Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 37

‫تعريف علوم الحديث باإلفراد‬

‫العلوم‬

‫ج ْم ُع عِ ْلمٍ بمعنى فن‪ .‬وهو يُ َثنَّى ويُ ْ‬


‫ج َمع‪ ،‬فيقال‪ :‬هذان علمان‪ ،‬وهذه علوم‪( .‬وهو المراد هنا)‪.‬‬ ‫❖ هو في اللغة‪َ :‬‬
‫وفن الشيء ما تُ ْذكَر فيه مسائله ومباحثه من قواعد وضوابط وغيرها‪.‬‬

‫❖ وله في اللغة معنى آخر‪ :‬وهو "المعرفة"‪..‬‬

‫وهو على هذا المعنى مصدرٌ‪ ،‬ال ُي َثنَّى وال ُي ْ‬


‫ج َمع‪( .‬وهو غير مراد هنا)‪.‬‬ ‫❖‬

‫الحديث‬

‫هو في اللغة‪ :‬الجديد نقيض القديم (وهو غير مرادنا )‬

‫ومن معانيه في اللغة‪ :‬الكالم‬

‫ِيث ِّم ْثلِ ِه إِن كَانُوا َصا ِدق َ‬


‫ِين) الطور‪ .34 :‬وجمعه أحاديث‪ .‬وهو المراد هنا‬ ‫حد ٍ‬‫❖ كما قال هللا تعالى‪َ  :‬ف ْل َيأْتُوا ب ِ َ‬
‫فعل وتقرير ٍ وصفةٍ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تغليبا ً للقول على بقية أنواع الحديث من‬

‫خ ُلقِ َّيةٍ‪،‬‬
‫فعل‪ ،‬أو تقريرٍ‪ ،‬أو صف ٍة ِخ ْلقِ َّيةٍ‪ ،‬أو ُ‬
‫ٍ‬ ‫قول‪ ،‬أو‬
‫ٍ‬ ‫❖ وهو في اصطالح ا ْل ُم َ‬
‫حدِّثين‪ :‬ما أضيف إلى النبي ص من‬
‫سواء ما كان قبل البعثة أو بعدها‪.‬‬

‫تعريف علوم الحديث بالتركيب‬

‫"هو الفن الذي يَ ْبحث في كل ما يتعلق بعلوم رواية الحديث ودرايته‪ ،‬من قواعد وأصول"‪.‬‬

‫‪ ‬مثل‪:‬‬

‫➢ رواية الحديث وما يتعلق بها‪،‬‬

‫➢ وجمعه وتدوينه في الكتب وأنواعها‪،‬‬

‫➢ وبيان مناهج المحدثين لتصحيح الحديث وتضعيفه‪،‬‬

‫➢ ومنهاجهم في جرح الرواة وتعديلهم‪،‬‬

‫➢ وغريب الحديث‪ ،‬وناسخ الحديث ومنسوخه‪ ،‬ومختلف الحديث ومشكله‪ ،‬وأسباب ورود الحديث‪،‬‬

‫➢ والبعد الزماني والمكاني في الحديث‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫وغير ذلك من العلوم التي لها عالقة بعلم رواية الحديث‪ ،‬أو بعلم درايته‬

‫أسماء أخرى له‪:‬‬

‫‪( ‬مصطلح الحديث)‪ ،‬و(أصول الحديث)‪ ،‬و(علم الحديث رواي ًة ودراي ًة)‪.‬‬

‫‪ ‬وهذه التسمية اصطالح متأخر نسبياً‪ ،‬وأنه استُعمِ ل منذ القرن الرابع الهجري‪،‬فأول من استعمله اإلمام أبو‬
‫عبد هللا الحاكم‪.‬‬

‫قسم علوم الحديث قسمين‪ :‬علم الرواية‪ ،‬وعلم الدراية‪ ،‬هو ابن األكفاني‪ ،‬محمد بن إبراهيم بن‬
‫‪ ‬وأول من َّ‬
‫ساعد األنصاري (ت ‪749‬ه)‪.‬‬

‫ينقسم "علوم الحديث” إلى قسمين‪:‬‬

‫❑ علم الحديث رواي ًة‬

‫❑ وعلم الحديث دراي ًة‬

‫تعريف علم الحديث رواي ًة أو علم رواية الحديث‪:‬‬

‫‪ ‬قال ابن األكفاني ‪" :‬هو علم يشتمل على أقوال النبي ص وأفعاله‪ ،‬وروايتها‪ ،‬وضبطها‪ ،‬وتحرير ألفاظها"‪.‬‬

‫حث فيه عن كيفية اتصال األحاديث برسول هللا ص‪ ،‬من‬


‫‪ ‬وقال حاجي خليفة (ت‪1067‬ه)‪" :‬هو عل ٌم يُ ْب َ‬
‫حيث أحوال رواتها ضبطا ً وعدال ًة‪ ،‬ومن حيث كيفية السند اتصاال ً وانقطاعا ً وغير ذلك‪.‬‬

‫علم الحديث دراية‬

‫‪ ‬قال ابن األكفاني‪" :‬هو عل ٌم يُ ْع َر ُف منه حقيقة الرواية‪ ،‬وشروطها‪ ،‬وأنواعها‪ ،‬وأحكامهـا‪ ،‬وحال الرواة‪ ،‬وشروطهم‪،‬‬
‫وأصناف المرويات‪ ،‬وما يتعلق بها"‪.‬‬

‫أحوال السند والمتن"‪.‬‬


‫ُ‬ ‫نين يُ ْع َر ُف بها‬
‫‪ ‬وقال ابن جماعة (ت‪819‬ه)‪" :‬هو عل ٌم بقوا َ‬

‫لم َع ِّرف ُة بحال الراوي والمروي"‪.‬‬


‫‪ ‬وقال ابن حجر (ت‪852‬ه)‪":‬هوالقواع ُد ا ُ‬

‫‪ ‬والتعريفات مر تكزة‪:‬‬

‫‪ ‬على ما يتعلق بألفاظ الحديث وروايتها وضبطها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ‬على ما يتعلق بقواعد الرواية وشروطها‪ ،‬وقواعد تصحيح الحديث وتضعيفه‪ ،‬وما إلى ذلك من المسائل‪.‬‬

‫ِث عن المعنى المفهوم من ألفاظ الحديث‪ ،‬وعن المراد منها‪َ ،‬م ْبنِيا ً‬
‫‪ ‬وأما حاجي خليفة قال‪" :‬هو عل ٌم باح ٌ‬
‫ومطابِقا ً ألحوال النبي ص"‪.‬‬
‫على قواعد العربية وضوابط الشريعة‪ُ ،‬‬

‫مصطلحات أساسية أولية‬

‫الحديث‬

‫‪ ‬تقدم معناه في اللغة‪ ،‬وهو الجديد ضد القديم‪.‬‬

‫فعل‪ ،‬أو تقريرٍ‪ ،‬أو صف ٍة ِخ ْلقِ َّيةٍ‪ ،‬أو صف ٍة‬


‫ٍ‬ ‫قول‪ ،‬أو‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬وفي االصطالح وهو‪" :‬ما أ ُ ِ‬
‫ض ْي َف إلى رسول هللا ص من‬
‫خ ُلقِ َّيةٍ‪ ،‬سواء ما كان قبل البعثة‪ ،‬أو بعدها"‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ ‬تقسيم الحديث باعتبار صدوره عن النبي ‪ ‬إلى خمسة أقسام‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫ٌ‬
‫حديث قولي كقوله فيما رواه عنه عمر بن الخطاب ‪":‬إنما األعمال بالنيات‪ ،‬ولكل امرئ ما‬ ‫فقول النبيِّ ص‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫نوى‪ "...‬الحديث‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫حديث فعلي كما روت السيدة عائشة رضي هللا عنها‪" :‬أن النبي ص كان ال َيد َُع أربعا ً قبل الظهر‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ ‬وفعله ص‬
‫وركعتين قبل الغداة" أخرجه البخاري‪.‬‬

‫ل أحدٌ من الصحابة فعال ً أمامه ص‪ ،‬أو يقول قوال ً أمامه‪ ،‬أو‬


‫فع َ‬ ‫ٌ‬
‫حديث تقريري‪ .‬وتقريره‪ :‬أن َي َ‬ ‫وتقريره ص‬ ‫‪‬‬
‫يَ ْب ُل َغ ُه أن فالنا ً قال كذا أو فعل كذا‪ ،‬فيسكت وال يُ ْن ِك ُر عليه‪ .‬فسكوتُه وعدم إنكاره تقرير ٌ منه بأنه مشروع؛‬
‫مشروع‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ألن النبي ال يسكت على أمر ٍ غير ِ‬

‫ث وصفي ِخ ْلقي كقول أنس بن مالك ‪" :‬كان رسول هللا ص‬


‫خ ْلقية حدي ٌ‬
‫‪ ‬و ِذ ْك ُر أحد الصحابة صفتَه ص ال ِ‬
‫ج ْع ٍد َقطِ ٍ‬
‫ط‪ ،‬وال‬ ‫َ‬
‫أمهق‪ ،‬وال آد َم؛ ليس ب َ‬ ‫َ‬
‫بأبيض‬ ‫َر ْب َع ًة من القوم‪ :‬ليس بالطويل‪ ،‬وال بالقصير؛ أزه َر اللون‪ :‬ليس‬
‫ل ‪ "...‬إلى آخر الحديث‪.‬‬
‫ط‪َ ،‬ر ِج ٌ‬
‫َس ْب ٍ‬

‫خ ُلقي كقول أبي سعيد الخدري ‪" :‬كان النبي ص أش َّد‬


‫حديث وصفي ُ‬
‫ٌ‬ ‫خ ُلقية‬
‫‪ ‬و ِذ ْك ُر أحد الصحابة صفاتِه ال ُ‬
‫حيا ًء من العذراء في ِخدْرها"‪ .‬وكقول أبي هريرة ‪":‬ما عاب النبي ص طعاما ً ُّ‬
‫قط‪ ،‬إن اشتهاه أ كله‪ ،‬وإال َّ تركه"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫السنة‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬هي الطريقة أو السيرة‪ ،‬حسن ًة كانت أو قبيح ًة‪ .‬ولكن كلمة "السنة" إذا أ ُ ْطل َِق ْ‬
‫ت ُيراد بها السن ُة الحسن ُة‪.‬‬

‫خ ُلقية طريقة‬ ‫‪ ‬وفي اصطالح المحدثين‪ُ :‬مرادِفةٌ للحديث‪ .‬وإنما ُس ِّم َ‬


‫ي بها ألن قوله وفعله وتقريره وصفاته ال ُ‬
‫متبعة عند المسلمين‪.‬‬

‫ت األحكا َم وتُ َقرِّ ُرها‪.‬‬


‫‪ ‬وعند علماء أصول الفقه‪ :‬أقواله ص وأفعاله وتقر يراته التي تُ ْث ِب ُ‬

‫ثاب فاع ُله‪ ،‬وال ُيعا َق ُ‬


‫ب تاركُه‬ ‫‪ ‬وفي اصطالح الفقهاء ‪:‬ما ُي ُ‬

‫‪ ‬وفي اصطالح المتكلمين‪ :‬مقابل البدعة‬

‫‪ ‬والسنة تُ ْط َل ُق أحيانا ً على العمل الجاري منذ عصر الرسول ص إلى آخر عصر الصحابة على خالف ما جاء في‬
‫ل في الحديث كذا‪ ،‬والسن ُة على خالفه"‪ ،‬أي أن العمل على خالف الحديث‪ ،‬ويدل على‬
‫الحديث‪ ،‬يقولون‪" :‬نُقِ َ‬
‫ِل عن رأيه في اإلمام‬
‫ي عن اإلمام عبد الرحمن بن مهدي ‪ -‬وقد ُسئ َ‬
‫هذا التفريق بين الحديث والسنة ما ُر ِو َ‬
‫مالك واألوزاعي وسفيان بن ُع َي ْينة ‪-‬فقال‪" :‬األوزاعي إمام في السنة وليس بإمام في الحديث‪ ،‬وسفيان إمام‬
‫في الحديث وليس بإمام في السنة‪ ،‬ومالك إمام فيهما"‪.‬‬

‫‪ ‬والخالف بين تعريفاتهم بعضها مع بعض‪ ،‬ألن كال ً منهم نظر إليها من زاوية اختصاصه واهتماماته‪ ،‬وكلها‬
‫صحيحة‪.‬‬

‫الخبـر‪:‬‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬ال َّن َبأ‪ .‬وجمعه األخبار‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحا‪ :‬فيه ثالثة أقوال‪:‬‬

‫‪ -1 ‬الخبر ُمراد ٌ‬
‫ِف للحديث أي معناهما واحد‪.‬‬

‫‪ -2 ‬هو ُمغايِر ٌ للحديث؛ فالحديث ما جاء عن النبي ص ‪ ،‬والخب ُر ما جاء عن غيره‪ .‬ومن هنا قيل لمن يشتغل‬
‫بالتاريخ "أخباري"‪ ،‬ولمن يشتغل بالحديث "محدِّث"‪.‬‬

‫أي أن الحديث خاص بما جاء عن الرسول ص‪ ،‬والخب ُر ما جاء عن الرسول ص وعن‬
‫أعم من الحديث ْ‬
‫‪ -3 ‬هو ُّ‬
‫كل خبر ٍ حديثاً‪.‬‬
‫حديث خبرٌ‪ ،‬وليس ُّ‬
‫ٍ‬ ‫غيره‪ ،‬فبينهما عموم وخصوص مطلق أي‪ :‬كل‬

‫األثر‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬البقية من الشيء ‪ .‬وجمعه آثار‪.‬‬

‫واصطالحا ً‪ :‬فيه أيضا ً ثالثة أقوال‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -1 ‬هو مرادف للحديث‪ ،‬وعليه َس َّمى اإلما ُم الطحاوي كتابَ ْيه "شرح معاني اآلثار" و"بيان مشكل اآلثار"‪.‬‬
‫واإلما ُم ابن جرير الطبري كتابَه "تهذيب اآلثار"‪ .‬وكذلك جاء في مقدمة صحيح اإلمام مسلم تسمية األحاديث‬
‫باآلثار‪.‬‬

‫وصفاتهم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أقوال غير ِ النبي ص من الصحابة والتابعين وأفعا ُلهم وتقريراتُهم‬
‫ُ‬ ‫‪ -2 ‬هو مغاير للحديث؛ فاألثر هو‬
‫أقوال النبي ص وأفعا ُله وتقريراتُه وصفاتُه‪ .‬وخصه فقهاء خراسان بما روي عن الصحابة من‬
‫ُ‬ ‫والحديث هو‬
‫أقوال وأفعال وتقريرات‪.‬‬

‫أعم من الحديث؛ فالحديث خاص بالنبي ص‪ ،‬واألث ُر يشمل ما جاء عن النبي ص وعن غيره من‬
‫‪ -3 ‬األثر ُّ‬
‫حديث أثر ٌ وليس العكس‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫الصحابة والتابعين‪ .‬وعلى ذلك ُّ‬

‫‪ ‬والمختار الشائع فيه هو أن األثر للموقوف والمقطوع كما قال ابن حجر‪.‬‬

‫تعريف المتن‪:‬‬

‫معان‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫❖ لغـة‪ :‬هو يُ ْست َْع َمل في اللغة على ثالثة‬

‫ومتن الشيء َظ ْه ُره‪.‬‬


‫ُ‬ ‫المتن من األرض ما َص ُل َ‬
‫ب وارتفع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫❖ ما اشت َّد و َق ِو َ‬
‫ي‪ .‬ويقال‪:‬‬

‫❖ واصطالحا ً هو‪ :‬الكالم الذي هو غاية ما ينتهي إليه اإلسنا ُد‪.‬‬

‫❖ والمناسبة بين المعنى اللغوي واالصطالحي‪ ،‬أو وجه تسمية ما ينتهي إليه السند بالمتن هو‪ :‬أن ما ينتهي‬

‫إليه السند َق ِوي بذكر السند‪ ،‬وبدونه ضعيف‪ .‬هذا حسب المعنى األول‪ .‬أو أنه َص ْل ٌ‬
‫ب بالسند وإال َّ فهو ُم َفتَّتٌ ‪.‬‬
‫هذا حسب المعنى الثاني‪ .‬أو أنه ظاهر ٌ وبارز ٌ بالسند وإال َّ فهو غائب ُم ْس َتتِر‪ .‬وهذا حسب المعنى الثالث‪.‬‬

‫ُ‬
‫الشريف من جزأين‪ ،‬هما‪ :‬السند والمتن‪ ،‬وصورتهما ما يلي من صحيح اإلمام‬ ‫ُ‬
‫الحديث النبوي‬ ‫❖ يتك َّو ُن‬
‫البخاري‪ ،‬قال‪:‬‬

