Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 29

‫اإلثبات في العقد اإللكتروني‬

‫قــــــــديـــــــم‬
‫في خضم الثورة الرقمية‪ ،‬والصحوة المعلوماتية التي يعرفها الع الم الي وم‪ ،‬حيث تكنولوجيا‬
‫المعلومات أصبحت تشكل الجهاز العصبي للمجتمعات الحديثة‪ ،‬عرفت العمليات التعاقدية مجموعة‬
‫من التغيرات مست نظامها وبينتها القانونية‪ ،‬فأصبح إبرام العق ود ال ذي يتم عن طريق وس ائل‬
‫االتصال الحديثة يثير اهتمام رجل القانون والقاضي على السواء‪.‬‬
‫وبمناسبة الحديث عن العقود المبرمة بوسائل االتصال الحديثة‪ ،‬فقد أدى االنتشار المتنامي لهذه‬
‫الظاهرة إلى شيوع ما يسمى بالعقود اإللكترونية‪ ،‬هذه األخيرة ب اتت الي وم تط رح مجموعة من‬
‫اإلشكاالت القانونية‪ ،‬ال سيما الشق المتعلق باإلثبات‪ ،‬وذلك بالنظر لتعقد العالق ات الناجمة عن مثل‬
‫هذا النوع من العقود‪ ،‬واختالف الوسيط المادي الذي يتم من خالله تحرير العقد وتدوين بنوده‪ .‬ففي‬
‫مثل هذا النوع من التعاقد تثور مجموعة من األسئلة الهامشية والمحورية في نفس ال وقت من قبيل‬
‫مدى اعتبار ما يتم تدوينه على الدعامات غير الورقية‪ ،‬هو من قبيل الكتابة المعتد بها في اإلثب ات‪،‬‬
‫ومدى حجية هذه الكتابة‪ ،‬وي زداد الوضع تعقي دا فيما لو أراد أط راف العقد التمسك ب المحرر‬
‫االلكتروني كدليل كتابي كامل‪ ،‬كما يطرح التوقيع اإللكتروني باعتباره وليد مثل ه ذا الن وع من‬
‫المعامالت بدوره مجموعة من المشكالت‪.‬‬
‫وفي ظل غياب تشريع ينظم المع امالت اإللكترونية وس بل إثباته ا‪ ،‬فليس للب احث يد من‬
‫ود لإلجابة‬ ‫ضرورة التنقيب والبحث في طلب القواعد العامة المضمنة في قانون االلتزامات والعق‬
‫على التساؤالت المشار إليها‪.‬‬
‫وسنعمل بإذن اهلل من خالل هذا الموضوع‪ ،‬مالمسة أهم اإلشكاالت التي يطرحها اإلثبات في‬
‫العقود اإللكترونية‪ ،‬وذلك في ضوء القواعد العامة‪ ،‬إلدراك م دى اس تيعاب ه ذه القواعد للتعاقد‬
‫بواسطة ورسائل االتصال الحديثة‪ ،‬مع الوقوف بين الفينة واألخرى عند بعض التجارب المقارن ة‪،‬‬
‫وخاصة التجارب ذات السبق في الموضوع‪.‬‬
‫فسنبحث أوال‪ ،‬مسألة إثبات العقد اإللكتروني ب النظر للش روط المتعلقة بال دليل الكت ابي‪،‬‬
‫واالستثناءات الواردة عليه‪ ،‬ومدى صحة االتفاقات (المبحث األول)‪ ،‬قبل أن تق وم برصد لتط ور‬

‫‪1‬‬
‫التشريع المغربي والتشريعات المقارنة نحو األخذ بالتقني ات الحديث ة‪ ،‬ومركز اإلثب ات من ذلك‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إثبات العقد االلكتروني بالنظر للشروط المتعلقة‬


‫بالسند الكتابي واالستثناءات الواردة عليه ومدى صحة االتفاقات‬
‫اتبع المشرع المغربي نظام اإلثبات المختلط‪ ،‬هذا النظام ال يتعارض مع تقييد وسائل اإلثبات‪،‬‬
‫حيث قام المشرع المغربي من خالل الفصل ‪ 404‬من قانون االلتزام ات والعق ود‪ 1‬بحل وس ائل‬
‫اإلثبات التي يقررها القانون‪ ،‬وعليه فإن األط راف ال يمكنهم أن يثبت وا إدع ائهم إال عن طريق‬
‫الوسائل المضمنة في هذا الفصل‪ ،‬كما أن القاضي ملزم بها في ين اء حكم ه‪ ،‬حيث ال يمكن له أن‬
‫يحكم بناء على علمه الشخصي‪.‬‬
‫أما بخصوص المادة التجارية فإن المشرع المغربي أخذ بمب دأ حرية اإلثب ات وهو ما تنص‬
‫‪2‬‬
‫عليه المادة ‪ 335‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫ويالحظ أن الدليل الكتابي يعتبر من أهم أدلة اإلثبات في القانون المغربي‪ ،‬إنه يمتاز على غيره‬
‫من األدلة بإمكانية إعداده منذ نشوء الحق أي قبل قيام النزاع‪ ،‬كما أنه يوفر عدة ضمانات لألطراف‬
‫ون الكتابة‬ ‫من أهمها ضبط الحقوق القائمة والمتراضى عليها سواء قبل النزاع أو بعده‪ ،‬إضافة لك‬
‫أقل تعرضا لتأثير عوامل الزمن‪.‬‬
‫وقد وضع القانون عدة شروط يجب توافرها في الدليل الكتابي لالعتداد به في اإلثب ات إن أن‬
‫هناك بعض االستثناءات التي ترد على الكتابة بمفهومها التقليدي في اإلثب ات س واء بنص وص‬
‫صريحة في القانون المدني‪ ،‬أو ضمن مبادئ قانونية كمبدأ حرية اإلثبات التجاري‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الشروط المتعلقة بالسند الكتابيـ حتى تم قبوله في اإلثبات‬


‫ومعنى توافرها في المحرر االلكترونيـ‬
‫‪ : 1‬ينص الفصل ‪ 404‬من ق ل ع على ما يلي‪ " :‬وسائل اإلثبات التي يقررها القانون هي‪ /1 :‬إقرار الخصم‪ /2،‬الحجة الكتابية‪ /3 ،‬شهادة الشهود‪ /3 ،‬القرينة‪،‬‬
‫‪ /4‬اليمين والنكول عنها"‪.‬‬
‫‪ : 2‬تنص المادة ‪ 334‬من مدونة التجارة على ما يلي‪ " :‬تخضع التجارة لحرية اإلثبات‪ ،‬غير أنه يتعين اإلثبات بالكتابة إذا نص القانون أو االتفاق على ذلك"‬
‫‪2‬‬
‫يعطي نظام اإلثبات في القانون المدني أفضلية للكتابة على باقي ط رق اإلثب ات األخ رى‪،‬‬
‫وبالتالي فإن ما يشترطه القانون لقيام سند كتابي حتى يتم قبوله في اإلثبات يتمثل في أن يكون السند‬
‫مكتوبا‪ ،‬وأن يكون موقعا‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬وجوب أن يكون الدليل مكتوبا‬


‫هذا الشرط األساسي ينص على ضرورة أن يكون الدليل مدونا كتابة‪ ،‬وهو ما سنحاول اإلجابة‬
‫رار بحجية‬ ‫عنه من خالل اإلحاطة بمفهوم الكتابة‪ ،‬وارتباطها بالمحرر‪ ،‬وما يشكله من عائق لإلق‬
‫المحرر االلكتروني‪ ،‬مع قراءة جديدة لمفهوم الكتابة وارتباطها بهذا المحرر‪.‬‬
‫يقصد بالكتابة الالزمة لإلثبات حسب الفقه‪ ،‬المستند األصلي‪ .‬فهذا المس تند قد يك ون ورقة‬
‫رسمية‪ ،‬وقد يكون ورقة عرفية‪ ،‬وينحصر الفارق الرئيسي – من حيث الشكل‪ -‬بين الورقة الرسمية‬
‫والورقة العرفية في أن األولى تصدر عن موظف عام وشخص مكلف بخدمة عام ة‪ .‬وأن يك ون‬
‫مختصا في إنشاءها من حيث الموضوع والمكان‪ ،‬أما األوراق العرفية فهي ال تي ال تت وافر فيها‬
‫مقومات الورقة الرسمية من حيث أنها ال تصدر عن موظف عام‪.‬‬
‫أما فيما عدا هذا الفارق الشكلي‪ ،‬فإن الدليل الكتابي رسميا كان أو عرفيا يجب – حتى يعتد به‬
‫قانونا‪ -‬أن يتضمن كتابة مثبتة لتصرف قانوني‪ ،‬أو أن يكون موقعا من الش خص المنس وب إليه‬
‫الدليل‪ ،‬فعنصرا الدليل الكتابي إذن هما‪ :‬الكتابة من جهة والتوقيع من جهة أخرى‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬وحتى يمكن اعتبار الوثيقة الناتجة عن معاملة إلكترونية دليال كتابيا فإن ذلك يس تلزم‬
‫مبدئيا تركيبة للعناصر السالفة‪ ،‬يظهر من الواقع الحالي للقانون أن تلك الوثيقة ال تستجيب لها‪ ،1‬لذا‬
‫فإننا سنعرض للمفاهيم الموضوعية للكتابة والتوقيع لنرى مدى استيفاء الوثيقة المعلوماتية لها‪.‬‬

‫لقد جرى العرف واستقر العمل على ت دوين المح ررات الرس مية والعرفية على األوراق‬
‫وبالحروف الخاصة بلغة المتعاقدين أو اللغة التي يعتمدانها لتحرير العقد‪ ،‬فإن اللج وء إلى ت دوين‬
‫المحررات على وسائط إلكترونية من خالل ومض ات كهربائية وتحويلها على اللغة ال تي يفهمها‬
‫الحاسب اآللي يثير التساؤل عن مدى اعتبار المحرر اإللكتروني من قبيل الكتابة‪.‬‬

