المجنون في الفقه الإسلامي

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 6

‫المجنون في الفقه اإلسالمي‬

‫أ‪.‬د‪ /‬حامد بن مده بن حميدان الجدعاني‪.‬‬


‫تعريف المجنون‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف المجنون لغة(‪:)1‬‬
‫السـرْت ‪،‬‬
‫قال ابن فارس ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬اجليم‪ ،‬والنون‪،‬ـ أصل واحد‪ ،‬وهو َّ‬
‫والتسرُّت "(‪.)2‬‬
‫فاجلنون‪ :‬زوال العقل‪ ،‬أو فساد فيه(‪.)3‬‬
‫حائل بني النفس‪ ،‬والعقل(‪.)4‬‬ ‫واجلنون‪:‬ـ ٌ‬
‫فعلى ه ـ ــذا االعتب ـ ــار ف ـ ــإن اجملن ـ ــون لغ ـ ــة ه ـ ــو‪ :‬ال ـ ــذاهب العق ـ ــل‪ ،‬أو فاس ـ ــده‪ ،‬واجلم ـ ــع‪:‬‬
‫جمانني(‪.)5‬‬
‫‪ -2‬تعريف المجنون اصطالحا ً‪:‬‬
‫يع ــرف اجلن ــون بأن ــه‪" :‬اختالل العق ــل حبيث مين ــع جري ــان األفع ــال‪ ،‬واألق ــوال على هنج‬
‫العقل إال نادراً"(‪.)6‬‬
‫وعــرف أيضـاً‪" :‬ذهــاب العقــل آلفــة‪ ،‬ومظهــره جريــان التصــرفات القوليــة والفعليــة على‬
‫غري هنج العقالء"ـ(‪.)7‬‬
‫فاجملنونـ على هذا االعتبارـ هو‪" :‬من مل يستقم كالمه‪ ،‬وأفعاله"(‪.)8‬‬
‫ثانياً‪ :‬أنواع الجنون‪:‬‬

‫()ينظر مادة‪" :‬جنن" يف الكتب التالية‪ :‬أساس البالغة‪ ،‬ص (‪ ،)103-102‬خمتار الصحاح‪ ،‬ص (‪ ،)62‬املصباح املنري‪ ،‬ص (‪ ،)43‬املعجم الوسيط (‪ ،)141-140‬مادة‪ :‬جن‪ ،‬مفردات‬
‫‪1‬‬
‫ألفاظ القرآن‪ ،‬ص (‪ ،)205-203‬مادة‪ :‬جن‪.‬‬

‫()املقاييس يف اللغة (‪ ،)1/421‬مادة‪ :‬جن‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫()ينظر‪ :‬املعجم الوسيط (‪.)1/141‬‬
‫‪3‬‬
‫()ينظر‪ :‬مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬ص (‪.)205‬‬
‫‪4‬‬
‫()ينظر‪ :‬املعجم الوسيط (‪.)1/141‬‬
‫‪5‬‬
‫()التعريفات‪ :‬اجلرجاين‪ ،‬ص (‪ .)107‬وينظر‪ :‬التعريفات الفقهية‪ :‬الربكيت‪ ،‬ص (‪ ،)73‬عوارض األهلية‪ :‬اجلبوري‪ ،‬ص (‪.)161‬‬
‫‪6‬‬
‫()معجم لغة الفقهاء‪ ،‬ص (‪.)167‬‬
‫‪7‬‬
‫()التعريفات‪ :‬اجلرجاين‪ ،‬ص (‪ .)261‬وينظر‪ :‬معجم مصطلحات أصول الفقه‪ ،‬ص (‪.)390‬‬
‫‪8‬‬
‫‪1‬‬
‫اجلنونـ آفة تزيل احلِ َجا(‪ ،)1‬وتضعف القوى‪ ،‬واجلنون يتنوعـ إىل نوعني مها(‪:)2‬‬
‫النوع األول‪ :‬اجلنونـ األصلي‪:‬‬
‫ومعناه‪:‬ـ أن يولد اإلنسانـ فاقد العقل‪ ،‬وهو نوعٌ ال يرجى لصاحبه الشفاء(‪.)3‬‬
‫وقي ــل اجلن ــونـ األص ــلي ه ــو‪ :‬اجلن ــون املتص ــل بزم ــان الص ــبا‪،‬ـ ب ــأنـ جين اإلنس ــانـ ص ــغرياً‪،‬‬
‫فعندما يصل إىل حد البلوغ‪ ،‬يبلغ جمنوناً(‪.)4‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬اجلنون العارض‪:‬‬
‫ومعناه‪:‬ـ أن يبلغ اإلنسان سليم العقل كامل الفهم‪ ،‬مث يطرأ عليه اجلنون(‪.)5‬‬
‫كل من اجلنونـ األصلي‪ ،‬والعارض من أمرين(‪:)6‬‬ ‫وال خيلو احلال يف ٍ‬
‫األمر األول‪ :‬مطبق‪:‬‬
‫وهو اجلنون املتصل بال إفاقة‪.‬‬
‫وعُِّبَر عنه أيضاً بأنه‪" :‬ما كان حاصالً يف أكثر السنة"(‪.)7‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬غري مطبق "متقطع"‪:‬‬
‫وهو الذي يغيب وقتاً‪ ،‬وحيضر وقتاً(‪.)8‬‬

