Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 26

‫حقوق اإلنسان الموجهة للبشرية‬

‫الثابت أن الهدف األساسى لمنظمة األمم المتحدة هو حفظ السلم واألمن‬


‫الدولين‪ .‬لذلك تم إقرار هذا الهدف صلب المادة‪ ,‬األولى من ميثاق األمم‬
‫المتحدة‪ ,‬في صدارة األهداف التي ترمي المنظمة إلى تحقيقها‪ ،‬ويرجع ذلك‬
‫إلى أمرين أساسين ‪ - :‬أولهما‪ ،‬أن توفير السلم واألمن الدوليين هو الهدف‬
‫الذي ال يمكن بدونه تحقيق األهداف األخرى للمنظمة‪ ،‬فهو إذن الضامن‬
‫األساسي إلدراك الغايات اإلنسانية األخرى‪ - .‬وثانيهما‪ ،‬أن األمم المتحدة‬
‫تم إنشاؤها على إثر الحرب العالمية الثانية نتيجة النتصار الحلفاء على‬
‫دول المحور‪ ،‬لذلك‪ ,‬تنص ديباجة الميثاق على ما يلي ‪ :‬النحن شعوب األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ األجيال المقبلة من ويالت الحرب‬
‫التي تسبيت مرتين لإلنسانية في أحزان يعجز عنها الوصف‪ »,‬وتلجأ‬
‫المنظمة في حفظها للسلم واألمن الدوليين إلى طريقتين أساسيتن (أ‪ :‬تتمثل‬
‫األولى‪ ،‬في اتخاذ التدابير الفعالة المشتركة لمنع األسباب التي تهدد السلم‬
‫وإلزالتها ولقمع أعمال العدوان‪ ,‬وغيرها من وجوه اإلخالل بالسلم‪ .‬وهذه‬
‫هي فكرة األمن الجماعي والتي بمقتضاها تساهم كل دولة‪ ,‬في حفظ السلم‬
‫أو األمن الدولي‪ - .‬وتتمثل الثانية‪ ،‬في اللجوء إلى طرق التسوية وفقا‬
‫لمبادئ العدل‪ ,‬والقانون الدولي لحل النزاعات الدولية ولتسويتها‪ .‬إن‬
‫تكريس أجهزة األمم المتحدة لحق الشعوب في السالم‪ ،‬كحق جوهري‬
‫لإلنسان ولألمم وللشعوب‪ ،‬في العديد‪ ,‬من الوثائق الدولية الصادرة‪ ,‬عنها‪ ،‬ال‬
‫يمكن أن يتحقق عمليا إال عبر االعتراف للمجموعات البشررية بحقها في‬
‫تقرير مصيرها (المبحث األول)‪ ،‬وفرض االعتراف بالحقوق المختلفة‬
‫لمائدة اإلنسانية (المبحث الثاني)‪ .‬المبحث األول‪ :‬حقوق الشعوب وتقرير‬
‫المصير بم إنحام مصطنح حن الشعرب حمن القائؤد الدولي بفضل ميتاى‬
‫األمم الحد‪ ،‬أهداف األمم المتحدة تطوير العالفات الذي نص في مادته‬
‫األولى على أنه ‪ :‬امن جن‬
‫الودية يين الدول‪ ,‬على أساس مبدأ المساواة في الحقوق بين الشعوب وحقهم‬
‫في تقريرا مصير هم ثم وقع إقرار هذا الحق في عديد النصوص القانونية‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬كشرط لممارسة حقوق اإلنسا (الفقرة الثائية)‪ .‬الفقرة‬
‫األولى ‪ :‬االعتراف بحق الشعوب أ‪ -‬التطور التاريحي تشأت مذ القرن‬
‫التاسع عشر دعوة‪ ,‬مفادها أن لكل أمة الحق في أن تكون دولة ‪ .‬مقلة‪ ،‬وهي‬
‫‪»nationalits des‬الدعرة‪ ,‬المعروفة باسم امدأالقوميات‬
‫ولعت هذه الذعرة دورا كبيرا في تفكيك ‪N:lLeprincipe. .‬‬
‫اإلمبراطورية العثمانية وإمبراطورية التمسا والمجر في يبذاية القرن‬
‫العشرين " ‪ -‬كما تجتدت حقوق الشعوب بصفة تدريجية من خالل التطور‬
‫التاريخي الذي بدأ مع الثررة الفرنية‪ ،‬إذ كان حق الشعوب من أهم‬
‫المواضيع السياسية للثورة الفرنسية‪ ،‬كما كان له دور هام في تكوين األمم‬
‫األوروبية خالل القرن التاسع عسر لكن االعتاف الكوني بهذا الحق‪ ,‬لم‬
‫يبرز إال خالل التصف الثاني من القرن العشرين‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن‬
‫مبدأ تقرير المصير لم يكن مطبقا إال في أوروبا وفي القارة األمريكية‪،‬‬
‫وهو الذي كان مصدرا الستقالل الواليات المتحدة سنة ‪ 1776‬وإلنهاء‬
‫االستعمار في دول أمريكا الالتينية‪ .‬ولم تكن فكرة امتداد ذلك المبدأ‪,‬‬
‫للقارتين اإلفريقيةا‪ .‬واآلرية مطروحة‪ ،‬آتذاك‪ ,،‬بالتظر إلى المطامع‬
‫االستعمارية للقرى األوروبية(د)‪ .‬ومع نهاية الحرب العالمية األولى‪ ،‬وجد‬
‫حق الشعوب أرضية جديدة بفضل «النقاط ‪ .‬األربعة عشر‪ ،‬لبرنامج‬
‫الرئيس «ويلسوذ»(‪ )1856-1924‬والذي أصبح مرجعا للدول‪ ,‬المتصرة‬
‫في الحرب من أجل دعم ذلك‪ ,‬الحق وإعادة‪ ,‬رسم الخريطة األوروبية‪ .‬وقد‬
‫جاء في خطابه أن ‪ :‬احق الشعوب في تقرير مصيرها ليس مجرد صيغة‬
‫بل هو مبدأ عمل آمر" ب ال يح مستقبال لرجال الدولة تجاهله وإن حصل‬
‫ذلك فهو يقع تحت مسؤو‬
‫إال أن بعض الفقهاء اعتبر أن البرنامج المذكور لم يتضمن سوى عبارات‬
‫غامفسة وحذرة لم ترق إلى عبارة حق الشعوب في تقرير المصير "أ‪.‬‬
‫أيضا تم االستاد إلى مبدأ القوميات لتبرير بعض الحروب مثل الحرب‬
‫العالمية انية التي شنها األلمان عام ‪ 1939‬بدعرة توحيد كافة الشعوب ذات‬
‫‪ 2‬ويترتب على مبدأ القومات مبدأ( الثقافة الجرمانية في إطار دولة واحدة‪,‬‬
‫‪: « d'eux-mémes‬أساسي وهو مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها‬
‫وهكذا‪ ،‬ونظرا »‪disposer å peuples des droit du principe Le‬‬
‫العتارات سياسية‪ ،‬لم يقع إدراج حق الثمرب في تقرير المصير ب‬
‫«ميثاق عصبة األمم»‪ .‬بيد أنه تم التنصيص على ذلك الحق في إطار‬
‫وفي إعالن ‪«)،‬إعالن األطلسى» الصادر بتاريخ ‪ 14‬أوت ‪٥ 1941‬‬
‫في الفقرة المعنونة ‪ :‬إعالنات( ‪« -m:•.1945‬يالطا» بتاريخ ‪ 11‬فيفري‬
‫‪ .)٠‬وعلى عكس العهد الصادر عن عصبة األمم‪) ،‬حول أوروبا المحررة‬
‫فقد تضمن ميثاق األمم المتحدة‪ ,‬الحق أهداف األمم في تقرير المصير‪ :‬إذ‬
‫نصت المادة‪( 1 ,‬فقرة ‪ )2‬من الميثاق على أنه من بين المتحدة‪ ,‬يندرج‬
‫تطوير «العالقات الردية بين األمم المؤسة على احترام مبدأ المساواة‪ ,‬في‬
‫حقوق الشعوب وخاصة حقهم في تقرير مصيرهم‪ ....‬كما تنص الفقرة ‪1‬‬
‫من المادة‪ 55 ,‬من نفى الميثاق على أنه ‪« :‬رغبة في تهيئة دواعي‬
‫االستقرار والرفاهية الضروريين لقيام عالقات سلمية ودية بين األمم‬
‫مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقفي بالتوية في الحقوق بين الشعوب بأن‬
‫يكون لكل منها تقرير مصيرها‪ ،‬تعمل األمم المتحدة على‪ " .»...‬غير أن‬
‫امتداد‪ ,‬حق الشعوب تم تحديده بواسطة‪ ,‬نفسى الميثاق الذي تضمن تنظيما‬
‫لإلطار القانوني للمستعمرات في إطار ما يسمى ‪ .‬م نظا االحماية» أو‬
‫«الوصاية‪ ,‬على األقاليم التي ما زالت شعوبها غير قادرة على التصرف‬
‫في شؤونها بمفردهاه(؟) ولم تقع إدانة االستعمار بصفة صريحة إال سنة‬
‫‪ 1955‬بمناسية المؤتمر «األفرو‪ -‬آمياوي» المتعقد في «باندونق» حيث‬
‫وقعت المناداة بإنهاء ذلك «الشره‪ ,‬بصفة سريعه‬
‫وبتاريخ ‪ 14‬ديسمبر ‪ ،1960‬وبفضل القرار المعتمد من طرف الجمعية‬
‫تم اإلعالن على منح )‪ (V‬تحت عدد ‪" a 1514‬العامة لألمم المتحد‬
‫االستقالل للدول والشعوب‪ ,‬المستعمرة‪ ،‬ونصت الفقرة األولى من ذلك‬
‫القرار على كون «إخضاع الشعوب إلى االستغالل األجنبي يشكل إقصاء‬
‫للحقوق األساسية لإلنسان‪ ...‬ويهدد السلم والتعاون‪ ,‬الدونيين ‪ .‬كما تضمت‬
‫الفقرة الثانية وحق الشعوب في حرية تقرير مصيرهم وحقهم في ضبط‬
‫نطامهم السياسي ومنهج تنميتهم االقتصادية واالجتماعية والثقافية بكل‬
‫حرية»‪ .‬كما وقع اإلقرار بعمرمية هذا الحق وانطباقه على األقاليم‬
‫الخاضعة للوالية أو غر المستقلة (الفقرة الخامة من القرار)""‪ .‬وإلنفاذ‬
‫ذلك القرار أنشأت الجمعية العامة هيكال ابهيثة االستقإلل»سنة ‪.1961‬‬
‫أيضا‪ ،‬ولضمان القبول العالمي لحى الشعوب ولجعله ذي صبغة إلزامية‪،‬‬
‫تم التصريح يه من طرف الجمعية العامة في عديد المناسبات نذكر منها‪:‬‬
‫الذي اعتبرت من خالله األمم المتحدة «اإلبقاء )‪ (X‬القرار عدد ‪2189‬‬
‫على النظام االستعماري خطرا على األمن واللم الدوليين»‪ ،‬والقرار عدد‬
‫الذي قتن المبادئ السعة للقانون الدولي المتعلقة بالعالقات )‪2625 (xV‬‬
‫الدولية والتعاون‪ ,‬الدولي‪ ,‬ومن بينها مصدأ «المساواة في حو الثعرب وفي‬
‫حق تقرير المصير عالوة على ذلك‪ ،‬أصبح حق الشعوب حقا من حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬كما أدرجت الشعوب» ضمن العهدين الدوليين للحقوق المدنية‬
‫والسياسية والحقوق‪ ,‬االقتصادية واالججماعية والثقافية (لسنة ‪.)1966‬‬
