Jcofarts, 94

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 16

‫‪DOI: https://doi.org/10.

35560/jcofarts94/255-270‬‬

‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‬


‫بان جبار خلف‪1‬‬

‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬


‫تاريخ قبول النشر ‪ , 2019/8/4‬تاريخ النشر‪2019/12/15‬‬ ‫تاريخ استالم البحث ‪, 2019/6/10‬‬

‫‪This work is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License‬‬
‫ملخص البحث ‪:‬‬
‫يتلخص موضوع البحث (تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي) بدراسة البنية الدرامية‬
‫وتحوالتها في الفلم العراقي‪ ،‬وقد تناول البحث تحديد املشكلة البحثية والحاجة اليها وكذلك اهداف البحث‬
‫وتوضيح حدوده فضال عن اهمية البحث‪ ،‬ثم االنتقال الى االطار النظري والذي تضمن املحاور االتية ‪ :‬الية‬
‫التحوالت الدرامية‪ ،‬واملعطيات الدرامية في الفلم العراقي ‪ ،2003-1957‬ثم تحوالت القيم الدرامية‬
‫وتناقضات االداء في الفلم العراقي‪.‬‬
‫وبعد االنتهاء من االطار التنظيري خلص البحث الى جملة من مؤشرات االطار النظري التي اعتمدت‬
‫كأداة لتحليل العينة‪ ،‬ثم جاءت اجراءات البحث واملتمثلة في تحليل عينه البحث وهي فلم ( بغداد حلم وردي‪،‬‬
‫سيناريو واخراج‪ :‬فيصل الياسري) وصوال الى نتائج التحليل والخروج باالستنتاجات اعقبتها قائمة املصادر‬
‫والهوامش‪.‬‬
‫مقدمة البحث‬
‫لقد اهتم الفلم العراقي منذ بداياته االولى بالقيم الدرامية كونها تمثل واحدة من االشتراطات الجوهرية في فن‬
‫الفلم‪ ،‬غير ان املتابعة الواعية للفلم العراقي وامتدداته‪ ،‬تبين ان تلك القيم باتت تتداعى وصارت تشهد‬
‫تحوالت واضحة شهدناها بشكل اكثر تجلي في افالم ما بعد عام ‪.2003‬‬
‫ً‬
‫وبناءا على ما تقدم يمكن تحديد مشكلة البحث بالتساؤل اآلتي‪ :‬ما هي التحوالت التي شهدتها القم الدرامية‬
‫في الفلم الروائي العراقي‪ .‬ويهدف البحث الى الكشف عن القيم الدرامية وتحوالتها في الفيلم الروائي العراقي‬
‫‪.‬‬
‫اما حدود البحث‪ :‬وتتلخص في الحد املوضوعي هو تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪ .‬اما‬
‫الحدود املكانية‪ :‬فكانت في العراق‪ .‬الحدود الزمانية‪ :‬السينما العراقية من عام ‪.2017-2003‬‬
‫االطارالنظري‬
‫مدخل الى التحوالت الدرامية‪:‬‬
‫ان عملية نسج الواقع وتقليده الحرفي هي من االشتغاالت التي عفا عليها الزمن كونها ال تلبي الحاجات‬
‫االنسانية وتخلق حالة من السكون‪ ،‬فحتى املحاكاة البسيطة للواقع في السينما انما تعمل على نقل جزيئات‬

‫‪ 1‬كلية الفنون الجميلة‪ ,‬جامعة بغداد ‪dr.banjabbar@yahoo.com.‬‬

‫‪255‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫الواقع بطرق تستهدف ربط الجزئية املنتقاة من الواقع بدالالت واقعية غير انها تزيد من احساسنا بالواقع‬
‫(صحيح ان السينما تقدم وقائع بصرية كثيرة على السليلويد بالضبط كما قد تقع على عدسة العين ولكن‬
‫احساسنا بالواقع اعمق من محتواها) (‪ )Andrew Dudley, p. 35‬نتاج عملية انشاء عالقات جديدة‬
‫بين الواقع واالنجاز االنساني املتمثل اوال بالفعل ‪ ،‬والن الدراما قوامها الفعل املؤدي فهي البد وان تستثمر‬
‫ذلك الفعل لتحيله الى نشاط منتج ملعنى قد يصل احيانا الى حد الحاجة الى تاؤيله‪ ،‬وعليه فتحوالت الشخصية‬
‫مرتبطة بتحوالت الفعل الذي يشكل قوامها االساس ي‪ ،‬فالفعل (نشاط يبين الحركة الجسمانية او الحدث‬
‫ويتضمن التطلع واالعداد والتحقيق لتغير في التوازن‪ ،‬وهذا التغيير هو جزء من مجموعه املتغيرات والحركة‬
‫اتجاه‪ ،‬تغير في التوازن وقد تكون تدريجية‪ ،‬ولكن عملية التغيير يجب ان تتم)( ‪Hussein Ramez, p.‬‬
‫‪ )93‬وهنا يمكن التحول الجزئي الذي يسهم في خلق بدايات تحول الشخصية الدرامية عندما تبدا عملية‬
‫الربط ما بين الصراع والفعل الن اختالف التوازن ما بين القوى املتصارعة هي التي تشكل االشتراط املنطقي‬
‫للدراما وتلك القوى املتمثلة بالشخصيات ووظيفتها داخل املنجز الدرامي‪ ،‬وفيه نتعرف على الشخصيات‬
‫السلبية وااليجابية وعالقاتها وطبقا (لبروب) فان الوظيفة هي فعل الشخصية املوجهة داللتها للحبكة‪ ،‬اذ‬
‫ابعد (بروب) ما يتعلق باملستويات النفسية للشخصية بوصفها وحدات خاضعه للتغير والتحول قبل الدخول‬
‫في فضاء املنجز فهي ال تسهم في بعث القيمة الوظيفية على االفعال التي تتسم بالثبات حتى مع تغير ثبات اي‬
‫من وحدات بناء الشخصية الرئيسية فهي تؤهل (الفاعل الفلمي) للقيام بدورة االساس للفلم داخل الفلم‪ ،‬اذ‬
‫ما رغبنا في تطبيقها على فن الفلم‪.‬‬
‫وعندما يحدث التحول بمعنى انتقال االحداث من مستوى الى مستوى مغاير تقرر فيه الشخصية داخل‬
‫الفلم تغيير موقفها وتصرفاتها حيال موضوعه او قيمة اجتماعية او سياسة انما هي تنتج تنامي واعي لتصاعد‬
‫الحدث الدرامي وصوال لالزمة التي تمثل اهم واخطر مفصل في البناء الفلمي ‪.‬‬
‫وال يعني ذلك الوصول الى مرحلة السكون والتالش ي انما هي دالله تشير الى وتنبأ بان ش يء ما من مقام‬
‫االفعال واالحداث سيئول الى التحول‪ ،‬هذا االحتمال الذي يصل في احدى مدياته الى ما يسمى باألزمة ازمة‬
‫الناتجة عن عملية الحسم النهائي‪ ،‬حيث يتبين لنا ايضا ان املواقف واالفعال والتحوالت قد ال تسحم املواقف‬
‫بل تعمل على تصعيدها وصوال لذروة جديدة‪ ،‬ذلك املفهوم الذي يعني التصارع بالفعل واللحظة الحاسمة‬
‫التي يتعلق بها مصير الشخصيات الناتجة عن تحول املواقف واالفعال وبذلك قد يتحقق التطهير الذي يمثل‬
‫واحد من اهم مخرجات االحداث الذي سبق الحديث عنها ومع الفعل وتحوالت الشخصية وعالقتها بالزمان‬
‫واملكان تبقى مع التلقي واضحة و مؤطرة وال تخريج في تقييمها عن هذا التقسيم‪ ،‬فاملهمة االساسية هو انجاز‬
‫الفعل او املشروع الذي تم ابرام العقد على اساسه بين املرسل واملرسل اليه ‪.‬‬
‫املعطيات الدرامية في الفلم العراقي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بدءا البد من االشارة للبناء الدرامي بوصفه ترتيب اجزاء الدراما منطقيا وجماليا‪ ..‬كي نصل الى الذروة‬
‫وهذا الترتيب قد يخضع للشكل االرسطي للدراما الذي هو بداية ووسط ونهاية‪ ،‬والشكل املعاصر ال يختلف‬
‫عن هذا فهو يحتوي نفس عناصر الشكل األول "العرض‪ ،‬التعقيد‪ ،‬الذروة ثم الحل أو فك العقدة"‪ ..‬ولكن‬
‫اختالف الشكل املعاصر بترتيب العناصر‪ ،‬فقد يبدأ بالذروة أو التعقيد ثم نعود للبداية‪ ،‬وهذا ما عبر عنه‬

