Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
Untitled
تليفون009675417130 :
التوزيع يف اجلمهورية اليمنية :مكتبة تريم احلديثة -حرضموت
الإخراج الفني
خدمة الن�ص :ت�شكيل وترقيم
hasansharif114@hotmail.com
تقريظ العالمة احلبيب
عبد الرمحن بن أمحد الكاف -
ﭑﭒﭓ
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم عىل أرشف املرسلني النبي األمني ،وعىل آله وصحبه
وسلم.
أما بعد :فقد طلب مني األخ املفضال محيد الفعال العالمة حممد بن عيل بن حممد بن سعيد
بن عبود باعطية احلرضمي ،حفظه اهلل وأكثر من أمثاله آمني ،أن أضع تقريظ ًا عىل ما كتبه وأ َّلفه
رشح ًا لرسالة احلبيب العالمة ،السيد الفاضل ،اجلليل الرشيف ،الغني عن التعريف ،املتوىف
بجدة يوم األربعاء 14رجب ،ويوم اخلميس دفن بمكة املكرمة 15رجب عام 1416هـ،
سيدي أمحد بن طه احلداد ،املعروف بلقب (املشهور) ،وأسمى ما أ َّلفه بـ (السبحة الثمينة يف
نظم السفينة) ،أي :سفينة النجاة يف فقه سيدنا اإلمام الشافعي ؤ .وكانوا سلفنا آل أيب
لرس يرونه فيها ،وكذا من خلفهم ،وبعد ظهور رسالة احلبيب
علوي يقدمون التعليم هبا لعله ٍّ
أمحد بن زين احلبيش قدموا التعليم فيها تربك ًا به ؤ .فلم يزل سيدي األخ حممد بن عيل
عيل يف طلبه ظن ًا منه بأنني من أهل العلم ،ولو يعلم ما عندي من العلم
باعطية املذكور يلح ّ
ما التفت إ ّيل ،فاعتذرت له وأعلمته ببعض أعذاري من العجز وقلت له :أنا اآلن قد بلغت
معرف .وكشفت له غري ذلك من العجز ،فلم يلتفت إىل قويل
خمرف ،ال ِّ
من العمر َم ْن يقال له ِّ
ظن ًا منه َّ
أن يل معرفة وليست كذلك ،وأنا عاجز من جهات كثرية ،ولكن حسن ظنه يب مل يدعه
ينرصف عني ،فأجلأين إىل ما ال أيف به ،ولست له أه ً
ال فعالً ،وال حول وال قوة إال باهلل العيل
العظيم .قال القائل:
وق���ت ف��أب��دي العجبا
ٌ وال قلم يشفي العليل ال
مل يكن يل ٌ
مثل م��ا قلت ق��ري��ب�� ًا مرحبا فاصفحوا عني وقولوا مرحب ًا
ول��ك��م ش��ك��ر ًا علينا وجبا واج���ب
ٌ ع�ل�ي
َّ ش��ك��رك��م ح��ق
نعم هذه الرسالة املوسومة بـ (السبحة الثمينة يف نظم السفينة) ،التي نظمها السيد الفاضل
أمحد بن طه احلداد ،هي من أسنى املؤلفات املوجزات وأقرب وأسهل للحفظ للمسائل
واملراجعات ،وما أ َّلفه الشارح زادها ُح ْسن ًا عىل ُح ْس ٍن فيها َي ْس ُه ُل للطالب حفظ مسائلها
وإدراك غوامضها ،وذلك كام أ َّلف اإلمام ابن رسالن (الزبد) ،وهي تكاد تكون نظ ًام أليب
شجاع ،فجزى اهلل الناظم والشارح خري اجلزاء.
قلت:
ِ
الرشيد ُم َض ّيع الفهم واألم��ر ال يكثر ال��ق��ول إال م��ن ِ
بليد
وقد كثر كالمنا بدون معنى ،وليتني مل أكتب ،ولكن معذرة وامتثاالً ألمركم سيدي األخ،
فعفو ًا سيدي والسالم.
احلمد هلل الذي رشح صدر أخينا يف اهلل حممد بن عيل باعطية للقيام برشح السبحة الثمينة نظم
السفينة ،وقد طالعت الرشح ووجدته قد وىف باملقصود ،وألن الشارح قد عرف حال ومقال
الناظم احلبيب العالّمة أمحد مشهور بن طه احلداد الذي أشار عليه ذلك.
ووجدته عىل حسب املراد ،ونسأل موالنا التوفيق والسداد وبلوغ كل سول ومأمول.
وع������ل�����ي إم����ام����ن����ا
ٌّ ح��ام��د ِ
ال���س���ر وارث
ه���اه���ن���ا ٍّ
ش�������ك دون ه�������اك�������ه حم����ق����ق���� ًا
ٍ
ش����ي����خ ل��ن��ا ف�����زت م����ن ب���اع���ط���ي���ه ب���ال���ع���ط���اء
ع��ن��ا دون ن���ظ���م���ه���ا ق����د رشح�����ت ل��ل��س��ف��ي��ن��ة
ووف�������ي�������ت ب���امل���ن���ا وأت�����ي�����ت ب��ال��ع��ج��ي��ب
م�����ن ع����ط����ا خ�َّل�اَّ ق���ن���ا ه�����ك�����ذا ث������م ه���ك���ذا
ت�����ت�����ك�����رر ه�������ا ه���ن���ا وال�����ص��ل��اة ع��ل�ى ال��ن��ب��ي
ه����م م���ص���اب���ي���ح ال���دن���ا ٍ
وص���ح���ب وع��ل��ى اآلل
ﭑﭒﭓ
احلمد هلل رب العاملني ،الذي و َّفق من أراد به خري ًا للتفقه يف الدين ،والصالة والسالم عىل
سيدنا حممد وآله الطاهرين وأصحابه اهلداة املهتدين.
وبعد :فقد َّقرت عيني ،وفرحت نفيس بام أطلعني عليه الولد املبارك ،الشاب الصالح ،الفقيه،
الشيخ حممد بن عيل باعطية -أعطاه من واسع فضله وزاده من كل خري -من رشحه املسمى
(الدرة اليتيمة رشح السبحة الثمينة نظم السفينة) عىل نظم شيخه احلبيب العالمة السيد أمحد
مشهور بن طه احلداد املسمى( :السبحة الثمينة نظم السفينة = سفينة النجاة).
رسحت طريف يف هذه الرشح املبارك ،فرأيته رشح ًا وافي ًا باملراد ،مجع فيه مؤلفه من
وقد َّ
حصله من أمجع الكتب الفقهية وأشملها يف مسائل
املسائل الفقهية والفوائد العلمية العظيمة ما َّ
العبادات وقد بذل يف تأليفه وحتريره وتنقيحه جمهود ًا عظي ًام.
وأسأل اهلل أن جيزيه عليه أفضل اجلزاء وأن يبارك فيه ،وأن يزيده من العلم والفضل ،وأن
رش العوائق والقواطع.
جيعله يف صفوف الفقهاء املربزين ،وأن يقيه َّ
لقد رسرت هبذا الرشح ،ال سيام وأن مؤلفه ما يزال يف ريعان الشباب ،أمدَّ اهلل يف عمره وبارك
له فيه ،ونفع اهلل هبذا الرشح ،وأجزل املثوبة لصاحب املتن ،وللناظم والشارح والقارئ.
وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني ،وصىل اهلل عىل سيدنا حممد وآله وس َّلم.
وكتبه الفقري
أمحد بن علوي بن عيل احلبيش
1417/2/29هـ 15 -يوليو 1996م
تقريظ العامل الفاضل
السيد عبدالقادر جيالين بن سامل اخلرد حفظه اهلل
ﭑﭒﭓ
هذه كلمة وفاء وإعجاب قلتها بعد ا ِّطالعي عىل كتاب رشح السبحة الثمينة يف نظم السفينة
للشيخ الفاضل الفقيه املريب حممد بن عيل باعطية حفظه اهلل ومتَّع به وأكثر من أمثاله:
قال ذلك
الفقري إىل اهلل واملستمد
عبد القادر جيالين بن سامل اخلرد
تقريظ العالمة
السيد سامل بن عبد اهلل بن عمر الشاطري حفظه اهلل
ﭑﭒﭓ
احلمد هلل رب العاملني ،وصىل اهلل عىل سيدنا حممد سيد املرسلني ،وعىل آله وصحبه والتابعني،
ومن تبعهم بإحسان إىل يوم الدين.
أما بعد:
املسمى( :الدرة اليتيمة رشح
ّ رسحت نظري يف أكثر هذا الكتاب الق ِّيم متن ًا ورشح ًا،
فقد َّ
السبحة الثمينة نظم السفينة) ،فناظمها احلبيب اجلليل ،العارف باهلل ورسوله ،املايش عىل
منهج احلق والرشاد ،سيدنا وشيخنا الوالد أمحد مشهور بن طه احلداد ،وشارحها أحد تالميذه
املباركني إن شاء اهلل.
وقد وجدته كتاب ًا مفيد ًا يف بابه ،وافي ًا باملراد ،نافع ًا ملن قرأه بإمعان .فجزى اهلل الناظم والشارح
خري اجلزاء ،وأسأل اهلل تعاىل أن ينفع به األمة املحمدية ،وأن جيعله خالص ًا لوجه اهلل الكريم ،إنه
عىل ما يشاء قدير وباإلجابة جدير.
تــمــهــيــــــد
بقلم العالمة السيد عمر بن حامد اجليالين
ﭑﭒﭓ
حض عىل النَّ ْفر لتحصيل الفقه يف الدين ،ثم أمر بإنذار من ختلف من
احلمد هلل رب العاملنيَّ ،
اجلاهلني ،والصالة والسالم عىل سيدنا حممد القائل« :من يرد اهلل به خري ًا يفقهه يف الدين» ،وآله
وصحبه اهلداة املهتدين وعىل فقهاء املسلمني.
وبعد:
فخصوصيات الفضل الرباين متنوعة ،هيبها اهلل ملن يشاء من عباده ،فكام أورث سليامن
داود ي ،وعلمهم منطق الطري ،وآتاهم من كل يشء ،أورث أمة حممد ى خاتَم الكتب،
واختارها واصطفاها ،وصيرَّ ها خري أمة أخرجت للناس ،وبسط الرزق ملن يشاء من عباده،
وجعل لبعضهم التمكني يف األرض ،ومنح آخرين العلم ووهبهم الدق َة يف الفهم ،وغرس
للمؤمنني الصاحلني يف أفئدة الناس و ّد ًا ،فصارت أفعاهلم مرموقة وأقواهلم مسموعة ،إن
حرضوا ارشأبت األعناق إليهم متطلعة ،وإن تكلموا أصغت األسامع إليهم مستمتعة ،وإن
كتبوا انترش مكتوهبم بني الناس ،وتناولوه بالقراءة واحلفظ والرشح والبيان ،وذلك فضل اهلل
يؤتيه من يشاء واهلل ذو الفضل العظيم .ﱫﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ
ﭼ ﭽﱪ.
ويف كتب الفقه خمترصاتُ ،خ َّصت باإلقبال عليها والعناية هبا ،عباراهتا وجيزة وفوائدها مجة،
مخيصة من اللفظ ،بطينة من املعنى ،يسهل حفظها ،و ُيستنجد باستحضار نصوصها عند احلاجة
والنوازل.
فعند احلنفية (خمترص القدوري) ،وعند املالكية (خمترص سيدي خليل) ،وعند احلنابلة (خمترص
اخلرقي) ،وعند أكثر الشافعية يف فقه العبادات (سفينة النجاة) الذي نكتب هذه العجالة مقدمة
()17
متهيد
()18
متهيد
املصطلح( :حتقيق تشييد البنيان) للشيخ عبد الرمحن بكري .واملكان املناسب لذكر (سفينة
النجاة) عند احلديث عن املخترصات كـ(خمترص سيدي خليل) و(خمترص اخلرقي).
ومؤلف كتاب (سفينة النجاة فيام جيب عىل العبد ملواله) هو العالمة املعلم والقايض
والسيايس واخلبري بالشؤون العسكرية الفقيه الشيخ سامل بن عبد اهلل بن سعد بن عبد اهلل بن
سمري احلرضمي الشافعي ،ولد يف قرية (ذي أصبح) من قرى وادي حرضموت ،وتربى وتعلم
لدى أبيه الشيخ العالمة املعلم عبد اهلل بن سعد بن سمري ،وقد وهم املؤرخ القدير األستاذ حممد
عبد القادر بامطرف يف كتابه (اجلامع) يف عمود نسبه ،وخالف ما أصفقت مجيع الرتاجم عليه.
قرأ القرآن الكريم وأتقن أوجه أدائه ،ثم اشتغل بإقرائه فسمي معل ًام ،وهو اصطالح حرضمي
املخرج
يطلق عىل من اشتغل بإقراء القرآن الكريم ،وأحسب أهنم أخذوه من احلديث الرشيف َّ
يف صحيح البخاري من رواية عثامن بن عفان ؤ« :خريكم من تعلم القرآن وعلمه».
ودرس العلوم الرشعية عىل والده وعىل مج ٍع من العلامء الذين امتأل هبم وادي حرضموت يف
القرن الثالث عرش اهلجري.
ودرسها وأقبل الطالب عليه ينهلون من معينه ،وكان من أج ّلهم السيد احلبيب
ونرش العلوم َّ
عبد اهلل بن طه اهلدار احلداد ،والشيخ الفقيه عيل بن عمر باغوزة.
وأرشقت شمسه وظهر صيته حتى سريت إليه قصائد املديح ممن هم يف مرتبة شيوخه
كالشيخ العالمة عبد اهلل بن أمحد باسودان ،ومع اتساعه يف العلوم الرشعية وقيامه بنرشها
كانت له مشاركات يف األمور السياسية وخربة بالعتاد احلريب.
فقد انتدب إىل اهلند ليختار للدولة الكثريية خبري ًا عسكري ًا يف شؤون املدافع فاختاره وأرسله
إليهم ،وقام برشاء بعض أنواع الذخرية احلربية احلديثة من سنغافورة وبعثها إىل حرضموت،
وكان أحد القائمني بالصلح بني يافع والدولة الكثريية .واختري مستشار ًا للسلطان عبد اهلل بن
حمسن ،ال يصدر إال عن رأيه ،وعندما خالفه السلطان ومل يرجع إىل مشورته واستبدَّ برأيه،
سافر مغاضب ًا إىل اهلند ثم إىل جاوة وتَد ّيرها.
وكان من أهل الصالح دائم الذكر كثري التالوة لكتاب اهلل ،ذكر الشيخ أمحد احلرضاوي
()19
متهيد
املكي عنه أنه كان خيتم القرآن الكريم وهو يطوف بالبيت احلرام .ويف (بتاوي) من بالد جاوة
أدركته املنية عام 1271هـ ،وترك عدد ًا من املؤلفات منها:
( -1سفينة النجاة) هذا.
( -2الفوائد اجللية يف الزجر عن تعاطي احليل الربوية).
ٍ
دوحة فيها مقرئو القرآن والفقهاء وفيها األمراء والقضاة. والشيخ سامل بن سمري فرع من
فممن وصف منهم باإلمارة :األمري عبد اهلل بن عوض بن سمري ،جاء ذكره يف حوادث عام
1119هـ من تاريخ (العمدة املفيدة) للشيخ سامل بن محيد الكندي.
ومن أبرزهم :العالمة املعلم والقايض الشيخ عبد اهلل بن سعد بن عبد اهلل بن سمري ،كان
واحد ًا من سبعة علامء كبار ،ازدهرت هبم احلياة العلمية يف حرضموت ،و ُعرفوا بالعبادلة
السبعة.
توىل قضاء (هينن) ودام فيه أكثر من مخس سنوات ،وعندما غزا حرضموت عام 1224هـ
عيل بن ناجي بن قمال – هذا الغزو حتدثت عنه مصادر التاريخ احلرضمي ،واختلفت يف
مقصده ،فبعضهم جيعل له هدف ًا ديني ًا ،والبعض اآلخر جيعل له صفة ارتزاق ،ومل َأر له ذكر ًا
عند من كتب يف تاريخ نجد كابن برش وابن غنام – حاوره الشيخ عبد اهلل ،فأعجب ابن قمال
بعلمه ورجاحة عقله ،فقربه إليه واستأنس بحديثه.
تويف الشيخ عبد اهلل يف الثامن والعرشين من ذي القعدة سنة 1262هـ ،ورثاه مجع من العلامء
واألدباء ،من أبرزهم العالمة الكبري السيد حمسن بن علوي السقاف ،وترك من املؤلفات:
-1الفتاوى.
( -2املنهل العذب الصاف ،يف مناقب احلبيب عمر بن سقاف).
-3نظم كتاب (الدعوة التامة).
( -4كاف الطالب) ،وهو اختصار لكتاب (أسنى املطالب يف صلة األرحام واألقارب)
للشيخ أمحد بن حجر اهليتمي املكي.
ومن كبار علامئهم :الشيخ اإلمام العالمة عبد الوهاب بن عمر بن عبد اهلل بن عبد الرمحن
()20
متهيد
بن أمحد بن سمري ،أحد أجداد الشيخ سامل بن سمري ،نقل عن كتابه (الروضة األنيقة والعروة
الوثيقة يف الرد عىل من ال يعرف املسائل الدقيقة) العالمة السيد احلبيب طه بن عمر الصايف
السقاف يف كتابه (املجموع ملهامت املسائل والفروع) ،وهو كتاب عظيم ،حفل بذكر مؤلفات
وفتاوى عدد كبري من فقهاء حرضموت ،عفت سريهم وأخبارهم بفعل جهل األخالف.
ومما نقله يف (املجموع) عن (الروضة األنيقة) :مسألة عدم انعقاد تولية الفاسق إمامة الصالة،
وإن ُصححت مع الكراهة خلفه ،ومسائل دقيقة يف بيع العهدة املعروف يف حرضموت،
Fوكافأهم عن العلم وأهله خري الكفاء.
()21
متهيد
()22
متهيد
العلم ويدعو إىل توحيد اهلل ،ونفع اهلل به وبتالميذه ،وكان يذهب إىل األدغال لدعوة أهلها من
الوثنيني والنصارى فأثمرت دعوته ،فأسلم عىل يديه ومعه تالميذه عرشات اآلالف ،وكانت
له صوالت يف رد النِّحلة القاديانية ،ونرصه اهلل عليهم يف مواطن كثرية ،وبعد عمر جاوز
التسعني أمضاه يف التعليم ونرش الدعوة وافته املنية عام 1416هـ بمدينة (جدة) ،ودفن بـ(مكة
املكرمة) ،وله من املؤلفات:
( -1مفتاح اجلنة) مطبوع.
( -2املسك الفائح يف أحكام الصيد والذبائح).
-3رسالة يف (تاريخ تدوين السنة النبوية).
( -4السبحة الثمينة نظم السفينة) هذا.
( )7كاشفة السجا عىل سفينة النجا :
للشيخ العالمة حممد بن عمر نواوي اجلاوي املكي .أول رشوح السفينة وأوسعها ،كثري
املسائل جم الفوائد ،ولد الشارح عام 1230هـ ،وقدم من إقليمه (بنتن) بـ(جاوة) إىل (مكة
املكرمة) وهو صغري ،وأخذ عن علامئها وعن علامء (املدينة املنورة) ،ثم سافر إىل الشام ومرص
لالستزادة من العلم ،وعاد إىل (مكة املكرمة) مدرس ًا مرموق ًا يف احلرم املكي الرشيف ،أفرده
بالرتمجة الشيخ عبد الستار الدهلوي ،تويف عام 1314هـ ،وله من املؤلفات ما يقارب املائة.
( )8الدرة الثمينة حاشية عىل السفينة :
للعالمة الشيخ أمحد بن حممد احلرضاوي املكي .قال يف مقدمته أنه بدأ يف تعليق حاشيته
(مصوع) من أرض احلبشة بأمر من شيخه حممد الشاذيل املغريب ،وأهناه يف مدينة
ّ وهو يف بالد
(الطائف) .وهو من أمجل الرشوح وأمجعها للمسائل ،ويمتاز بذكر الدليل يف كثري من املواضع،
وأحلقه بخامتة يف أحكام الصيام وتتمة يف احلج والعمرة ثم آداب الزيارة .ولد يف عام 1252هـ
بـ(اإلسكندرية) ،درس العلم يف صغره يف احلرم املكي الرشيف ،وكان من أهل العلم والفضل
والصالح والزهد ،تويف عام 1327هـ ،وله من املؤلفات:
( -1العقد الثمني يف فضائل البلد األمني).
()23
متهيد
()24
متهيد
()25
متهيد
()26
متهيد
والدته ونشأته
ولِد بمدينة (قيدون) بوادي دوعن حرضموت عام 1325هـ ،وهبا نشأ وترعرع يف ٍ
بيت من ُ
بيوت العلم والصالح ،مفتتح ًا مبادئه العلمية هتذيب ًا وتثقيف ًا عىل كثري ممن كانوا أمثل ًة تحُ ْ تَذى يف
الرتبية والتأديب ،وقدو ًة صاحل ًة يف التوجيه واإلرشاد.
ٍ
وآداب مرعية ،ومواجيدَ ٍ
وسنن مأثورة، ٍ
بطرق للقوم مشهورة، ال وتثقف يافع ًا َّ
فتهذب طف ً
ترسي بالفيض والرساية ،ومشاهدَ توصل إىل أعىل غاية.
وكان والده احلبيب طه بن عيل احلداد من أولياء اهلل املستورين املبتعدين عن الظهور قدر
(( ( كتب هذه الرتمجة السيد حممد ابن احلبيب أمحد مشهور احلداد يف حياة والده سنة 1389هـ يف مقدمة
كتاب (مفتاح اجلنة) الذي أ َّلفه احلبيب أمحد مشهور ،-وقد ترصفنا فيها ترصف ًا يسري ًا باختصار أو
إضافة .وللسيد حامد ابن احلبيب أمحد مشهور احلداد -رمحهام اهلل -كتاب عن حياة والده بعنوان (اإلمام
الداعية احلبيب أمحد مشهور احلداد صفحات من حياته ودعوته).
()27
متهيد
وو ْس ِعه ،وقد أمىض ُج َّل حياته يف إندونيسيا إذ هو من مواليدها ،ثم انتقل إىل بلده
طاقته ُ
حرضموت أواخر عمره ،وكانت وفاته يف حاوي خلع راشد عام 1366هـ.
وكانت أ ُّمه الصاحلة السيدة صفية بنت طاهر بن عمر احلداد املدْ َرسة األوىل له رعاي ًة ودراية،
فقد كانت من األمهات القالئل الاليت ض َّن الزمن بمثله َّن عل ًام وحصان ًة وفضال ،وكانت من
ُح َّفاظ القرآن الكريم فغذته بلباهنا وهي تتلوه ،ورعته بتوجيهاهتا وهي تدارسه آياهتا ،وكانت
أول من أخذ بسمعه لرتوي له يف أسامرها قصص الذين أدركتهم من أئمة العلم وأساطني
ُ
ولسان حاهلا ينشد ما قاله جدُّ ها احلداد: الصالح ،وكأنهَّ ا
هبم واستقم وال��زم وال تتل َّف ِ
ت أولئك قـو ٌم قد هدى اهلل فـاقـتـده
وهم ب َّلغوا علم الكتاب ُ
وسنَّة وال تعدُ عنهم إهنم مطلع اهلدى
()28
متهيد
ح ُّطوا بتلك الديار ولالجتار أيض ًا ،فممن أخذ عنهم العالمة حممد بن أمحد املحضار والعالمة
املعمر عيل بن عبد الرمحن احلبيش والعالمة العارف باهلل عبد اهلل بن حمسن العطاس والعالمة
علوي بن حممد احلداد.
ومل يدم هبا طوي ً
ال حتى عاد أدراجه ليخوض املعمعان العلمي الصاخب الذي كان يرقبه وهو
مهيؤ له ،فتالقت مواهبه املصقولة بالنشاط املختلف الذي كان يدفعه إىل أندية العلم للطلب ٌ
حب العلم واال ِّطالع، ِ
وهب يأخذ
َّ حين ًا وللمناظرة واإللقاء آخر ،فربز عىل أقرانه بام ُوهب من ِّ
من العلوم بأوفر نصيب ،فدرس التفسري واحلديث والفقه واألصول والتصوف وعلوم العربية
والتاريخ ،وحفظ الكثري من متون هذه العلوم ،وظهر أخري ًا كخطيب وشاعر وناثر.
ومع ما توفر فيه من النضوج العلمي والعبقرية املبكِّرة كان مستديم التلقي عن شيوخه لي ً
ال
وهنار ًا ،فعرفه الوادي عامل ًا إسالم ّي ًا أديب ًا ،دائب ًا عىل اإلفادة واالستفادة ،ثم مكث ما طاب له
املكث بموطنه (قيدون) ينهل من معني العلم ،ويستفيد من العلامء ذوي الفضل والصالح حين ًا
ويفيد حين ًا ،حتى بارحها بعد ختطيه دور الشبيبة إىل إفريقيا الرشقية.
()29
متهيد
ديني ضخم؛ إذ بينام نشاهد الزهد والقناعة يف حياته التجار َّية التي كانت مزاولته بأروع ٍ
أثر ٍّ
إ َّياها من باب صيانة العلم واحلفاظ عىل رشفه واالستغناء عن احلاجة للناس ليس إلاَّ ،إذا
االجتامعي ويف الدروس اهلا َّمة
ِّ موزع األوقات يف الطاعات والعبادات واإلصالح
بنا نجده ِّ
احلاشدة التي يقوم هبا يف املساجد ،وحيرضها العديد من العلامء واملصلحني والطلاَّ ب ،وال
كثري ُي َعدُّ
شباب ٌ
ٌ ننسى بيته الذي كان ندوة يرتادها الشباب من طالب العلم ،فتتلمذ عىل يديه
اإلسالمي والتوجيه السليم احلكيم.
ِّ اآلن يف إفريقيا الرشقية مثاالً ُ
للخ ُلق الكريم واألدب
ولقد هدى اهلل به َخ ْلق ًا كثري ًا ،فأسلم عىل يديه ُّ
اجلم الغفري من الوثنيني واملسيحيني ،وقد
اشت ُِهر صيته يف آفاق تلك األقطارُ ،
ور ِّشح أكثر من َّ
مرة للقضاء العايل فرفضه.
وهكذا عرفته إفريقيا الرشقية َعل ًام من أعالم اهلدى واإلصالح ،فكان َّ
حمط األنظار من
أثر كبري يف ر ِّد القضايا
كل أبناء اجلاليات اإلسالم َّية عىل اختالف مشارهبا ،كام كان لوجوده ٌ
االجتامعية والدينية يف سبيلها القويم ،فقد كانت هناك عادات متفشية استحكمت يف النفوس
ودرج عليها الناس حتى حسبوها من الدين -والدين منها َب َراء -كعدم توريث البنات واختالط
النساء بالرجال يف املناسبات االجتامع َّية وانتهاك حرمة املساجد بام حيصل فيها مما ينايف اآلداب
ويوجه باحلكمة واملواعظ احلسنة يف ِّ
كل مناسبة حتى انتفع به كثري ،وامحَّ ى ِّ فهب يرشد
الرشعية َّ
بدعوته كثري من آثار تلك اجلهاالت.
وكثري ًا ما أفتى ،وكثري ًا ما أصلح ،وكثري ًا ما ناشد بالتقريب بني الصفوف فالت َّفت حوله
اجلامعات ،وهو أشدُّ الدعاة إىل اهلل قوة يف إفريقيا الرشقية إلحقاق احلق ،وأجرسهم رصاحة
يف تفنيد الباطل.
َّ
ولعل أشدَّ ما أقامه أسد ًا هصور ًا مقارعته باحلُ َّجة النِّحلة القاديان َّية اخلبيثة ،فقد َّفرخت
وعششت وترسبت إىل الكثري من الشباب املسلم ُّ
والش َّيب يف (أوغندا) ،فانربى هلا يصول َّ
وجيول ويباحث ويناظر يف املساجد واملجامع ،حتى أصاهبم اخلوف وخرس هنالك املبطلون.
ولقد عارص السيدُ املرتجم أحداث ًا وتي ٍ
ارات عقائد َّية عنيفة اجتاحت تلك الديار ،واستهدفت َّ َ ُ ِّ
فهب ينافح ويذود عن
وطرد اإلسالم خارج األسوارَّ ، زعزعة العقيدة اإلسالم َّية يف النفوسْ ،
()30
متهيد
مستخدم ًا ما وهبه اهلل من ذخرية علم َّي ٍة واعية وعقل َّية ناضجة لتثبيت هذه
ِ العقيدة اإلسالمية
العقيدة؛ ليتمكن املسلمون من الذود عن حياضها بعد أن ُأشرْ ِ بت نفوسهم هبا بفضل اهلل أوالً
ثم ببسطه حلقائق اإلسالم ومعارفه للنفر املسلم هناك ثاني ًا.
مؤلفاته
له -رشح ملنظومة الشيخ سعيد بن نبهان (الدرة اليتيمة) يف النحو ،و(السبحة الثمينة
نظم مسائل السفينة)((( ،ورسالة يف معنى التشويش املنهي عنه يف الصالة ،وكتاب (مفتاح
اجلنة) ،وكتاب (املسك الفائح يف أحكام الصيد والذبائح) ،ورسالة يف (مراحل تدوين السنة
النبوية) ،ورسالة يف (حتريم ترمجة القرآن العظيم احلرفية) ،وجمموعة من الفتاوى املتناثرة يف
ِّ
كل فن.
كخ َطب
كام له جمموعة ضخمة من اخلطب املرجتلة التي كان يلقيها يف مساجد إفريقيا الرشقية ُ
اجلمعة وغريها ،كام أن له جمموعة من القصائد االجتامعية وجمموعة رسائل أخرى ُت َعدُّ -وال
ريب -من غرر الرسائل األدبية.
أما ذخائره يف القرآن الكريم فله يف معانيه مفاهيم إسالمية ،وأخرى يف السنة النبوية وما ُأثِر
حريص َّ
كل احلرص عىل اقتفاء آثارهم. ٌ عن السلف الصالح ،وهو شديد النفرة من مغايرهتم،
()31
متهيد
(((
ترمجة الشارح الشيخ حممد بن عيل بن حممد باعطية
اسمه ومولده
هو املريب الفاضل الفقيه الشيخ حممد بن عيل بن حممد بن سعيد بن عبد اهلل ـ ويقال له:
(عبود) -باعطية .وترجع قبيلة (آل باعطية) إىل قبيلة (كندة) املشهورة.
ولد شيخنا -حفظه اهلل -يف شهر ربيع األول من عام1380هـ 1960/م ببلدة (قرن
باحكيم) -إحدى قرى وادي دوعن األيمن بحرضموت.-
وأما والده فأصله من (خديش) وهي من قرى وادي دوعن األيمن أيض ًا ،ولكنه انتقل
إىل (قرن باحكيم) مع والدته -أي :جدة صاحب الرتمجة -وهي من قبيلة آل بغلف من بلد
(خسوفر)؛ حيث تزوجت هناك بعد أن فارقها جد صاحب الرتمجة وسافر إىل (جاوة).
ٍ
بشهر تقريب ًاَ ،دق الباب عىل والده جمموعة من األخيار وقبل والدة شيخنا -حفظه اهلل-
املشهورين بالصالح وقالوا له« :مربوك اهلادف حممد» ،فقال هلم والده« :إن زوجتي مل تضع
بعد» ،فابتسموا وانرصفوا ،ولعل هذا مما دعا والده أن حيرص عىل تسميته حممد ًا ،وقد استبرش
بام قالوه خري ًا.
نشأته وتعليمه
نشأ شيخنا -حفظه اهلل -بعيد ًا عن نشأة أقرانه ،فبعد وصوله إىل سن التمييز كان والده
مسافر ًا فاعتنت والدته -حفظها اهلل -برتبيته ،فام إن وصل سن السادسة حتى ذهبت به إىل
معالمة القرن ،فتعلم فيها القراءة والكتابة والقرآن الكريم ،ويف تلك السن املبكرة كان ارتباطه
وثيق ًا بأهل البيت؛ إذ كان يتوطن القرن يف تلك األيام القطب النوير احلبيب صالح بن عبد اهلل
()32
متهيد
العطاس وأخواه احلبيب حممد واحلبيب عقيل ،فكان -حفظه اهلل -يذهب إىل احلبيب صالح
وجيلس عنده الساعة والساعتني لينال من عظيم بركاته وصالح دعواته ،وكان احلبيب صالح
حيب صاحب الرتمجة ويباسطه ،مما غرس ذلك حمبة أهل البيت يف قلبه منذ نعومة أظافره.
وكان شيخنا -حفظه اهلل -شديد التعلق ببيوت اهلل ،فكان يالزم املسجد وعمره ما بني
السابعة والثامنة ،ويف تلك السن التحق بمدرسة باصادق اجلفري باخلريبة لوجود العالمة
احلبيب بركة دوعن وفقيهها حامد بن عبد اهلادي اجليالين ،فمكث هناك سنة ،ثم انتقل إىل
املدارس النظامية ودرس فيها.
وبعد ذلك رغب والده -يف انتقاهلم إىل (احلجاز) عام 1390هـ ،فوصل شيخنا -
حفظه اهلل -مع بقية أهله إىل مدينة (جدة) يف أواخر شهر ذي القعدة من السنة املذكورة،
وواصل دراسته يف (جدة) حمل إقامته يف مدارسها وأكمل تعليمه اجلامعي فيها -نفعنا اهلل به
وأمد يف عمره.-
شيوخه
تتلمذ شيخنا -حفظه اهلل -عىل يد كثري من املشايخ الكبار ،فمنهم احلبيب صالح بن عبد اهلل
العطاس املتقدم ذكره ،حيث كان صاحب الرتمجة شديد التعلق به منذ نعومة أظفاره .ومنهم
أيض ًا احلبيب الداعي إىل اهلل عبد اهلل الصادق احلبيش ،حيث كان أول من اتصل به شيخنا بعد
انتقاله إىل (جدة) ،فقرأ عليه يف الفقه متن (سفينة النجاة) وكتاب (كفاية األخيار) ،ويف النحو
كتاب (الكواكب الدرية) ،وكان -حفظه اهلل -حيرض درسه الذي يلقيه يف املسجد يف كتاب
(اإليضاح) لإلمام النووي.
ويف هذه األثناء :اتصل شيخنا -حفظه اهلل -بالشيخ اجلليل كرامة سهيل ،فقرأ عىل الشيخ
كرامة متن (سفينة النجاة) ورشحها (نيل الرجاء) ثالث مرات ،وكان يقول له الشيخ كرامة:
[نحن نقرئُك يف هذه الكتب ولكن نرشح لك رشوح أهل (املنهاج)] ،ثم قرأ عليه -حفظه
اهلل -فاحتة (املنهاج) ،ثم أمره بقراءة (عمدة السالك).
()33
متهيد
ومن مشاخيه أيض ًا :الشيخ اجلليل املحب ألهل بيت النبوة الشيخ حممد بن عمر باخبرية
،-وكان الشيخ باخبرية حيب صاحب الرتمجة حمبة كبرية ،قرأ عليه شيخنا -حفظه اهلل-
كتاب (بداية اهلداية) لإلمام الغزايل وقد حصل له منه اإلجازة.
وممن ارتبط هبم أيض ًا احلبيب املتواضع العارف باهلل عبد الرمحن بن أمحد الكاف ،الزمه
صاحب الرتمجة -نفع اهلل به -كثري ًا خاص ًة إبان أزمة اخلليج ،وقرأ عليه كتاب (ضوء املصباح
رشح زيتونة اإللقاح) ،كام قرأ عليه أيض ًا قطعة ال بأس هبا يف (املنهاج) ،وقرأ عليه أيض ًا كتابه
(سلم التيسري) قبل ظهوره وطبعه ،وكان احلبيب عبد الرمحن حيب صاحب الرتمجة حمبة كبرية
ودائ ًام ما خيربه بذلك ،ومن مشاخيه أيض ًا :احلبيب العالمة واحلرب الفهامة أبو بكر بن عبد اهلل
عطاس احلبيش ،قرأ عليه صاحب الرتمجة يف (رياض الصاحلني) ،وحصل له منه اإلجازة.
ومن مشاخيه الذين تلقى عنهم كذلك :احلبيب اجلليل أمحد بن علوي احلبيش -عليه رمحة
اهلل ورضوانه ،-قرأ عليه شيخنا -حفظه اهلل -يف الفقه والنحو ،كام أخذ كذلك عن احلبيب
العالمة حسن ابن احلبيب عبد اهلل الشاطري –ء وأسكنهام فسيح جناته.-
ومن مشاخيه أيض ًا :احلبيب النوير والعلم النحرير السيد القايض حممد رشاد البيتي -حفظه
اهلل وأمدَّ يف عمره ،-قرأ عليه شيخنا -نفعنا اهلل به( -فتح املعني) يف الفقه ،و(حاشية الكفراوي)
يف النحو ،وقرأ عليه أيض ًا يف (جمموعة القضاء) للحبيب حمسن بونمي ،وقرأ يف (عامد الرضا)،
ويف (امليزان) للشعراين ،وقرأ عليه أيض ًا (زيتونة اإللقاح) مع رشحها للمصنف ورشحها
للباجوري كذلك ،كام قرأ عليه (جواهر العقدين) ،وال زال صاحب الرتمجة مرتبط ًا به ارتباط ًا
وثيق ًا.
ومن مشاخيه أيض ًا :احلبيب الداعي إىل اهلل ورسوله بلسان احلال واملقال القطب الشهري
عبدالقادر بن أمحد السقاف ،-ترشف شيخنا -حفظه اهلل -بالقراءة عليه يف رسالة اإلمام
السيوطي (إحياء امليت يف فضائل أهل البيت) ،وحصل له منه اإلجازة.
وممن قرأ عليهم صاحب الرتمجة الشيخ الفاضل حممد العبريي - -حنبيل املذهب،-
وكان فقيه ًا ال ُيامرى يف مذهب اإلمام أمحد ،قرأ عليه شيخنا -حفظه اهلل -كتاب (زاد املستقنع)
()34
متهيد
مع حفظه له ،وقرأ عليه أيض ًا يف علم الفرائض كتاب (عدة الباحث) حتى قال الشيخ حممد
العبريي لطالبه[ :أفرضكم حممد].
وممن قرأ عليهم صاحب الرتمجة الشيخ اجلليل عبد املنعم تعيلب وهو فقيه شافعي ،قرأ عليه
صاحب الرتمجة -نفع اهلل به -أكثر (املنهاج) ،كام قرأ عليه يف التفسري أيض ًا.
وقرأ -حفظه اهلل -كذلك عىل كثري من العلامء واملشايخ واألساتذة األجالء خالل مسريته
التعليمية مما ال يسع املجال لذكرهم ،حيث قرأ عليهم يف الفقه كتاب (الروض املربع) يف فقه
اإلمام أمحد ،وقرأ يف النحو (رشح ابن عقيل عىل ألفية ابن مالك) مع حفظ (األلفية) ،كام
قرأ عليهم يف أصول الدين والتفسري والتجويد واحلديث دراية ورواية وأصول الفقه وعلم
العروض والقوايف وغري ذلك من العلوم.
كام اتصل صاحب الرتمجة -نفعنا اهلل به -بكثري من املشايخ أثناء رحالته إىل الشام ولبنان
وتركيا ومرص واليمن واهلند والتمس منهم اإلجازة فأجازوه.
وأما شيخه الذي عليه املعول واالعتامد ،فهو احلبيب الداعي إىل اهلل منبع اإلمداد ،القطب
أمحد مشهور بن طه احلداد؛ إذ مل يزل شيخنا حفظه اهلل منطوي ًا حتته كارع ًا من مصايف مشاربه،
مستضيئ ًا به يف مشارق طريقه ومغاربه ،قرأ عليه شيخنا (رياض الصاحلني) ،ثم قرأ عليه (زاد
املسلم فيام اتفق عليه البخاري ومسلم) ،ثم قرأ عليه يف (تيسري األصول ألحاديث الرسول)،
كام قرأ عليه أيض ًا رسالة اإلمام السيوطي (إحياء امليت يف فضائل أهل البيت) ،ثم انتقل -نفع
اهلل به -إىل قراءة (اجلامع الصغري) لإلمام السيوطي إال أنه مل يكمله؛ إذ انتقل احلبيب إىل رمحة
اهلل ومل يزل شيخنا يقرأ فيه ،وكان صاحب الرتمجة حيرض درس احلبيب اخلاص املعقود ألوالده
وأحفاده يف متن (الغاية والتقريب) حيث كانت جتري فيه مناقشات ملسائل الفقه ،وقد ارتبط
-حفظه اهلل -باحلبيب أمحد مشهور ارتباط ًا وثيق ًا وأحبه حب ًا عظي ًام والزمه حتى وافته املنية
ـ -ونفع به وبعلومه -عام 1416هـ من اهلجرة.
()35
متهيد
()36
متهيد
أهم صفاته
يتصف شيخنا -حفظه اهلل -بالتواضع اجلم ،فهو ال يرى لنفسه مكانة أو منزلة رغم ثناء
مشاخيه املتكرر عليه واغتباطهم به ،كام أنه شديد املحبة والتوقري ألهل البيت صغريهم قبل
مرب لطلبته بحاله
كبريهم وجاهلهم قبل عاملهم ،بشوش الوجه مجيل املظهر حسن املعارشةٍّ ،
ومقاله يف زمن قلت فيه الرتبية ،مواصل لألقارب وأهل العلم يسأل عنهم ويتفقد أحواهلم
ويواسيهم ،دائم الدعاء للعلامء وطلبة العلم يف كل مكان ،كثري املطالعة ،شغوف بعلوم الفقه
والعربية واألدب ،مهتم بواقع األمة اإلسالمية وما حيوكه هلا أعداؤها من املكايد عىل مجيع
األصعدة ،وهو دا ٍع إىل مذهب أهل السنة شديد التحذير من االنجراف يف تيار الروافض
واخلوارج ،وهو كغريه من علامء العرص شديد التأسف عىل عزوف كثري من أبناء األمة عن
طلب العلم وبخاصة علم الفقه .وال يزال -حفظه اهلل تعاىل -يدرس القرآن الكريم والعلوم
الرشعية ،وبابه مفتوح لطالبي العلم الراغبني يف أخذ نصيبهم من مرياث نبيهم -صلوات اهلل
وسالمه عليه وعىل آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان إىل يوم الدين.-
مؤلفاته
لشيخنا -حفظه اهلل -مؤلفات يف عدد من العلوم الرشعية ،فمنها يف علم الفقه( :الدرة
اليتيمة رشح السبحة الثمينة) نظم احلبيب أمحد مشهور احلداد للسفينة ،وهو هذا الكتاب الذي
بني أيدينا ،حيث أشار عليه احلبيب أمحد بكتابة رشح متوسط عليها ،كام أشار عليه أيض ًا بوضع
مبحث يف احلج تتمي ًام لربع العبادات يف متن (سفينة النجاة) فامتثل إشارته ،والكتاب مطبوع،
وقد تلقاه الشيوخ والطالب بالقبول التام والنفع العام .وله كذلك كتاب (غاية املنى رشح
سفينة النجا) ،ويمتاز بسهولة العبارة ومجعه لكثري من الضوابط واملسائل يف العقيدة وربع
العبادات .وله (زاد اللبيب رشح متن الغاية والتقريب) ،وهو رشح موسع جامع لكثري من
الضوابط يف أبواب الفقه مجيعها ،وهو قيد الطبع .وله يف علم الكالم (موجز الكالم رشح
عم النفع به يف كثري من البلدان .وله يف علم الرتبية والسلوك
عقيدة العوام) ،وهو مطبوع َّ
()37
متهيد
كتبه تلميذاه
عبداهلل بن أيب بكر بن أمحد بلفقيه
حممد بن حمسن بن عبد اهلل اجليالين
(( ( وهي جملة تصدر عن مركز اإلبداع الثقايف للدراسات وخدمة الرتاث التابع ألربطة الرتبية اإلسالمية
ومراكزها التعليمية واملهنية بعدن-اليمن.
()38
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
J
( املقدمة )
ِ
َّ��ج��اة ��ف��ي��نَ�� َة ال��ن لِ��ل��م��تَّ��ق��ي س ِ ���ل ال��تُّ�� َق ِ
��اة ���اع ِ ������دي ج ِ ِ
َ ُ ْ َ هللِ حمَ ْ
��ق��ي��ه��ه يف امل�� َّل ِ ���ب���د ِه تَ�� ْف ِ
ِ لِ��� َع �ْي�ي ِ اإلرا َد ِة ِ
��ة َ ُ ���ة اخل رْ ِ َّ َ َ ����اع ِ
����ل َو َج
��وث بال َّت ْعلِي ِم ع�َل�ىَ ال��نَّ��بِ��ي ا َمل��ب��ع ِ
ْ ُ ْ َ َّ��س��لِ��ي�� ِم ِ
ال���ص�ل�اة وال��ت ْ َّ ���ض ُ
���ل وأ ْف َ
ِ ��ع ِ وتَ��ابِ ِ ���������ه ُاهل��������دَ ِاة ِ �����د وآلِ
ٍ
�����ات األو َق
���م���دَ ى ْ ��م بِ َ ��ي��ه ْ َ َ �����م
َّ محُ َ
���ل ال��س ِ ���س���ائِ َ ِ ِ
��ف��ي��نَ�� ْه َّ ���م��� ٌة َم َ نَ���اظ َ ��ح�� ٌة ثمين ْه َوب���ع���دُ َه����ذي ُس�� ْب َ
ِ ِ ٍ ���ت ِ َو َق����دْ حَ َت��� َّل ْ
َ�َت� َوع�� ْل�� ِم أح���وال ال�� ُق�� ُل��وب ا ُمل ْ
��س��ت رَ ْ ُ���ر ْر
ب����زي����ا َدات غ َ
��ري�� َق�� ْة�ْي� ُم��نْ��تَ��ه��ى ال�� َّط ِ ِ
���وص��� َل نْ ِ المُْ ��ق��ي�� َق�� ْةواحل ِ ل��ع�� ْل�� ِم ال��َّش�رَّ ْ ِع َ ��ع�� ًا ِ
جمَ ْ
��ه��ا َد ْه َّ �����ن َي��نْ��طِ ُ يِل و َلمِ واهللَ ْأرج�����و ا َمل
ب��ال��ش َ ��ق ْ ْ ب��ال��س��ع��اد ْه َّ �����ن
َّ
( أركان الدين )
ِ ِ ِ ِ
��ور
��ه ُ ي الجُْ ْ
��م ُ ��ه��تَ��د ْ
���ن َر ِّب����ه ل�� َي ْ
َع ْ ����اء بِ���ه ال�� َب��ش رْ ُ
�ْي� َ ���ن َم���ا َج ا َل���دِّ ْي ُ
���ان
���س ُ واإلح َ
ْ َ
��ل��ا ُم واإلي��َم��اَ ُن ِال ْس َ������ان
ُ ��ل�ا َث���� ٌة ْأرك
َ ���م��� ُل��� ُه َث ت ْ
َ���ش َ
( أركان اإلسالم )
��م ُأ َّس��� ْه َش��ه��ادتَ��ا ال��ت ِ ِ
َّ��وح��ي��د ف��ا ْع�� َل ْ
ْ َ ��ل��ا ِم أتَ��تْ��نَ��ا مَخ َ
ْ��س�� ْة َ اإلس
َ�����ان ْ
ُ ْأرك
���ث اإلي����تَ����اء ل��ل�� َّزك ِ وال��� َّث���الِ ُ ال���ص�ل�ا َِة ����ام���� ُة
َ��اة ُ َّ َو َب��� ْع���دَ َه���ا إ َق َ
����و ُه َس��بِ��ي�لا ِ �����ج و َذا ُأ ِح�� ْي َ وال���ص���و ُم والحَْ
َ����ح َ��س��تَ��ط��ي�� ِع ن ْ
ل��ل��م ْ
ُ �لا ُ َّ
( أركان اإليامن )
ــمدْ بِـاهلل َّـة ت ْ ِ بِ ِسـت ٍ ��ـ��اك ل�لإي��ـ�َم�اَ ِن ْأركَـانــ ًا ُت َعدْ
َ
الص َ
َّ ـن
ُـؤم ُ َو َه
��دي��ث بِ�� ْه
ُ ورس��ـ��لِ ِ
��ه َك�َم�اَ أتَ���ى َ
احل وبــمـــالئِــكَـــتِ ِ
ــــه َوكُـــتُـــبِـــ ْه
َُ ْ َ َ
��ن َخ رْ ٍ ِم��ن ربِ��نَ��ا م��ا ك َ ِ ��ه ِ اآلخ ِوال���ي���و ِم ِ
�ْي� وشرَ ْ َ���ان م ْ َ َّ ��ول وا ْل�� َق��دَ ْر ���ر ا َمل ُ َ َ ْ
()40
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
( موجب التكليف )
��ر ِ ��م بِ��ال��تَّ�� ْع ِ َف َ احل��كْ��م بِال َّتكْلِ ِ ��ث نِ َ
��ي��ط ُ
ي��ف أن ُي�� ْع�� َل َ
���ق ْ
���احل ُّ يف ُ َو َح�� ْي ُ
ِ ِ ِ ِ ِ
��س��ع َف����ا ْد َر ْه واالح���ت�ل�ا ُم ع��نْ��دَ ت ْ ْ َف���الحَْ ���دُّ ب��ال��س��ن َ
�ين مَخ َ
ْ���س َع�ْش�رْ َ ْه
َث ��ث ال َّثال َْ���اث َث��الِ ُ
��ض يف اإلن ِ َ
واحل�� ْي ُ ْ
َ����اث ال���ذك ِ
ُ���ور واإلن ُّ َع�لا ََم��ت ِ
َ��ان يف
( أسباب الطهارة )
���ذ َو َس���ائِ َ وال���ُّت��� ِ ِ ِ بِ
��ار ْه
��ه َ���ل ال�� َّط َ وال���دَّ ْب��� ِغ ُخ ْ ����ار ْه
����ج َ اب واحل َ رُّ َ ���المْ���اء
ِ ٍ إىل َق��لِ��ي��ل َوك ِ ِ ���اء بِ��ا ْع��تِ�� َب ِ
َ���ث�ي�ر َي��نْ�� َق��س ْ
��م ��ار َم���ان��� ٍع ُي��ل ْ
��م َف���ا َمل ُ
ب��ال��س��ابِ�� َق��ت ْ
َ�ين َّ احل�����دُّ لِ��ل��كَ��ثِ رْ ِ
�ْي� َو َ َني��و ُد ْو َن ال ُق َّلت ْ
��ه َ َّأم��ا ا ْل�� َق��لِ ُ
��ي��ل َف ُ
َ��َّي�ا
إن َم���ا غ رَّ َ���س َو ْ
َ���ج ٌَع�� َل��ي�� ْه ن َ إن َط َ
���را ��س ال�� َق��لِ ُ
��ي��ل ْ َف�� َي��تَ��ن َّ
َ��ج ُ
ِ ِ و حَي ِ
���و ٌن َو َش ّ
��م َ�َّي� َط�� ْع ٌ
��م ْأو َل ْ م��نْ�� ُه ُي��غ رَّ ْ �ير َم���ا الَق���ى َولمَ ْ ���ل ال��كَ��ث ُ ���م ُ َ ْ
ِ ُم ْس َت ْع َم ِ ���اه ٍ ِ وإن بِ��� َط ِ
��م ما ��ب ْاس ُ
��ث ُس��ل َ الن َح�� ْي ُ ��ه�َمَ ���ر ُأش���ي��� َب���ا َف ُ ْ
()41
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
( فروض الوضوء )
��ل لِ���وج ٍ
���ه وال�� َي��دَ ِ ِ
��ع
ي��ن تَ��تْ�� َب ْ َ��س ٍ َ ْ
غ ْ وض���� ُه س���تَّ��� ٌة ال���نِّ��� َّي��� ُة َم ْ
���ع ُف ُ
����ر ُ
��ع َك ْع َب ِ ��ر َف�� َق�� ْي ِ ِ
يهام وال��ر ْج�� َل�ين َم ْ
ِّ ِ
ب��ال��راس ِ
��ع��ض ما ��ح َب
��س ُ وم ْ ��ه�ما َ بِ��م ْ
��و ��ض��و ًا َع�َل�ىَ ُع ُ
��ض ْ أن ال ُي�� َق��دِّ ْم ُع ُ
ْ الرتتيب يف ال ُط ْه ِر َو ُه ْ
��و ُ وال��س��ادس
ُ
( رشوط الوضوء )
َّ��م��يِ�� ْي�� ُز وال��نَّ�� َق ُ
��اء الس��ل��ا ُم وال��ت ْ
ْ شرُ ُ و ُط���������� ُه َع����َش����رَ َ ٌة ِو ُ
الء
م ٍ
����اء ع��ن ال��� َب�ْش�رْ َ ة ال كَ��ال��ط��ابِ�� ِع اسها أو مانِ ِع ��ض أو نِ َف ِ
َع��ن َح�� ْي ٍ
َ
���وء َفرضاو ِع�� ْل��م��ه كَ����و َن ال���و ُض ِ
ُ ْ ُ ُ َ ��ض��ا
َ���َّي�� ُه ب��األ ْع َ
رَّ َ ونَ��� ْف ُ
���ي م���ا غ
ِ وض َت ْف ِصي ً��ر ِ َ
���ور ما���ه ُ ���ن َط ُ أف����ا َد شرَ ْ ٌط ث���ام ٌ ال كام واجل���� ْز ُم ب��ال�� ُف ُ
������واال ٌة حُ َت ّ ٍ ُ ط����ان لِ���دائِ��� ِم َ
ِ ِ
���ث َ �����ول َو ْق����ت ُ
وم ُد ُخ ثاحل���دَ ْ َوز ْي�����دَ شرَ ْ
( موجبات الغسل وفروضه )
ِ ��ر ًة ِ ٍ ��و ِج لِلغ ُْس ِل ِس ُّ
��ر ْج أو ا َمل��ن ْ
��ي َخ َ َ��م َ يف ال�� َف ْ
��رجِ ك ْ إن َو َل ْ
��ج ��ب��ات ْ ��ت ُم ْ
وال���ن���ذر م��ن ال���زي���اد ْة
ُ وامل�����وت
ُ ِ
وال����والده ِّ��ف��اس
ُ ���ض وال��ن َ
واحل��� ْي ُ
ِ ِ ِ ��ن��ان َ
ب���أ ْن َي ِ ِ
����ر ال��� َب���دَ ْن ���م ب���امل���اء َظ َ
����واه َ ُي���ع َّ وأن
ي ْ ��ن��و ْ ���ر ُض��� ُه ا ْث
و َف ْ
( نواقض الوضوء )
ِ ِ
السبِي َلني و َل ْ
���و يف ال��نَّ��زر جا ���ن َ
م َ ���رج���ا ���ض��� ُه أرب���ع��� ٌة م���ا َخ َ
ن���اق ُ
َ��ْي� م�� ْث��بِ ٍ
�ل�ا و ُد ْب������ر ًا َح�� ْل�� َق��تَ�� ْه
���س���ه ُق��� ْب ً
وم ُّ َ ��ت َم��ق�� َع��دَ تَ�� ُه ون����و ُم غ رْ ِ ُ
ِ �������ر ٍأة أج���انِ ٍ ِ
�َب�
����ع ال��ك رَ ْ ���ب َم َ َ وام
ْ ��اء َب��ْش��رْ َ يَ ْت َذك ْ
َ���ر وال���راب���ع ال��ت�� َق ُ
ُ
( ماحيرم باألحداث )
ِ ٌ ُ خَتْ��تَ��لِ ُ
����رد ُف���� ُه ْأو أك رَ ُ
ْ��َب� �����ط ُي ْ ْأو َو َس َ��ر
أص��غ ُ�����داث َّإم���ا ْ األح
��ف ْ
بِ ِ ِ ��م ِ
���واف تحُ�� َظ ُ
��ر ُ ���ه ال���ص�ل�ا ُة وال��� َّط َ��ر
األص��غ ُ
���و ْ
ال��وض��وء َو ْه َ
��ب ُ��وج ُ َف ُ
()42
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
()43
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
( طهارة اإلحالة )
��س��ه��ا خَتَ�� َّل�� َل ْ
��ت إن بِ��نَ�� ْف ِ ��م ِ
��ر ْ يف َ ��ه��ارة ْاس��تِ��ح��ا َل�� ٌة أت ْ
ِ ���ن ال�� َّط ِ
اخل ْ َ���ت م َ
ي��ف َل���دَ ْغ��ح��ر ٍ َ��ج��س بِ ِ ����و بِ��ن ِ َ����ذاك ِج�� ْل��دُ م��ي��ت ٍ
َ
ِّ َو َل ْ َ��ة إذا ا ْن��دَ َب��غْ َ ْ ك
ِ ِ ث وع�لى ا َمل ود رو ٍِ ��ن ن ِ ِ َ��ح َ
��س��ذك��ور ق ْ كَ���دُ َ ْ َج ْس ��ال َح�� َي��وان�� ًا م ْ َوم��ا ْاس��ت َ
( باب النجاسات )
ت احل��كْ�� ِم أو ت ََو َّس َط ْت يف ُ أو ُخ ِّف َف ْ ت ث�لاث َفاست َِم ْع م��ا ُغ ِّل َظ ْ ٌ ���ي
َو ْه َ
��لَ��س ْ���ن ن َ ����ر ٍع َلهِ َ
���ذ ْي ِ ـخنزير أو َف ْ ِ ��ع ا ْل��ـ ِ
الكلب َم َ َ��ج��اس�� َة
َ َف َغ َّل ُظوا ن
لمَ ي��ع��دُ ح���و َل ِ ِ ���ن ق��د َألِ��� َف��� ْه �����و ُل طِ��� ْف ٍ
���ي املخ َّفف ْه �ْي� ه َ نْ َ ْ َ ْ ���ل َل��� َب ٌ ْ و َب
ْ��ض��بِ�� َط�� ْه ٍ
�ي�رة ُم��ن َ يف ص�����و ٍر كَ���ثِ َ��و ِّس�� َط�� ْه ِ
َ ُ ف��م��ت َ
وم����ا س����واهمُ����ا ُ
( إزالة النجاسة )
ب ِمنْها فاح َف َظ ْه ب��ال�ُّت� ِ ِ ��ر ا ُمل َغ َّل َظ ْه
رُّ ْ واح����د ٌة بالغ ُْس ِل َس�� ْب��ع�� ًا تَ�� ْط ُ
��ه ُ
��ْي� َو ِص��� َف��� ْه
���ي َع نْ ٍ
��ب ونَ��� ْف ِ ُم��غَ�� ِّل ٍ ��ر ا ُمل��خَ �� َّف��ف�� ْه َ��ط��ه ُ
ُ َ����ذا بِ َ
�����ر ٍّش ت ك َ
َق���د ق��س��م��وه��ا وإىل ح��ك ِ
ْ��م�� َّي�� ْه ���ت إىل َع�� ْي��نِ�� َّي�� ْه َ���و َّس��� َط ْ
ُ َّ ُ َو َم�����ا ت َ
���ف انعدم وال���و ْص ُ
َ ُ َع�� ْي��نِ�� َّي�� ٌة ت
ُ����زال ��م
ُ��ش ْ ���م وت َ �����و ٌن و َط��� ْع ٌ
َف�م�ا لهَ���ا َل ْ
ِ ِ ْ��م��ي�� ُة ال��ب�� َق ِ وع��كْ��س��ه��ا ح��ك ِ
امل���اء ي���ان
ُ َي��كْ��ف��ي َع�� َل��ي��ه��ا َج َ
���ر ��اء َ َّ ُ ُ َ َ
( باب احليض )
وغ��ال��ب�� ًا س��ت�� ًا وس��ب��ع�� ًا تَ�� ْق�ِضِ ِ
���ض �����ل َ
احل��� ْي َي�����و ٌم و َل��� ْي��� َل��� ٌة أ َق ُّ
َ�بر ��ر أ َق ُّ ��ه ِ
وذاك ل��ل�� ُّط ْ
َ ���ر مَخْ���س��� َة َع�َش�رَ ْ
َو َق������دْ ُره األك��� َث ُ
�����ل ُم�� ْع��ت ْ
ِ ِ ِ
حيض معه ٌ ��ن َب�� ْع��د ع�ْش�رْ ِ َ
ي��ن َو ىَف م َ وغ���ال���ب��� ًا َث��ل�اث���� ٌة أو أرب���ع��� ْة
م������ ٌة أ َق��� ُّل��� ُه
ِّ���ف���اس جَ َّ
ُ ث���م ال���ن ��م�� ُل�� ُه
��ش َ أكْ���� َث ُ
����ر ُه ال َع������دَ ٌد َي ْ
أك����ث����ر ِه ِس��تُّ��ون��ا
ِ ����وم���� ًا ويف
َي ْ ال���غ���ال���ب أرب��ع��ون��ا
ُ َو َق���������دْ ُره
()44
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
( كتاب الصالة )
َ��س�� ُق ُ ي ِ ِ ِ
أص�لا ال���ص�ل�ا ُة َع��ن�� ُه ْ
َّ ��ط ال ت ْ ���وي َع ْقال ما دا َم ُذو ال َّتكْليف حَ ْ
ِ
���ذ ِر ال���ن ْ
َّ���و ِم أو ن ْ
��س��ي��انهِ��ا إالَّ بِ��� ُع ْ ��راج��ه��ا ع��ن آنهِ��ا
إخ َ ����ر ُم����وا ْ
َو َح َّ
ب ��س�� ْب�� ٍع َولِ��� َع�ْش�رْ ٍ ف���� ْا رْ ِ
ض ِ ِ
بهِ���ا ل َ الصبِ ْي
��ر َّ ��ذ ِر و ُي َ
��ؤم ُ ��م�� ِع وال�� ُع ْ َو َ
اجل ْ
( شرُ ُ
وط الصالة )
ِ َع���ن َح��دَ َث�� ْي��ه و َع ِ ��ار ِة
َّ��ج��اس��ة ����ن ال��ن ��م�ان َف���ا ْب���دَ ا ب��ال�� َّط َ
��ه َ ٌ ����ي َث
َو ْه َ
يف َث���وبِ ِ
وأن �ْت� ل��ل�� َع ْ
��و َرة َب��� ْع���دَ ه ْ وال���س رْ ُ
َّ امل��ك��ان وال��� َب���دَ ْن
ُ ���ه ك���ذا ْ
��ت��اج األ َق ّ ِ ِ ِ ِ َي ْس َت ْقبِ َل
��ل اح َ ��م بال َف ْرض َّية ْ وال��ع�� ْل ُ ��ل��ت َد َخ ْ وال��و ْق ُ
َ القب َل َة
ِ ��ن��اب ا ُمل���ب���طِ
ِ م���ع اج��تِ �����ر ٍ ِ ِ
�ل�ات ُك َّ
�لا ْ َ َ ْ ض نَ�� ْف�لا َو َع������دَ ُم ا ْع��ت��ق��اد َف ْ
( أركانُ َّ
الصالة )
ِ ِ
اإلح����را ِم ع��نْ��دَ ه��ا َو ُق ْ
���م �ير ُة ْ تَ��كْ��بِ َ ����ي ال��نِّ�� َّي�� ُة ُث ْ
��م َس�� ْب�� َع�� َة َع��ْش�رْ َ َوه َ
جارح ْه َ ��ن فِ ْي ِه ك َّ
ُ��ل واركَ���ع و َط ِ
��م��ئ ْ
ْ َ ْ َ ْ ض إن َق���دَ ْر َت واق��را الفاحت ْه يف ال�� َف ْ��ر ِ
َ�ْي�َ ،ي ْقت َِفي ْه ���رت نْ ِ
��ج��و ُد َم َّ ال��س ُ
ُّ ُث َّ
���م ��أنِ�� ْي��نَ�� ُة فِي ْه
��م ْ ِ
َواال ْع����ت����دَ ُال َوال�� ُط َ
َني و َب�� ْع��دَ ه ُ ُث���م ال�� ُط��م��أنِ��ي��نَ�� ُة يف ��� َل ِ
