Professional Documents
Culture Documents
حقوق الإنسان الموجهة للبشرية
حقوق الإنسان الموجهة للبشرية
ويقتضي الحق في التنمية ضمنيا مبدأ التضامن :إذ يتعين على األخير أن
يوجه جهود األمم وجهود المجتمع الدولي لتحقيق أهداف اقتصادية
واجتماعية وثقافية يستفيد منها .الجميع وتمكن من تحقيق نماء سكان
برمته .ويعتبر الحق في التنمية اليوم عامال أساسيا لوجود حقوق اإلنسان
األخرى :فإذا لم تتوفر ظروف العشى الكريم ،فإنه يستحيل ممارسة أي
حق آخر على المستوى السياسي أو المدني أو العقاف ( وتجدر اإلشارة
إلى أن مصطلح التنمية لم يقع قبوله إال مؤخرا ،ويمكن تعريفه باالستناد
إلى مصطلح «انعدام التنمية» .)90لكن إلرساء التنمية ،ال بد من البحث
عن سبل تحسين العيش ،أي ضمان الحق في حياة أفضل لكل فرد ("".
كما تفترض التنمية وجود تطور كمي ونوعي وخاصة على المستوى
االقتصادي .إال أن هذا الشرط يبقى غير كاف لتحقيق الحق في التنمية بل
يجب أن يتبعه تطور اجتماعي وثقافي ،أي بمعنى آخر إعطاء بعد إنسانى
للتطور االقتصادي وبالتالي فإن التنمية ال تقاس بمعايير مادية فحسب،
وإنما تقيم أيضا من خالل األخذ بعين االعتبار ألعاد الثقافة أو التعليم
واألبحاث العلمية ...وكذلك باالستناد إلى التصورات الموسعة للكرامة
البشرية ،األمن ،العدالة واإلنصاف .وإذا كان معنى التنمية يختلف من
دولة ,إلى أخرى ،فإن تحليل ذلك ,الحق يكشف عن بعد كوني .لذلك أطلقت
األمم المتحدة «عشريات» للتنمية (حب هذا البرنامج يمكن استنتاج تعريف
للحق في التنمية من خالل مؤشرات انعدام التنمية والتي تمتاز بوجود
تكنولوجيا طائية ،مستوى ادخار ضعيف ،بازدياد نسسه ت ،عد فاعلة
المؤسسات العمومية ،التبعية اقتصادية ،عدم االستقرار السياسي داخل
الدولة )...من أجل إرساء تصور عالمي لمفهوم التنمية متفق عليه من
جميع الدول ,،ويتأسس على سبع مبادئ كبرى وهي اآلتية )٥(:اعتبار
إرضاء الذات ,البشرية وابتهاجها المقصد األساسي لبرنامج التنمية - .ربط
أهداف التنمية بتلية الحاجيات األساسية لإلنسان (المادية والمعنوية)- .
تركيز التنمية على احترام حقوق اإلنسان - .مساهمة الذات البشرية في
.ضبط منهج التنمية
ز -احترام مدأ الساواة وعدم التمييز - .اعتبار اإلنسان موضوعا ال أداة
للتنمية - .قيام التتمية على مبدأ االستقاللية الفردية أو الجماعية .فمن شأن
المبادئ المذكورة ضمان التعاون الدولي من أجل إنفاذ الحق في التنمية
كحن من حقوق اإلنسان ،باعتبار أنه بقدر ما يجب أن يتوفر الحق في
الحياة ،يتأكد الحق في حياة أفضل "أ) .فما هو أساس الحق في التنمية؟
عالوة عن خلق توارن اقتصادي وسياسي صلب الدول ,األقل نموا،
يتأسسى الحق في التتمية على معطات إثنية تبرره :فغالبا ما تؤثر
سياسات الدول ,المقدمة في األحداث العالمية وفي تائجها ،فهي التي تقرر
السلم أو الحرب وتحدد النظام النقدي العالمي ،وتفرف إيديو لوجياتها على
يقية الدول ...في حين تقبل الدول ,الفقيرة تلك األحداث أحيانا في تعميقه
عبر انتهاج سياسات اقتصادية غير كواقع مفروض عليها وتتيب مالئمة
لمجتمعاتها ،وهو ما يزيد في تأخرها عن ركب النمو ( .)3وال يمكن تغيير