‫‪256‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫الشكالنيين الروس باملبنى الحكائي واملتن الحكائي‪ ،‬فاملتن هو حوادث الدراما كما هي مرتبة في الحياة الواقعية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما املبنى فهو الشكل الذي تعرض به هذه الدراما غير مرتبة زمنيا تسلسليا ( ‪Joseph. M. Boggs, p.‬‬
‫‪.)39‬‬
‫ان الجزء املهم من الدراما هو التعقيد‪ ،‬حيث ينمو الصراع عبر تأسيس الحكاية بما فيها من مكان وزمان‬
‫وشخصيات الخ ‪ ...‬بما يمكن االقتناع بها‪ .‬ونجاح العمل الدرامي يأتي في اثارة املتلقي واالستحواذ على انتباهه‬
‫عبر تعقيد الصراع ومواجهة قطبي الصراع ثم الوصول الى الذروة‪.‬‬
‫ويتحقق ذلك عبر جماليات االداء املتمثلة بعناصر لغة الوسيط التعبيري والتي تتمثل في السينما‬
‫بالثالثي الجدلي (اللغة السينمائية‪ ،‬السرد‪ ،‬الشكل) فاللقطة االفتتاحية في فلم (كوبوال) املوسوم (القيامة‬
‫اآلن) يقدم صوت الراوي على لقطة قريبة لوجه البطل ويستمر الصوت مع حضور اللقطة القريبة على‬
‫ً‬
‫الشاشة ملدة طويلة نسبيا ولكن ما يجعلها مثرة لالنتباه‪ ،‬ان هنالك حوالي سبع انتقاالت لنفس اللقطة بطريقة‬
‫املزج (‪ )Disolve‬وكأنما هذه املناجاة للشخصية ليست في اللحظة الراهنة ولكنها مناجاة تغلف كل وجوده‪،‬‬
‫هنا اشترك السرد واللغة السينمائية بتقديم جمالية متميزة ملشهد من لقطة واحدة‪ ،‬وفي فلم (توم جونز)‬
‫هنالك ثالثة اماكن للبطل هي املدينة والريف واملنزل‪ ،‬كما ان الفلم استخدم اسلوب االشارة من قبل املمثلين‬
‫الى الكامرة أو التمثيل بتصنع امامها‪ ،‬على غرار ما يفعله البطل عندما يضع قبعته على الكامرة ليختتم املشهد‪.‬‬
‫كما ان السرد الذي نهض به الرواة االربعة في فلم (املواطن كين) منذ فترة مبكرة من تاريخ السينما بين لنا‬
‫كيف ينهض السرد السينمائي عبر لغة السينما محققا االثارة والتشويق املنتجة ملستوى جمالي غير تقليدي‪،‬‬
‫وعودا على بدء يمكن القول ان جماليات االداء الدرامي في الفلم تتحقق عبر‪:‬‬
‫الخبرة الشخصية للبشر فانهم يبحثون عن االستمتاع لتحريك نمط حياتهم املتكرر عبر‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .1‬السرد السينمائي‪ :‬ان جماليات الفلم تكمن في سردانيته املتفردة‪ ،‬فسواء كان السرد ملفوظا أو مكتوبا أو‬
‫ً‬
‫في الالوعي‪ ،‬مسموعا أو مهموسا فهو قابل للفهم‪ ،‬كما ان كل تقنيات السرد حاضرة في آن واحد‪ :‬الروات‬
‫املتعددون املشتركين في الحكاية‪ ،‬والراوي املعلق على االحداث من خارج الشاشة‪ ،‬كما في فلم (دوغ فيل)‬
‫ً‬
‫الذي يستحضر راويين‪ ،‬االول يعلق على كل جديد في احداث الحكاية‪ ،‬والثاني يضفي مرحا على االحداث‬
‫بتعليقاته الساخرة التي يحاول فيها بخبث ان يفضح تصرفات الشخصيات ومن ثم يستحضر شكل‬
‫سردي اخر يتمثل في العنوانات املكتوبة على الشاشة والتي تبين فصول الرواية‪ ،‬وتخبرنا عن بعض‬
‫االحداث‪ ،‬ثم الراوي املشارك في الحدث الذي يعطي انطباعاته كما يحاول كتابتها في الرواية التي ينوي‬
‫كتابتها‪ ..‬والرواة اآلخرون هم شخصيات الفلم بأجمعها‪.‬‬
‫‪ .2‬اللغة السينمائية‪ :‬ان جميع عناصر اللغة السينمائية‪ ،‬تقوم بدور هام في خلق جماليات الفلم‪ ،‬وتعمل‬
‫بتضافر مع السرد والشكل غير انها في األفالم ذات املنحى الجمالي الخالص قد تسعى الى جعل احد عناصر‬
‫ً‬
‫اللغة السينمائية متسيدا على غيره العتبارات تغني الســرد والشكل‪ ...‬ان فلم مثل "املدرعة بوتومكين"‬
‫ً‬
‫الذي يحتوي على اكثر من ثالثة اآلف لقطة‪ ،‬البد وان يقودنا الى ان املونتاج متسيدا في هذا الفلم‪ ،‬وهي‬
‫سيادة تضمن املضمون الحركي للحكاية وشكلها االيقاعي املتنامي حتى حدوث الثورة البورجوازية الروسية‬
‫كما يسميها املاركسيون عام ‪.1905‬‬

‫‪257‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .3‬الشكل السينمائي‪ :‬ان الشكل السينمائي ليس عنصرا متفردا في الثالثي الجدلي السينمائي‪ ،‬انه ينبع من‬
‫السرد واللغة‪ ،‬كما ينبع السرد من اللغة والشكل وهكذا بتبادلية هذه العالقة الثالثية‪ ،‬ان الشكل الفلمي‬
‫في فلم "احاديث مع نساء اخريات" ) احاديث مع نساء اخريات( عندما جعل شكل الحكاية عبر االطار‬
‫الثنائي‪ ،‬أي قسم الشاشة الى قسمين متناظرين اراد ان يؤكد على مضمون الحكاية وروحها‪ .‬وهكذا نرى‬
‫ً‬
‫ان جماليات االداء تنبع من خالل الدراما املعروضة على الشاشة مجسدة ماديا بأقناع ومنطق صلد‪.‬‬
‫فشهد عام ‪ 1957‬والدة فلم (سعيد افندي) وهو متأثرا بأسلوب الواقعية االيطالية الجديدة‪ ،‬اذ كان‬
‫معظم التصوير في املواقع الحقيقية‪ ،‬وعندما جاء (روسليني) للعراق في ضيافة أفالم وبرامج فلسطين عام‬
‫ً‬
‫‪ 1972‬عرض له الفلم وابدى اعجابه به واعتبره تمثيال حقيقيا للواقعية الجديدة واسف ألنه لم يعرف به‬
‫اال في عام ‪ 1972‬واقتبس الفلم من قصة قصيرة للكاتب العراقي (ادمون صبري) كما هو مكتوب في عنوانات‬
‫الفلم‪ ،‬والفلم يتحدث عن "قصة شجار يقع بين اطفال املعلم سعيد افندي ذوي التربية الجيدة واالخالق‬
‫الحسنة مع اطفال االسكافي املشاكسين الذين يفتقدون للتربية نتيجة قلة الوعي االجتماعي لوالدهم الفقير‬
‫الذي لم يتمكن من ادخالهم للمدارس" (‪ )Mahdi Abbas, p. 16‬والفلم بعد هذا كله يمتاز بعفوية فنية‬
‫مسيطر عليها‪ ،‬من حيث اداء الشخصيات الذي حقق تأثيره املطلوب على املشاهد وبذلك حققت الشخصية‬
‫حضورها الدرامي الفاعل تساوقا مع رؤية ارسطو فمن اهم خصائص الصالحية الدرامية (واعظمها اهمية‬
‫ان تكون الشخصية مؤثرة ) (‪ )Aristotle, p. 179‬والصدق الذي يظهر في الحوارات‪ ،‬ومعمار البيوت‬
‫الشعبية والحياة اليومية فيها‪ ،‬وحركة الكاميرا املدروسة التي ركزت على حركة الحياة اليومية للشعب الفقير‪،‬‬
‫مبتعدة عن اظهار االحياء الراقية والحياة املترفة‪ ،‬واذا كانت السينما العراقية تفتقر الى التجهيزات املناسبة‬
‫لصناعة السينما من استديوهات وأجهزة‪ ،‬فأن الفلم عوض عن هذا كله بارتباطه مع موضوعه الذي يعالج‬
‫الحياة االجتماعية في العراق وكانت املحلة الشعبية والشوارع تعوض عن االستديو‪ ،‬آنذاك فكانت الصورة‬
‫خشنة متقشفة‪ ،‬مما دعمت اجواء الفلم العامة وباألخص ان الفلم كان باألسود واألبيض‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وغير ذلك فان حوارات الفلم العادية تأخذ منحا كنائي واضحا في تلك الفترة‪ ،‬شأنها شأن التكوين في‬
‫ً‬
‫الصورة السينمائية‪ ،‬فالحديث من خلف القضبان فسر جماليا بانه اشارة الى السجن الكبير الذي يعيش‬
‫فيه الشعب العراقي في ظل الحكومة املسلوبة االرادة من قبل االنكليز‪ ،‬والحوار ملغز على وفق قول (سعيد‬
‫ً‬
‫افندي)‪" :‬ابو البيت ميتفاهم‪ )...‬يعني بها الحكومة‪ ،‬اال ان االغراق في االداء املسرحي احيانا والحوار املليء‬
‫ً‬
‫باألمثال الشعبية بمناسبة وغير مناسبة جعل تلكؤ االداء واضحا‪ ،‬رغم االلتقاط الذكي للتناقضات التي تحفل‬
‫ً‬
‫فيها الحياة‪ ،‬فألى جانب حافلة النقل العام االنيقة يمر رجل على حمار‪ ..‬تأكيدا على التناقضات التي تسجل‬
‫حضورها البين آنذاك‪ ،‬كذلك اللقطة العامة لشارع فارغ تقتحمه اقدام الصديقان سعيد افندي وعزت وهما‬
‫ً‬
‫يجرانهما جرا بسبب التعب الذي يكابداه في البحث عن بيت لإليجار الى ان تأخذهما الكاميرا من الخلف وهما‬
‫يتجهان الى عمق اللقطة في الشارع الفسيح مستمران بالبحث في اشارة واضحة الى صعوبة الحياة حتى للطبقة‬