‫وتنص المادة‪ ,‬األولى من العهدين على أن الحق في تقرير المصير هو حق‬
‫عالمي وتدعو‪ ,‬الدول‪ ,‬إلى العمل على تحقيق ذلك الحق واحترامه‪ .‬كما تقر‬
‫حق جميع الشعو في تقرير مصيرها بنفسها‪ ،‬وهي حرة في تقرير مركزها‬
‫السياسي وفي السعي لتحقيق إنمائها االقتصادي واالجتماعي والثقافى (‬
‫"‪ ."3‬فما هي الطبيعة القانونية لحق تقرير المصير؟‬
‫الطبيعة القانونية لحق الشعوب لم يعالج الفقه التقليدي للقانون الدولي هذا ‪-‬‬
‫الموضوع مكتفيا باإلشارة إلى أن األمر يتعلق بمبدأ سياسي‪ ،‬بمعنى أن هذا‬
‫المبدأ‪ ,‬من شأنه التأثير على سلوك الحكومات لكن دون أن يولد على عاتق‬
‫الدول أي التزام قانوني ‪ .‬هذا االتجاه السلبي كان مبررا حتى الماضي‬
‫القريب‪ ،‬إال أنه لم يعد اآلن يعبر عن الرضع الراهن للقانون الدولي‪ ،‬وذلك‪,‬‬
‫على ضوء حركة إنهاء االستعمار‪ .‬فقد أشار ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬كما سق‬
‫بيانه‪ ،‬إلى هذا المبدأ‪ ،‬مما يجعل من الضروري ت حديد المضمون‬
‫الحقيقي لهذا المبدأ‪ ،‬خاصة وأن حق الشعوب في تقرير مصيرها كثيرا ما‬
‫يقع الخلط بينه وبين مفاهيم أخرى قد تبدو متاقضة معه‪ ،‬من ذلك‪ :‬بين حق‬
‫الشعوب في تقرير مصيرها وبين السيادة‪ ,‬أو االستقالل الساسي الخلط‪,‬‬
‫للدول ‪ :‬فالسيادة‪ ,‬تعني في القانون الدولي سلطة وفع القوانين من طرف‬
‫الدولة واحتكار أدوات القمع بدون الخفرع ألي سلطة خارجية‪ .‬ويتعلق‬
‫االستقالل السياسي (الذي تشير إليه المادة ‪ 4 / 2‬من ميثاق األمم المتحدة)‬
‫بالحرية التى تملكها الدول‪ ,‬فيما يتعلق باختيار نظامها‪ .‬في حين يتعلق حق‬
‫تقرير المصير بالشعوب وليس بالدول‪ )2( ,‬الخلط بين أفعال اإلرهاب‬
‫الدولي وممارسة حى تقرير المصير عن طريق الكفاح المسلح‪ :‬الفرق‬
‫واضح‪ ,‬بين اآلمرين فإذا كان اللجوء إلى القوة للتخلص من السيطرة‬
‫االستعمارية ولمقاومة االحتالل الحربي يعد أمرا مشروعا‪ ،‬فإن أعمال‬
‫اإلرها غير مشروعة‪ .‬لذلك‪ ,‬فإن ما تذهب إليه بعض الدول من وصف‬
‫مقاومة االحتالل اإلسرائيلي في فلسطين بأنها أعمال إرهابية‪ ،‬يمثل «كلمة‬
‫حق أريد بها باطل بغاية إكساء االحتالل الحربي بثوت المشروعيةا(ز وقد‬
‫الحظ المؤتمر الدولي‪ ,‬حول حقوق اإلنسان لعام ‪( 1968‬القرار رقم أن‬
‫إخضاع وقهر أي شعب بواسطة شعب آخر يعد انتهاكا خطيرا لإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان‪ .‬وقرر المؤتمر حق المقاتلين الذين يدافعون من‬
‫أجل حرية بالدهم وتحريرها من االستعمار واالحتالل الحربي في أن‬
‫يعاملوا‪ ،‬إذا وقعوا في األسر‪ ،‬معاملة أسرى الحرب وفقا التفاقية «جنيف»‬
‫لعا ‪ .1949‬كمااعتبر البروتوكول اإلضافي األول لعام (‪ )1‬عبدالعزيز‬
‫محمد سرحان‪« ،‬اإلطار القانوني لحقوق اإلنسان في القانون الدولي»‪،‬‬
‫المرجع السابق‪)2( ،‬المر‪ .‬السابق‪ ،‬ص ‪ ) .347‬احمدر الرنا‪ ،‬المرجع‬
‫البي‪ ،‬هد‬
‫حروب التحرير الوطنية وصوال إلى حق تقرير المصير من قبيل ‪1977‬‬
‫المنازعات ذات الطايع الدولي‪( ,‬المادة ‪ . )1‬إن مبدأ حق الشعوب في تقرير‬
‫مصيرها‪ ،‬كقاعدة من قواعد القانون الدولي العام مازالت تكتتفه بعض‬
‫الصعوبات بخصوص التطبيق‪ ،‬وهي صعوبات متولدة عن غموض المبدأ‬
‫في حد ذاته‪ ،‬ويمكن ردها إلى ثالث اعتبارات أساسية ‪(:‬د) لم يوضح‬
‫‪ L'auto-‬ميثاق األمم المتحدة ما المقصود بتقرير المصير‬
‫وهذا‪ ,‬تولد عته اختالف في التأويل والتفير لدى الفقهاء ‪détermination،‬‬
‫مبدأ قانويا يدخل ضمن القواعد‪ ,‬االمرة ‪» Tunkin‬حيث ‪ :‬اعتبره اتينكان‬
‫»و«شارل دفشار ‪» Paul Reuter‬أما «بول رويتر ‪Cogens Jus،‬‬
‫فقد اعتبراه مبدأ سياسيا غر قانوني‪ .‬إن ‪V1sscher de Charles‬‬
‫االخالف في طيعة المدأ‪ ,‬له تأثير من ناحية التطبيق ‪ :‬فإن اعتبرناه مبدأ‬
‫قانونيا فهو يطيق في كل الحاالت وبدون استثناء‪ ،‬أما إذا اعتبرناه مبدأ‬
‫سياسيا فهذا يجعله يتسم نالتية بما يترك للدولة الحرية في تطيقه من عدمه‪،‬‬
‫وهي حالة تنطبق على وضعية الشعب الفلطيتي (من قل إسرائيل) وعدة‬
‫أقاليم أخرى‪ - .‬ميثاق منظمة األمم المتحدة‪ ,‬لم يحدد أيضا ما المقصود‬
‫بمصطلح «الشعب» مما جعل الغموض يكتنفه‪ - .‬نتيجة هذا الغموض‬
‫أصبح اليوم لمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها عدة معان ‪- :‬الكان في‬
‫االختيار الحر لنظام الحكم الذي يرتضونه‪ ،‬دون أي تدخل من الخارج‪• .‬‬
‫حق األقالت في االنفصال عن الدول التي تنتمي إليها وتكوين دولة جديدة‬
‫أو االنضمام إلى دولة‪ ,‬أو دول‪ ,‬أخرى‪ .‬حن سكان أي إقليم في أال يكونوا‬
‫وإقليمهم محال للتنازل دون موافقتهم الحرة في إطار استفتاء‪ .‬أما محكمة‬
‫العدل‪ ,‬الدولية‪ ,‬فقد اعتبرت حق الشعوب في تقرير المصير قاعدة آمرة‪،‬‬
‫)(( بمعنى أن كل مخالفة له ترتب المسؤولية‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬أصيح حق الشعوب حقا من حقوق اإلنسان‪ ،‬يندرج‬
‫ضمن الجيا اننت من مدم القرق)))‪ ،‬كما أرجت الشعوب من المهدين‬
‫الدري ة باعتبارها موضوعا من مواضيع حقوق اإلنسان‪ .‬الفقرة الثانية ‪:‬‬
‫حقوق الشعوب وحقوق اإلنسان بالرجوع إلى اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان ال نجد تنصيصا يخص حى الشعوب في تقرير مصيرها‪ .‬وقد تم‬
‫تفادي هذا التقص بمناسبة إصدار العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية‪ ،‬واالقتصادية واالجتماعية والثقافية (لسنة ‪ )1966‬حيث‬
‫أدرج حق الشعوب في منظومة حقوق اإلنسان (‪ .)٥‬ويبقى حريا في هذا‬
‫المجال تعريف مصطلح «الشعوب» التي من أجلها خلق حق تقرير‬
‫المصير (أ)‪ ،‬قبل مقارنة ذلك الحق بحقوق اإلنسان‪( ،‬ب)‪ ،‬وصوال إلى‬
‫إبراز كون هذا الحق يبقى حقا إنسانيا وشرطا ضروريا لممارسة بقية‬
‫الحقوق (ج)‪ .‬أ‪ -‬معنى الشعوب لم تعرف النصوص القانونية لمنظمة األمم‬
‫المتحدة‪ ,‬مصطلح «الشعوب» نظرا لكون حق الشعوب ال يرتبط بالمميزات‬
‫الخاصة لمجموعة ما‪ ،‬وإنما بالوضعية التي توجد فيها تلك المجموعة (‪.)٥‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ,‬تعتبر األمم المتحدة‪ ,‬أن االستعمار ينتح عن المميزات‬
‫الجغرافية المختلفة والخصائص اإلثنية والثقافية المتباينة لتلك األناليم‪،‬‬
‫والممزوجة باعتبارات سياسية معينة‪ .‬كما ترى أن وجرد الشعوب يتوقف‬
‫على خضوع تلك الشعوب لهيمنة أجسه لذلك ال بد من التمييز بين مفهوم‬
‫فإذا كان السكان ‪ (peuple)،‬ومفهوم «الشع )‪» (population‬االسكان‬
‫عنصرا مؤسسا للدولة‪ ،‬فإنه يفترض في الشعب أن يسعى إلى االستقالل‬
‫من أجل تكوين الدولة (و‬
‫وإلى حدود‪ ,‬الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كانت الدول‪ ,‬تمثل الموضوع‪"..‬‬
‫الرئيسي للقانون الدولي‪ .‬لكن مع تطور العالقات الدولية برزت أشخاص‬
‫جديدة لهذا‪ ,‬القانون تمثلت خاصة في الشعب الذي أصبح يشكل موضوعا‬
‫للقانون الدولي منذ ميثاق ‪ (1945‬و أمبح من الممكن التصريح بأن صفة‬
‫اشخص» أو «موضوع القانون الدولي ال تمتح فقط لمن يتمتع بالشخصية‬
‫القانونية الدولية‪ ،‬وإنما لمن يتمتع بحق من الحقوق‪ ،‬وهو ما سمج بحل‬
‫اإلشكال الكالسيكي الذي يمكن بمقتضاه لشعب‪ " " .‬تحت سيطرة‬
‫االستعمار أن يتمتع بحقوقه في إطار القانون الدولي اعتمادا على امتياز‬
‫الشخصية القانونية للوطن اال " أ‪ .‬لكن هذا الرأي يجب األخذ به على‬
‫إطالقه‪ ،‬إذ ال بد من وجود‪ ,‬اعتراف من طرف المجتمع الدولي لتكييف‬
‫جماعة ما بأنها شعب‪ ،‬وبالتالي منحها الحق في تقرير المصير‪ .‬فعلى‬
‫الشعب أن يثبت وجوده بواسطة المقاومة حتى تعترف به المجموعة‬
‫الدولية ("‪ .‬وهنا تطرح مشكلة األقليات الموجودة داخل دولة‪ ,‬ما‪ ،‬إذ كثيرا‬
‫ما تتجنتب المجموعة الدولية حماية تلك األقليات خوفا من خرق مبدأ‬
‫«عدم التدخل في الشؤون الوطنية للدول»‪ .‬وفي الواقع توجد قريئة على‬