‫‪ : 1‬عمر أنجوم‪ :‬الحجية القانونية لوسائل االتصال الحديثة‪ ،‬دراسة تحليلية في نظام اإلثبات المدني‪ ،‬ص‪ 137 :‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫الحسن الثاني‪ ،‬عين الشق‪ ،‬السنة الدراسية ‪2003/2004‬‬
‫‪3‬‬
‫اد في أن الكتابة ال‬ ‫فمن الجدير بالتأكيد أنه ليس هناك في القانون أو في اللغة ما يلزم باالعتق‬
‫تكون إال على الورق‪ ،‬وتأكد هذا المعنى في مرجع ‪ LAMY‬في قانون المعلوماتية حيث أشار إلى‬
‫أن المشرع لم يشر إلى دعامة من نوعية معينة‪ ،‬هذا وتأكيدا لما سبق ف إن الكث ير من االتفاقي ات‬
‫الدولية تتبنى هذا الرأي ومنها على سبيل المث ال‪ ،‬اتفاقية األمم المتح دة الموقعة فيها بش أن النقل‬
‫الدولي للبضائع لسنة ‪ 1981‬التي تنص المادة ‪ 13‬منها على أنه فيما يخص أغراض ه ذه االتفاقية‬
‫ينصرف مصطلح الكتابة أيضا على المراسالت الموجهة في شكل برقية أو تلكس‪ ،1‬لذلك يتضح أن‬
‫الكتابة ال ينظر إليها من حيث ارتباطها بالدعامة أو الوسيط المستخدم في التدوين على دعامة مادية‬
‫محددة‪ ،‬بل بوظيفتها في إعداد الدليل على وجود التصرف الق انوني وتحديد مض مونها بما يمكن‬
‫األطراف من ا لرجوع إليه في حالة نشوب خالف وقد اتفق الفقه أنه وحتى تقوم الكتابة بهذا الدور‬
‫فالبد أن يكون الوسيط مقروءا وأن تتصف الكتابة المدونة عليه باالستمرارية والثبات‪.‬‬
‫لذلك وحتى يمكن االحتجاج بمضمون المحرر المكتوب في مواجهة اآلخرين ف إن المح رر‬
‫يجب أن يكون مقروءا‪ ،‬وبالتالي يجب أن يكون مدونا بحروفا أو رموز معروفة ومفهومة للشخص‬
‫الذي يراد االحتجاج عليه بهذا المح رر‪ ،‬ف إذا ما رجعنا إلى المح ررات االلكترونية نجد أنه يتم‬
‫تدوينها على الوسائط بلغة اآللة ال يمكن أن يراها اإلنس ان بش كل مباشر وإنما البد من إيص ال‬
‫المعلومات في الحاسب اآللي ال ذي يتم دعمه ب برامج لها الق درة على ترجمة لغة اآللة إلى اللغة‬
‫المقروءة لإلنسان‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬وبالنظر إلى أنه يضمن قراءة هذه المح ررات في جميع‬
‫األحوال باستخدام الحاسب اآللي وهو ما يعني استيفاءها للشرط المتعلق بإمكان القراءة والفهم طالما‬
‫‪2‬‬
‫أن اللغة التي تظهر على الشاشة هي لغة مفهومة ومقروءة ألطراف العقد‪.‬‬
‫ورغم ذلك فإن بعض مخرجات الحاسب اآللي ال تثير أية ص عوبة من ه ذه الناحية فالبطاقة‬
‫والشرطة المثقبة‪ ،‬والدعامات الورقية المتصلة‪ ،‬تتضمن دون شك "كتاب ة" ب المعنى التقلي دي في‬
‫قواعد اإلثبات إال أن هناك في المقابل بعض المضرجات التي تبدو محل شك كاألشرطة الممغنطة‪،‬‬
‫واألسطوانات الممغنطة‪ ،‬والميكرو فيلم‪.‬‬
‫فبالنسبة للميكرو فيلم يمكن القول أنه يأخذ قانونا حكم الكتابة التقليدية‪ ،‬فالف ارق الوحيد بينهما‬
‫كما يرى البعض‪ ،‬يكمن في مادة وركيزة الدليل فهي من الورق بالنس بة لكتابة العادية ومن م ادة‬
‫‪ : 1‬عمر أنجوم‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪140 :‬‬
‫‪ : 2‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق االنترنيت‪ Y،‬ص‪ ،19/20 :‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪2000‬‬
‫‪4‬‬
‫بالستيكية للميكرو فيلم‪ ،‬أما بالنسبة لألشرطة الممغنطة وما في حكمه ا‪ ،‬ف األمر ال يب دو به ذه‬
‫تروني دون أن‬ ‫البساطة‪ ،‬فهي تحتوي على معلومات تم تخزينها مباشرة على ذاكرة الحاسب االلك‬
‫يكون لها أصل مكتوب وال يمكن واألمر هك ذا اإلطالع عليها إال من خالل عرض ها على شاشة‬
‫الحاسب‪ ،‬وقد يق ال ل ذلك أنها ال تتض من كتابة على اإلطالق بل هي أق رب على التس جيالت‬
‫‪1‬‬
‫الصوتية‪.‬‬
‫ورغم ذلك‪ ،‬وتأكيدا لما سبق ذكره ف إن منظمة المواص فات العالمية ‪ ،ISO‬وبخص وص‬
‫المواصفات الخاصة بالمحررات أكدت أن المحرر هو‪ " :‬مجموعة المعلومات والبيان ات المدونة‬
‫على دعامة مادية‪ ...‬يسهل قراءتها عن طريق اإلنسان أو باستخدام آلة مخصصة لذلك"‪.‬‬
‫وكذلك من أجل حسم هذه المسألة فقد أضاف المشرع الفرنسي في ش أن اإلثب ات عن طريق‬
‫الوسائل االلكترونية نص المادة ‪ 1316‬من القانون المدني والذي تم تعريف المحرر المس تخدم في‬
‫ود‬ ‫اإلثبات بأنه‪ " :‬كل تتابع للحروف أو الرموز أو األرقام أو أي إشارات أخرى تدل على المقص‬
‫منها ويستطيع المغير أن يفهمها‪"...‬‬
‫باإلضافة على اشتراط كون المحرر الكتابي مق روءا‪ ،‬يش ترط أيضا لالعت داء بالكتابة في‬
‫اإلثبات أن يتم التدوين على وسيط يسمح بثبات الكتابة عليه واستمرارها بحيث يمكن الرج وع إلى‬
‫المحرر كلما كان ذلك الزما لمراجعة بنود العقد أو لعرضه على القض اء عند ح دوث خالف بين‬
‫أطرافه‪.‬‬
‫فإذا كانت الوسائط الورقية بحكم تكوينها المادي تسمح بتحقيق هذه الش روط ف إن اس تخدام‬
‫الوسائط االلكترونية يثير التساؤل عن مدة تحقق ه ذا الش رط فيها ح تى يمكن اعتبارها من قبيل‬
‫تروني قد تمثل عقبة في‬ ‫المحررات الكتابية‪ ،‬وفي هذا الصدد فإن الخصائص المادية للوسيط االلك‬
‫سبيل تحقق هذا الشرط‪ .‬ذلك أن التكوين المادي والميكانيكي للشرائح الممغنطة وأقراص التس جيل‬
‫المستخدمة في التعاقد عن طريق االنترنت تتميز بقدر من الحساسية بما يعرضها للتلف السريع عند‬
‫اختالف قوة التيار الكهربائي أو االختالف الشديد في درجة حرارة تزين هذه الوسائط‪ ،‬وهي ب ذلك‬
‫تعد أقل قدرة من األوراق على االحتفاظ بالمعلومات لمدة طويلة‪.‬‬

‫‪ : 1‬محمد أخياط‪ :‬بعض التحديات القانونية التي تثيرها التجارة االلكترونية‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬ص‪ ،14/15 :‬العدد ‪ ،25‬السنة ‪2002‬‬
‫‪5‬‬
‫ومع ذلك فإن هذه الصعوبة الفنية قد أمكن التغلب عليها باستخدام أجهزة ووسائط أكثر ق درة‬
‫وبالتالي يمكنها االحتفاظ بالمعلومات لمدة طويلة ربما تفوق قدرة األوراق العادية ال تي تت أثر هي‬
‫األخرى بعوامل الزمن وقد تتآكل بفعل الرطوبة نتيجة لسوء التخزين‪.‬‬
‫الرجوع إليه‬ ‫ويعني ذلك أن عقبة االحتفاظ بالمحرر المكتوب لفترة طويلة من الزمن تسمح ب‬
‫كلما كان ذلك الزما أمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تتغلب عليها مما يع ني أن المح رر المع رفي‬
‫يستوفي بذاته ومتى استخدمت هذه التكنولوجيات شرط استمرارية الكتابة على الوسيط‪.‬‬
‫ويجب أيضا حتى يعتد بالدليل الكتابي في اإلثبات باإلضافة إلى كونه مقروءا‪ ،‬ومتميزا بالثبات‬
‫واالستمرارية‪ ،‬يجب كذلك أن ال تكون هذه الكتابة قابلة للتعديل إال بإتالف المح رر أو ت رك أثر‬
‫مادي عليه‪ ،‬فبخصوص المحررات المدونة على الورق فإنه ال يمكن تعديلها إال بإتالفها أو إح داث‬
‫تغييرات مادية يسهل التعرف عليها سواء بواسطة القراءة العادية أو من خالل الرجوع على الخبرة‬
‫الفنية‪.‬‬
‫على أنه وبخالف األوراق التي تتحقق فيها هذه المواصفات‪ ،‬ف إن الكتابة على الوس ائط‬
‫االلكترونية من أقراص وشرائط ممغنطة تفتقد بحسب األصل لهذه القدرة‪ ،‬بل إن افتقادها هو سبب‬
‫تفوقها على الوراق من ناحية االستخدام العملي لها‪ ،‬فاألصل في التدوين على الوسائط االلكترونية‬
‫هو قدرة كل طرف من األطراف على تعديل مضمون المحرر وإعادة تنسيقه باإلضافة أو اإللغ اء‬
‫أو المحو بدون أن يظهر لهذا التعديل أي أثر مادي يمكن مالحظته أو اكتشافه‪.‬‬
‫ويترتب على هذا االختالف المادي بين األوراق والوسائط االلكترونية أن المحرر االلكتروني‬
‫ات‬ ‫يفتقر بحسب األصل على شرط من أهم الشروط التي تتصل بوظيفة المحرر الكتابي في اإلثب‬
‫والتي تهدف إلى تحقيق الثقة في البيانات المدونة في المحرر‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن التطور التكنولوجي قد أدى إلى حل ه ذه المش كلة أيضا عن طريق اس تخدام‬
‫برامج حاسب آلي بتحويل النص الذي يمكن التعديل فيه إلى ص ورة ثابتة ال يمكن الت دخل فيها أو‬
‫تعديلها ويعرف هذا النظام باسم (‪.)Document image processing‬‬
‫كذلك فقد أمكن حفظ المحررات االلكترونية في صيغتها النهائية وبش كل ال يقبل التب ديل من‬
‫خالل حفظها في صناديق الكترونية ال يمكن فتحها إال بمفتاح خاص يهيمن عليه جهات معتمدة من‬

‫‪6‬‬
‫قبل الدولة‪ ،‬بحيث تؤدي محاولة أط راف التعامل تع ديل الوثيقة االلكترونية إلى إتالفها أو محوها‬
‫تماما‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن ترك تقييم مدى إمعان قبول المحرر االلكتروني ال ذي يتم ت أمين بياناته‬
‫تي‬ ‫بواسطة نوع معين من المحررات في اإلثبات بالمقارنة بالمحررات المدونة على األوراق وال‬
‫يلتزم القاضي بقبولها كدليل كامل متى كانت موقعة من أطرافها وحيث أن ذلك من شأنه إض عاف‬
‫الثقة في المحررات االلكترونية‪ ،‬فإننا نعتقد في وجوب ت دخل المش رع ب النص ص راحة على‬
‫التكنولوجيا المعتمدة في تأمين بيانات لمحررات بما يجعلها تستوفي شرط "ع دم القابلية للتعلي ل"‬
‫‪1‬‬
‫وبدون حاجة إلى تدخل القاضي في تقدير مدى توفر هذا الشرط‪.‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬الش روط ال واجب توفرها في التوقيع وم دى تحققها في التوقيع‬

