Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 31

‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.

‬‬

‫مصطفى بوصبوعة‬
‫باحث دكتوراه بقسم العلوم السياسية‬
‫جامعة باتنة ‪1‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫لقد عانى حقل تحليل السياسة الخارجية كحقل فرعي في العالقات الدولية من نفس اإلشكاليات‬
‫التي عانت منها نظريات العالقات الدولية‪ ،‬فهذا الحقل يعاني من إشكالية تحقيب فترات تطور‬
‫الحقل‪ ،‬والتي تعد خطوة ضرورية لتحديد الصورة الذاتية للحقل‪ .‬وفي هذا اإلطار تسعى هذه‬
‫الدراسة لتحديد أهم الحقب الذي مر بها حقل تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫تجادل هذه الدراسة بأنه يمكن رسم حقبتين لهذا التطور؛ األولى هي مرحلة المقاربات الجزئية‬
‫التي كانت متأثرة إلى حد بعيد بالثورة السلوكية أين شهد هذا الحقل محاولة لتحقيق االستقاللية‬
‫التامة عن نظرية العالقات الدولية من خالل اللجوء إلى النظريات المتوسطة المدى وخاصة مقاربة‬
‫صنع القرار في السياسة الخارجية‪ .‬ولكن سرعان ما تبين استحالة القيام بدراسة صنع القرار في‬
‫معزل عن الدراسات النفسية واالجتماعية‪ ،‬ومع ذلك حاول جيمس روزنو تجاوز هذا اإلشكال من‬
‫خالل محاولة بناء نظرية عامة في السياسة الخارجية‪ ،‬إال أنه وقع بدوره في فخ التحيز المعرفي‪،‬‬
‫مما حتم عليهم في نهاية المطاف االستعانة بنظريات العالقات الدولية ومن ثم رسم مسار جديد‬
‫في تطور حقل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫الكلمات الدالة ‪:‬‬
‫تحليل السياسة الخارجية‪ ،‬المقاربات الكلية‪ ،‬المقاربات الجزئية‪.‬‬

‫‪Résumé:‬‬
‫‪Le champ d’analyse de la politique étrangère connait, comme sous-‬‬
‫‪domaine des relations internationales, les mêmes préoccupations rencontrées‬‬
‫‪dans les ralations internationales, lequel champ connait des difficulties en‬‬
‫‪matière de périodisation car elle constitue une étape importante pour‬‬

‫‪6‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬
singulariser ce champ. Cette contribution vise à determiner les différentes
phases par lesquelles est passé ce champ.

En effet, on peut voir se dessiner deux periods dans cette evolution. La


première se caractérise par l’utilisation de procédures heuristiques des
approches réductionnistes influencée en cela par la revolution comportementale,
visant à assuerer une indépendence vis-à-vis de la théorie des relations
internationals en s’appuyant en particulier sur l’approche de la prise de
decision en matière de politique étrangère. Cependant, il est vite apparu qu’il
était difficile de mener une étude de prise de decision sans tenir compte facteurs
sociaux et psychologiques. James Rosenau tentera malgré cette difficulté de
construire une théorie générale de la politique étrangère, mais les pièges des
biais cognitifs le font revenir aux théories des relations internationals afin
d’entamer une nouvelle phase d’étude de la politique étrangère.
Mots Clefs:
Analyse de la politique étrangère, l'approche micro, l’approches macro.

Summray:

The field of Foreign Policy Analysis as a sub field of International Relations


has suffered from the same problems that occurred in theories of international
relations, this field is still suffering from the problem of periodization which
effects in its role the process of identifying the self-image of the field, by virtue
of this problem the present study aims to identify the different periods of this
field’s evolution.

This study argues that we can trace two periods; the firstone was
characterized by the use of heuristic procedures of partial approaches,
particularly the approach of decision-making in foreign policy , that was
basically aspire to achieve an independent foreign policy theory. However, the
failed of this approach in achieving that purpose, has propelled the building
general theory aim to the top of research agenda in foreign policy, for that James
Rosenau has tried to build a general theory of foreign policy, but he was signed
into the trap of cognitive bias, which necessitated eventually return to the use of
the theory of International Relation which was the main characteristic of the
second period of foreign policy evolution.
Key Words:
Foreign policy analysis, Micro Approaches, Macro Approaches.
7
2016 ‫ أكتوبر‬-11 ‫ العدد‬- ‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫إذا كانتتت العالقتتات الدوليتتة تُعبتتر بشتتكل عتتام عتتن التفتتاعالت الحاصتتلة بتتبن الوحتتدات الدوليتتة‬
‫والفتتاعلين التتدوليين‪ ،‬ف تإن السياستتة الخارجيتتة تعبتتر عتتن الستتلوك التتذي تتختتذه الدولتتة الواحتتدة فتتي‬
‫تفاعالتهتتا تجتتاه بتتاقي الوحتتدات‪ ،‬قصتتد خدمتتة مصتتالحها وتحقيتتق متتا رستتمته متتن أهتتداف استتتراتيجية‬
‫محددة‪ .‬ولهذا فقد كانت السياسة الخارجية تُدرس في إطار العالقات الدولية؛ إال أن التطتورات التتي‬
‫شتتهدتها العلتتوم االجتماعيتتة واالنتقتتادات التتتي ُوجهتتت للنظريتتة الواقعيتتة فتتي العالقتتات الدوليتتة‪-‬علتتى‬
‫اعتبتتار أن هتتذه األخيترة تنظتتر نظترة اختزاليتتة للسياستتة الخارجيتتة‪-‬أدت إلتتى ظهتتور حقتتل بحثتتي يتفتتر‬
‫عن العالقات الدولية ُيعنى بتحليل السياسة الخارجية‪.‬‬

‫منذ ذاك الحين شهد تحليل السياسة الخارجية العديد من التطورات التي حاول مختلف الباحثين‬
‫تتبعها‪ ،‬وذلك في محاولة منهم لتحديد الصورة الذاتية ‪ Self-image‬لهتذا الحقتل‪ ،‬والتتي تعتد خطتوة‬
‫مهمتتة متتن أجتتل التعتترف عليتته واالقت تراب منتته‪ ،‬لكتتن وعكتتس نظريتتة العالقتتات الدوليتتة لتتم يشتتهد حقتتل‬
‫السياستتة الخارجيتتة محتتاورات نظريتتة كبتترى‪ ،‬بيتتد أنتته عتتانى علتتى ي ترار نظريتتة العالقتتات الدوليتتة متتن‬
‫إشكالية التحقيب أو ما سماه التنر يياب المخطت التصتنيفي(‪classificatory scheme)1‬؛ وذلتك‬
‫لتعدد التحقيبات التي طرحها الباحثون‪ ،‬باختالف المتغير الذي أخذه كل باحث لتحديد هذه الحقتب‪،‬‬
‫وفي هذا اإلطار تحاول هذه الد ارستة تتبتع هتذه التطتورات‪ ،‬وذلتك فتي محاولتة لتقتديم مخطت تصتنفي‬
‫ألهتتم التطتتورات التتتي شتتهدها حقتتل السياستتة الخارجيتتة‪ ،‬اواب تراز أهتتم األستتباب التتتي أدت إلتتى ظهتتور‬
‫مقاربات وانتهاء أخرى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Stephen Andriole and Others, “A Framework for The Comparative Analysis of Foreign Policy‬‬
‫‪Behavior” , International Studies Quarterly, 19(02) , (1975) , p.177‬‬
‫‪8‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫أوال‪ :‬السياسة الخارجية‪ :‬مقاربة مفاهيمية‬

‫إن فهم مقاربات السياسة الخارجية يتطلب تحديد أهم المجتاالت البحثيتة التتي يهتتم بهتا حقتل‬
‫السياس تتة الخارجي تتة‪ ،‬خاص تتة وأن ه تتذا الحق تتل يتق تتاطع ف تتي كثي تتر م تتن مج تتاالت الد ارس تتة م تتع نظري تتة‬
‫العالقات الدولية‪ ،‬وحتى مع بعض االختصاصات في العلوم اإلنستانية‪ ،‬ممتا يجعتل رستم حتدودهأم اًر‬
‫مهماً لتحديد صورته الذاتية‪.‬‬

‫‪/01-‬ماهية السياسة الخارجية‪.‬‬

‫تعد السياسة الخارجية حقالً فرعياً عن العالقات الدولية‪ ،‬حيث تتكون هذه األخيرة كحقل معرفي‬
‫من نظريات العالقات الدولية ومقاربات تحليتل السياستة الخارجيتة؛ فبينمتا تهتتم األولتى بد ارستة البنتى‬
‫وعمليتتات النظتتام ككتتل أي محاولتتة إيجتتاد تفستتيرات لعمتتل النظتتام التتدولي‪ ،‬تهتتتم السياستتة الخارجيتتة‬
‫بفواعتتل النظتتام التتدولي؛ فالنظتتام فتتي السياستتة الخارجيتتة يمكتتن أن يوصتتف بأنتته المجموعتتة المتفاعلتتة‬
‫للوحدات المترابطة‪ ،‬وسلوك هذه الوحدات هو مجال البحث في السياسة الخارجية‪.‬‬

‫باختصتتار؛ بينمتتا تتعامتتل السياستتات الدوليتتة متتع العالقتتات الدوليتتة بطريقتتة تعامتتل االقتصتتاد‬
‫الكلتي متع مجمتو ستلوكيات فواعتل االقتصتاد التوطني‪ ،‬فتإن السياستة الخارجيتة تركتز علتى العالقتتات‬
‫الدولي تتة بالطريق تتة الت تتي يرك تتز به تتا االقتص تتاد الجزئ تتي عل تتى س تتلوكيات الفواع تتل الفردي تتة كالش تتركات‬
‫والمستهلك(‪ ، )1‬وعلى الريم من هذا‪ ،‬فإنه يجب علينا أال نتجاهتل التفاعتل بتين الجتزء والكتل‪ ،‬فتتأثير‬
‫البنيتتة والعمليتتة علتتى ستتلوك الفواعتتل الفرديتتة فتتي النظتتام التتدولي يجتتب أن يأختتذ بعتتين االعتبتتار تتتأثير‬
‫الفواعل الفردية على النظام الدولي التتي تشتكل جتزءا منته‪ ،‬فتاالختالف بتين نظريتة العالقتات الدوليتة‬
‫التي تنطلق من الكل ومقاربات السياسة الخارجية التي تنطلق من الجزء وتهدف إلى فهم الصتندو‬

‫‪1‬‬
‫‪-Patrick McGowan , “Introduction” , in: McGowan Patrick(ed.) , Sage International Yearbook‬‬
‫‪of Foreign Policy Studies , (Beverly Hills: Sage Publications, 1973) , p.p. 11-12.‬‬
‫‪9‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫األسود في الدولة‪ ،‬ال ينفي حقيقة أن فهم وتفسير سلوكات السياسة الخارجية يبقى هدفا مشتركا بين‬
‫كال الحقلين(‪.)1‬‬

‫ومن أجل تحديد طبيعة السياسة الخارجية أكثر‪ ،‬فإنه متن المفيتد النظتر متن وجهتة نظتر أقترب‬
‫عبر االستفهامات التالية‪ :‬إذا كانت السياسة الخارجية هتي نشتام متن نشتاطات الحكومتة‪ ،‬فمتا التذي‬
‫يفرقهتا عتتن بتتاقي النشتتاطاتا هتتل هنتتاك فتتر واضتتل بتتين السياستتة الداخليتتة والخارجيتتة أو هتتل هنتتاك‬
‫ّ‬
‫تفاعل بينهما‪.‬‬

‫فتتي البدايتتة يمكتتن القتتول أن السياستتة الخارجيتتة توجتته للبيئتتة الخارجيتتة للدولتتة‪ ،‬أي أنهتتا تُصتتمم‬
‫للتنفيتذ فتي الختارو‪ ،‬وكمتا أكتد كالرر وايالت ‪ Clarke White‬فتإن االسياستة الخارجيتة مثتل السياستة‬
‫الداخلية يتم صنعها داخل الدولة‪ ،‬ولكن عكس السياسة الداخلية فإنه يجب أن يتم تنفيذها في البيئتة‬
‫الخارجية للدولةا‪.‬‬

‫هنتتاك نقطتتة أختترى يتتتم به تا التفريتتق بتتين السياستتة الداخليتتة والخارجيتتة‪ ،‬وهتتي ت ترتب بد ارستتات‬
‫التكامتل واالنتدماو‪ ،‬والتتي تعتبتر السياستة الخارجيتة اكسياستة عليتاا‪ ،‬وبالتتالي فتإن مجالهتا مختلتف‬
‫تمامت تاً ف تتي عم تتل الحكوم تتة‪ ،‬م تتن ه تتذا المنظ تتار فإن تته ي تتتم مس تتاواة السياس تتة الخارجي تتة بال تتدفا والق تتيم‬
‫األساسية للدولة التي ال تتدخل فيها السياسة الداخلية(‪.)2‬‬

‫هن تتاك قض تتية أخ تترى تت ترتب بمص تتطلل االسياس تتةا‪ ،‬م تتاذا تعن تتي االسياس تتةا ف تتي س تتيا السياس تتة‬
‫الخارجيةا وفقا ل ت جونس ‪ jones‬هنتاك فتر بتين السياستة كتصتميم ‪ Policy as design‬والسياستة‬
‫كتطبيق ‪Policy as practice‬؛ فالسياسة كتصميم تعنتي شتيء عمتدي يتتم وضتعه لتحقيتق أهتداف‬
‫معينة‪ ،‬وفي هذا الصدد تصبل السياسة الخارجية خطة عمل‪ ،‬فتي المقابتل االسياستة كتطبيتقا تشتير‬

‫‪1‬‬
‫‪- Steve Smith, “Foreign Policy Is What States Make of It Social Construction and International‬‬
‫)‪Relations Theory”, in: Vendulka Kubalkova(ed.) , Foreign Policy in a Constructed World,‬‬
‫‪Armonk, N.Y. : M.E. Sharpe, c2001( ,p. 38.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Fatih Tayfur , “Main Approaches to the Study of Foreign Policy : a Review” , METU Studies in‬‬
‫‪Development ,21(1),(1994) , p.114.‬‬
‫‪10‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫إلتتى الخطتوات المتختتذة لمواجهتتة المشتتاكل العمليتتة حينمتتا تظهتتر فتتي النظتتام التتدولي‪ ،‬وبالتتتالي تصتتبل‬
‫السياسة الخارجية فعال في حد ذاتها‪.‬‬

