Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة 06
المحاضرة 06
لقد اقبل النظام السياسي اجلزائري يف هناية الثمانينات على فتح اجملال السياسي نتيجة ضغوطات أحداث حملية
ملواجهة أزمة داخلية متفاقمة نزعت عن النظام كامل شرعيته ،وجعلت احلزب الذي كان حيكم بامسه مسئوال
عما آلت غليه األوضاع منذ أحداث 05أكتوبر ،1988كما سامهت العامل الدويل يف دفع عجلة التغيري
نظ را ل ربوز مالمح الهني ار املعس كر االش رتاكي وأنظم ة احلزب الواح د وارتف اع األص وات يف ال دول الغربي ة
املنادية بضرورة التحول الدميقراطي بوصفه اخليار الوحيد أمام البلدان املتخلفة والشيوعية سابقا.
-1اإلص ((الحات السياس ((ية في ض ((وء دس ((تور : 1989لق د دخلت اجلزائ ر يف س ياق م ا يس مى ب التحول
الدميقراطي يف بلدان العامل الثالث واملعسكر االشرتاكي سابقا ،حبيث ختلت عن نظام احلزب الواحد وفتحت
اجملال السياسي وأقبلت ابتداء من سنة 1989على جتربة جديدة هدفها املعلن بناء الدميقراطية ومن اجل ذلك
ش رعت يف إص الحات سياس ية شاملة ،يف ظ ل ه ذا الس ياق املتح ول ج اءت الدميقراطي ة إىل اجلزائر منح ة من
نظام ال يؤمن حكامه هبا جملتمع قواه الفاعلة ال تعرفها ومل تناضل من أجلها ،هلذا اعرتضتها مجلة من املصاعب
وعراقيل جعلتها تتوقف بضع سنوات مث استأنفت وهي جارية إىل يومنا هذا.
جاء هذا الدستور 23فيف((ري 1989يف سياق مضطرب أدى إىل إفراز تغيريات جذرية يف املشهد السياسي
اجلزائ ري من خالل إلغ اء نظ ام األحادي ة احلزبي ة و تب ين التعددي ة احلزبي ة بالس ماح بتأس يس أح زاب سياس ية،
وب إقرار مب دأ الفص ل بني الس لطات وحري ة اإلعالم والص حافة وبفتح جمال املنافس ة السياس ية وذل ك ب إقرار
الت داول والتن افس ال دميقراطي على الس لطة ،ويف ه ذا الص دد ترس خ منط ق يق وم على ص ياغة دس تور رج ل ال
دستور دولة .
إن الظروف االستثنائية اليت ولدهتا أحداث أكتوبر 1988واليت عربت عن فقدان الشعب الثقة يف السلطة وهنا
دع ا ال رئيس الس ابق الش اذيل بن جدي د إىل احلوار بط رح القض ايا السياس ية على الش عب للفص ل فيه ا بك ل
دميقراطي ة وه ذا م ا ذك ره يف خطاب ه يف 10أكت وبر ،1988واع دا بإص الحات سياس ية ودس تورية يف كاف ة
اجملاالت للقضاء على احتكار السلطة .وهنا أحل الرئيس الشاذيل بن جديد يف خطابه على صياغة برنامج شامل
لإلص الحات ال يت أحل على أن تك ون إص الحات غ ري جزئي ة لن ذل ك يس بب خلال وتناقض نا يف دس تورنا
وقوانينا" ،وهذاما جيسده يف توجهه حنو إدراج تعديل جزئي يف 04نوفمرب 1988مت مبوجبه حترر الرئيس
من احلزب جبه ة التحري ر الوط ين دون مش اركته كط رف يف اإلص الح عن طري ق التخلي عن جتس يده لوح دة
القيادة السياسية للحزب والدولة وعزز عالقته وارتباطه بالشعب مبوجب املادة 5املعدلة.
ومع مطلع سنة 1989متخض عنها دستور جديد للجزائر الذي افرز جمموعة من التحوالت السياسية كانت
آثارها واضحة يف التعديالت والتغريات اليت طرأت على بينة وهيكل النظام السياسي اجلزائري واليت اعتمدها
من أجل التكيف مع معطيات البيئة الداخلية واخلارجية وتتمثل أبرز هذه التحوالت السياسية يف حسم مجلة
من املسائل مبوجب دستور 1989واعتبارها كمبادئ أساسية.
