Professional Documents
Culture Documents
المقالة البحثية
المقالة البحثية
المقالة البحثية
تتناول هذه المقالة البحثية موضوعاً في غاية األهمية وهو العالقة بين اسس التشريع االسالمي
والتشريع الوضعي في دراسة مقارنة وذلك من خالل إجراء مقارنة وتوضيح اوجه الربط واالختالف
بين التشريعين وقد توصلت إلى أن الشريعة اإلسالمية تختلف عن القوانين الوضعية إختالفات أساسية
وتتميز عنها ببميزات جوهرية ،والشك في أن القوانين والتشريعات الوضعية من حيث النشأة
والتطور :تتبع قانوناً :واحداً وتتأثر بدرجة كبيرة من متطلبات الواقع االجتماعي ،كما أن التشريعات:
ذات المنشأ الديني بدورها تتأثر لجهة التوسعة والتعميق بالواقع اإلجتماعي ،ولذلك يبادر المجتهدون
والعلماء والفقهاء إلى تفعيل العمل اإلجتهادي :والفقهي للوصول :إلى آراء وفتاوي فقهية لتلك الحاجات
التي يعبر عنها .
المقدمة
جاء التشريع اإلسالمي بتشريعات :ومبادئ :للوصول :من خاللها إلى إصالح وتقويم الفرد والجماعة،
حيث إن التشريع عنصرمهم و من مقومات المجتمع ،فال بد ألي مجتمع من قانون يضبط عالقاته
ومما الشك فيه أن التشريع اإلسالمي هو تشريع مرن قابل للتحديث والتطوير ومالئمة جميع الظروف
واألماكن ،بما جاء فيه من مبادئ وأصول عامة وقواعد :شاملة ،كفيلة بأن تلبي مطالب الباحثين
والمجتهدين والناشطين ،وقد أثبت ذلك من خالل سجالته التاريخية الطويلة ،أما القوانين الوضعية
او التي تسمى القوانين المدنية وهي مجموعة من اللوائح والقوانين التي ألفها اإلنسان وهي التي تنظم
حياة البشر وتنظم المعاملة بين البشر حيث يهتم بدراسة القانون في حاضره بمعنى القانون المطبق
فعال في الدولة سواء كان هدا القانون قانونا خاصا أو عاما التي وضع أصولها أفراد يحملون مؤهالت
قانونية واستشارية او مجالس نيابية وتشريعية وأن أصل هذه التشريعات والقوانين من الغرب .
لذا فإن أصل تميز الفقه الشرعي على القوانين الوضعية ،يرجع إلى مصدر كل منهما؛ فإن الفقه
اإلسالمي أصله من الوحي الذي أنزله اهلل عز وجل ،بينما القوانين الوضعية مستمدة من اإلقتباس من
الغرب ومن عقول األشحاص ،وأن الفرق بين الوحي وبين آراء البشر ،كالفرق بين الخالق والمخلوق:
.
متن البحث
-التعريف بالشريعة :هي مجموعة من التعاليم والنظم :التي أقرها اهلل سبحانه وتعالى لتنظم حياة
األفراد والجماعات ،و ُليؤمنوا بها فتكون مالذهم وسعادتهم في الدنيا واآلخرة .وبِإضافة لفظ اإلسالم
حمد صلى اهلل عليه وسلّم من التعليمات واألحكام
الوحي على سيدنا ُم ّ
إلى الشريعة لتكون ما َنزل به َ
التي تقيم أحوال الناس في الدنيا واآلخرة )1( .
-التعريف بالقانون الوضعي :هو مجموعة من اللوائح والقوانين والنظم البشرية التي تنظم حياة
األفراد والجماعات والدول وهي من صنع البشر بما فيهم الحقوقيين او االستشاريين والخبراء .
لقد جاءت الشريعة كاملة من عند اهلل تعالى شاملة ال ترى فيها نقصاً وال ميالً ، ،أنزلها اهلل سبحانه
وتعالى من فوق سبع سماوات على النبي سيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم ،في مدة ال تتجاوز :المدة
الالزمة نزولها ،بدأت ببعثة الرسول صلى اهلل عليه وسلم وانتهت بوفاته ,ولم تصل الشريعة ألفراد
او لجماعة دون أخرين او لوقت دون أخر بل هي متطورة ومرنة مع تطور العصور باجتهاد الفقهاء
والعلماء ،ولكن يرجع نشأة القانون الوضعي :إلى تطور الجماعات ومستحدثات الدول ونظرية الحاجة
عند الجماعة وتنوعها وبدأ القانون الوضعي حسبما ذكر المؤرخون مع االسرة والقبيلة حتى تكونت
الدولة بما يناسب كل تجمع وتم إنشاء قوانين ملزمة لهذه الدول تنظمها .