‫وقتتد قتتدم جالاليمس روونالالو ‪ James Rousenau‬تصتتو اًر مشتتابهاً للسياستتة الخارجيتتة؛ فوفقتتا لتته‬
‫هنتتاك ثالثتتة تصتتورات للسياستتة الخارجيتتة‪ :‬السياستتة الخارجيتتة كتوجهتتات‪ ،‬السياستتة الخارجيتتة كخطت‬
‫والت ازمتتات والسياستتة الخارجيتتة كنشتتاطات (ستتلوكات)‪ ،‬التوجهتتات هتتي الموجتته األعلتتى للفعتتل‪ ،‬وهتتي‬
‫شبيهة بنظام العمل أو النظتام التداخلي للمسسستة‪ ،‬ومتن هتذا المنطلتق تشتير السياستة الخارجيتة إلتى‬
‫التوجهتتات العامتتة والمبتتاد التتتي تحتتدد ستتلوك الدولتتة فتتي سياستتاتها الدوليتتة إذ أنهتتا متضتتمنة ضتتمن‬
‫الخبرات‪ ،‬العادات وتطلعات مجتمع بعينه‪.‬‬

‫أمتتا السياستتة الخارجيتتة كخط ت والت ازمتتات‪ ،‬فإنهتتا تشتتير إلتتى االستتتراتيجيات والق ت اررات الموجهتتة‬
‫صوب هدف محدد‪ ،‬والتي يتم النظر إليها كترجمة للتوجهات‪ ،‬أو أنها بعبارة أخرى ترجمة للمبتاد‬
‫والمعتتايير‪ ،‬أمتتا السياستتة الخارجيتتة كنشتتام فتهتتتم بستتلوك أو فعتتل الدولتتة تجتتاه أحتتداث ووضتتعيات فتتي‬
‫النظام التدولي بمتا يتوافتق والتوجهتات‪ ،‬الخطت وااللت ازمتات(‪ ،)1‬وبمتا أن الستلوك الختارجي للدولتة هتو‬
‫مختترو عمليتتة صتتنع السياستتة الخارجيتتة‪ ،‬فتتإن تحليتتل السياستتة الخارجيتتة يركتتز علتتى هتتذا الستتلوك فتتي‬
‫محاولة لفهمه وتفسيره والتنبس به‪ ،‬ولهذا تُعرف السياسة الخارجية بأنها سلوكية الدولة تجتاه الوحتدات‬
‫الخارجيتتة بهتتدف الحفتتاا علتتى الستتلوكات المريوبتتة أو تغييتتر الستتلوكات ييتتر المريوبتتة‪ ،‬أمتتا ي ارهتتام‬
‫‪Policy as National‬‬ ‫أليستون فتاعتبر السياستتة فتي ستتيا السياستة الخارجيتتة خيتار وطنتتي‬
‫(‪)2‬‬

‫‪.Choice‬‬

‫وذلت تتك ألن ق ت ت اررات السياست تتة الخارجيت تتة حست تتبه تكت تتون ذات طت تتابع وحت تتدوي‪ ،‬وال يبتعت تتد تعريت تتف‬
‫مودلسالالك كثيت ار عتتن هتتذا التعريتتف حيتتث يعتترف السياستتة الخارجيتتة علتتى أنهتتا انظتتام متتن النشتتاطات‬
‫تُطتتور متتن قبتتل المجتمعتتات لتغييتتر ستتلوك التتدول األختترى وتعتتديل نشتتاطها فتتي البيئتتة الدوليتتةا‪ ،‬فتتي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ibid , p.116.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Graham Allison, “Conceptual Models and the Cuban Missile Crisis” , The American Political‬‬
‫‪Science Review, (63)( 3), (Sep., 1969), p. 693.‬‬
‫‪11‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫المقابل يعرف هولست ‪ Holsti‬السياسة الخارجية بأنها‪" :‬مجمو الق اررات واألعمال التي تقتوم بهتا‬
‫الدولة تجاه البيئة الخارجية لتحقيق أهداف معينةا(‪.)1‬‬

‫أمتا روساليت وسالتار ‪ Russett and Starr‬فيعتبتران السياستة الخارجيتة كمخرجتات للدولتة فتي‬
‫النظام الدولي‪ ،‬أما جيمس روزنو فعرفهتا بأنهتا‪ :‬امجمتو التصترفات الستلطوية التتي تتختذها أو تلتتزم‬
‫باتخت تتاذها الحكوم تتات إم تتا للمحافظ تتة عل تتى الجوان تتب المري تتوب فيه تتا ف تتي البيئ تتة الدولي تتة‪ ،‬أو لتغيي تتر‬
‫الجوانب يير المريوبة فيهاا(‪.)2‬‬

‫ما يمكن مالحظته من خالل التعاريف السابقة‪ ،‬هو تأثرها بالمقاربتات التتي صتيغت ضتمنها‬
‫هتتذه التعتتاريف فكتتل متتن روستتيت وستتتار يعتب تران السياستتة الخارجيتتة كمختترو ‪ ،output‬وهتتو تعريتتف‬
‫متأثر بنموذو دافيد إستون‪ ،‬كما أن تعريف جيمس روزنو متأثر بنموذو الفاعتل العقالنتي فتي صتنع‬
‫القرار‪ ،‬والذي يتم فيه اعتبار صنا القرار فواعل وحدوية باعتبارها تصرفات سلطوية‪.‬‬

‫وعليه؛ يمكتن القتول بتأن السياستة الخارجيتة هتي نشتام رستمي يتتم صتيايته وتنفيتذه متن قبتل‬

‫جه تتات فاعل تتة مخول تتة تمث تتل ال تتدول‪ ،‬وذل تتك كتوجه تتات‪ ،‬خطت ت ‪ ،‬الت ازم تتات وأفع تتال توج تته إل تتى البيئ تتة‬

‫الخارجية للدولة‪.‬‬

‫‪/02-‬وظائف مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬

‫ريم أن معالم تحليل السياستة الخارجيتة بتدأت تتضتل متع تحديتد البتاحثين لمجتال الد ارستة‪ ،‬فتإن‬
‫فهم السلوك الخارجي للدول يتطلب منهم توظيف مقاربات نظرية‪ ،‬تزودهم بأدوات تحليلية تستاعدهم‬
‫على اختزال هذه السلوكيات في مفاهيم وتصورات تمكنهم من وصف وتفسير الواقع‪ ،‬ومن ثم التنبتس‬
‫بالستتلوك الختتارجي للتتدول‪ ،‬فالوظيفتتة األساستتية لمقاربتتات السياستتة الخارجيتتة هتتي تمكيننتتا متتن تحستتين‬
‫معرفتنا بسلوك وحدات النظام الدولي‪ ،‬وعلى تنظيم معلوماتنتا واكتشتاف معلومتات جديتدة أكثتر دقتة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪--K.J Holsti, International politics: A Framework for analysis, 2ed edition (New Jersey :‬‬
‫‪Prentice Hall. Inc. Englewood chiffs, 1972) , p. 21.‬‬
‫‪ -‬محمد السيد سليم‪ ،‬تحليل السياسة الخارجية‪( ،‬مكتبة النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬م‪ ،)1998، 2‬ص ‪.8‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪12‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫إنها تزودنا بإطار للتفكير نحدد فيته أولويتات البحتث ونختتار أفضتل الوستائل المتتوفرة لجمتع وتحليتل‬
‫المعلومتتات‪ ،‬إنهتتا تلفتتت انتباهنتتا إلتتى مجمتتو المتمتتاثالت والتباينتتات فتتي ستتلوك الدولتتة الختتارجي ممتتا‬
‫يساهم في تحديد أنمام السلوك وذلك لتفسيرها والتنبس بها‪.‬‬

‫تعتمتتد مختلتتف مقاربتتات تحليتتل السياستتة الخارجيتتة علتتى مستتتويات ثتتالث فتتي التحليتتل‪ :‬هتتي‬
‫الوصف‪ ،‬التفسير والتنبس‪ ،‬في الدراسة الوصفية يتمحور السسال المهم حتول وصتف وتحديتد الحقتائق‬
‫أي تحديد ما حصل‪ ،‬بينما الدراسة التي تهدف للتنبس فهي تستعى لمعرفتة بمتا يمكتن أن يحصتل متن‬
‫خالل استقراء التوجهات السائدة في المستقبل‪ ،‬أما التفسير فيقوم على دراسات تحتاول تفستير ستلوك‬
‫السياسة الخارجية لدولة ما من ختالل البحتث عتن التدوافع التتي حتدت بتلتك الدولتة للتصترف بطريقتة‬
‫متا ولتيس بتأخرى؛ أي أن مقاربتات السياستة الخارجيتة تهتتم بتثالث أستئلة‪ :‬متاذا حتدثا لمتاذا هتذا‬
‫الحدثا وما ستيحدثا فتي الستلوك الختارجي لدولتة متاا(‪ ،)1‬اوان كتان للباحتث فتي السياستة الخارجيتة‬
‫أن يقوم بدراسة تعتمتد علتى مستتوى واحتد فقت ‪ ،‬فتإن هنتاك ارتبتام بتين المستتويات الثالثتة؛ فالباحتث‬
‫التتذي يقتتوم بد ارستتة تفستتيرية يجتتب عليتته أن يستتتعمل الحقتتائق الوصتتفية‪ ،‬وكتتذلك الحتتال بالنستتبة للتنبتتس‬
‫الذي يقتضي االستعانة بالدراسة الوصفية والتفسيرية للوصول للتنبس الذي يبقى كمستوى مهم تصبو‬
‫إليه مختلف المقاربات النظرية‪.‬‬

‫ول تتو ان الد ارس تتة التفس تتيرية ه تتي م تتن تظ تتل تحظ تتى بش تتعبية كبيت ترة‪ ،‬وم تتادام أن ه تتدف السياس تتة‬
‫الخارجية هو فهتم وتفستير الستلوك الختارجي للتدول‪ ،‬وبتالنظر التى متا يريتده الباحتث؛ فالتفستير يمكتن‬
‫أن يمتتتد متتن الستتمات الشخصتتية للتتزعيم إلتتى طبيعتتة النظتتام التتدولي‪ ،‬وهتتو متتا يتطلتتب متتن دارستتي‬
‫السياسة الخارجية اللجوء إلى مقاربات متعتددة التخصصتات وعبتر تخصصتية‪ ،‬ستيما وأن مرحلتة متا‬
‫بعد السلوكية في العلوم االجتماعية شهدت تراجع عن فكترة استتقاللية الحقتول المعرفيتة عتن بعضتها‬
‫ال تتبعض‪ ،‬و ت ارف تتق ه تتذا الت ارج تتع م تتع الش تتبكية المعرفي تتة ‪ Intra-Disciplinary‬أو م تتا يس تتميه ج تتاك‬
‫‪ cross-fertilized‬التذي شتتهدته مختلتف العلتوم االجتماعيتتة‪ ،‬وهتذا متتا‬ ‫ستنايدر ال َتْل ِقتيل التَ ْه ِجينتتي‬
‫(‪)2‬‬
‫ّ‬

‫‪1‬‬
‫‪-Graham Allison, op.cit.,p. 690.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Thomas J. Christensen and Jack Snyder,”Chain Gangs and Passed Bucks: Predicting Alliance‬‬
‫‪Patterns in Multipolar” , International Organization, 44( 2) (Spring, 1990), , p.138.‬‬
‫‪13‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫أدى متتن وجهتتة نظرنتتا إلتتى رستتم حتتد فاصتتل بتتين متترحلتين فتتي تطتتور مقاربتتات السياستتة الخارجيتتة؛‬
‫األولتى كانتت مرحلتة محاولتة االستتقاللية عتن نظريتات العالقتات الدوليتة متن ختالل محاولتة صتتياية‬
‫مقاربتتات متخصصتتة فتتي تفستتير ستتلوك السياستتة الخارجيتتة للتتدول متتع فتتك ارتباطهتتا بنظريتتة العالقتتات‬
‫الدولي تتة‪ ،‬وله تتذا تص تتنف ض تتمن نط تتا المقارب تتات الجزئي تتة‪ ،‬والمرحل تتة الثاني تتة اتس تتمت ب تتالرجو إل تتى‬
‫استخدام متغيرات نظريات العالقات الدولية في تحليتل السياستة الخارجيتة أو استتخدام مقاربتات كليتة‬
‫في تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المقاربات الجوئية ف تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬

‫لقد أدت الثورة السلوكية التي كانت تصتبو إلتى إضتفاء العلميتة علتى العلتوم االجتماعيتة إلتى‬
‫التوجه نحو بناء حقل معرفي لتحليل السياسة الخارجية‪ ،‬وبالتالي لجأت إلى المقاربات الجزئية وهتي‬
‫مقاربتتات تستتعى ببستتاطة حستتب اجتتون يارنيتتتا ‪ John C. Garnett‬إل تى إلقتتاء الضتتوء عل تى‬
‫الجوانتتب الجزئيتتة فتتي الحيتتاة الدوليتتةا(‪ ،)1‬فهتتي تهتتتم بجتتزء واحتتد متتن الظتتاهرة السياستتة ُمغفلتتة بتتاقي‬
‫الظ تواهر أو تهتتتم بوضتتع استتتثنائي فتتي الدولتتة كد ارستتة ستتلوك الدولتتة فتتي األزمتتات(‪ ،)2‬وهتتي د ارستتات‬
‫الق تتت الكثي تتر م تتن ال تترواو ف تتي فتت ترة الح تترب الب تتاردة‪ ،‬وف تتي المقاب تتل تبح تتث الد ارس تتات المقارن تتة ع تتن‬
‫االنتظامات في الظاهرة السياسية من أجل الوصول إلى التعميم‪.‬‬