تلك األوضاع أو التلطيف متها إال عبير دعم الحق في التنمية :فمن خالل
التعاون والتبادل ,بين الدول ,الغية والدول ,الفقيرة ،واحترام ضرورة إرساء
عدالة ,ااجتماعية -اقتصادية» ين الشعوب ،يمكن إرساء ذئك الحق .أما
األساس المعتوي للحق في التنمية فهو حتما مبدأ التضامن ،فبفضل ذلك,
المبدأ ,تخصص الدول الغنية جانبا من ثرواتها وعائداتها لمساعدة الدول
الفقيرة (ا أيضا ،يجد الحز في التتمية أساسا قانونيا صلب اإلعالن العالمي
لحقوق اإلنسان وخاصة مقتضيات المادة( 25 ,فقرة )1التي نصت على
«حق كل إنسان في مستوى كاف من العيش يضمن صته ،ووجودا أفضل
له ولعائلته .»...فالحى في مستوى مالئم من العيش يمثل مظهرا من
مظاهر الحى في التنمية .كما ورد بالمادة 22من اإلعالن حق كل شخص
في «الحصول على الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي ال غنى
عنها لكرامته ولنمو شخصيته في حرية ،وذلك من خالل المجهود ,القومي
والتعاون ,الدولي ,وبما يتفق مع هيكل الدولة ,ومواردها .وقد تم إثراء تلك
المقتضيات من خالل عهدي سنة 1966باعتبار أن الممارسة الفعلية
للحقوق الواردة ,فيهما ترتبط أشد االرتباط بتنمية وتحسين ظروف عيش
كل
من العهد الدولي الخاص IIفرد .وكدليل على ذلك نذكر ما تضمئته المادة
بالحقرى االقتصادية واالجتماعية والثقافية من تنصيص على حق كل
شخص في الحماية من الجوع .فهذا الحق نتيجة طيعية لالعتراف بالحق
في مستوى عيش كاف ،والذي تضمنه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان
أن « :الفارق Sأيضا جاء بالمادة 12من «إعالن طهران» لسنة 196
المتنامي بين الدول ,الغنية والدول ,النامية يشكل عثرة أمام االحترام الفعلي
لحقوق اإلنسان ،المجتمع الدولي»( .)7بموجب قرار الجمعية العامة أيضا
نذكر اإلعالن حول الحق في التنمية ،المعتمد 1986والذي نص في مادته
األولى على أن « :الحق عدد 128 /41 ,بتاريخ 4ديسمبر حق من حقوق
اإلنسان ،غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لجميع الشعوب في التنمية
المشاركة في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية واالسهام
فيها والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق اإلنسان
والحريات األساسية إعماال تاماه(د) لقد أكد اإلعالن المذكور على أن
الحق في التنمية ،(:هو من حقوق اإلنسان التي ال يمكن التنازل عنها،
والذي بمقتضاه يحق لكل إنسان ولكل الشعوب التمتع بالتنمية في مختلف
أبعادها (االقتصادية ،االجتماعية ،الثقافية والسياسية) - .يتضمن الحق في
التنمية الممارسة الكاملة لحق الشعوب في تقرير مصيرها ،بما في ى ذلك
سيادتها الكاملة فوق كل ماردها وثرواتها الطبيعية - .اإلنسان هو أساس
الحق في التنمية ،ويجب أن يكون المشارك والمستفيد األساسى ضرورة
اتخاذ كل الخطوات ,الالزمة ،على الصعيدين الوطني والدولي ،لكفالة
الحق في التنمية .للدول ,الحق في ،وعليها واجب ،تحقيق التنمية من أجل
تحقيق رفاه شعبها - .يتطلب انجاز الحق في التنمية االحترام الكامل
لمبادئ القانون الدولي الخاصة بالتعاون والعالقات الودية بين الدول ,طبقا
لميثاق األمم المتحدة - .على الدول اتخاذ خطوات حثيثة إلزالة عوائق
التنمية الناتجة عن فشلها في كفالة الحقوق المدنية والسياسية ،والحقوق