‫‪ ‬حديث مع الراحل يوسف العاني‪ ،‬عام ‪ 1999‬في كلية الفنون الجميلة بغداد ‪/10‬شباط‪ /‬الساعة الحادي عشر‬
‫ً‬
‫صباحا‬

‫‪258‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫الوسطى في املجتمع العراقي وهم املوظفون‪( ،‬سعيد افندي) و(صديقه عزت) املعلمان في اململكة العراقية‬
‫آنذاك ان جماليات الدراما تنبع هنا من الفكرة األساسية التي تنطلق منها‪.‬‬
‫ان استخدام الخلفية االجتماعية من اجل تصعيد القيم الروائية وتقدير التعليق االجتماعي فهو كثير‬
‫الحدوث في السينما "(‪ )John Howard Lawson, p.162‬ولكن هذا ال يعني اننا ال يمكن ان نتفاعل مع‬
‫رجال غاضبا) وهو فلم يجري في قاعة محكمة يظهر لنا تداول‬ ‫ً‬
‫فلم يجري في غرفة مغلقة مثل فلم (احد عشر‬
‫املحلفين النضاج قرار حول جريمة ما‪ ..‬ان ما حدث ان السينما قامت بأعظم ما يمكن ان يصدر من الحركة‪،‬‬
‫ً‬
‫كان الحوار مرئيا‪ ،‬النسمع فقط الشخصيات وهي تتكلم‪ ،‬بل يمكن ان نستشف حوارها على وجوه‬
‫الشخصيات وردود افعالها‪ ،‬ويمكن ان نرى الشخصية صامته‪ ،‬ومناجاتها الداخلية تظهر مسموعة‪ ،‬والسينما‬
‫تحيطنا بخبرات كثيرة نستشعر من خاللها جماليات الصوت كحوار وموسيقى ومؤثر‪ ،‬وعمل املخرج انما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يتمثل بالضبط في جعلهم يحيون" يأتون الى الدنيا" محددا ردود فعلهم املتبادلة ومعينا مواقف بعضهم ازاء‬
‫بعض‪ ،‬ذلك كون كامل من االشكال والعالقات التي من املناسب خلقها‪ ،‬والداللة عليها بواسطة الصور‪ ،‬وليس‬
‫ً‬
‫مطلقا تقديم امثلة ايضاحية ب‪ :‬صور‪ .‬ال يتعلق األمر بتصوير فوتوغرافي ال شخاص يتكلمون"( ‪Metri,‬‬
‫‪.) Jean, p.37‬‬
‫الفلم العراقي للفترة من ‪1998-1967‬‬
‫ولعل ابرز فلمين ظهرا في الفترة بين ‪ 198-1963‬هما "الحارس"( ‪The Guardian, Movies of‬‬
‫‪ )the Day, 1967‬و"الجابي"(‪ )Gaby, Department of Cinema and Theater, 1968‬وهذين‬
‫الفلمين هما من انضج ما قدمته السينما العراقية الروائية الى حد سنة انتاجهما‪ ،‬فاألول قصة حارس ليلي‬
‫في احذ احياء بغداد الشعبية يقع في حب ارملة ثرية تؤجر غرف في بيتها للمؤجرين كاستثمار مالي‪ ،‬الحارس‬
‫يحلم ببيت وعائلة واالرملة هي من تستطيع تحقيق حلمه‪ ،‬اال ان منافسيه يستطيعون الفوز بها‪ ،‬مما ينعكس‬
‫على عمله‪ ،‬فمن حي آمن بال لصوص‪ ،‬الى حي قلق تكثر فيه السرقات‪ ،‬وينتهي الفلم بانهيار الحارس‪ ،‬ان الفلم‬
‫الذي يستغرق (ساعة وتسعة وثالثون دقيقة وسبع عشرة ثانية) وباألبيض واألسود‪ ،‬يريد ان يضع بصمة‬
‫عراقية لصورته الفنية‪ ،‬فتبدأ عنوانات الفلم على منظر ليلي من محلة شعبية بطرازها البغدادي املعروف‪،‬‬
‫وهو مشهد ليلي يتناسب ومواجهة املتلقي بالشخصية الرئيسية في الفلم‪ ،‬وهذا من بالغة االداء في السينما ان‬
‫يعرف املتلقي من هي الشخصية التي سيتابعها‪ -‬فالحارس الليلي يتجول في ازقة الحي بتؤدة‪ ،‬وهو يرتدي مالبس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الحارس التي تشبه كثيرا مالبس الشرطة العراقية بفارق غطاء الرأس حيث يتكون من الكوفية والعقال متميزا‬
‫فيها وهي عالمة فارقة لهذه املهنة التي يعرفها كل جيل عراقي في القرن املاض ي‪.‬‬
‫ً‬
‫ان السرد واللغة السينمائية والشكل الفلمي‪ ،‬كعناصر تعبيرية في فلم "الحارس" لم تقدم ابتكارا ما‪،‬‬
‫انها بقيت قصة تقليدية في حي شعبي‪ ،‬كان يضن انها كافية لصنع فلم كبير‪ :‬لقد وضعت القصة وفكرتها‬
‫األساسية في املشهد األول‪ ،‬ثم استمرت املشاهد متتابعة لتشرح لنا السرد التقليدي من البداية حتى نهاية‬
‫الفلم‪ ،‬اما (فلم الجابي) يتضمن الثالثي السينمائي الجدلي (السرد‪ ،‬اللغة السينمائية‪ ،‬الشكل الفلمي) وهو‬
‫فلم "الجابي"‪ .‬يبدأ الفلم بمقدمة من الرسوم املتحركة‪ ،‬هي موضوع بحد ذاتها‪ ،‬لاليحاء بموضوع الفلم‪ ،‬وبعد‬
‫ان تنتهي تبدأ عنوانات الفلم التي تنزل على رسوم كاريكاتيرية لشخصيات الفلم واسماؤهم‪ .‬وبعد مرور اربعة‬