‫‪/01-‬مقاربة صنع القرار ف السياسة الخارجية‪.‬‬

‫تعتتد عمليتتة صتتنع الق ترار عمليتتة مالزمتتة لجميتتع األنظمتتة السياستتية س تواء فتتي ق ارراتهتتا الموجهتتة‬
‫للداخل أو للخارو‪ ،‬ولهتذا فقتد اعتبتر رواد هتذه المقاربتة أن السياستة الخارجيتة هتي عبتارة عتن سلستلة‬
‫من الق اررات التتي يتتم اتخاذهتا متن قبتل صتانعي القترار‪ ،‬وهنتا تجتدر اإلشتارة إلتى أن مقاربتة السياستة‬
‫الخارجية لم تختلف كثي ار مع النظرية الواقعية في اعتبار الدولة الفاعل الوحيد في العالقات الدولية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪John C. Garnett, Commonsense and the Theory of International Politics (New york: SUNY Press,‬‬
‫‪1984), p. 27.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Steve Smith and Others, «Introduction» , in : Steve Smith and Others , Foreign Policy: Theories,‬‬
‫‪Actors, Cases,(Oxford : Oxford University Press ,2012), p. 04.‬‬
‫‪14‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫ومتتع ذلتتك تظتتل التتدول بالنستتبة لهتتم هتتي فاعتتل مجتترد يتصتترف األف تراد باستتمها‪ ،‬ولهتتذا فإنهتتا مقاربتتة‬
‫‪.Agent-oriented approch‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الفاعل المو ِجه‬

‫على هذا األساس يرتب تفسير السياسة الخارجية بتفسير سلوك األفراد أو المجموعة التي تتخذ‬
‫الق ت ترار ضت تتمن ست تتيا السياست تتة الخارجيت تتة‪ ،‬ه ت تسالء األف ت تراد يتخت تتذون ق ت ت اررات تكت تتون ست تتمتها األساست تتية‬
‫العقالنية‪ ،‬فإذا كان صنع القرار هو جوهر تحليتل السياستة الخارجيتة‪ ،‬فتإن العقالنيتة هتي لتب عمليتة‬
‫صتتنع القترار‪ ،‬وفقتتا لهتتذا النمتتوذو فتتإن أي د ارستتة لستتلوكات السياستتة الخارجيتتة تقتضتتي النظتتر إلتتى‬
‫عقالنية أفعال صانعي القرار؛ التي تُتخذ باسم الدولة بدل اعتبار الدول كفاعل في حد ذاتته؛ فهتسالء‬
‫التذين يتصترفون باستتم الدولتتة هتتم فواعتتل وحدويتتة يتصترفون بصتتوت واحتتد ويحملتتون صتتورة واحتتدة‪،‬‬
‫ولديهم نفس األهداف‪ ،‬الفاعل العقالني يضع مجموعة من األهداف من خالل حسابات دقيقة تحتدد‬
‫من خاللها االحتماالت البديلة لبلوغ هذه األهداف‪.‬‬

‫بعبارة أخرى‪ ،‬هسالء الذين يتصرفون باسم الدولة لديهم المعلومات الكاملة‪ ،‬ويأخذون كتل فرصتة‬
‫بعين االعتبار ومن ثم يحددون السياسة األنسب‪ ،‬فهم يحددون أهتدافهم والخيتارات والنتتائل المحتملتة‬
‫لكتتل خيتتار‪ ،‬ومتتن ثتتم يحتتددون الخيتتار األفضتتل علتتى ضتتوء األهتتداف الموضتتوعة(‪ ،)2‬وهتتو تمام تاً متتا‬
‫حاول غراهام أليسون ‪ Graham Alliso‬شرحه من خالل تحليله لتعامل الرئيس األمريكي جالون‬
‫كندي مع أزمة الصواريخ الكوبية ‪1962‬؛ هذه األزمة التتي جتاءت عقتب اكتشتاف الواليتات المتحتدة‬
‫األمريكية أن االتحاد السوفيتي قام بتنصيب صواريخ متوسطة المتدى فتي كوبتا‪ ،‬وهتي صتواريخ يبلت‬
‫متتداها المتتدن األمريكيتتة‪ ،‬كم تتا يمكتتن أن تتتزود ب تترسوس نوويتتة‪ ،‬لكتتن ورداً عل تتى هتتذا قامتتت الوالي تتات‬
‫المتحتتدة األمريكيتتة بحصتتار الجزي ترة إلتتى أن قتتام االتحتتاد الستتوفياتي بإ ازلتتة هتتذه الص تواريخ‪ ،‬وحستتب‬
‫ألسون كان الرئيس كندي ومستشاروه أمام ستة خيارات كالتالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Valerie Hundson , Foreign Policy Analysis: Classic and Contemporary Theory ,(Plymouth :‬‬
‫‪Rowman & Littlefield Publishing Group .Inc , 2007) , p . 06.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Marc Johanand P. Olsen,Rediscovering Institutions: The Organizational Basis of Politics , (New‬‬
‫‪York, Free Press, 1989),p . 23.‬‬
‫‪15‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫‪ -‬عدم القيام بأي خطوة‪.‬‬

‫فضتعف الواليتات المتحتدة أمتام صتواريخ االتحتاد الستوفياتي لتيس شتيئاً جديتداً؛ فالصتواريخ‬
‫المنصوبة في كوبا لن تغير كثي اًر من هذه الحقيقة‪ ،‬والخطر الحقيقي يكمتن فتي رد الفعتل األمريكتي‬
‫الذي يمكن أن يكون مبالغاً فيه‪ ،‬ولهذا على الواليات المتحدة األمريكية أن تتعامتل بحكمتة متع هتذه‬
‫القضتية متن أجتل نتز فتيتل األزمتة وعتدم تمكتين خروتشتوف متن استتغاللها‪ ،‬هتذا الخيتار استتُبعد‬
‫لسببين‪ :‬األول ألنه يقلل بشكل كبير من أهميتة الخطتوة الروستية‪ ،‬كمتا أنته سيفستل المجتال للجانتب‬
‫السوفياتي استغالل هذا األمر وعكس ميزان القوة لصالحه؛ أما السبب الثاني فيعود إلى أنعدم القيام‬
‫بتأي خطتوة ستيسدي إلتى ضترب مصتداقية الواليتات المتحتدة األمريكيتة‪ ،‬خاصتة بعتد أن وجته الترئيس‬
‫األمريكي تهديدا شديد اللهجة للجانب السوفياتي عقب اكتشاف الصواريخ(‪.)1‬‬
‫‪ -‬ممارسة ضغط دبلوماس ‪.‬‬
‫ويمكن أن يتم ذلك عبر العديد من الوسائل على يرار دعوة األمم المتحتدة إلرستال فتر تفتتي‬
‫أو الدخول في مفاوضات مباشرة أو يير مباشرة مع االتحاد السوفياتي من أجل‬

‫طتر خيتار تحييتد كوبتا تمامتا متن الصت ار الستوفياتي األمريكتي مقابتل‬
‫نتز فتيتل األزمتة‪ ،‬كمتا ُ‬
‫انسحاب األخيرة من جزيرة يوانتانامو وسحب الصواريخ البالستية المسماة بت اجوبيترا إما من تركيا‬
‫أو إيطاليتا‪ ،‬ولكتن هتذا الخيتار تتم استتبعاده؛ ألن أي قترار يمكتن أن يقتدم لمجلتس األمتن متن أجتل‬
‫س ُتيجابه بتالفيتو الستوفياتي‪ ،‬كمتا أن متن شتأن تقتديم تنتازالت أن يغتري موستكو‬ ‫إرستال فتر للتفتتي‬
‫بتقديم المزيد من المطالب خاصة وأن هذه الخطوة قتد تقت أر علتى أنهتا دليتل علتى الموقتف الضتعيف‬
‫الذي وجدت الواليات المتحدة األمريكية نفسها فيه‪.‬‬

‫‪ -‬التقرب من كاسترو‪.‬‬
‫وهتذا متن أجتل كستر تحالفته متع الستوفيات‪ ،‬ومتع أن احتمتاالت نجتا هتذا الخيتار تكتاد تكتون‬
‫معدومتة‪ ،‬وحتتى لتو نجتل ال يمكتن أن يحقتق الغترض المطلتوب منته؛ فقترار نتز هتذه األستلحة أو‬
‫إبقائها بيد موسكو‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Graham Allison, op,cit., p.696 .‬‬
‫‪16‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫‪ -‬غوو كوبا‪.‬‬
‫يمكن أن تستغل الواليات المتحدة األمريكية هذه الفرصة ليس فق إلزالة الصواريخ ولكتن أيضتا‬
‫للتخلص من كاسترو‪ ،‬ولكن مثل هذا الخيار يمكن أن يشعل حرب نووية‪ ،‬كما أنته متن الممكتن أن‬
‫يقوم االتحاد السوفياتي بخطوة مماثلة من خالل يزو ألمانيا الغربية‪.‬‬

‫‪-‬القيام بضربات جوية خاطفة‪.‬‬

‫وذلتك متن ختالل قصتف هتذه الصتواريخ وتحييتد خطرهتا‪ ،‬دون المجازفتة بتأن يكتشتف االتحتاد‬
‫الستوفياتي هتذه الخطتوة‪ ،‬ولكتن تتم استتبعاد هتذا الخيتار ألن تحييتد هتذه الصتواريخ ال يتتم متن ختالل‬
‫عملية خاطفة‪ ،‬اوانما من ختالل عمليتة كبيترة تضتمن تتدمير كافتة الصتواريخ؛ فعتدم تتدميرها بالكامتل‬
‫ستيسدي إلتى مقتتل العديتد متن الطيتارين األمتريكيين كمتا ان االتحتاد الستوفياتي قتد يترد علتى هتذه‬
‫الخطوة من خالل احتالل ألمانيا أو تركيا(‪.)1‬‬

‫‪-‬الحصار‪.‬‬

‫حيتتث يتتتم القيتتام بعمليتتة عستتكرية ييتتر مباش ترة وذلتتك متتن ختتالل حصتتار كوبتتا‪ ،‬لكتتن وبتتالريم متتن‬
‫الستتلبيات التتتي قتتد تتتنجم عتتن هتتذا الق ترار التتذي قتتد يتتتيل لالتحتتاد الستتوفياتي الوقتتت إلكمتتال نصتتب‬
‫الص تواريخ كمتتا قتتد يفتترض علتتى الواليتتات المتحتتدة اتختتاذ ق ترار حاستتم فتتي حالتتة عتتدم استتتجابة الستتفن‬
‫السوفياتية لقرار الحصار األمريكي‪ ،‬فإن هذا الخيار يبقى الخيار األفضل؛ فهو من جهة بمثابة حل‬
‫وست ت ب تتين ع تتدم القي تتام ب تتأي خط تتوة وب تتين ي تتزو كوب تتا‪ ،‬وم تتن جه تتة أخ تترى يرم تتي الكت ترة ف تتي ملع تتب‬
‫تالي أفضتتل متتدام أنهتتا ستنشتتر قواتتته‬
‫يورباتشتتوف ويجعتتل الواليتتات المتحتتدة األمريكيتتة فتتي وضتتع قتت ا‬
‫البحريتتة فتتي الكراييبتتي(‪ ،)2‬ولهتتذا كتتان الخيتتار الستتادس هتتو الخيتتار األفضتتل (العقالنتتي) بتتالنظر إلتتى‬
‫األهداف المرسومة والمتمثلة في المحافظتة علتى مكانتة الواليتات المتحتدة كزعيمتة للمعستكر الغربتي‪،‬‬
‫وضمان نز الصواريخ دون إشعال فتيل حرب بين البلدين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ibid, p.697.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid.,p.698.‬‬
‫‪17‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫إال أن مختلف األزمات التي ستادت مرحلتة الحترب البتاردة‪ ،‬ومجموعتة القت اررات التتي كتادت فتي‬
‫مرحلة معينة أن تسدي إلتى إشتعال فتيتل حترب عالميتة ثالثتة‪ ،‬أدت إلتى إعتادة النظتر فتي العقالنيتة؛‬
‫حيث أن األزمات أظهرت أنه من المستتحيل الحصتول علتى معلومتات كافيتة للبتدائل المتاحتة‪ ،‬اوانمتا‬
‫متخذ القرار يتخذ القرار من بين البدائل التي يراها مناستبة فتي تلتك المرحلتة‪ ،‬ولهتذا فإنته تتم االنتقتال‬
‫متن الحتديث عتن العقالنيتة إلتى الحتديث عتن العقالنيتة المحتدودة ‪ ،Bounded Rationality‬وهتذا‬
‫متتا تمختتض عنتته ظهتتور مقتربتتات فرعيتتة عتتن مقتتترب صتتنع الق ترار فتتي السياستتة الخارجيتتة‪ ،‬حاولتتت‬
‫دراسة مختلف العقبات التي تحول دون تحقيق العقالنية‪.‬‬
‫أ‪ -‬صانع القرار اإلد ار وسوء اإلد ار ‪.‬‬
‫بعتتد بدايتتة التشتتكيك فتتي العقالنيتتة ود ارستتة العقبتتات التتتي تحتتول دونهتتا‪ ،‬بتتدأ رواد هتتذه المقاربتتة فتتي‬
‫االستعانة بد ارستات نفستية لقت اررات األفتراد‪ ،‬وذلتك لتحديتد التدوافع الكامنتة وراءهتا؛ أي فتي محاولتة متنهم‬
‫لتفسير العالقة بين الفرد والسياسة الخارجية من خالل تحديد طبيعة شخصية متخذ القرار‪ ،‬التتي تتسثر‬
‫على طبيعة الق اررات بما أن السمات الشخصية كالتسل أو االنفتا ‪ ،‬الهدوء أو العصبية وييرها من‬
‫الستتمات تجعتتل قت اررات صتتانع القترار تنحتتو صتتوب اتجتتاه معتتين‪ ،‬وبالتتتالي أصتتبل متتن الضتتروري د ارستتة‬
‫متغيترات الصتورة ‪ Image‬والنظتام العقتدي ‪ Belief System‬التتي يحملهتا صتانع القترار‪ ،‬وهتذا يرجتع‬
‫بدرج تتة أول تتى إل تتى حقيق تتة أن تفس تتير المعلوم تتات الت تتي يتلقاه تتا ص تتانع القت ترار تخض تتع لنظ تتام الص تتور‬
‫والمعتقتتدات التتتي يحملهتتا‪ ،‬حيتتث أنتته فتتي ظتتل نفتتس الظتتروف يمكتتن أن يتصتترف صتتانعوا القترار بطتتر‬
‫مختلفة‪ ،‬وذلك باختالف صورهم الذهنية حول الظاهرة؛ فصانع القرار يحاول قراءة األحداث من ختالل‬
‫الصتتور والنظتتام العقتتدي وقتتد يصتتل األمتتر وقتتد يصتتل األمتتر بتته إلتتى تجاهتتل المعلومتتات التتتي تنتتاقض‬
‫الص تتورة والنظ تتام العق تتدي لدي تته(‪ ،)1‬أو عل تتى األق تتل يعي تتد تش تتكيلها بم تتا يتواف تتق وتص تتوراته لتجن تتب ع تتدم‬
‫وله تتذا فه تتو عرض تتة للتش تتويه وس تتوء إدراك‬ ‫االتس تتا ‪ ،‬كم تتا يمي تتل ص تتانع القت ترار إل تتى ادركم تتا يتوقع تته‪،‬‬
‫للمعلومات القادمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Fatih Tayfur, op. cit., p.p.131-132.‬‬
‫‪18‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫وق تتد أك تتد روب تترت جت ترفس ‪ Robert Jervis‬ف تتي د ارس تتة ل تته ح تتول اإلدراك وس تتوء اإلدراك ف تتي‬
‫السياستة الدوليتتة أن هنتتاك نمت مشتترك متتن ستتوء اإلدراك فتتي السياستة الخارجيتتة‪ ،‬واحتتد منهتتا يعكتتس‬
‫الميل نحو رسية الخصوم علتى أنهتم أكثتر عتداوة ممتا هتم عليته فتي الحقيقتة‪ ،‬فصتانع القترار أو حتتى‬
‫مجموع ت ت تتة ص ت ت تتناعة القت ت ت ترار تُخض ت ت تتع تصت ت ت ترفات ا خت ت ت ترين إل ت ت تتى الص ت ت تتورة الت ت ت تتي يحملونه ت ت تتا ع ت ت تتنهم‬
‫(أصدقاء‪/‬أعداء‪/‬حلفاء‪/‬شركاء‪ )...‬وتفسر هذه التصرفات حسب هذه الصورة‪ ،‬حيث أن صتانع القترار‬
‫يخضع إلى ما ُيعرف في علتم التنفس بتحقيتق النبتوءة الذاتيتة ‪،The Self-fulfilling Prophecy‬‬
‫وتحقيق هذه األخيرة هو في البداية عبارة عن مفهوم خاطئ عن الوضع يسدي إلتى تصترفات تتسدي‬
‫بتتدورها إلتتى تأكيتتد المفهتتوم(‪ ،)1‬فالصتتورة التتتي حملتهتتا الواليتتات المتحتتدة عتتن االتحتتاد الستتوفياتي بأنتته‬
‫عدو أدى إلى تصرفات من الطرفين أدت إلى تأكيد هذه الصورة‪.‬‬

