Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 24

‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫العقيدة اإلسالمية‬
‫املستوى األول‪ -‬للمعاهد واملدارس الشرعية‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫ب‬ ‫َ‬
‫جم َعه‪ :‬عثمان النا لسي‬

‫‪1‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫النُُّبُوّات‬
‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫=القسم األول=‬
‫[ ّ‬
‫النبوة ّ‬
‫العامة]‬
‫تعر يف النبي والرسول‪:‬‬

‫جاء القرآن الكريم بكلمة النبي وكلمة الرسول م ًعا‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﱠاحلج ‪٥٢:‬‬

‫النبي والرسول عىل النحو اآليت‪:‬‬


‫ولذا ّفرق كثري من العلامء بني ّ‬
‫الرسول‪ :‬إنسان أوحي إليه و ُب ِعث برشع مستقل‪.‬‬

‫النبي‪ :‬إنسان أوحي إليه و ُب ِعث بتقرير رشيعة من قبله‪.‬‬

‫حُكْم وحكمة بعثة الأنبياء‪:‬‬

‫جيوز يف حق اهلل تعاىل إرسال األنبياء‪ ،‬وإرساهلم تف ُّضل من اهلل وإحسان‪ ،‬وليس بواجب عليه‪ ،‬وهي اصطفاء من اهلل‬

‫تعاىل ملن شاء من عباده‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱠ‬

‫احلج ‪٧٥:‬‬

‫واخللق حمتاجون إىل الرسل‪ ،‬إذ العقل ال يكفي يف اهلداية‪ ،‬وهو إن كفى يف أمور العيش جدالً‪ ،‬فال يكفي يف دقائق‬

‫الرشع والسمعيات التي ال تُتل َّقى إال من الرسل‪.‬‬

‫عدد الأنبياء والر ّسل‪:‬‬

‫نذيرا‪ ،‬يدعوهم إىل توحيد اهلل تعاىل‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱨ ﱩ‬ ‫جيب اإليامن بأن اهلل تعاىل أرسل يف ّ‬
‫كل أمة ً‬

‫ﱪ ﱫ ﱬﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱠ فاطر‪ ،٢٤ :‬وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ‬

‫ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱠ النحل‪ ،٣٦ :‬وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ‬

‫ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ‬
‫ﱠ القصص‪.٥٩ :‬‬ ‫ﳐ ﳑ‬
‫ويستثنى من هذا العموم أهل الفرتة الذين بني سيدنا عيسى وسيدنا حممد ‪ ،‬لقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ‬

‫ﱠ يس‪٦ :‬‬ ‫ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ‬

‫‪3‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫تصح األحاديث الدا ّلة عليه‪ ،‬وقد يؤ ّدي حرصهم بعدد إىل أن يدخل فيهم ما ليس‬
‫وأ ّما عدد األنبياء التفصييل فلم ّ‬

‫منهم‪ ،‬أو خيرج من هو منهم‪.‬‬

‫وجوب الإيمان بجميع الأنبياء‬

‫جيب اإليامن بجميع األنبياء الذين أرسلهم اهلل تعاىل إىل البرشية‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚ‬

‫ﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭ‬

‫ﱮﱯﱰﱱﱠالبقرة ‪١٣:‬‬

‫وفرق بني األنبياء بأن آمن ببعض وكفر ببعض‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱡ‬
‫واتفق العلامء عىل ُك ْفر من ك َّذب نب ًيا معلوم الن ّبوة‪ّ ،‬‬

‫ﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲ‬

‫ﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆ‬

‫ﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﱠالنساء ‪١٥٢ - ١٥٠:‬‬

‫الأنبياء الذين يجب الإيمان بهم تفصيلًا‬


‫جيب اإليامن بخمسة وعرشين نب ًيا بأعياهنم‪ ،‬لورود ذكرهم يف القرآن الكريم‪ ،‬وهم‪:‬‬

‫آدم‪ ،‬إدريس‪ ،‬نوح‪ ،‬هود‪ ،‬صالح‪ ،‬لوط‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬إسامعيل‪ ،‬إسحاق‪ ،‬يعقوب‪ ،‬يوسف‪ ،‬شعيب‪ ،‬موسى‪ ،‬هارون‪ ،‬داود‪،‬‬

‫سليامن‪ ،‬أيوب‪ ،‬ذو الكفل‪ ،‬يونس‪ ،‬الياس‪ ،‬اليسع‪ ،‬زكريا‪ ،‬حييى‪ ،‬عيسى‪ ،‬حممد‪ ،‬صلوات اهلل عليهم أمجعني‪.‬‬

‫ذكر منهم يف سورة األنعام ثامنية عرش‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘ‬

‫ﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮ‬

‫ﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾ‬

‫ﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﱠاألنعام ‪٨٦ - ٨٣:‬‬

‫وأما الباقي فهم سيدنا آدم ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱼﱽﱾﱿﱠآل عمران ‪٣٣:‬‬

‫وسيدنا هود ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﱠالشعراء ‪١٢٥ - ١٢٤:‬‬

‫وسيدنا صالح ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱠالشعراء ‪١٤٣ – ١٤٢:‬‬

‫‪4‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫وسيدنا شعيب ‪ ، ‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﱠالشعراء ‪١٧٨ – ١٧٧:‬‬

‫وسيدنا إدريس ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱠمريم ‪٥٦:‬‬

‫وسيدنا ذو الكفل ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱠص ‪٤٨:‬‬

‫وسيدنا حممد ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱠآل عمران ‪١٤٤:‬‬

‫وجوب الإيمان بال كتب السماو ية التي أنزلت على الأنبياء‬

‫إمجاال‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ‬


‫جيب عىل املؤمن اإليامن بالكتب الساموية املنزلة عىل األنبياء ً‬

‫ﱞﱠالبقرة ‪.٤:‬‬

‫ً‬
‫تفصيال‪ ،‬وهي كالتايل‪:‬‬ ‫وجيب اإليامن ببعض هذه الكتب‬

‫صحف إبراهيم ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱧ ﱨﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱠاألعىل ‪.١٩ – ١٨:‬‬

‫التوراة‪ ،‬وأنزلت عىل سيدنا موسى ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱱﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶﱠاملائدة ‪.٤٤:‬‬

‫والتوراة قد تكون هي نفسها صحف موسى‪ ،‬وقد تكون جزء منه أو بالعكس ‪.‬‬

‫الزَّ بور‪ ،‬وأنزل عىل سيدنا داود‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠالنساء ‪.١٦٣:‬‬

‫اإلنجيل‪ ،‬وأنزل عىل سيدنا عيسى‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱺ‬

‫ﱻ ﱠاحلديد ‪.٢٧:‬‬

‫القرآن الكريم‪ ،‬وأنزل عىل سيدنا حممد ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕﱠاألنعام ‪.١٩:‬‬

‫ويتمي ّز القرآن ال كريم عن ال كتب السماو ية الأخرى بمزايا عديدة‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫أن القرآن الكريم حمفوظ بلفظه‪ ،‬منقول بالتواتر‪ ،‬بخالف الكتب الساموية السابقة فقد ضاعت نسخها األصلية‬ ‫•‬

‫وحرفت‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪5‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫حسبام ن ُِعت‬ ‫ّ‬


‫أن القرآن الكريم مصدق ملا سبقه من الكتب الساموية ومهيمن عليها‪ ،‬وتصديقه هلا بمعنى أنه نازل ْ‬ ‫•‬

‫فيها أو موافقته هلا يف األخبار والتوحيد‪ ،‬وهيمنته عليها بمعنى كونه أمين ًا أو شاهد ًا أو حفيظ ًا عليها‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ‬