‫‪259‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫اسماء وهي الشخوص الرئيسة كما يبدو‪ ،‬تنقطع هذه الرسوم الكاريكاتيرية لنبدأ بلقطات سينمائية لحافلة‬
‫ً‬
‫النقل العام (والتي يقوم الجابي فيها بتحصيل اجرة من الركاب) وهي تذرع شوارع العاصمة ليال‪ ،‬ويعد التايتل‬
‫الواجهة االولى في عملية االتصال املرئي والسايكولوجي والدرامي ما بين الخطاب الفلمي واملتلقي( ‪Mansaf,‬‬
‫‪ .)Adnan Kazem, p. 191‬واللقطة التي ينتبه لها الشاهد املثالي هي‪ :‬ل‪.‬ع في مستوى النظر لشارع في‬
‫ً‬
‫الليل بأضوائه‪ ،‬يسار الكادر هناك يافطة مكتوب عليها مهال‪ .. Slow -‬اما يمين الكادر الفارغ فسرعان ما تمر‬
‫به الحافلة مسرعة‪ .‬ثم نعود للرسوم املتحركة الكاريكاتيرية التي تقدم اسماء املمثلين في كادر مقسوم الى‬
‫ً‬
‫قسمين‪ :‬االيمن اسم املمثل ومقابله رسمه املتحرك الكاركاتيري وهكذا‪ ،‬ان املقدمة الطويلة نوعا للفلم تظهر‬
‫لنا كيف ان كل كادر في الفلم قد جرى االعتناء به‪.‬‬
‫ومع سبعينيات القرن املاض ي بدأ الفلم السينمائي العراقي بتلمس طريقه‪ ،‬سواء في تكامل البناء‬
‫الدرامي أو جماليات الفلم أو مهارات الصناعة السينمائية املعقولة‪ ،‬وهناك افالم مهمة وجدت طريقها‬
‫ً‬
‫للنجاح الجماهيري‪ ،‬واالنتشار في املهرجانات العربية والعاملية والبد ان نذكر افالما مثل "الظامئون" ( ‪The‬‬
‫‪ )Zealists, General Organization for Cinema, 1972‬للمخرج محمد شكري جميل عام‬
‫‪ 1972‬و"املنعطف" (‪ )Turn, National Film Production Company, 1975‬لجعفر علي‬
‫و"بيوت في ذلك الزقاق" ( ‪Houses in That Alley, General Organization for Cinema and‬‬
‫‪ )Theater, 1979‬و"االسوار" ( ‪Fences, General Organization for Cinema and‬‬
‫‪( )Theater, 1979‬و"املسألة الكبرى" و"ليلة سفر"( ليلة سفر‪ ،‬املؤسسة العامة للسينما واملسرح‪)1990 ،‬‬
‫و"االيام الطويلة"(‪) Long Days, General Organization for Cinema and Theater, 1980‬‬
‫لتوفيق صالح‪ ،‬ويبرز لنا مما اخترناه في املرحلة الثالثة اكثر من فلم يستحق التوقف عنده‪ ،‬لكننا سنختار فلم‬
‫ً‬
‫االسوار ال نه فلم يمثل تقريبا كفكرة وبناء درامي وشكل فني معظم افالم املرحلة الثالثة‪ ،‬فكأنما نغمة‬
‫الخطاب السياس ي واضحة وخاصة في افالم محمد شكري جميل في هذه املرحلة‪ ،‬فقد بدأ الفلم حول‬
‫مجموعات ثورية قومية تعمل بالسر ضد النظام امللكي فرأينا تاجر الحبوب االحتكاري صديق الحكومة ورأينا‬
‫(محسن) الحالق ذو الوعي الثوري وهو منغمر في السياسة وزبون دائم للسجون ثم الشباب الثوري مثل‬
‫(عباس) وابن (حميد الحارس)‪ ،‬والدرجات الوطنية من الشرطة السرية والشرطة النظامية‪ ،‬وصاحب املقهى‪،‬‬
‫و(هاتف) مدرس التاريخ القومي الذي يغذي عقول طلبته بحب الوطن وفضح ملف بغداد‪ ،‬ولكن الفلم‬
‫ينحرف عن مساره ويظهر لنا جلسة خاصة من قبل رئيس الوزراء وهو يجتمع بمدير الشرطة العام ومدير‬
‫األمن‪ ،‬وهو بناء مفتعل‪ ،‬فطاملا بدأ الفلم بالطبقات الشعبية فال داعي ألن يقحم شخصيات اخرى لم يؤسس‬
‫ً‬
‫لها في بنية البناء الدرامي‪ ،‬مما جعل الفلم فضفاضا‪ ،‬لم يشبع هذه النقاط‪.‬‬
‫ً‬
‫وكان اداء املوسيقى معبرا حيث استلهمت موسيقى االناشيد الوطنية التي كانت شائعة آنذاك لتكون‬
‫خلفية للصورة‪ ...‬ووظف الفلم الوثيقة التسجيلية إلظهار نضال الشعب املصري عبر تأميم قناة السويس‬
‫والعدوان الثالثي‪ ،‬واملفترض ان هذه االحداث مؤثرة على النضال القومي العربي في العراق‪ ،‬لكنها كانت مقحمة‬
‫ألنها لم تؤسس بشكل جلي في بنية الحدث‪ ،‬ويحسب للفلم استخدامه ملجاميع كبيرة إلخراج املظاهرات‬
‫واالحتجاجات والتجمعات بسيطرة واضحة على كادره‪ .‬لكن املأخذ الكبير ان أيا من شخصيات الفلم لم تعلق‬

