Professional Documents
Culture Documents
الإثبات في العقد الإلكتروني
الإثبات في العقد الإلكتروني
قــــــــديـــــــم
في خضم الثورة الرقمية ،والصحوة المعلوماتية التي يعرفها الع الم الي وم ،حيث تكنولوجيا
المعلومات أصبحت تشكل الجهاز العصبي للمجتمعات الحديثة ،عرفت العمليات التعاقدية مجموعة
من التغيرات مست نظامها وبينتها القانونية ،فأصبح إبرام العق ود ال ذي يتم عن طريق وس ائل
االتصال الحديثة يثير اهتمام رجل القانون والقاضي على السواء.
وبمناسبة الحديث عن العقود المبرمة بوسائل االتصال الحديثة ،فقد أدى االنتشار المتنامي لهذه
الظاهرة إلى شيوع ما يسمى بالعقود اإللكترونية ،هذه األخيرة ب اتت الي وم تط رح مجموعة من
اإلشكاالت القانونية ،ال سيما الشق المتعلق باإلثبات ،وذلك بالنظر لتعقد العالق ات الناجمة عن مثل
هذا النوع من العقود ،واختالف الوسيط المادي الذي يتم من خالله تحرير العقد وتدوين بنوده .ففي
مثل هذا النوع من التعاقد تثور مجموعة من األسئلة الهامشية والمحورية في نفس ال وقت من قبيل
مدى اعتبار ما يتم تدوينه على الدعامات غير الورقية ،هو من قبيل الكتابة المعتد بها في اإلثب ات،
ومدى حجية هذه الكتابة ،وي زداد الوضع تعقي دا فيما لو أراد أط راف العقد التمسك ب المحرر
االلكتروني كدليل كتابي كامل ،كما يطرح التوقيع اإللكتروني باعتباره وليد مثل ه ذا الن وع من
المعامالت بدوره مجموعة من المشكالت.
وفي ظل غياب تشريع ينظم المع امالت اإللكترونية وس بل إثباته ا ،فليس للب احث يد من
ود لإلجابة ضرورة التنقيب والبحث في طلب القواعد العامة المضمنة في قانون االلتزامات والعق
على التساؤالت المشار إليها.
وسنعمل بإذن اهلل من خالل هذا الموضوع ،مالمسة أهم اإلشكاالت التي يطرحها اإلثبات في
العقود اإللكترونية ،وذلك في ضوء القواعد العامة ،إلدراك م دى اس تيعاب ه ذه القواعد للتعاقد
بواسطة ورسائل االتصال الحديثة ،مع الوقوف بين الفينة واألخرى عند بعض التجارب المقارن ة،
وخاصة التجارب ذات السبق في الموضوع.
فسنبحث أوال ،مسألة إثبات العقد اإللكتروني ب النظر للش روط المتعلقة بال دليل الكت ابي،
واالستثناءات الواردة عليه ،ومدى صحة االتفاقات (المبحث األول) ،قبل أن تق وم برصد لتط ور
1
التشريع المغربي والتشريعات المقارنة نحو األخذ بالتقني ات الحديث ة ،ومركز اإلثب ات من ذلك
(المبحث الثاني).
لقد جرى العرف واستقر العمل على ت دوين المح ررات الرس مية والعرفية على األوراق
وبالحروف الخاصة بلغة المتعاقدين أو اللغة التي يعتمدانها لتحرير العقد ،فإن اللج وء إلى ت دوين
المحررات على وسائط إلكترونية من خالل ومض ات كهربائية وتحويلها على اللغة ال تي يفهمها
الحاسب اآللي يثير التساؤل عن مدى اعتبار المحرر اإللكتروني من قبيل الكتابة.
: 1عمر أنجوم :الحجية القانونية لوسائل االتصال الحديثة ،دراسة تحليلية في نظام اإلثبات المدني ،ص 137 :أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،جامعة
الحسن الثاني ،عين الشق ،السنة الدراسية 2003/2004
3
اد في أن الكتابة ال فمن الجدير بالتأكيد أنه ليس هناك في القانون أو في اللغة ما يلزم باالعتق
تكون إال على الورق ،وتأكد هذا المعنى في مرجع LAMYفي قانون المعلوماتية حيث أشار إلى
أن المشرع لم يشر إلى دعامة من نوعية معينة ،هذا وتأكيدا لما سبق ف إن الكث ير من االتفاقي ات
الدولية تتبنى هذا الرأي ومنها على سبيل المث ال ،اتفاقية األمم المتح دة الموقعة فيها بش أن النقل
الدولي للبضائع لسنة 1981التي تنص المادة 13منها على أنه فيما يخص أغراض ه ذه االتفاقية
ينصرف مصطلح الكتابة أيضا على المراسالت الموجهة في شكل برقية أو تلكس ،1لذلك يتضح أن
الكتابة ال ينظر إليها من حيث ارتباطها بالدعامة أو الوسيط المستخدم في التدوين على دعامة مادية
محددة ،بل بوظيفتها في إعداد الدليل على وجود التصرف الق انوني وتحديد مض مونها بما يمكن
األطراف من ا لرجوع إليه في حالة نشوب خالف وقد اتفق الفقه أنه وحتى تقوم الكتابة بهذا الدور
فالبد أن يكون الوسيط مقروءا وأن تتصف الكتابة المدونة عليه باالستمرارية والثبات.
لذلك وحتى يمكن االحتجاج بمضمون المحرر المكتوب في مواجهة اآلخرين ف إن المح رر
يجب أن يكون مقروءا ،وبالتالي يجب أن يكون مدونا بحروفا أو رموز معروفة ومفهومة للشخص
الذي يراد االحتجاج عليه بهذا المح رر ،ف إذا ما رجعنا إلى المح ررات االلكترونية نجد أنه يتم
تدوينها على الوسائط بلغة اآللة ال يمكن أن يراها اإلنس ان بش كل مباشر وإنما البد من إيص ال
المعلومات في الحاسب اآللي ال ذي يتم دعمه ب برامج لها الق درة على ترجمة لغة اآللة إلى اللغة
المقروءة لإلنسان ،وعلى الرغم من ذلك ،وبالنظر إلى أنه يضمن قراءة هذه المح ررات في جميع
األحوال باستخدام الحاسب اآللي وهو ما يعني استيفاءها للشرط المتعلق بإمكان القراءة والفهم طالما
2
أن اللغة التي تظهر على الشاشة هي لغة مفهومة ومقروءة ألطراف العقد.
ورغم ذلك فإن بعض مخرجات الحاسب اآللي ال تثير أية ص عوبة من ه ذه الناحية فالبطاقة
والشرطة المثقبة ،والدعامات الورقية المتصلة ،تتضمن دون شك "كتاب ة" ب المعنى التقلي دي في
قواعد اإلثبات إال أن هناك في المقابل بعض المضرجات التي تبدو محل شك كاألشرطة الممغنطة،
واألسطوانات الممغنطة ،والميكرو فيلم.