-1إلغ((اء االش((تراكية في الفص((ل الث((اني من الدس((تور :ومبوجب ه ذا مت إق رار التح ول حنو اقتص ادي الس وق
وقيام دستور القانون والرتاجع عن دستور الربنامج املعتمدة يف إطار خيار االشرتاكية الذي انتهجته الدولة منذ
االستقالل مبوجبها مت إقرار نظام األحادية احلزبية وهيمنة الدولة يف تسيري العملية االقتصادية .
-2انس((حاب الجيش من السياس((ة :لقد حدد دستور 1989دور اجليش يف الدفاع الوطين واحلفاظ على
استقالل ووحدة البالد وكل م ا يسم سالمتها وأمالكها وجتس د ذلك فعليا باس تقالة إطارات اجليش يف 03
م ارس 1989من اللجن ة املركزي ة حلزب جبه ة التحري ر الوط ين هبدف إبع اد املؤسس ة العس كرية عن احلي اة
السياسية وباحملافظة على وحدهتا وغبعادها عن الصراعات احلزبية يف هذا الصدد قال الرئيس الشاذيل بن جديد"
اجليش الذي يدخل يف السياسة سيدخل يف الصراعات يف املاضي كان هذا مقبوال ألنه يوجد حزب واحد ،
أما اليوم فهناك تعدد أحزاب ...وإذا مسحنا للضباط بأن يدخلو إىل جبهة التحرير الوطين فإنين ال أستطيع أن
أمنع ضباطا آخرين من دخول أحزاب أخرى" .
-3الفصل بين السلطات:اعتمد هذا املبدأ كرد فعل لدمج السلطات الذي اقره دستور ،1976حيث كان
رئيس اجلمهورية يشكل حمور النظام السياسي يتوىل السلطة التنفيذية وقيادة احلزب ومشاركة اجمللس الشعيب
الوط ين يف التش ريع طبق ا للم ادة 153من الدس تور دون رقاب ة فعلي ة ،ول ذلك ف إن اعتن اق مب دأ الفص ل بني
الس لطات ك ان الغ رض من ه جتنب ت داخل الس لطات والص الحيات واحتم ال اس تحواذ س لطة معين ة على
س لطات واختصاص ات األخ رى ويتجلى ذل ك يف عق د التش ريع للمجلس مبف رده دون مش اركة جه ة أخرى
وإنش اء جملس دس توري تن اط ل ه مس ؤولية الفص ل يف املنازع ات احملتم ل قيامه ا بني الس لطتني التنفيذي ة
والتش ريعية ،ومبراقبت ه أيض ا ملدى ش رعية االس تفتاءات واالنتخاب ات وتص رفات رئيس اجلمهوري ة يف بعض
احلاالت ،إىل جانب ذلك ضمان مسو الدستور من خالل إتباع شروط معينة وإجراءات معقدة لتعديله بإقرار
آلية الرقابة الدستورية على القوانني ،إىل جانب جعل احلكومة ذات شرعية ومشروعية ،من خالل إنشائها وفق
أحكام الدستور والقوانني املعربة عن اإلرادة العامة للشعب ومنتخبيه ،ونبين املشروعية اليت تستمدها من تأييد
األغلبي ة الش عبية على سياس اهتا من خالل مراقب ة الربملان والتجدي د االنتخ ايب .ومن هن ا فغن اعتم اد مب دأ
املشروعية احلكومة يف ظل النظام الدميقراطي ضروري لنه يضمن للشعب مراقبة السلطة السياسية من القاعدة
يف حني يقيدها الدستور من األعلى.