‫ساهمت مقاربة اإلدراك وسوء اإلدراك في إضافة العوامل الذاتية في عملية صنع القرار‪ ،‬وعليته‬
‫لم يعد الباحث في إطار مقاربة صنع القرار يكتفي بدراسة العوامتل الموضتوعية المرتبطتة بالعقالنيتة‬
‫اوانما يحاول أيضا الغوص في أعما ومكنونات شخصية صانع القرار بجمع معلومات حول سيرته‬
‫الذاتية‪ ،‬رسيته للعالم‪ ،‬قيمه وشخصيته‪.‬‬
‫ب‪ -‬التفكير الجمع ‪.‬‬
‫قام إيرفنغ جان ‪ Irving Janis‬بدراسة خمتس قت اررات فتي السياستة الخارجيتة األمريكيتة لتم تحقتق‬
‫فيهتتا هتتذه الق ت اررات األهتتداف المرجتتوة منهتتا‪ ،‬أي أنهتتا كانتتت ق ت اررات ييتتر عقالنيتتة‪ ،‬حيتتث أكتتد أن هتتذا‬
‫الفشل مترده إلتى متا أطلتق عليته جتانيس التفكيتر الجمعتي ‪ ،Groupthink‬حيتث أن السياستة الخارجيتة‬
‫التي تصنع ضمن مجموعات صغيرة كانتت عرضتة إلتى اإلخفاقتات؛ بمتا أن المجموعتة توقتف التفكيالر‬
‫النقدي لصالل التفكير الجمع ‪ ،‬حيث تُمارس ضغوم علتى أعضتائها للتصترف بطريقتة تتوافتق وبتاقي‬
‫األعضتتاء متتع عتتدم معارضتتة وجهتتة نظتتر المجموعتتة حتتتى ولتتو كانتتت تتعتتارض ووجهتتة نظتترهم(‪ ،)2‬ممتتا‬
‫يسدي إلى فشل هذه السياسات التي تُتخذ ضمن هذه المجموعات؛ فعملية اتخاذ القرار في المجموعات‬

‫‪1‬‬
‫‪Robert Jervis, Perception and Misperception in International Politics , (Princeton University‬‬
‫‪Press Princeton, New Jersey , 1976) , p. 67‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Fatih Tayfur, op. cit.,p.133.‬‬
‫‪19‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫الصغيرة يتطلب تكريسا أعمى للوحدة بين أعضاء المجموعة‪ ،‬ويتم تجاهل المعلومات واألفكار التي ال‬
‫تتوافتتق وتنفيتتذ اإلجمتتا الستتائد‪ ،‬لهتتذا فتتإنهم مجبتترون علتتى قمتتع شتتكوكهم حتتول إمكانيتتة نجتتا الخطتتة‬
‫الموضت تتوعة بمت تتا أن الفكت تتر النقت تتدي عيت تتر مست تتمو بت تته‪ ،‬فت تتالتفكير الجمعت تتي يتست تتم باالتست تتا المعرفت تتي‬
‫‪ Cognitive Consistency‬متتع أراء المجموعتتة ويتتسدي بالنتيجتتة إلتتى عتتدم د ارستتة البتتدائل الممكنتتة‬
‫وتحديتتد الخيتتار المناستتب متتن بينهتتا‪ ،‬كمتتا أنتته يتس تتم بعتتدم البحتتث الكتتافي عتتن المعلومتتات والتتتي ي تتتم‬
‫اختيارهتتا بطريقتتة انتقائيتتة تتوافتتق متتع رأي المجموعتتة(‪ ،)1‬وقتتد حتتدد جتتانيس ثمت ت‪ 08‬تتانية أع تراض للتفكيتتر‬
‫الجمعي وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬وهم التحصين والذي يخلق تفاسل مفرم يسدي للمجازفة؛‬
‫‪ .2‬المعتقدات يير القابلة للتشكيك في المنظومة األخالقية للجماعة؛‬
‫‪ .3‬المحاوالت الجماعية للعقلنة من أجل الحد من التحذيرات؛‬
‫‪ .4‬الصورة النمطية عن قادة العدو بأنهم أشرار إلى درجة ال يمكن مفاوضتهم؛‬
‫‪ .5‬الرقابة الذاتية لعدم الحياد عن اإلجما ؛‬
‫‪ .6‬المشاركة في وهم اإلجما فيما يتعلق باألحكام التي تتوافق ونظرة األيلبية؛‬
‫‪ .7‬ضغ كبير على أي فرد يبدي حجة قوية مناوئة لرأي الجماعة؛‬
‫‪ .8‬وجود أفراد عينوا أنفسهم ضمن المجموعة لحراسة األفكار السائدة ‪Mindguard‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ومتتن بتتين الح تتاالت التتتي درس تتها جتتانيس كان تتت عمليتتة خل تتيل الخنتتازير‪ ،‬والت تتي كانتتت محاول تتة‬
‫أمريكيتتة فاشتتلة لقل تتب نظتتام في تتديل كاستتترو عتتن طري تتق يتتزو جن تتوب كوبتتا وقلتتب نظامه تتا متتن قب تتل‬
‫المنفي تتين‪ ،‬حي تتث ولتحقي تتق ه تتذا اله تتدف ش تتكل الت ترئيس األمريك تتي لجن تتة خاص تتة ُعرف تتت باس تتم اللجن تتة‬
‫الخاصة الموسعة ‪ The Special Group Augmented‬والتي ضمت في عضوتها كل من ماك‬
‫جتورو بونتدي مستشتار الترئيس ل متن القتومي والجنترال روزويتل كلباتريتك متن البنتتايون والجنترال‬
‫ليمان ليمنتزر رئيس هيئة األركتان المشتتركة‪ ،‬باإلضتافة إلتى كتل متن الجنترال تتايلور والنائتب العتام‬

‫‪- Lauren Renee Beckner,Decision-Making during National Security Crisis: The Case of the JFK‬‬
‫‪1‬‬

‫‪Administration , (Master Thesis , faculty of the Virginia Polytechnic Institute and State University,‬‬
‫‪University of Virginia :2012 ) , p . 3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪( Fatih Tayfur, op. cit.,p.134.‬‬
‫‪20‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫روبترت كينتدي‪ ،‬وريتم أن كتال متن وزيتر التدفا روبترت مكنمتا ار وزيتر الخارجيتة دين ارستك لتم يكونتا‬
‫عضوين في هذه اللجنة إال أنهما حض ار كافة االجتماعات تقريباً‪.‬‬

‫عتتالوة علتتى متتا ستتبق حلتتل جتتانيس أهتتم ستتمات التفكيتتر الجمعتتي ضتتمن هتتذه المجموعتتة حيتتث‬
‫ظهتترت أع تراض االتستتا المعرفتتي عنتتد بدايتتة التخطتتي لهتتذه العمليتتة؛ فتتريم أن المعلومتتات المت توافرة‬
‫كان تتت تن تتاقض رأي مجموع تتة ص تتناعة القت ترار فإن تته ت تتم تجاهله تتا‪ ،‬كم تتا ب تتدا جلي تتا ع تتدم كفاي تتة ال تتدعم‬
‫اللوجستتتيكي التتتي تتتم إق ت ارره ختتالل مختلتتف االجتماعتتات‪ ،‬وحينمتتا عرضتتت هيئتتة األركتتان المشتتتركة‬
‫خطتها للقيام بالعملية بدأت بعض األصوات المشككة في هذه العملية ولكن سرعان ما تتم إستكاتها‪،‬‬
‫باإلضافة الى ذلك تم تجاهل محدودية المعلومات الجغرافيتة حتول خلتيل الخنتازير ولتم يتتم الحصتول‬
‫على معلومات كافية حول شعبية الرئيس فيدال كاسترو‪ ،‬ومن ثم لم تحقق الغارات الجويتة األهتداف‬
‫المتوختتاة منهتتا وبتتدال متتن ذلتتك تتتم تجاهتتل كتتل هتتذه الحقتتائق حيتتث متتارس الترئيس كنتتدي دور حتتارس‬
‫فتتي مختلتتف االجتماعتتات علتتى طتتر أعضتتاء‬ ‫األفكتتار لتمريتتر هتتذه العمليتتة؛ ولهتتذا اقتصتتر النقتتا‬
‫المجموعة لرأيهم بالموافقة أو عدمها دون إبداء حججهم وعلتى هتذا األستاس وافتق الجميتع علتى هتذه‬
‫الخطة(‪.)1‬‬

‫وعليه فإن مقاربتة صتنع القترار لتم تعتد تقتصتر فتي تحليلهتا علتى البيئتة الموضتوعية التتي تتسدي‬
‫بالضتترورة إلتتى اتختتاذ ق ت اررات عقالنيتتة‪ ،‬اوانمتتا أصتتبحت تتتدرس كتتذلك البيئتتة النفستتية (اإلدراك وستتوء‬
‫اإلدراك) والبيئ تتة االجتماعي تتة (التفكي تتر الجمع تتي)؛ عل تتى أن ه تتاذين الع تتاملين ق تتد يسدي تتان إل تتى اتخ تتاذ‬
‫ق اررات يير عقالنية‪.‬‬

‫ازدهتترت هتتذه الد ارستتات فتتي فت ترة بل ت فيهتتا الص ت ار بتتين االتحتتاد الستتوفياتي والواليتتات المتحتتدة‬
‫األمريكية ذروته‪ ،‬إال أنها بدأت تتراجع لعدة أسباب تتأرو بين األسباب المتعلقة بالواقع السياسي في‬
‫تلك الفترة وبين التطورات التي شهدها حقل الدراسات السياسية‪ ،‬ويمكن أن نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Lauren Renee Beckner, op.cit., p . 34.‬‬
‫‪21‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫‪-‬ت ارجتتع حتتدة الص ت ار بتتين االتحتتاد الستتوفياتي والواليتتات المتحتتدة ممتتا أدى إلتتى ت ارجتتع الد ارستتات‬
‫المتعلقتتة بصتتناعة الق ترار ختتالل فت ترة األزمتتات‪ ،‬بالنتيجتتة بتتدأت أجنتتدة البحتتث فتتي السياستتة الخارجيتتة‬
‫تتغير من التركيز على القضايا العسكرية إلى التركيز على القضايا االقتصادية‪.‬‬
‫‪-‬بتتروز أشتتكال جديتتدة متتن التعتتاون التتدولي‪ ،‬أدى إلتتى بتتروز فواعتتل متتا فتتو الدولتتة‪ ،‬وأدت بالتتتالي‬
‫إلى تراجع مستلمة الفاعتل المتمحتور حتول الدولتة ‪ State Centered Assumption‬فتي العالقتات‬
‫الدولية‪.‬‬
‫‪-‬تعتترض مقاربتتة صتتناعة الق ترار فتتي السياستتة الخارجيتتة إلتتى انتقتتادات الذعتتة متتن قبتتل نم الالو‬
‫السياسالالات البيروقراطيالالة‪ ،‬والتتذي شتتكك فتتي كتتون عمليتتة صتتنع الق ترار عمليتتة وحدويتتة‪ ،‬فهتتي عمليتتة‬
‫تخضتتع –حستتبهم‪ -‬إلتتى مستتاومات وتنتتازالت بتتين مختلتتف الفواعتتل السياستتية فتتي الدوليتتة‪ ،‬وعليتته؛ لتتم‬
‫تعتتد تقتصتتر د ارستتة عمليتتة صتتنع الق ترار علتتى صتتانعي الق ترار متتن السياستتيين فحستتب بتتل أصتتبحت‬
‫تتعتتداهم إلتتى البيروقتراطيين التتذين يستتاهمون بشتتكل كبيتتر فتتي هتتذه العمليتتة‪ ،‬وقتتد يتجتتاوز دورهتتم ‪-‬فتتي‬
‫بعض األحيان‪ -‬دور القادة السياسيين على اعتبار أن البيروقراطيين يمتلكون خبترة كبيترة فتي مجتال‬
‫اتخاذ الق اررات‪ ،‬ويالبا ما يلجأ إليهم السياسيون قبل اإلقدام على أي خطوة‪.‬‬
‫‪-‬ريم أن مقاربة صنع القرار كانت نتاجا للثورة الستلوكية فتي العلتوم السياستية‪ ،‬إال أنهتا لتم تحقتق‬
‫الهدف األساسي الذي كانتت تصتبوا إليته الستلوكية وهتو تحقيتق التعمتيم؛ فمقاربتة صتنع القترار تتدخل‬
‫ضمن نطتا النظريتات متوستطة المتدى التتي ال تهتدف إلتى الوصتول إلتى إنتظامتات متعلقتة بستلوك‬
‫الدولة اوانما تهدف إلى دراسة هذا السلوك في حاالت خاصة كاألزمات‪.‬‬

