Untitled

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 213

‫‪Royaume du Maroc‬‬ ‫المملكة المغربية‬

‫‪Ministère de l’Education Nationale, de la‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني و التعليم‬
‫‪Formation Professionnelle, de l’Enseignement‬‬ ‫العالي و البحث العلمي‬
‫‪Supérieur et de la Recherche Scientifique‬‬ ‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية‬
‫‪Université Sidi Mohamed Ben Abdellah Faculté‬‬ ‫واإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫‪des Sciences Juridiques Economiques et‬‬ ‫فــاس‬
‫‪Sociales -Fès‬‬

‫ماستر‪:‬قانون وتدبير الجماعات الترابية‬


‫رسالة لنيل شهادة الماستر‬
‫تحت عنوان‪:‬‬

‫اإلدارة الجماعية بالمغرب‬


‫ورهان التحديث‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالب‪:‬‬


‫أحمد مفيد‬ ‫أحرموش جمال‬

‫لجنةالمناقشة‬
‫‪ ‬الدكتور أحمد مفيد أستاذ بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ‪/‬مشرفا‬
‫‪ ‬الدكتور عبد اهلل حارسي أستاذ بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ‪ /‬رئيس‬
‫‪ ‬الدكتور عبد الحق عزوزي أستاذ بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ‪ /‬عضوا‬
‫‪ ‬الدكتورة فاضمة توفيق أستاذة بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ‪ /‬عضوا‬

‫السنة الجامعية ‪:‬‬


‫‪5102‬‬
‫‪1‬‬
‫‪/5102‬‬
‫مقدمـ ــة‬
‫يعد رهان تحديث اإلدارة الجماعية أحد أهم المداخل الرئيسية لجعل اإلدارة العمومية‬
‫[‪]1‬‬
‫‪ ،‬فبناء الدولة تأسيسا وتكوينا ال يمكن أن‬ ‫تساير مختلف التطورات التي يعرفها المجتمع‬
‫يتم إال بوجود إدارة حديثة كقاعدة أساسية ومحدد رئيسي لتحقيق التنمية الشاملة ‪ ،‬بحيث‬
‫تعتبر اإلدارة الجماعية أحد الركائز األساسية للدولة الحديثة ‪ ،‬فهي مظهر من مظاهر السيادة‬
‫وآلية لتنزيل السياسات العمومية والبرامج الحكومية ‪ ،‬كما أنها أداة لتأمين سير المرافق‬
‫العمومية [‪.]2‬‬

‫وتعد اإلدارة الجماعية في الوقت الحاضر ‪ ،‬من أهم اآلليات الناجعة لتدبير المجال‬
‫الترابي والتنمية ‪ ،‬على مستوى أبعادها وجوانبها اإلجتماعية واإلقتصادية واإلدارية والثقافية‬
‫ذلك ؛ ألن اإلدارة الجماعية متصلة بالحياة اليومية للسكان ‪ ،‬وتشكل اإلطار المؤسساتي الذي‬
‫تنتظم فيه الحياة اإلجتماعية لألفراد في المدن والقرى ‪ ،‬في الخدمات المهيأة للسكان ومختلف‬
‫التجهيزات الجماعية الموضوعة رهن إشارتهم وكذا المرافق اإلدارية واإلجتماعية والصحية‬
‫والمعدة لفائدتهم إنما مصدرها في كثير من األحيان اإلدارة الجماعية[‪.]3‬‬

‫إن الرهان على التدبير اإلداري الجماعي للمساهمة إلى جانب الدولة والقطاع الخاص‬
‫ومختلف الفاعلين في عملية تدبير وتنمية المجال ‪ ،‬ال يستقيم إال بالرهان على التحديث‬
‫كمفهوم شامل ‪ ،‬تندرج ضمنه الدولة والمجتمع ومختلف القطاعات الضرورية للحياة‬
‫الجماعية المتفرعة عنهما‪ .‬فاليوم وفي كل بقاع العالم ؛ في الدول المتطورة كما في البلدان‬
‫النامية ‪ ،‬أصبح موضوع تحديث اإلدارة الجماعية من أجل جودة أفضل في اإلنتاج واألداء ‪،‬‬
‫يفرض نف سه كضرورة تاريخية ‪ ،‬فالقواعد التقليدية للتسيير اإلداري الجامدة منذ سنوات‬
‫طويلة ‪ ،‬لم تتكيف مع المتطلبات الجديدة للعصر الحديث ‪ ،‬ذلك أن اإلدارة كمجموعة من‬
‫التدخالت اإلنسانية والقانونية والتقنية وغيرها من التدخالت ‪ ،‬تؤثر وتتأثر ببنية محيطها‬

‫[‪ -]1‬آمنة حطان ‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب "‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية‪ ، 8002/8002 ،‬ص‪.1 :‬‬
‫[‪ - ]2‬موالي محمد البعزاوي‪ ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ -‬اكدال ‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،8012-8018 ،‬ص‪.01 :‬‬
‫[‪ -]3‬إبراهيم زياني ‪ ،‬دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬طبعة ‪ ، 8000‬ص‪.2 :‬‬

‫‪2‬‬
‫الترابي والوطني بل وحتى الدولي ‪ ،‬إذ البد لإلدارة الجماعية من أن تواكب التحوالت‬
‫الداخلية والخارجية ‪ ،‬األمر الذي يستدعي العمل على استخراج منظومة كلية وشاملة‬
‫لتحديث اإلدارة الجماعية[‪.]4‬‬

‫‪ - I‬تحديد المفاهيم‪:‬‬
‫‪ -1-1‬اإلدارة الجماعية‪:‬‬

‫يطرح مفهوم اإلدارة الجماعية عدة استفهامات ‪ ،‬وذلك بالنظر للخلط الحاصل في تحديد‬
‫المفاهيم المرتبطة بالنظام الالمركزي بالمغرب ‪ ]...[،‬كالجماعات الترابية واإلدارة الترابية‬
‫واإلدارة الجماعية‪ .‬وعليه سنحاول رصد تعاريف لهذه المفاهيم على النحو التالي‪:‬‬

‫الجماعات الترابية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫تعتبر الجماعات الترابية وحدات ترابية داخلة في نطاق القانون العام تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية وباالستقالل المالي واإلداري ‪ ،‬وتطلق الجماعات الترابية على الجهات والعماالت‬
‫واألقاليم والجماعات ‪ ،‬وهي أشخاص اعتبارية تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية[‪ .]5‬ويعتبر‬
‫رئيس المجلس الجماعي األمر بصرف النفقات وقبض المداخيل ويمثل السلطة التنفيذية‬
‫للجماعة‪ .‬تحت مراقبة أجهزة الرقابة اإلدارية (الوصاية سابقا) وبتنسيق معها‪.‬‬

‫ورغم الطابع القانوني ذي الصبغة العامة لتحديد مفهوم الجماعات الترابية ‪ ،‬فإن‬
‫المالحظ بحسب الواقع العملي للجماعات الترابية ‪ ،‬أن هناك اختالفا وتباينا بين الوحدات‬
‫المكونة للمفهوم ‪ ،‬فبالرغم من الوجود المادي الملموس لهذه األخيرة في واقع الحياة الجماعية‬
‫للسكان المحليين داخل محيط ترابي محدد بحكم القانون ‪ ،‬إال أن مفهوم الجماعات الترابية‬
‫بحسب بعض الباحثين ال زال يعاني من هشاشة على مستوى األرضية السوسيولوجية ؛ إذ‬
‫أن " تعبير الجماعات الترابية (المحلية سابقا) ال يستمد وجوده من البيئة المغربية[‪ ، "]6‬علما‬

‫[‪ -]4‬علي سدجاري ‪ ،‬الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث ‪ ،‬دار المناهل للطباعة والنشر طبعة ‪ ، 1221‬الرباط ‪ ،‬ص‪.81:‬‬
‫‪ -5‬الفصل ‪ 121‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8011‬‬
‫[‪ - ]6‬إبراهيم زياتي ‪" ،‬دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة "‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬طبعة ‪ ، 8000‬ص‪.22 :‬‬
‫* ‪"-‬وعن التساؤالت التي يطرحها مفهوم الجماعات الترابية يمكن إجمالها مع إبراهيم زياتي على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ -I‬ضعف في أرضيته السوسيولوجية ؛‬
‫‪ -II‬االختالف الكبير بين المكونات األساسية للمفهوم ( الجهات ‪ ،‬العمالت واألقاليم والجماعات) ؛ =‬
‫‪= -III‬االستعمال المكثف لمصطلح الجماعات المحلية (الترابية) يثير تساؤال حول وظيفته اإليديولوجية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫بأن لمفهوم الجماعة في المغرب جذور في عمق التاريخ‪ .‬ويكتسي مدلول الجماعة الترابية‬
‫طابعا عمليا وإجرائيا ‪ ،‬ألنه عبارة عن تعبير له وجود ملموس على أرض الواقع ‪ ،‬فمن‬
‫الخصائص المميزة له كونه يحيل على شيء محدد ومجسد في الحياة اليومية لألفراد‬
‫والمجتمع ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى كون الجماعة الترابية تعتبر قانونيا وقضائيا سلطة إدارية‪.‬‬

‫غير أن مسألة تسيير المجاالت الترابية ومواجهة حاجيات ومتطلبات الساكنة ومشاكلها‬
‫ال تقع على عاتق الجماعة الترابية لوحدها ؛ وإنما تقع إيضا على مجموعة من الوحدات‬
‫الترابية[‪.]7‬‬

‫اإلدارة الترابية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫اإلدارة الترابية كمفهوم تختلف عن مفهوم الجماعات الترابية ‪ ،‬ويبدو االختالف‬
‫الحاصل بين المفهومين في مسألتين مهمتين األولى هي عدم توفر مفهوم اإلدارة الترابية‬
‫على صيغة قانونية أو إشارة قانونية تحدده [‪ ،]8‬والثانية قلة تداوله على مستوى الخطاب‬
‫الرسمي مقارنة بمفهوم المجاعات الترابية[‪.]9‬‬
‫وحسب إبراهيم زياتي ؛ لإلدارة الترابية مدلوالن متالزمان‪ :‬مدلول ترابي أو محلي ‪،‬‬
‫ومدلول مركزي‪ .‬فالمدلول األول يحيل على الوحدات اإلدارية التي تشكل " الشبكة الترابية‬
‫[‪]10‬‬
‫‪ ،‬وتتكون هذه‬ ‫التي تعتمد عليها الدولة للوصول إلى السكان وإدارة المجتمع المحلي "‬
‫الشبكة الترابية من العمالة أو اإلقليم ‪ ،‬والدوائر والقيادات بالمجال القروي ‪ ،‬والباشاويات‬

‫فبخصوص التساؤل األول المتعلق بضعف األرضية السوسيولوجية لمفهوم الجماعات الترابية ؛ هو " وجود عالقة هاشة بين المصطلح والواقع‬
‫الذي يدل عليه ‪ ،‬الن تعبير الجماعة المحلية (الترابية) كما نعلم ال يستمد وجوده من البيئة المغربية ‪ ،‬فهو من المصطلحات الموروثة عن النظام‬
‫التشريعي الفرنسي ‪ ،‬ولعل إثارة مالحظات من هذا القبيل تحيلها على التساؤلين ؛ الثاني والثالث ‪ ،‬فأما األول ؛ فإن البون الشاسع الموجود بين‬
‫نظام العماالت واالقاليم من ناحية والنظام القانوني للجماعات الترابية ومن ناحية ثانية والذي يطال كل جميع المجاالت واألصعدة ‪ ،‬يكاد يفر‬
‫مفهوم الجماعات الترابية من كل مضمون قانوني هذا إذا وضعنا جانبا الجهة التي استحدثت كجماعة محلية سنة ‪ 1228‬وتم تأكيدها بموجب دستور‬
‫‪ .8011‬أما التساؤل الثالث الذي يطرحه مفهوم الجماعات الترابية والمتعلق بوظيفة اإليديولوجية في إطار سياسة الالمركزية التي تنهجها الدولة‪.‬‬
‫ومبعث هذا التساؤل هو المغاالة في استعمال هذا المصطلح من طرف اإلدارة المركزية في صيغته العامة مع أن األمر يتعلق في كثير من‬
‫األحيان بالجماعة الترابية وحدها دون الجهة أو العماالت واألقاليم"؛ يراجع في هذا الصدد ‪ :‬إبراهيم زياني ‪" ،‬دراسات في اإلدارة المحلية من‬
‫منظور علم اإلدارة "‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ص‪.23 -21 -21 -22 :‬‬
‫*[‪ " – ]7‬وبمقتضاه يخفف العبء عن اإلدارة المركزية عن طريق تخويل بعض موظفي الوزارة في العاصمة أو اإلقليم البحث نهائيا في بعض‬
‫األمور‪ .‬وتتجسد ظاهرو عد التركيز اإلداري أساسا ً في تفويض اإلختصاص ؛ أنظر‪ :‬محمد باهي ‪" ،‬المصطلحات اإلدارية المتعلقة بالتنظيم‬
‫الجماعي‪ -‬دليل المصطلحات اإلدارية العدد األول ‪ ،‬الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة ‪ -‬الدار البيضاء ‪ ، 1222‬ص‪.81:‬‬
‫*[‪ – ]8‬وهنا نسجل أن الخطاب الملكي ل ‪ 18‬أكتوبر ‪ 1222‬قد أورد هذا المفهوم ‪ ،‬وذلك كالتالي" [‪ ]...‬إن على إدارتنا الترابية أن تركز اهتمامها‬
‫على ميادين أضحت تحضى باألهمية واألولوية مثل حماية البيئة والعمل اإلجتماعي ‪ ،‬وبأن تشخر جميع الوسائل إلدماج الفئات المحرومة في‬
‫المجتمع وضمان كرامتها"‪ .‬أنظر‪ :‬بوشعيب قايدي ‪ " ،‬التحديث اإلد اري المحلي " ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ‪،‬‬
‫جامعة الحسن األول ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصاديو واإلجتماعية‪-‬سطات السنة الجامعية ‪ ، 8002-8003‬ص‪.22 :‬‬
‫[‪ - ]9‬إبراهيم زياني ‪ " ،‬دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة"‪ ،‬دار القلم طبعة ‪ ، 8000‬ص‪.22 :‬‬
‫[‪ - ]10‬إبراهيم زياني ‪ " ،‬دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة"‪ ،‬دار القلم طبعة ‪ ، 8000‬ص‪.22 :‬‬

‫‪4‬‬
‫والدوائر الحضرية والمقاطعات والوالية بالوسط الحضري[‪ .]11‬أما المدلول الثاني فيتمثل‬
‫في الصلة القوية لإلدارة الترابية بالمركز " فالوحدات الترابية المنتشرة على صعيد المجال‬
‫الوطني هي امتداد لإلدارة المركزية – وزارة الداخلية‪.-‬‬

‫مما سبق نستنتج أن مصطلح اإلدارة الترابية يدخل في إطار المفهوم المركزي للتنظيم‬
‫اإلداري[‪ ،]12‬ولو كانت تعمل في مجال ترابي مباشر مع السكان ومختلف الهيئات‬
‫المنتخبة[‪.]13‬‬

‫اإلدارة الجماعية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫وخالفا لمصطلح الجماعات الترابية واإلدارة الترابية ؛ فإن مصطلح اإلدارة الجماعية‬
‫لم يشهد تداوال واستعماال في المغرب ‪ ،‬ولم تكن مقتضيات القوانين المنظمة للجماعات‬
‫الترابية منذ بداية تشريعها تشير إلى هذا المصطلح ‪ ،‬إال بعد صدور القوانين األخيرة المنظمة‬
‫للجماعات الترابية ‪ ،‬والتي أشارة وألول مرة إلى مصطلح اإلدارة الجماعية ‪ ،‬وفي هذا‬
‫السياق ‪ ،‬نخص بالذكر ما جاء في المادة ‪ 49‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬التي نصت‬
‫على أنه"[‪...‬؛] يقوم رئيس مجلس الجماعة بتنفيذ مداوالت المجلس ومقرراته ‪ ،‬ويتخذ جميع‬
‫التدابير الالزمة لذلك ‪ ،‬ولهذا الغرض‪ :‬يتخذ القرارات المتعلقة بتنظيم إدارة الجماعة وتحديد‬
‫اختصاصاتها ‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات المادة ‪118‬من هذا القانون التنظيمي" [‪.]14‬‬

‫وتماشيا مع ذلك أصدرت وزارة الداخلية بتاريخ ‪ 82‬يوليو ‪ 8112‬منشور بشأن تنظيم‬
‫[‪]15‬‬
‫‪ ،‬وهو أيضا يحمل مصطلح اإلدارة الجماعية‪ .‬وعموما ؛ فمفهوم‬ ‫إدارات الجماعات‬