‫‪260‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫ً‬
‫بالذاكرة طويال ألنها لم تقم بفعل ذاتي تبرز فيه دواخل الشخصية ونمو البناء العاطفي داخلها‪ ،‬فكل‬
‫الشخصيات تحركت بين قطبين خارجيين وهما الثوري والرجعي‪.‬‬
‫تحوالت القيم الدرامية وتناقضات االداء في الفلم العراقي‪:‬‬
‫ان الظاهرة الغريبة في اكثر االفالم العراقية املنتجة بعد االحتالل االمريكي للعراق هي االحتفاء املباشر‬
‫أو غير املباشر بسقوط النظام في العراق‪ ،‬والترحيب بالتغيرات التي فرضها املحتل بالقوة لتغيير بيئة املجتمع‬
‫العراقي وسلب ارادته‪ ،‬والتآمر على حسه الوطني والقومي‪ ،‬ال بل جرى العبث بالبنى الدرامية لصالح عدد كبير‬
‫ً‬
‫من سينمائيين لم نسمع بأسمائهم قبال واذا كان هؤالء يريدون تصفية الحساب مع النظام السابق الذي‬
‫ً‬
‫آذاهم بشكل من االشكال‪ ،‬فأننا رأينا افالما تحرف حقائق الواقع لصالح دعاية امريكية وغربية واضحة‬
‫اسقطت النظام السابق بدعاوى لم تثبت صحتها على كافة االصعدة‪ ،‬واصبح الهزء من الجيش العراقي‪،‬‬
‫ً‬
‫ومؤسسات الدولة العراقية‪ ،‬ووصفها بشتى النعوت الشريرة زادا يصاحب الحملة االمريكية والغربية التي‬
‫ً‬
‫استباحت العراق‪ ،‬وكانت اغلب االفالم تشترك بان انتاجها مشتركا مع دول اخرى مثل فرنسا وايران واملانيا‬
‫وفنلندا وبريطانيا وهولندا والنمسا واستراليا والسويد واليابان وتركيا وايطاليا واالمارات ومصر واسبانيا‬
‫وهنغاريا وسويسرا والنرويج وامريكا‪.‬‬
‫ً‬
‫ان االنتاج املشترك وهو في الغالب اجنبي واذا كان اسم مشترك يعني العراق‪ ،‬فان العراق ليس منتجا‬
‫وانما فرد يقوم باإلخراج املمول بالكامل من االطراف االجنبية‪ ،‬واذا فان هذه االفالم ال تعتبر عراقية اال بحدود‬
‫واهية‪ ،‬ان القيم الدرامية ال تستند الى طائفة او قومية‪ ،‬وانما تصبح هذه القيمة ذات معنى عندما تؤكد ان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مجال الدراما هو االنسان وانشغاالته كائنا من يكون‪ ،‬ومن ثم فان الدراما في بلداننا املهددة دوما بآالف‬
‫الشرور البد وان تنهض بدورها التنويري إلفهام الجمهور بما هو اساس وماهو فرعي من التحديات االجتماعية‬
‫التي تواجهه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ان الوثائق املزيفة سواء كانت افالما أو كتبا او مسرحيات‪ ...‬الخ‪ ،‬قد نسيت تماما‪ ،‬وبقي املتلقي في بناء‬
‫معرفي متنام ينحى باستمرار كل ما هو ضد الطبيعة االنسانية والجمالية‪ ..‬ان النص بقي مهارة فنية‪ ،‬واملتلقي‬
‫بفعل القراءة هو من يضع القيم الجمالية على النص والقيم الدرامية واحدة منها "ان الش يء االساس في قراءة‬
‫كل عمل ادبي (فني) هو التفاعل بين بنيته ومتلقيه‪ ،‬لهذا السبب نبهت نظرية الفينومينولوجيا بإلحاح على ان‬
‫دراسة العمل االدبي يجب ان يهتم ليس فقط بالنص الفعلي بل كذلك بنفس الدرجة باألفعال املرتبطة‬
‫بالتجارب مع ذلك النص" (‪.)Wolfgang Weiser,p. 12‬‬
‫ان املتلقي الحصيف هو ما يبقى لدى منتج النص‪ ،‬انه من يخلد العمل الفني ويعطيه ابداعه الجمالي‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لقد الحظنا في النماذج التي تطرقنا لها آنفا كيف ان القيم الدرامية تتعلق بالفكرة االساسية أوال‪ ،‬وما دامت‬
‫فكرة العمل متماسكة فأنها توفر االساس الصلب في العرض والتجسيد الالزمين وليس من باب املعجزات ان‬
‫يشاهد املتلقي ضعف البنية الدرامية ألنها قامت على حقائق باطلة‪ ،‬ان التركيز على تقنية العرض او على فعل‬
‫التلقي بشكل منفرد ألي منهما‪ ،‬يخل بجماليات العرض والتلقي‪ ،‬الن النص يوحي وينظم عبر شكله ولغته‬
‫وسرده في الفلم ‪..‬واملتلقي يستوعب ويؤول بعد الفحص‪ ،‬واذا ما وجد أي تعسف او اقحام فانه يرجع لنص‬
‫املؤلف ويرفضه‪ ،‬طاملا شعر ان املؤلف (منتج النص) لديه معنى وحيد يريد فرضه بالتعسف على املتلقي‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫ان االطروحة املركزية لعالم النفس واملنظر السينمائي (منستر بيرج) تقول‪" :‬يحكي لنا الفلم التاريخ‬
‫االنساني فيتجاوز اشكال العالم الخارجي‪ -‬املعرفة‪ ،‬الفضاء‪ ،‬الزمن‪ ،‬النسبية‪ -‬ويقدر االحداث على اشكال‬
‫العالم الداخلي‪ -‬املعرفة‪ ،‬االنتباه‪ ،‬الذاكرة‪ ،‬التخيل‪ ،‬االنفعال" (‪ )Jack Omon, et al, p. 223‬بمعنى ان‬
‫السينما تحاكي العمليات العقلية لدى االنسان ومنها الذاكرة‪.‬‬
‫ان الفلم العراقي بعد االحتالل سقط في هوة مصادرة ذاكرة الجمهور من جهة ومن جهة اخرى روي ما‬
‫ً‬
‫جرى اثناء الحكم السابق من زاوية مريبة‪ ،‬هي زاوية كل الدول التي اشتركت في تمويل االفالم الحقا‪ ،‬وكانت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جزءا من التحالف االمريكي الذي دمر العراق سابقا‪ ،‬واذا سأل سائل اننا لسنا معنيين بما هو خارج الفلم‪،‬‬
‫اننا نهتم بالفلم كفلم؟‬
‫يكون الجواب ان الفلم الكبير يتصدى لقضية كبيرة‪ ،‬نفسية او اجتماعية او ثقافية‪ ،‬وطاملا كما قلنا‬
‫ان الفكرة االساسية مزيفة‪ ،‬البد وان يكون االداء مهما ابدع مزيفا هو االخر‪ ،‬ما فائدة تصوير مبهر ملوضوع‬
‫غير مقنع؟‬
‫منذ مدة طويلة في اواسط الخمسينات اشار (ايتان سوريو) فيلسوف الجمال ومدير معهد السينما‬
‫واول من اشرف على دراسة سينمائية في الدراسات العليا بالعالم عام ‪ 1958‬للسينمائي والباحث (جان‬
‫متري)‪ ،‬اشار (سوريو) في كت ابه "بنية الفضاء السينمائي" الى‪" :‬املستويات التي‪ ...‬تحضر في بنية الفضاء‬
‫السينمائي‪ ...‬يميز ذاك الذي يتعلق "بالوقائع املشاهدية" واملستوى املشاهدي‪ ..‬ذاك الذي فيه يتحقق فعل‬
‫ذهني نوعي انه تعقل الفضاء السينمائي (الحكائية) حسب املعطيات "الشاشة‪ ...‬ويسمى مشاهدية" كل واقعة‬
‫ذاتية تستغل الشخصية النفسية للمشاهد" اذن تعقل الفضاء السينمائي (الحكائية) شرط اساس في تقبل‬
‫كل العرض الفلمي" االداء "ألنه يتصل بمستوى املشاهدة ال ان يصادرها على املطلوب‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ان معظم االفالم العراقية بعد االحتالل قدمت لنا فضاءا حكائيا عجيبا‪ ،‬لقد قدمت لنا عشرات‬
‫املناضلين ضد النظام السابق‪ ،‬ولو انك تماهيت مع ما تقوله تلك االفالم لقلت لنفسك‪ :‬لم كل هؤالء لن‬
‫ً‬
‫يستطيعوا اسقاط النظام الذي انهكه الحصار ملدة ثالثة عشر عاما‪ ،‬وعزلة دولية خانقة‪ ،‬وتقسيم مرير‬
‫للبالد‪ ،‬وانتهت من الحياة اليومية كل تقاليد االستقرار والعيش‪ ،‬كان املرض ى يتساقطون في الشوارع لسبب‬
‫عدم وجود ادوية‪ ،‬وتمديدات الصرف الصحي‪ ،‬ومياه االسالة والبنى التحتية قد دمرت‪ ،‬فاين كان هؤالء‬
‫ً‬
‫املناضلين ولم لم يتقدموا الصفوف لإلطاحة بهذا النظام املتهاوي لو كانوا فعال مناضلين‪ ،‬ولم انتظروا‬
‫الدبابات االمريكية وركبوها وهم من اشرس اعدائها؟ !! ففي فلم "صمت الراعي" كانت الفكرة االساسية للفلم‬
‫ً‬
‫قد اختفت خلف فكرة ثانوية لم يصرح بها اال عرضا‪ ،‬فكانت فتاة تختفي ومن ثم تظهر براءتها‪ ،‬لكن الفكرة‬
‫االساسية الحقيقية هي اظهار دموية النظام السابق لالحتالل ومسؤوليته عن خراب حياة البشر‪ . .‬فالفكرة‬
‫االولى تقع في مطبات درامية كثيرة ومنها‪ :‬ان الفتاة من قرية محددة‪ ،‬وكل قرى الريف نسيج واحد‪ ،‬وقد‬
‫ينتظمون في قبيلة واحدة‪ ،‬ولذا ليس معقولة ان يخفي الراعي وهو الشاهد على مصير زهرة هذه الحقيقة‪،‬‬
‫ً ً‬
‫التي تجعل عالم القرية عاملا خربا‪ ،‬اثارة الشكوك‪ ،‬وتخريب العوائل‪ ،‬وكان املبرر ان الراعي يخاف ان يعلم‬
‫اآلخرون بمصير الفتاة حتى يتخلص من شر النظام لذا لم يكن من املمكن ان يقنعنا الفضاء السينمائي‬
‫بمعقوليته‪ .‬اما الفكرة االساسية االخرى والتي ازعم انها هي التي عمل الفلم بموجبها‪ ،‬ادانة النظام السابق‬