‫‪/02-‬مقاربة السياسة الخارجية المقارنة‪.‬‬


‫يعت تتد ظهت تتور مقاربت تتة السياست تتة الخارجيت تتة المقارنت تتة بت تتدورها نتيجت تتة مباش ت ترة للموجت تتة الست تتلوكية فت تتي‬
‫الخمسينات‪ ،‬وكما ذكرنا فإن الفكرة المركزية في الحركة السلوكية هي إقامة منهل علمتي للبحتث أي‬
‫منهجيتة تجريبيتة ‪ Systemic-empirical‬لجمتع المعطيتات‪ ،‬التصتورات‪ ،‬اختبتار الفرضتيات وبنتاء‬

‫‪22‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫النظرية‪ ،‬وفي المقابل فإن الهدف األسمى للسياسة الخارجية المقارنة ‪ ،CFP‬كان بناء نظريتة عامتة‬
‫في السياسة الخارجة عن طريق إيجاد تعميمات قانون التشابه(‪.law-like generalizations)1‬‬

‫لتحقيق هذا الغرض أي تفسير سلوكات السياسة الخارجية والمقارنة بينها من أجتل الوصتول إلتى‬
‫التعمتيم‪ ،‬فإنتته يجتب القيتتام بعمليتتة مالحظتة منظمتتة للظتتاهرة‪ ،‬ينبثتتق عنهتتا تصتنيف لمختلتتف أنمتتام‬
‫أفعتتال السياستتة الخارجيتتة‪ ،‬ثتتم ستتتقود هتتذه العمليتتة إلتتى تعمتتيم تقتتاس بتته ستتلوكات السياستتة الخارجيتتة‬
‫للتتدول؛ فعكتتس مقاربتتة صتتنع الق ترار فتتإن مقاربتتة السياستتة الخارجيتتة المقارنتتة تتترى بتتأن دوافتتع ونوايتتا‬
‫صتتنا القترار ال تتتدخل ضتتمن نطتتا اهتماماتهتتا‪ ،‬علتتى اعتبتتار أن هتتذه األمتتور ال يمكتتن مالحظتهتتا‪،‬‬
‫فالدراسة تقتصر فق على أفعال السياستة الخارجيتة التتي يجتب أن تكتون ُمعرفتة علميتا متن أجتل أن‬
‫يتم تصنيفها وقياس كل فعل فيها‪.‬‬
‫هتتذا متتا ستتيجعل أي فعتتل فتتي السياستتة الخارجيتتة قتتابال للقيتتاس حتتين يحتتدث؛ بمعنتتى أنتته يمكتتن‬
‫تصتتور الستتلوك تحتتت مجموعتتة متتن األفعتتال القابلتتة للمالحظتتة والمقارنتتة متتن أجتتل أن ُنكت ِتون عنهتتا‬
‫بيانات قابلة للفحص والقياس‪ ،‬ولهذا فإن هذه األفعال أو األحداث ‪ -Events‬كما ُيطلق عليها رواد‬
‫مقاربة السياسة الخارجية المقارنة‪ -‬هي المتغير التابع في هذه المقاربة‪ ،‬كما تشكل وحتدة المالحظتة‬
‫والتي يتم تصنيفها للخروو بأنمام مشتركة في سلوك الدولة من خالل تشتكيل قاعتدة متن المعطيتات‬
‫حتول هتذه األحتداث ‪Data Events‬؛ فالباحتث فتي السياستة المقارنتة يبحتث عتن األنمتام واألحتداث‬
‫ييتتر الفريتتدة ‪ Idiographic Non‬لتجتتاوز د ارستتات الحالتتة الوصتتفية الالتراكميتتة لبنتتاء تفستتير لمتتا‬
‫يتحكم بسلوك السياسة الخارجية‪ ،‬وذلك عن طريق معالجة المعطيات كمياً أو كيفياً‪.‬‬
‫من الناحية الكمية يتم االعتماد على المنهل اإلحصائي والقياس الكمي الذي طور هذه الدراسات‬
‫متتن الناحيتتة التقنيتتة بعتتد ادختتال الكمبيتتوتر‪ ،‬وفتتي هتتذا اإلطتتار قتتام ويكنفالالالد بد ارستتة العالقتتة بتتين‬
‫التوترات على المستوى التداخلي للدولتة (المتغيتر المستتقل) والستلوك العتدواني التذي تتبنتاه التدول فتي‬

‫‪1‬‬
‫‪-Valerie Hundson, “Foreign Policy Analysis: Actor-Specific Theory and the Ground of‬‬
‫‪International Relations” , Foreign Policy Analysis , 1 (1)(2005) , p . 09.‬‬

‫‪ -‬يعد كينيث جندا‪ Kenneth Janda ،‬أو من اهتم بإدخال الكمبيوتر في العلوم السياسية وذلك في مقال له بعنوان ا بعض‬
‫برامل الحاسوب في العلوم السياسية‪ ،‬نشرسنة ‪.1967‬‬

‫‪23‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫سياستها الخارجية (المتغير التابع )‪ ،‬حيث قام بمالحظة سلوك ما يزيد عن ‪ 73‬دولة وحلل ستلوكها‬
‫فتتي الفت ترة الممتتتدة متتا بتتين ستتنتين ‪ 1955‬و‪ ،1960‬ليتوصتتل إلتتى نتيجتتة مفادهتتا أنتته كلمتتا ازدادت‬
‫التتوترات الداخليتتة اتجهتتت الدولتتة إلتتى خلتتق مشتتاكل خارجيتتة متتن أجتتل إخمتتاد فتيتتل األزمتتات الداخليتتة‬
‫وكسب تعاطف مواطنيها(‪.)1‬‬
‫أما المعالجة الكيفية للمعطيات فإنها تتم عن طريق إعتداد نمتاذو عتن طريتق مالحظتة عتدد متن‬
‫المعطيتات‪ ،‬تمكتن تتدريجياً متن بنتاء نمتاذو تصتلل لشتر مجموعتة متن األوضتا المتقاربتة‪ ،‬وذلتك‬
‫للتوصتل إلتى تصتنيفات نمطيتة للسياستة الخارجيتة ‪ Typologies of Foreign Policy‬ومتن ثتم‬
‫بناء نظرية عامة‪ ،‬وفي هذا الصدد قدم" جيمس روونو " ما أسماه –نظرية أولية – )‪(pre-theory‬‬
‫حيث حدد ما اعتبتره أهتم العوامتل التتي تفستر ستلوك السياستة الخارجيتة وهتي‪ )1( :‬العوامتل النفستية؛‬
‫(‪ )2‬عوامتتل التتدور؛ (‪ )3‬العوامتتل الحكوميتتة؛ (‪ )4‬العوامتتل المجتمعيتتة؛ (‪ )5‬العوامتتل النستتقية (النظتتام‬
‫الدولي)‪ ،‬وبعد ذلك صنف روونو هذه العوامل من أجل تقييم ما سماه االنشاطات النسبية ا لمجمتو‬
‫العوامل‪ ،‬وذلك حسب الفاعل و‪/‬أو المجال‪-‬القضية‪ ،)Issue area( -‬وهذا بعد تحديد الخصائص‬
‫الجينية ‪ Genotypes‬للدول‪ ،‬والتي تتضمن حستبه ثتالث متغيترات‪ :‬حجتم الدولتة (صتغيرة ‪ /‬كبيترة)؛‬
‫حجتتم التطتتور االقتصتتادي (متطتتور‪ /‬ييتتر متطتتور) إلتتى جانتتب طبيعتتة النظتتام السياستتي (مفت تتو ‪/‬‬
‫مغلق)(‪.)2‬‬
‫هنتتا يتتتم اعتبتتار الستتلوك الختتارجي (التتذي يتتتم مالحظتتته وتجميعتته فتتي شتتكل معطيتتات ل حتتداث)‬
‫كمتغيتتر تتتابع والعوامتتل المفس ترة للستتلوك الختتارجي كمتغيتتر مستتتقل‪ ،‬أمتتا الخصتتائص الجينيتتة للتتدول‬
‫فتعتبتتر متغيتتر وستتي وذلتتك بهتتدف تصتتنيف ستتلوكات التتدول‪ ،‬ليتتتم بعتتدها المقارنتتة إمتتا عتتن طريتتق‬
‫المقارنت تتة الموست تتعة بت تتين الت تتدول ‪ Cross- Nation‬مت تتثال‪ :‬مقارنت تتة البعت تتد البيئي(المجال‪/‬قضت تتية) فت تتي‬
‫السياسة الخارجية األلمانية‪ ،‬الفرنستية واإليطاليتة (الفواعتل)‪ ،‬أو متن ختالل مقارنتة السياستة الخارجيتة‬
‫لدولتتة متتا عبتتر د ارستتة طوليتتة ‪ ،Longitudinal Study‬مثتتل إجتراء مقارنتتة بتتين السياستتة الخارجيتتة‬

‫‪1‬‬
‫‪-Stephen J. Andriole and Others, “A Framework for the Comparative Analysis of Foreign Policy‬‬
‫‪Behavior” ,19(2) (Jun., 1975), p. 170.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Rosenau James , “Pre-Theories and Theories of Foreign Policy”, in: Stephen Salmoreand Others‬‬
‫‪“The Effect of Size, Development, and Accountability on Foreign Policy.” , Peace Research Society‬‬
‫‪Papers , the Ann Arbor conference , 1969 , p.15.‬‬
‫‪24‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫للرسساء األمريكيين في حالرب الخلاليا الولالى والثانيالة (مجال‪/‬قضتية)‪ .‬والغترض متن هتذه الخطتوات‬
‫هو الوصول إلى أنمام للسلوك الخارجي (قوانين عامة)‪ ،‬فمقاربة روونو تقوم على مسلمة أن الدول‬
‫الت ال لهالالا نفالالس الخصالالاص الجينيالالة سالاليكون لهالالا نفالالس السالاللو أو بعبتتارة أختترى لهتتا نفتتس أنمتتام‬
‫السياسة الخارجية؛ فمثال‪:‬‬
‫‪ .1‬الدول الصغيرة‪.‬‬
‫تلعب فيها العوامل النسقية دو اًر كبي اًر في عملية صتناعة القترار فتي السياستة الخارجيتة حيتث‬
‫أن ييتتاب الم توارد التتتي تجعلهتتا قتتادرة علتتى فتترض سياستتتها الخارجيتتة يجعلهتتا تتتتأثر بعوامتتل‬
‫المحي ‪.‬‬
‫‪ .2‬الدول غير المتطورة‪.‬‬
‫تلعب فيها العوامل الشخصية (النفسية) دو ار ثانوياً‪ ،‬بينما تلعب في الدول الكبيرة (متن حيتث‬
‫المساحة) دو اًر مهما‪.‬‬
‫‪ .3‬الدول غير المتطورة‪.‬‬
‫تلعب فيها العوامل الحكومية دو اًر يير مهم في عملية صنع القرار‪.‬‬
‫‪ .4‬النظمة المفتوحة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫تلعب فيها العوامل المجتمعية دو اًر مهما بينما تلعب دو اًر ثانوياً في األنظمة المتخلفة‬
‫إال أن الش تتغف ال تتذي أظهت تره مسي تتدو المدرس تتة الس تتلوكية بتحقي تتق العلمي تتة أدى به تتم إل تتى إط تتال‬
‫التعميمتتات ييتتر العلميتتة؛ هتتذا ألن مقاربتتة السياستتة الخارجيتتة كانتتت علتتى ي ترار الد ارستتات السياستتة‬
‫معرفال غربال ؛ فالمقارنتتات كانتت تتتم يالبتتا إلثبتات متدى فاعليتتة‬ ‫المقارنتة تهتدف إلتى تثبيالالت نمالو‬
‫طرحتتت إشتتكالية التحي الالو‬
‫األنظمتتة السياستتية الغربيتتة فتتي مقابتتل األنظمتتة السياستتية األختترى‪ ،‬ولهتتذا ُ‬
‫المعرف في حقل الدراسات المقارنة بشكل عام وفي حقل السياسة الخارجية المقارنتة بشتكل ختاص‪،‬‬
‫فهتتي مقاربتتة أمريكيتتة بامتيتتاز‪ ،‬ضتتف إلتتى ذلتتك فتتإن تطبيتتق هتتذه المقاربتتة حتتال دونهتتا الكثيتتر متتن‬
‫الصعوبات وهذا ما أكده روزنو حين قال‪« :‬الش ء الكثر تعقيدا هو عدم قدرتنا على إحراو تقالدم‬

‫‪1‬‬
‫‪-Carl Ann Ruth Charlebois , An Application of Rosenau's Pre-theory to the Sino-Indian and Sino-‬‬
‫‪Burmese Boundary Disputes ,(M.A., Univ. of British Columbia, VancouverCanada, 1969 (, p.p. 6-7.‬‬
‫‪25‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫ف ال حالالل مشالالكلة تحديالالد تصالالنيف سالاللو السياسالالة الخارجيالالة‪ ،‬وبالنتيجالالة عالالدم إمكانيالالة إخضالالاعها‬
‫للدراسة»(‪.)1‬‬