‫ثالثاً‪ :‬تكليف المجنون‪:‬‬


‫اختلف الفقهاء ‪-‬رمحهم اهلل‪ -‬يف تكليف اجملنون على ثالثة أقوال هي‪:‬‬

‫()احلِ َج ا‪ :‬العقل والفطنة‪ .‬ينظر مادة‪" :‬حجا" يف الكتب التالية‪ :‬لسان العرب (‪ ،)3/69‬املصباح املنري‪ ،‬ص (‪.)47‬‬
‫‪1‬‬
‫()ينظر‪ :‬التعريفات‪ :‬اجلرجاين‪ ،‬ص (‪ ،)107‬العقل حفظه وحجيته وأثره يف التكليف‪ :‬فهد بن عبداهلل‬
‫‪2‬‬
‫العتييب‪ ،‬ص (‪ ،) 206‬رسالة للعاملية (املاجستري)‪ ،‬كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة أم القرى‪،‬‬

‫عام ‪1424‬هـ‪ ،‬غري منشورة‪ ،‬عوارض األهلية‪ :‬اجلبوري‪ ،‬ص (‪ ،)163‬كشف األسرار‪ :‬البخاري‬

‫(‪ ،)4/374‬املهذب يف علم أصول الفقه املقارن (‪ ،)1/332‬النظرية العامة لألهلية‪ :‬علي رمضان ازبيده‪،‬‬

‫ص (‪.)139-138‬‬

‫()ينظر‪ :‬عوارض األهلية‪ :‬اجلبوري‪ ،‬ص (‪.)163‬‬


‫‪3‬‬
‫()ينظر‪ :‬جامع األسرار‪ :‬الكاكي (‪.)4/1259‬‬
‫‪4‬‬
‫()العقل حفظه وحجيته وأثره يف التكليف‪ ،‬ص (‪.)207‬‬
‫‪5‬‬
‫()ينظر‪ :‬أصول الفقه‪ :‬اخلضري‪ ،‬ص (‪ ،)96‬التعريفات‪ :‬اجلرجاين‪ ،‬ص (‪.)107‬‬
‫‪6‬‬
‫()التعريفات‪ :‬اجلرجاين‪ ،‬ص (‪.)107‬‬
‫‪7‬‬
‫()ينظر‪ :‬كشف األسرار‪ :‬البخاري (‪.)4/374‬‬
‫‪8‬‬
‫‪2‬‬
‫القول األول‪:‬‬
‫أن اجملنونـ غري مكلف مطلقاً‪.‬‬
‫وإليـ ـ ــه ذهب مجهـ ـ ــور العلمـ ـ ــاء من املالكية(‪ ،)1‬والشـ ـ ــافعية(‪ ،)2‬وهـ ـ ــو الصـ ـ ــحيح عن ـ ــد‬
‫احلنابلة(‪.)3‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫أن اجملنونـ مكلف مطلقاً‪.‬‬
‫وه ــو رواي ــة عن مال ــك؛ حيث س ــئل عمن بل ــغ وه ــو جمن ــون مطب ــوق فمكث س ــنني مث‬
‫أفاق؟ فقال‪ :‬يقضيـ صيام تلك السنني‪ ،‬وال يقضيـ الصالة(‪.)4‬‬
‫وهو قول عند الشافعية(‪.)5‬‬