‫ان‪ ،‬قال‪ :‬ح َّدثَنا يحيى ْب ُ‬


‫ن سعي ٍد األنصاريُّ‪ ،‬قال‪ :‬أخ َب َرنِي‬ ‫ح َّدثَنَا سفي ُ‬ ‫ح َّدثَنَا ا ْل ُ‬
‫ح َم ْيدِيُّ عب ُد هللا بن الزُّ بَير‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫❖ َ‬
‫الخطاب ِ على المنبر‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫سمعت عم َر ْب َ‬
‫ُ‬ ‫ن َو َّق ٍ‬
‫اص اللَّ ْيثِيَّ يقول‪:‬‬ ‫إبراهيم التَيمِ يُّ‪ ،‬أنه َسمِ َع علقم َة ْب َ‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫محمدٌ ْب ُ‬
‫رسول هللا ِص يقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫كانت هجرتُه إلى هللا ورسوله فهجرتُه إلى هللا ورسوله‪،‬‬
‫ْ‬ ‫امرئ ما ن َوى‪ ،‬فمن‬
‫ٍ‬ ‫❖ (إنما األعمال بالنيات‪ ،‬وإنما لكل‬
‫معت رسول هللا ص يقول‪ .":‬والمتن‬
‫ُ‬ ‫ومن كانت هجرتُه إلى دنيا ُيصي ُبها‪ ،‬أو إفالسن ُد هو"حدثنا الحميدي‪...‬س‬
‫هو‪":‬إنما األعمال بالنيات‪...‬ما هاجر إليه"‪.‬‬

‫حها‪ ،‬فهجرتُه إلى ما هاج َر إليه)‪.‬‬


‫❖ لى أمرأ ٍة يَ ْنكَ ُ‬

‫السند‪:‬‬

‫معتمدٌ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن سندٌ أي‬
‫حائط أو غيرِه‪ .‬ويقال‪ :‬فال ٌ‬
‫ٍ‬ ‫❖ لغـ ًة‪ :‬هو ما يُ ْس َت َن ُد إليه‪ ،‬أو ما يعتمد عليه من‬

‫❖ واصطالحا‪ :‬هو اإلخبار عن طريق المتن‪ .‬وقيل‪ :‬هو حكاية طريق المتن‪.‬‬

‫ل إلى المتن‪ .‬وهو عبارة عن الرواة الذين رووا متن القول أو الفعل‬
‫الموص ُ‬
‫ِ‬ ‫❖ قلت‪ :‬واألولى في تعريفه أنه الطريق‬
‫أو التقرير أو الصفة‪.‬‬

‫❖ والمناسبة بين المعنى اللغوي واالصطالحي هي‪ :‬أن الرواة حيث إنهم عمدة المحدثين في تصحيح الحديث‬
‫مجموعهم سندا ً ‪ .‬أو حيث إن المحدثين يستندون في الحكم على الحديث إلى الرواة‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫وتضعيفه لذلك ُس ِّم َ‬
‫مجموعهم سنداً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫وأحوالهم لذلك ُس ِّم َ‬

‫السند العالي‪:‬‬

‫الس ْفل‪.‬‬
‫❖ لغـة‪ :‬العالي اسم فاعل من "العلو" وهو ضد ِّ‬

‫ُ‬
‫الحديث نفسه‪.‬‬ ‫❖ واصطالحا‪ :‬هو السند الذي قل عدد رجاله بالنسبة إلى سن ٍد آخ َر َيرِد به‬

‫السند السافل (النازل)‪:‬‬

‫❖ لغـة‪ :‬اسم فاعل من السفل والنزول‪ ،‬وهو ضد العلو‪.‬‬

‫❖ واصطالحا‪ :‬هو السند الذي كثر عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر يرد به لحديث نفسه‬

‫اإلسناد‪:‬‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬من أبواب الثالثي المزيد بحرفين "إفعال"‪ .‬ومعناه‪ :‬إضافة الشئ إلى الشئ‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحاًً‪ :‬له استعماالن‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -1 ‬رفع الحديث إلى قائله‪ .‬كذا قال ابن جماعة‪ .‬وقال المناوي‪ :‬أسندته إلى فالن أي رفعتُه إليه بذكر ناقليه‪.‬‬
‫وقال الجرجاني‪" :‬أن يقول المحدث‪ :‬حدثنا فالن عن فالن عن النبي ص"‪ .‬فاإلسناد حينئذ مصدر‪ ،‬ال ُي َثنَّى‬
‫ج َمع‪.‬‬
‫واليُ ْ‬

‫‪ -2 ‬هو بمعنى السند‪ ،‬وهو الطريق الموصل إلى المتن‪ .‬وهو حينئذ ُي َثنَّى و ُي ْ‬
‫ج َمع‪ ،‬فيقال‪ :‬هذان إسنادان‪،‬‬
‫وهذه أسانيد‪.‬‬

‫الطريق‪:‬‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬السبيل الذي يُ ْط َرق باألرجل أي يُ ْض َرب‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحاً‪ :‬هو بمعنى السند‪ ،‬ومنه قول المحدثين‪" :‬من طريق الثوري"‪.‬‬

‫الوجـه‪:‬‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬مجتمع حواس الحيوان‪ .‬وقال الراغب‪ :‬الجارحة أي العضو المعروف‪.‬‬

‫❖ واصطالحا ً‪ :‬بمعنى السند‪ ،‬واستعم اله عند الترمذي كثير‪ ،‬منه قوله‪" :‬حديث غريب ال نعرفه إال َّ من هذا‬
‫الوجه" أي من هذا السند‪.‬‬

‫االعتبار‪:‬‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬مصدر‪ .‬معناه‪ :‬النظر في األمور ل ُي ْع َرف بها شيء آخر من جنسها‪ .‬ومن معانيه‪ :‬االمتحان واالختبار‪.‬‬

‫حديث انفرد بروايته را ٍو واحدٌ‪ ،‬لِ ُي ْع َر َف هل شاركه في روايته غي ُره أم ال‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫❖ واصطالحاً‪ :‬هو تَ َت ُّب ُع ُط ُر ِ‬
‫ق‬

‫المتابع‪:‬‬

‫❖ لغـة‪ :‬اسم فاعل من"تابَ َع ُيتابِع متابع ًة" بمعنى وافق‪ ،‬فالمتاب ِ ُع هو ُ‬
‫الم َوافِق‪.‬‬

‫❖ واصطالحا‪ :‬هو الراوي الذي يشارك راويا ً آخرلحديث صحابي واحد في شيخه أو فيمن فوقه‪ ،‬بأن يروي معه‬
‫ذلك الحديث بلفظه أو بمعناه‪ .‬والمتابعة على نوعين‪ :‬التامة‪ ،‬والقاصرة‪:‬‬

‫أ‪ -‬المتابعة التامة‬

‫وهي‪ :‬أن يشترك اثنان في رواية حديث صحابي واحد عن شيخ واحد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ ‬مثالها‪ :‬روى شعبة بن الحجاج‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن سالم بن أبي الجعد‪ ،‬عن معدان بن أبي طلحة‪ ،‬عن أبي الدرداء‪،‬‬
‫ث القرآن؟" قالوا‪ :‬وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال‪ُ " :‬ق ْل‬
‫عن النبي ص قال‪" :‬أ يعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثُ ُل َ‬
‫هللا أ َ َ‬
‫حدٌ تعدل ثلث القرآن"‪.‬‬ ‫ُه َو َُّ‬

‫العطار عن قتادة به‪ .‬فأبان متابع تام لشعبة بن الحجاج‪ ،‬وشعبة متابع تام ألبان‪،‬‬
‫َّ‬ ‫والحديث نفسه يرويه أبان‬ ‫‪‬‬
‫بسبب روايتهما حديث أبي الدراداء ذلك عن قتادة‪.‬‬

‫المتابعة القاصرة (أو الناقصة)‪:‬‬

‫‪ ‬وهي‪ :‬أن يشترك راويان في رواية حديث صحاب ٍّ‬


‫ي واحدٍ‪ ،‬واجتمعا في من فوق شيخيهما‪.‬‬

‫‪ ‬مثالها‪ :‬روى مالك عن صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي ص قالت‪" :‬فرضت‬
‫الصالة ركعتين ركعتين‪ ،‬في الحضر والسفر‪ ،‬فأ ُ ِق َّر ْ‬
‫ت صالة السفر‪ ،‬وز يد في صالة الحضر"‪.‬‬

‫والحديث نفسه يرويه سفيان بن عيينة عن ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة‪ .‬فشارك‬ ‫‪‬‬
‫ابن عيينة مالكا ً في عروة الذي هو فوق شيخه صالح‪ .‬فكل منهما متابع قاصر أو ناقص لآلخر‪.‬‬

‫الشاهد‪:‬‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬اسم فاعل من"الشهادة"‪ ،‬ومعناها معروف‪.‬‬

‫كل صحاب ٍّ‬


‫ي شاهِ دٌ‬ ‫ُ‬
‫فحديث ِّ‬ ‫حديث رواه صحابي آخر‪ ،‬بلفظه أو بمعناه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫متن‬
‫َ‬ ‫❖ اصطالحاً‪ :‬هو أن يروي صحابي‬
‫لحديث صحابي آخر‪.‬‬

‫ْشد ضالَّ ًة في المسجد فليقل‪ :‬ال ردَّها هللا عليك‪ ،‬فإن المساجد لم تُ ْب َ‬
‫ن لهذا"‬ ‫❖ مثاله‪ :‬حديث "من سمع رجال ً َين ُ‬
‫رواه أبو هريرة وبريدة رضي هللا عنهما مرفوعاً‪ ،‬فكل منهما شاهد لآلخر‪.‬‬

‫الم ْسنَد‪:‬‬
‫ُ‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬هو اسم مفعول من "اإلسناد"‪ ،‬وقد تقدم معناه اللغوي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫معان‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫❖ واصطالحا ً‪ :‬يُ ْست َْع َم ُ‬
‫ل في ثالثة‬

‫ت فيه األحاديث على أسماء الصحابة‪ ،‬كل على حدة‪ ،‬مثل المسند لإلمام أحمد بن‬
‫جمِ َع ْ‬
‫‪ -1‬المسند هو الكتاب الذي ُ‬
‫ح َميدي‪ ،‬والمسند لإلمام الطيالسي‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬
‫حنبل‪ ،‬والمسند لإلمام ال ُ‬

‫‪ -2‬والمسند هو الحديث المتصل المرفوع إلى النبي ص كقول المحدثين‪" :‬جاء الحديث مسنداً"‪ .‬ومنه َس َّمى اإلمام‬
‫البخاري ومسلم صحيحيهما "الجامع‪...‬المسند"‪ ،‬فكلمة "المسند" في اسم صحيح البخاري ومسلم بهذا المعنى‬
‫أي أن أحاديثهما مسندة أي لها أسانيد‪ ،‬ال بالم عنى األول ألن ترتيبهما ليس على أسماء الصحابة‪ ،‬بل على األبواب‬
‫الفقهية‪ .‬وكذلك المسند المنسوب لإلمام أبي حنيفة‪ ،‬والمسند المنسوب لإلمام الشافعي‪ ،‬ومسند ابن المبارك‪،‬‬
‫ومسند الس َّراج‪ ،‬ومسند أبي عوانة‪.‬‬

‫ت بدونها‪ .‬منه كتاب‬ ‫ل أحيانا ً مصدرا ً ميميا ً بمعنى "اإلسناد" أي ذكر األسانيد ألحاديث ُذ ِك َر ْ‬
‫‪ -3‬والمسند يُ ْست َْع َم ُ‬
‫للقضاعي"‪ ،‬وكتاب "مسند الفردوس للديلمي" ألن الكتابين (الشهاب والفردوس) أُلِّفا أوالً‪،‬‬ ‫"مسند الشهاب َ‬

‫ت فيهما األحاديث بدون أسانيدها‪ ،‬ثم ُذ ِك َر لها أسانيد في كتاب مستقل‪ُ ،‬‬
‫وس ِّميا بالمسند بالمعنى المصدري‪.‬‬ ‫جمِ َع ْ‬
‫ف ُ‬

‫الم ْسنِد‪:‬‬
‫ُ‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬هو اسم فاعل من"اإلسناد" وقد تقدم معنى اإلسناد‪.‬‬

‫لقب يُ ْطلَ ُق على من يروي األحاديث بسنده‪ ،‬سواء أ كان عنده عل ٌم بمعانيها أم ليس له إال َّ‬
‫ٌ‬ ‫❖ واصطالحاً‪ :‬هو‬
‫مج َّرد الرواية‪ ،‬وهو أدنى درجة في ألقاب المحدثين‪.‬‬

‫حدِّث‪:‬‬
‫الم َ‬
‫ُ‬

‫والم ْ‬
‫خ ِبر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫❖ لغـ ًة‪ :‬اسم فاعل من"التحديث" وهو التكلم واإلخبار‪ ،‬فالمحدث لغ ًة هو المتكلِّم‬

‫ب يُ ْطلَ ُق على من اشتغل بالحديث النبوي الشريف‪ ،‬وأحرز فيه‬ ‫❖ واصطالحا ً‪ :‬هو أرفع من"المسنِد"‪ .‬وهو َ‬
‫لق ٌ‬
‫ل حسب‬ ‫صفات ذكروها‪ ،‬ف ُي ْطلَق عليه حينئذ لقب"المحدث"‪ ،‬إال َّ أن ُ‬
‫الم َع ِّرفين به اختلفوا في تعريفه‪ ،‬ك ٌ‬ ‫ٍ‬
‫عصره‪ ،‬وحسب إمكانات ومؤهالت أهله‪:‬‬

‫❖ فقال الحافظ أبو شامة (ت‪ 665‬ه)‪" :‬علوم الحديث اآلن ثالثة‪ :‬أشرفها حفظ متونه ومعرفة غريبها وفقهها‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬حفظ أسانيده‪ ،‬ومعرفة رجالها‪ ،‬وتمييز صحيحها من سقيمها‪ .‬والثالث‪ :‬جمعه وكتابته‪ ،‬وسماعه‪،‬‬
‫وتطريقه‪ ،‬وطلب العلو فيه‪ ،‬والرحلة إلى البلدان"‪.‬‬

‫❖ قلت‪:‬كأن الحافظ أبو شامة يرى أن من توفرت فيه تلك األنواع الثالثة يستحق أن يُلَ َّقب بالمحدث‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫❖ وقال فتح الدين ابن سيد الناس (ت‪734‬ه)‪" :‬المحدث في عصرنا هو من اشتغل بالحديث رواي ًة ودراي ًة‬
‫وجمع رواةٍ‪ ،‬وا َّطلَ َع على كثير ٍ من الرواة والروايات في عصره‪ ،‬وتم َّي َز في ذلك حتى ُعر ِ َف فيه خَ ُّطه‪ ،‬واشتهر‬
‫َ‬
‫ضبطه"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيه‬

‫❖ وقال السبكي (ت‪771‬ه)‪" :‬المحدث من عرف األسانيد والعلل وأسماء الرجال‪ ،‬والعالي والنازل‪ ،‬وحفظ مع‬
‫ذلك جمل ًة مستكثرةً من المتون‪ ،‬وسمع الكتب الستة‪ ،‬ومسند أحمد بن حنبل‪ ،‬وسنن البيهقي‪ ،‬ومعجم‬
‫وض َّم إلى هذا القدر َ‬
‫ألف جزء من األجزاء الحديثية‪ .‬هذا أقل درجاته‪ .‬وإذا سمع ما ذكرناه‪ ،‬وكتب‬ ‫الطبراني‪َ ،‬‬
‫باق‪ ،‬ودار على الشيوخ‪ ،‬وتكلم في العلل والوفيات والمسانيد‪ ،‬كان في أول درجات المحدثين‪ ،‬ثم يزيد هللا‬
‫الط َ‬
‫ِّ‬
‫من يشاء ما يشاء"‪.‬‬

‫❖ وأما الحافظ ابن حجر (ت‪852‬ه) فقد علَّ َق على كالم أبي شامة السابق ذكره قائالً‪" :‬وال شك أن من جمع‬
‫أخل بهما فال َّ‬
‫حظ له في اسم الحفاظ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أخل بالثالث‪ ،‬ومن‬
‫َّ‬ ‫الم َع َّلى‪ ،‬مع قصور فيه إن‬
‫األول والثاني حاز القدح ُ‬
‫وأخل باألول لم يبعد عنه‬
‫َّ‬ ‫وأخل بالثاني كان بعيدا ً من اسم المحدث عرفاً‪ ،‬ومن يحرز الثاني‬
‫َّ‬ ‫ومن أحرز األول‬
‫اسم المحدث‪ ،‬ولكن فيه نقص بالنسبة إلى األول‪…،‬ومن جمع الثالث كان فقيها ً محدثا ً كامالً‪ ،‬ومن اقتصر‬
‫ص ْر ٌف"‪.‬‬ ‫على الثاني والثالث فهو محد ٌ‬
‫ِّث ِ‬

‫قلت‪ :‬والمحدث في عصرنا ‪ -‬الذي شهد التقنيات الجديدة المتطورة (مثل الكمبيوتر الذي حال ألحد الباحثين‬
‫ُ‬ ‫❖‬
‫أن يسميه "حافظ العصر"‪ ،‬وخاص ًة بعد أن ُ‬
‫حفِ َظ فيه معظم كتب الحديث وعلومه‪ ،‬ورجاله‪ ،‬وشروحه‪،‬‬
‫والفقه وأصوله)‪ -‬هو‪:‬‬