‫*[‪ - ]11‬نشير في هذا الصدد إلى أن ابتدا ًء من سنة ‪ 1221‬إنضافت إلى هذه الوحدات الترابية الوالية ؛ وهي وحدة إدارية أنشئت داخل المراكز‬
‫الحضرية الكبرى‪ .‬للمزيد من التفاصيل راجع في هذا الصدد ‪ :‬إبراهيم زياني ‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.22 :‬‬
‫*[‪ " - ]12‬ولعل المهمة الرئيسية التي تضطلع بها اإلدارة الترابية ؛ هي تجسيد التواجد الفعلي للدولة على الصعيد المحلي سعيا للمحافظة على‬
‫التوازنات اإلجتماعية القائمة ؛ ينظر في هذا الصدد‪ :‬إبراهيم زياني ‪ ،‬نفسه ص‪.22 :‬‬
‫[‪ - ]13‬إبراهيم زياني ‪ " ،‬دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة" ‪ ،‬نفسه ‪ ،‬ص ص‪.22-22 :‬‬
‫*[‪ - ]14‬هذا وقد نصت المادة ‪ 820‬من نفس القانون على مصطلح اإلدارة الجماعية حيث جاء فيها‪ ":‬يتعين على مجلس الجماعة ورئيسه والهيئات‬
‫التابعة للجماعة ومؤسسات التعاون بين الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية التقيد بقواعد الحكامة المنصوص عليها في المادة ‪ 269‬أعاله ‪،‬‬
‫ولهذه الغاية ‪ ،‬تتخذ اإلجراءات الالزمة من أجل ضمان احترام‪...[ :‬؛] ‪ -‬القواعد والشروط المتعلقة بولوج الوظائف بإدارة الجماعة والهيئات‬
‫التابعة لها ومؤسسات التعاون بين الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية"‪ ،‬هذا وقد حملت أيضا المواد ‪ 12‬و‪ 28‬من القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 111412‬مقتضيات تشير إلى مصطلح اإلدارة الجماعية‪.‬‬
‫[‪ -]15‬منشور صادر عن وزارة الداخلية المغربية ‪ ،‬عدد ‪ 12‬بتاريخ ‪ 82‬يوليو ‪ 8013‬بشأن تنظيم إدارات الجماعات‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫اإلدارة الجماعية يحيل على وظائف تدبير القضايا المحلية المرتبطة بحاجيات السكان‬
‫اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية[‪.]16‬‬
‫فاإلدارة الجماعية إذن ؛ هي مجموع األجهزة اإلدارية الجماعية سواء أكانت معينة أم‬
‫منتخبة داخلة في إطار الالمركزية اإلدارية ؛ تهدف إلى تدبير حاجيات ومشاكل المجتمع‬
‫المحلي تدبيرا ديمقراطيا يرتكز على مفاهيم‪ :‬المشاركة والتشاركية ؛ القرب والشفافية ؛‬
‫المساواة واإلنصاف ؛ الرقابة والتقييم ؛ المحاسبة والمساءلة ؛ التحفيز والمسؤولية وغيرها‬
‫من المفاهيم المساعدة على تجسيد "فكرة الصالح العام" على المستوى المحلي ؛ ذلك ألن‬
‫اإلدارة تحتل مكانة متميزة داخل العناصر المحددة للتغيير [‪.]17‬‬

‫‪ -2-1‬التحديث‪:‬‬

‫تدل التجارب المستقاة من الدول النامية عامة والدول العربية خاصة ؛ أن هناك خلط‬
‫في المفاهيم المتعلقة بعملية تحديث اإلدارة وإصالحها ‪ ،‬ولم يقتصر هذا الخلط على الباحثين‬
‫المهتمين بالشؤون اإلدارية ؛ بل حتى اإلداريين الممارسين‪.‬‬

‫ومن أهم التعاريف التي أعطيت لهذا المفهوم نجد تعريف » بيتر بيرجو«؛ الذي يقول‬
‫بأن التحديث يعني " تلك الوسيلة التي تمكن من نقل مجموعة من القيم الحضارية المكونة‬
‫لمفهوم »الغربنة« ؛ وهي تشمل مجموع المؤسسات السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫والقيم التكنولوجية والثقافية ‪ ،‬التي تروج لها والتي يتم نقلها من المجتمعات الحديثة إلى‬
‫المجتمعات النامية [‪."]18‬‬

‫ومهما ت عددت عبارات المعاجم ‪ ،‬وتنوعت معاني كلمة "حدث" فإنها تجمع على أن‬
‫المقصود منها شيء جديد يقع في الحاضر أو المستقبل ‪ ،‬وقد يتخذ أشكاال مغايرة أو مختلفة‬
‫أو مناقضة لما هو قديم ‪ ،‬بحيث يكون "الحادث" قطعا مع الماضي‪.‬‬

‫[‪ - ]16‬بوشعيب قايدي ‪ " ،‬التحديث اإلداري المحلي " ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ‪ ،‬جامعة الحسن األول ‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬سطات السنة الجامعية ‪ ، 8002-8003‬ص‪.22 :‬‬
‫[‪ – ]17‬علي سدجاري ‪ " ،‬الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث " ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.2 :‬‬
‫[‪ -]18‬محمد الداودي ‪ "،‬تحديث اإلدارة القضائية كآلية إلصالح القضاء بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬بطنجة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 8011-8010‬ص‪.2 ،‬‬

‫‪6‬‬
‫[‪]19‬‬
‫هو مسلسل من التغييرات على مستوى النظم‬ ‫فالحداثة دينامية تاريخية والتحديث‬
‫والبنيات والهياكل ‪ ،‬وذلك بإدخال قوانين وتكنولوجيا متطورة على معمار الدولة وعلى بنية‬
‫المجتمع ‪ ،‬كما أن الحداثة أيضا ؛ هي رؤية جديدة للعالم ‪ ،‬تقتضي اإللتزام بالصرامة‬
‫العقالنية في العلم والعمل وتحرير اإلنسان من كل أشكال التقليد واإلتباع غير المنتجين‪.‬‬

‫بينما التحديث هو ذلك الشكل اإلجرائي العلمي الملموس للحداثة كصورة فكرية مجردة‬
‫ال تتخذ إال كعمليات إجرائية قطاعية في هذا الميدان أو ذلك ‪ ،‬بمعنى اإلنتقال من الحداثة‬
‫كرؤية مجردة ‪ ،‬الى الحداثة كواقع ملموس ‪ ،‬وذلك بمأسسة ركائز الحكم عن طريق إدخال‬
‫قوانين أو تعديلها ونشر ثقافة سموها وتفعيلها‪.‬‬

‫إذن ؛ فالحداثة هي واقع تاريخي ‪ ،‬ومفهوم مستنبط من الواقع التاريخي ‪ ،‬سنجمع‬


‫عناصره مع بعض المؤرخين ‪ ،‬في النقط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إحياء التراث القديم في الفلسفة والقانون ؛‬ ‫‪ -‬ثورة اقتصادية ؛‬


‫[‪]20‬‬
‫‪ -‬ثورة علمية مبنية على التجربة والتعداد ‪ - ،‬ثورة فكرية تعتمد أساسا على العقل‬
‫ولقد تبلور هذا الواقع التاريخي لدى الغرب ‪ ،‬كمسلسل من التحوالت الثقافية والسياسية‬
‫واإلجتماعية واالقتصادية واإلدارية‪ .‬منذ القرن ‪11‬م[‪ " .]21‬طوال عقود وقرون والحداثة‬
‫ألنها ؛ "حركة ديناميكية تاريخية وعقالنية ونقدية ومستقبلية"[‪.]23‬‬ ‫[‪]22‬‬
‫تتكون بالتدريج"‬

‫*[‪ - ]19‬وعن سؤال ‪:‬هل هناك فرق بين الحداثة والتحديث؟ يقول محمد سبيال " الحداثة ؛ مفهوم نوعي مصدر يشير إلى ما هو مشترك ‪ ،‬أي إلى‬
‫الخصائص المشتركة الشاملة بين كافة المستويات ؛ فهو يعني العقلنة والتمايز والفصل بين المقدس والدنيوي وذلك في التجربة األوربية طبعا‪.‬‬
‫بينما يشير مصطلح التحديث إلى الوجه السيروري والصيروري للحداثة‪ .‬فالحداثة هي االسم النوعي لهذه العمليات أو التحديثات على كافة‬
‫المستويات‪ .‬هناك فرق آخر هو أن الفلسفة االلمانية والسوسيولوجيا الفلسفية االلمانية (فيبر‪ -‬هابر ماس‪ )...‬تتحدث عن الحداثة في حين يتحدث‬
‫التقليد االنجلوساكسوني عن التحديث ‪ ،‬لذا يمكن أن نقول إن التقليد الفكري األلماني خاصة منه السوسيولوجي والفلسفي ‪ ،‬يتحدث عن الحداثة بينما‬
‫تركز البحوث العلمية الميدانية االنجلوساكسونية على التحديث‪ .‬وما نظريات التنمية إال التصريف االقتصادي والسوسيولوجي للحداثة ؛ أنظر‪:‬‬
‫"‪ -‬محمد سبيال ‪" ،‬دفاعا عن العقل والحداثة – حوارات منشورات الزمن "‪ ،‬عدد ‪ ، 22‬طبعة ‪ ، 8002‬ص‪.12 :‬‬
‫[‪ - ]20‬عبد هللا العروي ‪" ،‬عوائق التحديث " ‪ ،‬منشورات اتحاد كتاب المغرب ‪ ،‬سلسلة محاضرات الشهر ‪ ،‬الطبعة األولى نوفبر ‪، 8003‬ص‪11 :‬‬
‫؛ ويسترسل عبد هللا العروي قائال " من هذا التطور استنبط » المفهوم «‪ ،‬وعلى فترات هذا المفهوم يدور حول المفاهيم التالية‪ :‬سلطنة الفرد ‪،‬‬
‫حريته ‪ ،‬عقله تدبيره لشؤونه ‪ ،‬وهيمنته على الطبيعة‪ .‬إذن ؛ مكونات هذا المفهوم المستنبط بعد أن "حدث" ‪ ،‬بعد أن "وقعت" الحداثة هي ‪:‬‬
‫الفردانية ‪ ،‬العقالنية الحرة ‪،‬الديمقراطية العلمية أ‪ ,‬العلمانية ‪(،‬بمعنى العلم الحديث) ؛ أنظر‪ - :‬عبد هللا العروي ‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫*[‪" - ]21‬حيث كانت الحداثة األوربية (الغربية) ثمرة فكر عصر األنوار واإلصالح الديني والنهضة الصناعية ‪ ،‬وتطور الرأسمالية خالل القرنين‬
‫‪12‬م و ‪12‬م " ؛ أنظر‪ :‬محمد سبيال ‪" ،‬دفاعا عن العقل والحداثة" ‪ ،‬منشورات الزمن ‪ ،‬عدد ‪ ، 22 ،‬طبعة ‪ ، 8002‬ص‪.31 :‬‬
‫[‪ - ]22‬عبد هللا العروي ‪" ،‬عوائق التحديث " ‪ ،‬منشورات اتحاد كتاب المغرب ‪ ،‬سلسلة محاضرات الشهر المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫[‪ - ]23‬علي أومليل ‪ " ،‬أسئلة راهنة – الثقافة والحداثة "‪ ،‬أطروحة فيبر ‪ ،‬جريدة اإلتحاد اإلشتراكي – المغرب‪ ،-‬عدد ‪ 12‬و ‪ ، 32‬الخميس ‪ 1‬يناير‬
‫‪.8002‬‬

‫‪7‬‬
‫ومهما يكن تبقى الحداثة مفهوما ملتبسا والذي يتطلب إجماال ارتقاء تاريخيا وتغييراً‬
‫للعقليات[‪.]24‬‬
‫من خالل هذه المحددات تبرز الحداثة ؛ كواقعة تاريخية انطلقت من تصور مجرد ‪،‬‬
‫وتبلورت في شكل ملموس بفعل التحديث ‪ ،‬وانتقلت من رؤية مجردة إلى واقع ملموس هو‬
‫الحداثة‪ .‬والتحديث بهذا المعنى يعتبر شرطا أساسيا النتقال المجتمعات إلى الحداثة ؛ وهو‬
‫كآلية من آليات "النهوض" و"التحول" أو "اإلرتقاء اإلجتماعي[‪.]25‬‬
‫وإجماال؛ فالمقصود بالتحديث إدخال وتطبيق أنظمة ‪ ،‬وطرق وتقنيات وتكنولوجيات‬
‫حديثة ل لتدبير بهدف تحسين إنتاجية األجهزة اإلدارية ‪ ،‬وإشاعة مناخ مالئم للتجديد واإلبداع‬
‫وإعادة تنظيم البنيات والصالحيات اإلدارية ‪ ،‬وتبسيط النصوص والمساطر والشكليات‬
‫وإشراك المستعملين في تجديد المرفق العمومي‪.‬‬

‫وهكذا فالتحديث يجب أن يفهم في إطاره العام ‪ ،‬باعتباره خطة تنبني على اإلنتقال من‬
‫نموذج إداري ذي التسيير التقليدي البيروقراطي ‪ ،‬إلى نموذج للتسيير الحديث من الطراز‬
‫التدبيري ؛ وبهذا يفهم التحديث أساسا كمراجعة لنموذج من الدولة "العانية "‪ ،‬حيث بات‬
‫مقبوالً أن التحديث اإلداري يرتبط ارتباطا وثيقا بتحديث الدولة ‪ ،‬وحتى إذا كان الجدال‬
‫متمركزا حول اإلدارة ؛ فإن الدولة أيضا ًمعنية بهذه السيرورة التي تفرض نفسها ‪ ،‬ليس بناء‬
‫على حتمية تاريخية معينة ‪ ،‬بل بسبب التحوالت الجارية[‪.]26‬‬

‫وإذا كانت أغلب الدول عمدت إلى نهج مقاربة التحديث اإلداري كأداة لتطوير اإلدارة‬
‫العمومية ‪ ،‬فإن المغرب لم يشذ عن هذه القاعدة [‪]27‬؛ ذلك أنه منذ مراحل متقدمة من تاريخه‬
‫عرف أشكاال تقليدية لإلدارة ‪ ،‬كانت حاضرة في الحياة اليومية لإلنسان المغربي ‪ ،‬وكانت‬
‫قريبة بشكل يمكنها من البث في أموره الشرعية والعرفية التي تبتدئ باألحوال الشخصية‬
‫وتنتهي بتنظيم التجارة وأمور األمن و المنازعات ‪ ،‬ومن هنا جاءت اإلدارة الجماعية التي‬

‫[‪]24‬‬‫‪- Encyclopédia Universalis , Coprus 15 , Messiaen Nataliat , E , p : 552.‬‬


‫[‪ - ]25‬على نصار ‪ " ،‬الطليعة الفاعلة والقوة االجتماعية والسياسية من منظور المشروع الحضري – نحو مشروع نهضوي عربي "‪ ،‬بحوث‬
‫ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ديسمبر ‪ ، 8001‬ص‪.220 :‬‬
‫[‪ - ]26‬علي سدجاري ‪ ،‬الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث ‪ ،‬دار المناهل للطباعة والنشر طبعة ‪ ، 1221‬الرباط ‪ ،‬ص‪.11:‬‬
‫[‪ -]27‬آمنة حطان ‪ ،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ، 8002/8002 ،‬ص‪.1 :‬‬

‫‪8‬‬
‫أملتها عدة متطلبات منها الحفاظ على وحدة الدولة من التوتر الداخلي والخارجي وكذا تأطير‬
‫وتنظيم العالقات اإلنسانية واإلجتماعية داخل مجتمع متنوع ومنفتح على البحر‬
‫والصحراء[‪.]28‬‬
‫فالجماعات الترابية تعتبر من بين أهم األسس التي يعتمدها المغرب في نظامه‬
‫الالمركزي ‪ ،‬هذه األخيرة عرفت عدة تطورات انعكست على الدور المنوط باإلدارة‬
‫الجماعي ة باعتبارها تشكل األساس القانوني واإلداري للتنظيم الجماعي المغربي‪ .‬فتدبير‬
‫الشأن العام الترابي بالمغرب مر سواء على مستوى الممارسة أو المفهوم بعدة محطات‬
‫ومراحل‪.‬‬

‫مرحلة ما قبل الحماية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫خالل هذه المرحلة كانت اإلدارة المحلية (الجماعة الترابية ) تتجسد في "أجماعة"‬
‫والتي كانت عبارة عن مجلس تقريري يتم انتخابه على أساس عائلي أو قبلي والذي يمثل‬
‫القبيلة أو المنطقة أو الدوار الذي ينتمي إليه ‪ ،‬فكانت الجماعة الصغرى أثناء هذه الفترة‬
‫تتكون من أرباب وآباء العائالت ‪ ،‬أما الجماعة الكبرى أي القبائل والدواوير فكانت تتكون‬
‫من مجالس األعيان والوجهاء يتم انتخابهم أو اختيارهم أو االتفاق عليهم بالتراضي اعتبار‬
‫لشخصهم ونفوذهم ولما يحضون به من قبول واحترام داخل القبيلة[‪.]29‬‬
‫وفيما يخص النظام القانوني للجماعة خالل هذه المرحلة ‪ ،‬فيمكن القول على أنه نظام‬
‫أكثر ليبرالية ‪ ،‬بحيث ال يمكن على سبيل المثال ال الحصر أن نجد مقابال دقيقا لمفهوم‬
‫الممارسة بالشكل الذي تم إقراره في البناء القانوني لالمركزية بشكلها المتداول حاليا ‪،‬‬
‫[‪]30‬‬
‫لم يكن يخضع ألية رقابة وال وصاية مباشرة من طرف السلطة‬ ‫فرئيس "أجماعة"‬

‫[‪ -]28‬موالي محمد البعزاوي ‪ ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬الرباط‪ -‬اكدال‬
‫‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8012-8018 ،‬ص‪.01 :‬‬
‫[‪ - ]29‬المهدي بنمير‪ " :‬الجماعات المحلية ومسألة التنمية المحلية " سلسلة الالمركزية والجماعات المحلية ‪ ،‬المطبعة و الوراقة الوطنية‪ ،‬ط‪1221 .‬‬
‫ص‪.23 ،‬‬
‫*[‪ - ]30‬كان آنذاك رئيس "أجماعة" يطلق (يلقب) عليه " أمغار"؛ وهو شيخ القبيلة المعين عادة لمدة سنة له صالحيات تنفيذ قرارات الجماعة‬
‫وهذه السلطات محددة ومراقبة بكيفية دقيقة من طرف الجماعات‪ .‬أنظر‪ :‬الجماعات المحلية ‪ ،‬منشورات مركز التوثيق للجماعات المحلية ‪،‬‬
‫‪ ،8002‬المديرية العامة للجماعات المحلية ‪ ،‬وزارة الداخلية ‪ ،‬المملكة المغربية ‪ ،‬ص‪18 :‬‬

