Ahzu Bil Esbab

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫األخذ باألسباب سنة كونية‬

‫وقد تواتر األمر باألخذ باألسباب في القرآن وسنة الرسول! صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أخرج ابن حبان في‬
‫صحيحه‪ :‬أن رجال جاء إلى النبي صلى هللا عليه وسلم وأراد أن يترك ناقته وقال‪ :‬أأعقلها وأتوكل؟! أو أطلقها‬
‫وأتوكل؟ فقال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬اعقلها‪ ،‬وتوكل‪.‬‬
‫الجبَ َل‪ ،‬فَيَْأتِي بح ُْز َم ٍة‬
‫وقال صىل هللا عليه وسلم‪ :‬الَ رسولُ هَّللا ﷺ‪َ :‬أل ْن يَْأ ُخ َذ َأ َح ُد ُكم َأحبُلَهُ‪ ،‬ثُ َّم يَْأتِ َي َ‬
‫اس‪َ :‬أ ْعطَوْ هُ‪َ ،‬أوْ َمنَعُوهُ رواه‬ ‫ف هَّللا بِهَا َوجْ هَهُ؛ خَ ْي ٌر لَهُ ِم ْن َأن يَسَأ َل النَّ َ‬
‫ب عَلى ظَه ِْر ِه فَيَبي َعهَا‪ ،‬فَيَ ُك َّ‬
‫ِمن َحطَ ٍ‬
‫البخاري‪.‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬فكلوا مما غنمتم حالال طيبا{ األنفال‪ .}69:‬والغنيمة اكتساب‪.‬‬
‫وقال‪ :‬فامشوا! في مناكبها وكلوا من رزقه {الملك‪.}15:‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم! {النساء‪.}71:‬‬
‫وقال‪ :‬وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط! الخيل {األنفال‪.}60:‬‬
‫وقد سئل أحمد عن رجل جلس في بيته‪ ،‬أو في المسجد وقال ‪:‬ال أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي‪ ،‬فقال‪ :‬هذا‬
‫رجل جهل العلم‪ ،‬فقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إن هللا جعل رزقي تحت ظل رمحي‪ ،‬وقال‪ :‬لو توكلتم!‬
‫على هللا حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا! وتروح! بطانا ـ فذكر أنها تغدو وتروح في طلب‬
‫الرزق‪ ،‬قال‪ :‬وكان الصحابة يتجرون ويعملون في نخيلهم والقدوة بهم‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وقال سهل‪ :‬من قال‪ :‬التوكل يكون بترك العمل فقد طعن في سنة رسول! هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وقال‬
‫الرازي في تفسير قوله تعالى‪ :‬وشاورهم في األمر فإذا عزمت فتوكل على هللا ـ دلت اآلية‪ :‬على أنه ليس‬
‫التوكل أن يهمل اإلنسان نفسه كما يقول بعض الجهال‪ ،‬وإال كان األمر بالمشاورة منافيا لألمر بالتوكل‪ ،‬بل‬
‫التوكل على هللا أن يراعي اإلنسان األسباب الظاهرة‪ ،‬ولكن ال يعول بقلبه عليها‪ ،‬بل يعول على هللا تعالى‪ .‬اهـ‬
‫قال عمر ـ رضي! هللا عنه ‪:‬ال يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول‪ :‬اللهم ارزقني‪ ،‬وقد علمتم أن السماء ال‬
‫تمطر ذهبا وال فضة‪.‬‬
‫ويشرع فعل الدعاء قبل السبب وأثناءه وبعده وآكده قبله‪ ،‬لما في ذلك من االستعانة باهلل في البداية فقد دعا‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم ببدر قبل وقت المعركة وأمر من هم بأمر باالستخارة وسؤال هللا التيسير قبل‬
‫اإلقدام على الفعل الذي يريده‪.‬‬