‫خل ٌِص وافر ٌ بالحديث وعلومه قراءةً ودراس ًة‪ ،‬وبحثا ً وتمحيصاً‪ ،‬وعنده عل ٌم بعد ٍد كبير ٍ من‬
‫❖ من له اشتغال ُم ْ‬
‫وط ُرقِها وشواهدها‪ ،‬وب ُر َواتِها وأحوالهم جرحا ً وتعديالً‪ ،‬ولديه اطالع واسع على المصنفات‬
‫األحاديث وألفاظها ُ‬
‫في الحديث ورجاله‪ ،‬وشروح الحديث‪ ،‬وعنده بصيرة ٌ نافذة ٌ بالتعامل مع األحاديث في ضوء أحوالها وظروفِها‬
‫وأسبابِها وعِ لَلِها‪ ،‬خاصة مع األحاديث المتعارضة في الظاهر‪ ،‬واألحاديث المشكلة‪ ،‬مثل الشيخ حبيب الرحمن‬
‫األعظمي‪ ،‬والشيخ عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬والشيخ محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬وآخرين الدكتور عبد العظيم‬
‫الديب في كتابه الصغير "نحو موسوعة شاملة للحديث النبوي الشريف‪ -‬الكمبيوتر حافظ عصرنا"‪.‬‬

‫الحافظ‪:‬‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬اسم فاعل من "الح ِْفظ"‪ ،‬وهو ضد النسيان‪.‬‬

‫لقب أرفع من المحدث‪ ،‬ودون الحجة‪ ،‬واختلفت أقوال العلماء في تعريفه مثل اختالفهم في‬
‫ٌ‬ ‫❖ واصطالحاًً‪:‬‬
‫تعريف المحدث‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫❖ فقال ابن األثير الجزري (ت‪630‬ه)‪" :‬الحافظ هو من روى ما يصل إليه‪ ،‬ووعى ما يحتاج إليه"‪.‬‬

‫❖ وقال ابن سيد الناس (ت‪734‬ه) بعد ذكر تعريف المحدث‪" :‬فإن توسع في ذلك حتى َع َر َف شيوخه‪ ،‬وشيوخ‬
‫شيوخه‪ ،‬طبق ًة بعد طبقةٍ‪ ،‬بحيث يكون ما يعرفه من كل طبقة أ كثر مما يجهله منها"‪.‬‬

‫❖ وقال المزي (ت‪742‬ه)‪" :‬أقل حد الحفظ الذي إذا انتهى إليه الرجل جاز أن ُي ْطلَ َق عليه الحافظ هو‪ :‬أن يكون‬
‫ا لرجال الذين يعرفهم ويعرف تراجمهم وأحوالهم وبلدانهم أ كثر من الذين ال يعرفهم‪ ،‬ليكون الحكم للغالب"‪.‬‬

‫علمه‬
‫ُ‬ ‫❖ وقال ابن المطري‪ ،‬عبد هللا بن محمد بن أحمد‪ ،‬عفيف الدين (ت‪765‬ه)‪" :‬الحافظ هو الذي أحاط‬
‫بمائة ألف حديث متنا ً وإسناداً‪ ،‬وأحوال رواته جرحا ً وتعديال ً وتاريخاً"‪.‬‬

‫حجَّـة‪:‬‬
‫ال ُ‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬ما دل به على صحة الدعوى‪ .‬وقيل‪ :‬الحجة والدليل واحد‪.‬‬

‫لقب أرفع من الحافظ‪ ،‬ودون الحاكم‪ .‬وهو من بلغ في الحفظ واإلتقان والتدقيق فيما يحفظ‬
‫ٌ‬ ‫❖ واصطالحاً‪ :‬هو‬
‫من األسانيد والمتون مبلغا ً أصبح به حج ًة عند الناس‪ ،‬عامهم وخاصهم‪ ،‬لذلك ُل ِّقب بالحجة‪.‬‬

‫وأحوال رواته جرحا ً وتعديال ً‬


‫َ‬ ‫علمه بثالثمائة ألف حديث متنا ً وإسناداً‪،‬‬
‫ُ‬ ‫❖ وقال ابن المطري‪" :‬هو الذي أحاط‬

‫وتأريخاً"‪ُ .‬ل ِّق َ‬


‫ب به كثير من أئمة الحديث‪ ،‬مثل سفيان بن عيينة (ت‪198‬ه)‪ ،‬وسعيد بن منصور(ت‪227‬ه)‪،‬‬
‫والدارمي أبو سعيد عثمان بن سعيد (ت‪280‬ه)‪ ،‬والطبراني(ت‪360‬ه)‪ ،‬والضياء المقدسي(ت‪643‬ه)‪،‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬

‫الحاكم‪:‬‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬اسم فاعل من "ال ُ‬


‫حكْم" وهو حاكم البالد‪ .‬والقاضي‪.‬‬

‫علمه بجميع األحاديث المروية متنا ً وإسناداً‪ ،‬وجرحا ً وتعديالً‪ ،‬وتأريخا ً وعلالً‪ ،‬وغريبا ً‬
‫ُ‬ ‫❖ واصطالحا ً‪ :‬من أحاط‬
‫التعارض‪ ،‬وشرحا ً ل َِما ظاه ُره اإلشكال بما يوافقه‪ ،‬إلى‬
‫ُ‬ ‫ومختلفاً‪ ،‬وناسخا ً ومنسوخاً‪ ،‬وتوفيقا ً بين ما ظاه ُره‬

‫نحو ذلك من العلوم‪ ،‬وال يفوته إال َّ القليل‪ .‬و ُل ِّق َ‬


‫ب به عدد ٌ من أئمة الحديث مثل أبي أحمد الحاكم محمد بن‬
‫محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي (ت‪388‬ه)‪ ،‬وأبي عبد هللا الحاكم محمد بن عبد هللا‬
‫النيسابوري صاحب كتاب "المستدرك على الصحيحين" (ت‪405‬ه)‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫أمير المؤمنين في الحديث‪:‬‬

‫❖ لغـ ًة‪ :‬األمير صفة مش َّبهة من "اإلمارة"‪ ،‬وهو من يتولى اإلمارة‪.‬‬

‫❖ واصطالحا ً‪ :‬هو أرفع المراتب وأعالها‪ ،‬وهو من فاق حفظا ً وإتقانا ً وتعمقا ً في علم األحاديث وعللها َّ‬
‫كل َم ْن‬
‫سبقه من المراتب واأللقاب‪ ،‬بحيث يكون مرجعا ً للحكام والحفاظ وغيرهم‬

‫❖ مثل‪ :‬سفيان الثوري (ت‪161‬ه) وشعبة بن الحجاج (ت‪170‬ه) وغيرهما‪،‬‬

‫❖ والبخاري (ت‪256‬ه) ومسلم (ت‪261‬ه) وغيرهما‪،‬‬

‫❖ والدارقطني (ت‪ 385‬ه) وآخرهم ابن حجر (ت‪852‬ه)‬

‫الصحابي‪:‬‬

‫‪ ‬لغـة‪ :‬الصحابي مشتق من"الصحبة" وهي المرافقة‪ .‬كذلك "الصاحب" سواء أ كانت المصاحبة كثيرة أم‬
‫قليلة‪.‬‬

‫األصح ‪ -‬من لقي النبي مؤمنا ً به‪ ،‬ومات على اإلسالم؛ ولو تَخَلَّلَت ذلك ر ِ َّدة ٌ ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬واصطالحا ً‪ :‬هو ‪ -‬على القول‬

‫التابعي‪:‬‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬اسم فاعل من "تَ ِب َعهُ" بمعنى مشى خلفه‪ .‬وجمعه‪ :‬التابعون‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحا ً‪ :‬من لَقِ َ‬


‫ي واحدا ً من الصحابة فأكثر في حالة إسالمه‪ ،‬ومات على اإلسالم‪ .‬وقيل‪ :‬هو من َصح َ‬
‫ِب‬
‫الصحابي‪.‬‬

‫تابع التابعي‪:‬‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬انظر تعريف التابعي‪ .‬وجمعه‪ :‬أتباع التابعين‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحا‪ :‬من لقي واحدا ً من التابعين فأكثر في حالة إسالمه‪ ،‬ومات عليه‪.‬‬

‫نشأة تدوين علوم مصطلح الحديث‪:‬‬

‫‪ ‬نشأ هذا العلم مع نشأة رواية الحديث في عهد الصحابة رضوان هللا عليهم أجمعين‪،‬‬

‫‪12‬‬
‫َّل منها هذا‬
‫شك َ‬‫‪ ‬فقد راعى الصحابة في نقلهم وروايتهم لحديث رسول هللا ص‪ ،‬أصول وقواعد الرواية التي تَ َ‬
‫العلم فيما بعد‪،‬‬

‫‪ ‬حيث ط َّبقوا أصول المنهج القرآني المبني على تحريم الكذب‪ ،‬ور ّد خبر الفاسق‪ ،‬واشتراط العدالة لقبول‬
‫خبر الراوي‪ ،‬والتثبت من كل قضية‪ ،‬وتحريم نقل الخبر المكذوب‪ ،‬كما َقلَّلوا من الرواية‪ ،‬وتثبتوا من صحتها‬
‫عند تحملها وأدائها‪ ،‬ونقدوا الروايات بعرضها على نصوص وقواعد التشريع‪.‬‬

‫‪ ‬وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ‪" :‬بدأ تدوين مبادئه وتسجيل بعض مسائله ببدء تدوين التأريخ للرجال‪،‬‬
‫والتصنيف للحديث‪ ،‬وكان قبل ذلك محفوظا ً في الصدور‪ ،‬مترددا ً على األلسنة‪ ،‬فلما ُد ِّون َ ْ‬
‫ت تلك الكتب بدأ‬
‫ل منه هنا وهناك‪،‬‬ ‫يدخل في التأليف ُ‬
‫ج َم ٌ‬

‫خاص جام ٌع في الجملة إال في القرن الرابع‪ ،‬وما جاء قبل ذلك كان نُتَفا ً و ُ‬
‫ج َمال ً منثورةً‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫تأليف‬ ‫ولم يُ َؤلَّ ْف فيه‬ ‫‪‬‬
‫في بعض المسائل منه‪ ،‬تجيء بها المناسبات"‪،‬‬

‫‪ ‬كما نراه في الرسالة لإلمام الشافعي (ت‪204‬ه)‪ ،‬وفي أقوال ومؤلفات األئمة‪ :‬ابن معين (‪233‬ه)‪ ،‬وعلي بن‬
‫المديني (‪234‬ه)‪ ،‬ومحمد بن عبد هللا بن نمير (‪234‬ه)‪ ،‬وأحمد بن حنبل (‪241‬ه)‪ ،‬وأبي جعفر المخرَّمي‬
‫(‪242‬ه)‪ ،‬والبخاري (‪256‬ه)‪ ،‬ومسلم (‪261‬ه)‪ ،‬والعجلي (‪261‬ه)‪ ،‬ويعقوب بن شيبة (‪262‬ه)‪ ،‬وأبي داود‬
‫السجستاني(‪275‬ه)‪ ،‬والترمذي(‪279‬ه)‪ ،‬والنسائي(‪303‬ه)‪.‬‬

‫حجية السنة ومكانتها التشريعية‪:‬‬

‫‪ ‬ووقائع احتجاج الصحابة بالسنة كثيرة ال تُ َع ُّد وال تُ ْ‬


‫ح َصى‪ .‬والذي دعاهم إلى اتخاذ هذا الموقف من السنة‬
‫عدة أمور‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ ‬أوال ً‪ :‬الرسول مطا ٌع وم َّت َب ٌع وقدوةٌ‪:‬‬

‫هللا َو َم ْن‬
‫اع ََّ‬ ‫ول َف َق ْد أ َ َط َ‬ ‫‪ ‬إن هللا أمر المسلمين بطاعة الرسول ص في غير ما آية‪ ،‬فقال تعالى‪َ  :‬م ْن ُيطِ ِع ال َّر ُس َ‬
‫ِب‬‫هللا ال َ يُح ُّ‬
‫ن ََّ‬ ‫ول َفإ ِ ْن تَ َولَّ ْوا َفإ ِ َّ‬
‫هللا َوال َّر ُس َ‬ ‫يظا‪[ ‬النساء‪ .]80:‬وقال‪ُ  :‬ق ْل أَطِ ُ‬
‫يعوا ََّ‬ ‫تَ َولَّى َف َما أ َ ْر َس ْلن َ‬
‫َاك َعلَ ْي ِه ْم َ‬
‫حفِ ً‬
‫ا ْلكَا ِفر ِ َ‬
‫ين [آل عمران‪.]32:‬‬

‫سر به هذه اآلية ما رواه أبو هريرة عن النبي ص أنه قال‪" :‬كل أمتي يدخلون الجنة إال َّ من أبى"‪.‬‬
‫‪ ‬وخير ما نُ َف ِّ‬
‫قالوا‪ :‬ومن يأبى؟ قال‪" :‬من أطاعني دخل الجنة‪ ،‬ومن عصاني فقد أبى"‪.‬‬

‫هللاُ‬ ‫هللا َفاتَّ ِب ُعونِي يُ ْ‬


‫ح ِب ْبك ُُم َّ‬ ‫ون ََّ‬ ‫‪ ‬وأمرهم هللا تعالى باتباع الرسول ص‪ ،‬وجعله شرطا ً لحبه‪ُ  :‬ق ْل إ ِ ْن كُ ْنت ُْم تُ ِ‬
‫ح ُّب َ‬
‫َويَ ْغفِ ْر لَك ُْم ُذنُوبَك ُْم َو َُّ‬
‫هللا َغ ُفور ٌ َرحِي ٌم) آل عمران‪.31 :‬‬

‫‪13‬‬
‫َ‬
‫ات‬
‫الس َما َو ِ‬ ‫ك َّ‬ ‫يعا الَّذِي َل ُه ُم ْل ُ‬ ‫جمِ ً‬ ‫هللا إِلَ ْيك ُْم َ‬
‫َِّ‬ ‫َّاس إ ِنِّي َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫‪ ‬وجعل اتباعه شرطا ً لهدايتهم‪ُ :‬ق ْل يَا أ يُّ َها الن ُ‬
‫ُ‬ ‫َواأل َ ْر ِ‬
‫ن بِاللَّ ِه َوكَل َِماتِ ِه َواتَّ ِب ُعو ُه لَ َعلَّك ُْم‬
‫ي الَّذِي ُي ْؤمِ ُ‬ ‫يت َفآمِ نُوا بِاللَّ ِه َو َر ُسولِ ِه ال َّن ِب ِّ‬
‫ي األ ِّم ِّ‬ ‫ي َو ُيمِ ُ‬ ‫ض ال َ إِلَ َه إِال َّ ُه َو ُي ْ‬
‫ح ِ‬
‫ون األعراف‪.158 :‬‬ ‫تَ ْه َت ُد َ‬

‫هللا َوا ْل َي ْو َم‬


‫جو ََّ‬ ‫س َنةٌ ل َِم ْن ك َ‬
‫َان َي ْر ُ‬ ‫هللا أ ُ ْس َوة ٌ َ‬
‫ح َ‬ ‫‪ ‬وجعل في رسول هللا ص أسوةً حسن ًة‪ :‬لَ َق ْد ك َ‬
‫َان لَك ُْم ِفي َر ُس ِ‬
‫ول َِّ‬
‫اآل ِخ َر َو َذكَ َر ََّ‬
‫هللا كَثِي ًرا [األحزاب‪ .]21 :‬أشار هللا عز وجل بهذه اآلية إلى أن شأن من يرجو ثواب هللا هو اتخاذ‬
‫النبي ص قدوةً‪ ،‬وأن من ال يرجو هللا واليوم اآلخر‪ ،‬ولم يذكر هللا كثيرا ً شأنه أن ال يتخذ الرسول أسوةً وقدوةً‪.‬‬

‫َّ‬
‫يتحقق شيء من طاعة الرسول ص واتباعه واالقتداء به إال َّ بامتثال أوامره واجتناب نواهيه‪ ،‬واقتدائه في‬ ‫‪ ‬وال‬
‫ج ْعلِها كلها جزءا ً من الحياة والعمل بها‪ ،‬وأوام ُره ونواهيه وأخال ُقه وحركاتُه‬
‫أخالقه وحركاته وسكناته‪ ،‬و َ‬
‫وسكناتُه ما هي إال َّ سننه وأحاديثه المحفوظة في بطون كتب الحديث ودواوينه‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬التمرُّد على السنة عالمة االنسالخ من اإليمان‪:‬‬