.االقتصادية واالجتماعية والثقافية
باإلضافة إلى ذلك ،يمثل إعالن وبرنامج العمل الصادر عن مؤتمر فيينا
حول حقوق اإلنان في ستة 1993أداة دولية هامة في هذا المجال ،إذ نص
في مادته العاشرة على أن« :المؤتمر الدولي حول حقوق اإلنسان يؤكد
بأنه يتعين أن يتجسد الحى الكوني في التنمية على أرض الواقع ،وهر حق
غير قابل للتنازل وال يتجزأ من الحقوق األساسية إن ضمان الحر في
التمية يرتبط بصفة وطيدة بحق الشعوب في السيادة على مراردها
الطبيعية ،فال يمكن أن يبرر بأي حال من األحوال أن يحرم بلد ما من
الثروات التي يملكها والي تحافظ على وجوده ,وتسمح بإقامة المشاريع
التنموية .لذلك نص اإلعالن الخاص يسيادة الشعوب على مواردها
الطبيعية ،والذي تبنته الجمعية العامة لألمم المتحدة صلب قرارها رقم
-1803بتاريخ 14ديسمبر ،1962على أن تصرف الدول في ثرواتها
هو حن ال يمكن التنازل عنه (و كذلك تنص المادة األولى (فقرة )2من
العهدين الدوليين للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية ،والحقوق
المدنية والسياسية ،على أن « :كل شعب يملك اتصرف بحرية في ثرواته
وموارده الطبيعية ،دون إضرار بااللتزامات التي تنجم عن التعاون
االقتصادي الدولي ،والذي يتند إلى مبدأ المنفعة المتبادلة والقانون
الدولي» .وتتص المادتان 25و 47من نف العهدين على ما يلي :اال
يجوز تفسير أي نص من نصرص العهد الحالي باعتبارها تمت الحق
الثابت لكل الشعوب في االستفادة واالستخدام الحر والكامل لثرواتهم
ومواردهم الطبيعية» .أيضا يرتط الحق في التنمية بواجب مساهمة الدول
فى تحقيق السلم واألمن الدوليين ،خصرصا عن طريق نزع السالح
الشامل والكامل ،مع توجيه موارد نزع الالح نحو التنمية ،خاصة في
الدول النامية " — 2الحق في السلم تتعريف اللم خمن التقرير الذي تم
إعداده ,بمثاسية المائدة المتديرة للمنظمات الفائزة بجائزة نوبل
أفريل ،1978بأنه :العالقات Sللسالم ،المتعقدة بجنيف يومي 27و2
الدينامكية التي تميز التعاون بين األمم وصلب األمم ،والمتسمة
بغاب النزاعات المسلحة ،وباحترام القيم اإلناية (المذكورة فمن اإلعالن
العالمي لحقوق اإلنسان) ،والمتسمة أيضا بالحرص على ضمان وجود
أفضل لكل شخص»( ،ويستنتج مما ذكر ،أن السلم شرط أولي لممارسة
حقوق اإلنسان ،وهو ما جعله الهدف الجوهري للكظام الدولي وللقواعد
القانونية التي تؤسس ذلك ,النظا ( . 3كما توجد عالقة جدلية بين التلم
وحقوق اإلنسان :فبدون سلم ال يتصور احترام حقوق اإلنسان ،وبالتوازي
يؤدي انتهاك حقوق اإلنسان إلى انعدام السلم .وهكذا يعتبر الحق في السالم
حقا إنسانيا أساسيا وفر وريا لو جرد واحترام بقية الحقوق .وهو ما أدى
بأحد الفقهاء إلى التصريح بأنه « :ال مجال للشك بأن الحق في التلم يمثل
حقا جوهريا .فبدون سلم تفقد الحقوق الواردة ,في األجيال الثالثة قوتها
ومتانتهاء()) .فما هو األساس القانوني للحق في السلم؟ ,نالتأكيد ضرورة
«حماية األجيال بالرجوع إلى توطئة ميثاق األمم المتحدة ،يتضح .القادمة
من ويالت الحروب ،التي خلفت للبشرية معاناة واضحة »...وبالتالي يبرز
السالم والتعاون الدولي كهدفين جوهريين لعمل منظمة األمم المتحدة.