-4التعددي ((ة الحزبي ((ة :إن تب ين مب دأ التعددي ة احلزبي ة يع ود س ببه لعج ز النظ ام األحادي ة احلزبي ة عن حتقي ق
مطامح الشعب ومتكينه من تسيري شؤونه العامة بصفة فعالة ودميقراطية ،فقد جاء يف املادة 39من الدستور
"حريات التعبري وإنشاء اجلمعيات واالجتماع مضمون للمواطن" ،وجاء يف املادة " 40حق انشاء اجلمعيات
ذات الطابع السياسي معرتف به وبذلك وضع حد لنظام احلزب الواحد املعتمد منذ االستقالل ،الذي كان
القائمون عليه سببا يف احتكار السلطة وممارسات غري دميقراطية وظهور تصرفات تتناىف ومبادئ وأهداف ثورة
أول نوفمرب ،بيد أن التعددية مل يتم حسمها ،ألن الدستور الذي صادق عليه الشعب اجلزائري يف فربايـر نص
1989عن مجعيات ذات طابع السياسي و ليس عن أحزاب ،و من خالل حتليل مضمون املادة 40نستشف
أن نص دستور 1989على التعددية احلزبية استكماال لإلصالحات السياسية اليت أقر هبا دستور .1989
-1ق ((انون الجمعي ((ات السياس ((ية :يف ه ذا إط ار دس تور 1989ال س يما املادة 40من ه مت إص دار ق انون
اجلمعي ات ذات الط ابع السياس ي كنتيج ة للتح والت السياس ية ال يت عرفته ا اجلزائ ر ،حيث مت إص دار ق انون
اجلمعيات ذات الطابع السياسي يف 05جويلية 1989الذي فتح اجملال لتشكيل مجعيات ذات طابع سياسي
كمرحل ة اوىل للم رور إىل التعددي ة احلزبي ة وميث ل ه ذا االنتق ال إىل نظ ام التعددي ة احلزبي ة ج وهر اإلص الحات
السياس ية املع رب عنه ا مبرحل ة دميقراطي ة يف اجلزائ ر ،وج اء ه ذا الق انون لي ؤطر العم ل السياس ي وتن اول أبواب ه
اخلمسة اإلجراءات اليت حتكم إنشاء األحزاب السياسية اجلديدة وأهدافها وممارساهتا وترتيباهتا املالية وكذلك
العقوب ات واإلج راءات املمكن توجيهه ا إىل احلزب يف حال ة خمالفت ه للق انون حفاظ ا على اإلس تقالل الوط ين
والوحدة الوطنية ،كما منع ألول مرة أعضاء اجليش الوطين الشعيب وموظفي مصاحل األمن من االخنراط يف أي
حزب سياسية حسب نص املادة . 07
واحلقيقة أن التعددية احلزبية ترتتب عنها مبادئ وقواعد أخرى تتمثل يف حرية الرأي والتعبري وحرية الصحافة
وهو ما أكده الدستور يف الفصل املتعلق باحلقوق واحلريات العامة ،سيما املواد ،39-36-31واليت تنص يف
جمملها أن احلريات األساسية وحقوق اإلنسان واملواطن مضمونة مبوجب املادتني 40و 39اللتان أقرتا مببدأ
حرية التجمع إلضفاء الطابع الدميقراطي على احلياة السياسية يف ظل احرتام السالمة الرتابية والوحدة الوطنية
ومحاي ة حري ات املواطن ونب ذ املمارس ات املنافي ة لألخالق اإلس المية وقيم نوفم رب ،وأن تس اهم األح زاب يف
تدعيم السلم االجتماعي عن طريق التنافس السياسي السلمي يف إطار برامج واضحة.،
إن دس تور 1989ج اء يف س ياق التخلي عن نظ ام احلزب الواح د واختي ار التحري ر االقتص ادي والسياس ي،
ومن الناحي ة املؤسس اتية ان درج ض من مب ادئ املذهب الدس توري الس ائد يف البل دان الغربي ة الدميقراطي ة ،من
خالل إقراره باحلريات العامة وحرية امللكية واملبادرة الفردية وحرية تشكيل األحزاب السياسية ،ومبدأ الفصل
بني السلطات حيث من حيث البنية الدستورية الظاهرة وطل ما يتعلق بالتوازنات والعالقات بني السلطات
العام ة اعتم د ص يغة النظ ام الش به الرئاس ي الق ائم يف فرنس ا ،وب ذلك تبل ورت ص ورة عام ة عن طبيع ة النظ ام
السياس ي :ثنائي ة على مس توى الس لطة التنفيذي ة حيث رئيس مجهوري ة منتخب ب االقرتاع الع ام املباش ر وغ ري
مسئول سياسيا ،ورئيس حكومة مسئوال وحكومته أمام الربملان ورئيس اجلمهورية يف وقت واحد .وسلطة
تش ريعية منتخبة ب االقرتاع الع ام يف إط ار التع دد وحري ة الرتش يحات هلا س لطة التش ريع وفص ل بني السلطات
تسهر على احرتامه هيئة مكلفة بالرقابة الدستورية على القوانني ميارسها اجمللس الدستوري.