‫آيات تُ َصرِّح بأن االنقياد لله‪ ،‬مع أن التمرد على السنة عالمة االنسالخ من اإليمان‪ ،‬وأن المسلم‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬إن في القرآن‬
‫ال خيار له فيما يقضي به القرآن‪ ،‬أو تقضي به السنة‪ ،‬قال هللا تعالى في كتابه العزيز‪َ :‬فال َ َو َر ب ِّ َ‬
‫ك ال َ ُي ْؤمِ ن َ‬
‫ُون‬
‫ِيما [النساء‪.]65 :‬‬ ‫سلِّ ُموا تَ ْسل ً‬ ‫جا مِ َّما َق َض ْي َ‬
‫ت َويُ َ‬ ‫ح َر ً‬
‫س ِه ْم َ‬ ‫جدُوا ِفي أ َ ُ‬
‫نف ِ‬ ‫ج َر بَ ْي َن ُه ْم ثُ َّم ال َ يَ ِ‬
‫ِيما َش َ‬
‫وك ف َ‬
‫حك ُِّم َ‬
‫حتَّى يُ َ‬
‫َ‬

‫حكِّموا رسوله في كل‬


‫‪ ‬قال ابن القيم‪" :‬أقسم هللا سبحانه وتعالى بنفسه على نفي اإليمان عن العباد حتى ُي َ‬
‫ما شجر بينهم من الدقيق والجليل‪ ،‬ولم يكتف في إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده حتى ينتفي عن صدورهم‬
‫الحرج والضيق من قضائه وحكمه‪ ،‬ولم يكتف منهم أيضا ً بذلك حتى يسلِّموا تسليماً‪ ،‬وينقادوا انقياداً"‪.‬‬

‫خ َي َر ُة مِ ْن أ َ ْمرِهِ ْم َو َم ْن‬ ‫هللا َو َر ُسو ُل ُه أ َ ْم ًرا أ َ ْن يَك َ‬


‫ُون لَ ُه ُم ا ْل ِ‬ ‫َُّ‬ ‫ن َوال َ ُم ْؤمِ َن ٍة إ ِ َذا َق َضى‬
‫َان ل ُِم ْؤمِ ٍ‬
‫‪ ‬وقال تعالى‪َ :‬و َما ك َ‬
‫ل َضال َال ً ُم ِبينًا [األحزاب‪ .] 36 :‬أشار هللا بهذه اآلية الكريمة إلى أن المؤمن ال خيار‬ ‫هللا َو َر ُسولَ ُه َف َق ْد َض َّ‬
‫ص ََّ‬‫َي ْع ِ‬
‫له أمام قضاء هللا ورسوله وحكمهما‪ ،‬ليس له إال َّ القبول والتسلي‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الرسول مستقل بالتشريع فيما زاد على القرآن‪:‬‬

‫ـن‪،‬ويك ِّره ويبيح‪،‬‬ ‫‪ ‬إن هللا سبحانه وتعالى قد أعطى الرسول ص سلطـة التشريع؛ فيحلِّل ويحرِّم‪ ،‬ويوجب ويس ُّ‬
‫يل يَأْ ُم ُر ُه ْم‬
‫ج ِ‬‫كتُوبًا عِ ْن َد ُه ْم ِفي ال َّت ْو َراةِ َواإلِن ِ‬ ‫ي الَّذِي يَ ِ‬
‫جدُون َ ُه َم ْ‬ ‫ُ‬
‫ي األ ِّم َّ‬
‫ول ال َّن ِب َّ‬
‫ون ال َّر ُس َ‬ ‫قال تعالى‪ :‬الَّذ َ‬
‫ِين يَ َّت ِب ُع َ‬

‫‪14‬‬
‫ِث َويَ َض ُع َع ْن ُه ْم إ ِ ْص َر ُه ْم َواأل َ ْغال ََل‬ ‫حرِّ ُم َعلَ ْي ِه ْم ا ْلخَ َبائ َ‬
‫ات َويُ َ‬ ‫ل لَ ُه ْم َّ‬
‫الط ِّي َب ِ‬ ‫ن ا ْل ُمنكَر ِ َويُ ِ‬
‫ح ُّ‬ ‫بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف َويَ ْن َها ُه ْم َع ِ‬
‫ون)‬ ‫ح َ‬ ‫ِك ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُ‬ ‫آمنُوا ب ِ ِه َو َعزَّ ُرو ُه َون َ َص ُرو ُه َواتَّ َب ُعوا النُّو َر الَّذِي أُنز ِ َل َم َع ُه أ ُ ْولَئ َ‬
‫ِين َ‬ ‫ت َعلَ ْي ِه ْم َفالَّذ َ‬ ‫الَّتِي كَان َ ْ‬
‫األعراف‪.157 :‬‬

‫يعوا‬ ‫آمنُوا أَطِ ُ‬


‫ِين َ‬ ‫‪ ‬ومنحه أيضا ً االستقالل بالتشريع فيما يفسر ويزيد كما دلت عليه اآلية الكريمة‪َ  :‬يا أ َيُّ َها الَّذ َ‬
‫ي ٍء َف ُردُّو ُه إِلَى َِّ‬ ‫َ‬ ‫يعوا الرس َ ُ‬ ‫هللا َوأَطِ ُ‬
‫ُون بِاللَّ ِه‬
‫ول إ ِ ْن كُنت ُْم تُ ْؤمِ ن َ‬‫هللا َوال َّر ُس ِ‬ ‫ول َوأ ْو ِلي األ ْمر ِ مِ ْنك ُْم َفإ ِ ْن تَنَاز َْعت ُْم ِفي َش ْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ََّ‬
‫دل على استقالل الرسول ‪‬بالتشريع في هذه اآلية‬ ‫ن تَأْ ِويال ً [النساء‪َّ .]59 :‬‬ ‫س ُ‬ ‫خ ْير ٌ َوأ َ ْ‬
‫ح َ‬ ‫َوا ْل َي ْو ِم اآل ِخر ِ َذل َ‬
‫ِك َ‬
‫الكريمة تكرار كلمة "أطيعوا" مع "الرسول" دون عطفه على "هللا" في اآلية‪ ،‬ولما كانت طاعة أولي األمر غير‬
‫مستقلة عطف "أولوا األمر" على "الرسول"‪ .‬كما ذكر المفسرون‪.‬‬

‫بيان هللا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫را بعاً‪ :‬الرسول ُم َب ِّي ٌ‬
‫ن للقرآن‪ ،‬وبيانُه‬

‫َّاس َما نُز َِّل إِلَ ْي ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم يَت ََفكَّ ُر َ‬


‫ون‬ ‫ن لِلن ِ‬ ‫الرسول ُم َب ِّينا ً لكتابه‪ ،‬فيقول‪َ :‬وأَن َز ْلنَا إِلَ ْي َ‬
‫ك ال ِّذ ْك َر لِ ُت َب ِّي َ‬ ‫َ‬ ‫جعل هللا‬ ‫•‬
‫بيان هللا فذكرته في األمر الخامس‪.‬‬
‫َ‬ ‫الرسول‬
‫ِ‬ ‫بيان‬
‫ِ‬ ‫[النحل‪ .]44:‬أما كون‬

‫خامساً‪ :‬البيان وحي ٌ من هللا إلى الرسول وحيا ً جليا ً أو تقريرياً‪:‬‬

‫‪ ‬لما أمر هللا المسلمين بطاعة رسوله واتباعه‪ ،‬وجعله أسوةً لهم‪ ،‬وأعطاه حق التشريع والبيان؛ كان من حق‬
‫هذا الرسول أن يوحي هللا إليه البيان والتشريع أيضاً‪ ،‬وأن يضعه تحت مراقبته في اجتهاداته‪ ،‬حتى ال يصدر‬
‫ن َعلَ ْينَا َ‬
‫ج ْم َع ُه‬ ‫ل ب ِ ِه ! إ ِ َّ‬
‫ج َ‬ ‫ك ب ِ ِه ل َِسان َ َ‬
‫ك لِت َْع َ‬ ‫منه خطأ بمقتضى البشرية فيما هو تشريع‪ ،‬قال تعـالى‪ :‬ال َ تُ َ‬
‫ح ِّر ْ‬
‫َو ُق ْرآن َ ُه ! َفإ ِ َذا َق َرأْنَا ُه َفاتَّ ِب ْع ُق ْرآن َ ُه ! ثُ َّم إ ِ َّ‬
‫ن َعلَ ْي َنا بَ َيانَهُ) القيامة‪.19-16 :‬‬

‫‪ ‬ومن المعلوم أن هذا البيان الموعود به في هذه اآلية لم يأت في القرآن‪ ،‬وهللا ال ُي ْ‬
‫خلِف الوعد‪ ،‬فأين ذلك‬
‫البيان؟ جاء تفسيره في آية النحل المذكورة في األمر الرابع‪ ،‬فهذا يعني أن ذلك البيان الموعود به هو بيان‬
‫رسول هللا‪ ،‬فثبت منه أن بيان الرسول هو بيان هللا‪ ،‬وال يكون بيان الرسول بيانا ً لله إال َّ إذا كان بوحي منه‬
‫تعالى سوا ًء أ كان وحيا ً جليا ً أم وحيا ً تقريرياً‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬صراحة الرسول بحجية سنته‪:‬‬

‫‪ ‬هناك عدة أحاديث تُ َصرِّ ُح بحجية السنة‪ ،‬ال ينكرها إال َّ مكابر وعنيد‪ ،‬منها‪:‬‬

‫القرآن ومثلَه معه‪ ،‬أال ِ‬


‫يوشك‬ ‫َ‬ ‫‪ -1 ‬ما رواه المِ ْقدام بن َم ْعدي كَرِب قال‪ :‬قال رسول هللا ص‪ ":‬أال إني أ ُ ْوتِ ْي ُ‬
‫ت‬
‫حالل فأ ِحلُّوه‪ ،‬وما وجدتم فيه من‬
‫ٍ‬ ‫ل َش ْبعان على أريكته يقول‪ :‬عليكم بهذا القرآن‪ ،‬فما وجدتم فيه من‬
‫رج ٌ‬
‫ناب من‬
‫ِل لكم الحمار األهلي‪ ،‬وال كل ذي ٍ‬
‫رسول هللا كما ح َّرم هللا‪ ،‬أال ال يَح ُّ‬
‫ُ‬ ‫ح َّر َم‬
‫ح ِّرموه! وإن ما َ‬
‫حرا ٍم ف َ‬

‫‪15‬‬
‫السباع‪ ،‬وال لقطة ُمعاهِ ٍد إال َّ أن يستغني عنها صاحبها‪ ،‬ومن نزل بقو ٍم فعليهم أن يَ ْقروه‪ ،‬وله أن يُ ِّ‬
‫عقبهم‬ ‫ِّ‬
‫بمثل قراه"‪ ،‬ونحوه عن صحابة آخرين ‪.‬‬

‫ضلُّوا بعدهما‪ :‬كتاب هللا وسنتي"‪.‬‬


‫كت فيكم شيئين‪ ،‬لن تَ ِ‬
‫‪ -2 ‬وما رواه أبو هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ص "تر ُ‬
‫وله شاهد عند الحاكم من حديث ابن عباس‪.‬‬

‫ً‬
‫‪ -3 ‬وما رواه ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول هللا ص‪" :‬ن َ َّض َر هللاُ امرأًً سمع منا شيئاً‪ ،‬فبلَّغه كما سمع‪ ،‬ف ُر َّ‬
‫ب‬
‫ُم َبلَّ ٍغ أوعى من سامع"‪ .‬ودعاؤه بالنضارة لسامع أحاديثه ومب ِّلغها يدل على أهميتها الثاوية في حجيتها‪ .‬ثم‬
‫وما ذا يعني تبلغيها إلى من هو أوعى وأفقه من السامع؟ ليس إال َّ ألن أحاديثه حجة‪.‬‬

‫سابعاً‪ :‬حكم العقل بحجية السنة‪:‬‬

‫‪ ‬والعقل أيضا ً يقول بأن الرسول حجة‪ ،‬يُر َ‬


‫جع إليه في حياته‪ ،‬وإلى ما ُد ِّو َن من سنته في الكتب بعد وفاته‪،‬‬
‫وذلك ألن الرسول بمثابة مندوب هللا إلينا‪ ،‬كمندوب الملك إلى رعيته‪ ،‬فكما أن بيان المندوب الملكي يقبل‬
‫دون أدنى شك‪ ،‬كذلك يقبل بيان المندوب اإللهي أيضاً‪ ،‬وما سنة نبينا عليه الصالة والسالم إال بيان مراد‬
‫هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫ثامناً‪ :‬حفظ السنة من الضياع والدخيل عالمة حجيتها‪:‬‬

‫‪ ‬ل َِما تقدَّم من مكانة السنة في التشريع وغيره َق َّي َض هللا لها من الوسائل ما َ‬
‫حفِ َظها من الضياع واالندثار‪،‬‬
‫وذلك بتقوية ذا كرات العرب المسلمين األوائل‪ ،‬وبتدوينها في الدواوين والكتب‪ ،‬ومن الوسائل ما حفظها‬
‫تأسيس علو ِم الحديث‪ ،‬وعلم الرجال‪،‬‬
‫َ‬ ‫من الدخيل والحميل مثل إلهامِ ه في قلوب علماء األمة اإلسالمية‬
‫وعلم الجرح والتعديل‪ ،‬وعلوم المتن‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫عالقة السنة مع القرآن‬

‫تتم َّثل هذه العالقة فيما يلي من المظاهر‪:‬‬

‫‪ - 1‬تأكيد السنة وتأييدها ل َِما جاء في القرآن الكريم‪:‬‬

‫‪ ‬فقد جاء في السنة ما جاء في القرآن تأييدا ً وتأكيدا ً له كاألحاديث التي وردت في وجوب الصالة والزكاة والحج‬
‫والصوم والصدق‪ ،‬وحرمة أ كل مال الغير‪ ،‬والنهي عن الزنا وعقوق الوالدين وشهادة الزور‪،‬‬

‫خمس"‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِي اإلسال ُم على‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬مثل حديث‪ " :‬بُن َ‬ ‫‪‬‬

‫‪16‬‬
‫س منه"‪.‬‬‫ب ن َ ْف ٍ‬
‫امرئ مسلمٍ إال َّ بطِ ْي ِ‬
‫ٍ‬ ‫مال‬
‫وحديث‪" :‬ال يحل ُ‬ ‫‪‬‬

‫وحديث‪":‬عليكم بالصدق"؛‬ ‫‪‬‬

‫فإن هذه األحاديث موافِقةٌ لآليات التي وردت في تلك األمور‪ ،‬ومؤكدة ومؤيدة لها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ل في القرآن‪:‬‬ ‫‪ -2‬تفسيرالسنة وتبيينها لما أ ُ ْ‬


‫جمِ َ‬

‫أغلب السنة من هذا النوع‪ ،‬ولهذه الغلبة وصفت السنة بأنها ُم َب ِّينةٌ للكتاب‪ ،‬وهذا التفسير والتبيين على عدة أوجه‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫تفصيل مجملِه كاألحاديث التي َف َّصلَ ْ‬


‫ت أحكام العبادات والمعامالت التي وردت في القرآن مجملة‪ .‬مثال ً جاءت‬ ‫ُ‬ ‫أ‪-‬‬
‫ِرت في القرآن مجمل ًة‪ ،‬فبينت‬ ‫الصالة في القرآن مجمل ًة‪ ،‬فجاءت السنة وبَ َّين ْ‬
‫َت عد َد ركعاتها وكيفياتها‪ .‬وكالزكاة التي ُذك ْ‬
‫السنة مقادي َرها‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫ن‬ ‫يمان َ ُه ْم ب ِ ُظ ْلمٍ أ ُ ْولَئ َ‬


‫ِك لَ ُه ُم األ َ ْم ُ‬ ‫امنُوا َولَ ْم يَ ْل ِب ُ‬
‫سوا إ ِ َ‬ ‫الظلم في اآلية‪ :‬الَّذ َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َ‬ ‫ب‪ -‬بيا ُن مبهمِ ه مثل بيان رسول هللا ص‬
‫ُون [األنعام‪ .]82:‬بأنه الشرك‪.‬‬
‫َو ُه ْم ُم ْه َتد َ‬

‫ن لَك ُُم ا ْلخَ ْي ُط‬


‫حتَّى يَ َت َب َّي َ‬ ‫‪ ‬وكبيانـه المراد من الخيط األبيض واألسود في قوله تعالى‪َ ] :‬وكُ ُلوا َو ْ‬
‫اش َر بُوا َ‬

‫ط األ َ ْس َو ِد مِ ْن ا ْل َف ْ‬
‫جر‪[ ‬البقرة‪ .]187:‬بأنه سواد الليل وبياض النهار‪ .‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬األ َ ْب َي ُض مِ ْن ا ْلخَ ْي ِ‬

‫وصي ب ِ َها أ َ ْو‬ ‫ج‪ -‬تقييد مطلقه مثل تقييده الي َد في آية السرقة بال ُّر ْسغ‪ .‬ومثل تقييده الوصية في اآلية‪ :‬مِ ْن بَ ْع ِد َو ِ‬
‫ص َّي ٍة يُ ِ‬
‫ن [النساء‪ .]11:‬بالثلث‪ .‬و نحو ذلك‪.‬‬
‫َد ْي ٍ‬