���ة َذ ْي���ن
الس ْجدَ ت ْ �ين َّ ��ل��وس َب َُ اجل جمُ ْ َ
أع��نِ��ي األخ��ي�ر ُث���م فِ ِ ِ ِ ِ
��ي��ه تَ�� ْق�� ُع��دُ َّ َ ْ ��ه��دُ ��ن وال��ت َ
َّ��ش ُّ ��م��ئ َُّوف���ي���ه تَ�� ْط َ
ِ
ِ
ِّ����ب ال���س�ل�ا ُم وبِ���نَ��� ْظ��� ٍم َرت
َّ ُث َّ
����م ��ي����م َص�لاتُ��ن��ا بِ����ه َع��َل�ىَ ال��نّ��بِ ْ ُث َّ
( َسترْ ُ العورة )
ِ ِ ����ر ٌض ِ �ْت� ل��ل��ع��و ِ
���م���د ًا ُ
آث��م ��ف ال���ع���ورة َع ْ ف��ك��اش ُ الز ُم َف ْ رة َ ْ ال���س رْ ُ
َو َّ
ٍ ٍ ال���ذك ِ
ُّ
��م وركْ��� َب���ة َل ُ
��ـ��ه ْ سة ُ ��ْي� رُ َّ
م��ا َب نْ َ ُم��ط�� َل��ق�� ًا َت ُعم ُ���ور َف��� َع ْ
���و َر ُة
ِ ِ ِ ِ
ك���ال���ذك���ور ف��ا ْع�� َل�� ِم ول��ل��ص�لاة ���ر ِم ������ور ُة اإلم����اء ع��ن��دَ ا َمل ْ
���ح َ َ َو َع
ِ ـ َك َّفينْ ِ يف احل���ر ِة غَ�ْي� ال��وج ِ
��ر َد َخ��ل َ
وال��ش�� ْع ُ ال��ص�لاة ��ه وا ْل��ـ رْ ُ َ ْ ����و َر ُة ُ َّ
َو َع ْ
()45
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
ِ
تكبرية اإلحرام ) ( شرُ ُ ُ
وط
���ربِ��� َّي��� َة ال��نِّ��ظ��ا ْم ض ِ ُون فيِ ال َف ْر ِ َواشرْ ُ ْط ْ
ُ���ون َع َ
وأن ت���ك َْ الق َيا ْم ألن َتك َ
ت��ي��ب شرَ ْ ٌط ُي ْ
��ؤ َث��ر ال�َّت� َ��ه�ما ِ بِ��� َل��� ْف ِ
���ظ اهلل و َل���� ْف
ُ رَّ َب�� ْي��ن ُ ����ظ أك�َبَ
ال��ب��اء َل�� ْه
َ ْ�َب� أو َي ُ
��ش��دَّ ���اء أك رَ ْ
ْأو َب َ اجل�ل�ال��� ْه ه������� َز َة َ
����م����دَّ مَ ْ
وال َي ُ
�ل�ا َل ِ واو ح����ر ْك أو س��اكِ��ن ِ
���ة اجل َ���ل ذي َ َ��ه�ما و َق��� ْب َ
َب�� ْي��ن ُ َ��ة ���ي ٍ ُ ِّ ونَ��� ْف ُ
��س�� ُه ُ ���ف ب��ي��نَ��ه�ما و ْل��ي��س ِ ِ
����روف أجمْ َ ��ع��ا
َ احل ص��ح نَ�� ْف َ َّ َم��ن ��م��ع��ا ُ ْ ُ وال َي���ق ْ َ
ال��ق��ب�� َل ِ
��ة جِّ�����اه ِ
ِ َ
ح����ال ات م��ع��ق��ود ًة ��ت��ؤ َّق ِ ِ
ال��وق��ت يف ا ُمل َ ُ
خ����ول كَ���ذا ُد
ْ
���ن ل��ه اقتفى ت��ك��ب�ير َم ْ
َ تَ���كْ���بِ رْ ُ
�ْي� ُه ك��ام��ل�� ًة ح��رو ُف��ه��ا و ْل�� َي��خْ �� ُل��ف��ا
ُ
رشوط الفاحتة ) (
ِ
ال���والَ ال�ترت��ي��ب وال���ث���اين
ُ َّأولهُ�����ا ��ض�لا َع���َش��رَ َ ٌة ك�م�ا َرواه������ا ال�� ُف َ
ال��ق ِ ْ�����ف س��ك��وت�� ًا ق��اطِ��ع ِ ِ ال���ش���دَّ ِ
��راة َ ُ َوان ات َّ َو ْار َع ُح��رو َف��ه��ا َم َ
���ع
أخ ّ
���ل َ�����ر ُك لحَْ ٍ
����ن ب��ا َمل��ع��اين ق��د َ وت ْ ��م��ل لل َع َم ْل
��س ْ واس��تَ�� ْق ِ
��ص آيهَ��ا و َب ْ
��و ٍق َيكت َِفي ��ع��ذور بِ�� َط ْ
ٌ وم
ض َ ���ر ٍَف ْ ال��ق��ي��ام يف ِ ُ���ون ح��ال�� َة
َ وأن تَ���ك
ِ ِ ِ
أج���نَ���بِ ْ
���ي خَتَ�� َّل�لا ٍ
ب��ذك��ر ْ تُ�� ْث��ن ْ
��ي ���ع ال���ق���را َة نَ�� ْف َ
��س��ه وال ���س���م َ
و ُي ْ
()46
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
تشديدات الفاحتة )
ُ (
��ن َف ِ
���وق ال ِم ال َب ْس َم َل ْه ِ ��ص�� َل�� ْه �����ع َع��ْش��رْ َ ٍة أت ْ
َش��دَّ اتهُ��ا م ْ َ����ت ُم�� َف َّ َ ْأر َب
احل��م ِ ٍ ِ
��م
َ��ض ْ ��د ت ُ ���ع َ ْ َف َ
���وق َج�لال��ة َم َ ��م وال��رح��ي�� ِم ُث ْ
َّ ال��رمح��ن ����و َق را و َف ْ
ح��ي��م يف ال��س��ي��اق ال��ث��اين ال��ر ِ ِ َ و َف
ُ ك���ذا َّ مح���ن وال���ر
َّ ب����اء َر ِّب ������وق
َّ���وال َ و َف ي���ن ف���وق ال����دّ ِ ِ
م��ال��ك ي���وم ال���دّ ِ
������وق ي���ا إ َّي�����اك ب���ال���ت َ ال
���ذي���ن بِ ِ
����ادي وف����وق ال ٍم يف ا َّل ِ
َ الصاد اط َف َ ال��ِّص� َ ِ ِم��ن
َ ���وق َّ رِّ َ اه��دن��ا
�����ه تمَ�����ا ُم ال��� َع���دَ ِد
ِ ������وق ِ
الم َ و َف ����و ِد
األج َ �ين ْ ال��ض��ا ِّل َ
ِ
ض���اد َّ َ
����وق و َف
رفع اليدين )
مواضع ِ
ُ (
َن��دْ ب�� ًا م��ع اإلح����رام ُي ْ
��ر َف��ع��ا َم�� َع�� ْه اض��ع أربعه
ْ ��و وار َف���ع َي��دَ ْي َ
��ك يف َم َ ْ
أن تَ���رك���ع أو تَ��ع��ت ِ ِ
��ه��دْ َّأوال ��ت َب�� ْع��دَ أن ت َ
َ��ش َّ أو ُق ْ
��م َ َ��دال َ ْ وع���نْ���دَ ْ
ُ
رشوط السجود ) (
ِ
ب��ال��وال ��ذه��ا ِ
��ب��ع��ة أ ْع��� ُظ��� ٍم َف��خُ َْس ��ج��دَ مخُ��ت��ار ًا عىل َواشرْ ُ ْط بِ ْ
��س ُ���أن َي ْ
ِ وال��ركْ��ب��ت ِ ِ ِم��ن ج��ب��ه ٍ
��ة و َب�� ْط ِ
َ�ْي� وط����راف ال�� َق��دَ َم ْ
�ين ُّ َ نْ ��ن كَ�� َّف��ي ال�� َي��دَ ْي ْ
��ن ْ َ ْ َ
��ج��دَ تِ�� ْه
���ل هب��ا يف َس ْ حَ���ام ٍ
����ع ت ُ َم َ ��ه��تِ�� ْه ِ
ي��ك��ون ك��اش��ف�� ًا َجل�� ْب َ َ وأن
���ه م��ت ِ
ِ َ��ْي� ِه وال
ي لِ����غ رْ ِ ِ
َّ��ص�لا ���وبِ ُ
��ج��دْ ع�لى كَ��� َث ْ
��س ُ َي ْ اهل������و ْ و َع������دَ ُم
��م ْ ِ ��ن َع�َل�ىَ األع���ايل م��ا َس َف ْل
��ل م��نْ�� ُه إذا ْأم��كَ��نَ�� ُه ه���ذا ال�� َع َ و ْل رَ ْ
�َي� َف�� َع ْ
تشديدات التشهد وأقل الصالة عىل النبي ى وأقل السالم )
ُ (
ٍ
ت���اء وي��ا َّ��ح��ي ِ
��ات َع�َل�ىَ ِم���ن ال��ت ِ ����ت وع��ش�رون ِه�� َي��ا
َش���دّ اتهُ���ا ِس ٌّ
َّ َ
ِ
وي�����اء ال�� َّط�� ِّي��ب��ات جُ ْت��تَ�لى ِ
ط����اء ٍ
ص����اد وع�لى َ
����وق ���وات َف
ُ ال���ص��� َل
َّ
���س���ي���نُ��� ُه ت���ش���دي���دُ ه���ا لِ�����زا ُم
َف ِ ������وق ال���ل��اَّم وال���س�ل�ا ُم َ للِهَِّ َف
ِ ِ ِ ِ ِ ِم��ن ِ
��ب��س ِ
اح ُ ف���وق نُ��ون��ه وي��ائ��ه ْ ����م ال��نَّ��بِ ْ
��ي �����وق ي����اء أيهُّ����ا ُث َّ
َ و َف
()47
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
الصالة )
أوقات َّ
ُ (
ِ ���م ٍ
����ر
���س َب�����دْ ؤه واآلخ ُ ُ
زوال َش ْ ف��وق��ت ال�� ُّظ��ه��ر فيام َي�� ْظ َ
��ه ُ��ر ُ مَخ ٌ
ْ���س
ٍ
����واء وإذا زاد ع�َلَ ����ل اس����تِ
ظِ ِّ ���ل ال��َّش�يَّ ِء ِم�� ْث�� َل�� ُه خال
�ير ظِ ِّ ِ
َم��ص ُ
ُ
األول ال���غ���روب وه���و
ُ آخ�����ره
ُ ��دخ ُ
��ل �ص�ر َي ُ
ٌ ��و َع
��ه َ�لا َف ْ َ
ذاك ق��ل��ي ً
����و ٌن و َد َخ ْ مح ِ ل��لِ َّ
��ش�� َف ِ ب و َي���ن��� َق�ِض�يِ إذا أ َف ْ ِ
����غ����ر ٍَلمِ
����ل ����ر َل ْ ��ق األ َ ���ل
ِ ِ ��ج ٍ ِ وق��ت ِ
األش��ف��اق ����ن َوا ْع���� َل ْ
����م ث�لاث�� ًة م َ ��ر باقي ���و ل�� َف ْ
��ش��اء َو ْه َ
ْ ال��ع ُ
شاء وان����دُ ْب إن أ َف ْ
��ل للع ِ
أب��ي��ض ُِ واألص��ف��ر وا ْل��ـ ب ل��ل��م ِ
��غ��ر ِ ����ر
ُ َ أحمْ َ ُ
ِ
��ل��اف إذ َف َ
��ش��ا تَ���و ِّق���ي��� ًا ِم����ن ِ
اخل للعشاص��ل�اة ِ
ٍ ت���أخ�ي�ر ِ
ه�����ذان
َ َ َ
الصالة )
سكتات َّ
ُ (
ِ ��ت بِ َم ْعنى َِس ٌّ
��ت��اح
�ْي� االف��ت ْ �ْي� االح����را ِم و َب نْ َم��ا َب نْ َ باح
��ر فيها ال ُي ْ ��ه ُ
اجل ْ
ال��ت��ع��و ِذ
ُّ ���ن
�ين م َ
ِ ِ ����زي َّ
ال��ش�� َي��اط َ ي ِ خُ ْ ْ����ر االفِ��ت��ت��اح وا َّل ِ
����ذي ��ْي� ِذك ِ
و َب نْ َ
����ان
ْ ��ي��ن َأم وب��ْي�� ت��الِ��ي��ه��ا ِ
وآم ال���ق���رآن
ْ ���ْي�� أ ِّم و َب��� ْي���نَ��� ُه و َب
َ نْ َ َ نْ َ
ال��رك��وع ِ
إق��ب��ال ��ْي� ٍ ��ْي�� ِآم
ْ و َب�� ْي��نَ��ه��ا و َب نْ َ ��ش��وع
ْ �����ورة ُخ وس
��ي�ن ُ
َ و َب نْ َ
()48
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
الصالة ) أوقات ُح ِ
رمة َّ ُ (
��ب لهََ ���ا اق��تَ��ض��ا ْه ِ ٍ
����ر ُم م��ا ال َس�� َب ٌ
ي ُ حَ ْ ال��ص�لا ْه ْ��س�� ُة أوق����ات هب��ا م َ
���ن َّ مَخ َ
ِ
َ����ذ ٍر ت ْ
ُ����وف ْأو ُم���تَ��� َق���دِّ ٌم كَ����ن ْ ُ��س��وف ���ق���ارن اإلح�����را ِم ك��ال��ك
ُ ُم
ِ ِ ِ ِ ِ
���ع
��س�� َب�َم�اَ َوس ْ
االس���ت���واء َح ْ
وع��ن��دَ ْ ع��ن��دَ ط��ل��و ِع الشمس حتى ت ْ
َرتفع
���ع���ة ِ
ٍ ِ
��رم��اوح ِّ َ��ص�� َف ُّ
��ر ح��ت��ى مَتَّ��ح��ي َ ت ْ وع��ن��دَ م��ا غ�ي�ر ي����و ِم جمُ ْ يف
��ت
َ��ر َب ْ و َب��ع��دَ فِ�� ْع ِ
��ل ال�� َع�صر حتى غ َ الصبح حتى َط َل َع ْ
ت ُّ
ِ
أداء َب��ع��دَ
الط َم ْأنينة )
( األركانُ التي تلزم فيها ُ
ْ ٍ ���ر ٌض يف محَ َ ْ ُث���م ال�� ُط��م ْ ِ
واع��ت��دال رك����وع
ٌ ����ي
أر َب��� َع���ة َو ْه َ ���ال ��أن�� ْي��نَ�� ُة َف ْ َ َّ
َ�ين
��ركَ��ت ْ
�ْي� َح ْ
ال��س��ك��ون َب نْ َ
ُ وح��دُّ ه��ا َ َني
السجدَ ت ْ
َّ وج��ل��وس
ُ السجو ُد
ُّ ثم
س��ب��ح��ان اهلل محَ َ��� َّل���ه���ا بِ���� َق����دْ ِر ��ر ف��ي��ه��ا أع��ض��ا ْه ِ ُ
َ ب��ح��ي��ث تَ��س��تَ��ق ُّ
الس ْهو )
أسباب سجود َّ
ُ (
ِ �تر َك ���ن ك ِّ ِ
أبعاض الصال ْة البعض من َ أن َي ُ ُ���ل َس���ا ْه أس��ب��ا ُب�� ُه أرب��ع�� ٌة م ْ
امل���ح ِّ
���ل َ �����وى
َ غ��ي��ره إىل ِس
ِ أو ���ول ٍ
ك���ن َق ْ ��ع��ض�� ُه أو نَ�� ْق ُ
��ل ُر أو َب َ
ٍ
�����ع ِزي�������ادة َل����� ُه محُ ْ���ت َ
َ���م��� َل��� ُه َم َ ٍ
ك����ن َف�� َع�� َل�� ْه إي���ق���اع ُر
ُ راب�� ُع��ه��ا
الصالة ) ُ
أبعاض َّ (
ِِ ُ
��ع ُق����ع����وده ث���م ال���ص�ل�ا ُة تَ��تْ�� َب ْ ���ع
األول َم ْ ��ه��دُ َ
ال��ت��ش ُّ َس��ب��ع�� ٌة
ِم���ن ال��ت ِ ِ
البشري
ْ َّ��ح�� َّي��ات ع�لى آل َ األخ�ي�ر
ْ ��ي ُث َّ
���م يف ف��ي��ه ع�لى ال��نَّ��بِ ِّ
ِ ِ
واآلل ال��ك��را ْم ف��ي��ه ع�لى ال��نَّ��بِ ِّ
��ي ال��ق��ن��وت وال��ص�لاة وال��س�لا ْم
ُ ث��م
ِ ��ب ِ
ان��ت��ظ��ام�� ْه
َ ث��ام��نُ��ه��ا ك��ي حُ ْت���س َ
���ن ق��ي��ام�� ْه
َ وز ْد ��ح ُ
ال��ص ْ
َّ ك��ذل��ك
()49
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
الصالة )
مبطالت َّ
ُ (
���س ق��د َو َق��ع��ا ث أو ن ِ
َ���ج ٍ ب���ح���دَ ٍ ���ل َب���ع���دَ أرب��ع��ا ب��� َع�ْش�رْ ٍة تَ��� ْب��� ُط ُ
َ
ِ ِ
��ص�ِّلِّ َ���ش���ف ري���ح ع����ور َة ا ُمل َ
وك ْ ب��غ�ير حمَ ْ ِ
���ل إن لمَ ْ ُي�����ز َْل ح����االً ْ
�ين وح����ر ٍ ْ��س رِ
ف ُم ْف ِه ِم ��ر َف ِ َ ْ ��م��د ًا َ
ب��ح ْ َع ْ �ِت� ح����االً وب��ال��تَّ��كَ�� ُّل�� ِم لمَ ْ تَ��ن َ
َ���اس ُم��ك��ثِ ِ
��ر ٍ ���م���د ًا وب��األك��ل لِ���ن َع ْ وتَ��� ْب��� ُط���ل ال���ص�ل�ا ُة ب��امل�� َف�� ِّط ِ
��ر
ٍ ٍ
ك���ات تُ��وبِ�� َع ْ ِ
��ت ��ش ْ��ح َ َو َل ْ
����و َس��ه��ا َو َو ْث��� َب���ة ق��د َف ُ ��ت ���ر
َوب���ث�ل�اث َح َ
زائ�����د بِ��ع��ن ِ
َ��ت ٍ ٍ
ْ�����ن وفِ��� ْع ِ
���ل ُرك ��ر ِ
ط��ة ب��ال�َّض� ِ
ب��ة ا ُمل�� ْف ِ رَّ َو َب��� َط��� َل ْ
���ت
َ
���ه بِ�ل�ا ُع ْ ٍ إم���ام ِ
ِ ��رك��ن ِ
ف ص ْ �����ذر رَ َ ع�لى َ�ين تَ��� َق���دَّ ْم أو َخ�� َل ْ
��ف وإن بِ ُ ْ
َ�����ر َّددا
َ تَ�� ْع��لِ��ي�� ُق�� ُه أو ف��ي��ه ق���د ت ِ
ال���ص�ل�اة أو َب��دا َونِ��� َّي��� ُة َق��ط�� ِع
القدوة ) ُ
رشوط ُ (
���ل ال���ص�ل�ا َة مِمَّ����ن أممَ���ا
م���ا أب��� َط َ أن ال َي ْع َلام أح���دَ َع�ْش�رْ َ َو ْه َ
����ي ْ َ
��ض��اءه��ا ع��ل��ي��ه ِ
واج���ب��� ًا َو ِز ْد ث وأن ال ي��ع��ت ِ ��و ح����دَ ٍ
َ َق َ��ق��دْ َ ْ َ��ح ِ َ بِ��ن ْ
��ه ِ
��ر ّي��ا وان���ج���ر ع��ن م ِ ِ ِ ِ أن ل��ي��س م���أم���وم��� ًا وال ِّأم�� َّي��ا
���وق���ف���ه ظ ْ
َ ْ َ َّ َ ْ
بمسج ٍد أو يف مقا ْم ِ َ��م�� َع��ا
واج��ت َ
ِ
بانتقاالت اإلم��ا ْم ��م�� ُه اشرْ ُ ْط ِ
وع�� ْل َ
ٍ
مج���اع���ة ون���ظ ً
�م�ا اس��ت��وى ن���ح���و ٍ
�م�ائ���ة ذراع��������� ًا ون����وى ث���ل���ثِ
َ
ٍ
ث���م ْل�� ُي��ت��ابِ ْ
��ع ب��اع�تراف يف ُس��نَّ��ة َّ اخل�لاف
ْ م��ا َص َّلياه وانتفى ُفحش
( ُص َو ُر ُ
القدوة )
ٍ
ب����رج����ل ث����م تَ��ِلِ ٍ
وام���������رأة ِ
ب��رج��ل ٍ
رج����ل ����داء ص����ح ا ْق����تِ
ُ َّ
ك��ذا بخُ نثى ف��ه��ي مخ��س ص��ح ِ
��ت ِ
ب���ام���رأة ٍ
وام��������رأة خ��ن��ث��ى ب���ه
ٌ َ َّ ْ َ
ٍ ��ت يف أرب���ع ا ْق���تِ
��ر
��ه ْ بِ ْ
���ام���رأة ك���ذا بخُ نثى م��ا َظ َ ���داء َذك ْ
َ���ر ْ َ وب��ط�� َل ْ
أخ����ذاب��اح��ت��ي��اط ِ
ٍ ٍ
ب����ام����رأة إذ اخل��ن��ث��ى ب��م��ث��لِ��ه��ا ك��ذا
و ُق�����دوة ُ
()50
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
()51
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
رشوط ُ
اخلطبتني ) ُ (
ٍ
ن��ج��اس��ة َم��تَّ��ت إل��ي�� ْه َ
ك����ذاك ع��ن َع���َش��رَ َ ٌة ط���ه���ار ٌة ع��ن َح��دَ َث�� ْي�� ْه
�ت�ر ل��ل��ع��ورة وق���ي���ا ُم َم��ن يف ث���وبِ ِ
وال���س ُ
َّ امل���ك���ان وال��� َب���دَ ْن
ُ ���ه ك���ذا
����أن ل��ل��ص�لاة ُع��لِ�مااط����م َّ
َ ف����وق ج��ل��وس��ه بينهام ِ ����ع ِ
َي���� ْق����در َم ْ
ص�لاتِ ِ
��ه أي��ض�� ًا ف��ع�� ِّل ْ ٌ ِ
َ�ين
��ورت ْ��ق ُص َ �ي�ن
رشط و َب ْ ال����وال بينهام ُث َّ
����م
ن��ظ��م��ه��ا
ُ ب���ال���ع���ريب
ِّ وك����ونَ���� ُه ارشط ب���أن ُي ْس ِم َعها ُ وأرب���ع�ي�ن
َ
��ص��لِ��ه��ا ِ
وز ْد ُذكُ������ور ًة ل��ت��ايل َف ْ ���ه ٍ
���ر كُ�� ِّل��ه��ا ِ
وك���ونهَ���ا ب���وق���ت ُظ ْ
ماجيب للميت )
ُ (
ٍ
وت��ك��ف�ين َل��� ُه ُث َّ
���م ال��ص�لا ْه ٌ ٌ
ُ��س��ل
غ ك��ف��اي��ة مل��ص�رو ِع ال��وف��ا ْه َف ْ
����ر ُض
ُي ْقت َْل عن الصالة والغ ُِسل امنَ َع ْن ��ن ِ
���ن ويف اجل��ه��اد َم ْ عليه وال���دَّ ْف ُ
أم�����ار ُة احل���ي���اة ْأو الَ و َث��� َب ْ
���ت وال��س��ق��ط كالكبري إن فيه َب���دَ ْت ِّ
وال��دف��ن ت�لا ْه
ُ �تر
ال��س ُ
��ن َّ ْأو الَ ُ
ف��س َّ تخَ��ل��ي�� ُق�� ُه ف��اف�� َع ْ
��ل ب��ه دون ال��ص�لا ْه
( بيانُ ُ
الغسل )
أن ُ
واألك��م��ل ْ ���ي
احل ِّ ��ل َب��امل��اء ِم�� ْث َ ال��ب��دن
ْ ��ي��م ِ
��ل تَ�� ْع��م ُُ��س ِ
���ل ال��غ ْ ���م أ َق ُّ
ُث َّ
���زي���ل ا ُمل
َ ���خ���ر َق ٍ
بِ ِ ��ل س��وأتَ��ي ِ
��ه ب��ال�� ُي�سرى ُت َل ْ ِ
ف ���ق�َت� ْ
رَ َ ���ة ث��م ُي ْ ف َي��غ��س َ َ ْ ْ
ال��ب��دن
ْ ون��ح��و ِه
ِ ب��ال��س��در
ِّ َي���دْ ُل َ
���ك ���و ِّض���ئْ��� ُه وأن ِ
م���ن أن��ف��ه ث���م ل��� ُي َ
م��ن��دوب إلي ْه
ٌ ��در
ال��س َ
ِّ َو َو ْد ُع األوىل امل�����اء عليه
َ ِ
���ف���رغ ث���م ث�ل�اث��� ًا ُي
ل��ل��س��در وال��ث��ال��ث�� ُة األص��ي��ل�� ْه
ِّ تَ��تْ�� َب�� ُع��ه��ا ال��ث��ان��ي�� ُة ا ُمل ِ
���زي���ل��� ْه
َ���س��� َل��� ًة تُ�� َع��دْ ُ
ال���ث�ل�اث غ ْ ف��ه��ذه وك���اف���ور َو َر ْد
ٌ ب��خ��ال��ص امل����اء
��ب��اح�� َث�� ْه
َ ُ�����در ُك ب��ا ُمل
َ ���ع ُس���ن ٍ
َ���ن ت َم ْ �����ن أخ����رى م��ث�� ُل��ه��ا وث��ال�� َث�� ْه
َّ وس
ُ
()52
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
( بيانُ الكفن )
�����ر ٍم ووج���� َه محُ ْ ِ
���ر َم��� ْه أس محُ ْ ِ
ال َر َ ��م�� ْه
��م َ
ث���وب َع َّ
ٌ ُّ
األق����ل وال��كَ�� َف ُ
��ن
������ن يف وس ٍ ٍ ِ ال��ث�لاث ِم���ن َل�� َف
ُ ُ
َّ ل���رج���ل وام��������رأة ُ ��ائ��ف واألك���م���ل
واخل���م��ار
ُ ك�����ذا ال���ل���ف���اف���ت���ان واإلزار
ُ ال��ق��م��ي��ص
ُ ْ��ف�� ْي��نِ��ه��ا
تَ��ك ِ
��ن ُض ْ
��م م��ا َب��ع��دَ ُه وك��ال�� ُق�� َب��ا َل ُ
��ـ��ه َّ واألوس����ع ُث ْ
��م ُ ُ
األط����ول ��س��ط و ُي�� ْب َ
( أركان صالة اجلنازة )
أرب�����ع وال���ق���ي���ا ُم مِمَّ�����ن َق�����دَ را
َ َس���ب���ع��� ٌة ال���ن��� َّي��� ُة ث����م ك رِّ
َ��ِّب��ا
ِ
�����ن ال��نَّ��ب��ا ����ل ع�ل�ى َز ْي ٍ
ث��ان��ي��ة َص ِّ أن ف���اتحِ��� ًة وع ِ
��ق�� َب��ا ��������ر ْ ث���م ا ْق
َ َ
وال���س���ادس ال��دع��اء ل��ل��م��ي ِ
ث���ال���ث��� ًة ث���م ال����س��ل�ا ُم ك َّ
َ��م�لا ��ت تال َ ْ ُ ُ
( بيانُ الدَّ فن )
ِ ِ ����ل ال���دَّ ْف ِ
���م أ َق ُّ
��ب��اع
ال��س ْ حي���� ُه وتَ��ك��ف��ي��ه ِّ
ُ��م ر َ
تَ��ك��ت ُ ب��ق��اع
ْ ���ن ُح��� ْف َ
���ر ٌة ُث َّ
وخ�������دَّ ُه ع�ل�ى ال��ت��راب ُح��� َّط��� ْهَ ���س��� َط��� ْهْ���م��� ُل���ه و َب ْ
وق����ام���� ٌة أك َ
���ه��� ُه إذ تَ��� ْط َ
���ر ُح َج��نْ��ب�� ًا أ ْي َمنا َو ِّج ْ ال��ي��م�ين وإىل ِق�� ْب�� َل��تِ��ن��ا
َ أ ْع���نِ���ي
( بيانُ موجب َن ْبش امليت )
��ت��غ�َّي� م��ن��ه ح��ال
رَّ ْ لِ��ل��غُ��س��ل إن مل َي ْ
خ��ص��ال ���ت ألرب���� ٍع ُي��نْ�� َب ُ
��ش َم��� ِّي ٌ
لمِ�����ال م��ع��ه إن ي��كْ�� َف ِ
ٍ ِ ِ ٍ
���ي���ه َل���� ُه َ���و ِج ِ
��ت ُ ُث َّ
�����م ��ب��ل��ةل��ل��ق ُث َّ
����م ل���ت ْ
َ��ت ح��ي��اتُ��ه يف َح���دِّ ِس��ن
وأم��ك��ن ْ �����ه ُدفِ����ن
ِ �����ع ِّأم
�ي�ن َم َول���ل���ج���ن ِ ِ
َ
( االستـعـانـات )
فاست َِع ْن
ْت ْ �ْب� ًا أو َع َ
��ج��ز َ ف��ص رْ َش َّ
��ق َ
ِ
ال��ط��اع��ات ب��ال��نَّ�� ْف��س ْ
ف��إن وب����اشرِ ِ
خ��ل��اف األوىلُ ���ب���اح��� ٌة ُث َّ
�����م َ ُم واالس���ت���ع���ان���ات رُض ٌ
وب تمُ�لى ُ
ُم��ب��اح�� ٌة ك��امل��اء تَ���غ���دُ و ج��الِ�� َب�� ْه ���ك���روه��� ٌة وواج��� َب��� ْه
َ تَ��تْ��ل��وهمُ��ا َم
()53
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
اف��ت�راض
ْ ���ت وث�ل�اث�ي�ن ث���م ِ
ل���س ٍّ خماض
ْ فخ ْذ بِ��ن َ
ْ��ت وع�شري��ن ُخمَ س ًا ِ
( زكا ُة البقر )
ال��ت��ب��ي��ع أن��ث��ى أو ذك��ر
ُ واج�� ُب��ه��ا ن��ص��اب ل��ل�� َب�� َق ْ
��ر ٌ ُث َّ
����م ال��ث�لاث��ون
ِ
َ���ب���ي���ع���ان م���� َن ال��س��تِّ��ي��ن��ا ث���م ت ���ع���ي���ن���ا ���س���نَّ��� ٌة لأِ َرب ِ
ك����ذا م ِ
َْ ُ
م ِ ِ
ألرب���ع�ي�ن تُ��نْ��تَ�� َظ ْ
��م َ ���س���نَّ��� ًة ُ ����م
���ب ت��ب��ي��ع ل��ل��ث�لاث�ين َو َس ْ واق���ل ْ
()54
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
( زكا ُة الغنم )
��ظ نِ
واح�� َف ْ
ال���واج���ب ش���ا ْه
ُ ب��أرب��ع�ين وهب���ا
َ ��ص��اب َغ��نَ�� ٍم ُ
ف��م�� ْب��تَ��دَ ا ْه َ
ِ
مجُ��زئَ�� ْه ُ
وال���ث�ل�اث منها ِ
ش��ات��ان وم���ائَ��� ْه ل��ع�شري��ن وإح����دى ِ ُث���م ِ
َ َّ
ِ
أخ���ر َج��� ْن ٍ
�م�ائ���ة ف���أرب���ع ِ
أرب���ع �������ر َد ٍة وع��� ْن ����ع َف ِ
ْ يف م��ائ��تَ�ين َم َ
ٍ ف���ك ُّ ِ
ُ���ل م���ائَ���ة هل���ا ش����ا ٌة تجَ ِ ْ
���ب ينقلب
ْ ����رد ًا
ال��واج��ب َط ْ
ُ وعندها
( زكا ُة ال َن ْق َدين )
ٍ ِ
���و ع��ن َدي��� ْن م���ن ذه���ب وف��ض��ة َل ْ ف���ارش ْط يف زك��اة النَّ ْقدَ ي ْن ُ َ
واحل���ول
ِّ��ص��اب ويجَ ِ����ي يف ال�� ِّت�ْب�رْ ِ
ِ ع��ن��دَ ال��ن �����ع ال�� ُع�ْش�رْ ِ
ُ وف��ي��ه�ما ال���زك���ا ُة ُر ْب
ِ
ال��ف��ض��ة وم���ائ���تَ�ي�ن درمه������ ًا يف ِ
احل��ب��ة ِع�ش�ري��� َن م��ث��ق��االً ب����وزن
ِ ِ ٍ وال���و ْق ُ
األم����وال ح��اش��ا النَّ َعام س��ائ��ر يف ��غ��ف��ور كام ���ص فيها َغ ُ
�ي�ر َم َ
( زكا ُة التجارة )
ِ ِ ِ وال���َّش��رَّ ْ ُط فيها نِ��� َّي��� ُة ال��ت
اإلدارة مم���ل���وك��� ًة بِ����ع َ
����وض ِّ��ج��ارة
انقالب ِم ْن َن ْق ِدها يف احلول ُر َّدت يف النصاب ��ن��اء أو مل��ا ُد َ
ون ٍ ال ال ْق��تِ
ْ ْ
��ت قيمتُها ن��ص��اب نَ�� ْق ٍ
��د َو َج�� َب ْ ��ت ٍ
�����ول َب��ل�� َغ ْ �����ر َح ِ
َ ث���م إذا آخ َ
َّ��ة م��رس��وم ٍِ ِ ِ ِ ِ ������ع عُ��ْش��رْ ِ
��ة م��� ْن نَ�� ْق��ده��ا أو س��ك َ ْ ُ َ ال��ق��ي��م��ة ُ زك���اتهُ���ا ُر ُب
( زكا ُة النبات )
ِ أو ِع��ن ٍ ِ
��بأي َح ْ �ير أو م��ن ِّ َ��ب ال َغ َ �مار م��ن ُر َط ْ
��ب ��ب��وب وال�� ِّث ُ
ُ ���ي احلُ
َو ْه َ
��ك ال��ت�ما َم ا ْع�� َت�ِب�رِ َ ْه وال��دُّ ْج ِ
��ر وا ُمل�� ْل َ ُّ
ك��ال��ذ َر ْه ��ق��ت��ات عند االخ��ت��ي��ار
ُ ُي
��ش��تَ��دُّ وراح ����ب َي ْ
ُّ ��م ٍ
��ر واحلَ يف َث َ ال��ص�لاح
ْ وإن�م�ا تَ��� ْل َ
���ز ُم إذ َي��� ْب���دُ و
ي��س�� َق��ى ب�لا م ُ ٍ ٍ نِ���ص���ابهُ���ا مخ���س��� َة
ال��س�ما
َّ ���ؤنَ���ة َك��َم�اَ َ ُ ْ أوس������ق فام
ِ ��ي��ه نِ
��ف ِ َف ِ نِ��ص��اب��ه ال���ع�ْش�رْ وم���ا بهِ���ا س ِ
��ص��ف ال�� ُع�ْش�رْ وال�ِب�رِ ُّ َب��ق ْ
��ي ُ ��ق��ي ُ ُ ُ ُ ُ
()55
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
( زكا ُة ِّ
الركاز واملعدن )
��ب ك��از ق��د َو َج ْف��ال��ر ُ
ِّ عند النصاب وال��ذه��ب
ْ ���ص منهام ال�� ُّل َ
��ج�ْي�نْ َ وخ َُّ
ِ
عاطل ٍ
م���وات ب أو ����ر ٍ يف ِ خمُ ُ���س���ه وه�����و دفِ
دار َح ْ اجل��اه�لي
ْ ��ي��ن
ُ َ َ ُ ُ َ ْ
����ع عُ��ْش�رْ ِ ِه ٍ ِ ِ
م��ن م��ع��دن ف��ف��ي��ه ُر ْب ُ ��ق��ر ِه
��ر َج م��ن َم ِّ ُ��خ ِ وك ُّ
ُ����ل م��ا اس��ت ْ
ِ
ِزي���دَ ْت زك��ا ُة الف ْطر ْ
فاس َم ْعها ُت َفدْ ِ
ف��ي��ه�ما وق��د ُ
�����ول ال ُي��ْش��رْ َ ُطحل
وا َ
( زكا ُة ِ
الفطر )
ِ تَ�� ْل َ
���را و َي�َس�رَ ْ
����وال ُح ًّ����زء ًا وم���ن َش َّ
ُج ْ َ
��ض��ان ق��د َح�َض�رَ ْ ��ز ُم َم��ن يف َر َم
ع���ي���د ِه و َل�� ْي�� َل��تِ�� ْه
ِ ���و ي����و َم
َ���ه َ
ك ُ ��ؤنَ��تِ�� ْه ِ
�����ب َم ُ ��ل ع��ن ِ
واج ِ
��ف��اض ٍ بِ
ٍ
وم����ن����زل وكُ���تُ���بِ��� ْه ك����خ����اد ٍم يحَ���ت���اج��� ُه والق بِ��� ْه
ُ ِّ
وك����ل م���ا
��ب أرب���ع��� ٌة م���ن ُق����وتِ ِ
����ه ا ُمل�� َغ�� ِّل ِ ص���اع ب���أم���داد النبي و َق���دْ ُره���ا
ْ ٌ
ِ أص���ال��� ًة تجَ ِ ُ�����ل َم���ن تَ��� ْل َ
وك ُّ
����ب ع��ل��ي��ه ف�� ْط َ
��رتُ�� ْه ْ ���ز ُم���ه ن�� َف�� َق��تُ�� ْه
ِ ت ِ
َعجي ُلها يف َر َم ِ ٍ
���ض���ان إ ْذ ُف��ت ْ
��ح َ ���ح
هن����ار ع��ي��د و َي���ص ْ َ ووق��تُ��ه��ا
( كتاب الصيام )
ِ
��س��ل�� ِم ٍ
��ي��ق ُم ��ف م��طِ ع�ل�ى م��ك�� َّل ٍ ِ
ش��ه��رن��ا ا ُمل�� َع�� َّظ�� ِم ف���رض ص��ي��ا ُم
ٌ
ُ ُ
����ه ال�� ُغ�لام��ا وك���ال���ص�ل�اة م����ر بِ ِ
ِ ال��ص��ح�� َة وا ُمل��ق��ام��ا واشرْ ُ ْط ل��ه
ُ ْ ِّ
ِ
���ن���وط ِ
�����ه َم ����ل بِ ٍ
ث�ل�اث���ة َع���� ْق ٍ ِ
وط ����ح ِم����ن شرُ ِ
وإن��م��ا َي����ص ُّ
���لال��وق��ت ال���ذي ب��ه يحَ ِ ْ
َ ِص��ي��ا ُم�� ُه حيض و َق��بِ ْ
��ل ٍ ِ
نحو ُث َّ
��م النَّقا ع��ن
( وجوب الصوم )
ال���ع���دَّ ِة
ِ َ
��ب��ان ث�لاث��ي ُ
إك��م�ال َش�� ْع ِ
مخ��س��ة ٍ
ب���واح���د م���ن ُوج����و ُب���� ُه
��ت ع�� ْن ��ق أو َي�� ْث�� ُب ُ��س َ رآ ُه َل ْ
���و َف َ ِ
��وص َمن ورؤي���� ُة اهل�ل�ال يف ُخ ُ
��ص
ِ
ب����ه مُ���َب��رَ ِّ را ٍ
��������ةعَ������دْ ُل ِروا َي ٍ
���ه���ادة ك���ذا أن يخُ�ِب�رِ اعَ�����دْ ِل َش
()56
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
()57
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺴﺒﺤﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ
���رم ِ
ِ��ي��م�� ًة ِم����ن ج ِ ِ
���ه أو َم�� ِّي��ت��ا ْ ُ َ بهَ ��ئ حتى َل ْ
��و أتى ص هبا ال��واط َ
واخص ْ
ُ
>
()58
ﹶﻧﻈﻢ ﹶﻣﺘﻦ ﹶﺳﻔﻴﻨﹶ ﹺﺔ ﺍﻟﻨﱠ ﹶﺠﺎﺓ ﹺﻣﻦ ﹶﺑ ﹺ
ﺎﺏ ﹶ
ﺍﳊ ﱢﺞ
ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻠﺤﻖ
J
( كتاب احلج )
��ال��س�لا ِم
َّ ال���ص�ل�ا َة بِ
َّ َو ُأتْ����بِ ُ
����ع َأحمْ َ������دُ َر َّب���نَ���ا َع��َل�ىَ ال������دَّ َوا ِم
���و ِئ�ل�ي
َ��م��دي َو َم ْ
ٍ
���م���د ُم�� ْع��ت َمحُ َ َّ ��و َّث ِ
��ل ال��س��نَ��ا ا ُمل َ
��ي ذي َّ
ِ
َع�َل�ىَ ال��نَّ��بِ ِّ
��اج ِ
ُ��ل س ِ ِ ِ الشدَ ِائ ِد َو ِسي َلتي ال ُع ْظ َمى َل��دَ ى
��د ال��و ْث�� َق��ى ل��ك ِّ َ
���ر َوة ُ َوال��� ُع ْ َّ
ِ ِ ِ
وص���ح���ب���ه وال���ت���اب���ع�ي�ن أث����ره ������داة ال��ب�رر ْة َوآل������ه ال��� ُغ ِّ
���ر اهل ُ
ِّ
ل��ك��ل م��رت��ق��ي ِ
س��ف��ي��ن��ة ال��ن��ج��ا ���ل���ح ِ
���ق وه������ذه م���ن���ظ���وم��� ٌة ُمل
َ
ح��ج َم��ن ُح��بِ��ي بالنور
ِّ ِ
ب���اب م��ن ِ
امل���ن���ث���ور ِ
ب���أص���ل���ه ُألحِْ ����� ُق�����ه
ِ
امل��ش��ه��ور يف امل���دارة ِ
شيخنا م��ن وق����ص����دُ ه ال���ق���ي���ا ُم ب���اإلش���ارة
�ما وأن ُي ِ
���ري���ن���ا م�����دد ًا ُم�� َع َّ
��م ً أس������أل ان��ت��ف��اع�� ًا بهِ ِ�م�ا
ُ واهللَ
ج���ل ع����المِ ُ َّ
ال��ش��ه��ادة ََّ ِ
ك���األص���ل وأن ي����وايف ال��نَّ�� ْظ��م ب���اإلف���ادة
هِ
وجوبام ) ُ
ورشوط احلج والعمرة ( ٌ
فصلُ :ح ْك ُم ِّ
م����ر ًة ع�لى اإلن��س��ان ��م ِ
��ر ِ
َّ يف ال�� ُع ْ واج���ب���ان احل�����ج وال���ع���م���ر ُة
ُّ
وح�����ر ًا ذا وف��ا ٍ �ما م��ك�� َّل��ف�� ًا
ب����أن ي���ك���ون م��س��ل ً
وذا اس��ت��ط��اع��ة ُ
ال���ط���ري���ق يف امل��س�ير وي����أم���� َن ����ك���� َن امل��س�يرِ َ
َ ُ����ون ممُ ْ
وأن َي����ك
احلج والعمرة )
ِّ ( ٌ
فصل :أركانُ
ي���ط���وف
ُ ك�����ذا إف����اض���� ٌة مل����ن وال���وق���وف
ُ أرك���انُ���ه اإلح������را ُم
ِ ِ
�يرف��اف��ه��م مل���ا ُأ ْم���ل���ي���ه ي���ا َب��ص ُ
ْ التقصري
ُ واحل��ل��ق أو
ُ وال��س��ع��ي
ُ
���خ ْ
���ذ َب�� َي��ان يف ُم�� ْع�� َظ�� ٍم منها َف ُ ِ
األرك����ان ال�ترت��ي��ب يف س��ادس��ه��ا
ُ ُ
���ص���ار ًاأرك���انُ���ه كَ���احل���ج ْ ِ وان ِ
اخ���ت َ َ ِّ اع��ت�مارا
ً ال��وق��وف ك��ي ت��رى
َ ْ���ف
()60
ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻠﺤﻖ
احلج والعمرة )
واجبات ِّ
ُ ( ٌ
فصل:
���رد عَ���دَ َده���ا َف ْل َي ْست َِمد و َم��� ْن ُي ِ احل����ج س��ب��ع�� ٌة ت ِ
َ���رد ِّ واج���ب���ات
ُ
��ي��ت يف حمِ َ���ى ال��س��اح ِ اإلح������رام ِم���ن ِم��ي�� َق ِ
��ات َّ َ َ���ذا ا َمل��بِ ُ
ك َ ��ات ْ َ ُ األَ َّو ُل ِ ْ
ِ َأ ْع��نِ��ي ب��ه ا ُمل ْ ِ
��ر ُج��و َح َّظه َب�� ْع��دَ انتصاف ال َّل ْي ِل َي ْ ���ز َدل��� َف���ة َل ْ
���و لحَ ْ�� َظ��ة
ي��ن��ال َأ َر َب����ه
َ ��ر ك��يَ��ح ٍ
����و ِم ن ْ
يف َي ْ ����ر ًة بال َع َق َبة
���ي َس�� ْب��ع�� ًا جمَ ْ َ
وال���ر ْم ُ
َّ
أ َّي����ا َم تَ�ْش�رْ ِ ٍ ِ
��ص�� َي��ات ي���ق بِ َ
��س�� ْب�� ِع َح َ ��رات ��م َ
جل َ
����ي ث�ل�اث ا َ راب�� ُع��ه��ا َر ْم ُ
��ب لِ ْل ِغنَىْ��س ْل��ي��ا َيل األ َّي����ا ِم َف��اك َ ��م��نَ��ى ��ي��ت بِ ِ
ُ ك���ل منها وا َمل��بِ
ٍّ فيِ ْ
الح��رام واع���دُ ْد ِس��تَّ�� ًة يف الواجبات ���ر َم���ات
���ح َّ حت����رز َع ِ
����ن ا ُمل َ ٌّ ك���ذا
اع��ي ����ول َف��ه��م ال��و ِ
ُ ْ َ َ ��م َلمِ���ا َأ ُق ف��ا ْف َ
��ه ْ ل���ل���و َدا ِع
َ اف َس��ابِ�� ُع��ه��ا ال���� َّط َ
����و ُ
�����را ُم ِم��� ْن ِم��ي�� َق��اتِ��ه ا َمل��كَ��ان َ الحْ
وواج����ب����ات ُع����م����ر ٍة ا ْث���ن ِ
َ���ان ْ َ ُ
��رم��ا�ما ل��دى إح���را ِم َم�� ْن َق��دْ َأ ْح َ َح�� ْت ً ��رم��ا االح���ت��راز ع�َّم�اَّ َح ُ
ُ ث��انِ��ي��ه��ا
احلج )
سنن ِّ ( ٌ
فصلُ :
ُ
الت���ي���ان ب��ال��ت��ل��ب��ي��ة فاعلمنها س����نَ����نُ����ه ك����ث��ي�ر ٌة َف ِ
��م��نْ��ه��ا ُ ُ
ال��ط��واف لِ�� ْل�� ُق��دُ و ِم َس ِ
���اري ُ ك��ذا ِ
اع���ت�م�ار ت��ق��دي��م ح���ج ٍ
���ة ع�ل�ى ُ َ َّ
���ز ٍر ِر َد ٍاء َص���اف���س ِم��� ْئ َ و َل��� ْب ُ ك���ذا ال��ص�لا ُة َركْ��ع��ت��ي ال��ط��واف
واخ�تر ج ِ ��ض ِ ن ِ
��دي��دَ ي��ن تَ�� ُف ْ
��ز باحلُ ْسنَ َيي َ َ��اص�� َع�ْيْ وأن يكونا َأ ْب�� َي َ �ْي�نْ
احلج والعمرة )
ميقات ِّ
ُ ( ٌ
فصل:
ال����زم����اين ك����ذا ا َمل���كَ���ان همُ َ �����ا َ��ان ِ
وال���ع���م���رة م��ي��ق��ات ِ ل��ل��ح��ج
ُّ ِّ
أش����ه����ر ِه ي���ا ف��ائ��ز
ِ واحل�����ج يف
ُّ ج��ائ��ز
ْ ٍ
وق�����ت ُّ
ك����ل ِ
ل�ل�اع���ت�م�ار
ك��ذا الليايل العرش م��ن ذي احلجة أش���ه���ره ش����وال وذو ال��ق��ع��دة
ُ
()61
ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻠﺤﻖ
أنواع النسك )
فصلُ :( ٌ
��ل��ق�� ًا وذا مت��تُّ��ع ك ِ
َأو م�� ْط ِ ���رد ًا َأ ْو َق ِ
��ج ُم��� ْف ِ َأ ْح ِ
َ��ائ��نَ��ا ْ ُ ��ارن�� ًا ����ر ْم بِ َ
��ح ٍّ
���ر َد عليه َف�� ْل��تَ��دُ م
أف��ض�� َل��ه��ا ال��� َف ْ ف إذا َأ ْط َل ْق َت ما ِش ْئ َت َو ُر ْم واصرْ ِ ْ
��رك ال�ُب�رُ ْ َه ُ
��ان ��م َف�� َق��دْ َس��ا َي َ َف��ا ْف َ
��ه ْ ان��������ر ُ
َ ُّ�����عِ ،ق
ٌ وب�����ع�����دَ ه مت�����ت
( ٌ
فصل :حكم جماوزة امليقات )
ُ���س���ك��� ًا و َب���اتَ���ا وه����و ُي ِ
����ري����دُ ن ُ ِ
�������او ُز امل��ي��ق��اتَ��ا وم���ن ي��ك�� ْن يجُ َ
����ل تَ��� َل��� ُّب���س���ه يف أوق���اتِ���ه
َق���� ْب َ ����و ُد إىل م��ي��ق��اتِ��ه
ي��ل��ز ُم��ه ال���� َع ْ
ِ
الز ُم َد ٌم ع��ل��ي��ه ب��ع��د ذاك ���ك ،إن مل َي��� ُع���دْ َف��آثِ��م بِ���نُ���س ٍ
ُ
( ٌ
فصل :واجبات الطواف )
���ار ٌة َع��� ْن َح���دَ َث�ْي�نْ ِ َف��ا ْع��تَ�ِبِ اف َأ َح����دَ َع�َشَ ���ات ال��� َّط���و ِ َو ِ
���ه َ َط َ َ اج��� َب ُ
��ح��افِ��ظ ِم��� ْن َد َرن ك���ذا م��ط��ا ُف��ه َف َ ب َو َب����دَ ن ٍ
��اس��ة بِ��� َث ْ
���و ٍ َ��ج َ و َع���� ْن ن َ
كاف
ْ ��م ِ
�ين َخ�ْي�رْ ِ باحلج ِر األَس���ود ي ِ الطواف
ْ وال��س�ْت�رْ ُ لل َع ْو َر ِة وا ْب���دَ أ يف
ْ َ َ َ َ َّ
ِ ِ ِ ِ
اس َت َقل
���و ْ ���واف إِ ْن ُه َ ون�� َّي�� ُة ال��� َّط َ األم����ر اكتمل
ُ ���م انْ���تَ���ه بِ���ه إذا ُث َّ
()62
ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻠﺤﻖ
( ٌ
فصل :واجبات السعي )
ِ ِ يف ِستَّة
ب��ال��ص�� َف��ا خَيْ��ت��م ب���امل ْ
���ر َوة َّ َي��� ْب���دَ أ اح�ُص�رُ
الس ْعي ْ وواج��ب��ات َّ
ُ
ُ����ل م���س���ا َف ٍ وك��ونُ��ه س��ب��ع�� ًا ي ِ
���ة وال تُ��� َق�ِّص�رِّ َ ْن ك َّ َ َ ��ق��ي��ن�� ًا وا ْق�� َط�� َع�� ْن َ َ ْ
��ن ٍ
واد َف ْل َي ُك ْن وس�� ْع�� ُي�� ُه ِم��� ْن َب�� ْط ِ الص َفا وامل���روة لو ِش�ْب�رْ ًا َي ُك ْن
َ َب�ْي�نْ َ َّ
��ع َب�� ْع��دَ َأ ْن َي��� ُط ���ار ِ
ال���ص ِ
��ز َم��ا
���وف َج ْ
َ َي�� َق ُ ف َع��نْ�� ُه َح��تْ�ما َّ َوعَ������دَ ُم
( ٌ
فصل :واجب الوقوف بعرفة )
ال�������ز َو ِ
ال لحَ ْ��� َظ��� ًة بِ�ُت�رُ ْ بهِ���ا َّ ب��ع��د ِ
�������ر ٍم هبا َو ِ
اج���� ُب����ه ُو ُج�������و ُد محُ ْ
ِ
��و ِم الن َّْح ِر ال��ص��دْ ِق بِ�� َي ْ ِّ ُم َش ْع َشع ��ج ِ
��ر يف ي��وم��ه��ا إىل ُط��� ُل���و ِع ال�� َف ْ
��ي��ب ر ُّب���نَ���ا ِع��� َب���ا َده
ُ
كَ���ي ي��ثِ
ْ�َم�اَ ُ
���ذي ِ
ال��ع�� َب��ا َدة ْ
�ل�ا لِ ِ
َ��ونِ��ه َأ ْه ً
���ع ك ْ
َم َ
( ٌ
فصل :حمرمات اإلحرام )
����ر ُم َأ ْي فع ُلها َلمِ���� ْن َي���ك ُ
ُ���ون يحُ ْ ِ ����ر ُم
�ما يحَ ْ َُوعَ���ْش��رْ َ ٌة َأ ْش��� َي���ا َء ح��ت ً
��ر ِ
ي��ط ف���اح���ذ ْر ِم��� ْن ال��تَ�� ْف ِ
َ ���ذك ٍ
َ���ر لِ َ ِ
��ي��ط أولهُّ�����ا َل���ب���س ِم�����ن ا َمل ِ
��خ َ ْ ٌ
�����ر َأ ٍة أو َب ْع ِضه
َ
َ���ذا لِ���وج ِ
���ه ا ْم َ ْ ك َ ��ض ِ
��ه َ����ر أو ب��ع ِ
أس َذك ٍ ْ َ ْ �����ر ِ ِ
َس��ْت�رْ ٌ ل َ
��ه ِ
��ر َو َق���ال ال�� َب�� ْع ُ و َل��ب��س��ه��ا يف ي ِ
���ازا
��ض َج َ يف أل ْظ َ ���ده���ا ال��� ُق��� َّف َ
���ازا َ ْ ُ
()63
ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻠﺤﻖ
ب وم����ا ي�ِل�يِ يف َب�����دَ ٍن أو َأ ْث ���������ر َأ ٍة َو َر ُج تَ��� َط���ي���ب َلمِ
َ ������و ٍ َ َ
ُ ِ
�������ل ْ ُّ ٌ
��ج��ي��ب��ا وم���ا تَ������روم ِرحي�����ه ال�� َع ِ
ُ ُ َ ش بِ��َم�اَ ُي��� َع���دُّ طِ�� ْي�� َب��ا
�����ر ٍ
ُ ِم���� ْن ُف
جمِ َ�����اع ك ٍّ ِ ���ر لحَ ���ي ٍ
��م ِ
��س ْ���ه�َم�اَ كَ�� َل ْ
ُ����ل م���ن ُ ُ ���ة َو َر ْأ ِ
س َو َد ْه������ ُن َش��� ْع ِ ْ َ
�لا م��ن��ه أو ِم��� َن ال�� ُّظ�� ُف��ر ول���و ق��ل��ي ً َس��ابِ�� ُع��ه��ا إِ َزا َل������ ٌة ِم��� َن َّ
ال��ش�� َع��ر
�����ر ٍّي َأ ْو َو ْح���ِش��يِ ٍّ وذا بِ�� َق��دِّ َب ِ ث��ام��نُ��ه��ا ت����ع����ر ٌض لِ���ص���ي ِ
���د َ ْ ُّ
حت ْ
���ل ����ط َف��ل�ا ِ �����ح ِ
�����ر ٍم َف���� َق ْ ُمل ���لوك����ان م���أك���والً وه����و يف ِح ْ
ْ
ِ
��ر ُمحل َ
الص ْيد ه��ذا ا َ
إن ك��ان مرعى َّ ����ر ُم
��ه��و عليه يحَ ْ ُ حل��ل�ال َف ُ أ َّم���ا ا َ
ِ ِ ِ
واس��ت��ث��ن إِ ْذخ�������ر ًا ف�لا تحُ َ ِّ
����ر ِم ����ر ِم
حل َ ت��اس�� ُع��ه��ا َق��� ْط ُ
���ع نَ��� َب���ات ا َ
ٍّ
ل����ك����ل م���ن���ه�م�ا وذا مت�����ا ُم َ���اح ع�����اشرِ ٌ ِخ���تَ���ا ُم
َع��� ْق���دُ نِ���ك ٍ
( ٌ
فصل :الزيارة وآداهبا )
وخ�� َف��ا
���ه���ر ًا َ
ع��ل��ي��ه ص�َّل�ىَّ اهلل َج ْ ور املصطفى َ����ز َ
��ب أن ت ُ َ��ح ُّ ��س��ت َ
َو ُي ْ
ِ
���ل الن ِ
َّهج استحب ذاك َأ ْه ُ
َّ َح�� ْي ُ
��ث يف َق��ْب�رْ ِ ه ال�َّش�رَّ ِ ي���ف َب�� ْع��دَ احلَ ِّ
���ج
ِ
ال��ك��ث�يرة ام��ت�لا ِ
ول�ل�أح���ادي���ث ���را ِم ال�� َع��المِِ�ين ال ُف َضال ِ ِ
م��� َن ال���ك َ
���ر ْف���نِ���ي
ف��ق��د َج���� َف����انيِ َ وم����ا َع َ ����ز ْرنيِ
ب��ي��ت اهلل ومل َي ُ
َ ح���ج
َّ َم��� ْن
ح��ب��ي��بِ��ن��ا وجم��ت��ب��ان��ا امل��ص��ط��ف��ى ب���اإلل���ه ِم���� ْن َج�� َف��ا
ِ ُ
ون��س��ت��ع��ي��ذ
م��ن��ه وجي���ع���ل ب���احل���ق���وق ق��ائ�ما ��م�ا ٍ
ب����اق��ت�راب دائ ً ���م��� َّن
وأن َي ُ
>
()64
ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻠﺤﻖ
ِ
امل��ن��ظ��وم��ة ال�شري��ف��ة ُم�� ْل َ
��ح�� َق�� ُة وه�������ذه أرج����������وز ٌة ل��ط��ي��ف��ة
ل��ب��اع��ط��ي�� َّة ال��ف��ت��ى ال��ق��ري�� ِع ن��ظ��م��تُ��ه��ا ِم���� ْن نَ�� ْث ِ
��ره��ا ال��ب��دي�� ِع
َ
امل���ب���ح���ث ل�لأن��ام ����ع ِ
����ه بِ����و ْض ِ م����ن����ف����ذ ًا إش��������ار َة اإلم������ا ِم
ّ
َ
ِ
وس ��س�ْي�نْ ٍ ن ْ
َ��س َ
��ل ح���دَّ اد النُّ ُف ْ ا ْب ِ
��ن ُح َ وس ��م��ه��ا حم��م��دُ ب��ن َع��� ْي���دَ ُر ْ نَ�� َظ َ
ِ
ب���ش���ي���خ���ه حم����م����دٍّ امل���ال���ك���ي ِ
امل��ال��ك ِ
اإلل���ه ف��ي��ض َ��م��نِ��ح�� ًا
َ ��س��ت ْ
ُم ْ
���رنيِّ ِم��� ْن َس��نَ��اه اهلَ��تِ ِ
��ن اغ���م َ
ُ ربِّ حل َسنِي
اعني اب�� َن علوي اإلم���ا َم ا َ
يل ومل���ن َأ ْل��� َق���ى إل��ي��ه��ا َسمعا ���م ال��نَّ�� ْف��ع��اِ
ع��س��ى إهل���ي أن ُي���ت َّ
رساج ال���ن ِ
َّ���ادي ِ ٍ
م��ش��ه��ور أمح����دَ ب��ج��اه ه����ذا ال���ن���اظ��� ِم احل�����دَّ ِ
اد
ِ
اإلم������داد وال��ف��رائ��دا ل��ط��ائ��ف ِ
وح���ام���د ًا ���م���دَّ ن��س�� َل��ه
َ وأن َي ُ
����ي����دة َر ِخ��� َّي���ة
ٍ ��ة َر ِغ
ع��ي��ش ٍ
َ يف ���ر باعطية ���م َ َ
���ي���ل ُع ْ
وأن ي���طِ
ُ
ِ
األط�����ه�����ار حم����م����دٍّ وآلِ���������ه ِ
امل���خ���ت���ار ي���ص�ل�ي ع��ل�ى
َّ وأن
ِ ْ��ه ُ
��ل نَ�� ْب��ع�� ًا َص��اف��ي�� ًا و َم��ن َ
ْ��ه�لا َي��ن َ ��س�لا��س�� ْل َ
����ز ْل ُم َ
ال���س�ل�ا ِم مل َي َ
َّ م��ع
>
()65
ﺍﻟـﺨـــﺎﺗـــﻤــﺔ
( خـاتـمة )
��م��ه��ا َق ِ
��م��ي��ن�� ْه ل��ع�� ْق��د نَ�� ْظ ِ
ف��ه��ي ِ ِ
��ب��ح��ة ال��ث��م��ي��ن�� ْه ل��ل��س خ���امت��� ٌة
ُّ
وع��ل��م أح����وال ال��ق��ل��وب ا ُمل��س��ت ْ
َ�تر وق���د حت�� ّل��ت ب���زي���ادات غ َ
ُ����ر ْر
ِ
���وص��� َل�ي�ن م��ن��ت��ه��ى ال��ط��ري��ق�� ْه ا ُمل مج��ع�� ًا ل��ع��ل��م ال��ش�رع واحل��ق��ي��ق�� ْه
ِ
>
���ن���اء وال��ع��ق��ي��د ْهس��ل��ي��م��ة ال���بِ ٍ
������ل م��ف��ي��د ْه َف���ه���اكَ���ه���ا يف جمُ َ
���ج���ه ل��ل��س��ال��ك�ين وت��ق��ي��م ُ ِ ٍ
احل َّ امل��ح��ج�� ْه
َّ ����ح
ُ����وض ُ م���ع���ان ت ْ ويف
ت���ركْ���تُ���ه ل���ن���اظ���م ال��س��ف��ي��ن�� ْه ِ
أرساره����ا املكنون ْه وال��غ��وص يف
ُ
األس���اس
ْ لطالب العلم بتوضيح االل��ت��ب��اس
ْ حسبي منها م��ا ُي��زي��ل َ
ِ
األخ��ل��اق وم��ن��ت��ه��ى م����ك����ار ِم ف����إنهَّ����ا ع���ظ���ي���م��� ُة امل����راق����ي
ِ
وال��ت��أدي��ب ِ
ال��ت��ه��ذي��ب وم��س�� َل ِ
��ك ِ
ال���ق���ل���وب ِ
ت��ص��ف��ي��ة ألن يف َّ
َ ْ
�ْب� وامل��ع��ايص ِ
اج��ت��ن��اب ال���ك رْ ِ
ِ ويف ِ
واإلخ��ل�اص ال���ص ِ
���دق وب��ال��ت��زا ِم
ِّ
ِ
ال��س�رائ����ر ت���ن���ق���ي��� ٌة ل���ب���اط���ن ِ
ل��ل��ظ��واه��ر وم��ن��ه��ج اإلص��ل��اح
ِ
وال��ض�مائ��ر ِ
ُّ���ف���وس ت��زك��ي�� ُة ال���ن ِ
األوام�����ر ِ
س���ائ���ر ِ
ام���ت���ث���ال ويف
ِ
احل��ق��ي��ق��ة �������و ِر ِد وهن�� ُل��ه��ا م���ن َم ِ
ال�شري��ع��ة ِّ
ال���ك���ل م���ن وم���ص���در
ْ
��ف ْ��ه��ه��ا ف��م��ؤتَ��لِ ْ ل��ف��ظ�� ًا َّ
وأم����ا كُ��ن ُ م��تَ��لِ ْ
��ف وإن رأي ال��ق��وم فيها خُ ْ َّ
ِ
��ب��ودي��ة يف أع�ل�ى م��ق��ا ْم معنى ال�� ُع ائ���ت�م�ار وال���ت���زا ْم ق��ي��ل ال�شري��ع�� ْه
ٌ
املستقيم
ْ ي ال��س ِ
��و ِّ َّ �ير يف النهج وال��س ُ
َّ القويم
ْ ويف اص��ط�لاحٍ أهن��ا ال��دي��ن
ال����ق����رآن
ُ ل���ك���ل م����ا ج�����اء ب����ه اإلذع�����ان
ُ وق���ي���ل أي���ض��� ًا إنهَّ�����ا
َ
م��دخ��ل احلقيق ْه ف منها تَ��� ْع ِ
���ر ُ َ���ر ْاء ك���ذا الطريق ْه
وال��س��ن��ة ال���غ َّ
ُّ
()68
ﺍﻟـﺨـــﺎﺗـــﻤــﺔ
>
()69
ﻭﺧﺮﺝ ﺃﺣ ﹺ
ﺎﺩﻳ ﹶﺜ ﹸﻪ ﹶ ﱠ ﹶ ﹶ
مقدمة الشارح
ﭑﭒﭓ
احلمد هلل ذي اجلالل واإلكرام ،وشارع احلالل واحلرام ،ومبني األحكام ،تبرصة وذكرى
ألويل األفهام ،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال رشيك له امللك العالم ،الذي اختص لتفهم
النصوص واستنباط األحكام من شاء من األنام ،وندهبم لذلك بقوله :ﱫﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﱪ .وأشهد أن
َّ
فحث سيدنا حممد ًا عبده ورسوله ،بعثه مواله هادي ًا ومرشد ًا ومعل ًام ،وألمور الدين موضح ًا،
أمته عىل التفقه يف الدين ،وأوضح هلم أن اخلريية منوطة بفهم أحكام الرشع املبني ،فقال« :من
يرد اهلل به خري ًا يفقهه يف الدين» ،اللهم ِّ
صل وسلم وبارك عىل سيدنا حممد سيد املرسلني،
وإمام املتقني ،وعىل آله الطاهرين ،وأصحابه الغر امليامني ،والتابعني ومن تبعهم بإحسان إىل
يوم الدين.
أما بعد :فيقول العبد الضعيف الراجي من اهلل العطية اهلنية :حممد بن عيل بن حممد باعطية:
هذا كتاب رشحت فيه ألفاظ املنظومة الراقية السامية املسامة بـ(السبحة الثمينة نظم السفينة)
لسيدي وشيخي شهاب الدين ،اإلمام الداعي إىل اهلل بالصدق واليقني ،واحلامل لدعوة سيد
املرسلني ،والذاب عنها حتريف الغالني وشبه املبطلني ،صاحب العلم الغزير والفهم الو ّقاد،
سيدي :أمحد مشهور بن طه احلداد ،الذي كان منار ًا من منارات اهلدى يف كل مكان حيل
فيه ،وداعي ًا مله ًام ،وإمام ًا مقتدى به يف األقوال واألفعال واألحوال ،انجذبت إليه القلوب،
وارتبطت به األرواح؛ فكان كعبة للقاصدين ،ومورد ًا هنيئ ًا يستقي منه طالب العلم واملعرفة
يف كل وقت وحني ،جتلت صدق دعوته ،فدخل الناس بسببها يف دين اهلل أفواج ًا ،وسدد هبا ما
()72
وحري أن ُيفرد فيها جملدات تدرس
ٌّ اعوج من الطريق ،وأقام هبا الدين ،وفضائله ال تنحرص،
َّ
شخصية هذا اإلمام من مجيع النواحي ،وخاصة اجلوانب العلمية ،والتي آثاره فيها واضحة...
فقد نظم هذه (املنظومة يف الفقه) وهو يف س ِّن العرشين أو أقل ،وكان ؤ شديد احلرص
عىل العلم ونرشه ،مشجع ًا ألهله ،لذلك أمرين برشح هذه (املنظومة) وأشار َّ
عيل بذلك؛ فلم
أجد ُبدّ ًا من إجابته ،وإن مل أكُن من أهل هذا الشأن ،ولكن اغتنام ًا هلذه اإلشارة ،ولكون إشارته
حك ًام وطاعته غن ًام.
وقد أمرين ؤ أن يكون رشح املنظومة ليس مطوالً وال خمترص ًا بل متوسط ًا ،وأرجو أن
يكون كام أراد سيدي ،وقد انتهيت من الرشح املذكور ،قبل وفاة سيدي بشهور ،وقد أخربته
بذلك فسرُ َّ غاية الرسور ،وقرئ عليه رشح املقدمة فأعجب به غاية ،وأشار بوضع مبحث يف
احلج تتمي ًام للفائدة ،وقد بادرت إىل ذلك ،ولعل اهلل ينفع هبذا الكتاب الذي سميته( :الدرة
اليتيمة رشح السبحة الثمينة نظم السفينة) كام نفع (باملنظومة) ،وأن يسكن سيدي الناظم أعىل
اجلنان ،بصحبة سيد ولد عدنان ،وأن يرزقني اإلخالص يف العمل ،فإنه حسبي ونعم الوكيل،
وال حول وال قوة إالَّ باهلل ّ
العيل العظيم.
املؤلف
()73
كتاب العقائد
كتاب العقائد
ﭑﭒﭓ
()76
كتاب العقائد
عامة لكل يشء ،والرحيم :رمحة خاصة باملؤمنني يف اآلخرة ،قال تعاىل :ﱫ ﰑ ﰒ
ﰓﱪ.
والرمحة لغة :رقة القلب وانعطاف يقتيض التفضل واإلحسان ،وهي مستحيلة عىل اهلل هبذا
املعنى ،وإنام املراد هبا غايتها ،إذ أسامء اهلل تعاىل املأخوذة من نحو ذلك إنام تؤخذ من نحو
الغايات دون املبادئ التي تكون انفعاالت ،والرمحن :اسم خمتص باهلل تعاىل ال جيوز أن يسمى
به غريه ،أال ترى أن اهلل /قال :ﱫﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏﱪ فعادل به االسم الذي ال
يشاركه فيه غريه.
(تنبيه) :يالحظ هنا أن الناظم -مل يبدأ بالبسملة نظ ًام؛ وذلك خروج ًا من خالف من
قال :إن اإلتيان بالبسملة نظ ًام خالف األوىل ،بل رصح بعضهم بالكراهة كام أفاده الباجوري.
واالبتداء بالبسملة من مهامت التأليف للخرب املتقدم ،وكذا احلمدلة ،وفيها حديث حسن
وهو قوله ى« :كل أمر ذي بال ال ُيبدأ فيه باحلمد هلل فهو أقطع» رواه أبو داود والنسائي
وابن ماجه وابن حبان وغريهم ،وال تنايف بني اخلربين؛ إذ االبتداء بالبسملة حقيقي وباحلمدلة
إضايف ،ويكون معنى اخلربين :إرادة االبتداء بالبسملة واحلمدلة حيث ال ُيبتدأ بأمر قبلهام البتة،
وحيث ابت ُِدئ هبام ال بغريمها حصل املطلوب وهو االبتداء .وهذا هو ما أثبته سيدي الناظم
يف منظومته ،ومراعاته -عدم نظم البسملة دليل واضح عىل اتساع فقهه ،وعىل مراعاته
اخلروج من اخلالف.
ومما يالحظه القارئ للمنظومة :براعة االستهالل ،حيث إن الناظر يدرك املراد من املنظومة
بمجرد النظر يف استهالل الناظم ،ويعرف أهنا وضعت لفن معني .ويتجىل أيض ًا عمق االرتباط
باهلل تعاىل؛ حيث بينَّ أن إرادة اهلل هي املترصفة يف توجيه اإلنسان للخري وغريه ،وأنه ال قدرة
وجهه اهلل لذلك؛ لذا قال:
لإلنسان يف اكتساب عمل كعلم ونحوه إال إذا َّ
ِ
امل��ل��ة) ل��ع��ب��ده تفقيهه يف ِ
اخل�يري��ة (وج��اع��ل اإلرادة
وسيأيت بيان ذلك.