‫تمثل الدولة لألقليات الموجودة على إقليمها‪ ،‬وال يمكن دحض تلك القرينة‬
‫إال في صورة ممارسة تلك الدولة‪ ,‬العتداءات ضد األقليات أو انتهاكها‬
‫لحقوقها بصورة واضحة‪ ،‬وهو ما يشرع حينئذ تدخل المجتمع الدولي‬
‫لحماية حقوق تلك الشعوب أ ‪ .‬ب ‪ -‬التمييز بين حق الشعوب وحقوق‬
‫اإلنسان في النظام الدولي طالما شكلت حقرق اإلنسان وحقوق الشعوب‬
‫محورا رئيسيا للتطورات الفعلية للمجتمع الدولي المعاصر‪ .‬إال أن التقارب‬
‫بين فئتي الحقوق ال يمكن أن يحجب االختالف الجوهري بيتهما‪ .‬فإذا كانت‬
‫حقوق اإلنسان حقوقا فردية باألساس (ولو أنها قد تمارس بصفة جماعية)‪،‬‬
‫فإن حق الشعوب يبقى حقا جماعيا يفرض مشاركة كل المجموعة الوطنية‬
‫‪( ".‬‬
‫لكن يبقى للدولة‪ ,‬الفضل في وجرد الفرد أو الشعب كأشخاص للقانون‬
‫الدرلي‪ .‬فحقوق اإلنسان ال يمكن معارضة الدولة‪ ,‬بها إال بعد مصادقة‬
‫الدول عليها ضه األدوات القانونية التعاهدية‪ .‬أما بالنسبة لحق الشعوب‪،‬‬
‫وبالتالي ال ‪ (-o) jus ٢en"،‬فقد تم تصنيفه ضمن القواعد القانونية اآلمرة‬
‫تخضع تلك الحقوق ألي استثناء وهي ملزمة لجميع الدول‪ ,.‬بيد أن الشعب‬
‫ال يمكن أن يتمتع بحقوقه‪ -‬بصفة تامة‪ -‬إال عبر وجرد شكل الدولة‪ ،‬ومن‬
‫حالل االعتراف بذلك الشعب كدولة‪ .‬أما بالنسبة للشعوب المستعمرة فال‬
‫يمكنها االستناد على الدول التي تمثلها (المستعمر) لنيل حقوقها‪ ،‬بل أن‬
‫اختصاص هذه الدول في هذا اإلطار يمثل نفيا لحى الشعوب‪ .‬لذلك‪ ,‬ال‬
‫يمكن حماية حقوق الشعوب إال عبر االعتراف الدولي بالشعب‪ ،‬وهو ما‬
‫يسمح بتدخل المجموعة الدولية‪ ,‬لتنفيذ ذلك الحق (‪ . 3‬كذلك يمثل تطبيق‬
‫حق الشعوب آلية أساسية لضمان تحقيق بقية حقوق اإلنسان‪ ،‬وخاصة إذا‪,‬‬
‫أخذنا بعين االعتار الطابع الوطني لحق الشعوب‪ .‬ج‪ -‬حق الشعوب في‬
‫تقرير المصير شرط لممارسة كل حقوق اإلنسان ال بد من التعرض في‬
‫التي ‪» Chaumont CharIes‬هذا السياق إلى مقولة شارل شومن‬
‫يصرح ضمنها بأنه «يوجد في كل شخص شع بأكمله‪ ،‬وفي كل شعب‬
‫إنسان‪ ...‬وأن كل حق للشعوب هو حق من حقوق اإلنسان‪ ،‬وذلك من‬
‫منطلق أن كل شعب حاضر في كل إنسان يجعله بالضرورة منتميا إلى تلك‬
‫الشعو‪ ."9(8,‬يستنتج من تلك المقولة أن كل فرد معني ‪ -‬بصفة شخصية‪-‬‬
‫بحقوق الشعوب‪ ،‬ذلك أن تحقيق التنمية للجميع يمثل شرطا وأداة‪ ,‬لتطور‬
‫كل واحد‪ ,.‬بمعنى آخر ال يمكن ألي فرد أن ينعم بالحرية ويتمتع بحقوقه إذا‬
‫كان يعيش في إطار شعب سلبت منه مقومات السيادة‪ ,‬وحرية تقرير‬
‫المصير‪ .‬ففي غيات سلطة اتخاذ القرار «ال يمكن أن تتوفر حقوق اإلنسان‬
‫على تلك األراضي ‪ -‬بصفة كاملة ‪ -‬وال يمكن لإلنسان أن يكون حرا ما لم‬
‫يسمح له نأن يتحرر من جميع أشكال االستعمار‪ ،‬االستغالل‪ ،‬الهيمنة‬
‫األجنبية واالستبدادو(")‪ .‬فإذا كان الحق في تقرير المصير شرطا أساسيا‬
‫لممارسة بقية حقوق اإلنسان‪ ،‬فهل أن ذلك الحق كاف لضمان الحقوق‬
‫والحريات العامة؟‬
‫لكن يبقى للدولة‪ ,‬الفضل في وجرد الفرد أو الشعب كأشخاص للقانون‬
‫الدرلي‪ .‬فحقوق اإلنسان ال يمكن معارضة الدولة بها إال بعد مصادقة‬
‫الدول عليها ضه األدوات القانونية التعاهدية‪ .‬أما بالنسبة لحق الشعوب‪،‬‬
‫وبالتالي ال ‪ (-o) jus ٢en"،‬فقد تم تصنيفه ضمن القواعد القانونية اآلمرة‬
‫تخضع تلك الحقوق ألي استثناء وهي ملزمة لجميع الدول‪ ,.‬بيد أن الشعب‬
‫ال يمكن أن يتمتع بحقوقه‪ -‬بصفة تامة‪ -‬إال عبر وجرد شكل الدولة‪ ،‬ومن‬
‫حالل االعتراف بذلك الشعب كدولة‪ .‬أما بالنسبة للشعوب المستعمرة فال‬
‫يمكنها االستناد على الدول التي تمثلها (المستعمر) لنيل حقوقها‪ ،‬بل أن‬
‫اختصاص هذه الدول في هذا اإلطار يمثل نفيا لحى الشعوب‪ .‬لذلك‪ ,‬ال‬
‫يمكن حماية حقوق الشعوب إال عبر االعتراف الدولي بالشعب‪ ،‬وهو ما‬
‫يسمح بتدخل المجموعة الدولية‪ ,‬لتنفيذ ذلك الحق (‪ . 3‬كذلك يمثل تطبيق‬
‫حق الشعوب آلية أساسية لضمان تحقيق بقية حقوق اإلنسان‪ ،‬وخاصة إذا‪,‬‬
‫أخذنا بعين االعتار الطابع الوطني لحق الشعوب‪ .‬ج‪ -‬حق الشعوب في‬
‫تقرير المصير شرط لممارسة كل حقوق اإلنسان ال بد من التعرض في‬
‫التي ‪» Chaumont CharIes‬هذا السياق إلى مقولة شارل شومن‬
‫يصرح ضمنها بأنه «يوجد في كل شخص شع بأكمله‪ ،‬وفي كل شعب‬
‫إنسان‪ ...‬وأن كل حق للشعوب هو حق من حقوق اإلنسان‪ ،‬وذلك من‬
‫منطلق أن كل شعب حاضر في كل إنسان يجعله بالضرورة منتميا إلى تلك‬
‫الشعو‪ ."9(8,‬يستنتج من تلك المقولة أن كل فرد معني ‪ -‬بصفة شخصية‪-‬‬
‫بحقوق الشعوب‪ ،‬ذلك أن تحقيق التنمية للجميع يمثل شرطا وأداة‪ ,‬لتطور‬
‫كل واحد‪ ,.‬بمعنى آخر ال يمكن ألي فرد أن ينعم بالحرية ويتمتع بحقوقه إذا‬
‫كان يعيش في إطار شعب سلبت منه مقومات السيادة‪ ,‬وحرية تقرير‬
‫المصير‪ .‬ففي غيات سلطة اتخاذ القرار «ال يمكن أن تتوفر حقوق اإلنسان‬
‫على تلك األراضي ‪ -‬بصفة كاملة ‪ -‬وال يمكن لإلنسان أن يكون حرا ما لم‬
‫يسمح له نأن يتحرر من جميع أشكال االستعمار‪ ،‬االستغالل‪ ،‬الهيمنة‬
‫األجنبية واالستبدادو(")‪ .‬فإذا كان الحق في تقرير المصير شرطا أساسيا‬
‫لممارسة بقية حقوق اإلنسان‪ ،‬فهل أن ذلك الحق كاف لضمان الحقوق‬
‫والحريات العامة؟‬
‫قد يكون من الصعب اإلقرار بذلك‪ ،‬ألن تحرير المجموعة ال يتبعه حتما‬
‫تحرير الفرد"")‪ .‬لذلك فإنه يكون من الضروري أن تنشأ دولة تحترم‬
‫التعددية‪ ,‬الديمقراطية‪ ،‬مبدأ الفصل بين اللط‪ ،‬استقالل اللطة‪ ,‬القضائية‪ ،‬مبدأ‬
‫سيادة القانون‪ ...‬وبالكالي ضمان حن الشعب في اختيار حكومته‪ ،‬ونظامه‬
‫االقتصادي والسياسي واالجتماعي‪ .‬فمن خالل االمتداد الوطي لحق‬
‫الشعب في اختيار حكومته‪ ،‬ونظامه االقتصادي والياسي واالجتماعي‪،‬‬
‫وعر تخلصى الناس من االستعمار (خارجيا كان أم داخليا)‪ ،‬يمكن أن‬
‫تتوفر الحماية الوطنية والدوئية لحقوق اإلنسان بفضل إرساء الحق‪ ,‬في‬
‫تقرير المصير‪ .‬غير أنه يالحظ أن بعفى الشعوب التي تخلصت من‬
‫االستعمار لم تتطع أن تتحصل على حرية تقرير مصيرها ببب األنظمة‬
‫الدكتاتورية التي حلت محل الهيمنة األجنبية‪ ،‬وهو ما يرز خاصة في‬
‫بعض الدول‪ ,‬اإلفريقية و ‪ .‬كذلك‪ ،‬انطالقا من الرغية الجامحة للشعوب نحو‬
‫الحرية‪ ،‬وألن استمرار االستعمار يميع تتمية التعاون االقتصادي الدولي‬
‫ويعوق التطور االجتماعي والثقافي واالقتصادي للشعوب الخافعة‬
‫لالستعمار‪ ،‬وألن عملية التحرر ال يمكن مقاومتها أو التراجع عنها‪ ،‬فقد‬
‫تت الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬صلب قرارها رقم ‪ 1514‬لعا ‪،1960‬‬
‫«إعالن مح االستقالل للبلدان والشعوب‪ ,‬المتعمرة»‪ ،‬والذي أعلكت فيه ‪) :‬‬
‫ضرورة وضع نهاية سريعة وغير مشروطة لالستعمار بكافة صوره‬
‫ومظاهره‪ - .‬أن خضوع الشعوب لليطرة‪ ,‬األجنبية يعد إنكارا لحقوق‬
‫اإلنسان األساسية‪ - .‬حق كل الثعوب في تقرير مصيرها‪ - .‬أن عدم‬
‫االستعداد‪ ,‬الياسي أو االقتصادي أو التعليمي أو االجتماعي ال يجوز أن‬
‫يتخذ ذريعة لتأخير االستقالل‪ - .‬ضرورة اتخاذ الخطوات الضرورية لنقل‬
‫السلطات إلى شعوب األقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي‪ .‬كذلك أكدت‬
‫الجمعية العامة في إطار قرارها رقم ‪ 84/51‬لعام ‪ 1996‬على أن االنجاز‬
‫الكامل لحق كل الشعوب في تقرير المصير هو الشرط الجوهري‬
‫والضمان‪ ,‬الفعلي لحقوق اإلنسان وللمحافظة عليها وتعزيزها‪ .‬وفي قرارها‬
‫رقم ‪ 113/52‬لعا ‪ 1997‬طالبت الجمعية العامة بالتحقيق العالمي‬
‫لحق الشعوب في تقرير مصيرها‪ .‬كما ‪universelle réalisation La‬‬
‫أكدت في إطار القرار رقم ‪ 134/53‬لعام ‪1998‬‬
‫معارضتها لكل أعمال التدخل العكري والخارجي والعدوان‪ ,‬التي تقوم بها‬
‫بعض الدول‪ ,.‬أما في قرارها رقم ‪ 112/52‬لعام ‪ ،1997‬فقد أدانت الجمعة‬
‫العامة استخاا المرتزقة كوسيلة النتهاك حقوق اإلنسان وإلعاقة حق‬
