Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫خطة البحث‬

‫المقدمة‬
‫المبحث األول‪ : ‬مدخل مفاهيمي‬
‫المطلب األول‪ : ‬تعريف الفن‬ ‫‪-‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬علم اجتماع الفن‪ ‬‬ ‫‪-‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التناول السوسيولوجي لظاهرة الفن‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رواد سوسيولوجيا الفن‬
‫المطلب األول‪ : ‬هوارد بيكر و سوسيولوجيا الفن‬ ‫‪-‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بيير بورديو و سوسيولوجيا الفن‬ ‫‪-‬‬
‫الخاتمة‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬
‫المقدمة‬
‫حققت السوسيولوجيا العامة استقالال ذاتيا بامتالكها إشكاليات خاصة (الموضوع)‬

‫واعتمادها على مناهج وتقنيات خاصة (المنهج)‪ ،‬ومع توالي االهتمام بالظاهرة الفنية من‬

‫منطلق سوسيولوجي‪ ،‬بات من البديهي أن يتشكل ميدان سوسيولوجي جديد يعنى بدراسة‬

‫الظاهرة الفنية‪ ،‬فتشكلت سوسيولوجيا الفن كفرع مستقل ليحرر الظاهرة الفنية من سيطرة‬

‫علم الجماليات و الفلسفة‪.‬‬

‫إن الفن شكل من أشكال النشاط االجتماعي الذي يمتاز بعدم التبات واالستقرار في‬

‫تمظهراته‪ ،‬فهو يتغير بتغير األنساق االجتماعية وعبر التاريخ والممارسة‪ ،‬ودراسة الفن أو‬

‫التعليق على منتجاته ال يستقيم دون االنطالق من هذا المعطى األساسي‪ ،‬وهذا ما حاولت‬

‫كل التنظيرات واألبحاث السوسيولوجية التي تناولت الظاهرة الفنية االنطالق منه‪ ،‬فتعدد‬

‫األبحاث في هذا الميدان السوسيولوجي لدليل على استقالليته كفرع معرفي‪ ،‬بل أن هذا‬

‫الفرع ـ رغم حداثته نسبيا ـ استطاع أن يولد فروعا مستقلة أخرى وبتنا نتحدث عن‬

‫سوسيولوجيا األدب ‪ ،‬سوسيولوجيا المسرح ‪ ...‬وكلها منبثقة من سوسيولوجيا الفن ‪.‬‬


‫المبحث األول‪ : ‬مدخل مفاهيمي‬
‫المطلب األول‪ : ‬تعريف الفن‬
‫لغة‪ :‬جاءت كلمة فن في الكثير من المعاجم اللغوية القديمة والحديثة؛ فقد جاء في‬ ‫أ‪.‬‬

‫مختار الصحاح أن الفن هو واحد الفنون أي األنواع‪ ،‬كما ورد عن الحسن بن محمد‬

‫الصغاني في معجم التكملة والذيل والصلة عدد من المعاني المختلفة لكلمة فن‪ ،‬فمثالً‬
‫كان العرب يقولون‪ :‬فننته؛ أي زينته‪ ،‬وهو ُّ‬
‫فن علم أي حسن القيام به‪ .‬أما في معجم‬

‫لسان العرب البن منظور فقد عرف كلمة الفن بأنها‪ :‬واحد الفنون أي األنواع‪ ،‬كما‬

‫عرف الفن على أنه الحال‪ ،‬وهو الضرب من الشيء‪ ،‬وجمعه فنون وأفنان‪ .‬في حين‬

‫عرف الفيروز أبادي الفن على أنه‪ :‬الحال والضرب من الشيء‪ ،‬وهو التزيين‪ .‬وجاءت‬

‫كلمة فن في المعاجم الحديثة كمعجم المنجد على أنها الضرب من الشيء‪ ،‬والفن هو‬
‫فن الشيء أي َّ‬
‫زينه‪ ،‬وتفنن الشيء أي تنوعت فنونه‪ ،‬وتفنن في‬ ‫األنواع‪ ،‬كما يقال َّ‬
‫‪1‬‬
‫الحديث أي َح ُسن أسلوبه في الكالم‪.‬‬