‫‪262‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حتما‪ ،‬فلم تستطع هذه الفكرة االشتغال اطالقا‪ ،‬ألننا لم نر في القرية أي نشاط معادي للنظام‪ ،‬او وجود‬
‫ً‬
‫حركة سياسية معادية قريبة‪ .‬لو كانت زهرة قد دفعت حياتها ثمنا بمواقف ايدلوجية منها او عائلتها او اقاربها‬
‫لقبلنا هذا كله‪ ،‬واذن فان توزع الفلم بين فكرة اساسية اولية لم تشبع دراميا وفكرة اساسية ثانية لم تظهر‬
‫على الشاشة‪ ،‬ادى الى اننا لم نركز على الفكرة وانما ركزنا على قضايا ثانوية في العرض الفلمي‪.‬‬
‫ً‬
‫اما الحكاية فقد ظهرت عبر احداث متتالية فتنتظم الحكاية مهما كان شكلها‪ ،‬سواء انتهجت شكال‬
‫ً‬
‫حديثا او كالسيكية‪ ،‬ان في الحكاية خطوط عدة‪ ،‬خط األب املجروح الكرامة الذي قرر ان ال يجلس مع الرجال‬
‫ً‬
‫وال يضع عقاله على رأسه مالم تتوضح حقيقة اختفاء ابنته‪ ،‬وكانه قرر سلفا انها بنت ضالة‪ ،‬زالخط اآلخر‬
‫الراعي الذي آثر الصمت دون مبرر وهو ابن القرية وقبيلتها‪ ،‬والخط الثالث خط الشاب في القرية الذي ذهب‬
‫الى الخدمة العسكرية واختفت اخباره فتهم انه هرب مع زهرة (نهبها)‪.‬‬
‫ان القيم الدرامية تأتي بالتأكيد على وحدة الحدث عبر معقوليته‪ ،‬لكن هذه الخطوط الثالثة قامت‬
‫على وجود احداث قائمة بذاتها الن الحكاية لم تستطع ان تقوم بالتغذية املتبادلة بين االحداث‪ ،‬ان مقوالت‬
‫التالحم االجتماعي والهم الوطني والنضال من اجل البالد‪ ،‬وتمجيد جيش الوطن‪ ،‬اصبحت مقوالت غائبه عن‬
‫الفلم العراقي بعد االحتالل‪ ،‬وتقديم شخصيات بال بناء درامي حقيقي يمكنها من املشاركة بمنطق الدراما فيه‪،‬‬
‫ً‬
‫وبدال من ان تهتم سينما ما بعد االحتالل بااللتفات الى ترميم االنسان العراقي الذي انهكته ظروف الحروب‬
‫والوضع السياس ي والحصار الذي طال كل ما يحتاجه االنسان واثر بشكل عميق على الصحة والتعليم‬
‫والعيش الكريم‪ ،‬اهتمت تلك السينما بكل ضروب العنصرية والطائفية بشكل مباشر او غير مباشر‪ ،‬بل ان‬
‫االفالم الكردية في غالبها دقت على الوتر العنصري‪ ،‬والكراهية بين العرب واالكراد‪ ،‬وال كأن الشعبين عاشا في‬
‫وادي الرافدين األف السنين‪ ،‬مشتركان في الوطن والدين واملجتمع‪.‬‬
‫كانت االفالم تصفية لحسابات بين جهات سياسية عزفت على وتر تقسيم العراق الى غير عودة‪ ..‬الحظ‬
‫ً‬
‫الفلم "الكيلو متر صفر" (‪ )Kilometer Zero, 2005‬كمثال صارخ على ذلك‪.‬وبعد هذا كله يبدو جليا ان‬
‫ً‬
‫هذه االفالم صنعها أناس ال يعيشون في العراق‪ ،‬انهم مغتربون في الغالب وصنعوا افالما تتماش ى والدعاية‬
‫الغربي ة الهائلة ضد العراق‪ ،‬انها تذكر بكتابات املستشرقين عن املنطقة العربية‪.‬‬
‫مؤشرات االطار النظري‪ :‬اسفر االطار النظري عن املؤشرات االلية‪:‬‬
‫‪ .1‬يشكل اختالل القيم الدرامية كالحبكة والشخصيات والفعل الدرامي تحوال يطال النص املرئي‪.‬‬
‫‪ .2‬ان ضعف الحضور الجمالي داخل الفلم ينتج تحوالت غير محسوبة تنعكس سلبا على البنية الدرامية‪.‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫اعتمد البحث الدراسة الوصفية (دراسة الحالة) كونه املنهج املعتمد في مثل هذه الدراسات‪.‬‬
‫مجتمع البحث‪:‬‬
‫الفلم العراقي منذ بداية ‪ 2003‬حتى عام ‪ .. 2017‬تلك االفالم املنطوية على قيم درامية متحولة بشكل‬
‫بين‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫عينة البحث‪:‬‬
‫تم اختيار فلم بغداد حلم وردي بسبب الضجة التي رافقت عرضه كذلك كونه يمثل نموذجا معاصرا‬
‫لتحوالت البنية الدرامية وبذلك يعد االكثر توافقا مع متطلبات هذا البحث‪.‬‬
‫اداة التحليل‪:‬‬
‫سعت الباحثة في االطار النظري الى تكثيف تحليل افالم عراقية تعود لحقب مختلفة ومعاينة اليات‬
‫البناء الدرامي وكيفيات الحفاظ على اشتراطاته وقواعده‪ ،‬وحددت الباحثة مؤشرين مهمين لتطبقهما على‬
‫عينة فلمية معاصرة ممثلة لنتاجات ما بعد عام ‪ 2003‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬يشكل اختالل القيم الدرامية كالحبكة والشخصيات والفعل الدرامي تحوال يطال النص املرئي‪.‬‬
‫‪ .2‬ان ضعف الحضور الجمالي داخل الفلم ينتج تحوالت غير محسوبة تنعكس سلبا على البنية‪.‬‬
‫تحليل العينة القلمية‬
‫الفلم‪ :‬بغداد حلم وردي‬
‫بطولة‪ :‬هند كامل‪ -‬اميرة جواد‬
‫سيناريو واخراج‪ :‬فيصل الياسري‬
‫قصة‪ :‬ميسلون هادي‬
‫مديرالتصوير‪ :‬شكيب رشيد‬
‫انتاج ‪ :‬دائرة السينما واملسرح ضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة‬
‫سنة االنتاج ‪2013 :‬‬
‫ملخص الفلم‪:‬‬
‫يتحدث الفلم عن بغداد بعد االحتالل االمريكي عن استاذة كانت مهاجرة الى ليبيا في زمن الحصار وتعود‬
‫الى بلدها العراق فتجد حتى بيتها محتال من مجموعة مسلحة‪ ،‬فتسكن في بيت صديقة لها كانت مهاجرة‬
‫للدنمارك‪ ،‬ويحدث ان ام الصديقة وابنها املطارد من قبل االمريكان يأتيان للمنزل هربا من املوصل‪ ،‬كي يهاجران‬
‫لسوريا‪ ،‬وتحدث احداثا متعددة تقرب االستاذة من اخ صديقتها ولكن االمريكان يعتقلون االخ وينتهي الفلم‬
‫هنا على امل ان تتحسن االوضاع‪.‬‬
‫‪ -1‬يشكل اختالل القيم الدرامية كالحبكة والشخصيات والفعل الدرامي تحوال يطال النص املرئي‬
‫والعرض‪.‬‬
‫ان البناء الدرامي لهذا الفلم يضعنا امام اشكالية كبيرة تتمثل بأن الحكاية الفلمية افتقدت البناء‬
‫املنطقي سواء على مستوى الشخصيات او االحداث او السيل الصوري املؤدي الى الذروة على مستوى الفكرة‬
‫االساسية اوال‪ .‬ان الفلم ينطلق من فكرة ان العراقيين متمسكون بعراقيتهم وهم مقاومون للوجود االمريكي‬
‫جملة وتفصيال‪.‬‬
‫ان الشخصيات الرئيسية في الفلم االستاذة تجيب على سؤال للشخصية الرئيسية الرجالية في‬
‫الفلم(ياسر) عن سبب رجوعها للعراق فتجيب‪ :‬انها كانت تعرف لم ستعود وترفض الهجرة لبالد هللا الواسعة‬

