Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫المحاضرة ‪ :06‬اإلصالحات السياسية في الجزائر في ظل دستوري ( ‪)1996 -1989‬‬

‫لقد اقبل النظام السياسي اجلزائري يف هناية الثمانينات على فتح اجملال السياسي نتيجة ضغوطات أحداث حملية‬
‫ملواجهة أزمة داخلية متفاقمة نزعت عن النظام كامل شرعيته‪ ،‬وجعلت احلزب الذي كان حيكم بامسه مسئوال‬
‫عما آلت غليه األوضاع منذ أحداث ‪ 05‬أكتوبر ‪ ،1988‬كما سامهت العامل الدويل يف دفع عجلة التغيري‬
‫نظ را ل ربوز مالمح الهني ار املعس كر االش رتاكي وأنظم ة احلزب الواح د وارتف اع األص وات يف ال دول الغربي ة‬
‫املنادية بضرورة التحول الدميقراطي بوصفه اخليار الوحيد أمام البلدان املتخلفة والشيوعية سابقا‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلص ((الحات السياس ((ية في ض ((وء دس ((تور ‪ : 1989‬لق د دخلت اجلزائ ر يف س ياق م ا يس مى ب التحول‬
‫الدميقراطي يف بلدان العامل الثالث واملعسكر االشرتاكي سابقا‪ ،‬حبيث ختلت عن نظام احلزب الواحد وفتحت‬
‫اجملال السياسي وأقبلت ابتداء من سنة ‪ 1989‬على جتربة جديدة هدفها املعلن بناء الدميقراطية ومن اجل ذلك‬
‫ش رعت يف إص الحات سياس ية شاملة‪ ،‬يف ظ ل ه ذا الس ياق املتح ول ج اءت الدميقراطي ة إىل اجلزائر منح ة من‬
‫نظام ال يؤمن حكامه هبا جملتمع قواه الفاعلة ال تعرفها ومل تناضل من أجلها‪ ،‬هلذا اعرتضتها مجلة من املصاعب‬
‫وعراقيل جعلتها تتوقف بضع سنوات مث استأنفت وهي جارية إىل يومنا هذا‪.‬‬

‫جاء هذا الدستور ‪ 23‬فيف((ري ‪1989‬يف سياق مضطرب أدى إىل إفراز تغيريات جذرية يف املشهد السياسي‬
‫اجلزائ ري من خالل إلغ اء نظ ام األحادي ة احلزبي ة و تب ين التعددي ة احلزبي ة بالس ماح بتأس يس أح زاب سياس ية‪،‬‬
‫وب إقرار مب دأ الفص ل بني الس لطات وحري ة اإلعالم والص حافة وبفتح جمال املنافس ة السياس ية وذل ك ب إقرار‬
‫الت داول والتن افس ال دميقراطي على الس لطة ‪ ،‬ويف ه ذا الص دد ترس خ منط ق يق وم على ص ياغة دس تور رج ل ال‬
‫دستور دولة ‪.‬‬

‫إن الظروف االستثنائية اليت ولدهتا أحداث أكتوبر ‪ 1988‬واليت عربت عن فقدان الشعب الثقة يف السلطة وهنا‬
‫دع ا ال رئيس الس ابق الش اذيل بن جدي د إىل احلوار بط رح القض ايا السياس ية على الش عب للفص ل فيه ا بك ل‬
‫دميقراطي ة وه ذا م ا ذك ره يف خطاب ه يف ‪ 10‬أكت وبر ‪ ،1988‬واع دا بإص الحات سياس ية ودس تورية يف كاف ة‬
‫اجملاالت للقضاء على احتكار السلطة ‪.‬وهنا أحل الرئيس الشاذيل بن جديد يف خطابه على صياغة برنامج شامل‬
‫لإلص الحات ال يت أحل على أن تك ون إص الحات غ ري جزئي ة لن ذل ك يس بب خلال وتناقض نا يف دس تورنا‬
‫وقوانينا"‪ ،‬وهذاما جيسده يف توجهه حنو إدراج تعديل جزئي يف ‪ 04‬نوفمرب ‪ 1988‬مت مبوجبه حترر الرئيس‬
‫من احلزب جبه ة التحري ر الوط ين دون مش اركته كط رف يف اإلص الح عن طري ق التخلي عن جتس يده لوح دة‬
‫القيادة السياسية للحزب والدولة وعزز عالقته وارتباطه بالشعب مبوجب املادة ‪ 5‬املعدلة‪.‬‬