فبالنسبة للميكرو فيلم يمكن القول أنه يأخذ قانونا حكم الكتابة التقليدية ،فالف ارق الوحيد بينهما
كما يرى البعض ،يكمن في مادة وركيزة الدليل فهي من الورق بالنس بة لكتابة العادية ومن م ادة
: 1عمر أنجوم :المرجع السابق ،ص140 :
: 2حسن عبد الباسط جميعي :إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق االنترنيت Y،ص ،19/20 :دار النهضة العربية ،سنة 2000
4
بالستيكية للميكرو فيلم ،أما بالنسبة لألشرطة الممغنطة وما في حكمه ا ،ف األمر ال يب دو به ذه
تروني دون أن البساطة ،فهي تحتوي على معلومات تم تخزينها مباشرة على ذاكرة الحاسب االلك
يكون لها أصل مكتوب وال يمكن واألمر هك ذا اإلطالع عليها إال من خالل عرض ها على شاشة
الحاسب ،وقد يق ال ل ذلك أنها ال تتض من كتابة على اإلطالق بل هي أق رب على التس جيالت
1
الصوتية.
ورغم ذلك ،وتأكيدا لما سبق ذكره ف إن منظمة المواص فات العالمية ،ISOوبخص وص
المواصفات الخاصة بالمحررات أكدت أن المحرر هو " :مجموعة المعلومات والبيان ات المدونة
على دعامة مادية ...يسهل قراءتها عن طريق اإلنسان أو باستخدام آلة مخصصة لذلك".
وكذلك من أجل حسم هذه المسألة فقد أضاف المشرع الفرنسي في ش أن اإلثب ات عن طريق
الوسائل االلكترونية نص المادة 1316من القانون المدني والذي تم تعريف المحرر المس تخدم في
ود اإلثبات بأنه " :كل تتابع للحروف أو الرموز أو األرقام أو أي إشارات أخرى تدل على المقص
منها ويستطيع المغير أن يفهمها"...
باإلضافة على اشتراط كون المحرر الكتابي مق روءا ،يش ترط أيضا لالعت داء بالكتابة في
اإلثبات أن يتم التدوين على وسيط يسمح بثبات الكتابة عليه واستمرارها بحيث يمكن الرج وع إلى
المحرر كلما كان ذلك الزما لمراجعة بنود العقد أو لعرضه على القض اء عند ح دوث خالف بين
أطرافه.
فإذا كانت الوسائط الورقية بحكم تكوينها المادي تسمح بتحقيق هذه الش روط ف إن اس تخدام
الوسائط االلكترونية يثير التساؤل عن مدة تحقق ه ذا الش رط فيها ح تى يمكن اعتبارها من قبيل
تروني قد تمثل عقبة في المحررات الكتابية ،وفي هذا الصدد فإن الخصائص المادية للوسيط االلك
سبيل تحقق هذا الشرط .ذلك أن التكوين المادي والميكانيكي للشرائح الممغنطة وأقراص التس جيل
المستخدمة في التعاقد عن طريق االنترنت تتميز بقدر من الحساسية بما يعرضها للتلف السريع عند
اختالف قوة التيار الكهربائي أو االختالف الشديد في درجة حرارة تزين هذه الوسائط ،وهي ب ذلك
تعد أقل قدرة من األوراق على االحتفاظ بالمعلومات لمدة طويلة.
: 1محمد أخياط :بعض التحديات القانونية التي تثيرها التجارة االلكترونية ،مجلة اإلشعاع ،ص ،14/15 :العدد ،25السنة 2002
5
ومع ذلك فإن هذه الصعوبة الفنية قد أمكن التغلب عليها باستخدام أجهزة ووسائط أكثر ق درة
وبالتالي يمكنها االحتفاظ بالمعلومات لمدة طويلة ربما تفوق قدرة األوراق العادية ال تي تت أثر هي
األخرى بعوامل الزمن وقد تتآكل بفعل الرطوبة نتيجة لسوء التخزين.
الرجوع إليه ويعني ذلك أن عقبة االحتفاظ بالمحرر المكتوب لفترة طويلة من الزمن تسمح ب
كلما كان ذلك الزما أمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تتغلب عليها مما يع ني أن المح رر المع رفي
يستوفي بذاته ومتى استخدمت هذه التكنولوجيات شرط استمرارية الكتابة على الوسيط.
ويجب أيضا حتى يعتد بالدليل الكتابي في اإلثبات باإلضافة إلى كونه مقروءا ،ومتميزا بالثبات
واالستمرارية ،يجب كذلك أن ال تكون هذه الكتابة قابلة للتعديل إال بإتالف المح رر أو ت رك أثر
مادي عليه ،فبخصوص المحررات المدونة على الورق فإنه ال يمكن تعديلها إال بإتالفها أو إح داث
تغييرات مادية يسهل التعرف عليها سواء بواسطة القراءة العادية أو من خالل الرجوع على الخبرة
الفنية.
على أنه وبخالف األوراق التي تتحقق فيها هذه المواصفات ،ف إن الكتابة على الوس ائط
االلكترونية من أقراص وشرائط ممغنطة تفتقد بحسب األصل لهذه القدرة ،بل إن افتقادها هو سبب
تفوقها على الوراق من ناحية االستخدام العملي لها ،فاألصل في التدوين على الوسائط االلكترونية
هو قدرة كل طرف من األطراف على تعديل مضمون المحرر وإعادة تنسيقه باإلضافة أو اإللغ اء
أو المحو بدون أن يظهر لهذا التعديل أي أثر مادي يمكن مالحظته أو اكتشافه.
ويترتب على هذا االختالف المادي بين األوراق والوسائط االلكترونية أن المحرر االلكتروني
ات يفتقر بحسب األصل على شرط من أهم الشروط التي تتصل بوظيفة المحرر الكتابي في اإلثب
والتي تهدف إلى تحقيق الثقة في البيانات المدونة في المحرر.
ومع ذلك فإن التطور التكنولوجي قد أدى إلى حل ه ذه المش كلة أيضا عن طريق اس تخدام
برامج حاسب آلي بتحويل النص الذي يمكن التعديل فيه إلى ص ورة ثابتة ال يمكن الت دخل فيها أو
تعديلها ويعرف هذا النظام باسم (.)Document image processing
كذلك فقد أمكن حفظ المحررات االلكترونية في صيغتها النهائية وبش كل ال يقبل التب ديل من
خالل حفظها في صناديق الكترونية ال يمكن فتحها إال بمفتاح خاص يهيمن عليه جهات معتمدة من
6
قبل الدولة ،بحيث تؤدي محاولة أط راف التعامل تع ديل الوثيقة االلكترونية إلى إتالفها أو محوها
تماما.