‫اإللكتروني‬
‫يشكل التوقيع العنصر الثاني من عناصر الدليل الكت ابي المتطلب ق انون لمص لحة الورقة‬
‫العرفية وكذلك بالنسبة للورقة الرسمية‪ ،‬وهو ما يؤكده الفصل ‪ 426‬من قانون االلتزامات والعق ود‬
‫المغربي الذي ينص على أنه‪ << :‬يسوغ أن تكون الورقة العرفية مكتوبة بيد الشخص الملتزم بها‬
‫بشرط أن تكون موقعة منه‪ ،‬ويلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم وأن يرد في أس فل الورق ة‪ ،‬وال‬
‫يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع‪ ،‬ويعتبر وجوده كعدمه>>‪.‬‬
‫يذهب األستاذ ‪ Gerve Croze‬إلى أن اصطالح التوقيع يستعمل بمعنيين‪ :‬األول أنه عبارة‬
‫نى‬ ‫عن عالمة أو إشارة تسمح بتمييز شخص الموقع‪ ،‬والثاني هو فعل أو عملية التوقيع ذاتها‪ ،‬بمع‬
‫وضعه على مستند يحتوي معلومات معينة‪ ،‬ويعتبر المعنى األول هو المعنى المقصود بالتوقيع في‬
‫نطاق اإلثبات ومن هذا التعريف يمكن استخالص عناصر التوقيع الجوهرية وهي أن يكون عالمة‬
‫‪1‬‬
‫خطية وشخصية لمن ينسب إليه المحرر‪ ،‬ثم أن يترك أثرا متميزا يبقى وال يزول‪.‬‬
‫والتوقيع إما أن يكون خطيا‪ ،‬وإما أن يكون بالبصمة ختما أو إصبعا‪ ،‬فالتوقيع الخطي يكون بيد‬
‫من ينسب إليه المحرر بحيث يقوم محدد لشخصية الموقع حتى ولو لم يكتب المح رر بخط ي ده‪،‬‬
‫اء باليد على خالف بعض‬ ‫وتجدر اإلشارة على أن المشرع المغربي قد حصرا التوقيع في اإلمض‬
‫‪ : 1‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪23/24 :‬‬
‫‪ : 1‬محمد السعيد رشدي‪ :‬التعاقد بوسائل االتصال الحديثة ومدى حجيتها في اإلثبات‪ ،‬ص ‪ ،186 -184‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬السنة‪2005 :‬‬
‫‪7‬‬
‫التشريعات األخرى التي أتاحت إمكانية التوقيع باليد أو ب الختم أو ببص مة األص بع كالمش رع‬
‫المصري‪.‬‬
‫أما التوقيع اإللكتروني أو الرقمي فهو إجراء معين يقوم به الش خص الم راد توقيعه على‬
‫المحرر سواء في األمر بأن يحتفظ بالرقم أو الشفرة بش كل آمن ويس ري بمنع اس تعماله من قبل‬
‫الغير‪ ،‬ويعطي الثقة في أن صدوره يفيد أنه بالفعل صدر من صاحبه‪.‬‬
‫وتكمن وظيفة التوقيع اإللكتروني في وظيفتين أساسيتين‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن التوقيع الرقمي يثبت الشخص الذي وقع الوثيقة بانصراف إرادته إلى االلتزام بما وقع‬
‫عليه‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن التوقيع الرقمي يحدد الشيء أو الوثيقة التي تم توقيعها بشكل ال يحتمل التغيير‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫والسؤال الذي يث ار هن ا‪ ،‬هو هل يحقق التوقيع ال رقمي نفس الوظيفة ال تي يحققها التوقيع‬
‫العادي؟‬
‫ويرجع هذا التساؤل إلى الخصائص المادية الفري دة ال تي يتم يز بها التوقيع االلك تروني‬
‫بالمقارنة بالتوقيع التقليدي الذي يضعه الشخص بخط يده على المح رر الكت ابي ال ذي يتم تهيئته‬
‫ليكون دليال في اإلثبات‪.‬‬
‫ولعل أهم األسباب التي تدعو إلى التشكك في قيمة التوقيع االلكتروني ترجع إلى انفصال ه ذا‬
‫النوع من التوقيع عن شخصية صاحبه وإمكان تكراره ب دون موافقته أو عمله إذا لم يتم اس تخدام‬
‫تقنيات تكنولوجية معقدة من أجل تأمينه‪.‬‬
‫كذلك فإن هذا التوقيع وحتى برفض استيفائه لذات الخصائص التي يتمتع بها التوقيع التقلي دي‬
‫لن يرتبط ارتباطا ماديا بالمحرر الكتابي الذي تتم تهيئته كدليل لإلثبات إال إذا وجدت تقنية تكفل ذلك‬
‫يعترف بها القانون ويعتمدها القضاء‪ ،‬وفي ضوء ذلك فإن جانبا كب يرا من الفقه قد رفض اعتب ار‬
‫التوقيع اإللكتروني مماثال للتوقيع التقليدي بخط اليد‪ ،‬رغم أن اختالف التوقيعين يكمن في الوس يلة‬
‫وليس في الهدف أو الوظيفة المبتغاة منه‪ ،‬وهو بذلك – التوقيع اإللكتروني‪ -‬ش أنه في ذلك ش أن‬
‫التوقيع التقليدي يصدر عن صاحبه لإلفصاح عن شخصيته والتعبير عن إرادته بقب ول التص رف‬
‫الذي يتم التوقيع عليه وااللتزام بما يرد فيه من شروط‪.‬‬

‫‪ :‬نور الدين الناصري‪ :‬مدى مالئمة قواعد اإلثبات في قانون االلتزامات والعقود المغربي لوسائل االتصال الحديثة دوليا ووطنيا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫ني عليها‬ ‫وهكذا فإن وجه االختالف الوحيد بينهما يكمن في مدى تحقيق التوقيع للثقة التي يب‬
‫اوى مع‬ ‫المشرع حجية التوقيع في اإلثبات‪ ،‬فإن توفرت ذات الثقة في التوقيع اإللكتروني فإنه يتس‬
‫التوقيع التقليدي في حجيته في اإلثبات‪ ،‬وتتعدد هذه الثقة في نوع التكنولوجيا المستخدمة في ت أمين‬
‫التوقيع‪ .1‬وذلك باالعتماد على أدوات ووسائل التشفير بالمفتاح العمومي‪ ،‬وعلى إص دار ش هادات‬
‫مصادقة الكترونية من هيئات معترف بها يطلق عليها اسم الشخص الثالث المص ادق ويمثل ه ذا‬
‫الطرف الثالث المحايد في أفراد أو شركات أو جهات مستقلة محاي دة تق وم ب دور الوس يط بين‬
‫المتعاملين لتوثيق تعامالتهم االلكترونية‪ ،‬ودوالرها باإلضافة على إصدار ش هادات التوثيق بتحديد‬
‫هوية المتعاملين في التعامالت االلكترونية‪ ،‬وتحديد أهليتهم القانونية للتعامل والتعاق د‪ ،‬والتحقق من‬
‫مضمون هذا التعامل‪ ،‬وسالمته وكذلك جديته وبعده عن الغش واالحتيال‪.‬‬
‫كما تقوم أيضا بإصدار المفاتيح االلكترونية سواء المفتاح الخاص الذي يتم بمقتض اه تش فير‬
‫التعامالت االلكترونية‪ ،‬أو المفتاح العام الذي ليتم بواسطته فك التشفير وقد أس ند – مثال‪ -‬ق انون‬
‫المعامالت والتجارة االلكترونية إلمارة دبي أعمال المصادقة االلكترونية إلى "م راقب لخ دمات‬
‫التصديق" ال ذي يتم تعيينه بق رار من رئيس س لطة منطقة دبي الح رة للتكنولوجيا والتج ارة‬
‫االلكترونية واإلعالم‪.2‬‬
‫ية‬ ‫لهذا فإن التوقيع االلكتروني يتفوق على التوقيع التقليدي بالنظر إلى أن استيفاء من شخص‬
‫صاحب التوقيع يتم بشكل روتيني في كل مرة يتم فيها استخدام الرقم السري أو المفت اح الخ اص‪،‬‬
‫وبالتالي فإنه ال مجال لالنتظار حتى يحدث النزاع للبحث في مدى صحة التوقيع كما هو الشأن في‬
‫أغلب األحوال بالنسبة للمحررات الموقعة بخط اليد‪.3‬‬
‫إال أن اإلشكال يثار حول قدرة التوقيع االلكتروني في التعبير عن إرادة صاحبه في الرض اء‬
‫بالتعاقد والقبول بااللتزام‪ ،‬حيث يرى جانب من الفقه أنه ال يجوز معادلة التوقيع الي دوي ب التوقيع‬
‫االلكتروني‪ ،‬إذ يتعذر التثبت من حضور الموقع ومن وج وده الم ادي فعليا وقت التوقي ع‪ ،‬وهو‬
‫دوي فال يمكن مثال التأكيد على أن من يوقع الكترونيا بعد من وراء‬ ‫عنصر أساسي في التوقيع الي‬

‫‪ : 1‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬المرجع السابق‬


‫‪ : 2‬إبراهيم الدسوقي أبو الليل‪ :‬الجوانب القانونية للتعامالت االلكترونية‪ ،‬دراسة للجوانب القانونية للتعامل عبر أجهزة االتصال الحديثة " التراسل االلكتروني"‪Y‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪ ،2003‬لجنة التأليف والتعريب‪ Y‬والنشر‪ ،‬جامعة الكويت‬
‫‪ : 3‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪45 :‬‬
‫‪9‬‬
‫الجاني اآللي هو بالفعل الشخص ذاته الذي عرف عن هويته إذ ال يوجد أي تأكيد قاطع ح ول هوية‬
‫‪1‬‬
‫الموقع حين ال يكون هذا األخير موجودا بشكل مادي وقت التوقيع‪.‬‬
‫ولكن وللحيلولة دون وقع ذلك فإنه يتم اللجوء إلى التقنية المستخدمة في تأمين التوقيع الرقمي‬
‫عن طريق الرقم الخاص المعتمد من طرف جهة التوثيق التي تتولى إصدار المفتاح الخ اص ومن‬
‫وء‬ ‫أهم أساليب استخدام المفتاح الخاصة للربط بين التوقيع وبين المحرر وتأمينها من التعديل اللج‬
‫إلى التقنية المعروفة باسم "‪ "HACHAGE IRREVERISIBLE‬والتي يتم من خاللها تحويل‬
‫المحرر االلكتروني (مثله في ذلك مثل التوقيع) إلى معادلة رياض ية ال يمكن فهمها وال قراءتها إال‬
‫بالمفتاح الخاص الذي يتم تسليمه إلى العميل المتعاقد بصفة شخصية تحت رقابة الوسيط المتمثل في‬
‫جهة التوثيق‬
‫وبهذه التقنية فإن المحرر يختلط بالتوقيع على نحو ال يمكن فصله وال يمكن ألحد غير صاحب‬
‫المحرر المدون على هذا النحو من التدخل بتعديل مضمونه وبه ذا يك ون في يد كل ط رف من‬
‫أطراف العقد النسخة المحررة والموقعة من الطرف اآلخر‪ ،‬والتي يمكنه تقديمها كدليل كتابي كامل‬
‫في اإلثبات‬
‫وبالرغم من هذه اإلمكانية في الربط بين المحرر وبين التوقيع وتأمينها من التالعب فيهما فإننا‬
‫نتحفظ على ذلك بأن قبول المحرر اإللكتروني بواسطة القاضي كدليل كتابي يقتضي في بادئ األمر‬
‫أن يقرر القاضي مدى كفاءة التقنية المستخدمة في استيفاء الشروط التي تؤهل التوقيع للقيام ب دوره‬
‫في اإلثبات‪ ،‬وهو ما يضعف من قوة المحرر اإللكتروني ويؤدي إلى تهديد الثقة التي يجب توفيرها‬
‫للمتعاملين به‬
‫وهكذا فبينما يعد المحرر العرفي الموقع دليال كتابيا كامال‪ ،‬فإن قبول المح رر اإللك تروني‬
‫كدليل في اإلثبات يخضع للسلطة التقديرية للقاض ي‪ ،‬وهو ما يتس اوى من الناحية العملية مع قلب‬
‫عبء اإلثبات في شأن صحة الدليل الكتابي‬
‫لذلك فال بد من تدخل المش رع بتحديد التقني ات ال تي إذا ما تم اس تخدامها يك ون التوقيع‬
‫اإللكتروني صحيحا‪ ،‬والتي يتحقق بموجبها االرتباط المادي بين التوقيع وبين المحرر اإللكتروني‪.1‬‬