()77
كتاب العقائد
املقدمة
ِ
َّ��ج��اة لِ��ل��م��تَّ��ق��ي س ِ
��ف��ي��نَ�� َة ال��ن ���ل ال��تُّ�� َق ِ
��اة ���اع ِ �����دي ج ِ ِ
َ ُ ْ َ هللِ حمَ ْ
��ق��ي��ه��ه يف امل�� َّل ِ ��ب��د ِه تَ�� ْف ِ
ِ لِ�� َع �ْي�ي ِ اإلرا َد ِة َ وج ِ
��ة َ ُ ���ة اخل رْ ِ َّ َ ���اع ِ
���ل َ َ
وث بال َّت ْعلِي ِم ع�َل�ىَ ال َّنبِي ا َملبع ِ
ُْ ْ َ �لاة والت َّْسلِي ِم ��ل ال��ص ِ
َّ ��ض ُ وأ ْف َ
ِ ��ع ِ وتَ��ابِ ِ ��������ه ُاهل�������دَ ِاةِ ����د وآلِ
محُ َ����م ٍ
���ات األو َق
��م��دَ ى ْ ��م بِ َ ��ي��ه ْ َ َ َّ
الس ِفي َن ْه َّ ��س��ائِ َ
��ل ��م�� ٌة َم َ
ِ
نَ��اظ َ ��ح�� ٌة ثمين ْه ِ
َوب��ع��دُ َه���ذي ُس�� ْب َ
ِ ِ ٍ ��ت ِ َو َق���دْ حَ َت�� َّل ْ
َوع�� ْل�� ِم أح��وال ال ُق ُلوب ا ُمل ْس َتترَ ْ ��ر ْرب���زي���ا َدات ُغ َ
�ْي� ُمنْتَهى ال َّط ِري َق ْة المُْ ِ
��وص�� َل نْ ِ واحل ِقي َق ْةَ لع ْل ِم ال�َّش�رَّ ْ ِع ��ع�� ًا ِ
جمَ ْ
����ن َي��نْ��طِ ُ لمِ
��ه��ا َد ْه َّ
ب��ال��ش َ ��ق يِ ْل و َ ْ ب��ال��س��ع��اد ْه
َّ واهللَ ْأرج���و ا َمل َّ
���ن
قال الناظم ( :-هلل محدي) أي :مجيع محدي وأكمله جعلته هلل تعاىل مستغرق ًا مجيع أفراد
ِ
احلمد ل ُه .واحلمد املراد هنا :هو الثناء عىل اهلل تعاىل بجميل صفاته الذاتية وغريها .ويطرأ عىل
احلمد من األحكام ما طرأ عىل البسملة إال اإلباحة فإهنا ال تعرتيه.
وللحمد أركان وأقسام ،أما أركانه فهي:
أوالً :حامد وهو منشئ احلمد.
ثاني ًا :حممود وهو املنعم.
ثالث ًا :حممود به وهو اللسان مثالً.
رابع ًا :حممود عليه وهو النعمة.
خامس ًا :الصيغة وهي صيغة احلمد.
وأما أقسامه:
أوالً :محد قديم لقديم ،كحمد اهلل لنفسه يف قوله :ﱫﯮ ﯯ ﯰ ﯱﱪ .
()78
كتاب العقائد
ثاني ًا :محد قديم حلادث ،كحمد اهلل ألحد من خلقه ،كقوله تعاىل يف حق نبينا حممد ى:
ﱫﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱪ .
ثالث ًا :محد حادث لقديم ،كحمد اإلنسان ملواله ،كقول سيدنا عيسى ش :ﱫﮞﮟﮠ
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﱪ .
رابع ًا :محد حادث حلادث ،كحمدنا لبعضنا البعض ،كقول رسول اهلل ى يف حق سيدنا أيب
بكر الصديق ؤ« :ما طلعت الشمس وال غربت بعد النبيني واملرسلني عىل أحد أفضل من
أيب بكر» رواه أبو نعيم يف (احللية) وعبد بن محيد يف مسنده.
(جاعل التقاة) جاعل بمعنى خالق أو فاعل ،قال تعاىل:ﱫﭗ ﭘﭙﱪ .وهلا معاين
مسخر التقاة أي :املتقني (للمتقي) أي :ملريد التقوى؛ لذلك قيل :لو صدق املريد لوجد
ِّ منها:
الشيخ عىل الباب ،ولذا يقول ى« :ال تصاحب إال مؤمن ًا وال يأكل طعامك إال تقي» رواه أبو
داود والرتمذي( ،سفينة النجاة) أي :من اجلهل والغي والضالل والعمى إذا أحبهم وهنج
ٌّ
وحث عىل االتصال بأهل العلم والتقوى والصالح. هنجهم وسار عىل طريقتهم ،وفيه إشارة
ومنها (جاعل التقاة) أي :التقوى أخذ ًا من قوله تعاىل:ﱫﯭﯮﯯﯰﯱﱪ ،
(للمتقي) أي :لصاحب التقوى ،وكأنه قال :جاعل التقوى التي هي سائر األعامل الصاحلة
لصاحبها (سفينة النجاة) من اهلالك يف العذاب ،ويف هذا املعنى يقول القائل:
ط َّلقوا الدنيا وخ��اف��وا الفتنا إن هلل عـبـــاد ًا ُفــ َطـنـا
حل����ي وط��ن��ا
ٍّ أهن����ا ل��ي��س��ت ن��ظ��ـ��ـ��روا فيها ف��ل�ما علموا
ص��ال��ح األع�م�ال فيها ُس ُفنا
َ جــعــلــوهـــا لجُ َّ�� ًة واختذوا
ولعظم التقوى كثر ذكرها يف القرآن الكريم ،ومل يرتكها سيد األولني واآلخرين يف وعظه
وخطبه .والتقوى هلا تعاريف كثرية تدور عىل معنى واحد ،وأحسن تعريف هلا ما قاله سيدنا
عيل بن أيب طالب [ :,التقوى :هي اخلوف من اجلليل والعمل بالتنزيل واالستعداد ليوم
الرحيل] .والتقوى منازل ،وهلا ابتداء وانتهاء ،فابتداؤها :الشهود ،وانتهاؤها :املشاهدة ،قال
تعاىل:ﱫﯿ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﱪ ،واإلحسان :هو أن تعبد اهلل كأنك
()79
كتاب العقائد
تراه وهو املشاهدة ،فإن مل تكن تراه فإنه يراك وهو الشهود.
ِ
امل��ل��ة) ل��ع��ب��ده تفقيهه يف ِ
اخل�يري��ة (وج��اع��ل اإلرادة
إشارة حلديثه ى« :من يرد اهلل به خري ًا يفقهه يف الدين» متفق عليه ،واملعنى :أنه من سبقت
له إرادة اهلل باخلريية يف علمه القديم جعله ُم ِلماَّ ً بأمور الدين وكان عام ً
ال هبا .وهنا نجد أن
الناظم -جعل مقدمة بينَّ فيها شيئني ُم ِه َّمني:
األول :التامس الشيخ املتقي الذي يدل عىل اخلري ويعمل به فيكون بذلك سعادة للمتصل به.
والثاين :فضل تع ُّلم العلم الذي أشار اهلل إليه وإىل أهله بقوله:ﱫ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ
ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﱪ ،وقال فيه ى« :من سلك طريق ًا يلتمس فيه عل ًام سهل اهلل له طريق ًا
إىل اجلنة» رواه مسلم.
والفقه لغة :هو الفهم ،واصطالح ًا :العلم باألحكام الرشعية العملية املكتسب من أدلتها
التفصيليةُ .
وخص به علم الرشيعة ،والعامل به فقيه.
وقوله( :وأفضل الصالة والتسليم) أي :أكمل وأحسن ،وأحسن صيغة يف الصالة عليه:
هي الصالة اإلبراهيمية؛ فإنه لو حلف حالف أن يصيل عىل النبي أفضل صالة ثم صىل عليه
بنص الكتاب
بالصالة اإلبراهيمية مل حينث .والصالة والسالم عىل النبي ى مندوب إليها ِّ
والسنة ،وهي من أعظم ال ُقرب التي ُيتقرب هبا إىل اهلل تعاىل ،وقد ورد يف فضلها أحاديث كثرية،
فطوبى ملن ُأ ِهلم تكرارها.
والصالة من اهلل :رمحة ،قال اهلل تعاىل :ﱫﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﱪ أي :يرمحكم،
ومن املالئكة :استغفار ،ومن اآلدميني :دعاء.
ويف قوله ( :-عىل النبي املبعوث بالتعليم) إشارة لقوله ى «إنام بعثت معل ًام» رواه
ابن ماجه ،قال اإلمام الشافعي ُ :-أ ُّ
حب أن يقدم املرء بني يدي خطبته وكل أمر طلبه :محد
اهلل والثناء عليه والصالة عىل النبي ى .وقال الباجوري[ :وإثبات الصالة والسالم يف صدر
الكتب والرسائل حدث يف زمن والية بني هاشم ،ثم مىض العمل عىل استحبابه ،ومن العلامء
من خيتم هبا أيض ًا فيجمع بني الصالتني رجا ًء لقبول ما بينهام] انتهى.
()80
كتاب العقائد
(حممد) بدل من النبي ،وحممد :علم عىل نبينا حممد ى ،وسامه بذلك االسم :مواله يف األزل
قبل خلق اخللق وتكوين الكون ،وهو وسيلة آدم ش ودعوة سيدنا إبراهيم وبرشى سيدنا
عيسى ي ،وملا وضعت به أمه سمته حممد ًا ،وقيل :سامه جده عبد املطلبُ .
وس ِّمي نبينا ى
هبذا االسم لكثرة خصاله احلميدة.
ثم قال ( :-وآله اهلداة) اآلل :هم من ُح ِرم الصدقة ،وهم مؤمنو بني هاشم وبني
املطلب .وأما أهل بيته الذين جاء ذكرهم يف اآلية :ﱫ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﱪ ،فهم سيدنا عيل وسيدتنا فاطمة الزهراء وسيدنا احلسن
وسيدنا احلسني ئ ونسلهم إىل يوم القيامة ،وهم عرتته ،حيث قال ى بعد أن أدخلهم
يف الكساء« :اللهم هؤالء أهل بيتي» رواه أمحد يف مسنده ،ويدل عىل ذلك ما رواه مسلم يف
صحيحه حيث قال :ملا نزلت هذه اآلية :ﱫﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰﯱﱪ ،دعا رسول اهلل ى علي ًا وفاطمة وحسن ًا وحسين ًا فقال« :اللهم هؤالء
أهيل» ،وهم املعنيون يف قول الناظم (اهلداة)؛ ألن األمة تهُ دى هبم ،فهم أعالم اهلدى وبيارق
عرف املهتدي من الضال ،فمن أحبهم ُهدي ،ومن تبعهم
التقوى واحلاملون لواء الدين ،وهبم ُي َ
كان عىل الرصاط املستقيم ،و َي ْش َهدُ لذلك قوله ى« :إين تارك فيكم ما إن متسكتم به لن تضلوا
كتاب اهلل حبل ممدود من السامء إىل األرض ،وعرتيت أهل
َ بعدي ،أحدمها أعظم من اآلخر،
عيل احلوض ،فانظروا كيف ختلفوين فيهام» رواه مسلم والرتمذي
بيتي ،ولن يفرتقا حتى يردا َّ
واحلاكم وأمحد وغريهم من حديث زيد بن أرقم وجابر وأيب سعيد وغريهم .وعن ابن عباس
ء قال :قال رسول اهلل ى« :النجوم أمان ألهل األرض من الغرق ،وأهل بيتي أمان
ألمتي من االختالف ،فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس» أخرجه
احلاكم ،وقال :صحيح اإلسناد ومل خيرجاه.
وقوله ( :-وتابعيهم بمدى األوقات) أي :من تبع أهل البيت عىل خمتلف األزمان،
واملدى :الغاية.
()81
كتاب العقائد
ثم قال ( :-وبعد) وهي تستعمل لالنتقال من كالم إىل آخر ،وأتى هبا لالتباع ،واملعنى:
الدخول يف املقصود ،واألصل فيها :أما بعد( .هذي سبحة ثمينه) أي :اسم املنظومة ،وسامها
هبذا االسم لنكتة ،أال وهي :أهنا (ناظمة مسائل السفينه) – أي( :سفينة النجاة) – كاخليط
الذي ينظم حبات السبحة ،والسبحة الزمة للذاكر ت َُذكِّره بالعدد وتعينه عىل الذكر؛ كذلك
طالب العلم حيتاج إىل مثل هذه (السبحة) فكان هذا النظم كآلة السبحة للمسبح أو الذاكر
ملواله ُيذكِّره ،وهو كذلك يساعد طالب العلم عىل تذكر مسائل الفقه ،فشبه هذا النظم بالسبحة
املذكّرة للذاكر بالذكر ،وهو كذلك مذكِّر لطالب العلم باملسائل الفقهية ،وقد ورد يف فضل
العلم بأن مذاكرته تسبيح.
وقوله (هذي) :إشارة ملا يتحقق وجوده وإن مل يوجد يف احلال ولكنه مستحضرَ يف الذهن،
أو يكون املؤلف بدأ بالنظم ثم أثبت املقدمة.
قوله ( :-وقد حتلت بزيادات غرر) أي :عىل ما يف السفينة كقوله[ :والنذر من الزيادة]،
وكإضافته لكثري من أبواب الزكاة وغريها.
وقوله ( :-وعلم أحوال القلوب املسترت) أي :علم السلوك والطريق ،وفيه إرشاد
مرب .والقلوب هي حمل نظر الرب ،كام
لتحسني الظاهر والباطن ،وهذا حيتاج إىل جهد وشيخ ٍّ
ورد يف صحيح مسلم« :إن اهلل ال ينظر إىل أجسادكم وال إىل صوركم ،ولكن ينظر إىل قلوبكم»
وأشار بأصابعه إىل صدره ،فإذا َط ُهر القلب ك ُِشف له ما استرت ،ووجب عليه أن يسرت إال ألهله.
ثم قال ( :-مجع ًا لعلم الرشع واحلقيقة) علم الرشع :هو علم احلالل واحلرام
والعبادات واملعامالت ،واحلقيقة :هي اإلخالص يف مجيع ذلك ،وهو مدار علم القوم ،قال
ال هبذين العلمني (املوص َلني
تعاىل:ﱫﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝﱪ ،ويكون اإلنسان واص ً
منتهى الطريقة) أي :الطريقة املحمدية التي قال اهلل فيها :ﱫﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅﮆ ﮇ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﱪ ،وقال تعاىل :ﱫﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﱪ .
ثم قال ( :-واهللَ أرجو املن بالسعاده) أي :أرجو اهلل أن َي ُم َّن بالسعادة ،وهي حسن
اخلامتة ،وهي اخلروج من الدنيا عىل قول :ال إله إال اهلل؛ كام قال ى« :من كان آخر كالمه من
()82
كتاب العقائد
الدنيا ال إله إال اهلل دخل اجلنة» رواه أبو داود واحلاكم وقال :صحيح اإلسناد ،ثم قال( :يل وملن
ينطق بالشهاده) أي :وجلميع املسلمني ،واهلل أعلم.
>
()83
كتاب العقائد
( أركان الدين )
ِ ِ ِ ِ
��ور
��ه ُ ي الجُْ ْ
��م ُ ��ه��تَ��د ْ
��ن َر ِّب���ه ل�� َي ْ
َع ْ ���اء بِ��ه ال�� َب��ش رْ ُ
�ْي� ���ن َم��ا َج َ ا َل���دِّ ْي ُ
��ان
��س ُ واإلح َ
ْ ِال ْس َ
��ل�ا ُم واإلي��َم�اَ ُن َ�����ان
ُ ��م�� ُل�� ُه َث َ
�ل�ا َث��� ٌة ْأرك َ��ش َت ْ
()84
كتاب العقائد
وقول الناظم ( :-تشمله ثالثة أركان) أي :أركان الدين وهي (اإلسالم واإليامن
واإلحسان) .اإلسالم لغة :مطلق االنقياد ،واصطالح ًا :االنقياد لألحكام الرشعية العملية.
واإليامن لغة :التصديق .واصطالح ًا :التصديق واإلذعان ملا جاء به النبي ى مما ُعلم من
الدين بالرضورة.
واإلحسان :هو أن تعبد اهلل كأنك تراه ،فإن مل تكن تراه فإنه يراك .وهو يف اللغة :ضد
اإلساءة ،ورشع ًا :هو إتقان العبادة بأدائها عىل الوجه املأمور به مع رعاية حقوق اهلل تعاىل
ومراقبته واستحضار عظمته وجالله ابتدا ًء واستمرار ًا ،وهو عىل قسمني:
أحدمها :من يغلب عليه مشاهدة احلق.
والثاين :من ال ينتهي إىل تلك احلالة ،لكن يغلب عليه أن احلق ُم َّط ِلع عليه ومشاهد له ،وقد
بينه ى بقوله« :فإن مل تكن تراه» يف مجيع األحوال ،واإلخالص له يف مجيع األعامل ،فال تغفل
عنه «فإنه يراك» ،وما أحسن ما قيل:
ع�لي رقيب
ّ خلوت ولكن قل
ُ الدهر يوم ًا فال تقل
َ خلوت
َ إذا ما
>
()85
كتاب العقائد
( أركان اإلسالم )
يد فا ْع َل ْم ُأ َّس�� ْه َشهادتَا التَّو ِح ِ �ل�ا ِم أ َت ْتنَا مَخ َْس ْة
اإلس َ َ���ان
ْأرك ُ
ْ َ ْ
��ث اإلي���تَ���اء ل��ل�� َّزك ِ وال�� َّث��الِ ُ ال��ص�لا َِة ���ام��� ُة
َ��اة ُ َّ َو َب��� ْع���دَ َه���ا إ َق َ
َسبِيال ِ ���ج و َذا ُأ ِح�� ْي َ
���و ُه للم ْستَطي ِع ن ْ
َ���ح َ ُ �لا وال��ص��و ُم والحَْ َُّ
()86
كتاب العقائد
وقوله( :وبعدها إقامة الصالة) أي :بعد الشهادتني املداومة عىل فعل الصالة املعروفة،
وهي مخس :الصبح والظهر والعرص واملغرب والعشاء ،وستأيت يف موضعها.
(والثالث) من أركان اإلسالم( :اإليتاء للزكاة) أي :إخراجها وإعطاؤها ملستحقيها يف
وقتها .والزكاة لغة :النامء والزيادة .ورشع ًا :إخراج مال خمصوص عن مال خمصوص أو بدن
يرصف لطائفة خمصوصة يف زمن خمصوص ،وسوف يأيت تفصيل ذلك يف حمله.
وقوله (والصوم واحلج) أي :من أركان اإلسالم .وقوله (وذا أحيال للمستطيع نحوه
سبيال) أي :واحلج مرشوط باالستطاعة من بني أركان اإلسالم ،فمن مل يستط ْعه ال يكلفه،
وكذا الصوم ال ُبدَّ فيه من إطاقته والقدرة عليه ،فلو بلغ الصبي وهو ال يقوى عىل الصوم
أو عجز عنه القادر فال جيب عليهام ،قال اهلل تعاىل :ﱫ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆﱪ أي :ال يطيقونه.
والصوم لغة :اإلمساك .ورشع ًا :إمساك خمصوص عىل وجه خمصوص بنية خمصوصة.
واحلج لغة :القصد .ورشعا :قصد البيت بنية النسك .والبيت :الكعبة ،والنسك :العبادة.
تنبيه :وكذلك جتب ال ُعمرة يف العمر مرة مثل احلج عىل األظهر؛ لقوله تعاىل :ﱫﮱ ﯓ
ﯔ ﯕﱪ .
>
()87
كتاب العقائد
( أركان اإليامن )
ــمدْ ـن بِـاهلل َّـة ت ْ ِ
بِ ِسـت ٍ ـاك لإليـماَ ِن ْأركَـانــ ًا ُت َعدْ َو َه َ
الص ََّ ُـؤم ُ
��دي��ث بِ ْه
ُ ورس��ـ��لِ ِ
��ه َك�َم�اَ أتَ��ى َ
احل وبـمــالئِـكَــتِ ِ
ــــه َوكُـــتُـــبِـــ ْه
َُ ْ َ َ
��ن َخ رْ ٍ ِمن ربِنَا ما ك َ ِ ��ه ِ وال��ي��و ِم ِ
اآلخ ِ
�ْي� وشرَ ْ َ��ان م ْ َّ َ ��ول وا ْل�� َق��دَ ْر ��ر ا َمل ُ َ َ ْ
()88
كتاب العقائد
يش
ق����ادر م��ري��د ع���امل ب��ك��ل ْ
ْ وح��ي
ْ غ��ن��ي وواح���د
ّ وق��ائ��م
ل���ه ص��ف��ات س��ب��ع��ة تنتظم س��م��ي��ع ال��ب��ص�ير وامل��ت��ك��ل��م
��ر
َ��م ْ
ال��ع��ل��م ك�ل�ا ٌم اس��ت َ
ُ ح��ي��ا ٌة س��م��ع َب�َص�رَ ْ
ٌ ف��ق��در ٌة إراد ٌة
ونفى أهل السنة واجلامعة الصفات املستحيلة عىل اهلل ،وهي ضد هذه الصفات ،وهي
صفات النقص .وأما الصفات التي توهم تشبيه اهلل بخلقه كاملكر واالستدراج والضحك
وغري ذلك ،وهي ال تليق باخلالق ،فإن املراد منها غري حقيقتها ،بل الواجب فيها إثبات ما
جاء عنه تعاىل ونفي التشبيه ثم التفويض أو التأويل ،وهذا ما ذهب إليه أهل السنة واجلامعة
الضالة .وهناك صفات جائزة يف حقه ،وهي فعله لكل ممكن أو تركه،
وخالفتهم الطوائف َّ
كاخللق والرزق واإلحياء.
وذكر الناظم -ثانيها بقوله( :وبمالئكته) أي :وكذا اإليامن باملالئكة ،واملالئكة :هم
أجسام نورانية مربأة عن مجيع الكدورات اجلسامنية ،ال يعصون اهلل ما أمرهم ويفعلون ما
يؤمرون ،ليسوا ذكور ًا وال إناث ًا وال خناثى ،ال أب هلم وال أم ،وهم بالغون من الكثرة ما ال
ُّ
اجلان من مارج من نار ،وخلق آدم يعلمه إال اهلل ،قال ى« :خلقت املالئكة من نور ،وخلق
مما وصف لكم» رواه مسلم ،وقال ى« :ما فيها موضع أربع أصابع إال و َم َلك واضع جبهته
ساجد ًا هلل» رواه أمحد وابن ماجه والرتمذي وقال :حديث حسن .وجيب اإليامن إمجاالً بجميع
املالئكة ،وتفصي ً
ال بعرش منهم ذكرهم اهلل يف القرآن الكريم ،وهم كام قال صاحب منظومة
(عقيدة العوام):
ُ
ع��زرائ��ي��ل م��ي��ك��ال إرساف��ي��ل ُ
جربيل ٍ
ع�شر منهم تفصيل
ُ
ورض��وان احتذى ٌ
مالك عتيدُ ن��ك�ير و رق��ي��ب وك��ذا
ٌ ��ن��ك��ر
ْ ُم
فجربيل :هو أمني الوحي ،وميكائيل :املوكَّل باألمطار ،وإرسافيل :املوكَّل بالنفخ يف الصور،
وعزرائيل :هو ملك املوت املوكَّل بقبض األرواح ،ومنكر ونكري :امللكان اللذان يسأالن امليت
يف قربه عن ربه ونبيه ودينه ،ورقيب :هو كاتب احلسنات ،وعتيد :كاتب السيئات ،ومالك:
()89
كتاب العقائد
()90
كتاب العقائد
واألنبياء هلم صفات واجبة ومستحيلة وجائزة .أما الواجبة يف حقهم فأربع صفات نظمها
املرزوقي -تعاىل يف (عقيدة العوام) بقوله:
واألم��ان��ه والتبليغ بالصدق أرس����ل أن��ب��ي��ا ذوي فطانه
فالصفات الواجبة هي :الفطانة أي :الذكاء ،والصدق ،والتبليغ ،واألمانة .والصفات
املستحيلة ضدها ،وهي :البالدة ،والكذب ،والكتامن ،واخليانة .واجلائزة :األعراض واآلفات
التي تصيبهم وال تنفر الناس عنهم ،وهي األمراض اخلفيفة كاحلمى والصداع ونحومها ،قال
املرزوقي:
بغري نقص كخفيف امل��رض ��رض
وج��ائ��ز يف حقهم م��ن َع َ
قول الناظم( :كام أتى احلديث به) إشارة حلديث جربيل عندما أتى يسأل النبي ى وسأله
عن اإليامن ،وقد تقدمت اإلشارة إليه.
وذكر ؤ خامس األركان بقوله( :واليوم اآلخر املهول) أي :وال بدَّ من اإليامن باليوم
اآلخر .سمي بذلك؛ ألنه ال ليل بعده ،وهو آخر أيام الدنيا .وال بد من اإليامن به وبام جاء
فيه من األهوال من نفخ الصور النفخة األوىل ،وصعق الناس كلهم حتى ال يبقى إال وجهه
سبحانه وتعاىل ومن شاء له البقاء مثل املالئكة احلاملني للعرش والولدان واحلور العني يف
اجلنة ،ثم يتجىل اهلل فيه حيث يقول :ﱫ ﯸ ﯹ ﯺ ﱪ؟ فيجيب نفسه سبحانه :ﱫ ﯼ
ﯽ ﯾﱪ .وبام جاء يف ذلك اليوم من أهوال كذهاب الشمس والقمر ،وتساقط النجوم،
وتأجج البحار نار ًا ،وإزالة اجلبال عن مواضعها ،واندكاك األرض ،ثم النفخة الثانية وقيام
الناس إىل أرض املحرش ،والقيام لفصل القضاء بينهم ،وشفاعة النبي ى الشفاعة العظمى
ألهل املوقف ،والسؤال ،وامليزان ،وحوض النبي ) وذود الناس عنه ،والرصاط ،ثم
اجلنة والنار ،وغري ذلك مما ذكره اهلل ورسوله من أهوال يوم القيامة وجيب التصديق به.
(و) سادس أركان اإليامن أن تؤمن بـ(القدر من ربنا ما كان من خري ورش) .وهو معتقد
أهل السنة واجلامعة أن ما أصابك مل يكن ليخطئك وما أخطأك مل يكن ليصيبك ،فام أتى من أمر
أي وجه كان فمن عند اهلل وبمشيئة اهلل ال دخل ملخلوق فيه؛ إذ ال يتحرك ساكن
من األمور عىل ِّ
()91
كتاب العقائد
()92
كتاب العقائد
إال بيشء قد كتبه اهلل لك ،وإن اجتمعوا عىل أن يرضوك بيشء مل يرضوك إال بيشء قد كتبه اهلل
عليك ،رفعت األقالم وجفت الصحف» رواه الرتمذي وقال :حديث حسن صحيح .ويف
تعرف إىل اهلل يف الرخاء يعرفك يف الشدة ،واعلم
رواية غري الرتمذي« :احفظ اهلل جتده أمامكَّ ،
أن ما أخطأك مل يكن ليصيبك وما أصابك مل يكن ليخطئك ،واعلم أن النرص مع الصرب ،وأن
الفرج مع الكرب ،وأن مع العرس يرس ًا» .واهلل أعلم.
>
()93
كتاب العقائد
()94
كتاب العقائد
>
()95
كتاب الطهارة
( موجب التكليف )
أن ي��ع�� َل��م بِال َّتع ِر ِ َف��الحَْ ُّ احلكْم بِال َّتكْلِ ِ ث نِ َ
يف ْ ��ق ْ ُ ْ َ يف يط ُ ُ َو َح ْي ُ
واالح��تِ�لا ُم ِع��نْ��دَ تِ ْسع َف���ا ْد َر ْه
ْ ني مَخ َ
ْ��س َع�ْش�رْ َ ْه ِ ِ
َف��الحَْ ��دُّ بالسن َ
َث ث ال َّثال ْ َاث َثالِ ُ
واحلي ُض يف اإلن ِ
َْ ُ��ور واإلن ْ
َ��اث ال��ذك ِ َع�لا ََم��ت ِ
َ��ان يف ُّ
()98
كتاب الطهارة
انفصال مجيع بدنه قمرية حتديدية ،قال اإلمام السبكي :واحلكمة يف تعليق التكليف بخمس
عرشة سنة أن عندها بلوغ النكاح وهيجان الشهوة والتوقان ،وتتسع معها الشهوات يف األكل
والتبسط ودواعي ذلك ،ويدعوه إىل ارتكاب ما ال ينبغي ،وال حيجزه عن ذلك وير ُد النفس عن
مجاحها إال رابطة التقوى وتشديد املواثيق عليه والوعيد ،وكان مع ذلك قد كمل عقله واشتد
توجه التكليف إليه لقوة الدواعي الشهوانية والصوارف
أزره وقوته ،فاقتضت احلكمة اإلهلية ّ
العقلية واحتامل القوة للعقوبات عىل املخالفة .انتهى من (األشباه والنظائر) لإلمام السيوطي.
(و) ثانيها (االحتالم) وهو :ما يراه النائم يف نومه ،ولكن املراد هنا :خروج املني إىل خارج
احلشفة (عند) استكامل (تسع) من السنني تقريبية عند ابن حجر وحتديدية عند الرميل
واخلطيب الرشبيني (فا ْدره) أي :اعلمه ،وهاتان (عالمتان يف الذكور واإلناث) إذ ال خيتص
هبام الذكر دون األنثى وال العكس.
(و) أما (احليض) فهو عالمة (يف اإلناث) دون الذكور ،وهو (ثالث الثالث) من
العالمات ،فإذا حاضت الصب َّية بعد أن متيض عليها تسع سنني قمرية تقريبية فهو عالمة عىل
بلوغها ،فال يرض نقصان ما ال يسع حيض ًا وطهر ًا وهو ما دون ستة عرش يوم ًا .واحليض لغة:
السيالن .ورشعا :دم جبلة خيرج من أقىص رحم املرأة عىل سبيل الصحة.
تنبيه :املني هو ماء أبيض ثخني ،يتدفق يف حال خروجه دفعة بعد دفعة ،وخيرج بشهوة و ُيتلذذ
بخروجه ويعقب خروجه فتور ،ورائحته رطب ًا كرائحة طلع قريبة من رائحة عجني الرب ويابس ًا
كرائحة بياض بيض الدجاج .وإذا فقدت بعض هذه الصفات ووجد البعض فهو مني حتى لو
خرج دم ًا أسود عبيط ًا ،وهو طاهر موجب للغسل غري ناقض للوضوء.
واملذي :هو املاء األبيض الرقيق اللزج ،اخلارج عند الشهوة بال شهوة ،وال تدفق وال يعقبه
فتور.
والودي :هو املاء األبيض الثخني الكدر الذي ال رائحة له ،اخلارج عقب البول أو محل يشء
()99
كتاب الطهارة
( أسباب الطهارة )
��ذ َو َس��ائِ َ
��ل ال َّط َه َار ْه وال��دَّ ْب�� ِغ ُخ ْ ���ار ْه وال��ُّت�� ِ ِ ِ
��المْ��اء بِ
���ج َ اب واحل َ رُّ َ
ِ ٍ إىل َق��لِ��ي��ل َوك ِ ِ ��اء بِ��ا ْع��تِ�� َب ِ
َ���ث�ي�ر َي��نْ�� َق��س ْ
��م ��ار َم��ان�� ٍع ُي��ل ْ
��م َف��ا َمل ُ
َنيبالسابِ َقت ْ
َّ احل����دُّ لِ��ل��كَ��ثِ رْ ِ
�ْي� َو َ َنييل َف ُه َو ُد ْو َن ال ُق َّلت ْ َّأم��ا ا ْل َقلِ ُ
إن َم��ا َغ رَّ َ
�َّي�ا ��س َو ْ
َ��ج ٌَع�� َل��ي�� ْه ن َ ��راإن َط َ ��س ال�� َق��لِ ُ
��ي��ل ْ َ��ج َُف�� َي��تَ��ن َّ
ِ ِ و حَي ِ
��م َ�َّي� َط ْع ٌم ْأو َل ْ
��و ٌن َو َش ّ منْ ُه ُي��غ رَّ ْ �ير َم��ا الَق��ى َولمَ ْ ��ل ال��كَ��ث ُ ��م ُ َ ْ
ِ ُم ْس َت ْع َم ِ ��اه ٍ ِ وإن بِ�� َط ِ
ب ْاس ُم ما ث ُسل َ الن َح ْي ُ ��ه�َمَ ��ر ُأش��ي�� َب��ا َف ُ ْ
()100
كتاب الطهارة
«جع َلت
والرتاب لقوله تعاىل :ﱫ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﱪ ،ولقوله ىُ :
وجع َلت تربتها لنا طهور ًا إذا مل نجد املاء» رواه مسلم .واحلجارة؛
لنا األرض كلها مسجد ًاُ ،
الستعامله ى هلا يف استنجائه ،وخلرب مسلم عن سلامن الفاريس« :هنانا رسول اهلل ى أن
نستنجي بأقل من ثالثة أحجار» .والدبغ؛ لقوله ى« :إذا ُدبغ اإلهاب فقد طهر» رواه مسلم،
وهذه وسائل الطهارة.
وأما مقاصدها فهي الوضوء والغسل والتيمم وإزالة النجاسة ،ووسائل الوسائل :اآلنية
واالجتهاد.
وقد ذكر الناظم الوسيلة األوىل من وسائل الطهارة بقوله ؤ( :فاملاء باعتبار مانع يلم)
أي :باعتبار ما أمل َّ به ووقع فيه من نجاسة خمرجة له عن الطهورية؛ ألن األصل يف املاء أنه طهور
إال إذا وقعت فيه نجاسة أخرجته عن ذلك .واملاء الطهور ـ أي :الطاهر يف نفسه املطهر لغريه ـ
هو املاء املطلق أي :الذي مل يق َّيد بِ َق ْي ٍد الزم عند العامل بحاله ،وهو الذي ُيرفع به احلدث ويزال به
النجس ،وهو باعتبار النجاسة الواردة عليه (إىل قليل وكثري ينقسم) كام أشار الناظم ؤ،
ٍّ
ولكل منهام حكم إذا وردت عليه النجاسة وسوف يأيت.
ثم أوضح الناظم -مقدار املاء القليل وكذا الكثري فقال( :أما القليل فهو دون القلتني)
القالل هنا ِبقالل
أي :ما كان ناقص ًا عن القلتني ،والقلتان :مها اجلرتان العظيمتان .والعربة يف ِ
هجر ،وهجر :قرية قريبة من املدينة مشتهرة بصنع القالل ،والقلتان تساوي مخس ِق َرب كام
نص عليه اإلمام الشافعي -حيث قال :رأيت قالل هجر تسع الواحدة منهن قربتني
وشيئ ًا ،فجعل اليشء نصف ًا احتياط ًا .والقلتان بالوزن مخسامئة رطل بغدادي تقريب ًا ،فال يرض
نقصان رطلني ،ويرض نقصان أكثر .والقلتان باملساحة :ذراع وربع طوالً وعرض ًا وعمق ًا يف
املربع ،ويف املثلث ذراع ونصف طوالً ٍّ
لكل من أضالعه الثالثة وذراعان عمق ًا ،ويف املدور:
ذراعان ونصف عمق ًا وذراع عرض ًا .والذراع شربان من معتدل اخللقة ،ومقداره 48 :سم.
والقلتان باللرت تساويان :مائتني وستة عرش لرت ًا.
ثم قال الناظم موضح ًا كمية املاء الكثري بقوله( :واحلد للكثري بالسابقتني) أي :أن املاء
()101
كتاب الطهارة
الكثري قلتان فأكثر .واألصل يف هذا التقسيم قوله ى« :إذا كان املاء قلتني مل حيمل اخلبث»
رواه األربعة وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
ثم بني الناظم ؤ أحكام املاء الكثري وكذا القليل بقوله:
عليه نجس وإن م��ا َغ رَّ
�َّي�ا فيتنجس القليل إن طرا
واملعنى :أن املاء القليل يتنجس بمجرد وقوع النجاسة فيه وإن مل يتغري طعمه أو لونه
أو رحيه .ودليل ذلك :مفهوم املخالفة من حديثه ى املتقدم« :إذا كان املاء قلتني مل حيمل
اخلبث» أي :أن قليله حيمل اخلبث ،وكذا من قوله ى« :إذا قام أحدكم من نومه فال
يغمس يده يف اإلناء حتى يغسلها ثالث ًا» متفق عليه واللفظ ملسلم .وكذا من حديث ولوغ
الكلب واألمر بإراقة ما يف اإلناء؛ لتنجسه بورود النجاسة فيه ،وغري ذلك من األدلة.
ويستثنى من هذا :إذا كانت النجاسة معفو ًا عنها ،فإهنا ال تنجس املاء القليل إال إذا غيرَّ ت
شق عضو الطعم أو اللون أو الريح .ومن النجاسات املعفو عنها :امليتة التي ال دم هلا سائل عند ِّ
منها يف حياهتا إذا وقعت يف املاء القليل وماتت فيه ،فإنه ال يتنجس برشط أن ال تطرح بعد موهتا
إال إذا كان الطارح هلا رحي ًا أو هبيمة وكذا غري مميز عند اخلطيب ،وأن ال تغري إحدى صفاته
الثالث ،وهذا مأخوذ من قوله ى« :إذا وقع الذباب يف رشاب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه،
فإن يف إحدى جناحيه داء واألخرى شفاء» رواه البخاري .وال سيام أنه بالغمس يموت خاصة
إذا كان الطعام والرشاب حارين .والعلة يف ذلك :أننا ال يمكن أن نحرتز منها لعموم البلوى هبا
فيعفى عنها .ومن النجاسة املعفو عنها أيض ًا :النجاسة التي ال يدركها الطرف املعتدل كرشاش
البول ولو من مغلظ عند الرميل خالف ًا البن حجر ،فحكمه حكم امليتة التي ال دم هلا سائل،
صبي
وفم ٍّ وما عىل منفذ حيوان طاهر غري آدمي ،وروث سمك مل يغري املاء ومل يضعه فيه عبث ًاُ ،
ينجس املاء القليل ،وذرق الطيور يف املاء تنجس ثم غاب واحتمل طهارته ،كفم اهلرة فإنه ال ِّ
عم االبتالء به ،وبعر شاة وقع يف اللبن حال احللب ،وما يبقى
وإن مل يكن من طيوره ،وبعر فأرة َّ
يشق تنقيته ،والقليل من دخان النجاسة ولو من مغلظ ،وهو :املتصاعد منها
يف نحو الكرش مما ُّ
بواسطة نار ،واليسري من الشعر املنفصل من غري مأكول غري مغلظ ،والكثري منه من مركوب
()102
كتاب الطهارة
كحامر.
ثم بني الناظم ؤ أحكام املاء الكثري إذا طرأت عليه نجاسة فقال:
منه يغري طعم أو لون وشم وحيمل الكثري ما الق��ى ومل
فأوضح هنا أن املاء الكثري له قوة عىل دفع النجاسة؛ وعىل هذا فإنه ال يتنجس بورود النجاسة
عليه ،واألصل يف ذلك :قوله ى« :إذا كان املاء قلتني مل حيمل نجس ًا» ،وقوله ى« :إن املاء
طهور ال ينجسه يشء» رواه أبو داود والرتمذي والنسائي وصححه .نعم إذا غريت تلك
النجاسة الواردة عليه لونه أو طعمه أو رحيه فإنه ينجس إمجاع ًا بذلك التغري .ولو فرضنا أن
املاء الكثري ح َّلت به نجاسة فغريته حكمنا بنجاسته ،فلو زال ذلك التغري بنفسه أو بمكاثرته بامء
ال أو متنجس ًا وزال التغري منهام ُ
طهرا ،أما إذا زال ذلك التغري بنحو مسك آخر ولو كان مستعم ً
باق عىل نجاسته؛ للشك يف أن النجاسة زالت أو استرتت. أو زعفران فإن املاء ٍ
ثم ذكر الناظم ؤ ما إذا اختلط باملاء يشء طاهر كالزعفران وماء الورد ونحومها فقال:
مستعمالن حيث ُسلب اسم ما وإن ب��ط��اه��ر ُأش��ي��ب��ا فهام
واملعنى :إن اختلط املاء القليل وكذا الكثري – حيث أوضح ذلك بقوله( :أشيبا) – بمخالط
طاهر يستغني عنه املاء كالزعفران وماء والورد وسلب منه اسم املاء املطلق بحيث أصبح
مقيد ًا بذلك املخالط الكثري ،فحكمهام عند ذلك حكم املاء القليل املنفصل بعد استعامله يف
رفع احلدث كامء الغسل من اجلنابة وماء الغسلة األوىل من وضوء الفرض ،وهو الطاهرية ال
الطهورية .فلو أدخل املتوضئ يده يف املاء القليل بعد غسل وجهه غري ٍ
ناو االغرتاف صار املاء
الباقي مستعمالً .واملستعمل يف طهر مسنون كالغسلة الثانية والثالثة تصح الطهارة به .واملاء
الطاهر :هو الطاهر يف نفسه غري املطهر لغريه ،فال ُيرفع به حدث وال يزال به نجس .وال يرض
التغري اليسري بمخالط طاهر بحيث ال يسلب اسم املاء ،وكذا ال يرض التغري بام يف مقر املاء وممره
ولو كان التغري كثري ًا ،وال بمجاور كعود ودهن وبخور ،وال بام ال يمكن صون املاء عنه ،وال
بطول املكث ،وال برتاب وبملح مائي.
واحلاصل :أن املاء املطلق من حيث االستعامل جتري عليه أحكام الرشع ،فيكون واجب
()103
كتاب الطهارة
االستعامل :عند إرادة الصالة لرفع حدث أو إزالة نجس ،ويكون مندوب ًا استعامله :لتجديد
الوضوء ،وحيرم استعامله :كامء مغصوب أو مرسوق أو ماء مسبل للرشب استعمله لغري ذلك،
ويكره استعامله :كامء ُم َش َّمس أي :أثرت فيه الشمس بحيث تفصل من اإلناء زهومة تعلو
املاء برشط أن يكون يف قطر حار يف زمن الصيف يف أواين منطبعة غري أواين الذهب والفضة
استعمل حال حرارته يف بدن ووجد غريه ،ويباح استعامله :يف مجيع األغراض األخرى.
تتمة :وحيرم استعامل أواين الذهب والفضة واختاذها إال لرضورة ،ولو إناء صغري ًا كمكحلة،
وما ُض ِّبب بالذهب ،وال حيرم ما ُض ِّبب بالفضة إال ضبة كبرية عرف ًا للزينة وحدها أو مع
احلاجة ،وحيل ا ُمل َم َّوه هبام إذا مل حيصل منه يشء بالعرض عىل النار ،واهلل أعلم.
>
()104
كتاب الطهارة
()105
كتاب الطهارة
غري امللوث كدود وبعر ،ويكره من الريح ،ويباح من العرق ،وحيرم بنحو مغصوب أو حمرتم.
واألفضل يف االستنجاء :اجلمع بني املاء واحلجارة ،وذلك بأن يستعمل احلجر أوالً ثم يتبعه
املاء ،فإن أراد االقتصار عىل أحدمها فاملاء أفضل؛ ألنه يزيل العني واألثر ،وله االقتصار عىل
احلجر مع وجود املاء.
وقوله( :إجزاؤه رشوطه ثامنية) أي :جيزئ االقتصار عىل احلجر وما يف معناه يف إزالة
النجاسة من حمل اخلارج إذا اشتمل عىل رشوط ثامنية :األول منها( :أن ينقي املحل) أي :أن
يقلع احلجر النجاسة بحيث يذهب بعينها وال يبقى إال أثرها الذي ال يزيله إال املاء أو صغار
اخلزف ،واملراد باملحل هنا :الصفحة واحلشفة ـ وسيأيت بياهنام ـ وظاهر فرج املرأة ،وهو ما يظهر
عند جلوس الثيب عىل قدميها.
(واسمع ثانيه) أي :ثاين الرشوط ،وهو (أن ال عليه غريه يطرأ) أي :أن ال يطرأ عىل اخلارج
غري جنسه ،أي :وغري عرق ،فإن اختلط باخلارج ولو بعد استجامره تعني املاء ،سواء كان
املخالط نجس ًا أو طاهر ًا ،رطب ًا كبول وماء أو جاف ًا كروث وتراب خالف ًا للرميل القائل :بعدم
رضر الطاهر اجلاف.
(و) الثالث من الرشوط( :ال َّ
جيف نجس) أي :وأن يستعمل احلجر قبل أن َّ
جيف اخلارج،
جف كله أو بعضه بحيث ال يقلعه احلجر وجب املاء.
فإن َّ
(و) الرشط الرابع :أن (ال ينتقال) أي :وال ينتقل اخلارج بعد استقراره إىل موضع آخر وإن
مل جياوز الصفحة أو احلشفة.
(و) اخلامس :أن (ال جياوزن) اخلارج (صفحة وال حشفة) ،الصفحة :هي حلقة الدبر وما
ينطبق عند القيام ،واحلشفة :هي رأس الذكر .واملعنى :أن ال جياوز اخلارج احلشفة أو الصفحة
ولو أثناء خروجه ،فإن جاوزها وجب املاء ،ويزاد يف األنثى :أن ال يدخل البول مدخل الذكر
يف األنثى.
(و) السادس من الرشوط :أن ( ال يالقي بلال) أي :من ماء وغريه إال عرق نفسه فال يرض.
(و) السابع :أن يكون االستنجاء (بثالثة من احلجاره) أي :بثالثة أحجار ال تقل عنها ،وال
()106
كتاب الطهارة
يشرتط العدد بعينه يف احلجر وإنام املراد املسحات ،فلو مسح بحجر له أطراف ثالثة أو خرقة
كبرية بأطرافها الثالثة كفى ،فإن كفت األحجار الثالثة يف إزالة اخلارج ،وإال وجبت الزيادة
ٍ
بعدد شفع ُس َّن اإليتار ،كأن زاد إىل ستة فانقطع ُس َّن له السابعة حتى يقطع النجو ،فإن قطعته
وتر ًا ،والدليل :قوله ى« :إذا استجمر أحدكم فليستجمر وتر ًا» رواه الشيخان واللفظ ملسلم.
(والثامن الرشط هلا) أي :األحجار (الطهارة) أي :بأن ال تكون بنجس وال متنجس ،ويدل
عىل هذين الرشطني :ما رواه مسلم عن سلامن ؤ قال« :هنانا رسول اهلل ى أن نستنجي
بأقل من ثالثة أحجار» ،وما رواه البخاري عن ابن مسعود ؤ أنه أتى النبي ى بحجرين
وروثة فأخذ احلجرين ورمى الروثة ،وقال« :هذا ركس» أي :نجس .واهلل أعلم.
>
()107
كتاب الطهارة
( فروض الوضوء )
��ل لِ��وج ٍ
��ه وال�� َي��دَ ِ ِ
ي��ن َت ْت َب ْع ��س ٍ َ ْ َغ ْ وض��� ُه س��تَّ�� ٌة ال��نِّ�� َّي�� ُة َم ْ
��ع ُف ُ
���ر ُ
��ع َك ْع َب ِ ِ
يهام والر ْج َلني َم ْ
ِّ ِ
بالراس عض ما ��ح َب ِ ��س ُ بِم ْر َف َق ْي ِهام َ
وم ْ
��ض��و ًا َع�َل�ىَ ُع ُض ْوأن ال ُي�� َق��دِّ ْم ُع ُ
ْ الرتتيب يف ال ُط ْه ِر َو ُه ْوُ والسادس
ُ
()108
كتاب الطهارة
ٍ
غسل لوجه) وهنا أشار الناظم إىل والثاين من فروض الوضوء أشار إليه بقوله( :مع
زمن النية الواجبة وهي عند غسل أول الوجه ،فال بدَّ من استحضارها عند غسل أول جزء
من الوجه ،وأشار إىل الفرض الثاين وهو :غسل الوجه ،والوجه لغة :ما تقع به املواجهة،
واصطالح ًا :من منابت شعر الرأس إىل ملتقى اللحيني طوالً ،ومن شحمة األذن إىل شحمة
األذن عرض ًا ،وهذا هو القدر الذي جيب غسله شعر ًا وبرش ًا .وشعور الوجه عرشون ،وهي:
األهداب واحلاجبان واخلدان والعذاران واللحية والعارضان والسباالن والشارب والعنفقة
والنفكتان والغمم ،وكلها جيب غسلها ظاهر ًا وباطن ًا إال اللحية والعارضني ففيهام تفصيل :فإن
كانا خفيفني وجب غسلهام باطن ًا وظاهر ًا ،وإن كانا كثيفني وجب غسل ظاهرمها ُ
وسن ختليل
باطنهام ،وإن خ َّفا يف جهة و َك ُثفا يف أخرى ومتيز ذلك فللخفيف حكم اخلفيف ،وللكثيف حكم
الكثيف ،فإن مل يتميز وجب غسل اجلميع .واللحية هي الشعر النابت عىل الذقن ،والعارضان
مها املنخفضان عن األذنني إىل الذقن .واملراد بالكثيف :هو ما ال ترى البرشة من خالله يف
جملس التخاطب ،واخلفيف بعكسه .واملراد بالظاهر :وجه الشعر األعىل من الطبقة العليا،
والباطن :ما بني الطبقات وما ييل الصدر .أما باقي شعور الوجه سواء كانت كثيفة أو خفيفة
فالواجب فيها غسلها شعر ًا وبرش ًا ظاهر ًا وباطن ًا؛ لندرة كثافتها.
واحلاصل :أنه جيب غسل الوجه شعر ًا وبرش ًا إال باطن الكثيف من اللحية والعارضني.
وجيب غسل جزء من سائر اجلوانب املجاورة للوجه؛ احتياط ًا ليتحقق تعميم الوجه؛ ألنه من
باب ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب.
تنبيه :تقدم أن النية الواجبة يف الوضوء عند إرادة غسل أول جزء من الوجه ،فلو نوى هنا فقط
ال حيصل له ثواب السنن املتقدمة عىل غسل الوجه مثل :غسل الكفني واملضمضة واالستنشاق
وغريها ،فال بد هلا من نية .نعم تكفي للجميع النية الواجبة عند إرادة الوضوء والبدء بالسنن
إذا استصحبها إىل غسل أول جزء من الوجه.
والثالث من فروض الوضوء أشار إليه الناظم -بقوله( :واليدين تتبع بمرفقيهام) أي:
وغسل اليدين مع املرفقني .واليد لغة :من رؤوس األصابع إىل الكتف ،ورشع ًا :يف الرسقة
()109
كتاب الطهارة
من رؤوس األصابع إىل الكوعني ،وأما اليد املراد غسلها يف الوضوء :فمن أطراف أصابع
اليدين إىل ما فوق املرفقني؛ ألنه ال حيصل غسل املرفقني إال إذا غسل ما فوقهام ،وما ال يتم
الواجب إال به فهو واجب .وجيب غسل اليدين شعر ًا وبرش ًا وظفر ًا ،وكذا السلعة الزائدة يف
اليدين كاألصبع الزائد عن اخلمس األصابع وغريه مما هو نابت يف حمل الفرض .واملرفقان :مها
العظامن البارزان يف آخر الساعد .وقد قيل :ال بدَّ لإلنسان أن يعرف بوعه وكوعه وكرسوعه،
ولذا قيل[ :أجهل الناس من مل يعرف كوعه من بوعه من كرسوعه] .فالكوع :هو العظم البارز
الرجل (بكرس الراء) ،والكرسوع :هو العظم
بعد إهبام اليد ،والبوع :هو العظم البارز بعد إهبام ِّ
البارز بعد خنرص اليد.
والرابع من فروض الوضوء أشار إليه الناظم بقوله( :ومسح بعض ما بالرأس) من برش
بأي كيفية كانت .والدليل قوله تعاىل :ﱫﭝ
أو شعر يف حدِّ ه ،وذلك بإيصال البلل إليه ِّ
ﭞﱪ أي :ببعض رؤوسكم ،وأفادته السنة حيث ورد يف صحيح مسلم أنه ى« :مسح
بناصيته »..والناصية مقدمة الرأس ،أي :مسح ببعض رأسه .وأما األفضل فمسح الرأس كله
وهو السنة ،وفِ ْعله ) ذلك لبيان اجلواز.
وأشار إىل اخلامس بقوله( :والرجلني مع كعبيهام) ،والعطف هنا عىل غسل الوجه ال عىل
مسح الرأس .وإنام قال ذلك؛ إشارة لآلية يف قوله تعاىل :ﱫﭘ ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢﱪ .واملعنى :غسل الرجلني مع
الكعبني ،أي :إىل ما فوق الكعبني من باب ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب .والكعبان :مها
العظامن البارزان يف أعىل القدم.
تتمة :وجيوز املسح عىل اخلفني بدالً عن غسل الرجلني يف الوضوء ،وهو ثابت عنه ى
قوالً وفعالً ،قال الباجوري :روى ابن املنذر عن احلسن البرصي أنه قال :حدثني سبعون من
الصحابة أن النبي ى مسح عىل اخلفني .لذا قال ابن حجر يف (املنهج القويم) :وأحاديثه –
أي :املسح عىل اخلفني – شهرية ،قيل :بل متواترة حتى يكفر هبا جاحده .ومن هذه األحاديث:
خرب الصحيحني وأمحد وأيب داود والرتمذي عن جرير ال ُبجيل ؤ قال« :رأيت رسول اهلل
()110
كتاب الطهارة
()111
كتاب الطهارة
()112
كتاب الطهارة
()113
كتاب الطهارة
والوسخ الذي حتت األظفار .وال يرض ما ال يمنع كطبع احلناء واحلرب وغري ذلك مما ليس له
جرم يمنع من وصول املاء إىل البرشة.
(و) الرشط اخلامس( :نفي ما غيرَّ ه باألعضا) أي :ونفي ما يغري املاء إذا كان عىل العضو
كاحلرب الكثري ونحوه ،بحيث خيرج ماء الغسلة متغري ًا به مسلوب ًا منه اسم املاء ،فال بد أوالً من
إزالة ذلك ثم الوضوء.
(و) الرشط السادس( :علمه كون الوضوء فرضا) أي :وعلم املتوىضء كون ذلك الوضوء
فرض ًا يف إرادة الصالة ،أو فيام يريد أن يستبيح بذلك الوضوء من أمور تتوقف عىل الوضوء،
نحو :الطواف ومس املصحف ومحله ،فلو تردد يف فرضيته أو اعتقده سنة فال يصح.
(و) الرشط السابع( :اجلزم بالفروض تفصيالً) أي :وأن جيزم بأن فروض الوضوء املتقدمة
من النية وغسل الوجه ..إلخ فروض ال سنن ،فلو اعتقد بعض الفروض سنن ًا َّ
رض ذلك .نعم
ال يرض اعتقاده بعض السنن فروض ًا كاملضمضة مث ً
ال ونحوها ،أو اعتقاده أن مجيع مطلوبات
الوضوء فروض.
ثم قال ؤ( :كام أفاد رشط ثامن طهور ماء) أي :أن الرشط الثامن :كون ماء الوضوء
طهور ًا يقين ًا أو ظن ًا ،فخرج به :الطاهر والنجس كام مر.
ثم قال ؤ:
��واال ٌة حُ َت ّ ٍ ُد ُخ ُ طان لِدائِ ِم َ
ِ ِ
ث وم َ��ول َو ْق��ت ُ احلدَ ْ
ث َوز ْيدَ شرَ ْ
أي :أن هذين الرشطني ليسا مفروضني لكل متوضئ ،بل ملن كان حدثه دائ ًام أي :غري منقطع
كسلس البول وسلس الريح واملستحاضة ،فال يصح الوضوء منهم إال إذا دخل الوقت ،فلو
تصح طهارته؛ ألهنا طهارة رضورة وال رضورة قبل
َّ تطهر دائم احلدث قبل دخول الوقت مل
َّ
الوقت.
ويلزم دائم احلدث لكل فرض تقديم االستنجاء ثم احلشو بنحو قطنة إال إذا تأذى به أو كان
صائ ًام ،ثم العصب بنحو خرقة إن مل ِ
يكف احلشو لكثرة الدم مثالً ،ثم يتوضأ أو يتيمم يف الوقت
كام تقدم .وكذا يلزمه املواالة بني االستنجاء والتحفظ ،وبينهام وبني الوضوء ،وبني أفعال
()114
كتاب الطهارة
الوضوء ،وكذا بني الوضوء والصالة ،وال يرض قطع املواالة بنحو انتظار مجاعة .واملواالة:
هي أن يغسل العضو الثاين قبل جفاف العضو األول مع مراعاة اعتدال احلال واهلواء والزمان،
و ُيقدَّ ر املمسوح مغسوالً.
وبقي من رشوط الوضوء والغسل زيادة عىل ما ذكر :إزالة النجاسة العينية ،وجري املاء عىل
مجيع العضو ،وحتقق املقتيض وهو :احلدث ،ودوام النية حك ًام بأن ال يرصفها إىل غري املنوي،
وعدم تعليقها بيشء ،واهلل أعلم.
>
()115
كتاب الطهارة
()116
كتاب الطهارة
ومسح األذنني ثالث ًا مع الرأس ،وثالث ًا بعد مسح الرأس ،وثالث ًا بعد ذلك بإلصاق كفيه ومها
مبلولتان هبام استظهار ًا ،ويسن أن يغسلهام مع الوجه ثالث ًا ،فجملة ما يطلب فيهام ثنتا عرشة
مرة.
ومنها :التيامن يف اليدين والرجلني ،أما اخلدان والكفان واألذنان ف ُي َط َّه ْرن ُدفعة واحدة.
يتم الواجب إال به يف الوجه ،وإطالة التحجيل وهو :اسم ملا
وإطالة الغرة وهي :اسم ملا ال ُّ
يتم الواجب إال به يف اليدين والرجلني ،وحتصل إطالتهام بفعل أدنى زيادة عىل الواجب.
ال ُّ
ومنها :املواالة بني أفعال الوضوء لغري دائم احلدث كام مر ،وتقدَّ م ضابطها.
ومنها :استصحاب النية ُذكر ًا بالقلب إىل آخر الوضوء ،وترك الكالم بال حاجة .ومنها:
ختليل الشعر الكثيف الذي يكفي غسل ظاهره ،وختليل أصابع اليدين والرجلني .ومنها:
حتريك خامته ،فإن مل يصل املاء ملا حتته إال بالتحريك وجب .ومنها :دلك األعضاء؛ خروج ًا
من خالف من أوجب ذلك ،ويبالغ يف العقب خصوص ًا يف الشتاء ،ففي الصحيحني« :ويل
لألعقاب من النار» .ومنها :أن يتعهد موقه ،وهو :طرف العني مما ييل األنف ،واللحاظ وهو:
طرفها مما ييل األذن ،وحمل ندب تعهدمها إذا مل يكن فيهام رمص يمنع وصول املاء إىل حمله ،وإال
فتعهدمها واجب كام يف (املجموع) ،وكذا كل ما خياف إغفاله .ومنها :البداءة بأعىل الوجه ،وأن
صب عليه غريه بدأ بأعالها عىل املعتمد.
يبدأ بأصابع يديه ورجليه إن غسل بنفسه ،فإن َّ
ومنها :ترك التنشيف بال عذر؛ ألنه يزيل أثر العبادة ،أما لو كان بعذر كربد وخوف التصاق
نجاسة وإرادة تيمم عقب الوضوء فال كراهة ،وإن َّ
نشف فاألوىل أن ال يكون بطرف ثوبه وال
بذيله؛ ملا قيل :إنه يورث الفقر والنسيان .ومنها :ترك النفض؛ ألنه كالتربي من العبادة ،وأما
خرب الصحيحني أنه ى أتته ميمونة ر بمنديل فر َّده وجعل يقول باملاء هكذا ينفضه؛
فلبيان اجلواز.
ومنها :الذكر بعد الوضوء بأن يقول وهو مستقبل القبلة رافع ًا برصه إىل السامء[ :أشهد أن
ال إله إال اهلل وحده ال رشيك له وأشهد أن حممد ًا عبده ورسوله ،اللهم اجعلني من التوابني
واجعلني من املتطهرين ،سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت أستغفرك وأتوب
()117
كتاب الطهارة
إليك؛ وصىل اهلل عىل سيدنا حممد وعىل آله وصحبه وسلم] ،ويسن قراءة سورة القدر بعد هذا
الديلمي عن أنس مرفوع ًا« :من قرأ إثر وضوءه ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ُّ الدعاء ثالث ًا؛ ملا أخرجه
الصدِّ يقني ومن قرأها مرتني كُتِب يف ديوان الشهداء ومن قرأهاﭕﱪ مرة واحدة كان من ِّ
ثالث ًا ُحشرِ مع األنبياء».
خامتة يف ( مكروهات الوضوء )
وأما مكروهات الوضوء فنورد بعض ًا منها وإال فهي كثرية ،فمنها :ترك ِّ
أي سنة من السنن
املتقدمة .ومنها :ترك التيامن ،وترك املضمضة واالستنشاق .ومنها :الزيادة عىل الثالث
والنقص عنها إال لعذر؛ ألنه ى توضأ ثالث ًا ثالث ًا ثم قال« :هكذا الوضوء ،فمن زاد عىل هذا
أو نقص فقد أساء وظلم» رواه أبو داود وغريه ،قال ابن دقيق العيد :وحمل الكراهة يف الزيادة
عىل الثالث إذا أتى هبا عىل قصد نية الوضوء أي :أو أطلق ،فلو زاد عليها بنية التربد أو مع قطع
نية الوضوء عنها مل يكره.اهـ.
ومنها :الوضوء من املاء الراكد ،والوضوء من فضل املرأة ،واإلرساف فيه بالصب.
>
()118
كتاب الطهارة
()119
كتاب الطهارة
()120
كتاب الطهارة
ينوي اجلنب رفع اجلنابة ،واحلائض رفع حدث احليض ،والنفساء رفع حدث النفاس .ويصح
أن ينوي اجلنب واحلائض والنفساء استباحة الصالة أو نحوها مما يفتقر إىل غسل كقراءة قرآن،
أو رفع احلدث األكرب ،أو احلدث فقط إن قصده عن مجيع البدن وكذا إن أطلق ،أو الغسل
للطهارة ،أو الغسل املفروض ،ال الغسل فقط؛ ألنه قد يكون عادة بعكس الوضوء.
يعم باملاء ظواهر البدن) أي :مجيع أجزاءه حتى األظافر وما حتتها ،والشعر
(و) ثانيهام( :أن َّ
ظاهره وباطنه وإن كثف ،وما ظهر من صامخي األذنني ،ومن املرسبة حال االسرتخاء ،ومن
فرج املرأة عند جلوسها عىل قدميها ،وما حتت قلفة األقلف؛ ألهنا مستحقة اإلزالة ،فلو مل
يمكن غسل ما حتتها إال بإزالتها وجبت ،فإن تعذرت اإلزالة صلىَّ كفاقد الطهورين عىل ما
اعتمده الرميل ،وتيمم عند ابن حجر عماَّ حتتها ،وعليه اإلعادة عندمها .ويدل عىل ذلك قوله
ى« :حتت كل شعرة جنابة» رواه أبو داود والرتمذي.
وللغسل سنن كثرية منها :استقبال القبلة والتسمية ،وغسل الكفني ،واملضمضة واالستنشاق،
والوضوء ،وتعهد املعاطف كاألذن وط َّيات البطن وبني اإلليتني وداخل الرسة ،والدلك،
والتثليث ،واملواالة.
ومنها :ترتيب أفعاله بأن يغسل الكفني ثم الفرج وما حواليه ثم يتمضمض ويستنشق ثم
ال ثم يتعهد املعاطف ثم يفيض املاء ثالث ًا مع الدلك والتخليل عىل رأسه ثم
يتوضأ وضوء ًا كام ً
مؤخره ثم عىل مقدَّ م شقه األيرس ثم َّ
مؤخره .واهلل أعلم. عىل مقدَّ م شقه األيمن ثم َّ
>
()121
كتاب الطهارة
( نواقض الوضوء )
ِ ِ
��و يف النَّزر جا السبِي َلني و َل ْ
��ن َ م َ ��رج��ا ��ض�� ُه أرب���ع��� ٌة م��ا َخ َ ن��اق ُ
�ْي� م�� ْث��بِ ٍ
�لا و ُد ْب����ر ًا َح ْل َق َت ْه��س��ه ُق�� ْب ً
وم ُّ َ ��ت َم��ق�� َع��دَ تَ�� ُه ون���و ُم َغ رْ ِ ُ
ِ �����ر ٍأة أج��انِ ٍ ِ
�َب�
���ع ال��ك رَ ْ ��ب َم َ وام َ ْ ��اء َب��ْش�رْ َ يَ ْت َذك ْ
َ��ر وال��راب��ع ال��ت�� َق ُ
ُ
()122
كتاب الطهارة
ذلك :فعل الصحابة عند انتظارهم للصالة ،فقد روى مسلم يف صحيحه عن أنس ؤ قال:
«كان أصحاب رسول اهلل ى ينامون ثم يصلون واليتوضأون» .وخرج بـ[النوم] :النعاس
فإنه ال يرض ،وعالمته أن يسمع كالم احلارضين وال يفهمه.
ال ودبر ًا حلقته) من نفسه أو من
ثم ذكر الناظم ؤ ثالث النواقض فقال( :ومسه قب ً
آدمي ولو صغري ًا وإن كان أشل؛ ملا َّ
صح من قوله ى« :من مس ذكره –ويف رواية ذكر ًا–
فليتوضأ» رواه أمحد وأبو داود والرتمذي وصححه وغريهم ،والدبر قياس ًا عىل القبل ،والرجل
واملرأة يف ذلك سواء .واملراد بالقبل يف الذكر :ذكره ،ويف املرأة :شفراها ،واملراد بالدبر :ملتقى
املنفذ .واملس الناقض يكون ببطن الراحة وبطون األصابع ،واملراد به :ما يسترت عند وضع
باطن إحدى الكفني عىل األخرى مع حتامل يسري وتفريق لألصابع ،وهذا يف غري اإلهبامني،
أما مها فام يسترت عند وضع بطن أحدمها عىل بطن اآلخر بحيث يكون رأس أحدمها عند أصل
اآلخر .وخرج بذلك :أطراف الكف ورؤوس األصابع وما بينها فال ينقض .والدليل عىل
ذلك قوله ى« :إذا أفىض أحدكم بيده إىل فرجه وليس بينهام سرت وال حجاب فليتوضأ» رواه
ابن حبان والبزار وغريمها .واإلفضاء ال يكون إال بباطن الكف.
وأشار ؤ إىل آخر نواقض الوضوء فقال:
ِ ٍ ٍ
أج��ان��ب مع الكبرَ ْ وام���رأة ذكر
ْ ب�شرت
يَ ْ التقاء
ُ والرابع
أي جزء من اجلسم –إال السن والظفر والشعر
أي :إذا ملس الرجل املرأة ،وكذا املرأة الرجل يف ِّ
إذ ال لذة بلمسها– وكان اللمس بال حائل فإنه ينقض وضوء الالمس وامللموس؛ لعموم
قوله تعاىل :ﱫ ﯤ ﯥ ﯦﱪ ،برشط كوهنام أجانب ،أي :حيل هلا أن تتزوجه وحيل له
حمرمات عىل
املحرمات بنسب أو رضاعة أو مصاهرة مع كوهنن ّ
َّ ذلك منها ،فخرج بذلك:
املحرمة عليه باللعان ،وذلك النتفاء مظنة الشهوة،َّ األبدية ،كأم الزوجة ال أختها ،وال
الك ،واملراد ِ
بالكبرَ هنا ال يتقيد بابن سبع سنني ،وإنام :إذا بلغ حدّ ًا بحيث ُيشتهى ِ
وبرشط برَ
>
من ِق َبل ذوي الطباع السليمة ُعرف ًا يف الغالب ،سواء يف ذلك الذكر واألنثى ،واهلل أعلم.
()123
كتاب الطهارة
( ما حيرم باألحداث )
����ط ي ِ خَ ْت��تَ��لِ ُ
���رد ُف��� ُه ْأو أك رَ ُ
ْ�َب� ْأو َو َس ٌ ُ ْ أصغ َُر
���داث َّإم��ا ْ ُ األح
��ف ْ
بِ ِ وجب الو ِ
���واف تحُ�� َظ ُ��ر
ُ ���ه ال��ص�لا ُة وال��� َّط األصغ َُر
ْ ضوء َو ْه َو ُ َف ُم ِ ُ
����ذي ���ه ح�����رام وا َّل ِ أرب���ع��� ٌة بِ ِ ��ذي ف و �� ُل��ه َف ِ وم���س مصح ٍ
َ ٌ َ َْ َ حمَ ْ ُ َ َ ُّ ُ ْ َ
األم ِ ِ الو َس ْط
��رط ���ور ما َف َ ��ن ُ ���ر ْم بهِ��ا م َ
َح ِّ ال فاجلناب ُة َ وجب ُغ ْس ً ُ ُي
ِّفاس باألكرب ِحدْ واحليض والن َ َ آن ِز ْد ج ِد وال ُق ْر َ ث يف ا َمل ْس ِ وال ُّل ْب َ
سج ِد َم ْع َخ ْوف انْثِجام وا َمل ُّر يف ا َمل ِ حَ���ر ُم الصيا ْم��ر ي ُ بِ��ه َع�َل�ىَ م��ا َم َّ
ِ
ٍ ُ ���م ال�� َّط ُ
وركْ��� َب���ه سة هل��ا ُ ��ْي� رُ َّ
م��ا َب نْ َ ي��ن��ال ْإر َب��� ْه �لاق أو ُث َّ
()124
كتاب الطهارة
الفرض أو النفل؛ لقوله ى« :الطواف بالبيت صالة إال إن اهلل َّ
أحل فيه الكالم فمن تكلم فال
يتكلم إال بخري» رواه احلاكم والرتمذي وغريمها.