‫‪9‬‬
‫المركزية ‪ ،‬مما يعني أن الجماعة كانت تتمتع باستقالل يتجاوز الحدود العادية لالمركزية‬
‫التي أصبحت عليه اليوم[‪.]31‬‬

‫مرحلة الحماية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫عرفت هذه المرحلة عدة تغيرات حيث عملت سلطات الحماية على إدخال مفهوم جديد‬
‫للتنظيم الجماعي ‪ ،‬كما شرعت في وضع تشريعات في كل المجاالت وعلى رأسها التنظيم‬
‫الجماعي ‪ ،‬وذلك بهدف السيطرة على مختلف المجاالت والتحكم في تدبير الشؤون الوطنية‬
‫والمحلية وذلك بما يخدم مصالحها االستعمارية ‪ ،‬وبالتالي ضبط السكان في المدن و البوادي‪.‬‬
‫ففي الق رى والبوادي عمدت فيها سلطات الحماية إلى إفراغ "أجماعة" من محتواها‬
‫العريق ‪ ،‬وقلصت مهامها حتى تحولت إلى مجرد هيأة شكلية لالستشارة ‪ ،‬يعين أعضاؤها‬
‫ويرأسها قائد أو شيخ تعينه السلطة‪.‬‬
‫أما في المدن فقد قسمت إلى مدن صغرى أطلق عليها اسم المراكز المستقلة ومدن‬
‫كبرى أطلق عليها اسم البلديات ‪ ،‬في حين أنشأت مناطق إدارية وعسكرية استجابة لمتطلبات‬
‫األمن العسكري‪.‬‬
‫إن سلطات الحماية قد أبقت على الوضع التقليدي للهياكل اإلدارية مع منح السلطة‬
‫الفعلية لممثلي الحكومة الفرنسية (المقيم العام‪ /‬اإلقامة العامة) في جميع الميادين ‪ ،‬األمر الذي‬
‫يترتب عنه نوع من االزدواجية في مجال رقابة الوحدات اإلدارية الالمركزية ‪ ،‬إذ أضحت‬
‫الجماعات المحلية (الترابية حاليا) في هذه المرحلة تخضع لرقابة كل من السلطة المخزنية‬
‫والسلطة الفرنسية وإن كانت هذه األخيرة هي األقوى[‪.]32‬‬
‫وهكذا فقد عرفت مرحلة نهاية االستعمار وبداية االستقالل عهداً جديداً للتغيير والتحول‬
‫‪ ،‬فأخذت عدة إصالحات لم يكن الغرض منها االعتراض على المبادئ التي كان التنظيم‬
‫اإلداري مبنيا على أساسها ‪ ،‬وإنما كان الغرض من ذلك تنمية إمكانياتها التي حالت دون‬

‫[‪]31‬‬ ‫‪- Saïd Balbachir : « Administration locale au Maroc » , p :13.‬‬


‫[‪ - ]32‬أنوارأحمد رسالن‪ "،‬التنظيم الجماعي الجديد " مطبعة النجاح الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ، 1222 .‬ص‪.10 :‬‬

‫‪10‬‬
‫االستفادة منها لتذليل الصعوبات التي كانت تعترض ذلك بما يتناسب والظروف الالمركزية‬
‫دستوريا[‪.]33‬‬
‫انطالقا مما سبق يمكن القول أن التنظيم اإلداري قد عرف مرحلتين منالتطور‪:‬‬
‫تميزت المرحلة األولى بوضع المرتكزات واألسس القانونية والدستورية للجماعة ‪،‬‬
‫حيث عرفت مرحلة مابين ‪ 1411‬و ‪ 1428‬صدور أول قانون يتعلق بانتخاب أعضاء‬
‫المجالس المنتخبة وذلك سنة ‪ ، 1414‬تاله ظهير ‪ 8‬دجنبر ‪1414‬م المتعلق بتقسيم المملكة‬
‫إلى عماالت وأقاليم ودوائر وقيادات وجماعات حضرية وقروية‪ .‬ويعتبر هذا الظهير اللبنة‬
‫األولى لسياسة الالمركزية وعدم التركيز اإلداري بالمغرب‪ .‬وبعد ذلك جاء ظهير ‪ 8.‬يونيو‬
‫‪1421‬م الذي يعتبر أول تنظيم قانوني لإلدارة الالمركزية بالمغرب في عهد االستقالل‪.‬‬
‫وقد شكل ظهير ‪ 8.‬يونيو ‪ 1421‬النواة األولى في مسلسل التنظيم الجماعي ‪ ،‬لكن‬
‫المغرب وعلى غرار الدول الحديثة العهد بعد حصوله على االستقالل كانت في أمس الحاجة‬
‫إلى بسط رقابتها الشاملة على البالد وتقوية سلطاتها والحفاظ على مقومات الدولة ومنها‬
‫صيانة الوحدة الوطنية ‪ ،‬مما جعل سياستها اإلدارية تتسم بالمركزية المفرطة ‪ ،‬وبالتالي لم‬
‫تسمح هذه السياسة المتبعة للجماعة الترابية الجديدة آنذاك ( الجماعات الحضرية والقروية )‬
‫بالقيام بدور أولي في تدبير الشؤون والقضايا المحلية ‪ ،‬إذ ظلت الدولة دائما تدور في اتجاه‬
‫توسيع السلطة وظلت اختصاصات المجالس الجماعية المنتخبة جد محدودة وهامش الحرية‬
‫لديها في التصرف ضيقا لم يسعف في بلورة األهداف المتوخاة[‪.]34‬‬
‫مرحلة الشروع في العمل الجماعي ‪2116/1691‬‬ ‫‪‬‬
‫لقد تميزت هذه المرحلة بصدور أول ظهير مؤرخ في ‪ 8.‬يونيو ‪ 1421‬يتعلق بالتنظيم‬
‫الجماعي ‪ ،‬بحيث أقر هذا األخير نوعين من الجماعات‪:‬‬
‫الجماعات الحضرية والقروية ‪ ،‬لذا فالجماعة المحلية قد احتلت مكانة قانونية بمقتضى‬
‫هذا الظهير قبل أن تحتلها من الناحية الدستورية[‪ .]35‬وقد تم تعديل الميثاق الجماعي لسنة‬

‫[‪ -]33‬مليكة الصروخ‪" :‬القانون اإلداري ‪ ،‬دراسة مقارنة " مطبعة النجاح الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة السابعة ‪ ،‬سنة ‪ ، 2010‬ص‪.103 :‬‬
‫[‪ - ]34‬حليمة الهادف ‪" ،‬التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث" ‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية آكدال‪ -‬الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 8018-8011 ،‬ص‪.2-2 :‬‬
‫[‪ - ]35‬الظهير الشريف رقم ‪ ،234122‬الصادر بتاريخ ‪ 1‬شوال ‪ 1222‬الموافق ل ‪ ، 1223/02/20‬بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي كما تم‬
‫‪،‬‬

‫تعديله بمقتضى القوانين الصادرة خالل سنوات ‪ 8002 – 8008‬وأخرها سنة ‪ 8011‬بمقتضى القانون رقم ‪.111412‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ 1421‬بمقتضى ظهير ‪ .1‬شتنبر ‪ ، 1412‬إذ اعتبر تحول جذري في مجال الالمركزية‬
‫الترابية بالمغرب ‪ ،‬باعتباره طفرة في مجال الديمقراطية المحلية و كضمانة الستقاللية‬
‫الجماعات الترابية تجاه الدولة المركزية ‪ ،‬حيث وسع من اختصاصات المجالس الجماعية‬
‫بصنفيها الحضري والقروي كما وسع من سلطات رؤساء المجالس الجماعية‪ .‬غير أن‬
‫الميثاق الجماعي من حيث التطبيق العملي لم يحقق األهداف المنتظر منه وذلك راجع لعدة‬
‫أسباب أهمها قلة الموارد المالية باإلضافة إلى ضعف مردودية الموارد البشرية الناتج عن‬
‫ضعف التكوين الجدير بتحقيق التنمية المحلية‪.‬‬
‫فالسياسة المتبعة في مجال تدبير الشأن العام الترابي ‪ ،‬أثبتت قصورها عن بلوغ النتائج‬
‫المرجوة منها ‪ ،‬ونتيجة لذلك تم إصدار مجموعة من القوانين المؤطرة للجماعات الترابية ‪،‬‬
‫بهدف مسايرة التطورات الحاصلة وتحديث أساليب التدبير المحلي ‪ ،‬وعلى هذا األساس تم‬
‫إصدار بتاريخ ‪ .‬أكتوبر ‪ 8118‬ميثاق جماعي رقم ‪ 12:11‬يتعلق بالجماعات[‪ .]36‬هذا الميثاق‬
‫لم يأت من فراغ ؛ بل جاء لمالئمة اإلطار القانوني مع التطورات والمستجدات التي عرفها‬
‫الشأن المحلي ‪ ،‬وكذلك لتجاوز اإلختالالت والصعوبات التي أفرزتها الممارسة‪.‬‬
‫فإذا كانت أهم اإلصالحات الكبرى التي أتى بها الميثاق الجماعي لسنة ‪ 8118‬تنحصر‬
‫في تحسين نظام المنتخب ‪ ،‬تعزيز آليات المراقبة ‪ ،‬حماية الصالح العام ‪ ،‬تحديد اختصاصات‬
‫المجلس الجماعي ورئيسه بكل دقة ‪ ،‬توسيع االختصاصات التي تشمل االختصاصات الذاتية‬
‫والقابلة للنقل واالستشارية ‪ ،‬وتقليص أجال المصادقة واعتماد نظام وحدة المدينة في‬
‫التسيير‪ .‬فإن التطبيق الفعلي للميثاق على مستوى الواقع أبان عن عدة سلبيات وعيوب تم‬
‫الوقوف عليها من خالل تنفيذ مقتضياته[‪ .]37‬وردا على جميع اإلختالالت التي شابت تطبيق‬
‫[‪]38‬‬
‫بمجموعة من المستجدات همت مختلف‬ ‫المواثيق السابقة ‪ ،‬جاء القانون رقم ‪11.12‬‬
‫جوانب القصور التي أبانت عليها تجربة تطبيق الميثاق الجماعي الذي تم تعديله ‪.‬‬

‫[‪ - ]36‬الظهير الشريف رقم ‪ ،14084822‬الصادر بتاريخ ‪ 81‬رجب ‪ 1182‬الموافق ل ‪ ، 8008/10/02‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 22400‬بمثابة قانون‬
‫يتعلق بالتنظيم الجماعي‪.‬‬
‫[‪ - ]37‬حليمة الهادف ‪" ،‬التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث" ‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة مجمد الخامس ‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادسة واالجتماعية آكدال‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 8118-8111 ،‬ص ‪.11-4‬‬
‫[‪ - ]38‬الظهير الشريف رقم ‪ ،14024112‬الصادر بتاريخ ‪ 81‬رجب ‪ 1120‬الموافق ل ‪ ،8002/08/12‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 12402‬بمثابة قانون‬
‫يتعلق بالتنظيم الجماعي ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مرحلة ما بعد دستور ‪2111‬‬ ‫‪‬‬
‫[‪]39‬‬
‫ارتقى بالجماعات إلى مصاف الجماعات‬ ‫بصدور دستور فاتح يوليوز‪8111‬‬
‫الترابية مع منحها اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات‬
‫[‪]40‬‬
‫‪ ،‬كما كرس مبدأ التدبير الحر والتعاون والتضامن بين‬ ‫منقولة إليها من هذه األخيرة‬
‫الجماعات والجماعات الترابية األخرى ومبدأ تأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير‬
‫شؤونهم‪ .‬ومن اجل تنزيل وتفعيل االختصاصات الدستورية صدر القانون التنظيمي ‪11..19‬‬
‫المتعلق بالجماعات ليحدد ويدقق ويضبط اختصاصات المجلس الجماعي ويعزز دور أجهزة‬
‫تدبير مجلس الجماعة و توحيد أنظمة تسييره ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى صدور القانون رقم‬
‫‪ 111.19‬يتعلق بالجهات والقانون رقم ‪ 118.19‬بمثابة قانون يتعلق بالعماالت واألقاليم ‪ ،‬هذه‬
‫القوانين حملت في طياتها مجموعة من المستجدات المتعلقة بالتنظيم اإلداري للجماعات‬
‫وتوسيع‬ ‫الترابية أهمها تكريس المبادئ الدستورية المتعلقة بالتدبير الحر و التفريع‬
‫اختصاصات مجالس الجماعات الترابية ‪ ،‬كما عمل المشرع على تدقيقها وتحديدها وضبطها‪.‬‬

‫ولعل أهم مستجد الذي حمله القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات ‪،‬‬
‫والذي يهم أيضا موضوعنا هذا ؛ هو تنصيصه وألول مرة في تاريخ القوانين المنظمة‬
‫للجماعات الترابية على اإلدارة الجماعية ‪ ،‬وهو المقتضى الذي كان غائبا في السابق‪.‬‬
‫هذا فيما يخص النصوص القانونية المنظمة للجماعات الترابية ‪ ،‬أما بالنسبة للمحدد‬
‫الدستوري فيتبين من خالل فصول الدساتير المتعاقبة على المملكة ابتداء من دستور ‪1428‬‬
‫انتها ًء بدستور ‪ .8111‬أن الحياة السياسية بعد حصول المغرب على االستقالل عرفت عدة‬
‫دساتير ؛ كان أولها دستور ‪ 19‬دجنبر ‪ 1428‬والذي نص في الفصل ‪ 4.‬على أن "الجماعات‬
‫المحلية بالغرب هي العماالت واألقاليم والجماعات" [‪ ،]41‬وتنتخب الجماعات المحلية مجالس‬
‫هذا بالنسبة لدستور‬ ‫[‪]42‬‬
‫مكلفة بتدبير شؤونها تدبيراً ديمقراطيا طبق الشروط المحددة قانونا‪.‬‬
‫‪ ، 1428‬أما بخصوص دستور ‪ 11‬مارس ‪ 1418‬فقد عرف تطورا طفيفا بالمقارنة مع‬

‫[‪ - ]39‬الظهير الشريف رقم ‪ 1411421‬الصادر بتاريخ ‪ 82‬من شعبان ‪ 82( 1128‬يوليوز ‪ )8011‬بتنفيذ نص الدستور؛ الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 1231‬مكرر بتاريخ ‪ 82‬شعبان ‪ 20( 1128‬يوليو ‪)8011‬‬
‫[‪ - ]40‬ينص الفصل ‪ 110‬من دستور المملكة المغربية على أنه" للجماعات الترابية ‪ ،‬وبناء على مبدأ التفريع اختصاصات ذاتية واختصاصات‬
‫مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه األخيرة"‪.‬‬
‫[‪ - ]41‬الفصل ‪ 22‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1238‬‬
‫[‪ - ]42‬الفصل ‪ 21‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1238‬‬

‫‪13‬‬
‫دستور‪ ، 1428‬إذ أنه اكتفى بذكر نوعين من الجماعات وهي العماالت واألقاليم ‪،‬‬
‫والجماعات بصنفيها الحضري والقروي دون أن يحدد أنواع الجماعات الترابية‪ .‬وبالتالي‬
‫ترك هذه المهمة للمشرع إلحداث أي نوع أخر منها ‪ ،‬وهذا ما يظهر جليا من خالل الفصل‬
‫‪ 21‬من دستور ‪ 1418‬الذي ينص على أن" الجماعات المحلية للمملكة هي العماالت واألقاليم‬
‫والجماعات الحضرية وكل جماعة تحدث بقانون"[‪ .]43‬وهكذا فإن دستور ‪ 9‬شتنبر ‪ 1448‬قد‬
‫ادخل ضمن الجماعات المحلية الجهة ‪ ،‬وهذا ما تم تأكيده بمقتضى دستور ‪ 1.‬شتنير‪،1442‬‬
‫وبهذا نجد أن المشرع قد خطى خطوات متقدمة ال سيما وأنه صنف الجهة ضمن مكون‬
‫الجماعات المحلية وقد خص الدستور المراجع لسنة ‪ ]44[ 1442‬الجماعات المحلية ثالثة (‪).‬‬
‫فصول ضمن بابه الحادي عشر (‪.)11‬‬

‫وأخيرا دستور ‪ 84‬يوليوز ‪ ،]45[ 8111‬والذي خصص الباب التاسع المتعلق بالجهات‬
‫والجماعات الرابية األخرى بكامله للجماعات الترابية ‪ ،‬وغير من تسمية الجماعات المحلية‬
‫إلى الجماعات الترابية ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تبوئه للجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات‬
‫الترابية األخر ى [‪.]46‬‬

‫إذن فالجماعات الترابية غايتها الرفع من المستوى المعيشي لسكان الجماعات الترابية ‪،‬‬
‫وتحقيق التنمية الشاملة المندمجة والمستدامة ‪ ،‬من هنا يستمد موضوع تحديث اإلدارة‬
‫الجماعية بالمغرب راهنتيه ‪ ،‬وذلك انطلقا من التحوالت النوعية والكمية التي عرفتها الساحة‬
‫السياسية واإلجتماعية بالمغرب ‪ ،‬والتي ساهمت في تسريع وثيرة المطالبة بحتمية تطوير‬
‫وتحديث اإلدارة الجماعية ‪ ،‬وذلك بالنظر للتطورات التي يعرفها المجتمع بشكل دوري‬
‫ومنتظم األمر الذي يستدعي من اإلدارة مواكبة هذه التطورات لمواجهة الرهانات الجديدة‬
‫التي أصبحت تواجهها ‪ ،‬نظرا لعدة أساب مباشرة كانت أو غير مباشرة ‪ ،‬كارتفاع الوعي‬
‫بالمواطنة وحقوق اإلنسان داخل التجمعات البشرية ‪ ،‬وكذا السرعة التي أضحت عليها‬
‫تكنولوجيا التواصل الحديثة والمعلوميات‪.‬‬