‫‪ : 1‬محمد أخياط‪ :‬بعض التحديات القانونية التي تثيرها التجارة االلكترونية‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬عدد ‪ ،25‬صفحة ‪ ،17‬السنة ‪2000‬‬
‫‪ : 1‬حسن عبد الباسط جميعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.48-47 :‬‬
‫‪10‬‬
‫المطلب الثانيـ ‪ :‬إثبات العقود اإللكترونيةـ بواسطة االستثناءات القانونيةـ‬
‫المقررة على الدليل الكتابيـ واالتفاقات الخاصة‬
‫تعرفنا في المطلب األول على الشروط الواجبة التوفر في الدليل الكتابي حتى يمكن االعتداد‬
‫به في اإلثبات ‪،‬وهى الكتابة والتوقيع ‪ ،‬وخلصنا إلى أن الورقة العرفية ال يمكن أن تستوعب‬
‫طرق االتصال الحديثة ألن المشرع بص ريح العب ارة في مقتضي الفق رة الثانية من الفصل‬
‫‪ 426‬من ق ل ع أشترط وجوبا أن يكون التوقيع بخط يد المل تزم‪ ،‬وهو م اال يمكن مجاراته‬
‫عمليا مع تطور وسائل التعاقد عن بعد‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن القاعدة العامة في إثبات التصرفات في الميدان المدني هو التقييد‪ ،‬ووجوب‬
‫إثباته كتابه إذا تجاوزت قيمة التصرف ‪ 250‬درهم حسب مقتضيات الفصل ‪ 443‬من ق ل ع‪،‬‬
‫إال أن المشرع أورد عدة استثناءات على هذه القاعدة ‪ ،‬يمكن من خاللها االستغناء عن ضرورة‬
‫التوفر دليل كتابي كامل واالكتفاء بأي وسيله أخرى من وسائل اإلثب ات‪ ،‬وهى واردة على س بيل‬
‫الحصر<< الفقرة األولى>> ومن جهة أخرى قد يعمد األطراف إلى االتفاق فيما بينهم على إعطاء‬
‫الحجية لوسيلة معينه يتم اللجوء إليها في اإلثبات عند النزاع‪ ،‬الشيء الذي يطرح اإلش كال ح ول‬
‫مدى صحة هذه االتفاقات <<الفقرة الثانية >>‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االستثناءات القانونية على مبدأ وجوب اإلثبات بالكتابة‬


‫سنقوم من خالل هذه الفقرة بعرض لمدى إمكانية االعتماد على االستثناءات القانونية إلعطاء‬
‫الحجية للعقد اإللكتروني الذي يتم إبرامه عن طريق وس ائل االتص ال الحديثة لعلها تس عفنا في‬
‫استيعاب هذه الوسائل إلمكانية إعطاءها حجة في اإلثبات‪ ،‬وذلك من خالل ثالث نقط على التوالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬بداية حجة كتابيه‬
‫بداية حجة كتابيه أو مبدأ الثبوت بالكتابة كما تسميها بعض التشريعات العربي ة‪ ،‬نص عليها‬
‫المشرع المغربي في صريخ الفصل ‪ 447‬من ق ل ع والذي جاء فيه‪( :‬ال تطبق األحكام المق ررة‬
‫ادرة ممن يحتج‬ ‫فيما سبق عندما توجد بداية حجة بالكتابة وتسمى حجة بالكتابة كل كتابة كانت ص‬
‫بها عليه أو ممن أنجز إليه الحق منه أو ممن ينوب عنه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وتعتبر صادرة من الخصم كل حجة يحررها بناء على طلبه‪ ،‬موظف رسمي مختص‪ ،‬في الشكل‬
‫الذي يجعلها حجة في اإلثبات‪ ،‬وكذلك أقوال الخصوم الواردة في محرر أو حكم قضائي صحيحين‬
‫شكال)‪.‬‬
‫ويستنتج من نص الفصل أعاله أنه يستلزم إلعمال هذا االستثناء شرطان‪ ،‬أولهما أن توجد‬
‫كتابة‪ ،‬وثانيهما أن تكون صادرة ممن يحتج بها ضده‪ ،‬لكن ما المقصود بالكتابة في هذه الحالة؟ وما‬
‫هي الحلول القانونية المتبعة في حالة إنكار هذه الورقة ممن يحتج بها ضده؟‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى أغلب الفقه‪ 1‬نراه يجيب على أن الكتابة هنا تؤخذ بأوسع معنييه ا‪ ،‬فهي‬
‫تنصرف إلى أية كتابه دوناشتراط أيشكل خاص أو توقيع‪ ،‬ودونأنتكون معدة لإلثبات‪،‬ولكنإذا‬
‫دون عليها‬ ‫ما أخذنا بهذا المفهوم يطرح تساؤل أخر بخصوص طبيعة الدعامة التي يجب أنت‬
‫الكتابة ؟‬
‫إذا ما تمعنا في الفصل السابق نجده خاليا من أي تحديد لطبيعة الدعامة‪ ،‬أي انه ال يوجد ما يلزم‬
‫أن تكون الكتابة فوق ورق عادى‪ ،‬ولكن بشرط أساسي وأن تكون الكتابة الموجودة على الدعامة ال‬
‫تقبل التعديل أو التغيير ‪،‬فإذا ما توافرت هذه الشروط يمكن الحديث عن توافر شرط الكتابة‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالشرط الثاني أي بوجوب صدور تلك الكتابة عمن يحتج بها عليه‪ ،‬فإن طبيعة‬
‫بة‬ ‫التعامالت اإللكترونية والتي تتم عن طريق وسائط ليس لها وجود مادي‪ ،‬فإنه تبرز صعوبة نس‬
‫هذه الكتابة ألي الشخص المراد االحتجاج بها ضده ‪ ،‬باإلضافة إلى الحالة التي ينكر فيها الش خص‬
‫الكتابة التي صدرت منه‪ ،‬فال يوجد من الوسائل ما يمكن أن تبرهن على أن هذه الكتابة قد ص درت‬
‫منه فعال‪ ،‬وذلك بخالف الكتابة التقليدية والتي تتم على محرر مادي ملم وس يمكن أن يحتج به في‬
‫كل سهوله إذا ما كان موقعا منه أو مكتوبا بخط يده أو من ينوب عنه‪.‬‬
‫لهذا نؤيد بعض الفقه‪ 2‬الذي يذهب إلى استبعاد التعامالت االلكترونية من إعطاءها صفة بداية‬
‫حجة كتابية لألسباب التي تم ذكرها ‪ ،‬وتفنيدا لما ذهب إليه بعض الفقه األخر‪ 3‬من إمك ان إعط اء‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬إدريس العلوى العبدالوى‪ .‬وسائل اإلثبات في التشريع المغربي‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة ‪.‬طبعه ‪ .1977‬ص ‪ 120‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ .‬عبد الرزاق السنهوري ‪ .‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ .‬نظرية االلتزام بوجه عام ‪.‬الجزء الثاني ‪.‬دار النهضة العربية‪.‬القاهرة ‪ .1964‬ص‪.420‬‬
‫?‪.‬محمد محمود لطفي ‪ .‬استخدام وسائل االتصال الحديثة في التفاوض على العقود وإبرامها‪.‬القاهره‪.1993‬ص‪.23‬‬
‫‪.2‬حسن عبد الباسط جميعي‪.‬إثبات‪ Y‬التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق االنترنت‪.‬دار النهضة العربية طبعة ‪. 2000‬ص‪ 61‬وما بعدها‪.‬‬
‫حاجى صليحة‪.‬الوفاء الرقم عبر االنترنت ‪.‬المظاهر القانونية‪.‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪.‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪.‬وجدة‬
‫سنة ‪.2004.2005‬ص ‪.151‬‬
‫?‪ :‬محمود محمد أبوفروه‪.‬الخدمات البنكية االلكترونية عبر االنترنت ‪ .‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ‪ .‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪.‬وجدة سنة ‪ 2005.2006‬ص ‪.76‬‬
‫‪. 3‬محمد السعيد رشدى‪.‬التعاقد بوسائل االتصال الحديثة مع التركيز على البيع بواسطة التلفزيون‪.‬مطبوعات جامعة الكويت ‪.‬الطبعة األولى ‪.2001‬ص ‪.64‬‬
‫?‬
‫‪.‬الحسن الملكي‪.‬التجارة االلكترونية ‪.‬قراءة قانونية‪ .‬مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية‪.‬العدد ‪ 89‬سنة ‪.2001‬ص‪81‬وما يليها‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫المحررات االلكترونية صفة بداية حجة كتابيه بشرط أن تكون موقعه إلكترونيا ممن صدرت عنه‪،‬‬
‫وهو ما يتجافى إطالقا مع صريح مع قانون االلتزام ات والعق ود من ع دم االعت داد ب التوقيع‬
‫اإللكتروني وعدم إعطاءه حجية التوقيع التقليدي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬حالة فقدان الدليل الكتابي‬


‫نص المشرع على هذه الحالة ضمن مقتضيات الفقرة األولى من الفصل ‪ 448‬من ق ل ع والتي‬
‫تنص على أنه‪( :‬استثناء من األحكام السابقة يقبل اإلثبات بشهادة الشهود‪:‬‬
‫‪ .1‬في كل حالة يفقد فيها الخصم المحرر الذي يتضمن الدليل الكتابي الل تزام له أو للتحليل من‬
‫التزام عليه‪.)...،‬‬
‫وباستقراء مقتضيات هذا الفصل نتوصل إلى الشروط المتطلبة إلعطاء التعامالت االلكترونية حجية‬
‫في اإلثبات‪ ،‬فينبغي بداية أن يثبت الشخص أنه قد حصل على الدليل الكتابي الذي يقتضيه الق انون‬
‫مسبقا ثم ضياع هذا السند لسبب أجنبي خارج عن إرادته‪.‬‬
‫بعدما تبينا فحوى هذه الشروط‪ ،‬نستخلص من خالل الشرط األول أن المشرع قد تطلب وجود‬
‫دليل كتابي كامل‪ ،‬وأن كال الطرفين قد بذال جهدهما من أجل هذا ولم يتوان عن توف ير الش روط‬
‫المتطلبة قانونا‪ 4‬لهذا ومع عدم توفر شروط الدليل الكتابي في المحرر اإللكتروني أص ال‪ .‬ال يمكننا‬
‫الحديث هنا عن إعمال هذا االستثناء‪ ،‬أي أن فقد احد الشروط يعني االستثناء كله‪.‬‬