أيضا نصت المادة 28 ,من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على« :حق
كل إنسان في أن يسود على الصعيد االجتماعي والدولي نظام يسمح
بتطبيق الحقوق والحريات الواردة ,في هذا اإلعالن» ،ويتضمن هذا الكظام
بالضرورة فكرة السلم .باإلضافة إلى ذلك ،صدرت عديد القرارات عن
الجمعية العامة لألمم المتحدة بهدف إرساء وتعزيز الحق في السلم لعل
أهمها :القرار عدد 77/33المعتمد بتار 15ديسمبر ،1978والذي نص
في فصله األول على« :حى كل األمم وكل األفراد بدون تمييز على أساس
الجنس أو الرأي أو اللغة ,أو العرق ،في العيش بسالم .ويكون احترام هذا
الحق ،كغيره من حقوق اإلنسان ،في مصلحة البشرية جمعاء ويمثل شرطا
كفيال لتطور كل األمم ،في جميع المجاالت ./1(6كما نذكر القرار المؤرخ
في 12نوفمبر ،1984المتعلق ب«اإلعالن الخاص بحق الشعوب في
السالم» ،لما له من أهمية خاصة حيث تم التصريح بكونية المنتفعين
بالحى في السلم ،وذلك ,ضمن الفصل 1من القرار المذكور الذي نص على
.أنه الجميع شعوب األرض حق مقدس في السلم»(؟
كما أكد اإلعالن المذكور على أن المحافظة على حق الشعوب في السالم
وتعزيز تطيقه يشكالن التزاما جوهريا على عاتق كل دولة ،وأن ذلك,
الحق يتطلب من الدول أن تضع حدا للتهديد بالحرب ،خاصة الحرب
النووية ،وعدم اللجوء إلى استخدام القوة ,في العالقات الدولية ,وحل
النزاعات الدولية بالطرق السلمية )).كذلك شكل الحق في السلم موضوع
دراسات مختلفة أعدت بمناسبة انعقاد مؤتمرات خاصة بهذا الموضوع،
نذكر منها تلك التي عقدت في «أوسلوه( ,خالل ديمير « ،)1978كامبولوه,
(في أوت « ،)1979فرصوفيا» (جويلية « ،)1980اكس -آن -بروفتى»
(أوت ،)1981نيويورك (جويلية ...)1982فأثاء مؤتمر فرصوفيا ،تم
اإلقرار بأن حقوق اإلنسان والسلم تمثل التطلعات المشتركة لإلنانية جمعاء
" أ .وأن التلم لم يعد مجرد أمنية بل أصبح هدفا واقعيا وسككا ،في مصلحة
كل الشعوب والبشرية جمعاء ( . 3بيد أنه ولتحقيق هذا الهدف ،ال بد في
« ):ما (désarmementالبداية ,من احترام شأن آخر وهو نزع األسلحة
فحق اإلنسان في عدم التسلح يشكل امتدادا طبيعيا للحق في العيش يسال
."٢ألجل ذلك انعقدت تحت رعاية األمم المتحدة ,العديد من المؤتمرات
الهادفة إلى الحد ,من التلح ولتخصيص الموارد ,المدخرة للتلح ألهداف
سلمية ولغاية التنمية .كما تمت المناداة ,بإبرام اتفاق يحضر التجارب
النووية ,حتى ال تتعرض البشرية لكارثة نووية عالمية (و) إلى جانب ذلك
تم التركيز على استخدام التقدم العلمي والتكنولوجي في مصلحة التالم
الدولي وفي خدمة اإلنسانية ،ال للتابق من أجل التسلح ،وهو ما أقرته المادة
الصادر ,عن الجمعية العامة لألمم المتحدةS4 ,األولى من القرار عدد 33
بتاريخ 10نوفمبر 6 1975ب -الحقوق األخرى للتضامن إضافة إلى
ضمان حقرق اإلنسان اليوم ،فإن الحاجة تبدو ملحة أيضا إلى حماية حقوق
األجيال المتقبلية وخاصة حقهم في محيط سليم ومتوازن إزاء مخاطر
التقدم العلمي والتكنولوجي ( ،)1فلم يعد بإمكان هذه األجيال األخيرة أن
تنعم بفضاءات
تنتمي لكل البشرية وهو ما أدى إلى ظهور الحق في إرث مشترك لالنية
رز المساواة ,بين جميع الدول ،وبدون أي تمييز ( - 1 .)2الحق في بيئة
سليمة ومتوازنة بدأت البشرية تعترف مؤخرا بأهمية وجرد بيئة سليمة
ومتوازنة وايكولوجيا» ،ومنبع ذلك الحق هو اإليمان بأن نمو الكائنات
اإلنسانية ال يمكن أن يتحقق إال في بيئة متناسقة .لكن يخشى البعض من أن