(و) كذا (مس مصحف) سواء مبارشة بيده أو ِّ
بأي موضع يف جسمه ،ولو كان بحائل نحو
ٍ
وحلديث رواه ماس ًا له عرف ًا؛ لقوله تعاىل :ﱫﭙ ﭚ ﭛ ﭜﱪ ، خرقة بحيث يعدُّ ّ
احلاكم وقال عىل رشط الشيخني« :وال يمس املصحف إال طاهر».
وكاملصحف جلده املتصل به ،وكذا املنفصل الذي مل تنقطع نسبته عنه عند الرميل.
(و) كذا حيرم باحلدث (محله) أي :محل املصحف ،ألنه أبلغ من مسه فإذا حرم املس فمن باب
أوىل احلمل ،إال إذا محله ضمن متاع وقصد محل املتاع فقط فال حيرم ،أو قصد املتاع واملصحف
فال حيرم عند الرميل خالف ًا البن حجر ،فإن قصد املصحف فقط حرم ،وإن أطلق مل ْ حيرم عند
الرميل خالف ًا البن حجر يف التحفة.
ثم قال الناظم -تعاىل:
...................وال�����ذي .................
حرم هبا من األم��ور ما فرطِّ يوجب غس ً
ال فاجلنابة الوسط
أي :واحلدث األوسط ،وهو الذي عرب عنه باجلنابة ،أي :ما يوجب غسل اجلنابة ،فيحرم به
من األمور ما سبق أن حرم باحلدث األصغر( ،و) كذا (اللبث يف املسجد والقرآن زد) أي:
وزد عىل األربعة التي حترم باحلدث األصغر اثنني لكي تصبح ستة حترم باحلدث األوسط،
وهي :اللبث يف املسجد أو الرتدد فيه ملسلم مكلف؛ لقوله تعاىل :ﱫﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﱪ ،قال ابن عباس :أي ال
تقربوا مواضع الصالة؛ ألن الصالة ليس فيها عبور سبيل .وعىل هذا جيوز للجنب املرور يف
املسجد ،ولقوله ى« :ال ُأ ِح ُّل املسجد حلائض وال جنب» رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة.
وكذا تالوة القرآن ولو بعض آية من مكلف بقصد التالوة وحدها أو مع غريها ،فإن مل
يقصدها بأن قصد نحو ذكره أو مواعظه أو قصصه أو التحفظ أو التحصن ومل يقصد معها
القراءة مل حيرم ،وكذا إن أطلق؛ لقوله ى« :ال يقرأ اجلنب وال احلائض شيئ ًا من القرآن» رواه
()125
كتاب الطهارة
الرتمذي .قال النووي :ضعيف ،وقال اخلطيب الرشبيني وغريه :لكن له متابعات جترب ضعفه.
ثم قال الناظم -تعاىل( :واحليض والنفاس باألكرب حد) أي :وحدُّ احلدث األكرب:
احليض والنفاس.
سج ِد َم ْع َخ ْوف انْثِجام
وا َمل ُّر يف ا َمل ِ ِ
بِه َعلىَ ما َم َّر ي ُ
حَ��ر ُم الصيا ْم
مر يف اجلنابة ،وكذا الصيام فإنه حيرم عىل احلائض
أي :وحيرم به –أي :باحليض والنفاس– ما َّ
وكذا النفساء ،وال يصح منهام إمجاع ًا ،وعليهام القضاء يف الصيام دون الصالة؛ حلديث عائشة
ر« :كان يصيبنا –أي احليض– فنؤمر بقضاء الصوم وال نؤمر بقضاء الصالة» ،متفق
عليه .وكذا حيرم عليهام املرور يف املسجد إن خافت انثجام الدم فيه أي :سيالنه ووصوله إليه؛
صيانة للمسجد من ذلك ،فإن أمنت ذلك جاز هلا املرور دون املكث كاجلنب.
ٍ ��م ال�� َّط ُ
�لاق أو ُ
وركْ�� َب��ه
سة هل��ا ُ�ْي� رُ َّ
م��ا َب نْ َ ينال ْإر َب�� ْه ُث َّ
أي :حيرم الطالق عىل الرجل المرأته احلائض ،وكذا النفساء؛ ملا فيه من إطالة العدة عليها،
ولكنه يقع وهبذا وردت األحاديث .وكذا حيرم عليه االستمتاع باحلائض والنفساء ،وهو
املبارشة املختصة باللمس بال حائل بشهوة وبغريها –دون النظر ولو بشهوة– يف ما بني الرسة
والركبة ،وجيب عليها أن ال تمُ َ ِّكنَه من ذلك؛ ألنه ى سئل عام حيل للرجل من امرأته وهي
حائض فقال« :ما فوق اإلزار» رواه أبو داود بسند جيدِ .
وحي ُّل الصوم والطالق بمجرد انقطاع
الدم ،أما باقي األمور فال ِ
حت ُّل إال باالغتسال أو التيمم .واهلل أعلم.
>
()126
كتاب الطهارة
( أسباب التيمم )
��ي��اج لِ َظ َمأ
ُ
وم����ر ٌض واالح��تِ
ْ َ َ أس��ب��ا ُب�� ُه َث�ل�ا َث��� ٌة َع�����دَ ُم م��اء
���رتَ���دٌ تَ�لاه
وم ْ زان ُ ���ن ٍ ���ص ٍ
ومحُ ْ َ ت���ار ِك الصال ْه
ِ ��َت� ٍم ال ِم�� ْث َ
��ل محُ ْ رَ َ
ِ
��م َم��غْ�� ُف ُ
��ور ��ه ْف���ه���ؤالء َق��تْ�� ُل ُ واخل��ن��زي��ر
ُ ��ق��ور
ُ وكَ�� ْل�� ُب�� ُه ال�� َع
()127
كتاب الطهارة
ندا ًء عام ًا بنفسه أو مأذونه بقوله :من عنده ماء ولو بالثمن؟ إن كان فائض ًا لديه وال دين عليه
حاالً أو مؤج ً
ال وكان بثمن املثل يف ذلك املحل ،فإن مل جيد املاء تردد إىل حد الغوث ،وهو :حدٌّ
لو استغاث برفقته مع ما هم فيه من تشاغلهم وتفاوضهم يف أقواهلم ألغاثوه ،وهو ما يقارب:
ٍ
مستو ثالثامئة ذراع أي :مائة وأربعة وأربعني مرت ًا .وجيب الرتدد يف مجيع اجلهات ،إال إذا كان يف
من األرض نظر بال تردد .وإن علم أن هناك ماء يف حد القرب وجب السعي إليه ال إن توهم
فال جيب .وحد القرب :هو ما يصله املسافر حلاجته كاحتطاب واحتشاش ،وهو ما يقارب:
نصف فرسخ أي :ألفني وسبعامئة واثنني وثامنني مرت ًا ونصف املرت.
واعلم أنه ال جيب الرتدد يف حد الغوث وال يف حد القرب إال إذا أمن عىل تلف نفس وعضو
ومال له أو لغريه واختصاصه وخروج وقت وانقطاع عن الرفقة .نعم ال يشرتط األمن عىل
االختصاص إذا تيقن وجود املاء ،وال عىل خروج الوقت إذا تيقن وجوده يف حدِّ الغوث .أما
إذا تيقن وجود املاء يف حد البعد –وهو ما فوق حد القرب– مل ُيك َّلف الذهاب إليه؛ للمشقة
املعتربة يف ذلك ،بل يتيمم.
أما الثاين من أسباب التيمم فقد أوضحه الناظم ؤ بقوله( :ومرض) إن خاف من
استعامل املاء معه هالك نفسه أبيح له التيمم ،أو خاف من استعامله فوات منفعة عضو كالعمى
واخلرس وعدم حركة اليد ونحوه ،وكذا تأخر الشفاء بسببه ،أو تغري عضو ظاهر –وهو :ما
يبدو عند املهنة كالوجه واليدين– وكان التغري فاحش ًا كسواد كثري .ويعتمد يف مجيع ذلك عىل
التجربة وخرب العدل ،فإن انتفيا وتوهم حدوث يشء جاز التيمم مع اإلعادة عند ابن حجر،
واعتمد الرميل وجوب استعامل املاء.
ويلحق باملرض :شدة الربد املهلكة -بأن خيش حمذور ًا مما َّ
مر -إذا عجز عن تسخني املاء ومل
تنفعه تدفئة أعضائه ،ألن عمرو بن العاص تيمم عن جنابة خلوف اهلالك من الربد فأقره النبي
ى عىل ذلك ،رواه أبو داود وصححه احلاكم وابن حبان.
أما إذا خاف من استعامله املاء يف عضو فإنه يغسل الصحيح ويتيمم عن العليل؛ لقوله ى:
«إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» متفق عليه .فإذا كان عليه ساتر وجب نزعه إن أمكن
()128
كتاب الطهارة
غسل اجلرح باملاء ،أو أخذ بعض الصحيح ،أو كان بمحل التيمم وأمكن مسح العليل بالرتاب،
فإن مل يتمكن من النزع غسل الصحيح ومسح عىل مجيع الساتر باملاء إن أخذ بعض الصحيح
وتيمم عام حتته من العليل ،وترتب عليه مسائل اجلبرية ونلخصها يف اآليت:
-1أن تكون اجلبرية يف أعضاء التيمم –وهي :الوجه واليدان– فعليه اإلعادة مطلق ًا ،سواء
وضعها عىل طهر أم ال ،وسواء كانت بقدر االستمساك أم ال.
-2أن تكون يف غري أعضاء التيمم:
فإما أن يضعها عىل طهر وبقدر االستمساك فال إعادة عليه ،وكذا إذا وضعها ومل تأخذ من
الصحيح شيئ ًا فال إعادة ،سواء وضعها عىل طهر أم ال.
وإما أن يضعها عىل طهر وفوق قدر االستمساك أو عىل غري طهر وبقدر االستمساك أو عىل
غري طهر وفوق قدر االستمساك ،ففي هذه الصور الثالث عليه اإلعادة.
ييرَّ بني التيمم أوالً ثم
واعلم أنه إذا كان الطهر لرفع جنابة ونحوها وعليه جبرية فإنه خُ َ
االغتسال ،أو االغتسال ثم التيمم؛ إذ ال ترتيب بينهام؛ ألن بدنه كعضو واحد ،أما إذا كان
الطهر عن حدث أصغر فإنه ال يتيمم إال إذا وصل إىل حمل اجلبرية –مراعاة للرتتيب– ،وال
ال وتيم ًام ومسح ًا.
ينتقل من العضو العليل حتى يكمله غس ً
والثالث من أسباب التيمم ما أخرب به الناظم بقوله( :واالحتياج لظمأ) نفسه أو غريه مما
سيوضحه ،وسواء أكان االحتياج للظمأ –أي :للعطش– حاالً أو مآالً ،فعند ذلك جيب التيمم
مع وجود املاء املحتاج إليه؛ صون ًا للروح ،وسواء أكانت روح آدمي أو غري آدمي ،رشط :أن
يكون (حمرتمـ)ـ ًا أي :ال حيل قتله ،وأما غري املحرتم فهو الذي يحَ ِ ُّل قتله ،وهم ستة ،وعرب عنهم
بقوله ( :-ال مثل تارك الصالة) ،أي :عمد ًا بعد أمر اإلمام ،وهو من َّ
أخرها عن مجيع
ال أو هتاون ًا فيستتاب ،فإن تاب وإال ُقتِل حد ًا .أما إن تركها جحود ًا فريتد بذلك
أوقاهتا كس ً
وجتب استتابته ،فإن تاب وإال ُقتِل كفر ًا.
(وحمصن ٍ
زان) أي :الزاين املحصن ،وهو :من سبق له الوطء يف نكاح صحيح وقامت البينة
عىل زناه .وقوله (ومرتد تاله) أي :وكذا املرتد وهو من قطع اإلسالم بقول أو فعل أو اعتقاد،
()129
كتاب الطهارة
مر.
وجتب استتابته كام َّ
(وكلبه العقور واخلنزير) أي :وكذا الكلب العقور ،وهو الذي خييف الطريق ولو بنباحه
عىل املارة دون إحلاق األذى هبم .واخلنزير؛ ألنه محُ َ َّرم أكله ،وجاء األمر بقتله.
والسادس :الكافر احلريب ،وهو الذي ال ُصلح له معنا ،بخالف الذمي واملعاهد وا ُمل َؤ َّمن.
(فهؤالء) الستة (قتلهم مغفور) أي :ال يطالب هبم َق َود وال قيمة ،واملعنى :أنه ال جيوز
الصريورة للتيمم مع وجود املاء معه واحتياج هؤالء إليه ،فلو أعطاه أحد ًا من هؤالء املذكورين
وتيمم أثم .واهلل أعلم.
>
()130
كتاب الطهارة
( رشوط التيمم )
َعمال ب شرَ ْ َط ال ُط ْه ِر ال ُم ْست َ بالترُ ْ ِ شرُ ُ و ُط����� ُه َع��َش��رَ َ ٌة أن ُي�� ْف�� َع�لا
��ه إىل ال�� َب��دَ ْن ��ص��دَ ه بِ��نَ�� ْق��لِ ِ
ي�� ْق ِ وأن
ْ ِ
��ط��اه ٍ
��ر َوال مخُ��الِ��ط�� ًا بِ
َ
َ�ْي� ُع����دّ ا ا ْث��نَ��ت نْ ِ
�َض� َب���ت نْ ِ وا َمل���س���ح لِ�� ْل��وج ِ
َ�ْي� بِ رَ ْ ��ن ��ه ول��ل�� َي��دَ ْي ِ َ ْ ْ ُ َ
��د ِق ْب َل َت ْه
��ل َق��ص ٍ
ْ ��رى َق�� ْب َ َ��ح َّ
َو َي��ت َ َ��ج��اس��تَ�� ْه
َ ي��ل َّأوالً ن ��ز َ أن ُي َِو ْ
ض َو َج��ب��ا ����ر ٍ
ُ��ل َف ْ وكَ��ونُ�� ُه لِ��ك ِّ وق���ت َو َج��ب��اٍ ��م َب�� ْع��دَ َو ْل�� َي��ت َّ
َ��ي��م ْ
()131
كتاب الطهارة
()132
كتاب الطهارة
>
()133
كتاب الطهارة
( مبطالت التيمم )
()134
كتاب الطهارة
>
()135
كتاب الطهارة
(فروض التيمم)
ون��ي�� ٌة وم��س��ح وج ٍ ُ���راب ُق ِصداٍ ْ��س�� ٌة نَ�� ْق ُ ُق ْ
����ه م��ا َب��دا َ ْ ُ َ ْ َّ ��ل ت ��ل مَخ َ
ِ ��ح لل َيدَ ِ
ني ا َمل ْس َحت ْ
َني الرتتيب َب َ
ُ واخلامس
ُ ين حتى امل ْر َف َق ْ
ني وا َمل ْ
��س ُ
()136
كتاب الطهارة
(و) الرابع من أركانه( :املسح لليدين حتى املرفقني) أي :مع املرفقني كالوضوء؛ لعموم
اآلية ولوروده عن النبي ى يف كثري من األحاديث املتعددة الطرق .وجيب نزع اخلاتم يف
الرضبة الثانية؛ ألن الرتاب ال يصل إىل ما حتت اخلاتم حتى مع التحريك لكثافته عكس املاء.
نعم ال ُي َك َّلف إيصال الرتاب إىل منابت الشعر هنا؛ ملا فيه من املشقة.
(واخلامس) من األركان( :الرتتيب بني املسحتني) أي :الرتتيب بني مسح الوجه واليدين
ولو ُجنب ًا ،فإنه ال بدَّ أو ً
ال من مسح الوجه ثم مسح اليدين.
وللتيمم سنن منها :السواك ،والتسمية ،ومسح أعىل الوجه قبل أسفله ،وتقديم اليمنى،
وختفيف الغبار وذلك بنفض اليدين بعد الرضب وتفريق األصابع عند الرضب ،ونزع اخلاتم
يف الرضبة األوىل ،وعدم التكرار؛ ألنه مطلوب فيه ختفيف الغبار واهلل أعلم.
>
()137
كتاب الطهارة
(طهارة اإلحالة)
ت إن بِنَ ْف ِسها خَ َت َّل َل ْ
��ر ْ��م ِ يف َ
اخل ْ ��ه��ارة ْاس��تِ��ح��ا َل�� ٌة أت ْ
َ��ت ِ ��ن ال�� َّط
م َ
ِ
ي��ف َل��دَ ْغ ��ح��ر ٍَ��ج��س بِ ِ
���و بِ��ن ِ َ���ذاك ِج�� ْل��دُ َم ْيت ٍَة إذا ا ْن��دَ َب��غْ
َ
ِّ َو َل ْ ك
ذكور ِق ْس ِ ث وعىل ا َمل ود رو ٍ
َْ
كَ��دُ ِ َج ْس َوما ْاست ََح َال َح َيوان ًا ِم ْن ن ِ
()138
كتاب الطهارة
وغريها .وإذا حكمنا بطهارهتا َط ُهر معها ظرفها التي هي فيه تبع ًا هلا ،وهذا ُيفهم من احلديث
الذي يف صحيح مسلم عن أنس ؤ قال« :سئل رسول اهلل ى عن اخلمر ُت َّت َخ ُذ خ ًّ
ال فقال:
ال» فمن قولهُ [ :ت َّت َخ ُذ] َّ
اتضح أن املراد :تعالج بطرح يشء فيها كام تقدم ،فكان احلديث مقصور ًا
عىل ذلك.
ثم قال الناظم ؤ( :كذاك جلدُ ٍ
ميتة) وهي :ما زالت حياهتا بغري ذكاة رشعية ،أي:
نجس باملوت ولو كان من حيوان غري مأكول كحامر أهيل ونحوه ال
وكذا يطهر جلد امليتة الذي ُ
جلد الكلب واخلنزير؛ ألهنام نجسا العني( .إذا اندبغ) أي :نزعت فضالته ،وال بدَّ يف دبغه من
حريفِ ،
واحل ِّريف –بكرس احلاء املهملة وتشديد الراء– :ما يلذع الفم –أي :اللسان– كالقرظ
والعفص وقشور الرمان (ولو بنجس بحريف لدغ) أي :حتى ولو كان احلريف نجس ًا كذرق
احلامم ،فإذا ُدبِغ اجللد باحلريف فإنه يطهر ظاهره وباطنه ،وجيب غسله بعد الدبغ باملاء؛ لتنجسه
بالدابغ املتنجس بمالقاة النجاسة ،وأما إذا كان الدابغ نجس ًا فيجب الغسل من باب أوىل.
وهل جيب املاء مع الدابغ؟ األصح :ال جيب؛ لقوله ى« :إذا ُدبِغ اإلهاب فقد طهر» رواه
مسلم .وعىل الثاين :جيب؛ لقوله ى« :يطهرها –أي :امليتة أي :إهاهبا– املاء والقرظ» رواه أبو
داود والنسائي يف سننهام.
ثم قال الناظم :-
ذكور ِق ْس
ِ ود رو ٍ
ث وعىل ا َمل ِ
كَدُ َ ْ َوما ْاست ََح َال َح َيوان ًا ِم ْن ن ِ
َج ْس
أي :ويطهر ما صار حيوان ًا من نجس العني ،ورضب له مث ً
ال :الدود املتكون يف الروث وكذا
يف غريه من النجاسات فإنه طاهر باحلياة ،واهلل أعلم.
>
()139
كتاب الطهارة
( بـاب النجـاسـات )
ت احل ْك ِم أو ت ََو َّس َط ْ ت يف ُ أو ُخ ِّف َف ْ ت ثالث َفاست َِم ْع ما ُغ ِّل َظ ْ ٌ ��ي
َو ْه َ
��ن ن ََس ْل ���ر ٍع َلهِ َ
��ذ ْي ِ ِ
ـخنزير أو َف ْ ��ع ا ْلـ ِ
الكلب َم َ َف َغ َّل ُظوا ن َ
َجاس َة
لمَ ي��ع��دُ ح��و َل ِ ِ ��ن ق��د َألِ�� َف�� ْه ����و ُل طِ�� ْف ٍ
��ي املخ َّفف ْه �ْي� ه َ نْ َ ْ َ ْ ��ل َل�� َب ٌ و َب ْ
ْ��ض��بِ�� َط�� ْه يف ص����و ٍر كَ��ثِ ٍ
�يرة ُم��ن َ َ��و ِّس�� َط�� ْه ِ
ُ َ ف��م��ت َ
وم���ا س���واهمُ���ا ُ
( باب النجاسات )
كل ُم َ
ستقذر يمنع صحة الصالة كل ما ُي َ
ستقذر .ورشع ًا ُّ : النجاسات مجع نجاسة وهي لغة ُّ :
حيث ال مرخص .قال الناظم ( : -وهي) أي :النجاسات (ثالث) أي :تنقسم إىل ثالث
أقسام من حيث احلكم (فاستمع) هلا ،فإن أوهلا( :ما غلظت) وذلك بالنظر ملا جعله الشارع
يف إزالتها وسيأيت .وكذا استمع لثانيها وثالثها يف قوله ( :أو خففت يف احلكم أو توسطت)
فعرفنا هنا أن التقسيم الناتج للنجاسة تبع ًا حلكم إزالتها كام تقدم .
ثم بينَّ أقسام تلك النجاسات بقوله -تعاىل :
ـخنزير أو َف ْر ٍع َلهِ َذ ْي ِن ن ََس ْل
ِ ِ
الكلب َم َع ا ْلـ َف َغ َّل ُظوا ن َ
َجاس َة
أي :أن النجاسة املغلظة نجاسة الكلب ،والكلب نجس العني يف حال حياته ،وموته من
باب أوىل ،فعىل هذا لو كان عىل الكلب ٌ
بلل والمسه أحد تنجس املالمس له ،وكذا عذرته
وبوله ودمه و َم ُّنيه ولبنه وعرقه .واألصل يف نجاسته قوله ى« :طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه
الكلب أن يغسله سبع مرات أوالهن بالرتاب» رواه مسلم ،ويف رواية الدارقطني« :إحداهن»،
وحكموا بنجاسة عني الكلب هلذا احلديث ،حيث قالوا :بام أن لعابه وهو أطيب ما يف السباع،
()140
كتاب الطهارة
وهو مستحلب من جسمه ،نجس بنص احلديث ،فعىل هذا يكون نجس العني ،وال فرق يف
النجاسة بني سائر الكالب وكلب الصيد ونحوه.
أما اخلنزير فنجس أيض ًا؛ ألنه أسوأ حا ً
ال من الكلب ،وألنه ال جيوز اقتناؤه بحال ،ويندب قتله
من غري رضر فيه .وكذا فرع أحدمها –أي :املتولد من أحدمها وحيوان طاهر– كأن نزا كلب
عىل شاة فاملتولد منهام نجس العني ،ويلحق بنجاسة الكلب واخلنزير ،وذلك تغليب ًا للنجاسة .
ثم انتقل الناظم -إىل تعريف النجاسة املخففة فقال :
لمَ ْ َي ْعدُ َحو َلينْ ِ ِه َي املخ َّفف ْه ��و ُل طِ ْف ٍل َل َب ٌن قد َألِ َف ْه
و َب ْ
واملعنى :أن النجاسة املخففة تبع ًا حلكمها يف اإلزالة بالرش –كام سيأيت– هي بول الصبي،
فخرج بالبول :سائر نجاساته فتكون متوسطة ،وخرج بالصبي :الصبية واخلنثى فإن بوهلام
النص يف بول الصبي ،وذكر الفقهاء تعلي ً
ال لذلك فمنهم من نجاسة متوسطة ،وذلك لورود ِّ
قال :إن بول الصبي يكون سميك ًا ،ومنهم من قال :العلة فيه التخفيف وعدم املشقة عىل الناس،
وذلك :أن العرب حيبون محل الصبيان معهم دون البنات ،فدفع ًا للمشقة عىل الناس ُجعل بوله
نجاسة خمففة بالنسبة إلزالتها .ولكن يشرتط يف ذلك كون ذلك الصبي مل يبلغ احلولني ،فإذا
بلغهام كان بوله نجس ًا نجاسة متوسطة .والرشط الثاين :أن ال يكون مأكوله عىل سبيل التغذي
غري اللبن ،فلو كان يتغذى بغريه كان بوله نجاسة متوسطة أيض ًا ،وأشار الناظم هلذا بقوله:
(لبن قد َألِفه).
ٌ
وأما النجاسة املتوسطة فقال فيها :
يف ص��و ٍر كَ��ثِ ٍ
�يرة ُمن َْضبِ َط ْه فمت ََو ِّس َط ْه ِ
ُ َ وم��ا س��واهمُ��ا ُ
أي :ما سوى املغلظة واملخففة :املتوسطة .وهلا صور كثرية منضبطة أي :منحرصة ،وهي:
- 1البول من آدمي وغريه ،والغائط أيض ًا ،وكذا روث احليوان سواء كان مأكو ً
ال أو غري
مأكول.
()141
كتاب الطهارة
- 2الودي واملذي.
مني ًا ولبن ًا
- 3الدم إال الكبد والطحال فطاهران ما مل ُيدَ َّقا ويصريا دم ًا ،وإال فنجسان .وإال َّ
خرجا عىل لون الدم ،وبيضة مل تفسد بأن مل تصلح للتخلق فطاهران أيض ًا ،أما إذا صار البيض
فطاهر بال خالف.
ٌ مذر ًا وهو الذي اختلط بياضه بصفاره
- 4املاء السائل من فم النائم إذا خرج من املعدة يقين ًا كأن خرج منتن ًا بصفرة.
- 5القيء ،وهو :الراجع إىل الفم بعد وصوله إىل املعدة وإن مل يتغري.
- 6اللبن من غري اآلدمي ومن غري احليوان املأكول اللحم.
- 7اخلمر وكذا سائر املسكرات املائعة إال أن اخلمر تطهر إذا ختللت.
- 8امليتة إال اآلدمي والسمك واجلراد .واملنفصل من حيوان يف حال حياته حكمه حكم
ميتته إال شعر املأكول فطاهر.
- 9ماء قرح تغري طعمه أو لونه أو رحيه؛ ألنه دم مستحيل .فإن مل يتغري فطاهر كالعرق.
-10صديد ،وهو :ماء رقيق خيالطه دم.
-11القيح؛ ألنه دم مستحيل.
ِ -12مرة – بكرس امليم – ،وهي ما يف املرارة أي :اجللدة .وأما جلدة املرارة فمتنجسة تطهر
بالغسل.
ِ -13جرة – بكرس اجليم – ،وهي :ما خيرجه البعري أو غريه لالجرتار ،أي :لألكل ثانية .
-14ماء النفاطات :أي :البقابيق الذي له ريح وإال فطاهر .
ُ -15دخان النجاسة ،وهو املنفصل منها بواسطة نار ،واهلل أعلم .
>
()142
كتاب الطهارة
(إزالة النجاسة)
ب ِمنْها فاح َف َظ ْه �ُّت� ِ ِ بالغ ُْس ِل َس ْبع ًا َت ْط ُه ُر ا ُمل َغ َّل َظ ْه
واح���د ٌة ب��ال رُّ ْ
�ْي� َو ِص�� َف�� ْه��ي َع نْ ٍ ُم��غَ�� ِّل ٍ
��ب ونَ�� ْف ِ ��ر ا ُملخَ َّفف ْه ���ر ٍّش ت ُ
َ��ط��ه ُ َ���ذا بِ َ
ك َ
َق��د ق��س��م��وه��ا وإىل ح��ك ِ
ْ��م�� َّي�� ْه ��ت إىل َع�� ْي��نِ�� َّي�� ْه َ��و َّس�� َط ْ
ُ َّ ُ َو َم���ا ت َ
��ف انعدم وال��و ْص ُ
َ َع ْين ِ َّي ٌة ت ُ
ُ���زال ��م
ُ��ش ْ ��م وت َ ����و ٌن و َط�� ْع ٌ
َف�ما لهَ��ا َل ْ
ِ ِ ْ��م��ي�� ُة ال��ب�� َق ِ ِ
امل��اء ي��ان
��ر ُ َي��كْ��ف��ي َع َليها َج َ ��اء َ ْ��س��ه��ا ُح��ك ََّو َع��ك ُ
()143
كتاب الطهارة
بعد إزالة عني النجاسة وصفتها؛ لعدم احتياجه بعد ذلك إىل ترتيب ما يصيبه بعد التي فيها
الرتاب .
ثم قال -يف إزالة النجاسة املخففة :
�ْي� َو ِص َف ْه
ب و َن ْف ِي َع نْ ٍ
ُم َغ ِّل ٍ َطه ُر ا ُملخَ َّفف ْه َ��ذا بِ َ
��ر ٍّش ت ُ ك َ
واملعنى :أن النجاسة املخففة تطهر بالرش وال جيب الغسل ،ولكن ال بدَّ من غلبة املاء عىل
النجاسة –أي :كثرته– ،وال جيب سيالنه بل كثرته عىل النجاسة بحيث ينفي عينها وصفتها.
والدليل عىل عدم وجوب غسل بول الصبي خرب الشيخني عن أم قيس« :أهنا جاءت بابن هلا
صغري مل يأكل الطعام ،فأجلسه رسول اهلل ى يف حجره فبال ،فدعا بامء فنضحه ومل يغسله».
قوله :-
قس ُموها وإىل ُحك ِْم َّي ْه
َقد َّ ��ت إىل َع ْين ِ َّي ْه
َ��و َّس�� َط ْ
َو َم��ا ت َ
أي :أن النجاسة املتوسطة من حيث اإلزالة تنقسم إىل قسمني :حكمية وعينية.
فالعينية هي :ما هلا جرم ،وإىل ذلك أشار الناظم بقوله( :فام هلا لون وطعم وتشم عينيه)
فمن هنا تفهم أن العينية قد يكون هلا لون أو طعم أو شم أو جتمع األوصاف الثالثة ،فال بدَّ
من إزالة عينها ،كام قال ؤ( :عينية تزال) .وكذا جيب إزالة لوهنا إن كان ورحيها وطعمها،
وأشار إىل ذلك بقوله( :والوصف انعدم).
وال بدَّ أن ينتبه حيث رشطوا إزالة طعمها وإن عرس؛ ألن بقاءه يدل عىل بقاء عينها ،فإن
معفو ًا عنه ال طاهر ًا .وضابط
ّ تعذرت اإلزالة فيعفى عنه ما دام متعذر ًا ،فيكون املحل نجس ًا
التعذر :أن ال يزال إال بالقطع ،فإن قدر بعد ذلك عىل زواله وجب ،وال جيب عليه إعادة ما
صلاَّ ه به عىل املعتمد وإال فال معنى للعفو.
أما اللون والريح فال يرض بقاء أحدمها إن عرس زواله وحيكم بطهارة املحل؛ للمشقة ،أما إذا
مل يعرس زواله فتجب عند ذلك إزالته .وضابط التعرس :أن ال يزال بالغسل ثالث مرات مع
()144
كتاب الطهارة
>
()145
كتاب الطهارة
( باب احليض )
وغ��ال��ب�� ًا س��ت�� ًا وس��ب��ع�� ًا تَ�� ْق�ِضِ احل�� ْي ِ
��ض ����ل َ
َي����و ٌم و َل�� ْي�� َل�� ٌة أ َق ُّ
َ�بر ��ر أ َق ُّ��ه ِ
وذاك ل��ل�� ُّط ْ
َ ��ر مَخْ��س�� َة َع�َش�رَ ْ
َو َق����دْ ُره األك�� َث ُ
���ل ُم�� ْع��ت ْ
ِ ِ ِ
حيض معه ٌ م َن َب ْعد عشرْ ِ َ
ين َو ىَف وغ��ال��ب�� ًا َث�ل�اث��� ٌة أو أرب��ع�� ْة
م����� ٌة أ َق��� ُّل��� ُه
ِّ���ف���اس جَ َّ
ُ ث���م ال���ن ��م�� ُل�� ُه
��ش َ أكْ��� َث ُ
���ر ُه ال َع�����دَ ٌد َي ْ
أك���ث���ر ِه ِس��تُّ��ون��ا
ِ ���وم��� ًا ويفَي ْ ال��غ��ال��ب أرب��ع��ون��ا
ُ َو َق������دْ ُره
( باب احليض )
احليض لغة :السيالن .ورشعا :دم ِجبِ َّلة خيرج من أقىص رحم املرأة عىل سبيل الصحة ،وقد
مر .واألصل يف احليض قوله تعاىل :ﱫﮠ ﮡ ﮢﱪ .وقوله ى يف احليض:
َّ
«هذا يشء كتبه اهلل عىل بنات آدم» متفق عليه .
وهذا الباب عقده الناظم لبيان أقل احليض وغالبه وأكثره ،وكذا الطهر فقال ( :-يوم
وليلة أقل احليض) أي :أربع وعرشون ساعة ،فلو استمر خروج الدم يف هذه املدة متص ً
ال
كان أو منقطع ًا خالل مخسة عرش يوم ًا فأقل كان دم حيض ،ولو نقص عن ذلك كان دم فساد،
فتقيض ما تركته من صلوات عند رؤية الدم ،وعىل هذا لو خرج دم منها ملدة أربعة عرش يوم ًا
مث ً
ال فإن كان خروجه بحيث يبلغ جمموعه قدر يوم وليلة كان ذلك حيض ًا ،وإن نقص كان
دم فساد ووجب عليها قضاء الصالة يف تلك املدة ،ومعنى استمرار خروج الدم :بحيث إهنا
لو وضعت قطنة يف داخل الفرج لتلوثت به ،وال يفهم منه سيالن الدم إىل ما جيب غسله يف
االستنجاء ،فليفهم.
ثم قال الناظم ؤ( :وغالب ًا ست ًا وسبع ًا َت ْقضيِ ) أي :غالب احليض قضاء ستة أو سبعة
()146
كتاب الطهارة
أيام فيه اتصل فيها الدم أم ال برشط أن ال ينقص جمموعه عن أربع وعرشين ساعة ،أما قوله
ؤ( :وقدره األكثر مخسة عرش) أي :أكثر احليض مخسة عرش يوم ًا اتصل فيها الدم أم ال
بالرشط املتقدم ،وعىل هذا يكون الطهر كام قال الناظم ؤ( :وذاك للطهر أقل معترب) أي:
أقل الطهر مخسة عرش يوم ًا.
وأما غالبه فقد عرب عنه بقوله :
ِ ِ ِ
حيض معه م َن َب ْعد عشرْ ِ َ
ين َو ىَف ٌ وغ��ال��ب�� ًا َث�لاث�� ٌة أو أرب��ع�� ْة
أي :ثالثة وعرشون إذا كان حيضها سبعة أيام ،وأربعة وعرشون إذا كان حيضها ستة أيام.
«حتييض ستة أيام أو سبعة أيام يف علم
ويدل عىل ذلك حديثه ى حلمنة بنت جحش رَّ :
اهلل» أي :كام حتيض النساء –أي :غالبهن– رواه أمحد وأبو داود والرتمذي وصححه.
أما أكثر الطهر فكام قال الناظم ؤ( :أكثره ال عدد يشمله) أي :ال عدد حيرص مدة
الطهر.
مسألة :لو عرب الدم أكثر احليض فيكون استحاضة ،وهو :دم علة يسيل من عرق من أدنى
الرحم .واملستحاضة تصوم وتصيل ،فتغسل حمل الدم وحتشوه وتربط وتتوضأ لكل فرض بعد
دخول وقته ،وجيب عليها أن تفعل مجيع ذلك لكل فرض.
جم ٌة أق ُّله)، ثم بعد ذكر َّ
أقل وأكثر وغالب احليض رشع يف النفاس ،فقال( :ثم النفاس َّ
والنفاس :هو الدم اخلارج بعد فراغ الرحم من احلمل ،وسمي نفاس ًا؛ خلروجه عقب َن ْفس.
حرم باحليض .وأقل النفاس جمَّة أي :دفعة
حرم به ما ُ
وهو يف األصل دم حيض متجمع؛ لذا ُ
من الدم ،وأما غالبه وأكثره كام وضحه الناظم ؤ بقوله :
أك��ث��ر ِه ِستُّونا
ِ ��وم�� ًا ويف
َي ْ الغالب أربعونا
ُ َو َق����دْ ُره
أي :غالبه أربعون يوم ًا ،ويف حديث رواه أبو داود وغريه عن أم سلمة قالت « :كانت النفساء
جتلس عىل عهد رسول اهلل ى بعد نفاسها أربعني» ،وأكثره ستون يوم ًا ،فإن استمر الدم بعد
()147
كتاب الطهارة
الستني فهو استحاضة ،وإن انقطع ولو يوم ًا ثم عاد فهو حيض ،أما إذا انقطع الدم أثناء مدة
النفاس ثم عاد فإن كان الفاصل بني الد َمني مخسة عرش يوم ًا فالعائد حيض ،وما بينهام طهر،
وإن كان أقل فالعائد نفاس ،وكذا ما بينهام ،واهلل أعلم.
>
()148
كتاب ال�صالة
( كتاب الصــالة )
َ��س�� ُق ُ ي ِ ِ ِ
أص�لا ال��ص�لا ُة َع��ن�� ُه ْ َّ ��ط ال ت ْ ��وي َع ْقال ما دا َم ُذو ال َّتكْليف حَ ْ
��ذ ِر ال��نَّ��و ِم أو نِس هِ
يانا إالَّ بِ�� ُع ْ ��راج��ه��ا ع��ن آنهِ��ا
ْ ْ إخ َ ��ر ُم��وا ْ
َو َح َّ
ب رْ ِ
ف���اض ِ ��س�� ْب�� ٍع َولِ��� َع�ْش�رْ ٍ ِ
بهِ��ا ل َ الصبِ ْي
َّ اجل ْم ِع وال ُع ْذ ِر و ُي َ
ؤم ُر َو َ
( كتاب الصــالة )
ادع هلم .ورشع ًا :أقوال وأفعال
الصالة لغة :الدعاء بخري ،قال تعاىل :ﱫﮡ ﮢﱪ أيُ :
خمصوصة مفتتحة بالتكبري املقرتن بالنية وخمتتمة بالتسليم .وصالة األخرس وكذا املريض التي
جيرهيا عىل قلبه خرجتا لعارض فال يردان عىل التعريف ،وألن الكالم عىل الغالب .
واألصل فيها قبل اإلمجاع الكتاب والسنة ،قال تعاىل :ﱫﮛ ﮜﱪ ؛ وقوله ى:
«فرض اهلل عىل أمتي ليلة اإلرساء مخسني صالة ،فال أزال أراجعه وأسأله التخفيف حتى جعلها
مخس ًا يف كل يوم وليلة» رواه البخاري ومسلم بمعناه.
قال الناظم ؤ( :مادام ذو التكليف) وذو التكليف :هو املسلم البالغ العاقل ،فاملكلف:
هو الذي يلزمه خطاب اهلل تعاىل باألمر والنهي ،ومن هنا فهمنا أن الصالة جتب عىل املسلم،
فخرج به :الكافر األصيل ،وإن كان معاقب ًا عىل تركه الصالة يف اآلخرة؛ لتمكنه من اإلتيان هبا
باإلسالم ،إال أنه إذا أسلم ال يؤمر بقضاء ما فات؛ لكي ال يؤدي ذلك إىل تنفريه ،ولقوله تعاىل:
ﱫﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﱪ .وأما املرتد فإنه مطالب هبا ،وال
تصح منه يف حال ردته ،وعليه قضاء ما فاته يف حال ردته؛ تغليظ ًا عليه .
وخرج بالبالغ :الصغري فال جتب عليه؛ لعدم تكليفه ،إال أنه يؤمر هبا ،وسوف يشري إىل ذلك
الناظم -تعاىل.
قوله( :حيوي عقال) خرج به :املجنون فال جتب عليه ،وليس عليه قضاء ما فاته يف حال
()150
كتاب ال�صالة
()151
كتاب ال�صالة
>
()152
كتاب ال�صالة
( رشوط الصالة )
ِ
َّجاسة َع��ن َح��دَ َث�� ْي��ه و َع ِ
���ن الن �م�ان َف��ا ْب��دَ ا بال َّط َه َار ِة���ي َث ٌ َو ْه َ
يف َث��وبِ ِ
وأن �ْت� ل��ل�� َع ْ
��و َرة َب�� ْع��دَ ه ْ وال���س رْ ُ
َّ امل��ك��ان وال�� َب��دَ ْن
ُ ��ه ك��ذا ْ
تاج األ َق ّ ِ ِ ِ ِ َي ْس َت ْقبِ َل
��ل اح َوالع ْل ُم بال َف ْرض َّية ْ ت َد َخ ْل والو ْق ُ
َ القب َل َة
ِ ��ن��اب ا ُمل��ب��طِ
ِ م���ع اج��تِ ���ر ٍ ِ ِ
�لات ُك َّ
�لا ْ َ َ ْ ض َن ْفال َو َع����دَ ُم ا ْع��ت��ق��اد َف ْ
()153
كتاب ال�صالة
والدليل عىل طهارة البقعة قوله ى لألعرايب الذي بال يف املسجد« :إن هذه املساجد ال
تصلح ليشء من هذا البول وال القذر» رواه مسلم؛ ألهنا معدَّ ة للصالة فكذا غريها.
وكذا طهارة البدن ،أي :بدن املصيل شعر ًا وجلد ًا حتى باطن العني وباطن األنف والفم ،مع
املالحظ أننا مل نوجب غسل ذلك يف احلدث وأوجبناه يف النجاسة ،وذلك لغلظ النجاسة .نعم
إذا كانت النجاسة معفو ًا عنها فال يرض ،كرشاش البول الذي ال ُيدرك بالطرف املعتدل ،وكذا
يسري الدم ،وطني الشارع وماؤه النجسان ،ونحو ذلك ،وسواء يف ذلك وقوعها يف البدن أو
الثوب فل ُيعلم.
قال صاحب مغني املحتاج[ :وطني الشارع املتيقن نجاسته يعفى عنه عماَّ يتعذر أي :يتعرس
االحرتاز منه غالب ًا؛ إذ ال بدَّ للناس من االنتشار يف حوائجهم ،وكثري منهم ال يملك أكثر من
ثوب ،فلو ُأ ِمروا بالغسل كلام أصابتهم عظمت املشقة عليهم ،بخالف ما ال يتعرس االحرتاز
املعفو عنه بالوقت وموضعه من الثوب والبدن ،فيعفى يف زمن
ّ عنه فال يعفى عنه .وخيتلف
الكم
الشتاء عماَّ ال يعفى عنه يف زمن الصيف ،ويعفى يف الذيل والرجل عماَّ ال يعفى عنه يف ِّ
واليد ،وضابط القليل املعفو عنه :هو الذي ال ينسب صاحبه إىل سقطة عىل يشء ،أو كبوة عىل
وجهه ،أو قلة حتفظ ،فإن ن ُِسب إىل ذلك فال يعفى عنه] اهـ .
ثم قال ؤ( :والسرت للعورة بعده) ،أي :بعد الطهارة يكون السرت –أي :سرت العورة–،
وهو الرشط الثالث ،وختتلف العورة باختالف الذكورة واألنوثة ،وسوف يأيت بيان عورة ٍ
كل
من الذكر واألنثى واخلنثى واألمة .وال بدَّ من أن يكون الساتر حميط ًا بالعورة ،بحيث ال تُرى
من األعىل وال من جوانبها ،وال يرض رؤيتها من األسفل ،ويشرتط أيض ًا يف الساتر :أن يكون
له جر ٌم وأن يكون مانع ًا للون البرشة ،فال يكفي زجاج وثوب رقيق يصف لون البرشة ،أما
إذا حكى وصفها كرسوال ضيق ونحوه فإنه ال يرض ،ولكنه يكره للمرأة –ومثلها اخلنثى–
وخالف األوىل للرجال .
وال بدَّ من سرت العورة يف مجيع الصالة بحيث لو انكشفت أو بعضها يف أثنائها عمد ًا بطلت
ولو كان يسري ًا ،وأما إذا انكشفت أو بعضها بنحو ريح ودابة ثم أعادها بغري تأخر –أي :قبل
()154
كتاب ال�صالة
ميض أقل الطمأنينة– فال يرض ،ويالحظ أن انكشاف البعض منها وإن َّ
قل له حكم انكشاف
الكل .
ثم قال -تعاىل( :وأن يستقبل القبلة) وهنا ذكر -الرشط الرابع من رشوط صحة
الصالة وهو استقبال القبلة ،والقبلة هي الكعبة ،وسميت قبلة؛ ألن املصيل يقابلها بصدره،
والكعبة؛ لتكعبها وارتفاعها .واألصل يف االستقبال قوله تعاىل :ﱫﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫﱪ وقوله ى للميسء صالته« :إذا قمت إىل الصالة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة»
رواه الشيخان ،واإلمجاع منعقد عىل استقبال املصيل القبلة بصدره ال بوجهه يف حق القائم
واجلالس ،أما املضطجع فبالوجه مع الصدر ،وأما املستلقي فبالوجه مع األمخصني ،واملراد
بالصدر مجيع عرض البدن .وال تصح الصالة بغري استقبال القبلة إمجاع ًا ،إال يف حق مريض
ال جيد من ُي َو ِّج ُه ُه للقبلة ،أو مربوط يف نحو خشبة إىل غري جهة القبلة ،فيصيل بحاله ويعيد مع
صحة صالته؛ لندرة عذره.
وال جيب االستقبال أيض ًا للمتنفل يف السفر املباح ولو قصري ًا ،ولو كان النفل عيد ًا أو استسقاء
أو تراويح ،وذلك يف حق املايش والراكب عىل دابة ونحوها وهي متجهة لنحو غري القبلة،
واألصح :أنه إن أمكنه التوجه يف حالة تكبرية اإلحرام فعل ،إالّ أن املايش يستقبل القبلة يف
اإلحرام والركوع والسجود ويتمهام ،ويف اجللوس بني السجدتني ،لسهولة ذلك عليه ،بخالف
الراكب ،ويؤيد ذلك حديث جابر ؤ حيث قال« :كان رسول اهلل ى يصيل عىل راحلته
حيث توجهت به ،فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة» رواه البخاري.
واحلكمة يف التخفيف عىل املسافر يف ذلك؛ لعدم قطع األوراد بالسفر .ويستثنى من التوجه
للقبلة أيض ًا إذا كان يف شدة اخلوف يف كل قتال وهزيمة مباحني وهرب من نحو حريق أو سيل
أو من الغرماء وليس عنده ما يسدُّ به دينه .واألصل يف ذلك قوله تعاىل :ﱫﮘ ﮙ ﮚ
ﮛ ﮜﱪ .
والرشط اخلامس دخول الوقت ،وعبرَّ عنه الناظم بقوله( :والوقت دخل) يقين ًا أو ظن ًا
تصح صالته وإن وقعت يف الوقت؛ لعدم الرشط، ليصح حترمه بالصالة .ومن صلىَّ بدوهنام مل َّ
َّ
()155
كتاب ال�صالة
بخالف ما لو صلىَّ باالجتهاد ثم تبني أن صالته كانت قبل الوقت ،فإنه إن كان عليه فائتة من
ال مطلق ًا ،فإن تبني له مطابقته للواقع فذاك ،أو أهنا وقعت
جنسها وقعت عنها ،وإال وقعت نف ً
بعد الوقت صحت قضاء.
والرشط السادس عرب عنه بقوله ( :-والعلم بالفرضية احتاج األقل) أي :علمه بأن
الصالة املؤداة فرض ،وذلك :بأن ال يعتقد سنيتها أو كوهنا نفالً ،وقد تقدم بيان ذلك يف رشوط
الوضوء .
والسابع من الرشوط قول الناظم ( :-وعدم اعتقاد فرض نفال) أي :أن ال يعتقد فرض ًا
من فروضها كركوع وسجود بأنه سنة؛ نعم إن أمجل واعتقد سننها وأركاهنا فروض ًا ،أو علم أن
فيها فروض ًا وسنن ًا دون متييز ألحدمها ال يرض ،وهذا يف حق العامي فقط ،وأما العامل فرشطه:
متييز النفل من الفرض ،وإال ال تصح صالته ،وقال ابن حجر :بصحة صالته .
وأما الرشط الثامن قال فيه ( :-مع اجتناب املبطالت ُكالَّ) أي :مبطالت الصالة
كالكالم واألكل وما سيأيت يف بابه ،واهلل أعلم.
>
()156
كتاب ال�صالة
( أركان الصالة )
ِ ِ
اإلح����را ِم ع��نْ��دَ ه��ا َو ُق ْ
��م �ير ُة ْ تَ��كْ��بِ َ ���ي النِّ َّي ُة ُث ْمَس ْب َع َة َع�ْش�رْ َ َوه َ
جارح ْهَ َ���ع َو َط ْمئِ ْن فِ ْي ِه ك َّ
ُ��ل َو ْارك ْ ض إن َقدَ ْر َت واقرا الفاحت ْه يف ال َف ْر ِ
َ�ْي�َ ،ي ْقت َِفي ْه ��رت نْ ِ��ج��و ُد َم َّ ال��س ُ
ُّ ُث َّ
��م َواال ْع��تِ��دَ ُال َوال ُط َم ْأنِ ْينَ ُة فِي ْه
َني و َب�� ْع��دَ ه ُ ��ة َذ ْي��ن ُث��م ال ُطمأنِينَ ُة يف �� َل ِ
الس ْجدَ ت ْ �ين َّ لوس َب َ اجل ُ جمُ ْ َ
أع��نِ��ي األخ�ي�ر ُث���م فِ ِ
��ي��ه تَ�� ْق�� ُع��دُ ��ه��دُ ��ن وال��ت َ ��ي��ه تَ�� ْط ِ
ِ وف ِ
َ َّ ْ َّ��ش ُّ ��م��ئ ُّ
َ َ
ال���س�ل�ا ُم وبِ��نَ�� ْظ�� ٍم َرت ِ ���ه َع�َل�ىَ ال ّنبِ ْي ُث���م ص�لاتُ��ن��ا بِ ِ
ِّ���ب َّ ُث َّ
���م َّ َ
()157
كتاب ال�صالة
وقول الناظم ( :-سبعة عرش) أي :أن أركان الصالة سبعة عرش ،وذلك بجعل الطمأنينة
ال يف حمله ،وعدَّ ها بعضهم أربعة عرش ،وذلك بجعل الطمأنينة ركن ًا واحد ًا ،ومن
ركن ًا مستق ً
عدَّ ها ثالثة عرش جعل الطمأنينة هيئة تابعة للركن ،ومن عدَّ ها ثامنية عرش جعل نية اخلروج من
الصالة ركن ًا فيها ،ومن عدها تسعة عرش أثبت اخلشوع ركن ًا فيها.
واألول من هذه األركان ذكره بقوله( :وهي النية) ،وقد تقدم تعريفها .واألصل يف كوهنا
ركن ًا من أركان الصالة قوله ى« :إنام األعامل بالنيات ،وإنام لكل امرئ ما نوى» متفق عليه،
وبدأ هبا؛ ألن الصالة ال تنعقد إال هبا .وختتلف النية باختالف الصالة من حيث كوهنا فرض ًا أو
نفالً ،وسيأيت تفصيل ذلك يف فصل مستقل إن شاء اهلل تعاىل.
والركن الثاين أشار إليه بقوله( :ثم تكبرية اإلحرام) ،وتكبرية اإلحرام هي قول[ :اهلل
أكرب] ،ملن قدر عليها يف حال قيامه أو بدله يف الفرض ،ودليلها :حديث امليسء صالته السابق،
وحديث أيب داود والرتمذي بإسناد صحيح« :مفتاح الصالة الطهور ،وحتريمها التكبري،
حترم عىل املصيل أشياء كانت حالالً
وحتليلها التسليم» ،وسميت تكبرية اإلحرام بذلك؛ ألهنا ِّ
عليه قبل النطق هبا .ويتعني عىل القادر هذا اللفظ يف مجيع الصلوات؛ ملا تقدم من قوله ى:
«ص ُّلوا كام رأيتموين أصيل» ،وهلا رشوط أفردها الناظم بفصل مستقل سوف يأيت.
ويسن عندها رفع اليدين حذو املنكبني ،وتكون األصابع منشورة غري مضمومة وال متفرقة،
ويبتدئ الرفع بابتداء التكبري ،وينتهي بانتهاء التكبري ،وكوهنام مكشوفتني ،موجهتني للقبلة،
ثم يأخذ بيمينه عىل شامله ويضعهام حتت الصدر وفوق الرسة ،ويأيت بدعاء االستفتاح وهو:
هت وجهي للذي فطر السموات واألرض حنيف ًا مسل ًام وما أنا من املرشكنيَّ ،
إن صاليت [وج ُ
َّ
ونسكي وحمياي وممايت هلل رب العاملني ،ال رشيك له وبذلك أمرت وأنا من املسلمني] ،ويتعوذ.
والركن الثالث هو :القيام ،املعبرَّ عنه بقول الناظم( :عندها وقم) ،والتقدير :قم عندها،
أي :عند إرادتك لتكبرية اإلحرام؛ حيث تكون الصالة يف حال القيام ،وذلك (يف الفرض
إن قدرت) عىل القيام أهيا املصيل ،وإال تأيت ببدله –وهو اجللوس– عند عدم االستطاعة عىل
القيام ،لكن إن قدر عىل القيام بمساعد ولو بأجرة فاضلة عن مؤونته ومن يعوله يومه وليلته
()158
كتاب ال�صالة
لزمه ذلك ،فإن مل يستطع بأن حلقته بالقيام مشقة شديدة صىل جالس ًا ،وهي التي ال حتتمل عادة
وإن مل تبح التيمم كدوران رأس ،وقال الرميل تبع ًا لإلمام :هي التي ت ُْذ ِهب اخلشوع ،وإن مل
يستطع اجللوس صلىَّ عىل جنب ،فإن مل يستطع صلىَّ مستلقي ًا .واألصل فيه قوله ى« :إذا
للنبي
أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» متفق عليه ،وقوله ى لعمران بن حصني ملا اشتكى ِّ
ما به من بواسري وماذا يفعل يف الصالة فقالِّ :
«صل قائ ًام ،فإن مل تستطع فقاعد ًا ،فإن مل تستطع
ف اهلل نفس ًا إلاَّ
فعىل جنب» رواه البخاري ،وزاد النسائي« :فإن مل تستطع فمستلقي ًا ،ال يك ِّل ُ
وسعها» ،واإلمجاع منعقد عىل ذلك.
ورشط القيام :نصب فقار ظهره ،معتمد ًا عىل قدميه أو أحدمها .وال يرض استناده عىل يشء لو
زال لسقط ،ما مل يمكنه رفع رجليه ،وإال لصار مع َّلق ًا غري قائم ،أما لو مال أو انحنى وصارت
لكبرَ ٍ أو غريه حتى صار كراكع وقف كذلك، هيئته للركوع أقرب مل جيز؛ نعم لو تقوس ظهره ِ
َّ
ويزيد انحنا ًء للركوع إن استطاع .وخرج بقوله (يف الفرض) :النفل بأنواعهَّ ،
فإن القيام فيه
مندوب ال ركن إمجاع ًا ،فإن تن َّفل قاعد ًا مع قدرته عىل القيام فله نصف أجر القائم ،وإن تن َّفل
مضطجع ًا مع قدرته عىل اجللوس فله نصف أجر اجلالس.
وأما الركن الرابع فقال عنه( :واقرا الفاحتة) وذلك يف كل ركعة من ركعات الصالة ،فرض ًا
كانت أو نفالً ،إمام ًا كان املصيل أو مأموم ًا أو منفرد ًا؛ لقوله ى« :ال صالة ملن مل يقرأ بأم
القرآن» متفق عليه ،ولقوله ى« :ال جتزئ صالة ال يقرأ فيها بفاحتة الكتاب» رواه الدارقطني
وابن حبان يف صحيحيهام .وأما قوله ى للميسء صالته« :ثم اقرأ ما تيرس معك من القرآن»
فمحمول عىل الفاحتة إذ يتيرس حفظها لكل أحد ،وهو املشاهد وامللموس؛ حيث إهنا ُتك ََّرر يف
كل صالة ،وتسمع يف اجلهرية منها ،فهي أسهل حفظ ًا من غريها من القرآن ،ولعلك تشاهد
حفظ الصبيان هلا قبل غريها من القرآن وذلك واضح ،وهبذا يمكن اجلمع بني األدلة.
وال تسقط الفاحتة إلاَّ عن املسبوق الذي أدرك إمامه راكع ًا ،وكذا يسقط بعضها عن املسبوق
الذي أحرم وقرأ بعض الفاحتة فركع إمامه ،ويتحمل عنه اإلمام الفاحتة وكذا بعضها إن كان
اإلمام من أهل التحمل ،بأن مل يكن حمدث ًا وال يف ركعة زائدة ،أما إن بان اإلمام حمدث ًا أو يف ركعة
()159
كتاب ال�صالة
()160
كتاب ال�صالة
ومن ال يقدر عىل الركوع انحنى بقدر استطاعته ،فإن عجز أومأ إليه .ويشرتط :أن هيوي
ورض ذلك ،كمن هوى
للركوع ،فلو هوى لغريه لزمه العود إىل القيام ،فإن اقترص عليه مل يجُ زه َّ
لسجود تالوة ثم عدل عنه للركوع .
والسادس :الطمأنينة يف الركوع ،بحيث ينفصل رفعه عن هو ِّيه ،والطمأنينة :سكون بعد
حركة بقدر [سبحان اهلل] .ودليل ذلك يف حديث امليسء صالته .وإليه أشار الناظم بقوله:
اهلوي إىل الركوع ،ثم السكون فيه بقدر
ِّ (و َط ْمئِ ْن فيه َّ
كل جارحه) ،وذلك بانقطاع حركة
[سبحان اهلل] ،ثم الرفع منه ،وذا باعتبار األقل ،وإال فاألفضل :أن يأيت بأذكار الركوع الواردة،
وهي[ :سبحان ريب العظيم وبحمده] ،أكملها :إحدى عرش ،وأقل الكامل :ثالث ،وكذا:
رب املالئكة والروح] ،و[:اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع
[سبوح قدوس ُّ
لك سمعي وبرصي وخمي وعظمي وعصبي وشعري وبرشي وما استق َّلت به قدمي] ،وغريها
من األذكار .وختتلف باعتبار املصيل من كونه إمام ًا أو منفرد ًا ،فإن كان إمام ًا خ َّفف؛ ألنه السنة،
إال إذا كان إمام ًا ملحصورين رضوا بالتطويل َّ
طول ،وذلك يف مجيع األركان التي ُيعتدُّ فيها
بالتطويل ،وإال اقترص عىل أقل الكامل.
وأما السابع والثامن من األركان فأشار إليهام الناظم -بقوله( :واالعتدال والطمأنينة
فيه) ،أي :االعتدال من الركوع ،وهو :عوده إىل حال القيام قبل الركوع ،وعود كل َف َق ٍ
ار إىل
حم ِّله ،كام ورد من فعله ى ،وأن يطمئ َّن يف ذلك بحيث تنفصل حركة االعتدال عن القيام بقدر
[سبحان اهلل] .ودليل ذلك يف حديث امليسء صالته« :ثم ارفع حتى تعتدل قائ ًام» ،وما روى
مسلم من أنه ى« :إذا رفع رأسه من الركوع استوى حتى يعود ُّ
كل فقار مكانه» .ويأيت ِّ
بالذكْر
استقر
َّ يف حال اعتداله ذلك؛ كي ال خيلو ٌ
فعل من ذكر ،وهو قول[ :سمع اهلل ملن محده] .فإذا
قائ ًام يقول[ :ربنا لك احلمد محد ًا كثري ًا طيب ًا مبارك ًا فيه ،ملء السموات واألرض ،ومل ما شئت
أحق ما قال العبد ،وكلنا لك عبد ،ال مانع ملا أعطيت ،وال
من يشء بعد ،أهل الثناء واملجدُّ ،
جلدِّ ].
جلدِّ منك ا َ
معطي ملا منعت ،وال ينفع ذا ا َ
واملنفرد واإلمام واملأموم يف ذلك سواء ،إال أن اإلمام يعترب حال املأمومني يف التطويل وعدمه
()161
كتاب ال�صالة
كام تقدم .ويسن رفع يديه عند الرفع وسيأيت .ويشرتط يف االعتدال :أن يكون الرفع إليه بقصده
ال بقصد غريه ،فلو رفع فزع ًا من يشء مل ِ
يكف .ويسن إرسال يديه بعد الرفع من الركوع ،وال
ضمهام ،وذلك بأخذ اليمني عىل الشامل بعد الركوع مطلق ًا فليفهم ذلك.
دليل عىل ِّ
وأما الركن التاسع فعرب عنه الناظم بقوله( :ثم السجود مرتني يقتفيه) أي :أن الركن
التاسع :السجود مرتني يف كل ركعة؛ لقوله تعاىل :ﱫﮘ ﮙﱪ ،وخلرب امليسء
صالته املتقدم ،ولفعله ى ذلك ،وقوله« :ص ُّلوا كام رأيتموين أصيل» رواه البخاري ،واإلمجاع
ٍ
وجزء من ٍّ
كل من منعقد عىل ذلك .وأقل السجود :متكني ٍ
جزء من جبهته مكشوف ًة عىل مصلاَّ ه،
ك َّفيه وركبتيه وقدميه؛ لقوله ى« :إذا سجدت فمكِّن جبهتك ،وال تنقر نقر ًا» رواه ابن حبان.
ٍ
بمساعدة أومأ إليه ،وال يلزمه وضع يشء يسجد عليه .وأكمل فإن مل يستطع السجود ولو
السجود :أن يمكِّن كامل جبهته املكشوفة من موضع السجود مع بقية أعضاء السجود وهي:
الك َّفان ،والركبتان ،وبطون أصابع الرجلني؛ لقوله ى« :أمرت أن أسجد عىل سبعة أ ْع ُظم»
متفق عليه .وللسجود رشوط سوف تأيت يف فصل مستقل ،وجعلها الناظم يف فصل مستقل؛
اهلوي للسجود :أن تشمله تكبرية االنتقال ،وكذا أن يقول
ِّ تنبيه ًا عىل أمهيتها .ويسن عند
فيه[ :سبحان ريب األعىل] ثالث ًا ،ويزيد غري اإلمام[ :اللهم لك سجدت ،وبك آمنت ،ولك
وشق سمعه وبرصه ،تبارك اهلل أحسن اخلالقني].
وصوره َّ
َّ أسلمت ،سجد وجهي للذي خلقه
والعارش :الطمأنينة يف السجود ،وإليه أشار الناظم بقوله( :ثم الطمأنينة يف مجلة ذين) .أي:
لكل ركعة. ٍ
طمأنينة فيهام ِّ السجود يف كل ركعة؛ إذ ال بدَّ من
تطمئن)
ُّ واحلادي عرش والثاين عرش ذكرمها بقوله( :وبعده اجللوس بني السجدتني وفيه
أقل ذلك :بقدر [سبحان اهلل]، ٍ
بجلسة يطمئ ُّن فيها جالس ًاُّ ، وهو :أن يفصل بني السجدتني
وإليه أشار يف حديث امليسء صالته ،وورد يف صحيح مسلم« :كان ى إذا رفع رأسه مل يسجد
حتى يستوي جالس ًا» .ويسن :أن جيلس فيهام مفرتش ًا ،واالفرتاش :أن ينصب رجله اليمنى
وجيلس عىل اليرسى ،ويسن هذا االفرتاش أيض ًا يف التشهد األول لكل صالة ،ويف كل جلوس
يعقبه حركة .وأما التشهد األخري فيس ُّن فيه التورك ،وهو أن يدخل رجله اليرسى حتت رجله
()162
كتاب ال�صالة
()163
كتاب ال�صالة
ويشرتط يف التشهد :أن ُي ْس ِمع به نفسه ،وقراءته قاعد ًا إال لعذر ،وأن يكون بالعربية إن قدر
وإال ترجم ،ومراعاة حروفه وتشديداته ،وعدم اللحن ِّ
املخل باملعنى ،ومواالته عند الرميل.
ويسن جللوس ٍّ
كل من التشهدين هيئة خاصة ،أما األول فاجللوس له مفرتش ًا ،وأما األخري
فمتورك ًا ،وقد سبق بياهنام .ويس ُّن وضع اليدين عىل الفخذين يف التشهدين ،اليرسى مضمومة
فيضم اخلنرص
ُّ يامس بأطراف أصابعه ركبته ،وأما اليمنى
األصابع ،منشورة إىل جهة القبلةّ ،
والبنرص والوسطى ،واضع ًا عليها اإلهبام ،ويرسل ا ُمل َس ِّبحة ،ويشري هبا عند ذكر اهلمزة من [إال
ال بال حتريك ،ويبقى رافع ًا هلا إىل القيام أو السالم.
اهلل] أي :يرفعها مع إمالتها قلي ً
واخلامس عرش من أركاهنا :الصالة عىل النبي ى يف التشهد األخري وقعوده ،وإليه اإلشارة
بقوله( :ثم صالتنا به عىل النبي) ،وأقل الصالة عىل النبي ى الواجبة فيه[ :اللهم ِّ
صل
عىل حممد] ،وأكمله[ :اللهم ِّ
صل عىل حممد وعىل آل حممد ،كام صليت عىل إبراهيم وعىل آل
إبراهيم ،وبارك عىل حممد وعىل آل حممد ،كام باركت عىل إبراهيم وعىل آل إبراهيم ،إنك محيد
جميد] .ويشرتط فيها ما يشرتط يف التشهد.
واألصل يف وجوب الصالة عىل النبي ى يف التشهد األخري حديث« :قد عرفنا كيف نس ِّل ُم
صل عىل حممد وعىل آل حممد ...إىل آخره» عليك ،فكيف نصليِّ عليك؟ قال :قولوا :اللهم ِّ
متفق عليه ،واإلمجاع منعقد عىل ذلك.
أما الصالة عىل آله يف التشهد األخري فالذي يميل إليه راقم هذه احلروف أهنا واجبة؛ للحديث
السابق ،حيث ذكر اآلل فيه ،وهو القول القديم لإلمام الشافعي ،واجلديد عىل خالفه ،وهو
املعتمد يف املذهب.
الركنان السادس عرش والسابع عرش فقد أشار إليهام الناظم بقوله( :ثم السالم وبنظ ٍم
وأما ُّ
رتب) ،وأق ُّله[ :السالم عليكم] ،والركن فيه :التسليمة األوىل ،وعىل هذا فلو أتى بالتسليمة
وح ُرم اإلتيان بالثانية.
صحت صالتهَ ،
األوىل وأحدث َّ
وأكمل السالم[ :السالم عليكم ورمحة اهلل] يمين ًا وكذا شامالً ،ويسن االلتفات فيه حتى
ُيرى خدُّ ه األيمن يف األوىل ،واأليرس يف الثانية ،واألصل فيه خرب« :حتريمها التكبري وحتليلها
()164
كتاب ال�صالة
التسليم» رواه أبو داود والرتمذي واحلاكم ،وقال :صحيح عىل رشط مسلم.
والركن األخري :الرتتيب ،وهو :ترتيب سائر األركان عىل ما ذكرنا.