‫ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱠاملائدة ‪.٤٨:‬‬

‫‪6‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫=الفصل األول=‬
‫[الصفات الواجبة لألنبياء]‬
‫عليهم الصالة والسالم‬

‫‪ )1‬األمانة «العصمة»‬

‫بمنهي عنه‪.‬‬ ‫أ‪ -‬تعريفها‪ :‬حفظ اهلل تعاىل بواطِنهم وظ ِ‬


‫واهر ُهم من التل ُّبس‬
‫ٍّ‬

‫ب‪-‬دليلها النقيل‪ :‬ثبتت هذه الصفة لعدد من األنبياء يف القرآن الكريم‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌ‬

‫ﳍﳎﳏﱠالشعراء ‪١٠٧ - ١٠٦:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﱠالشعراء ‪١٢٥ - ١٢٤:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱠالشعراء ‪١٤٣ - ١٤٢:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱠالشعراء ‪١٦٢ - ١٦١:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﱠالشعراء ‪١٧٨ – ١٧٧:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉ‬

‫ﳊﱠالدخان ‪١٨ - ١٧:‬‬

‫املحر ُم أو املكروه طاعة؛ ألنّا ُأ ِمرنا باالقتداء هبم يف صغري‬


‫ت‪-‬دليلها العقيل‪ :‬لو جاز فعلهم للمحرم أو املكروه ألصبح َّ‬
‫األمور وكبريها‪.‬‬

‫الصدق‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫أ‪ -‬تعريفها‪ :‬مطابقة أخبارهم للواقع يف دعواهم الرسالة‪ ،‬ويف تبليغهم األحكام‪.‬‬

‫ب‪-‬دليلها النقيل‪ :‬أثبت القرآن الكريم هذه الصفة لألنبياء عليهم السالم‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﳃﳄﱠيس ‪٥٢:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱠالنجم ‪٤ - ٣:‬‬

‫‪7‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄ‬

‫ﲅﱠاحلاقة ‪٤٧ – ٤٤:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﳕﳖﳗﳘﳙﱠمريم ‪٥٠:‬‬

‫ت‪-‬دليلها العقيل‪ :‬لو جاز عليهم الكذب للزم الكذب يف خربه تعاىل؛ لتصديقه تعاىل هلم باملعجزة النازلة منزلة قوله‪ :‬صدق‬

‫كل ما يب ّلغ عنّي‪ ،‬وتصديق الكاذب كذب‪ ،‬وهو حمال عىل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫عبدي يف ّ‬

‫التبليغ‪:‬‬ ‫‪)3‬‬

‫أ‪ -‬تعريفها‪ :‬إيصال األحكام التي ُأ ِمروا بتبليغها إىل ا ُمل ْرس ِل إليهم‪.‬‬

‫ب‪-‬دليلها العقيل‪ :‬لو كتموا ما أمروا بتبليغه لكان الكتامن طاعة يف ح ّقنا؛ ألنّا ُأ ِمرنا باالقتداء هبم يف صغري األمور وكبريها‪.‬‬

‫الفطانة‪:‬‬ ‫‪)4‬‬

‫أ‪ -‬تعريفها‪ِ :‬حدَّ ُة العقل وذكاؤه‪.‬‬

‫ب‪-‬دليلها النقيل‪ :‬وقد ثبتت هذه الصفة لألنبياء يف كثري من اآليات‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱮﱯﱰﱱﱲ‬

‫ﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱠالنساء ‪١٦٥:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﱠاملائدة ‪٩٩:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾ‬

‫ﱿﲀﲁﲂﲃﲄﱠاملائدة ‪٦٧:‬‬

‫املحجة‪ ،‬وال يفعل ذلك‬


‫ّ‬ ‫ت‪-‬دليلها العقيل‪ :‬ال جيوز الغباء يف حق الرسل عليهم السالم؛ ألهنم ُأرسلوا إلقامة احلجة وبيان‬

‫غبِ ّي‪.‬‬

‫السالمة من النقائص والعيوب املنفرة‬ ‫‪)5‬‬

‫الصناعة وق ّلة‬ ‫ِ‬


‫أ‪ -‬تعريفها‪ :‬سالمة األنبياء من نقص اخللقة‪ ،‬ومن العيوب املن ّفرة للطباع كالربص واجلذام‪ ،‬ومن دناءة ّ‬
‫املروءة‪ ،‬ومن ِ‬
‫الغلظة والقسوة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫ب‪-‬ثبوهتا يف القرآن الكريم‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻ‬

‫ﱼﱽﱠالنساء ‪١٦٥:‬‬

‫ت‪-‬دليلها العقيل‪ :‬لو اتصف األنبياء بيشء ممّا سبق‪ ،‬لكان ذلك ا‬
‫خمال بوظيفتهم من التبشري واإلنذار‪.‬‬

‫الذكورة‪:‬‬ ‫‪)6‬‬

‫وهذه الصفة دليلها نقيل فقط‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﱠيوسف ‪١٠٩:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱠالنحل ‪٤٣:‬‬

‫ومعنى اإلرسال هنا البعثة‪ ،‬كام يف قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱸﱹﱺﱠاحلجر ‪ ،٢٢:‬أي بعثناها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫=الفصل الثاني=‬
‫[الصفات املستحيلة على األنبياء عليهم السالم]‬
‫عليهم الصالة والسالم‬

‫يستحيل يف حق األنبياء عليهم الصالة والسالم أضداد الصفات الواجبات املتقدمة‪.‬‬

‫فيستحيل عليهم‪:‬‬

‫ال منهي ًا عنه‪ ،‬فأفعاهلم ال ختلو عن الواجب واملندوب واملباح‪ ،‬وهذا بالنظر إىل الفعل ذاته‪ ،‬وأما‬
‫‪ -1‬اخليانة‪ ،‬بأن يفعلوا فع ً‬
‫بالنظر إىل عوارضه‪ ،‬فاحلق أن املباح يقع منهم مصاحبا ٍ‬
‫لنية ترص ُفه إىل كونه مطلوب ًا‪.‬‬

‫‪ -2‬الكذب‪.‬‬

‫‪ -3‬كتامن بعض ما ُأ ِمروا بتبليغه‪.‬‬

‫‪ -4‬البالدة والغفلة‪.‬‬

‫‪ -5‬االتصاف بالعيوب والنقائص املنفرة‪.‬‬

‫‪ -6‬األنوثة‪.‬‬

‫الصفات املستحيلة يف حق األنبياء‬ ‫الصفات الواجبة يف حق األنبياء‬

‫اخليانة «العصيان»‬ ‫األمانة «العصمة»‬

‫الكذب‬ ‫الصدق‬

‫الكتامن‬ ‫التبليغ‬

‫البالدة‬ ‫الفطانة‬

‫االتصاف بالعيوب املن ّفرة‬ ‫السالمة من العيوب النفرة‬

‫األنوثة‬ ‫الذكورة‬

‫‪10‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫=الفصل الثالث=‬
‫[األمور الجائزة في حق األنبياء]‬
‫عليهم الصالة والسالم‬
‫جيوز يف حقهم ‪-‬عليهم السالم‪ -‬ك ُُّل عر ٍ‬
‫ض برشي ال يؤدي إىل نقص يف مراتبهم العل ّية؛ بأن ال يكون منهي ًا عنه‪ ،‬وال‬

‫مباح ًا مزريا عادة‪ ،‬وال مرض ًا مزمن ًا تعافه النفس‪.‬‬

‫واألعراض البرشية املشار إليها جائزة‪ ،‬سواء كانت مما ال يستغنى عنه عادة كاألكل والرشب والنوم‪ ،‬أم كانت مما‬