‫ثالثا ‪:‬استحالة الحصول على دليل كتابي‪:‬‬


‫أشار المشرع إلى هذه الحالة في مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ 448‬من ق ل ع فجاءت‬
‫تقضى بأنه‪:‬‬
‫( استثناء من األحكام السابقة يقبل اإلثبات بشهادة الشهود ‪:‬‬
‫‪.......1‬‬
‫ود‬ ‫‪ .2‬إذا تعذر على الدائن الحصول على دليل كتابي إلثبات االلتزام كالحالة التي تكون فيها العق‬
‫ناشئه عن شبه العقود وعن الجرائم‪.)...‬‬
‫‪. 4‬حاجى صليحه‪ .‬م س ‪.‬ص‪.158‬‬
‫‪13‬‬
‫انطالقا من هذا النص يتضح لنا أن القانون حينما يفترض الكتابة في اإلثبات‪ ،‬إنما يفترض إمكان‬
‫الحصول على دليل كتابي‪ ،‬فإذا كانت هناك ظروف تحول دون ذلك‪ ،‬فإن الشهادة تجوز في اإلثبات‬
‫نزوال على ما يقتضيه العقل وتوجبه العدالة‪ ،‬وتعتبر هذه الحالة تطبيقا للقاع دة العامة (أنه ال يكلف‬
‫شخص بمستحيل)‪.5‬‬
‫وينبغي أيضا ألعمال هذا االستثناء وأن يكون السبب المانع خارج عن إرادة الشخص وليس له‬
‫دور في حدوثه‪ ،‬وأن يعمل كل ما في وسعه للحص ول على ال دليل ولكن كل محاوالته قد ب اءت‬
‫بالفشل‪ ،‬ومعظم األمثلة الواردة تؤيد ما ذهبنا إليه من صوريه وغلط وتدليس‪...‬‬
‫وبالرجوع لبعض مواقف الفقهية‪ 6‬والتي اعتبرت أن العادة أو الطبيعة المادية للوسائط‬
‫االلكترونية قد تكون مانعا يجيز اإلثبات بكافة طرق الطرق والوسائل ‪ ،‬فإنها تبقى محل نظر لع دة‬
‫تحالة‪ .‬ألن‬ ‫أسباب أهمها أن العادة أو الطبيعة المادية للوسائط االلكترونية التصل إلى درجة االس‬
‫االنترنت ال يعتبر الطريق للتعاقد‪ ،‬وإرادة المتعاقد تبقى بارزه ومحل اعتب ار مع علمها المس بق‬
‫ووعيها التام بصعوبة الحصول على دليل يثبت التعاقدات التي سيقوم بإبرامها‪.‬‬
‫نستخلص من ما سبق أن اللجوء إلى االستثناءات الواردة على مبدأ اإلثبات الكتابي والتسلل منه‬
‫يؤدى إلى إهدار المبدأ األص يل لتعميم االس تثناء ليحل محل ه ذا المب دأ في جميع المع امالت‬
‫والتعاقدات التي تتم عبر وسائل االتصال الحديثة ‪ ،‬وتأكيدا لهذا الرأي يكمن الرجوع لتقرير مجلس‬
‫الدولة الفرنسي في هذا الموضوع بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ 1998‬والذي جاء فيه أن‪ ( :‬اللجوء إلى نظام‬
‫االستثناءات على مبدأ وجوب اإلثبات بالدليل الكتابي ليس مقبوال ألنه ينظر إلى اإلثبات عن طريق‬
‫دأ‬ ‫المحررات االلكترونية من منظور قاصر وغير حقيقي‪ .‬فسواء كان التوجه إلى االستناد إلى مب‬
‫إن ذلك‬ ‫بداية حجه كتابيه أو إلى االستحالة المادية للحصول على محرر مدون بالطريقة التقليدية ف‬
‫ليس إال متهربا من مواجهة الواقع ال زى أص بح مفروضا في وقتنا الح الي‪ ،‬أي واقع التعامل‬
‫بالمحررات االلكترونية)‪.7‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستثناءات االتفاقية على مبدأ وجوب اإلثبات بالكتابة‬

‫‪ . 5‬إدريس العلوى العبدالوى‪.‬م س ‪ .‬ص ‪. 126‬‬


‫‪ . 6‬أحمد المهدى ‪.‬‬
‫‪ - 7‬نور الدين الناصرى ‪ :‬أشار إليه عبد الباسط جميعى ‪ .‬م س ‪ .‬ص ‪. 67‬‬
‫‪14‬‬
‫من المعلوم أن قواعد اإلثبات تنقسم إلى شقين أساسين‪ ،‬أولهما القواعد اإلجرائية أو المسطرية‪،‬‬
‫وثانيهما القواعد الموضوعية المنظمة لمحل اإلثبات وعبئه وطرقه وحجيته‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن القواعد اإلجرائية في اإلثبات بقسميها المدني والجنائي لها تعلق مباشر بالنظام‬
‫العام‪ ،‬وبالتالي عدم جواز االتفاق على مخالفة أحكامها‪.8‬‬
‫أما بالنسبة للقواعد الموضوعية في اإلثبات فإن الفقه مختلف فيه فجانب يرى‪ 3‬أنه غير متعلق‬
‫بالنظام العام‪ .‬أي أن كل اتفاق يتناول بالتعديل لهذه القواعد يعتبر اتفاقا صحيحا ناف ذا‪ ،‬بينما ي رى‬
‫جانب أخر من الفقه‪ 9‬أن قواعد اإلثبات تنقسم إلى أقسام ثالثة ‪ :‬أوال قبول أدلة اإلثبات‪ ،‬وثانيا عبء‬
‫اإلثبات‪ ،‬ثالثا حجية دليل اإلثبات‪ ،‬فيفتح الباب أمام األط راف لالتف اق على قب ول األدلة ال ذين‬
‫ارتضوها‪ ،‬مثل إحالل شهادة الشهود محل الكتابة إذا كانت هذه األخيرة هي المطلوبة‪ ،‬أما بالنس بة‬
‫لعبء اإلثبات وحجية دليل اإلثبات وحدود هذه الحجية وطرق إنكارها واثبات عكسها مع ضرورة‬
‫ربط هذه المقتضيات بالنظام العام‪ ،‬وإخضاع هذه المقتضيات دائما للسلطة التقديرية للقاضي‪ ،‬وذلك‬
‫تأكيدا لمهمته األساسية وهى إحقاق الحق وإبطال الباطل وإعطاء الحق ألهل ه‪ .‬ومن مؤي دات ما‬
‫ذهب إليه هذا االتجاه هو عدم بعض المبادئ العامة في ميدان اإلثبات مثل عدم ج واز اص طناع‬
‫الشخص دليال لنفسه‪ ،‬باإلضافة إلى أن االتفاق ال ينبغي أن يصل إلى درجة حرمان أحد طرفيه من‬
‫حقه في ما يدعيه كليا ؟ أو إعطاء دليال يملكه أحد األطراف حجة قاطعة؟‬

‫وتعقيبا على رأى الجانب المعارض لفكرة تعلق قواعد اإلثبات الموضوعية بالنظام العام محيال‬
‫في ذلك على رأى غالبية الفقه والقضاء في فرنسا ومصر رغم صراحة النص في كال التش ريعين‬
‫من خالل المادة ‪ 1341‬من التقنين المدني الفرنسي وتقابلها نص الم ادة ‪ 60‬من ق انون الواثبات‬
‫المصري والتي نورد نصهما لألهمية البالغة وهو ينص على‪( :‬في غير الم واد التجارية إذا ك ان‬
‫التصرف القانوني تزيد قيمته عل مائة جنيه‪ ،‬أو كان غير محدد القيمة‪ ،‬فال تجوز شهادة الشهود في‬

‫إثبات وجوده أو انقضائه‪ ،‬ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك)‪.1‬‬

‫‪ . 8‬إدريس العلوى العبدالوى ‪.‬م س ‪ .‬ص ‪. 118‬‬


‫‪ - 9‬الفكهاني‬
‫‪-‬الناصري‬
‫‪.‬عبد الباسط جميعى‪ . Y‬اثر عدم تكافؤ‬
‫‪15‬‬
‫فرغم عدم ربط قواعد اإلثبات الموضوعية بشكل عام في مصر وفرنسا بالنظام العام‪ ،‬لكنها‬
‫تمتلك من القواعد القانونية ما تستطيع به أن تحمى إرادة الطرف الضعيف وإرادة المستهلك بش كل‬
‫عام يجنبها التعسف في فرض الشروط ‪ ،‬وكمثال على ذلك نذكر مضمون المادة ‪ 149‬من الق انون‬
‫المدني المصري والتي تعطي بمقتضاه للقاضي سلطة تقدير م دى تعس فية الش رط من عدمه مع‬
‫إعطاءه سلطه في تعديل هذه الشروط أو إعفاء الطرف الضعيف منها ‪.‬‬
‫كما أن قراءة مقتضيات المادة ‪ 443‬من ق ل ع المغربي بتمعن توحي على أن مقتضياتها تتعلق‬
‫بالنظام العام ألن المشرع أورد كلمة يلزم وهى توحي بالوجوب‪.‬‬
‫نخلص من كل ما سبق إلى تبنى الرأي الفقهي الذي يربط قواعد اإلثبات الموضوعية بالنظ ام‬
‫العام لما تحققه من حماية للطرف الضعيف في غياب أي نص ق انوني مغ ربي يس مح للقاضي‬
‫بالتدخل لتعديل أو إلغاء الشروط التعسفية التي يمكن أن تضمن في العقد‪ ،‬وتأكيدا لما ذهبنا إليه نورد‬
‫التعامل مع البنوك عن طريق الشبابيك األوتوماتيكية وال تي تش ترط فيه البن وك في عقودها مع‬
‫زبناءها على إعطاء ذلك الشريط الورقي حجية قاطعه ومطلقه تفوق حجة المحررات العرفية‪ ،‬وهو‬
‫ما يسلب القاضي سلطته في تقدير قيمة األدلة المنازع فيها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تطور التشريعي المغربي نحو األخذ بالتقنيات‬


‫الحديثة في مجال إثبات العقود‬
‫إن التشريع المغربي وعلى غرار غيره من التش ريعات المقارن ة‪ ،‬لم يقف موقفا س لبيا من‬
‫التطورات التي عرفتها نظم اإلثبات‪ ،‬في ظل ثورة المعلومات وشيوع التقنيات الحديث ة‪ ،‬وال ذي‬
‫بة لألدلة‬ ‫ساعد على ذلك هو تشبه لنظام اإلثبات المختلط‪ 1‬الذي يعطي للقاضي حرية التقدير بالنس‬
‫التي لم يجد لها القانون حجية معينة فهذه المرونة تضمن حسن سير العدالة وتوفر للمعامالت نوعا‬
‫من االستقرار‪ ،‬وتفسح المجال مبدئيا أمام إمكانية األخذ بمستجدات التقنيات الحديثة في إثبات العقود‬
‫ال سيما العقود االلكترونية‪.‬‬

‫‪ : 1‬أحمد حبيب‪ Y‬السماك‪ :‬نظام اإلثبات‪ Y‬في الشريعة اإلسالمية والقانون الوصفي‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬كويتية‪ ،‬السنة الحادية والعشرون‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬يونيو ‪1997‬‬
‫‪16‬‬
‫والواقع أنه باستقراء بعض القوانين الخاصة نجد المشرع المغربي قد كان على قدر من الجرأة‬
‫من خالل اعتماده على التقنيات الحديثة في اإلثبات وإن كانت هذه المبادرة قد تصطدم أحيانا ببعض‬
‫ود في‬ ‫األسس والمبادئ التي تفرضها قواعد اإلثبات التقليدية المنظمة في قانون االلتزامات والعق‬
‫الوقت الذي نجد فيه تشريعات أخرى وعلى رأسها القانون الفرنسي قد تثبت قواعد مضبوطة إلثبات‬
‫العقد‪.‬‬
‫فنبحث أوال موقف التشريع المغربي والتشريعات المقارنة من التقنيات الحديثة في مجال إثبات‬
‫العقد االلكتروني (المطلب األول)‪ ،‬قبل أن نستخلص حدود استيعاب القواعد العامة‪ ،‬إلثبات العق ود‬
‫االلكترونية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬موقف التشريع المغربي والتشريعات المقارنة من التقنيات‬


‫في مجال إثبات العقد االلكترونيـ‬
‫الفقرة األولى‪ :‬موقف التشريعات المقارنة‬

‫أوال‪ :‬التشريع الفرنسي‬


‫استجابة منه لمتطلبات التعامل بوسائل االتصال الحديثة ت دخل المش رع الفرنسي بم وجب‬
‫القانون ‪ 80/525‬المدني خاصة الجانب المتعلق بوسائل إثبات الوس ائل القانونية فتب نى مفهوما‬
‫جديدا للصورة من جهة‪ ،‬واعتبر المحررات االلكترونية دليال كتابيا من جهة ثانية‪.‬‬
‫ولقد اعتبر ذلك بمثابة ارتقاء تشريعي بقواعد األدلة االلكترونية إلى مستوى القواعد العام ة‪،‬‬
‫مع وجود استثناءات‪ ،‬وإذا ك ان الق انون الفرنسي قد أق ام التك افؤ بين المح ررات االلكترونية‬
‫والمحررات الورقية فإنه في المقابل تدخل ليضع حدودا وشروطا لهذا االعتراف‪ ،‬فبمقتضى المادة‬
‫نى أن‬ ‫‪ 1316/1‬اشترط أن تكون الرموز أو األرقام أو العالمات على وضع يسمح بقراءتها‪ ،‬بمع‬
‫تكون مكونات الكتابة ذات داللة تعبرية مفهومة‪ ،‬كما اشترط كذلك لزوج ارتب اط المح رر بتوقيع‬
‫االلكتروني استوفى الشروط التي تجعله مؤديا لوظائف الترقيع بصفة عام ة‪ ،‬وعلى نحو يمكن من‬
‫الكشف على أي تالعب في الكتابة‪ ،‬هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الفرنسي قد قيد قبول الدليل‬
‫‪1‬‬
‫الكتابي االلكتروني في اإلثبات يفيد بينهما‪ :‬تحديد سالمتها‪.‬‬