1د .السيد محمد الصفوي :األصول العامة لنظام التشريع ،دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون الوضعي ،سلسلة الدراسات الحضرية ،
مركز الحضارة لتنمية الفكر اإلسالمي ،بيروت ،ص . 30
ان مصدر التشريع اإلسالمي هو من عند اهلل سبحانه وتعالى ،فهو :يصلح للتطبيق في جميع األحوال
الزمانية والمكانية ،وأنه جاء أكثر عمومية وشمولية من التشريعات الوضعية ،وهذا من الوضوح
بحيث.
إن التشريع اإلسالمي له خصائص ،وهذه الخصائص ال بد منها ألي تشريع ،مثل :العمومية
والتجريد ،وأن األساس هو وجود :جزاء للقواعد الشرعية ،وكذلك للقانون ،والتشريع :اإلسالمي
يشتمل على جميع الموضوعات التي تعرضت لها فروع :القانون الوضعي ،ويفوق عنها عنها .
إن التشريع اإلسالمي يتميز بخصائص ال تتضح في التشريعات :الوضعية ،مثل :السمو األخالقي، :
وجمعه بين الجانبين ،القضائي والديني ، :وهو يمنع الناس من أن يتحولوا :إلى وحوش مفترسة ،
بحجة الضرورة ،ويعاقب على المعصية والجريمة بالترك ،مما لم تعرفه القوانين الوضعية إال
2
مؤخراً ،ويصوره ناقصة .
وينفرد التـشريع :اإلسالمي بحل مشكلة خطيرة ،ال حل لها في القوانين الوضعية ،وهي إيجاد التوازن
بين المنطق القانوني :للنظام السائد ،وبين مصالح الناس ،ألن القاعدة القانونية مصدرها :التفاعل
المستمر بين المنطق القانوني للنظام السائد وبين مصالح الناس .
كما يتميز التشريع اإلسالمي بقابليته للتجديد دائماً ،وليس التبديل أو التغيير .ويحيط :بهذه الخص:ائص
جميعها :أن التوحيد :هو األساس دائماً على جميع موضوعات التشريع اإلسالمي .
يمكن أن نلخص الموجود حالياً من القوانين والتشريعات في المجتمع إلى عنصرين من التشريع،
أحدهما تشريع ديني؛ باعتبار أن الدين هو جذره ومرجعه ،واآلخر التشريع :الوضعي وهو مجموعة
اللوائح والقوانين التي وضعها :استشاريون بالقانون ،وتتميز :القوانين الوضعية بأنها عمل إنساني لتنظيم
حياة وواقع :المجتمع .
وال ريب في أن الهدف من القوانين الوضعية والتشريعات الدينية هي أن تكون ميزاناً لضمان
حقوق البشر وتنظيم المجتمع وفق قوانين ملزمة ،يحافظ على أصولها ،ويمنع من انتهاكها ،وسواء
أدت القوانين الوضعية والتشريعات الدينية مهمتهما فالحاجة لوجودها ضرورية ،حيث ال يمكن أن
2د .عباس حسني :خصائص 9التشريع اإلسالمي – دراسة مقارنة بالقانون 9الوضعي ,مجلة الشريعة والدراسات االسالمية ،جامعة الكويت ،
مجلد , 9العدد . 1994 ، 24
يستغني أي مجتمع عن وجود قوانين ولوائح يرجع إليه الناس سواء كان القانون دينيا أي من الشريعة
أو من لوائح وقوانين الدولة المنظمة .
أن التشريع اإلسالمي ـ ٍ
بنحو عام ـ يحظى بالشرعية والقبول التي جعلتنا نستدل به ونقتدي وال شك في ّ
به ونلتزم به ،كقانون للحياة ،أو كمصدر :تشريع نستمد منه التشريعات والقوانين واللوائح التي نرغبها
لكن الخبراء والباحثين والمفكرين اختلفوا في الموقف :من القوانين الوضعية ،هل هي
في حياتناّ ،
شرعية أم ليست كذلك؟ هل يصدق عليها أو بعضها أنها قوانين صالحة وتمضيها :الشريعة اإلسالمية أم
ٍ
بشكل طبيعي مع الصالح من القوانين بشكل أوضح هو :هل هناك مجال ألن نتعامل ٍ ال؟ والسؤال:
الوضعية ونلتزم :بها ونطبقها؟ أم يجب أن تكون الشريعة اإلسالمية حصراً هي المصدر الوحيد
للقوانين؟
أن القانون من صنيعة األنظمة ،أما الشريعة فمن عند اهلل سبحانه وتعالى ،فالقانون من صنع -
ثم كان القانون قابالً للتغيير أو التطور ،كلما تطورت الدول .فالقانون ناقص دائماً
البشر ،ومن َّ
وال يمكن أن يصل الى حد الكمال .أما الشريعة :فالذي أقرها هو اهلل سبحانه وتعالى ،ومعيارها
ات ِ
اهلل} [يونس ]64 :؛ يل ِل َكِلم ِ ِ
الشمولية والكمال قال اهلل سبحانه وتعالى في كتابه العزيز{ : :الَ تَْبد َ َ
فهي ليست في حاجة للتغيير والتبديل.