‫اصطالحا‪ :‬إن المعاني التي وردت في معجم الوسيط للفن تتصل بمعانيه االصطالحية‬ ‫ب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وتبتعد نوعاً ما عن المعاني اللغوية له‪ ،‬وهي تعطي للفن ثالثة ٍ‬
‫معان مختلفة هي‪:‬‬
‫معنى عام‪ :‬وهو الذي ينظر للفن من خالله على أنه التطبيق العملي للنظريات‬ ‫‪-‬‬

‫العلمية‪ ،‬ويعتبر هذا الجانب التطبيقي للعلوم‪ ،‬وهو ما يسمى بالعلوم التطبيقية‪.‬‬

‫معنى خاص‪ :‬وهو الذي ينظر للفن على أنه مهارة شخصية يمتلكها شخص‬ ‫‪-‬‬

‫محترف أو صاحب صنعة‪ ،‬وهو ما يسمى بالفنون التطبيقية‪ ،‬والتي تشتمل على‬

‫الفنون اليدوية المعتمدة على مهارة اإلنسان في تقديم أمور نافعة ومفيدة‪.‬‬

‫بتصرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سيد أحمد بخيت علي‪ ،‬تصنيف الفنون العربية االسالمية‪ :‬دراسة تحليلية نقدية‪ ،‬صفحة ‪.40-29‬‬ ‫‪1‬‬

‫نتالي إينيك‪،‬ـ سوسيولوجيا الفن‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسين جواد قبيسي‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬يونيو‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪، 2011‬ص‪.98 :‬‬


‫جمالي يثير مشاعر‬
‫ٌّ‬ ‫معنى أكثر خصوصية‪ :‬وهو الذي ينظر للفن على أنه عم ٌل‬ ‫‪-‬‬

‫السرور والفرح والبهجة في الناس‪ ،‬وهو ما يسمى بالفنون الجميلة‪ ،‬الهادفة‬

‫لتمثيل وتصوير الجمال ومن أجل اللذة البعيدة عن كل منفعة أو مصلحة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬علم اجتماع الفن‪ ‬‬


‫هو فرع من فروع‪ ‬علم االجتماع‪ ‬بشكله العام ولكن معني بدراسة‬

‫علم‪ ‬الجمال‪ ‬وعلم‪ ‬الفن‪  .‬عبر التاريخ كان دراسة علم اجتماع الفن عبارة عن‬

‫دراسة‪ ‬تاريخ الفن‪ ‬وكيفية ظهور الفنانين في مجتمعات مختلفة‪ .‬في كتابها " المعنى‬

‫والتعبير‪ :‬نحو علم اجتماع الفن " الصادر عام ‪ ،1970‬تعطي هانا دينهارد هذه السمات‬

‫المميزة لعلم اجتماع الفن (صفحة ‪ " :)3‬نقطة االنطالق لعلم اجتماع الفن هي السؤال‪:‬‬

‫األعمال الفنية‪ ،‬التي تظهر دائماً على أنها من منتجات النشاط البشري خالل فترة زمنية‬

‫معينة وفي مجتمع معين ولوقت محدد ولمجتمع أو وظيفة محددة ‪ --‬حتى لو لم تُنتج‬

‫بالضروروةـ كـ " أعمال فنية" ‪ --‬كيف يمكن أن تعيش خارج زمانها وأن تبدو معبرة‬

‫وذات معنى في عصور ومجتمعات مختلفة كلياً؟ من ناحية أخرى‪ ،‬كيف سيتم تمييز‬
‫‪3‬‬
‫العصر والمجتمع من خالل األعمال الفنية التي ُأنتجت فيهما؟‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التناول السوسيولوجي لظاهرة الفن‬


‫إن كانت ضرورة قيام سوسيولوجيا الفن دائماً معارضة القول (بكون الفن كيانا قائما‬

‫بذاته‪ ،‬وكال مكتمل)‪ ،‬حيث ينافح هذا التخصص ما يعتبره دوما تصورا رومانتيكيا عن‬