>
()165
كتاب ال�صالة
( سرت العورة )
ِ ِ ���ر ٌض ِ ِ
��م��د ًا ُ
آث��م ��ف ال��ع��ورة َع ْ ف��ك��اش ُ الز ُم �ْت� لل َع ْورة َف ْ ال��س رْ َُو َّ
ٍ ٍ ال��ذك ِ ُّ
ـه ْموركْ��� َب���ة َل ُ سة ُ �ْي� رُ َّ م��ا َب نْ َ ُ��ور ُمط َلق ًا َت ُعم َف�� َع ْ
��و َر ُة
ِ ِ ِ ِ
ك��ال��ذك��ور ف��ا ْع�� َل�� ِم ول��ل��ص�لاة ��ر ِم
��ح َ ����ور ُة اإلم���اء ع��ن��دَ ا َمل ْ َ َو َع
ِ ـ َك َّفينْ ِ يف الو ْج ِه وا ْلـ احل ِ
والش ْع ُر َد َخل َ الصالة �ْي� َ��رة َغ رْ ُ ���و َر ُة ُ َّ َو َع ْ
وركْ��� َب��� ْه ٍ ����ر ٍم ذي ُق��ر َب�� ْه َول��لِ��ن
سة هل���ا ُ ��ْي�� رُ َّ
م���ا َب نْ َ ِّ��س��اء ومحَ ْ َ
ْ
ب اإلم���اء يف ذا ت ُِص ِ
َ ���ق هب��ا ِ
واحل ْ لألجنَبي ْ �����و َر ٌة جمَ ِ��ي�� ُع��ه��اْ و َع
()166
كتاب ال�صالة
إال أن العورة التي جيب سرتها يف اخللوة :السوأتان فقط من الرجل ،وما بني الرسة والركبة
من املرأة ،كام قال الزركيش .واخلنثى كاملرأة يف ذلك .وفائدة السرت يف اخللوة مع أن اهلل ال حيجبه
يشء ،فريى املستور كام يرى املكشوف :أنه يرى األول متأدب ًا ،والثاين تارك ًا لألدب .وهذا
ك ُّله مع القدرة عىل السرت ،أما إذا احتاج إىل كشف العورة ك ََش َفها قدر احلاجة؛ لنحو التداوي
واالغتسال خالي ًا ،وإال إن كشفها لغري حاجة عمد ًا فحكمه ما قاله الناظم( :فكاشف العورة
عمد ًا آثم)؛ لرتكه الواجب ،وهو :السرت.
ثم بعد أن بينَّ حكم سرت العورة وما يرتتب عليها من إثم عند كشفها لغري حاجة بينَّ حدَّ
كل من الذكر واألنثى واألمة فقال :- العورة يف ٍّ
ٍ ٍ الذك ِ
َف َع ْو َر ُة ُّ
وركْ�� َب��ة َل ُ
ـه ْم سة ُ �ْي� رُ َّ
ما َب نْ َ ُور ُمط َلق ًا َت ُعم
والذكور :مجع ذكر ولو عبد ًا أو كافر ًا أو صبي ًا ولو غري مميز ،ويظهر فائدة ذلك :يف الطواف
لو أحرم عنه وليه ،فتكون العورة هلم ما بني الرسة والركبة سواء يف الصالة أو خارجها بحضور
النساء األجنبيات وعدمه؛ لقوله ى« :عورة املؤمن ما بني رسته إىل ركبته» رواه سمويه عن أيب
سعيد .وليست الرسة والركبة من العورة ،وقيل :غري ذلك ،وجيب سرت جزء منها؛ لتتحقق سرت
يتم الواجب إال به فهو واجب.
العورة ،من باب ما ال ُّ
ثم قال الناظم :
ِ
كالذكور فا ْع َل ِم ِ
وللصالة اإلم��اء ِعندَ ا َمل ْح َر ِم
ِ ��ور ُة
َو َع َ
أي :أن عورة األمة ولو مب َّعضة عند املحارم هلا وكذا يف الصالة كالذكور ،أي :أن عورهتا ما
بني الرسة والركبة؛ إحلاق ًا هلا بالرجل بجامع أن رأس ٍّ
كل منهام ليس بعورة ،ولقول سيدنا أيب
موسى األشعري ؤ عىل املنرب« :أال ال أعرفن أحد ًا أراد أن يشرتي جارية فينظر إىل ما فوق
الركبة أو دون الرسة ،ال يفعل ذلك أحد إلاَّ عاقبته» رواه الطحاوي يف (مشكل اآلثار).
ثم قال ؤ مب ِّين ًا عورة احلرة يف الصالة:
ِ ـ َك َّفينْ ِ يف الو ْج ِه وا ْلـ وعور ُة ُ ِ
الصالة َ
والش ْع ُر َد َخل احل َّرة َغيرْ ُ َ َ ََْ
أي :أن املرأة احلرة يف الصالة كلها عورة إال الوجه والكفني ظاهرمها وباطنهام ،من رؤوس
()167
كتاب ال�صالة
>
()168
كتاب ال�صالة
( درجات النية )
�ين وال َف ْرض َّي ْه لِل َق ْص ِد وال��تَّ�� ْع��يِ ِ ��ع الن َّي ْه ��ر ِ
ض جمَ ْ ُ َي�� ْل��ز َُم�� ُه يف ال�� َف ْ
إن أ ِّق��ت��ت وال�� َق��ص��دُ يف ا ُمل ْط َل ِ ِ
قة ْ النافلة والتعيني يف
ُ وال�� َق ْ
��ص��دُ
��رض�� ًا َي ِع ْن ِ ��ه ٍ
��ر و َف��رض�� َّي��تُ�� ُه َف ْ ُظ ْ والتعيني ِم ْن
ُ َفبِ ُأ َصليِّ ال َق ْصدُ
()169
كتاب ال�صالة
وال تشرتط نية النفلية بل تسن؛ ألن النفلية مالزمة للنفل ،بخالف الفرضية فإهنا غري مالزمة
نحو املغرب؛ ألهنا قد تكون نف ً
ال كام يف صالة الصبي.
وأما الدرجة الثالثة فأشار إليها بقوله( :والقصد يف املطلقة) أي :أن تكون الصالة نافلة
ٍ
سبب فيكفي فيها يش ٌء واحد وهو :قصد فعلها .ويلحق هبا :ذات ٍ
بوقت أو مطلقة عن التق ِّي ِد
السبب التي يغني عنها غريها ،كتحية وسنة وضوء واستخارة وطواف وغري ذلك ،فال حتتاج
لتعيني؛ حلملها عىل املطلق ،فهي مستثناة ممَّا له سبب ،وألهنا نفل غري مقصود لذاته؛ لذا يكفي
أن جتمع مع فرض أو نفل غريها ،بل حتصل ويثاب عليها وإن مل ينوها عند الرميل ،وال يثاب
عليها عند ابن حجر إال إن نواها ،بخالف النفل املقصود لذاته فال حيصل إال بإفراده عن غريه.
الثالثة الواجبة يف الدرجة األوىل فقالَ ( :فبِ ُأ َصليِّ القصدُ ) أي :قصد ثم أوضح -
الفعل ،وهو عبار ٌة عن نية فعل الصالة التي استحرضها؛ لتتميز عن سائر األفعال( ،والتعيني
ظهر) أو عرص؛ لتتميز عن سائر الصلوات( ،وفرضيته فرض ًا َي ِعن) أي :مالحظة كون من ٍ
الصالة فرض ًا؛ لتتميز عن النفل .وال يشرتط إضافة الصالة للفظ اجلاللة ،أو كونه مستقبالً،
وكذا عدد الركعات ،وإنام يندب ذلك كام يندب ذكر األداء والقضاء .واهلل أعلم.
>
()170
كتاب ال�صالة
()171
كتاب ال�صالة
(وال يمدَّ مهزة اجلاللة) وهو :خامسها؛ ألهنا باملدِّ تصري استفهام ًا واستخبار ًا.
(أو باء أكرب) وهو :سادسها ،ألنه بمدِّ ها مع فتح اهلمزة أو كرسها ال تنعقد الصالة ،بل إن
تعمد مع العلم َك َفر -والعياذ باهلل–؛ ألن إكبار بكرس اهلمزة :اسم من أسامء احليض ،وبفتحها:
َّ
اسم للطبل الكبري.
وسابعها أوضحه بقوله( :أو يشدَّ الباء له) أي :باء أكرب فلو شدَّ ده مل تنعقد الصالة؛ إذ ال
معنى له.
ٍ
ساكنة بينهام) أي :بني لفظ اجلاللة وكلمة أكرب ،فال يزاد واو (و) ثامنها( :نفي ٍ
واو ُح ِّرك أو
[اللهو
متحركة كقوله[ :اهلل و أكرب] ،وال ساكنة وذلك بإشباع الضم من لفظ اجلاللة فتكونُ :
أكرب] ،فعند ذلك ال تنعقد الصالة.
وأشار إىل تاسعها بقوله( :و) كذا نفيها (قبل ذي اجلاللة) كقوله[ :واهلل]؛ لعدم وجود ما
يعطفه عليها ،بعكس السالم فإنه يصح بتقديم الواو عليه.
(و) عارشها( :ال يقف بينهام) ،أي :بني كلمتي التكبري بوقفة قصرية فض ً
ال عن الطويلة،
أما إذا كان الفصل بينهام بكلمة أو كلمتني يسوغ الفصل هبا أو هبام فال يرض ،نحو[ :اهلل اجلليل
ويرض الفصل بأكثر من كلمتني ،أو بكلمة أو كلمتني ال
ُّ أكرب] أو [اهلل الرمحن الرحيم أكرب]،
يسوغ الفصل هبام ،نحو[ :اهلل هو األكرب].
صح نفسه احلروف أمجعا) أي :حروف تكبرية اإلحرام، (و) حادي عرشها( :ل ُيسمعا من ّ
بحيث ال مانع من صمم أو لغط شديد يمنع اإلسامع؛ إذ لو ُو ِجد املانع ال يشرتط اإلسامع ،بل
يشرتط رفع الصوت بحيث لو مل يكن املانع لسمع.
املؤ َّق ِ
ت) رشط من رشوط تكبرية اإلحرام ،وهو :الرشط الثاين (كذا دخول الوقت يف َ
ال مؤقت ًا أو ذات سبب ،فلو َّ
حترم به قبل وقته ظانًّا دخوله عرش ،سواء أكان املؤقت فرض ًا أو نف ً
انعقد نف ً
ال .
والرشط الثالث عرش :كوهنا (معقود ًة حال اجتاه القبلة) حيث رشطناه ،وخيرج به :صالة
التوجه ،أو األسري املربوط إىل غري جهة
ُّ النفل يف السفر ،وكذا شدة اخلوف إن مل يتمكن من
()172
كتاب ال�صالة
القبلة.
والرشط الرابع عرش عبرَّ عنه بقوله( :كاملة حروفها) أي :ويشرتط أن تكون حروف تكبرية
ٍ
بحرف منها؛ نعم يغتفر للعامي إبدال مهزة أكرب واو ًا. اإلحرام كاملة ،بحيث ال ّ
خيل
تكبري املأموم
ُ تكبري من له اقتفى) أي :يتخلف
َ تكبريه
ُ (و) األخري من رشوطها( :وليخ ُلفا
ناو االقتداء به مل تنعقد صالته ،أو غري ٍ
ناو االقتداء كانت صالته تكبري إمامه ،فلو سبقه ٍ
ِ عن
ينو وتابعه بطلت صالته ،أماصح ،وإن مل ِ
صالة منفرد ،وإذا نوى االقتداء باإلمام بعد حترمه َّ
تصح القدوة وال تنعقد الصالة .واهلل أعلم. ٍ
إذا قارن تكبريه تكبري اإلمام ولو بجزء منه مل َّ
>
()173
كتاب ال�صالة
( رشوط الفاحتة )
ِ
ال���والَ ال�ترت��ي��ب وال��ث��اين
ُ َّأولهُ����ا َع��َش�رَ َ ٌة ك�ما َرواه����ا ال ُف َضال
ال��ق ِ ْ����ف س��ك��وت�� ًا ق��اطِ��ع ِ ِ ال��ش��دَّ ِ
��راة َ ُ َوان ات َّ َو ْار َع ُحرو َفها َم َ
��ع
أخ ّ
��ل ���ن ب��ا َمل��ع��اين ق��د َ َ����ر ُك لحَْ ٍ
وت ْ مل لل َع َم ْل ص هَآيا و َب ْس ْ واس َت ْق ِ
��و ٍق َيكت َِفي ��ع��ذور بِ�� َط ْ
ٌ وم
ض َ ���ر ٍَف ْ ال��ق��ي��ام يفُ��ون ح��ال�� َة ِ وأن تَ��ك َ
ِ ِ ِ
أج��نَ��بِ ْ
��ي خَ َت�� َّل�لا ٍ
ب��ذك��ر ْ تُ�� ْث��ن ْ
��ي ��س��ه وال ��ع ال��ق��را َة نَ�� ْف َ
��س��م َ
و ُي ْ
()174
كتاب ال�صالة
()175
كتاب ال�صالة
>
()176
كتاب ال�صالة
( تشديدات الفاحتة )
��ن َف ِ
��وق ال ِم ال َب ْس َم َل ْه ِ َ���ت ُم َف َّص َل ْه����ع َع�ْش�رْ َ ة أت ْ
َش��دَّ اتهُ��ا م ْ ْأر َب َ
احل��م ِ ٍ ِ
��د ت َُض ْم ��ع َ ْ َف َ
���وق َج�لال��ة َم َ والرحي ِم ُث ْم َّ الرمحن ��و َق را
و َف ْ
ح��ي��م يف السياق الثاين ال��ر ِ ِ َ و َف
ُ ك��ذا َّ مح��ن وال��ر
َّ ب���اء َر ِّب ����وق
َّ���وال َ و َف ي��ن ف��وق ال��دّ ِ ِ
مالك ي��وم ال��دّ ِ
�����وق ي���ا إ َّي�����اك ب���ال���ت َ ال
���ذي���ن بِ ِ
���ادي وف����وق ال ٍم يف ا َّل ِ
َ الصاد اط َف َ ال�ِّص� َ ِمن ِ
َ ��وق َّ رِّ َ اهدنا
����ه تمَ����ا ُم ال��� َع���دَ ِد
الم ِ �����وق ِ
َ و َف ��و ِد
األج َ
ْ الضا ِّل َ
ني ض��اد َِّ و َف َ
��وق
()177
كتاب ال�صالة
()178
كتاب ال�صالة
>
()179
كتاب ال�صالة
( رشوط السجود )
ِ
ب��ال��وال ��ذه��ا ِ
��ب��ع��ة أ ْع�� ُظ�� ٍم َف��خُ ْ َس ��أن َي ْس ُجدَ خُمتار ًا عىل َواشرْ ُ ْط بِ ْ
ِ وال��ركْ��ب��ت ِ ِ ِم ْن َج ْب َه ٍة و َب ْط ِن َك َّفي ال َيدَ ْي ْن
َ�ْي� وط���راف ال�� َق��دَ َم ْ
�ين ُّ َ نْ
��ج��دَ تِ�� ْه
���ل هب��ا يف َس ْ حَ���ام ٍ
���ع ت ُ َم َ ك��اش��ف�� ًا َجل ْب َهتِ ْه
ِ ي��ك��ون
َ وأن
��ه ُمت َِّصالي��س��ج��دْ ع�لى كَ�� َث��وبِ ِ
ْ َ ْ ُ َ�ْي� ِه وال ي لِ���غ رْ ِ ِ
اهل����و ْ و َع�����دَ ُم
��ل��م ْ ِ و ْليرَ ْ َف َع ْن َعلىَ األع��ايل ما َس َف ْل
م��نْ�� ُه إذا ْأم��كَ��نَ�� ُه ه��ذا ال�� َع َ
()180
كتاب ال�صالة
>
()181
كتاب ال�صالة
()182
كتاب ال�صالة
(الصلوات فوق صاد)( ،وعىل طاء وياء ال َّط ِّيبات جُ ْتتىل) أي :تظهر .كذا (هلل فوق الالم
و َّ
والسالم) من لفظ :السالم عليك (فسينه تشديدها لزام) أي :الزم( .و) هكذا تظهر الشدة
َّ
َّبي من فوق نونه ويائه احسب) الشدة فيهام( .ثم) احسب (عىل الم جاللة)
(فوق هُّأيا الن ّ
الصاحلني) أي :من قولك :السالم
السالم للعباد َّ
من قولك :ورمحة اهلل( ،و) عىل (سني من َّ
الصاحلني والذي بعد عباد)
علينا( .ثم عىل الم جاللة) من قولك :عباد اهلل( ،و) من (صاد َّ
اهلل( .وفوق المي ألف الشهادة) وهي لفظ أشهد أن ال إله –عىل الم ألف– إالَّ اهلل عىل الم
أن( ،وعىل) الـ
حممد ًا (فوق نون) َّ
أن) َّ
ألف( ،ثم عىل الالم من اجلاللة) .ويف لفظ (أشهد َّ
(حممد كذا) عىل (الراء تال) أي :حلق (من الرسول) يف قولك :حممد ًا رسول
(ميم) من ّ
اهلل .ثم (الم سامي) أيٍ :
عال (لـ) كوهنا (علم الذات) الواجب الوجود املستحق جلميع
الكامالت ،وهي لفظ اجلاللة يف :حممد رسول اهلل املتقدم الذكر.
هم)( ،و) كذا فوق (الالم زدالنبي أربع( :فوق الم وميم ال َّل َّ
الصالة عىل ِّ شدات ِّ
أقل َّ ُّ (و)
حممد).
صل (عىل َّ بِ َص ِّل) أي :يف لفظ َص ِّل( ،وامليم) أي :عىل امليم من ِّ
السالم)( ،و) الذي (انضامم لفظ
شدات أقل السالم :واحدة ،وهي( :عىل سني َّ
ُّ (ثم)
السالم) أي :أق ُّله.
عليكم معه) يكون به (أدنى َّ
لطيفة :ورد يف اخلرب« :أن النبي ى ليلة اإلرساء ملا جاوز سدرة املنتهى غشيته سحابة من
يرس معه ،فقال ى :أترتكني أسري منفرد ًا!
نور ،فيها من األلوان ما شاء اهلل ،فوقف جربيل ومل ْ
فقال له جربيل :وما منَّا إال له مقام معلوم ،فقال :رس معي ولو خطوة ،فسار معه خطوة فكاد
وص ُغر وذاب حتى صار قدر العصفور ،فأشار عىل النبي
أن حيرتق من النور واجلالل واهليبةَ ،
النبي إليه قال :التحيات املباركات
ُّ أن يس ِّلم عىل ربه إذا وصل مكان اخلطاب ،فلام وصل
فأحب
َّ الصلوات الطيبات هلل ،فقال اهلل تعاىل :السالم عليك أهيا النبي ورمحة اهلل وبركاته»،
النبي ى أن يكون لعباد اهلل الصاحلني نصيب من هذا املقام ،فقال :السالم علينا وعىل عباد
اهلل الصاحلني ،فقال مجيع أهل السموات :أشهد أن ال إله إال اهلل ،وأشهد أن حممد ًا رسول اهلل».
وإنام مل حيصل للنبي ى مثل ما حصل جلربيل ش من املشقة وعدم الطاقة؛ ألن النبي ى
()183
كتاب ال�صالة
مراد ومطلوب ،فأعطاه اهلل قوة واستعداد ًا لتحمل هذا املقام ،بخالف غريه» .كام يف (حتفة
احلبيب) للبجريمي.
تتمة :وأكمل الصالة عىل النبي ى وأفضلها سواء يف الصالة وخارجها كام َّ
نص عليه اإلمام
الرميل[ :اللهم ِّ
صل عىل سيدنا حممد وعىل آل سيدنا حممد ،كام صليت عىل سيدنا إبراهيم وعىل
آل سيدنا إبراهيم ،وبارك عىل سيدنا حممد وعىل آل سيدنا حممد ،كام باركت عىل سيدنا إبراهيم
وعىل آل سيدنا إبراهيم يف العاملني إنك محيد جميد].
ويسن الدعاء بعد التشهد األخري بام شاء ،وأفضله :التعوذ من العذاب والفتن؛ خلرب مسلم:
اللهم إين أعوذ بك من عذاب جهنم ،ومن
َّ «إذا تشهد أحدكم فليستعذ باهلل من أربع ،يقول:
رش فتنة املسيح الدجال» .قال الشربامليس[ :ويكره
عذاب القرب ،ومن فتنة املحيا واملامت ،ومن ِّ
ترك ذلك ،وهو آكد؛ ملا أوجبه بعض العلامء .قال األذرعي يف (رشح املنهاج) :هذا متأكد ،فقد
طاوس ابنه باإلعادة لرتكه .وينبغي أن خيتم به دعاءه؛ لقوله
صح األمر به ،وأوجبه قوم ،وأمر ُ
َّ
)« :واجعلهن –أي :التعوذات األربع– آخر ما تقول» .اهـ كالم الشربامليس .نق ً
ال
من كتاب (إنارة الدجى رشح نظم سفينة النجا) ،واهلل أعلم.
>
()184
كتاب ال�صالة
( أوقات الصالة )
ِ ��م ٍ ُ فوقت ال ُّظهر فيام َي ْظ َه ُر
���ر
��س َب����دْ ؤه واآلخ ُ زوال َش ْ ُ مَخ ٌ
ْ��س
���واء وإذا زاد ع�َلَ ٍ ���ل اس���تِ ظِ ِّ ��ل ال�َّش�يَّ ِء ِم ْث َل ُه خال �ير ظِ ِّ ِ
َم��ص ُ
األول ُ ال���غ���روب وه���و
ُ آخ����ره
ُ دخ ُل �صر َي ُ ��و َع ٌ ال َف ْ
��ه َ ذاك قلي ً َ
����و ٌن و َد َخ ْ مح ِ ل��لِ َّ
��ش�� َف ِ ب و َي��ن�� َق�ِض�يِ إذا أ َف ْ ِ
���غ���ر ٍ َلمِ
���ل ����ر َل ْ ��ق األ َ ��ل
ِ ِ ��و لِ َف ْج ٍر باقي ِ
األش��ف��اق ���م ث�لاث�� ًة م َ
���ن َوا ْع��� َل ْ شاء َو ْه َ وقت الع ْ ُ
��لشاء وان���دُ ْب إن أ َف ْ للع ِ أبيض ِ ُ واألص��ف��ر وا ْل��ـ غر ِ
ب للم ِ
ُ ��ر َ أحمْ َ ُ
ِ
��ل�اف إذ َف َشا تَ��و ِّق��ي�� ًا ِم���ن ِ
اخل للعشا ص�ل�اة ِ
ٍ ت��أخ�ير ِ
ه���ذان
َ َ َ
()185
كتاب ال�صالة
وقته( .واآلخر) أي :آخر الوقت منه (مصري ظل اليشء مثله) ،وذلك باعتبار شاخص أو
ٍ
استواء)، قامة اإلنسان ،ولكن ال حيسب مقدار ظل االستواء ،وإليه أشار بقوله( :خال ِّ
ظل
وهبذا ينتهي وقت الظهر.
واألصل يف أن األوقات هلا أول وآخر :حديث النبي ى« :أ َّمني جربيل عند البيت مرتني،
فصلىَّ يب الظهر حني زالت الشمس ،وكان الفيء قدر الرشاك ،والعرص حني كان ظ ُّله –أي:
اليشء– مثله ،وصلىَّ يب املغرب حني أفطر الصائم –يعني :حني دخل وقت إفطاره– ،وصلىَّ
يب العشاء حني غاب الشفق ،وصلىَّ يب الفجر حني حرم الطعام والرشاب عىل الصائم ،فلام
كان الغد صلىَّ يب الظهر حني كان ظ ُّله مثله ،وصلىَّ يب العرص حني كان ظ ُّله مثل ْيه ،وصىل يب
املغرب حني أفطر الصائم ،وصلىَّ يب العشاء إىل ثلث الليل ،وصلىَّ يب الفجر فأسفر ،ثم التفت
إ َّيل وقال :هذا وقت األنبياء من قبلك ،والوقت ما بني هذين الوقتني» رواه أبو داود والرتمذي
وصححه ابن خزيمة واحلاكم.
َّ وحسنه
َّ
الظل (عىل ذاك قلي ً
ال فهو وبانتهاء وقت الظهر يدخل العرص ،وإليه أشار بقوله( :وإذا زاد) ُّ
عرص يدخل) وهو أول وقته ،وال يزال حتى يكون (آخره الغروب) للشمس ،وذلك بسقوط
ٌ
قرصها .ودليله قوله ى« :من أدرك ركع ًة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح،
ومن أدرك ركع ًة من العرص قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العرص» متفق عليه.
(و) بغروهبا يكون (هو) الوقت (األول ملغرب)؛ حلديث جربيل السابق( ،وينقيض) وقت
املغرب (إذا أفل للشفق األمحر لون) ،وهو القديم من املذهب ،وعليه العمل؛ حلديث مسلم:
«وقت صالة املغرب ما مل يغب الشفق».
(و) بغياب الشفق األمحر (دخل وقت العشاء)؛ حلديث جربيل السابق( ،وهو) أي :وقت
(لفجر ٍ
باق) أي :يبقى وقته إىل طلوع الفجر الصادق؛ حلديث« :ليس يف النوم تفريط، ٍ العشاء
إنام التفريط عىل من مل ُي ِّ
صل الصالة حتى جيئ وقت الصالة األخرى» رواه مسلم.
وبطلوع الفجر الصادق يدخل وقت الفجر ،والفجر الصادق :هو الضوء املنترش املعرتض
باألفق ،وخرج بالصادق :الكاذب الذي يطلع مستطيالً ،بأعاله ضوء كذنب الرسحان –أي:
()186
كتاب ال�صالة
الذئب– .ويبقى وقتها حتى تطلع الشمس؛ حلديث مسلم« :وقت صالة الصبح من طلوع
الفجر ما مل تطلع الشمس» ،واملراد بطلوعها هنا :طلوع بعضها ،خالف ًا للغروب.
وممَّا جيب التنبيه عليه األشفاق ،فأشار إليها بقوله( :واعلم ثالثة من األشفاق) ،وهي:
(أمحر) ،وبه يعرف بقاء الوقت (للمغرب) ،وبغروبه خيرج وقت املغرب( ،و) الثاين والثالث
وقت (للعشاء) أي :أولهٍ من األشفاق( :األصفر واألبيض) ،وبدخوهلام ُيعرف دخول
(واندب إن أفل) أي :غرب (هذان) أي :الشفق األصفر واألبيض (تأخري صالة للعشاء)
أي :بعد غروهبام؛ (تو ِّقي ًا من اخلالف إذ فشا) حيث مل جيعل بعضهم الشفقني األصفر واألبيض
من وقت العشاء ،بل جعلوا غروهبام عالم ًة عىل دخول وقت العشاء ،وعىل هذا يكون الوقت
بني املغرب والعشاء ليس متصالً.
تنبيه :ينقسم كل وقت من أوقات الصالة إىل مراتب ،وإليك بياهنا بالتفصيل:
صالة الظهر :ينقسم وقته إىل سبع مراتب :وقت فضيلة :وهو أول الوقت بمقدار إقامة
الصالة ومقدماهتا من وضوء وخالفه مما حيتاج إليه من أجل الصالة ،ويعترب ذلك بالوسط
املعتدل من غالب الناس .ووقت اختيار :ويدخل بأول الوقت إىل أن يبقى من الوقت ما
ٍ
مساو لوقت االختيار ،وليس للظهر وقت جواز يسع الصالة .ووقت جواز بال كراهة :وهو
بكراهة .ووقت حرمة :وهو آخر الوقت بحيث يبقى منه ما ال يسعها بتاممها .ووقت رضورة:
وهو آخر الوقت إذا زالت املوانع والباقي من الوقت قدر تكبرية اإلحرام .ووقت عذر :وهو
وقت العرص ملن جيمع الظهر معها مجع تأخري يف السفر .ووقت إدراك :وهو الوقت الذي
طرأت املوانع بعده بحيث يكون قد مىض من الوقت ما يسع الصالة والطهارة هلا.
صالة العرص :وينقسم وقته إىل ثامنية أوقات :وقت فضيلة :وقد ُع ِلم مما تقدم .ووقت اختيار:
ظل اليشء مثليه بعد ِّ
ظل االستواء .ووقت جواز بال كراهة: ويدخل بأول الوقت إىل أن يصري ُّ
ويدخل بأول الوقت ،ويستمر إىل اصفرار الشمس .ووقت جواز بكراهة :إىل أن يبقى من
الوقت ما يسعها .ووقت حرمة ،ووقت رضورة :وقد ُع ِلام مما تقدم .ووقت عذر :وهو وقت
الظهر ملن جيمع العرص معها مجع تقديم .ووقت إدراك كام تقدم.
()187
كتاب ال�صالة
صالة املغرب :وينقسم وقته إىل ِ
ثامن مراتب ،وقت فضيلة وهو أول الوقت بمقدار الزمن
الذي يسع حتصيل ما تقدم يف وقت الفضيلة للظهر .ووقت اختيار ،ووقت جواز بال كراهة:
ومها مساويان لوقت الفضيلة ،فهذه الثالث تدخل مع ًا بأول الوقت ،وخترج مع ًا عند ميض
مر .ووقت جواز بكراهة :ويدخل عقب خروج الثالثة إىل أن يبقى من
زمن االشتغال بام َّ
الوقت ما يسعها .ووقت حرمة ،ووقت رضورة :وهي كام تقدم يف وقت الظهر .ووقت عذر:
وهو وقت العشاء ملن جيمع املغرب معها مجع تأخري .ووقت إدراك وهو كام تقدم.
صالة العشاء :وينقسم وقته إىل ِ
ثامن مراتب ،وقت فضيلة :أو ُّله بقدر ما يسعها ومتعلقاهتا.
ووقت اختيار :ويدخل بأول الوقت إىل متام الثلث األول من الليل .ووقت جواز بال كراهة:
ويدخل بأول الوقت ،ويستمر إىل الفجر الكاذب ،وهو :ما يظهر قبل الصادق مستطي ً
ال ثم
يذهب وتعقبه ظلمة .ووقت جواز بكراهة :بعد الفجر الكاذب ويستمر إىل أن يبقى من الوقت
ما يسعها .ووقت حرمة ،ووقت رضورة .ووقت عذر :وهو وقت املغرب ملن جيمع العشاء
معها مجع تقديم .ووقت إدراك :وهو الوقت الذي طرأت املوانع بعده بحيث يكون قد مىض
من الوقت ما يسعها ويسع طهرها.
صالة الصبح :وينقسم وقته إىل سبع مراتب ،وقت فضيلة :كام تقدم .ووقت اختيار :ويدخل
بأول الوقت ويستمر إىل اإلضاءة .ووقت جواز بال كراهة :ويدخل بأول الوقت ،ويستمر إىل
االمحرار .ووقت جواز بكراهة :وهو من االمحرار إىل أن يبقى من الوقت ما يسعها .ووقت
حرمة :وهو آخر الوقت بحيث يبقى منه ما ال يسعها .ووقت رضورة :وهو آخر الوقت إذا
زالت املوانع وقد بقي من الوقت قدر تكبرية اإلحرام .ووقت إدراك :وهو الذي طرأت بعده
املوانع بحيث يكون قد مىض من الوقت ما يسعها ويسع طهرها .انتهى نق ً
ال من كتاب (اجلواهر
النقية).
>
()188
كتاب ال�صالة
( سكتات الصالة )
ِ ت بِ َم ْعنى َ ِس ٌّ
تاح �ْي� االح���را ِم و َب نْ َ
�ْي� االفت ْ ما َب نْ َ باحاجل ْه ُر فيها ال ُي ْ
التعو ِذ
ُّ ��ن
�ين م َ
ِ ِ ���زي َّ
ال��ش�� َي��اط َ ي ِ خُ ْ ���ذيْ���ر االفِ��ت��ت��اح وا َّل ِ
�ْي� ِذك ِ
و َب نْ َ
���ان
��ي��ن َأم ْ وب��ْي�� ت��الِ��ي��ه��ا ِ
وآم ال��ق��رآن ��ْي�� أ ِّم
َ َ نْ َ ْ و َب�� ْي��نَ�� ُه و َب نْ َ
ال��رك��وع ِ
إق��ب��ال ��ْي� ٍ ِ
ْ و َب�� ْي��نَ��ه��ا و َب نْ َ شوع
وس����ورة ُخ ْ �ي�ن ُ�ْي� آم َو َب نْ َ
()189
كتاب ال�صالة
واعلم أنه ال يستحب دعاء االفتتاح إال بخمسة رشوط :أن يكون يف غري صالة اجلنازة ولو
يبق من وقت الصالة إال ما يسع ركعة ،وأن ال
عىل القرب ،وأن ال خياف فوت وقت األداء ،بأن مل َ
خياف املأموم فوت بعض الفاحتة ،وأن ال يدرك اإلمام يف غري القيام ،نعم إن أدركه يف االعتدال
مل يستفتح ،فلو اشتغل باالفتتاح وكان مسبوق ًا فركع اإلمام وجب عليه البقاء يف قيامه ،وقراءة
آيات من الفاحتة بقدر وقوفه لالفتتاح ،وأن ال يرشع يف التعوذ أو القراءة ولو سهو ًا ثم يعود
إليه.
خيزي الشياطني من التعوذ وب�ين ذك��ر االفتتاح وال��ذي
موضع السكتة الثانية ،وأفضل صيغة يف التعوذ أن يقول[ :أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم]،
وقيل[ :أعوذ باهلل السميع العليم من الشيطان الرجيم] ،ويستحب التعوذ يف ِّ
كل ركعة إال أنه
يف األوىل آكد.
(و) السكتة الثالثة (بينه) أي :بني التعوذ (وبني أم القرآن) وهو اسم من أسامء الفاحتة،
حيث تسمى بفاحتة الكتاب والواقية والسبع املثاين ،ويف احلديث« :ال صالة ملن مل يقرأ بفاحتة
الكتاب وهي أم القرآن» رواه البخاري ومسلم.
والسكتة الرابعة إليها اإلشارة بقوله( :وبني تاليها) أي :آخر الفاحتة ،وهي قول:
ﱫﭲﭳﱪ (وآمني أمان) يف قبول الدعاء املوجود يف الفاحتة؛ ألن معنى آمني :اللهم
استجب ،وقال سيدنا جعفر الصادق[ :معناه :قاصدين نحوك وأنت أكرم من أن خت ِّيب
قاصد ًا] .وقول [آمني] باملدِّ وختفيف امليم ،أما بتشديد امليم فقد قيل إنه يبطل الصالة إال
إذا شدَّ دها عىل معنى :قاصدين إليك يا رب وأنت أكرم من أن تخُ َ ِّيب قاصد ًا مل يرض .قال
ٍ
قارئ يف الصالة أو يف غريها إذا فرغ من الفاحتة [يستحب لكل
ُّ اإلمام النووي يف (التبيان):
أن يقول :آمني] ،وجيهر هبا اإلمام واملأموم واملنفرد يف الصالة اجلهرية يف موضع اجلهر منها،
وقد ورد يف جهر املأمومني بالتأمني وتأمينهم عىل تأمني اإلمام أخبار كثرية يف السنة ،وقد روى
البيهقي عن عطاء قال« :أدركت مئتني من أصحاب النبي ى يف هذا املسجد إذا قال اإلمام:
رجة بآمني» ويف رواية ابن حبان« :رفعوا أصواهتم بآمني».
ﱫﭲﭳﱪ ُسمعت هلم َّ
()190
كتاب ال�صالة
واخلامس من السكتات إليه اإلشارة بقوله( :وبني آمني وسورة خشوع) أي :سكوت ،حتى
يثوب إليه نفسه من قراءة الفاحتة .وقراءة السورة بعد الفاحتة يف الصالة سنة إال يف األخريتني من
الرباعية ويف األخرية من صالة املغرب .وهناك سور من القرآن وردت السنة بقراءهتا يف بعض
الصلوات ،واملحافظة عليها من السنن ،إال أن املداومة عليها بحيث ُيظ ُّن أهنا واجبة القراءة ال
بدَّ أن ينتبه له حتى ال ُيعتقد ذلك .ومن السور التي وردت السنة بقراءهتا (ﭑالسجدة) يف
األوىل (واإلنسان) يف الثانية يف صبح يوم اجلمعة .وال ُيسن االقتصار عىل بعضها بل اإلتيان
هبا كاملة اتباع ًا للسنة ،وكذلك سورة (اجلمعة) يف األوىل و(املنافقون) يف الثانية يف صالة
اجلمعة بتاممها أو ﱫﮟﱪ و(الغاشية) ،ويف صالة العيدين يأيت بسورة ﱫﭑﱪ و ﱫﮬ
ﮭﱪ ،أو بدالً منها ﱫﮟﱪ و(الغاشية)ُّ ،
فكل ذلك قد ورد يف السنة ،وﱫﭑ ﭒ
ﭓﱪ يف األوىل و(اإلخالص) يف الثانية يف ٍ
كل من سنة الفجر واملغرب وركعتي
الطواف واالستخارة .ومن أوتر بثالث قرأ يف األوىل :ﱫﮟ ﮠ ﮡ ﮢﱪ ويف الثانية :ﱫﭑ
ﭒ ﭓﱪ ،ويف الثالثة( :اإلخالص واملعوذتني).
وعبرَّ عن السكتة السادسة بقوله( :وبينها) أي :السورة (وبني إقبال الركوع) حتى يفصل
بني السورة وتكبرية اهلوي إىل الركوع .قال اإلمام النووي -تعاىل يف (التبيان)[ :قال
أصحابنا :يستحب لإلمام يف الصالة اجلهرية أن يسكت أربع سكتات يف حال القيام –أي:
ظاهرة للمأمومني– أحدها :بعد تكبرية اإلحرام؛ ليقرأ دعاء التوجه وليحرم املأمومون،
والثانية :بني آخر الفاحتة وآمني سكتة لطيفة جد ًا؛ لئال يتوهم أن آمني من الفاحتة ،والثالثة :بعد
آمني سكتة طويلة ،بحيث يقرأ املأمومون الفاحتة ،والرابعة :بعد الفراغ من السورة ،يفصل هبا
بني القراءة وتكبري اهلوي إىل الركوع] .واهلل أعلم.
>
()191
كتاب ال�صالة
()192
كتاب ال�صالة
()193
كتاب ال�صالة
()194
كتاب ال�صالة
أيض ًا ،لكن عىل األصح ،وقيل :يدخل بفعل سنة صالة الصبح ،وقيل :بطلوع الفجر] انتهى
بترصف .واهلل أعلم.
>
()195
كتاب ال�صالة
()196
كتاب ال�صالة
>
()197
كتاب ال�صالة
السه ِو ) ِ
سجود َّ ( أسباب
ِ رت َك ��ن ك ِّ ِ
أبعاض الصال ْة البعض منَ أن َي ُ ُ��ل َس��ا ْه أس��ب��ا ُب�� ُه أرب��ع�� ٌة م ْ
امل��ح ِّ ِ ِ عض ُه أو َن ْق ُل ُر ٍ
��ل َ �����وى
أو غ��ي�ره إىل س َ ��ول ك��ن َق ْ أو َب َ
ٍ
����ع ِزي������ادة َل���� ُه محُ ْ��ت َ
َ��م�� َل�� ُه َم َ ٍ
ك���ن َف�� َع�� َل�� ْه إي��ق��اع ُر
ُ راب�� ُع��ه��ا
()198
كتاب ال�صالة
أنسيت
َ النبي ى يدعوه ذا اليدين ،فقال :يا رسول اهلل:
رجل كان ُّ قصرُ ت الصالة ،ويف القوم ٌ
أنس ،ومل ُت ْقرص» فقال :بىل قد نسيت ،فصلىَّ ركعتني ثم سلم ،ثم كبرَّ ،ثم
أم قصرُ ت؟ فقال« :مل َ
سجد مثل سجوده أو أطول ،ثم رفع رأسه فكبرَّ ،ثم وضع رأسه فكبرَّ ،فسجد مثل سجوده أو
أطول ،ثم رفع رأسه وكبرَّ » متفق عليه ،واللفظ للبخاري.
بعض من أبعاض الصالة؛ فلام رواه ابن بحينة ؤ: ٍ وأما مرشوعية سجود السهو برتك
«أن النبي ى صلىَّ فقام يف الركعتني ،فس َّب ُحوا ،فمىض ،فلام فرغ من صالته سجد سجدتني،
ثم س َّلم» رواه النسائي.
و ُيقاس عىل التشهد األول :القنوت؛ بجامع أنه ِذك ٌْر ،و ُأ ِحلق به الصالة عىل النبي ى فيه
كالتشهد ،وكالمها يف داخل الصالة ال خارجها ،و ُأ ِحلق بذلك بعض البعض ،كام لو ترك كلمة
ُّ
من التشهد األول ،وا ُملرادُّ :
أقل التشهد ،وكذا القنوت.
أما اهليئات مثل :التسبيح يف الركوع ،وقول[ :سمع اهلل ملن محده] يف الرفع منه ،والتكبريات
رشع سجود السهو لرتكها؛ ألنه مل ُينقل عنه ى أنه سجد
غري تكبرية اإلحرام ،والسورة ،فال ُي َ
ليشء من السنن ،وال تُقاس عىل غريها؛ لعدم استكامل رشوط القياس فيها. ٍ
لذا قال الناظم ( :-أسبابه) أي :سجود السهو (أربع ٌة) يف فرض الصالة ونفلها (من
ك ُِّل َسا ْه) أوهلا( :أن يرتك البعض من أبعاض َّ
الصال ْه) يقين ًا ولو عمد ًا .وأبعاض الصالة
ٍ
فصل مستقل( .أو بعضه) أي :أو ت ََرك بعض ًا من البعض الواحد ،كرتك سبعة ،سوف تأيت يف
كلمة من القنوت الذي ثبت عن النبي ى إذا قنت به ،وقنوته ) سوف يأيت يف أبعاض
الصالة.
أو غ�يره إىل س��وى املحل ....أو نقل رك��ن قويل
وهنا بينّ الثاين والثالث من أسباب سجود السهو ،فالثاين :نقل ُر ٍ
كن قويل إىل غري حم ِّله،
السورة .وسواء كان النقل كقراءة التشهد يف قيامه أو الفاحتة يف سجوده ونحوه ،وكالفاحتةُّ :
سهو ًا أو عمد ًا ،نعم إن نقل تكبرية اإلحرام عمد ًا مل تنعقد صالته ،أو نقل السالم عمد ًا بطلت.
منهي عنه يف موضع منها،
أي موضع؛ ألنه مطلوب يف الصالة ،وغري ٍّ
وال يرض نقل التسبيح إىل ِّ
()199
كتاب ال�صالة
>
()200
كتاب ال�صالة
( أبعاض الصالة )
ِِ ُ
��ع ُق���ع���وده ث��م ال���ص�ل�ا ُة تَ��تْ�� َب ْ ��ع
األول َم ْ ��ه��دُ َ
ال��ت��ش ُّ َس��ب��ع�� ٌة
ِم���ن ال��ت ِ ِ
البشري
ْ َّ��ح�� َّي��ات ع�لى آل َ األخ�ير
ْ ��ي ُث َّ
��م يف فيه ع�لى ال��نَّ��بِ ِّ
ِ ِ
واآلل ال��ك��را ْم ف��ي��ه ع�لى ال��نَّ��بِ ِّ
��ي القنوت والصالة والسال ْمُ ثم
ِ ��ب ِ
ان��ت��ظ��ام�� ْه
َ ث��ام��نُ��ه��ا ك��ي حُ ْت���س َ
���ن قيام ْه
َ وز ْد ��ح ُ
ال��ص ْ
َّ كذلك
()201
كتاب ال�صالة
فلم ي ُعد ،فلام قىض صالته سجد سجدتني ،ولو كان واجب ًا لعاد إليه ،فمن هنا ت َ
ُعرف ُسنِّ َية
التشهد األول( .مع قعوده) وهو الثاين من أبعاض الصالة؛ ألنه مقصو ٌد فكان مثله.
تتبع فيه عىل النبي) أي :بعد التشهد األَ َّول.
والثالث عبرَّ عنه بقوله( :ثم الصالة ْ
األخري من التَّح َّيات) أي :بعد التشهد
ْ والرابع من أبعاض الصالة عبرَّ عنه بقوله( :ثم يف
البشري) والبشري هو :الن ُّ
َّبي ى؛ إشار ًة إىل قول اهلل تعاىل: ْ األخري تُسن الصالة (عىل آل
ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﱪ.
جي ْز للمأموم التخ ُّلف عنه لإلتيان به وإن جلس اإلمام
مسألة :لو ترك اإلمام التشهد األول مل ُ
لالسرتاحة .بخالف :ما إذا كان اإلمام تَرك القنوت ،فإنه جيوز له التخ ُّلف لإلتيان به ،ما مل
يعلم أنه يسبق بركنني ،بل ُيندب للمأموم التخلف إن علم أنه يدركه يف السجدة األوىل .ولو
جلس اإلمام للتشهد األول جاز للمأموم تركه.
(ثم القنوت) خامس أبعاض الصالة ،وهو يف الصبح بعد الرفع من ركوع الركعة الثانية،
والنصف األخري من وتر رمضان .أما قنوت النازلة فليس ببعض ،بل هو ُسنَّة يف مجيع
وي عن رسول الصلوات .والقنوت يف الصبح ُسنَّة عند اإلمام الشافعي ومالك ،وهو آخر ا َمل ْر ِّ
اهلل ى من حديث أنس ؤ حيث قال« :مازال رسول اهلل ى يقنُت يف الصبح حتى فارق
روي عن اخللفاء األربعة :أهنم كانوا يقنُتون يف الصبح ،روى ذلك البيهقي
الدنيا» ،وهو َم ٌ
وغريه كام يف (املجموع) ،بل ُر ِوي القنوت يف الفجر عن كثري من الصحابة.
ٍ
بقرآن اشتمل عىل بأي دعاء وثناء ،كقولك[ :اللهم اغفر يل ياغفور] ،ولو
وحيصل القنوتِّ :
الدعاء والثناء ،كاآليات يف آخر سورة البقرة ،نعم اإلتيان بالوارد عنه ) يف القنوت
أفضل ،وهو[ :اللهم اهدنا فيمن هديت ،وعافنا فيمن عافيت ،وتو َّلنا فيمن تو َّليت ،وبارك
ذل من َوا َل ْيت ،وال
لنا فيام أعطيت ،وقنا رش ما قضيت ،إنك تقيض وال ُيقضىَ عليك ،إنه ال َي ُّ
نستغف ُرك ونتوب إليك]، ِ َي ِع ُّز من عاديت ،تباركت ربنا وتعاليت ،فلك احلمد عىل ما قضيت،
وكل هذه األلفاظ وردت يف وال بأس بإثبات الفاء يف[ :فإنك تقيض] ،والواو يف[ :وإنه]ُّ ،
األحاديث ،بعضها جمتمعة وبعضها متفرقة.
()202
كتاب ال�صالة
>
()203
كتاب ال�صالة
( مبطالت الصالة )
()204
كتاب ال�صالة
()205
كتاب ال�صالة
أحس به[ :ألعنك بلعنة اهلل ،أعوذ باهلل منك] .نعم؛ إذا كان الكالم ِذكْر ًا أو دعاء جائزين بال
َّ
النبي] يف التشهد فال
تعليق وال خطاب لغري هلل تعاىل أو للنبي ى كقوله[ :السالم عليك أهيا ُّ
تبطل به الصالة إن قصد بالذكر الذكر وبالدعاء الدعاء ولو مع التفهيم.
ولو قال املصليِّ عند سامع اسمه ى :عليك السالم يا رسول اهلل ،فا ُملتَّجه عدم بطالهنا،
َ
اإلنسان وهو يف الصالة مبطلة سواء العامل أو غريه يف هذه املسألة .وهل إجابته ى إذا دعا
شك يف أن إجابته بالقول أو الفعل وإن ك ُثر ال ُيبطل الصالة؛ لقوله تعاىل:
هلا؟ واجلواب :أنه ال َّ
ﱫﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﱪ.
وهل تبطل بإجابة باقي النبيني غريه ،وكذا املالئكة؟ ا ُمل َ
عتمد بطالهنا .وإذا دعاه والداه أو
أحدمها وهو يف صالة ،فإن كانت فرض ًا ال جيب عليه إجابتهام ،بل حيرم ،وذلك ألن إجابة
فرض قد دخل فيه ،فال جيوز قطعه ،نعم إذا كانت الصالة
الوالدين أو أحدمها فرض ،والصالة ٌ
ال جاز قطعها وإجابتهام أو أحدمها ،بل ا ُملتَّجه وجوب قطعها؛ ألهنا نفل واإلجابة فرض،
نف ً
أال ترى أنه إذا تل َّبس بالنفل ثم ضاق الوقت وعليه املفروضة فعندها جيب عليه قطعها وحيرم
اإلمتام ،فهذا مثله .وهذا ك ُّله إن قلنا بأن إجابتهام واجبة ،أما إن قلنا أن إجابتهام غري واجبة
فاألوىل قطعها -أي :صالة النفل -إن تأذيا بعدم اإلجابة .واهلل أعلم.
واألصل يف بطالن الصالة بالكالم فيها كام تقدم :خرب مسلم عن زيد بن أرقم ؤ« :كنا
نتكلم يف الصالة ،يك ِّلم الرجل صاحبه وهو إىل جنبه يف الصالة ،حتى نزلت :ﱫﭖ ﭗ
ﭘﱪ ُفأ ِم ْرنا بالسكوت ،ونهُ ِينا عن الكالم» .وقوله ى للمتكلم يف صالته« :إن هذه
الصالة ال يصلح فيها يشء من كالم الناس» رواه مسلم.
هذا إذا كان الكالم يف الصالة (عمد ًا) كام أشار الناظم ،ولو ملصلحة الصالة كقوله إلمامه:
ثالث يف رباعية ،وكذا من سبق ٍ [اسجدْ أو اركَع] ،أما لو كان ناسي ًا أنه يف صالة كمن س َّلم عن
ُ
ال بالتحريم كقريب عهد باإلسالم أو نشأ بعيد ًا عن العلامء فال لسانه إىل الكالم ،أو كان جاه ً
قل الكالم ،أما إذا ك ُثر ف ُي ْبطِل الصال َة يف مجيع الصور؛ ألنه يقطع نظم الصالة وهيئاهتا،
يرض إن َّ
وألن القليل يحُ تمل ِلق َّلته ،والكثري يف السبق والنسيان نادر ،و َف َارق الصوم؛ ألن الصالة وقتها
()206
كتاب ال�صالة
()207
كتاب ال�صالة
()208
كتاب ال�صالة
اقترصت عىل حركة أو حركتني متتابعتني؛ ألن قليل األفعال يف الصالة ال ترض ولو عمد ًا،
إال إن قصد هبا اللعب فيها ،بخالف الكالم فإنه يبطل قليله وكثريه عمد ًا ،وغري العمد ال يرض
مر .والفرق هنا بني الكالم والعمل واضح؛ حيث إن العمل ال يمكن االحرتاز عنه
قليله وقد َّ
ف ُع ِفي عن قليله.
واحرتزنا بقولنا( :من غري جنس أفعال الصالة) :عماّ لو كان من جنس أفعال الصالة،
كزيادة ركوع أو سجود أو قيام أو ركعة ونحو ذلك ،فإنه يبطل عمده وال يبطل سهوه ،وسوف
يأيت.
فح َش ْ
ت)؛ ألهنا من العمل الكثري ،وفيها يتغري وذكر الناظم املبطل الثامن بقوله( :ووثبة قد ُ
وضع اجلسم ،وهبا قد ينحرف عن االستقبال ،وهو مبطل يف حد ذاته بغري ُم َس ِّوغ .ثم قال
هيتز هلا ِ
املفرطة) وهي التي ُّ الناظم إشارة للمبطل التاسع( :وبطلت) أي :الصالة (بالرضبة
كل اجلسم ،وقد حيتاج املصيل ألن يقوم بفعل الرضب كقتله لنحو حية وعقرب ،فال تبطل به
إال إن ك ُثر أو ُ
فحشت الرضبة.
ومن مبطالته أيض ًا ما ذكره الناظم بقوله( :وفعل ركن ٍ
زائد) وهو العارش من املبطالت أي:
ِ
تبطل الصالة بزيادة ركن فعيل فيها كركوع وسجود وقيام (بعنَت) أيُّ :
بتعمد ،فخرج بذلك:
ٍّ
أوشك بنى فيه عىل اليقني ،وظهر بعد ذلك زيادته، ٍ
كسهو فعله لذلك الركن من غري ٍ
عمد
حيث يرشع عند ذلك سجود السهو اجلابر لذلك ،وقد تقدم.
ثم قال إشار ًة للمبطل احلادي عرش( :وإن بركنَينْ تقدم) أي :أن الصالة تبطل أيض ًا بالتقدم
عىل إمامه حال كونه عامد ًا عامل ًا بالتحريم بركنني فعليني ولو غري طويلني ،كأن ركع املأموم
واعتدل وهوى للسجود واإلمام قائم ،أو ركع املأموم فلماَّ أراد أن يركع اإلمام رفع ،فلماَّ أراد
ف عىل إمامه) بركنَينْ فِعل َّيينْ تا َّمني ولو
أن يرفع سجد ،فبمجرد سجوده تبطل صالته( .أو َخ َل ْ
غري طويلني كأن ركع اإلمام واعتدل وهوى للسجود -وإن كان إىل القيام أقرب -واملأموم
قائم ،أو سجد اإلمام السجدة الثانية وقام وقرأ الفاحتة وهوى للركوع ،واملأموم جالس بني
ف) أي :إذا مل يكن هناك
ص ْ ٍ
السجدتني .انتهى من (املنهج القويم) .هذا إذا كان (بال عذر رَ َ
()209
كتاب ال�صالة
عذر رصفه عن املتابعة فال تبطل الصالة ،نعم عذر رصفه عن متابعة اإلمام ،أما إذا كان هناك ٌ ٌ
ٍ
بركن لغري عذر ركن عند الرميل ،ويكره التخلف عنه بعض ٍ بركن وكذا ٍُ حيرم التقدُّ م عىل اإلمام
وال ُي ْبطِل الصالة ،و ُيكره مساواته إال يف تكبرية اإلحرام فإنه إن قارنه فيها مل تنعقد.
والعذر يف التقدم هو اجلهل والنسيان فقط .فإن تقدم عىل إمامه بركنني ناسي ًا أو جاه ً
ال مل
تبطل صالته كام تقدم ،لكن ال يعتدُّ بتلك الركعة ،فيأيت بعد سالم إمامه بركعة ما مل يعدْ بعد
التذكر أو التعلم لإلتيان هبام.
والعذر يف التخلف -باإلضافة إىل اجلهل والنسيان -يظهر يف إحدى عرشة صورة:
ٍ
لعجز َخ ْلقي ال لوسوسة ثقيلة ،واإلمام معتدهلا .والبطء األوىل :أن يكون بطيء القراءة
اخلَ ْلقي هو :الذي ال يمكنه تركه ،ومثله :الوسوسة التي صارت كاخلَ ْل ِق َّية بحيث يقطع من
رآه أنه ال يمكنه تركها .أما الوسوسة الثقيلة فليست بعذر ،فلو خت َّلف لتلك الوسوسة فإن
أتم الفاحتة قبل أن هيوي اإلمام للسجود أدرك الركعة ،وإال لزمه املفارقة ،وإال بطلت صالته.
وتلك الوسوسة هي :التي مىض فيها زمن يسع القيام أو معظمه ،وهذا ما نقله الرشقاوي
عن احللبي ،لكن نقل الشيخ عثامن السويفي عن القليويب :أهنا بقدر ما يسع ركن ًا قصري ًا ،ثم
نقل السويفي والرشقاوي عن احللبي :أهنا بحيث يكون زمنها يسع ركنني فعليني ولو طوي ً
ال
وقصري ًا من الوسط املعتدل ،لكن ض َّعفه الرشقاوي .وأما الوسوسة التي مىض فيها زمن ال
يسع ذلك فهي وسوسة خفيفة.
الثانية :أن يكون عامل ًا أو شا َّك ًا قبل ركوعه وبعد ركوع إمامه أنه ترك الفاحتة.
الثالثة :أن يكون قد نيس الفاحتة حتى ركع إمامه ،وتذكر قبل أن يركع.
الرابعة :أن يكون موافق ًا ،واشتغل بسنة كدعاء افتتاح وتعوذ ،وكذا إذا سكت.
اخلامسة :إذا انتظر سكتة إمامه املسنونة بعد الفاحتة؛ لقراءته السورة ،فركع عقب الفاحتة ،أو
قرأ ما ال يمكن املأموم معه أن يقرأ الفاحتة.
السادسة :إذا نام يف التشهد األول ممكن ًا فام انتبه من نومه إال وإمامه راكع ،أو يف آخر القيام.
قلت :وهذا معتمد الشمس الرميل ،وقال ابن حجر :هو مسبوق ،فيلزمه أن يقرأ من الفاحتة ما
()210
كتاب ال�صالة
متكن منها.
السابعة :إذا اشتبه عليه تكبري اإلمام ،كأن سمع تكبرية اإلمام للقيام بعد الركعة الثانية فظنَّها
وتشهد ،فإذا هي تكبرية قيام ،ثم قام فرأى اإلمام راكع ًا .قلت :وهذا
َّ تكبرية التشهد ،فجلس
معتمد الشمس الرميل ،وقال ابن حجر :هو مسبوق كام تقدم.
كمل التشهد األول بعد قيام اإلمام عنه عمد ًا أو سهو ًا ،سوا ًء َّ
كمل اإلمام ذلك الثامنة :إذا َّ
التشهد أو أتى ببعضه .قلت :وهذا معتمد الرميل ،وقال ابن حجر :هو كاملوافق املتخ ِّلف لغري
اهلوي نوىتمها قبل ِ أتم فاحتته قبل ِ
هو ِّي اإلمام للسجدة أدرك الركعة ،وإن مل ُي َّ عذر ،فإن َّ
املفارقة ،وجرى عىل نظم صالة نفسه ،فإن خالف بطلت صالته.
التاسعة :إذا نيس كونه مقتدي ًا وهو يف السجود –مثالً -أو نيس أنه يف الصالة ،فلم ْ
يقم من
سجدته إال واإلمام راكع ،أو قارب أن يركع .قلت :وهذا معتمد الرميل ،وقال ابن حجر :هو
مسبوق.
شك هل هو مسبوق أو موافق ،فاملوافق هو :من أدرك زمن ًا يسع الفاحتة -بالنسبة
العارشة :إذا َّ
حترمه وقبل ركوع اإلمام ،وال عربة بقراءة نفسه وال بقراءة إمامه ،سواء
للوسط املعتدل -بعد ُّ
حترم اإلمام.
حترم اإلمام أم ال ،واملسبوق هو :من مل يدرك ذلك وإن أحرم عقب ُّ
حرض ُّ
طول السجدة األخرية ،فام رفع منها إال واإلمام راكع أو أقرب إىل الركوع.
احلادية عرشة :إذا َّ
وإذا ُو ِجد واحدٌ من هذه األمور وجب التخ ُّلف إلمتام قراءته ،ثم يسعى خلف إمامه عىل
نظم صالته ،و ُيغتفر له خت ُّلفه باألركان الثالثة الطويلة وهي :الركوع والسجودان ،فال يحُ َسب
منها االعتدال وال اجللوس بني السجدتني؛ ألهنام ركنان قصريان .فإن فرغ من الفاحتة قبل أن
يتل َّبس اإلمام بالركن الرابع ،وهو :التشهد األخري أو القيام ،أو ما هو عىل صورة الركن ،وهو
قعود التشهد األول :ركع وأدرك الركعة ومشى عىل ترتيب صالة نفسه ،وإن أدرك اإلمام
بالركن الرابع بأن وصل اإلمام إىل حمل جتزىء فيه القراءة للقيام ،أو بأن جلس للتشهد قبل أن
يتم املأموم فاحتته :فاملأموم خميرَّ إن شاء تابع إمامه فيام هو فيه من القيام أو القعود ،ويأيت بركعة
بعد سالم إمامه كاملسبوق ،وإن شاء فارقه بالنية ومىض عىل ترتيب صالة نفسه ،لكن املتابعة
()211
كتاب ال�صالة
أفضل .وإن رشع اإلمام يف اخلامس وهو الركوع قبل أن ُيتِ َّم املأموم قراءته ومل ِ
ينو املفارقة:
ال عن (كاشفة السجا) بترصف يسري جد ًا.
بطلت صالته .انتهى نق ً
ثم قال الناظم -مبين ًا باقي املبطالت( :ونية قطع الصالة) أي :ومن مبطالهتا :أن ينوي
ال وإن مل يقطعها؛ ألن ذلك ٍ
مناف للنية .ولو قطعها إىل صالة قطع الصالة حاالً أو بعد ركعة مث ً
أخرى بأن قلب النية إىل أخرى عامل ًا عامد ًا بطلت صالته ،إال إذا قلب الفرض إىل ٍ
نفل مطلق،
فرض منفرد ًا فأقيمت مجاع ٌة لصالة ذلك الفرض ،فيندب له قلبهاٍ وذلك بأن رشع يف صالة
ال بحيث ال يص ِّليها أو بعضها يف خارج الوقت، إىل ٍ
نفل ليدرك اجلامعة ،رشط بقاء وقتها كام ً
وإال َح ُرم قطعها إىل ذلك النفل ،وكذا كون اجلامعة التي قطع الصالة من أجلها وقلبها إىل ٍ
نفل
ليدركها مما هو يف صددها ،وإال فال يصح ،وذلك كمن يصيل الظهر منفرد ًا واجلامعة األخرى
تصيل عرص ًا .وقد ُيكره القلب كام إذا كان اإلمام ممن تكره الصالة خلفه كمبتدع .وقد يباح كأن
كان يف صالة ثنائية أو قام للركعة الثالثة.
وقوله( :أو بدا) أي :ظهر له (تعليقه) أي :قطع الصالة عىل حدوث ٍ
يشء أو وصول أحد،
(أو فيه) أي :القطع (قد ترددا) يف قطعه للصالة أو عدم القطع ،فإن ذلك ٌ
مبطل للصالة؛ ألن
كل ذلك ٍ
مناف للنية .واهلل أعلم. َّ
>
()212
كتاب ال�صالة
( رشوط القدوة )
���ل ال���ص�ل�ا َة مِمَّ����ن أممَ��ا م��ا أب��� َط َ أن ال َي ْع َلام أح��دَ َع�ْش�رْ َ َو ْه َ
���ي ْ َ
ِ
واج���ب��� ًا َو ِز ْد ��ض��اءه��ا عليه َ َق ث وأن ال َي ْعت َِقدْ بِنَح ِو ح���دَ ٍ
َ ْ
��ه ِ
��ر ّي��ا وان���ج���ر ع��ن م ِ ِ ِ ِ أن ل��ي��س م��أم��وم�� ًا وال ِّأم�� َّي��ا
��وق��ف��ه ظ ْ َ ْ َ َّ َ ْ
بمسج ٍد أو يف مقا ْم ِ َ��م�� َع��اواج��ت َ
ِ
بانتقاالت اإلما ْم وع ْل َم ُه اشرْ ُ ْطِ
�ما اس��ت��وى ٍ
مج��اع��ة ون��ظ ً ن��ح��و �مائ��ة ذراع������� ًا ون���وى ٍ ث��ل��ثِ
َ
ٍ
��ع ب��اع�تراف ث��م ْل�� ُي��ت��ابِ ْ
يف ُس��نَّ��ة َّ اخلالف
ْ ما َص َّلياه وانتفى ُفحش
()213
كتاب ال�صالة
(وزد) ثالث ًا من الرشوط( :أن ليس مأموم ًا) أي :اإلمام ،فال يصح االقتداء بم ْق ٍ
تد؛ ألنه ُ
يشرتط يف اإلمام كونه مستق ً
ال واملأموم ليس مستقالً ،حيث إنه يلحقه سهو إمامه ،وال يعرتض
بام يف البخاري من خروجه ى إىل الناس يف مرضه بعد تكبري أيب بكر بالصالة وتأخره ،وائتامم
أيب بكر بصالة النبي ،والناس يصلون بصالة أيب بكر ،حيث أصبح أبو بكر عند ذلك كاملب ِّلغ
شك يف كونه إمام ًا أو مأموم ًا،
وليس إمام ًا -كام فهمه البعض . -وكذلك ال يصح اقتداؤه بمن َّ
كأن وجد رجلني يص ِّليان فلم ِ
يدر من هو اإلمام فاقتدى دون اجتهاد ،أما إذا اجتهد فيهام بأن
كان أحدمها فقيه ًا أو متعم ًام دون اآلخر صح اقتداؤه عند الرميل ،ووجبت اإلعادة إن تبينَّ كونه
مأموم ًا بعد انتهاء الصالة وإال فال.
وكذا( :وال أمي ًا) أي :بأن ال يكون اإلمام أمي ًا ،بحيث ال حيسن قراءة الفاحتة؛ ألنه يتحملها
ٍ
بيشء من الفاحتة ،وذلك بأن كل من َّ
أخل عن املأموم فكيف يتحمل ما ال حيسن .واألُ ِّم ُّيُّ :
بحرف بالكلية أو عن إخراجه من خمرجه أو عن تشديدة ،أو أبدل حرف ًا مكان ٍ عجز عن اإلتيان
حرف ،كأن قال[ :وال الزالني] بدالً من ﱫﭲ ﭳﱪ ،أو قال[ :رصاط ا ّلزين] بالزاي بدالً
ضم التاء من ﱫﭭﱪ من الذال ،أو أبدل احلاء من احلمد باهلاء ،أو بأن َّ
أخل باملعنى ،كمن َّ
ونحو ذلك .وإنام ذكرت ذلك؛ لعموم شيوعه بني الناس ،وكثرة من يفعل ذلك َف ْل ُينَ َّبه عليه.
وينتبه اإلنسان من االئتامم بأمثال هؤالء لبطالن صالهتم ،وعليه أن يبحث عن حال اإلمام إذا
وأرس فيها اإلمام بعد سالمه ،فإن تبني أنه غري قارئ أعاد .أفاده صاحب
َّ كانت الصالة جهرية
كتاب (إنارة الدجى) نق ً
ال عن البجريمي.
تعبري عن
ٌ (وانجر عن موقفه ظهر ًّيا) وهو
َّ واخلامس من الرشوط عبرَّ عنه الناظم بقوله:
موقف املقتدي وكيفية وقوفه ،حيث عبرَّ الناظم بكون املأموم يقف خلف اإلمام ،أي :ال
بالنبي ى وباخللفاء الراشدين مل ُين َقل عن أحد منهم غري ِّ يتقدم عليه يف املوقف؛ ألن املقتدي
ذلك ،ولقوله ى« :إنام ُج ِع َل اإلمام ل ُي ْؤت ََّم به» متفق عليه ،واالئتامم :االتباع ،واملتقدم غري
بكل ما اعتمد عليه عىل ٍ
جزء مما اعتمد عليه اإلمام، تابع .والعربة يف ذلك :أن ال يتقدم املأموم ِّ
فاالعتبار يف القائم :بعقبيه -ومها مؤخرا قدميه -وإن تقدمت أصابعه ما مل يعتمد عليها ،ويف
()214
كتاب ال�صالة
()215
كتاب ال�صالة
()216
كتاب ال�صالة
باإلمام خلفه أو بجانبه .ولو كان أحدمها بمسجد واآلخر خارجه فتعترب املسافة بينهام من
طرف املسجد الذي ييل َم ْن بخارجه؛ ألنه حمل الصالة ،ال من آخر صف ،وال من موقف
اإلمام.
والرشط الثاين :أن ال يكون بينهام حائل -أي :مانع -يمنع رؤية أو وصول املأموم إىل اإلمام،
بحيث يمكن الوصول إىل اإلمام من غري ازورار وال انعطاف .ويرض هنا :الباب املردود يف
االبتداء ،بخالفه يف األثناء فإنه ال يرض؛ ألنه ُي ْغتفر يف الدوام ما ال ُيغتفر يف االبتداء .ويرض
هنا :الباب املغلق ابتدا ًء ودوام ًا عىل املعتمد .أما الباب املفتوح فيجوز اقتداء الواقف بحذائه
والصف املتصل به -أي :بالواقف -وكذا َمن خلفه ال الذي أمامه ،ويكون ذلك الواقف يف
حذاء الباب رابطة بينهم وبني اإلمام ،وهو يف ح ِّقهم كاإلمام فال جيوز تقدمهم عليه .وال يرض يف
مجيع ما ُذكر شارع ولو كثرت طروقه ،وال هنر وإن أحوج إىل السباحة؛ ألهنام مل ُي َعدَّ ا للحيلولة.
والرشط الثالث :أن يكون املأموم عامل ًا بصالة اإلمام بأحد األمور املتقدمة ،كالرؤية لإلمام
أو لبعض صف ،وكسامع صوته أو صوت ُمب ِّلغ.
والرشط الرابع :أن ال يتقدم عىل اإلمام.