‫ومع مطلع سنة ‪ 1989‬متخض عنها دستور جديد للجزائر الذي افرز جمموعة من التحوالت السياسية كانت‬
‫آثارها واضحة يف التعديالت والتغريات اليت طرأت على بينة وهيكل النظام السياسي اجلزائري واليت اعتمدها‬
‫من أجل التكيف مع معطيات البيئة الداخلية واخلارجية وتتمثل أبرز هذه التحوالت السياسية يف حسم مجلة‬
‫من املسائل مبوجب دستور ‪ 1989‬واعتبارها كمبادئ أساسية‪.‬‬

‫‪ -1‬إلغ((اء االش((تراكية في الفص((ل الث((اني من الدس((تور ‪:‬ومبوجب ه ذا مت إق رار التح ول حنو اقتص ادي الس وق‬
‫وقيام دستور القانون والرتاجع عن دستور الربنامج املعتمدة يف إطار خيار االشرتاكية الذي انتهجته الدولة منذ‬
‫االستقالل مبوجبها مت إقرار نظام األحادية احلزبية وهيمنة الدولة يف تسيري العملية االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ -2‬انس((حاب الجيش من السياس((ة ‪ :‬لقد حدد دستور ‪ 1989‬دور اجليش يف الدفاع الوطين واحلفاظ على‬
‫استقالل ووحدة البالد وكل م ا يسم سالمتها وأمالكها وجتس د ذلك فعليا باس تقالة إطارات اجليش يف ‪03‬‬
‫م ارس ‪ 1989‬من اللجن ة املركزي ة حلزب جبه ة التحري ر الوط ين هبدف إبع اد املؤسس ة العس كرية عن احلي اة‬
‫السياسية وباحملافظة على وحدهتا وغبعادها عن الصراعات احلزبية يف هذا الصدد قال الرئيس الشاذيل بن جديد"‬
‫اجليش الذي يدخل يف السياسة سيدخل يف الصراعات يف املاضي كان هذا مقبوال ألنه يوجد حزب واحد ‪،‬‬
‫أما اليوم فهناك تعدد أحزاب ‪ ...‬وإذا مسحنا للضباط بأن يدخلو إىل جبهة التحرير الوطين فإنين ال أستطيع أن‬
‫أمنع ضباطا آخرين من دخول أحزاب أخرى" ‪.‬‬

‫‪ -3‬الفصل بين السلطات‪:‬اعتمد هذا املبدأ كرد فعل لدمج السلطات الذي اقره دستور ‪ ،1976‬حيث كان‬
‫رئيس اجلمهورية يشكل حمور النظام السياسي يتوىل السلطة التنفيذية وقيادة احلزب ومشاركة اجمللس الشعيب‬
‫الوط ين يف التش ريع طبق ا للم ادة ‪ 153‬من الدس تور دون رقاب ة فعلي ة‪ ،‬ول ذلك ف إن اعتن اق مب دأ الفص ل بني‬
‫الس لطات ك ان الغ رض من ه جتنب ت داخل الس لطات والص الحيات واحتم ال اس تحواذ س لطة معين ة على‬
‫س لطات واختصاص ات األخ رى ويتجلى ذل ك يف عق د التش ريع للمجلس مبف رده دون مش اركة جه ة أخرى‬
‫وإنش اء جملس دس توري تن اط ل ه مس ؤولية الفص ل يف املنازع ات احملتم ل قيامه ا بني الس لطتني التنفيذي ة‬
‫والتش ريعية‪ ،‬ومبراقبت ه أيض ا ملدى ش رعية االس تفتاءات واالنتخاب ات وتص رفات رئيس اجلمهوري ة يف بعض‬
‫احلاالت‪ ،‬إىل جانب ذلك ضمان مسو الدستور من خالل إتباع شروط معينة وإجراءات معقدة لتعديله بإقرار‬
‫آلية الرقابة الدستورية على القوانني‪ ،‬إىل جانب جعل احلكومة ذات شرعية ومشروعية ‪ ،‬من خالل إنشائها وفق‬
‫أحكام الدستور والقوانني املعربة عن اإلرادة العامة للشعب ومنتخبيه‪ ،‬ونبين املشروعية اليت تستمدها من تأييد‬
‫األغلبي ة الش عبية على سياس اهتا من خالل مراقب ة الربملان والتجدي د االنتخ ايب‪ .‬ومن هن ا فغن اعتم اد مب دأ‬
‫املشروعية احلكومة يف ظل النظام الدميقراطي ضروري لنه يضمن للشعب مراقبة السلطة السياسية من القاعدة‬
‫يف حني يقيدها الدستور من األعلى‪.‬‬