‫الكعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬لتؤكد صلب قرارها رقم ‪ 2625‬على أن‬
‫خضوع الشعوب لالستعمار «يشكل عقبة أساسية أمام تحقق السلم واألمن‬
‫الدوليين»‪ )(.‬إن حق الشعوب في تقرير مصيرها يمكن الكظر إليه من هذه‬
‫الناحية بصورين مختلفتين هما ‪ :‬فهو من ناحية‪ ،‬يبدو كمبدأ ديمقراطي‬
‫يحتم أن تكون التغييرات اإلقليمية خاضعة للموافقة الحرة للسكان الذين‬
‫يخصهم األمر‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يمكن الدظر إليه على أنه ثوري يطلب‬
‫من السكان أنفسهم تقرير الوضع‪ ,‬الدولي‪ :‬فإذا كان المفهوم ها االلتجاء إلى‬
‫االستفتاء الشعبي األول يتطلب إلعمال مبدأ حق الشعوب في تقرير مصير‬
‫عندما يتعلق األمر بالتنازل عن اإلقليم أو تكوين دولة جديدة‪ ،‬فإن المفهوم‬
‫الثاني يقتضي من الجماعات الوطنية أن تحدد بحرية وفعها الدولي وأن‬
‫يكون لها حق تكوين دولة بما في ذلك إمكانية االنفصال بالنسبة للشعوب‬
‫التي تتكون منها إحدى الدول‪ . ,‬محكمة العدل وفي هذا اإلطار صدر‬
‫بتاريخ ‪ 2010/7/22‬رأى استشاري عن الدولية يعلن استقالل‬
‫«كوسوفوو‪ ،‬وهكذا فقد أيدت المحكمة إعالن االستقالل الصادر‪ ,‬عن‬
‫السلطة «الكوسوفية» بتاريخ ‪ 2008 /2/17‬واعتبرته غير مخالف لقواعد‪,‬‬
‫القانون الدولي‪ .‬كما اعتمدت لجنة الشؤون‪ ,‬االجتماعية والثقافية واإلنسانية‬
‫التابعة للجمعية العامة لألمم المتحدة بتاريخ ‪ 2009 /11/14‬مشروع قرار‬
‫بعنوان « حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ا‪ ،‬ويحث القرار جميع‬
‫الدول والوكاالت المتخصصة على مواصلة‪ ,‬دعم الشعب الفلسطيني‬
‫ومساعدته على نيل حقه في تقرير المصير في أقرب وقت‪ 140 .‬دولة‪,‬‬
‫مشروع القرار‪ .‬وجدير بالذكر أنه ألول مرة تتبنى أيضا أصبحت دولة‪,‬‬
‫«جنوب السودان»‪ ,‬العضو ‪ 193‬في األمم المتحدة بعد أن أعلن عن‬
‫استقاللها بتاريخ ‪ 9‬جويلية ‪ .2011‬ويأتي هذا االعتراف من األمم المتحدة‬
‫بدولة جنوب السودان‪ ,‬بعد أن أوصى مجلس األمن الدولي الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة‪ ،‬بضم دولة جنوب السودان‪« ,‬الوليدة» إلى عضوية المنظمة‬
‫الدولية‪ .‬وذكر البيان‪ ،‬الصادر في ختام اجتماع مجلس األمن‪ ،‬أن «أعضاء‬
‫المجلس‪ ,‬يقبلون برضاء تام عضوية دولة جنوب السودان‪ ،‬والتي يعتقدون‬
‫بأنها ستلتزم بأهداف ومبادئ ميثاق األمم المتحدة»‪ ،‬وخاطب األمين العام‬
‫لألمم المتحدة‪ ،‬بان كي مون‪ ،‬الجلسة قائال‪« :‬كأي وليد‪ ،‬فإن‬
‫جنوب السودان‪ ،‬الذي يحتل المرتبة األخيرة في كل مؤشرات التنمية‪،‬‬
‫بحاجة إلى ماعدة؟‪ ،‬وأضاف قوله‪« :‬إن مسؤولياتنا كبيرة‪ ،‬ودور‪ ,‬األمم‬
‫المتحدة‪ ,‬حيوي‪ ،‬ولكنه معقد‪ ،‬علينا مواصلة‪ ,‬المساعدة‪ ،‬مساعدة الدولة‬
‫الجديدة لتصبح أمة‪ ،‬وتثبيت دعائم المكاسب في المنطقة» "أ)‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن‬
‫حق الشعوب في تقرير مصيرها ال يتعلق بشروط التغييرات اإلقليمية‬
‫والسياسية‪ ،‬بل يهتم بقدرة الشعوب على إحداث هذه التغييرات‪ .‬وقد كانت‬
‫البالد‪ ,‬التونسية‪ ،‬بفضل المقاومة‪ ،‬من أول الدول التي تحصلت على‬
‫استقاللها‪ .‬وكان هذا االستقالل موضوع مناقشات عديدة‪ ,‬في أروقة منظمة‬
‫األمم المتحدة‪ ،‬وشكل في ذلك الوقت سابقة اقتادت بها منظمة األمم المتحدة‬
‫على المستوى اإلجرائي والموضوعي من أجل تأويل حق الشعوب في‬
‫تقرير المصير كحق للحصول على االستقالل) ‪ .‬كذلك كافحت البالد‬
‫التونسية من أجل تجسيد حق الشعوب في تقرير المصير‪ ،‬وساندت‬
‫المجهود‪ ,‬الدولي في مجال تحرير الشعوب من االستعمار ‪ :‬فناهضت‬
‫االستعمار الموجود‪ ,‬في الجزائر‪ ،‬الكنغو‪ ،‬نميبيا وفلسطين في وقت فرضت‬
‫فيه القواعد الدولية على الدول‪ ,‬عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول‬
‫األخرى (ا‪ .‬كما نص الدستور التونسي لعام ‪( 1959‬في التوطئة) على حق‬
‫الشعوب في تقرير المصير وما يترتب عنه من تضامن الشعوب المناضلة‬
‫من أجل الحرية والعدالة‪ ,.‬أيضا‪ ،‬مثلت الثورة التونسية (من ‪ 17‬ديسمبر‬
‫‪ 2010‬إلى ‪ 14‬جانفي ‪ ،)2011‬فرصة لنشأة شرعية ديمقراطية جديدة‬
‫تستند على حق الشعب في اختيار نظامه السياسي‪ ،‬االقتصادي والثقافي‪.‬‬
‫فالشعب التونسي الذي انتفض ضد النظام الدكتاتوري الذي عانى من‬
‫استبداده وظلمه وطغيانه‪ ،‬من حقه أن يختار نظامه السياسي عبر انتخابات‬
‫حرة ونزيهه عديدة هي الثورات التي قامت في العالم ضد الطغاة‬
‫والمستبدين‪ ،‬ولكن الثورة‪ ,‬الشعبية التي قامت في تونس لم تثبه ما سبقها من‬
‫ثورات‪ ،‬فكل ثورة لها منظروها إال ثورة تونس فهي ثورة شعبية قادها‬
‫الشباب‪ ،‬عبر شبكات التواصل‪ ,‬االجتماعي الفايسبوك»‪ ،‬تعبيرا عن‬
‫رفضهم القاطع لكل أشكال االحتقار واإلهانة‪ .‬إنها ثورة‬
‫الكرامة والعزة واألنفة‪ ،‬بل هي انفجار رهيب لتراكمات عشرات السنين‬
‫من الصبر عل كل أشكال االستعباد واإلذالل واالحتقار وقمع حرية التعبير‬
‫والتجمع‪ ...‬كما لم تتقيد الثورة بمكان وال زمان بل عمت كل األماكن‪ ،‬في‬
‫المدن‪ ,‬والقرى واألرياف‪ .‬إن هذه الثورة الشعبية التي أذهلت العالم وجعلت‬
‫الدول العظمى قل الصغرى تقف وقفة احترام وإكار وإجالل لتونس‬
‫تترجمها كلمة األمين العام لألمم المتحدة‪« ,‬بان كي نقف اليرم في طليعة‬
‫أكثر األحداث الملحمية مون» الذي صرح بأن «الشعب التونسي ‪ .‬في‬
‫القرن الواحد‪ ,‬والعشرين‪ ،‬وبأن مستقبل الشعب ملك له وحده‪ ...‬وأنه على‬
‫منظمة لمساعدة‪ ,‬الحكومات األمم المتحدة أن تتأقلم مع هذه التحوالت‬
‫الكبيرة وأن تسعى العربية في دعم حقوق اإلنسان واإلصغاء إلى المطالت‬
‫من أجل الحرية‪ ...‬وأنه من مسؤولية المجتمع الدولي االستماع إلى صوت‬
‫الشباب الذي يصنع ثورات العالم العربي‪ ...‬ودعم حق الشعوب العربية في‬
‫الكرامة والحرية والعدالة‪ )(6...‬لقد مثلت الثورة الشعبية امن خالل‬
‫التضحيات الكبيرة» التي قدمتها مختلف فئات المجتمع (‪ "3‬ثورة «ذات‬
‫أبعاد كونية» ناهيك أنها تحولت من «مثال» إلى «قاعا‪.‬ة؟‪ ،‬فقد انتقلت‬
‫التجربة التونسية إلى مصر ثم بسرعة مهولة إلى عديد البلدان العربية‬
‫(اليمن‪ ،‬سوريا‪ ،‬األردن‪ ،‬البحرين‪ ،‬ليبيا‪ )...‬وأصبحت قاعدة جماهيرية في‬
‫استرداد‪" ,‬الحقوق ونورا حرك األمل عند شعوب األمة العربية‪ :‬فرفعت‬
‫همم المناضلين من أجل الحرية‪ ،‬وبدأت األنظمة العرية تتسارع‪ ،‬خالفا لما‬
‫كان سائدا‪ ،‬لمراجعة سياساتها من خالل إعادة الكظر في ارتفاع األسعار‬
‫وتخفيض أسعار المواد‪ ,‬الضرورية‪ ،‬منح التسهيالت والقروض‪ ،‬تقديم‬
‫تصورات لحل مشاكل البطالة‪ ,‬وإصدار تعليمات مشددة لرجال األمن‬
‫بحسن التعامل مع المواطنين‪ ...‬بل هناك من الرؤساء من قام (في محاولة‬
‫يائسة) بإسقاط حكومته ابتغاء مرضاة شعبه (مصر‪ ،‬اليمن‪ ،‬سوريا‪ .)...‬إن‬
‫ما جرى في ليبيا واليمن‪ ،‬وما حدث من تطورات في سوريا (منذ مطلع‬
‫‪ ،)2011‬يؤكد المدى الذي وصل إليه استهتار قيادات هذه البلدان بشعوبها‬
‫بحيث باتت ال تتورع عن استباحة دمائها وارتكاب المذابح‪ ,‬في حقها في‬
‫سبيل التمسك بنظام حكم تجاوزه التاريخ وبات مفتقدا لكل شرعية بحكم‬
‫تربعها عليه لمدة طويلة متفاوتة فاقت احتمال تلك الشعوب فدفعتها إلى‬
‫‪.‬االنتفاضة عليها وعلى ممارسات أنظمتها الفاسدة والمستبدة‪,‬‬
‫هؤ الء الحكام وغرهم عجزواعن فهم عجلة التاريخ كما فشلوافي استيعاب‬
‫دروس ثورتي تونس ومصر‪ ،‬واعتقدوا‪ ,‬خاطثين أن بمقدورهم االستمرار‬
‫في إركاع الشعوب (باستعمال العف وقوة السالح) التي أقرت العزم على‬
‫المطالبة بحقوقها في الكرامة والحرية والمساواة‪ ...‬لقد أكدت الثورات‬
‫العربية أن عهد االستعباد قد ولى إلى غير رجعة وأن على األنظمة‬
‫العربية المحتلفة أن تدرك بأن خالصها واستمراريتها يكمنان في مسايرة‬
‫مطالب مواطنيها واالستجابة لمطامحهم المشروعة في تقرير مصيرهم‪.‬‬