ِ
(و) الثامن من الرشوط :كون املأموم (نوى نحو مجاعة) وهي من ن َّيات القدوة؛ لذا عبرَّ
عنها بقوله( :نحو مجاعة) ،وكذا مؤمت ًا أو مأموم ًا أو مقتدي ًا .واألصل فيها :قوله ى« :إنام
شك فيها وصلىَّ خلف إمام ووافقه يف ركوع األعامل بالنيات» متفق عليه .فلو مل َين ِْو اجلامعة أو َّ
أو سجود ونحوه قصد ًا بعد انتظار كثري عرف ًا -وهو ما يسع ركن ًا ،أو ُيفهم من صاحبه املتابعة-
بطلت صالته؛ لتوقفه يف أفعال صالته عىل أفعال غريه بدون رابطة بينهام.
وقول الناظم( :ونظ ًام استوى ما َص َّلياه) وهو الرشط التاسع ،أي :كون ما صلياه ُم ْستَوي ًا
يف النظم -أي :يف النهج الواضح يف األفعال الظاهرة -وإن اختلفا عدد ًا ،فال يصح االقتداء
مع اختالف النظم ،كمكتوبة خلف خسوف ،وبالعكس؛ لتعذر املتابعة؛ ألن صالة اخلسوف
تُؤ َّدى بركوعني .وال يرض اختالف نية اإلمام واملأموم؛ لعدم فحش املخالفة فيهام ،فيصح
اقتداء املفرتض باملتنفل وعكسه ،واملؤدي بالقايض ،فإن كان اإلمام يصيل الصبح أو املغرب
()217
كتاب ال�صالة
فيتم بعد صالة إمامه ،وإن كان العكس فارقه وجوب ًا يف املغرب ،وجواز ًا يف
واملأموم الظهر ُّ
الصبح حيث له انتظاره والتسليم معه.
واألصل يف ذلك -أي :يف جواز صالة املفرتض خلف املتنفل وعكسه -خرب الصحيحني:
«أن معاذ ًا كان يصيل مع النبي ى عشاء اآلخرة ،ثم يرجع إىل قومه فيصليِّ هبم تلك الصالة».
ومع صحة ذلك يس ُّن تركه ،خروج ًا من اخلالف ،لكن حم ُّله يف غري الصالة املعادة.
والعارش عبرَّ عنه بقوله( :وانتفى) أي :بني اإلمام واملأموم (فحش اخلالف) وهو :قبحه (يف
ُسنَّة) أي :بحيث ال خيالف املأموم إمامه فيام تقبح فيه املخالفة ،إما لوجوب املوافقة فيها فع ً
ال
ال ال ترك ًا ،بل يسن للمأموم فعله إذا تركه
وترك ًا كسجدة التالوة ،وإما لوجوب املوافقة فيها فع ً
إمامه كسجود السهو -لكن يفعله بعد سالم اإلمام ،-وإما لوجوب املوافقة ترك ًا ال فعالً ،بل
جيوز للمأموم إذا فعله اإلمام أن يرتكه ويقوم عامد ًا كالتشهد األول؛ نعم إذا قام ساهي ًا وجب
العود إليه ملتابعة اإلمام.
واحرتز الناظم بقوله( :فحش اخلالف) عن يسريه الذي ال يعدُّ قبيح ًا كالقنوت وجلسة
ال وال ترك ًا .أما القنوت فيجوز للمأموم إن فعله اإلمام
االسرتاحة ،وهنا ال جتب فيه املوافقة فع ً
أن يرتكه وهيوي للسجود عامد ًا ،وإذا تركه اإلمام ُس َّن للمأموم فعله إذا أدركه يف السجود
األول ،وجاز مع الكراهة إذا أدركه يف اجللسة بني السجدتني ،وإذا كان ال يدرك إمامه إال بعد
ُه ِو ِّيه للسجدة الثانية وجب تركه إن مل َين ِْو املفارقة ،فإن أتى به عامد ًا عامل ًا بطلت صالته .وأما
جلسة االسرتاحة فال يرض اإلتيان هبا ،بل يندب للمأموم أن يأيت هبا وإن تركها اإلمام.
وحادي عرشها :أشار إليه بقوله( :ثم ليتابع) أي :املأموم إمامه (باعرتاف) بأن يتأخر حترمه
التحرم ولو ش ّك ًا ضرَ َّ ذلك ،وأن ال يسبقه بركنني فعليني
ُّ حترم إمامه ،فإن قارنه يف
عن مجيع ُّ
عامد ًا عامل ًا ،وأن ال يتأخر عنه هبام بال عذر ،وقد سبق بيان ذلك.
تنبيه :و ُي َعدُّ أيض ًا من رشوط القدوة :أن ال يكون اإلمام أنقص من املأموم باألنوثة أو اخلنوثة،
وتركه الناظم؛ اكتفا ًء بذكره يف فصل صور القدوة اآليت.
تتمة :أحببت نقلها من (مغني املحتاج)؛ تتمي ًام للفائدة[ :يكره تنزهي ًا أن َي ُؤ َّم الرجل قوم ًا
()218
كتاب ال�صالة
ٍ
كوال ظامل ،أو متغلب عىل إمامة الصالة وال يستحقها، أكثرهم له كارهون ٍ
ألمر مذمو ٍم رشع ًا
ِ
هيئات الصالة ،أو يتعاطى معيشة مذمومة ،أو يعارش الفسقة أو ال حيرتز من النجاسة ،أو يمحو
أو نحوهم ،وإن ن ََّص َبه هلا اإلمام األعظم؛ خلرب ابن ماجه بإسناد حسن« :ثالث ٌة ال تُرفع صالهتم
فوق رؤوسهم شرب ًاٌ :
رجل أ َّم قوم ًا وهم له كارهون ،وامرأ ٌة باتت وزوجها عليها ساخط،
َ
وأخوان متصارمان»] ،أي :متخاصامن.
>
()219
كتاب ال�صالة
(ص َو ُر القدوة)
ُ
ٍ
ب���رج���ل ث���م تَ�ِلِ ٍ
وام��������رأة ِ
برجل ٍ
رج���ل ���داءص��ح ا ْق���تِ
ُ َّ
ت ك��ذا بخُ نثى فهي مخ��س صح ِ ِ
ب��ام��رأة ٍ
وام������رأة خ��ن��ث��ى ب��ه
ٌ َ َّ ْ َ
ٍ ِ
��ر
��ه ْ بِ ْ
���ام���رأة ك��ذا بخُ نثى م��ا َظ َ ��داء َذك ْ
َ��ر وبط َل ْ
ت يف أر َب��ع ا ْق��ت ْ
أخ���ذا ب��اح��ت��ي��اط ِ
ٍ ٍ
ب���ام���رأة إذ اخل��ن��ث��ى بمثلِها كذاو ُق����دوة ُ
()220
كتاب ال�صالة
>
()221
كتاب ال�صالة
()222
كتاب ال�صالة
واجلمع ،أو قصري ًا يف الرخصة التي ال يشرتط فيها ذلك كأكل امليتة للمضطر ترخص ،وإن كان
الباقي قصري ًا يف الرخصة التي يشرتط فيها طول السفر مل يرتخص .أما العايص يف السفر :كمن
أنشأ سفر ًا ألمر مباح ثم وقع يف معصية يف السفر فيرتخص؛ ألن اإلنسان َّ
معر ٌض للمعصية
مقي ًام أو مسافر ًا.
والسفر تعرتيه األحكام اخلمسة ،سفر حرام :كمن أنشأه ملعصية ،وسفر مندوب :وذلك
كمن سافر لزيارة قريب ونحوه ،وسفر واجب :كمن سافر حلج أو عمرة واجبتني ،وسفر
مكروه :وهو كسفر السياحة لبالد الكفار لغري عذر صحيح ،وسفر مباح :كمن سافر للتجارة
ونحوها.
املحرم -أحاديث كثرية وردت عن النبي
واألصل يف إباحة اجلمع يف السفر املباح -أي :غري َّ
ى ،وهي بمجموعها دليل عىل جواز اجلمع يف السفر ،وال حاجة لقول َمن قالَ :من أراد أن
يستربىء لدينه فال جيمع يف السفر وال يف غريه ،وألن عدد ًا كثري ًا من الصحابة فعلوه ،ونقلوه
عنه ى .فقد قال ابن عمر ء« :كان النبي ى جيمع بني املغرب والعشاء إذا جدَّ به
السري» رواه البخاري ومسلم ،وعن أنس قال« :كان النبي ى إذا ارحتل قبل أن تزيغ الشمس
َّ
أخر الظهر إىل وقت العرص ثم نزل فجمع بينهام ،فإذا زاغت قبل أن يرحتل صلىَّ الظهر ثم
ركب» رواه البخاري ومسلم .وعن أنس قال« :كان النبي ى إذا أراد أن جيمع بني الصالتني
يف السفر َّ
أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العرص ثم جيمع بينهام» .رواه مسلم .واألحاديث
يف هذا الباب كثرية.
ومن األعذار املبيحة جلمع التقديم :املطر ،وإن كان خفيف ًا َّ
وبل الثوب ،وهو -أي :اجلمع
باملطرٍّ -
ملصل مجاعة يف مسجد أو غريه ،وهو بعيد عن بيته بحيث يتأذى باملطر يف طريقه.
واألصل يف ذلك ما ورد يف الصحيحني عن ابن عباس ء انه قال« :صلىَّ رسول اهلل ى
باملدينة الظهر والعرص مجيع ًا ،واملغرب والعشاء مجيع ًا» زاد مسلم :يف غري خوف وال سفر ،فقال
اإلمام الشافعيَ :أرى ذلك بعذر املطر .واختار اإلمام النووي :جواز اجلمع تقدي ًام وتأخري ًا
باملرض املبيح للجلوس يف فرض الصالة ،وذلك لِ ِع َّلة املشقة احلاصلة له كام يف السفر.
()223
كتاب ال�صالة
ٍ
(بوقت) أي :بوقت األوىل تقدي ًام أو وقول الناظم( :أو العشاءين) أي :املغرب والعشاء
الثانية تأخري ًا (جمُ ِ َعا).
ثم بدأ الناظم بذكر رشوط مجع التقديم فقال( :فابدأ بأوىل اجلمع للتقديم) أي :بصاحبة
الوقت ،فإن أردت مجع العرص مع الظهر فابدأ أوالً بالظهر ،وإن أردت مجع العشاء مع املغرب
فابدأ باملغرب؛ وذلك لالتباع كام ورد يف األحاديث املتقدمة ،وألن الثانية تابعة فال تتقدم عىل
ال إن كان عامد ًا عامل ًا ،وإن كان ناسي ًا أو
َمتبوعها ،فعليه فإنه لو قدَّ م الثانية مل تنعقد فرض ًا وال نف ً
ال مطلق ًا -أي :إن مل تكن عليه فائتة من نوعها وإال وقعت عنها . -فلو صلىَّ
ال وقعت نف ً
جاه ً
األوىل بعدها صحت ،وعليه أن يصيل الثانية يف وقتها إن مل ِ
ينو مجعها مع األوىل عند التحرم
باألوىل أو يف أثنائها .وإذا صلىَّ األوىل ثم صىل الثانية فبان فساد األوىل فسدت الثانية ووقعت
ال مطلق ًا؛ لتعلق الثانية باألوىل ،وهو واضح.
نف ً
والرشط الثاين عبرَّ عنه بقوله( :ونية اجلمع) بحيث ينوي مجع الثانية مع األوىل؛ ليتميز
التقديم املرشوع عن التقديم سهو ًا ،وحمل النية :من أول األوىل (إىل التسليم) بحيث لو نوى
لصح.
اجلمع يف أي جزء منها ولو مع التسليم َّ
والثالث :ذكره بقوله( :ثم املواالة اشرتط بينهام) أي :بني الصالتني املجموعتني مجع
تقديم ،وذلك بأن يفعل األوىل ثم الثانية بعدها بغري فاصل؛ لالتباع يف اجلمع بنمرة ،وألن
اجلمع جيعلهام كصالة واحدة فوجبت املواالة كركعات الصالة .وال يرض الفصل بزمن يسري
ٍ
كسهو ُعرف ًا كإقامة ونحوها ولو لغري شغل كتيمم ونحوه ،بخالف الطويل ُعرف ًا ولو بعذر
ونحوه فيرض ،وهو مايسع ركعتني بأخف فعل ممكن عىل الوجه املعتاد.
ثم قال موضح ًا الرشط الرابع( :والعذر) أيض ًا اشرتط -أي :دوام العذر -وهو السفر،
ت ِرما) أي :دوام العذر إىل اإلحرام بالثانية ،فال يرض عند ذلك
وكذا املرض( ،حتى باألخرية حُ ْ
انقطاعه ،حيث إنه لو مجع فصلىَّ الظهر مث ً
ال وهو مسافر ثم أحرم بالعرص فنوى اإلقامة ،وكذا
لو كان اجلمع للمطر فانقطع بعد إحرامه ال يرض ذلك ،إال إنه يشرتط وجود املطر عند اإلحرام
باألوىل والتحلل منها ودوامه إىل اإلحرام بالثانية ،وال يرض انقطاعه فيام عدا ذلك.
()224
كتاب ال�صالة
ثم قبل أن حيرم بالثانية نوى اإلقامة ،أو للمطر فانقطع قبل إحرامه ٍ
لسفر َّ أما إذا نوى اجلمع
بالثانية فال مجع .واهلل أعلم.
>
()225
كتاب ال�صالة
()226
كتاب ال�صالة
>
()227
كتاب ال�صالة
( رشوط القرص )
ِ َ��ص��ي��ف ِ
ِ
����ص اهلل َع�لا ��ه م��ن ُر َخ ن و َق رْ ُ
��ْص� م��ا ك��ان ُرب��اع�� ّي�� ًا إىل
ِ وارش ْط له مرحلتني يف
م��ب��اح وم��ع ال��ع�� ْل��م َق رَ ْ
�َص� ٌ ���و
َو ْه َ السفر
ْ ُ
ِ
����ع َدوا ِم
ال���رب���اع���ي���ة َم ْ ُّ ويف ���ع اإلح����را ِم ون��ي�� ُة ال�� َق رْ
�ْص� َم َ
ِ ِ ِ ِ ُع ٍ
َ��م
��ن أت ْ اجل���زء م��ن ص�لات��ه بِ َ
��م ْ يف ُ ���ؤ ْم
���ذر إىل انتهائها ومل ُي َ
()228
كتاب ال�صالة
()229
كتاب ال�صالة
وكذا :اهلائم؛ ألنه ال حيدد لنفسه مقصد ًا ،أو من سافر لطلب غريم ونحوه وال يدري أجيده
ٍ
يف مسافة القرص أو دوهنا ،فإن حدَّ د اهلائم -وكذا طالب الغريم ونحوه -سفره بمكان معينَّ
جيد فيه غريمه ،أو ِ
يستق َّر فيه اهلائم ،وكان بينه وبني منشأ سفره مساف ٌة تُقرص فيها الصالة جاز
القرص.
مسألة :أيهُّ ام أفضل القرص أم اإلمتام؟ ال َّ
شك أن املذهب جواز القرص واإلمتام ،واألفضل:
القرص ،إال إن كان سفره دون ثالثة أيام فاألفضل :اإلمتام؛ للخروج من خالف أيب حنيفة
حينئذ ،وكذا إن كان يديم السفر يف البحر ،فله القرص ولكن األفضل اإلمتام؛ ٍ جيوزه
حيث مل ِّ
ألن اإلمام أمحد أ ْل َزمه اإلمتام .أما إذا كان سفره أكثر من ثالثة أيام فاألفضل له القرص؛ خروج ًا
من خالف من أوجبه .وكذا األفضل القرص ملن وجد من نفسه كراهة القرص ،ال رغب ًة عن
شك يف جوازه وجب القرص. السنة ،أو ش َّك ًا يف جوازه ،فلو رغب عن ُّ
السنة كفر ،أو َّ ُّ
ٍ
مسألة :لو سافر لبلد له طريقان ،أحدمها :طويل تُقرص فيه الصالة ،والثانية :طريق قصري
ال تُقرص فيه الصالة ،فسافر من البعيد وله غرض كسهولة طريق أو أمن وكذا جمرد تنزه عىل
األوجه جاز له القرص ،وإن سافر منه وترك الطريق القصري بدون غرض إالَّ لقرص الصالة
فاألظهر :ال يقرص.
وثالث الرشوط أشار إليه الناظم بقوله( :ومع العلم قرص) أي :ومع علمه بجواز القرص
تصح صالته بال خالف؛ ألنه
َّ يصح منه قرص الصالة ،حيث إنه لو جهل جوازه فقرص مل ُّ
عذر باجلهل .وتت َِّضح صورة هذه املسألة :بمن سافر مع مجاعة وهو جاهل ِ
متالعب ،وال ُي َ
بقرص الرباعية ،فصلىَّ خلف أحدهم ،فصلىَّ به الظهر ركعتني ،فس َّلم مع اإلمام مع كونه نوى
الظهر خلف اإلمام تا َّمة ،عند ذلك :يلزمه استئنافها أربع ًا؛ اللتزامه اإلمتام وإن علم جواز
القرص.
وإن كان نوى الظهر ركعتني وهو جاهل بالقرص وس َّلم مع اإلمام بطلت صالته؛ لتالعبه،
وإذا أعادها فله القرص إن َع ِلم جوازه بعد ذلك.
(و) رابع الرشوط( :نية القرص) أي :أن ينوي القرص ،كأن يقول :نويت أن أصليِّ العرص
()230
كتاب ال�صالة
مل يلزم املأموم اإلمتام ،بل :يخُيرَّ ،إن شاء نوى مفارقته وسجد للسهو وس َّلم ،وإن شاء انتظره
شك هل قام إمامه ساهي ًا أو ُمتِماّ ً لزمه اإلمتام؛ لِترَ ُّد ِده .انتهى من (املجموع)
حتى يعود ،ولو َّ
للنووي بِت ُّ
َرصف.
ِ
الرباع َّية) وهي املكتوبة :الظهر والعرص والعشاء .فال َقصرْ
(و) الرشط اخلامس :القرص (يف ُّ
يف الفجر؛ ألهنا ستكون واحدة عىل خالف املفروضات ،وال يف املغرب؛ ألهنا ستكون ركعتني
ال جاز قرصها ،كأن كانت من فستخرج عن مقصدها من كوهنا ِوتْر ًا .ولو وقعت الرباعية نف ً
صبي أو معادة.
ٍّ
(مع دوام ٍ
عذر إىل انتهائها) أي :أن يدوم سفره إىل االنتهاء من الصالة ،فلو انقطع سفره
بأن وصلت سفينته إىل بلده أو َّ
شك يف وصوله ،أو نوى اإلقامة يف مكان تصلح فيه اإلقامة قبل
السالم :لزمه اإلمتام ،وهو الرشط السادس.
يأتم َمن أراد القرص (يف اجلزء) أي :يف
وأما السابع فعبرَّ عنه بقوله( :ومل ُي َؤ ْم) أي :ومل َّ
()231
كتاب ال�صالة
البعض (من صالته) ولو يف التشهد األخري ،حيث أدركه فيه وس َّلم اإلمام بعد تحَ َ ُّرم املأموم،
ائتم (بمن أتَم) أي :كان اإلمام ُمتِماّ ً لصالته ،حتى ولو كان اإلمام مسافر ًا ،وكذا لو مع كونه َّ
شك يف كونه مسافر ًا أو مقي ًام ومل يظهر له يشء فعليه اإلمتام.
فأتم ،أو َّ
َّ ظنه َيقصرُ
بال املسافر يصليِّ ركعتني إذا انفرد ،وأربع ًا واألصل يف ذلك قول ابن عباس عندما ُس ِئل :ما ُ
السنَّة» رواه أمحد يف مسنده بإسناد صحيح .وهذا له حكم الرفع؛ ائتم بمقيم؟ فقال« :تلك ُّ
إذا َّ
ألن قول الصحايب :تلك السنة ،أو السنة كذا ،أو ُأ ِم ْرنا بكذا ،أو كنَّا نفعل كذا عىل عهد رسول
اهلل ،ونحوه ممَّا له حكم الرفع.
مسألة :لو نوى اإلقامة يف موضع يصلح لإلقامة -كمدينة أو قرية أو حم َّلة -أربع َة أيام غري
ٍ
حلاجة قد يومي الدخول واخلروج انقطع تَر ُّخصه بالسفر؛ ألنه أصبح مقي ًام .ومن أقام يف ٍ
بلد َ َ
ص ثامنية عرش ُّ
الرتخ ُ تنقيض بعد يوم أو يومني ،ثم مكث عىل َأ ِ
مل انقضائها هبذه الكيفية فله
يوم ًا بلياليها ال أكثر غري يومي الدخول واخلروج ،فإن تعدَّ اها فال رخصة؛ ألنه ى أقامها
وحسنه ،وإن كان يف
َّ بمكة عام الفتح حلرب هوازن يقرص الصالة .رواه أبو داود والرتمذي
سنده َض ْعف؛ ألن له شواهد جتربه ،كام قال الشهاب شيخ اإلسالم ابن حجر .انتهى (مغني
املحتاج) للرشبيني.
مسألة :إذا فاتته صالة يف السفر فقضاها حرض ًا ،أو فاتته صالة يف احلرض فقضاها سفر ًا:ال بدَّ
من اإلمتام يف احلالتني .ولو فاتته صالة يف السفر الطويل ثم قضاها يف سفر طويل ولو آخر جاز
أن يقضيها مقصورة ،واهلل أعلم.
>
()232
كتاب ال�صالة
(رشوط اجلمعة)
��ة م��ا ق��ام��ت ب��ه ِم��ن كَ��ن ِ
َ��ف ِخ�� َّط ِ ��ل ِس��ت�� ٌة ب��أن تُ��ق��ا َم الظهر يف ُق ْ
������ر ًا رج�����االً ُم��ت َ
َ��و ّط��ن��ي��ن��ا ّ ُح مج���اع��� ًة وال���� َع����دُّ أرب��ع��ون��ا
وخ��ط��ب��ت��ان قبلها َو َف ْ ٍ ��ي َس�� ْب ِ
����ت هل��ا ُ َت
��ع��ة أو قارن ْ ��ق جمُ ْ ونَ�� ْف ُ
()233
كتاب ال�صالة
الوقت ،بحيث وقعت تسليمته األوىل يف خارج الوقت ،وكذا لو وقع سالم أحد األربعني يف
خارج الوقت ،ففي الصورة األوىل :لو أحرم هبا مل تنعقد ،ويف قول :تنعقد نفالً ،ويف الصورتني
األخريتنيُ :يتِ ُّموهنا ظهر ًا .ولو بقي من وقت الظهر ما ال يسع اجلمعة ِّ
بأقل ممكنَ :ص َّلوها ظهر ًا
مجاعة.
البخاري عن أنس ؤ أنه قال:
ُّ واألصل يف أن وقت الظهر هو وقت للجمعة :ما رواه
«كان رسول اهلل ى يصليِّ اجلمعة حني متيل الشمس» ،وعن سلمة بن األكوع قال« :كنا ن َُج ِّمع
الشافعي
ُّ مع رسول اهلل ى إذا زالت الشمس ،ثم نرجع نتتبع الفيء» رواه مسلم .وقال اإلمام
النبي ى وأبو بكر وعمر وعثامن واألئمة بعدهم َّ
كل مجعة بعد الزوال. ُّ -تعاىل :صلىَّ
وبام أن اجلمعة وقتها الظهر فهل هي ظهر مقصورة؟ أم هي صالة م ِ
ستق َّلة قام عليها الطلب ُ
استقالالً؟ واجلواب :ما ذكره يف (مغني املحتاج) حيث قال[ :واجلديد أن اجلمعة ليست ظهر ًا
مقصور ًا ،وإن كان وقتها وقته وتتدارك صالهتا به ،بل صالة م ِ
ستق َّلة؛ ألنه ال يغني عنها ،ولقول ُ
عمر ؤ« :اجلمعة ركعتان متا ٌم غري قرص ،عىل لسان نب ِّيكم ى وقد خاب من افرتى» رواه
اإلمام أمحد وغريه ،وقال يف (املجموع) :إنه حسن .والقديم :أهنا ظهر مقصورة] .انتهى.
طة ما قامت به من كنف) أي :أن تقام اجلمعة والرشط الثاين :ذكره الناظم بقوله( :يف ِخ َّ
ِ
سورة ،أو بعد هناية البنيان تصح يف خارجها ،فلو صلوها خارج السور يف ا ُمل َّ يف خ َّطة البلد ،فال ُّ
ص املسافر .وعليه :فال بدَّ أن تقام يف ِخ َّطة تصح اجلمعة ،ألنه موضع ت ََر ُّخ ُِّ يف غري ا ُمل َّ
سورة :ال
ٍ
جانب منها ،ولو يف غري مسجد إذا اجتمعوا فيه ،ولكن كوهنا يف وسط البلد ويف أي
البلد يف ِّ
املسجد أفضل؛ لعدم املشقة يف حضورها ملن ُه ْم يف أطراف البلد ،واملسجد؛ ألفضليته ،ولكونه
ى كان يجُ َ ِّمع يف املسجد.
النبي ى يف بني سامل بن عوف يف املدينة ،وهناك مسجد يقال له :مسجد
وأول مجعة صالَّها ُّ
اجلمعة .وال بدَّ أن تكون هذه األبنية جمتمعة ،يستوطنوهنا صيف ًا وشتا ًء ،فلو كانت متفرقة بحيث
تصح فيها .وال يشرتط يف األبنية أن تكون من حجارة
ُّ ال ُت َعدُّ قرية واحدة عرف ًا فإن اجلمعة ال
أو خشب أو غريه ،بل ولو أكواخ ًا أو أرساب ًا حتت األرض ،و ُي ْر َجع يف االجتامع والتفرق إىل
()234
كتاب ال�صالة
ال ُع ْرف .وأما أهل اخليام إن كانوا ينتقلون صيف ًا أو شتا ًء :فال تصح اجلمعة فيها ،وإن كانوا
دائمني فيها وهي جمتمعة :صحت مجعتهم فيها.
والدليل عىل ما ذكرناه :أنه مل تقم مجعة يف عهد رسول اهلل ى وال يف أيام اخللفاء إالَّ يف بلد
أو قرية ،ومل ُينقل أهنا أقيمت يف البدو.
وقول الناظم( :خطة) معناها :األرض التي ُخ َّط عليها أعالم بأنه أرادها للبناء ،وأراد هبا
الناظم يف قوله( :خطة ما قامت به من كنف) األمكنة املعدودة من البلد ،وعليه :لو اهندمت
صحت مجعتهم فيها؛ استصحاب ًا لألصل ،وعكسه :لو َخ ُّطوا بلد ًا
تلك البلدة وأقاموا لعامرهتاَّ :
جديد ًا للبناء فال تصح مجعتهم فيه.
والثالث من رشوطها ذكره بقوله( :مجاعة) أي :كون اجلمعة ت َُؤ َّدى مجاعة يف الركعة األوىل
وجوب ًا بإمجاع من ُيعتدُّ به يف اإلمجاع ،وذلك :بانتهاء السجود الثاين من الركعة األوىل .فلو
فارقوه بعد ذلك ،أو أحدث اإلمام مع كوهنم أربعني بغري اإلمام ثم أمتوا الركعة الثانية فرادى:
صحت اجلمعة ،لكن مع اشرتاط بقاء العدد إىل متامها ،فلو بطلت صالة واحد من األربعني
َّ
بحدث أو غريه مل تصح مجعة الباقني.
والرابع من الرشوط عَدَّ ه الناظم بقوله( :وال َعدُّ أربعونا) واإلمام منهم ،فال تنعقد َّ
بأقل
من ذلك عىل املذهب؛ ملا روى البيهقي عن ابن مسعود« :أنه ى جمَ َّع باملدينة ،وكانوا أربعني
رجالً» .قال يف (املجموع)[ :قال أصحابنا :وجه الداللة منه أن يقال :إن األمة أمجعت عىل
اشرتاط العدد ،واألصل :الظهر ،فال تصح اجلمعة إال بعدد ثبت فيه التوقيف وقد ثبت
«ص ُّلوا كام رأيتموين أصيل» ،ومل جوازها بأربعني ،فال جيوز َّ
بأقل منه إال بدليل رصيح ،وثبت َ
تثبت صالته هلا بأقل من أربعني] .انتهى.
وال بأربعني وفيهم أ ِّم ٌّي قصرَّ يف التعلم؛ الرتباط صحة صالة بعضهم ببعض ،وال ُيعترَ َ ض
انفضوا وتركوا النبي ى خيطب وبقي معه اثنا عرش رجالً؛ ألن ذلك كان قبل اشرتاط بأهنم ُّ
العدد املذكور يف اخلطبة ،أو لعدم علمهم باشرتاطه ،فلام خرجوا وتركوه ) أوضح اهلل
هلم ذلك واشرتطه ،فهذا تأييد ال اعرتاض عىل ما ذكرنا ،فيبقى اشرتاط األربعني مع رشوط
()235
كتاب ال�صالة
(ح َّر ًا رجاالً متو ِّطنينا) أي :كوهنم أحرار ًا رجاالً متو ِّطنينا ،فخرج
فيهم ذكرها الناظم بقولهُ :
بـ(احلر) :العبد ،فال جتب عليه ،وتصح منه ،وال تنعقد به .وقوله (رجاالً) خرج به :النساء
واخلناثى ،وكذا الصبيان فهم فيها كالعبيد .وخرج بـ(املتو ِّطن) :غريه كاملسافر واملقيم يف بلد
اجلمعة ،فاملتوطن هو :الذي ال يظعن صيف ًا أو شتا ًء عن بلد اجلمعة ،أما املسافر فال تنعقد به
وال جتب عليه لكن تصح منه ،وأما املقيم الذي يظعن يف الصيف أو يف الشتاء عن بلد اجلمعة
فال يعترب متو ِّطن ًا ،لكنها جتب عليه وال تنعقد به فل ُي ْف َهم .والدليل عىل عدم وجوب اجلمعة
عىل العبيد والنساء والصبيان –وكذا املرىض بمرض ُي ْع َذر به يف ترك اجلامعة بأن كان ُي ْذ ِهب
كل مسلم يف مجاعة إال أربعة :عبد مملوك ،أو حق واجب عىل ِّ
اخلشوع– :قوله ى« :اجلمعة ٌّ
صبي ،أو مريض» رواه أبو داود. امرأة ،أو ٍّ
فائدة :أحببت نقلها؛ لتَتِ َّم الفائدة هبا من (املجموع) لإلمام النووي ،قال -تعاىل[ :قال
أصحابنا :الناس يف اجلمعة ستة أقسام:
احلر البالغ العاقل املستوطن الذي ال عذر له.
أحدها :من تلزمه وتنعقد به ،وهو :الذكر ُّ
الثاين :من تنعقد به وال تلزمه ،وهو :املريض ،وا ُمل َم ِّرض ،ومن يف طريقه مطر ،ونحوهم من
املعذورين.
تصح منه ،وهو :املجنون واملغمى عليه.
الثالث :من ال تلزمه وال تنعقد به وال ُّ
وتصح منه ،وهو :املم ِّيز ،والعبد ،واملسافر ،واملرأة،
ُّ والرابع :من ال تلزمه وال تنعقد به
واخلنثى.
تصح منه وال تنعقد به ،وهو املرتد.
اخلامس :من تلزمه وال ُّ
وتصح منه ويف انعقادها به خالف ،وهو :املقيم غري املستوطن ،واألصح:
ُّ السادس :من تلزمه
ٍ
بترصف يسري. أهنا ال تنعقد به] .انتهى
واخلامس من الرشوط أفاده بقوله( :ونفي سبق ٍ
مجعة أو قارنت هلا) يف تلك البلد ،والعربة:
بتكبرية اإلحرام واالنتهاء منها ،وذلك بذكر الراء من [اهلل أكرب] .فإن سبقتها مجعة أخرى يف
تلك البلد كانت السابقة هي الصحيحة ،والعربة :بآخر التكبري –كام أسلفنا– ال بالسالم .أو
()236
كتاب ال�صالة
()237
كتاب ال�صالة
اجلمعة مع َت َي ُّقن وقوع مجعة صحيحة يف نفس األمر ،لكن ملا كانت الطائفة التي َّ
صحت مجعتها
غري معلومة وجب عليهم الظهر .وخرج باملريضني أو املسافرين :غريمها؛ لفسقهام برتك اجلمعة
فال تقبل شهادهتام.
الس ْبق ومل ُت ْع َلم عني السابقة ،أو ُع ِلمت ولكن ن ُِسيت ،وهي كاحلالة
احلالة اخلامسة :أن ُي ْع َلم َّ
الرابعة ،أي :فيجب استئناف الظهر فقط؛ اللتباس الصحيحة بالفاسدة] .واهلل أعلم.
>
()238
كتاب ال�صالة
(أركان اخلطبتني)
��ل ع���ال ا َمل َ
��ح ْ يِ ع�لى ال��نَّ��بِ ِّ
��ي فيهام ��لوص ْ مخس ُة حمَ��دُ اهلل َم ْ
��والن��ا َ
ِ ِ ُث َّم ْأو ِ
رب السامء ي ِّ آي�� ًة اق��رأ م��ن َه���د ْ ص بالتقوى ويف إحدامها
ِ ِ ِ
وامل��ؤم��ن��ات ال بِ��دُ ن��ي��ا ب��ل بِ��د ْ
ي��ن للمؤمنني
ْ ع��اء
ويف األخ�يرة ال��دُ ْ
()239
كتاب ال�صالة
()240
كتاب ال�صالة
وهنا قد انتهت األركان املشرتكة يف اخلطبتني ،فرشع يف باقي األركان ،وهي الزمة يف إحدى
اخلطبتني ،وإليها اإلشارة بقوله( :ويف إحدامها) أي :األوىل أو الثانية (آية اقرأ من هدي رب
السامء) وكوهنا يف األوىل أوىل ،وال بدَّ من قراءة آية كاملة مفهمة ،فال يكفي :ﱫﭞ ﭟﱪ أو
ﱫﯳﱪ ونحوها ،وسواء اشتملت عىل وعد أو وعيد أو ُحكْم أو قصة فال بدَّ من اإلتيان
بآية كاملة ،واكتفى الرميل ببعض اآلية إن طال وأفهم.
والدليل حديث جابر بن سمرة حيث قال« :كان النبي ى خيطب قائ ًام ثم جيلس ،ثم يقوم
ويقرأ القرآن ويذكِّر الناس» رواه مسلم .وقراءة النبي ى للقرآن واخلطبة قد ورد كثري ًا ،فقد
ورد يف صحيح مسلم أيض ًا قراءته ى لسورة ﱫﭑﱪ فيها.
واخلامس من األركان ذكره بقوله( :ويف األخرية) أي :اخلطبة الثانية (الدعاء للمؤمنني
واملؤمنات) وكونه يف الثانية؛ ألن الدعاء يليق باخلواتم ،وال بدَّ أن يكون الدعاء بام فيه منفعة
دنيوي (بل
ٍّ عائدة يف اآلخرة؛ لذا قال الناظم (ال بدنيا) أي :أن ال يدعو هلم بحصول ٍ
أمر
راجع منفعته يف اآلخرة كاملغفرة
ٌ بدين) أي :بام يعود نفعه عليهم يف أدياهنم ،وذلك ما هو
خري هلم يف الدنيا واآلخرة فال يرض .وال بأس بالدعاء
والرمحة والرضوان ،وإن جمَ ع ما فيه ٌ
للسلطان بالصالح واإلصالح ،وال ينبغي أن ُي ْطنِب يف وصفه بأوصاف الثناء وإن كانت فيه،
مرضة.
أما إن مل تكن فيه فيحرم إال إذا كان هناك َّ
تنبيه :هناك أمور يندب فعلها يف يوم اجلمعة وليلتها ،وأول تلك األمور كثرة الصالة عىل
النبي ى يف ليلة اجلمعة ويومها ،وكذا االغتسال الذي يدخل وقته بفجر يوم اجلمعة ملريد
ِّ
حضورها ،والتن ُّظف ،والتط ُّيب ،و ُل ْبس ال َب َياض من ال ِّثياب ،وال َّت َع ُّمم ،وقراءة سورة الكهف يف
يومها ،وكذا التبكري إىل املسجد ،والدنو من اإلمام ،واإلنصات للخطبة ،والذهاب من طريق
والعودة من أخرى ،واالنرصاف بعد الصالة لنحو جتارته؛ ألن ذلك فيه بركة لوروده.
ويسن لإلمام عدم التبكري بل احلضور عند دخول الوقت ومبادرة اخلطبة ،ويسن له االرتقاء
عىل املنرب أو نحوه إن مل يوجد ،وأن يتكئ عىل عص ًا أو سيف أو قوس أثناء اخلطبة بيده اليرسى،
حيرك رأسه وال يده يف أثناء اخلطبة ،وجيعل اليد اليمنى عىل حا َّفة املنرب .ويسن له رفع
وال ِّ
()241
كتاب ال�صالة
الصوت باخلطبة كام كان يفعل النبي ى ،و َيترَ َّسل يف الكالم ،وال يطيل اخلطبة حتى ال تمُ َ ّل،
وهناك ُسنَ ٌن كثرية حم ُّلها ا ُمل َط َّوالت .واهلل أعلم.
>
()242
كتاب ال�صالة
(رشوط اخلطبتني)
ٍ
ن��ج��اس��ة َم��تَّ��ت إلي ْه ك���ذاك ع��نَ َع��َش�رَ َ ٌة ط��ه��ار ٌة ع��ن َح��دَ َث�� ْي�� ْه
�ت�ر ل��ل��ع��ورة وق���ي���ا ُم َم��ن يف ث��وبِ ِ
وال���س ُ
َّ امل��ك��ان وال�� َب��دَ ْن
ُ ��ه ك��ذا
���أن ل��ل��ص�لاة ُع��لِ�ما
اط���م َّ
َ ف���وق ج��ل��وس��ه بينهام ِ ���ع ِ
َي��� ْق���در َم ْ
ِ ِ ٌ ِ
َ�ين
��ورت ْص�لات��ه أي��ض�� ًا فع ِّل ْق ُص َ �ين
رشط و َب ْ ال���وال بينهام ُث َّ
���م
ن��ظ��م��ه��ا
ُ ب���ال���ع���ريب
ِّ وك����ونَ���� ُه ارشط ب��أن ُي ْس ِم َعها وأرب��ع�ين ُ
َ
وز ْد ُذكُ�����ور ًة ل��ت��ايل َف ْصلِها ِ ��ر ُك ِّلها ��ه ٍ ِ
وك��ونهَ��ا ب��وق��ت ُظ ْ
()243
كتاب ال�صالة
عنها .واشرتاط الطهارة يف اخلطبتني؛ ألن اخلطبتني رشط يف صحة اجلمعة ،والطهارة رشط يف
اجلمعة فاشترُ ِ طت فيها.
والثالث من الرشوط ذكره بقوله( :والسرت للعورة) من اخلطيب ،أما غريه من األربعني فال
يشرتط ذلك يف ح ِّقه ،ودليل اشرتاط سرت العورة :ما قلناه يف اشرتاط الطهارة.
وجه بقوله( :وقيام َمن يقدر) يف أثناء اخلطبة -أعني :من أولهِّ ا إىلوإىل الرابع من الرشوط َّ
ب له االستخالف ،فإن مل يستخلف جاز له أن خيطب وهو ِ
هنايتها .-فإن مل يستطع القيام استُح َّ
جالس .فإن خطب وهو جالس مع القدرة عىل القيام مل تصح اخلطبة ،وعليه فال يصليِّ اجلمعة،
وص ُّلوا
بل يستأنف اخلطبة قائ ًام إن اتسع الوقت .وإن خطب جالس ًا مع قدرته ومل يعلموا بذلك َ
صحت منهم اجلمعة؛ قياس ًا عىل صحة الصالة خلف ا ُمل ْح ِدث الذي مل ُيع َلم بحاله ،فإن
خلفه َّ
َع ِلموا مل تصح منهم اجلمعة ،والدليل عىل ذلك :ما رواه جابر بن سمرة ء قال« :كان
النبي ى خيطب قائ ًام ،ثم جيلس ثم يقوم ،ويقرأ القرآن ويذكر الناس» رواه مسلم.
(مع جلوسه بينهام) أي :بنيوفيه دليل عىل الرشط اخلامس والذي أشار إليه بقولهْ :
اخلطبتني ،فلو مل جيلس بينهام ولو سهو ًا وخطب الثانية حسبتا واحدة ،فعليه أن جيلس ثم يأيت
بأخرى.
اطم َأ َّن للصالة ُعلِام)
وتكون اجللسة خفيفة بقدر سورة اإلخالص ندب ًا ،ووجوب ًا (فوق َ
أي :فوق قدر الطمأنينة يف أركان الصالة ،فإن خطب جالس ًا َّفرق بني اخلطبتني بسكتة بقدر
جلوسه ،وكذا إن خطب قائ ًام مع عدم قدرته عىل اجللوس.
ٌ
(رشط) سادس( ،وبني صالته أيض ًا) (ثم ِ
الوال بينهام) أي :بني اخلطبتني ثم قال ؤَّ :
ِ
الوالء رشط ،واملعنى :أن يوايل بني اخلطبتني والصالة ،فال يفصل بينهام بفاصل طويل عرف ًا،
بأقل ممكن .وهذا هو الرشط السابع .وقوله (فع ِّلق صورتني) أي:
وهو هنا :بقدر ركعتني َّ
املذكورتني ،فاألوىل هي :املواالة بني اخلطبة األوىل والثانية ،وكذا بني أركان ٍّ
كل منهام .نعم؛ ال
يرض طول الفصل بالوعظ وقراءة القرآن .والثانية :املواالة بني اخلطبتني والصالة.
والثامن من رشوطهام إليه اإلشارة بقوله( :وأربعني) أي :من أهل الوجوب الذين تنعقد
()244
كتاب ال�صالة
هبم اجلمعة (ارشط بأن ي ِ
سم َع َها) أي :اخلطبتني ،والواجب أن ُي ْس ِمع اخلطيب أربعني من أهل ُ
الوجوب أركاهنام برفع صوته ،والواجب إسامعها بالفعل ال بالقوة ،وأما السامع من احلارضين
يرض نحو لغطفيجب ولو بالقوة عند الرميل ،بأن يكونوا بحيث لو أصغوا لسمعوا ،فال ُّ
بخالف الصمم ،واعتمد ابن حجر أنه ال بدَّ من السامع بالفعل ،فال يصح مع ٍ
لغط يمنع سامع ُّ
نحو ركن.
(بالعريب نظمها) أي:
ِّ والتاسع من الرشوط إليه اإلشارة بقوله( :وكونه) أي :النَّ ْظم
بلغة غري العربية ،قال يف (املغني)[ :التباع السلف واخللف ،وألهنا ِذك ٌْر
أركاهنا .فال تصح ٍ
ُّ
مفروض فيشرتط فيه ذلك كتكبرية اإلحرام ،فإن أمكن تع ُّلمها وجب عىل اجلميع عىل سبيل
فرض الكفاية ،فيكفي يف تع ُّلمها واحدٌ منهم كام هو شأن فروض الكفاية ،فإن مل يفعل واحد
منهم َع َصوا ،وال مجعة هلم بل ُيص ُّلون الظهر -هذا مع إمكان التعلم.-
فإن قيل :ما فائدة اخلطبة بالعربية إذا مل يعرفها القوم؟ أجيب :بأن فائدهتا العلم بالوعظ من
رصحوا فيام إذا سمعوا اخلطبة ومل يفهموا معناها أهنا تصح .فإن مل يمكن
حيث اجلملة ،فقد َّ
َت َع ُّلمها -كأن عرس عليه ذلك ،أو مل يوجد من ُي َع ِّلمهم العربية ونحوها من األعذار املقبولة-
خطب بِ ُل َغته وإن مل يفهمها القوم ،فإن مل يحُ ْ ِسن لغة فال مجعة هلم؛ النتفاء رشطها] .انتهى.
والعارش أفاده بقوله( :وكوهنا) أي :اخلطبتني (بوقت ٍ
ظهر ك ِّلها) بحيث تقع مجيع ألفاظ
اخلطبتني يف وقت الظهر ،فإن وقعت ك ُّلها أو بعضها يف خارج وقت الظهر مل تصح؛ النتفاء
رشطها.
وقول الناظم( :وزد) أي :رشط ًا فوق العرشة الرشوط املتقدمة لتكون أحد عرش رشط ًا
(ذكورةً) أي :كون ا(لتايل فصلها) ذكر ًا ،فال يصح أن يكون اخلطيب امرأة وال خنثى؛ لعدم
صحت منها .واهلل أعلم.
صحة قدوهتا للرجال ،وكذا لعدم انعقادها هبا وإن َّ
>
()245
كتاب ال�صالة
()246
كتاب ال�صالة
()247
كتاب ال�صالة
والغسل عىل الشهيد ذكرها اإلمام الشافعي بقوله[ :لعل ترك الغسل والصالة؛ لأِ َ ْن َي ْل َقوا اهلل
بكلومهم –أي :بجروحهم– ،ملا جاء أن ريح دمهم ريح املسك ،واستغنوا بإكرام اهلل هلم عن
الصالة عليهم] .انتهى من (املجموع) للنووي.
(والسقط) وهو بمعنى الساقط ،وهو :الولد النازل قبل متام أشهره ،بخالف
ِّ وقول الناظم:
الكامل ،حتى قال الرميل :إنه من بلغ ستة أشهر وجب فيه ما يف الكبري مطلق ًا ،وإن نوزع فيه.
انتهى من (حاشية الباجوري) بترصف يسري( .كالكبري) يف وجوب الغسل والتكفني والصالة
َّ
استهل صارخ ًا أو عاطس ًا ،ويثبت ت أمار ُة احلياة) ،وذلك كأن
والدفن ،رشط ذلك (إن فيه بدَ ْ
بذلك توريثه ،واحلديث َيدُ ُّل عىل ذلك فيام رواه جابر بن عبد اهلل قال :قال رسول اهلل ى:
وو ِرث ُ
وو ِّرث» رواه الرتمذي والنسائي وابن ماجه واحلاكم «إذا استهل املولود ُصليِّ عليه َ
كأن و ْقفه أصح -أي :وقفه
والبيهقي .قال النووي :إسناده ضعيف ،ثم قال الرتمذي َّ :-
عىل جابر.-
(أ ْو ال) ظهرت فيه أمارة احلياة( ،و) لكنه (ثبت خَتلي ُقه) ون ُِفخ فيه الروح
وقول الناظمَ :
وظهر فيه خلقة آدمي (فافعل به دون الصالة) أي :ثبت له الغسل والكفن والدفن دون
(السرت) بأن
(فس َّن) عند ذلك َّ (أ ْو ال) ثبت ختليقه بحيث مل تظهر فيه خلقة آدمي ُ الصالةَ .
ٍ
حفرة ُيوارى فيها .واهلل أعلم. ٍ
خرقة وض ُعه يف ف يف خرقة( ،والدفن تاله) أي :تال َل َّف ُه يف
ُي َل َّ
>
()248
كتاب ال�صالة
( بيان الغسل )
أن ُ
واألك��م��ل ْ ���ي
احل ِّ ��ل َب��امل��اء ِم�� ْث َ البدن
ْ يم ِ
��ل الغ ُْس ِل َت ْعم ُ ��م أ َق ُُّث َّ
ف ���ق�َت� ْ ��زي��ل ا ُمل
َ ��خ��ر َق ٍ
��ة ث��م ُي بِ ِ ف غس َل َس ْوأ َت ْي ِه بال ُيرسى ُت َل ْ ي ِ
رَ َ ْ َ
البدن
ْ ون��ح��و ِه
ِ بالسدرِّ َي��دْ ُل َ
��ك ��و ِّض��ئْ�� ُه وأن ِ
م��ن أن��ف��ه ث��م ل�� ُي َ
مندوب إلي ْه ٌ در
الس َ
َو َو ْد ُع األوىل ِّ امل����اء عليه
َ ِ
��ف��رغ ث��م ث�لاث�� ًا ُي
ل��ل��س��در وال��ث��ال��ث�� ُة األص��ي��ل�� ْه
ِّ ��زي��ل�� ْه تَ��تْ�� َب�� ُع��ه��ا ال��ث��ان��ي�� ُة ا ُمل ِ
��س�� َل�� ًة تُ�� َع��دْ ُ
ال���ث�ل�اث َغ ْ ف��ه��ذه وك��اف��ور َو َر ْد
ٌ بخالص امل���اء
ُ����در ُك ب��ا ُمل َ
��ب��اح�� َث�� ْه َ ���ع ُس��ن ٍ
َ��ن ت َم ْ ���ن أخ���رى مث ُلها وث��ال�� َث�� ْه
وس َّ
ُ
()249
كتاب ال�صالة
امل ِّيت قبل غسله قوله ى لغاسالت ابنته« :ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها» ،واحلديث
َرت أجزاء منه يف موضع االستدالل .ومن األدلة أيض ًا :ما قالوه
بتاممه يف الصحيحني ،وإنام َذك ُ
احلي إذا أراد الغسل توضأ. ِ
من حيث الناحية القياس َّية ،وهو ألن َّ
ومن تعذر ُغ ْسله لنحو حريق ،أو كونه مسموم ًا ،أو عدم وجود املاء ،أو عدم وجود مثله،
كأن مات َذك ٌَر مع وجود نساء ال حمرم له بينهن ،أو امرأة مع وجود رجال ال حمرم هلا بينهم؛ ُي ِّم َم
يف مجيع الصور املذكورة ،وقد تقدم بيانه .وعليه فاألوىل بالرجل يف ُغسله :األوىل بالصالة عليه
ذوو األرحام ،فإن
درجة ،وهم :رجال العصبة من النسب ،ثم الوالء ،ثم اإلمام ،ثم نائبه ،ثم ُ
احتدوا يف الدرجة ُقدِّ م هنا األفقه يف الغسل ،بخالفه يف الصالة عليه ف ُيقدَّ م األس ُّن واألقرب؛
ألن األفقه يف الغسل أوىل من األس ِّن واألقرب ،عكس ما يف الصالة .وللمرأة َغسل زوجها؛
َ
رسول اهلل ى إال غسل
استدبرت ما َّ
ُ استقبلت من أمري ما
ُ لقول السيدة عائشة ر« :لو
وصححه عىل رشط مسلم.
َّ نساؤه» رواه أبو داود واحلاكم
واألوىل للمرأة يف َغسلها قريباهتا ،وأواله َّن :ذات حمرمية ،وبعد القريبات :ذات والء،
فأجنبية ،فزوج ،فرجال حمارم .والدليل عىل جواز َغسل الزوج زوجتَه :ما قاله ى للسيدة
عليك ودفنت ِ
ُك» رواه أمحد ِ ُك وص َّليتُك وك َّفنت ِ
عائشة ر« :ما ضرَ ِك لو م ِّت قبيل فغسلت ِ
َّ ُ َّ
ِ
وابن ماجه والنسائي وابن ح َّبان .إال أنه جيب يف ال ُغسل إيصال املاء إىل مجيع البدن حتى ما يبدو
عند جلوس املرأة لقضاء احلاجة ،وكذا ما حتت قلفة األقلف .فإن َّ
تعذر ال ُغسل وكانت حتتها
نجاسة ال يمكن إخراجهاُ :يدفن بال صالة عليه كفاقد الطهورين؛ ألن تيممه ال يصح وعىل
بدنه نجاسة ،هذا ما قاله الرميل ،وقال ابن حجرُ :ي َغ َّسل و ُي َي َّمم تيمم رضورة و ُيصلىَّ عليه؛ ألن
يف دفنه بال صالة عدم احرتام للميت.
(واألكمل) يف غسل امليت (أن يغسل سوأتيه) أيُ :ق ُب َله و ُد ُب َره وما حوهلام ،كام يستنجي
احلي بعد قضاء احلاجة ،لكن مع عدم النظر إىل عورته بوضع نحو خرقة خفيفة عليها ،وإدخال
ُّ
وصب املاء من فوقها؛ نعم ال َين ُظر إىل يشء من بدن امليت إالَّ ما دعت الرضورة
ِّ يده من حتتها،
يلف عليهام خرقة ،وكوهنا (باليرسى) .وكذا إليه ،كام أنه ال يباشرِ غسل سوأتيه بيديه بل ُّ
()250
كتاب ال�صالة
( ُت َل ْ
ف) مرة أخرى (بخرقة) جديدة بعد غسلها باملاء والصابون إن َأصاهبا يشء من األوساخ،
(ثم ُيزيل) هبا (ا ُمل ْقترَ َ ف) أي :األوساخ التي تكون بني أسنانه ،وذلك بإدخال الس َّبابة من تلك
اليد معها قليل من املاء كام َيستاك احلي ،مع مراعاة عدم فتح أسنانه؛ خوف سبق املاء إىل جوفه
مما يرسع إىل فساده .ثم يبدل اخلرقة بأخرى ليكون أبلغ يف النظافة؛ ليزيل بخنرص اليرسى أيض ًا
(من أنفه) ما كان من قذر ،مع بلل يده باملاء كام يف استنشاق احلي( .ثم لِي ِ
وض ْئ ُه) بعد ذلك ُ
كوضوء احلي –ثالث ًا ثالث ًا– مع مضمضة واستنشاق بلطف ،ويميل رأسه فيهام ،وقيل :يكتفي
بام تقدَّ م مع وجوب النية؛ للحديث ،وقد تقدَّ م.
(و) بعد (أن) ُي َو ِّض َئه يبدأ بالغسل مع النية ندب ًا؛ خروج ًا من اخلالف كام تقدم ،وذلك :بأن
بالسدر) وهو ورق أشجار النَّبِق بعد جتفيفها وطحنها وخلطها باملاء .وذكر الناظم (يدلك ِّ
السدر يف غسل امليت؛ ألنه أقوى للجسد وأمسك للبدن ،ولوروده يف احلديث وهو قوله ى
لغاسالت ابنته« :بامء وسدر» .ويكون َد ْلك امليت بالسدر (ونحوه) إن مل يوجد كالصابون
والشامبو وغريها ،وذلك ك ُّله من باب املبالغة يف تنظيفه .ومن املبالغة يف التنظيف :أن يدلك
(البدن) من امليت.
ويكون ترتيب ال ُغسل بحيث :يبدأ برأس امليت يف الغسل ،ثم حليته ،ثم يغسل ِش َّقه األيمن
بالسدر مما ييل الوجه من عنقه إىل قدمه ،ثم األيرس كذلك ،ثم يحَ ْ ِرفه فيغسل ِش َّقه األيمن مما ييل
القفا من ناحية الظهر من كتفه إىل قدمه ،ثم األيرس كذلك.
وقوله( :ثم) أوىف الكامل (ثالث ًا ُي ْف ِرغ املاء عليه)؛ إذ العربة يف الغسل باملاء ال ُق َراح ،فال
تحُ َسب التي بالسدر ،وال املزيلة له؛ لِ َت َغيرُّ املاء به ال َت َغيرُّ السالب للطهورية .ودليل الغسالت
الثالث ما ورد يف احلديث املتقدِّ م« :اغسلنها ثالث ًا أو مخس ًا »..ومن هنا تحَ َ َّص َل أن أدنى الكامل:
ما ذكرناه ،وأوسطه :مخس أو سبع ،وأكمله :تسع ،والعربة كام قلنا بالغسل باملاء اخلالص.
وقد بينَّ الناظم الكيفية يف عدد ِّ
كل غسلة وإن كان ظاهره ثالث ًا؛ إال أنه باالعتبار واحدة،
السدر) وذلك :بأن يكون مع املاء يف األوىل خملوط ًا ،وهذا
َ (وو ْدع األوىل
وإليه أشار بقولهَ :
(مندوب إليه) كام تقدَّ م ،فبعد َد ْلك امل ِّيت به واالنتهاء من ذلك عندها ( َت ْت َب ُعها الثانية) من
()251
كتاب ال�صالة
الغسالت ،وهي( :املزيل ْه) مع كوهنا باملاء ،فهي هبذه الصورة مزيلة (للسدر) يف الغسلة األوىل،
(والثالثة) من الغسالت هي (األصيلة) ،بحيث ُت َعدُّ مع مجيع الغسالت املتقدمة غسل ًة واحد ًة
قليل من (كافور) .وإنام يضاف إليه ٌ
قليل من للم ِّيت ،مع كوهنا (بخالص املاء و) مضاف ًا إليها ٌ
الكافور الذي ال َيس ُلب املا َء صف َت ُه ،نعم إن كان صلب ًا ال يرض وإن كان التغري كثري ًا .وإنام قلنا
(و َر ْد) عنه ى حيث قال لغاسالت ابنته« :واجعلن يف اآلخرة كافور ًا بإضافة الكافور؛ لكونه َ
أو شيئ ًا من كافور» متفق عليه ،مع االحرتاز من الكافور إن كان امليت محُ ْ ِرم ًا؛ لقوله ى فيه« :ال
تمُ ِ ُّسوه طيب ًا »..متفق عليه .وإضافة الكافور للامء؛ ألنه ُي َق ِّوي البدن ويطرد اهلَوا ّم.
ومن هنا يتلخص عندنا أن الغسلة األوىل :بالسدر مع كونه خملوط ًا باملاء ،والثانية :مزيلة له،
والثالثة :باملاء القراح مضاف ًا إليه قليل كافور( ،فهذه الثالث غسل ًة) واحدة ( ُت َعدْ )ُ .
(وس َّن
أخرى) أي :غسلة (مث ُلها) يف الكيفية ،حيث تكون أوىل بالسدر ،ثم أخرى إلزالته ،ثم ثالثة
باملاء القراح مع قليل من الكافور ُت َعدُّ ثانية( .و) كذا ُس َّن (ثالثة) مثل األوليني ،يف كون السدر:
يف األوىل ،والثانية :مزيل ًة له ،والثالثة :باملاء القراح مع الكافور ،فهذه تسع غسالت فعالً،
وثالث أصالً.
(مع ُسن ٍَن) يف أثناء الغسالت الثالث ُينْدَ ب مراعاهتا .وهذه السنن (تُدْ َرك) أي :ت َ
ُفهم
و ُت ْع َلم (باملباحثة) مع أهل العلم أو مطالعة َّ
املطوالت؛ إذ ليس هذا املتن حم ًّ
ال هلا؛ ألنه إنام
ُو ِضع للمبتدئ .وال يمنع ذلك من ذكر بعضها تتمي ًام للفائدة ،وهي :وضع امليت عند إرادة
غسله عىل ا ُمل ْغت ََسل مع كونه مرتفع ًا؛ ليسهل غسله .وكون ماء الغسل بارد ًا؛ ألنه يشدُّ البدن،
َّ
املسخن وليس معنى كونه بارد ًا بأن جيعل فيه الثلج ،وإنام املعنى :أن يكون غري ُم َس َّخن؛ ألن
ُي َر ِّخي البدن ،إال إن احتيج إليه إلزالة وسخ ونحوه كربد ،لكن ُي َس َّخن قلي ً
ال بحيث ال يبالغ
فيه؛ ألنه ُيسرْ ِ ع بفساده .وكونه بامء مالح؛ ألن ال َع ْذب يرسع إليه البىل .ويضعه يف إناء كبري
الصب؛ لكي ال يصيبه َر َشاش الغسل .وكون الغسل يف خلوة ال يدخلها إال ِّ ُي ْب ِعدُ ه عن موضع
قميص ٍ
بال؛ ألنه ٌ الغاسل ومن يساعده وقريب امليت .وأن يكون حتت سقف؛ ألنه أسرت .وعليه
ىُ « :غ ِّسل يف قميصه» رواه أبو داود بإسناد صحيح.
()252
كتاب ال�صالة
وعند إجالسه عىل ا ُمل ْغت ََسل يجُ ْ ِلسه الغاسل برفق ،مائ ً
ال قليال إىل ورائه ،ويضع يمينه –أي:
الغاسل– عىل كتفيه –أي :امليت– وإهبامه يف ُن ْق َرة قفا امليت؛ لئال يميل رأسه ،و ُيسند ظهره
بركبته اليمنى ،و ُي ِم ّر يده اليرسى عىل بطنه بتحامل يسري مع التكرار؛ ل ُي ْخ ِرج ما فيه من الفضلة.
صب املاء عليه لكي ال تظهر رائحته ،ثم بعد ذلك يضجعه عىل قفاه ِ
ويف هذا األثناء ُيكْثر من ِّ
باملطوالت.
َّ ويبارش الغسل كام تقدَّ م .وقد أرشنا فيه لبعض ما أردنا ،ومن أراد الزيادة فعليه
مندوب إليه) إىل آخر الفصل من
ٌ (وودع األوىل السدر
تنبيه :ابتدا ًء من قول الناظمَ :
ٍ
بزيادات غرر)؛ إذ ذلك مل يكن الزيادات التي وعد هبا يف أول الكتاب حيث قال( :وقد حت َّلت
مواضع من تلك
َ مرت ،وبعضها سيأيت .وقد أرشنا إىل كثري قد َّ
يف األصل ،ومثل هذه الزيادات ٌ
الزيادات ،وأكثرها مل ُنشرِ ْ إليها ،وهي ظاهرة ملن ت َّت َب َعها ،واهلل أعلم.
>
()253
كتاب ال�صالة
( بيان الكفن )
����ر ٍم ووج��� َه محُ ْ ِ
��ر َم�� ْه أس محُ ْ ِ
ال َر َ ث��وب َع َّم َم ْه
ٌ ُّ
األق��ل وال��كَ�� َف ُ
��ن
�����ن يف وس ٍ ٍ ال��ث�لاث ِم��ن َل َف ِ
ُ ُ
َّ ل���رج���ل وام�������رأة ُ ائف واألك��م��ل
واخل��م��ار
ُ ك����ذا ال��ل��ف��اف��ت��ان واإلزار
ُ القميص
ُ َتك ِْف ْينِها
��ن ُض ْ
��م م��ا َب��ع��دَ ُه وكال ُق َبا َل ُ
��ـ��ه َّ واألوس���ع ُث ْم
ُ ُ
األط��ول و ُي ْب َسط
()254
كتاب ال�صالة
جل َّبة التي ُأ ْه ِديت للنبي ى بعد أن لبسها ليجعلها يف كفنه ،ولكن األفضل ترك
الذي أخذ ا ُ
ذلك.
وإذا اعترُ ِ ض بأهنم فعلوا ذلك َتبرَ ُّ ك ًا فعندها فال جتوز الزيادة ،قلنا :نعم قد فعلوه َتبرَ ُّ ك ًا،
أقرهم عىل الزيادة يف الكفن ،ولو كانت غري جائزة لنهى عن ذلك ،فإقراره
ولكن النبي ى َّ
لبيان اجلواز.
واملستحب كونه حسن ًا أي:
ُّ واملستحب كون الكفن أبيض للرجل واملرأة؛ للحديث السابق.
ُّ
واسع ًا نظيف ًا .وكونه من القطن أوىل؛ ملا روى جابر ؤ أن النبي ى قال« :إذا كفن أحدكم
أخاه ف ْل ُي َح ِّسن كفنه» رواه مسلم .وحيرم احلرير للرجل؛ َع ْود ًا ملا كان عليه يف حال حياته ،ويكره
للمرأة؛ ألن فيه إضاعة مال بغري فائدة .و ُي َس ُّن تبخري الكفن؛ ملا روى احلاكم والبيهقي وغريمها:
ور ِوي« :جمَ ِّروا كفن امليت ثالث ًا».
«إذا أمجرتم امليت فأوتروا» ،قال البيهقيُ :
وقوله( :وامرأة) أي :وأقل كفنها أيض ًا ما ُّ
يعم بدهنا ،والواجب منه :ما سرت العورة كام تقدم.
(وس َّن يف تكفينها) أي :املرأة األكمل من كفنها ،وهو (القميص واإلزار كذا اللفافتان
ُ
واخلامر)؛ ملا روى أبو داود عن ليىل بنت قانف الثقفية قالت« :كنت فيمن َّ
غسل أم كلثوم
بنت رسول اهلل ى عند وفاهتا ،فكان أول ما أعطانا رسول اهلل ى احلقاء ثم الدرع ثم اخلامر
ثم امللحفة ثم أدرجت بعد يف الثوب اآلخر ،قالت :ورسول اهلل ى جالس عند الباب معه
كفنها يناولناها ثوب ًا ثوب ًا»ِ .
واحل َقاء بكرس احلاء وختفيف القاف :اإلزار .واخلنثى كاملرأة .ويكون
ترتيب كفن املرأة يف اخلمسة األثواب عىل النحو التايلُ :ي َشدُّ عليها املئزر ،ثم القميص ،ثم
اخلامر ،ثم ُت َل ُّ
ف يف اللفافتني.
وأما الرجل فتوضع اللفائف الثالث مع جعل أوسعه َّن وأحسنه َّن األخرية ،وأضيقه َّن مما
تيل جسم امليت ،وهكذا عىل اعتبار لبسه يف حال حياته؛ إذ يحُ َ ِّسن ما ظهر دون ما استرت ،ثم
ف عليه اللفافة األوىل ثم الثانية ثم الثالثة مع تطييبه ،وكذا املرأة كالرجل .ويوضع القطن عىلُت َل ُّ
املنافذ ومواضع السجود ،و ُيدَ ُّس القطن بني إِ ْل َي َت ْيه ،ويوضع عىل القطن كافور وحنوط؛ دفع ًا
للهوا ِّم عن ذلك ،وليخفي ما عساه أن خيرج منها مع وضع الطيب ،ويتعهد مواضع السجود،
َ
()255
كتاب ال�صالة
ب ك ُّله فهو حسن؛ ألنه أشدُّ جلسم امليت ،وكذا اعتبار وضع احلنوط يف ِّ
كل لفافة من وإن ُط ِّي َ
َّب ذلك املحرم واملحرمة.
اللفائف ،ويجُ َ ن ُ
وإىل ما ذكرنا أشار الناظم بقوله( :ويبسط األطول واألوسع) واألحسن أوالً؛ ألهنا تكون
الظاهرة فاع ُتبرِ بحال ُل ْب ِس ِه يف حال حياته كام تقدم( ،ثم ما بعده) مما ييل امليت( .وكالقبا َل ُ
ـه َّن
ضم) أي :اجعله َّن مثل القبا من حيث َض ُّم األوىل التي تيل امليت ثم التي بعدها ثم الثالثة.
واهلل أعلم.
>
()256
كتاب ال�صالة
()257
كتاب ال�صالة
تكبرية اإلحرام ،وهي األوىل؛ ملا ورد يف البخاري ومسلم عن جابر ؤ أن النبي ىَ :صلىَّ
عىل النجايش وكبرَّ عليه أربع ًا.
نعم؛ ال ترض الزيادة عىل األربع؛ لورود ذلك يف السنة كام ورد يف (صحيح مسلم) عن زيد
بن أرقم ؤ أن النبي ى كان يكبرِّ مخس ًا .أما إن اعتقد بطالهنا بالزيادة عىل األربع؛ لكونه
رض
فهم أنه إذا نقصت التكبريات عن األربع َّ ال بذلك ،ثم زاد بطلت صالته .ومن هنا ُي َ جاه ً
ذلك ،فإنه إن نواها مع ن َّي ِة نقصها عن أربع تكبريات مل تنعقد ،أو نواها مع ن َّي ِة إتيانه بأربع
تكبريات ،ثم نيس تكبرية منها ومل يذكرها إالَّ بعد السالم بطلت؛ ألن صالة اجلنازة ال يرشع
فيها سجود سهو ،جرب ًا للخلل فيها .و ُي َس ُّن رفع اليدين حذو املنكبني عند مجيع التكبريات
وضمهام بعد ِّ
كل تكبرية؛ لوروده يف السنة ،وما ذكرناه هو ثاين أركان صالة اجلنازة. ُّ
(و) ثالثها( :القيام ممَّن قدر) بخالف العاجز عنه فيقعد ،فإن مل يستطع فيضطجع كام يف
سائر الصلوات املفروضة ،حيث أحلقناها باخلمس من حيث الفريضة ،وإن أحلقناها بالنوافل
يف التيمم؛ ألن يف عدم القيام حمو ًا لصورهتا بال ُك ِّل َّية ،وقيل :جيوز القعود فيها ،وقيل :إن تع َّينت
وجب القيام وإال فال ،واألول هو األصح.
