ ،‬حسام محي الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – مصدر سابق – ص‪.82‬‬
‫‪ )(265‬توفي‪ ،‬ر‪ .‬هـ‪ :‬المجتمع المستغل – مصدر سابق – ص‪.255‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫‪-Hawkas, David: Ideology- op. cit. p. 58.‬‬
‫‪ )( 266‬موردسير‪ ،‬إدوار‪ :‬الفكر الفرنسي المعاصر – ترجمة عادل العوا – منشورات عويدات – ط‪ 1‬باريس – ‪ -1978‬ص‪.114‬‬
‫‪ )(267‬هنت‪ ،‬كاريو‪ :‬الشيوعية نظريًا وعمليًا – مصدر سابق – ص‪.92‬‬
‫‪ )(268‬ماركس‪ ،‬كارل‪ :‬بؤس الفلسفة – مصدر سابق – ص ص‪.15 :12‬‬
‫‪ )(269‬حماد‪ ،‬حسن‪ :‬آفاق األمل – مصدر سابق – ص‪.79‬‬
‫‪ )(270‬أوسبورن‪ ،‬و ‪ :‬الماركسية والتحليل النفسي – مصدر سابق – ص‪.87‬‬
‫‪271‬‬
‫‪)( Manuel, Frank. E.: Arequiem For karl Mark – op. cit. p.p. 122-123.‬‬
‫‪ )(272‬كالفيز‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.63 ،62‬‬
‫‪ )(273‬بوليتزيد‪ ،‬جورج‪ :‬أصول الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص‪.139‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫‪- Guest, David: lectures on Marxist philosophy – op. cit. p.p. 30-31.‬‬
‫‪274‬‬
‫‪)( Manuel, Frank. E.: Arequiem for Karl Mark – op. cit. p. 181.‬‬
‫‪ )( 275‬أبو غالي‪ ،‬مختار علي‪ :‬مدينة المستقبل (يوتوبيا) مجلة البيان – العدد ‪ – 281‬رابطة األدباء – الكويت ‪ -1989‬ص‪.15‬‬
‫‪276‬‬
‫‪)( Makdisi, Saree (Edited by) – Markxism beyond Markxism – op. cit. p. p. 2-3.‬‬
‫‪ )( 277‬كالفيزا‪ ،‬جان ايف‪ :‬كارل ماركس – مصدر سابق ص ص‪.69 ،68‬‬
‫‪ )( 278‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص‪.36‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫بوليتزن‪ ،‬جورج‪ ،‬وآخرون‪ :‬المبادئ األساسية للفلسفة – مصدر سابق – ص‪.27‬‬
‫‪ )( 279‬األلوسي‪ ،‬حسام الدين‪ :‬التطور والنسبية في األخالق – مصدر سابق – ص‪.16‬‬
‫‪ )( 280‬موروسير‪ ،‬ادوار‪ :‬الفكر الفرنسي المعاصر – مصدر سابق – ص‪.120‬‬
‫‪ )( 281‬لينين‪ :‬فتنة البرجوازية الصغيرة – مصدر سابق – ص ص ‪.34 ،33‬‬
‫‪ )( 282‬النساج‪ ،‬سيد حامد‪ :‬حول الفكر الماركسي – مصدر سابق – ص ص ‪.174 ،173‬‬
‫‪283‬‬
‫‪() Northrop: The meeting of East and west – op. cit. p. 245.‬‬
‫‪ )( 284‬أبو ناصر‪ ،‬موريس‪ :‬أفكار جديدة لعالم جديد (فصولفي سلطة المعرفة) – المركز الثقافي العربي – ط‪ – 1‬القاهرة – ‪1995‬‬
‫– ص ص ‪.17 ،16‬‬
‫‪ )( 285‬عامر‪ ،‬محمد‪ :‬قضايا في الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص‪.37‬‬
‫‪ )( 286‬طرابيشي‪ ،‬جورج‪ :‬سارتر والماركسية – مصدر سابق – ص‪.67‬‬
‫‪ )( 287‬هنت‪ ،‬كاريو‪ :‬الشيوعية نظريًا وعمليًا – مصدر سابق – ص ص‪.222 :219‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص ص‪.12 :10‬‬
‫‪ )( 288‬النشار‪ ،‬مصطفى‪ :‬فالسفة أيقظوا العالم – مصدر سابق – ص‪.352‬‬
‫‪ )( 289‬النساج‪ ،‬سيد حامد‪ :‬حول الفكر االشتراكي – مصدر سابق – ص‪.176‬‬
‫‪290‬‬
‫‪)) Rogar: Marxism. 1844- 1990 – origins, betrayal, rebirth – op. cit. p. p. 170 – 171.‬‬
‫‪ )( 291‬الحريري‪ ،‬علي عبدالمجيد‪ :‬فلسفة الفوضوية – مصدر سابق – ص ص‪.28 :26 ،6 :13‬‬
‫‪ )( 292‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص‪.6‬‬
‫‪ )( 293‬لينين‪ :‬فتنة البرجوازية الصغيرة – مصدر سابق – ص‪.6‬‬
‫‪ )( 294‬فروم‪ ،‬أربك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.18‬‬
‫‪ )( 295‬ماركوز‪ ،‬هربرت‪ :‬البعد الجمالي – نحو نقد النظرية الجمالية الماركسية – ترجمة جورج طرابيشي – دار الطليعة للطباعة‬
‫والنشر – ط‪ – 1‬بيروت – ‪ – 1979‬ص‪.15‬‬