‫األخذ باألسباب من شيم المرسلين وأولي األلباب والصالحين ومن تمسك بالهدى المستقيم‪ ،‬وتركه من شيم‬
‫البطالين الدراويش الذين يريدون أن يعيشوا على الصدقات والهبات‪.‬‬
‫فها هو نوح عليه السالم أمره ربه تبارك وتعالى بإعداد سفينة عمالقة لحمل األحياء من كل زوجين اثنين‬
‫ومن آمن من البشر ولو شاء هللا أن ينجيه لنجاه ولكنه أرشده إلى األخذ باألسباب‪.‬‬
‫وها هو موسى عليه السالم أمره ربه تبارك وتعالى! أن يضرب البحر بعصاه‪ ،‬وهل تشق العصى البحر؟!‬
‫ولكنها األسباب‪ ,‬فإذا بالبحر! فرقتين! كل فرق كالطود العظيم ولو شاء هللا أن يجعله كذلك من غير ضرب‬
‫بالعصا لفعل ولكنه يُعلِّم أنبياءه وعباده الصالحين األخذ باألسباب‪ ،‬وكذا ضربه الحجر بالعصا لينفجر منه‬
‫اثنتا عشرة عينا كل هذا لتأخذ األسباب نصيبها من حياة اإلنسان‪.‬‬
‫وها هي مريم عليها السالم أمرها ربها تبارك وتعالى ‪-‬وهي فى المخاض‪ -‬أن تهز النخلة لتسقط عليها رطبًا‬
‫جنيًا‪ ،‬ومعلوم أن المرأة أضعف ما تكون قوة في هذه الحال‪ ،‬ومع هذا أيضًا لو هز النخلة عشرة رجال من‬
‫جذعها لما تساقطت ثمرة واحدة ولكنها األسباب‬
‫ك ُرطَبًا! َجنِيًّا [مريم‪]25:‬‬ ‫ك بِ ِج ْذع النَّ ْخلَ ِة تُ َساقِ ْ‬
‫ط َعلَ ْي ِ‬ ‫َوه ُِّزي ِإلَ ْي ِ‬
‫ِ‬
‫لذلك رأى عمر رضي – رضي! هللا عنه‪ -‬قو ًما قابعين في رُكن المسجد بع َد صالة الجمعة‪ ،‬فسألهم‪ :‬من أنتم؟‬
‫ُدن أحدُكم عن طلب‬ ‫تو ِّكلون على هللا‪ ،‬ف َعالهم عمر رضي هللا عنه ب ِدرَّته ونَهَ َرهم‪ ،‬وقال ‪:‬ال يَقع َّ‬ ‫قالوا‪ :‬نحن ال ُم َ‬
‫الرزق‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫صالَةُ فَانت َِشرُوا فِي‬
‫ت ال َّ‬
‫ضيَ ِ‬‫ضة‪ ،‬وإن هللا يقول‪“ :‬فَِإ َذا قُ ِ‬
‫“اللهم ارزقني‪ ،‬وقد علِ َم أن السما َء ال تُم ِط ُ!ر ذهبًا وال ف ّ‬
‫ض َوا ْبتَ ُغوا ِمن فَضْ ِل هَّللا ِ”(الجمعة‪.)10 :‬وروى! ابن أبي الدنيا في “التوكل” بسنده عن معاوية بن قرة‪ ،‬أن‬ ‫اَألرْ ِ‬
‫عمر بن الخطاب‪ ،‬لقي ناسا ً من أهل اليمن‪ ،‬فقال‪“ :‬من أنتم؟ قالوا‪ :‬نحن المتوكلون‪ .‬قال‪ :‬بل أنتم المتكلون‪ ،‬إنما‬
‫“المتوكل الذي يلقي حبه في األرض‪ ،‬ويتوكل على هللا “‪ .‬لذلك قالت طائفة من العلماء‪”:‬‬
‫روى أن شقيقا ً البلخي‪ ،‬ذهب في رحلة تجارية‪ ،‬وقبل سفره ودع صديقه إبراهيم بن أدهم حيث يتوقع أن يمكث‬
‫في رحلته مدة طويلة‪ ،‬ولكن لم يمض إال أيام قليلة حتى عاد شقيق ورآه إبراهيم في المسجد‪ ،‬فقال له متعجبا ً‪:‬‬
‫ما الذي عجّل بعودتك؟! قال شقيق‪ :‬رأيت في سفري عجباً‪ ،‬فعدلت عن الرحلة‪ ،‬قال إبراهيم‪ :‬خيراً ماذا رأيت؟‬
‫قال شقيق‪:‬‬
‫أويت إلى مكان خرب ألستريح فيه‪ ،‬فوجدت به طائراً كسيحا ً أعمى‪ ،‬وعجبت وقلت في نفسي‪ :‬كيف يعيش‬
‫هذا الطائر في هذا المكان النائي‪ ،‬وهو ال يبصر! وال يتحرك؟ ولم ألبث إال قليالً حتى أقبل طائر آخر يحمل له‬
‫العظام في اليوم مرات حتى يكتفي‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫إن الذي رزق! هذا الطائر في هذا المكان قادر على أن يرزقني‪ !،‬وعدت من ساعتي‪ ،‬فقال إبراهيم‪ :‬عجبا ً لك يا‬