‫ومما زاد من حدة هذه االنتقادات ظهور تيار ما بعد الوضعية في العلتوم االجتماعيتة؛ التذي‬
‫أكتتد علتتى استتتحالة تحقيتتق العلميتتة فتتي العلتتوم اإلنستتانية‪ ،‬وذلتتك ارجتتع إلتتى عتتدم إمكانيتتة الفصتتل بتتين‬
‫الدارس وموضو الد ارستة‪ ،‬باإلضتافة إلتى فشتل هتذه المقاربتة فتي الوصتول إلتى تعميمتات‪ ،‬وبالنتيجتة‬
‫فشلها في تفسير السلوك الخارجي للتدول‪ ،‬باإلضتافة إلتى فشتلها فتي الوصتول إلتى نمتوذو يمكتن متن‬
‫خالله التنبس بالسلوك الخارجي للدول‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المقاربات الكلية ف السياسة الخارجية‪.‬‬


‫ري تتم المعارض تتة الت تتي أب تتداها منظ تترو العالق تتات الدولي تتة لفكت ترة اس تتتخدام نظري تتاتهم ف تتي السياس تتة‬
‫الخارجيتتة‪ ،‬حيتتث اعتبتتر كينالال والتالالو ‪ Kenneth Waltz‬أن نظريتتة السياستتة الخارجيتتة هينظري تة‬
‫اختزاليتة ‪ Reducationalist Theory‬تبتال فتتي مطالبهتا التفستتيرية‪ ،‬حيتث أنهتتا ال تأختذ بالستتبب‬
‫ِ‬
‫النظتتامي ‪ ،)2(Systemic Cause‬إذ أن تحليتتل السياستتة الخارجيتتة يعتمتتد علتتى الدولتتة كوحتتدة فق ت‬
‫ويتجاهل بتاقي الوحتدات خاصتة النظتام التدولي(‪ ،)3‬كمتا أكتد ألكستندر ونتدت أن النظريتة البنائيتة هتي‬
‫نظريتتة فتتي السياستتة الدوليتتة ولتتيس فتتي السياستتة الخارجيتتة(‪ .)4‬إال أن نهايتتة الحتترب البتتاردة وت ارجتتع‬
‫مقارب تتة السياس تتة الخارجي تتة المقارن تتة الت تتي فش تتلت ف تتي تحقي تتق الث تتالوث الوظيفي(الوص تتف‪ ،‬التفس تتير‪،‬‬
‫التنبتتس) جعتتل البتتاحثين فتتي السياستتة الخارجيتتة يحتتاولون استتتخدام نظريتتات العالقتتات الدوليتتة لتفستتير‬
‫السياسة الخارجية‪.‬‬

‫لهتذا ظهتر اتجتتاه كبيتر نحتتو صتياية نظريتتة للسياستة الخارجيتتة اعتمتاداً علتتى نظريتات العالقتتات‬
‫الدوليتة‪ ،‬علتى يترار متا قتام بته كتولين ألمتان ‪ ،Colin Elman‬فريتد زكريتاء وستتيف ستميث‪ ،‬وحتتى‬

‫‪1‬‬
‫‪-Stephen J. Andriole and Others ,op.cit., p. 178.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Kenneth Waltz,Theory of International Politics ,1st ed. (Addison: wasley publishing company,‬‬
‫‪1979)pp. 60-79.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Kenneth Waltz, op.cit., p. 72‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Alexander Wendt, Social Theory of International Politics,( Cambridge University Press, New‬‬
‫‪York, 1999), p.11.‬‬
‫‪26‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫كبي تتر ف تتي نظري تتة العالق تتات الدولي تتة ت تتم مناقشت تتها ف تتي السياس تتة‬ ‫القض تتايا الت تتي كان تتت مح تتل نق تتا‬
‫الخارجية‪ ،‬ولعتل أبرزهتا إشتكالية العالقتة بتين البنيتة والفاعتل‪ ،‬وكتان متن أبترز الد ارستات التتي تتم متن‬
‫خاللهتتا تحديتتد أهتتم مقاربتتات السياستتة الخارجيتتة د ارستتة أصتتدرتها جامعتتة تتتوبنغن ‪University of‬‬
‫‪ Tübingen‬األلمانيتتة‪ ،‬حيتتث تتتم متتن خاللهتتا تحديتتد ثتتالث مقاربتتات كليتتة للسياستتة الخارجيتتة هتتي‪:‬‬
‫المقاربة الواقعية الجديدة ‪ ،‬الليبرالية النفعية والبنائية‪.‬‬
‫‪ /01-‬المقاربة الواقعية الجديدة ف تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫تنطلق الواقعية الجديدة في دراستها للسياسة الخارجية من تأثير النظام الدولي على الدول‪ ،‬ولهذا‬
‫فإن الواقعية الجديدة تُصنف ضمن النظريات التي تتبنى مستوى تحليل تنازلي‬
‫‪Top Down Analytical Level‬؛ أي أنهتا تنظتر لستلوك التدول متن منظتور النظتام التدولي‬
‫كمفتا لفهم سلوك الدول‪ ،‬ووفقاً لهذه المقاربة‪ ،‬فإن الحوافز والقيتود‪ ،‬أو معتايير الستلوك هتي خارجتة‬
‫عتتن نتتتاو التفاعتتل فتتي النستتق التتدولي(‪ ،)1‬حيتتث أن موقتتع الدولتتة فتتي النظتتام التتدولي هتتو التتذي يحتتدد‬
‫ستتلوكها(‪ ، )2‬ولهتتذا فتتإن الواقعيتتة الجديتتدة فتتي تفستتيرها لستتلوك التتدول تعتمتتد علتتى موقعهتتا النستتبي فتتي‬
‫النظتتام التتدولي كمتغيتتر تفستتيري لستتلوكها؛ حيتتث يتتتم تحديتتد هتتذا الموقتتع متتن ختتالل الم توارد المتاحتتة‬
‫الجهات الفاعلة األخرى‪ ،‬فكلما امتلكت الدول‬ ‫ِ‬ ‫للدولةالتي تسمل لها بفرض مصالحها في تَ ِ‬
‫عاملها مع ّ‬‫ُ‬
‫قتتدرات أكبتتر كلمتتا ستتمل لهتتا هتتذا بتحقيتتق أهتتدافها(‪ ،)3‬وريتتم تركيتتز ال تواقعيين الجتتدد علتتى العتتاملين‬
‫االقتص تتادي والعس تتكري‪ ،‬ف تتإنهم ال ُي ْغ ِفُلت تون دور العوام تتل األخ تترى‪ .‬وف تتي ه تتذا اإلط تتار حددوالتزس تتبعة‬
‫محددات لقوةالدولة‪ :‬حجم السكان والمساحة‪ ،‬الموارد الطبيعية‪ ،‬القدرات االقتصادية‪ ،‬القوة العسكرية‪،‬‬
‫االستقرار السياسي والكفاءة (‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Volker Rittberger, “Approaches to the Study of Foreign Policy Derived from International‬‬
‫‪Relations Theories”, Tübinger Arbeitspapiere zur Internationalen Politik und Friedensforschung. A,no.‬‬
‫‪30 (2004), p.3.‬‬
‫‪2‬‬
‫(‪- Kenneth Waltz, “The Emerging Structure of International Politics ”, International Security, 18‬‬
‫‪2) (1993) p. 45.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Baumann Rainer and Others , “Power and Power Politics: Neorealist Foreign Policy Theory and‬‬
‫‪Expectations about GermanForeign Policy since Unification”,Abteilung Internationale‬‬
‫‪Beziehungen/Friedens- und Konfliktforschung Institut für Politikwissenschaft, Tübingen, Germany,‬‬
‫‪working paper , Nr. 30a,p. 8.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Kenneth Waltz, Theory of International Politics, op.cit.,p. 131.‬‬
‫‪27‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫هنتتاك مجموعتتة متتن المسشترات التتتي يتتتم أختذها بعتتين االعتبتتار لقيتتاس قتتدرات الدولتتة‪ ،‬فقيتتاس‬
‫القوة االقتصادية للدولة‪ ،‬يتم من خالل الناتل اإلجمالي المحلي‪ GNP‬وحجم الصادرات‪ ،‬بينما ينظر‬
‫لكل من‪ :‬حجم اإلنفا العسكري‪ ،‬حجم القوات المسلحة‪ ،‬وامتالك األسلحة النوويتة كمسشترات لقيتاس‬
‫القوة العسكرية‪ ،‬أما عدد الستكان‪ ،‬فإنته ُيقتاس بالنستبة للتواقعيين الجتدد بعتدد الستكان العتاملين والتذين‬
‫يمك تتن تَ ْعِبئ تتتهم كجن تتود ف تتي ح تتاالت الض تترورة‪ ،‬ومس تتاحة الدول تتة تُ َحت ت ِّد ُد ك تتذلك م تتدى إمكاني تتة هزيمته تتا‬
‫(االتحادالست تتوفيتي فت تتي الحت تترب العالميت تتة الثانيت تتة)‪ ،‬كت تتل هت تتذه العوامت تتل تعت تتد بالنست تتبة لل ت تواقعيين قت تتوة‬
‫كامنتتة ‪ Latent Power‬تصتتب فتتي خانتتة بنتتاء قتتوة عستتكرية(‪ ،)1‬ويسكتتد الواقعيتتون الجتتدد أن قيتتاس‬
‫الموقع النستبي يجتب أن يأختذ بعتين االعتبتار قتدرات الدولتة بالمقارنتة متع بتاقي التدول خاصتة التدول‬
‫المنافسة لها والتي تشكل بالنسبة لهتا مجموعة مرجعيالة(**)‪ reference group‬لتحديتد قوتهتا(‪،)2‬‬
‫‪combined‬‬ ‫حي تتث أن تته م تتن خ تتالل قي تتاس ه تتذه الق تتدرات المجمع تتة أو م تتا يطل تتق علي تته الواقعي تتون‬
‫‪ capabilities‬يتتتم تصتتنيف التتدول ضتتمن خانتتة القتتوة الكبتترى ‪ Great Power‬أو قتتوة متوستتطة‬
‫‪ Medium Power‬أو قتوة عظمتى ‪ ، )3(Super Power‬موقتع الدولتة النستبي فتي النظتام التدولي‬
‫هو الذي يفسر سلوكها‪ ،‬ولهذا نجد أن ستلوك القتوى الكبترى متثال ينحتو نفتس المنحتى وهتو متا يفستر‬
‫تشابه السياسات الخارجية للدول التي لديها نفس الموقع النسبي في النظتام التدولي‪ ،‬علتى التريم متن‬
‫االختالف على الصعيد الداخلي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-John J. Mearsheimer, "Structural Realism", in: Tim Dunne and Others (eds.), International‬‬
‫‪Relations Theories: Discipline and Diversity (Oxford: Oxford University Press, 2007), p .‬‬

‫(**) مقارنة قوة الدولة بمجموعة مرجعية‪ ،‬نابع من مسلمة واقعية مفادها أن أهم شيء يحدد أمن الدولة هو قدراتها بالمقارنة مع‬
‫الدول األخرى‪ ،‬ألن تعاظم قدرات الدول األخرى يشكل خط ار عليها خاصة أنه ال يمكن التنبس بالسلوك الدول األخرى‪ ،‬وهو ما أكده‬
‫والتز اقوة كل دولة في عالقتها مع الدول األخرى هي مفتا بقائها في نهاية المطافا للمزيد حول الموضو ‪ ،‬راجع‪:‬‬