‫يستغنى عنه كأكل الفواكه والنكاح‪.‬‬

‫ودليل ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﱠالرعد ‪٣٨:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋ‬

‫ﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﱠاملؤمنون ‪٣٤ - ٣٣:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐ‬

‫ﲑﱠالفرقان ‪٧:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕ‬

‫ﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱠاألعراف ‪١٨٨:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱠاحلجر ‪٥٤:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱠاألنبياء ‪٨٣:‬‬

‫وقول النبي ‪« : ‬إنام أنا برش مثلكم‪ ،‬أنسى كام تنسون‪ ،‬فإذا نسيت فذكروين »‪ .‬رواه البخاري (ح‪ )392‬ومسلم‬

‫(ح‪.)572‬‬

‫[فوائد الأعراض النازلة بالأنبياء]‬

‫لألعراض البرشية النازلة باألنبياء ‪-‬عليهم الصالة والسالم‪ -‬الكثري من الفوائد‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪-1‬تعظيم أجورهم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫‪-2‬الترشيع‪ ،‬كام عرفنا أحكام السهو يف الصالة من سهوه‪.‬‬

‫‪-3‬التسيل بأحواهلم إذا نـزل بنا ما نـزل هبم‪.‬‬


‫‪-4‬التنبيه عىل حقارة الدنيا ِ‬
‫وخ َّسة قدْ ِرها إذا علمنا ما نـزل هبم‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫=القسم الثاني=‬
‫ّ‬
‫الخاصة]‬ ‫[ ّ‬
‫النبوة‬
‫«نبوة سيدنا حممد ‪» ‬‬
‫تعر يف موجز بالنبي ‪‬‬
‫• اسمه ونسبه الرشيف‪ :‬هو سيدنا حممد بن عبد اهلل بن عبد املطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قيص بن كالب بن مرة‬

‫بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النرض بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مرض بن نزار بن‬

‫معد بن عدنان‪) ( .‬‬


‫‪1‬‬

‫• وأمه‪ :‬آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم ابن مرة‪ ،‬الذي هو اجلد اخلامس للنبي ‪ ‬من جهة أبيه‪.‬‬

‫املكرمة‪ ،‬قيل ثانيه‪ ،‬وقيل ثامنه‪ ،‬وقيل تاسعه‪ ،‬وقيل‬


‫• والدته‪ :‬ولد يوم االثنني يف شهر ربيع األول من عام الفيل بمكة ّ‬
‫ثاين عرشه‪ ،‬وهذا هو املشهور عند اجلمهور‪.‬‬

‫• حواضنه ومراضعه‪ :‬أول من أرضعه أ ّمه‪ ،‬ثم أرضعته ثويبة األسلمية أيا ًما‪ ،‬وهي جارية أيب هلب التي أعتقها عندما‬

‫برشته بوالدة النبي ‪ ،‬ثم أرضعته حليمة بنت أيب ذؤيب األسلمية‪ ،‬وأقام عندها يف بني سعد أربعة أعوام‪ ،‬وكانت‬
‫ّ‬

‫أيضا أ ّم أيمن بركة احلبشية‪.‬‬


‫الشيامء بنت حليمة السعدية حتضنه مع أ ّمها‪ .‬وحضنته ً‬

‫• نشأته‪ :‬ماتت أمه وعمره ست سنوات بقرية األبواء‪ ،‬فحضنته أم أيمن ‪-‬بركة احلبشية‪ ،-‬وكفله جده عبد املطلب وكان‬

‫يكرمه غاية اإلكرام ‪ ،‬ومل يلبث أن تويف وكان عمره ثامين سنوات ‪ ،‬فكفله عمه أبو طالب وكان له رحي ًام ‪ .‬وملا بلغ سنه‬

‫عمه‬ ‫اثنتي عرشة سنة أراد عمه أبو طالب اخلروج إىل الشام بتجارة فاستعظم فراق عمه‪ّ ،‬‬
‫فرق له وأخذه معه‪ ،‬ثم ر ّده ّ‬

‫خو ًفا عليه من اليهود ملا ّ‬


‫خوفه منها الراهب بحريا‪ .‬ثم خرج مرة ثانية إىل الشام مع ميرسة غالم خدجية يف جتارة هلا‪ ،‬وله‬

‫العمر إذ ذاك مخس وعرشون سنة‪ ،‬فنزل حتت ظل شجرة‪ ،‬فقال الراهب نسطور‪ :‬ما نزل حتت هذه الشجرة إال‬
‫من ْ‬
‫نبي‪.‬‬

‫‪ - 1‬صحيح البخاري (‪.)1398/3‬‬

‫‪13‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫• أحواله قبل البعثة‪ :‬كان ‪ ‬قبل البعثة متد ّينًا متع ّبدً ا‪ ،‬يبغض األصنام ويكره احلرام‪ ،‬وكان يشتغل برعي الغنم ويقول‪:‬‬

‫ما بعث اهلل نب ايا إال رعى الغنم‪ ،‬فقيل‪ :‬وأنت؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬رواه البخاري‪ .‬وكان يشتغل بالتجارة‪ ،‬وقد كان السائب ابن‬

‫أيب السائب يشاركه يف التجارة‪ ،‬حتى إنه قال له يوم الفتح‪ :‬مرح ًبا بأخي ورشيكي‪ .‬وكان ال يداري وال يامري‪ ،‬وقام‬

‫عىل جتارة خدجية وسافر ألجل ذلك إىل الشام‪ ،‬ورجع بأرباح وفرية مل تكن باحلسبان‪ ،‬فقامت خدجية بخطبته لنفسها‪،‬‬

‫وكانت سنّها نحو األربعني‪ ،‬فقام مع أعاممه ليخطبها من عمها عمرو بن أسد‪ ،‬وكان ذلك بواسطة عمه أيب طالب‪،‬‬

‫وتزوجها‪.‬‬

‫• بعثته‪ُ :‬بعث النبي ‪ ‬يوم االثنني إلحدى وعرشين مضت من شهر رمضان ً‬
‫ليال‪ ،‬وكان عمره إذ ذاك بالضبط أربعني‬

‫سنة قمرية وستة أشهر‪.‬‬

‫• أوالده ‪ُ :‬ر ِزق النبي ‪ ‬ثالثة من األبناء هم‪ :‬القاسم وكان يكنّى به‪ ،‬وعبد اهلل وكان ّ‬
‫يسمى بالط ّيب والطاهر‪،‬‬

‫وإبراهيم‪ ،‬كام ُر ِزق بأربع بنات ّ‬


‫وهن‪ :‬زينب‪ ،‬ورقية‪ ،‬وأم كلثوم‪ ،‬وفاطمة الزهراء‪ ،‬ريض اهلل عنهم وعنهن‪.‬‬

‫• زوجاته ‪ :‬القرشيات منهن ست‪ ،‬هن‪ :‬خدجية بنت خويلد‪ ،‬وسودة بنت زمعة‪ ،‬وعائشة بنت أيب بكر‪ ،‬وحفصة بنت‬

‫عمر بن اخلطاب‪ ،‬وأم سلمة‪ ،‬وأم حبيبة بنت أيب سفيان‪ ،‬والعربيات من غري قريش أربع‪ ،‬هن‪ :‬زينب بنت جحش‪،‬‬

‫وجويرية بنت احلارث‪ ،‬وزينب بنت خزيمة‪ ،‬وميمونة بنت احلارث‪ .‬وواحدة من غري العرب وهي صفية بنت حيي‬