ومما ال شك فيه أن ترك تقييم مدى إمعان قبول المحرر االلكتروني ال ذي يتم ت أمين بياناته
تي بواسطة نوع معين من المحررات في اإلثبات بالمقارنة بالمحررات المدونة على األوراق وال
يلتزم القاضي بقبولها كدليل كامل متى كانت موقعة من أطرافها وحيث أن ذلك من شأنه إض عاف
الثقة في المحررات االلكترونية ،فإننا نعتقد في وجوب ت دخل المش رع ب النص ص راحة على
التكنولوجيا المعتمدة في تأمين بيانات لمحررات بما يجعلها تستوفي شرط "ع دم القابلية للتعلي ل"
1
وبدون حاجة إلى تدخل القاضي في تقدير مدى توفر هذا الشرط.
اإللكتروني
يشكل التوقيع العنصر الثاني من عناصر الدليل الكت ابي المتطلب ق انون لمص لحة الورقة
العرفية وكذلك بالنسبة للورقة الرسمية ،وهو ما يؤكده الفصل 426من قانون االلتزامات والعق ود
المغربي الذي ينص على أنه << :يسوغ أن تكون الورقة العرفية مكتوبة بيد الشخص الملتزم بها
بشرط أن تكون موقعة منه ،ويلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم وأن يرد في أس فل الورق ة ،وال
يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع ،ويعتبر وجوده كعدمه>>.
يذهب األستاذ Gerve Crozeإلى أن اصطالح التوقيع يستعمل بمعنيين :األول أنه عبارة
نى عن عالمة أو إشارة تسمح بتمييز شخص الموقع ،والثاني هو فعل أو عملية التوقيع ذاتها ،بمع
وضعه على مستند يحتوي معلومات معينة ،ويعتبر المعنى األول هو المعنى المقصود بالتوقيع في
نطاق اإلثبات ومن هذا التعريف يمكن استخالص عناصر التوقيع الجوهرية وهي أن يكون عالمة
1
خطية وشخصية لمن ينسب إليه المحرر ،ثم أن يترك أثرا متميزا يبقى وال يزول.
والتوقيع إما أن يكون خطيا ،وإما أن يكون بالبصمة ختما أو إصبعا ،فالتوقيع الخطي يكون بيد
من ينسب إليه المحرر بحيث يقوم محدد لشخصية الموقع حتى ولو لم يكتب المح رر بخط ي ده،
اء باليد على خالف بعض وتجدر اإلشارة على أن المشرع المغربي قد حصرا التوقيع في اإلمض
: 1حسن عبد الباسط جميعي :المرجع السابق ،ص23/24 :
: 1محمد السعيد رشدي :التعاقد بوسائل االتصال الحديثة ومدى حجيتها في اإلثبات ،ص ،186 -184منشأة المعارف باإلسكندرية ،السنة2005 :
7
التشريعات األخرى التي أتاحت إمكانية التوقيع باليد أو ب الختم أو ببص مة األص بع كالمش رع
المصري.
أما التوقيع اإللكتروني أو الرقمي فهو إجراء معين يقوم به الش خص الم راد توقيعه على
المحرر سواء في األمر بأن يحتفظ بالرقم أو الشفرة بش كل آمن ويس ري بمنع اس تعماله من قبل
الغير ،ويعطي الثقة في أن صدوره يفيد أنه بالفعل صدر من صاحبه.
وتكمن وظيفة التوقيع اإللكتروني في وظيفتين أساسيتين:
أ -أن التوقيع الرقمي يثبت الشخص الذي وقع الوثيقة بانصراف إرادته إلى االلتزام بما وقع
عليه.
ب -أن التوقيع الرقمي يحدد الشيء أو الوثيقة التي تم توقيعها بشكل ال يحتمل التغيير.
2
والسؤال الذي يث ار هن ا ،هو هل يحقق التوقيع ال رقمي نفس الوظيفة ال تي يحققها التوقيع
العادي؟
ويرجع هذا التساؤل إلى الخصائص المادية الفري دة ال تي يتم يز بها التوقيع االلك تروني
بالمقارنة بالتوقيع التقليدي الذي يضعه الشخص بخط يده على المح رر الكت ابي ال ذي يتم تهيئته
ليكون دليال في اإلثبات.
ولعل أهم األسباب التي تدعو إلى التشكك في قيمة التوقيع االلكتروني ترجع إلى انفصال ه ذا
النوع من التوقيع عن شخصية صاحبه وإمكان تكراره ب دون موافقته أو عمله إذا لم يتم اس تخدام
تقنيات تكنولوجية معقدة من أجل تأمينه.
كذلك فإن هذا التوقيع وحتى برفض استيفائه لذات الخصائص التي يتمتع بها التوقيع التقلي دي
لن يرتبط ارتباطا ماديا بالمحرر الكتابي الذي تتم تهيئته كدليل لإلثبات إال إذا وجدت تقنية تكفل ذلك
يعترف بها القانون ويعتمدها القضاء ،وفي ضوء ذلك فإن جانبا كب يرا من الفقه قد رفض اعتب ار
التوقيع اإللكتروني مماثال للتوقيع التقليدي بخط اليد ،رغم أن اختالف التوقيعين يكمن في الوس يلة
وليس في الهدف أو الوظيفة المبتغاة منه ،وهو بذلك – التوقيع اإللكتروني -ش أنه في ذلك ش أن
التوقيع التقليدي يصدر عن صاحبه لإلفصاح عن شخصيته والتعبير عن إرادته بقب ول التص رف
الذي يتم التوقيع عليه وااللتزام بما يرد فيه من شروط.
:نور الدين الناصري :مدى مالئمة قواعد اإلثبات في قانون االلتزامات والعقود المغربي لوسائل االتصال الحديثة دوليا ووطنيا. 2
8
ني عليها وهكذا فإن وجه االختالف الوحيد بينهما يكمن في مدى تحقيق التوقيع للثقة التي يب
اوى مع المشرع حجية التوقيع في اإلثبات ،فإن توفرت ذات الثقة في التوقيع اإللكتروني فإنه يتس
التوقيع التقليدي في حجيته في اإلثبات ،وتتعدد هذه الثقة في نوع التكنولوجيا المستخدمة في ت أمين
التوقيع .1وذلك باالعتماد على أدوات ووسائل التشفير بالمفتاح العمومي ،وعلى إص دار ش هادات
مصادقة الكترونية من هيئات معترف بها يطلق عليها اسم الشخص الثالث المص ادق ويمثل ه ذا
الطرف الثالث المحايد في أفراد أو شركات أو جهات مستقلة محاي دة تق وم ب دور الوس يط بين
المتعاملين لتوثيق تعامالتهم االلكترونية ،ودوالرها باإلضافة على إصدار ش هادات التوثيق بتحديد
هوية المتعاملين في التعامالت االلكترونية ،وتحديد أهليتهم القانونية للتعامل والتعاق د ،والتحقق من
مضمون هذا التعامل ،وسالمته وكذلك جديته وبعده عن الغش واالحتيال.