‫ورواي ـ ــة عن أمحد(‪)6‬؛ فق ـ ــد حكى حنبل(‪ )7‬عن اإلم ـ ــام أمحد رواي ـ ــة يف اجملن ـ ــون‪:‬ـ أنـ ــه‬
‫يقضي الصالة‪،‬ـ والصومـ(‪.)8‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫أن اجلن ــون املمت ــد مس ــقط للعب ــادات س ــواء أك ــان أص ــلياً أم عارض ـاً‪ ،‬أم ــا اجلن ــون غ ــري‬
‫املمتد فهو غري مسقط للعبادات‪.‬‬

‫()ينظر‪ :‬تقريب الوصول‪ :‬ابن جزي‪ ،‬ص (‪ ،)227‬لباب احملصول يف علم األصول‪ :‬ابن رشيق ( ‪ ،)1/244‬مذكرة أصول الفقه‪ :‬الشنقيطي‪ ،‬ص ( ‪ ،)63‬النصح املبذول‪ :‬املغريب‪ ،‬ص (‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،)60‬املوافقات (‪ ،)1/235‬نيل السول‪ :‬الواليت‪ ،‬ص (‪.)74‬‬

‫()ينظر‪ :‬اإلحكام يف أصول األحكام‪ :‬اآلمدي (‪ ،)1/150‬إ إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول (‪ ،)1/36‬البحر احمليط‪ :‬الزركشي (‪ ،)1/349‬التلخيص‪ :‬اجلويين‪ ،‬ص (‬
‫‪2‬‬
‫احمللّي‪ ،‬ص (‪ ،)128‬شـرح اللمـع‪ :‬الشـريازي ( ‪ ،)1/271‬الغيث اهلامع شـرح مجع‬
‫‪ ،)17‬شرح الورقـات يف أصـول الفقـه‪ :‬ابن إمـام الكامليـة‪ ،‬ص (‪ ،)119‬شـرح الورقـات يف أصـول الفقـه‪َ :‬‬

‫اجلوامع‪ :‬أبو زرعة العراقي (‪ ،)1/24‬املستصفى من علم األصول (‪ ،) 1/158‬هناية السول يف شرح منهاج الوصول إىل علم األصول‪ :‬عبدالرحيم بن احلسن اِإل ْسنـَوي (‪.)1/148‬‬

‫()ينظر‪ :‬روضة الناظر وجنة املناظر ( ‪ ،)1/220‬شرح األصول من علم األصول‪ :‬العثيمني‪ ،‬ص ( ‪ ،)163-162‬شرح خمتصر الروضة ( ‪ ،)1/180‬القواعد‪ :‬ابن اللحام ( ‪ ،)1/46‬الواضح‬
‫‪3‬‬
‫يف أصول الفقه‪ :‬ابن عقيل (‪.)1/71‬‬

‫()ينظر‪ :‬املدونة الكربى‪ :‬اإلمام مالك بن أنس‪ ،‬رواية سحنون بن سعيد التنوخي‪ ،‬عن عبدالرمحن بن قاسم (‪.)1/214‬‬
‫‪4‬‬
‫()ينظر‪ :‬الوصول إىل األصول‪ :‬ابن برهان (‪.)1/90‬‬
‫‪5‬‬
‫()ينظر‪ :‬أصول الفقه‪ :‬ابن مفلح (‪ ،)1/277‬القواعد‪ :‬ابن اللحام (‪ ،)114 ،1/46‬املختصر يف أصول الفقه‪ :‬ابن اللحام‪ ،‬ص (‪ ،)69‬املسودة يف أصول الفقه (‪.)1/143‬‬
‫‪6‬‬
‫()هو‪ :‬حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هالل الشيباين‪ ،‬كنيته‪ :‬أبو علي‪ ،‬ابن عم اإلمام أمحد‪ ،‬من حفاظ احلديث‪ ،‬مسع من اإلمام أمحد وغريه‪ ،‬من كتبه‪ :‬التاريخ‪ ،‬حمنة اإلمام أمحد بن حنبل‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ينظر‪ :‬شذرات الذهب (‪ ،)308-3/307‬طبقات احلنابلة‪ :‬أبو يعلى (‪ ،)387-1/383‬رقم (‪.)188‬‬ ‫تويف ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬سنة (‪273‬هـ)‪ ،‬بواسط‪.‬‬