‫‪ -4‬التعددي ((ة الحزبي ((ة ‪ :‬إن تب ين مب دأ التعددي ة احلزبي ة يع ود س ببه لعج ز النظ ام األحادي ة احلزبي ة عن حتقي ق‬
‫مطامح الشعب ومتكينه من تسيري شؤونه العامة بصفة فعالة ودميقراطية ‪ ،‬فقد جاء يف املادة ‪ 39‬من الدستور‬
‫"حريات التعبري وإنشاء اجلمعيات واالجتماع مضمون للمواطن" ‪ ،‬وجاء يف املادة ‪" 40‬حق انشاء اجلمعيات‬
‫ذات الطابع السياسي معرتف به وبذلك وضع حد لنظام احلزب الواحد املعتمد منذ االستقالل‪ ،‬الذي كان‬
‫القائمون عليه سببا يف احتكار السلطة وممارسات غري دميقراطية وظهور تصرفات تتناىف ومبادئ وأهداف ثورة‬
‫أول نوفمرب‪ ،‬بيد أن التعددية مل يتم حسمها‪ ،‬ألن الدستور الذي صادق عليه الشعب اجلزائري يف فربايـر نص‬
‫‪ 1989‬عن مجعيات ذات طابع السياسي و ليس عن أحزاب‪ ،‬و من خالل حتليل مضمون املادة ‪ 40‬نستشف‬
‫أن نص دستور ‪ 1989‬على التعددية احلزبية استكماال لإلصالحات السياسية اليت أقر هبا دستور ‪.1989‬‬

‫‪ -1‬ق ((انون الجمعي ((ات السياس ((ية ‪ :‬يف ه ذا إط ار دس تور ‪ 1989‬ال س يما املادة ‪ 40‬من ه مت إص دار ق انون‬
‫اجلمعي ات ذات الط ابع السياس ي كنتيج ة للتح والت السياس ية ال يت عرفته ا اجلزائ ر‪ ،‬حيث مت إص دار ق انون‬
‫اجلمعيات ذات الطابع السياسي يف ‪ 05‬جويلية ‪ 1989‬الذي فتح اجملال لتشكيل مجعيات ذات طابع سياسي‬
‫كمرحل ة اوىل للم رور إىل التعددي ة احلزبي ة وميث ل ه ذا االنتق ال إىل نظ ام التعددي ة احلزبي ة ج وهر اإلص الحات‬
‫السياس ية املع رب عنه ا مبرحل ة دميقراطي ة يف اجلزائ ر ‪ ،‬وج اء ه ذا الق انون لي ؤطر العم ل السياس ي وتن اول أبواب ه‬
‫اخلمسة اإلجراءات اليت حتكم إنشاء األحزاب السياسية اجلديدة وأهدافها وممارساهتا وترتيباهتا املالية وكذلك‬
‫العقوب ات واإلج راءات املمكن توجيهه ا إىل احلزب يف حال ة خمالفت ه للق انون حفاظ ا على اإلس تقالل الوط ين‬
‫والوحدة الوطنية ‪،‬كما منع ألول مرة أعضاء اجليش الوطين الشعيب وموظفي مصاحل األمن من االخنراط يف أي‬
‫حزب سياسية حسب نص املادة ‪. 07‬‬

‫واحلقيقة أن التعددية احلزبية ترتتب عنها مبادئ وقواعد أخرى تتمثل يف حرية الرأي والتعبري وحرية الصحافة‬
‫وهو ما أكده الدستور يف الفصل املتعلق باحلقوق واحلريات العامة‪ ،‬سيما املواد ‪ ،39-36-31‬واليت تنص يف‬
‫جمملها أن احلريات األساسية وحقوق اإلنسان واملواطن مضمونة مبوجب املادتني ‪ 40‬و‪ 39‬اللتان أقرتا مببدأ‬
‫حرية التجمع إلضفاء الطابع الدميقراطي على احلياة السياسية يف ظل احرتام السالمة الرتابية والوحدة الوطنية‬
‫ومحاي ة حري ات املواطن ونب ذ املمارس ات املنافي ة لألخالق اإلس المية وقيم نوفم رب ‪ ،‬وأن تس اهم األح زاب يف‬
‫تدعيم السلم االجتماعي عن طريق التنافس السياسي السلمي يف إطار برامج واضحة‪.،‬‬