كما تقوم أيضا بإصدار المفاتيح االلكترونية سواء المفتاح الخاص الذي يتم بمقتض اه تش فير
التعامالت االلكترونية ،أو المفتاح العام الذي ليتم بواسطته فك التشفير وقد أس ند – مثال -ق انون
المعامالت والتجارة االلكترونية إلمارة دبي أعمال المصادقة االلكترونية إلى "م راقب لخ دمات
التصديق" ال ذي يتم تعيينه بق رار من رئيس س لطة منطقة دبي الح رة للتكنولوجيا والتج ارة
االلكترونية واإلعالم.2
ية لهذا فإن التوقيع االلكتروني يتفوق على التوقيع التقليدي بالنظر إلى أن استيفاء من شخص
صاحب التوقيع يتم بشكل روتيني في كل مرة يتم فيها استخدام الرقم السري أو المفت اح الخ اص،
وبالتالي فإنه ال مجال لالنتظار حتى يحدث النزاع للبحث في مدى صحة التوقيع كما هو الشأن في
أغلب األحوال بالنسبة للمحررات الموقعة بخط اليد.3
إال أن اإلشكال يثار حول قدرة التوقيع االلكتروني في التعبير عن إرادة صاحبه في الرض اء
بالتعاقد والقبول بااللتزام ،حيث يرى جانب من الفقه أنه ال يجوز معادلة التوقيع الي دوي ب التوقيع
االلكتروني ،إذ يتعذر التثبت من حضور الموقع ومن وج وده الم ادي فعليا وقت التوقي ع ،وهو
دوي فال يمكن مثال التأكيد على أن من يوقع الكترونيا بعد من وراء عنصر أساسي في التوقيع الي
: 1محمد أخياط :بعض التحديات القانونية التي تثيرها التجارة االلكترونية ،مجلة اإلشعاع ،عدد ،25صفحة ،17السنة 2000
: 1حسن عبد الباسط جميعي ،المرجع السابق ،ص.48-47 :
10
المطلب الثانيـ :إثبات العقود اإللكترونيةـ بواسطة االستثناءات القانونيةـ
المقررة على الدليل الكتابيـ واالتفاقات الخاصة
تعرفنا في المطلب األول على الشروط الواجبة التوفر في الدليل الكتابي حتى يمكن االعتداد
به في اإلثبات ،وهى الكتابة والتوقيع ،وخلصنا إلى أن الورقة العرفية ال يمكن أن تستوعب
طرق االتصال الحديثة ألن المشرع بص ريح العب ارة في مقتضي الفق رة الثانية من الفصل
426من ق ل ع أشترط وجوبا أن يكون التوقيع بخط يد المل تزم ،وهو م اال يمكن مجاراته
عمليا مع تطور وسائل التعاقد عن بعد.
وعلى الرغم من أن القاعدة العامة في إثبات التصرفات في الميدان المدني هو التقييد ،ووجوب
إثباته كتابه إذا تجاوزت قيمة التصرف 250درهم حسب مقتضيات الفصل 443من ق ل ع،
إال أن المشرع أورد عدة استثناءات على هذه القاعدة ،يمكن من خاللها االستغناء عن ضرورة
التوفر دليل كتابي كامل واالكتفاء بأي وسيله أخرى من وسائل اإلثب ات ،وهى واردة على س بيل
الحصر<< الفقرة األولى>> ومن جهة أخرى قد يعمد األطراف إلى االتفاق فيما بينهم على إعطاء
الحجية لوسيلة معينه يتم اللجوء إليها في اإلثبات عند النزاع ،الشيء الذي يطرح اإلش كال ح ول
مدى صحة هذه االتفاقات <<الفقرة الثانية >>.
11
وتعتبر صادرة من الخصم كل حجة يحررها بناء على طلبه ،موظف رسمي مختص ،في الشكل
الذي يجعلها حجة في اإلثبات ،وكذلك أقوال الخصوم الواردة في محرر أو حكم قضائي صحيحين
شكال).
ويستنتج من نص الفصل أعاله أنه يستلزم إلعمال هذا االستثناء شرطان ،أولهما أن توجد
كتابة ،وثانيهما أن تكون صادرة ممن يحتج بها ضده ،لكن ما المقصود بالكتابة في هذه الحالة؟ وما
هي الحلول القانونية المتبعة في حالة إنكار هذه الورقة ممن يحتج بها ضده؟.
وبالرجوع إلى أغلب الفقه 1نراه يجيب على أن الكتابة هنا تؤخذ بأوسع معنييه ا ،فهي
تنصرف إلى أية كتابه دوناشتراط أيشكل خاص أو توقيع ،ودونأنتكون معدة لإلثبات،ولكنإذا
دون عليها ما أخذنا بهذا المفهوم يطرح تساؤل أخر بخصوص طبيعة الدعامة التي يجب أنت
الكتابة ؟
إذا ما تمعنا في الفصل السابق نجده خاليا من أي تحديد لطبيعة الدعامة ،أي انه ال يوجد ما يلزم
أن تكون الكتابة فوق ورق عادى ،ولكن بشرط أساسي وأن تكون الكتابة الموجودة على الدعامة ال
تقبل التعديل أو التغيير ،فإذا ما توافرت هذه الشروط يمكن الحديث عن توافر شرط الكتابة.
أما فيما يتعلق بالشرط الثاني أي بوجوب صدور تلك الكتابة عمن يحتج بها عليه ،فإن طبيعة
بة التعامالت اإللكترونية والتي تتم عن طريق وسائط ليس لها وجود مادي ،فإنه تبرز صعوبة نس
هذه الكتابة ألي الشخص المراد االحتجاج بها ضده ،باإلضافة إلى الحالة التي ينكر فيها الش خص
الكتابة التي صدرت منه ،فال يوجد من الوسائل ما يمكن أن تبرهن على أن هذه الكتابة قد ص درت
منه فعال ،وذلك بخالف الكتابة التقليدية والتي تتم على محرر مادي ملم وس يمكن أن يحتج به في
كل سهوله إذا ما كان موقعا منه أو مكتوبا بخط يده أو من ينوب عنه.
لهذا نؤيد بعض الفقه 2الذي يذهب إلى استبعاد التعامالت االلكترونية من إعطاءها صفة بداية
حجة كتابية لألسباب التي تم ذكرها ،وتفنيدا لما ذهب إليه بعض الفقه األخر 3من إمك ان إعط اء
1
.إدريس العلوى العبدالوى .وسائل اإلثبات في التشريع المغربي .مطبعة النجاح الجديدة .طبعه .1977ص 120وما بعدها.