‫من بني إرسائيل‪ .‬أما مارية القبطية وهي من مرص فقد اختلف فيها هل هي من زوجاته أم ملك يمني‪ .‬وتو ِّفيت اثنتان‬

‫من زوجاته حال حياته‪ ،‬ومها خدجية بنت خويلد وزينب بنت خزيمة‪ ،‬وتُويف هو عن تسع نسوة‪.‬‬

‫املنورة بعد ثالث عرشة سنة من البعثة وهو ابن ثالث ومخسني سنة‪.‬‬
‫مهاج ُره ‪ :‬هاجر النبي ‪ ‬إىل املدينة ّ‬
‫َ‬ ‫•‬

‫• وفاته ‪ :‬تويف يوم االثنني الثاين عرش من ربيع األول من السنة احلادية عرشة للهجرة‪.‬‬

‫روى الرتمذي (‪ )3618‬وابن ماجه ( ‪ )1631‬عن أنس قال ‪« :‬ملا كان اليوم الذي دخل فيه رسول اهلل ‪ ‬املدينة‬

‫أضاء منها كل يشء ‪ ،‬فلام كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل يشء ‪ ،‬وما نفضنا أيدينا من الرتاب ‪ ،‬وإنا لفي دفنه‬

‫‪ ‬حتى أنكرنا قلوبنا»‪) (.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪ - 2‬بتصرف واختصار من تاريخ الحوادث والحوال النبوية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫إثبات نبو ّة سيدنا محمد ‪‬‬

‫النبوة‪ ،‬وإظهار املعجزة‪.‬‬


‫النبوة ال يكون إال باجتامع أمرين‪ :‬ا ّدعاء ّ‬ ‫ّ‬
‫إن إثبات ّ‬

‫نبي‪ ،‬وقد تواتر عن النبي ‪ ‬دعواه الرسالة حتى ال ينكر ذلك مؤمن وال‬
‫النبوة وأظهر املعجزة فهو ّ‬ ‫ّ‬
‫فكل من ا ّدعى ّ‬

‫كافر‪ ،‬وجاء باملعجزات الدا ّلة عىل صدقه يف دعوى الرسالة‪.‬‬

‫معجزات سيدنا محمد ‪‬‬

‫النوع األول‪ :‬معجزات قصرية األمد‪ ،‬زالت بزوال أيامها وبموت َمن شا َهدها‪ ،‬كمعجزات األنبياء السابقني‪.‬‬

‫لكن القدر املشرتك منها قد بلغ حدّ التواتر‪ ،‬ومن هذه‬


‫ومن هذه املعجزات ما هو متواتر‪ ،‬ومنها ما هو آحاد ّ‬

‫املعجزات‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإلرساء واملعراج ‪:‬وهي ثابتة بالقرآن الكريم‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉ‬

‫ﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱠاإلرساء ‪١:‬‬

‫وقد جاءت أحاديث اإلرساء يف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬وغريمها من كتب السنّة‪.‬‬

‫ب‪-‬انشقاق القمر‪ :‬وهي ثابتة بالقرآن الكريم‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨ‬

‫ﲩﲪﱠالقمر ‪.٢ – ١:‬‬

‫وقد جاءت أحاديث انشقاق القمر يف صحيح البخاري ومسلم‪ ،‬وغريمها من كتب السنّة‪.‬‬

‫ت‪-‬نبع املاء من بني أصابعه ‪ :‬وهي ثابتة يف مواطن عديدة كام يف البخاري ومسلم وغريمها‪ ،‬قال القايض عياض‪« :‬هذه‬

‫ً‬
‫متصال عن مجلة من الصحابة‪ ،‬بل مل يؤثر عن أحد‬ ‫القصة رواها العدد الكثري من الثقات عن اجلم الغفري عن الكافة‪،‬‬

‫منهم إنكار ذلك‪ ،‬فهو ملتحق بالقطعي من معجزاته»‪.‬‬

‫ومن أحاديث نبع املاء ما واه البخاري (ح‪ )3576‬عن جابر بن عبد اهلل ريض اهلل عنهام‪ ،‬قال‪ :‬عطش الناس يوم‬

‫احلديبية والنبي ‪ ‬بني يديه ركوة فتوضأ‪ ،‬فجهش الناس نحوه‪ ،‬فقال‪« :‬ما لكم؟» قالوا‪ :‬ليس عندنا ماء نتوضأ وال‬

‫نرشب إال ما بني يديك‪ ،‬فوضع يده يف الركوة‪ ،‬فجعل املاء يثور بني أصابعه كأمثال العيون‪ ،‬فرشبنا وتوضأنا‪ .‬قلت‪:‬‬

‫كم كنتم؟ قال‪ :‬لو كنا مائة ألف لكفانا‪ ،‬كنا مخس عرشة مائة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫ث‪-‬إبراء املريض بلمسه‪ :‬روى ذلك البخاري ومسلم وأصحاب السنن يف وقائع كثرية‪ ،‬منها‪ :‬ما روى البخاري‬

‫(ح‪ )2942‬ومسلم (ح‪ )2404‬عن سهل بن سعد ريض اهلل عنه‪ ،‬سمع النبي ‪ ،‬يقول‪ :‬يوم خيرب‪« :‬ألعطني الراية‬

‫رجال يفتح اهلل عىل يديه»‪ ،‬فقاموا يرجون لذلك أهيم يعطى‪ ،‬فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى‪ ،‬فقال‪« :‬أين عيل؟»‪ ،‬فقيل‪:‬‬

‫يشتكي عينيه‪ ،‬فأمر‪ ،‬فدعي له‪ ،‬فبصق يف عينيه‪ ،‬فربأ مكانه حتى كأنه مل يكن به يشء‪.‬‬

‫ج‪ -‬إخباره بحوادث قبل وقوعها‪ :‬وهو كثري جدً ا‪ ،‬ومن هذه احلوادث إخباره باستشهاد عمر وعثامن ريض اهلل عنهام‪ ،‬روى‬

‫البخاري عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن النبي ‪ ‬صعد ُأحدً ا‪ ،‬وأبو بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثامن ‪ ،‬فرجف هبم‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫«اثبت أحد‪ ،‬فإنام عليك نبي‪ ،‬وصديق‪ ،‬وشهيدان»‪.‬‬

‫ضخام يف معجزات النبي ‪ ‬احلسية‪ ،‬بعنوان‪ُ « :‬ح ّج ُة اهلل عىل العاملني يف‬
‫ً‬ ‫وقد مجع العالمة الشيخ يوسف النبهاين كتا ًبا‬

‫معجزات سيد املرسلني»‪.‬‬

‫النوع الثاين‪ :‬معجزة خالدة خلود الدهر‪ ،‬ماثلة كل حني‪ ،‬أال وهي القرآن الكريم‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن اإلعجاز ‪-‬أي إثبات العجز للغري‪ -‬ال يتحقق إال إذا توافرت أمور ثالثة‪:‬‬

‫األول‪ :‬التحدي‪ ،‬أي طلب املباراة واملنازلة واملعارضة‪.‬‬

‫والثاين‪ :‬أن يوجد املقتيض الذي يدفع املتحدي إىل املباراة واملنازلة واملعارضة‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬أن ينتفي املانع الذي يمنعه من هذه املباراة‪.‬‬

‫سجل التاريخ عجز أهل اللغة أنفسهم يف عرص نزول القرآن‪ ،‬وما أدراك ما‬
‫وقد توافرت هذه األمور الثالثة‪ ،‬فلقد َّ‬