‫إن حماية حقوق اإلنسان تبقى رهينة توفر نظام دولي يؤمن بحق الشعوب‬
‫في تقرير المصير‪ ،‬ويسوده األمن والتعاون‪ ,‬الدوليين‪ ,‬ألجل ضمان الحقوق‬
‫المشتركة بين جميع البشر‪ ،‬وحماية حقوق اإلنسانية جمعاء‪ .‬المبحث الثاني‬
‫‪ :‬حقوق اإلنسانية هل يجوز باإلضافة إلى الحقوق المكتبة‪ ،‬المصرح بها‬
‫ضمن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وغيره من المعاهدات‪ ،‬المطالبة أو‬
‫البحث عن حقوق جديدة لإلنسان؟ هل توجد حقوق تشترك فيها البشرية‬
‫جمعاء؟ وماذا يقصد باإلرث المشترك لإلنسانية؟ االنطالق من فكرة أن‬
‫اإلقرار بكونية المنتفعين لإلجابة عن هذه التاؤالت يجب بحقوق اإلنان قد‬
‫ساهم في تضافر الجهود‪ ,‬الدولية من أجل حماية جميع الحقوق التابعة‬
‫للبشر بما فيها تلك التي تشترك فيها اإلنسانية‪ ،‬أو بما يعرف بحقوق‬
‫التضامن اإلنساني‪ .‬فالكونية والتضامن‪ ,‬يهدفان إلى نفس الغرض وهو‬
‫اإلقرار بالتراث الموحد والمشترك للعائلة اإلنسانية‪ .‬لذلك البد من مشاركة‬
‫كل المجموعة الدولية ألجل ضمان توفير وحماية حقوق التضامن‬
‫اإلنساني‪ .‬وقد أعتبرت اإلنسانية‪ ،‬دوما‪ ،‬شخصا جديدا من أشخاص القانون‬
‫الدولي‪ ،‬وهذا ما يمنح طبيعة قانونية للمجموعة الدولية‪ ,.‬فهي تبرز إذن‬
‫كشخص من أشخاص القانون الدولي يتمتع بحقوق وواجبات يمنحها له‬
‫النظام القانوني‪ ،‬كما تعبر البشرية عن ذاتها عن طريق المجتمع الدولي‬
‫من خالل منظمة األمم المتحدة‪ .‬وهكذا تمثل البشرية «شخصا» للقانون‬
‫الدولي مختلفا عن الدول‪ ,،‬الشعوب واألفراد ""‪ .‬ألجل ذلك‬
‫تدعم حقوق التضامن عالمية حقوق اإلنسان باعيارها تنتج عن تفاعل كل‬
‫األطراف االجتماعية على الصعيد الوطني أو الدولي")‪ .‬وقد طرح ظهور‬
‫هذا الجيل من الحقوق العديد‪ ,‬من التساؤالت على الصعيد‪ ,‬العلمى‬
‫والتكنولوجي وما تبعهما من أخطار تهدد الفرد والكائن البشري بصفة‬
‫عامة (الفقرة األولى)‪ ،‬وفرض االعتراف بحقوق مختلفة لفائدة اإلنسانية‬
‫(الفقرة الثانية)‪ .‬الفقرة األولى ‪ :‬بروز حقوق التضامن يمثل ظهور حق‬
‫التضامن كحق جديد على الصعيد الدولي نتيجة للتطورات الحاصلة في‬
‫شتى الميادين‪ .‬وقد مرت هذه التطورات بالنسبة للحق في التضامن من مر‬
‫حلة اكتسا صفة القاعدة القانونية (أ)‪ ،‬إلى مر حلة االعتراف بحق التضامن‬
‫كحق من حقوق اإلنسان (ب)‪ .‬أ‪ -‬الحق في التضامن كقاعدة قانونية إن‬
‫بلوغ المعايير القانونية يشكل فضمانة لحقوق التضامن من أجل اإلحراز‬
‫على قوة القاعدة القانونية‪ .‬إال أن هذه الحقوق تبقى دونما وصلت إليه بقية‬
‫حقوق اإلنسان في هذا المجال‪ .‬أيضا وفي إطار حقوق التضامن ذاتها نجد‬
‫أن بعض الحقوق لم ترق إلى مستوى القاعدة القانونية مثل الحق في إرث‬
‫مشترك لإلنسانية‪ ،‬على خالف بعض الحقوق األخرى والتي بلغت مستوى‬
‫عالمي من التأطير القانوني كالحى في السلم والذي يتمتع بطبيعة تنظيمية‬
‫ال تقبل أي استثناء (‪ ،٥‬ه في البداية‪ ،‬كانت حقوق التضامن تتمثل في‬
‫«شكل مطالبة» ناتجة عن التعارض بين ما هو موجود وما هو منشود‪ .‬ثم‬
‫تحولت تلك المطالبة بصفة تدريجية إلى شكل من التعبير القانوني ألجل‬
‫الولوج إلى النظام القانوني الدولي وكذلك صلب النظم الوطنية‪ .‬إال أنه‬
‫ولالرتقاء إلى مستوى القاعدة القانونية‪ ،‬كان ال بد اللمطالة» أن ‪ .‬يس جم م‬
‫النظام القانوني القائم‪ ،‬وأن تمثل امتدادا‪ ,‬للمعايير الموجودة حتى تعثر على‬
‫أساس يمكـمن من االعتراف بها‪ ،‬لذلك‪ ,‬ترتبط بعض حقوق التضامن‪ ،‬على‬
‫المستوى الدولي‪ ،‬بما ورد‬
‫صب مثاق األمم المتحدة من سعي إلى الحفاظ على السالم والتنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وقد ساهمت األمم المتحدة بصفة واضحة‪ ،‬في‬
‫إقرار وتشكيل الحقوق الراجعة لإلنانية‪ .‬كما تم االنتقال من مرحلة‬
‫المطالبة إلى مرحلة القاعدة القانونية تحت رعانه األسم المتحدة‪ ,‬يفضل‬
‫األدوات القانونية المعتمدة صلب المنظمة " "‪ .‬فهل أن ارتقاء حقوق‬
‫التضامن إلى مستوى القاعدة القانونية قد منحها قوة ملزمة تجعلها واجية‬
‫التطبيق؟‪ ,‬يمكن القول‪ ،‬أن هذه الحقوق قد تأخر تطبيقها على الصعيد‬
‫الدولي بسبب غيا أو تأخر مالئمة التشريعات الوطنية لألدوات القانونية‬
‫الدولية الصادرة‪ ,‬في هذا المجال‪ .‬كما أن التصريح بحن من الحقوق ال‬
‫يضمن لها صبغة إلزامية بصفة فورية‪ :‬إذ يجب ميح بعض الوقت ألجل‬
‫ضمان تقبل تلك القواعد القانونية ومالءمتها‪ ،‬وألجل االقتناع بالطيعة‬
‫اإلئزامية للقواعد‪ ,‬المتعلقة بحقوق التضامن اإلنسانى أ‪ )٥‬فما هو التكيف‬
‫القانوني لحقوق التضامن؟ ال يمكن اعيار حقرق التضامن اإلنساني حقوقا‬
‫ذاتية كالسيكية (أ‪ ،‬نظرا ألن هذه الحقوق األخيرة تفترض تحديدا واضحا‬
‫ألصحابها وتعريفا دقيقا لموضوعها وتحديدا‪ ,‬للجزاء المالئم لضمان‬
‫تطبيقها‪ ...‬وقد تمت معارضة الصبغة القانونية لحقوق التضامن بسبب‬
‫صعوبة تحديد أصحا تلك الحقرق‪ :‬فالمتفيد من هذه الحقوق ال ينحصر في‬
‫اإلنسان أو الفرد‪ ،‬بل يمكن أن يكون أيضا جماعة‪ ،‬أو أمة‪ ،‬أو مجموعة‬
‫دولية‪ .‬أيضا‪ ،‬وطالما خلت هذه الحقوق من عقوبات تسلط على منتهكيها‬
‫فإنه لن يكرن باإلمكان تحديد قائمة المتفيدين الفعليين من تلك الحقوق‪ .‬كما‬
‫يعود غياب المستفيدين من هذه الحقوق إلى تعدد مواضيع حقوق‬
‫التضامن ‪ .‬أما بالنبة لمرفوع هذه الحقوق‪ ،‬فإن كل حق يمنح لإلنسان‬
‫سلطة يمكن أن يعارض به اآلخرين ""‪ ،‬وهذه‪ ,‬السلطة يجب أن تكون‬
‫محددة المضمون‪ ,.‬لذا يجب توضيح موضوع حقوق التضامن حتى‬
‫‪ .‬نتصدى لالنتهاكات التي قد تلحق بها ؟‬
‫الفقهاء‪ ،‬أن عدم الدقة التي تحيط بحقوق التضامن ال تسمن وقد اعتبر‬
‫بمض باعتبارها كحقوق إنسان فعلية " ب ‪ -‬حقوق التضامن كحقوق‬
‫لإلنسان لقدتمت معارضة الرأي المنادي بإضفاء طبيعة حقوق اإلنسان‬
‫على حقوق التضامن باعتبار أن هذه الحقوق ليست ولن تكون حقوق‬
‫إنسانية أصليه (‪ )٥‬لكن هذا الموقف يبقى غير مناسب باعتبار أن حقوق‬
‫التضامن وإن كانت ال تنسجم مع تصور حقوق اإلنسان الوارد‪ ,‬ضمن‬
‫التصورات الفلسفة والقانونية ‪ ،‬فإنها مع ذئك ال تتناقض مع روح فلسفة‬
‫حقوق اإلنسان ) لذا‪ ,‬يمكن طرح اإلشكال التالي ‪ :‬به هل أن الحقوق الواردة‪,‬‬
‫صلب اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين لسنة ‪ 1966‬هي‬
‫حقوق نهائية‪ ،‬أو بمعنى آخر أال توجد حقوق أخرى باإلضافة إلى قائمة‬
‫الحقوق الواردة‪ ,‬فضمن الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان؟ لقد اتسمت حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬لمدة طويلة‪ ،‬بطابع فردي وكانت تهدف إلى توفير له بالحفاظ‬
‫والدفاع قواعد توجيه تضمن لإلنسان حياة حرة‪ ،‬وأسلحة قانونية» تسمح‬
‫عن مصالحه (ه) لكن باإلضافة إلى الحريات الناجمة عن الحقوق المدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬والمساواة‪ ,‬في الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬يبقى‬
‫لإلنسان الحق في االنخراط في المنظومة البشرية (وأ واالنتفاع باإلرث‬
‫اإلنساني المشترك فبفضل التحوالت المعيشية والتطورات التكنولوجية‪,‬‬
‫والعلمية‪ ،‬يتطور مضمون حقوق اإلنسان حتى يتمكن من االستجابة إلى‬
‫التطلعات البشرية الجديدة‪ ،‬وكذلك‪ ,‬لحماية حقوق األجيال المستقلية (‪)0‬‬
‫لذا‪ ،‬فإن منظومة حقوق اإلنسان ال يمكن أن تبقى جامدة‪ ،‬وإنما تتميز‬
‫بحركية تسمح لها بمواكبة مختلف حاجيات المجموعة البشرية‪ .‬ولعل عمق‬
‫المعاناة التي يقاسي منها األفراد وتنوعها عبر العالم ال ‪ -‬ستوجب توفير‬
‫قائمة نهائية من الحقوق‪ ،‬بقدر ما تتطلب إرساء حقوق متكاملة‬
‫رايهما‪،‬أناالمما ‪٠ .‬األلك تنص‪ .‬دراجة الهئاة‪ ،‬عا ماا كل التطورات ‪-‬‬
‫الحاصلة‪ ,‬سمحت باعتبار حقوق اإلنسان تمتد أبعد من الحقوق الفردية‪،‬‬
‫وأصبح اإلنسان يتمتع بالحقوق إما بصفة مباشرة أو عن طريق المجموعة‬