-2إصالح ق(انون االنتخاب(ات :يفرتض انتقال النظام من احلزب الواحدغلى التعددية احلزبية إعادة النظر يف
القوانني الناظمة وهذا بإدخال تعديالت وتغريات عليه ،وهو ما عرفه قانون االنتخابات الصادر سنة 1989
وأهم التغيريات اليت جاء هبا
حرية الرتشح لإلنتخابات الرئاسية وللمجالس املنتخبة مسموح به للجميع طبقا للمادة .66 -
بالنسبة لنمط االقرتاع مجع قانون اإلنتخابات لسنة 1989بني نظامني األغلبية املطلقة واألغلبية النسبية
فإذاحصلت قائمة على األغلبية املطلقة يف دائرة انتخابية معينة حتصل على كل املقاعد الدائرة االنتخابية ،
إما إذا مل حتصل أية قائمة على األغلبية املطلقة يتم تقسيم املقاعد على القوائم وفق التمثيل النسيب وبعد
تعديل هذا القانون مت إلغاء طريقة التمثيل املطلق واعتماد طريقة التمثيل النسيب حبيث نصت املادة 61من
ق انون االنتخاب ات رقم 90/069املع دل لق انون 1989على ان االنتخ اب اجمللس ني الش عيب البل دي
والوالئي يتم بطريقة االقرتاع النسيب على القائمة مع أفضلية األغلبية يف دور واحد ،أما بالنسبة إلنتخابات
التشريعية (اجمللس الشعيب الوطين ) فقد حددت املادة 84من قانون االنتخابات 1989طريقة اإلقرتاع
النس يب على القائم ة م ع أفض لية األغلبي ة يف دور واح د لكن مت تع ديل ه ذه املادة وفق ا لق انون 90/06
وأصبحت طريقة االقرتاع على االسم الواحد باألغلبية يف دورين .
-3قانون اإلعالم :جاء قانون اإلعالم يف افريل 1990هو اآلخر كنتيجة لإلصالحات اليت كرسها دستور
1989مما جعل قطاع افعالم واالتصال يعرف حتوال جذريا وضع حدا خاصة يف الصحافة املكتوبة إلحتكار
الدول ة واحلزب الواح د ملي دان اإلعالم ،وق د نص ق انون اإلعالم على ح ق املواط نني يف احلص ول على اإلعالم
الكامل واملوضوعي للوقائع واآلراء اليت هتم اجملتمع على املستوى احمللي والدويل،وكذا حقهم يف املشاركة يف
اإلعالم ملمارسة حرياهتم األساسية ،ونصت املادة 14على وض ع حد الحتكار الدولة وس يطرهتا على قطاع
الصحافة املكتوبة لكن ذلكلم مينع من بقاء احتكار الدولة لقطاع اإلذاعة والتلفزيون مستمرا لوقت طويل .
نتيج ة إيق اف املس ار االنتخ ايب أواخ ر س نة 1991دخلت اجلزائ ر يف مرحل ة انتقالي ة ع رفت خالهلا أوض اعا
سياس ية وأمني ة غ ري مس تقرة ومض طربة ،حيث دخلت يف ف راغ مؤسس ايت ودس توري ويف ظ ل ه ذه األوض اع
املضطربة مت يف سنة 1995إجراء أول انتخابات رئاسية تعددية ،فاز فيها اليامني زروال الذي كان مقربا من
املؤسس ة العس كرية ورئيس اجمللس العلى للدول ة آن ذاك ،ويف ه ذا الس ياق ي رى الكث ري من احملللني أن ه ذه
االنتخابات مل يعتمد منظموها على فكرة الشفافية والنزاهة اليت ينبغي أن تطبع االنتخابات احلرة وإمنا كان
مههم الوحيد هو إثبات قدرات السلطات العمومية على تنظيمها ،ومن خالهلا إعادة بناء الدولة وجتاوز أزمة
الشرعية خاصة و أن عهدة اجمللس األعلى للدولة مرتبطة مبا تبقى من عهدة الرئيس الشاذيل بن جديد ،كما
أن ما آلت إليه البالد من تقتيل وتدمري ساهم بقدر كبري يف حشد التأييد الشعيب للفكرة حتت ضغط مبختلف