َ
(اقرأ ْن فاحت ًة) أو بدهلا إن عجز عنها .واألفضل :قراءهتا بعد (ثم) رابع األركان ،وفيه:
النبي
تكبرية اإلحرام ،وجيوز تأخريها عن التكبرية األوىل وجعلها بعد الثانية مع الصالة عىل ِّ
ى ،أو بعد الثالثة مع الدعاء للميت ،أو بعد الرابعة .وأوجبنا قراءة الفاحتة يف صالة اجلنازة؛
ألهنا صالة افتقرت إىل القيام فأوجبنا فيها القراءة ،ولعموم قوله ى« :ال صالة ملن مل يقرأ
ال أو هنار ًا ،وال يسن دعاءبفاحتة الكتاب» رواه مسلم .ويسن املخافتة هبا سواء أكانت لي ً
االستفتاح فيها وال قراءة سورة بعد الفاحتة؛ ألن صالة اجلنازة َم ْبنِ َّية عىل التخفيف ،وذلك
ٍ
مناف للتخفيف.
ِّ
(صل (وعقبا) أي :التكبرية األوىل وهي تكبرية اإلحرام (ثانية) أي :تكبرية ثانية ،وبعدها
عىل زين النبا) أيِّ :
النبي ى وجوب ًا؛ لفعل السلف واخللف ،وألهنا مقصود ٌة رجا َء استجابة
الدعاء ،ويسن الصالة عىل اآلل فيها .وهذا هو الركن اخلامس من أركاهنا ،وأكمل الصالة
()258
كتاب ال�صالة
()259
كتاب ال�صالة
ويس ُّن بعد التكبرية الرابعة وقبل السالم :الدعاء للميت ،ومنه[ :اللهم ال تحَ ْ ِر ْمنا أجره ،وال
َت ْفتِنَّا بعده ،واغفر لنا وله] ،والصالة عىل النبي ى ،والدعاء للمؤمنني واملؤمنات ،وقراءة
ﱫﮰ ﮱ ﯓﱪ إىل ﱫﭰﱪ وغريها من اآليات املذكورة يف ا ُمل َط َّوالت ،هذا ك ُّله
يس ُّن عند األَ ْمن ِمن َت َغيرُّ امليت ،وإال اقترص عىل األركان دون السنن.
تتمة :إذا أدرك اإلمام وقد سبقه ببعض صالة اجلنازة كبرَّ ودخل معه يف الصالة وراعى
ترتيب صالة نفسه ال صالة اإلمام ،مثل من كبرَّ واإلمام قد كبرَّ التكبرية الثالثة فإن املأموم يقرأ
الفاحتة ،فإذا كبرَّ اإلمام قبل إمتامه الفاحتة كبرَّ معه وسقطت عنه الفاحتة ،كام يف صالة الفرض،
وبعد فراغ اإلمام يأيت بالباقي من التكبريات ،واهلل أعلم.
>
()260
كتاب ال�صالة
(بيان الدفن)
ِ ِ ��ل ال��دَّ ْف ِ
��م أ َق ُّ
باع
الس ْ حي��� ُه وتَ��ك��ف��ي��ه ِّ
ُ��م ر َ
تَ��ك��ت ُ بقاع
��ر ٌة ْ ��ن ُح�� ْف َ ُث َّ
وخ������دَّ ُه ع�ل�ى ال��ت��راب ُح�� َّط�� ْه
َ ��س�� َط�� ْه ْ��م�� ُل��ه و َب ْ
وق���ام��� ٌة أك َ
��ه�� ُه إذ تَ�� ْط َ
��ر ُح َجنْب ًا أ ْي َمنا َو ِّج ْ ال��ي��م�ين وإىل ِق ْب َلتِنا
َ أ ْع��نِ��ي
()261
كتاب ال�صالة
والصغري فيام ُذ ِكر سواء .إال أن الدفن يف ال َّل ْحد أفضل منه يف َّ
الش ِّق ،وال َّل ْحد :هو ما حيفر يف
يعمق قامة وبسطة قدر ما يسع امليتَّ ،
والش ُّق :هو أسفل جانب القرب من جهة القبلة ،بعد أن َّ
ينهار الرتاب عىل
والشق أفضل إذا كانت األرض رخوة؛ حتى ال َّ
ُّ ما حيفر وسط القرب كالنهر،
امليت.
الشافعي يف (األم) عن ابن ُّ ويسن َس ُّل امليت من النعش إىل القرب من قبل رأسه؛ ملا روى
«س َّل ِمن ِق َب ِل رأسه»؛ وليسهل عىل املتناول أخذه .وامللحد له عباس ء أن النبي ىُ :
واملتناول واملناول :الرجال ولو المرأة؛ لضعف النساء عن القيام بذلك .و َي ْل َحدُ ه األقرب كام
ِ
أحق بالنسبة ل َل ْحده لزوجته وإن مل ُي َقدَّ م يف الصالة .وإذا َّ
تم تناوله ُس َّن يف الصالة ،إال أن الزوج ُّ
قول[ :بسم اهلل وعىل ِم َّلة رسول اهلل].
(وخدَّ ه عىل الرتاب ُح َّ
طه) أي :ضعه مكشوف ًا (أعني) به ويسن تنحية الكفن عن خدهَ ،
اخلدَّ (اليمني) ،ويندب عىل لبنة ونحوها كاألرض ،ال نحو وسادة وفراش ،بل يكره.
(وإىل قبلتنا َو ِّج ْه ُه إذ تطرح جنب ًا أيمنا) أي :مع كونه عىل جنبه األيمن ،ويكره األيرس.
ويوضع خدُّ ه عىل األرض مع إسناد وجه امليت ورجليه إىل جدار القرب ،ويتجاىف بباقيه حتى
ينكب عىل وجهه أو يستلقي
َّ يكون قريب ًا من هيئة الراكع ،ويسند ظهره بنحو لبنة أو حجر؛ لئال
عىل ظهره ،وبعد ذلك يبنى عليه بال َّلبِن ،وتسدُّ الفتحات بصغار احلجارة؛ حتى ال ينفذ إليه
الرتاب ،ثم هيال عليه الرتاب.
ويسن تلقني امليت؛ ملا ُر ِوي عن كثري من الصحابة ،ولعمل السلف واخللف لذلك ،وقد ورد
يف األثر .ويستحب األذان يف القرب ،وكذا قراءة القرآن عليه .واهلل أعلم.
>
()262
كتاب ال�صالة
()263
كتاب ال�صالة
>
()264
كتاب ال�صالة
( االستعانات )
فصل يف ( االستعانات )
واالستعانات بزيادة السني والتاء للتأكيد ،من العون بمعنى الظهري عىل األمر املك َّلف بفعله
الشخص أو تركه.اهـ (إنارة الدجى رشح نظم سفينة النجا).
(وبارش الطاعات) مجع طاعة ،وهي :كل ما ُيت َّ
َقرب به إىل اهلل تعاىل من قول أو فعل أو نية
أو اعتقاد .واملراد هنا :مبارشة الطاعات الفعلية (بالنفس)؛ إذ قد حيصل فيها إعانة من الغري،
شق) عىل
ال سائر الطاعات ،فإنه ال يتصور فيها إعانة من الغري يف مبارشة نفس الطاعة( ،فإن َّ
مريد الطاعة الفعلية فعلها (فصرب ًا) عىل ذلك ،وعىل قدر املشقة تكون املثوبة( ،أو عجزت)
أهيا املريد للطاعة (فاستعن) بالغري عىل فعل الطاعة.
وب) أي :أقسام مُ
(تىل) عليك؛ لتعرفها ،وذلك باعتبار احلكم الرشعي، (واالستعانات رُض ٌ
ُ
وهي( :مباحة) أي :يستوي فعلها وتركها( ،ثم خالف األوىل) أي :جيوز فعلها وتركها ،ولكن
تركها أوىل( .تتلومها) من حيث األحكام الرشعية (مكروهة) أي :جيوز فعلها وتركها ،لكن
ثواب( ،وواجبه) أي :يثاب عىل فعلها ويعاقب عىل تركها.
يرتتب عىل تركها امتثاالً ٌ
جره ليقف معه،
وبقي من أقسام اإلعانة قسامن :سنة ،وهي :إعانة املنفرد عن الصف إذا َّ
وحرام ،وهي :إعانة عىل فعل محُ َ َّرم.
()265
كتاب ال�صالة
ٍ
ملتطهر) أي :كإحضار ماء لكل قس ٍم من أقسامها فقال( :مباحة كاملاء تغدو جال َب ْه
ثم م َّثل ِّ
الوضوء ملريد الوضوء أو ماء الغسل ملريده ،وقد ثبت ذلك عنه ى يف مواطن كثرية.
(و) أما (غري األَوىل كص ِّبه) أي :املاء (عليه) أي :عىل املتوضئ أو املغتسل ،ولو من غري
أهل العبادة ،وبال طلب .قال القليويب :ألن اإلعانة ت ََر ُّفه ،أي :تن ُّعم وتز ُّين ال يليق باملتعبد ،ما
مل يقصد هبا الشخص تعليم ا ُمل ِعني ،وإال مل تكن خالف األوىل .اهـ (إنارة الدجى) .قلت :بل
تكون عند ذلك مندوبة ،وكام أهنا ال تكون خالف األوىل منه ) مع ثبوت ذلك عنه
ى؛ ألنه كان يفعلها لبيان اجلواز.
مسألة :قال صاحب (نيل الرجاء)[ :قال الشربامليس :وينبغي أن ال يكون من ذلك –أي:
من االستعانة التي هي خالف األوىل– الوضوء من احلنفية؛ ألهنا ُمعدَّ ة لالستعامل عىل هذا
الصب فاألوىل أن يقف
ِّ الوجه ،بحيث ال يتأتى االستعامل منها عىل غريه.اهـ .فإن استعان يف
الصاب عن يسار املتوضئ؛ ألنه أمكن وأحسن أدب ًا] انتهى.
ُّ
(واعدد غس ً
ال أعضائه) أي :غسل أعضاء نحو املتوضئ بغري حاجة أو بعض أعضائه
(مكروهة)؛ ألهنا إما أن تكون عىل سبيل الرت ُّفع فتخرج به إىل احلرام ،أو عىل سبيل الزيادة يف
الرت ُّفه فهي مكروهة.
(لعاجز) عن نحو غسل أعضائه أو بعضها يف وضوء أو غسل، ٍ (و) اإلعانة (الواجبة) تكون
ِ
(و ْل ُي َعن باملطالبة) واملعنى :أنه إن مل جيد من يعينه طلب من يعينه ولو بأجرة م ْث ٍل فضلت عماَّ
ُيعتبرَ يف زكاة الفطر ،وإال َصلىَّ بالتيمم وأعاد ،ومثله من مل يقدر عىل القيام يف الصالة إال
بمعني .واهلل أعلم.
ُ
>
()266
كتاب الزكاة
( كتاب الزكاة )
ع�لى َذ ِوي األم����وال يف األن��ع��ام ��ق يف اإلس�لام ��ث ُرك��ن ُح َّ ث��الِ ُ
رات
تاج ْ للم َ ُ ُ
األم���وال وال��راب��ع
ُ اتان وا ُمل�� َع�َّش�رَّ ْ كذلك ال��نَّ�� ْق��دَ ِ
واخل��ام��س ال��رك��ا ُز ُث��م ا َمل��ع ِ
وال��َّش��رَّ ُط يف ُو ُج���وبهِ���ا تَ�� َع نُّ ُ
�ُّي� ��د ُن َّ ْ ِّ ُ
ِ
��ل��ك َو ْل�� َي��ن ِ
ْ��و ا َمل ث��م مت��ام ا ُمل ِ ِ ِ
��ث��اب
ْ ُ صابي���ن ون ْ ���ر ًا ود ٌ مالكها ُح ّ
()268
كتاب الزكاة
قال الرشبيني يف (مغني املحتاج)[ :والكالم يف الزكاة ا ُمل ْج َمع عليها ،أما املختلف فيها فال
يكفر جاحدها؛ الختالف العلامء يف وجوهبا] .انتهى بترصف.
وأفاد الباجوري بقوله[ :وأما زكاة الفطر فليست من ا ُمل ْخت َلف فيها؛ ألن خالف ابن الل َّبان
فيها ضعيف جد ًا ،فال عربة بخالفه كام قيل:
خ�لاف له ٌّ
حظ من النظر] ٌ إالَّ ٍ
خ�لاف ج��ا َء معتبرَ ًا وليس ُّ
كل
و ُف ِر َضت يف السنة الثانية من اهلجرة يف شوال بعد زكاة الفطر ،وقيل :يف شعبان مع زكاة
الفطر.
والزكاة واجبة (عىل ذوي األموال) أي :أصحاب األموال ،وليست كل األموال جتب فيها
الزكاة ،بل هناك ستة أنواع من األموال جتب فيها الزكاة ،وقد بدأ الناظم بأوهلا بقوله( :يف
األنعام) وهي :اإلبل والبقر والغنم ،وهي أول األموال التي جتب فيها الزكاة ،وقد بدأ هبا
الناظم لكوهنا أكثر األموال عند العرب يف ذلك الوقت ،وسميت باألنعام :لكثرة نعم اهلل فيها
عىل عباده.
وثانيها إليه اإلشارة بقوله( :كذلك النقدان) ومها :الذهب والفضة ولو غري مرضوبني،
و ُي َزكَّى اآلن عن األوراق النقدية القائمة يف التعامل بني الناس بدالً من الدنانري والدراهم؛
ألن قيمة ما يملكه من األوراق النقدية يقابله ذهب يف الغالب أو فضة ،ولذا ُي َقدَّ ر بقيمة
الذهب ،وإن قلنا بخالف ذلك سقطت الزكاة واهندم ركن من أركان اإلسالم ،كيف والناس
ِ
تعاملهم يف معاوضتهم عىل هذا األساس ،أال ترى صاحب الذهب ُيعطي ذهبه مقابل ُج ُّل
األوراق النقدية ،وكذا أصحاب العقار والنفائس يرتكوهنا مقابل األوراق النقدية ،فلو مل تكن
مقومة بالذهب ألصبح التعامل بني الناس رضب ًا من رضوب اجلنون ،وعليه فإن الربا يدخلها
َّ
بأنواعه ،ولو قلنا بخالف ذلك الضطربت معامالت الناس وفسد عيشهم وتكدرت حياهتم
فافهم ،وانظر نظر فقيه خبرَ األمور والوقائع قبل إصدار فتواه.
(و) الثالث( :ا ُمل َعشرَّ ات) وهي احلبوب والثامر ،وسيأيت الكالم عنها َّ
مفص ً
ال فيام يأيت.
(والرابع) من األشياء التي جتب فيها الزكاة( :األموال للمتاجرات) املتاجرات مجع متاجرة،
()269
كتاب الزكاة
وهي :تقليب املال باملعاوضة لغرض الربح ،أفاده ابن حجر يف (املنهج القويم).
(واخلامس) من األموالِ :
(الركاز) –بكرس الراء– وهو املركوز ،مأخوذ من ِّ
الركز وهو:
والركاز هو :دفني أهل اجلاهلية.
اخلفاءِّ ،
(ثم) السادس من األموال( :املعدن) أي :مكان خلق اهلل تعاىل فيه الذهب والفضةُ ،س ِّمي
بذلك؛ إلقامة املذكورات فيه ،مشتق من العدون وهو :اإلقامة .انتهى نق ً
ال عن (فيض اإلله
املالك رشح عمدة السالك).
(والرشط يف وجوهبا) أي :الزكاة يف مجيع املذكورات ،وقد تزاد يف بعضها رشوط وستذكر
يف حملها( :تعني مالكها) خرج بذلك :املسجد ،فال زكاة يف ماله ،ومثله املوقوف عىل جهة
الفقراء أو رباط أو قنطرة ونحو ذلك؛ ألن مالكه غري متعني .وال ُبدَّ أن يكون مالكها (حر ًا)
فخرج به :الرقيق فال زكاة عليه ،والعلة يف ذلك :عدم ملكه ،وجتب عىل ا ُملب َّعض -وهو :من
حر وبعضه عبد -ببعضه احلر؛ ألنه يملك ببعضه احلر.
بعضه ٌّ
وقولهِ :
(ودين) قصد به التَّد ُّين ،أي :وكون مالكها متدين ًا بدين اإلسالم ،فخرج به :الكافر
األصيل فال زكاة عليه يف أيام كفره ،وإن كان مطا َلب ًا هبا يف اآلخرة .أما املرتد -والعياذ باهلل–
بقوله أو فعله أو اعتقاده ،فإن عاد إىل اإلسالم وجبت عليه ،وإال فال؛ ألن ماله يفء للمسلمني
وهو لغري ُمعينَّ .
(و) رشطها أيض ًا( :نصاب) وهوٌ :
قدر ُمعينَّ خيتلف من نوع إىل آخر من األنواع املتقدمة
بحيث لو نقص فال زكاة ،وسيأيت يف موضع ٍّ
كل منها إن شاء اهلل تعاىل.
رشط فيها أيض ًا ،ولو ملحجور عليه كالصبي واملجنون ،واملخا َطب بإخراجها
ٌ (ثم متام امللك)
ول ُّيه إن كان َي َرى وجوبهَ ا يف مال املحجور عليه ،بأن كان شافعي ًا ،فإن كان ال يراه كحنفي فال
وجوب عليه ،واالحتياط له أن حيسب الزكاة حتى يكمل املحجور عليه فيخربه بذلك ،وال
خيرجها بنفسه.
أخ ُذه ،ويف َد ْي ٍن الزم من نقد و َع َرض ٍّ
وضال وغائب ،وإن َّ
تعذر ْ وجتب يف مغصوب وجمحود
جتارة؛ ألهنا مملوكة ملك ًا تام ًا ،ولعموم األدلة ،ولكن ال جيب اإلخراج من ذلك بالفعل إالَّ عند
()270
كتاب الزكاة
>
()271
كتاب الزكاة
( زكاة النعم )
���ل��ا وب����ق����ر ًا وغ��ن�ما ً أي إب َ��ك��ون َن َعم
َ وال�َّش�رَّ ُط فيها أن ت
��ص��اب
ْ ٍ
ْ���س إىل َح���دٍّ ُي يف إب��ل مَخ ِّصاب ف��أو ُل الن ْ والسو ُم ََّّ واحل ُ
��ول َ
َت مخ��س وإذا م��ا َب َلغ ْ ٍ ِم��ن ك ِّ
ُ���ل ت رشين فخُ ْذ شا ًة َو َف ْ وع ِمخس ًا ِ
ْ
اف��ت�راض ��ت وث�لاث�ين ث��م ِ
ل��س ٍّ خماض ْ وعرشين فخُ ْذ بِن َ
ْت مَخس ًا ِ
���ذ ِح�� َّق�� ًة ويف إح���دَ ى وستني ُخ ْ وأرب��ع�ين
ْ ول��س��ت
ٍّ ��ون بِ ِ
��ن��ت َل�� ُب ٍ
تسعينا ِ ���ون ث��م يف َ��ي َل��� ُب ٍ َج َ
���ذ َع��� ًة
ب��ن��ت ْ وال��س��ت والسبعينا ِّ
ف إح��دى وعرشين ومائة اص َط ِ تان ثم يف بعد إح��دى ِح َّق ِ من ِ
ْ
ال��واج��ب إن َع�ْش�رْ ٌ تُ��� َز ْد
ُ َ�َّي�
تَ��غ رَّ َ ��ع ِم ْث َل ْيها و َق��دْ ��ون َم َبنت َل�� ُب ٍ َ
تكون
ْ ُ���ل مخسني وح�� َّق�� ًة م��ن ك ِّ ِ بنت َل ُب ْ
ون أربعني ُخ ْذ َ ِمن ك ُِّل
َ
()272
كتاب الزكاة
وهلا أنصبة ختتلف باختالفها الزكاة( ،فأول النصاب يف إبل :مخس) ،وفيها :شاة ؛ حلديث
الصحيحني« :ليس فيام دون مخس ٍ
ذود من اإلبل صدقة» ،وإنام وجبت الشاة وإن كان وجوهبا
عىل خالف األصل؛ للرفق بالفريقني؛ ألن إجياب البعري يرض باملالك ،وإجياب ٍ
جزء من بعري
مرض به وبالفقراء( .إىل ٍ
حد يصاب) أيُ :يوصل إليه ،وذلك :أن افرتاض الشياه يبقى إىل أن ٌّ
يصل النصاب (مخس ًا وعرشين) ،أما دونه (فخذ شا ًة وفت) باملطلوب (من كل مخس) ،وقد
تقدم أن يف اخلمس شاة حتى تصل إىل عرش ففيها :شاتان ،ويف مخسة عرش :ثالث شياه ،ويف
عرشين :أربع شياه .والشاة املجزئة هنا :جذعة ضأن هلا سنة ،وقيل :ستة أشهر ،أو َثن َّية ٍ
معز هلا
سنتان ،وقيل :سنة ،وجيزئ الذكر ،وهو :اجلذع من الضأن ،وال َّثنِ ُّي من املعز.
(وإذا ما بلغت) -أي :إذا بلغت؛ ألن ما بعد إذا زائدة– اإلبل (مخس ًا وعرشين فخذ)
للزكاة (بنت خماض) وهي :ما هلا سنة كاملة ،سميت بذلك ألن أمها آن هلا أن حتمل مرة أخرى
فتصري من ذوات املخاض –أي :احلوامل– ،فإن مل جيدها أجزأ ابن لبون وهو :ما له سنتان،
ِ
الشياه عليها. وتجُ ْ ِز ُئ بنت خماض يف أقل من مخس وعرشين وإن زادت قيمة
ٍ
(ثم لست وثالثني) من اإلبل (افرتاض) أي :مفروض (بنت َل ُبون) ،وهي :التي َّ
تم هلا
(ولست وأربعني) منها
ٍّ سنتان ،سميت بذلك ألن أ َّمها آن هلا أن تضع ثاني ًا وتصري ذات لبن،
(خ ْذ) للزكاة ِ
(ح َّقة) هلا ثالث من السنني ،سميت بذلك ألهنا استحقت الركوب أو طروق ُ
الفحل( ،ويف إحدى وستني جذعة) بالذال املعجمة ،وهي :التي َّ
تم هلا أربع سنني ،سميت
(والست والسبعينا) خذ زكاهتا (بنت َْي
ِّ بذلك ألهنا أجذعت مقدَّ م أسناهنا أي :أسقطته.
لبون).
(ثم يف تسعينا من بعد إحدى) أي :يف إحدى وتسعني من اإلبل( :حقتان ،ثم يف إحدى
(اصطف :بنت لبون مع ِمث َل ْيها)
ِ وعرشين ومائة) أي :يف مائة وإحدى وعرشين من اإلبل
أي :استخلص للزكاة ثالث بنات لبون( .وقد تغري الواجب) وهو :املقدَّ ر بثالث بنات لبون،
حيث تستمر من مائة وإحدى وعرشين إىل مائة وثالثني ،وقد تغري الواجب عندها حيث يكون
عرش ُتزَد) عندها تكون الزكاة (من ِّ
كل أربعني فيها حقة وبنتي لبون .وكذا يتغري الواجب (إن ٌ
()273
كتاب الزكاة
بنت لبون) للزكاة (وحق ًة من كل مخسني تكون) زكاة هلا عىل هذا املنوال.
خذ َ
واألصل يف ذلك ك ِّله كتاب أيب بكر الصديق ؤ ،فقد روى البخاري يف صحيحه عن
أنس بن مالك ؤ َّ
أن أبا بكر الصديق ؤ كتب له« :هذه فريضة الصدقة التي فرضها
رسول اهلل ى عىل املسلمني والتي أمر اهلل هبا رسوله ،يف أربع وعرشين من اإلبل فام دوهنا
س شاة ،فإذا بلغت مخس ًا وعرشين إىل مخس وثالثني ففيها بنت خماض أنثى الغنم يف كل خمَ ٍ
فإن مل تكن فابن لبون ذكر ،فإذا بلغت ست ًا وثالثني إىل مخس وأربعني ففيها بنت لبون أنثى،
فإذا بلغت ست ًا وأربعني إىل ستني ففيها حقة طروقة اجلمل ،فإذا بلغت واحدة وستني إىل مخس
وسبعني ففيها جذعة ،فإذا بلغت ست ًا وسبعني إىل تسعني ففيها بنتا لبون ،فإذا بلغت إحدى
وتسعني إىل عرشين ومائة ففيها حقتان طروقتا اجلمل ،فإذا زادت عىل عرشين ومائة ففي كل
كل مخسني حقة ،ومن مل يكن معه إِالَّ أربع من اإلبل فليس فيها صدقة
أربعني بنت لبون ،ويف ِّ
إال أن يشاء رهبا».
تنبيه :من َف َقد السن الواجب يف الزكاة صعد إىل أعىل منه وأخذ شاتني جمزئة يف األضحية أو
عرشين درمه ًا ،أو نزل إىل أسفل منه وأعطى بخريته شاتني أو عرشين درمه ًا .واهلل أعلم.
>
()274
كتاب الزكاة
( نصاب البقر )
>
()275
كتاب الزكاة
( نصاب الغنم )
ِ
ال���واج���ب ش��ا ْه
ُ ب��أرب��ع�ين وهب���ا
َ صاب َغنَ ٍم ُ
فم ْبتَدَ ا ْه واح َف ْظ ن َ
وال��ث�لاث منها م ِ
جُ��زئَ�� ْه ُ ِ
ش��ات��ان وم��ائَ�� ْه لعرشين وإح���دى ِ ُث��م ِ
َ َّ
ِ ٍ ِ �����ر َد ٍة ِ
���ن
أخ���ر َج ْ �م�ائ���ة ف���أرب���ع أرب���ع وع��ن
ْ ���ع َف ْ
يف م��ائ��تَ�ين َم َ
ُ��ل ِم���ائ ٍ
َ���ة هل��ا ش����ا ٌة جَ ِ
ت ْ
���ب ف��ك ُّ ينقلب
ْ الواجب َط ْ
��رد ًا ُ وعندها
>
()276
كتاب الزكاة
( زكاة النقدين )
ٍ ِ
ي��ن
���و ع��ن َد ْم��ن ذه��ب وف��ض��ة َل ْ ينفارش ْط يف زكاة النَّ ْقدَ ْ ُ َ
واحلول
ِّ��ص��اب ويجَ ِ���ي يف ال��ت رْ ِ
ِّ�ْب� ِ ع��ن��دَ ال��ن ���ع ال�� ُع�ْش�رْ ِ
وفيهام ال��زك��ا ُة ُر ْب ُ
ِ
ال��ف��ض��ة وم��ائ��تَ�ين درمه����� ًا يف ِ
احلبة �شري��ن م��ث��ق��االً ب���وزن ِع
َ
ِ
األم����وال حاشا النَّ َعام ِ
س��ائ��ر يف غفور كام ��ص فيها َغ�ير َم ٍ وال��و ْق ُ
َ
ُ
()277
كتاب الزكاة
>
()278
كتاب الزكاة
( زكاة التجارة )
ِ ِ ِ وال��َّش�رَّ ْ ُط فيها نِ�� َّي�� ُة ال��ت
اإلدارة مم��ل��وك�� ًة بِ����ع َ
����وض ِّ��ج��ارة
انقالب
ْ ِم ْن َن ْق ِدها يف احلول ُر َّدت يف النصاب
ْ ونناء أو ملا ُد َ ال ال ْقتِ ٍ
��ت قيمتُها ن��ص��اب نَ�� ْق ٍ
��د َو َج�� َب ْ َ��ت ٍ
����ول َب��ل��غ ْ ����ر َح ِ
َ ث��م إذا آخ َ
َّ��ة م��رس��وم ِ
ٍ ِ ِ ِ ِ ����ع ُع�ْش�رْ ِ
��ة ��ن نَ�� ْق��ده��ا أو س��ك َ ْ ُ َ م ْ القيمة زك��اتهُ��ا ُر ُب ُ
بخالف ما ملكه بغري معاوضة كاإلرث واهلبة بال ثواب فال زكاة فيه وإن اقرتن به نية التجارة؛
ألنه ال ُي َعدُّ من أسباهبا النتفاء املعاوضة.
ويشرتط أيض ًا :أن (ال) يقصد به ا(القتناء) يف أثناء احلول ،فإن قصده انقطع احلول ،وال
قصد له( .أو) أي ويشرتط كذلك :أن ال َينِ َّض مال التجارة ٍ يقطعه جمرد االستعامل من غري
(ر َّدت) ال ُع ُروض (يف
(ملا دون النصاب من نقدها) الذي ُت َق َّوم به (يف) أثناء (احلول) ،فإن ُ
انقالب) إىل نقد من جنس ما ُت َق َّوم به ومل يبلغ نصاب ًا –هذا إن مل يكن بملكه نقد من جنسه
يكمله نصاب ًا– انقطع حول التجارة؛ لِتَح ُّقق نقص النصاب ،بخالف ما لو َّ
نض بنقد ال ُت َق َّوم
()279
كتاب الزكاة
>
()280
كتاب الزكاة
()281
كتاب الزكاة
بالبعل :ما يرشب بعروقه من األرض لقربه من املاء -وفيام ُس ِق َي بالنضح :نصف العرش»؛ لذا
أي حب).
جتب الزكاة فيها (أو من ِّ
و ُيشترَ ط فيه :كونه ( ُي ْقت ُ
َات عند االختيار) وقوله ( ُيقتات) أي :يقوم به بدن اإلنسان
كر َّمان وخوخ ومشمش ونحوها ،وقوله (عند
رشط ّأو ٌل خرج به :ما ال ُيقتات به ُ
ٌ غالب ًا ،وهو
رشط ٍ
ثان ،أيُ :يقتات هبا اختيار ًا ولو نادر ًا ،وخرج هبا :ما يقتات به عند االضطرار ٌ االختيار):
ب الغاسول ،ومن هنا يتحصل أنه ال زكاة إال فيام
وح ِّ
ب احلنظل َ
كح ِّ
من حبوب البواديَ ،
يقتات به عند االختيار ولو نادر ًا (كالذرة) ،والدُّ ْخن ،وال َعدَ س ،والبسيلة وهي :الترُّ ْ ُمس،
واحل َّمص ،والباقلاَّ وهو :الفول( ،والدِّ ْج ِر) ويسمى اللوبيا. ِ
ك التامم اع َتبرِ ْ ه) رشط ًا ثالث ًا ،فال زكاة يف من كان ملكه ضعيف ًا كمكاتب ،أو ما كان (وا ُمل ْل َ
الصالح) أي:
ْ مر( .وإنَّام ت ْلزَم) الزكاة صاحب امللك التام (إذ يبدو
ملك ًا لغري ُمعينَّ ،وقد َّ
الصالح :بأن يظهر فيه مبادئ النضج ٌ
رشط رابع .و ُبدُ ُّو َّ يظهر (يف ثمر) كله أو بعضه ،وهو:
(احلب ْ
يشتَدُّ ) ك ُّله أو بعضه وهو يف ملكه؛ ألنه قبل ذلك ُيعترب بقالً. ُّ والتلون (و) كذا
ّ واحلالوة
(وراح نصاهبا) أي :وأصبح ما بدا صالحه من ِّ
احلب أو التمر بالغ ًا نصاب احلبوب والثامر
أوسق) حتديد ًا فال زكاة يف ّ
أقل منها؛ لقوله ى« :ليس فيام الواجب فيه الزكاة ،وهو( :مخسة ُ
حب وال متر صدقة حتى
دون مخسة أوسق من التمر صدقة» رواه الشيخان ،وقوله« :ليس يف ٍّ
والو ْسق :ستون صاع ًا باإلمجاع ،والصاع :أربعة أمداد ،واملدُّ :
تبلغ مخسة أوسق» رواه مسلمَ .
رطل وثلث بالبغدادي ،ومقداره بالوزن احلديث ( )825كيلو جرام ًا والعربة بالكيل ،وأما
التقدير بالوزن إنام هو لالستظهار ،ولذا فإنه ُيعتبرَ بالكيل يف الرطب والعنب متر ًا أو زبيب ًا إن
تتمر أو تز َّبب ،وإال ُفرطب ًا أو عنب ًا ،ويف احلبوب مص َّفى من نحو ال ِّت ْبن والقرش الذي ال يؤكل
َّ
معه غالب ًا.
السقيا( ،فام ُيس َقى بال مؤنة كـ)مثل ما سقي بـ(ما
والواجب يف ذلك خيتلف باختالف ُّ
عني أو ٍ
قناة ،أو ساقية هنر أو ٍ
السام) وحذف اهلمزة الستقامة الوزن ،أي :ماء املطر ،ومثله ما ُء ٍ
كل تلك األحوال (نصا ُبه) ا ُمل ْخ َرج للزكاة ُح ِف َرت من النهر وإن احتاجت إىل مؤونة ،ففي ِّ
()282
كتاب الزكاة
>
()283
كتاب الزكاة
الركاز واملعدن )
( زكاة ِّ
��ب فالركا ُز قد َو َج ْ ِّ عند النصاب والذهب
ْ ��ص منهام ال ُّل َجينْ َ وخ َّ ُ
ِ ٍ ���ر ٍ يف ِ ِ
عاطل م���وات ب أو دار َح ْ اجل��اه�لي
ْ ��ي�ن
����و َدف ُ مُخ ُ
ُ��س�� ُه َو ْه َ
����ع ُع�ْش�رْ ِ ِه ٍ ِ ِ
م��ع��دن ف��ف��ي��ه ُر ْب ُ م��ن قر ِه ��ر َج من َم ُِّ��ل ما اس��تُ��خْ ِ وك ُّ
ِ
ِزي��دَ ْت زك��ا ُة الف ْطر ْ
فاس َم ْعها ُت َفدْ فيهام وقد ���ول ال ُي�ْش�رْ َ ُط ِ واحل ُ َ
()284
كتاب الزكاة
َف ُل َقطة عىل املذهب .وإن وجد يف ملك شخص فهو له ،فيحفظ له ،فإن ُأ ِيس منه فهو لبيت املال
كاألموال الضائعة .فإن نفاه ذلك الشخص فلمن َم َلك منه ثم ملن قبله ،وهكذا حتى ينتهي إىل
املحيي فهو له وإن نفاه عند ابن حجر.
مقره) أي :مكان استقراره (من معدن) واملعدن :ما ُيستَخرج من (وكل ما استُخرج من ِّ
سمى مكانه معدن ًا أيض ًا قاله يف (نيل الرجاء) .و ُيشرتط فيه :ما ٍ
مكان خلقه اهلل /فيه ،و ُي َّ
ِ ٍ
ستخرج اشرتط يف الركاز من كونه ذهب ًا أو فضة ،وبلوغ النصاب ،وكونه يف أرض مملوكة ُ
للم
(ر ْب ُع ُعشرْ ِ ه) بعد التصفية ،وبلوغه النِّصاب كذلك،
أو مباحة( ،فـ)الواجب (فيه) عند ذلك ُ
(واحلول ال ُيشرْ َ ط فيهام) أي :الركاز واملعدن ،فالعربة بوقت إخراجه( .وقد زيدت) يفُ
فاسمعها) أي :فاسمع نظمها ( ُت َفدْ ) أي :تستفد معرفة هلا.واهلل أعلم.
َ النظم (زكاة الفطر
>
()285
كتاب الزكاة
( زكاة الفطر )
ِ َت ْل َز ُم َمن يف َر َم َ
���را ويَ�َس�رَ ْ
���وال ُح ًّ ُج���زْء ًا وم��ن َش َّ ضان قد َحضرَ ْ
ع���ي���د ِه و َل�� ْي�� َل��تِ�� ْه
ِ ���و ي����و َم
َ���ه َ
ك ُ ��ؤنَ��تِ�� ْه واج ِ
���ب َم ُ ��ل ع��ن ِ ِ
��ف��اض ٍ بِ
ٍ
وم���ن���زل وكُ���تُ���بِ��� ْه ك���خ���اد ٍم حَ��ت��اج�� ُه والق بِ�� ْه
ُ ِّ
وك���ل م��ا ي
��ب أرب���ع��� ٌة م��ن ُق���وتِ ِ
���ه ا ُمل��غَ�� ِّل ِ ص��اع ب��أم��داد النبي و َق��دْ ُره��ا
ْ ٌ
ِ أص��ال�� ًة جَ ِ
����ب عليه ف�� ْط َ
��رتُ�� ْه ت ْ ُ����ل َم���ن تَ�� ْل��ز َُم��ه ن�� َف�� َق��تُ�� ْه
وك ُّ
��ض��ان إ ْذ ُفتِ ْح َ َعجي ُلها يف َر َم ت ِ ��ح ِ ٍ
هن���ار ع��ي��د و َي��ص ْ َ ووق��تُ��ه��ا
()286
كتاب الزكاة
احلر ،فال جتب عىل رقيق ومكاتَب بنفسيهام ،بل تلزم سيدّ مها.
واجب َم ُؤنَتِ ْه) أي :ما جيب
ِ ٍ
(بفاضل عن (و) يشرتط :أن يكون (يَسرَ ْ ) أي :كونه مورس ًا
ِ
عيده عليه من مؤنة (كـ)مؤنتِه (هو) أي :نفسه ومؤونة من جتب عليه مؤونته ،وذلك (يوم
َ ُ َ
وليلت ْه)؛ ألهنا يف هذا الزمن رضورية فاعتُرب الفضل عنها( ،و) أن تكون فاضل ًة أيض ًا عن (كل
ثوب ونحوه( ،والق به) أيٍ :
بكل منهام منصب ًا ومروءة( ،كخادم) ما حيتاجه) هو أو ممونه من ٍ
ٍ
(ومنزل) له أو ملمونه( ،وكتبه) إن كانت حتوي عل ًام نافع ًا ،وكذا كتب حيتاج ٌ
كل منهام إليه،
اآللة ،ال كتب ِسحر وكيمياء ونحومها.
(صاع) ،والصاع( :بأمداد النَّبِ ْي أربعة) أي :أربعة أمداد ٌ (وقدرها) أي :زكاة الفطر
ُ
ٍ
بحفنة بِ َك َّفينْ معتدلني.انتهى من (ترشيح نبوية ،وا ُملد :رطل وثلث بالبغدادي ،وقدَّ ره مجاع ٌة
املستفيدين)( .من قوته ا ُمل َغ ِّلب) أي :من غالب قوت بلد املؤ َّدى عنه.
(وكل من تلزمه نفق ُت ْه أصالة) وهو من املسلمني ،فال جتب فطرة الكافر األصيل وإن وجبت ُّ
ٍ
زوجة ولو نفقته ،بخالف َمن وجبت نفقته وهو من املسلمني فـ(جتب عليه فِ ْ
ط َر ُت ُه) من نحو
ال ولو أمة؛ لوجوب نفقتهام ،بخالف البائن غري احلامل .ولو لزمه إخدام رجعية أو بائن ًا حام ً
زوجته فإن أخدمها أمتها لزم ُه فطرهتا أيض ًا ،أو أجنبي ًة فال ،ويف معناها :من َص ِح َبتْها لتخدمها
ِ
زوجة بنفقتها بإذنه .وال جتب فطر ُة ناشزة ،بخالف التي ِح َيل بينها وبني الزوج ،وال فطرة
أب ومستولدتِ ِه وإن وجبت نفقتهام؛ ألهنا الزمة لألب مع إعساره ،فيتحملها الولد بخالف ٍ
ووالد وجب عليهٍ الفطرة .انتهى من (املنهج القويم) البن حجر .وكذا جيب إخراجها عن ٍ
ولد
النفقة عليهام.
جف وعاد لصالحية
مسوس ومبلول إال إن َّ
معيب وال ِّ
ٌ فرع :ال تجُ ُ
زئ يف زكاة الفطر قيم ٌة وال
اال ِّدخار واالقتيات.
(ووقتها) أي :وقت إخراجها (هنار عيد) قبل صالته ،وهو األفضل؛ ألنه ى« :أمر بزكاة
الفطر أن تخُ َْرج قبل خروج الناس إىل الصالة» ،واخلرب رواه الشيخان .ويكره تأخريها عن
ٍ
قريب وال أخر عن يوم الفطر –وهو يوم العيد– عمد ًا بال ٍ
عذر وال انتظار الصالة بال عذر ،فإن َّ
()287
كتاب الزكاة
صديق َأثِم يف ذلك التأخري؛ لفوات املعنى املقصود ،وهو إغناء الفقراء يوم العيد عن السؤال،
ٍ
(ويصح تعجيلها يف رمضان إذ ُفتِ ْح) أي :ابتدا ًء بأوله ،فيجوز إخراجها يف
ُ ولزمه القضاء.
أي يوم فيه.
ِّ
ُيشرتط يف األخريين :أن يكون إعطاؤهم أسهل من بعث جيش ،ف ُيع َط ْون ما يراه اإلمام أو
املالك.
والرقاب :هم املكاتبون كتاب ًة صحيحة لغري املزكِّي ،ف ُيع َط ْون ما عجزوا عنه مما يويف َد ْينَهم.
معصية ،أو هلا وتاب ،ف ُيعطى ما عجز عنه مما يويف دينه ،ومن ٍ والغارم :من استدان لغري
()288
كتاب الزكاة
استدان إلصالح بني فئتني أو اثنني ،ف ُيعطى ولو غني ًا ما يويف َدينه.
وسبيل اهلل :هم الغزاة املتطوعون ،ف ُيعطون حاجتهم وحاجة عياهلم مدة الغزو إىل الرجوع،
فإن طال سفرهم أو مل ُيطيقوا امليش ُه ِّيئ هلم مراكب ،وإن مل َي ْعتدْ أمثاهلم محل متاعهم وزادهم
ُه ِّيئ هلم ما حيملها.
وابن السبيل :هو املسافر أو مريد السفر املباح ،ف ُيعطى ما ُيوصله مقصده إن مل يكن له مال
مركوب وما حيمل متاعه وزاده بالرشط الذي يف
ٌ يف طريقه ،وإالَّ فام يوصله إىل ماله ،ويهُ َ َّيأ له
الغزاة.
كل من هذه األصناف :احلرية الكاملة ،واإلسالم ،إالَّ فيام سوى َّ
الساعي من أنواع ورشط ٍّ
العامل ،فيجوز أن يكون كافر ًا ،وأن ال يكون هاشم ّي ًا وال مطلبي ًا وال موىل ألحدمها.
جوز كثري من العلامء دفعها لبني هاشم واملطلب إذا ُمنِعوا من خمُ ُس اخلُ ُمس ،وجيوزنعم؛ َّ
تقليدهم يف عمل النفس ال اإلفتاء.
وجيب استيعاب املوجودين من هذه األصناف يف الزكاة والفطرة ،وأفتى ابن عجيل
ٍ
صنف واحد ،وبجواز نقلها واألصبحي وذهب إليه أكثر املتأخرين :بجواز االقتصار عىل
ودفعها إىل شخص واحد ،فيجوز تقليد هؤالء يف ذلك].انتهى .واهلل أعلم.
>
()289
كتاب ال�صيام
( كتاب الصيام )
( كتاب الصيام )
إمساك خمصوص بنية ٌ اإلمساك ،وشرَ ع ًا:
َ الصيا ُم والصو ُم بمعنى واحد ،ومعناه لغة:
خمصوصة يف زمن خمصوص .واألصل يف وجوبه قبل اإلمجاع :قوله تعاىل :ﱫﭣ ﭤ ﭥ ٍ
()292
كتاب ال�صيام
قاسم)[ :وكذا السكران عىل املعتمد ،وقيل :جيب القضاء عليه مطلق ًا ،واملغمى عليه جيب عليه
القضاء مطلق ًا وإن مل َيتَعدَّ ].انتهى.
أما إذا َس ِكر الصائم أو أغمي عليه فقد قال ابن حجر يف (املنهج القويم)[ :وال يرض اإلغامء
يفق حلظة منه ،فإن الصوم
والسكر الذي مل يتعدَّ به إن أفاق حلظة يف النهار ،بخالف ما إذا مل ْ
يبطل هبام؛ ألهنام يف االستيالء عىل العقل فوق النوم ودون اجلنون ،فلو قلنا :إن املستغرق
ترض كاجلنون
منهام ال يرض كالنوم ألحلقنا األقوى باألضعف ،ولو قلنا :إن اللحظة منهام ُّ
ٍ
كافية].انتهى ،وسيأيت يف فصل ٍ
حلظة فتوس ْطنا وقلنا :إن اإلفاقة يف
ألحلقنا األضعف باألقوىَّ ،
املبطالت مزيد بيان للمسألة.
ِ (مطيق) أيٍ :
حس ًا لكَرب أو مرض ال ُي ْ
رجى قادر عىل الصوم ،فال جيب عىل من ال يطيقه ّ
حيض ونفاس( .مسلمٍ) ولو فيام مىض ،فيشمل ا ُملرتد؛ ألنه خما َطب به فيام ٍ رؤه ،أو رشع ًا لنحو
ُب ُ
الردة، ِ
يصح منه يف حال ِّوصم؛ ألنه ال ُّ مىض ،فيجب عليه وجوب مطالبة ،بأن ُيقال له :أسل ْم ُ
فيقضيه بعد العودة إىل اإلسالم ،بخالف الكافر األصيل فال جيب عليه وجوب مطالبة وإن كان
معا َقب ًا عليه يف اآلخرة كغريه من الواجبات.
(وارش ْط له) لوجوبه أيض ًاِّ :
(الص َّح َة) فال جيب عىل املريض مرض ًا يبيح له التيمم ،فإن كان ُ
ِ
مرضه ُم ْطبِق ًا فله ترك النية ،وإن كان متق ِّطع ًا َو ُوجد وقت الرشوع فله تركها ،وإالَّ نوى فإن
كاحلصادين ونحوهم احلرف َّ
الشاقة عاد املرض واحتاج إىل اإلفطار أفطر .ومثله :أصحاب ِ
َّ ُ
دخل يستغنون به يف رمضان ،أو ال يمكنهم الذين يتعذر عليهم القيام بعملهم ليالً ،وليس هلم ٌ
ترك ِح َرفِهم بحيث لو تركوها لفسد أو تلف ماهلم ،فإنه جيب عليهم تبييت النِّية ،فإن حلقتهم
بالصيام مشق ٌة شديدة تبيح التيمم أفطروا بنية الرتخص ،وإالَّ صاموا .
ارشط له (املقاما) أيض ًا أي :كونه مقي ًام ،فخرج به :املسافر سفر ًا طوي ً
ال مباح ًا ،فإنه يباح (و) ُ
ترض َر به فالفطر أفضل ،وإال فالصوم أفضل ،ما مل يكن سفره له ترك الصوم بنية ُّ
الرتخص ،فإن َّ
مج ٍ
ال ونحوهم فال يباح له الفطر ،وإالَّ أل َّدى إىل إسقاط الوجوب بالكلية كام كبح ٍ
ار و َّ ال ينقطع َّ
قاله السبكي واعتمده الرميل ،واستوجه ابن حجر يف (التحفة) أنه يباح له الفطر( .وكالصالة)
()293
كتاب ال�صيام
>
()294
كتاب ال�صيام
( وجوب الصيام )
ال��ع��دَّ ِة
��ب��ان ث�لاث��ي ِ َ ُ
إك�م�ال َش�� ْع ِ
مخسة ٍ
ب��واح��د م��ن ُوج���و ُب��� ُه
عن��ت ْ ��ق أو َي�� ْث�� ُب ُ ���و َف َ
��س َ رآ ُه َل ْ وص َمنورؤي�� ُة اهل�لال يف ُخ ُص ِ
ِ ٍ ِ ٍ
��ه��ادة ك��ذا أن ي رِ َع���دْ ِل َش
َع������دْ ُل روا َي�������ة ب���ه ُم رَ ِّ
��َب��را خُ�ِب�ا
ب��االج��ت��ه��اد م���ن ع�� َل ِ
أش��كَ�لا ��ي��ه ْ َ ْ َ ���ض���ان َد َخ�لا
َ وأن َي�� ُظ َّ
��ن َر َم ْ
()295
كتاب ال�صيام
ٍ
مروءة يقظ ًا ناطق ًا سميع ًا بصري ًا .انتهى من (نيل الرجاء رشح سفينة وكان ذكر ًا حر ًا رشيد ًا ،ذا
النجا).
مر ،وال يشرتط فيه العدالة الباطنة ،بل يكفي كونه مستور ًا؛ ملا
ويكتفى يف ثبوته بواحد كام َّ
لمِ صح أن أعرابي ًا َش ِهد عن النبي ى أنه رأى اهلاللَ ،ف َأمر
صح عن ابن الناس بالصوم ،و َا َّ
َ َّ
رأيت اهلالل ،فصا َم و َأ َمر الناس بصيامه»
«أخربت رسول اهلل ى أين ُ
ُ عمر ء أنه قال:
وصححه ابن حبان واحلاكم .واكتفي يف ثبوته بواحد دون غريه من الشهور؛
َّ رواه أبو داود
للصوم .وحمل االكتفاء به يف ثبوت الصوم وتوابعه ،كالرتاويح والعمرة واالعتكافلالحتياط َّ
ا ُملع َّل َقينْ ِ بالصوم ،ال يف نحو حلول دين ُع ِّلق به أو طالق أو عتق ،وهذا هو ثالث األمور التي
ٍ
شهادة بدخوله كذلك :االعتامد عىل ثبوته ِ
شهادة عدل يثبت هبا رمضانِ .
وم ْثل االعتامد عىل
برؤية العالمات الدَّ الة عىل ذلك يف البالد املعتمدَ ة ،كالقناديل ا ُملع َّل َقة باملنائر وسامع املدافع،
بلد ،وحيصل به اعتقا ٌد جازم عىل ثبوته ،وكذا إخبار عدد كل ٍ أهل ِّ
وغري ذلك مما تعارف عليه ُ
َّفق مطلعه مع مطلع حم ِّله ،بأن يكون التواتر ولو من ك َّفار برؤية اهلالل ،أو ثبوته يف حمل ُمت ٍ
غروب الشمس والكواكب وطلوعها يف املح َّلني يف وقت واحد.
مربر ًا) واأللف
و(كذا) من األمور التي يثبت هبا رمضان (أن خيربا) به (عدل رواية به ِّ
لإلطالق ،وعدل الرواية هو :من اجتمعت فيه رشوط عدل الشهادة سوى احلُ ِّرية والذكورة.
كذب عند ا ُملخبرَ أنه رأى اهلالل سوا ًء وقع يف
فإذا أخرب به عدل رواية موثوق به مل ُي ْع َهد عليه ٌ
موثوق به كالكافر والفاسق والصغري إن اعتقد عدم كذبه ٍ القلب صدقه أم ال ،أو كونه غري
وجب عليه صيامه عند ذلك ،وهذا هو األمر الرابع الذي ذكره يف نظمه.
(و) أما اخلامس من األمور( :أن ي ُظ َّن رمضان دخال) -واأللف لإلطالق– (باالجتهاد
من عليه ْ
أشكَال) أي :بيان شهر رمضان من غريه لنحو َح ْبس ،فإذا ظ َّن دخوله باالجتهاد
صام ،فإن وقع فيه فأداء ،وإن وقع بعده فقضاء ،وإن وقع قبله كان نف ً
ال وصامه يف وقته.
واحلاصل :أن أسباب وجوب الصيام مخسة :اثنان عىل سبيل العموم –أي :عموم الناس–
وهي :استكامل شعبان ثالثني يوم ًا ،وثبوت اهلالل ليلة ثالثني شعبان عند احلاكم ،وثالثة عىل
()296
كتاب ال�صيام
سبيل اخلصوص –أي :خصوص بعض الناس– وهو ما عدا املذكورين .واهلل أعلم.
>
()297
كتاب ال�صيام
( أركان الصيام )
(( ( حمل نظر ريض اهلل عن الفقهاء؛ إذ كيف يتصور قصد التقوي عىل الصوم واالمتناع من تناول مفطر خوف
الفجر وال خيطر عىل الشخص نية الصوم .ع َّلقه أمحد بن علوي احلبيش.
()298
كتاب ال�صيام
أن هذا إذا مل يكن عا ِّم َّي ًا ،وأما العا ِّمي فال مذهب له ،بل إذا وافق فعله
قلت :الظاهر َّ
القويم)ُ .
صح ولو مل يق ِّلد.
مذهب ًا َّ
وأما النفل فال جيب التبييت فيه ،بل له أن ينوي إىل الزوال مع عدم املنايف للصوم كأكل
َّبي ى
ومجاع .والدليل :ما رواه مسلم والدارقطني والبيهقي عن عائشة ر قالت :إن الن َّ
دخل عليها ذات يوم فقال :هل عندكم يشء؟ قالت :ال ،قال« :فإين إذ ًا صائم .»...فمن هنا
تقرر أن تبييت النية كل يوم يف النفل ال يلزم.
َّ
للمنوي من
ِّ وتلزم (يف الفرض) ولو كان نذر ًا ،أو قضاء ،أو كفارة ،أو نحوه( ،بالتعيني)
فرض كرمضان أو نذر أو كفارة ،بأن ينوي كل ليلة أنه صائم غد ًا عن رمضان أو النذر أو
يكف.الكفارة ،بحيث إنه لو نوى الصوم عن فرضه أو فرض وقته مل ِ
وأقل النية املعتربة أن ينوي بقلبه وجوب ًا وينطق بلسانه ندب ًا[ :نويت صوم رمضان] أو[ :نويت
ِ
رمضان هذه السنة غد عن أداء فرض الصوم عن رمضان] .وأكملها أن يقول[ :نويت صوم ٍ
َ
هلل تعاىل] ،أفاده ابن قاسم ،قال الباجوري :و ُيس ُّن أن يقول :إيامن ًا واحتساب ًا لوجه اهلل الكريم.
نفل صو ْم) مطلق ،نعم؛ النفل الذي له ٌ
سبب واشرتاط التعيني كام تقدم يف الفرض( ،ال يف ِ
كصوم االستسقاء بغري أمر اإلمام ،أو مؤ َّق ٍ
ت كصوم اإلثنني وعرفة وعاشوراء وأيام البِيض
كفرض يف وجوب التعيني .قال ابن حجر يف (املنهج القويم)[ :لكن معنى وجوب التعيني
بقسم ْيه :أنه بالنِّسبة حليازة الثواب املخصوص ،ال أن الصحة متوقفة عليه].
َ يف النفل املذكور
انتهى.
وتعمد قيء ،وسيأيت تفصيله ،وكذا ٍ
واستمناء (و) من أركانه أيض ًا( :ترك ما ف َّ
ط َر ُه) من مجا ٍع
ُّ
كس ْم ِس َم ٍة ،أو مل تؤكل عادة كحصاة ،من منفذ
(من واصل ع ) أكل أو رشب ،وإن ق َّلت ِ
َ ينْ
مفتوح ال كالعني ومسا ِّم اجللد (إىل جوف) أي :إىل ما ُيسمى جوف ًا من بدنه ،كباطن األذن
واإلحليل ونحومها .فيرض وصول يشء من ذلك إىل جوف (لغري جاهل) ،وأما اجلاهل بأن
قريب عهد بإسالم ،أو نشأ ببادية أو بلدة بعيدة عن
َ ذلك ُي َف ِّطر ،وكان معذور ًا بجهله كأن كان
مكره ًا و َأكَل ٍ
اختيار) بوصوله إىل جوفه ،فلو كان َ العلامء ،ف ُي ْغتَفر له ذلك .وال يرض إال (مع
()299
كتاب ال�صيام
أو شرَ ِ ب ولو كثري ًا ال يرض ،ومثله :النايس؛ لقوله ى« :إن اهلل وضع عن ُأ َّمتِي اخلطأ والنسيان
وما اس ُتك ِْرهوا عليه» رواه ابن ماجه واحلاكم .مع كونه (ذاكر ًا) للصوم عند األكل ،أو الرشب
أو وصول يشء إىل نحو جوف ،فإن ذلك يرض.
ٍ
أسنان) وعجز عن (وال) يفطر(بام) َو َصل إىل جوفه (بـ) سبب (الريق جيري) بام (بني
جمِّه ،وال جيب عليه اخلالل وإن علم أن اجلريان املذكور سيقع هنار ًا ،لكن ُيندَ ب؛ خروج ًا من
خالف من أوجبه .و(كام) ما ذكر أن (جتري ُنخَ ام ٌة) بنفسها نز َل ْت من الرأس أو اجلوف( ،و)
(عج ْز عن
وصلت إىل حد الظاهر من الفم ،ثم سبقت إىل اجلوف فال يرض؛ (للعذر) حيث َ
جم َها) ،بخالف ما لو أجراها هو بنفسه ثم عجز عن جمِّها ،أو جرت بنفسها وقدر عىل جمِّها ومل
ِّ
يم َّجها فإنه يفطر بذلك.
ُ
حرتزْ) معطوف عىل (وال بام) أي :وال يفطر ما يفوت املحرتز أي :املتح ِّفظ (أو ما يفوت ا ُمل ِ
متعم ٍد لوصوله؛ ِ
الطريق) أي :غبار الطريق ونحوه إذا كان غري ِّ ْ (من واصل اجلوف كَع ْثيرَ
تعمد وصوله إىل جوفه كأن فتح لعرس التحرز منه ،إال وصول الغبار النجس فيرض .أما ا ُمل ِّ
رض إن كثري ًا طاهر ًا ،ومطلق ًا إن كان نجس ًا ،هذا اعتامد ابن حجر .واعتمد الرميل :عدم فاهَّ :
فم ِه أم ال( .أو)
ال أو كثري ًا ،تعمد َفتْح ِ
َّ اإلفطار به مطلق ًا ،من حيث كونه طاهر ًا أو نجس ًا قلي ً
تعمد فتح فمه ألجل (كذباب) وبعوض ونحوها ،وإن َّ ٍ كان الواصل إىل اجلوف حرش ًة طائرة
دخوله فإنه ال يفطر ،فإن أخرجه عمد ًا أفطر ،وجيوز له ذلك إن خاف رضر ًا( .أو) كان الواصل
الدقيق) ونحوه ،ويأيت فيها ما يف الغبار من اخلالف .واهلل أعلم.
ْ (مغ َْربل
إىل اجلوف ُ
>
()300
كتاب ال�صيام
( مبطالت الصيام )
()301
كتاب ال�صيام
(و) كذا يب ُطل (باستمناء) إن كان عامل ًا عامد ًا خمتار ًا ،واالستمناء هو :إخراج املني بغري
مجاع ،سواء كان بيده أو بيد حليلته أو بلمس أجنبية أو غريها بحائل أو ال .أما خروج املني
بغري طلب؛ فيبطل الصوم إن كان بلمس من ينقض ملسه –أي :الزوجة واألجنبية– بال حائل،
ضم ألجنبية بحائل ،أو فكر أو نظر فال يبطل به.
أو بلمس حمرم بشهوة بال حائل ،ال بنحو ٍّ
(و) يبطل بـ(الوطء) عامد ًا عامل ًا خمتار ًا ،يف فرج قب ً
ال كان أو دبر ًا ،ولو من هبيمة ،وإن مل
ُينزل ،ويفطر بإدخال احلشفة ك ِّلها ،أو قدرها من فاقدها ،ويفطر املوطوء بدخول بعضها فيه.
وآخر مبطل له عبرَّ عنه بقوله( :أو يرتدُّ ) والردة :قطع اإلسالم –والعياذ باهلل تعاىل منها– ولو
حلظة؛ ملنافاهتا العبادة ،وال يرتدُّ إال (ذو الشقاء) أي :صاحب شقاوة ،وهي :ضد َّ
السعادة.
واهلل أعلم.
>
()302
كتاب ال�صيام
()303
كتاب ال�صيام
َبان) أي :ظهر عىل خالف ما ظنه ،وذلك ألنه مقصرِّ إ َّما حقيق ًة إن كان بغري اجتهاد ،وإما
است ْ
ُحك ًام إن كان باجتهاد؛ لتقصريه يف سببه.
شعبان) وحذفت النون
ْ (ثالثو
ُ بان) أي :ظهر
(من) أي :الذي (له َ
(أو) أصبح ُمفطر ًا َ
لإلضافة ،وهو من أهل الوجوب (بأنه) أي :اليوم الذي أصبح فيه مفطر ًا (من رمضان)،
والقضاء يف ح ِّقه عىل الفور عىل املعتمد ،قال ابن حجر يف (املنهج القويم)[ :وكأن وجهه أن
فطره ربام كان فيه نوع تقصري؛ لعدم االجتهاد يف الرؤية] ،وألنه يلزمه الصوم إن َع ِلم حقيقة
احلال ،وهذه خامس املواضع التي جيب فيها مع القضاء اإلمساك.
(أو َس َب ْق) إىل جوفه (ماء ُمبالِغٍ) للوضوء حال كونه
وأما سادسها فأشار إليه بقولهْ :
(أو ن ََش ْق) فبالغ أيض ًا يف ماء االستنشاق؛ ألن املبالغة غري مَ
(ت َ ْض َمض) فبالغ يف املضمضةْ ،
مرشوعة للصائم ،فهو ُميس ٌء هبا ،نعم؛ إن بالغ ألجل نجاسة يف الفم أو األنف ،فسبق املاء إىل
جوفه فال يرض؛ ألهنا واجبة عليه .وكاملبالغة يف الوضوء زيادة رابعة يقين ًا أو أكثر؛ ألهنا غري
مرشوعة ،أو انغامس يف املاء لكراهته للصائم ،ومثله ما جعله يف فمه ملحض تربد أو تنظف أو
ٍ
لغرض بل لعبث. ال
وال جيب اإلمساك عىل صبي َب َلغ ،أو جمنون َأفاق ،أو كافر َأ ْسلم ،أو مسافر أو مريض زال
عذرمها بعد الفطر ،بل ُيس ُّن؛ إذ ال تقصري منهم ،وا ُمل ْم ِسك يف هذه احلاالت ليس يف صوم ْ
وإن
ٍ
بواجب ُخوطب به ،ال من جهة الصوم ،فلو ارتكب حمظور ًا كاجلامع ثيب عليه ِمن جهة أنه قام
ُأ َ
فال يشء عليه سوى اإلثم –أي :ال كفارة عليه ،-ويكره له السواك بعد الزوال ،واملبالغة يف
املضمضة واالستنشاق كالصائم.
أما إن بلغ الصبي أو زال عذر املسافر أو املريض وهم صائمون بأن نووا لي ً
ال ومل يتناولوا
مفطر ًا وجب إمتام الصوم وال قضاء عليهم.
()304
كتاب ال�صيام
مطلق ًا ،وقيل :يف حق أهل العلم ومحلة القرآن ،ومن الصغائر يف غريهم .وإذا اغتاب الصائم
سب أو َفعل شيئ ًا ممِ ّا نهُ ي عنه ثم تاب ،فهل يعود له بعض أجره؟ قيل :نعم ،وقيل :ال يعود،
أو َّ
وهو األقرب؛ ألن أثر التوبة إنام هو يف سقوط اإلثم ال يف حتصيل ثواب صفة الكامل.
ومنها :النميمة وهي :السعي بني الناس بالفساد؛ حلديث« :الغيبة والنميمة يفطران الصائم»،
أخذ بظاهره بعض األئمة ،وبعضهم عىل إحباط الثواب.
كشم الرياحني والنظر إليها؛ ملا فيه من الرت ُّفه الذي
ومنها :مالبسة كل شهوة ال تبطل الصومِّ ،
ال يناسب ِحكمة الصوم.
وحجم؛ خلرب« :أفطر احلاجم واملحجوم» رواه أبو داود والرتمذي وغريمها،
ٌ ومنها :احتجا ٌم
تعرضا لإلفطار.
أيَّ :
خوف وصوله حلقه لغري حاجة ،فإن كان هلا كط َّباخٍ فال كراهة.
َ وذوق نحو طعام
ومضغ نحو ُلبان مل يتحلل منه جرم؛ ألنه جيمع ِّ
الريق ،وبلعه حينئذ مف ِّط ٌر يف وجه ،والصحيح
()305
كتاب ال�صيام
خالفه ،وإلقاؤه مع ِّطش ،وألنه ُيتَّهم باإلفطار ،وقد قال ى« :من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر
فال يقف َّن مواقف الت َُّهم».
وتأخري فطر ملن قصده ورأى فيه فضيلة.ودخول محام لغري حاجة ،ومل حيصل منه ٍ
تأذ.
واستياك بعد الزوال لغري حاجة بسواك؛ ألنه يزيل اخللوف املطلوب إبقاؤه].انتهى .واهلل
أعلم.
>
()306
كتاب ال�صيام
( موجب الكفارة )
���ج�م�ا ِع اإل ْث��� ِم���ض���ان بِ ِ ���ن َر َم ِ أف��س��دَ َص���و َم َي��و ِم ُّ
َ م ْ وك���ل َم��ن َ
���ذ ِر ِ
ع���ام���دٌ وع�����المِ ٌ مل ُي��� ْع َ ��و َس ِ َ��ح ِ
ب��ل ��ف��ر �َت� ِّخ��ص�� ًا ب��ن ْ
ال ُم رَ َ
وت��ع��زي��ر ع�لى اجل��س��ار ْه
ٌ عظمى َي�� ْل��ز َُم�� ُه َم َ
���ع ال�� َق َ
��ض��ا كَ�� َّف��ار ْه
���رم ِ
���ه أو َم ِّيتا بِ��ي��م�� ًة ِم���ن ج ِ واخص ْص هبا الواطِ َئ حتى َل ْو أتى
ْ ُ َ هَ ُ
()307
كتاب ال�صيام
الزنا ال ألجل الصوم( .بل) يشرتط يف وجوب الكفارة :أن يفعل اجلامع وهو (عامدٌ ) فخرج
تكرر منهام( ،و) كذا (عامل) بالتحريم ،فخرج به :اجلاهل املعذور ،ال به :النايس وا ُمل َ
كره ،وإن ّ
عذ ِر) بجهله لقرب إسالمه ،أو لكونه نشأ بمكان بعيد عن العلامء.
اجلاهل الذي (مل ُي َ
فمن كان هذا حاله وأفسد صومه بجامع (يلزمه) عند ذلك (مع القضا) فور ًا لليوم الذي
أفسده (كفار ْه ُعظمى) والكفارة :مأخوذة من ال َك ْفر وهو :السرت؛ ألهنا تسرت الذنب ،واملراد
ِ
هبا هنا :عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب التي تخُ ُّل بالعمل ،فإن مل جيدها ّ
حس ًا بأن فقدها يف
مسافة القرص أو رشع ًا بأن مل يقدر عىل ثمنها فصيام شهرين متتابعني مع تبييت نية الكفارة
بعذر كسفر ومرض ،وجيب لكل ليلة ،وينقطع التتابع بفطر يوم ،ولو بإفطار اليوم األخري ،ولو ٍ
مة –بضم الغني وسكون لعذر ولو ل ُغ ْل ٍ
ٍ االستئناف .فإن مل يستطع صومهام أص ً
ال أو متتابعني
الالم وهي :شدة الشهوة– فإطعام ستني مسكين ًا ،لكل مسكني مدٌّ مما جيزئ يف صدقة الفطر.
(تعزير) له (عىل ِ
اجلسار ْه) أي :اإلقدام عىل فعله ذلك يف هنار رمضان غري ٌ (و) كذا يلزم
تأديب عىل ذنب ال حدَّ فيه وال كفارة
ٌ ُمرا ٍع حلرمة الوقت .والتعزير لغة :التأديب ،ورشع ًا:
غالب ًا .واحلاصل :أن التعزير يلزم َم ْن لزمته الكفارة.
(واخصص هبا) أي :الكفارة (الواطئ) ال املوطوءة؛ ألهنا تفطر بإيالج بعض احلشفة ،ولو ُ
الواطئ (هبيم ًة) تلزمه الكفارة
ُ بل أو ُد ٍبر كام تقدَّ م( ،حتى لو أتى)
كان املوطوء ذكر ًا من ُق ٍ
(جرمه) أي :إثمه؛ النتهاكه حرمة الوقت ،وإفساده لصوم الفرض باجلامع( ،أو) (من) أجل ُ
حتى لو أتى (م ِّيت ًا) فحكمه كام سبق .واهلل أعلم.
>
()308
كتاب ال�صيام
()309
كتاب ال�صيام
(و) كذا جيوز اإلفطار (للذي يف طاعة يسافر) سفر ًا طويالً ،برشط :مفارقة العمران أو
السور قبل الفجر ال بعده .وخرج بقوله( :يف طاعة) سفر املعصية ،فال جيوز به اإلفطار .وجتب
نية الرتخص عند الفطر عىل من جيوز له الفطر ممن ُذ ِكر.
(من يؤخر قضاء (ثم) الثالث من أنواع اإلفطار من حيث احلكم( :محُ َّرم) اإلفطار (لـ) كل َ
(من فِ ْعله) للقضاء
رمضان) حتى يدخل رمضان آخر (مع متكنِه)؛ لكونه مقي ًام صحيح ًا ِ
ْ
(مقدَّ م ًا يف زمن ِ ْه) قبل أن يضيق الوقت بدخول رمضان آخر ،أما إذا مل يتمكن بأن استمر السفر
أو املرض حتى دخل رمضان آخر فال حتريم ،ومثله :النايس ،واجلاهل ولو خمالط ًا للعلامء؛
خلفاء ذلك.