‫‪ :‬أحمد شرف الدين‪ :‬عقود التجارة االلكترونية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وقانون التجارة الدولية‪ ،‬جامعة عين شمس ص‪316 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪17‬‬
‫أما بالنسبة لصورة فقد أخضع المشرع الفرنسي عن منحها حجية في اإلثبات متى توافر على‬
‫شرطين أساسيين هما‪:‬‬
‫ون المطابقة‬ ‫‪ +‬التطابق‪ :‬ومعناه أن تأتي الصورة مطابقة لألصل مطابقة تامة‪ ،‬بمعنى أن تك‬
‫في الشكل والمضمون‪.‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫‪ +‬الـدوام‪ :‬من خالل التعريف الوارد في الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 1348‬من التقنين الفرنس‬
‫يتضح أن المقصود بالدوام‪ ،‬اإلثبات‪ ،‬وعدم القابلية ل زوال‪ ،‬وع دم ص الحية‬
‫الدعمات المستخدمة إلعادة استخدامها مرة أخرى‪.‬‬
‫وهكذا فمتى استوفت الصورة هذين الشرطين إال واعتبرت ذات حجية في اإلثب ات إذا ك ان‬
‫لطة التقديرية للقاضي دون الرقابة‬ ‫األصل غير موجود‪ ،‬مع العلم أن هذه الحجية تبقى خاضعة لس‬
‫‪2‬‬
‫عليه من محكمة النقض فإن شاء أخذ بها وإن شاء طرحها جانبا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬موقف المشرع المصري‬
‫في ظل القانون الحالي أبى المشرع المص ري إال أنيمنح لوس ائل االتص ال الحديثة حجية‬
‫قانونية في اإلثبات‪ ،‬فمعلوم أن الق انون المص ري يتطلب الكتابة في إثب ات بعض التص رفات‬
‫القانونية‪.‬‬
‫بيد أنه في نطاق هذه التصرفات القانونية أورد بعض االستثناءات التي ال يل زم فيها وج ود‬
‫الدليل الكتابي الكامل‪ ،‬ثم أن المشرع المصري أخذ بمبدأ اإلثبات الحرفي مواجهة التجار في المادة‬
‫التجارية‪ ،‬وسمح لألطراف باستبعاد نظام اإلثبات واالتفاق عل تنظيم حجية المس تندات والوث ائق‬
‫التي يتعاملون بها‪ ،‬فقواعد اإلثبات قواعد مكملة وليس آمرة‪ ،‬ومن تم يج وز االتف اق على مخالفة‬
‫أحكامها‪ .‬ثم إن المشرع قد أجاز بنص صريح اإلثبات بكافة الطرق والوسائل ما دام هن اك م انع‬
‫يتعذر معه إعمال الدليل الكتابي أيا كان نوع هذا المانع‪.‬‬
‫ويدخل في ذلك المانع بحكم عادة فمتى اعتاد األف راد مثال التعامل فيما بينهم دون الحص ول‬
‫على دليل كتابي كما هو الحال في التعامل بوسائل االتصال الحديثة يستسيغ األخذ به ذه الوس ائل‬
‫حجة في اإلثبات‪.‬‬

‫‪ : 2‬محمد السعيد رشدي‪ :‬التعاقد بوسائل االتصال الحديثة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬ط ‪ ،2005‬ص‪ 241 :‬وما يليها‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫والمانع سيان أكان مانعا ماديا ناشئا من الظروف الجارحية إلبرام التصرف والتي تمنع ماديا‬
‫من الحصول على دليل كتابي أو مانعا أدبيا ناشئا عن اعتبارات معنوية دون المطالبة بالكتابة‪ ،‬قلنا‬
‫تحقق المانع بنوعيه يسعف األخذ بوسائل االتص ال الحديثة في اإلثب ات كالحاسب مثال خصوصا‬
‫النسخة االلكترونية ومصفرات الفيلمية وموقع الويب وهي الصفحة التي تظهر على شاشة الحاسب‬
‫االلكتروني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قبول بعض القوانين المغربية الخاصة للتقنيات الحديثة‬


‫في خضم التطور الحادث في مجاالت االتصاالت االلكترونية‪ ،‬مع ما صاحب ذلك من تغيرات‬
‫جذرية على الطرق التي أصبحت تتم بها المعامالت التجارية‪ .‬عرف التش ريع المغ ربي ب روز‬
‫مجموعة من النصوص التي تجيز اعتماد بعض التقنيات الحديثة في االثبات‪ ،‬وإن كان األمر يحتاج‬
‫إلى تدخل فعلي عبر قانون ينظم التجارة االلكترونية بشكل عام‪ ،‬واإلثبات في المعامالت االلكترونية‬
‫بشكل خاص‪ ،‬وسنحاول من خالل هذه الفقرة الوقوف قدر اإلمكان عند بعض التطبيقات المتن اثرة‬
‫في بعض النصوص والقوانين الخاصة‪ ،‬محاولين استجالء موقف التشريع المغ ربي من التقني ات‬
‫الحديثة ومدى حجيتها في اإلثبات‪ ،‬ومن بين هذه القوانين نجد‪:‬‬
‫أوال‪ :‬القانون المتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها‬
‫ثانيا‪ :‬قانون حرية األسعار والمنافسة‬
‫ثالثا‪ :‬مدونة الشغل الجديدة‬
‫رابعا‪ :‬قوانين خاصة أخرى‬

‫أوال‪ :‬القانون المتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها‬


‫باستقراء القانون المتعلق بنشاط مؤسسات االئتم ان ومراقبته ا‪ ،‬نستشف أن من بين المه ام‬
‫المسندة لمؤسسة االئتمان كما أشارت إلى ذلك الم ادة األولى وضع مختلف وس ائل ال دفع رهن‬

‫‪19‬‬
‫تصرف العمالء والقيام بإداراتها‪ ،‬من دون أن تحدد هذه المادة ما إذا كانت هذه الوس ائل تقليدية أو‬
‫آلية حديثة‪ ،‬وهو األمر الذي تجاوزته المادة ‪ 4‬من نفس القانون أكدت صراحة بأن‪ " :‬وسائل الدفع‬
‫هي جميع الوسائل التي تمكن أي شخص من تحويل األموال حينما كانت الطريقة أو الخطة التقنية‬
‫المستعملة لذلك"‪.‬‬
‫فهذه المادة جاءت على صيغة العموم دون تحديد أكانت هذه الوسائل شيكا أو كمبيالة أو سند‬
‫ألمر أو إذ ناب بالتحويل أو فاكسا أو بطاقة ائتمان أو وفاء أو وثيقة معلوماتية أو بيانات الكترونية‪،‬‬
‫ولعل في ذلك أخذ صريح لمستجدات التقنيات الحديثة واألكثر من ذلك المادة ‪ 106‬من نفس القانون‬
‫اعترفت صراحة بالحجية القانونية لكشوف الحسابات والتي نعلم أنهتا أحد مس تخرجات التقني ات‬
‫الحديثة‪ ،1‬وهو ما كرسه العمل القضائي في أحد قراراته حينما اعتبر الكشوف الحس ابية البنكية لها‬
‫‪2‬‬
‫حجيتها رغم إنكار‪.‬‬
‫ارا‬ ‫وألجل ذلك قيل بأن القانون المتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان مراقبتها‪ ،‬قانون رائد وإط‬
‫قانونيا وتجريبيا لمدى نجاعة وسائل اإلثبات الحديثة‪ ،‬خاصة وأنه يمس ش ريعة عريضة وحساسة‬
‫من المجتمع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ثانيا‪ :‬قانون حرية األسعار والمنافسة‬
‫جاء القانون ‪ 06.99‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة بأحك ام ال غ نى عنها لتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬وضمان رفاهية المستهلك‪ ،‬وتتجسد هذه األحك ام في تنظيم حرية األس عار من جهة‬
‫وتنظيم المنافسة الحرة من جهة ثانية‪ .‬والهدف بطبيعة الح ال هو ض مان الش فافية والنزاهة في‬
‫العالقات التجارية‪.‬‬
‫ومن األمور التي تحسب لهذا الق انون الجديد حرصه على التالئم مع مس تجدات التقني ات‬
‫الحديثة‪ ،‬وهو ما نلمسه من قراءة بعض مواده‪.‬‬
‫وهكذا فقد جاء في المادة ‪ " :47‬يجب على كل من يبيع منتوجات أو يق وم خ دمات أن يعلم‬
‫المستهلك عن طريق وضع عالمة أو ملصق أو إعالن أو بأي طريقة مناس بة أخ رى باألس عار‬
‫والشروط الخاصة للبيع أو ال تجاز خدمة"‪.‬‬
‫‪ : 1‬جاء في سياق المادة ‪ 106‬ما يلي‪ " :‬كشوف الحسابات التي تعدها مؤسسات االئتمان وفق الكيفية التي يحددها وغلى بنك المغرب بعد موافقة لجنة مؤسسات‬
‫االئتمان تعتمد في الميدان القضائية باعتبارها وسائل إثبات بين المؤسسات وعمالئها‪ Y‬من التجار في المنازعات التي تنشأ فيما ينهم على أن يثبت‪ Y‬ما يخالفها‪.‬‬
‫‪ : 2‬قرار تجاري عدد ‪ 1370‬في ‪ ،2000-10-11‬ملف تجاري عدد ‪ 1771/99‬مجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 88‬ماي ‪ ،2001‬ص‪113-113 :‬‬
‫‪ : 3‬جاء ظهير شريف رقم ‪ 01-00-225‬صادر في ‪ 2‬ربيع األول ‪ 1421‬موافق ل ‪ 5‬يونيو ‪ 2000‬ينفذ القانون ‪ 06.99‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة‪،‬‬
‫الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4810‬في ‪ 6‬يوليوز ‪ 2000‬ص‪1941 :‬‬
‫‪20‬‬
‫فإعالم المستهلك بأسعار المنتوجات والخدمات وغيرها كما جاء في صريح المادة يمكن أن يتم‬
‫بأي طريقة أخرى مناسبة‪ ،‬والتي قد تكون فاكس أو إنترنيت وغيرها من التقنيات الحديثة‪.‬‬
‫كما جاء فقي المادة ‪ 48‬على أنه‪ " :‬يجب على من يبيع منتوجات أو يقدم خ دمات أن يس لم‬
‫فاتورة أو تذكرة صندوق أو أي وثيقة أخرى يقوم مقامها على كل مستهلك بطلب ذلك" فالف اتورة‬
‫‪4‬‬
‫قد تقوم مقامها أي وثيقة أخرى‪ ،‬حتى ولو كانت أحد مستخرجات التقنيات الحديثة‪.‬‬
‫ات الحديثة إمكانية‬ ‫فالواضح إذن أن الصياغة العامة لهذه النصوص‪ ،‬تمنح لمستجدات التقني‬
‫المساهمة في حماية المستهلك من جهة‪ ،‬وإضفاء الشفافية على العالقات التجارية بين المهن يين من‬
‫جهة أخرى‪ .‬خاصة وأنها تمكن هؤالء األطراف من مجموعة من الوسائل التقنية التي تسهل عملية‬
‫التعامل فيما بينهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مدونة الشغل الجديدة‬
‫من خصوصيات القانون االجتم اعي أنه لم يكتف بالقواعد العامة في اإلثب ات ال واردة في‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع فهكذا ومراعاة منه للمراكز االقتصادي الضعيف لألجير في مواجهة المشغل فإنه ح رص‬
‫ائل في ثالثة‬ ‫على تنظيم إثبات األجر بمقتضى وسائل خاصة تسير عمل القضاء وتتمثل هذا الوس‬
‫وهي‪ :‬ورقة األداء‪ ،‬دفتر األداء‪ ،‬وتوصيل تصفية كل حساب‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع المغربي في المدونة الجديدة للش غل‪ ،‬اعت بر بعض التقني ات الحديثة‬
‫وسائل اإلثبات واقعة أداء األجر‪ ،‬فقد جاء في المادة ‪ " :372‬يمكن بطلب من المش غل االستعاضة‬
‫عن دفتر األداء‪ ،‬باعتماد أساليب المحاسبة الميكانوغرافية أو المعلوماتية أو أية وس يلة أخ رى‬
‫بين وسائل المراقبة التي يراها العون المكلف بتفتيش الشغل كفيلة بأن تقوم ذلك الدفتر"‪.‬‬
‫ثمن هنا‪ ،‬يجب على المشغل أن يحتفظ بمس تندات المحاس بة الميكانوغرافية والمعلوماتية أو‬
‫رك‬ ‫بوسائل المراقبة األخرى التي تقوم مقام دفتر األداء هذه ال تقل عن سنتين من تاريخ اعتماد ت‬
‫المستندات أو الوسائل مع وجوب وضعها رهن إشارة عون التفتيش ومفتشي الص ندوق الوط ني‬
‫‪1‬‬
‫للضمان االجتماعي الذين يمكنهم طلب اإلطالع عليها في أي وقت‪.‬‬