‫شقيق‪ ،‬ولماذا رضيت لنفسك أن تكون الطائر األعمى الكسيح الذي يعيش على معونة غيره‪ ،‬ولم ترض أن‬
‫تكون الطائر اآلخر الذي يسعى على نفسه وعلى غيره من العميان والمقعدين؟ أما علمت أن اليد العليا خير‬
‫من اليد السفلى؟ فقام شقيق إلى إبراهيم وقبّل يده‪ ،‬وقال‪ :‬أنت أستاذنا يا أبا إسحاق‪ ،‬وعاد إلى تجارته‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬ولهذا حين سئل ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬عن األدوية‬ ‫إن األخذ باألسباب ال ينافي القدر بل هو من القدر أي ً‬
‫واألسباب التي يتقي بها المكروه‪ ،‬هل ترد من قدر هللا شيًئا‪ ،‬كان جوابه الفاصل‪“ :‬هي من قدر! هللا”(أحمد‬
‫والترمذي! وحسنه)‪.‬‬
‫ولما انتشر الوباء في بالد الشام قرر! عمر بمشورة الصحابة العدول عن دخولها‪ ،‬والرجوع! بمن معه من‬
‫المسلمين ‪ .‬فقيل له‪ :‬أتفر من قدر هللا يا أمير المؤمنين ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬نفر من قدر هللا إلى قدر هللا‪ ،‬أرأيت إن‬
‫نزلت بقعتين من األرض‪ ،‬إحداهما مخصبة واألخرى! مجدبة‪ ،‬أليس إن رعيت المخصبة رعيتها بقدر هللا‪،‬‬
‫وإن رعيت المجدبة رعيتها بقدر هللا ؟!‪.‬‬
‫غلب رجل آخر أمام النبي عليه السالم‪ ،‬فقال المغلوب‪ :‬حسبي هللا‪ ،‬فغضب النبي‪ ،‬ورأى! ظاهر هذه الكلمة‬
‫إيمانًا‪ ،‬وباطنها! عج ًزا‪ ،‬فقال‪“ :‬إن هللا يلوم على العجز‪ ،‬ولكن عليك بالكيس‪ ،‬فإذا غلبك أمر فقل حسبي‬
‫هللا“(أبوداود)‪.‬‬
‫يحكـــــى أن رجالً متعبداً في قرية كان قدوة للجميع لمستوى! تدينه الرائع‪ ،‬و كان كل أهل القرية يسألونه في‬
‫أمور دينهم و يتخذونه نموذجا ً يحتذى في اإليمان باهلل ‪ ..‬و يوما ما حل طوفان بالقرية أغرقها بالماء و لم‬
‫يستطع أحد النجاة إال من كان معه قارب‪..‬‬
‫ال داعي‪ ،‬هللا سينقذني‪ ،‬اذهبوا” ثم مر أناس آخرون‬ ‫فمر بعض أهل القرية على بيت المتعبد لينقذوه فقال لهم ‪“ :‬‬
‫ال داعي‪ ،‬هللا سينقذني‪ ،‬اذهبوا” ومرت آخر أسرة تحاول النجاة بنفس المتعبد وقالوا له‬ ‫و قال لهم نفس الكالم “‬
‫‪ :‬اركب معنا نحن آخر من في القرية فإن لم ترحل معنا ستغرق‪ .‬فأجاب ‪:‬ال داعي‪ ،‬هللا سينقذني! … اذهبوا!‬
‫انتهى الطوفان و تجمع أهل القرية فوجدوا جثة المتعبد‪ ،‬فثار الجدل بين الناس‪ :‬أين هللا؟!! لماذا لم ينقذ‬
‫عبده؟!!‪ ..‬قرر البعض االرتداد! عن الدين! حتى جاء شاب متعلم واع و قال ‪ :‬من قال لكم أن هللا لم ينقذه؟ إن‬
‫هللا أنقذه ثالث مرات عندما أرسل له ثالث عائالت لمساعدته‪ ،‬لكنه لم يرد أن ينجو!!‬
‫عبد هللا‪“ :‬هل تعلمت شيئا من هذه القصص؟ إن هللا ال يساعدنا بطرق خرافية ووهمية‪..‬‬
‫سأل جندي فرنسي‪ ،‬نابليون في معركة (واترلو)‪:‬‬
‫هل هللا معنا نحن الكاثوليك‪َ ..‬أم مع اإلنجليز! البروتستانت ؟!‬
‫ر َّد نابليون‪ :‬إن هللا مع أصحاب المدافع الكبيرة‪!! ..‬‬

You might also like