‫[‪ - ]43‬الفصل ‪ 22‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ، 1228‬الجريدة الرسمية عدد ‪، 1131‬صادرة بتاريخ ‪ 81‬سبتمر ‪ ،1228‬ص‪.1011 :‬‬
‫[‪ - ]44‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 1180‬صادرة بتاريخ ‪ 10‬أكتوبر ‪ ، 1223‬ص‪.8821 :‬‬
‫[‪ .- ]45‬الظهير الشريف رقم ‪ 1411421‬الصادر بتاريخ ‪ 82‬من شعبان ‪ 82( 1128‬يوليوز ‪ )8011‬بتنفيذ نص الدستور‪ .‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 1231‬مكرر بتاريخ ‪ 82‬شعبان ‪ 20( 1128‬يوليو ‪)8011‬‬
‫[‪ - ]46‬الفصل ‪ 112‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8011‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ - II‬أهمية الموضوع‪:‬‬

‫يتوقف نجاح المجتمع في تحقيق األهداف وتلبية احتياجات المواطنين على إدارة فعالة‬
‫قادرة على استغالل الموارد المتاحة وتعظيم العائد منها‪.‬‬

‫فقد باتت اإلدارة الجماعية في الوقت الحالي مطالبة باالنصياع لمتطلبات التحديث‬
‫والتجديد ‪ ،‬السيما في ظل التحوالت العالمية الكبرى االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫واآلثار االقتصادية الناتجة عن العولمة التي تهم اإلنتاجية والتنافسية ‪ ،‬وبروز مفاهيم جديدة‬
‫كحسن التدبير والحكامة الجيدة ‪ ،‬مما يجعل اإلدارة الجماعية أمام تحديات كبرى ‪ ،‬إذ بات‬
‫مفروضا عليها أن تطور وتجدد أساليب اشتغالها ووسائل عملها حتى تستجيب النتظارات‬
‫المواطنين وتكون أداة محورية في خدمة التنمية‪.‬‬

‫من هنا يستمد موضوع اإلدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث أهميته إنطالقا من‬
‫كونه موضوعا ذو راهنيه ملحة وورشا إصالحيا كبيراً تم فتحه في إطار الدينامية التي‬
‫تعرفها البالد خاصة في العشرية األخيرة ‪ ،‬كذلك بالنظر للتحديات السوسيو‪ -‬إقتصادية‬
‫والثقافية التي تفرضها سياقات دولية وإقليمية تتسم بتنامي اقتصاد المعرفة ومجتمع التواصل‪.‬‬

‫فأهمية هذه الدراسة تكمن في كون تحديث اإلدارة الجماعية يعتبر المدخل الرئيسي‬
‫للرفع من األداء واالرتقاء بالمرفق العام إلى مستوى النجاعة والفعالية والمردودية العالية‬
‫للقيام بواجباته تماشيا مع الدور المتعاظم الذي أضحت تلعبـه الوحدات الترابية على جميع‬
‫األصعدة االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬وأهمية تحديث اإلدارة الجماعية تكمن أيضا في اإلطالع‬
‫على نظـم اإلدارة الحديثة ‪ ،‬كما تعكسها التشريعات النافذة ‪ ،‬و التعرف على المشكالت‬
‫والصعوبات والعـوائق التي تواجه اإلدارة الجماعية وسبل تجاوزها و آفاق تطويرها‪.‬‬
‫كما تعد هذه الدراسة في غاية من األهمية من الناحية الزمنية والمكانية ‪ ،‬وتتجلى‬
‫أهميتها في‪:‬‬

‫كون التحديث خيار استراتيجي لتأهيل اإلدارة الجماعية بالمغرب وأحد‬ ‫‪‬‬
‫الرهانات الكبرى لمواكبة التغيير في ظل االصالحات المؤسساتية والدستورية ؛‬

‫‪15‬‬
‫كون تحديث اإلدارة الجماعية ورشا إصالحيا كبيرا يروم تأهيل اإلدارة‬ ‫‪‬‬
‫كرافعة للتنمية االقتصادية واالجتماعية ؛‬
‫مدخل أساسي لتعزيز عالقة اإلدارة بالمواطن من خالل إعادة الثقة بين‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارة والمواطنين والرفع من مستوى أدائها ومردوديتها ‪ ،‬وتحسين جودة الخدمات‬
‫المقدمة للمرتفقين وتسهيل الولوج إليها ؛ تحسين االستقبال وتبسيط المساطر اإلدارية‬
‫ودعم اإلدارة اإللكترونية ‪...‬؛‬

‫آلية فعالة لترسيخ آليات الحكامة الترابية والشفافية وتدعيم الثقة في المرفق‬ ‫‪‬‬
‫العام ؛ وتأكيد مكانة اإلدارة الجماعية في مسار التنمية الوطنية وتعزيزها كفضاء‬
‫للديمقراطية ؛‬
‫التعرف على المشكالت والصعوبات التي تواجه تحديث اإلدارية الجماعية في‬ ‫‪‬‬
‫المغرب وبالتالي إعطاء المكانة التي تستحقها ومن ثم وضع بدائل واقعية لتذليل التحديث‬
‫اإلداري الجماعي‪.‬‬
‫كون رهان تحديث اإلدارة الجماعية يعد شرطا الزما لإلنتقال إلى الحداثة‬ ‫‪‬‬
‫كتصور مجرد ‪ ،‬إلى الحداثة كواقعة تاريخية تتجسد بالملموس على أرض الواقع‪.‬‬
‫‪ - III‬دواعي اختيار الموضوع‪:‬‬
‫بجانب الدوافع األكاديمية لنيل الدرجة العلمية هناك دوافع ذاتية وأخـرى موضوعية‬
‫علمية وفكـرية دفعت إلى دراسة موضوع " اإلدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث "‬

‫بخصوص األسباب الذاتية ‪ :‬اختيار موضوع " اإلدارة الجماعية بالمغرب ورهان‬
‫ال تحديث " لم يكن وليد ظرفية آنية بقدر ما كان وليد تفكير عميق ومستمر ناتج عن رغبتي‬
‫الملحة في دراسة هذا الجانب من السياسات العمومية المتعلق باإلدارة الجماعية ورهان‬
‫التحديث‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى الرغبة في تحصيل مهارات البحث العلمي ‪ ،‬وكون موضوع الدراسة‬
‫يتوافق مـع السياق العـام للدراسة حيث جاء اختيار هذا الموضوع ‪ ،‬باعتباره يدخل في مجال‬

‫‪16‬‬
‫تخصصي "ماستر قانون وإدارة الجماعات الترابية" و المغرب باعتبارها موطن الباحث و‬
‫النموذج األقرب للدراسة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لألسباب الموضوعية ‪ :‬فتتمثل في كون هذا الموضوع يثير نقاشات عدة‬
‫وموضوع اهتمام مجموعة من الفاعلين السياسيين والباحتين األكاديميين في المجال اإلداري‬
‫على اعتبار مبادرات التحديث في مجال اإلدارة الجماعية وسيلة اندماج إيجابي في تيار‬
‫التكيف مع صيرورة العولمة والمنافسة الحادة ‪ ،‬ومن تم فإن عوامل كثيرة تدفعنا إلى‬
‫االنخراط في هذا االتجاه مثل االستجابة للمتطلبات الملحة والمستجدة للمواطنين للحصول‬
‫على منتجات وخدمات ذات جودة عالية ‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس ؛ فإن لهذا البحث أهمية راهنية ‪ ،‬حيث بات موضوع التحديث‬
‫و"الحكامة الحيدة "و "حسن التدبير" و"الديمقراطية التشاركية" و" التدبير الحر" من بين‬
‫المفاهيم المهيمنة على مستوى النقاش العام الداخلي والخارجي‪.‬‬

‫‪ -IV‬إشكالية الدراسة‪:‬‬

‫يكتسي موضوع اإلدارة الجماعية ورهان التحديث أهمية كبرى في انشغاالت السلطات‬
‫العامة ‪ ،‬باعتباره خيارا إستراتيجيا ال محيد عنه ورهان أساسي يتموقع في صلب إهتمامات‬
‫الحكومة ‪ ،‬وهو ما يستوجب التوفر على إدارة جماعية عصرية حديثة قادرة على تجاوز نمط‬
‫التسيير التقليدي لإلدارة و رفع التحديات وإشباع حاجيات المرتفقين‬

‫ولعل أهمية التوجهات التي ينهجها المغرب على أصعدة مختلفة إدارية إقتصادية‬
‫وإجتماعية ‪ ،‬ال تكفي لتحديد مقومات التحديث باإلدارة الجماعية ‪ ،‬وطبيعة اإلستراتيجيات‬
‫لتفعيل هذا الورش‪.‬‬

‫كما أن المقاربة الموضوعية لرهان تحديث اإلدارة الجماعية ‪ ،‬ال تتوقف على رصد‬
‫مرتكزات وأسس هذا التحديث ( المرتكزات القانونية – المرتكزات المؤسساتية ‪-‬‬
‫المرتكزات التنظيمية ) بقدر ما تقوم على رؤية شمولية ‪ ،‬تمر باألساس عبر تشخيص‬
‫مظاهر اإلختالالت التي تشوب اإلدارة والمتغيرات التي تدفع في اتجاه تحديثها مع الوقوف‬

‫‪17‬‬
‫على مكامن القوة والضعف ‪ ،‬وبالتالي رصد المبادرات الرامية إلى تطوير وتحديث اإلدارة‬
‫وتحليلها وتقييمها وفق منهج علمي دقيق‪.‬‬

‫إن موضوع التحديث مرتبط بإشكالية التغيير في اإلدارة العمومية ‪ ،‬وهذا األخير رهين‬
‫بتغيير في البنيات والعقليات ‪ ،‬غير أن تحقيق ذلك لن يتم إال بالتوفيق بين اإلدارة والمجتمع‬
‫الحديث ‪ ،‬وهو األمر الذي يسمح بتبني مفهوم جديد للسلطة يكون القضية المفتاح في األفق‬
‫يرغم تحديد جهاز إداري مصمم يكون وسيلة تسمح باندماج أفضل لإلدارة في المجتمع‪ .‬ومن‬
‫ناحية أخرى أخذ موضوع تحديث اإلدارة الجماعية منعطفا جديدا خاصة بعد الخطاب الملكي‬
‫لـ ‪ 4‬مارس ‪ ، 8111‬ومجموعة من اإلصالحات التي تلت الخطاب خاصة صدور دستور ‪84‬‬
‫يوليو ‪ 8111‬والقوانين المنظمة للجماعات‪.‬‬
‫بناء على ما سبق ونظرا ألهمية الموضوع فإن اإلشكال المحوري لموضوع دراستنا‬
‫يتمركز حول‪:‬‬

‫مدى مساهمة تحديث اإلدارة الجماعية في ترسيخ ثقافة المواطنة وكسب رهان‬
‫الديمقراطية والتنمية ؟ وبعبارة أخرى ‪ ،‬إذا كان التحديث اإلداري أداة أساسية لتحسين‬
‫وتطوير أداء اإلدارة ‪ ،‬فإلى أي حد يمكن اعتبار الرهان على تحديث اإلدارة الجماعية ‪ ،‬هو‬
‫رهان على التغيير في العقليات ومدخل أساسي لمواكبة المتغيرات؟‬

‫لإلجابة على اإلشكالية المحورية ال مناص من طرح أسئلة فرعية ذات الصلة‬
‫باإلشكالية المركزية ‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫فما هي طبعة األسس التي ينبني عليها تحديث اإلدارة الجماعية؟ وهل اإلدارة الجماعية‬
‫قادرة على النهوض باألعباء الملقاة على عاتقها في ظل التحديات والمتغيرات المطروحة‬
‫عليها؟‬

‫مدى مواكبة اإلدارة الجماعية للمستجدات الوطنية وهل يمكن اعتبار الحكامة آلية‬
‫للتحديث‪.‬‬

‫مدى انفتاح اإلدارة الجماعية على المحيط الدولي‪ ،‬وكيف يؤثر على أداء أدوارها ؟‬

‫‪18‬‬
‫أمام التطور الهائل للتكنولوجيا وتطور مناهج التدبير الحديث أي دور الستعمل‬
‫التكنولوجيا في تحديث اإلدارة وتحسين أدائها؟‬

‫وهل يمكن جعل أو اعتبار تحديات العولمة ومعها المتغيرات الخارجية والداخلية‬
‫المستجدة محفزات نحو التحديث؟ وما هي اآلفاق المستقبلية لهذا التحديث؟‬

‫أية مكانة يتموقع فيها المواطن ضمن إستراتيجية التحديث ؟‬

‫‪ -V‬المحددات المنهجية للدراسة‬

‫من حيث المنهج العلمي المتبع في الدراسة فهو المنهج "التاريخي" الذي يسمح لنا بإلقاء‬
‫نظـرة على تنظيم اإلدارة الجماعية بالمغرب ؛ و" المنهج الوصفـــي التحليلي" لتحليل‬
‫مختلف الخطوات اإلصالحية ‪ ،‬بحيث تعتبر المناهج الوصفية إحدى الوسائل المنهجية‬
‫لدراسة اإلدارة الجماعية ‪ ،‬وهي وسيلة مفيدة في تحليل المنظمات‪.‬‬

‫وبخصوص سبب اختيار المنهج" الوصفي التحليلي" فيكمن فـي التعرف على نظـام‬
‫اإلدارة الجماعية بشكل واضح ‪ ،‬كما يمكننا من رصد نقاط القوة والضعف في نظام اإلدارة‬
‫الجماعية‪ ،‬ومحاولة وضع مقترحات واضحة واقعية تضمن تحديث وتطوير اإلدارة‬
‫الجماعية‪.‬‬

‫كما اعتمدنا ايضا على المنهج القانوني لتسليط الضوء على معطيات قانونية وتنظيمية‬
‫لها أهمية بالغة في تحديد تحديث اإلدارة الجماعية بالمغرب‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن مساهمتنا في الجدل الدائر حول رهان تحديث اإلدارة الجماعية‬
‫‪ ،‬هي مح اولة بسيطة لرصد أسسها ومظاهرها وأبعادها وبهدف الخروج بمقاربة شمولية ؛‬
‫سيتم تقسيم موضوع البحث على الشكل اآلتي‪:‬‬

‫الفصــــــــــــــــــــــــــــــــل األول‪ :‬طبيعة اإلدارة الجماعية بالمغرب‬

‫الفصــــــــــــــــــــــــــــــــل الثاني‪ :‬نحو إدارة جماعية حديثة‬

‫‪19‬‬
‫األول‪:‬‬ ‫الفصـــــــــــــــــــــــــــــــــــل‬

‫طبيعة اإلدارة الجمــاعي ـ ــة‬

‫بالمغ ـ ـ ـ ــرب‬

‫‪20‬‬
‫إن الظرفية التي يعيشها المغرب ‪ ،‬تفرض عليه كدولة رافعة لمجموعة من‬
‫التحديات ‪ ،‬أهمها إعادة النظر في إدارته التي تعد كمدخل أساسي لتحقيق التنمية‪.‬‬
‫وتشكل اإلدارة الجماعية الوسيلة القانونية والدستورية التي تستخدمها الدولة لتنفيذ‬
‫برامجها ‪ ،‬فهي جوهر كل بناء ونماء في كافة واجهات الحياة العامة والمناخ العام للتنمية‬
‫المستدامة[‪ . ]47‬وبالتالي فهي تتموقع في صلب عمل الدولة ‪ ،‬كما أن تطورها يخضع‬
‫لطبيعة عالقتها بالمجتمع ‪ ،‬ومدى قدرتها على أن يجعل منها أداة لخدمته‪.‬‬
‫وعليه ؛ فالحديث عن اإلدارة الجماعية ورهان تحديثها يستلزم الوقوف عن الخلل‬
‫و البحث عن مخرج لها ‪ ،‬ومن هنا فإن اإلجابة عن اإلشكالية المحورية لهذه الدراسة ‪،‬‬
‫تتطلب ؛ إلقاء نظرة على الجهاز اإلداري الجماعي ‪ ،‬حيث تبين أن هناك فرقا ً كبيراً بين‬
‫الفعل والنوايا ‪ ،‬هذه المفارقة التي تكشف عن األزمة التي تطال الجهاز اإلداري ‪ ،‬إذ‬
‫تعتريه مجموعة من النواقص واإلختالالت ‪ ،‬كما تواجهه الكثير من التحديات ‪ ،‬تجعل من‬
‫مسألة تطوير وتحديث اإلدارة ضرورة كانت وما زالت ملحة ‪ ،‬ألن اإلدارة الجماعية‬
‫تدخل في عالقة جدلية مع كافة مكونات المجتمع ‪ ،‬فهي تتلقى األزمات وفي نفس الوقت‬
‫هناك ترقب مستمر لردود فعلها[‪.]48‬‬
‫ورغم العديد من اإلصالحات التي حاولت السلطات العمومية القيام بها لتجاوز هذه‬
‫اإلختالالت ؛ فإنها لم تؤت أكلها ‪ ،‬وذلك إما بسبب عدم شموليتها واإلقتصار على بعض‬
‫التعديالت الجزئية ‪ ،‬أو بسبب غياب رؤية موحدة ومشتركة ؛ نتيجة إلكراهات الواقع أو‬
‫تحت واقع الضغوط الخارجية‪.‬‬
‫من هذا المنطلق بات من الضروري التوجه نحو سياسة إصالحية جذرية تروم‬
‫تحديث اإلدارة الجماعية وجعلها تستجيب لمتطلبات المواطن ‪ ،‬ومواكبة التغيرات التي‬
‫يعرفها العالم ‪ ،‬لهذا أهتم الخطاب السياسي الرسمي بسياسة التحديث اإلداري واتجه إلى‬
‫وضع سياسات عامة تهم كل القطاعات[‪.]49‬‬