‫‪ : 4‬محمد بوشيبة‪ :‬اإلثبات بين القواعد التقليدية ومستجدات التقنيات الحديثة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في الحقوق‪ ،‬شعبة قانون األعمال‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني عين الشق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2004-2003‬ص‪264 :‬‬
‫‪ : 1‬أستاذنا عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقات الشغل الفردية ‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2004‬‬
‫ص‪331 :‬‬
‫‪21‬‬
‫ربي‬ ‫والواقع أن هذه المقتضيات إن دلت فإنها تدل على متى واحد‪ ،‬وهو انفتاح التشريع المغ‬
‫على التقنيات الحديثة‪ ،‬واعتبارها ذات حجية في اإلثبات‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬قوانين خاصة أخرى‬
‫إن اعتماد التقنيات الحديثة‪ ،‬لم تقف فقط عند حدود النصوص القانونية المش ار إليه ا‪ ،‬بل‬
‫تتعداها إلى نصوص أخرى مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬قانون رقم ‪ :15-97‬بمثابة مدونة التحصيل الديون العمومية‪ ،‬والذي جاء في مادته ‪20‬‬
‫أنه‪" :‬تؤدى الضرائب والرسوم والديون العمومية أخرى إما نقدا أو بواسطة تسليم ش يك أو عن‬
‫طريق تحويل الدفع لفائدة حساب مفتوح في اسم المكلف بالتحصيل أو بأي وسيلة أخ رى لألداء‬
‫منصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل‪"...‬‬
‫فأداء الديون العمومية قد يتم بأي وسيلة أداء‪ ،‬والتي قد تكون أحد مستجدات التقنيات الحديثة‬
‫ما دام أنه من شأن هذه التقنيات الوصل إلى الغاية المتوخاة أال وهي أداء الدين العام‪.‬‬
‫‪ -2‬القانون رقم ‪ :9.88‬المتعلق بالقواعد المحاسبة الواجب على التج ار العمل بها وال ذي‬
‫أوجب في مادته األولى على‪ " :‬كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة تاجر بمدلول هذه الكلمة في‬
‫واردة في‬ ‫قانون التجارة أن يمسك محاسبته وفق القواعد التي ينص عليها القانون والبيانات ال‬
‫الجداول الملحقة به‪."...‬‬
‫فلكي تكون المحاسبة دقيقة وفعالة خاصة بالنسبة للمؤسسات الكبرى‪ ،‬فإنه من األفيد االستعانة‬
‫بة‪،‬‬ ‫بمستحضرات ومستجدات التقنيات الحديثة إلنجاز مختلف العمليات التي ترتكز عليها المحاس‬
‫فتصبح تلك المستخرجات المضبوطة كوثائق محاسبية يمكن االعتماد عليها في إثبات الحقوق سيما‬
‫بين التجار‪.‬‬
‫وإضافة إلى هذه النصوص والقوانين الخاصة‪ ،‬فإن هن اك مجموعة من الظه ائر قد اهتمت‬
‫مستجدات التقنيات الحديثة وأشارت إليها سواء من بعيد أو من قريب ونذكر من بين هذه الظهائر‪:‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف معت بر بمثابة ق انون رقم ‪ 1-93-221‬ص ادر في ربيع اآلخر ‪1414‬‬
‫موافق ل ‪ 21‬سبتمبر ‪ 1993‬يتعلق ببورصة القيم‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم ‪ 1-93-212‬صادر في ‪ 04‬ربيع اآلخر ‪1414‬‬
‫موافق ل ‪ 21‬سبتمبر ‪ 1993‬متعلق بمجلس القيم المنقولة وبالمعلومات المطلوبة على‬
‫األشخاص المعنوية التي تدعو الجمهور إلى االكتساب على اسمها أو سنداتها‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 01-00-19‬صادر في ‪ 09‬ذي القعدة ‪ 1420‬موافق ل ‪ 15‬فبراير‬
‫‪ 2000‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 1797‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1-00-20‬صادر في ‪ 09‬ذي العقدة ‪ 1420‬موافق ل ‪ 15‬ف براير‬
‫‪ 2000‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 2.00/2‬المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة‪.‬‬

‫المطلب الثــــاني‪ :‬إثبــــات العقد االلكــــتروني‪ :‬أية فعالية لقواعد اإلثبــــات‬


‫المضمنة في ق‪.‬ل‪.‬ع؟‬
‫إن البحث في مدى فعالية قواعد اإلثبات التقليدية المض منة في ص لب ق انون االلتزام ات‬
‫والعقود‪ ،‬وحدود استيعابها للتطورات الحديثة التي أفرزت ما يسمى بالعقد االلكتروني يفرض علينا‬
‫أن نبين مدى اتصال تلك القواعد بالنظام العام (الفقرة األولى) قبل أن نبحث في مدى إمكانية تطويع‬
‫هذه القواعد لتغدو مستجيبة إلثبات العقد االلكتروني (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مدى اتصال قواعد اإلثبات بالنظام العام‬


‫إن الفائدة المرجوة في البحث في مدى اعتبار قواعد اإلثبات متعلقة بالنظ ام الع ام من عدمه‬
‫تتجلى أساسا في النتائج المترتبة على ذلك فالقول بأن مدة الوسائل من النظام العام يتيح لألط راف‬
‫إمكانية التمسك بما في أية مرحلة من مراحل التقاضي بل ويمكنه إثارتها ألول م رة أم ام مجلس‬
‫األعلى بمعنى أنها من القواعد اآلمرة واالتفاق على مخالفتها يعد باطال بطالن مطلق‪.‬‬
‫أما القول بخالف ذلك‪ ،‬من أن قواعد اإلثبات غير متعلقة بالنظام العام‪ .‬فينبغي عكس النت ائج‬
‫األولى‪ ،‬فهي من تم قواعد مكملة يمكن االتفاق على خالفها تم إنه ال يسوغ التمسك بها إال ممن لهم‬
‫المصلحة وبالتالي ال يمكن إثارتها ألمل مرة أمام المجلس األعلى‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫ات‬ ‫والواقع أن هذا الموضوع عرف انقساما فقهيا وقضائيا بين من يرى باتصال قواعد اإلثب‬
‫بالنظام العام وبين من يرى غ ير ذل ك‪ ،‬وكل من الف رقين أسس دراية انطالقا من مجموعة من‬
‫المؤيدات والمبررات القانونية‪.‬‬
‫أما عن موقف المشرع المغربي فالمالحظ أن لم يضع قاعدة ج واز اتف اق األط راف على‬
‫مخالفة القواعد الموضوعية لإلثبات في نص تشريعي‪ ،‬ولكن عمال بالرأي السائد فقها وقض اءا في‬
‫فرنسا فإن بعض الفقه المغربي‪ 1‬يرى بأن كل اتفاق من شأنه أن يعدل في قواعد اإلثبات يعتبر اتفاقا‬
‫صحيحا شريطة بأن يكون هذا التعديل أثناء س ير ال دعوى ليخلص إلى أن القواعد المتعلقة بمحل‬
‫اإلثبات وحيدة وطرقه ال تتصل بالنظام العام فيجوز االتفاق على مخالفتها والتنازل عنها وال يجوز‬
‫المسك بها في أية حالة كان عليها ال دعوى إال إذا ك ان ه ذا التمسك في أول مرحلة من مراحل‬
‫الدعوى وقبل الدفع باألساس حتى أنه ال يحق للقاضي أن يرفض مخالفتها من تلقاء نفسه‪.‬‬
‫اكم‬ ‫أما القضائي فنسجل بشأنه سكوتا وفراغا كبيرين حين لم يعبر المجلس األعلى وزال مح‬
‫الموضوع عن رأيهم في الموضوع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حدود استيعاب القواعد العامة إلثبات العقد االلكتروني‬