‫ح َم ا ْلخِنز ِير ِ َو َما أُهِ َّ‬


‫ل‬ ‫حرَّ َم َعلَ ْيك ُْم ا ْل َم ْي َت َة َوال َّد َم َولَ ْ‬
‫د‪ -‬تخصيص عامه مثل تخصيصه الميت َة والد َم في اآلية الكريمة‪:‬إِن َّ َما َ‬
‫ب ِ ِه ل َِغ ْير ِ اللَّ ِهص [البقرة‪ ]173 :‬بما عدا ميتة السمك والجراد‪ ،‬وبما عدا الكبد والطحال‪.‬‬

‫ه‪ -‬تقعيد ما ورد في القرآن مفرَّقا ً مثل ما جاء في القرآن من تحريم الضرر‪،‬‬

‫قال تعالى‪ :‬ال َ تُ َضا َّر َوالِ َدة ٌ ب ِ َولَ ِد َها َوال َ َم ْو ُلود ٌ لَ ُه ب ِ َولَ ِدهِ [البقرة‪.]233:‬‬ ‫‪‬‬

‫ن لِت َُض ِّي ُقوا َعلَ ْي ِه َّ‬


‫ن [الطالق‪.]6:‬‬ ‫وقال‪َ  :‬وال َ تُ َضارُّو ُه َّ‬ ‫‪‬‬

‫ض َرا ًرا لِت َْع َتدُوا [البقرة‪.]231:‬‬


‫ن ِ‬ ‫‪ ‬وقال‪َ :‬وال َ تُ ْم ِ‬
‫سكُو ُه َّ‬

‫ِب َوال َ َش ِهيدٌ [البقرة‪.]282:‬‬


‫وقال‪َ :‬وال َ يُ َضارَّ كَات ٌ‬ ‫‪‬‬

‫فجمعت السن ُة النبوي ُة ذلك كلَّه في قاعدةٍ واحدةٍ‪" :‬ال ضرر‪ ،‬وال ِ‬
‫ضرا َر‬ ‫‪‬‬

‫‪17‬‬
‫أصل ذكره القرآن مثل ما جاء في القرآن من تحريم األمهات واألخوات الرضاعية‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬وأ ُ َّم َهاتُك ُُم‬ ‫ٍ‬ ‫و‪ -‬التفر يع على‬
‫الالَّتِي أ َ ْر َض ْع َنك ُْم َوأَخَ َواتُكُم ِّم َ‬
‫ن ال َّر َض َ‬
‫اع ِة [السناء‪]23:‬‬

‫فقد فرَّع عليه النبي ص قوله‪" :‬يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ن [النساء‪.]23:‬‬ ‫ن األ ُ ْ‬
‫خ َت ْي ِ‬ ‫‪ ‬وقوله‪َ :‬وأَن تَ ْ‬
‫ج َم ُع ْوا بَ ْي َ‬

‫ج َم ْع بين المرأة وعمتها‪ ،‬وال بين المرأة وخالتها"‪.‬‬


‫فرع عليه قوله‪ :‬ال يُ ْ‬ ‫‪‬‬

‫جا َرةً َعن تَ َر ٍ‬


‫اض ِّمنك ُْم [النساء‪]29:‬‬ ‫طل إِال َّ أَن تَك َ‬
‫ُون تِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وقوله تعالى‪:‬ال َ تَأ كُ ُل ْوا أ ْم َوالَك ُْم بَ ْي َنكُم بِا ْل َباْ ِ‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬وجاءت السنة تفرع على هذا األصل‪ ،‬فحرمت بيع الثمر قبل بدو صالحه‪ ،‬خشية إصابته بآفة من برد شديد‬
‫أو رياح عاتية‪ ،‬فال يحصل للمشتري ما أراده من الثمر‪ ،‬فبأي حق يأخذ البائع من المشتري‪ ،‬قال النبي ص‪:‬‬
‫"أرأيت إذا منع هللا الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه"‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ -3‬زيادة السنة عقائد وأحكاما ً سكت عنها القرآن الكريم‪:‬‬

‫الم َع َّبر عنه ب "استقالل السنة بالتشريع"‪.‬‬


‫‪ ‬وهذا النوع من البيان هو ُ‬

‫‪ ‬فقد زادت السنة في العقائد ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬نبوة آدم عليه السالم وغيره من األنبياء الذين لم ُي ْذكَروا في القرآن الكريم‪.‬‬

‫‪ ‬وأفضلية نبينا محمد ص على جميع األنبياء والرسل‪.‬‬

‫‪ ‬وشفاعته ص العظمى في المحشر‪.‬‬

‫‪ ‬وشفاعته ص ألهل الكبائر من أمته‪.‬‬

‫‪ ‬ومعجزاته ص كلها ما عدا القرآن‪ ،‬ومنها معجزة انشقاق القمر‪ ،‬فإنها مع ذكرها في القرآن تأولوها بما ينافي‬
‫األحاديث الصحيحة المصرحة بانشقاق القمر معجزةً للرسول ص‪.‬‬

‫خ ُلقية‪.‬‬
‫‪ ‬وصفاته ص البدنية وبعض شمائله ال ُ‬

‫‪ ‬وخصوصياته ص التي جمعها السيوطي في كتابه "الخصائص" مثل دخول الجنة ورؤية أهلها وما أُعِ َّد‬
‫للمتقين فيها‪ ،‬وإسالم قرينه من الجن وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬والحديث عن بدء الخلق‪.‬‬

‫‪ ‬والحديث عن صفة المالئكة والجن‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ ‬والحديث عن الجنة والنار‪ ،‬وأنهما مخلوقتان‪.‬‬

‫‪ ‬وأن الحجر األسود من الجنة‪.‬‬

‫‪ ‬والقطع بأن العشرة المبشرين بالجنة من أهل الجنة‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بسؤال منكر ونكير في القبر‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بعذاب القبر‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بضغطة القبر‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بالميزان ذي الكفين يوم القيامة‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بالصراط‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بحوضه ص‪ ،‬وأن من شرب منه ِش ْر ب ًة ال يظمأ بعدها أبداً‪.‬‬

‫‪ ‬ودخول سبعين ألفا ً من أمته ص الجنة بغير حساب‪.‬‬

‫‪ ‬وسؤال األنبياء في المحشر عن التبليغ‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بكل ما صح في الحديث في صفة القيامة والحشر والنشر‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بالقضاء والقدر خيره وشره‪.‬‬

‫‪ ‬وأن هللا تعالى كتب على كل إنسان سعادته أو شقاوته‪ ،‬ورزقه وأجله‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بالقلم الذي كتب كل شيء‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بأن القرآن كتاب هللا حقيقة ال مجازاً‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بالعرش والكرسي حقي ًة ال مجازاً‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بأن أهل الكبائر ال يخلدون في النار‪.‬‬

‫‪ ‬وأن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر في الجنة‪.‬‬

‫‪ ‬وأن هللا حرَّم على األرض أن تأكل أجساد األنبياء‪.‬‬

‫‪ ‬وأن لله مالئك ًة س َّياحين يبلغون النبي ص سالم أمته عليه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ ‬واإليمان بمجموع أشراط الساعة كخروج المهدي‪ ،‬ونزول عيسى عليه السالم‪ ،‬وخروج الدجال‪ ،‬ودابة األرض‬
‫من موضعها‪ ،‬وغيرها مما صحت به األحاديث‪.‬‬

‫‪ ‬وأن المسلمين يفترقون على ثالث وسبعين فرق ًة‪ ،‬كلها في النار إال واحدة‪ ،‬وهي التي تتمسك بما كان عليه‬
‫الصحابة من عقيدة وعبادة وهدي‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بجميع أسماء هللا الحسنى‪ ،‬وصفاته العليا مما جاء في السنة الصحيحة كالعلي والقدير وصفة‬
‫الفوقية وال ُّنزُول وغيرها‪.‬‬

‫‪ ‬واإليمان بعروجه ص إلى السماوات العلى‪ ،‬ورؤيته آيات ربه الكبرى‪.‬‬

‫‪ ‬وغيرها من العقائد اإلسالمية الصحيحة التي وردت في األحاديث الثابتة المتواترة أو المستفيضة‪ ،‬وتلقتها‬
‫األمة بالقبول‪ ،‬وهي تبلغ المئات‪.‬‬

‫‪ ‬وزادت في األحكام‪ ،‬البعض منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها‪.‬‬

‫‪ ‬وتحريم الذهب والحرير على الرجال‪.‬‬

‫السباع‪.‬‬
‫ناب من ِّ‬
‫‪ ‬وتحريم كل ذي ٍ‬

‫خلَ ٍ‬
‫ب من الطيور‪.‬‬ ‫‪ ‬وتحريم كل ذي مِ ْ‬

‫الش ْفعة للشريك والجار‪.‬‬


‫‪ ‬وإثبات حق ُّ‬

‫‪ ‬وإثبات ميراث الجدة من تركة حفيدها‪.‬‬

‫صن‪.‬‬
‫ح ِ‬ ‫‪ ‬ورجم الزاني ُ‬
‫الم ْ‬

‫‪ ‬والحكم بالشاهد واليمين‪.‬‬

‫‪ ‬ووجوب الدية على العاقلة‪.‬‬

‫‪ ‬وحرمان القاتل من ميراث مقتوله‪ .‬وغيرها من األحكام الكثيرة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المتواتر واآلحاد‬

‫‪ ‬ينقسم الحديث – على اإلطالق – إلى قسمين رئيسيين‪،‬‬

‫وهما‪ :‬المتواتر واآلحاد‪ ،‬وكل منهما ينقسم إلى أقسام‪ ،‬خاصة خبر اآلحاد‪،‬‬

‫أ‪ -‬تعريفـه‪:‬‬
‫لغـ ًة‪ :‬هو اسم فاعل من "التواتر" وهو التتابع‪ ،‬يقال‪ :‬تواتر المطر إذا تتابع نزوله‪ .‬ويقال‪ :‬تواترت اإلبل إذا جاء‬ ‫•‬
‫بعضها في إثر بعض أي َعقِ ب بعض‪.‬‬
‫واصطالحا ً‪ :‬هو ما رواه عدد كثير في كل طبق ٍة من طبقات السند‪ ،‬بحيث يستحيل عادةً اتفا ُقهم على اختالق‬ ‫•‬
‫الخمس‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الحواس‬
‫ِّ‬ ‫السما َع‪ ،‬أو المشا َهدةَ‪ ،‬أو غيرهما من‬
‫ذلك الحديث‪ ،‬ويكون مستن ُد انتهائهم إلى الحديث ِّ‬
‫ي هذا الخبر ب "المتواتر" لتتابع عدد كثير من الناس على روايته ونقله‪.‬‬
‫وإنما ُس ِّم َ‬ ‫•‬
‫ب‪ -‬شروط المتواتر‪:‬‬
‫‪ ‬وللمتواتر أربع َة شروطٍ ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يرويه عدد كثير‪:‬‬

‫‪ ‬اختلف العلماء في تحديد هذه الكثرة بعد ٍد مع َّي ٍ‬


‫ن على عِ دَّة أقوال‪:‬‬
‫‪ -1‬أقله خمسة‪ :‬ألن أقل عدد الشاهدين في حد الزنا أربعة‪ ،‬فإذا ز ِي َد عليه واحدٌ كان أقوى‪.‬‬
‫‪ -2‬أقله عشرة‪ :‬ألنه أول جموع الكثرة‪ ،‬وما دونها آحاد‪ ،‬قال به اإلصطخري‪ ،‬واختاره السيوطي‪.‬‬
‫واس ُت ْؤن َِس‬
‫‪ -3‬أقله اثنا عشر‪ :‬ألن ذلك العدد تصح به الجمعة عند اإلمام مالك‪ ،‬كأن ذلك العدد هو الكثير‪ْ ،‬‬
‫ِيل َوبَ َع ْثنَا مِ ن ُْه ْم ا ْثن ْ‬
‫َي‬ ‫لهذا القول بعدد نقباء بني إسرائيل في قوله تعالى‪َ  :‬ولَ َق ْد أَخَ َذ َُّ‬
‫هللا مِ ي َث َ‬
‫اق بَنِي إ ِ ْس َرائ َ‬
‫خ َّص النقباء بهذا العدد لحصول العلم بخبرهم‪.‬‬ ‫َع َ‬
‫ش َر نَقِ ي ًبا‪[ ‬المائدة‪ .]12:‬قيل‪ :‬إنما ُ‬
‫ض ا ْل ُم ْؤمِ ن َ‬
‫ِين َع َلى‬ ‫َ‬
‫ح ِّر ِ‬ ‫‪- 4‬أقله عشرون‪ :‬وهو قول أبي الهذيل المعتزلي استئناسا ً بقوله تعالى‪ :‬يَا أ يُّ َها ال َّن ِب ُّ‬
‫ي َ‬
‫ون َي ْغلِ ُبوا مِ ائَ َت ْي ِ‬
‫ن‪[ ‬األنفال‪ .]65:‬إنما خصهم بذلك العدد لحصول العلم‬ ‫ا ْلقِ ت ِ‬
‫َال إ ِ ْن َيك ُْن مِ ْنك ُْم عِ ْش ُر َ‬
‫ون َصاب ِ ُر َ‬
‫بما يخبرون به‪.‬‬
‫‪ -5‬أربعون‪ :‬أخذا ً بعدد الصحابة الذين لم يَ ُغ َّرهم قدو ُم العِ ير يوم الجمعة؛ فلم يتركوا رسول هللا ‪ ‬وهو‬
‫على المنبر‪ ،‬وهم كانوا أربعين‪ ،‬فهذا يعني أن هذا العدد من الناس يصلح لالعتماد عليه للتواتر‪ .‬وألنه الحد‬
‫األدنى لصحة صالة الجمعة عند اإلمام الشافعي‪.‬‬
‫جال ً لِمِ َ‬
‫يقاتِنَا‪[ ‬األعراف‪ .]155 :‬وإنما خصهم‬ ‫وسى َق ْو َم ُه َس ْبعِ َ‬
‫ين َر ُ‬ ‫‪ -6‬سبعون‪ :‬تمسكا ً بقوله تعالى‪َ  :‬وا ْ‬
‫ختَا َر ُم َ‬
‫بذلك لحصول العلم بخبرهم‪.‬‬
‫‪ -7‬ثالثمائة وبضعة عشر‪ :‬نظرا ً لعدد أهل غزوة الكبرى‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ ‬والقول المختار عند جمهور المحدثين والفقهاء وطوائف من المتكلمين هو أن التواتر ال ينحصر في عدد‬
‫معين؛ ألن قوة البشر قاصرة عن ضبط عد ٍد يحصل به التواتر‪ .‬وإنما مداره على حصول اليقين الذي ال يمكن‬
‫إنكاره‪ ،‬أ يّا ً كان العدد فوق الثالثة؛‬

‫ج‪ -‬أحكام المتواتر‪:‬‬


‫‪ ‬له ثالثة أحكام‪:‬‬
‫أ‪ -‬إنه يفيد علم اليقين الذي يضط ّر اإلنسان إلى التصديق به تصديقا ً جازماً‪ ،‬مثل يقين َمن شاهد أمرا ً ما‬
‫بعينيه؛ فال يتردد في تصديقه‪.‬‬
‫حتاج لها إلى البحث عن أحوال رواته؛ ألنهم ال يَ ْ‬
‫خضعون لقواعد الجرح والتعديل‬ ‫ب‪ -‬إنه مقطوع بصحته‪ ،‬فال يُ ْ‬
‫الم َع َّول عليه هو الكثرة‪ ،‬فلو أن أهل بل ٍد أخبروا‬
‫لكثرتهم‪ ،‬ولذلك لم يشترط فيه إسالم الرواة‪ ،‬وال عدالتهم؛ ألن ُ‬
‫بحصول حادث ٍة َّما‪ ،‬يحصل اليقين بخبرهم؛ ولو كانوا غير مسلمين‪.‬‬
‫ج‪ -‬إنه يجب االعتقاد بصحته كاالعتقاد بصحة القرآن الكريم‪ ،‬فإنكار الخبر المتواتر ُي َؤدِّي إلى الكفر‪ ،‬ويجب‬
‫العمل به حسب ما يفيده من األحكام التشريعية الخمسة‪.‬‬