أش كاله املادي ة واملعنوي ة واإلعالمي ة رغم مواق ف األح زاب التمثيلي ة املعارض ة .ويف ظ ل ش غور الربملان ب ادر
الرئيس زروال سنة 1996بتعديل دستور 1989خارج إطار الباب الرابع مبا يعين ذلك تركز السلطة يف يد
رئيس اجلمهورية من خالل التشريع بأوامر ومببادرته باستفتاء الشعب بتعديل دستور .1989
ج دير بال ذكر أن اإلج راءات الش كلية املنص وص عليه ا يف دس تور 1989خبص وص تع ديل الدس تور واعتم د
الرئيس لتمرير مشروعه على املادة 74الفقرة 09واليت ختوله إجراء استفتاء الشعب يف القضايا ذات األمهية
الوطنية دون موافقة الربملان الذي مل يكن موجود أصال وقد جلأ الرئيس زروال هلذه الصيغة تفاديا العرتاضات
احملتمل ة من ط رف املؤسس ات فيم ا أتبعت االج راءات الدس تورية خبص وص التع ديل.وق د لقي ه ذا االس تفتاء
موافقة أغلبية الشعب ب /85من األصوات املعرب عنها ومشلت التعديالت الواردة يف هذا الدستور عدة مبادئ
وترتيبات وهي :
حظ ر النش اط على األح زاب القائم ة على أس س ديني ة او طائفي ة أو عرقي ة وهك ذا أرغمت العدي د من
األح زاب على التكي ف م ع مقتض يات ه ذا الدس تور وفق ا للم ادة 42من ه.حيث مبوجب املادة 112مت
إنشاء غرفة ثانية أطلق عليها اسم جملس األمة جتمع ما بني االنتخاب والتعيني كان اهلدف منها التحكم يف
نشاطات الغرفة السفلى ذلك نص هذا الدستور على نظام الثنائية الربملانية وهذا بالتأسيس لغرفة عليا ميثلها
جملس األمة جبانب الغرفة السفلى املمثلة يف اجمللس الشعيب الوطين خالفا ملا كان معتمد يف السابق إذ تنص
املادة 98أن الربملان بغرفتيه ميارس مهمة السلطة التشريعية ومبزاولتها ملهمة التشريع والرقابة على احلكومة،
وجتدر االشارة أن اجمللس الشعيب الوطين حيظى بسلطات أوسع على حساب جملسي األمة .
من املفي د الت ذكري ب أن الدس تور 1996مجع بني خص ائص النظ ام الربملاين والرئاس ي وأهم م ا ج اء يف ه ذا
الص دد ه و إمكاني ة تع يني رئيس اجلمهوري ة رئيس احلكوم ة ال ذي يع د برن امج حكومت ه أم ام الربملان
ومسؤوليته السياسية أمامه ايضا.
وإذا انتقلنا إىل أحكام الدستور 1996اليت تنص على أن رئيس اجلمهورية يقود السلطة التنفيذية وجبانبه رئيس
احلكومة مسئول أمامه وأمام اجمللس الشعيب الوطنني ،ويف هذا الصدد مت وضع ترتيبات من اجل تفادي وقوع
الربملان بني أيدي املعارضة وهنا يكشف دستور 1989عن عيب كبري فيه حبرمان رئيس اجلمهورية من القدرة
على التحكم يف الربملان إذا وقع بني أيدي املعارضة ومن سلطة التشريع بأوامر متكنه من انفراد بتنظيم قطاعات
واملسائل احليوية بإصدار نصوص تشريعة نافذة من دون مشاركة الربملان يف صنعها ،ضمن هذا السياق جاء
دستور 1996ملعاجلة هذه العيوب بإرجاع سلطة التشريع بأوامر وتكوين جملس األمة مبنحه القدرة الدستورية
على رفض وتعطيل النصوص اآلتية من اجمللس الشعيب الوطين وهذا من خالل الثلث املعطل الذي يعينه رئيس
اجلمهورية .وهكذا عادت األمور إىل وضعية دستور 1976وسنته من جهة التوازن العام بني الرئيس والربملان
،حيث كان التغيري شكليا وهامشيا وجد حمدود على الرغم من وجود برملان ذو غرفتني.