‫[‪ - ]47‬آمنة حطان ‪" ،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬الرباط ‪ -‬أكدال ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 1222-1222 ،‬ص‪.80 :‬‬
‫[‪ - ]48‬عبد الرزاق العكاري ‪ " ،‬مفارقات إصالح اإلدارة العمومية بالمغرب" ‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬عدد مزدوج ‪، 22-28‬‬
‫يناير ‪ ، 8002‬ص‪.181 :‬‬
‫[‪ - ]49‬محمد عبد اللطيف أكنوش ‪ " ،‬واقع الممارسة التشريعية في النظام السياسي المغربي على مشارف القرن الواحد والعشرين ‪ ،‬مطبعة‬
‫بروفانس ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 1228‬ص‪.31 :‬‬

‫‪21‬‬
‫وانطالقا مما سبق فإن معالجتنا لهذا الفصل سوف تتركز على دراسة أسس‬
‫ومرتكزات اإلدارة الجماعية ؛ في (مبحث أول) في حين سنعرج في (المبحث الثاني) إلى‬
‫الحديث عن مختلف جوانب القصور و اإلختالالت التي تواجه اإلدارة الجماعية ‪ ،‬هذا‬
‫باإلضافة إلى المتغيرات التي تدفع في اتجاه تحديث اإلدارة الجماعية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أسس ومرتكزات تحديث اإلدارة الجماعية بالمغرب‬
‫تقوم اإلدارة الجماعية على مجموعة من األسس تشكل في مجملها محور أساسي‬
‫لتحديث اإلدارة الجماعية ‪ ،‬غير أن هذا التحديث يحتاج إلى إطار مؤسساتي كفيل بضبطه‪،‬‬
‫وذلك وفق نظرة شمولية تأخذ بعين االعتبار العوامل والتحوالت التي يشهدها العالم‪.‬‬
‫وإذا كانت الجوانب المؤسساتية (المطلب األول) تعتبر الفاعل الرئيسي في سياسة‬
‫التحديث اإلداري بالمغرب ‪ ،‬فإن اإلطار القانوني ال يقل أهمية ‪ ،‬إذ يشكل مكون أساسي‬
‫لهياكل اإلدارة الجماعية ‪ ،‬باعتباره إطار مرجعي وقانوني لسياسة الدولة ( المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المقومات المؤسساتية لتحديث اإلدارة الجماعية‬
‫إن مهمة تحديث وتنمية اإلدارة الجماعية تتطلب وجود إطار مؤسساتي فعال‬
‫ومتكامل لتحقيق هذا المبتغى ‪ ،‬فالمؤسسات الرسمية المهتمة بعملية العصرنة والتحديث‬
‫في المجال اإلداري ‪ ،‬لن تكتسب الجدوى والفعالية الالزمة ‪ ،‬إال إذا تحقق إسهام مختلف‬
‫مكونات المجتمع ‪ ،‬فالتوافق المجتمعي يعتبر شرطا ضروريا لتحقيق النجاح وكسب رهان‬
‫التغيير‪.‬‬
‫وتلعب المؤسسات الدستورية (الفقرة األولى) و المؤسسات اإلستشارية إلى جانب‬
‫السلطة الحكومية (الفقرة الثانية)‪ ،‬دورا أساسيا في تنفيذ السياسات الحكومية في مجال‬
‫تحديث إدارات الدولة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المؤسسات الدستورية الفاعلة في مجال التحديث‬

‫‪22‬‬
‫تلعب المؤسسات الدستورية دوراً مهما في عملية التحديث اإلداري ‪ ،‬وذلك بالنظر‬
‫للمسؤوليات والمهام الملقاة على عاتقها‪.‬‬
‫وتتربع المؤسسة الملكية على هرم هذه المؤسسات ‪ ،‬باعتبار الملك ممثل للشرعية‬
‫والقانون داخل الدولة وعلى هذا األساس يعد الملك فاعال أساسيا في عملية التحديث‬
‫اإلداري ‪ ،‬إلى جانب القضاء اإلداري (أوال) ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الدور الهام الذي تقوم به‬
‫السلطتين التشريعية والتنفيذية في ميدان التحديث (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المؤسسة الملكية كفاعل رئيسي في التحديث اإلداري‬
‫المؤسسة الملكية‬ ‫أ‪-‬‬
‫في أول حديث صحفي له ‪ ،‬قال الملك محمد السادس لمجلة التايم ‪ ]...["،‬إنه يريد‬
‫األفضل للمغرب وإن كثيرا من األشياء ما يزال المغرب في حاجة للقيام بها في المجال‬
‫الديمقراطي "[‪.]50‬‬
‫و يعتبر الملك الممثل الشرعي للدولة يتمتع بسلطات قد تكون فعلية ‪ ،‬وقد تكون‬
‫شرفية ال يمارسها من الناحية الواقعية إال من خالل وزراءه ‪ ،‬فهو يتمتع بمكانة خاصة‬
‫تخوله الهيمنة والغلبة داخل النظام السياسي المغربي الشيء الذي جعل منه أهم مقرر‬
‫بالمملكة[‪ ، ]51‬وبغض النظر عن مدى حرية رئيس الدولة في مباشرة شؤون الحكم ‪ ،‬فهو‬
‫الحكم الرشيد الذي يعمل على إيجاد التوازن بين سلطات الدولة بتوجيهها نحو الطريق‬
‫السليم الذي يمليه الصالح العام‪.‬‬
‫لقد أضحى الحديث عن المؤسسة الملكية وموقعها في النظام السياسي المغربي ‪،‬‬
‫حديث ليس فقط عن مؤسسة المؤسسات ‪ ،‬بل تجاوز ذلك ليصبح حديث عن الدولة‬
‫المغربية نفسها ‪ ،‬أي من المغرب وملكه أو الملك ومغربه[‪ .]52‬وذلك ألن المؤسسة الملكية‬
‫كمؤسسة متجدرة في النسيج اإلجتماعي والرمزي وفي الكينونة العميقة للمجتمع المغربي‬
‫‪ ،‬ظلت المحور والمركز الذي تدور حوله جميع أجهزة السلطة في الدولة طوال التاريخ‬

‫[‪ - ]50‬يعود أول حوار أجراه الملك محمد السادس إلى سنة ‪ 8000‬؛ أي أشهرا قليلة بعد جلوسه على العرش‪ ،‬استقبل فيه "سكوت ماكلود"‪ ،‬مدير‬
‫المجلة األمريكية الشهيرة "التايم" بالقاهرة‪ ،‬الذي أجرى الحوار على ثالث محطات بعد ما قضى أكثر من ثالثة أيام رفقة ملك المغرب‪.‬‬

‫‪]51[ - leveau. R : « aperçu de l’évolution du système politique Marocain depuis vingt ans », Machrek-Maghreb,‬‬
‫‪n° 106 , 1984, p :23.‬‬
‫[‪ - ]52‬عبد الحي المؤذن ‪" ،‬إشكالية إنتقال الملك في المغرب‪ -‬قضايا وأسئلة "‪ ،‬مجلة وجهة نظر‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 2/2 ،‬سنة ‪ ، 8000‬ص‪.3:‬‬

‫‪23‬‬
‫المغربي القديم منه والحديث[‪.]53‬‬
‫خاصة وأن قيمة المؤسسات وطبيعتها تبقى رهينة بقيمة العملين فيها ‪ ،‬وهذا يصدق‬
‫وإلى درجة كبيرة على المؤسسة الملكية ‪ ،‬فشخصية الملك محمد السادس مثال طبعت بقوة‬
‫هذه المؤسسة أضفت عليها سموا وعلوا ليس داخل المغرب وحسب ‪ ،‬بل حتى على‬
‫الصعيد الخارجي‪.‬‬
‫فالملك يشكل كائن تواصلي مقدس[‪ ،]54‬ويتضح ذلك من خالل التنصيص الدستوري‬
‫على عدم الخضوع لإلختيار النقدي للصالحية ‪ ،‬بوضع الكالم الملكي ضمن دائرة القداسة‬
‫‪ ،‬ذلك أن الملك ‪ ،‬شخص مقدس ال تنتهك حرمته[‪ ،]55‬وهذا ما نستشفه من خطاب جاللة‬
‫الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة واألربعين لثورة الملك والشعب و الذي جاء‬
‫فيه" [‪ ]...‬وسنبقى على النهج الحسني سائرين تمسكا ببيعة اإلمامة الشرعية التي‬
‫تطوق عنقنا وعنقك موصولة بما سبقها على امتداد أزيد من اثنى عشرة(‪ )12‬قرنا‬
‫موثقة السند بكتاب هللا وسنة رسوله الكريم ومشدودة العرى إلى الدستور المغربي‬
‫"[‪]56‬؛ الذي ينص على أن الملك أمير المؤمنين[‪ ]57‬والممثل األسمى لألمة ورمز وحدتها‬
‫وضامن دوام الدولة واستمرارها[‪.]58‬‬
‫فرغبات ومطامح و آمال الشعب المغربي يجسدها الملك ‪ ،‬في حين أن األحزاب‬
‫السياسية تعبر عن رغبات ومطامح وآمال ومصالح الفئة التي تمثلها ‪ ،‬وكذلك باقي‬
‫المؤسسات األخرى ‪ ،‬وهكذا فالواقع السياسي المغربي يفترض فيه أن يكون ترجمة‬
‫صادقة للفكر السياسي لجاللة الملك[‪.]59‬‬

‫[‪ - ]53‬الماوردي أبو الحسن علي بن حبيب البصري البغدادي ‪ " ،‬األحكام السلطانبة" مكتبة مصطفى البابلي الحلي وأوالده ‪ ،‬القاهرة ‪، 1233‬‬
‫ص‪.2:‬‬
‫* [‪ - ]54‬حيث نجد خطبه الموجهة للبرلمان و األمة ال يمكن أن تكون محل أي نقاش ‪ ،‬الفصل ‪ 23‬من دستور ‪.1223‬‬
‫[‪ – ]8‬بحيث ينص الفصل ‪ 13‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 8011‬على أنه‪":‬شخص الملك ال تنتهك حرمته‪ ،‬وللملك واجب التوقير واالحترام"‪.‬‬
‫[‪ - ]56‬الخطاب الملكي الموجه إلى األمة بمناسبة الذكرى السادسة واألربعين لثورة الملك والشعب ‪ 80-‬غشت ‪.1222‬‬
‫[‪ - ]57‬ينص الفصل ‪ 11‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 8011‬في بنده األول على أن‪ ":‬الملك؛ أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين‬
‫والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية"‪.‬‬
‫[‪ - ]58‬ينص الفصل ‪ 18‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 8011‬على أن‪ ":‬الملك رئيس الدولة ‪ ،‬ورمز وحدة األمة ‪ ،‬وضامن دوام الدولة‬
‫واستمرارها والحكم األسمى بين مؤسساتها ‪ ،‬يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية ؛ [‪ ]...‬الملك هو ضامن استقالل البالد‬
‫وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة ؛ يمارس الملك هذه المهام ‪ ،‬بمقتضى ظهائر ‪ ،‬من خالل السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور"‪.‬‬
‫‪ -]59‬محمد العمراني بوخبزة ‪ "،‬البعد الديمقراطي في الفكر السياسي للملك الحسن الثاني‪ -‬دراسة في تحليل المضمون" ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في الحقوق ‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،1999/1998 ،‬ص‪.7 :‬‬

‫‪24‬‬
‫[‪]60‬‬
‫كمعهد إلصدار القيم وقواعد التواصل‬ ‫بهذا المعنى يعد الملك "أمير المؤمنين"‬
‫اإلداري والسياسي امتدادا لدوره كمعهد إلصدار القيم الدينية والدستورية والسياسية[‪، ]61‬‬
‫فاإلنتساب أو باألحرى اإلنحدار من البيت النبوي بواسطة ابنة النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫فاطمة رضي عنها ‪ ،‬يحمل مضمون بيولوجي وسياسي إسالمي ‪ ،‬يضفي على السلطة‬
‫السياسية المغربية تعاليا سياسيا يجعلها في موقع الحكم ‪ ،‬إنطالقا من شعورها بانتمائها‬
‫[‪ ،]62‬إلى وحدة تتجاوز القبيلة ومستقلة عنها ‪ ،‬كما يضفي عليها كذلك رمزية سياسية‬
‫تستمد داللتها من مجموعة من الموروثات المتعلقة أساسا بكل ما هو ديني ثقافي ‪،‬‬
‫إجتماعي ونفسي ‪ ،‬ألن طبيعة المؤسسة الملكية في المغرب والشرعيات المتعددة للملك ‪،‬‬
‫الكرزماتية ‪ ،‬إضافة إلى طبيعة الثقافة السياسية التي تشبع بها العاهل المغربي تجعل من‬
‫الفكر السياسي الملكي المجال المثالي لتحديد الديمقراطية[‪ ،]63‬في المغرب بشكل عام ‪،‬‬
‫مما يجعل المشروعية الدينية وسيلة للتدخل السياسي ‪ ،‬الشيء الذي يؤثر على المؤسسات‬
‫السياسية[‪ ،]64‬حيث ال يسمح للفاعلين السياسيين ولوج حقل الممارسة إال بعد القبول‬
‫باالمتثال ألوامر أمير المؤمنين ‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول المغفور له الحسن الثاني "[‪ ]...‬كل‬
‫من قلدناه مهمة مدنية أو عسكرية يجب عليه أن يمثل مهمتنا ومسؤوليتنا تلك الخاصة‬
‫بأمير المؤمنين الحريص على أن يكون الظل اإللهي في األرض وروحه‪...‬وكونوا‬
‫جسامنا‪ ...‬وكونوا روحنا الذي يضرب‪ ...‬كل من خرج عن وحدة صفوفنا وكل من تمرد‬
‫على أمارة أمير المؤمنين"‬
‫من هنا يبدو أن الملك بوصفه فاعال سياسيا وإداريا يبدي نوعا من الوعي بموقفه‬
‫التواصلي المتعالي ‪ ،‬ويتضح ذلك جليا في تصوراته الفعلية لإلدارة وطبيعة عملها ‪ ،‬والقيم‬
‫التي تنبني عليها والمبادئ التي تعمل بها ‪ ،‬وكذا نوع ونمط العالقات اإلنسانية الواجب‬

‫* [‪ - ]60‬يعتبر عمر بن الخطاب أول من سمي ب "أ مير المؤمنين" بدل "خليفة رسول هللا"‪ ،‬الذي ارتبط بالخليفة األول أبي بكر فيما ارتبط لقب‬
‫اإلمام بنشأة الفكر النظري الشيعي في موضوع اإلمامة‪.‬‬
‫[‪ - ]61‬محمد معتصم ‪ ،‬الحياة السياسية المغربية‪ ،1221/1238-‬مؤسسة أيزيس للنشر ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬ماي ‪،1228‬ص‪.11:‬‬
‫* [‪ -]62‬للمزيد من التوسع في موضوع اإلنحدار من البيت النبوي أنظر‪:‬‬
‫‪M.Lahbabi:" le gouvernement Marocain à l'aube du 2emé siècle ", les éditions Maghrébines Casablanca 1975,‬‬
‫‪p:26.‬‬
‫* [‪ - ]63‬لقد عرَّ ف جاللة الملك الحسن الثاني رحمه هللا‪ ،‬الديمقراطية بأنها " حكم الشعب في صالح الشعب بنخبة من الشعب‪.‬‬
‫[‪ - ]64‬محمد الطوزي ‪ " ،‬الملكية واإلسالم السياسي بالمغرب " ترجمة محمد حتمي وخالد شكروي الفنك‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،8001‬ص‪.11:‬‬

‫‪25‬‬
‫توفرها[‪.]65‬‬
‫وهكذا فإن الملك يحتل مكانة مركزية بين مختلف الفاعلين اإلداريين على مستوى‬
‫إدارة شؤون الدولة ‪ ،‬فالفصل ‪ 98‬من دستور‪ 2011‬يعطي للملك إختصاصات شاملة لكل‬
‫المجاالت ‪ ،‬ومنها اإلدارة الجماعية ‪ ،‬كما ينص الدستور في فصوله األخرى على‬
‫مجموعة من اإلختصاصات الملكية ‪ ،‬يندرج بعضها في صميم الوظيفة اإلدارية‪.‬‬
‫وقصد اعادة النظر في مهام اإلدارة على ضوء التوجه الجديد للدولة ‪ ،‬أكد جاللة‬
‫الملك محمد السادس على ضرورة تأسيس تصور شمولي حول مسألة التحديث اإلداري‬
‫بكل آلياته وقواعده‪ ]...[" :‬إن مسلسل التحديث يتطلب تشخيص واقع مؤسساتنا‬
‫واالنكباب عليه لعقلنته‪ .‬فكما أن لكل زمن رجاله ونسائه فإنه كذلك لكل زمن مؤسساته‪،‬‬
‫والعقلنة تقتضي إحداث مؤسسات جديدة بدل تلك التي أدت وظائفها وأن وقت تجديدها‬
‫واستبدالها بأخرى تستجيب لمتطلبات التحوالت المستجدة" [‪.]66‬‬
‫ونجد تركيزا مهما من طرف المؤسسة الملكية في مجال التحديث اإلداري نحو خلق‬
‫األجواء المناسبة لجلب اإلستثمارات الوطنية و األجنبية ‪ ،‬وتشكل دولة الحق والقانون‬
‫مرجعية مهمة في المنظور الملكي للتحديث اإلداري ‪ ،‬إذ أن جل النخب تؤكد على‬
‫ضرورة بناء مجتمع حداثي قوامه دولة الحق والقانون ‪ ،‬وما يفرضه ذلك من تطوير‬
‫وتحديث ألساليب اإلدارة ‪ ،‬ويتميز المنظور الملكي باستخدام الخطاب األخالقي ‪ ،‬وكذا‬
‫تركيزه على قيم الحداثة داخل المجتمع واإلدارة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق أكدت الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الندوة الوطنية حول‬
‫دعم األخالقيات داخل المرفق العام المنظمة بتاريخ ‪ 84‬و ‪ .1‬أكتوبر ‪ ، 1444‬على أن‬
‫"[‪ ]...‬األخالق هي أساس من أسس الدولة تقوم بقيامها وتنهار بانهيارها‪. "...‬‬
‫وفي الرسالة الملكية السامية الموجه إلى المشاركين بالمناظرة اإلستراتيجية الوطنية‬
‫إلدماج المغرب في مجتمع اإلعالم والمعرفة‪ ،‬المنظمة بتاريخ ‪ 8.‬أبريل ‪ ،8118‬أكد‬
‫جاللته على أنه "[‪ ]...‬سيظل إصالح اإلدارة العمومية وعصرنتها ممن بين الرهانات‬