‫‪Kenneth Waltz,Man, the State and War: A Theoretical Analysis, (New York: Columbia University‬‬
‫)‪press,1954‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Wolgang Wagner Bauman and Others , “Neorealist Foreign Policy Theory ”, in:‬‬
‫‪RittbergerVolker(ed.),German Foreign Policy Since Unification: Theories and Case Studies,‬‬
‫‪)Manchester University Press, (2001p .44.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Chris Brow, Understanding International Relations, (New York , Palgrave Edition ,2001), p. 89.‬‬
‫‪28‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫وعليتته‪ ،‬فتتإن تغيتتر ستتلوك الدولتتة مرهتتون بتحستتن موقعهتتا النستتبي بحيتتث أنتته كلمتتا تحستتن موقعهتتا‬
‫كلمتتا أدى ذلتتك إل تتى تغيتتر ستتلوكها الخ تتارجي‪ ،‬وهتتذا يرجتتع إل تتى ت ازيتتد طموحاتهتتا‪ ،‬األم تتر التتذي دف تتع‬
‫التواقعيين الجتتدد إلتتى الجتتزم بتتأن السياستتة الخارجيتتة األلمانيتتة بعتتد نهايتتة الحتترب البتتاردة ستتتتغير إلتتى‬
‫سياسة أقل تعاوناً مع حلفائها التقليديين في أوروبتا‪ ،‬فهتذه الدولتة تحستن موقعهتا النستبي بعتدما زادت‬
‫مساحتها بعد الوحدة وزاد عدد سكانها‪ ،‬كما تحسن اقتصادها بشكل كبير بعد الوحدة‪.‬‬
‫تجتتدر اإلشتتارة إلتتى أن الواقعيتتة الجديتتدة علتتى ي ترار مقاربتتة صتتنع الق ترار تعتبتتر أن ق ت اررات‬
‫الفواعتل هتي قت اررات عقالنيتتة‪ ،‬ولكنهتا وعكتس مقاربتتة صتنع القترار فتإن العقالنيتتة هتي عقالنيتة الدولتتة‬
‫وليس عقالنية صانع القرار؛ أي ال تتعلق بالعقالنية الفردانية ‪ Individualism‬اوانمتا هتي عقالنيتة‬
‫شتتمولية ‪ holism‬أي عقالنيتتة الدولتتة ككترة بليتتاردو؛ فالواقعيتتة الجديتتدة تعتبتتر التتدول فواعتتل وحدويتتة‬
‫‪ Unitary Actors‬متشتتابهة وال تهتتتم الواقعيتتة الجديتتدة ال بشتتكل النظتتام السياستتي أو متتا إذا كتتان‬
‫الحكم ُيمارس من قبل مجموعة أو فرد أو بالخصائص الشخصية لصنا القرار‪ ،‬و ذلك ألن طبيعة‬
‫النظام الدولي والموقع النسبي للدولة هو الذي يحكم سلوكها الخارجي‪.‬‬
‫عقالنية الدولة تقتضي أن توازن بين طموحاتهتا وموقعهتا النستبي فتي النظتام التدولي‪ ،‬بحيتث‬
‫أن الدولة كفاعل عقالني توازن بين موقعها النسبي في النظام الدولي وطموحاتهتا‪ .‬فتوزيتع القتوة فتي‬
‫النظام يسثر على قدرة الدولة في تحقيتق أهتدافها‪ ،‬واألهتداف بتدورها تُحتددها القتدرات الوطنيتة(‪ ،)1‬فتال‬
‫ُيتوقتتع أن تكتتون متتثال لدولتتة تصتتنف ضتتمن خانتتة القتتوى المتوستتطة طموحتتات قتتوى كبتترى‪ ،‬كمتتا أن‬
‫عقالنية الدولة تقتضي بأن تسعى الدولة إلى الحفاا على بقائها‪ ،‬ففي ظل فوضوية النظام الدولي‪-‬‬
‫التتتي تعنتتي ييتتاب ستتلطة عليتتا فتتي النظتتام التتدولي‪ -‬فتتإن الهتتدف األستتمى للدولتتة هتتي الحفتتاا علتتى‬
‫بقائها‪ ،‬وهذا من خالل البحث عن تعظيم قوتهتا ألنته الوستيلة الوحيتدة التتي تحفتا بهتا الدولتة‪ ،‬ولهتذا‬
‫فإن البحث عن القوة يعتبر محفز السلوك الخارجي للدول‪.‬‬
‫وعلي تته؛ ف تتإن الواقعي تتة الجدي تتدة عل تتى مس تتتوى الوص تتف تق تتوم بتحدي تتد الموق تتع النس تتبي للدول تتة‬
‫بالمقارنتتة متتع مجموعتتة مرجعيتتة ممتتا يستتمل بتصتتنيف حجتتم قوتهتتا وتحديتتد متتا إذا كانتتت قتتوة كبتترى‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Fareed Zakaria ,FromWealth to Power: The Unusual Origins of America's World Role, (Princeton‬‬
‫‪University Press,1992), p.3.‬‬
‫‪29‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫متوسطة أو صغرى‪ ،‬أما علتى مستتوى التفستير‪ ،‬فإنهتا تعتبتر الموقتع النستبي للدولتة كمتغيتر تفستيري‬
‫لستتلوك التتدول حيتتث أن طموحاتهتتا تتحتتدد متتن ختتالل قوتهتتا وهتتذا متتا يفستتر تشتتابه ستتلوك القتتوى التتتي‬
‫تصنف ضمن نفس الخانة أما على مستوى التنبس‪ ،‬فإنها تسكد بأن سلوك الدولة الخارجي لتن يتغيتر‬
‫ما دام موقعها النسبي لم يتغير وأي تغير في هذا الموقتع ستيسدي حتمتا إلتى تغيتر ستلوكها الختارجي‬
‫بما يتوافق وحجم قوتها‪.‬‬

‫‪ /02-‬المقاربة الليبرالية النفعية ف تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬


‫ينطلق الليبراليون فتي د ارستتهم للسياستة الخارجيتة متن مستلمة أن الدولتة هتي فواعتل ييتر وحدويتة‬

‫‪ ،Non Unitary Actor‬تتكون متن طبقتة ييتر ُمتجانستة متن الوحتدات التتي تلعتب َدو اًر فتي ُ‬
‫صتنع‬
‫القرار‪ ،‬والتي تشمل كال الفاعلين من القطتا الختاص والعتام‪ ،‬والسياستة الخارجيتة للدولتة متا هتي إال‬
‫المهيمنة‪ ،‬وبعد أن تفرض هذه الفواعل تفضيالتها ضتمن أجنتدة‬ ‫ِ‬
‫انعكاس لمصالل الفواعل المجتمعية ُ‬
‫السياسة الخارجية للدولة‪ ،‬تحاول هذه األخيرة باعتبارها هيئة تمثل مصالل األفراد والجماعات فرض‬
‫تفضيالتها‪ ،‬ولهذا فتإن د ارستة ستلوك السياستة الخارجيتة يقتضتي تحديتد الفواعتل المشتاركة فتي عمليتة‬
‫ص تتنع القت ترار‪ ،‬والت تتي ت تتدخل ض تتمن نط تتا الفواع تتل السياس تتية والفواع تتل اإلداري تتة (البيروقراطي تتات)‪،‬‬
‫باإلضتتافة إلتتى الفواعتتل الخاصتتة التتتي يتتدخل ضتتمنها الشتتركات والمسسستتات االقتصتتادية وجماعتتات‬
‫الضتتغ االجتمتتاعي (المجتمتتع المتتدني)‪ ،‬كتتل هتتذه الفواعتتل تستتاهم فتتي عمليتتة صتتنع القترار؛ ييتتر أنتته‬
‫لكل فاعل مصلحة ُمعينة‪ ،‬وفي الغالب مصالل يير ُمتوافقة إن لم نقل ُمتضاربة‪ ،‬لهتذا فتإن الستاحة‬
‫السياس تتية تتح تتول إل تتى س تتاحة معرك تتة للمص تتالل المتنافس تتة(‪ ،)1‬أي تتن تتفاع تتل فيه تتا مص تتالل األطت تراف‬
‫‪the process of interest‬‬ ‫المحليتتة الفاعل تتة ف تتي عمليتتة الوس تتاطة للمص تتلحة المجتمعيتتة‬
‫‪ ،intermediation‬هذا التفاعل ُيسدي إلى خلق شبكات سياسة فتي شتكل نظتام معتين‪ ،‬و قتدرة كتل‬
‫فاعل لتأكيد أولوياتتته فتي عمليتة صتنع السياستة الخارجيتة‪ ،‬تحتدد بتالنظر لنسالبة الهيمنالة فال شالبكة‬
‫السياسة الخارجية(‪.)2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Andrew Moravcsik,“Taking Preferences Seriously: A Liberal Theory of International Politics”,‬‬
‫‪op.cit., p. 517.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Andrea Ribeiro Hoffmann , “A Synthetic Approach to Foreign Policy”, accessed on 17-06-‬‬
‫‪2013.http://www.isanet.org/noarchive/hoffmann.html‬‬
‫‪30‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫للتوضتتيل أكثتتر فتتإن المقاربتتة الليبراليتتة النفعيتتة تحتتاول د ارستتة ستتلوك السياستتة الخارجيتتة متتن‬
‫خالل الفواعل المسثرة في القرار‪ ،‬فمتثال إذا أختذنا قترار الواليتات المتحتدة األمريكيتة بغتزو العت ار فتإن‬
‫هذا القرار يتم دراسته من خالل تحديتد الفواعتل المتسثرة فتي القترار؛ فعلتى المستتوى الفواعتل السياستية‬
‫نجت تتد ال ت ترئيس األمريكت تتي ومستشت تتاريه ووز ارئت تته‪ ،‬ويت تتدخل ضت تتمن الفواعت تتل االداريت تتة مختلت تتف الفواعت تتل‬
‫البيروقراطيتتة خاصتتة أجه تزة االستتتخبارات‪ ،‬أمتتا الفواعتتل الخاصتتة فتتمثتتل فتتي الشتتركات االقتصتتادية‬
‫األمريكيتتة وخاصتتة المصتتنعة للستتال ‪ ،‬بينمتتا تمثتتل مختلفالفواعتتل المجتمعيتتة فهتتي مختلتتف منظمتتات‬
‫المجتمتتع المتتدني األمريكتتي المهتمتتة بهتتذه القضتتية‪ ،‬متتن ختتالل هتتذا المثتتال نالحتتا أن عمليتتة اتختتاذ‬
‫القرار سبقتها عمليتة تتعلتق بوستاطة المصتالل المجتمعيتة‪ ،‬حيتث كتان هتذا القترار محتل مستاومة بتين‬
‫هذه الفواعل؛ فبينما كانت الفواعل السياسة‪/‬اإلدارية والشتركات األمريكيتة تقتف متع قترار يتزو العت ار‬
‫كانتتت جماعتتات الضتتغ المجتمعيتتة مناوئتتة لهتتذا الق ترار‪ ،‬وقتتد حستتم األمتتر لصتتالل الفواعتتل المسيتتدة‬
‫للغزو باعتبارها الفواعل االكثر هيمنة واألكثر قدرة على فرض تفضيالتها‪.‬‬

‫ما يجمع هذه الفواعل على اختالفهتا هتي بحثهتا عتن تحقيتق المنفعتة؛ فالفاعتل السياستي ممتثالً‬
‫فتتي ال ترئيس أو التتوزير األول‪-‬حستتب النظتتام السياستتي‪ -‬يحتتاول البقتتاء فتتي الستتلطة لتجنتتب أي ق ترار‬
‫يغض تتب الن تتاخبين‪ ،‬وبالت تتالي تجن تتب التص تتويت العق تتابي ال تتذي س تتيعني ع تتدم بقائ تته ف تتي الس تتلطة‪ ،‬أم تتا‬
‫الفواعل اإلدارية فهي دائمتاً متا تحتاول الحفتاا علتى صتالحياتها فتي مقابتل فواعتل إداريتة أخترى‪ ،‬أمتا‬
‫الفواعتتل االقتصتتادية فهتتي تحتتاول تعظتتيم مكاستتبها االقتصتتادية ولهتتذا فهتتي دائمتتا متتا تحتتاول فتترض‬
‫تفضتتيالتها فتتي الشتتبكة السياستتية للسياستتية الخارجيتتة بمتتا يختتدم هتتذا الهتتدف‪ ،‬وبتتالرجو إلتتى المثتتال‬
‫السابق فإن الشركات المنتجة للسال ضغطت متن أجتل ختوض الحترب علتى اعتبتار أن هتذا األمتر‬
‫سيزيد من أرباحها‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن اللبراليتة النفعيتة علتى مستتوى الوصتف تقتوم بتحديتد الفواعتل المجتمعيتة (الفواعتل‬
‫السياستتية‪/‬اإلدارية والفواعتتل الخاصتتة) تجتتاه قضتتية معينتتة‪ ،‬أمتتا علتتى مستتتوى تفستتير ستتلوك السياستتة‬
‫الخارجية فإنها تعزوه إلتى الفاعتل األكثتر هيمنتة فتي الشتبكة السياستية المتعلقتة بهتذه القضتية‪ ،‬والتذي‬
‫يتمكن من فرض خيراته‪ ،‬ولهذا فإن أي تغير في السياستة الخارجيتة ستيكون نتاجم عتن عتاملين‪ :‬إمتا‬

‫‪31‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫أن يكتتون نتيجتتة لتغيتتر تفضتتيالت الفاعتتل ‪/‬الفواعتتل المهيمنتتة‪ ،‬أو إلتتى تَ َغيتتر تركيبتتة الفواعتتل المهيمنتتة‬
‫في الشبكة السياسية للسياسة الخارجية‪.‬‬

‫‪ /03-‬المقاربة البنائية ف تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬

‫تعتتد المقاربتتة البنائيتتة فتتي السياستتة الخارجيتتة مقاربتتة معياريتتة حيتتث أن تحليلهتتا للسياستتة الخارجيتتة‬
‫ينطل تتق م تتن ت تتأثير األفك تتار‪ ،‬الق تتيم‪ ،‬المع تتايير والهوي تتة عل تتى السياس تتة الخارجي تتة لل تتدول‪ ،‬وه تتذا عك تتس‬
‫المقاربتتات الستتابقة الواقعتتة ضتتمن نطتتا المقاربتتات الماديتتة‪ ،‬والتتتي علتتى اختتتالف العامتتل التفستتيري‬
‫الذي انطلقت منه فإنها كانت في جلها متغيرات مادية(متغير اقتصادي‪ ،‬جغرافي‪ ،‬عسكري‪.)...‬‬

‫تنطل تتق البنائي تتة ف تتي د ارس تتتها وتحليله تتا م تتن ت تتأثير المع تتايير عل تتى س تتلوك الدول تتة‪ ،‬حي تتث يع تترف‬
‫المشتتركة للستلوك المالئتم التتي يحملهتا مجموعتة متن الفواعتل‬ ‫البنائيون المعايير علتى أنهتا التوقعتات ُ‬
‫عن السلوك المالئم لمعطتى هويتاتي معتين(‪ ،)1‬فالمعيتار (فالمعتايير) تَعمتل كقواعتد ُمحتددة– وبالتتالي‬
‫ُم َسسستة ‪-‬للهويتتة‪ ،‬وهتي التتتي تُحتتدد مجموعتتة الستتلوكيات التتي تجعتتل ا خترين يتتدركون هويتتة معينتتة‬
‫ويتصرفون بناءا على هذا اإلدراك‪ ،‬فالهوية تتشكل عن طريق مجموعة من المعايير ومعايير حقو‬
‫االنسان على سبيل المثال هو معيار تنجم عنه توقعتات مشتتركة للستلوك متن قبتل الفواعتل األخترى‪،‬‬
‫مث تتل حماي تتة وترقي تتة حق تتو اإلنس تتان عل تتى المس تتتوى ال تتداخلي والت تتدخل لحماي تتة ه تتذه الحق تتو عل تتى‬
‫المستوى الخارجي ( التدخل اإلنساني)‪ ،‬كما أنه يمتلك خاصية تأسيسية لهوية الدول المتحضرة فتي‬
‫العالم الحديث(‪.)2‬‬

