‫بِس ِْم هللاِ الرَّحْ َم ِن الر ِ‬

‫َّحي ِْم‪ ،‬السّالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫ان‪َ ،‬وهَ َدىنَا َعلَى ِدي ِْن اِإْل ْساَل ِم‪َ ،‬أ ْشهَ ُد َأ ْن‬
‫اَ ْل َح ْم ُد ِهللِ الَّ ِذيْ َأ ْن َع َم َعلَ ْينَا بِنِ ْع َم ِة اِإْل ْي َم ِ‬

‫ق ْال ُمبِي ُْن‪َ ،‬وَأ ْشهَ ُ‪6‬د َأ َّن َسيِّ َدنَا ُم َح َّم ًدا‬ ‫ْك لَهُ ْال َملِ ُ‬
‫ك َح ُّ‬ ‫الِإلهَ ِإاَّل هللاُ َوحْ َدهُ اَل َش ِري َ‬

‫ث َرحْ َمةً لِ ْل َعالَ ِمي َْن‪ .‬اللّهُ َّم َ‬

‫صلِّ َو َسلِّ ْم َوبَ ِ‬
‫ار ْك َع َ‬
‫لى َسيِّ ِدنَا‬ ‫َع ْب ُدهُ َو َرس ُْولُهُ ْال َم ْبع ُْو ُ‬

‫‪ُ .‬م َح َّم ٍد َو َعلَى َءالِ ِه َوَأصْ َحابِ ِه َأجْ َم ِعي َْن‪َ،‬أ َّما بَعْد‬

‫مؤمن يَر َغبُ في رضا هللا‪ ،‬ويقوم بأوا ِم ِر ِه ويبتعد عن نواهي هللا‬
‫ٍ‬ ‫‪ُ .‬كلُّ‬

‫ى في الحياة‪ .‬ثم‪ ,‬كيف نفهم القرآن؟‬

‫لقد أعطينا القرآن ليكون هد ً‬

‫المسلمين َتد ُّب ُر القرآنُ الكريم‪ ،‬وال َت َمع ِ‬

‫ُّن في‬ ‫َ‬ ‫ًأ ْو ِج َ‬
‫ب هللا ‪-‬تعالى‪ -‬على عباده‬

‫ِيح‪ ،‬وال َّن َظ ِر‬ ‫لتحقيق ال َفه ِْم َ‬

‫الصح ِ‬ ‫ِ‬ ‫آياته‪ ،‬واالستفادة من العلوم المهمّة؛‬

‫ٌ‬
‫وسيلة‬ ‫ت سليمةٍ‪ ،‬وبي َّن هللا أنّ ال َتدَ ب َُّر‬
‫الدقيق‪ ،‬والوصول‪ :‬إلى نتائج ودالال ٍ‬

‫لتكوين العقل الواعي‪ ،‬وال َم ْن َه ِج ّي ُة العلم ّي ُة الصحيحة‪ ،‬والعِل ُم النافع‪ ،‬كما أنّ‬

‫القرآن ال َي ْق َتصِ ُر على‬

‫َ‬ ‫العقل‪ ،‬وتمرينه؛ إذ إنّ‬
‫ِ‬ ‫التدبُّر يُسْ ِه ُم في َت ْنشِ يطِ‬

‫ت الحياة جميعها‬
‫‪.‬مجال واحدٍ‪ ،‬بل َيش َم ُل مجاال ِ‬
‫ٍ‬

‫وقد تطرّ ق العاّل مة ابن ال َقيّم ‪-‬رحمه هللا‪ -‬إلى أهمّية تدبُّر القرآن؛ فذكر‬