‫التي يتمي إليها‪ .‬ويترتب عن ذلك‪ ،‬إمكانية اعتبار حقوق التضامن بمثابة‬
‫صياغة جديدة‪ ,‬لحقوق اإلنسان وتتمة نوعية لحقوق سبق إقرارها (ا"‪ .‬هذه‬
‫األبعاد المحتلفة لحقوق اإلنسان مكنت المنظومة الدولية من التصريح‬
‫بجملة من حقوق التضامن‪ .‬الفقرة الثانية ‪ :‬تأكيد حقوق التضامن إن برور‬
‫حقوق التضامن ال يعني أن بقية حقوق اإلنسان أصبحت حقوقا قديمة‪،‬‬
‫وإنتما يرب عتها ترفير نوع جديد من الحماية يضاف لما وقع إقراره‪.‬‬
‫فعلى المجتمع الدولي أن يعمل في نفس الوقت من أجل التطبيق الفعلي‬
‫للحقرق الواردة‪ ,‬فمن مختلف أجال حقوق اإلنسان‪ ،‬ألن الحرية والمساواة‪,‬‬
‫والتضامن‪ ,‬تمثل كلها يما فرورية وأساسية‪ .‬كما أن التصريح بتوع جديد‬
‫من حقوق اإلنسان يستند إلى حركية الكظام القانوني يث ترز في هذا‬
‫النظام معايير وقواعد تشكل امتدادا لتصورات قديمة‪ ،‬أو تأويالت لمظاهر‬
‫جديدة للكظام االجتماعي‪ .‬ويستوجب ذلك تطبيق النصوص الموجودة‪،‬‬
‫كعدم االعتراف بحقوق جديدة إال إذا‪ ,‬كانت فعال ضرورية‪ .‬وتتأكد هذه‬
‫الضرورة‪ ,‬أثناء دراسة دعائم حقوق التضامن (أ)‪ ،‬وبقية الحقوق اإلنسانية‬
‫(ت)‪ .‬أ‪ -‬دعائم حقوق التضامن توجد ضمن منظومة حقوق اإلنسان‬
‫مجموعة من الحقوق يمكن اعتبارها بمثابة الركائز الي يستتد عليها‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ألن تطبيق تلك الحقوق يمثل ضمانا‬
‫للتطيق الكرني لبقية الحقرق (‪ .)٥‬ففي عالم أصبح مميزا أكثر من أي‬
‫وقت مضي‪ ،‬باالنقامات‪ ،‬متما بالتفاوت االقتصادي‪ ،‬وممزقا بسبب‬
‫الحروب‪ ،‬ال يمكن أن تتحقق عالمية حقوق اإلنان بصفة فعلية إال من خالل‬
‫االعتراف بالحق في التنمية(‪ ،)1‬وبالحز في التلم (‪ 1 .)2‬الحق في التنمية‬
‫إن تنمية قدرات األشخاص وتحقيق سعادتهم ال يعود لمجهوداتهم الخاصة‬
‫فقط‪ ،‬بلى تقوم التنمية في جزء كبير منها على مجهودات الدولة‪ ,‬والمجتمع‬
‫‪.‬الدولي‬

‫ويقتضي الحق في التنمية ضمنيا مبدأ التضامن‪ :‬إذ يتعين على األخير أن‬
‫يوجه جهود األمم وجهود المجتمع الدولي لتحقيق أهداف اقتصادية‬
‫واجتماعية وثقافية يستفيد منها‪ .‬الجميع وتمكن من تحقيق نماء سكان‬
‫برمته‪ .‬ويعتبر الحق في التنمية اليوم عامال أساسيا لوجود حقوق اإلنسان‬
‫األخرى‪ :‬فإذا لم تتوفر ظروف العشى الكريم‪ ،‬فإنه يستحيل ممارسة أي‬
‫حق آخر على المستوى السياسي أو المدني أو العقاف ( وتجدر اإلشارة‬
‫إلى أن مصطلح التنمية لم يقع قبوله إال مؤخرا‪ ،‬ويمكن تعريفه باالستناد‬
‫إلى مصطلح «انعدام التنمية»‪ .)90‬لكن إلرساء التنمية‪ ،‬ال بد من البحث‬
‫عن سبل تحسين العيش‪ ،‬أي ضمان الحق في حياة أفضل لكل فرد (""‪.‬‬
‫كما تفترض التنمية وجود تطور كمي ونوعي وخاصة على المستوى‬
‫االقتصادي‪ .‬إال أن هذا الشرط يبقى غير كاف لتحقيق الحق في التنمية بل‬
‫يجب أن يتبعه تطور اجتماعي وثقافي‪ ،‬أي بمعنى آخر إعطاء بعد إنسانى‬
‫للتطور االقتصادي وبالتالي فإن التنمية ال تقاس بمعايير مادية فحسب‪،‬‬
‫وإنما تقيم أيضا من خالل األخذ بعين االعتبار ألعاد الثقافة أو التعليم‬
‫واألبحاث العلمية‪ ...‬وكذلك باالستناد إلى التصورات الموسعة للكرامة‬
‫البشرية‪ ،‬األمن‪ ،‬العدالة واإلنصاف‪ .‬وإذا كان معنى التنمية يختلف من‬
‫دولة‪ ,‬إلى أخرى‪ ،‬فإن تحليل ذلك‪ ,‬الحق يكشف عن بعد كوني‪ .‬لذلك أطلقت‬
‫األمم المتحدة «عشريات» للتنمية (حب هذا البرنامج يمكن استنتاج تعريف‬
‫للحق في التنمية من خالل مؤشرات انعدام التنمية والتي تمتاز بوجود‬
‫تكنولوجيا طائية‪ ،‬مستوى ادخار ضعيف‪ ،‬بازدياد نسسه ت‪ ،‬عد فاعلة‬
‫المؤسسات العمومية‪ ،‬التبعية اقتصادية‪ ،‬عدم االستقرار السياسي داخل‬
‫الدولة‪ )...‬من أجل إرساء تصور عالمي لمفهوم التنمية متفق عليه من‬
‫جميع الدول‪ ,،‬ويتأسس على سبع مبادئ كبرى وهي اآلتية ‪ )٥(:‬اعتبار‬
‫إرضاء الذات‪ ,‬البشرية وابتهاجها المقصد األساسي لبرنامج التنمية‪ - .‬ربط‬
‫أهداف التنمية بتلية الحاجيات األساسية لإلنسان (المادية والمعنوية)‪- .‬‬
‫تركيز التنمية على احترام حقوق اإلنسان‪ - .‬مساهمة الذات البشرية في‬
‫‪.‬ضبط منهج التنمية‬
‫ز ‪ -‬احترام مدأ الساواة وعدم التمييز‪ - .‬اعتبار اإلنسان موضوعا ال أداة‬
‫للتنمية‪ - .‬قيام التتمية على مبدأ االستقاللية الفردية أو الجماعية‪ .‬فمن شأن‬
‫المبادئ المذكورة ضمان التعاون الدولي من أجل إنفاذ الحق في التنمية‬
‫كحن من حقوق اإلنسان‪ ،‬باعتبار أنه بقدر ما يجب أن يتوفر الحق في‬
‫الحياة‪ ،‬يتأكد الحق في حياة أفضل "أ)‪ .‬فما هو أساس الحق في التنمية؟‬
‫عالوة عن خلق توارن اقتصادي وسياسي صلب الدول‪ ,‬األقل نموا‪،‬‬
‫يتأسسى الحق في التتمية على معطات إثنية تبرره ‪ :‬فغالبا ما تؤثر‬
‫سياسات الدول‪ ,‬المقدمة في األحداث العالمية وفي تائجها‪ ،‬فهي التي تقرر‬
‫السلم أو الحرب وتحدد النظام النقدي العالمي‪ ،‬وتفرف إيديو لوجياتها على‬
‫يقية الدول‪ ...‬في حين تقبل الدول‪ ,‬الفقيرة تلك األحداث أحيانا في تعميقه‬
‫عبر انتهاج سياسات اقتصادية غير كواقع مفروض عليها وتتيب مالئمة‬
‫لمجتمعاتها‪ ،‬وهو ما يزيد في تأخرها عن ركب النمو (‪ .)3‬وال يمكن تغيير‬
‫تلك األوضاع أو التلطيف متها إال عبير دعم الحق في التنمية‪ :‬فمن خالل‬
‫التعاون والتبادل‪ ,‬بين الدول‪ ,‬الغية والدول‪ ,‬الفقيرة‪ ،‬واحترام ضرورة إرساء‬
‫عدالة‪ ,‬ااجتماعية ‪ -‬اقتصادية» ين الشعوب‪ ،‬يمكن إرساء ذئك الحق‪ .‬أما‬
‫األساس المعتوي للحق في التنمية فهو حتما مبدأ التضامن‪ ،‬فبفضل ذلك‪,‬‬
‫المبدأ‪ ,‬تخصص الدول الغنية جانبا من ثرواتها وعائداتها لمساعدة الدول‬
‫الفقيرة (ا أيضا‪ ،‬يجد الحز في التتمية أساسا قانونيا صلب اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان وخاصة مقتضيات المادة‪( 25 ,‬فقرة ‪ )1‬التي نصت على‬
‫«حق كل إنسان في مستوى كاف من العيش يضمن صته‪ ،‬ووجودا أفضل‬
‫له ولعائلته‪ .»...‬فالحى في مستوى مالئم من العيش يمثل مظهرا من‬
‫مظاهر الحى في التنمية‪ .‬كما ورد بالمادة ‪ 22‬من اإلعالن حق كل شخص‬
‫في «الحصول على الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي ال غنى‬
‫عنها لكرامته ولنمو شخصيته في حرية‪ ،‬وذلك من خالل المجهود‪ ,‬القومي‬
‫والتعاون‪ ,‬الدولي‪ ,‬وبما يتفق مع هيكل الدولة‪ ,‬ومواردها‪ .‬وقد تم إثراء تلك‬
‫المقتضيات من خالل عهدي سنة ‪ 1966‬باعتبار أن الممارسة الفعلية‬
‫للحقوق الواردة‪ ,‬فيهما ترتبط أشد االرتباط بتنمية وتحسين ظروف عيش‬
‫كل‬
‫من العهد الدولي الخاص ‪ II‬فرد‪ .‬وكدليل على ذلك نذكر ما تضمئته المادة‬
‫بالحقرى االقتصادية واالجتماعية والثقافية من تنصيص على حق كل‬
‫شخص في الحماية من الجوع‪ .‬فهذا الحق نتيجة طيعية لالعتراف بالحق‬
‫في مستوى عيش كاف‪ ،‬والذي تضمنه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫أن ‪« :‬الفارق ‪S‬أيضا جاء بالمادة ‪ 12‬من «إعالن طهران» لسنة ‪196‬‬
‫المتنامي بين الدول‪ ,‬الغنية والدول‪ ,‬النامية يشكل عثرة أمام االحترام الفعلي‬
‫لحقوق اإلنسان ‪ ،‬المجتمع الدولي»(‪ .)7‬بموجب قرار الجمعية العامة أيضا‬
‫نذكر اإلعالن حول الحق في التنمية‪ ،‬المعتمد ‪ 1986‬والذي نص في مادته‬
‫األولى على أن ‪« :‬الحق عدد‪ 128 /41 ,‬بتاريخ ‪ 4‬ديسمبر حق من حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لجميع الشعوب في التنمية‬
‫المشاركة في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية واالسهام‬
‫فيها والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق اإلنسان‬
‫والحريات األساسية إعماال تاماه(د) لقد أكد اإلعالن المذكور على أن‬
‫الحق في التنمية ‪ ،(:‬هو من حقوق اإلنسان التي ال يمكن التنازل عنها‪،‬‬
‫والذي بمقتضاه يحق لكل إنسان ولكل الشعوب التمتع بالتنمية في مختلف‬
‫أبعادها (االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية والسياسية)‪ - .‬يتضمن الحق في‬