‫()ينظر‪ :‬القواعد‪ :‬ابن اللحام (‪.)1/46‬‬


‫‪8‬‬
‫‪3‬‬
‫وإلي ــه ذهب احلنفيةـ(‪)1‬؛ إال أن حمم ــد بن احلسن(‪- )2‬رمحه اهلل‪ -‬مل يف ــرق بني اجلن ــون‬
‫األص ــلي والط ــارئ‪ ،‬وأم ــا أب ــو يوسف(‪ )3‬ف ــذهب إىل أن اجلن ــونـ األص ــلي مس ــقط للعب ــادات‬
‫مطلقاً دون احلاجة لشرط االمتداد(‪.)4‬‬
‫قــال الدبوســي ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬أمــا اجلنــونـ فبمنزلــة الصــباـ قبــل أن يعقــل الصــيب إذا طــال‬
‫اجلنون‪ ،‬ومِب نزلة النوم إذا قصر"(‪.)5‬‬
‫* األدلـــة‪:‬‬
‫‪ -‬أدلة القول األول‪ :‬أن اجملنونـ غري مكلف مطلقاً‪:‬‬
‫استدلواـ بعدة أدلة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬ما جـاء عن علي بن أيب طـالب ‪-‬رضــي اهلل عنـه‪ -‬أن رسـول اهلل ﷺ قــال‪" :‬رفـع‬
‫القلم عن ثالثة‪ :‬عن اجملنونـ املغلــوب على عقلــه حـىت يفيــق‪ ،‬وعن النــائم حــىت يســتيقظ‪،‬ـ وعن‬
‫الصيب حىت حيتلم"(‪.)6‬‬
‫وجه الداللة‪:‬‬
‫أن احلديث الشــريف صـريح الداللــة أن اجملنــونـ غــري مكلــف مــا دام مريضـاً حـىت يفيــق‪،‬‬

‫()ينظر‪ :‬تقومي األدلة‪ :‬الدبوسي‪ ،‬ص (‪ ،)433‬مجل األحكام‪ ،‬ص (‪ ،)252‬زبدة األسرار‪ :‬السيواسي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ص (‪ ،)237‬شرح منار األنوار يف أصول الفقه‪ :‬ابن ملك‪ ،‬ص (‪ ،)341-340‬فتح الغفار بشرح املنار‪:‬‬

‫ابن جنيم (‪ ،)88-3/86‬كشف األسرار‪ :‬البخاري (‪ ،)373-4/372‬املغين يف أصول الفقه‪ :‬اخلبازي‪،‬‬

‫ص (‪ ،)370-369‬الوايف يف أصول الفقه‪ :‬السفناقي (‪ ،)1636 -4/1635‬الوصول إىل قواعد األصول‪ :‬التمرتاشي‪ ،‬ص (‪.)296‬‬

‫()هو‪ :‬حممد بن احلسن بن َفْرقَد الشَّْيبَاين‪ ،‬كنيته‪ :‬أبو عبداهلل‪ ،‬ولد سنة ( ‪ 131‬هـ) صحب أبا حنيفة‪ ،‬وعنه أخذ الفقه‪ ،‬مث عن أيب يوسف‪ ،‬من أئمة احلنفية‪ ،‬وهو الذي نشر علم أيب حنيفة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ويل قضاء الرقة مث الـري للرشـيد‪ ،‬من كتبـه‪ :‬األصـل‪ ،‬اجلامع الكبـري‪ ،‬اجلامع الصـغري‪ ،‬السـري الكبـري‪ .‬تـويف ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬سـنة (‪189‬هــ)‪.‬ينظـر‪ :‬تـاج الـرتاجم‪ ،‬ص (‪ ،)240-237‬رقم (‪،)203‬‬