‫الفن بكونه حادثة استثنائية تحوي شروط بقائها من داخلها فحسب‪ ..‬بينما يحاول هذا‬

‫جانيت وولف‪ ،‬علم الجمالية وعلم االجتماع‪ ،‬ترجمة ماري تريز عبد المسيح‪ /‬خالد حسن‪ ،‬المشروع القومي للترجمة (‬ ‫‪3‬‬

‫دون ذكر الطبعة و سنة الترجمة )‪ ،‬ص‪.39 :‬‬


‫التخصص تفسير الفن بوصفة فعل اجتماعي ثقافي‪ ،‬مثله مثل غيره سواء في كونه يولد‬

‫في رحم تاريخي وجغرافي محدد‪ ،‬أو سواء في كونه قابالً لفك شفراته الفنية عبر التحليل‬

‫االجتماعي بإرجاع الدال إلى أصله االجتماعي المشار إليه‪ ،‬سواء بشكل مقصود أو غير‬

‫مقصود قبل المبدع‪ .‬وهنا ينبغي عدم إغفال حقيقة وجود تفاوت كبير بين المتخصصين في‬

‫حقل سوسيولوجيا الفن‪ ،‬هذا التفاوت يكمن في درجة الربط بين الفن والمجتمع‪ ،‬فلدى‬

‫البعض يصل الربط إلى الحد الذي يرى العملية محض انعكاس مباشر‪ ..‬لكنها لدى البعض‬

‫اآلخر عالقة مركبة بين الفن والمجتمع ونتاج عمليات أكثر تعقيدا بكثير من مثل هذا‬
‫‪4‬‬
‫االنعكاس اآللي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬رواد سوسيولوجيا الفن‬


‫المطلب األول‪ : ‬هوارد بيكر و سوسيولوجيا الفن‬
‫أشار األمريكي هوارد بيكر في دراسته الفريدة "عوالم الفن"؛ فاالتجاه المهيمن من‬

‫قبل هو ذلك الذي يدرس الفن كشيء خاص‪ ،‬ويعلي من شأن اإلبداع‪ ،‬ومن ثم ينظر إلى‬

‫جوهر المجتمع من خالله‪ .‬لم يعد الفن شيئا خاصا خالقا يشير إلى عبقرية صاحبه‪ ،‬ألن‬
‫هذه األطروحة هي بحد ذاتها تضمر رهانات نشأت عن ظروف تاريخية مرتبطة بالقرن‬

‫التاسع عشر‪ .‬فالفن والفنان ال يتعدى عمرهما قرنين من الزمن‪ .‬قبل ذلك‪ ،‬كان "الفن"‬

‫عبارة عن حرفة ومهارة تستأجر لراع من الطبقة األرستقراطية أو الحاكمة‪ ،‬فتوجه عمله‬

‫وتملي عليه تفاصيله‪ ،‬فيسري العمل بشكل جماعي ال فردي‪ .‬لقد ابتكر رومانسيو القرن‬

‫التاسع عشر لفظة (‪ )Art‬بحرف كبير لإلشارة إلى فضاء مقدس متعال ال يمسه إال أولئك‬

‫نتالي إينيك‪،‬ـ سوسيولوجيا الفن‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسين جواد قبيسي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.112‬‬ ‫‪4‬‬
‫العباقرة من المنعزلينـ متقلبي المزاج‪ ،‬الذين يشجبون تفاهة الواقع‪ ،‬ويذمون انحطاطه‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫فأنتجوا صورة نمطية عن الفنان‪.‬‬

‫فحسب إينيك (‪ ،)Heinich‬ولدت كلمة (‪ )Artiste‬في أواخر القرن الثامن عشر للداللة‬

‫على الرسامين والنحاتين الذين كانوا يسمون قبل حرفيين‪ .‬ثم ما لبثت أن اتسع نطاق‬

‫الداللة‪ ،‬ليشمل منذ القرن ‪ 19‬عازفي الموسيقى وممثلي المسرح ثم ممثلي السينما في‬