.عبد الرزاق السنهوري .الوسيط في شرح القانون المدني .نظرية االلتزام بوجه عام .الجزء الثاني .دار النهضة العربية.القاهرة .1964ص.420
?.محمد محمود لطفي .استخدام وسائل االتصال الحديثة في التفاوض على العقود وإبرامها.القاهره.1993ص.23
.2حسن عبد الباسط جميعي.إثبات Yالتصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق االنترنت.دار النهضة العربية طبعة . 2000ص 61وما بعدها.
حاجى صليحة.الوفاء الرقم عبر االنترنت .المظاهر القانونية.أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص.كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية .وجدة
سنة .2004.2005ص .151
? :محمود محمد أبوفروه.الخدمات البنكية االلكترونية عبر االنترنت .رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص .كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية.وجدة سنة 2005.2006ص .76
. 3محمد السعيد رشدى.التعاقد بوسائل االتصال الحديثة مع التركيز على البيع بواسطة التلفزيون.مطبوعات جامعة الكويت .الطبعة األولى .2001ص .64
?
.الحسن الملكي.التجارة االلكترونية .قراءة قانونية .مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية.العدد 89سنة .2001ص81وما يليها.
12
المحررات االلكترونية صفة بداية حجة كتابيه بشرط أن تكون موقعه إلكترونيا ممن صدرت عنه،
وهو ما يتجافى إطالقا مع صريح مع قانون االلتزام ات والعق ود من ع دم االعت داد ب التوقيع
اإللكتروني وعدم إعطاءه حجية التوقيع التقليدي.
وتعقيبا على رأى الجانب المعارض لفكرة تعلق قواعد اإلثبات الموضوعية بالنظام العام محيال
في ذلك على رأى غالبية الفقه والقضاء في فرنسا ومصر رغم صراحة النص في كال التش ريعين
من خالل المادة 1341من التقنين المدني الفرنسي وتقابلها نص الم ادة 60من ق انون الواثبات
المصري والتي نورد نصهما لألهمية البالغة وهو ينص على( :في غير الم واد التجارية إذا ك ان
التصرف القانوني تزيد قيمته عل مائة جنيه ،أو كان غير محدد القيمة ،فال تجوز شهادة الشهود في
: 1أحمد حبيب Yالسماك :نظام اإلثبات Yفي الشريعة اإلسالمية والقانون الوصفي ،مجلة الحقوق ،كويتية ،السنة الحادية والعشرون ،العدد الثاني ،يونيو 1997
16
والواقع أنه باستقراء بعض القوانين الخاصة نجد المشرع المغربي قد كان على قدر من الجرأة
من خالل اعتماده على التقنيات الحديثة في اإلثبات وإن كانت هذه المبادرة قد تصطدم أحيانا ببعض
ود في األسس والمبادئ التي تفرضها قواعد اإلثبات التقليدية المنظمة في قانون االلتزامات والعق
الوقت الذي نجد فيه تشريعات أخرى وعلى رأسها القانون الفرنسي قد تثبت قواعد مضبوطة إلثبات
العقد.
فنبحث أوال موقف التشريع المغربي والتشريعات المقارنة من التقنيات الحديثة في مجال إثبات
العقد االلكتروني (المطلب األول) ،قبل أن نستخلص حدود استيعاب القواعد العامة ،إلثبات العق ود
االلكترونية (المطلب الثاني).
:أحمد شرف الدين :عقود التجارة االلكترونية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وقانون التجارة الدولية ،جامعة عين شمس ص316 : 1
17
أما بالنسبة لصورة فقد أخضع المشرع الفرنسي عن منحها حجية في اإلثبات متى توافر على
شرطين أساسيين هما:
ون المطابقة +التطابق :ومعناه أن تأتي الصورة مطابقة لألصل مطابقة تامة ،بمعنى أن تك
في الشكل والمضمون.
ي، +الـدوام :من خالل التعريف الوارد في الفقرة 2من المادة 1348من التقنين الفرنس
يتضح أن المقصود بالدوام ،اإلثبات ،وعدم القابلية ل زوال ،وع دم ص الحية
الدعمات المستخدمة إلعادة استخدامها مرة أخرى.
وهكذا فمتى استوفت الصورة هذين الشرطين إال واعتبرت ذات حجية في اإلثب ات إذا ك ان
لطة التقديرية للقاضي دون الرقابة األصل غير موجود ،مع العلم أن هذه الحجية تبقى خاضعة لس
2
عليه من محكمة النقض فإن شاء أخذ بها وإن شاء طرحها جانبا.
ثانيا :موقف المشرع المصري
في ظل القانون الحالي أبى المشرع المص ري إال أنيمنح لوس ائل االتص ال الحديثة حجية
قانونية في اإلثبات ،فمعلوم أن الق انون المص ري يتطلب الكتابة في إثب ات بعض التص رفات
القانونية.
بيد أنه في نطاق هذه التصرفات القانونية أورد بعض االستثناءات التي ال يل زم فيها وج ود
الدليل الكتابي الكامل ،ثم أن المشرع المصري أخذ بمبدأ اإلثبات الحرفي مواجهة التجار في المادة
التجارية ،وسمح لألطراف باستبعاد نظام اإلثبات واالتفاق عل تنظيم حجية المس تندات والوث ائق
التي يتعاملون بها ،فقواعد اإلثبات قواعد مكملة وليس آمرة ،ومن تم يج وز االتف اق على مخالفة
أحكامها .ثم إن المشرع قد أجاز بنص صريح اإلثبات بكافة الطرق والوسائل ما دام هن اك م انع
يتعذر معه إعمال الدليل الكتابي أيا كان نوع هذا المانع.
ويدخل في ذلك المانع بحكم عادة فمتى اعتاد األف راد مثال التعامل فيما بينهم دون الحص ول
على دليل كتابي كما هو الحال في التعامل بوسائل االتصال الحديثة يستسيغ األخذ به ذه الوس ائل
حجة في اإلثبات.
: 2محمد السعيد رشدي :التعاقد بوسائل االتصال الحديثة ،اإلسكندرية ،منشأة المعارف ،ط ،2005ص 241 :وما يليها.
18
والمانع سيان أكان مانعا ماديا ناشئا من الظروف الجارحية إلبرام التصرف والتي تمنع ماديا
من الحصول على دليل كتابي أو مانعا أدبيا ناشئا عن اعتبارات معنوية دون المطالبة بالكتابة ،قلنا
تحقق المانع بنوعيه يسعف األخذ بوسائل االتص ال الحديثة في اإلثب ات كالحاسب مثال خصوصا
النسخة االلكترونية ومصفرات الفيلمية وموقع الويب وهي الصفحة التي تظهر على شاشة الحاسب
االلكتروني.