يؤدي الدفاع عن البيئة إلى التخلي عن األنشطة اإلنتاجة المرتبطة
بالشروات الطبيعية .ويخشى آخرون أن يؤدي النمو االقتصادي والصاعي
للبشرية إلى إفقار وإتالف الشروات الطعية الموجودة على سطح
األرض )) ويوضح مفهوم التنمية المتديمة أنه من الممكن التفكير في
وسائل أخرى ،إذ يمكن للتنمية االقتصادية للبشرية وإشباع حاجيات
الكائنات اإلنسانية أن يتعايشا معا في ناغم مع البيئة إذا ,ما أخذت
مخططات التنمية بعين االعتبار حماية الثروات الضرورية للحياة (كالماء،
الهواء ،الغابات ...وعناصر التوازن ,اإليكولوجي األخرى))) .وقد أقر
المجتمع الدولي إعالنين مهمين يتمحوران حول أسس حماية البيعة التي
تعتبر واجبا محموال على عاتق البشرية ،األول هو إعالن مؤتمر األمم
المتحدة ,حول البيئة اإلنسانية ،)37والثاني هر إعالن وريو حول البيئة
والتنمية ) ويكتسى اإلعالن الثاني أهمية بالغة لكونه أدخل ,مفهوم «التنمية
المستديمة» ،مما غير بعمق التصور البيئي .ويؤكد هذا اإلعالن
بالخصوص على دور التنمية المستديمة في القضاء على الفقر والتقليص
من الفروق بين مستويات المعيشة في العالم .كما بنادي الدول اللقضاء
على أنماط اإلنتاج واالستهالك غير المالئمة» ،وأن تنعش السياسات
الديمغرافية المناسةا (ا .يجب كذلك حماية الموارد الطبيعية حتى ال تنفذ
لتفادي اآلثار اللية على صحة اإلنسان .كما يجب حماية الوسط ,الطبيعي
من التلوث ،والحفاظ على التوازنات االيكولوجية والبيولوجية لضمان بقاء
،الحيوان ,والنبات (6
فحماية البيئة تمتد لحماية الطبيعة ،اإلنسان وكذلك ,كل الكائنات الحية.
ونظرا لهذه األهمية ،فقد تعهدت العديد من مجموعات الضغط (مثل
مجموعة االخضر») بمألة البيئة ،حتى أصبحت تلك المسألة ذات أولوية,
في االهتمامات السياسية ،وهو ما أنعكس صلب دساتير عديد الدول التي
تضمنت حق اإلنسان في بيئة سليمة مثل دستور «البيرو ه )٥والذي نص
في فصله 123على :احق الجميع في العيش في بيئة سليمة ،ومتزنة
ايكولوجيا ومالئمة لتطور الحياة وللحفاظ على الطبيعة» ،كما نصى على
واجب الجميع في المحافظة على البيئة .وتجدر اإلشارة إلى أن مألة عالمية
المنتفعين بحقوق اإلنسان تمتد في مجال البيئة لتشمل أيضا األجيال
المستقبلية .وفي هذا اإلطار صرحت الجمعية العامة لألمم المتحدة ,بتاريخ
30أكتوبر 1980بـ :المسؤولية التاريخية للدول ,من أجل الحفاظ على
البيئة لمصلحة األجيال الحاضرة والقادمة (د) وال شك أن التلوث ,البيئي
يتعلى أساسا بإقليم الدولة ،بل هو يتعلى بكافة العناصر الداخلة في هذا
اإلقليم :سواء كانت برية أو بحرية أو جوية .إال أنه من الثابت أيضا أن
حماية البيئة من التلوث قد اتخذت اآلن أبعادا عالمية ،على أساس أن
التلوث ،على األقل من حيث آثاره ،عابر للحدود ,.وال جدال أن التلوث
العابر للحدود ,وهو الذي يوجد مصدره في بلد وآثاره الضارة كليا أو جزئيا
في بلد آخر (د -هر الذي يثير صعوبات على الصعيد الدولي ( . 4لقد
أفضحى االهتمام بالبيئة -باعتبارها تراثا مشتركا لإلنسانية -أمرا
واضحا ،فقد أصبحت البيئة المرض المزمن للمدنية المعاصرة
ولحضارتها الصناعية والتقنية ،واتخذ تلوث البيئة صورة مماثلة في كل
مكان وفي كل شيء (في الهواء ،الماء ،البحار ،المواد الغذائية )...وبالتالي
أصبحت حماية البيئة والطبيعة أمرا ضروريا .فليس من الغري ،نتيجة
لذلك ,،اعتبار البيئة حقا من الحقوق األساسية لإلنسان وهو ما أكدته
الجمعية العامة لألمم المتحدة صلب القرار رقم 94 /45لعام ، 1990