‫إن دس تور ‪ 1989‬ج اء يف س ياق التخلي عن نظ ام احلزب الواح د واختي ار التحري ر االقتص ادي والسياس ي‪،‬‬
‫ومن الناحي ة املؤسس اتية ان درج ض من مب ادئ املذهب الدس توري الس ائد يف البل دان الغربي ة الدميقراطي ة ‪ ،‬من‬
‫خالل إقراره باحلريات العامة وحرية امللكية واملبادرة الفردية وحرية تشكيل األحزاب السياسية‪ ،‬ومبدأ الفصل‬
‫بني السلطات حيث من حيث البنية الدستورية الظاهرة وطل ما يتعلق بالتوازنات والعالقات بني السلطات‬
‫العام ة اعتم د ص يغة النظ ام الش به الرئاس ي الق ائم يف فرنس ا‪ ،‬وب ذلك تبل ورت ص ورة عام ة عن طبيع ة النظ ام‬
‫السياس ي ‪ :‬ثنائي ة على مس توى الس لطة التنفيذي ة حيث رئيس مجهوري ة منتخب ب االقرتاع الع ام املباش ر وغ ري‬
‫مسئول سياسيا‪ ،‬ورئيس حكومة مسئوال وحكومته أمام الربملان ورئيس اجلمهورية يف وقت واحد‪ .‬وسلطة‬
‫تش ريعية منتخبة ب االقرتاع الع ام يف إط ار التع دد وحري ة الرتش يحات هلا س لطة التش ريع وفص ل بني السلطات‬
‫تسهر على احرتامه هيئة مكلفة بالرقابة الدستورية على القوانني ميارسها اجمللس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -2‬إصالح ق(انون االنتخاب(ات‪ :‬يفرتض انتقال النظام من احلزب الواحدغلى التعددية احلزبية إعادة النظر يف‬
‫القوانني الناظمة وهذا بإدخال تعديالت وتغريات عليه ‪ ،‬وهو ما عرفه قانون االنتخابات الصادر سنة ‪1989‬‬
‫وأهم التغيريات اليت جاء هبا‬

‫حرية الرتشح لإلنتخابات الرئاسية وللمجالس املنتخبة مسموح به للجميع طبقا للمادة ‪.66‬‬ ‫‪-‬‬

‫بالنسبة لنمط االقرتاع مجع قانون اإلنتخابات لسنة‪ 1989‬بني نظامني األغلبية املطلقة واألغلبية النسبية‬
‫فإذاحصلت قائمة على األغلبية املطلقة يف دائرة انتخابية معينة حتصل على كل املقاعد الدائرة االنتخابية ‪،‬‬
‫إما إذا مل حتصل أية قائمة على األغلبية املطلقة يتم تقسيم املقاعد على القوائم وفق التمثيل النسيب وبعد‬
‫تعديل هذا القانون مت إلغاء طريقة التمثيل املطلق واعتماد طريقة التمثيل النسيب حبيث نصت املادة ‪ 61‬من‬
‫ق انون االنتخاب ات رقم ‪ 90/069‬املع دل لق انون ‪ 1989‬على ان االنتخ اب اجمللس ني الش عيب البل دي‬
‫والوالئي يتم بطريقة االقرتاع النسيب على القائمة مع أفضلية األغلبية يف دور واحد‪ ،‬أما بالنسبة إلنتخابات‬
‫التشريعية (اجمللس الشعيب الوطين ) فقد حددت املادة ‪ 84‬من قانون االنتخابات ‪ 1989‬طريقة اإلقرتاع‬
‫النس يب على القائم ة م ع أفض لية األغلبي ة يف دور واح د لكن مت تع ديل ه ذه املادة وفق ا لق انون ‪90/06‬‬
‫وأصبحت طريقة االقرتاع على االسم الواحد باألغلبية يف دورين ‪.‬‬