19
تصرف العمالء والقيام بإداراتها ،من دون أن تحدد هذه المادة ما إذا كانت هذه الوس ائل تقليدية أو
آلية حديثة ،وهو األمر الذي تجاوزته المادة 4من نفس القانون أكدت صراحة بأن " :وسائل الدفع
هي جميع الوسائل التي تمكن أي شخص من تحويل األموال حينما كانت الطريقة أو الخطة التقنية
المستعملة لذلك".
فهذه المادة جاءت على صيغة العموم دون تحديد أكانت هذه الوسائل شيكا أو كمبيالة أو سند
ألمر أو إذ ناب بالتحويل أو فاكسا أو بطاقة ائتمان أو وفاء أو وثيقة معلوماتية أو بيانات الكترونية،
ولعل في ذلك أخذ صريح لمستجدات التقنيات الحديثة واألكثر من ذلك المادة 106من نفس القانون
اعترفت صراحة بالحجية القانونية لكشوف الحسابات والتي نعلم أنهتا أحد مس تخرجات التقني ات
الحديثة ،1وهو ما كرسه العمل القضائي في أحد قراراته حينما اعتبر الكشوف الحس ابية البنكية لها
2
حجيتها رغم إنكار.
ارا وألجل ذلك قيل بأن القانون المتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان مراقبتها ،قانون رائد وإط
قانونيا وتجريبيا لمدى نجاعة وسائل اإلثبات الحديثة ،خاصة وأنه يمس ش ريعة عريضة وحساسة
من المجتمع.
3
ثانيا :قانون حرية األسعار والمنافسة
جاء القانون 06.99المتعلق بحرية األسعار والمنافسة بأحك ام ال غ نى عنها لتحقيق التنمية
االقتصادية ،وضمان رفاهية المستهلك ،وتتجسد هذه األحك ام في تنظيم حرية األس عار من جهة
وتنظيم المنافسة الحرة من جهة ثانية .والهدف بطبيعة الح ال هو ض مان الش فافية والنزاهة في
العالقات التجارية.
ومن األمور التي تحسب لهذا الق انون الجديد حرصه على التالئم مع مس تجدات التقني ات
الحديثة ،وهو ما نلمسه من قراءة بعض مواده.
وهكذا فقد جاء في المادة " :47يجب على كل من يبيع منتوجات أو يق وم خ دمات أن يعلم
المستهلك عن طريق وضع عالمة أو ملصق أو إعالن أو بأي طريقة مناس بة أخ رى باألس عار
والشروط الخاصة للبيع أو ال تجاز خدمة".
: 1جاء في سياق المادة 106ما يلي " :كشوف الحسابات التي تعدها مؤسسات االئتمان وفق الكيفية التي يحددها وغلى بنك المغرب بعد موافقة لجنة مؤسسات
االئتمان تعتمد في الميدان القضائية باعتبارها وسائل إثبات بين المؤسسات وعمالئها Yمن التجار في المنازعات التي تنشأ فيما ينهم على أن يثبت Yما يخالفها.
: 2قرار تجاري عدد 1370في ،2000-10-11ملف تجاري عدد 1771/99مجلة المحاكم المغربية عدد 88ماي ،2001ص113-113 :
: 3جاء ظهير شريف رقم 01-00-225صادر في 2ربيع األول 1421موافق ل 5يونيو 2000ينفذ القانون 06.99المتعلق بحرية األسعار والمنافسة،
الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4810في 6يوليوز 2000ص1941 :
20
فإعالم المستهلك بأسعار المنتوجات والخدمات وغيرها كما جاء في صريح المادة يمكن أن يتم
بأي طريقة أخرى مناسبة ،والتي قد تكون فاكس أو إنترنيت وغيرها من التقنيات الحديثة.
كما جاء فقي المادة 48على أنه " :يجب على من يبيع منتوجات أو يقدم خ دمات أن يس لم
فاتورة أو تذكرة صندوق أو أي وثيقة أخرى يقوم مقامها على كل مستهلك بطلب ذلك" فالف اتورة
4
قد تقوم مقامها أي وثيقة أخرى ،حتى ولو كانت أحد مستخرجات التقنيات الحديثة.
ات الحديثة إمكانية فالواضح إذن أن الصياغة العامة لهذه النصوص ،تمنح لمستجدات التقني
المساهمة في حماية المستهلك من جهة ،وإضفاء الشفافية على العالقات التجارية بين المهن يين من
جهة أخرى .خاصة وأنها تمكن هؤالء األطراف من مجموعة من الوسائل التقنية التي تسهل عملية
التعامل فيما بينهم.
ثالثا :مدونة الشغل الجديدة
من خصوصيات القانون االجتم اعي أنه لم يكتف بالقواعد العامة في اإلثب ات ال واردة في
ق.ل.ع فهكذا ومراعاة منه للمراكز االقتصادي الضعيف لألجير في مواجهة المشغل فإنه ح رص
ائل في ثالثة على تنظيم إثبات األجر بمقتضى وسائل خاصة تسير عمل القضاء وتتمثل هذا الوس
وهي :ورقة األداء ،دفتر األداء ،وتوصيل تصفية كل حساب.
والمالحظ أن المشرع المغربي في المدونة الجديدة للش غل ،اعت بر بعض التقني ات الحديثة
وسائل اإلثبات واقعة أداء األجر ،فقد جاء في المادة " :372يمكن بطلب من المش غل االستعاضة
عن دفتر األداء ،باعتماد أساليب المحاسبة الميكانوغرافية أو المعلوماتية أو أية وس يلة أخ رى
بين وسائل المراقبة التي يراها العون المكلف بتفتيش الشغل كفيلة بأن تقوم ذلك الدفتر".
ثمن هنا ،يجب على المشغل أن يحتفظ بمس تندات المحاس بة الميكانوغرافية والمعلوماتية أو
رك بوسائل المراقبة األخرى التي تقوم مقام دفتر األداء هذه ال تقل عن سنتين من تاريخ اعتماد ت
المستندات أو الوسائل مع وجوب وضعها رهن إشارة عون التفتيش ومفتشي الص ندوق الوط ني
1
للضمان االجتماعي الذين يمكنهم طلب اإلطالع عليها في أي وقت.
: 4محمد بوشيبة :اإلثبات بين القواعد التقليدية ومستجدات التقنيات الحديثة ،أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في الحقوق ،شعبة قانون األعمال ،جامعة الحسن
الثاني عين الشق ،السنة الجامعية ،2004-2003ص264 :
: 1أستاذنا عبد اللطيف خالفي :الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء األول ،عالقات الشغل الفردية ،المطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ،الطبعة األولى ،2004
ص331 :
21
ربي والواقع أن هذه المقتضيات إن دلت فإنها تدل على متى واحد ،وهو انفتاح التشريع المغ
على التقنيات الحديثة ،واعتبارها ذات حجية في اإلثبات.