‫عرص نزول القرآن؛ هو أزهى عصور البيان العريب‪ ،‬وأرقى أدوار التهذيب اللغوي‪ ،‬وهل بلغت املجامع اللغوية يف أ َّمة‬

‫وتم هلم بقدر الطاقة‬


‫من األمم ما بلغته األمة العربية يف ذلك العرص من العناية بلغتها‪ ،‬حتى أدركت هذه اللغة أشدها‪ّ ،‬‬
‫البرشية هتذيب كلامهتا وأساليبها؟‬

‫متنزالً معهم إىل األخف‬


‫وكرر التحدي يف صور شتى‪ ،‬متهك ًِّام هبم ِّ‬
‫ورغم ذلك التفوق حتدَّ اهم القرآن أفرا ًدا ومجاعات‪َّ ،‬‬
‫فاألخف‪ :‬فدعاهم أول مرة أن جييئوا بمثله‪ ،‬ثم دعاهم أن يأتوا بعرش سور من مثله‪ ،‬وأباح هلم يف كل مرة أن يستعينوا‬

‫بمن شاءوا ومن استطاعوا‪ ،‬ثم رماهم والعامل كله بالعجز يف غري مواربة فقال عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱌﱍﱎﱏ‬

‫‪16‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫ﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱠاإلرساء ‪ ،٨٨:‬وقال عز وجل‪:‬‬

‫ﱡﭐﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﱠالبقرة ‪. ٢٤:‬‬

‫البات املؤ َّبد يف قوله‪ :‬ﱡﭐﳉﳊﱠ‪ ،‬ثم هددهم بالنار‪ ،‬ثم‬


‫ِّ‬ ‫وأي استفزاز! لقد أجهز عليهم باحلكم‬
‫أي إهلاب ّ‬
‫فانظر ّ‬

‫سواهم باألحجار!‪ ،‬فلعمري لو كان فيهم لسان يتحرك‪ ،‬ملا صمتوا عن منافسته‪ ،‬وهم األعداء األلدَّ اء‪ ،‬و ُأباة ّ‬
‫الضيم‬ ‫َّ‬

‫األعزاء‪ ،‬وقد أصاب منهم موضع عزهتم وفخارهم‪ .‬ولكنهم مل جيدوا ثغرة ينفذون منها إىل معارضته‪ ،‬وال ُس َّل ًام‬
‫ّ‬

‫يصعدون به إىل مزامحته‪ ،‬بل وجدوا أنفسهم منه أمام ط ْود شامخ‪ ،‬فام استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نق ًبا‪ ،‬حتى‬

‫إذا استيأسوا من قدرهتم‪ ،‬واستيقنوا عجزهم‪ ،‬ما كان جواهبم إال أن ركبوا متن احلتوف‪ ،‬واستنطقوا السيوف بدل‬

‫احلروف‪ ،‬وتلك حيلة يلجأ إليها كل مغلوب يف احلجة والربهان‪ ،‬وكل من ال يستطيع دف ًعا بالقلم واللسان‪.‬‬

‫ومىض عرص القرآن والتحدي قائم‪ ،‬ليجرب كل امرئ نفسه‪ ،‬وجاء العرص الذي بعده‪ ،‬ويف البادية وأطرافها أقوام مل‬

‫ختتلط أنساهبم‪ ،‬ومل تنحرف ألسنتهم‪ ،‬ومل تتغري سليقتهم‪ ،‬وفيهم من لو استطاعوا أن يأتوا هذا الدين من أساسه‪،‬‬

‫ويثبتوا أهنم قادرون من أمر القرآن عىل ما عجز عنه أوائلهم؛ لفعلوا‪ ،‬ولكنهم ذ ّلت أعناقهم له خاضعني‪ ،‬وحيل بينهم‬

‫وبني ما يشتهون‪ ،‬كام ُف ِعل بأشياعهم من قبل‪.‬‬

‫عجزا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ثم مضت تلك القرون‪ ،‬وورث هذه اللغة عن أهلها الوارثون‪ ،‬غري ّ‬
‫أن هؤالء الذين جاءوا من بعد كانوا أشدّ‬

‫ّ‬
‫وأقل طم ًعا يف هذا املطلب العزيز‪ ،‬فكانت شهادهتم عىل أنفسهم مضافة إىل شهادة التاريخ عىل أسالفهم‪ ،‬وكان برهان‬

‫قائام أمامهم‪ ،‬ال يزال هذا دأب القرآن إىل أن تقوم الساعة‪) (.‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلعجاز ً‬

‫وجوه إعجاز القرآن ال كريم‪:‬‬

‫‪ )1‬الإعجاز البياني‪ :‬ويتمثل ذلك يف كونه يف الطبقة العليا من الفصاحة‪ ،‬والدرجة ال ُق ْصوى من البالغة‪ ،‬مع ماله من‬
‫النَّظم الفريد‪ ،‬واألسلوب البديع‪.‬‬

‫‪ - 3‬النبأ العظيم ص‪.114-113‬‬

‫‪17‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫ّملا سمع الوليد بن املغرية من النبي ‪ :‬ﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬

‫ﱵ ﱶﱷﱸ ﱹ ﱺﱻ ﱠالنحل ‪ ، ٩٠:‬قال‪ :‬واهلل ّ‬


‫إن له حلالوة‪ّ ،‬‬
‫وإن عليه لطالوة‪،‬‬
‫وإن أسفله ملغدق‪ّ ،‬‬
‫وإن أعاله ملثمر‪ ،‬ما يقول هذا برش‪.‬‬ ‫ّ‬

‫رجال يقرأ‪ :‬ﱡﭐﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒﱓ ﱠاحلجر ‪ ،٩٤:‬فسجد !وقال ‪:‬‬


‫أن أعراب ًيا سمع ً‬
‫وذكر أبو عبيد ّ‬
‫سجدت لفصاحته‪.‬‬

‫رجال يقرأ‪ :‬ﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑﱒﱓﱠيوسف ‪ ،٨٠:‬فقال ‪:‬أشهد ّ‬


‫أن خملو ًقا ال يقدر عىل‬ ‫وسمع آخر ً‬
‫مثل هذا الكالم‪.‬‬
‫وحكى األصمعي أنه سمع كالم جارية فقال هلا ‪:‬قاتلك اهلل ما أفصحك؟ فقالت ‪:‬أو يعد هذا فصاحة بعد قول اهلل‬

‫تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞﱟ ﱠ ﱡ‬

‫ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱠالقصص ‪ ، ٧:‬فجمع يف آية واحدة بني أمرين وهنيني وخربين وبشارتني) (‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ )2‬الإعجاز الغيبي‪ :‬قد أخبر القرآن ال كريم عن غيب الماضي والحاضر والمستقبل‪.‬‬
‫اإلخبار بغيب املايض‪ :‬أخرب القرآن عن ُأمم قد خلت من قبل وطويت صفحات حياهتا‪ ،‬فأصبحوا ممّا ال يرى‬
‫قص‬ ‫حتى آثار مساكنهم ومواطنهم‪ ،‬من دون مراجعة إىل كتب السري والتاريخ‪ ،‬أو سؤال الكهنة واملؤرخني‪ ،‬فبعد ّ‬
‫أن ّ‬

‫قصة والدة السيدة مريم وكفالة سيدنا زكريا هلا‪ ،‬قال‪ :‬ﱡﭐﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲ‬

‫ﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﱠآل عمران ‪.٤٤:‬‬

‫وفصل قصة سيدنا يوسف‪ ،‬ثم قال‪ :‬ﱡﭐﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓ‬


‫ّ‬

‫ﳔﱠيوسف ‪.١٠٢:‬‬

‫اإلخبار بغيب احلارض‪ :‬فقد أوضح حقيقة املسجد الذي بناه املنافقون للتفريق بني املؤمنني‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ‬

‫ﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑ‬

‫ﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱠالتوبة ‪.١٠٧:‬‬

‫‪ - 4‬الشفا بتعريف حقوق المصطفى (‪ )262-263/1‬بتصرف يسير‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫وفضح ما عليه املنافقون مما خفي عىل النبي ‪ ، ‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦ‬

‫ﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻ‬

‫ﱼﱽﱾﱿﲀﱠالبقرة ‪.٢٠٥ – ٢٠٤:‬‬


‫اإلخبار بغيب املستقبل ‪:‬وهو كثري جدً ا‪ ،‬فقد انطوى عىل اإلخبار بكثري املغيبات وما مل يكن ومل يقع‪ ،‬فوجد كام‬

‫ورد عىل الوجه الذي أخرب ‪.‬كقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱ‬

‫ﲲﱠالفتح ‪٢٧:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﱠالروم ‪٣ - ١:‬‬

‫وقوله‪ :‬ﱡﭐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱠ‬

‫التوبة ‪٣٣:‬‬
‫وقوله‪ :‬ﱡﭐﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱠالنور ‪٥٥:‬‬

‫وقوله‪ :‬ﱡﭐﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱ‬

‫ﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱠالنصر ‪٣ - ١:‬‬
‫أفواجا‪ ،‬فام مات ويف بالد‬
‫ً‬ ‫فكان مجيع هذا كام قال‪ ،‬فغلبت الروم فارس يف بضع سنني‪ ،‬ودخل الناس يف اإلسالم‬
‫العرب كلها موضع مل يدخله اإلسالم‪ ،‬واستخلف اهلل املؤمنني يف األرض ومكّن دينهم‪ ،‬وملكهم إياها من أقىص‬
‫املشارق إىل أقىص املغارب‪.‬‬

‫وقوله‪ :‬ﱡﭐﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﱠاحلجر ‪٩:‬‬

‫فكان كذلك‪ ،‬ال يكاد يعد من سعى يف تغيريه وتبديل حمكمه‪ ،‬منذ عهد النبي إىل يومنا هذا‪ ،‬من املرشكني وامللحدة‬
‫والباطنية واليهود والنصارى وغريهم‪ ،‬فأمجعوا كيدهم‪ ،‬وحوهلم وقوهتم‪ ،‬فام قدروا عىل إطفاء يشء من نوره‪ ،‬وال تغري‬
‫كلمة من كالمه‪ ،‬وال تشكيك املسلمني يف حرف من حروفه‪ ،‬واحلمد هلل‪) (.‬‬
‫‪5‬‬

‫يم ُّجه‪ ،‬بل اإلكباب عىل‬ ‫‪ )3‬تأثيره وسلطانه على القلوب‪ ،‬وأخذه بمجامع الأفئدة‪ :‬وذلك ّ‬
‫أن قارئه ال يمله‪ ،‬وسامعه ال ُ‬
‫غضا طر ًيا‪ ،‬وغريه من الكالم ولو بلغ يف احلسن والبالغة‬
‫تالوته يزيده حالوة‪ ،‬وترديده يوجب له حمبة‪ ،‬وال يزال ا‬
‫مبلغه‪ ،‬يمل مع الرتديد‪ ،‬ويعادى إذا أعيد‪ ،‬وكتابنا يستلذ به يف اخللوات‪ ،‬ويؤنس بتالوته يف األزمات‪ ،‬وسواه من‬
‫الكتب ال يوجد فيها ذلك‪) (.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪ - 5‬الشفا بتعريف حقوق المصطفى (‪ )268/1‬بتصرف يسير‪.‬‬


‫‪ - 6‬الشفا بتعريف حقوق المصطفى (‪.)276/1‬‬

‫‪19‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫ومن ذلك أهنم كانوا هييمون عىل وجوههم ليال فيهجرون لذة النوم ليستمعوا إىل رسول اهلل ‪ ‬وهو يتلو القرآن‪،‬‬
‫فتطرب نفوسهم‪ ،‬وهتش له أفئدهتم‪ ،‬ومن األمثلة عىل ذلك‪:‬‬
‫أن أبا سفيان بن حرب‪ ،‬وأبا جهل بن هشام‪ ،‬واألخنس بن ِ‬
‫رشيق‪ ،‬خرجوا ليلة؛ ليستمعوا من رسول اهلل ‪‬‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫جملسا يستمع فيه‪ ،‬وكل ال يعلم بمكان صاحبه‪ ،‬فباتوا يستمعون له‪،‬‬
‫وهو يصىل من الليل يف بيته‪ ،‬فأخذ كل رجل منهم ً‬
‫حتى إذا طلع الفجر تفرقوا‪ ،‬فجمعهم الطريق‪ ،‬فتالوموا‪ ،‬وقال بعضهم لبعض‪ :‬ال تعودوا‪ ،‬فلو رآكم بعض سفهائكم‬
‫ألوقعتم يف نفسه شي ًئا‪ ،‬ثم انرصفوا‪ ،‬حتى إذا كانت الليلة الثانية‪ ،‬عاد كل رجل منهم إىل جملسه‪ ،‬فباتوا يستمعون له‪،‬‬
‫حتى إذا طلع الفجر تفرقوا‪ ،‬فجمعهم الطريق‪ ،‬فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة‪ ،‬ثم انرصفوا‪ ،‬حتى إذا‬
‫كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم جملسه‪ ،‬فباتوا يستمعون له‪ ،‬حتى إذا طلع الفجر تفرقوا‪ ،‬فجمعهم الطريق‪،‬‬
‫فقال بعضهم لبعض‪ :‬ال نربح حتى نتعاهد أال نعود‪ ،‬فتعاهدوا عىل ذلك‪ ،‬ثم تفرقوا‪.‬‬
‫فلام أصبح األخنس بن رشيق أخذ عصاه‪ ،‬ثم خرج حتى أتى أبا سفيان يف بيته‪ ،‬فقال‪ :‬أخربين يا أبا حنظلة عن رأيك‬
‫فيام سمعت من حممد‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا ثعلبة واهلل لقد سمعت أشياء أعرفها‪ ،‬وأعرف ما يراد هبا‪ ،‬وسمعت أشياء ما عرفت‬
‫معناها وال ما يراد هبا‪ ،‬قال األخنس‪ :‬وأنا والذي حلفت به‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل‪ ،‬فدخل عليه بيته‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا احلكم‪ ،‬ما رأيك فيام سمعت من حممد؟ فقال‪:‬‬
‫ماذا سمعت‪ ،‬تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الرشف‪ ،‬أطعموا فأطعمنا‪ ،‬ومحلوا فحملنا‪ ،‬وأعطوا فأعطينا‪ ،‬حتى إذا‬
‫حتاذينا عىل الركب‪ ،‬وكنا كفريس رهان‪ ،‬قالوا‪ :‬منا نبي يأتيه الوحي من السامء‪ ،‬فمتى ندرك مثل هذه‪ ،‬واهلل ال نؤمن به‬
‫أبدا‪ ،‬وال نصدقه‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقام عنه األخنس وتركه‪) (.‬‬
‫‪7‬‬