‫القرن العشرين‪ .‬لقد تطورت التسمية من مجرد تصنيف محايد إلى وصف تقويمي يحمل‬

‫أحكام قيمة إيجابية‪ .‬يدل هذا طبعا‪ ،‬على التغير التاريخي الحاصل في تثمين اإلبداع‪ .‬لقد‬

‫كان القرن التاسع عشر زمن بداية انبثاق القيمة الفنية كما نفهما اآلن‪ .‬الشيء الذي جعل‬

‫تلك الفترة وجهة للباحثين للتنقيب عن أسس نشوء وتطور القيمة الفنية والمجال الفني‬

‫والحقل الفني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بيير بورديو و سوسيولوجيا الفن‬


‫تعد نظرية الممارسة للسوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو من بين النظريات‬
‫السوسيولوجية المتكاملة التي يمكن تطبيقها في أي حقل من الحقول االجتماعية دون‬
‫صعوبة تذكر‪ ،‬فالجهاز المفاهيمي الذي صاغه والبرديغمات التي تتأسس عليها‪ ،‬تسمح‬
‫بنقلها إلى مختلف الميادين السوسيولوجية بمرونة منقطعة النظير‪.‬‬

‫نظرية‪ 2‬الممارسة لبيير‪ 2‬بورديو‪2.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫يرتكز مفهوم الممارسة عند بورديو على عالقة األعوان بالبناء االجتماعي‪ ،‬وهى‬
‫العالقة التي تنتهي بأن يقوموا بإعادة إنتاج هذا البناء‪ ،‬وال يستبعد بورديو قدرة األعوان‬
‫على تحويله وتغييره (البناء)‪ ،‬ولكن يستلزم دلك توافر شروط‪ .‬ويعنى بورديو بالممارسة‬

‫ديفيد إنغليز‪ ،‬جون هغسون (‪ ،)2007‬سوسيولوجيا الفن‪ :‬طرق للرؤية‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬ترجمة ليلى الموسوي‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫ص ‪.14-12‬‬
‫ذلك الفعل االجتماعي الذي بواسطته يقوم األعوان بالمشاركة في إنتاج البناء االجتماعي‪،‬‬
‫وليس مجرد أداء أدوار بداخله‪ .‬ويقول بورديو‪ « 6:‬على الرغم من أن الفاعلين نتاج‬
‫البنية‪ ،‬إال أنهم صنعوا ويصنعونـ البنية باستمرار‪ .‬فعملية إعادة إنتاج البنية هذه‪ ،‬بعيدا عن‬
‫كونها نتاج صيرورة آلية‪ ،‬ال تتحقق بدون تعاون الفاعلين الذين ادمجوا ضرورة البنية في‬
‫شكل هابيتوس‪ ،‬حيث ينتجون‪ ،‬ويعيدون اإلنتاج‪ ،‬سواء كانوا واعين بتعاونهم أم ال»‪ .‬هكذا‬
‫إذن‪ ،‬يتحدد إنتاج الممارسات عند بورديو على الوضع الذي يحتله العون في الفضاء‬
‫االجتماعي وأيضا في الحقل الذي تتم فيه هذه الممارسات‪ ،‬ويعبر عن ذلك على النحو‬
‫‪7‬‬
‫التالي‪:‬‬
‫الممارسة = (الهابيتوس × رأس المال) ‪ +‬الحقل‪.‬‬

‫المفاهيم المؤطرة للنظرية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫الهابيتوس‪ ،‬الحقل‪ ،‬والرأسمال الثقافي والرأسمال االجتماعي‪ ،‬من المفاهيم المركزية‬


‫في نظرية الممارسة لبيير بورديو ‪ ،‬وتنضاف لها مفاهيم أخرى ال تقل أهمية ‪ :‬العنف‬
‫الرمزي‪ ،‬اإلستراتيجية‪ ،‬الهيمنة‪ ...‬وقبل الخوض في تقديمها البد من اإلشارة أنها مرتبط‬
‫فيما بينها أشد االرتباط‪ ،‬وال يمكن الحديث عن أحدهـا دون استحضار اآلخـر‪ ،‬وهـذا‬
‫الترتيب الـذي وضعناه ال يعـكس تـراتبيتــها إطـالقـا‪.‬‬