رابعا :قوانين خاصة أخرى
إن اعتماد التقنيات الحديثة ،لم تقف فقط عند حدود النصوص القانونية المش ار إليه ا ،بل
تتعداها إلى نصوص أخرى مثل:
-1قانون رقم :15-97بمثابة مدونة التحصيل الديون العمومية ،والذي جاء في مادته 20
أنه" :تؤدى الضرائب والرسوم والديون العمومية أخرى إما نقدا أو بواسطة تسليم ش يك أو عن
طريق تحويل الدفع لفائدة حساب مفتوح في اسم المكلف بالتحصيل أو بأي وسيلة أخ رى لألداء
منصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل"...
فأداء الديون العمومية قد يتم بأي وسيلة أداء ،والتي قد تكون أحد مستجدات التقنيات الحديثة
ما دام أنه من شأن هذه التقنيات الوصل إلى الغاية المتوخاة أال وهي أداء الدين العام.
-2القانون رقم :9.88المتعلق بالقواعد المحاسبة الواجب على التج ار العمل بها وال ذي
أوجب في مادته األولى على " :كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة تاجر بمدلول هذه الكلمة في
واردة في قانون التجارة أن يمسك محاسبته وفق القواعد التي ينص عليها القانون والبيانات ال
الجداول الملحقة به."...
فلكي تكون المحاسبة دقيقة وفعالة خاصة بالنسبة للمؤسسات الكبرى ،فإنه من األفيد االستعانة
بة، بمستحضرات ومستجدات التقنيات الحديثة إلنجاز مختلف العمليات التي ترتكز عليها المحاس
فتصبح تلك المستخرجات المضبوطة كوثائق محاسبية يمكن االعتماد عليها في إثبات الحقوق سيما
بين التجار.
وإضافة إلى هذه النصوص والقوانين الخاصة ،فإن هن اك مجموعة من الظه ائر قد اهتمت
مستجدات التقنيات الحديثة وأشارت إليها سواء من بعيد أو من قريب ونذكر من بين هذه الظهائر:
-ظهير شريف معت بر بمثابة ق انون رقم 1-93-221ص ادر في ربيع اآلخر 1414
موافق ل 21سبتمبر 1993يتعلق ببورصة القيم
22
-ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم 1-93-212صادر في 04ربيع اآلخر 1414
موافق ل 21سبتمبر 1993متعلق بمجلس القيم المنقولة وبالمعلومات المطلوبة على
األشخاص المعنوية التي تدعو الجمهور إلى االكتساب على اسمها أو سنداتها.
-ظهير شريف رقم 01-00-19صادر في 09ذي القعدة 1420موافق ل 15فبراير
2000بتنفيذ القانون رقم 1797المتعلق بحماية الملكية الصناعية.
-ظهير شريف رقم 1-00-20صادر في 09ذي العقدة 1420موافق ل 15ف براير
2000بتنفيذ القانون رقم 2.00/2المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
: 1إدريس العلوي العبدالوي :وسائل اإلثبات Yفي التشريع المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،1990ص 97 :وما بعدها
-عبد الكريم شهبون :الشافي في شرح ق.ل.ع المغربي ،الكتاب األول ،االلتزامات بوجه عام ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة ،1999 ،ص399 :
24
وقد نص الفصل 447من قانون االلتزامات والعقود على الحالة االستثنائية األولى التي يجوز
فيها اإلثبات بالشهادة حيث جاء فيه:
<< ال تطبق األحكام المقررة فيما سبق (يعني الفص لين 443و )444عن دما توجد بداية
حجة بالكتابة ،وتسمى بداية حجة بالكتابة كل كتابة من ش أنها أن تجعل الواقعة الم دعاة قريبة
االحتمال إذا كانت صادرة ممن يحتج بها عليه ،أو ممن أنجز إليه الحق ،أو ممن ينوب عنه.
وتعتبر صادرة من الخصم كحجة يحررها بناء على طلبه ،موظف رسمي مختص ،في الشكل
الذي يجعلها حجة في اإلثبات ،وكذلك أقوال الخص وم ال واردة ي مح رر أو في حكم قض ائي
صحيحين شكال>>.
أما الفصل 448من قانون االلتزامات والعقود ،فقد نص على ح التين يج وز فيهما ك ذلك
اإلثبات بشهادة الشهود ،وهما حالة فقدان السند الكتابي وحالة المانع من الحصول على دليل كت ابي
وذلك كاآلتي:
<< استثناء من األحكام السابقة يقبل اإلثبات بشهادة الشهود:
-1في كل حالة يفقد فيها الخصم المحرر الذي يتضمن الدليل الكتابي االلتزام له أو للتحليل
من التزام عليه نتيجة حادث فجائي أو قوة قاهرة أو س رقة ،وتخضع األوراق النقدية
والسندات لحاملها ألحكام خاصة.
-2إذا تعذر على الدائن الحصول على دليل كتابي إلثبات االلتزام كالحالة التي تك ون فيها
االلتزامات ناشئة عن شبه العقود وعن الجرائم والحالة التي يراد فيها إثب ات وق وع
غلط مادي فقي كتابة الحجة أو حالة الوقائع المكونة لإلكراه أو الصورية أو االحتي ال
أو التدليس التي تعيب الفعل القانوني وكذلك األمر بين التج ار فيما يخص الص فقات
التي لم تجر العادة بتطلب الدليل الكتابي إلثباتها.
تقدير الحاالت التي يتعذر فيها على الدائن الحص ول على ال دليل الكت ابي موك ول لحكمة
القاضي>>.
يالحظ من خالل الفصل 447المذكور س ابقا ،أنه قد نوجد أحيانا أما دليل كت ابي لكنه دليل
غير مكتمل الشروط ،كالورقة الرسمية التي تخلف أحد شروطها الرئيسية ،أو الورقة العرفية ال تي
ال تحمل توقيعا في هذه الحاالت تكون الورقة باطلة من حيث الشكل المطلوب قانونا ،ولكنها تعتبر
25
بداية حجة كتابية ،فتقبل حسب مفهوم الفصل الم ذكور على أس اس أنها دليل ن اقص تنقع تكملته
بطرق أخرى كالشهادة على سبيل المثال.