‫التنمية الممارسة الكاملة لحق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬بما في ى ذلك‬
‫سيادتها الكاملة فوق كل ماردها وثرواتها الطبيعية‪ - .‬اإلنسان هو أساس‬
‫الحق في التنمية‪ ،‬ويجب أن يكون المشارك والمستفيد األساسى ضرورة‬
‫اتخاذ كل الخطوات‪ ,‬الالزمة‪ ،‬على الصعيدين الوطني والدولي‪ ،‬لكفالة‬
‫الحق في التنمية‪ .‬للدول‪ ,‬الحق في‪ ،‬وعليها واجب‪ ،‬تحقيق التنمية من أجل‬
‫تحقيق رفاه شعبها‪ - .‬يتطلب انجاز الحق في التنمية االحترام الكامل‬
‫لمبادئ القانون الدولي الخاصة بالتعاون والعالقات الودية بين الدول‪ ,‬طبقا‬
‫لميثاق األمم المتحدة‪ - .‬على الدول اتخاذ خطوات حثيثة إلزالة عوائق‬
‫التنمية الناتجة عن فشلها في كفالة الحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬والحقوق‬
‫‪.‬االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمثل إعالن وبرنامج العمل الصادر عن مؤتمر فيينا‬
‫حول حقوق اإلنان في ستة ‪ 1993‬أداة دولية هامة في هذا المجال‪ ،‬إذ نص‬
‫في مادته العاشرة على أن‪« :‬المؤتمر الدولي حول حقوق اإلنسان يؤكد‬
‫بأنه يتعين أن يتجسد الحى الكوني في التنمية على أرض الواقع‪ ،‬وهر حق‬
‫غير قابل للتنازل وال يتجزأ من الحقوق األساسية إن ضمان الحر في‬
‫التمية يرتبط بصفة وطيدة بحق الشعوب في السيادة على مراردها‬
‫الطبيعية‪ ،‬فال يمكن أن يبرر بأي حال من األحوال أن يحرم بلد ما من‬
‫الثروات التي يملكها والي تحافظ على وجوده‪ ,‬وتسمح بإقامة المشاريع‬
‫التنموية‪ .‬لذلك نص اإلعالن الخاص يسيادة الشعوب على مواردها‬
‫الطبيعية‪ ،‬والذي تبنته الجمعية العامة لألمم المتحدة صلب قرارها رقم‬
‫‪ -1803‬بتاريخ ‪ 14‬ديسمبر ‪ ،1962‬على أن تصرف الدول في ثرواتها‬
‫هو حن ال يمكن التنازل عنه (و كذلك تنص المادة األولى (فقرة ‪ )2‬من‬
‫العهدين الدوليين للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬والحقوق‬
‫المدنية والسياسية‪ ،‬على أن ‪« :‬كل شعب يملك اتصرف بحرية في ثرواته‬
‫وموارده الطبيعية‪ ،‬دون إضرار بااللتزامات التي تنجم عن التعاون‬
‫االقتصادي الدولي‪ ،‬والذي يتند إلى مبدأ المنفعة المتبادلة والقانون‬
‫الدولي»‪ .‬وتتص المادتان ‪ 25‬و‪ 47‬من نف العهدين على ما يلي ‪ :‬اال‬
‫يجوز تفسير أي نص من نصرص العهد الحالي باعتبارها تمت الحق‬
‫الثابت لكل الشعوب في االستفادة واالستخدام الحر والكامل لثرواتهم‬
‫ومواردهم الطبيعية»‪ .‬أيضا يرتط الحق في التنمية بواجب مساهمة الدول‬
‫فى تحقيق السلم واألمن الدوليين‪ ،‬خصرصا عن طريق نزع السالح‬
‫الشامل والكامل‪ ،‬مع توجيه موارد نزع الالح نحو التنمية‪ ،‬خاصة في‬
‫الدول النامية " —‪ 2‬الحق في السلم تتعريف اللم خمن التقرير الذي تم‬
‫إعداده‪ ,‬بمثاسية المائدة المتديرة للمنظمات الفائزة بجائزة نوبل‬
‫أفريل ‪ ،1978‬بأنه‪ :‬العالقات ‪S‬للسالم ‪،‬المتعقدة بجنيف يومي ‪ 27‬و‪2‬‬
‫الدينامكية التي تميز التعاون بين األمم وصلب األمم‪ ،‬والمتسمة‬
‫بغاب النزاعات المسلحة‪ ،‬وباحترام القيم اإلناية (المذكورة فمن اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان)‪ ،‬والمتسمة أيضا بالحرص على ضمان وجود‬
‫أفضل لكل شخص»(‪ ،‬ويستنتج مما ذكر‪ ،‬أن السلم شرط أولي لممارسة‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وهو ما جعله الهدف الجوهري للكظام الدولي وللقواعد‬
‫القانونية التي تؤسس ذلك‪ ,‬النظا (‪ . 3‬كما توجد عالقة جدلية بين التلم‬
‫وحقوق اإلنسان ‪ :‬فبدون سلم ال يتصور احترام حقوق اإلنسان‪ ،‬وبالتوازي‬
‫يؤدي انتهاك حقوق اإلنسان إلى انعدام السلم‪ .‬وهكذا يعتبر الحق في السالم‬
‫حقا إنسانيا أساسيا وفر وريا لو جرد واحترام بقية الحقوق‪ .‬وهو ما أدى‬
‫بأحد الفقهاء إلى التصريح بأنه ‪« :‬ال مجال للشك بأن الحق في التلم يمثل‬
‫حقا جوهريا‪ .‬فبدون سلم تفقد الحقوق الواردة‪ ,‬في األجيال الثالثة قوتها‬
‫ومتانتهاء())‪ .‬فما هو األساس القانوني للحق في السلم؟‪ ,‬نالتأكيد ضرورة‬
‫«حماية األجيال بالرجوع إلى توطئة ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬يتضح ‪ .‬القادمة‬
‫من ويالت الحروب‪ ،‬التي خلفت للبشرية معاناة واضحة‪ »...‬وبالتالي يبرز‬
‫السالم والتعاون الدولي كهدفين جوهريين لعمل منظمة األمم المتحدة‪.‬‬
‫أيضا نصت المادة‪ 28 ,‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على‪« :‬حق‬
‫كل إنسان في أن يسود على الصعيد االجتماعي والدولي نظام يسمح‬
‫بتطبيق الحقوق والحريات الواردة‪ ,‬في هذا اإلعالن»‪ ،‬ويتضمن هذا الكظام‬
‫بالضرورة فكرة السلم‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬صدرت عديد القرارات عن‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة بهدف إرساء وتعزيز الحق في السلم لعل‬
‫أهمها ‪ :‬القرار عدد ‪ 77/33‬المعتمد بتار ‪ 15‬ديسمبر ‪ ،1978‬والذي نص‬
‫في فصله األول على‪« :‬حى كل األمم وكل األفراد بدون تمييز على أساس‬
‫الجنس أو الرأي أو اللغة‪ ,‬أو العرق‪ ،‬في العيش بسالم‪ .‬ويكون احترام هذا‬
‫الحق‪ ،‬كغيره من حقوق اإلنسان‪ ،‬في مصلحة البشرية جمعاء ويمثل شرطا‬
‫كفيال لتطور كل األمم‪ ،‬في جميع المجاالت‪ ./1(6‬كما نذكر القرار المؤرخ‬
‫في ‪ 12‬نوفمبر ‪ ،1984‬المتعلق ب«اإلعالن الخاص بحق الشعوب في‬
‫السالم»‪ ،‬لما له من أهمية خاصة حيث تم التصريح بكونية المنتفعين‬
‫بالحى في السلم‪ ،‬وذلك‪ ,‬ضمن الفصل ‪ 1‬من القرار المذكور الذي نص على‬
‫‪ .‬أنه الجميع شعوب األرض حق مقدس في السلم»(؟‬
‫كما أكد اإلعالن المذكور على أن المحافظة على حق الشعوب في السالم‬
‫وتعزيز تطيقه يشكالن التزاما جوهريا على عاتق كل دولة‪ ،‬وأن ذلك‪,‬‬
‫الحق يتطلب من الدول أن تضع حدا للتهديد بالحرب‪ ،‬خاصة الحرب‬
‫النووية‪ ،‬وعدم اللجوء إلى استخدام القوة‪ ,‬في العالقات الدولية‪ ,‬وحل‬
‫النزاعات الدولية بالطرق السلمية‪ )).‬كذلك شكل الحق في السلم موضوع‬
‫دراسات مختلفة أعدت بمناسبة انعقاد مؤتمرات خاصة بهذا الموضوع‪،‬‬
‫نذكر منها تلك التي عقدت في «أوسلوه‪( ,‬خالل ديمير ‪« ،)1978‬كامبولوه‪,‬‬
‫(في أوت ‪« ،)1979‬فرصوفيا» (جويلية ‪« ،)1980‬اكس‪ -‬آن‪ -‬بروفتى»‬
‫(أوت ‪ ،)1981‬نيويورك (جويلية ‪ ...)1982‬فأثاء مؤتمر فرصوفيا‪ ،‬تم‬
‫اإلقرار بأن حقوق اإلنسان والسلم تمثل التطلعات المشتركة لإلنانية جمعاء‬
‫" أ‪ .‬وأن التلم لم يعد مجرد أمنية بل أصبح هدفا واقعيا وسككا‪ ،‬في مصلحة‬
‫كل الشعوب والبشرية جمعاء (‪ . 3‬بيد أنه ولتحقيق هذا الهدف‪ ،‬ال بد في‬
‫« ‪):‬ما ‪ (désarmement‬البداية‪ ,‬من احترام شأن آخر وهو نزع األسلحة‬
‫فحق اإلنسان في عدم التسلح يشكل امتدادا طبيعيا للحق في العيش يسال‬
‫‪ ."٢‬ألجل ذلك انعقدت تحت رعاية األمم المتحدة‪ ,‬العديد من المؤتمرات‬
‫الهادفة إلى الحد‪ ,‬من التلح ولتخصيص الموارد‪ ,‬المدخرة للتلح ألهداف‬
‫سلمية ولغاية التنمية‪ .‬كما تمت المناداة‪ ,‬بإبرام اتفاق يحضر التجارب‬
‫النووية‪ ,‬حتى ال تتعرض البشرية لكارثة نووية عالمية (و) إلى جانب ذلك‬
‫تم التركيز على استخدام التقدم العلمي والتكنولوجي في مصلحة التالم‬
‫الدولي وفي خدمة اإلنسانية‪ ،‬ال للتابق من أجل التسلح‪ ،‬وهو ما أقرته المادة‬
‫الصادر‪ ,‬عن الجمعية العامة لألمم المتحدة‪S4 ,‬األولى من القرار عدد ‪33‬‬
‫بتاريخ ‪ 10‬نوفمبر ‪ 6 1975‬ب ‪ -‬الحقوق األخرى للتضامن إضافة إلى‬
‫ضمان حقرق اإلنسان اليوم‪ ،‬فإن الحاجة تبدو ملحة أيضا إلى حماية حقوق‬
‫األجيال المتقبلية وخاصة حقهم في محيط سليم ومتوازن إزاء مخاطر‬
‫التقدم العلمي والتكنولوجي (‪ ،)1‬فلم يعد بإمكان هذه األجيال األخيرة أن‬
‫تنعم بفضاءات‬

‫تنتمي لكل البشرية وهو ما أدى إلى ظهور الحق في إرث مشترك لالنية‬
‫رز المساواة‪ ,‬بين جميع الدول‪ ،‬وبدون أي تمييز (‪ - 1 .)2‬الحق في بيئة‬