‫‪264‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫ولكنها االن ال تعرف‪ ،‬وهذا ما الغى الوجود الدرامي للشخصية ألنها ستكون في مكان ال تعرف كيف ستتصرف‬
‫به‪ ،‬اي ان الشخصية ليس لديها هدفا من وجودها في املكان ‪.‬‬
‫اما الشخصية الرجالية (ياسر) فهو هارب من وشاية من صديق اختلف معه فهو ليس مقاوما فعليا‬
‫لألمريكان بدليل انه يريد الهرب الى خارج العراق‪ ،‬يرتبط بحسابات شخصية بعيدة عن التطلعات الوطنية‬
‫ورفض الوجود االمريكي بل يسعى إلنقاذ نفسه فحسب‪ ،‬ومرة اخرى تفتقد الشخصية الى هدفها الذي‬
‫افترضته فكرة الفلم االساسية‪.‬‬
‫اما الشخصية النسائية الرئيسية االخرى فهي(فاتن) الوحيدة التي تعرف ان تصرح بهدفها وهو رفض‬
‫االمريكان مما يتفق وفكرة الفلم الرئيسة‪ ،‬ولكن بناءها الدرامي الغي بالكامل عندما قدمها البناء الدرامي‬
‫للفلم كأنها غير سوية من خالل تصرفاتها غير املوزونة‪ ،‬فهي تتجسس على سكان الشارع وعلى االخص جارتها‬
‫االستاذة‪ .‬كما ان تصديها للدوريات االمريكية ال يأخذه االمريكان على محمل الجد ألنها تتصرف بنزق‬
‫وطفولية‪ ،‬فهي دائمة الجلوس في مدخل ألبيت وقد راكمت اثاث بيتها في الفسحة امام الباب بدعوى انها تريد‬
‫ان تصبغ بيتها‪ ،‬وكان هنالك طالء عشوائي على الباب الخارجي ال يفعله اال ممسوس‪ ،‬وهذا ما يخبرنا به عامل‬
‫الحدائق وهو يسخر من سلوكها‪ ،‬ونتأكد تماما من عدم اتزانها عندما تلتقي ببائعة املواد العطارية قرب مقام‬
‫خضر الياس على شاطئ دجلة عندما يقدمان مشهدا كوميديا في مكان عام وهما يرددان ترنيمات شعبية‬
‫حول البلبل الذي طار بين التصفيق والصوت العالي مما يجمع املارة حولهما‪.‬‬
‫وقد اثقل الفلم حبكته املهلهلة بوجود الرجل املقعد على الكرس ي املتحرك الذي يحمل كتابا فخما يقرأ‬
‫فيه على قارعة الطريق وكأنه هو االخر غير سويا وباألخص عند تكرار ظهوره على الشاشة بال فعل مميز‪.‬‬
‫ان الفلم اصر على ان يسرد لنا احداثا غير مبررة بال لغة سينمائية مميزة وال شكل فلمي واضح‪ .‬وحتى‬
‫االسلوب الكالسيكي بسرد القصة من البداية حتى النهاية كانت تعوزه السالسة لضعف بناء الشخصيات‬
‫وضعف الحبة وعدم وضوح الفكرة االساسية‬
‫‪-2‬ان ضعف الحضور الجمالي داخل الفلم ينتج تحوالت غير محسوبة تنعكس سلبا على البنية الدرامية‬
‫والعرض‪.‬‬
‫ان خصائص الدراما في الفلم تختلف اختالفا بينا عن خصائص الدراما في املسرح‪ ،‬فالوصول الى الذروة‬
‫هو تنامي درامي محسوب الى ذروة الحدث‪ ،‬هذا من ناحية اما من ناحية اخرى فان الصراع الذي تخوضه‬
‫الشخصيات يستلزم ان يكون صراعا مجسدا على الشاشة تنهض به شخصيات يتعاطف معها املشاهد‪ ،‬وهنا‬
‫تكون الدراما منتجة لعنصري التشويق والتنبؤ ومدعاة الثارة االهتمام لتحقيق مبتغاها الدرامي واثارة‬
‫لالهتمام‪ ،‬فما هو الصراع االساس ي في الفلم؟ هل هو ضد املجاميع املسلحة‪ ،‬والتي لم تظهر في الفلم اال في‬
‫مشهد واحد يملئه الغموض‪ ،‬فلم قتل هؤالء املسلحون الشاب ولم يسمحوا بمعالجته من قبل عامل‬
‫الحدائق‪ ،‬واذا كانوا اشرارا مع سبق االصرار والترصد ماالذي دعاهم للتغاض ي عن هروب العامل ولم يطلقوا‬
‫النار اتجاهه اال بعد ابتعاده‪ ،‬ومن تجاربنا ونحن نعيش تلك االوقات الفوضوية نعرف ان املسلحين يقتلون‬
‫بدم بارد ليس فردا او اثنين انهم ال يتورعون ان يبيدوا قرية كاملة‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫ان من خصائص الدراما ان يأخذ الفعل الدرامي مداه املعقول لكي يجري استيعابه من قبل املشاهدين‬
‫االستاذة مترددة تماما في تقبل زوارها وكانت محرجة من وجود الغرباء الفارين من االمريكان في منزلهم اساسا‪،‬‬
‫وهنا يفقد الرفض معناه ثم ان العالقة امللتبسة بين الشاب ياسر واالستاذة جرت بتعثر واضح‪ ،‬فمره هو‬
‫متدين ويرفض وجوده مع امرأة غريبة ومرة هو موسيقار يعزف لشوبان ويثير اعجاب املدرسة في مشهد يفتقر‬
‫الى اي بناء عاطفي‪.‬‬
‫ان الفعل الدرامي يبدو وكانه يتخبط بمقوالت راقدة في ذهن صانع الفلم وبين املرئي املعروض على‬
‫الشاشة‪ ،‬وبهذه الطريقة كان الفعل الدرامي نية مفترضة ال يؤكدها سيل صوري مما اخل في تعاطفنا مع ما‬
‫يجري على الشاشة وكأننا امام سيل صوري غير مصنوع بدراية ووعي تامين‪ .‬ولعل اقحام الدورية االمريكية‬
‫بمدرعاتها وطائراتها في البحث عن شخص ال اهمية له في التصدي لألمريكان‪ ،‬بحيث صدقت الشخصية‬
‫نفسها بانها شخصية مقاومة وكانت طريقة استسالمها املضحكة للدورية االمريكية ال تمثل اي اثارة انتباه‬
‫للمشاهد علما ان اثارة االنتباه هي احد خصائص الدراما االساسية‪.‬‬
‫ان الفلم ضاع في تقديمه للشخصية النسوية االساسية‪ ،‬ان فاتن الوحيدة التي لها فعل مقاوم لالحتالل‬
‫ولكن بطريقة مضحكة‪ ،‬ولعل ترقيمها ألعمدة شارع الرشيد كرمز لتوثيق ما سوف يسرق من العراق ابلغ‬
‫انواع الكوميديا في هذا الفلم التراجيدي املفترض‪ ،‬واالدهى من هذا كله عندما يالحظ اثنان في شارع الرشيد‬
‫ما تفعله فاتن باألعمدة يفكران باإلبالغ عنها‪ ،‬ان التساؤل هنا يبلغان من؟ واالمريكان سادة الساحة مما يعني‬
‫ان فكرة املقاومة فكره شخصية عن فاتن‪.‬‬
‫لقد كانت هناك فرصة للفلم ان يتوقف عند الشرخ العميق الذي احدثه االحتالل في بنية املجتمع‬
‫العراقي من تفتيت اجتماعي وحضاري وان التوقف عند حاالت منفردة ال تعطي صورة كلية عن مجتمع عريق‬
‫ممتد سبعة االف سنة في التاريخ‪.‬‬
‫كان الفلم يصادر على املطلوب فهو يظهر ام ياسر املسلمة املتدينة بانها مسيحية دون ان يشبع‬
‫مسيحيتها بفعل درامي‪ .‬ونفاجئ ان فاتن صابئية عند منتصف الفلم دون تمهيد ألنها فجأة تأخذ ياسر الى‬
‫معبد الصابئة وهي لقطات سياحية مما تفعل فعلها في شخصية احد ابطال الفلم‪ ،‬وتزعم الباحثة ان الفلم‬
‫لم يحسب البطولة السينمائية ألي من البطلتين مما شتت االنتباه وجعلنا نتوقع ما هو غير موجود‪.‬‬
‫لم نر هذا املكان الذي يمثل في هكذا فلم وهو جوهر العمل الفلمي وصاحب الهيمنة‪ ،‬والبؤرة التي‬
‫تستقطب كل االضواء‪ ،‬املكان الذي ما كان ليغيب للحظة مع وعي مدرك ان هكذا افالم توسم بخوصيه املكان‬
‫وبدونه ال يرقى الفلم وال يسمو‪ ،‬بل وجدنا مكان يمكن ان يصنع في اي مدينة انتاج اعالمي‪.‬‬
‫ان الفلم لم يستطع ان يقدم بغداد التي نعرف وال ناسها بل ان كل املحطات املهمة في الدراما قد جرى‬
‫االخبار عنها تقريريا‪ .‬فالجد ذو االتجاه القومي كان يجري االخبار عنه واهتمام ياسر املوسيقي ال نعرف لم‬
‫جعله يذهب الى الجامع وكذلك االشارة الى املناطق الساخنة كانت اشارة تعوزها املصداقية وهي اشارات تعزز‬
‫فكرة جهوية ملكون من الشعب العراقي ال غير‪.‬‬
‫ان السرد الفلمي توسع في نفاط كثيرة اثقلت الحبكة ولم تقدم شيئا في البناء الفلمي‪ ،‬مشاهد مقام‬
‫خضر الياس ومشاهد الصابئة ومشاهد االنفجار ومشاهد الدورية االمريكية بنفس الشخوص‪ .‬ان السرد‬