‫أنّ فيه تخفيفا ً على المسلم ممّا يواجهه من َم ّ‬

‫شاق الحياة‪ ،‬وإرشاداً إلى‬

‫‪1‬‬
 ‫ً‬
‫وهداية إلى األمور الحالل‪،‬‬ ‫طريق الصواب‪ ،‬وإبعاداً عن الضالل‪:،‬‬

‫ّ‬
‫تخطي حدود ال َّشرْ ع‬ ‫‪.‬األمر الذي يُسهم في عدم‬

‫ما هو معنى تد ّبر القرآن؟‬

‫لغة التفكر ومادته تدور حول أواخر األمور وعواقبها " فالتدبر هو‬

‫النظر في عواقب األمور وما تؤول إليه ومن هنا نستطيع أن نفهم‬

‫‪ +‬إلى أواخر الدالالت الكلم ومراميه‬

‫التدبر هو التفكر الشامل الواصل‬

‫البعيدة " ‪1‬‬

‫فاعتمادا على هذا التعريف يكون التدبر هو " التفكر باستخدام وسائل‬

‫‪ +‬إلى معان جديدة يحتملها النص‬

‫‪ +‬المنطقي للوصول‬
‫التفكير والتساؤل‬

‫القرآني وفق قواعد اللغة العربية ‪ ,‬وربط الجمل القرآنية ببعضها وربط‬

‫السور القرآنية ببعضها وإضفاء تساؤالت مختلفة حول هذا الربط أو‬

‫ذاك ‪2" .‬‬

‫‪2‬‬
 ‫ُقص ُد بتدبُّر القرآن‪ :‬ال َّن َظر والتو ُّ‬
‫صل‪ :‬إلى ما تحمله اآليات القرآنيّة من‬ ‫ي َ‬

‫ف ومقاصد؛ ويتح ّقق ذلك بإعمال الفِكر‪ ،‬والتأمُّل‪ ،‬و َب ْذل الجهود؛‬
‫أهدا ٍ‬

‫‪.‬بهدف الوصول‪ :‬إلى مُراد اآليات‪ ،‬و َفهمها بالشكل الصحيح‬

‫كما عُرِّ ف التدبُّر بأ ّنه‪ :‬التف ُّكر الشامل المُوصل‪ :‬إلى دالالت الكالم‪ ،‬وما‬

‫عان بعيدةٍ‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أنّ تدبُّر القرآن أخصّ وأشمل‬
‫فيه من َم ٍ‬

‫من معرفة ال َمعاني التفصيليّة لآليات؛ إذ إنّ التدبُّر ال ُب ّد فيه من العمل‪،‬‬

‫مع الحرص على التأمُّل في معنى الكلمة‪ ،‬ومعنى الجملة‪ ،‬والتوصُّل إلى‬

‫لغة‪ ،‬ومعناها اصطالحاً‪ ،‬كما أنّ التدبُّر مهم ٌّة‬

‫العالقة بين معنى الكلمة ً‬

‫وفِع ٌل للعقل اإلنسانيّ ؛ فقد ورد التدبُّر في القرآن الكريم بصيغة الفِعل؛‬

‫ً‬
‫عظيمة‪ ،‬ولتحقيق ذلك‪ ،‬ال ُب ّد من التأمُّل‪،‬‬ ‫ً‬
‫وغاية‬ ‫ممّا يعني أنّ له أهم ً‬
‫ّية‬

‫والعمل‪ ،‬والتطوير؛ ب َقصد الوصول‪ :‬إلى مقاصد اآليات‪]٥[.‬‬

‫‪،‬وتدبُّر القرآن يُح ّقق للمسلم استشعار الخوف من عذاب هللا‪ ،‬وغضبه‬

‫‪3‬‬
 ‫وذكر السعديّ أنّ من أهمّية تدبُّر القرآن‪ :‬تحقيق‬
‫َ‬ ‫وال َّسعي فيما يُرضيه‪،‬‬

‫معرفة العبد بربّه‪ ،‬وال ِعلم بصفاته الكاملة‪ ،‬وتنزيهه عن ك ّل َن ٍ‬

‫قص ال يليق‬

‫به‪ ،‬وبذلك يزداد اإليمان‪ ،‬ويرسخ في قلب صاحبه‪ ،‬كما أنّ تدبُّر القرآن‬

‫مفتا ٌح للعديد‪ :‬من العلوم‪ ،‬والمعارف‪ ،‬فيزداد علم العبد‪ ،‬وتزداد بصيرته‪،‬‬

‫ويعرف بذلك ُّ‬

‫الطرق التي َتصِ له باهلل‪ ،‬بما يُح ّقق البُعد عن ك ّل أسباب‬

‫العقاب‪ ،‬ومن أهمّية التدبُّر أيضاً‪ :‬العلم التا ّم بأنّ القرآن الكريم من عند‬

‫هللا‪ ،‬وأ ّنه كام ٌل ال َن ْقص فيه‪ ،‬وبه تتح ّقق العبوديّة هلل ‪-‬تعالى‪ ،-‬كما أنّ فيه‬

‫ً‬
‫وحماية للمسلم من الشيطان‪ ،‬وتحقيقا ً للراحة والطمأنينة‪،‬‬ ‫ً‬
‫تربية للعقل‪،‬‬

‫ً‬
‫‪.‬وهداية من هللا‪ ،‬وتوفيقا ً‬

‫‪4‬‬