‫سليمة ومتوازنة بدأت البشرية تعترف مؤخرا بأهمية وجرد بيئة سليمة‬
‫ومتوازنة وايكولوجيا»‪ ،‬ومنبع ذلك الحق هو اإليمان بأن نمو الكائنات‬
‫اإلنسانية ال يمكن أن يتحقق إال في بيئة متناسقة‪ .‬لكن يخشى البعض من أن‬
‫يؤدي الدفاع عن البيئة إلى التخلي عن األنشطة اإلنتاجة المرتبطة‬
‫بالشروات الطبيعية‪ .‬ويخشى آخرون أن يؤدي النمو االقتصادي والصاعي‬
‫للبشرية إلى إفقار وإتالف الشروات الطعية الموجودة على سطح‬
‫األرض )) ويوضح مفهوم التنمية المتديمة أنه من الممكن التفكير في‬
‫وسائل أخرى‪ ،‬إذ يمكن للتنمية االقتصادية للبشرية وإشباع حاجيات‬
‫الكائنات اإلنسانية أن يتعايشا معا في ناغم مع البيئة إذا‪ ,‬ما أخذت‬
‫مخططات التنمية بعين االعتبار حماية الثروات الضرورية للحياة (كالماء‪،‬‬
‫الهواء‪ ،‬الغابات‪ ...‬وعناصر التوازن‪ ,‬اإليكولوجي األخرى)))‪ .‬وقد أقر‬
‫المجتمع الدولي إعالنين مهمين يتمحوران حول أسس حماية البيعة التي‬
‫تعتبر واجبا محموال على عاتق البشرية‪ ،‬األول هو إعالن مؤتمر األمم‬
‫المتحدة‪ ,‬حول البيئة اإلنسانية ‪ ،)37‬والثاني هر إعالن وريو حول البيئة‬
‫والتنمية ) ويكتسى اإلعالن الثاني أهمية بالغة لكونه أدخل‪ ,‬مفهوم «التنمية‬
‫المستديمة»‪ ،‬مما غير بعمق التصور البيئي‪ .‬ويؤكد هذا اإلعالن‬
‫بالخصوص على دور التنمية المستديمة في القضاء على الفقر والتقليص‬
‫من الفروق بين مستويات المعيشة في العالم‪ .‬كما بنادي الدول اللقضاء‬
‫على أنماط اإلنتاج واالستهالك غير المالئمة»‪ ،‬وأن تنعش السياسات‬
‫الديمغرافية المناسةا (ا‪ .‬يجب كذلك حماية الموارد الطبيعية حتى ال تنفذ‬
‫لتفادي اآلثار اللية على صحة اإلنسان‪ .‬كما يجب حماية الوسط‪ ,‬الطبيعي‬
‫من التلوث‪ ،‬والحفاظ على التوازنات االيكولوجية والبيولوجية لضمان بقاء‬
‫‪،‬الحيوان‪ ,‬والنبات (‪6‬‬
‫فحماية البيئة تمتد لحماية الطبيعة‪ ،‬اإلنسان وكذلك‪ ,‬كل الكائنات الحية‪.‬‬
‫ونظرا لهذه األهمية‪ ،‬فقد تعهدت العديد من مجموعات الضغط (مثل‬
‫مجموعة االخضر») بمألة البيئة‪ ،‬حتى أصبحت تلك المسألة ذات أولوية‪,‬‬
‫في االهتمامات السياسية‪ ،‬وهو ما أنعكس صلب دساتير عديد الدول التي‬
‫تضمنت حق اإلنسان في بيئة سليمة مثل دستور «البيرو ه ‪ )٥‬والذي نص‬
‫في فصله ‪ 123‬على ‪ :‬احق الجميع في العيش في بيئة سليمة‪ ،‬ومتزنة‬
‫ايكولوجيا ومالئمة لتطور الحياة وللحفاظ على الطبيعة»‪ ،‬كما نصى على‬
‫واجب الجميع في المحافظة على البيئة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن مألة عالمية‬
‫المنتفعين بحقوق اإلنسان تمتد في مجال البيئة لتشمل أيضا األجيال‬
‫المستقبلية‪ .‬وفي هذا اإلطار صرحت الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ,‬بتاريخ‬
‫‪ 30‬أكتوبر ‪ 1980‬بـ ‪ :‬المسؤولية التاريخية للدول‪ ,‬من أجل الحفاظ على‬
‫البيئة لمصلحة األجيال الحاضرة والقادمة (د) وال شك أن التلوث‪ ,‬البيئي‬
‫يتعلى أساسا بإقليم الدولة‪ ،‬بل هو يتعلى بكافة العناصر الداخلة في هذا‬
‫اإلقليم‪ :‬سواء كانت برية أو بحرية أو جوية‪ .‬إال أنه من الثابت أيضا أن‬
‫حماية البيئة من التلوث قد اتخذت اآلن أبعادا عالمية‪ ،‬على أساس أن‬
‫التلوث‪ ،‬على األقل من حيث آثاره‪ ،‬عابر للحدود‪ ,.‬وال جدال أن التلوث‬
‫العابر للحدود‪ ,‬وهو الذي يوجد مصدره في بلد وآثاره الضارة كليا أو جزئيا‬
‫في بلد آخر (د ‪ -‬هر الذي يثير صعوبات على الصعيد الدولي (‪ . 4‬لقد‬
‫أفضحى االهتمام بالبيئة ‪ -‬باعتبارها تراثا مشتركا لإلنسانية ‪ -‬أمرا‬
‫واضحا‪ ،‬فقد أصبحت البيئة المرض المزمن للمدنية المعاصرة‬
‫ولحضارتها الصناعية والتقنية‪ ،‬واتخذ تلوث البيئة صورة مماثلة في كل‬
‫مكان وفي كل شيء (في الهواء‪ ،‬الماء‪ ،‬البحار‪ ،‬المواد الغذائية‪ )...‬وبالتالي‬
‫أصبحت حماية البيئة والطبيعة أمرا ضروريا‪ .‬فليس من الغري‪ ،‬نتيجة‬
‫لذلك‪ ,،‬اعتبار البيئة حقا من الحقوق األساسية لإلنسان وهو ما أكدته‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة صلب القرار رقم ‪ 94 /45‬لعام ‪، 1990‬‬
‫بقولها أنه‪« :‬تقرر بأن لكل فرد الحق في أن يعيش في بيئة تفي بمتطلبات‬
‫)(»صحته ورفاهه‬
‫كالجمعية العامة‪ ،‬المجلس( وقد لعبت أجهزة كثيرة في األمم المتحدة‬
‫ولجان ‪ UNEP‬االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬برنامج األمم المتحدة‪ ,‬للبيئة‬
‫دورا هاما في تأكيد حق اإلنسان في بيئة سليمة ومتوازنة‪) ،‬حقوق اإلنسان‬
‫ويمكن أن نذكر كأمثلة على األعمال القانونية التي صدرت في هذا‬
‫الخصوص ما يلي ‪ :‬اتفاقية «فيينا» لحماية طبقة األوزون (‪- .)1980‬‬
‫اتفاقية «بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة‪ ,‬والتخلص منها حبر‬
‫الحدود (‪ - .)1989‬االتفاقية «اإلطارية» بشأن المناخ (‪ - .)1992‬اتفاقية‬
‫األمم المتحدة بشأن تغير المناخ (‪ - .)1994‬بروتوكول «كيوتو بشأن‬
‫التغير المناخي (‪ .)1997‬وانسجاما مع هذا التطور وضع المشرع‬
‫التونسي جملة من القواعد الزجرية التي تسلط على من يلحق تلوثا‬
‫بالمحيط (‪ .)3‬لكن ورغم ذلك‪ ،‬لم يقع االعتراف صراحة من طرف‬
‫المجتمع الدولي بالحق في البيئة كحق من حقوق اإلنسان‪ ،‬مثلما هو الشأن‬
‫بالنسبة للحق في إرث مشترك‪ 2 .‬ـ الحق في التراث اإلنساني المشترك‬
‫يجب أن تنتفع جميع الكائنات اإلنسانية من اإلنتاج العلمي والثقافي‬
‫للبشرية‪ ،‬مثلما االستفادة من التراث تنتفع من الثروات الطبيعية‬
‫والبيولوجية‪ .‬ولهذا‪ ,‬السبب‪ ،‬تعتر اإلنساني حقا للجميع (‪ .)٥‬وفي األصل‪،‬‬
‫تعني كلمة «تراث» الرصيد الذي يتلقاه اإلنسان من أبيه وينقله إلى أبنائه‪،‬‬
‫فالمعنى إذن يحيل إلى ملك فردي‪ .‬لكن أصبح لفظ «تراث» منذ القرن ‪18‬‬
‫يحمل معنى ملك جماعي ‪« :‬فليس البشر سوى مؤتمنين على ماك يحق‬
‫للعائلة اإلنسانية الكبرى أن تحاسبهم عليه» (‪ . ٥‬ويعود مصدر «التراث‬
‫المشترك» إلى القانون الروماني الذي اعتبر ما هو غير قابل للتملك من‬
‫حى كل الناس‪ ،‬وبالتالي فهو ملك مشترك للجميع "‪ ،‬وقد كانت فكرة‬
‫الحفاظ على المآثر التاريخية والتحف المنقولة محدودة في البداية‪ ،‬لكنها‬
‫اتسعت اليوم بشكل ملحوظ‪ ،‬وأصبح مدلول التراث واسعا جذا بفضل‬
‫التقدم العلمي والتكنولوجي (التراث االركيولوجي‪ ،‬الصناعي‪ ،‬البحري‪... ،‬‬
‫األدبي‪ ،‬السينمائي‪ ،)...‬ولم تعد معايير الحماية ذات بعد جمالي فقط ‪ :‬فكل‬
‫شيء من الماضي يمكن من فهم الحاضر يستحق الحماية‪ ،‬ويثري الئحة ما‬
‫يطلق عليه اليوم «بالتراث الجديده ( ) واستجابة لهذه االنشغاالت اعتمد‬
‫المؤتمر العام لليونسكو يوم ‪ 23‬نوفمبر ‪ 1972‬اتفاقية من أجل حماية‬
‫التراث العالمي الثقافي والطبيعي‪ .‬إال أنه وبالرغم من اعتراف مختلف‬
‫األدوات القانونية بالحق في تراث مشترك لإلنسانية فإن ذلك‪ ,‬لم يحوله إلى‬
‫حق من حقوق اإلنسان‪ ،‬بأتم معنى الكلمة‪ ،‬بل تم اعتباره كحق للمجموعة‬
‫الدولية (‪ ،)3‬أي حقا لإلنسانية‪ .‬ويترتب عن إقرار ذلك الحق التزام‬
‫المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي بحماية وتعزيز المصلحة المشتركة‬
‫لجميع الذول‪ ،‬وبضمان احترام الحق في اإلرث المشترك‪ .‬وتجدر اإلشارة‬
‫إلى أن التقدم العلمي والتكنولوجي رغم آثاره اإليجابية وفوائده‪ ,‬التي ال‬
‫ينكرها أحد‪ ،‬يمكن أن يستخدم‪ ،‬بل هو استخدم فعال ضد حقوق اإلنسان في‬
‫بعض الحاالت‪ .‬ولهذا آثاره السيئة وعواقبه الوخيمة على حقوق اإلنسان‬
‫بصفة خاصة وحقوق المجموعة الدولية‪ ,‬بصفة عامة (ؤ) إن ضمان الحق‬
‫في التراث اإلنساني المشترك يبقى محدودا‪ ,‬طالما لم يقع تصنيفه ضمن‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وما يترتب عن ذلك التصنيف من تقرير لعقوبات وآليات‬
‫كونية تضمن احترام الحق وتدعم عالميته‪ .‬فما هي اآلليات الكونية لحقوق‬
‫اإلنسان؟ وهل يجوز الحدر ‪ ،‬عن حقوق كونية‪ ،‬بصفة مطلق‬

You might also like