‫‪266‬‬
‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‪.........................................................‬بان جبارخلف‬
‫‪ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229‬‬ ‫مجلة األكاديمي‪-‬العدد ‪-94‬السنة ‪2019‬‬
‫خارج البناء الدرامي يشتت االنتباه وال يجوز ان تروى محطات الشخصيات وتكونها بإشارات سردية تقريرية‬
‫ومباشرة وبخاصة االشارات لعراقة العراق وحضارته وناسه النبالء‪ .‬والشخصيات في كثير من االحيان جاهلة‬
‫بما يجري حولها فالبطلة االستاذة تسأل صديقتها عن سبب وجود املدرعات االمريكية واالنفجارات وكأنها آتية‬
‫من كوكب آخر‪ ،‬ان الرموز التي وضعها الفلم على متنه رموز مستهلكة وبخاصة رمز القفص والبلبل اللذان‬
‫استهلكا تماما ‪.‬‬
‫ان القيم الدرامية ليست قواعدا ثابتة يجب ان تكون موجودة في كل نص‪ ،‬وانما هي قيم تختص بزمان‬
‫ومكان كل نص على حدة وموضوعه الخاص‪ .‬ان من اولى اليم الدرامية التي ال يمكن القفز فوقها هي الصراع‪،‬‬
‫وهو املعطى االكثر جالءا في الدراما‪ ،‬والذي هو اساس في املسرح ويصبح مهيمنا في الفلم السينمائي‪ ،‬حيث ان‬
‫دراما الفلم تبنى عبر تدفق بصري دقيق متجه نحو الذروة‪ ،‬هذا التدفق محكوم بالزمان الفلمي املحدد‪ ،‬وهو‬
‫تطبيق دقيق ملقولة ارسطو بان الدراما ذات نطاق معين وانها يجب ان تستوعب في جلسة واحدة‪ ،‬بحيث ال‬
‫تتباعد النهايات عن البدايات عن النهايات كي يجري استيعاب الدراما‪ ،‬ولذا فالفلم هو عمل فني واضح اكثر‬
‫مما نرى في الدراما التلفزيونية املسلسلة‪ ،‬اذن فالصراع يحقق الكثير من معطيات الدراما لعل من اهمها‬
‫التشويق والذي يعطي لذة جمالية‪ ،‬كذلك التنبؤ لدى املتلقي مما يجعله منشدا الى الدراما وفاحصا لذائقته‬
‫الجمالية‪ ،‬واملعرفية‪ ،‬ومن ثم التطهير وهو التداخل التجانس ي بين املتلقي والدراما املعروضة امامه وهذا هو‬
‫السبب الذي يجعلني اتماهى مع بطل فلم املريض االنكليزي او بطلته رغم اختالف الزمان واملكان والظروف‪،‬‬
‫ومن ثم يحدث التطهير في وجدان املتلقي النه يجد نفسه على الشاشة‪.‬‬
‫ان اي خلل في القيم الدرامية يلغي كل ما تحدثه وما تريد احداثه الدراما في التكوين الذهني والنفس ي‬
‫لدى املتلقي‪ ،‬مثل عدم منطقية بناء الشخصية‪ ،‬وضعف الحبكة‪ ،‬وعدم تجسيد الفعل واالكتفاء باالخبار‬
‫عنه‪ ،‬وتحميل املكان واالشياء بقيم بالغية ال تخلق من داخل النص وحاجاته وبنيته العميقة مما يسقط كل‬
‫االستعارات والكنايات في اصطناع وسطحية ال تخفى على املتلقي الذكي‪ .‬ومن بعد هذا كله فان الفلم وصوره‬
‫يسقط في مفارقة كوميدية مثال بدل التراجيديا التي ارادها‪ .‬لقد تم ايراد االشارات التي تقتل التداخل‬
‫التجانس ي بين املتلقي والدراما املعروضة على الشاشة اي (التطهير) ومن املؤلم حقا ان نرى كيف يمكن الفالم‬
‫ذات نية طيبة تسقط في التسطيح وامللل ال نها تتجاوز على التدفق الصوري نحو الذورة‪.‬‬
‫النتائج‬
‫ً‬
‫‪ .1‬إن عناصر البنية الدرامية للحدث والشخصية واملكان شهدت تحوال واضحا في فلمنا النموذج‪.‬‬
‫‪ .2‬إن التحوالت الحاصلة في فلمنا النمموذج حلته من طبيعته التأثيرية الجمالية الى سياقه املباشر‪.‬‬
‫‪ .3‬ان االشارات املقيدة وغي املدروسة داخل الفم اسست خطاب فلمي مربك(كما في موقف البطل من‬
‫املحتل)‪.‬‬
‫‪ .4‬ان التحوالت في البنية الدرامية اضعفت من قدرة الفلم على ادراة املخيل وتحقيق اي مستوى شعري‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يرقى لتحقيق اي مستوى من التطهير الذي يشكل حظورا واضحا في هكذا نوع من االفالم‬
‫‪ .5‬قللت التحوالت الدرامية من القدرات الوضيفية والطاقة التعبيرية للعناصر الدرامية من من عكس‬
‫على االداء التمثيلي في الفلم‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫بان جبارخلف‬.........................................................‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‬
ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229 2019 ‫السنة‬-94 ‫العدد‬-‫مجلة األكاديمي‬
‫االستنتاجات‬
. ‫ يمثل الفلم العراقي حاضرة لتحوالت دامية متداعية‬.1
‫ ال يتسم الفلم العراقي املعاصر ببنية سسيولوجية قادرة على اضفاء مستوى واضح على حركية‬.2
.‫االفعال والشخصيات‬
‫ يغيب الفلم العراقي مفاهيم اساسية تعمل على خلق عنصر التشويق وبعث القدرات الجمالية‬.3
.‫ملفاهيم التطهير والضرورة والتحقق‬
‫ ان الوقوف على تحوالت البنية الدرامية في الفلم العراقي هو تأطير وتشريح من اجل خلق سياق ابداعي‬.4
.‫جديد خاص به‬
References :
1. Aristotle , art of poetry, see: Ibrahim Hamada, (Damascus, Hala
Publishing and Distribution, p.
2. Omoun, Jack et al., Aesthetics of the film, translation: Maher Tremesh,
review: Hana Sobhi, Abu Dhabi: Abu Dhabi Authority for Culture and
Heritage, 2011.
3. Ezer, Wolfgang, Reading, Translated by Hamid Al-Hamdani, Jalali Al-
Kadiya (Fes: Manahil Library, 1995).
4. Andrew, Dudley, Theories of the Great Film, T. Georges Fouad (Egypt,
Egyptian General Book Organization, 1987)
5. Ramez, Hussein, drama between theory and practice (Beirut, Arab
Foundation for Studies and Publishing, 1972)
6. Swain, Dwight
7. Abbas, Mahdi, The Comprehensive Guide to the Iraqi Long Film 1946-
2012 (Baghdad: Department of Cinema and Theater, p.
8. Martin, Marcel, cinematic language, translation: Saad Mekkawi, review:
Farid Almazawi, (Cairo: Egyptian Department of Translation and
Publishing, 1964).
9. Munsaf, Adnan Kazem, represents the dramatic summary of the TV drama
Teitel (Rafat Al-Hagan Model, Iraq, Academic Magazine, Faculty of Fine
Arts, Baghdad University, 2010).
10. Metri, Jean, The Entrance to the Science of Beauty and Psychology
Cinema, Translated by: Abdullah Aweishak, (Damascus: Public
Institution for Cinema, 2009).
11. Lawson, John Howard, The Art of Screenwriting, Translated by Ibrahim
Al-Sahan, Reviewed by: Saad Labib (Baghdad: Institute of Radio and
Television Training, 1972).
12. Walson, Al-Jain, The Psychology of Performance Arts, Shaker Abdul
Hamid, Review of Muhammad Anani, (Kuwait: National Council for
Culture, Arts and Letters, 200).

268
‫بان جبارخلف‬.........................................................‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‬
ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229 2019 ‫السنة‬-94 ‫العدد‬-‫مجلة األكاديمي‬
13. Summarizes, Joseph. M., The art of watching movies, translated by Wadad
Abdullah, (Cairo: Egyptian General Book Organization, 1995),.

Sources of films
14. Conversations with other women
15. Eleven angry men
16. Screenplay: Sabri Mousa, directed by: Mohamed Shukri Jamil, Baghdad:
General Organization of Cinema and Theater, 1979.
17. Long Days, Screenplay and Direction: Tawfiq Saleh, (Baghdad: General
Organization for Cinema and Theater, 1980)
18. Aljabi, Screenplay and Direction: Jafar Ali, Baghdad: Cinema and Theater
Department, 1968
19. Watchmaker, Screenplay and Director: Khalil Shawqi, Baghdad: Today's
Movies, 1967
20. Al-Zaman, Screenplay: Thamer Mahdi, Directed by: Mohammed Shukri
Jameel (Baghdad: The General Establishment of Cinema, 1972)
21. Resurrection now
22. Kilometer Zero, Screenplay and Directed by: Heiner Saleem, Iraqi-
French-Finnish Production, 2005
23. Armored Potomkin
24. The big issue
25. Citizen Ken
26. The Turn, Screenplay: Naguib Arbo, Directed by: Jaafar Ali (Baghdad:
National Film Production Company, 1975)
27. Baghdad Dream, a screenplay and directing: Faisal Yasiri, (Baghdad:
General Organization for Cinema and Theater 2003).
28. Houses in the Alley: Scenario and Direction: Qassim Hawal (Baghdad:
Public Establishment for Cinema and Theater, 1977)
29. Tom Jones
30. Doug Phil
31. Saeed Effendi, Screenplay: Yousef Al Ani, Director: Kamiran Hosny,
Baghdad: Union of Artists: 1957
32. The silence of the shepherd, script and directed by: Raad Mashtat,
(Baghdad: General Organization of Cinema and Theater 2003).
33. Night of Travel, Screenplay: Ahmad Al-Qabbani, directed by: Bassam Al-
Wardi, (Baghdad: Public Institution for Cinema and Theater, 1990)

269
‫بان جبارخلف‬.........................................................‫تحوالت البنية الدرامية في الفلم الروائي العراقي‬
ISSN(Online) 2523-2029, ISSN(Print) 1819-5229 2019 ‫السنة‬-94 ‫العدد‬-‫مجلة األكاديمي‬
DOI: https://doi.org/10.35560/jcofarts94/255-270

Dramatic Structure Transformations in the Iraqi Feature


Film
Ban Jabbar Khalaf1
Al-academy Journal ……………………..…………. Issue 94 - year 2019
Date of receipt: 10/6/2019….....Date of acceptance: 4/8/2019….....Date of publication: 15/12/2019

This work is licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License
Abstract:
The research topic (The dramatic structure transformations in the Iraqi
Feature Film) studies the dramatic structure and its transformations in the Iraqi
feature film. The research determined the research problem and the need for it
in addition to the aims and the limits of the study as well as its importance. The
theoretical framework consists of the following themes: the dramatic
transformations mechanism and dramatic data in the Iraq film 1957-2003 then
the dramatic values transformations and the performance contradictions in the
Iraqi film.
The research, after concluding the theoretical framework, came up with a
number of indicators of the theoretical framework that have been used as a tool
to analyze the sample. The research procedures included analyzing the study
sample (Baghdad is a Pink Dream, script and direction by Faisal Al-Yaasiri),
the results of the analysis and the conclusions followed by a list of references
and margins.

1 College of Fine Arts. University of Baghdad. dr.banjabbar@yahoo.com

270

You might also like