‫الهابيتوس‪: Habitus ‬‬ ‫‪.3‬‬

‫نسق االستعدادات المكتسبة ومخططات اإلدراك والتقييم والفعل التي غرسها المحيط‬
‫االجتماعي في الفرد‪ ،‬لتشتغـل كمبادئ ُمولِّدة وكتنظيم للممارسات والتمثـالتـ التي تستطيع‬
‫أن تكيـف هدفـها موضوعيا من دون افتـراض مقصـد واع للغايـات‪.‬‬

‫‪ ‬فالهابيتـوس بهذا المعنى يولـد سلوكيـات مكيفـة مع منطـق الحقـل االجتماعي المعني‪،‬‬
‫فهو منقوش في األجساد والحـركات واللغـة‪ ..‬الـخ‪ ،‬فالفاعلـون يحـددون اختياراتهم تلقائيا‬
‫بيير بورديو‪ ،‬قواعد الفن‪ ،‬ترجمة‪ :‬إبراهيم فتحي‪ ،‬الهيئة العامة المصرية للكتاب‪.2012 ،‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪  ‬ستيفان شوفالييه و كريستيان شوفيري ‪ ،‬معجم بورديو ترجمة‪ :‬الزهرة إبراهيم‪ ،‬دار الجزائر ‪ ،‬ط‪ .2013 ،1‬ص‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪284‬‬
‫بفعـل الهابيتوس الخاص بهـم دون أن يحتسبوا لتلك اإلكراهات التي تتقـل قـراراتهم‪،‬ـ ونتيجة‬
‫ألقلمة التكيـف‪ ،‬يسمـح لنـا الهابيتوس بالتطـور مع الطبيعـي (الطبيعي المكتسب) فـي حقـل‬
‫من الحقـول دون أن نكـون مرغمين على التفكيـر في كـل حركاتنا وأفعالنا‪ ،‬وهـو بذلك‬
‫ُيسـوغ لنا مالمـح الحيـاة االجتماعية بحيث يجعلها طبيعية ومسلمات بناهـا المجتمع فعـال‬
‫لتصيـرـ شرعية‪.‬‬
‫ينظر بورديو إلى الهابيتوس من خالل ثالث مستويات‪:‬‬
‫‪ -1‬هابيتوس الفرد‪ -2 / .‬هابيتوس الجماعة المحيطة‪ -3 / .‬هابيتوس الحقل‪.‬‬
‫ويمنح الهابيتوس هامش من الحرية لألعـوانـ عن طريق إدماج اإلكراهات في حقل‬
‫معين‪ ،‬فالموسيقي [مثال] ال يستطيع تأليف قطعة موسيقية إال إذا أدمج أنظمة عملية‬
‫ومعايير يصنع بها تشكيالت تم يدرس التأليف الموسيقي[ والهابيتوس أيضا] يـؤدي إلى‬
‫للمشاهـدة [‪ ]...‬وهــذا قطعا ال يؤث ـرـ على الفـرد‬
‫َ‬ ‫تنظيم التفاعالت ضمن الحقـ ـلـ بأسلوب قابـل‬
‫فحسب بل على كافـة األشخاص المتفاعلين معه‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬الهابيتوس ُمـولد استراتيجيات تمكــن األعــوانـ من االنسجام مع المواقــف غير المتوقعة‬
‫والدائمة التحول‪ ،‬فهــو يعمل غالبا بشكل ال إرادي يدمج الخبرات السابقة ويتيح للفرد‬
‫إمكانية انجاز مهام متنوعة‪ ،‬ويتشكل من خالل التنشئة االجتماعية بمختلف مستوياتها‪،‬‬
‫ليتحول إلى مخزون يستعمله الفرد أثناء الممارسات المتعددة في حقل ما‪ ،‬ويختلف حسب‬
‫الحقــول‪ ،‬فلكـل حقــل الهابيتـوس الخاص به‪ ،‬وهو مجموعة من المهارات واألساليب التي‬
‫‪8‬‬
‫يجب يشكلها الفرد بشكل مستمر‪...‬‬