‫‪ )( 296‬البهي‪ ،‬محمد‪ :‬تهافت الفكر المادي التاريخي – مكتبة وهبة – القاهرة – ‪ - 1975‬ص‪.65‬‬
‫‪ )( 297‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.176 ،175‬‬
‫‪ )( 298‬البهي‪ ،‬محمد‪ :‬تهافت الفكر المادي التاريخي – مصدر سابق – ص‪.37‬‬
‫‪ )( 299‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.9‬‬
‫‪ )( 300‬فوكوياما‪ ،‬فرانسيس‪ :‬نهاية التاريخ واإلنسان األخير – ترجمة فؤاد شاهين – مركز اإلنماء القومي – لبنان – ‪.1994‬‬
‫‪ )( 301‬كامنكا‪ ،‬أوجين‪ :‬األسس األخالقية للماركسية – مصدر سابق – ص‪.219‬‬
‫‪ )( 302‬ألبير كامي‪ :‬المتمرد – مصدر سابق – ص‪.225‬‬
‫‪ )( 303‬هنت‪ ،‬كاريو‪ :‬الشيوعية نظريًا وعمليًا – مصدر سابق – ص ص‪.105 ،104‬‬
‫‪ )( 304‬خان‪ ،‬وحيد الدين – سقوط الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.37 ،36‬‬
‫‪ )( 305‬ماركس‪ ،‬كارل‪ :‬بؤس الفلسفة – مصدر سابق – ص‪.12‬‬
‫‪ )( 306‬بوليتزر‪ ،‬جورج‪ :‬أصول الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص ص‪.41 ،40 ،139‬‬
‫‪ )( 307‬حنا‪ ،‬جورج‪ :‬ضجة في صف الفلسفة – مصدر سابق – ص ص‪.35 :32‬‬
‫‪ )( 308‬كامنكا‪ ،‬جورج‪ :‬األسس األخالقية الماركسية – مصدر سابق ‪ -‬ص‪.10‬‬
‫‪ )( 309‬البهي‪ ،‬محمد‪ :‬تهافت الفكر المادي التاريخي – مصدر سابق – ص‪.35‬‬
‫‪ )( 310‬الجزيري‪ ،‬مجدي‪ :‬العنف والتاريخ – دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر اإلسكندرية – ‪ - 2002‬ص‪.53‬‬
‫‪ )( 311‬بورتر‪ ،‬بيرتون‪ :‬الحياة الكريمة – مصدر سابق – ص‪.134‬‬
‫‪ )( 312‬زتيلي‪ ،‬خديجة‪ :‬بندتو كروتشه والنزعة التاريخية المطلقة – المركز العربي اإلسالمي للدراسات الغربية – ‪ – 2007‬ص‬
‫‪.48‬‬
‫‪ )( 313‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬الماركسية وأزمة المنهج – مصدر سابق – ص‪.13‬‬
‫‪ )( 314‬غارودي‪ ،‬روجيه‪ :‬فكر هيجل – ترجمة إلياس مرقص ‪ -‬دار الحقيقة للطباعة والنشر – ط‪ –– 1‬بيروت – ‪ - 1983‬ص‪.29‬‬
‫‪ )( 315‬أبو زيد‪ ،‬أحمد (مراجعة وتقديم)‪ :‬التحليل الثقافي ‪ -‬مجموعة من المؤلفين – المركز القومي للترجمة – ط‪ – 1‬القاهرة –‬
‫‪ -2008‬ص ص‪.41 :34‬‬
‫‪ )( 316‬لوفيفر‪ ،‬هنري‪ :‬أزمة الماركسية الراهنة – مصدر سابق – ص‪.9‬‬
‫‪ )( 317‬عبدالمعطي‪ ،‬علي‪ :‬الفكر السياسي الغربي – مصدر سابق – ص‪.422‬‬
‫‪318‬‬
‫‪)) Makdisis: Saree (Edited by) – Marxism beyond Marxism – op. cit. p. 55.‬‬
‫‪ )( 319‬هنت‪ ،‬كاريو‪ :‬الشيوعية نظريًا وعمليًا – مصدر سابق – ص‪.4‬‬
‫‪ )( 320‬فروم‪ ،‬أريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص ص‪.22 ،21‬‬
‫‪321‬‬
‫‪() Markdisi, Saree (Edited by) – Marxism beyond Marxism 0- op. cit. pp 14-15.‬‬
‫‪ )( 322‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.22‬‬
‫‪ )( 323‬خان‪ ،‬وحيد الدين‪ :‬سقوط الماركسية – مصدر سابق – ص‪.35‬‬
‫‪ )( 324‬فروم‪ ،‬إريك‪ :‬مفهوم اإلنسان عند ماركس – مصدر سابق – ص‪.19‬‬
‫‪ )( 325‬عامر‪ ،‬محمد‪ :‬قضايا في الفلسفة الماركسية – مصدر سابق – ص‪.20‬‬
‫‪ )( 326‬لينين‪ :‬فتنة البرجوازية الصغيرة – مصدر سابق ص‪.9‬‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫هابرماس‪ :‬يورغن‪ :‬بعد ماركس – ترجمة محمد ميالد – دار الحوار للنشر والتوزيع – ط‪ – 1‬سوريا – ‪ – 2002‬ص‪:53‬‬
‫‪.59‬‬
‫‪327‬‬
‫‪)) Elster, Jhon: An introduction to Karl Marx op. cit. p.p. 109-110.‬‬
‫‪ )( 328‬ليمكي‪ ،‬توماس‪ :‬ماركس بدون مزوجين‪ :‬فوكو‪ ،‬الحاكمية ونقد الليبرالية الجديدة – ترجمة حسن الحاج – المؤسسة العربية‬
‫للدراسات والنشر والتوزيع – ط‪ – 1‬بيروت‪ – 2011 :‬ص ص‪.21 :9‬‬

You might also like