أما فيما يتعلق بالفصل ،448فيستنتج من خالله أنه يصعب على بعض األشخاص في ظروف
معينة إعداد دليل كتابي .وقد تبلغ هذه الصعوبة حد االستحالة فيأخذ الق انون ه ذه الظ روف في
االعتبار ويعفي أصحابها من اإلثبات بالكتابة وذلك حماية لحقوقهم ،وعادة ما يك ون م رد ه ذه
االستحالة على ظروف مادية أو نفسية حالت دون إعداد هذا الدليل ،وأحيانا أخرى يكون ال دليل قد
1
تم إعداده فعال لكنه فقد في وقت الحق لظروف مماثلة.
فإذا كانت الحالة األولى قد سمح فيها المشرع باإلثبات بالشهادة ألن المدعي قد اس تحال عليه
تحالة الحقة وقت إبرام التصرف أن يحصل على دليل كتابي ،فإنه في الحالة الثانية نوجد أمام اس
1
للتصرف بين الحالتين هو الذي جعل المشرع يجمع بينهما في فصل واحد.
رة الثانية من وسواء كان المانع أدبيا أم ماديا ،فقد كان األجدر بالمشرع المغربي إسقاط الفق
الفصل 448من قانون االلتزامات والعقود ،مادام أن األمر يتعلق في حالة المانع الم ادي بوق ائع
مادية يمكن إثباتها بكافة
وع إلى طرق اإلثبات ،ومن ذلك شهادة الشهود مثال ،أما في حالة المانع األدبي فيمكن الرج
القواعد العامة ما دام ال يوجد نرص يقضي بوجوب األخذ بهذا المانع.
والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذا المقام ،هو هل اعتبار التعامل بوس ائل االتص ال الحديثة
كالحاسب اآللي واإلنترنيت إلبرام العقود االلكترونية بمثابة مانع يتعذر معه إعداد الدليل الكتابي؟
إن المانع المادي يقوم إذ نشأ التصرف في ظروف يستحيل معها على المتعاقد الحصول على
دليل كتابي ،بحيث ال تترك له تلك الظروف الوقت المناسب للتنفكير في الدليل الكتابي.
ابي ونعتقد أنه من قبيل هذه التصرفات التي تنشأ في ظروف يستحيل معها إعداد الدليل الكت
وخصوصا في العقد االلكتروني ،وفي هذا السياق ،ذهب البعض على أنم العادة قد تشكل مانعا يجيز
اإلثبات بكافة الطرق والوسائل " فإذا ما اعتاد األفراد مثال التعامل فيما بينهم دونت الحصول على
دليل كتابي كما هو الحال في التعامل بوسائل االتصال الحديثة ،واستمر الحال ف ترة من ال زمن
: 1محمد السعيد رشدي" :حجية وسائل االتصال الحديثة في اإلثبات" مرجع سابق ،ص82 :
: 1محمد حسام محمود لطفي" :استخدام وسائل االتصال الحديثة "...مرجع سابق ،ص 20 :وما بعدها
26
يشكل مانعا بحكم العادة ،والقول بغير ذلك سيجعل العقود التي تبرم بين رجال األعمال المنتشرين
2
في جميع أنحاء العالم تتم دون دليل عليها وهذا ليس في مصلحة أحد".
وخالصة القول ،فإن المشرع المغربي قد أجاز بنص اإلثبات بكافة الوسائل ،كلما وجد م انع
يتعذر معه إعداد الدليل الكتابي مما يتأكد معه إمكانية إثبات العقد االلكتروني بكافة الوسائل المتاحة
فيما لو تعذر إثباته بالكتابة ،مع العلم أن للقاضي في إطار ممارسته مهمة التسيير من هذا النوع من
العقود ،سلطة تبقى خاضعة لرقابة المجلس األعلى ،ما دامت وسائل اإلثبات من مسائل الق انون ال
الواقع.
الئحــــــة المراجع:
محمد السعيد رشدي :التعاقد بوسائل االتصال الحديثة (ومدى حجتها في اإلثبات) منش أة
المعارف باإلسكندرية.2005 ،
أحمد شرف الدين :عقود التجارة اإللكترونية (تكوين العقد وإثباته) ،دروس الدكتوراه دبلومي
القانون الخاص وقانون التجارة الدولية ،جامعة عين شمس.
حسن عبد الباسط جميعي :إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق االنترنيت،
دار النهضة العربية ،القاهرة.2000 ،
إبراهيم الدسوقي أبو الليل :الج وانب القانونية للتع امالت االلكترونية ،دراسة للج وانب
القانونية للتعامل ع بر أجه زة االتص ال الحديثة (التراسل
االلكترونية) – جامعة الكويت.2003 ،
: 2أحمد المهدي" :اإلثبات Yفي التجارة اإللكترونية" دار الكتب القانونية ،طبعة ،2004ص 17 :وما بعدها.
27
عمر أنجوم :الحجية القانونية لوسائل االتصال الحديثة (دراسة تحليلية في نظ ام اإلثب ات
المدني) أطروحة ،جامعة الحسن الثاني عين الشق ،السنة .2004 -2003
نور الدين الناصري :مدى مالءمة قواعد اإلثبات في قانون االلتزامات والعقود المغ ربي
لوسائل االتصال الحديثة دوليا ووطنيا ،محاضرة.
الحسين القمري :القيمة القانونية للوثائق الصادرة عن الحاسوب ،مجلة رسالة الدفاع العدد
الرابع ،السنة .2003
محمد أخياط :بعض التحديات القانونية التي تثيرها التجارة االلكترونية ،مجلة اإلشعاع ،العدد
،25السنة .2002
الفهرس
تقــــــــديـــــــم
المبحث األول :إثبات العقد االلكتروني بالنظر للشروط المتعلقة بالسند الكتابي
واالستثناءات الواردة عليه ومدى صحة االتفاقات
المطلب األول :الشروط المتعلقة بالسند الكتابي حتى تم قبوله في اإلثبات ومعنى توافرها في
المحرر االلكتروني
الفقرة األولى :وجوب أن يكون الدليل مكتوبا
الفقرة الثانية :الشروط الواجب توفرها في التوقيع ومدى تحققها في التوقيع اإللكتروني
المطلب الثاني :إثبات العقود اإللكترونية بواسطة االستثناءات القانونية المقررة على الدليل
واالتفاقات الخاصة الكتابي
الفقرة األولى :االستثناءات القانونية على مبدأ وجوب اإلثبات بالكتابة
المبحث الثاني :تطور التشريعي المغربي نحو األخذ بالتقنيات الحديثة في مجال إثبات
العقود
المطلب األول :موقف التشريع المغربي والتشــريعات المقارنة من التقنيــات في مجــال إثبــات
العقد االلكتروني
28
الفقرة األولى :موقف التشريعات المقارنة
المطلب الثاني :إثبات العقد االلكتروني :أية فعالية لقواعد اإلثبات المضمنة في ق.ل.ع؟
الفقرة األولى :مدى اتصال قواعد اإلثبات بالنظام العام
29