‫د‪ -‬أقسام الحديث المتواتر‪:‬‬


‫‪ ‬له ثالثة أقسام‪ :‬المتواتر اللفظي‪ ،‬والمتواتر المعنوي‪ ،‬والمتواتر العملي‪:‬‬
‫أ‪ -‬المتواتر اللفظي‪:‬‬
‫متعمداً‪ ،‬فليتب َّوأ‬
‫ِّ‬ ‫علي‬
‫َّ‬ ‫‪ ‬هو ما تواتر لفظه ومعناه‪ .‬يعني رواه الجميع بلفظ واحد‪ ،‬مثل حديث‪" :‬من كذب‬
‫الغفي ُر بهذا اللفظ‪ .‬وقيل‪ :‬اثنان وستون‪ .‬وأوصل ابن الجوزي ُط ُر َقه إلى أزيد‬
‫ج َّم َ‬
‫مقعدَه من النار"‪ .‬فقد رواه ال َ‬
‫من التسعين‪ .‬وأوصل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" إلى مائة‪.‬‬
‫‪ ‬ب‪ -‬المتواتر المعنوي‪:‬‬
‫‪ ‬هو ما تواتر معناه دون لفظه كأن يُر َوى من طرق متعددة بألفاظ مختلفة‪ .‬ومنه أيضا ً أن تُ َ‬
‫نقل إلينا وقائع‬
‫مختلفة‪ ،‬كل واقعة على ِح َدةٍ ال تصل إلى حد التواتر‪ ،‬ولكن بين هذه الوقائع أمرا ً مشتركاً‪ ،‬فيكون هذا األمر‬
‫المشترك بين جميع تلك الوقائع متواترا ً تواترا ً معنوياً‪.‬‬
‫حديث منها فيه أنه ‪‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬مثل أحاديث "رفع اليدين في الدعاء" فقد ورد عن النبي ‪ ‬نحو مائة حديث‪ ،‬كل‬
‫رفع يديه في الدعاء‪ ،‬لكنها في قضايا ووقائع مختلفة‪ ،‬لم تتواتر أ يَّةٌ منها‪ :‬مثل رفعه يديه للدعاء في صالة‬
‫الكسوف‪ ،‬وفي صالة االستسقاء‪ ،‬وعقب صالة الفرض أحياناً‪ ،‬وعند طلب سائل منه الدعاء له‪ ،‬أو على قوم‪،‬‬
‫وغيرها من القضايا والوقائع‪ ،‬ولكنها كلها اشتركت في أمر ٍ واحدٍ‪ ،‬وهو أنه ‪ ‬رفع يديه في الدعاء‪ ،‬فبذلك تواتر‬

‫‪22‬‬
‫رفع يديه في الدعاء باعتبار مجموع الطرق‪ .‬وقد جمع الحافظ السيوطي معظم تلك القضايا في تسعة‬
‫سماه " َف ُّض الوعاء في أحاديث رفع‬
‫وخمسين (‪ )59‬حديثاً‪ ،‬ما بين صحيح وحسن وضعيف في جزء واحد َّ‬
‫اليدين في الدعاء" وهو مطبوع‪.‬‬
‫‪ ‬ومثل أحاديث اإلسراء والمعراج‪ ،‬وأحاديث سؤال الميت في القبر‪ ،‬وأحاديث الدجال‪ ،‬وأحاديث نزول عيسى‬
‫‪ ،‬وأحاديث الرجم في الزنا‪ ،‬وأحاديث المسح على الخفين‪ ،‬وأحاديث الحوض‪ ،‬وأحاديث الشفاعة‪ ،‬وأحاديث‬
‫رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬ج‪ -‬المتواتر العملي‪:‬‬
‫جيل‪ ،‬ال يختلف فيه مؤمن‪ ،‬وال كافر منصف غير‬
‫ٍ‬ ‫وهو ما نقله أهل المشرق والمغرب عن أمثالهم جيال ً عن‬ ‫‪‬‬
‫معاند للمشاهدة‪:‬‬
‫مثل الصلوات الخمس‪ ،‬وصيام شهر رمضان‪ ،‬والحج‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬فهذه كلها تواترت تواترا ً عمليا ً عن النبي ‪ ،‬عملها هو‪ ،‬وعمل معه الصحابة‪ ،‬ثم نقل ذلك المسلمون جيال ً‬
‫جيل‪ ،‬حتى يومنا هذا‪ ،‬وال يختلف في عمومه المسلمون شرقا ً وغرباً؛ وإن اختلفوا في بعض الفروع‬
‫ٍ‬ ‫عن‬
‫والجزئيات‪.‬‬
‫د‪-‬وجود األحاديث المتواترة‪:‬‬
‫‪ ‬يوجد عدد ٌ ال بأس به من األحاديث المتواترة‪،‬‬
‫علي متعمدا ً فليتب َّوأ مقعده من النار"‪.‬‬
‫َّ‬ ‫منها‪ :‬حديث‪" :‬من كذب‬ ‫‪‬‬
‫وحديث الشفاعة‪ ،‬وحديث رؤية هللا في اآلخرة‪ ،‬وحديث الحوض‪ ،‬وحديث المسح على الخفين‪ ،‬وحديث رفع‬ ‫‪‬‬
‫اليدين عند افتتاح الصالة‪،‬‬
‫‪ ‬وغير ذلك من األحاديث‪ ،‬ولكنها بالنسبة إلى عدد أحاديث اآلحاد قليلة جداً‪.‬‬
‫و‪ -‬أشهر المؤلفات في الحديث المتواتر‪:‬‬
‫الرجوع إليها لمن يريد‬
‫ُ‬ ‫كتب مستقلَّةٍ‪ ،‬ليسهل‬
‫ٍ‬ ‫تم العلماء بجمع األحاديث المتواترة‪ ،‬وتصنيفها في‬
‫‪ ‬لقد اه َّ‬
‫ذلك‪ ،‬فمن تلك المؤلفات‪:‬‬
‫‪ -1‬الفوائد المتكاثرة في األخبار المتواترة‪ :‬لإلمام السيوطي (ت‪911‬ه)‪ .‬رتبه على األبواب‪ ،‬ونقل فيه األحاديث‬
‫المتواترة بأسانيدها من المصادر األصلية‪ ،‬مع ذكر من أخرجها من أئمة الحديث في مصنفاتهم‪ ،‬مستوعبا ً‬
‫حديث رواه عشرة ٌ من الصحابة فصاعداً‪ ،‬كما ذكره في كتابه اآلتي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫َّ‬
‫‪ -2‬األزهار المتناثرة في األخبار المتواترة‪ :‬للسيوطي‪ .‬ج َّرد فيه كتابه السابق‪ ،‬جمع فيه مائة وثالثة عشـر‬
‫(‪113‬ه) حديثا ً متواتراً‪ ،‬وهو مطبوع‪ ،‬كما طبع الكتاب نفسه باسم "قطف األزهار المتناثرة"‪.‬‬
‫‪ -3‬نظم الآللي المتناثرة في األحاديث المتواترة‪ :‬للزَّ بِيدي‪ ،‬أبي الفيض محمد مرتضى المصري (ت‪1205‬ه)‬
‫وهو مطبوع‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -4‬نظم المتناثر من الحديث المتواتر‪ :‬للكتَّاني‪ ،‬الشريف محمد بن جعفر(ت‪1345‬ه)‪،‬‬
‫معنى‪ ،‬إال َّ أن البعض منها لم تتوافر فيها‬
‫ً‬ ‫جمع فيه ثالثمائة وعشرة (‪ )310‬أحاديث‪ ،‬مما هو متواتر لفظا ً أو‬ ‫‪‬‬
‫شروط المتواتر‪ ،‬وهو مطبوع‬

‫اآلحاد‬
‫أ‪ -‬تعريفـه‪:‬‬

‫جمع أحد بمعنى الواحد كما في لسان العرب‪.‬‬


‫ُ‬ ‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬اآلحاد‬

‫‪ ‬اصطالحاً‪ :‬خبر الواحد هو "ما لم تتوفر فيه شروط المتواتر"‪.‬‬

‫ي هذا الخبر ب "خبر الواحد" على الرغم من تعدد الرواة في بعض أقسامه‪ ،‬وذلك لتماثله ألخبار‬‫‪ ‬وإنما ُس ِّم َ‬
‫اآلحاد في إفادته الظن‪ ،‬ال اليقين‪.‬‬

‫ب‪ -‬أحكام اآلحاد‪:‬‬

‫‪ -1 ‬إنه يفيد غلبة الظن‪ ،‬خالفا ً للمتواتر فإنه يفيد اليقين كما تقدم‪.‬‬

‫‪ -2 ‬قد يكون صحيحاً‪ ،‬أو حسناً‪ ،‬أو ضعيفاً‪ ،‬أو موضوعاً‪ ،‬خالفا ً للمتواتر فإنه صحيح يقيناً‪.‬‬

‫‪ -3 ‬يجب العمل به إذا توفرت فيه شروط القبول‪ ،‬وال يجب االعتقاد بصحته‪ ،‬ومن ثَ َّم منكره ال يكون كافراً‪،‬‬
‫خالفا ً للمتواتر فإن منكره كافر‪.‬‬

‫‪ -‬وجود أحاديث اآلحاد‪:‬‬

‫‪ ‬معظم األحاديث النبوية مروية بطريق اآلحاد‪ ،‬فأحاديث اآلحاد تُ َم ِّثل نسبة ‪ %90‬من األحاديث‪ ،‬أو تزيد عنها‪،‬‬
‫في حين األحاديث المتواترة ال يتجاوز عددها خمسمائة حديث تقريباً‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫أ‪ -‬أقسام اآلحاد باعتبار عدد الرواة‬

‫الغريب‬

‫أ‪-‬التعريف‬

‫‪ ‬لغ ًة‪ :‬صفة من" ُ‬


‫الغربة والغرابة"‪ .‬وهو المنفرد في الجماعة بشيء ما‪ .‬والبعيد عن وطنه وأقاربه‪.‬‬

‫موضع وقع التف ُّرد به من السند‪ .‬وهذا يعني أن التفرد قد‬


‫ٍ‬ ‫‪ ‬واصطالحاً‪ :‬ما يتف َّرد بروايته شخص واحد‪ ،‬في أيِّ‬
‫ي ب "الغريب" لتف ُّر ٍد في سنده‪.‬‬
‫يكون في بعض حلقات السند‪ ،‬وقد يكون في جميعها‪ .‬وإنما ُس ِّم َ‬

‫ب‪ -‬أقسام الغريب‪:‬‬

‫‪ ‬وللغريب قسمان‪ :‬الغريب المطلق‪ ،‬والغريب النسبي‪ ،‬وتعريفهما ومسائلهما كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬الغريب المطلق‪ :‬ويقال له أيضا ً الفرد المطلق‪ ،‬وهو‪ :‬ما كان التفرد في أصل سنده‪ .‬وأصل السند هو طرفه‬
‫الذي فيه الصحابي؛ بأن يرويه صحابي واحد عن النبي ‪.‬‬

‫ي هذا الحديث "الغريب المطلق" ألن الحديث الذي ال يوجد له من الصحابة إال َّ را ٍو واحدٌ ال يوجد‬
‫وإنما ُس ِّم َ‬ ‫‪‬‬
‫له في الدنيا را ٍو آخر غيره في طبقته على اإلطالق‪ ،‬فهو من ثَ َّم يبقى غريبا ً فردا ً إلى األبد‪.‬‬

‫‪ ‬مثاله‪ :‬حديث‪" :‬إنما األعمال بالنيات‪ "...‬تف َّرد عمر بن الخطاب ‪ ‬بروايته عن النبي ‪.‬‬

‫ِّسبي‪ :‬ويقال له أيضا ً الفرد النسبي‪،‬‬


‫‪ - ‬الغريب الن ْ‬

‫حك َِم بتفرده بالنسة لجهة خاصة‪،‬‬


‫وهو ما ُ‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬وقد ن َ َّو َعه الحافظ ابن حجر إلى أربعة أنواع‪:‬‬

‫‪ ‬أ‪ -‬ما ُق ِّي َد برواية شخص عن شخص كقولهم‪ :‬تفرد بهذا الحديث فالن عن فالن‪ .‬مثل ما أخرجه البخاري‬
‫أتيت جابرا ً ‪ ،‬فقال‪ :‬إنَّا يو َم‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬حدثنا خال َّد بن يحيى‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عبد الواحد بن أيمن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫الخندق نحفر‪ ،‬فعرضت كُ ْديَةٌ شديدةٌ‪ ،‬فجاءوا النبي ‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذه كدية َع َر َض ْ‬
‫ت في الخندق؟ فقال ‪" :‬أنا‬
‫ل"‪ .‬الحديث‪.‬‬
‫ناز ٌ‬

‫‪ ‬فهذا الحديث تف َّرد بروايته عبد الواحد عن أبيه من حديث جابر بن عبد هللا‪ ،‬وقد روي عن غير جابر‪.‬‬

‫‪ ‬ب‪ -‬ما ُق ِّي َد ببل ٍد معين كقولهم‪ :‬تفرد بهذا الحديث أهل مكة‪ ،‬أو أهل المدينة‪ ،‬أو أهل الشام‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ ‬ج‪ -‬ما ُق ِّي َد برواية أهل بلد عن شخص‪.‬‬

‫سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪" :‬القضاة ثالثة‪ ،‬فاثنان في النار‪،‬‬


‫ُ‬ ‫‪ ‬مثاله ما رواه عبد هللا بن بُ َر يدة عن أبيه يقول‪:‬‬
‫وقاض قضى بغير الحق‪ ،‬وهو‬
‫ٍ‬ ‫فقاض قضى بغير الحق وهو يعلم‪ ،‬فهو في النار‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وواحد في الجنة‪ .‬فأما االثنان‬
‫فقاض قضى بالحق فهو في الجنة"‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ال يعلم‪ ،‬فهو في النار‪ ،‬وأما الواحد الذي هو في الجنة‬

‫فقد تفرد برواية هذا الحديث الخراسانيون‪ .‬قال الحاكم‪ :‬رواته آخرهم مراوزة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬د‪ -‬ما ُق ِّي َد برواية شخص عن أهل بلد‪ ،‬قال ابن حجر‪ :‬وهو عكس الذي قبله‪ ،‬وهو قليل جداً‪ ،‬وصورته أن‬
‫ينفرد شخص عن جماعة بحديث تفردوا به‪.‬‬

‫‪ ‬ه‪ -‬والنوع الخامس وهو‪ :‬ما ُق ِّي َد برواية أهل بلد عن أهل بلد أخرى‪ .‬مثل ما رواه الحاكم من حديث الحسين‬
‫بن داؤد بن معاذ البلخي‪ ،‬قال‪ :‬ثنا الفضل بن عياض‪ ،‬قال‪ :‬ثنا منصور‪ ،‬عن إبراهيم‪ ،‬عن علقمة‪ ،‬عن‬

‫‪ ‬عبد هللا بن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪" : ‬يقول هللا عز وجل للدنيا‪ :‬يا دنيا! اخدمي من خدمني‪،‬‬
‫وأتعبي يا دنيا! من خدمك"‪.‬‬

‫‪ ‬قال الحاكم‪ :‬هذا حديث من أفراد الخراسانيين عن المكيين؛ فإن الحسين بن داؤد بلخي‪ ،‬والفضيل بن‬
‫عياض عِ دادُه في المكيين‪.‬‬

‫‪ ‬فالغريب النسبي ليس تفردا ً مطلقا ً بأن ال يُ ْروى ذلك الحديث إال َّ من طريق واحد‪ ،‬بل هو تفرد مقيد بجهة‬
‫أو صفة خاصة كما تقدم‪.‬‬

‫ج‪ -‬حكم الغريب بنوعيه‪:‬‬

‫‪ ‬الحديث الغريب قد يكون صحيحاً‪ ،‬أو حسناً‪ ،‬أو ضعيفا ً وهو الغالب‪،‬‬

‫وقد يكون موضوعاً‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫د‪ -‬أشهر المؤلفات والمظان في الحديث الغريب‪:‬‬

‫‪ -1 ‬غرائب مالك‪ :‬لإلمام الدار قطني (يوجد له بعض األجزاء في المكتبة الظاهرية بدمشق)‪.‬‬

‫‪ -2 ‬األفراد والغرائب‪ :‬للدار قطني‪ ،‬طبع في خمسة أجزاء‪.‬‬

‫بكل سن ٍة منه أهل بلدة‪ :‬لإلمام أبي داود السجستاني‪.‬‬


‫ِ‬ ‫‪ -3 ‬السنن التي تف َّرد‬

‫‪ -4 ‬مسند البزار (من مظانه)‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -5 ‬المعجم األوسط للطبراني (من مظانه)‪.‬‬