‫[‪ - ]65‬آمنة حطان ‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب "‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ، 8002/8002 ،‬ص‪.181 -181 :‬‬
‫[‪ - ]66‬مقتطف من نص الخطاب الملكي السامي الموجه إلى األمة بمناسبة عيد العرش ‪ ،‬بتاريخ ‪ 81‬مارس ‪.811.‬‬

‫‪26‬‬
‫الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا‪ ،‬إذ يتعين أن نوفر ألجهزتنا اإلدارية ما يلزم من‬
‫أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها "االنترنيت" لتمكينها من اإلنخراط في الشبكة‬
‫العالمية"‪.‬‬
‫فنظرا لهيمنة المنظور الليبرالي وتأثير ثقافة حقوق اإلنسان والديمقراطية التشاركية‬
‫على عمل مؤسسات الدولة ‪ ،‬كان لزاما أن يتوجه المقترب الملكي لتحديث اإلدارة إلى‬
‫تكييف اإلدارة المغربية مع هذه التحوالت ‪ ،‬وهو ما نلمسه من خالل تأكيد الخطب الملكية‬
‫على ضرورة ترسيخ القيم الديمقراطية وقيم المواطنة وأن تؤطر اإلصالحات التي أعلنتها‬
‫المؤسسة الملكية سواء داخل األجهزة اإلدارية أو خارجها ‪ ،‬في إطار شمولي يستوعب‬
‫إدماج كل العناصر واألنساق المكونة للدولة‪.‬‬
‫هكذا نستنتج أن التحديث اإلداري بالمغرب بصفة عامة ‪ ،‬واإلدارة الجماعية على‬
‫وجه الخصوص ‪ ،‬شكل انشغاال رسميا للمؤسسة الملكية ‪ ،‬وإحدى اهتماماته األساسية‬
‫لبناء هياكل الدولة الحديثة‪.‬‬
‫كما أن التحديث اإلداري شكل هاجس القضاء اإلداري ‪ ،‬فعلى الرغم من عدم وضع‬
‫كل من المخطط الخماسي ( ‪ )1429-1421‬والمخطط الثالثي (‪ ،)1421-1421‬ضمن‬
‫اهتماماته المجال اإلداري ‪ ،‬فإن المخطط الخماسي ( ‪ )1418-1422‬أولى اهتماما خاصا‬
‫للميدان اإلداري حيث عمل على توفير إدارة عصرية تتصف أعمالها بالبساطة والفعالية ‪،‬‬
‫إضافة إلى الالمركزية اإلدارية وتبسيط المساطر اإلدارية إصالح األسالك وانتهاج سياسة‬
‫معقولة في م يدان المساعدة التقنية وتطبيق المحاسبة الوظيفية قصد تحقيق إدارة تتصف‬
‫أعمالها بالفعالية والجدوى‪.‬‬
‫مواكبة القضاء اإلداري للمشروع التحديثي‬ ‫ب‪-‬‬
‫تتجلى مساهمة القضاء اإلداري في مجال التحديث اإلداري من خالل التزام جانب‬
‫الشرعية القانونية ‪ ،‬وعبر اإلجتهادات القضائية التي تحمي المتعاملين مع اإلدارة ‪،‬‬
‫وتساهم في تخليق هذه األخيرة‪ .‬ولقد كان إلحداث المحاكم اإلدارية وتفعيل دور المجلس‬
‫الجهوي للحسابات ‪ ،‬أثر كبير في تدعيم هذا التوجه وفرض رقابة دائمة على أعمال‬
‫اإلدارة حتى تتسم بالشرعية ‪ ،‬فالقانون اإلداري هو قبل كل شيء قانون قضائي متجدد‬

‫‪27‬‬
‫بفضل اإلجتهادات القضائية " ‪...‬مما ال شك فيه أن القضاء الفعال يعتبر األداة الضرورية‬
‫لحماية الحقوق والحريات والعنصر األساسي لتحقيق التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫وتشجيع اإلستثمار وتأمين استقرار المعامالت‪ ،]67["...‬ولتمكين القضاء من القيام بهذه‬
‫األدوار وال مهام الجسيمة يجب على السلطة السياسية أن توفر للقاضي خصوصا اإلداري‬
‫اآلليات القانونية والعملية لتقويم إنحرافات اإلدارة أثناء تنفيذها للسياسات العامة للدولة‬
‫التي من ضمن مكوناتها المشروع التحديثي المجتمعي في شقه اإلداري‪.‬‬
‫وتتخذ مواكبة القضاء اإلداري للمشروع التحديثي وحمايته شكلين‪ :‬األول يتعلق‬
‫بمراقبة السلطة التقديرية لإلدارة وضرورة تعليل القرارات اإلدارية ؛ والثاني يتعلق بتنفيذ‬
‫األحكام والقرارات القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة‪.‬‬
‫لكن إذا كان التبسيط والشفافية وضبط السلطة التقديرية بتعليل قراراتها وإخضاعها‬
‫للقضاء ضروري لتيسير العملية التحديثية ‪ ،‬فإنه في مقابل ذلك قد تنشأ وضعيات يضعف‬
‫فيها األفراد تجاه اإلدارة فيلجؤون إلى القضاء الذي ينصفهم في مواجهتها بأحكام وقرارات‬
‫نهائية وحائزة لقوة الشيء المقضي به ‪ ،‬ومع ذلك تمتنع اإلدارة عن تنفيذها فتكون العودة‬
‫لنقطة الصفر وتسود مشاعر اإلحباط وفقدان الثقة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور السلطة التنفيذية والتشريعية في ميدان التحديث‬
‫لتيسير عملية التحديث تعمل مختلف السلطات داخل الدولة على تسخير كل‬
‫اإلمكانيات المتاحة قصد تأهيل اإلدارة المغربية وعصرنتها‪.‬‬
‫السلطة التنفيذية‬ ‫أ‪-‬‬
‫تقوم السلطة التنفيذية[‪ ]68‬بعدة تدخالت في مجال التحديث اإلداري ‪ ،‬وقصد تيسير‬
‫هذا التوجه يعتمد القطاع الحكومي ‪ ،‬وبمساندة من السلطة التنفيذية ‪ ،‬إلى وضع سياج‬
‫يجعل من الوظيفة العمومية مجاال خصبا لمختلف الفاعلين اإلداريين‪.‬‬
‫ويساهم الجهاز التنفيذي في عملية التحديث وذلك عبر‪:‬‬

‫[‪ - ]67‬حكم عدد ‪ ، 828‬صادر بتاريخ ‪ 83‬شتنبر ‪ ، 1220‬شركة دومين سان جان ‪ ،‬أحمد البخاري ‪ ،‬وأمينة جبران ‪ ،‬إجتهادات المجلس األعلى‬
‫الغرفة اإلدارية ‪ ،‬المنشورات الجماعية ‪ ،‬مراكش ‪ ،1223 ،‬ص‪.28:‬‬
‫[‪ - ]68‬ينص الفصل ‪ 22‬من دستور المملكة المغربي لسنة ‪ 8011‬على أنه ‪ ":‬تمارس الحكومة السلطة التنفيذية‪ .‬تعمل الحكومة ‪ ،‬تخت سلطة‬
‫رئيسها ‪ ،‬على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين واإلدارة تحت تصرفها(‪.")...‬‬

‫‪28‬‬
‫إستصدار المراسيم في المجال التنظيمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إقتراح مشاريع القوانين على البرلمان‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫[‪]69‬‬
‫إتخاذ النصوص التطبيقية ( القرارات المناشير والمذكرات‪)...‬‬ ‫‪-‬‬
‫إن مشاريع المراسيم ‪ ،‬ومشاريع القوانين التي يقترحها الوزراء ‪ ،‬إلدخال تحديثات‬
‫أو إصالحات على قطاعاتهم ‪ ،‬تتم دراستها والتداول بشأنها في مجلس حكومي برئاسة‬
‫السيد ريس الحكومة ‪ ،‬قبل أن تعرض على مجلس الوزراء الذي يرأسه الملك للمصادقة‬
‫عليها ‪ ،‬قبل عرضها على أنظار غرفتي البرلمان من أجل التصويت عليها‪.‬‬
‫السلطة التشريعية‬ ‫ب‪-‬‬
‫[‪]70‬‬
‫من أهم الوظائف التي تنيطها عادة ‪،‬‬ ‫تعتبر الوظيفة التشريعية للبرلمان‬
‫الدساتير بهذه المؤسسة‪ .‬غير أن تطور األحداث وتعدد المشاكل التي فرضها التقدم العلمي‬
‫والتكنولوجي ‪ ،‬وما يتطلبه ذلك من سرعة كبيرة وكفاءة عالية في التصدي لألحداث‬
‫ومعالجة األمور‪ ،‬أظهر عدم كفاية المجالس النيابية لتأدية مهامها ‪ ،‬ذات الطبيعة التشريعية‬
‫على أكمل وجه[‪ ،]71‬األمر الذي فرض منح السلطة التنفيذية جزءا هاما من الوظيفة‬
‫التشريعية ‪ ،‬التي كنت حكرا على البرلمان وحده‪.‬‬
‫وتعتبر السلطة التشريعية من المصادر الهامة للتحديث اإلداري ‪ ،‬ألنها تقوم بمناقشة‬
‫وتحديد األهداف العامة ‪ ،‬كما تناقش النفقات والواردات وتعتمد الحسابات الختامية للدولة ‪،‬‬
‫كما تراجع السلطة التشريعية مدى فعالية سير العمل اإلداري عن طريق المناقشة وطرح‬
‫األسئلة الشفوية ‪ ،‬وتراقب عمل الجهاز اإلداري من خالل لجان للمراقبة والتقصي‪.‬‬
‫ومن التحديات التي تواجهها محاوالت التحديث والتغيير باإلدارة الجماعية ‪ ،‬البطء‬
‫البالغ في أعمال األجهزة التشريعية ‪ ،‬فجهود اإلصالح والتحديث تتطلب وضع أنظمة‬
‫تشريع ديناميكية وهو ما يؤدي بالجهاز الحكومي إلى وضع وتطبيق اإلصالحات في‬
‫معزل عن الجهاز التشريعي‪ .‬ويقوم هذا الجهاز بعملية التحديث أوال عبر مقترحات‬

‫[‪ - ]69‬الفصل ‪ 28‬من دستور المملكة المغربي لسنة ‪.8011‬‬


‫[‪ - ]70‬ينص الفصل ‪ 20‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 8011‬على أنه ‪ ":‬يمارس البرلمان السلطة التشريعية‪ .‬ويراقب عمل الحكومة ويقيم‬
‫السياسات العمومية"‪.‬‬
‫‪]71[- Jean Marie- Cotteret : « Le pouvoir législatif en France », L. G. D. J. Paris, 1962,p :88.‬‬

‫‪29‬‬
‫القوانين التي يتقدم بها السادة النواب والمستشارين ‪ ،‬كما يتجلى هذا الدور عبر التعديالت‬
‫التي يتم إدخالها من طرف مختلف اللجان البرلمانية الدائمة[‪ ]72‬على مشاريع القوانين التي‬
‫تتقدم بها الحكومة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬السلطة الحكومية والمؤسسات اإلستشارية‬
‫تعتبر السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ‪ ،‬المحرك‬
‫األساسي لتفعيل السياسة الحكومية المعتمدة في مجال التحديث اإلداري (أوال)‪ ،‬كما خول‬
‫المشرع المغربي جملة من الصالحيات والمهام في ميدان التحديث اإلداري ‪ ،‬لفائدة‬
‫المؤسسات اإلستشارية (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬دور السلطة الحكومية واللجان اإلدارية في مجال التحديث‬
‫تعد السلطة الحكومية أهم عنصر في الحياة السياسية ‪ ،‬إنها مؤسسة أساسية وجهاز‬
‫ضروري ‪ ،‬فوضعية الحكومة في الدستور المغربي تؤهلها لتنفيذ القوانين تحت سلطة‬
‫رئيسها واإلدارة موضوعة رهن تصرفاتها[‪.]73‬‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة‬ ‫أ‪-‬‬
‫تبعا للمادة األولى من المرسوم رقم ‪ ،8.12.28‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬نوفمبر ‪،8112‬‬
‫" تناط بالسلطة الحكومية المكلفة بتحديث القطاعات العامة مهمة اإلعداد والسهر على‬
‫تنفيذ السياسة الحكومية المتعلقة بالوظيفة العمومية وبتحديث القطاعات العامة‪.]74["...‬‬
‫ولهذه الغاية تتكلف بما يلي‪:‬‬
‫السهر على تطبيق ا لنظام األساسي العام للوظيفة العمومية وعلى انسجام القواعد‬
‫المتعلقة باألنظمة األساسية ‪ ،‬وبالتعويضات واإلحتياط اإلجتماعي لجميع موظفي الدولة‬
‫والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية‪.‬‬
‫وتشتمل وزارة تحديث القطاعات العامة ‪ ،‬باإلضافة إلى ديوان الوزير والمفتشية‬
‫العامة ‪ ،‬على إدارة مركزية تتألف من‪:‬‬

‫[‪ - ]72‬الفصل ‪ 18‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8011‬‬


‫[‪ - ]73‬الفصل ‪ 22‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8011‬‬
‫[‪ - ]74‬المادة األولى من المرسوم رقم ‪ ، 8403428‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬من شوال ‪1182‬ه ‪ ،‬الموافق ل ‪ 10‬نوفمبر ‪ ، 8003‬المتعلق بتحديد‬
‫اختصاصات وتنظيم وزارة تحديث القطاعات العامة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫كتابة عامة ؛‬ ‫‪-‬‬
‫مدير الوظيفة العمومية ؛‬ ‫‪-‬‬
‫مدير نظم المعلوميات ؛‬ ‫‪-‬‬
‫مدير الموارد والتعاون والتواصل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتتولى مديرية تحديث اإلدارة القيام بمشاريع تحديث القطاعات العامة ‪ ،‬خاصة‬
‫تنمية جودة الخدمات العمومية وتحسين العالقات مع المرتفقين (المواطنين) ‪ ،‬وضمان‬
‫تتبع إعادة هيكلة اإلدارات وفق أهداف التحديث والالتمركز اإلداري ‪ ،‬باإلضافة إلى‪:‬‬
‫الدفع وتتبع المشاريع المتعلقة بتبسيط المساطر وتوحيد المساطر اإلدارية ؛‬ ‫‪-‬‬
‫المساهمة في تدعيم األخالقيات والحكامة الجيدة في القطاعات العمومية ؛‬ ‫‪-‬‬
‫تقييم سياسات التحديث ‪ ،‬وإعداد مشاريع تطوير وتثمين الموارد البشرية‬ ‫‪-‬‬
‫لإلدارة ‪ ،‬من خالل دعم التكوين المستمر وإعداد مناهج التدبير‪.‬‬
‫وفي نفس السياق تقوم مديرية نظم المعلوميات بعدة مهام تتجلى‪:‬‬
‫المشاركة في إنشاء وتحديث نظم المعلوميات ؛‬ ‫‪-‬‬
‫المساهمة في البرنامج الوطني إلدارة الرقمية ؛‬ ‫‪-‬‬
‫تدبير مركز توجيه وإرشاد المرتفقين‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اللجان اإلدارية المتساوية األعضاء‬ ‫ب‪-‬‬

‫تعتبر اللجان اإلدارية المتساوية األعضاء استثناء بالنسبة لباقي الهيئات اإلستشارية ‪،‬‬
‫وذلك نظرا للدور الذي تقوم به داخل الوظيفة العمومية ‪ ،‬إذ نجد استشارتها إلزامية في‬
‫كثير من المجاالت ‪ ،‬بل نجد أيض ا أن من هذه اللجان اإلدارية المتساوية األعضاء ينبثق‬
‫ممثلو الموظفين بمجلس المستشارين ‪ ،‬المنتخبون بصفة غير مباشرة لعضوية هذا المجلس‬
‫‪ ،‬تطبيقا لمقتضيات الظهير الشريف بتنفيذ القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس‬
‫المستشارين بتاريخ ‪ 9‬شتنبر ‪.]75[ 1441‬‬