وملا فرغ من أنواع اإلفطار باعتبار احلكم الرشعي رشع يف أقسام اإلفطار باعتبار ما يلزم
ِ
والفدية) بسببه (و) هي أربعة :األول (منه) أي :من أقسام اإلفطار ما كان (موجب القضاء
رصف إىل واحد من الفقراء
عمن وجبت عليه ،و ُي َ
وهو مدٌّ من غالب قوت البلد خُي َرج لكل يوم َّ
أو املساكني ،فال جيوز مدٌّ الثنني ،وجيوز رصف أمداد لواحد.
ِ
خليفة عىل سواه) أي :غريه ،كاإلفطار إلنقاذ حيوان وذلك (يف صورتني) ،األوىل( :مفطر
حمرتم آدمي أو غريه ،له أو لغريهَ ،أشرْ َ ف عىل اهلالك بغرق أو غريه .وإفطار حامل ومرضع
خوف ًا عىل الولد وحده أن يترضر بمبيح التيمم ،ولو كان الولد لغري املرضعة ولو ُمت ِّ
ربعة ،وال
خلوف عىل النفس ،أو عىل النفسٍ تتعدد الفدية بتعدد الرضيع .فإن أفطرت احلامل واملرضع
والغري فال فدية.
(أخ َرا) -واأللف لإلطالق– مع قضاء) عن صوم رمضان َّ ً والثانية عبرَّ عنها بقوله( :أو
أنه قد (أمكنه) القضاء؛ النتفاء العذر من نحو مرض وسفر ،فأصبح مقي ًام صحيح ًا ،لكنه
يقضه حتى أخره (لرمضان آخرا)؛ لقوله ى« :من أدرك رمضان فأفطر ملرض ،ثم صح ومل ِ َّ
َّ
أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه ،ثم يقيض ما عليه ،ثم ُيطعم عن كل يوم مسكين ًا» رواه
الدارقطني والبيهقي ،وإن كان اخلرب ضعيف ًا كام قاله ابن حجر يف (املنهج القويم) ،إال أنه ُي َ
عضد
بإفتاء ستة من الصحابة وال خمالف هلم .فإن مل يتمكن من القضاء؛ الستمرار سفر أو مرض به
()310
كتاب ال�صيام
()311
كتاب ال�صيام
رشع ًا.
تنبيه :القضاء يف مجيع ما ُذ ِكر عىل الرتاخي ،إالَّ فيمن َأثِم بالفطر ،وا ُملرتد ،وتارك النية لي ً
ال
عمد ًا عىل املعتمد كام أفاده القليويب .وإذا ضاق الوقت قبل رمضان الثاين بأن مل ي ْب َق إال ما يسع
ٍ
حينئذ عىل الفور .واهلل أعلم. القضاء فيجب القضاء
َّطوع )
خامتة يف ( صوم الت ُّ
ِ
أحببت هنا أن ُألحْ ق هذه اخلامتة بباب الصوم؛ َّ
لتتم الفائدة .وقد اخترصت ألفاظها من (مغني
ٍ
بفرض من التقرب إىل اهلل /بام ليس
َّطوع معناهُّ :
املحتاج) فأقول وباهلل التوفيق ..إن الت ُّ
مناسب لقوله تعاىل :ﱫﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﱪ
ٌ بالتطوع هنا
ُّ العبادات ،والتعبري
–أي :بالصيام– .والصوم أفضل العبادات؛ ملا ورد يف فضله عنه ى ،ومن ذلك :ما ورد يف
الصحيحني أنه قال« :من صام يوم ًا يف سبيل اهلل باعد وجهه عن النار سبعني خريف ًا» ،ويف
الصوم فإنه يل وأنا أجزي به» متفق عليه ،ومن أحسن ما قيل احلديثُّ :
«كل عمل ابن آدم له إال َّ
يف تأويل معنى احلديث :ما قاله سفيان بن ُع َي ْينة كام قاله السبكي ،فإنه قال[ :إنه يوم القيامة
يبق إال الصوم
يتعلق خصامء املرء بجميع أعامله ،إال الصوم فإنه ال سبيل هلم عليه ،فإنه إذا مل َ
يتحمل اهلل عنه ما بقي من املظامل ،و ُيدْ ِخله بالصوم اجلَنَّة].
السنة،
يتكر ُر يف األسبوع ،ومنه ما يتكرر يف الشهر ،ومنه ما يتكرر يف َّ
وصوم التطوع منه ما َّ
يتحرى صومهام ،وقال:
َّ فيسن صوم يومي اإلثنني واخلميس من كل أسبوع؛ ألنه ى كان
ِ
عرض عميل وأنا صائم» رواه النسائي وغريه. «إهنام يومان تُعرض فيهام األعامل َف ُأح ُّ
ب أن ُي َ
وقال السهييل :أن النبي ى قال لبالل« :ال َي ُفت َْك صيام يوم االثنني فإين قد ُولدت فيه ،و ُبعثت
فيه ،وأموت فيه».
ويسن صوم ثالثة أيام من كل شهر؛ لألمر به ،فإن كانت أيام الليايل البيض فهو حسن؛
لسنَّتني .وأيام البيض وهي :اليوم الثالث عرش وتالياه؛ لألمر بصومها يف النسائي
إلصابته ُ
وصحيح ابن حبان .ويسن صوم أيام الليايل السود ،وهي :الثامن والعرشون وتالياه.
()312
كتاب ال�صيام
>
()313
كتاب احلج
( كتاب احلج )
( حكم احلج والعمرة ورشوط وجوهبام )
ان إِالّ عىل مسلِ ٍم حر م َك َّل ٍ
ف ان فيِ العم ِر مر ًة و ِ
احدَ ةًَ ،والَ يجَ ِ َب ِ اج َب ِاحل ُّج وال ُع ْم َر ُة َو ِ
َ
ُ ٍّ ُ َ ٰ ُ ْ ُ ْ َ َّ َ
يق.وتلِ َي ِة ال َّط ِر ِ
َان ا َمل ِس ِري خَ ْ
ُم ْستَطِي ٍع َم َع إِ ْمك ِ
( كتاب احلج )
احلج :بفتح احلاء وكرسها مصدر .وهو لغة :القصد .ورشع ًا :قصد الكعبة للنسك .وال ُع ُمرة
بضم أوليها أو بفتح وسكون أو بضم وسكون ،لغة :الزيارة .ورشع ًا :زيارة الكعبة للنسك.
و ُف ِرض احلج يف السنة السادسة ،ويك ِّفر الذنوب حتى الكبائر والتبعات إذا كان مربور ًا.
()316
كتاب احلج
()317
كتاب احلج
()318
كتاب احلج
عليه قبل ذلك ،فليس من األركان ،وهو ضعيف .ويرتتب عىل جعل ٍّ
كل منهام نسك ًا :أنه يثاب
عليه ،وعىل الثاين :أنه ال يثاب عليه كام يف (الباجوري عىل ابن قاسم).
(و) سادسها( :الرتتيب يف معظم األركان) بأن يقدم اإلحرام –بمعنى النية– عىل اجلميع،
ويقدم الوقوف عىل طواف الركن ،وعىل احللق أو التقصري ،ويقدم الطواف عىل السعي إن مل
يفعل بعد طواف القدوم.
وهذه األركان املذكورة للحج( .و) أما (أركان العمرة) فهي( :أركان احلج إال الوقوف)؛
لقوله ى « :احلج عرفة» رواه أصحاب السنن وغريهم .وأركان العمرة ك ُّلها عىل الرتتيب.
>
()319
كتاب احلج
()320
كتاب احلج
كل منها بسبع حصيات إن مل ينفر النفر(و) الرابع( :رمي اجلمرات الثالث أيام الترشيق) ٌّ
األول ،وإال فالواجب رمي اليومني األَ َّو َلينْ من أيام الترشيق ال غري .ويدخل رمي ِّ
كل يو ٍم منها
بزوال شمسه ،واألفضل عقبه وقبل صالة الظهر ،ويبقى وقت االختيار ِّ
لكل يوم إىل غروب
شمسه ،ثم اجلواز بكراهة إىل آخر أيام الترشيق.
لعذر ي ِ
سقط القيام يف فرض الصالة وال يسقط بعذر من األعذار؛ بل جيب عىل من عجز عنه ٍ ُ
إنابة من يرمي عنه ولو بأجرة فضلت عماَّ يعترب يف الفطرة .ويشرتط لصحة اإلنابة :أن تكون
بعد دخول وقت الرمي وقبل رمي النائب ،وأن يكون العذر قائماً حال اإلنابة إىل الرمي ،وأن
يظن بقاء العذر إىل آخر أيام الترشيق ،وأن يكون النائب مك َّلف ًا أو مم ِّيز ًا أذن له ول ُّيه ،وأن يكون
قد رمى عن نفسه إن كان محُ ْ ِرم ًا .ويشرتط للرمي تسعة رشوط:
واحدة من اجلمرات ،واحدة بعد واحدة. ٍ األول :رمي سبع حصيات يف ِّ
كل
الثاين :ترتيب اجلمرات ،فيبدأ بالتي تيل مسجد اخليف ،ثم الوسطى ،ثم مجرة العقبة .فلو
يصح إال رمي اجلمرة األوىل ،ويأيت بعد ذلك بالوسطى ،ثم مجرة العقبة.
عكس مل َّ
الثالث :عدم الصارف.
الرابع :قصد اجلمرة بالرمي.
اخلامس :حتقق إصابة املرمى بفعله.
السادس :أن يكون الرمي يف وقته املحدد.
املرمي به حجر ًا.
ِّ السابع :كون
سمى رمي ًا.
الثامن :أن ُي َّ
فالرجل ،فالفم.
التاسع :كونه باليد إن قدر عليه ،وإال فبالقوسِّ ،
(و) الواجب اخلامس( :املبيت بمنى ليايل أيام الترشيق) الثالث معظم الليل إن مل ينفر
النفر األول ،وإال سقط مبيت الليلة الثالثة إن نفر النفر األول يف اليوم الثاين من أيام الترشيق.
ويشرتط لصحة النفر األول :أن يكون بعد زوال اليوم الثاين وقبل غروبه ،وبعد مجيع الرمي،
وأن يكون قد بات الليلتني قبله بمنى أو مل يبتها لعذر ،وأن ينوي النفر مع مقارنتها للنفر ،وأن
()321
كتاب احلج
ٌ
رشط مل جيز له النفر ،ولزمه مبيت الثالثة ورمي ال يكون يف عزمه العود للمبيت .فإن َّ
اختل
يومها .نعم ،لو أراد النفر وحصل الغروب وهو يف شغل االرحتال فله النفر عىل ما اعتمده ابن
حجر خالف ًا للرميل.
فمدّ ان -ويأثم إن كان بغري
ويلزم الدم برتك مجيع املبيت –أما إن ترك ليلة فعليه ُمدّ ،أو ليلتني ُ
عذر ،ومن ُع ِذر سقط عنه اإلثم والدم.
ومن أهل العذر :الرعاة ،وأصحاب السقاية ،برشط :أن ال يمكث الرعاة إىل الغروب ،وإالَّ
لزمهم؛ ألن عذرهم بالنهار ،بخالف أهل السقاية فإن عذرهم بالليل أيض ًا .وممن يعذر يف ترك
املبيت أيض ًا :خائف عىل نفس أو مال أو ضياع مريض برتك تعهده وغري ذلك مما يمكن جميئه
من أعذار اجلامعة.
(و) السادس من الواجبات( :التحرز عن محُ َّرمات اإلحرام) أي :عدم الوقوع فيها،
وستأيت.
(و) السابع من الواجبات( :طواف الوداع) عىل ِّ
كل من أراد مفارقة مكة إىل مسافة قرص
مطلق ًا أو إىل وطنه ،وقد فرغ من مجيع نسكه إن كان يف نسك ،وال عذر له سواء يف ذلك احلاج
واملكي وغريه .أما من له ُعذر من أعذار ترك املبيت باملزدلفة أو منى ،وكذا
ُّ واملعتمر وغريمها
احلائض والنفساء ،فال دم عليه وال إثم برتكه ،برشط :مفارقة عمران مكة قبل زوال عذره.
وإذا طاف طواف الوداع غادر مكة ،وليس له املقام فيها إال لنحو شدِّ َر ْحل أو انتظار رفقة،
وإال أعاد طواف الوداع.
(وواجبات العمرة :اثنان) فقط ،األول( :اإلحرام من امليقات) كام يف احلج( .و) الثاين:
(التحرز عن حمرمات اإلحرام) وسوف تأيت .
ُّ
>
()322
كتاب احلج
( سنن احلج )
احل ِّج َع ٰىل ال ُع ْم َر ِة ،و َط َو ُ
اف ال ُقدُ ومِ، ِ ِ
ان بال َّت ْلبِ َية ،و َت ْقد ُ
يم َ وسنَنُ ُه كَثِ َريةٌِ ،من َْها :ا ِ
إل ْت َي ُ ُ
ورد ٍ
اء َأ ْب َي َضينْ ِ . ور ْكعتَا ال َطو ِ
َار ِ َاف ،و ُل ْب ُس إِز ٍ ّ َ َ
بحرضة األجانب ،ويرفعان صوهتام بغري حرضهتم .وإذا رأى ا ُملحرم ما يكرهه أو يعجبه يندب
[اللهم إن العيش عيش اآلخرة]،
َّ له أن يقول[ :لب َّيك إن العيش عيش اآلخرة] ،ويقول احلالل:
بغري لفظ لبيك.
(و) من سنن احلج أيض ًا( :تقديم احلج عىل العمرة) بأن حيرم باحلج مفرد ًا من ميقاته ويفرغ
منه ،ثم خيرج من مكة إىل أدنى احلل فيحرم بالعمرة ويأيت بعملها.
(و) منها( :طواف القدوم) ،ويقال له :طواف الورود وغري ذلك ،ويسن إذا دخل مكة قبل
الوقوف بعرفة وقبل نصف ليلة العيد .أما بعد منتصف ليلة النحر يدخل وقت طواف الركن
–أي :اإلفاضة– فيندرج حتته .وال يسن للمعتمر طواف قدوم؛ النشغاله بطواف العمرة؛ إذ
()323
كتاب احلج
>
()324
كتاب احلج
()325
كتاب احلج
>
دون ذلك فمن حيث أنشأ ،حتى أهل مكة من مكة» متفق عليه.
()326
كتاب احلج
( أنواع النسك )
اءَ .
وأ ْف َض ُلها ي ِر َم ُم ْف ِرد ًا َأ ْو ُمت ََمتِّع ًا َأ ْو َق ِ
ارن ًا َأ ْو ُم ْطلق ًا ،ثم يَصرْ ِ ُفه إِ ٰىل َما َش َ ويجَ ُ و ُز َأ ْن حُ ْ
إل ْفراد فالتَّمتُّع ِ
ان.فالق َر ُ َ ُ ا ِ َ ُ
()327
كتاب احلج
>
()328
كتاب احلج
>
()329
كتاب احلج
( واجبات الطواف )
وم َطافِ ِه، ِِ ِ
اسة فيِ َث ْوبِه و َبدَ نه َ
احلدَ َث ِ ،وع ِن النَّج ِ
َ َ َ وو ِ
اج َبا ُت ُه َأ َحدَ َعشرَ َ :ال َّط َه َار ُة َع ِن َ ينْ َ
هاء بِ ِه ،ونِ َّي ُت ُه إِ ِن ْاس َت َق َّل ،ومحُ َا َذا ُت ُه ِ لاِ ِ
باحل َج ِر األَ ْس َود وا نْت ُ اف َوسترْ العور ِة ،وبدْ ؤُ ه ال َّطو ِ
َ ُ ََْ َ ُ َ
ِ ِ ِ
اره فيِ جمَ ي ِع َط َوافه َم ّار ًا ِ ِ
وج ْع ُل ال َب ْيت َع ْن َي َس ِ ِ ِ
ل ْل َح َج ِر َأ ْو َب ْعضه عند النية إن وجبتَ ،
واحل ْج ِرت ِ ارج ًا بك ُِّل بدَ نِ ِه و َثوبِ ِه ا ُملتَحر ِك بحركَتِ ِه ع ِن البي ِ اء َو ْج ِه ِه ،وك َْو ُن ُه َخ ِ ِ
َ َْ َ َ َ ِّ ْ َ ت ْل َق َ
صفِ ِه لِ َغيرْ ِ ِه. ِ ِ ِ ِ ِ
والشا َذ ْروان ،وك َْو ُن ُه َداخ َل ا َمل ْسجد ،وك َْو ُن ُه َس ْبع ًا َيقين ًا ،و َعدَ ُم رَ ْ َّ
()330
كتاب احلج
()331
كتاب احلج
()332
كتاب احلج
>
()333
كتاب احلج
( واجبات السعي )
ويتِ َم با َمل ْر َو ِة ،وك َْو ُن ُه َس ْبع ًا َي ِقين ًا ،و َق ْط ُع جمَ ِي ِع ا َمل َسا َف ِة ِ وو ِ
اج َبا ُت ُه س َّت ٌةَ :أ ْن َي ْبدَ َأ َّ
بالص َفا خَ ْ َ
وأ ْن ي َقع بعدَ َطو ٍ ادي ،وعدَ م الص ِ ِ ب الص َفا وا َملرو ِة ،وكَو ُنه فيِ ب ْط ِن الو ِ
اف ارف َعنْ ُهَ ْ َ َ َ َ ، َ ُ َّ َ ْ ُ َ ْ َ َ ينْ َ َّ
حيحٍ . ص ِ
َ
()334
كتاب احلج
>
()335
كتاب احلج
()336
كتاب احلج
>
()337
كتاب احلج
( حمرمات اإلحرام )
ِ خيط لِ َّ ِ
إلحرا ِم عشرْ ُة َأ ْشياءَ :أولهَُ ا ُلبس ا َمل ِ
لذكَر ،و َثان َيها َس ُ
رت َ َ َّ ْ ُ وي ُر ُم َع ٰىل ا ُمل ْح ِر ِم با ِ ْ َ َ َ حَ ْ
وي ُر ُم َع َل ْي َها ُل ْب ُس ال ُق ّفا َز ْي ِن فيِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َر ْأسه َأ ْو َب ْعضه ،و َثال ُثها َسترْ ُ َو ْجه ا َمل ْر َأة َأ ْو َب ْعضه ،حَ ْ
اش ِه بام يدَ يا ،ورابِعها ال َّت َطيب عىل ك ٍُّل ِمن الرج ِل وا َملر َأ ِة فيِ بدَ نِ ِه َأو َثوبِ ِه َأو فِر ِ
ْ ْ ْ َ َ ْ َ َّ ُ ُّ ُ َ ٰ َ ُ َ هْ
ِ وساد ُسها ِ ِ ِ ِ الر ْأ ِ ِ ِ
اجلماَ ُع َع ٰىل ك ٍُّل م ُنهماَ ، س والل ْح َيةَ ، وخام ُسها َد ْه ُن َش ْع ِر َّ ُي َعدُّ طيب ًاَ ،
شيِ ٍ ِ ِ ش ٍء ِم َن َّ
ي َو ْح ٍّ الش ْع ِر َأ ِو أظ َفار ،و َثامنُها ال َّت َع ُّر ُض لك ُِّل َص ْيد َب ِّر ٍّ وسابِ ُعها إِزَا َل ُة يَ ْ َ
َاسعها َق ْطع َنب ِ ِ احل َر ِم َع َل ْي ِه و َع ٰىل َ ُول فيِ ِ
ات ُ َ احلال َِل ،وت ُ احل ِّل َع ٰىل ا ُمل ْح ِر ِم َف َق ْط ،وفيِ َ م ْأك ٍ
َ
ِ شرِ
إل ْذخ َر ون َْح َو ُه َع َل ْي ِهام ،و َعا ُ ها َع ْقدُ النِّ َكاحِ َع ٰىل ك ٍُّل من ُْهماَ . ِ احل َر ِم إِالّ ا ِ َ
()338
كتاب احلج
كج َّبة َل َبد يف مجيع أجزاء بدنه؛ للحديث املتقدم ،إالَّ إذا كان لبسه حلاجة –كام تقدم– ٍّ
كحر وبرد ُ
ونحومها فيجوز مع الفدية .واملعترب يف اللبس العادة يف ِّ
كل ملبوس إذ حيصل به الرتفه ،فلو
ارتدى بالقميص أو نحوه أو التحف به أو اتزر بالرساويل فال فدية.
(وثانيها) أي :املحرمات (سرت رأسه) أي :الذكر (أو بعضه) أي :بعض رأسه ،ولو البياض
الذي وراء األذن ،بام ُي َعدُّ ساتر ًا عرف ًا ،حميط ًا كان أو غريه كالعاممة ،والطيلسان -والغرتة
والشامغ -واخلرقة ،وكذا الطني واحلناء الثخينان ،خلرب الصحيحني :أنه ى قال يف املحرم
خر عن بعريه ميت ًا« :ال تخُ َِّمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة مل ِّبي ًا» .بخالف ما ال ُيعدّ
الذي َّ
مسه ،ومثله :سقف السيارة ،وكحمل ُق َّفة وزنبيل و َف ْر ِشه من ساتر ًا كاستظالله بمحمل وإن َّ
خيط دقيق،غري قصد سرت بذلك ،فإن قصد بحمل ال ُق َّفة ونحوه السرت لزمته الفدية ،ال بنحو ٍ
َ
كحر وبرد
وو ْضع يده عىل رأسه .نعم لو احتاج لتغطية الرأس لعذر ال يطيق الصرب معه ٍّ
َ
ومداواة جاز لكن مع لزوم الفدية.
حر ًة كانت (أو) أمة ،وحيرم سرت
(وثالثها) أي :ثالث حمرمات اإلحرام (سرت وجه املرأة) ّ
(بعضه) أي :الوجه إالَّ حلاجة ،فيجوز سرته مع الفدية ،فإن أرادت املرأة سرت وجهها عن
ٍ
متجاف عنه بنحو خشبة( .وحيرم عليها) أي :املرأة الناس أرخت عليه ما يسرته بنحو ٍ
ثوب
(لبس القفازين يف يدهيا) يف األظهر ،ومقابله :جيوز هلا ذلك ،كام جيوز هلا تغطية يدهيا بغري قفاز
َك َل ِّفها يف خرقة ٍّ
وكم.
(ورابعها :التطيب عىل كل من الرجل واملرأة) ا ُمل ِ
حرمَينْ –ولو أخشمني– بام ُيقصد منه
رائحته غالب ًا ،ولو مع غريه كاملسك ،والعود ،والكافور ،والورس ،والزعفران( ،يف بدنه)
بلصوقه فيه ،ولو باطن ًا بأكل أو استعاط أو احتقان( ،أو ثوبه) وهو :ملبوسه عىل الوجه املعتاد
يف ذلك ،بنفسه أو مأذونه( ،أو فراشه) بأن نام عليه وهو ُم َط َّيب (بام ُي َعدُّ طيب ًا) كام تقدم.
ويندرج يف الطيب ما معظم الغرض منه رائحته الطيبة :كالورد والياسمني والبنفسج ،وما
اشتمل عىل الطيب من الدهن :كدهن الورد ،ودهن البنفسج .وخرج به :ما ُيقصد به األكل
أو التداوي ،وإن كان له ريح َط ِّيب كالتفاح واألترج والقرنفل ونحوها ،فال حيرم وال جتب به
()339
كتاب احلج
مس طِيب ًا فيام ذكر ،برشط :العقل إال السكران ،واالختيار، الفدية .وجتب الفدية مع اإلثم ملن َّ
والعلم بالتحريم واإلحرام وبأن امللموس طِيب َي ْع َلق ،فال فدية عىل َمن تط َّيب ناسي ًا لإلحرام،
املكره ،وال اجلاهل بالتحريم ،أو بكون امللموس طِ ْيب ًا رطب ًا؛ لعذره ،بخالف اجلاهل وال َ
بوجوب الفدية فقط دون التحريم فعليه الفدية.
(وخامسها) أي :حمرمات اإلحرام (دهن شعر الرأس واللحية) فال حيرم دهن غريمها من
بقية شعور الوجه .قال الكردي :إنه األقرب إىل املنقول .ويف (التحفة) ورشحي (اإلرشاد):
حتريم دهن مجيع شعور الوجه إال شعر اجلبهة واخلدّ .ويف (النهاية) وغريها :حتريم دهن مجيع
شعور الوجه بال استثناء .انتهى من (الياقوت النفيس).
وال حيرم دهن سائر البدن غري الرأس واللحية بالزيت ونحوه ،إال إذا كان الدهن مط َّيب ًا
فيحرم يف سائر البدن والشعر.
كل منهام) ،فيحرم عىل املرأة(وسادسها :اجلامع) باإلمجاع ولو لبهيمة يف ُق ُبل أو ُد ُبر (عىل ٍ
حرمة.احلالل متكني زوجها املحرم؛ ألنه إعانة عىل معصية .وحيرم عىل احلالل مجاع زوجته ا ُمل ِ
ومثل اجلامع يف التحريم :املبارشة بشهوة ،والنظر بشهوة ،واللمس بشهوة ولو مع احلائل،
بأي وجه.
واالستمناء ِّ
وإذا جامع عامد ًا عامل ًا خمتار ًا قبل التحلل األول يف احلج ،وقبل الفراغ من العمرة :فسد
نسكه ،ووجب إمتامه ،وقضاؤه عىل الفور ،ووجبت عليه الكفارة ،وهي دم ترتيب وتعديل،
قوم
وهي :بدنه جتزئ يف األضحية ،فإن عجز فبقرة ،فإن عجز فطعام بقيمة البدنة ،فإن عجز َّ
البدنة ،وعرف ما حيصل من قيمتها من الطعام ،وصام بعدد األمداد.
تنبيه :للحج حتلالن؛ لِطول زمنه ،وكثرة أفعاله ،بخالف العمرة ليس هلا إال حتلل واحد،
وهو :الفراغ من مجيع أركاهنا؛ لقرص زمنها غالب ًا .وحيصل التحلل األول باثنني من ثالثة،
وهي :رمي مجرة العقبة ،واحللق –أي :إزالة ثالث شعرات فأكثر– ،وطواف اإلفاضة املتبوع
يسع بعد طواف القدوم .وبالثالث من املذكورات حيصل التحلل الثاين .ويحَ ِ ُّل بالسعي ملن مل َ
حرم إال النكاح -أي :الوطء -وعقده واملبارشة بشهوة، حرمات عىل ا ُمل ِ
بالتحلل األول مجيع ا ُمل َّ
()340
كتاب احلج
ُّ
وحيل بالتحلل الثاين باقيها.
ٍ
إحراق أو غريها ،وسواء أكان شعر (وسابعها :إزالة يشء من الشعر) بقص أو ٍ
نتف أو ٍّ
الرأس أو اللحية ،أو غريه من الشعر يف سائر البدن ،وهذا حيث ال رضورة ،وإال فال حرمة
وال فدية يف قلع شعر َن َبت داخل العني أو غ َّطاها( .أو) إزالة (أظفار) نعم؛ إن انكرس وتأ َّذى
به له إزالته وال إثم وال فدية.
ومن لبس أو تطيب أو ا َّدهن ،أو بارش بشهوة فيام دون الفرج ،أو استمنى فأنزل ،أو جامع
بني التحللني ،أو بعد فساد احلج عامد ًا عامل ًا يف اجلميع ،أو أزال ثالث شعرات متواليات ،أو
ثالثة أظافر متواليات ،بأن احتدَّ حمل اإلزالة وزماهنا ولو ناسي ًا أو جاهالً :لزمه دم ختيري وتقدير
ييرَّ بني د ٍم مجُ زئ يف األضحية ،أو إعطاء ستة مساكني ثالثة آصع ،لكل مسكني نصف بأن خُ َ
صاع ،أو صوم ثالثة أيام .فإن أزال شعرة أو شعرتني ،أو ظفر ًا أو ظفرين ،وجب يف ِّ
كل شعرة
أو يف ِّ
كل ظفر :مد.
(و) أما (ثامنها) أي :حمرمات اإلحرام ( :التعرض لكل َص ْي ٍد ِّبري) خرج به :صيد
اإلنيس إذا توحش وصاده فال يشء فيه،
ُّ (وحشيِ ٍّ ) خرج به: البحر فال حرمة فيه عىل ا ُمل ِ
حرمْ ،
(مأكول) خرج به :غري املأكول من احليوانات املتوحشة ،فال يشء يف اصطيادها عىل املحرم.
هذا إذا كان الصيد (يف ِّ
احلل) فهو حرام (عىل املحرم فقط) دون احلالل( ،و) أما إذا كان
الصيد (يف احلرم) فهو حرام (عليه) أي :املحرم (وعىل احلالل) أي :غري املحرم .فمن كان
بنقل عنه ) أو عن أصحابه أو بحكم عدلني مثل من النَّ َعم ٍهذا حاله وأتلف صيد ًا له ٌ
حيث ال نقل فيه ففيه مثله ،فإن مل يكن له ِم ْثل ففيه قيمته .ويتخيرّ يف املِ ْث ّيل بني :ذبح مثله يف
املثيل ،والصيام بعدد األمداد .ويتخيرَّ فيام ال مثل له بني :إخراج احلرم ،والتصدُّ ق بطعام بقيمة ِّ
طعا ٍم بقيمته ،والصوم بعدد األمداد .وهذا الدم دم ختيري وتعديل.
(وتاسعها) :حيرم عىل املحرم وغريه (قطع) أو قلع (نبات احلرم) الرطب الذي ال ُيستنبت
وكذا شجره ،وعليه الضامن ،ففي الشجرة الكبرية بقرة ،ويف الشجرة الصغرية شاة ،فإن
صغرت جد ًا ففيها القيمة.
()341
كتاب احلج
>
()342
كتاب احلج
( الزيارة وآداهبا )
اب ال ُع َلماَ ِء لهََ ا،
احل ِّج؛ لاِ ْستِ ْح َب ِ
وس َّل َم َب ْعدَ َ ِ ِِ ِ
ب ِز َي َار ُة َقبرْ ِ ه َصلىّ ٰ اهللُ َع َل ْيه وآله َ
و ُي ْست ََح ُّ
اد ِ
ك ِمن األَح ِ ِ ِ ِ
يث. ول ُو ُرود َما َيدُ ُّل َع ٰىل ٰذل َ َ َ
()343
كتاب احلج
()344
كتاب احلج
()345
كتاب احلج
احلديث األول:
عن ابن عمر قال :قال رسول اهلل ى« :من زار قربي وجبت له شفاعتي» رواه الدارقطني
والبيهقي وغريمها.
احلديث الثاين:
عن ابن عمر ء عن النبي ى قال« :من زار قربي ح َّلت له شفاعتي» رواه اإلمام أبو
البزار يف مسنده.
بكر أمحد بن عمرو بن عبد اخلالق َّ
احلديث الثالث:
عن ابن عمر ء قال :قال رسول اهلل ى« :من جاءين زائر ًا ال تعمله حاجة إال زياريت،
عيل أن أكون له شفيع ًا يوم القيامة» رواه الطرباين يف ُمعجمه الكبري ،والدارقطني يف
كان حق ًا َّ
السكَن.
وصححه سعيد بن َّ
َّ أماليه ،وأبو بكر بن ا ُملقري يف معجمه،
احلديث الرابع:
حج فزار قربي بعد وفايت فكأنام زارين
عن ابن عمر ء قال :قال رسول اهلل ى« :من َّ
الدار ُق ْطنِ ُّي يف سننه وغريها.
يف حيايت» رواه َ
احلديث اخلامس:
حج البيت ومل يزرين فقد جفاين» رواه
عن ابن عمر ء قال :قال رسول اهلل ى« :من َّ
ابن َع ِد ٍّي يف الكامل وغريه.
احلديث السادس:
عن عمر ؤ قال :سمعت رسول اهلل ى يقول« :من زار قربي –أو قال :من زارين–
الطياليس يف مسنده.
ُّ كنت له شفيع ًا أو شهيد ًا» رواه أبو داود
احلديث السابع:
متعمد ًا كان يف جواري يوم القيامة»
رجل من آل اخلطاب ،عن النبي ى قال« :من زارين ِّ ٍ عن
رواه أبو جعفر ال ُع َق ْيليِ ِّ وغريه.
()346
كتاب احلج
احلديث الثامن:
عن حاطب ؤ قال :قال رسول اهلل ى« :من زارين بعد مويت ،فكأنام زارين يف حيايت،
ومن مات بأحد احلرمني ُبعث من اآلمنني يوم القيامة» رواه الدارقطني وغريه.
احلديث التاسع:
حج حجة اإلسالم ،وزار قربي،
عن عبد اهلل بن عمر ء قال :قال رسول اهلل ى« :من َّ
عز َّ
وجل فيام افرتض عليه» رواه احلافظ أبو عيل يف بيت املقدس مل يسأله اهلل َّ
وغزا غزوة ،وصىل َّ
الفتح األزدي يف الثاين من فوائده.
احلديث العارش:
حي ،ومن زارين كنت له شهيد ًا
قال رسول اهلل ى« :من زارين بعد مويت فكأنام زارين وأنا ّ
وشفيع ًا يوم القيامة» .رواه أبو الفتوح سعيد بن حممد بن إسامعيل اليعقويب يف ٍ
جزء له.
تم رشحي عىل (السبحة الثمينة) ،وزياديت عليها لباب احلج والعمرة
وهبذا يكون قد َّ
والزيارة.
قت للصواب ،وأرجو من فاحلمد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات ،وأرجو أن أكون قد ُو ِّف ُ
إخواين طلبة العلم الرشيف ممن عثر منهم عىل خطأٍ أن يصلحه ،فإن اهلل حيب املصلحني.
أنوه به :اخلامتة للسبحة الثمينة ،والتي نظمها السيد األديب حامد بن أمحد
ومما أريد أن ِّ
مشهور بن طه احلداد ،وقد قام برشحها ،وذلك بعد أن ك َّلمتُه يف عملها ،فأتى باملراد ،ونالت
اإلعجاب ،فجزاه اهلل خري اجلزاء.
أنوه به أيض ًا :عرفاين باجلميل لس ِّيدي اإلمام الراحل احلبيب أمحد مشهور بن طه
ومما أريد أن ِّ
وشجعني عىل
َّ احلداد ،داعي ًا اهلل أن يعيل درجاته يف أعىل عليني ،حيث أشار َّ
عيل برشح منظومته
ذلك ،وأوالين عناية خاصة ،فجزاه اهلل أفضل ما جزى مع ِّل ًام عن تالمذته.
وشكري وتقديري ألوالده األبرار :حامد وعيل املغوار ،وال َّلذان واصال ذلك التشجيع حتى
ظهور الكتاب.
()347
كتاب احلج
وال أنسى السادة األفاضل والعلامء األبرار الذين واصلوا معي هذه املهمة ،ومل يألوا جهد ًا يف
بذل النصيحة حتى خرج هذا الكتاب هبذه الصورة.
أخص بالذكر منهم :السيد العامل حممد أمحد -امللقب رشاد -البيتي السقاف ،والسيد العامل
ُّ
أمحد بن علوي احلبيش ،والسيد العامل عمر بن حامد اجليالين ،فجزاهم اهلل خري ًا ونفع هبم،
وكذا أشكر من ساهم معي من تالمذيت يف هذا الكتاب بالتصحيح والكتابة.
وصلىَّ اهلل عىل سيدنا حممد سيد األنبياء ،وعىل آله األصفياء ،وعىل صحبه األتقياء ،وس َّلم
تسلي ًام كثري ًا ،واحلمد هلل رب العاملني.
املؤ ِّلف
>
()348
خامتة
( خامتة )
للسيد حامد بن أمحد مشهور بن طه احلداد
أشار الناظم -تعاىل يف أول املنظومة الثمينة بأهنا إضافة إىل ما احتوته من مسائل السفينة،
بزيادات ُغ َرر من أقوال القوم وعلم أحوال القلوب اجلامعة لعلم الرشع واحلقيقة ٍ فقد حت َّلت
ٍ
قمينة هبا عبرَّ عنها بقوله: والطريقة
وعلم أح��وال القلوب املسترت ٍ
ب���زي���ادات غرر وق��د حتلت
منتهى الطريق ْه ِ
امل��وص�� َل�ْي�نْ ِ مجع ًا لعلم ال�شرع واحلقيقه
ويشاء اهلل أن تظل هذه املنظومة حبيسة اإلضبارات لسنني طويلة مما حال دون إكامهلا
بتحليتها بتلك الزيادات عىل الوجه الذي يريد هلا الناظم أن تربز فيه.
وعندما ق َّيض اهلل هلا من يرغب يف طبعها ورشحها رشح ًا موجز ًا بإشارة منه -ليزداد هبا
النفع ،برزت احلاجة ا ُمل ِّلحة الستكامل تلك الزيادات لتكون الفائدة أعم ،والنفع أشمل .وقد
استخار ُه اهلل جلواره قبل أن تتحقق هذه الرغبة((( ،فطلب مني الشارح أن ُأك ِْمل تلك الزيادات
َ
ولو بأشدِّ االختصار .فام وسعني إال القبول مع الته ُّيب من خشية الوقوع يف املحظور؛ ألن
لدي القناعة التامة بأن ذلك مما يريض الناظم ،وأنه لو
بضاعتي مزجاة يف هذا املجال .لوال أن َّ
ُع ِرض عليه هذا األمر قبل وفاته ألشار َّ
عيل به.
لمِ
فأقدمت عليه ،وذلك َا عرفت عنه وملست من تشجيعه للعلم وطالبه ُ
ور َّواد املعرفة،
واألخذ بأيدهيم واستنهاض عزائمهم بدفعهم لألمام طوال أيام حياته وحتى األيام األخرية
منها.
(( ( أما اخلامتة وطبع الكتاب فنعم ،وأما الرشح للمنظومة فقد أقر اهلل هبا عينه قبل رحيله وأخربته بذلك
و ُق ِرئت عليه املقدمة وأشار -عليه الرضوان -بإمتامها بفصول يف باب احلج تلتقط من متفرقات الكتب
مع التعليق عليها ،وقد التزمت أمره ،واهلل أسأل التوفيق .انتهى .كتب ذلك شارح املنظومة.
()350
خامتة
ِ
املطلوب ومع اعرتايف بالقصور وعدم املقدرة التامة عىل استيفاء الغرض واستخالص املعاين
استخالصها من علم أحوال القلوب وما للقوم فيها من مفاهيم مما يبدو َج ِل ّي ًا يف عجزي عن
ُ
املوص َلني منتهى الطريقة عند عرضها ِ التعبري الذي يمزج علم الرشيعة بنفحات علم احلقيقة،
ٍ
وبراعة يف التعبري ،فقد رجعت أوالً إىل كتاب عىل الطالب املبتدئ فيحتاج إىل ٍ
دقة يف التفسري
(مفتاح اجلنة) لصاحب املنظومة مستفتح ًا بام أورده فيه ونقله من كالم اإلمام أيب بكر بن
عبد اهلل العيدروس ر ّد ًا عىل سؤال َو َر َد عليه من بعض الفقهاء يسأله عن الفرق بني الرشيعة
واحلقيقة نستخلص منه قوله:
ِ
[فالعلم ا ُملت ََجليِّ عىل اجلسم :ع ْل ٌم ظاهر وهو علم الرشيعة ،والعلم ا ُملت ََجليِّ عىل القلبٌ :
علم
ٍ
أركان القائم هبا جوارح األبدان ،وأقام حقيقة باطن وهو علم احلقيقة ،فأقام ظاهر اإلسالم عىل
جلنان .ولكن لمَّا خفي عن األسامع احلسية
اإليامن واإلحسان عىل يقني وبيان القائم هبام تصميم ا َ
ما بالقلب ُج ِعل هلام ترمجان وهو اللسان ،فارتبطت الرشيعة باحلقيقة ،واحلقيقة بالرشيعة ،وبقيا
كقول الشاعر:
األم���ر
ُ ف��ت��ش��اهب��ا ف��ت��ش��اك��ل رق ال��زج��اج ور َّق���ت اخلمر
َّ
مخ���ر]
ُ وك���أن�م�ا َق������دَ ٌح وال مخ����ر وال َق����دَ ٌح
ٌ ف��ك��أن�ما
ِ
وهذه بعض اجلمل املفيدة واملعاين التي ت ُْوض ُح ا َمل َح َّجة وتقوم هبا ا ُ
حل َّجة للسالكني ،وهي ما
أرشت إليها بالبيتني التاليني:
س��ل��ي��م�� َة ال��ب��ن��اء وال��ع��ق��ي��د ْه ف��ه��اكَ��ه��ا يف مج���ل م��ف��ي��د ْه
��ج�� ْه ِ ٍ
للسالكني وت��ق��ي��م احلُ َّ املح َّج ْه
��ح َ ويف م��ع��ان تُ��وض ُ
وحاجة الطالب املبتدئ من املعرفة بعلم أحوال القلوب اجلامعة لعلم الرشيعة واحلقيقة ال
ينبغي أن نتعدى معها مستواه ومداركه العلمية والفكرية.
وح ْس ُبه معرف ًة من ذلك ،أن الرشيعة :اتِّبا ُعك أوامره ،وهي اإلسالم واإليامن ،واحلقيقة
َ
هي :إقامتك بأمره كأنك تراه وهو يراك ،وهو مقام اإلحسان .وإن شئت قلت :الرشيعة علم
ومعلومها الطريقة وهي العمل ،وثمرهتا الوصول إىل اهلل وهو احلقيقة ،كام عرب عنها يف كتاب
()351
خامتة
(مفتاح اجلنة).
وال داعي هنا للغوص يف أعامق أرسار علم أحوال القلوب فهي كثري ٌة ومتعددة الفروع،
الوقوف عند احلدِّ الذي يزول عنده االلتباس بتوضيح األُ ُسس التي يمكن للراغب
ُ ويكفي
الرجوع إىل مظانهِّ ا عندما يكتمل لديه االستعداد لفهم تلك األرسار واألحوال واملقامات
ليشاهد كيف يظ ِّل ُلها نور اإليامن الذي ال ُي َ
شاهد إال باتِّباع السنة وجمانبة البدع ،وهذا ما تضمنته
األبيات التاليات:
ت��رك��ت��ه ل��ن��اظ��م السفينة والغوص يف أرساره��ا املكنونة
األساس
ْ لطالب العلم بتوضيح االلتباس
ْ حسبي منها ما ُيزيل َ
وم��ن��ت��ه��ى م��ك��ارم األخ�ل�اق ف���إهن���ا ع��ظ��ي��م��ة امل���راق���ي
ثت ألمت َّ َم مكارم األخالق» ،واحلديث عن األخالق فسيح قال رسول اهلل ى« :إنام ُب ِع ُ
املجال إال أننا هنا سنتقيد بعدم التوسع فيه واألخذ بام يقتضيه املقام باختصار.
وا َمل َثل األعىل يف األخالق هو الرسول األعظم ى ،وقد قيل يف التمييز بني األخالق
ِ
املحمودة واملذمومة ما جيعل األوىل تنحرص يف اخلشوع و ُع ُل ِّو اهلمة ،بينام أصل الثانية هو الكبرْ
واملهانة والدناءة.
ولألخالق َحدٌّ متى جاوزته صارت عدوان ًا ،ومتى َقصرُ ت عنه كانت نقص ًا ومهانة .فللغضب
حدٌّ وهو الشجاعة املحمودة واألنفة من الرذائل والنقائص وهذا كامله ،فإذا جاوز حدَّ ه تعدّ ى
اتصف بكل ُخ ُل ٍق
َّ صاحبه وجار .وإن نقص عنه َج ُبن ومل يأنف من الرذائل ،فمن علت همِ َّ ته
اتصف بكل ُخ ُل ٍق رذيل .وإن من األخالق املذمومةِ :
الكبرْ ،واملهانة، َّ مجيل ،ومن دنت همِ َّ ته
َ
والدناءة ،وال ُع ْجب ،واحلسد ،والبغي ،واخليالء ،والظلم ،والقسوة ،والتجرب ،واستبدال
الذي هو أدنى بالذي هو خري ...إىل غري ذلك .كام أن من األخالق الفاضلة :الصرب ،والعدل،
والشجاعة ،واملروءة ،والعفة ،واحللم ،والعفو ،والصفح ،واالحتامل ،واإليثار ،والتواضع،
والصدق ،واإلخالص ...إىل غري ذلك.
ِ
األخالقي واجلانب الع ْل ِّ
مي فإن األبيات التالية ِّ وملا كان من الصعب الفصل بني اجلانب
()352
خامتة
ٍ
معان كلها تتعلق بعلم أحوال القلوب تأيت ُمك َِّملة للبيت السابق؛ ألهنا بام حتتويه يف جمملها من
فتكمل بعضها بعض ًا:
ورق���ة ال��ت��أدي��ب والتهذيب ألن يف ت��ص��ف��ي��ة ال��ق��ل��وب
ويف اجتناب الكرب واملعايص وبالتزام الصدق واإلخ�لاص
ت��ن��ق��ي�� ٌة ل��ب��اط��ن ال�س�رائ���ر ومنهج اإلص�ل�اح للظواهر
ِ
وال��ض�مائ��ر ت��زك��ي�� ُة ال��ن��ف��وس ِ
األوام���ر ويف ام��ت��ث��ال س��ائ��ر
ِ
احلقيقة وهن�� ُل��ه��ا م��ن م���ورد ِ
الرشيعة الكل من ِّ ومصدر
نعم .تكرر يف القرآن الكريم جعل األعامل القائمة بالقلب واجلوارح سبب اهلداية
واإلضالل .وبام أن القلب هو َس ِّيد اجلوارح و َم ِلك األعضاء ،وهو معدن العقائد واألخالق
والنِّ َّيات املذموم منها واملحمود ،فال سعادة يف الدنيا واآلخرة إال بتطهريه وتصفيته عن القبائح
والرذائل ،وتزيينه وحتليته باملحاسن والفضائل.
عيل بن أيب طالب :,إن هلل يف األرض آني ًة أال وهي القلوب .فخريها أصفاها قال اإلمام ّ
وأصلبها و َأ َر ُّقها .ثم فسرَّ ذلك فقال :أصفاها يف اليقني ،وأصلبها يف الدين ،و َأ َر ُّقها عىل املؤمنني.
وقال اإلمام احلداد ؤ يف كتابه (النصائح)[ :إن خري القلوب و َأ َح َّبها إىل اهلل ما كان
الرش ُك ِّلها ،واعي ًا للحق واهلدى ،ومعاين اخلري
نظيف ًا نق ّي ًا من الباطل والشكوك ومعاين ِّ
والصواب.]...اهـ.
أما أصحاب القلوب املعرضة عن احلق البعيدة عن اإليامن فقد أخرب اهلل سبحانه أنه عاقبهم
بأن ق َل َ
ب أفئدهتم عىل ختلفهم عن اإليامن وزيغهم عن احلق َّملا جاءهم وعرفوه وأعرضوا عنهْ ،
وأبصارهم وحال بينهم وبني اإليامن ،فقال تعاىل :ﱫﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳﱪ ،وقال تعاىل :ﱫﭹﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﱪ فأخرب سبحانه وتعاىل َّ
أن
ك َْس َبهم غ َّطى عىل قلوهبم ،وحال بينهم وبني اإليامن بآياته ،فقالوا أساطري األولني .وقال تعاىل
يف املنافقني :ﱫﯓ ﯔ ﯕﱪ فجازاهم عىل نسياهنم له أن نسيهم فلم يذكرهم باهلدى
والرمحة ،وأخرب أنه أنساهم أنفسهم فلم يطلبوا كامهلا بالعلم النافع والعمل الصالح ،ومها
()353
خامتة
اهلدى ودين احلق فأنساهم طلب ذلك وحمبته ومعرفته واحلرص عليه عقوبة لنسياهنم له ،وقال
تعاىل يف حقهم :ﱫﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷﱪ ،فجمع هلم بني اتباع اهلوى والضالل الذي هو ثمرته وموجبه كام مجع
للمتقني بني التقوى واهلدى.
وما ضرُ ِ َب عبد بعقوبة َأ ْع َظ َم من قسوة القلب والبعد عن اهلل .وقد َج َعل ُ
بعض القوم ُق َّو َة
تعبدهم بأعامل القلوب من تصحيح املحبة ،واخلوف ،والرجاء ،والتوكل ،واإلنابة ...وغريها
ب إليهم من غريها من العبادات البدنية ،مع إدراكهممن الصفات املتعلقة بأعامل القلوب َأ َح ُّ
عمل ليس مبني ًا عىل منطوق الرشيعة ومفهومها ،وآداب الطريقة وغاياهتا ،فإنهأن ك َُّل ِع ْل ٍم أو ٍ
العلم ظاهر ًا أو مل حيمل.
َ ُ
الرجل ال يكون إال من اجلهل ،حمَ َل
واخلوض يف التحدث عن املقامات واألحوال ليس باألمر اليسري ،وال من متطلبات ما نحن
بصدده يف هذه اخلامتة ،و ُق َصارى القول فيهام أهنام منهج َيدُ ُّل عىل مقام العبد بني يدي اهلل َّ
عز
وجل حينام يلتقيان بقلب املؤمن يف منازل السالكني وما يقام فيها من العبادات والرياضات ّ
واالنقطاع إىل اهلل ،/هذا بالنسبة للمقامات ،أما األحوال فنازل ٌة َتن ِْزل بالقلوب فال تدوم.
كتسب بطريق املجاهدات والعبادات والرياضات ،وأن والفرق بني املقام واحلال :أن املقام ُي َ
معنى َي ِر ُد عىل
ً احلال يأيت من فيض اهلل .وقد أفصح عنه البعض فقال :احلال عند أهل احلق
القلب من غري ت ََصنُّع وال اجتالب وال اكتساب من َط َرب أو حزن أو فيض أو بسط أو هيبة،
ويزول بزوال صفات النفس سواء يعقبه العارض أو ال .فإذا دام وصار َم َلكة ُي َس َّمى مقام ًا.
فاألحوال مواهب ،واملقامات مكاسب ،واألحوال تأيت من عني اجلود ،واملقامات حتصل ببذل
املجهود .ومن رشيفها املراقبة ،وأرشف أحوال املراقبة أن تعبد اهلل كأنك تراه فإن مل تكن تراه
فإنه يراك ،فإنه /ال ي ِكل خاصتَه يف مجيع أحواهلم إىل نفوسهم وال إىل ٍ
أحد غريه. َّ َ
وعلم أحوال القلوب هو العلم الذي ينبسط شعاعه يف الصدر ف َي ِش ُّع وينرشح ويكشف عن
القلب قنا َع ُه فتزول عنه الشكوك واألوهام ،وصفاء القلب وطهارته يورث صاحبه اخلشية
والتواضع ،و َيدُ ُّله عىل دوام املجاهدة ورعاية ِّ
الرس ومراقبة الظاهر واخلوف من اهلل ،والنصيحة
()354
خامتة
للخلق وحسن اخلُ ُلق ولزوم األدب بني يدي اهلل ./قال بعضهم :الزم األدب ظاهر ًا وباطن ًا،
فام أساء أحد األدب ظاهر ًا إال عوقب ظاهر ًا ،وما أساء أحد األدب باطن ًا إال عوقب باطن ًا.
ومن ض َّيع اآلداب فهو بعيد من حيث َي ُظ ُّن ال ُق ْرب ،ومردو ٌد من حيث يظن القبول .قال ابن
أحوج ِمنَّا إىل كثري من العلم.
ُ املبارك ؤ :نحن إىل قليل من األدب
وقيل :آداب الظاهر تبع آداب الباطن ،وآداب الباطن هي التحليِّ بمحاسن األخالق ك ِّلها،
ويف احلديث عن رسول اهلل ى أنه قال« :أ َّد َبني ريب فأحسن تأديبي ،ثم أمرين بمكارم األخالق
فقال :ﱫﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﱪ» .ومتى ما صفت القلوب وهتذبت
النفوس والتزمت الصدق واإلخالص واجتنبت الكرب واملعايص زكت ،ومتى زكت ُرفِ َعت
حل ُجب واألستار فرأت ما غاب عنها من األرسار .وإصالح الظواهر وتنقية الرسائر مق َّيدٌ
عنها ا ُ
بأصول وضوابط متنع دخول الشوائب عليها ،حتى قال ُح َّجة اإلسالم اإلمام الغزايل[ :من قال
إن الباطن خيالف الظاهر ،فهو إىل الكفر أقرب منه إىل اإليامن].
واخلالصة :أن ألرباب السلوك اختالف ًا كثري ًا يف عدد املقامات وترتيبهاٌّ ،
كل يصف منازل
السيرْ ،كام ذكر ذلك الشيخ ابن الق ِّيم يف
اختالف يف بعض منازل َّ
ٌ َسيرْ ه وحال سلوكه .وهلم
كتابه (مدارج السالكني) ،وهل هي من قسم األحوال؟ .والفرق بينهام أن املقامات كسبية،
واألحوال وهبية .ومنهم من يقول :أن األحوال من نتائج املقامات ،واملقامات من نتائج
وكل من كان أعىل مقام ًا كان أعظم حاالً،
ال كان أعىل مقام ًاُّ ، األعاملُّ ،
فكل من كان أصلح عم ً
فمماَّ اختلفوا فيه الرضا هل هو حال أو مقام؟ وحكم بينهم بعض الشيوخ فقال :إن حصل
ٍ
بكسب فهو مقام ،وإال فهو حال.
وذكر ابن القيم -أن الصحيح يف هذا :أن الواردات واملنازالت هلا أسامء باعتبار أحواهلا،
فتكون لوامع وبوارق ولوائح عند أول ظهورها وبدئها ،كام َي ْل َمع البارق ويلوح عن بعد ،فإذا
نازلته وبارشها فهي أحوال ،فإذا متكنت منه وثبتت له من غري انتقال فهي مقامات ،وهي لوامع
ولوائح يف أوهلا ،وأحوال يف أوسطها ،ومقامات يف هنايتها .فالذي كان بارقة هو بعينه احلال،
والذي كان حاالً هو بعينه املقام .وهذه األسامء له باعتبار تعلقه بالقلب وظهوره له وثباته فيه.
()355
خامتة
ثم ذكر أن ِمن املقامات ما يكون جامع ًا ملقامني ،ومنها ما يكون جامع ًا ألكثر من ذلك ،ومنها
ما يندرج فيه مجيع املقامات ،فال يستحق صاحبه اسمه إال عند استجامع مجيع املقامات فيه.
وذكر منها :التوبة ،والتوكل ،والرجاء ،واخلوف ،واإلنابة ،واإلخبات ،والزهد ،واملح َّبة،
واخلشية ،واهل َ ْيبة ،والشكر ،واألنس ،والصدق ،واحلياء ،واملراقبة ،والطمأنينة ...إلخ.
ثم ذكر بعد ذلك أن العبد إذا التزم عقد اإلسالم ،ودخل فيه ك ِّله فقد التزم لوازمه الظاهرة
وواجب من واجباته أحوال ومقامات ٍ كل ٍ
عقد من عقوده والباطنة ومقاماته وأحواله .وله يف ِّ
ال يكون موفي ًا لذلك العقد والواجب إال هبا .وكلام وفىَّ واجب ًا أرشف عىل واجب آخر بعده،
وكلام قطع منزلة استقل أخرى.
ثم قال بعد ذلك :فاألوىل الكالم يف هذه املقامات عىل طريقة املتقدمني من أئمة القوم كالم ًا
مطلق ًا يف ِّ
كل مقا ٍم مقام ،ببيان حقيقته وموجبه ،وآفته املانعة من حصوله ،والقاطع عنه ،وذكر
عا ِّمه وخاصه.
ثم قال :فكالم أئمة الطريق هو عىل هذا املنهاج ،فمن تأمله كسهل بن عبد اهلل التسرتي،
وأيب طالب املكي ،واجلنيد بن حممد ،وأيب عثامن النيسابوري ،وحييى بن معاذ الرازي ،وأرفع
من هؤالء طبقة مثل أيب سليامن الداراين ،وعون بن عبد اهلل الذي كان يقال له حكيم األمة،
ال جامع ًا ُم َب َّين ًا ُم ْط َلق ًا من وأرضاهبام ،فإهنم تكلموا عىل أعامل القلوب وعىل األحوال كالم ًا ُم َّ
فص ً
حرص للمقامات بعدد معلوم ،فإهنم كانوا َأ َج َّل من هذا ،وهم أعىل وأرشف .إنام ٍ غري ترتيب وال
هم حائمون عىل اقتباس احلكمة واملعرفة وطهارة القلب ،وزكاة النفوس ،وتصحيح املعاملة.
وهلذا كالمهم قليل وفيه الربكة ،وكالم املتأخرين كثري قليل الربكة ...إىل آخر ما ذكر.
أن يف امتثال سائر األوامر واجتناب النواهي تزكي ًة للنفوس وتطهري ًا للضامئر. وحسبك َّ
كل ما تضمنته هذه األبيات املتقدِّ م ِذك ُْرها إنام هو من مصادر الرشيعة ومنابع احلقيقة ومصدر ِّ
وموارد الطريقة ومناهلها.
ف ِ
فمؤتل ْ لفظ ًا وأ ّم���ا ُكن ُْهها ف ِ
خمتل ْ وإن َر ْأ َي القوم فيها
ومهام اختلفت اآلراء يف األلفاظ وا ُمل َس َّميات فيام بينهم فإهنم يلتقون عند حقيقة ُكن ِْهها
()356
خامتة
وجوهرها.
ِ
العبودية يف أع�لى مقا ْم معنى قيل الرشيعة ائتامر وال��ت��زا ْم
املستقيم
ْ والسري يف النهج السوي القويم
ْ ٍ
اصطالح أهنا الدين ويف
ُ
ال���ق���رآن ل��ك��ل م���ا ج���اء ب���ه ُ
اإلذع���ان وق��ي��ل أي��ض�� ًا إهن��ا
ت��ع��رف منها م��دخ��ل احلقيقة والسنة ال��غ��را ك��ذا الطريقة
رس العبودية وغايتها
فمن قال إهنا االئتامر بالتزام معنى العبودية يف أعىل مقاماهتا ،فقد عرف َّ
وحكمتها .وهي إنام تتحقق باتباع أمره واجتناب هنيه ،فعند اتِّباع األمر واجتناب النهي تتبني
حقيقة العبودية.
وقد عرف بعض العلامء أن مراتب الوصول إىل اهلل /عىل ثالث مراحل :إسالم فإيامن
فإحسان .فالعبد ما دام مشغوالً بالعبادة وحدها فهو يف مقام اإلسالم أو مقام الرشيعة ،فإذا
الرش والتحلية باخلري ،وحتقق باإلخالص فهو يف
انتقل العمل إىل القلب بالتصفية والتخلية من ِّ
مقام اإليامن أو مقام الطريقة .وإذا بلغ اإلنسان مرتبة العبادة هلل كأنه يراه فهو يف مقام اإلحسان
أو مقام احلقيقة .ولذلك يقولون :الرشيعة أن تعبده ،والطريقة أن تقصده ،واحلقيقة أن تشهده.
كل منهم ،فقال البعض :الرشيعة ما ورد به اللفظي كام سبق إنام ُي َعبرِّ عن حال ٍّ
ُّ واالختالف
التكليف ،واحلقيقة ما ورد به التعريف .فالرشيعة مؤيدة باحلقيقة ،واحلقيقة ُم َق َّيدة بالرشيعة.
ٍ
حقيقة رشيع ٌة من وجه آخر باطني. وكل ٍ
رشيعة حقيق ٌة من وجهُّ ، ُّ
فكل
اصطالح :أهنا الدين القويم ،فيقال :رشع اهلل كذا ،أي :جعله طريق ًا ومذهب ًا يذهب منه
ٍ ويف
إىل طاعته ،ومنه اش ُت َّقت الرشيعة كام قال البعض .فالرشع هو الدين واملِ َّلة والناموس واملنهاج،
قال اهلل تعاىل :ﱫﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﱪ وك ُّلها بمعنى واحد وهي اإلذعان
ِّ
لكل ما جاء به القرآن الكريم الذي :ﱫﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠﮡﱪ ،وما جاء عن رسول اهلل ى الذي ال ينطق عن اهلوى.
يؤخذ منه م��ا ُي�� َط��ابِ��ق العيان تعريف هلا عند البيان
ٌ و َث َّ
��م
نعم .قال البعض :الرشيعة القيام بحقوق الكتاب والسنة ،واحلقيقة مشاهدة القهر واملنَّة.
()357
خامتة
وأمجعوا عىل أن الرشيعة دعوته ،واحلقيقة تقريبه ومودته .أما الطريقة فقيل إهنا منطقة االتصال
بني الرشيعة واحلقيقة ،ويف بيان مفهوم القوم :حقيقة اليشء مطابقته للواقعُّ .
وكل علم أو عمل
ليس مبني ًا عىل منطوق الرشيعة ومفهومها وآداب الطريقة وغاياهتا فإنه من األمور املرفوضة
التي جيرها اجلهل ،محل الرجل العلم ظاهر ًا أو مل حيمله.
جي��ري عىل األذواق والعقائد وإن م��ا يف ص��ح��ة املشاهد
ونور يف قلبه ،الذي ال َيتِ ُّم إال باتباع الرشع
وبمثل هذه املعرفة يكون املرء عىل ُهدى من ربهٍ ،
مع صفاء النية واإلخالص يف العمل وإحكام أمر املعتقد يف التوحيد والتنزيه هلل عزوجل.
الو َّراد) للعالمة السيد أمحد بن أيب بكر بن سميط[ :والفرق بينهام -مع أن املراد
جاء يف (منهل ُ
من الطريقة واحلقيقة والرشيعة إقامة العبودية– إنام هو بمشاهدة أنوار الربوبية ،وبالنظر إىل
الغلبة يف حال العابد والعارف ،فإن العابد لمَّا كان َي ْغ ُلب عليه الوقوف مع العمل واإلخالص
عىل وجه اإلتقان ُس ِّمي صاحب رشيعة .والعارف ملا كان َي ْغ ُلب عليه حال احلق وشهود املنَّة
فظ للرشيعة ،ﱫﭤ ﭥﱪ املحضة ُس ِّمي صاحب حقيقة .فقول العبد ﱫﭢ ﭣﱪ ِح ٌ
إقرار باحلقيقة ]...إلخ.
ٌ
ثم قال ؤ[ :إن احلقيقة هي من األمور الذوقية التي ال يتحققها إال من ذاقها ،فسرِ ُّ ها
تقرص عن أدائه العبادات ،وال يؤدهيا عىل ما هي عليه اإلشارات] .اهـ.
ُكنْ ُه الرشيعة وشهود األح��وال وق��ال بعضهم وج��ود األفعال
َح��� َل��� َق���ة ب��ي��ن��ه�ما م��وث��وق�� ْه يعني احلقيقة وك��ذا الطريق ْه
فمن قائل أن الرشيعة وجود األفعال ،واحلقيقة شهود األحوال .وهو بذلك ُي َعبرِّ عن حاله ِ
()358
خامتة
>
()359
@
تقريظ العالمة احلبيب عبدالرمحن بن أمحد الكاف5...........................................
تقريظ العامل الفاضل السيد عبد اهلل بن حممد الصادق احلبيش7.................................
تقريظ العالمة الفاضل القايض السيد حممد أمحد رشاد البيتي 9................................
تقريظ العالمة الفاضل السيد أمحد بن علوي بن عيل احلبيش 10.................................
تقريظ العامل الفاضل السيد عبد القادر جيالين بن سامل اخلرد 11.................................
تقريظ العالمة السيد سامل بن عبد اهلل بن عمر الشاطري 14.....................................
تقريظ العامل السيد هاشم بن علوي باعبود موىل الدويلة 15.....................................
تقريظ احلبيب العالمة حممد بن أمحد الشاطري 16..............................................
متهيد بقلم العالمة السيد عمر بن حامد اجليالين17.............................................
ترمجة العالمة احلبيب أمحد مشهور بن طه احلداد27.............................................
ترمجة الشارح الشيخ حممد بن عيل بن حممد باعطية 32..........................................
متن السبحة الثمينة نظم السفينة 39............................................................
إظهار احلق يف نظم امللحق (من باب احلج)59..................................................
نظم خامتة السبحة الثمينة نظم السفينة 67......................................................
مقدمة الشارح 72.............................................................................
كتاب العقائد75..............................................................................
املقدمة 78.....................................................................................
أركان الدين84................................................................................
أركان اإلسالم 86.............................................................................
أركان اإليامن88...............................................................................
معنى اإلسالم واإليامن واجلاللة 94............................................................
كتاب الطهارة 97.............................................................................
موجب التكليف 98...........................................................................
أسباب الطهارة100.............................................................................
رشوط إجزاء احلجر105........................................................................
فروض الوضوء108............................................................................
رشوط جواز املسح عىل اخلفني 111.............................................................
رشوط الوضوء 113............................................................................
تتمة يف سنن الوضوء 116.......................................................................
خامتة يف مكروهات الوضوء118................................................................
موجبات الغسل وفروضه 119..................................................................
نواقض الوضوء122............................................................................
ماحيرم باألحداث 124..........................................................................
أسباب التيمم 127..............................................................................
رشوط التيمم 131..............................................................................
مبطالت التيمم 134............................................................................
فروض التيمم136..............................................................................
طهارة اإلحالة138..............................................................................
باب النجاسات 140............................................................................
إزالة النجاسة 143..............................................................................
باب احليض146................................................................................
كتاب الصالة150..............................................................................
رشوط الصالة 153.............................................................................
أركان الصالة 157..............................................................................
سرت العورة166.................................................................................
درجات النية 169...............................................................................
رشوط تكبرية اإلحرام 171.....................................................................
رشوط الفاحتة174..............................................................................
تشديدات الفاحتة177...........................................................................
مواضع رفع اليدين178.........................................................................
رشوط السجود 180............................................................................
تشديدات التشهد وأقل الصالة عىل النبي وأقل السالم 182......................................
أوقات الصالة 185.............................................................................
سكتات الصالة 189............................................................................
أوقات حرمة الصالة 192.......................................................................
األركان التي تلزم فيها الطمأنينة 196............................................................
أسباب سجود السهو198.......................................................................
أبعاض الصالة201.............................................................................
مبطالت الصالة 204...........................................................................
رشوط القدوة213..............................................................................
صور القدوة 220...............................................................................
مجع التقديم والتأخري ورشط أوهلام222..........................................................
رشوط مجع التأخري226.........................................................................
رشوط القرص 228..............................................................................
رشوط اجلمعة 233.............................................................................
أركان اخلطبتني239.............................................................................
رشوط اخلطبتني243............................................................................
ماجيب للميت246..............................................................................
بيان الغسل 249................................................................................
سنن الغسل 252................................................................................
بيان الكفن 254.................................................................................
أركان صالة اجلنازة 257........................................................................
بيان الدفن 261.................................................................................
بيان موجب نبش امليت263.....................................................................
االستعانات 265................................................................................
كتاب الزكاة267...............................................................................
زكاة النعم 272.................................................................................
نصاب البقر275................................................................................
نصاب الغنم 276...............................................................................
زكاة النقدين 277...............................................................................
زكاة التجارة 279...............................................................................
زكاة النبات 281................................................................................
زكاة الركاز واملعدن 284........................................................................
زكاة الفطر 286.................................................................................
خامتة يف مصارف الزكاة 288....................................................................
كتاب الصيام 291..............................................................................
وجوب الصيام295.............................................................................
أركان الصيام 298..............................................................................
مبطالت الصيام301............................................................................
ماجيب فيه مع القضاء اإلمساك 303.............................................................
تتمة يف مكروهات الصوم 305..................................................................
موجب الكفارة 307............................................................................
أنواع اإلفطار وواجبها 309.....................................................................
خامتة يف صوم التطوع 312......................................................................
كتاب احلج315................................................................................
حكم احلج والعمرة ورشوط وجوهبام316.......................................................
أركان احلج والعمرة318........................................................................
واجبات احلج والعمرة 320.....................................................................
سنن احلج232..................................................................................
ميقات احلج والعمرة325.......................................................................
أنواع النسك 327...............................................................................
حكم جماوزة امليقات329........................................................................
واجبات الطواف330...........................................................................
فرع يف سنن الطواف 333.......................................................................
واجبات السعي 334............................................................................
سنن السعي335................................................................................
واجب الوقوف بعرفة 336......................................................................
سنن الوقوف337...............................................................................
حمرمات اإلحرام 338...........................................................................
الزيارة وآداهبا 343..............................................................................
خامتة السبحة الثمينة نظم السفينة350...........................................................
الفهرس 360...................................................................................