‫‪ -2‬العزيز‬

‫أ‪ -‬تعريفـه‪:‬‬
‫من"عزَّ يَ َعزُّ‬
‫َ‬ ‫"عزَّ يَعِ زُّ عِ زّا ً وعِ َّزةً" بمعنى َق َّ‬
‫ل حتى كاد ال يوجد‪ .‬أوصفة مشبهة‬ ‫لغ ًة‪ :‬هو صفة مش َّبهة من َ‬ ‫•‬
‫ِث ‪‬أي َّقوينا وشدَّدنا‪.‬‬
‫ي‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ  :‬ف َعزَّ ْزنَا ب ِ َثال ٍ‬
‫عِ زّاً" بمعنى اشت َّد و َق ِو َ‬
‫واصطالحا ً‪ :‬هو ما ال يكون رواته أقل من اثنين في كل طبقة‪.‬‬ ‫•‬
‫وإنما ُس ِّمي هذا الحديث "عزيزاً" إما لقلة وجوده على المعنى األول‪ ،‬وإما لكونه قويا ً بمجيئه من طريق‬ ‫•‬
‫آخر على حسب المعنى الثاني‪.‬‬
‫ب‪ -‬مثالـه‪:‬‬
‫ما رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك ‪ ،‬والبخاري فقط من حديث أبي هريرة ‪ ‬أن‬ ‫•‬
‫أحب إليه من والده‪ ،‬وولده‪ ،‬والناس أجمعين"‪.‬‬
‫َّ‬ ‫رسول هللا ‪ ‬قال‪" :‬ال يؤمن أحدكم‪ ،‬حتى أ كون‬
‫فهذا الحديث رواه عن رسول هللا ‪ ‬اثنان‪ :‬أنس وأبو هريرة‪ .‬ورواه عن أنس اثنان‪ :‬قتادة وعبد العزيز‬ ‫•‬
‫بن صهيب‪ .‬ورواه عن قتادة‪ :‬شعبة وحسين المعلم‪ .‬ورواه عن عبد العزيز اثنان‪ :‬إسماعيل بن ُعلَ َّية‬
‫كل واح ٍد منهم جماعة‪.‬‬
‫وعبد الوارث بن سعيد‪ .‬ورواه عن ِّ‬

‫ج‪ -‬حكمـه‪:‬‬

‫‪ ‬قد يكون العزيز صحيحا‪ ،‬أو حسناً‪ ،‬أو ضعيفاً‪ ،‬أو موضوعاً‪ ،‬وال يلزم من كونه عزيزا ً أن يكون صحيحا ً ال محالة‪.‬‬

‫‪ ‬د‪ -‬المؤلفات فيه‪:‬‬

‫‪ ‬ال توجد فيه مؤلفات مستقلة فيما أعلم‪ ،‬وذلك ربما لقلة وجوده‪.‬‬

‫‪ -3 ‬المشهور‬

‫أ‪ -‬تعريفـه‪:‬‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬هو اسم مفعول من "الشهرة" أي معروف بين الناس‪ ،‬ودائر على ألسنتهم‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحا ً‪ :‬هو ما ال يكون رواتُه َّ‬


‫أقل من ثالثة في كل طبقة‪ ،‬ويمكن أن يكونوا أ كثر من ثالثة بشرط أن ال تبلغ‬
‫تلك الكثرة حد التواتر‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ي "مشهوراً" لشهرته بكونه رواه ثالثة على األقل في كل طبقة‪ ،‬والثالثة جماعة‪.‬‬
‫وس ِّم َ‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ب‪ -‬مثالـه‪:‬‬

‫‪ ‬حديث‪" :‬قنت رسول هللا ‪ ‬شهرا ً بعد الركوع‪ ،‬يدعو على رعل وذكوان"‪ .‬رواه عن النبي ‪ ‬ثالثة‪ ،‬وهم‪ :‬أنس‬
‫بن مالك‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وخفاف بن أيماء الغفاري رضوان هللا عليهم أجمعين‪.‬‬

‫ورواه عن أنس‪ :‬قتادة وأبو مجلز وإسحاق بن عبد هللا وعاصم وغيرهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ورواه عن قتادة‪ :‬سعيد بن أبي عروبة وشعبة ويزيد بن زريع وغيرهم‪ .‬وعن شعبة جماعة‪.‬‬

‫وكذلك رواه عن أبي مجلز‪ :‬سليمان التيمي وغيره‪ .‬ورواه عن سليمان جماعة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬وكذلك رواه عن إسحاق بن عبد هللا‪ :‬مالك وهمام وغيرهما‪ .‬ورواه عن مالك جماعة‪.‬‬

‫‪ ‬ج‪ -‬المشهور اللغوي‪:‬‬

‫‪ ‬وقد يُ ْطلَ ُق "المشهور" على المعنى اللغوي ‪ ،‬وهو‪" :‬ما اشتهر على ألسنة الناس‪ ،‬من غير توفر شروط‬
‫المشهور االصطالحي فيه"‪،‬‬

‫فيشمل هذا المشهور اللغوي الصور اآلتية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ما له إسناد واحد‪ ،‬مثل حديث‪" :‬إنما األعمال بالنيات‪."...‬‬

‫‪ ‬ما له إسنادان فأكثر‪ ،‬مثل حديث الحب والقنوت اللذين ذكرنهما في العزيز والمشهور‪.‬‬

‫ما ال يوجد له إسناد أصالً‪ ،‬مثل حديث‪" :‬نحركم يوم صومكم"‪ .‬ال أصل له كما قال الحافظ ابن حجر واألمير‬ ‫‪‬‬
‫الصنعاني‪.‬‬

‫‪ ‬د‪ -‬حكم المشهور االصطالحي واللغوي‪:‬‬

‫سناً‪ ،‬أو ضعيفاً‪ ،‬أو موضوعاً‪ ،‬وال يلزم من شهرتهما أن يكونا صحيحين ال‬ ‫‪ ‬قد يكون كل منهما صحيحاً‪ ،‬أو َ‬
‫ح َ‬
‫محالة‪.‬‬

‫ولكن إن صح المشهور االصطالحي ف ُي َرجَّح على العزيز والغريب عند التعارض‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ه‪ -‬أهم المؤلفات في المشهور اللغوي‪:‬‬

‫‪ ‬ال توجد في المشهور االصطالحي مؤلفات‪ ،‬وإنما توجد في المشهور اللغوي فقط‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -1 ‬المقاصد الحسنة في بيان كثير من األحاديث المشتهرة على األلسنة‪َّ :‬‬
‫للسخاوي محمد بن عبد الرحمن‬
‫(ت‪ )902‬وهو مطبوع‪ .‬جمع فيه ألفا ً وثالثمائة وستة وخمسين (‪ )1356‬حديثاً‪.‬‬

‫جلوني إسماعيل بن محمد‬


‫للع ْ‬
‫ومزيل اإللباس عما اشتهر من األحاديث على ألسنة الناس‪َ :‬‬
‫‪ -2 ‬كشف الخفاء ُ‬
‫بن عبد الهادي الدمشقي (ت‪ ،)1162‬مطبوع‪ ،‬لخص فيه ما كتبه في األحاديث المشتهرة كل من‪ :‬ابن حجر‬
‫والسخاوي وابن الديبع والسيوطي‪ ،‬وزاد عليهم زيادات‪ ،‬وهو أجمع كتاب في هذا الباب‪ ،‬يشتمل على ثالثة‬
‫آالف ومائتين واثنين وثمانين(‪ )3282‬حديثاً‪.‬‬

‫‪-4 ‬المستفيض‪:‬‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬هو اسم فاعل من "استفاض الخبر" إذا انتشر‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحاً‪ :‬فيه خالف بين العلماء على ثالثة أقوال‪:‬‬

‫‪ -1‬إنه ُمراد ٌ‬
‫ِف للمشهور االصطالحي‪.‬‬

‫‪ -2‬إنه أخص من "المشهور" بأن يكون عدد الرواة ثالثة في "المستفيض" من أول السند إلى آخره‪ ،‬بينما لم‬
‫يشترط صاحب هذا القول في "المشهور" ذلك العدد في طبقة الصحابي‪ ،‬وإنما بعدها‪ ،‬فعلى هذا‪ُّ :‬‬
‫كل‬
‫مستفيض مشهورٌ‪ ،‬وليس العكس‪.‬‬
‫ٍ‬

‫‪ -3‬إنه أعم من "المشهور" أي عكس القول الثاني‪ ،‬فعليه‪ :‬كل مشهور مستفيض‪ ،‬وليس العكس‪.‬‬

‫ب‪ -‬أقسام اآلحاد باعتبار القائل‬

‫اآلحاد باعتبار القائل على أربعة أقسام‪:‬‬

‫‪ 1‬القدسي‪،‬‬

‫‪ 2‬والمرفوع‪،‬‬

‫‪ 3‬والموقوف‪،‬‬

‫‪ 4‬والمقطوع‬

‫‪ -1‬الحديث القدسي‬

‫‪29‬‬
‫أ‪ -‬تعريفـه‪:‬‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬القدسي نسبةٌ إلى ُ‬


‫"القدُس"‪ ،‬وهو الطهر والنَّزاهة‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحاً‪ :‬ما أضاف فيه رسول هللا ‪ ‬قوال ً إلى هللا عز وجل بقوله صراح ًة‪" :‬قال هللا" ‪ ،‬أو "يقول هللا"‪ ،‬أو‬
‫ث في ُروعي"‪ ،‬أو قال الصحابي‪ " :‬عن رسول هللا ‪ ‬فيما يرويه عن ربه" أو ما شابه ذلك‬
‫"إن روح القدس ن َ َف َ‬
‫من األلفاظ‪.‬‬

‫‪ ‬وقال ُمال َّ علي القاري‪" :‬الحديث القدسي ما يرويه صدر الرواة وبدر الثقات ‪ -‬عليه أفضل الصلوات وأ كمل‬
‫التحيات ‪ -‬عن هللا تبارك وتعالى‪ ،‬تارةً بواسطة جبريل عليه السالم‪ ،‬وتارةً بالوحي واإللهام والمنام‪ُ ،‬م َف َّوضا ً‬
‫إليه التعبي ُر بأي عبارة شاء من أنواع الكالم"‪.‬‬

‫ي مثل هذا الحديث "قدسياً" نسب ًة إلى ذات هللا ا ْل ُم َقدَّسة وا ْل ُم َنزَّهة عن كل نقص‪ ،‬وعن كل ما ال يليق‬
‫‪ُ ‬س ِّم َ‬
‫بشأنه‪.‬‬

‫العلية عن النقائص‪،‬‬
‫ي به ألن األحاديث القدسية تدور معانيها حول تقديس هللا‪ ،‬وتنْزيه ذاته َ‬
‫‪ ‬وقيل‪ُ :‬س ِّم َ‬
‫ي باإللهي نسب ًة إلى اإلله‪ .‬وبالرباني نسب ًة إلى الرب‪.‬‬
‫وس ِّم َ‬
‫وعما ال يليق بشأنه سبحانه‪ُ .‬‬

‫ب‪ -‬حكمـه‪:‬‬

‫‪ ‬قد يكون صحيحاً‪ ،‬أو حسناً‪ ،‬أو ضعيفاً‪ ،‬أو موضوعاً‪،‬‬

‫‪ ‬وال يعني كونه قدسيا ً أن يكون صحيحا ً بالضرورة‬

‫ج‪ -‬مثالـه‪:‬‬

‫‪ ‬هذا النوع من الحديث قليل جدا ً بالنسبة إلى األحاديث النبوية‪ ،‬وإليكم بعض األمثله له‪:‬‬

‫أعددت لعبادي الصالحين [أي في الجنة] ما ال عي ٌ‬


‫ن‬ ‫ُ‬ ‫‪  ‬ما رواه أبو هريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪" :‬قال هللا‪:‬‬
‫ن سمعت‪ ،‬وال خطر على قلب بشر"‪.‬‬
‫رأت‪ ،‬وال أذ ٌ‬

‫‪  ‬وما رواه أبو هريرة ‪ ‬أيضا ً قال‪ :‬قال رسول هللا ‪" : ‬يقول هللا عز وجل‪ :‬أنا عند ظن عبدي بي‪ ،‬وأنا‬
‫معه حين يذكرني‪ ،‬إن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي‪ ،‬وإن ذكرني في مألٍ ذكرته في مألٍ هم خير ٌ منهم‪ ،‬وإن‬
‫تقربت إليه باعاً‪ ،‬وإن أتاني يمشي أتيتُه هرولة"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إلي ذراعا ً‬
‫ب َّ‬‫ت إليه ذِراعاً‪ ،‬وإن تقرَّ َ‬
‫إلي ِش ْبرا ً تق َّر ْب ُ‬
‫ب َّ‬‫تقرَّ َ‬

‫‪  ‬وما رواه عبد هللا بن مسعود ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪" :‬إن روح القدس ن َ َف َ‬
‫ث في ُر ْوعي أنه لن تموت‬
‫جمِ لوا في الطلب"‪.‬‬ ‫ن َ ْف ٌ‬
‫س حتى تستكمل رزقها‪ ،‬فاتقوا هللا‪ ،‬وأ ْ‬

‫‪30‬‬
‫الظلم‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫‪  ‬وما رواه أبو ذر ‪ ‬عن النبي ‪ ‬فيما روى عن هللا تبارك وتعالى أنه قال‪" :‬يا عبادي! إني َ‬
‫حرَّ ْم ُ‬
‫على نفسي‪ ،‬وجعلتُه بينكم حراماً‪ ،‬فال تَظالموا‪."...‬‬

‫د‪ -‬الحديث القدسي كالم هللا بالمعنى‪ ،‬ال باللفظ‪:‬‬

‫‪ ‬الرأي الذي استق َّر عليه العلماء هو أن الحديث القدسي معناه من هللا تعالى‪ ،‬ولفظه من الرسول عليه‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬

‫حدِّي‪ .‬وبه يفترق القدسي عن القرآن الكريم عند‬


‫‪ ‬وقيل‪ :‬إنه كالم هللا بلفظه ومعناه‪ ،‬ولكن لم ُير ِ ِد هللاُ به ال َّت َ‬
‫صاحب هذا القول‪.‬‬

‫ه‪ -‬حكمة إنزال الحديث القدسي بالمعنى‪:‬‬

‫‪ ‬الحكمة في ذلك أن هللا عز وجل إنما أنزله بالمعنى‪ ،‬ال باللفظ‪ ،‬لمجرد العلم والعمل‪ ،‬ال للتحدي‪ ،‬وال للتعبد‬
‫بتالوته‪ ،‬خالفا ً لما قصده في القرآن الكريم‪ ،‬حيث إنه أُنْز ِ َل للعلم والعمل والتحدي والتعبد بتالوته معاً‪.‬‬

‫و‪ -‬الفروق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم‪:‬‬

‫‪ -1 ‬نزل القرآن الكريم كله بواسطة جبريل‪ ،‬ونزل الحديث القدسي بواسطة جبريل‪ ،‬واإللهام‪ ،‬والمنام‪.‬‬

‫‪ -2 ‬القرآن الكريم معجزة باقية إلى األبد‪ ،‬والحديث القدسي ليس كذلك‪.‬‬

‫ومعنى‪ ،‬ومحفوظ من التغيير والتبديل‪ ،‬خالفا ً للحديث القدسي‪.‬‬


‫ً‬ ‫‪ -3 ‬القرآن الكريم متواتر لفظا ً‬

‫ن قراءة القرآن الكريم في الصالة‪ ،‬وال تصح صالة من قرأ الحديث القدسي فيها‪.‬‬
‫‪ -4 ‬تع ُّي ُ‬

‫حدِث‪ ،‬وحرم ُة تالوته لل ُ‬


‫جنُب والحائض والن َُّفساء‪ ،‬خالفا ً للقدسي‪.‬‬ ‫ح ْرم ُة َم ِّس القرآن الكريم ل ْل ُم ْ‬
‫‪ُ -5 ‬‬

‫حرف منه عشر حسنات كما قال النبي ‪" :‬من قرأ حرفا ً من كتاب هللا‬
‫ٍ‬ ‫‪ -6 ‬التعبد بقراءة القرآن على كل‬
‫تعالى فله حسنةٌ‪ ،‬والحسنة بعشر أمثالها‪ ،‬ال أقول‪ :‬الم حرف‪ ،‬ولكن ألف حرف‪ ،‬والم حرف‪ ،‬وميم حرف"‪،‬‬
‫وليس األمر كذلك في الحديث القدسي‪.‬‬

‫‪ -7 ‬حرمة رواية القرآن بالمعنى‪ ،‬وجواز رواية الحديث القدسي به‪.‬‬

‫ح‪ -‬المؤلفات في الحديث القدسي‪:‬‬

‫‪ -1 ‬األحاديث القدسية‪ :‬لإلمام النووي (ت‪676‬ه)‪ ،‬جمع فيه خمس ًة وتسعين حديثاً‪ ،‬وهو مطبوع‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -2 ‬المقاصد الحسنة في األحاديث اإللهية‪ :‬لألمير عالء الدين أبي الحسن علي بن بُلبان الفارسي (ت‪739‬ه)‪،‬‬
‫وهو مطبوع‪.‬‬

‫لمال َّ علي القاري‪ ،‬أبي الحسن نور الدين علي بن سلطان محمد (توفي بمكة سنة‬
‫‪ -3 ‬األربعون القدسية‪ُ :‬‬
‫ِن بقبرة المعالة بمكة‪ .‬وهو مطبوع مع "معجم األحاديث القدسية"‪.‬‬
‫‪1014‬ه)‪ ،‬و ُدف َ‬

‫الس ِن َّية باألحاديث القدسية‪ :‬للشيخ عبد الرؤوف المناوي (ت‪1031‬ه)‪ ،‬جمع فيه مائتين‬
‫‪ -4 ‬اإلتحافات َّ‬
‫واثنين وسبعين (‪ )272‬حديثا ً بدون أسانيدها‪ ،‬وعزاها إلى مصادرها األصلية‪ ،‬ورتَّبها على حروف المعجم‪،‬‬
‫وهو مطبوع‪.‬‬