بقولها أنه« :تقرر بأن لكل فرد الحق في أن يعيش في بيئة تفي بمتطلبات
)(»صحته ورفاهه
كالجمعية العامة ،المجلس( وقد لعبت أجهزة كثيرة في األمم المتحدة
ولجان UNEPاالقتصادي واالجتماعي ،برنامج األمم المتحدة ,للبيئة
دورا هاما في تأكيد حق اإلنسان في بيئة سليمة ومتوازنة) ،حقوق اإلنسان
ويمكن أن نذكر كأمثلة على األعمال القانونية التي صدرت في هذا
الخصوص ما يلي :اتفاقية «فيينا» لحماية طبقة األوزون (- .)1980
اتفاقية «بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة ,والتخلص منها حبر
الحدود ( - .)1989االتفاقية «اإلطارية» بشأن المناخ ( - .)1992اتفاقية
األمم المتحدة بشأن تغير المناخ ( - .)1994بروتوكول «كيوتو بشأن
التغير المناخي ( .)1997وانسجاما مع هذا التطور وضع المشرع
التونسي جملة من القواعد الزجرية التي تسلط على من يلحق تلوثا
بالمحيط ( .)3لكن ورغم ذلك ،لم يقع االعتراف صراحة من طرف
المجتمع الدولي بالحق في البيئة كحق من حقوق اإلنسان ،مثلما هو الشأن
بالنسبة للحق في إرث مشترك 2 .ـ الحق في التراث اإلنساني المشترك
يجب أن تنتفع جميع الكائنات اإلنسانية من اإلنتاج العلمي والثقافي
للبشرية ،مثلما االستفادة من التراث تنتفع من الثروات الطبيعية
والبيولوجية .ولهذا ,السبب ،تعتر اإلنساني حقا للجميع ( .)٥وفي األصل،
تعني كلمة «تراث» الرصيد الذي يتلقاه اإلنسان من أبيه وينقله إلى أبنائه،
فالمعنى إذن يحيل إلى ملك فردي .لكن أصبح لفظ «تراث» منذ القرن 18
يحمل معنى ملك جماعي « :فليس البشر سوى مؤتمنين على ماك يحق
للعائلة اإلنسانية الكبرى أن تحاسبهم عليه» ( . ٥ويعود مصدر «التراث
المشترك» إلى القانون الروماني الذي اعتبر ما هو غير قابل للتملك من
حى كل الناس ،وبالتالي فهو ملك مشترك للجميع " ،وقد كانت فكرة
الحفاظ على المآثر التاريخية والتحف المنقولة محدودة في البداية ،لكنها
اتسعت اليوم بشكل ملحوظ ،وأصبح مدلول التراث واسعا جذا بفضل
التقدم العلمي والتكنولوجي (التراث االركيولوجي ،الصناعي ،البحري... ،
األدبي ،السينمائي ،)...ولم تعد معايير الحماية ذات بعد جمالي فقط :فكل
شيء من الماضي يمكن من فهم الحاضر يستحق الحماية ،ويثري الئحة ما
يطلق عليه اليوم «بالتراث الجديده ( ) واستجابة لهذه االنشغاالت اعتمد
المؤتمر العام لليونسكو يوم 23نوفمبر 1972اتفاقية من أجل حماية
التراث العالمي الثقافي والطبيعي .إال أنه وبالرغم من اعتراف مختلف
األدوات القانونية بالحق في تراث مشترك لإلنسانية فإن ذلك ,لم يحوله إلى
حق من حقوق اإلنسان ،بأتم معنى الكلمة ،بل تم اعتباره كحق للمجموعة
الدولية ( ،)3أي حقا لإلنسانية .ويترتب عن إقرار ذلك الحق التزام
المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي بحماية وتعزيز المصلحة المشتركة
لجميع الذول ،وبضمان احترام الحق في اإلرث المشترك .وتجدر اإلشارة
إلى أن التقدم العلمي والتكنولوجي رغم آثاره اإليجابية وفوائده ,التي ال
ينكرها أحد ،يمكن أن يستخدم ،بل هو استخدم فعال ضد حقوق اإلنسان في
بعض الحاالت .ولهذا آثاره السيئة وعواقبه الوخيمة على حقوق اإلنسان
بصفة خاصة وحقوق المجموعة الدولية ,بصفة عامة (ؤ) إن ضمان الحق
في التراث اإلنساني المشترك يبقى محدودا ,طالما لم يقع تصنيفه ضمن
حقوق اإلنسان ،وما يترتب عن ذلك التصنيف من تقرير لعقوبات وآليات
كونية تضمن احترام الحق وتدعم عالميته .فما هي اآلليات الكونية لحقوق
اإلنسان؟ وهل يجوز الحدر ،عن حقوق كونية ،بصفة مطلق