‫اجلواهر املضية يف طبقات احلنفية (‪ ،)127-3/122‬رقم (‪.)1270‬‬

‫()هو‪ :‬يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن ُخنَيس األنصاري‪ ،‬كنيته‪ :‬أبو يوسف‪ ،‬وهبا اشتهر‪ ،‬ولد سنة ( ‪113‬هـ)‪ ،‬صاحب أيب حنيفة ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬وهو الذي نشر مذهبه يف اآلفاق‪ ،‬وأول‬
‫‪3‬‬
‫من دعي بقاضي القضاة‪ ،‬من كتبه‪ :‬رسالة يف اخلراج‪ ،‬األمايل يف الفقه‪ .‬تويف ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬سنة (‪182‬هــ)‪ ،‬ببغـداد‪.‬ينظـر‪ :‬تـاج الـرتاجم‪ ،‬ص (‪ ،)317-315‬رقم (‪ ،)313‬اجلواهر املضـية يف‬

‫طبقات احلنفية (‪ ،)613-3/611‬رقم (‪ ،)1825‬سري أعالم النبالء (‪ ،)539-8/535‬رقم (‪.)141‬‬

‫()اختلف علماء احلنفية يف بيان حد االمتداد؛ فهو خيتلف باختالف الطاعات‪ ،‬لكنه حيصل بالكثرة املؤدية إىل احلجر‪ ،‬فقدروا االمتداد يف الصالة بأن يزيد عن يوم وليلة‪ ،‬ويف الصوم‬
‫‪4‬‬
‫الت ْفتَ َازاين (‪ ،)360-2/359‬جامع األسرار‪ :‬الكاكي (‪.)1261 -4/1260‬‬
‫باستغراق الشهر‪ ،‬ويف الزكاة باستغراق احلول‪.‬ينظر‪ :‬التلويح إىل كشف حقائق التنقيح‪ :‬مسعود بن علي َّ‬

‫()تقومي األدلة‪ :‬الدبوسي‪ ،‬ص (‪.)433‬‬


‫‪5‬‬
‫()أخرجه أبو داود‪ )37( ،‬كتاب‪ :‬احلدود‪ )17( ،‬باب‪ :‬يف اجملنون يسرق أو يصيب حداً‪ ،‬رقم (‪ ،)4401‬ص (‪ ،)481‬واحلديث صححه األلباين ‪-‬رمحه اهلل‪ .-‬ينظر‪ :‬صحيح سنن أيب‬
‫‪6‬‬
‫داود (‪.)3/56‬‬