أن القانون عبارة عن لوائح وقواعد مؤقتة تضعها الدول لتنظيم أمورها .فهي قواعد متأخرة عن -
الجماعة ؛ ألن القوانين ال تتغير بسرعة تطور :الجماعة ،وهي قواعد مؤقتة تتفق مع الوضع
الراهن للدول والجماعات ،وتتطلب التغيير :كلما حدث التطور .أما الشريعة فهي قواعد أقرها اهلل
سبحانه وتعالى لتنظيم :شؤون األفراد :والجماعات ولتكون مرجع لإلنسانية جمعاء ،فالشريعة تتفق
مع القانون في أن كليهما وضع لتنظيم الجماعة .ولكن الشريعة تختلف عن القانون في أن قواعدها
دائمة وال تقبل التغيير والتبديل.
أن الجماعات او الدول هي التي تضع اللوائح والقوانين ،بعاداتها وتاريخها ،واألصل في القانون -
أنه يوضع لتنظيم :شؤون الجماعة ،وال يوضع لتوجيه الجماعة ،ومن ثم كان القانون متأخراً عن
الجماعة وتابعاً لتطورها .وإ ذا كان هذا المصدر :االساسي :في القانون من يوم وجوده ،فإن هذا
األصل قد تعدل في القرن الحالي ،وعلى وجه التحديد بعد الحرب العالمية األولى ،حيث بدأت
الدول التي تدعو لدعوات جديدة ،أو أنظمة جديدة ،تستخدم القانون لتوجيه الشعوب وجهات معينة،
كما تستخدمه لتنفيذ أغراض معينة ،أما الشريعة اإلسالمية فقد علمنا أنها ليست من صنع الجماعة،
وأنها لم تكن نتيجة لتطور الجماعة وتفاعلها كما هو الحال في القانون الوضعي ،وإ نما هي من
صنع اهلل الذي أتقن كل شيء خلقه.
الملخص
في نهاية المقال البحثي نستنبط :أن القانون الوضعي هو صنع بشري وأن شريعة السماء هي وحي من
اهلل سبحانه وتعالى :وأن الشريعة االسالمية تتصف :بالكمال والشمولية والدوام إذن األساس في الشريعة
أنها لم توضع :لتنظيم شؤون الجماعة فقط ،كما كان الغرض من القانون الوضعي ،وإ نما الهدف من
الشريعة في االساس هو خلق األفراد :الصالحين والجماعة الصالحة ،وإ يجاد الدولة المثالية ،والعالم
المثالي ،ومن أجل هذا جاءت نصوصها :أرفع من مستوى العالم كله وقت نزولها ،وال تزال كذلك حتى
اليوم ،وجاء فيها من المبادئ ،والنظريات ما لم يتهيأ العالم غير اإلسالمي لمعرفته والوصول :إليه إال
بعد قرون طويلة ،وما لم يتهيأ هذا العالم لمعرفته أو يصل إليه حتى اآلن .
ووجهة نظري المتواضعة أن القانون الوضعي يعتبر ضرورة بشرية اقتضتها :طبيعة اإلنسان
االجتماعية ،بحيث ال يستطيع :العيش بمعزل عن بني جنسه ،وهو يحتاج دائما إلى الجماعة التي
تشاركه الحياة وتُ ِ
بادله المنافع ،وهذا ما قد ُي َعرض عالقاته وتصرفاته للتعسف والشطط :والظلم ،وكذا
تضارب المصالح واشتداد :النزاعات ،ولهذا يقتضي المنطق االحتكام إلى قواعد قانونية وضوابط:
نظامية ُي َلزم بها الجميع حتى يستقيم تدبير :المنافع والمرافق ويعتدل أمر المصالح.
المراجع
السيد محمد الصفوي :األصول العامة لنظام التشريع ،دراسة مقارنة بين الشريعة -1
والقانون الوضعي ،سلسلة الدراسات الحضرية ،مركز الحضارة لتنمية الفكر
اإلسالمي ،بيروت ،ص . 30
عباس حسني :خصائص التشريع اإلسالمي – دراسة مقارنة بالقانون الوضعي ,مجلة -2
الشريعة والدراسات االسالمية ،جامعة الكويت ،مجلد , 9العدد . 1994 ، 24
الفهرس