‫وروي عن نرصاين‪ :‬أنه مر بقارئ فوقف يبكي‪ ،‬فقيل له‪ :‬مم بكيت؟ قال‪ :‬للشجا والنظم‪.‬‬ ‫•‬
‫والشجا هو احلزن‪.‬‬
‫وروى البخاري (ح ‪ )4573‬عن جبري بن مطعم قال‪ :‬سمعت النبي يقرأ يف املغرب بالطور‪ ،‬فلام بلغ هذه اآلية‪:‬‬ ‫•‬

‫ﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱦﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ‬

‫ﱲ ﱳﱠالطور ‪ ، ٣٧ – ٣٥:‬كاد قلبي أن يطري‪.‬‬

‫‪ - 7‬السيرة النبوية البن كثير (‪.)505-506/1‬‬

‫‪20‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫وعن عتبة بن ربيعة أنه كلم النبي فيام جاء به من خالف قومه‪ ،‬فتال عليهم ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬ ‫•‬

‫ﱇ ﱈ ﱉ ﱠفصلت ‪ ،٣ – ١:‬إىل قوله‪ :‬ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟﱠ‬


‫فصلت ‪ ،١٣:‬فأمسك عتبة بيده عىل يف النبي ‪ ،‬وناشده الرحم أن يكف‪.‬‬
‫ويف رواية‪ :‬فجعل النبي يقرأ‪ ،‬وعتبة مص ٍغ ٍ‬
‫ملق يديه خلف ظهره معتمد عليهام‪ ،‬حتى انتهى إىل السجدة‪ ،‬فسجد النبي‬
‫وقام عتبة ال يدري بم يراجعه‪ ،‬ورجع إىل قومه حتى أتوه فاعتذر هلم‪ ،‬وقال‪« :‬واهلل لقد كلمني بكالم‪ ،‬واهلل ما سمعت‬
‫أذناي بمثله قط‪ ،‬فام دريت ما أقول له»‪) ( .‬‬
‫‪8‬‬

‫مر الزمن‪ :‬وذلك أنّه آية باقية ال تعدم ما بقيت الدنيا‪ ،‬مع تكفل اهلل تعاىل بحفظه‪.‬‬
‫‪ )4‬بقاؤه على ّ‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌﲍ ﱠاحلجر ‪٩:‬‬

‫وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲂ ﲃﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﱠفصلت ‪٤٢:‬‬


‫وسائر معجزات األنبياء انقضت بانقضاء أوقاهتا فلم يبق إال خربها‪ ،‬والقرآن العزيز الباهرة آياته‪ ،‬الظاهرة معجزاته‪،‬‬
‫عىل ما كان عليه اليوم مدة تزيد عىل ألف وأربعمئة وثالثني عا ًما‪ ،‬ألول نزوله إىل وقتنا هذا حجته قاهرة ومعارضته‬
‫ممتنعة‪ ،‬واألعصار كلها طافحة بأهل البيان‪ ،‬ومحلة علم اللسان‪ ،‬وأئمة البالغة وفرسان الكالم‪ ،‬وامللحد فيهم كثري‪،‬‬
‫واملعادي للرشع عتيد‪ ،‬فام منهم من أتى بيشء يؤثر يف معارضته‪ ،‬وال أ ّلف كلمتني يف مناقضته‪ ،‬وال قدر فيه عىل مطعن‬
‫صحيح‪ ،‬وال قدح املتكلف من ذهنه يف ذلك إال بزند شحيح‪ ،‬بل املأثور عن كل من رام ذلك إلقاؤه يف العجز بيديه‪،‬‬
‫والنكوص عىل عقبيه‪)9(.‬‬

‫الشواهد الأخرى على نبوة سيدنا محم ّد ‪‬‬


‫الرشيفة‪ ،‬والسري املرضية والكامالت ِ‬
‫الع ْلمية والعملية‪،‬‬ ‫اجتمع فيه من ْاأل ْخالق احلميدة واألوصاف َّ ِ‬
‫ِّ‬ ‫األول‪ :‬أنه قد ْ‬

‫جيتمع َّإال لنبِ ّي‪ ،‬وتفاصيل ذلِك‬ ‫واملحاسن البديعة الراجعة إِىل النَّفس وا ْلبدن والنّسب والوطن‪ ،‬ما ْ‬
‫جيزم ا ْلعقل بأنَّه ال ْ‬
‫تصنيف عىل ِحدة‪.‬‬

‫رشيعته ِممَّا يتع َّلق باالعتقادات والعبادات واملعامالت والسياسات واآلداب‪،‬‬


‫ال َّث ِاين‪ :‬أن من نظر فِيام ْاشتملت عل ْي ِه ِ‬
‫وعلم ما فِيها من دقائق ِْ‬
‫احلكْمة‪ ،‬علم قط ًعا أ َّهنا ليست إِ َّال وضعا إهل ًيا ووح ًيا سامو ًيا‪ ،‬واملبعوث هبا ل ْيس إِ َّال نب ًيا‪.‬‬

‫‪ - 8‬الشفا (‪ )274/1‬بتصرف يسير‪.‬‬


‫‪ - 9‬الشفا (‪.)276-277/1‬‬

‫‪21‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫ال َّثالِث‪ :‬أنه انتصب مع ضعفه وفقره‪ ،‬وقلة أعوانه وأنصاره‪ ،‬حر ًبا ألهل األ ْرض آحادهم وأوساطهم‪ ،‬وأكارسهتم‬

‫وجبابرهتم‪ ،‬فضلل آرائهم‪ ،‬وس َّفه أحالمهم‪ ،‬وأبطل مللهم‪ ،‬وهدم ُدوهلم‪ ،‬وظهر دينه عىل ْاأل ْديان‪ ،‬وزاد عىل مر‬

‫ْاأل ْعصار واألزمان‪ ،‬وانترش ِيف ْاآلفاق واألقطار‪ ،‬وشاع ِيف ا ْملش ِارق واملغارب ‪ ،‬من غري أن تقدر ْاأل ْعداء ‪-‬مع ك ْثرة‬

‫وعددهم‪ ،‬وشدَّ ة شوكتهم وشكيمتهم‪ ،‬وفرط محيتهم وعصبيتهم‪ ،‬وبذهلم غاية الوسع ِيف إطفاء أنواره‪،‬‬
‫ددهم ُ‬
‫ْ‬ ‫ع‬

‫وطمس آثاره‪ -‬عىل إمخاد رشارة من ناره‪ ،‬فهل يكون ذلِك إِ َّال بعون إهلي وتأييد ساموي؟‪.‬‬

‫أحوج ما كان النَّاس إِ َّال من هيدي إِىل ال َّط ِريق ا ُْمل ْستقيم‪ ،‬ويدْ ُعو إِىل الدّ ين القويم‪ ،‬وينظم ْاألُ ُمور‪،‬‬
‫الرابِع‪ :‬أنه ظهر ْ‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫واختالل للدُّ ول‪ ،‬واشتعال‬ ‫للسبل‪ ،‬وانحراف ِيف ا ْمللل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ويضبط حال ْ‬
‫وتفرق ُّ‬
‫الر ُسل‪ّ ،‬‬
‫اجلُ ْم ُهور‪ ،‬لكونه زمان ف ْرتة من ُّ‬
‫للضالل‪ ،‬واشتغال با ُملحال‪ ،‬فالعرب عىل عبادة ْاأل ْوثان ووأد ا ْلبنات‪ ،‬وا ْلفرس عىل ت ْعظِيم النريان ووطئ ْاألُ َّمهات‪،‬‬