‫‪ -3‬قانون اإلعالم‪ :‬جاء قانون اإلعالم يف افريل ‪ 1990‬هو اآلخر كنتيجة لإلصالحات اليت كرسها دستور‬
‫‪ 1989‬مما جعل قطاع افعالم واالتصال يعرف حتوال جذريا وضع حدا خاصة يف الصحافة املكتوبة إلحتكار‬
‫الدول ة واحلزب الواح د ملي دان اإلعالم ‪،‬وق د نص ق انون اإلعالم على ح ق املواط نني يف احلص ول على اإلعالم‬
‫الكامل واملوضوعي للوقائع واآلراء اليت هتم اجملتمع على املستوى احمللي والدويل‪،‬وكذا حقهم يف املشاركة يف‬
‫اإلعالم ملمارسة حرياهتم األساسية ‪،‬ونصت املادة ‪ 14‬على وض ع حد الحتكار الدولة وس يطرهتا على قطاع‬
‫الصحافة املكتوبة لكن ذلكلم مينع من بقاء احتكار الدولة لقطاع اإلذاعة والتلفزيون مستمرا لوقت طويل ‪.‬‬

‫‪ -2‬االصالحات السياسية في ضوء دستور ‪.1996‬‬

‫نتيج ة إيق اف املس ار االنتخ ايب أواخ ر س نة ‪ 1991‬دخلت اجلزائ ر يف مرحل ة انتقالي ة ع رفت خالهلا أوض اعا‬
‫سياس ية وأمني ة غ ري مس تقرة ومض طربة‪ ،‬حيث دخلت يف ف راغ مؤسس ايت ودس توري ويف ظ ل ه ذه األوض اع‬
‫املضطربة مت يف سنة ‪ 1995‬إجراء أول انتخابات رئاسية تعددية‪ ،‬فاز فيها اليامني زروال الذي كان مقربا من‬
‫املؤسس ة العس كرية ورئيس اجمللس العلى للدول ة آن ذاك‪ ،‬ويف ه ذا الس ياق ي رى الكث ري من احملللني أن ه ذه‬
‫االنتخابات مل يعتمد منظموها على فكرة الشفافية والنزاهة اليت ينبغي أن تطبع االنتخابات احلرة وإمنا كان‬
‫مههم الوحيد هو إثبات قدرات السلطات العمومية على تنظيمها‪ ،‬ومن خالهلا إعادة بناء الدولة وجتاوز أزمة‬
‫الشرعية خاصة و أن عهدة اجمللس األعلى للدولة مرتبطة مبا تبقى من عهدة الرئيس الشاذيل بن جديد ‪ ،‬كما‬
‫أن ما آلت إليه البالد من تقتيل وتدمري ساهم بقدر كبري يف حشد التأييد الشعيب للفكرة حتت ضغط مبختلف‬
‫أش كاله املادي ة واملعنوي ة واإلعالمي ة رغم مواق ف األح زاب التمثيلي ة املعارض ة‪ .‬ويف ظ ل ش غور الربملان ب ادر‬
‫الرئيس زروال سنة ‪ 1996‬بتعديل دستور ‪ 1989‬خارج إطار الباب الرابع مبا يعين ذلك تركز السلطة يف يد‬
‫رئيس اجلمهورية من خالل التشريع بأوامر ومببادرته باستفتاء الشعب بتعديل دستور ‪.1989‬‬

‫ج دير بال ذكر أن اإلج راءات الش كلية املنص وص عليه ا يف دس تور ‪ 1989‬خبص وص تع ديل الدس تور واعتم د‬
‫الرئيس لتمرير مشروعه على املادة ‪ 74‬الفقرة ‪ 09‬واليت ختوله إجراء استفتاء الشعب يف القضايا ذات األمهية‬
‫الوطنية دون موافقة الربملان الذي مل يكن موجود أصال وقد جلأ الرئيس زروال هلذه الصيغة تفاديا العرتاضات‬
‫احملتمل ة من ط رف املؤسس ات فيم ا أتبعت االج راءات الدس تورية خبص وص التع ديل‪.‬وق د لقي ه ذا االس تفتاء‬
‫موافقة أغلبية الشعب ب ‪ /85‬من األصوات املعرب عنها ومشلت التعديالت الواردة يف هذا الدستور عدة مبادئ‬
‫وترتيبات وهي ‪:‬‬