‫‪4‬‬
‫وهو عام يشمل اجلنون األصلي‪ ،‬والعارض‪.‬‬
‫‪ -2‬أن التكليف خطاب‪ ،‬وخطاب من ال عقل له‪ ،‬وال فهم حمال(‪.)1‬‬
‫‪ -‬أدلة القول الثاين‪ :‬أن اجملنون مكلف مطلقاً‪:‬‬
‫اس ــتدلوا على ه ــذا الق ــول مبا اس ــتدل ب ــه أص ــحاب الق ــول الث ــاين يف مس ــألة الص ــيب غ ــري‬
‫املميز؛ بأنه مكلف مطلقاً‪.‬‬
‫‪ -‬دلي ــل الق ــول الث ــالثـ‪ :‬أن اجلن ــون املمت ــد مس ــقط للعب ــادات س ــواء أك ــان أص ــلياً أم‬
‫عارضاً‪ ،‬أما اجلنون غري املمتد فهو غري مسقط للعبادات‪:‬‬
‫اس ــتدلواـ على ذل ــك‪ :‬ب ــأنـ اجلن ــون إذا مل ميت ــد ال يس ــقط الوج ــوب لع ــدم احلرج ف ــُأحلق‬
‫بالنوم واإلغماء‪ ،‬وأما إذا كان ممتداً فإنه يؤدي إىل احلرج واملشقة(‪.)2‬‬
‫ونوقش‪:‬‬
‫بأنـ اجلنونـ وإن كان غري ممتد مبعـىن أن اجملنـون قـد يفيـق أحيانـاً فيفهم اخلطـاب ويعقلـه‬
‫إال أن ذل ـ ــك ليس جليـ ـ ـاً ح ـ ــىت ميكن حتدي ـ ــد أول وقت اإلفاق ـ ــة وأول وقت فهم اخلط ـ ــاب‪،‬‬
‫فيكون غري مكلف(‪.)3‬‬
‫* الترجيـــح‪:‬‬
‫الذي يرتجح ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬القول األول‪ :‬أن اجملنونـ غري مكلف مطلقاً؛ لقوة أدلــة من‬
‫ذهب إىل هذا القول‪ ،‬وملوافقتهاـ ليُسر الشريعة ومساحتها‪.‬‬
‫وميكن تلخيص أحكام اجملنون فيما يلي(‪:)4‬‬
‫‪ -1‬أن اجملنونـ النعدام أهليته مل يكن مكلفاً مبا بكلف به اإلنسان الطبيعي‪.‬ـ‬
‫‪ -2‬أن اجملنـ ــونـ قـ ــد تصـ ــدر منـ ــه تصـ ــرفات تسـ ــبب ضـ ــرراً عليـ ــه أو على غـ ــريه‪ ،‬لـ ــذا شـ ــرع‬
‫احلَ ْجر(‪ )5‬على تصرفاته‪.‬‬

‫()ينظر‪ :‬شرح الكوكب املنري (‪ ،)1/449‬كشف األسرار‪ :‬البخاري (‪.)4/372‬‬


‫‪1‬‬
‫()ينظر جامع األسرار‪ :‬الكاكي (‪ ،)1259 -4/1258‬زبدة األسرار‪ :‬السيواسي‪ ،‬ص (‪ ،)237‬كشف األسرار‪ :‬البخاري (‪.)4/374‬‬
‫‪2‬‬
‫()ينظر‪ :‬املهذب يف علم أصول الفقه املقارن (‪.)1/334‬‬
‫‪3‬‬
‫()ينظر‪ :‬رفع احلرج يف الشريعة اإلسالمية‪ :‬الباحسني‪ ،‬ص (‪ ،)195‬عوارض األهلية‪ :‬اجلبوري‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫ص (‪.)171-170‬‬

‫()احلَ ْج ر هو‪" :‬منع نفاذ التصرفات القولية بسبب الرق‪ ،‬أو نقصان العقل‪ ،‬أو سوء التصرف"‪ .‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬ص (‪.)135‬‬
‫‪5‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -3‬أن اجملنــون قــد يلحــق ضــرراً بــاآلخرين فلم يكن بــد من دفــع الضــرر عن اآلخــرين‪ ،‬وملا‬
‫كــان اجملنــونـ غــري مكلــف فاألضــرار املاديــة الــيت يلحقهــا بــاآلخرين يضــمنها‪ ،‬وتؤخــذ من‬
‫ماله‪ ،‬وملا كان القصد اجلنائي منتفياًـ مل يكن اجملنونـ مسؤوالً من هذه اجلهة‪.‬‬
‫‪ -4‬ال يلتفت إىل عبارات اجملنون‪،‬ـ وال يرتتب عليهـا أي أثـر من اآلثـار الشـرعية املرتتبـة على‬
‫كالم العاقل املميز(‪ .)1‬فيؤخذ بضمان األفعال دون األقوال(‪.)2‬‬

‫()ينظر‪ :‬عوارض األهلية‪ :‬اجلبوري‪ ،‬ص (‪.)169‬‬


‫‪1‬‬
‫()ينظر‪ :‬أصول الفقه اإلسالمي‪ :‬وهبة الزحيلي (‪.)1/169‬‬
‫‪2‬‬
‫‪6‬‬

You might also like