‫لئن كان المشرع المغربي أقر بموجب الفصل ‪ 443‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بقاعدة أساس ية مفادها أنه ال‬
‫يجوز اإلثبات بالشهادة متى تجازوت االتفاقات وغيرها من األفعال القانونية قيمة ‪ 250‬درهم وإن‬
‫أكد أيضا من خالل الفصل ‪ 444‬من نفس القانون على أنه ال تقبل في النزاع بين المتعاقدين شهادة‬
‫الشهود إلثبات ما يخالف‪.‬‬
‫بعد أن تطرق الفصل ‪ 443‬من قانون االلتزامات والعقود إلى قاعدة أساسية ضمن فيها أنه ال‬
‫يجوز اإلثبات بالشهادة متى تجاوزت االتفاقات وغيرها من األفع ال القانونية قيمة ‪ 250‬درهم ا‪،‬‬
‫وتطرق كذلك الفصل ‪ 444‬من نفس القانون إلى أنه ال تقبل في النزاع بين المتعاقدين شهادة الشهود‬
‫إلثبات ما يخالف أو يجاوز ما جاء في الحجج ولو ك انت القيمة تقل عن ‪ 250‬درهم ا‪ ،‬نالحظ أن‬
‫لين ‪447‬و‬ ‫المشرع قد نص على حاالت أجيزت فيها الشهادة على سبيل االستثناء وذلك في الفص‬
‫‪ 448‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫‪ : 1‬إدريس العلوي العبدالوي‪ :‬وسائل اإلثبات‪ Y‬في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،1990‬ص‪ 97 :‬وما بعدها‬
‫‪ -‬عبد الكريم شهبون‪ :‬الشافي في شرح ق‪.‬ل‪.‬ع المغربي‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬االلتزامات بوجه عام‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،1999 ،‬ص‪399 :‬‬
‫‪24‬‬
‫وقد نص الفصل ‪ 447‬من قانون االلتزامات والعقود على الحالة االستثنائية األولى التي يجوز‬
‫فيها اإلثبات بالشهادة حيث جاء فيه‪:‬‬
‫<< ال تطبق األحكام المقررة فيما سبق (يعني الفص لين ‪443‬و ‪ )444‬عن دما توجد بداية‬
‫حجة بالكتابة‪ ،‬وتسمى بداية حجة بالكتابة كل كتابة من ش أنها أن تجعل الواقعة الم دعاة قريبة‬
‫االحتمال إذا كانت صادرة ممن يحتج بها عليه‪ ،‬أو ممن أنجز إليه الحق‪ ،‬أو ممن ينوب عنه‪.‬‬
‫وتعتبر صادرة من الخصم كحجة يحررها بناء على طلبه‪ ،‬موظف رسمي مختص‪ ،‬في الشكل‬
‫الذي يجعلها حجة في اإلثبات‪ ،‬وكذلك أقوال الخص وم ال واردة ي مح رر أو في حكم قض ائي‬
‫صحيحين شكال>>‪.‬‬
‫أما الفصل ‪ 448‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فقد نص على ح التين يج وز فيهما ك ذلك‬
‫اإلثبات بشهادة الشهود‪ ،‬وهما حالة فقدان السند الكتابي وحالة المانع من الحصول على دليل كت ابي‬
‫وذلك كاآلتي‪:‬‬
‫<< استثناء من األحكام السابقة يقبل اإلثبات بشهادة الشهود‪:‬‬
‫‪ -1‬في كل حالة يفقد فيها الخصم المحرر الذي يتضمن الدليل الكتابي االلتزام له أو للتحليل‬
‫من التزام عليه نتيجة حادث فجائي أو قوة قاهرة أو س رقة‪ ،‬وتخضع األوراق النقدية‬
‫والسندات لحاملها ألحكام خاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا تعذر على الدائن الحصول على دليل كتابي إلثبات االلتزام كالحالة التي تك ون فيها‬
‫االلتزامات ناشئة عن شبه العقود وعن الجرائم والحالة التي يراد فيها إثب ات وق وع‬
‫غلط مادي فقي كتابة الحجة أو حالة الوقائع المكونة لإلكراه أو الصورية أو االحتي ال‬
‫أو التدليس التي تعيب الفعل القانوني وكذلك األمر بين التج ار فيما يخص الص فقات‬
‫التي لم تجر العادة بتطلب الدليل الكتابي إلثباتها‪.‬‬
‫تقدير الحاالت التي يتعذر فيها على الدائن الحص ول على ال دليل الكت ابي موك ول لحكمة‬
‫القاضي>>‪.‬‬
‫يالحظ من خالل الفصل ‪ 447‬المذكور س ابقا‪ ،‬أنه قد نوجد أحيانا أما دليل كت ابي لكنه دليل‬
‫غير مكتمل الشروط‪ ،‬كالورقة الرسمية التي تخلف أحد شروطها الرئيسية‪ ،‬أو الورقة العرفية ال تي‬
‫ال تحمل توقيعا في هذه الحاالت تكون الورقة باطلة من حيث الشكل المطلوب قانونا‪ ،‬ولكنها تعتبر‬

‫‪25‬‬
‫بداية حجة كتابية‪ ،‬فتقبل حسب مفهوم الفصل الم ذكور على أس اس أنها دليل ن اقص تنقع تكملته‬
‫بطرق أخرى كالشهادة على سبيل المثال‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالفصل ‪ ،448‬فيستنتج من خالله أنه يصعب على بعض األشخاص في ظروف‬
‫معينة إعداد دليل كتابي‪ .‬وقد تبلغ هذه الصعوبة حد االستحالة فيأخذ الق انون ه ذه الظ روف في‬
‫االعتبار ويعفي أصحابها من اإلثبات بالكتابة وذلك حماية لحقوقهم‪ ،‬وعادة ما يك ون م رد ه ذه‬
‫االستحالة على ظروف مادية أو نفسية حالت دون إعداد هذا الدليل‪ ،‬وأحيانا أخرى يكون ال دليل قد‬
‫‪1‬‬
‫تم إعداده فعال لكنه فقد في وقت الحق لظروف مماثلة‪.‬‬
‫فإذا كانت الحالة األولى قد سمح فيها المشرع باإلثبات بالشهادة ألن المدعي قد اس تحال عليه‬
‫تحالة الحقة‬ ‫وقت إبرام التصرف أن يحصل على دليل كتابي‪ ،‬فإنه في الحالة الثانية نوجد أمام اس‬
‫‪1‬‬
‫للتصرف بين الحالتين هو الذي جعل المشرع يجمع بينهما في فصل واحد‪.‬‬
‫رة الثانية من‬ ‫وسواء كان المانع أدبيا أم ماديا‪ ،‬فقد كان األجدر بالمشرع المغربي إسقاط الفق‬
‫الفصل ‪ 448‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬مادام أن األمر يتعلق في حالة المانع الم ادي بوق ائع‬
‫مادية يمكن إثباتها بكافة‬
‫وع إلى‬ ‫طرق اإلثبات‪ ،‬ومن ذلك شهادة الشهود مثال‪ ،‬أما في حالة المانع األدبي فيمكن الرج‬
‫القواعد العامة ما دام ال يوجد نرص يقضي بوجوب األخذ بهذا المانع‪.‬‬
‫والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذا المقام‪ ،‬هو هل اعتبار التعامل بوس ائل االتص ال الحديثة‬
‫كالحاسب اآللي واإلنترنيت إلبرام العقود االلكترونية بمثابة مانع يتعذر معه إعداد الدليل الكتابي؟‬
‫إن المانع المادي يقوم إذ نشأ التصرف في ظروف يستحيل معها على المتعاقد الحصول على‬
‫دليل كتابي‪ ،‬بحيث ال تترك له تلك الظروف الوقت المناسب للتنفكير في الدليل الكتابي‪.‬‬
‫ابي‬ ‫ونعتقد أنه من قبيل هذه التصرفات التي تنشأ في ظروف يستحيل معها إعداد الدليل الكت‬
‫وخصوصا في العقد االلكتروني‪ ،‬وفي هذا السياق‪ ،‬ذهب البعض على أنم العادة قد تشكل مانعا يجيز‬
‫اإلثبات بكافة الطرق والوسائل " فإذا ما اعتاد األفراد مثال التعامل فيما بينهم دونت الحصول على‬
‫دليل كتابي كما هو الحال في التعامل بوسائل االتصال الحديثة‪ ،‬واستمر الحال ف ترة من ال زمن‬

‫‪ : 1‬محمد السعيد رشدي‪" :‬حجية وسائل االتصال الحديثة في اإلثبات" مرجع سابق‪ ،‬ص‪82 :‬‬
‫‪ : 1‬محمد حسام محمود لطفي‪" :‬استخدام وسائل االتصال الحديثة‪ "...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 20 :‬وما بعدها‬
‫‪26‬‬
‫يشكل مانعا بحكم العادة‪ ،‬والقول بغير ذلك سيجعل العقود التي تبرم بين رجال األعمال المنتشرين‬
‫‪2‬‬
‫في جميع أنحاء العالم تتم دون دليل عليها وهذا ليس في مصلحة أحد"‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬فإن المشرع المغربي قد أجاز بنص اإلثبات بكافة الوسائل‪ ،‬كلما وجد م انع‬
‫يتعذر معه إعداد الدليل الكتابي مما يتأكد معه إمكانية إثبات العقد االلكتروني بكافة الوسائل المتاحة‬
‫فيما لو تعذر إثباته بالكتابة‪ ،‬مع العلم أن للقاضي في إطار ممارسته مهمة التسيير من هذا النوع من‬
‫العقود‪ ،‬سلطة تبقى خاضعة لرقابة المجلس األعلى‪ ،‬ما دامت وسائل اإلثبات من مسائل الق انون ال‬
‫الواقع‪.‬‬

‫الئحــــــة المراجع‪:‬‬
‫محمد السعيد رشدي‪ :‬التعاقد بوسائل االتصال الحديثة (ومدى حجتها في اإلثبات) منش أة‬ ‫‪‬‬
‫المعارف باإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫‪ ‬أحمد شرف الدين‪ :‬عقود التجارة اإللكترونية (تكوين العقد وإثباته)‪ ،‬دروس الدكتوراه دبلومي‬
‫القانون الخاص وقانون التجارة الدولية‪ ،‬جامعة عين شمس‪.‬‬
‫‪ ‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق االنترنيت‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2000 ،‬‬
‫‪ ‬إبراهيم الدسوقي أبو الليل‪ :‬الج وانب القانونية للتع امالت االلكترونية‪ ،‬دراسة للج وانب‬
‫القانونية للتعامل ع بر أجه زة االتص ال الحديثة (التراسل‬
‫االلكترونية) – جامعة الكويت‪.2003 ،‬‬

‫‪ : 2‬أحمد المهدي‪" :‬اإلثبات‪ Y‬في التجارة اإللكترونية" دار الكتب القانونية‪ ،‬طبعة ‪ ،2004‬ص‪ 17 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ ‬عمر أنجوم‪ :‬الحجية القانونية لوسائل االتصال الحديثة (دراسة تحليلية في نظ ام اإلثب ات‬
‫المدني) أطروحة‪ ،‬جامعة الحسن الثاني عين الشق‪ ،‬السنة ‪.2004 -2003‬‬
‫نور الدين الناصري‪ :‬مدى مالءمة قواعد اإلثبات في قانون االلتزامات والعقود المغ ربي‬ ‫‪‬‬
‫لوسائل االتصال الحديثة دوليا ووطنيا‪ ،‬محاضرة‪.‬‬
‫‪ ‬الحسين القمري‪ :‬القيمة القانونية للوثائق الصادرة عن الحاسوب‪ ،‬مجلة رسالة الدفاع العدد‬
‫الرابع‪ ،‬السنة ‪.2003‬‬
‫‪ ‬محمد أخياط‪ :‬بعض التحديات القانونية التي تثيرها التجارة االلكترونية‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،25‬السنة ‪.2002‬‬

‫الفهرس‬
‫تقــــــــديـــــــم‬
‫المبحث األول‪ :‬إثبات العقد االلكتروني بالنظر للشروط المتعلقة بالسند الكتابي‬
‫واالستثناءات الواردة عليه ومدى صحة االتفاقات‬
‫المطلب األول‪ :‬الشروط المتعلقة بالسند الكتابي حتى تم قبوله في اإلثبات ومعنى توافرها في‬
‫المحرر االلكتروني‬
‫الفقرة األولى‪ :‬وجوب أن يكون الدليل مكتوبا‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الواجب توفرها في التوقيع ومدى تحققها في التوقيع اإللكتروني‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬إثبات العقود اإللكترونية بواسطة االستثناءات القانونية المقررة على الدليل‬
‫واالتفاقات الخاصة‬ ‫الكتابي‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬االستثناءات القانونية على مبدأ وجوب اإلثبات بالكتابة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستثناءات االتفاقية على مبدأ وجوب اإلثبات بالكتابة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تطور التشريعي المغربي نحو األخذ بالتقنيات الحديثة في مجال إثبات‬
‫العقود‬
‫المطلب األول‪ :‬موقف التشريع المغربي والتشــريعات المقارنة من التقنيــات في مجــال إثبــات‬
‫العقد االلكتروني‬

‫‪28‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬موقف التشريعات المقارنة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قبول بعض القوانين المغربية الخاصة للتقنيات الحديثة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إثبات العقد االلكتروني‪ :‬أية فعالية لقواعد اإلثبات المضمنة في ق‪.‬ل‪.‬ع؟‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مدى اتصال قواعد اإلثبات بالنظام العام‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حدود استيعاب القواعد العامة إلثبات العقد االلكتروني‬

‫‪29‬‬

You might also like