‫وعليتته فتتإن الهويتتة التتتي تحملهتتا الدولتتة تشتتبه إلتتى حتتد متتا أش ترنا إليتته نفتتا حتتول تحقيتتق النبتتوءة‬
‫الذاتية في السياسة الخارجة‪ ،‬فالدول في سلوكاتها الخارجية تستحضر الصورة الهوياتية التي تحملها‬
‫عن ا خر في تفسيراتها لسلوك التدول األخترى؛ فمتثال قيتام فرنستا بمنتاورات عستكرية تفستره الواليتات‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ronald L. Jepperson and Others,”Norms, Identity, and Culture in National Security”, in: Peter J.‬‬
‫‪Katzenstein (ed.), The Culture of National Security: Norms and Identity in World Politics,( New York:‬‬
‫‪Colombia University Press,1996), p.54‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Thomas Risse, "Let's Argue!": Communicative Action in World Politics, International‬‬
‫‪Organization, 54, (1) (Winter, 2000), p. 5.‬‬
‫‪32‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫المتحدة بطريقة إيجابية بينما قيتام ورستيا بمنتاورات عستكرية ستفستره الواليتات المتحتدة بطريقتة ستلبية‬
‫وقتتد يتتسدي إلتتى أزمتتة دبلوماستتية بتتين البلتتدين‪ ،‬هتتذا األمتتر يعتتود إلتتى الصتتورة الهوياتيتتة التتتي تحملهتتا‬
‫الواليات المتحدة عن كال الطرفين؛ فبينما تعتبر الواليات المتحدة فرنسا حليف تعتبر روسيا منافس‪،‬‬
‫ولذلك فإنه على الريم من أن الفعل المادي (المناورات العسكرية) كان واحداً‪ ،‬فإن تفسير هذا الفعل‬
‫كان مختلفاً وهو ما يسميه البنائيون اال اتانيةا ‪ intersubjectivity‬أي التفسيرات المجتمعية للبنى‬
‫المادية ‪ ،‬ولهذا فإنه وعلى الريم من التشابه بين تحقيق النبوءة الذاتية والصورة الهوياتيتة فتإن األولتى‬
‫تعزوهتتا إلتتى نظتتام المعتقتتدات التتذي يحملهتتا الفتترد‪ ،‬بينمتتا تتستتاءل البنائيتتة عتتن جتتدور هتتذه القناعتتات‬
‫والتتتي تعتب ارهتتا معتتايير تتتم إدخالهتتا ‪ Internalize‬فتتي المنظومتتة القيميتتة لصتتانع الق ترار عتتن طريتتق‬
‫التنشئة االجتماعية التتي تعترض لهتا صتانعي القترار‪ ،‬والتذين يعتبترون وكتالء يمثلتون جماعيتا الدولتة‬
‫كفواعل مجتمعية في السياسة الخارجية(‪.)1‬‬

‫بالنتيج تتة؛ ف تتإن عقالني تتة ص تتانع القت ترار وال تتذي ه تتو عب تتارة ع تتن وكي تتل اجتم تتاعي ال تخض تتع‬
‫‪logic‬‬ ‫‪of‬‬ ‫لحس تتابات الت تربل ‪/‬الخس تتارة أو منط تتق النتائجي تتة‪ ،‬اوانم تتا تخض تتع لمنط تتق المالئم تتة‬
‫(‪)2‬‬
‫والذي يجعلمن التذاتانية المشتركة وتوقعات السلوك‬ ‫‪appropriateness‬ا في إطار تأكيد الهوية‬
‫المالئتتم نقطتتة البدايتتة التختتاذ ق ار ارتتته(‪)3‬؛ فاألفكتتار تعمتتل كقيتتود وتستتاهم فتتي تضتتييق نطتتا خيتتارات‬
‫صتتانعي القترار(‪،)4‬حيتتث أن الرجتتل االجتمتتاعي فتتي اتختتاذه لق ار ارتتته يصتتادف مجموعتتة متتن التستتاسالت‬
‫من قبيل(‪:)5‬‬
‫‪ ‬ما طبيعة الموقف الذي أواجهها‬

‫‪1‬‬
‫‪-Lisbeth Aggestam ,” Role Conceptions and the Politics of Identity in Foreign Policy” , ARENA‬‬
‫)‪Working Papers, WP 99/8 (visited on 20/10/2015‬‬
‫‪https://www.sv.uio.no/arena/english/research/publications/arena-publications/workingpapers/working-‬‬
‫‪papers1999/99_08.xml‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-AudieKlotz, Norms in International Relations: The Struggle Against Apartheid,( Ithaca, N.Y.:‬‬
‫‪Cornell UniversityPress, 1996) , p. 29.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid., p. 4.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Marc Johanand P. Olsen, op.cit.,p . 23‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Michel Barnett, “Social Constructivism”, in : Ken Booth and Steve Smith (eds.), International‬‬
‫‪Relation Theory Today , (Pennsylvania: Pennsylvania State University Press),p.225.‬‬
‫‪33‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫‪ ‬أي من أدواري المتعددة يستوجبه هذا الموقفا‬

‫‪ ‬إلى أي مدى تعتبر خيارات السلوك المتاحة متوافقة مع هذا الدورا‬

‫‪ ‬ما هو السلوك األكثر مالءمة‪ ،‬قياساً بالموقف األدوار والخياراتا‬

‫للتوضتتيل أكثتتر وبتتالرجو إلتتى مثتتال المنتتاورات العستتكرية نجتتد أن رد فعتتل صتتانع الق ترار فتتي‬
‫الواليتتات المتحتتدة يكتتون عتتن طريتتق تحديتتد الموقتتف‪ ،‬ومتتن ثتتم يحتتدد الصتتورة الهوياتيتتة التتتي يحملهتتا‬
‫كوكي تتل اجتم تتاعي ع تتن روس تتيا كمن تتافس وهن تتا يك تتون الخي تتار األكث تتر مالءم تتة ه تتو ال تترد عل تتى ه تتذه‬
‫المناورات‪ ،‬ألن تفسيره لهذا السلوك يخضع لهذا الصورة‪ ،‬كما أن التوقعتات المشتتركة تحتتم عليته أن‬
‫يرد على هذا السلوك‪.‬‬
‫وعليتته فتتإن المقاربتتة البنائيتتة تقتتوم علتتى مستتتوى الوصتتف بمحاولتتة لتحديتتد المعتتايير والهويتتات‬
‫الت تتي تحك تتم س تتلوك الدول تتة تج تتاه قض تتية ‪ /‬مج تتال أو تج تتاه دول تتة أخ تترى‪ ،‬وذل تتك ع تتن طري تتق تحلي تتل‬
‫الخطابات السياسية التي تتضتمن مجمتو المعتايير والهويتات التذي تتبناهتا الدولتة تجتاه تلتك القضتية‬
‫الذي عقب‬ ‫مجال أو تجاه دولة أخرى‪ ،‬فإذا حللنا مثال خطاب الرئيس األمريكي األسبق جورو بو‬
‫(‪)1‬‬
‫(المجال‪/‬قضتتية) باستتتخدام التشتتاكل الستتيميائي‬ ‫مباشترة أحتتداث الحتتادي عشتتر متتن ستتبتمبر ‪2001‬‬
‫‪ ،semantic isotopy‬نجد أن الكلمات األكثر تك ار اًر في هذا الخطتاب كانتت الكلمتات المعبترة عتن‬
‫القتتوة (بلتتدنا قتتوي‪ ،‬نحتتن أقويتتاء‪ ،‬التصتتميم‪ ،‬أمتتة عظيمتتة‪ ،)...‬باإلضتتافة إلتتى تكترار كلمتتات متتن قبيتتل‬
‫الحريتة‪ ،‬الخيتر‪ ،‬العدالتة‪ ،‬وهتي هويتتات للواليتات المتحتدة كزعيمتة للعتتالم المتحضتر فتي مقابتل كلمتتات‬
‫التعبي تتر ع تتن ا خ تتر (تنظ تتيم القاع تتدة) م تتن قبي تتل األشت ترار (رأين تتا الش تتر‪ ،‬رأين تتا أست توأ م تتا ف تتي الطبيع تتة‬
‫البشرية)‪ ،‬فمن الناحية الهوياتية لعب تنظيم القاعدة دور ا ا خر السلبي ا الذي يسكد هوية الواليات‬
‫المتحدة (الخير في مقابل الشر)‪ ،‬وبعد تحديد الهويات والمعايير التي تحكم السياسة الخارجيتة تجتاه‬
‫دولة أخرى أو تجاه قضية مجال يتم تفستير ستلوك السياستة الخارجيتة حستب هتذه الهويتة‪ ،‬وتغيتر أو‬
‫استتتمرار هتتذه السياستتة الخارجيتتة تجتتاه دولتتة معينتتة أو قضتتية مجتتال مرهتتون بتغيتتر أو استتتمرار هتتذه‬

‫‪1‬‬
‫)‪- Text of Bush's address(visited on April 15th 2016‬‬
‫‪http://edition.cnn.com/2001/US/09/11/bush.speech.text/‬‬
‫‪34‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫الهوية‪ ،‬فسياستة الواليتات المتحتدة تجتاه روستيا(االتحاد الستوفياتي) تغيترت بمجترد االنتقتال فتي التدور‬
‫الهوياتي لروسيا من عدو إلى منافس‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫من خالل استعراضنا لمختلف التطورات التي شهدها حقل السياسة الخارجيتة كحقتل فرعتي عتن‬
‫السياستتات الدوليتتة‪ ،‬نالحتتا أن تطتتور هتتذا الحقتتل كتتان مرتبط تاً بتتالتطورات التتتي شتتهدتها العالقتتات‬
‫الدوليتتة علتتى المستتتوى ال تواقعي‪ ،‬وبمختلتتف التطتتورات التتتي شتتهدتها العلتتوم االجتماعيتتة بصتتفة عامتتة‬
‫والعل تتوم السياس تتة بص تتفة خاص تتة؛ ف تتالثورة الس تتلوكية جعل تتت المتخصص تتين ف تتي السياس تتة الخارجي تتة‬
‫يحاولون خلق حقل بحثي مستقل عن نظريات العالقات الدولية كما حاولوا إضفاء العلمية على هذا‬
‫الحقتتل‪ ،‬إال أن هتتذه المحتتاوالت بتتاءت بالفشتتل خاصتتة‪ ،‬كمتتا ان معظتتم الد ارستتات التتتي كانتتت تصتتب‬
‫ضتمن هتذا المستتعى كانتت إمتا د ارستتات تتدخل ضتتمن نطتا النظريتات المتوستتطة أو النظريتات التتتي‬
‫تقتصر في دراستها علتى متغيتر واحتد أو د ارستات تهتدف إلتى إبتراز تفتو نظتام سياستي علتى ختر‪،‬‬
‫مما جعلها تقع في فخ التحيز المعرفي‪.‬‬
‫هذا الفشل إلى جانب الشبكية المعرفية الذي شهدته مختلف العلوم االجتماعية في فترة ما بعد‬
‫الحتترب البتتاردة جعتتل االستتتفادة متتن التطتتورات التتتي شتتهدتها نظريتتات العالقتتات الدوليتتة فتتي تحليتتل‬
‫السياستتة الخارجيتتة أم ت اًر ال منتتاص منتته‪ ،‬ولتتذلك تتتم تنزيتتل مختلتتف المتغي ترات التابعتتة والمستتتقلة لهتتذه‬
‫النظريتتات متتن مستتتوى النظتتام التتدولي إلتتى مستتتوى الدولتتة‪ ،‬متتع تكييفهتتا كمتغي ترات لد ارستتة الستتلوك‬
‫الخارجي للدولة‪،‬كما أن المقاربات الكليتة لتم تغفتل تمامتاً متا قدمتته المقاربتات الجزئيتة اوانمتا إستتفادت‬
‫بشتتكل كبيتتر متتن مختلتتف النمتتاذو التتتي قتتدمتها هتتذه المقاربتتات؛ فالواقعيتتة الجديتتدة كمقاربتتة لتحليتتل‬
‫السياسة الخارجية استفادت من المقاربات الجزئية‪ ،‬فهي تقر بوجود أنمتام مشتتركة متن الستلوك بتين‬
‫القوى وذلك بحسب ترتيبها في سلم القوى‪ ،‬ولهذا فإن البحتث عتن اإلنتظامتات فتي الستلوك الختارجي‬
‫للتتدول كتتان متتن األهتتداف التتتي ستتعت الواقعيتتة الجديتتدة لتحقيقهتتا‪ ،‬كمتتا أن النمتتوذو الليب ارلتتي النفعتتي‬
‫استفاد من النمتوذو البيروق ارطتي فتي صتناعة القترار‪ ،‬حيتث ينطلقتان متن نفتس المستلمة وهتي اعتبتار‬
‫الدولة فاعل يير وحدوي‪ ،‬وكذلك كان الحال بالنسبة للنظرية البنائية التي استفادة من مقاربتة صتنع‬

‫‪35‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬
‫مصطفى بوصبوعة‬

‫الق ترار خاصتتة متتا تعلتتق منهتتا ب تتالعوائق التتتي تحتتول دون تحقيتتق العقالنيتتة؛ إال أن البنائيتتة حاول تتت‬
‫التساسل حول الجدور االجتماعية للصور والقيم التي يحملها صانع القرار‪.‬‬
‫باختصتتار فتتإن مقاربتتات السياستتة الخارجيتتة انتقلتتت متتن الستتعي إلىاالستتتقاللية التامتتة عتتن بتتاقي‬
‫الحقتتول المعرفيتتة إلتتى مرحلتتة االستتتعانة بالد ارستتات النفستتية واالجتماعيتتة‪ ،‬بعتتد أن تبتتين أن تحقيتتق‬
‫العقالنية في صناعة قرار السياسة الخارجية تحول دونه عوامتل نفستية واجتماعيتة إلتى محاولتة بنتاء‬
‫نظريتة عامتتة فتي السياستتة الخارجيتة تمكتتن البتاحثين متتن التعمتيم؛ إال أنته ومتتع فشتل هتتذه المقاربتتات‬
‫شتتكل بدايتتة الرجتتو إلتتى استتتخدام متغي ترات نظريتتة العالقتتات الدوليتتة فتتي تحليتتل السياستتة الخارجيتتة‪،‬‬
‫ولهتتذا التتزال تعتتاني مقاربتتات السياستتة الخارجيتتة علتتى يترار نظريتتات العالقتتات الدوليتتة متتن إشتتكالية‬
‫التنظير أو يياب نظرية عامة عن حقل تحليل السياسة الخارجية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫املجلة الجزائرية للسياسات العامة ‪ -‬العدد ‪ -11‬أكتوبر ‪2016‬‬

You might also like