‫ترقية األمازيغية لتصبح أحد مكونات اهلوية الوطنية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫حظ ر النش اط على األح زاب القائم ة على أس س ديني ة او طائفي ة أو عرقي ة وهك ذا أرغمت العدي د من‬
‫األح زاب على التكي ف م ع مقتض يات ه ذا الدس تور وفق ا للم ادة ‪ 42‬من ه‪.‬حيث مبوجب املادة ‪ 112‬مت‬
‫إنشاء غرفة ثانية أطلق عليها اسم جملس األمة جتمع ما بني االنتخاب والتعيني كان اهلدف منها التحكم يف‬
‫نشاطات الغرفة السفلى ذلك نص هذا الدستور على نظام الثنائية الربملانية وهذا بالتأسيس لغرفة عليا ميثلها‬
‫جملس األمة جبانب الغرفة السفلى املمثلة يف اجمللس الشعيب الوطين خالفا ملا كان معتمد يف السابق إذ تنص‬
‫املادة ‪ 98‬أن الربملان بغرفتيه ميارس مهمة السلطة التشريعية ومبزاولتها ملهمة التشريع والرقابة على احلكومة‪،‬‬
‫وجتدر االشارة أن اجمللس الشعيب الوطين حيظى بسلطات أوسع على حساب جملسي األمة ‪.‬‬

‫من املفي د الت ذكري ب أن الدس تور‪ 1996‬مجع بني خص ائص النظ ام الربملاين والرئاس ي وأهم م ا ج اء يف ه ذا‬
‫الص دد ه و إمكاني ة تع يني رئيس اجلمهوري ة رئيس احلكوم ة ال ذي يع د برن امج حكومت ه أم ام الربملان‬
‫ومسؤوليته السياسية أمامه ايضا‪.‬‬

‫وإذا انتقلنا إىل أحكام الدستور ‪ 1996‬اليت تنص على أن رئيس اجلمهورية يقود السلطة التنفيذية وجبانبه رئيس‬
‫احلكومة مسئول أمامه وأمام اجمللس الشعيب الوطنني‪ ،‬ويف هذا الصدد مت وضع ترتيبات من اجل تفادي وقوع‬
‫الربملان بني أيدي املعارضة وهنا يكشف دستور ‪ 1989‬عن عيب كبري فيه حبرمان رئيس اجلمهورية من القدرة‬
‫على التحكم يف الربملان إذا وقع بني أيدي املعارضة ومن سلطة التشريع بأوامر متكنه من انفراد بتنظيم قطاعات‬
‫واملسائل احليوية بإصدار نصوص تشريعة نافذة من دون مشاركة الربملان يف صنعها‪ ،‬ضمن هذا السياق جاء‬
‫دستور ‪ 1996‬ملعاجلة هذه العيوب بإرجاع سلطة التشريع بأوامر وتكوين جملس األمة مبنحه القدرة الدستورية‬
‫على رفض وتعطيل النصوص اآلتية من اجمللس الشعيب الوطين وهذا من خالل الثلث املعطل الذي يعينه رئيس‬
‫اجلمهورية‪ .‬وهكذا عادت األمور إىل وضعية دستور ‪ 1976‬وسنته من جهة التوازن العام بني الرئيس والربملان‬
‫‪ ،‬حيث كان التغيري شكليا وهامشيا وجد حمدود على الرغم من وجود برملان ذو غرفتني‪.‬‬
‫األحزاب السياسية‪ :‬انطالقا من املادة ‪ 42‬من دستور ‪ 1996‬جاء األمـر ‪ 97-09‬املتضمن القانون العضوي‬
‫املتعلق باألحزاب السياسية تطبيقا لنص املادة ‪ 42‬من الدسـتور اليت كرست هذا احلق‪ ،‬معرتفا بصورة صرحية‬
‫حبرية تكوين األحزاب السياسية‪ ،‬لكنه حيث شددت املادة ‪ 03‬على عدم جواز استعمال املكونات السياسية‬
‫للهوية الوطنية واستغالهلا يف العمل السياسي ونبذ العنف وعدم املساس بالوحدة الوطنية وامن البالد والتمسك‬
‫بالدميقراطية والتعددية السياسية إىل جانب ذلك حدد هذا األمر الرئاسي شروط تأسيس احلزب السياسي‪ ،‬واليت‬
‫نص على فيها على إجراءات إدارية مشددة حيث خول وزارة الداخلية مبتابعة ملف إنشاء األحزاب السياسية ‪.‬‬