‫الس ِن َّية باألحاديث القدسية‪ :‬للشيخ عبد الرؤوف المناوي (ت‪1031‬ه)‪ ،‬جمع فيه مائتين‬
‫‪ -4 ‬اإلتحافات َّ‬
‫واثنين وسبعين (‪ )272‬حديثا ً بدون أسانيدها‪ ،‬وعزاها إلى مصادرها األصلية‪ ،‬ورتَّبها على حروف المعجم‪،‬‬
‫وهو مطبوع‪.‬‬

‫الس ِن َّية في األحاديث القدسية‪ :‬للشيخ محمد المدني بن محمود صالح الطربزوني (ت‪1200‬ه)‪،‬‬
‫‪ -5 ‬اإلتحافات َّ‬
‫وقسمها‬
‫َّ‬ ‫جمع فيه الشيخ ثمانمائة وثالثة وستين (‪ )863‬حديثا ً بدون السند‪ ،‬وعزاها إلى مصادرها األصلية‪،‬‬
‫في ثالثة أبواب‪ :‬الباب األول في األحاديث المبدوءة بلفظ "قال هللا"‪ .‬والباب الثاني في األحاديث المبدوءة بلفظ‬
‫"يقول هللا"‪ .‬والباب الثالث في األحاديث المبدوءة بألفاظ أخرى‪ ،‬وأحاديث هذا الباب رتبها على حروف‬
‫المعجم‪ ،‬وهو مطبوع‪.‬‬

‫حديث بأسانيدها من الكتب‬


‫ٍ‬ ‫‪ -6 ‬األحاديث القدسية‪ :‬لمجموعة من علماء األزهر‪ ،‬جمعوا فيه أربعمائة (‪)400‬‬
‫الستة وموطأ اإلمام مالك‬

‫‪ -7 ‬الصحيح المسند من األحاديث القدسية‪ :‬لألستاذ أبي عبد هللا مصطفى بن العدوي شلباية‪ ،‬جمع فيه‬
‫مائة وخمسة وثمانين(‪ )185‬حديثا ً بأسانيدها من كتب الحديث األصلية‪.‬مطبوع‪.‬‬

‫‪ -8 ‬األحاديث القدسية‪ :‬لألستاذ جمال محمد علي الشقيري‪ ،‬جمع فيه ثالثمائة وخمسة وثمانين (‪)385‬‬
‫حديثا ً من موطأ مالك والكتب الستة‪ ،‬وهو كتاب معاصر مطبوع‪.‬‬

‫‪ -2 ‬المرفوع‬

‫‪ ‬تعريفـه‪:‬‬

‫وصلتُه بسنده إليه‪.‬‬


‫رفعت الكالم إلى قائله أي َّ‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬لغ ًة‪ :‬هو اسم مفعول من "الرفع" وهو ضد الوضع‪ .‬ويقال‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫فعل أو تقرير ٍ أو صفةٍ‪ ،‬متصال ً كان أو منقطعاً‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫قول أو‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬واصطالحاً‪ :‬هو ما ُرف َِع (أي أضيف) إلى النبي ‪ ‬من‬
‫فيدخل في المرفوع‪ :‬الموصول والمرسل‪ ،‬والمتصل والمنقطع‪.‬‬

‫‪ ‬ب‪ -‬مثالـه‪:‬‬

‫‪ ‬قول الصحابي‪ :‬قال‪ ،‬أو فعل‪ ،‬أو كان رسول هللا ‪ ‬كذا‪ .‬ومنه قول المحدثين – مثال ً ‪" :-‬عن أبي هريرة‬
‫مرفوعاً"‪.‬‬

‫‪ ‬ج‪ -‬حكمـه‪:‬‬

‫قد يكون صحيحاً‪ ،‬أو حسناً‪ ،‬أو ضعيفاً‪ ،‬أو موضوعاً‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -3 ‬الموقوف‬

‫أ‪ -‬تعريفـه‪:‬‬

‫‪ ‬لغ ًة‪ :‬اسم مفعول من "ال َو ْقف" وهو السكون‪ .‬يقال‪ :‬وقفت الدابَّة إذا أمسكت عن السير‪.‬‬

‫فعل أو تقرير ٍ أو صفة‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫قول أو‬
‫ٍ‬ ‫يف إلى الصحابي من‬ ‫‪ ‬واصطالحاً‪ :‬هو ما أ ُ ِ‬
‫ض َ‬

‫ي بالموقوف ألن الراوي وقف عند الصحابي‪ ،‬ولم يُ َعدِّه إلى النبي ‪ .‬ويقال له "األثر" كما صرَّح به ابن‬
‫وس ِّم َ‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫حجر‪.‬‬

‫ب‪ -‬مثالـه‪:‬‬

‫الناس بما يعرفون‪ ،‬أتريدون أن ُيكَ َّذ َ‬


‫ب هللاُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬قول الصحابي‪ :‬مثل ما قال علي بن أبي طالب ‪َ " :‬‬
‫حدِّثوا‬
‫تيم َم‬ ‫ورسو ُله؟"‪ .‬وفعل الصحابي مثل ما روى سعيد بن ُ‬
‫ج َبير قال‪" :‬إن ابن عباس أصاب من جاريته‪ ،‬وأنه َّ‬
‫متيم ٌم"‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫فصلى بهم وهو‬

‫علي"‪ .‬وصفة أحد الصحابة‬


‫َّ‬ ‫"فعلت كذا أمام الصحابي الفالن‪ ،‬ولم يُنكِر‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬وتقرير الصحابي مثل أن يقول تابعي‪:‬‬
‫مثل أن يقول صحابي أو تابعي‪" :‬كان عمر طويالً‪ ،‬وعثمان حليماً"‪.‬‬

‫ج‪ -‬الموقوف لفظا ً والمرفوع حكماً‪:‬‬

‫‪ ‬هناك عدة صور للموقوف على الصحابة لها حكم المرفوع‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يقول الصحابي‪ -‬الذي لم يُ ْع َرف باألخذ عن اإلسرائيليات‪ -‬قوال ً مما ال مجال للرأي واالجتهاد فيه‪ ،‬وال‬
‫له عالقة ببيان لغة‪ ،‬أو شرح غريب‪،‬‬

‫‪33‬‬
‫مثل‪ :‬إخباره عن األمور الماضية كبدء الخلق‪ ،‬أو قصص األمم الماضية‪ ،‬أو أحوال األمم الغابرة‪ ،‬أو إخباره عن‬ ‫‪‬‬
‫األمور الغيبية وأحوال اآلخرة‪ ،‬أو عما سيحصل في المستقبل كالمالحم والفتن‪ ،‬أو إخباره عما يحصل بفعله‬
‫كل هذا من قبيل‬
‫ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص‪ ،‬أو المواقيت‪ ،‬أو المقادير الشرعية‪ ،‬أو الحدود‪ُّ .‬‬
‫المرفوع مطلقاً‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يفعل الصحابي فعال ً مما ال مجال لالجتهاد فيه‪ ،‬مثل‪ :‬صالة علي بن أبي طالب ‪ ‬صالة الكسوف‪ ،‬في‬
‫كل ركع ٍة أ كثر من ركوعين‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يقول الصحابي‪" :‬كنا نقول كذا"‪ ،‬أو "كنا نفعل كذا"‪ ،‬أو "كنا ال نرى بأسا ً بكذا"‪ .‬فإن أضافه إلى زمن‬
‫النبي ‪ ‬فالصحيح أنه مرفوع‪ ،‬كقول جابر بن عبد هللا ‪" :‬كنا ن َ ْعز ِ ُل على عهد رسول هللا"‪ ،‬خالفا ً ألبي بكر‬
‫اإلسماعيلي فإنه قال بأنه موقوف‪.‬‬

‫ض ْفه إلى زمنه ‪ ،‬كقول جابر ‪" :‬كنا إذا َصعِ دْنا كَ َّب ْرنا‪ ،‬وإذا نزلنا َس َّب ْ‬
‫حنا"‪ ،‬وكقول عائشة رضي‬ ‫‪ -4‬وإن لم يُ ِ‬
‫هللا عنها‪" :‬كانت الي ُد ال تُ ْق َطع في الشيء التافه"‪.‬‬

‫فهو مرفوع عند الجمهور منهم الحاكم والنووي والعراقي وابن حجر والسيوطي وغيرهم‪ ،‬وذهب آخرون‬ ‫‪‬‬
‫كابن الصالح ومن قبله الخطيب البغدادي إلى أنه موقوف‪ ،‬وال ُي َع ُّد مرفوعاً‪.‬‬

‫‪ -5‬أن يقول الصحابي‪" :‬أُمِ ْرنا بكذا"‪ ،‬أو "نُ ِهينا عن كذا"‪ ،‬أو "من السنة كذا"‪،‬‬

‫األذان‪ ،‬ويوتِ َر اإلقام َة"‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪ ‬مثل‪ :‬قول بعض الصحابة‪" :‬أُمِ َر بال ٌ‬
‫ل أن َي ْش َفع‬

‫‪ ‬وكقول أم عطية رضي هللا عنها‪" :‬نُ ِهينا عن اتباع الجنائز‪ ،‬ولم يُ ْع َز ْم علينا"‪.‬‬

‫ك َر على ال َّث ِّيب أقام عندها سبعاً"‪ .‬هذا وما جانسه مرفوع على‬
‫‪ ‬وكقول أنس ‪" :‬من السنة إذا تزوج ال ِب ْ‬
‫الصحيح المعتمد؛ ألن اآلمر والناهي في مثل هذه األحوال هو النبي ‪،‬‬

‫‪ ‬وكذلك المراد من "من السنة" سنة النبي ‪ ،‬وال فرق في كل ذلك بين قول الصحابي ذلك في حياة النبي‬
‫‪ ‬أو بعده‪.‬‬

‫‪ -6‬أن يروي الصحابي في "أسباب ال ُّنزُول"‪ ،‬كقول جابر‪":‬كانت اليهود تقول‪ :‬من أتى امرأت َه من ُدبُرها في ُق ُبلها‬
‫ح ْرثَك ُْم أَنَّى ِش ْئت ُْم‪.‬‬
‫ث لَّك ُْم َفأْتُوا َ‬ ‫جاء الولد أحول‪ ،‬فأنزل هللا تعالى‪ :‬ن َِسا ُؤك ُْم َ‬
‫ح ْر ٌ‬

‫حديث عند ذكر الصحابي‪" :‬يرفعه"‪ ،‬أو "ينميه"‪ ،‬أو "يبلغ به"‪ ،‬أو "رواي ًة"‪ ،‬أو كلم ًة‬
‫ٍ‬ ‫‪ -7‬أن يقول الراوي في‬
‫نحوها‪ ،‬كل ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول هللا ‪ ،‬وحكم ذلك عند أهل العلم حكم‬
‫المرفوع صريحاً‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ج َبير عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪" :‬الشفاء‬
‫‪ ‬كالحديث الذي أخرجه البخاري بسنده عن سعيد بن ُ‬
‫الكي"‪ ،‬رفع الحديث"‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫حجمٍ ‪ ،‬وكَ َّية نارٍ‪ ،‬وأنهى أمتي عن‬ ‫عسل‪َ ،‬‬
‫وش ْرطة م ْ‬ ‫ٍ‬ ‫في ثالث‪َ :‬ش ْر بة‬

‫‪ ‬وكالحديث الذي رواه البخاري أيضا ً بسنده "عن أبي الزَّناد‪ ،‬عن األعرج‪ ،‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه رواي ًة‪ :‬ال‬
‫الم َط َّرقة"‪.‬‬
‫ن ُ‬ ‫جا ُّ‬ ‫صغا َر األعين‪ُ ،‬ذ ْلف األُنوف‪ ،‬كأ َّ‬
‫ن وجو َههم ا ْل َم َ‬ ‫تقوم الساعة حتى تُقاتِلوا قوما ً ِ‬

‫د‪ -‬حكمه‪:‬‬

‫‪ ‬هو مثل المرفوع قد يكون صحيحاً‪ ،‬أو حسناً‪ ،‬أو ضعيفاً‪ ،‬أو موضوعاً‪.‬‬

‫ه‪ -‬حكم االحتجاج بالموقوف الثابت الذي ليس له حكم المرفوع‪:‬‬

‫َج به؛ ألنه قول أو فعل الصحابي‪ ،‬لكنه‬ ‫‪ ‬األصل في "الموقوف الثابت الذي ليس له حكم المرفوع" أن ال ُي ْ‬
‫حت َّ‬
‫يُ َق ِّوي َ‬
‫بعض األحاديث الضعيفة؛ ألن حال الصحابة كان هو العمل بالسنة‪ .‬وهو حجة عند طائفة‪.‬‬

‫‪ - ‬المؤلفات فيه ومظانه‪:‬‬

‫‪ -1 ‬الوقوف على الموقوف ألبي حفص بن بدر الموصلي (ت ‪623‬ه)‪ ،‬مطبوع‪.‬‬

‫‪ -2 ‬إجمال اإلصابة في أقوال الصحابة‪ :‬للعالئي (ت‪761‬ه)‪ ،‬مطبوع‪.‬‬

‫‪ -3 ‬ما أنا عليه وأصحابي لألستاذ أحمد سالم‪ .‬كتاب معاصر مطبوع‪.‬‬

‫‪ -4 ‬موطأ مالك (ت‪179‬ه)‪ ،‬ومصنف عبد الرزاق (ت‪211‬ه)‪ ،‬وتفسيره‪ ،‬وسنن سعيد بن منصور(ت‪227‬ه)‪،‬‬
‫ومصنف ابن أبي شيبة (ت‪235‬ه)‪ ،‬وسنن الدارمي (ت‪255‬ه)‪ ،‬ومؤلفات ابن أبي الدنيا (ت‪281‬ه) مثل‬
‫اإلخوان‪ ،‬واصطناع المعروف‪ ،‬والتهجد‪ ،‬والتوكل‪ ،‬والشكر‪ ،‬والحلم‪ ،‬والصمت‪ ،‬وذم الدنيا‪ ،‬والصبر‪ ،‬والعظمة‪،‬‬
‫والمرض والكفارات‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وتفسير الطبري (ت‪310‬ه)‪ ،‬وتفسير ابن أبي حاتم (ت‪327‬ه)‪ ،‬والحلية ألبي‬
‫نعيم (ت‪430‬ه)‪ ،‬والدر المنثور للسيوطي (ت‪911‬ه)‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬

‫‪ -4 ‬المقطوع‬

‫أ‪ -‬تعريفـه‪:‬‬

‫‪ ‬لغـ ًة‪ :‬هو اسم مفعول من "القطع" ضد الوصل‪ ،‬وهو اإلبانة والفصل‪.‬‬

‫‪ ‬واصطالحا ً‪ :‬هو ما أ ُ ِ‬
‫ض َ‬
‫يف إلى التابعي أو َم ْن دونَه من أتباع التابعين فمن بعدهم‪ ،‬من قول أو فعل أو تقرير‬
‫أو صفة‪ .‬ويقال للمقطوع أيضا ً "أثر"كما يقال للموقوف كما تقدم‪.‬‬

‫ب‪ -‬مثالـه‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫ل وعليه بدعتُه"‪ .‬وقول إبراهيم بن محمد بن المنتشر‪ " :‬كان‬ ‫‪ ‬قول الحسن البصري في إمامة المبتدع‪َ :‬‬
‫"ص ِّ‬
‫الس ْت َر بينه وبين أهله‪ ،‬و ُي ْق ِبل على صالته‪ ،‬و ُيخَلِّيهم ودنياهم"‪.‬‬
‫مسروق ُي ْرخي ِّ‬

‫ج‪ -‬حكمـه‪:‬‬

‫‪ ‬حكمه مثل الموقوف قد يكون صحيحاً‪ ،‬أو حسناً‪ ،‬أو ضعيفاً‪ ،‬أو موضوعاً‪.‬‬

‫د‪ -‬حكم االحتجاج به إذا صح أو حسن‪:‬‬

‫فعل واحد من المسلمين‪ ،‬لكن إن كانت هناك قرينةٌ‬


‫ُ‬ ‫َج به في شيء من األحكام الشرعية؛ ألنه قول أو‬
‫حت ُّ‬
‫‪ ‬ال ُي ْ‬
‫تَد ُّ‬
‫ُل على رفعه ف ُي ْع َت َبر‪ ،‬وعندئذ يكون له حكم المرفوع المرسل‪ ،‬كما عرفنا‪.‬‬

‫ه‪ -‬مظانه أي الكتب التي ُي َظ ُّ‬


‫ن وجودُه فيها‪:‬‬

‫‪ ‬بعض الكتب التي ذكرتُها في الموقوف‪ ،‬ال سيما مؤلفات ابن أبي الدنيا‪ ،‬وحلية أبي نعيم‪ ،‬وكتب التفسير‬
‫خاصة تفسير ابن جرير الطبري‪ ،‬وتفسير ابن أبي حاتم‪ ،‬والدر المنثور للسيوطي‪.‬‬

‫‪36‬‬
37

You might also like