‫باختصار فان مساهمة بورديو في السوسيولوجيا ‪ -‬و كل فروع علم االجتماع التي‬
‫ساهم فيها بما فيها ميدان سوسيولوجيا الفن‪ -‬تتمفصل حول فكرتين متكررتين‪:‬‬

‫اليزابيث لين الولي‪ ،‬البنى النظرية في برنامج سوسيولوجيا الثقافة لبورديو‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬هناء خليف‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪1‬ـ الكشف عن آليات الهيمنة والتحكم‪.‬‬
‫‪2‬ـ منطق ممارسة األعوان في فضاء غير متساو وصراعي‪.‬ـ‬

‫الخاتمة‬

‫ليس الفن في علم االجتماع سوى "شيء ما" اعتبرته "جماعة ما" على أنه فن‪ .‬إذا‬
‫تجاوز العلم هذا التعريف‪ ،‬سينخرط في عملية إنتاج قيمته‪ ،‬فيفوت على نفسه فرصة فهمه‬
‫وفهم األفهام المنسوجة حوله‪ .‬سيالحظ القارئ أننا لم نطرق باب الفن كملية إبداع قد‬
‫ترتبط بسيرة الفرد البيوغرافية أو االجتماعية‪ ،‬كما أننا لم ندخل في جدال الفطرية‬
‫واالكتساب في اإلنتاج الفني‪ ،‬بل سلطنا الضوء فقط بمقاربتنا التحليلية حول الفن كلغز‪.‬‬
‫ألنه بالنسبة إلينا‪ ،‬ليس السؤال "ما الفن؟"‪ ،‬بل لماذا يكثر "الكالم حول الفن؟"‪ .‬هذا السؤال‬
‫ال ينزع بالضرورة عن الفن شرعيته‪ ،‬إنما يعيد بناء ونسج الخطاطة الثقافية والتاريخية‬
‫التي جعلت من الفن فنا ومن الفنان فنانا‪.‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫سيد أحمد بخيت علي‪ ،‬تصنيف الفنون العربية االسالمية‪ :‬دراسة تحليلية نقدية‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صفحة ‪.40-29‬‬
‫نتالي إينيك‪ ،‬سوسيولوجيا الفن‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسين جواد قبيسي‪ ،‬المنظمة العربية‬ ‫‪.2‬‬
‫للترجمة‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬يونيو‪، 2011 ،‬ص‪.98 :‬‬
‫جانيت وولف‪ ،‬علم الجمالية وعلم االجتماع‪ ،‬ترجمة ماري تريز عبد المسيح‪ /‬خالد‬ ‫‪.3‬‬
‫حسن‪ ،‬المشروع القومي للترجمة ( دون ذكر الطبعة و سنة الترجمة )‪ ،‬ص‪.39 :‬‬
‫نتالي إينيك‪ ،‬سوسيولوجيا الفن‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسين جواد قبيسي‪ ،‬مرجع سابق ص‬ ‫‪.4‬‬
‫‪.112‬‬
‫ديفيد إنغليز‪ ،‬جون هغسون (‪ ،)2007‬سوسيولوجيا الفن‪ :‬طرق للرؤية‪ ،‬سلسلة عالم‬ ‫‪.5‬‬
‫المعرفة‪ ،‬ترجمة ليلى الموسوي‪ ،‬ص ‪.14-12‬‬
‫بيير بورديو‪ ،‬قواعد الفن‪ ،‬ترجمة‪ :‬إبراهيم فتحي‪ ،‬الهيئة العامة المصريةـ للكتاب‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫‪.2012‬‬
‫ستيفان شوفالييه و كريستيان شوفيري ‪ ،‬معجم بورديو ترجمة‪ :‬الزهرة إبراهيم‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫دار الجزائر ‪ ،‬ط‪ .2013 ،1‬ص‪284 :‬‬
‫اليزابيث لين الولي‪ ،‬البنى النظرية في برنامج سوسيولوجيا الثقافة لبورديو‪،‬‬ ‫‪.8‬‬
‫ترجمة‪ :‬د‪ .‬هناء خليف‪.‬‬

You might also like