‫وبالعودة إىل واقع احلياة احلزبية يف ظل دستور ‪ 1996‬جند أن األحزاب بقيت عاجز عن التأثري يف ميزان القوى‬
‫وه امش مناورهتا ج د ض يق‪ ،‬وال خي ار هلا س وى أن ت دعم خي ارات النخب الناف ذة وتبقى وفي ة هلا ‪ ،‬أو أن يف‬
‫أقص ى األح وال تنتق د الس لطة الش كلية أو ال وزارات أم ا أهنا توج ه انتقاداهتا حنو الس لطة الفعلي ة وتن اقش دور‬
‫املؤسس ة العس كرية يف احلي اة السياس ية ف إن مص ريها يف احلي اة السياس ية التهميش واإلقص اء‪ ،‬ومن ه ذا املنظ ور‬
‫تبلور تصنيف األحزاب املعارضة للسلطة واليت تواجه ترسانة النظام الذي يعمل على إضعافها وحتييد وجودها‬
‫تدرجييا‪ ،‬يف املقابل وجود أحزاب السلطة التابعة هلا ‪.‬‬

‫وعلى ضوء التحوالت السياسية احلاصلة خالل عقد التسعينيات تبلور تصنيف لألحزاب السياسية اجلزائرية اليت‬
‫ت وزعت على ثالث تي ارات رئيس ية عكس ت الت و جه ات اإليديولوجي ة داخ ل اجملتم ع اجلزائ ري وتتمث ل ه ذه‬
‫التيارات يف التيار اإلسالمي ‪ ،‬التيار الوطين الدميقراطي والتيار الوطين الالئكي‪.‬‬

‫إصالح النظام االنتخابي‪ :‬مبوجب األمر الرئاسي رقم ‪ 97/07‬واملتضمن قانون االنتخابات الصادر يف مارس‬
‫سنة‪ 1997‬والذي تضمن تعديالت جوهرية مست قانون أفريل ‪ 1991‬منها املتعلق بالدوائر االنتخابية حيث‬
‫نص ت املادة ‪ 103‬أن ال دوائر االنتخابي ة بالنس بة للمجلس الش عيب الوط ين حس ب احلدود اإلقليمي ة للوالي ة‬
‫وكذلك بالنسبة لالنتخابات اجملالس احمللية فتحدد وفقا للحدود اإلقليمية للبلدية وحدود اإلقليمية للوالية)‪،‬‬
‫كم ا ألغى ه ذا الق انون نظ ام االنتخاب ات باألغلبي ة على دورين ومت االعتم اد على نظ ام االنتخ اب النس يب على‬
‫القائمة املغلقة‪ ،‬حيث تصت املادة ‪ 102‬منه على توزيع املقاعد حسب نسبة عدد األصوات اليت حتصل عليها‬
‫ك ل قائم ة م ع تط بيق قاع دة الب اقي األق وى‪ .‬وجتدر اإلش ارة أن نظ ام التمثي ل النس يب يس مح بتمثي ل األقلي ات‬
‫واألحزاب الصغرية يف كل دائرة انتخابية حسب نسبة األصوات اليت حتصلت عليها‪ ،‬فهود إذا يؤدي إىل توزيع‬
‫املقاعد يف الدائرة الواحدة وهذا يستلزم تعدد املقاعد للدائرة االنتخابية‬
‫على الرغم من اإلجراءات والرتتيبات القانونية اليت تضمنها هذا القانون إال أنه طرح الكثري من اجلدل حول‬
‫م دى ض مان الت دابري املعتم دة لنزاه ة وش فافية العملي ة االنتخابي ة‪ ،‬حيث أدى يف هناي ة املط اف إىل ف وز ح زب‬
‫سياسي أثار الكثري من اجلدل حول طريقة نشأته يف ظرف وجيز استطاع أن يتحصل على أغلبية برملانية داخل‬
‫اجمللس الشعيب الوطين سنة ‪ ،1997‬ويف االنتخابات احمللية يف ذات العام ‪ ،‬فنمط التمثيل النسيب ينتظر منه إفراز‬
‫وتشكيل جمالس منتخبة متنوعة سياسيا إال أن ذلك يعد صعب التحقيق بالنظر إىل الظروف اليت أجريت فيها‬
‫تلك االنتخابات‪.‬‬

You might also like