‫[‪ - ]75‬ظهير شريف رقم ‪ ، 14224123‬صادر بتاريخ فاتح جمادي األول ‪( ، 1112‬الموافق ل ‪ 1‬شتنبر ‪ ، )1222‬بتنفيذ القانون رقم ‪28-22‬‬
‫المتعلق بمجلس المستشارين ‪ .‬الجريدة الرسمية ‪ ،‬عدد ‪ 1113‬صادرة بتاريخ ‪ 11 ،‬شتنبر ‪ ،1222‬ص‪.2101 :‬‬

‫‪31‬‬
‫وإذا ما نضرنا لمقتضيات ظهير ‪ 89‬فبراير ‪ 1412‬نجده يخول اللجان اإلدارية‬
‫المتساوية األعضاء عدة اختصاصات ‪ ،‬بحيث تعرض عليها الئحة ترقي الموظفين ‪،‬‬
‫والقيام بدور المجلس التأديبي ‪ ،‬وإبداء الرأي قبل اتخاذ بعض القرارات اإلدارية الخاصة‬
‫بالموظفين[‪.]76‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور المؤسسات االستشارية الفاعلة في مجال التحديث‬

‫يلعب المجلس األعلى للوظيفة العمومية دورا أساسيا في مجال التحديث اإلداري ‪،‬‬
‫حيث يتولى النظر في مختلف مشاريع القوانين الرامية إلى تغيير وتتميم النظام األساسي‬
‫للوظيفة العمومية ‪( ،‬أ) وإلى جانب ذلك ‪ ،‬بات المجتمع المدني يحتل مكانة أساسية في كل‬
‫عملية تهم تحديث اإلدارة ‪ ،‬بحكم أن التحديث عملية مجتمعية تتطلب تضافر الجهود بين‬
‫مختلف الفاعلين(ب)‪.‬‬
‫دور المجلس األعلى في ميدان التحديث اإلداري‬ ‫أ‪-‬‬
‫يجد هذا المجلس أصله في الفصل العاشر(‪ )11‬من ظهير ‪ 89‬فبراير ‪ 1412‬المتعلق‬
‫بالنظام األساسي العام للوظيفة العمومية[‪.]77‬‬
‫فبالنسبة إلختصاصات هذا المجلس تتجلى أساسا في ‪:‬‬
‫يؤسس مجلس أعلى للوظيفة العمومية يختص بالنظر في جميع مشاريع‬ ‫‪-‬‬
‫القوانين الرامية إلى تغيير أو تتميم النظام األساسي العام للوظيفة العمومية ؛‬
‫كما يختص بالنظر في جميع القضايا ذات الطابع العام المتعلقة بالوظيفة‬ ‫‪-‬‬
‫العمومية المعروضة عليه من طرف الحكومة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يكلف بما يلي‪:‬‬
‫إبداء رأيه حول توجهات السياسة الحكومية في مجال التكوين المستمر‬ ‫‪-‬‬
‫لموظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية ؛‬
‫إقتراح جميع التدابير التي من شأنها تطوير منظومة الموارد البشرية ؛‬ ‫‪-‬‬
‫"ويسهر المجلس األعلى للوظيفة العمومية في إطار المهام الموكولة اليه بموجب‬

‫[‪ - ]76‬عبد القادر باينة ‪ " ،‬الموظفون العموميون بالمغرب" ‪ ،‬دار توبقال للنشر ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،. 8118‬ص‪.20 :‬‬
‫* [‪ - ]77‬لقد تم تغيير وتتميم هذا الفصل العاشر (‪ )10‬بمقتضى القانون رقم ‪ ، 21-22‬الذي صادق عليه البرلمان في نهاية سنة ‪ 8008‬م ‪ ،‬وتم تنفيذه‬
‫بظهير شريف‪ ،‬منشور في الجريدة الرسمية ‪ ،‬عدد ‪ ، 1233‬بتاريخ يناير ‪.8001‬‬

‫‪32‬‬
‫القانون على احترام الضمانات األساسية المخولة للموظفين"‪.‬‬
‫األطراف المساهمة في عملية التحديث‬ ‫ب‪-‬‬
‫المقصود باألطراف المساهمة والفاعلة في عملية التحديث اإلداري‪ :‬السلطة التنفيذية‬
‫والتشريعية واألحزاب السياسية والنقابات والرأي العام وجماعات الضغط والصحافة ‪ ،‬إال‬
‫أنه وتوخيا للتركيز سنعمل على بلورة دور الرأي العام واألحزاب السياسية ومعها النقابات‬
‫في تحريك عملية التحديث اإلداري ‪ ،‬وهذا ال يعني أن دور باقي الفعاليات غير مهم‪.‬‬
‫‪ -)1‬الرأي العام‪ :‬ويتجسد دوره أساسا عبر الصحافة واإلحتجاجات واإلضرابات‬
‫العمالية‪ .‬فالصحافة تضطلع بدور مهم في تنوير الجمهور حول العديد من القضايا‬
‫والشؤون العمة التي تتضمن إخالال بحسن التسيير والتي يقتضي األمر تقويمها ‪ ،‬كما‬
‫تعمل الصحافة على تنوير الجهات الحكومية باإلقتراحات التي تتقدم بها ‪ ،‬وهي بحق تعتبر‬
‫[‪]78‬‬
‫ليس فقط من الناحية الرقابية والوقوف أمام أوجه التعسف ‪ ،‬ولكن من‬ ‫سلطة رابعة‬
‫خالل الدور الذي يمكن أن تلعبه في تفعيل عملية التحديث اإلداري ‪ ،‬إذا ما أعطيت لها‬
‫حرية التعبير[‪.]79‬‬
‫كما أن اإلضرابات واإلحتجاجات العمالية تعتبر هي األخرى وسيلة من وسائل‬
‫الرأي العام لتنبيه السلطات اإلدارية إلى الجوانب السلبية التي قد تشوب تسييرها ‪،‬‬
‫وتمارس عليها ضغوطات ‪ ،‬لجعلها تقوم باإلصالحات الضرورية التي يتطلبها تدبير‬
‫الشأن العام‪.‬‬
‫‪ -)8‬القيادات اإلدارية‪ :‬تلعب القيادات اإلدارية دورا هاما في عملية التحديث‬
‫اإلداري ‪ ،‬وذلك عبر تبني أهدافه وسياساته وبرامجه ‪ ،‬إنطالقا من تهيئة الظروف‬
‫والمقومات األساسية إلعمال هذا التغيير الكلي‪ .‬فالقيادة السياسية هي وحدها القادرة على‬
‫إعطاء التغيير أو التحديث اإلداري مضمونه السياسي ‪ ،‬خاصة في الحاالت التي يعاني‬
‫منها الجهاز اإلداري للدولة مشاكل تجعل منه عرقلة لإلستثمار والنمو‪ ،‬كالفساد اإلداري‬
‫مثال ‪ ،‬فالدور الذي تلعبه القيادة السياسية في تبني قضية التغيير اإلداري ‪ ،‬وإعطائها‬

‫[‪ - ]78‬بيار ألبير‪" ،‬الصحافة" ترجمة محمد برجاوي منشورات عويدات األولى ‪ ،‬طبعة ‪ ، 0791‬ص‪.86:‬‬
‫[‪ - ]79‬التقرير اإلستراتيجي للمغرب (‪ )0777 -0776‬من إنجاز مركز الدراسات واألبحاث ‪ ،‬تطرق للصحافة والصحفيين ‪ ،‬ص‪ 323 :‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الدفعة والحسم واإلستمرارية الالزمة تعتبر شرطا أساسيا لنجاح عملية التحديث‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يرى د‪ .‬أحمد صقر عاشور أن‪ ":‬دور القيادات السياسية ال يقتصر‬
‫على إعطاء دفعة قوية لإلصالح ‪ ،‬وإنما يمتد ليشمل حل التناقضات التي تنشأ بين‬
‫األطراف المختلفة خالل عملية التغيير‪ ،‬وفك التحالفات المقاومة لإلصالح وكسر حدة هذه‬
‫المقاومة من قبل العناصر التي تبدي مقاومة للتغيير أو استمالة هذه العناصر‪ .‬فهذه المهام‬
‫تعتبر القيادة السياسية مؤهلة للقيام بها مما ال يتاح لغيرها من األطراف‪.]80["...‬‬
‫‪ -).‬الهيئات النقابية‪ :‬للنقابات المهنية دور مهم في صناعة القرارات السياسية‪،‬‬
‫باعتبارها المزود األساسي للمقررين السياسيين بالمعطيات المتعلقة بموضوع القرار‪.‬‬
‫فحسب المادة ‪ .42‬من الباب األول من القسم األول من القانون رقم ‪21 – 44‬‬
‫[‪]81‬‬
‫"تهدف النقابات المهنية باإلضافة إلى ما تنص عليه مقتضيات‬ ‫المتعلق بمدونة الشغل‬
‫الفصل الثالث من الدستور إلى الدفاع عن المصالح االقتصادية واالجتماعية والمعنوية‬
‫والمهنية ‪ ،‬الفردية منها والجماعية للفئات التي تؤطرها وإلى دراسة وتنمية هذه المصالح‬
‫وتطوير المستوى الثقافي للمنخرطين بها‪ .‬كما تساهم في التحضير للسياسة الوطنية في‬
‫الميدانين االقتصادي واالجتماعي ‪ ،‬وتستشار في جميع الخالفات‪ ،‬والقضايا التي لها‬
‫ارتباط بمجال تخصصها"[‪.]82‬‬
‫وتتجلى مساهمتها في مجال التحديث من خالل التواصل الدائم مع أرباب العمل‬
‫واإلدارة‪ .‬فقد أبانت المركزيات النقابية عن قوتها ووقفت وقفة الند بالند إزاء الحكومة من‬
‫خالل المشاركة في الحوار اإلجتماعي المتعلق بمطالب الشغيلة ‪ ،‬وهو ما أسفر عن‬
‫تحقيق العديد من المكتسبات من حيث الزيادة في األجور‪ ،‬وفتح باب الترقية أمام بعض‬
‫الفئات المتضررة ‪ ،‬غير أن هذه المكتسبات تضل ضعيفة في ظل األدوار الجديدة التي‬
‫أصبحت تلعبها ‪ ،‬بحيث نرى أنه بإشراك هذه النقابات في عضوية المجلس األعلى للوظيفة‬
‫العمومية ‪ ،‬ستجعل دورها أكثر فاعلية في تحقيق اإلصالح المتوازن ‪ ،‬األمر الذي يضمن‬

‫[‪ - ]80‬أحمد صقر عاشور ‪ " ،‬نظرة مستقبلية إلستراتيجيات اإلصالح اإلداري في الوطن العربي"‪ ،‬موسوعة اإلصالح اإلداري بالوطن العربي ‪،‬‬
‫مرجع سابق ص‪.027 :‬‬
‫[‪ - ]81‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1-. – 149‬بتاريخ ‪ 19‬من رجب ‪ 11( 1989‬سبتمبر ‪.)811.‬‬
‫[‪ -]82‬محمد بنيحيى ‪"،‬قانون الحريات العامة "‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬الطبعة الثانية مزيدة ومحينة ‪، 8018‬‬
‫ص‪.123:‬‬

‫‪34‬‬
‫له فرص أكبر للنجاح واإلنسجام داخل المجتمع‪.‬‬
‫‪ -)9‬جماعات الضغط‪ :‬الجماعات الضاغطة تلعب دورا مهما وعمليا في مختلف‬
‫األقطار‪ ،‬وتعتمد طرق مشاركتهم وسبل تأثيرهم في السياسات العامة على طبيعة‬
‫مجتمعاتهم ونظمهم[‪ .]83‬فهي بذلك تلعب دورا مهما في إدارة الشؤون العامة ‪ ،‬من خالل‬
‫مشاركتها في توجيه سياسة الدولة والتأثير في موظفي الحكومة ‪ ،‬غير أن تأثيرها في‬
‫السياسة يقتصر على المواضيع التي تعنيها فقط ‪ ،‬وبالتالي فهي ال تهدف للسيطرة على‬
‫السلطة العامة للدولة ككل[‪.]84‬‬
‫وتعد الجماعات الضاغطة إحدى أهم القوى المؤثرة في األنظمة السياسية الحديثة ‪،‬‬
‫وذلك من خالل تأثيرها في العمليات االنتخابية واألحزاب السياسية والرأي العام‪...‬؛ وكل‬
‫ما له عالقة بالحياة السياسية عموما ً في إطار دولة ما‪ .‬إالّ أن درجة هذا التأثير تختلف من‬

‫دولة ألخرى[‪.]85‬‬

‫فالجماعات الضاغطة تقوم بنقل المطالب إلى المختصين بإصدار القرار السياسي ‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بوظيفة التعبير عن المصالح ‪ ،‬وهي في هذا اإلطار بمثابة نقطة التقاء‬
‫المجتمع بالنظام السياسي‪ .‬والجدير باإلشارة إليه هو أن النظام السياسي يعتمد كثيرا على‬
‫الجماعات الضاغطة التي تزوده بهذه المطالب[‪ .]86‬فهذه الجماعات تسهم في بلورة‬
‫المطالب وتجميعها وإيصالها وطرح البدائل للسياسات العامة خاصة حين تكون‬
‫الموضوعات ذات طبيعة فنية ‪ ،‬وبعملهم هذا فإنهم يسهمون في ترشيد السياسات التي‬
‫تتخذ[‪ ، ]87‬وحسب (‪ )Meynaud‬فإن الجماعات الضاغطة تؤدي وظائف أساسية هي ‪:‬‬
‫توفير معلومات مفصلة حول القضايا أو القطاعات التي تدافع عنها هذه‬ ‫‪‬‬
‫الجماعات ‪ ،‬وذلك لفائدة المسؤولين اإلداريين المختصين بإصدار القرار السياسي ؛‬

‫‪ -‬جيمس أندرسون ‪"،‬صنع السياسات العامة"‪ ،‬جامعة هيوستن‪-‬تكساس ‪ ،‬ترجمة عامر الكبسي ‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع ‪ ، 1222‬ص‪:‬‬ ‫[‪]83‬‬

‫‪.32‬‬
‫[‪ - ]84‬سليمان صالح الغويل ‪ "،‬ديمقراطية األحزاب السياسية والجماعات الضاغطة دراسة تحليلية في ضوء القوانين الدستورية المقارنة ‪،‬‬
‫ص‪.122:‬‬
‫[‪ - ]85‬أحمد مفيد ‪ ،‬النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية دراسة في الدولة والدستور وأنظمة الحكم الديمقراطي وآليات المشاركة‬
‫السياسية‪ ,‬الطبعة األولى ‪ 8002‬ص‪.881 :‬‬
‫[‪ - ]86‬نور الدين أشحشاح " القوى السياسية‪ :‬األحزاب والجماعات والرأي العام" مطبعة اسبارطيل – طنجة‪ ،‬طبعة ‪ ، 8002‬ص ‪.128 :‬‬
‫[‪ - ]87‬جيمس أندرسون ‪"، ،‬صنع السياسات العامة"‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪32 :‬‬

‫‪35‬‬
‫تحقق التراضي بشأن التدابير التي تم التوصل إلى إصدارها فهذه الجماعات‬ ‫‪‬‬
‫تخدم كثيرا مصالح النظام عندما يأخذ مسيريها على عاتقهم مهمة شرح ما تم التوصل إليه‬
‫ألعضائها ‪ ،‬وفرض احترامه واالنضباط له من قبل األعضاء ؛‬
‫عقلنة المطالب والطموحات ‪ ،‬أي تقديمها في صورة قابلة للتحقق ودون أن‬ ‫‪‬‬
‫تكون ماسة بالمرتكزات التي يقوم عليها النظام السياسي‪.‬‬
‫فالجماعات الضاغطة انطالقا مما سبق تتصرف كحليف للنظام السياسي ال كخصم‬
‫له ‪ ،‬فهي وظائف تساعد النظام على التكيف مع محيطه وأداء الوظائف واألدوار المنوطة‬
‫به[‪.]88‬‬
‫وعموما فالجماعات الضاغطة يظهر دورها بشكل كبير في الديمقراطيات الغربية‬
‫‪ ،‬حيث أن لها بصمات واضحة في مجموعة من القرارات المتخذة ‪ ،‬وعلى العكس من ذلك‬
‫فإن تأثيرها جد ضعيف إن لم يكن منعدم في مجموعة كبيرة من دول العالم الثالث[‪.]89‬‬
‫‪ -)1‬دور األحزاب السياسية‪ :‬تؤدي األحزاب السياسية وظائف متعددة تمس مجاالت‬
‫عدة ‪ ،‬اإلدارية منها والسياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬فهي فضاء يوفر فرصة مناسبة‬
‫لكل أفراد المجتمع في المساهمة والمشاركة في عملية صنع القرار السياسي ‪ ،‬حيث تقوم‬
‫هذه األحزاب بتجميع وبلورة وجهة نظر سياسية واحدة على مستوى الحزب ‪ ،‬والتعبير‬
‫عنها أمام الهيئات السياسية[‪ .]90‬كما أن األحزاب السياسية جاءت إلعطاء نوع من‬
‫الطمأنينة للمواطنين من خالل توضيح االختيارات االنتخابية من جهة ولتلعب من جهة‬
‫ثانية دوراً وقائيا ً للحكام هذا وتقوم األحزاب السياسية بدمج المواطنين في المحيط الذي‬
‫يعيشون فيه ‪ ،‬وتعتبر بذلك وسيطا ً بين المواطنين والسلطة لتقلل بذلك من مخاطر المجابهة‬
‫بين السلطة والمواطنين‪.‬‬
‫وعليه ؛ فإنها تقدم وسيلة لتصريف الصراعات الكامنة وإمكانية إعطائها صيغة‬
‫واقعية لتخدم النظام عبر المساهمة في اإلبقاء على التوازن العام‪.‬‬