األحزاب السياسية :انطالقا من املادة 42من دستور 1996جاء األمـر 97-09املتضمن القانون العضوي
املتعلق باألحزاب السياسية تطبيقا لنص املادة 42من الدسـتور اليت كرست هذا احلق ،معرتفا بصورة صرحية
حبرية تكوين األحزاب السياسية ،لكنه حيث شددت املادة 03على عدم جواز استعمال املكونات السياسية
للهوية الوطنية واستغالهلا يف العمل السياسي ونبذ العنف وعدم املساس بالوحدة الوطنية وامن البالد والتمسك
بالدميقراطية والتعددية السياسية إىل جانب ذلك حدد هذا األمر الرئاسي شروط تأسيس احلزب السياسي ،واليت
نص على فيها على إجراءات إدارية مشددة حيث خول وزارة الداخلية مبتابعة ملف إنشاء األحزاب السياسية .
وبالعودة إىل واقع احلياة احلزبية يف ظل دستور 1996جند أن األحزاب بقيت عاجز عن التأثري يف ميزان القوى
وه امش مناورهتا ج د ض يق ،وال خي ار هلا س وى أن ت دعم خي ارات النخب الناف ذة وتبقى وفي ة هلا ،أو أن يف
أقص ى األح وال تنتق د الس لطة الش كلية أو ال وزارات أم ا أهنا توج ه انتقاداهتا حنو الس لطة الفعلي ة وتن اقش دور
املؤسس ة العس كرية يف احلي اة السياس ية ف إن مص ريها يف احلي اة السياس ية التهميش واإلقص اء ،ومن ه ذا املنظ ور
تبلور تصنيف األحزاب املعارضة للسلطة واليت تواجه ترسانة النظام الذي يعمل على إضعافها وحتييد وجودها
تدرجييا ،يف املقابل وجود أحزاب السلطة التابعة هلا .
وعلى ضوء التحوالت السياسية احلاصلة خالل عقد التسعينيات تبلور تصنيف لألحزاب السياسية اجلزائرية اليت
ت وزعت على ثالث تي ارات رئيس ية عكس ت الت و جه ات اإليديولوجي ة داخ ل اجملتم ع اجلزائ ري وتتمث ل ه ذه
التيارات يف التيار اإلسالمي ،التيار الوطين الدميقراطي والتيار الوطين الالئكي.
إصالح النظام االنتخابي :مبوجب األمر الرئاسي رقم 97/07واملتضمن قانون االنتخابات الصادر يف مارس
سنة 1997والذي تضمن تعديالت جوهرية مست قانون أفريل 1991منها املتعلق بالدوائر االنتخابية حيث
نص ت املادة 103أن ال دوائر االنتخابي ة بالنس بة للمجلس الش عيب الوط ين حس ب احلدود اإلقليمي ة للوالي ة
وكذلك بالنسبة لالنتخابات اجملالس احمللية فتحدد وفقا للحدود اإلقليمية للبلدية وحدود اإلقليمية للوالية)،
كم ا ألغى ه ذا الق انون نظ ام االنتخاب ات باألغلبي ة على دورين ومت االعتم اد على نظ ام االنتخ اب النس يب على
القائمة املغلقة ،حيث تصت املادة 102منه على توزيع املقاعد حسب نسبة عدد األصوات اليت حتصل عليها
ك ل قائم ة م ع تط بيق قاع دة الب اقي األق وى .وجتدر اإلش ارة أن نظ ام التمثي ل النس يب يس مح بتمثي ل األقلي ات
واألحزاب الصغرية يف كل دائرة انتخابية حسب نسبة األصوات اليت حتصلت عليها ،فهود إذا يؤدي إىل توزيع
املقاعد يف الدائرة الواحدة وهذا يستلزم تعدد املقاعد للدائرة االنتخابية
على الرغم من اإلجراءات والرتتيبات القانونية اليت تضمنها هذا القانون إال أنه طرح الكثري من اجلدل حول
م دى ض مان الت دابري املعتم دة لنزاه ة وش فافية العملي ة االنتخابي ة ،حيث أدى يف هناي ة املط اف إىل ف وز ح زب
سياسي أثار الكثري من اجلدل حول طريقة نشأته يف ظرف وجيز استطاع أن يتحصل على أغلبية برملانية داخل
اجمللس الشعيب الوطين سنة ،1997ويف االنتخابات احمللية يف ذات العام ،فنمط التمثيل النسيب ينتظر منه إفراز
وتشكيل جمالس منتخبة متنوعة سياسيا إال أن ذلك يعد صعب التحقيق بالنظر إىل الظروف اليت أجريت فيها
تلك االنتخابات.