‫الشجر‪ ،‬وا ْلي ُهود عىل ْ ُ‬


‫اجل ُحود‪،‬‬ ‫الرتك عىل ختريب ا ْلبِالد وتعذيب ا ْلعباد‪ ،‬واهلند عىل عبادة ا ْلبقر و ُس ُجود ْ‬
‫احلجر و َّ‬ ‫و ّْ‬
‫والنَّصارى حيارى فِيمن ل ْيس بوالد وال م ْو ُلود‪ ،‬وهكذا س ِائر ا ْلفرق ِيف أودية الضالل وأخبية اخليال واخلبال‪ ،‬أفي ُ‬
‫ليق‬

‫الش ْأن‬
‫احلق ا ُْملبني‪ ،‬أن ال ُي ْرسل ر ْمحة ل ْلعاملني‪ ،‬وال ي ْبعث من جيدد أمر الدّ ين؟ وهل ظهر أحد يصلح هلذا َّ‬ ‫ِ‬
‫بحكمة ا ْمللك ْ‬

‫الصلوات وأكمل الت َِّح َّيات؟‬ ‫ِ‬


‫ويؤسس هذا ا ْل ُبنيان غري ُحم َّمد بن عبد اهلل بن عبد املطلب عل ْيه أفضل َّ‬

‫اخل ِامس‪ :‬الن ُُّصوص ا ْلو ِاردة ِيف كتب ْاألنْبِياء ا ُْملتقدِّ مني‪ ،‬املْ ْش ُهورة فِيام بني أممهم‪) ( .‬‬
‫‪10‬‬ ‫خَ‬

‫سيدنا محمد ‪ ‬أفضل الخلائق‬

‫ويدل عىل ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬من القرآن الكريم‪ ،‬قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ‬

‫ﲗﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜﲝﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤﲥ ﲦ ﲧﲨ ﲩ‬

‫ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮ ﱠآل عمران ‪٨١:‬‬


‫فلم يبعث اهلل بينا إالَّ أخذ عليه العهد يف سيدنا حممد ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬وأمره ْ‬
‫بأن يأخذ العهد عىل قومه ليُؤمن َّن به‪،‬‬

‫ولئن ُبعث وهم أحياء لينرصنَّه‪) (.‬‬


‫‪11‬‬
‫ْ‬

‫‪ - 10‬شرح المقاصد للتفتازاني (‪.)189-188/2‬‬


‫‪ - 11‬تفسير البغوي (‪. )62/2‬‬

‫‪22‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫‪ -2‬ومن السنّة‪ :‬روى مسلم (ح‪ )4223‬عن أيب هريرة ريض اهلل عنه قال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪ « :‬أنا سيد ولد آدم يوم‬

‫القيامة‪ ،‬وأول من ينشق عنه القرب‪ ،‬وأول شافع‪ ،‬وأول ُمش َّفع» ‪.‬‬

‫وختِم به النبيون‪ ،‬وجعلت رسالته‬


‫أيضا‪ :‬أن سيدنا حممدً ا أ َّم مجيع األنبياء ليلة اإلرساء‪ُ ،‬‬
‫ومما يدل عىل ذلك من السنّة ً‬

‫وخصه اهلل تعاىل بالقرآن الكريم ا ُملن َّزل عليه باحلفظ دون غريه من الكتب‪ ،‬وأمته خري األمم‪ ،‬وهو أول‬
‫َّ‬ ‫للناس كافة‪،‬‬

‫الرصاط بأمته يوم القيامة‪ ،‬وأول من يقرع باب اجلنة‪ ،‬وأول مـن يدخلها‪.‬‬
‫وز ِّ‬
‫جي ُ‬
‫من ُ‬
‫‪-3‬اإلمجاع‪ :‬حكى اإلمام الرازي اإلمجاع عىل ّ‬
‫أن سيدنا حممدً ا ‪ُ ‬مف َّضل عىل مجيع العاملني‪) (.‬‬
‫‪12‬‬

‫سيدنا محمد ‪ ‬خاتم الأنبياء فلا تُبتَد َأ نب ّوة بعده‬

‫ويدل عىل ذلك‪:‬‬

‫قوله تعاىلﭐ ‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀﳁﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﱠ‬ ‫•‬

‫األحزاب ‪.٤٠:‬‬
‫من قرأ‪« :‬خاتِم» بكرس التاء‪ ،‬فمعناه‪ :‬وختم النبيني‪ ،‬ومن فتحها‪ ،‬فاملعنى‪ِ :‬‬
‫آخر النب ِّيني‪) (.‬‬
‫‪13‬‬
‫ِّ‬

‫وروى البخاري (ح‪ )3342‬ومسلم (ح‪ )2286‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪« :‬مثيل ومثل األنبياء من قبيل ‪ ،‬كمثل‬ ‫•‬

‫رجل بنى بنيانًا ‪ ،‬فأحسنه وأمجله إال موضع لبنة من زاوية من زواياه ‪ ،‬فجعل الناس يطوفون به ‪ ،‬ويعجبون له ‪،‬‬

‫ويقولون‪ :‬هال وضعت هذه اللبنة! فأنا اللبنة ‪ ،‬وأنا خاتم النبيني»‪.‬‬

‫لت عىل األنبياء بست‪ُ :‬أعطيت جوامع الكلم‪ ،‬ونُرصت‬


‫وروى مسلم (ح‪ )523‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ُ « :‬ف ّض ُ‬ ‫•‬

‫طهورا ومسجدً ا‪ ،‬و ُأرسلت إىل اخللق كافة‪ُ ،‬‬


‫وختم يب النبيون»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بالرعب‪ ،‬و ُأح ّلت يل الغنائم‪ُ ،‬‬
‫وجعلت يل األرض‬

‫وروى أبو داود (ح‪ )4252‬والرتمذي (ح ‪ )2219‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪« :‬سيكون يف أمتي كذابون ثالثون‪،‬‬ ‫•‬

‫كلهم يزعم أنه نبي‪ ،‬وأنا خاتم النبيني‪ ،‬ال نبي بعدي»‪.‬‬

‫ً‬
‫تأويال‪ -‬بإمجاع األمة قوله ‪-‬عليه‬ ‫قال اإلمام القرطبي يف تفسريه‪« :‬وقد روي من طريق التواتر‪ -‬من غري أن حيتمل‬

‫الصالة والسالم‪ : -‬ال نبي بعدي»‪) (.‬‬


‫‪14‬‬

‫‪ - 12‬نهاية المحتاج (‪.)35/1‬‬


‫‪ - 13‬تفسير زاد المسير (‪.)139/5‬‬
‫‪ - 14‬تفسير القرطبي (‪)29/11‬‬

‫‪23‬‬
‫‪‬‬ ‫العقيدة اإلسالمية ‪ -‬املستوى األول‬ ‫‪‬‬

‫سيدنا محمد ‪ ‬عام الرسالة للعالمين‬

‫ويدل عىل ذلك‪:‬‬

‫قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﱠاألنبياء ‪١٠٧:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨﲩ ﲪ ﲫ ﱠالفرقان ‪١:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠﱠسبأ ‪٢٨:‬‬

‫وقوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﱠاألعراف ‪١٥٨:‬‬


‫وبعثت إىل الناس عامة»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وروى البخاري (ح‪ )328‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬وكان النبي يبعث إىل قومه خاصة‪،‬‬

‫ويف رواية مسلم (ح‪« :)521‬كان كل نبي يبعث إىل قومه خاصة‪ ،‬وبعثت إىل كل أمحر وأسود»‪.‬‬

‫‪24‬‬

You might also like