‫[‪ - ]88‬نور الدين أشحشاح ‪ " ،‬القوى السياسية‪ :‬األحزاب والجماعات والرأي العام" ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122 :‬‬
‫[‪ -]89‬أحمد مفيد ‪ ،‬النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.882 :‬‬
‫[‪ - ]90‬بهدين نوال ‪ " ،‬الفاعلون في رسم معالم السياسة الخارجية المغربية وفق مقتضيات الدستور الجديد"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية عدد‬
‫‪ 111-114‬مارس‪ -‬يونيو ‪ ، 811.‬ص‪.21 :‬‬

‫‪36‬‬
‫المجتمع المدني في العصر الحاضر من‬ ‫‪ -)2‬دور المجتمع المدني‪ :‬يعتبر‬
‫المكونات األساسية لكل مجتمع ديمقراطي حداثي ‪ ،‬لذلك متعها الدستور المغربي الجديد‬
‫لسنة ‪ 8111‬بحق ممارسة أنشطتها بحرية في إطار احترام الدستور والقانون ‪ ،‬مخوال ً‬
‫إياها جملة من الضمانات القضائية التي تجعل أمر حلها أو توقيفها من قبل السلطات‬
‫[‪]91‬‬
‫‪ ،‬أضف إلى ذلك أن الجمعيات المهتمة‬ ‫العمومية ال يتم إال بمقتضى مقرر قضائيي‬
‫بقضايا الشأن العام تساهم في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد قرارات ومشاريع‬
‫[‪]92‬‬
‫وكذا في تفعيلها وتقييمها وعلى هذه‬ ‫لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية‬
‫المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة طبق شروط وكيفيات يحددها القانون [‪.]93‬‬
‫وقد مكن الدستور المغربي المجتمع المدني من المشاركة في صناعة القرار‬
‫العمومي عبر مجموعة من اآلليات والميكانزمات في سياق عالمي تراجعت فيه‬
‫الديمقرا طية التمثيلية لصالح الديمقراطية التشاركية باعتبارها آلية مثلى لتفعيل مساهمة‬
‫المجتمع المدني في مسلسل صنع القرار العمومي‪.‬‬
‫فالفصل ‪ 18‬من الدستور أعطى مفهوم المجتمع المدني وجعل منه شريكا خالل كل‬
‫مراحل دورات السياسات العامة ‪ ،‬من الصياغة واإلعداد إلى التقييم مرورا بلحظة التنفيذ‬
‫ومن جهة أخرى يوسع مجال هذه الديمقراطية التشاركية لكي ال تقتصر فقط على‬
‫المؤسسات المنتخبة (المحلية والوطنية) بل لتشمل كذلك كل السلطات العمومية[‪.]94‬‬
‫حيث أن المقتضيات الدستورية المنظمة ألشكال وصيغ الديمقراطية التشاركية‬
‫يمكن التمييز فيها بين المستوى الوطني والمستوى الترابي‪.‬‬
‫‪ ‬على المستوى الوطني‬

‫[‪ - ]91‬ينص الفصل ‪ 18‬من دستور المملكة المغربية في بنده الثاني على أنه‪ " :‬ال يمكن حل هذه الجمعيات والمنظمات أو توقيفها من لدن السلطات‬
‫العمومية إال بمقتضى مقرر قضائي"‪ .‬كما جاء في البند األول نمنه على أنه " تؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية‬
‫وتمارس أنشطتها بحرية ‪ ،‬في نطاق احترام الدستور والقانون"‪.‬‬
‫[‪ - ]92‬الفصل ‪ 18‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ، 8011‬البند الثاني والثالث منه‪.‬‬
‫[‪ - ]93‬كريم لحرش " الدستور الجديد للمملكة المغربية ‪ -‬شرح وتحليل ‪ ، " -‬سلسلة العمل التشريعي واالجتهادات القضائية ‪ ،‬العدد ‪ ، 2‬سنة‬
‫‪ ،.8018‬ص‪.80 :‬‬
‫[‪ - ]94‬حسن طارق ‪ " ،‬السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد "‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال‬
‫جامعية عدد ‪ 28‬سنة ‪ ، 8018‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.12:‬‬

‫‪37‬‬
‫يتعلق األمر بالتنصيص على هيئات للتشاور لدى السلطات العمومية [‪ ،]95‬والحق‬
‫[‪]96‬‬
‫‪ ،‬كما تنص على ذلك الفقرة األولى من المادة‬ ‫في تقديم ملتمسات في مجال التشريع‬
‫‪ 8‬من مشروع القانون التنظيمي رقم ‪ 29-19‬التي جاء فيها "كل مبادرة يتقدم بها مواطنات‬
‫ومواطنون وفق أحكام هذا القانون التنظيمي بهدف المساهمة في المبادرة التشريعية‬
‫[‪]98‬‬ ‫[‪]97‬‬
‫كما أن الفقرة‬ ‫وكذلك حق تقديم العرائض‬ ‫ويشار إليها بعده باسم "الملتمس"‪.‬‬
‫األولى من المادة ‪ 8‬تنص على أن "العريضة كل طلب مكتوب يتضمن مطالب أو‬
‫مقترحات أو توصيات يوجهه بصفة جماعية ‪ ،‬مواطنات ومواطنون مقيمون بالمغرب أو‬
‫خارجه إلى السلطة العمومية المعنية قصد اتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات في إطار‬
‫احترام أحكام الدستور والقانون وطبقا لإلجراءات المنصوص عليها في هذا القانون‬
‫التنظيمي"[‪.]99‬‬
‫وفي نفس السياق ينص الفصل ‪ 1.‬من دستور ‪ 8111‬على أنه " تعمل السلطات‬
‫العمومية على إحداث هيئات التشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين في إعداد‬
‫السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها"‪.‬‬
‫وقد أثبتت العديد من التجارب السياسية أن للفاعلين الجمعويين دور هام في تنشيط‬
‫الحياة السياسية والتنموية وأضحى تواجدهم إلى جانب الفاعلين السياسيين أمر ال مناص‬
‫منه[‪.]100‬‬
‫وقد إنتقل توسيع األطراف المعنية بهذا التشاور مع السلطات العمومية من مجرد‬
‫جمعيات أو منظمات غير حكومية إلى مفهوم أوسع ليشمل مختلف الفاعلين االجتماعيين‬
‫مما يجعل إطارات أخرى كالنقابات أو التنظيمات المهنية مدمجة في هذه المقاربة‪.‬‬
‫تعتبر مسألة التشاور واإلشراك تعزيزا لدور هؤالء الفاعلين االجتماعيين في التأثير‬

‫[‪ - ]95‬الفصل ‪ 12‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8011‬‬


‫[‪ - ]96‬الفصل ‪ 11‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ، 8011‬البند الثاني والثالث منه‪.‬‬
‫[‪ - ]97‬المادة ‪ 8‬من مشروع القانون التنظيمي رقم‪ 31 -11 :‬يتعلق بتقديم ملتمسات في مجال الشريع‪.‬‬
‫[‪ - ]98‬الفصل ‪ 11‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪. 8011‬‬
‫[‪ - ]99‬المادة ‪ 8‬من مشروع القانون التنظيمي رقم ‪ 11-11‬بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية‬
‫[‪ - ]100‬كريم لحرش ‪ " ،‬الدستور الجديد للمملكة المغربية ‪ -‬شرح وتحليل " ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.20:‬‬

‫‪38‬‬
‫على السياسات العمومية في كل مراحلها‪ :‬اإلعداد ‪ ،‬التفعيل والتنفيذ ثم التقييم[‪.]101‬‬

‫على المستوى الجهوي الترابي‬ ‫‪‬‬


‫ينص الفصل ‪ 1.2‬من دستور ‪" 8111‬يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ‬
‫التدبير الحر ‪ ،‬وعلى التعاون والتضامن ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير‬
‫شؤونهم ‪ ،‬والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة"[‪ .]102‬فهذا‬
‫الفصل يحمل في طياته إشارة واضحة على طبيعة التوجه الجديد في التدبير الحكماتي‬
‫للشأن الترابي بالمغرب[‪.]103‬‬
‫وقد تكلف الفصل ‪ 1.4‬من الدستور بتجديد صيغ هذا التشارك عن طريق أوال‬
‫وضع مجالس الجهات والجماعات الترابية األخرى آليات تشاركية للحوار والتشاور‪،‬‬
‫لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات لعرائض الهدف منها مطالبة المجلس‬
‫بإدراج نقطة تدخل في اختصاصاته ضمن جدول أعماله‪.‬‬
‫وما يتعلق باآلليات التشاركية فأول مالحظة تبدو من حيث الشكل هي أن المشرع‬
‫الدستوري تحدث عن إشراك الفاعلين االجتماعيين في إعداد السياسات العمومية حيث أن‬
‫الفصل ‪ 1.‬من الدستور طرح صيغة هيئات للتشاور‪ ،‬لكن عندما تحدث عن مساهمة‬
‫الجمعيات في إعداد برنامج التنمية على المستوى الجهوي والترابي فقد طرح صيغة‬
‫اآلليات التشاركية‪.‬‬
‫ويبقى من صالحيات الجماعات الترابية تفعيل مقتضيات الفصل ‪ 1.4‬الهادفة إلى‬
‫تيسير مساهمة الجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها[‪ .]104‬وكمثال لدور المجتمع‬
‫ا لمدني يمكن القول على أن الدستور قد خول منظمات وهيئات المجتمع المدني صالحيات‬
‫واسعة في مجال التشريع وإعداد السياسات العمومية بشراكة مع أجهزة الدولة‪ .‬و هذا ال‬
‫يعني غياب أي دور فاعل للمجتمع المدني في الماضي بل على العكس تماما كثيرا ما كان‬
‫للنضاالت التي خاضتها مجموعة من الجمعيات الدور الحاسم في تعديل العديد من القوانين‬

‫[‪ - ]101‬حسن طارق ‪" ،‬السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد" ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫[‪ - ]102‬الفصل ‪ 123‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8011‬‬
‫[‪ -]103‬كريم لحرش ‪ " ،‬الدستور الجديد للمملكة المغربية ‪ -‬شرح وتحليل " ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.132:‬‬
‫[‪ -]104‬حسن طارق ‪ ،‬السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.11:‬‬

‫‪39‬‬
‫وبديهي أن يكون مجال األسرة من بين المجاالت المهمة التي أدلت فيها جمعيات المجتمع‬
‫المدني ‪ ،‬وال سيما الجمعيات النسائية مطالبة بإنصاف النساء ورفع الظلم عنهن وحماية‬
‫حقوق الطفل وغيرها من المطالب المرتبطة بحقوق األسرة وكل ذلك في إطار تشاركي‬
‫مع مؤسسات الدولة المعنية بقضايا حقوق اإلنسان ومن أهم المحطات البارزة التي عرفت‬
‫مشاركة فعالة للجمعيات النسائية نجد‪:‬‬
‫اإلعداد لمشروع "الخطة الوطنية إلدماج المرأة في التنمية"؛‬ ‫‪‬‬
‫عملية إعداد التقارير الدولية الخاصة بإعمال اتفاقية القضاء على جميع‬ ‫‪‬‬
‫أشكال التمييز ضد المرأة‪.‬‬
‫وكذلك الدور الذي لعبه المجتمع المدني في تغيير مضمون الفصل ‪ 911‬من القانون‬
‫الجنائي الذي ينص على إعفاء المغتصب من العقوبة إذا تزوج من الضحية القاصر‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المقومات القانونية لإلدارة الجماعية‪.‬‬
‫تقوم اإلدارة الجماعية على مجموعة من األسس تشكل في مجملها ركائز أساسية‬
‫لهذه األخيرة ‪ ،‬ويعد القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬من بين أهم الركائز القانونية لإلدارة‬
‫الجماعية إلى جانب المنشور الوزاري رقم ‪ 9.‬المتعلق بتنظيم إدارات الجماعات(الفقرة‬
‫األولى) ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى النظام األساسي للمنتخب الجماعي (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مضمون القانون التظيمي رقم ‪ 11..11‬المتعلق بالجماعات‬

‫لقد حمل القانون التنظمي رقم ‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات عدة مقتضيات تهم‬
‫اإلدارة الجماعية سواء من حيث التنظيم أو اإلختصاص (أوال) كما حمل المنشور رقم ‪9.‬‬
‫حول تنظيم إدارات الجماعات عدة مستجدات ( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬اختصاص و تنظيم اإلدارة الجماعية‬
‫لقد شكل صدور دستور فاتح يوليوز ‪ 8111‬عهد جديد في مجال الالمركزية ‪ ،‬إذ‬
‫اختصاصات ذاتية‬ ‫ارتقى بالجماعات إلى مصاف الجماعات الترابية مع منحها‬
‫واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه األخيرة‪ .‬كما كرس‬
‫مبدأ التدبير الحر والتعاون والتضامن بين الجماعات والجماعات الترابية األخرى ومبدأ‬
‫تأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ومن اجل تنزيل وتفعيل االختصاصات الدستورية صدر القانون التنظيمي ‪11..19‬‬
‫المتعلق بالجماعات ليحدد ويدقق ويضبط اختصاصات المجلس الجماعي‬
‫اختصاصات الجماعة الترابية‬ ‫أ‪-‬‬
‫يمارس المجلس الجماعي داخل دائرته الترابية مجموعة من االختصاصات تشمل‬
‫اإلختصاصات الذاتية والمشتركة مع الدولة والمنقولة إليها من هذه األخيرة‪.‬‬
‫‪ -)1‬اإلختصاصات الذاتية للجماعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يعد برنامج عمل الجماعة من االختصاصات الذاتية الجديدة األصيلة التي ضمنها‬
‫القانون التنظيمي ‪ 11..19‬بعدما كان المجلس الجماعي في إطار القانون ‪ 12.11‬والمتمم‬
‫بالقانون ‪ 11.12‬يختص بوضع مخطط التنمية االجتماعية واالقتصادية ويصوت عليه‬
‫المجلس الجماعي بعد إعداده من طرف الرئيس إال أن المشرع في إطار القانون التنظيمي‬
‫‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات ؛ ومن أجل تعزيز اختصاصات المجلس الجماعي جاء‬
‫ببرنامج عمل تضعه الجماعة تحت إشراف رئيسها في السنة األولى من مدة انتدابه على‬
‫أبعد تقدير بانسجام مع توجهات البرامج التنموية الجهوية ‪ ،‬وتعمل على تتبعه وتحينه‬
‫وتقيمه ‪ ،‬ويتضمن هذا البرنامج األعمال التنموية المقرر إنجازها بعد تشخيص حاجيات‬
‫وإمكانيات الجماعة وتحديد األولويات وتقدير مواردها ونفقاتها الخاصة بالثالث سنوات‬
‫األولى وأن يأخذ بعين االعتبار مقاربة النوع كما يمكن تحين عمل الجماعة ابتداء من‬
‫السنة الثالثة من دخول حيز التفنيد[‪.]105‬‬
‫وتفعيال لمبدأ التعاون والتضامن المنصوص عليه في دستور ‪ ]106[ 8111‬يستوجب‬
‫إمداد اإلدارة والجماعات الترابية األخرى والمؤسسات والمقاوالت العمومية المجلس‬
‫الجماعي بالوثائق المتعلقة بمشاريع التجهيز المراد إنجازها بتراب الجماعة‪.‬‬
‫عمال بمبدأ التوزيع المتكامل لالختصاصات بين السلطة المركزية والجماعات خول‬
‫القانون التنظيمي ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات المجلس الجماعي إدارة المرافق العمومية‬
‫للجماعة وتسييرها كما خصها باختصاصات في مجال التجهيز‪.‬‬

‫[‪ - ]105‬المادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬


‫[‪ - ]106‬الفصل ‪ 123‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8011‬‬

‫‪41‬‬
‫فالمجلس الجماعي يقوم بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية أالزمة لتقديم‬
‫خدمات القرب للمواطنين والمواطنات في مجموعة من الميادين من بينها توزيع الماء‬
‫الصالح للشرب والكهرباء واإلنارة العمومية ‪ ،‬وكذا تنظيف الطرقات والساحات العمومية‬
‫وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى المطارح ومعالجتها وتثمينها وغيرها من‬
‫االختصاصات المنصوص عليها في المادة ‪ 2.‬من القانون التنظيمي ‪ 11..19‬المتعلق‬
‫بالجماعات‪.‬‬
‫ومن المستجدات أيضا المتعلق بالجماعات أنه يمكن للمجلس تفعيال لمبدأ التفريع‬
‫وتطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 192‬من الدستور وخاصة البند التاسع منه المتعلق باآلليات‬
‫الرامية إلى ضمان تكيف تطور التنظيم الترابي يمكن للمجلس الجماعي تحويل اختصاص‬
‫أو بعض االختصاصات الموكولة لها إلى مجلس العمالة أو اإلقليم‪ .‬ويتم تحويل هذه‬
‫االختصاصات إما بطلب من الجماعة أو الجماعة الراغبة في ذلك أو بطلب من الدولة‬
‫التي تخص تحفيزات مالية في إطار التعاقد بين الجماعات أو بمبادرة من العمالة أو اإلقليم‬
‫المعني‪.‬‬
‫وتعد آلية التعاون والشراكة من االختصاصات التي ضمنها القانون ‪ 12.11‬المتعلق‬
‫بالميثاق الجماعي المتمم بالقانون رقم ‪ 11.12‬ضمن مجال مخطط للتنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية حيث كان المجلس الجماعي يختص بجميع أعمال التعاون والشراكة التي من‬
‫شأنها أن تنعش التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة بشراكة مع اإلدارة‬
‫واألشخاص المعنوية األخرى الخاضعة للقانون العام والشركاء االقتصاديين واالجتماعيين‬
‫أو من كل منظمة أجنبية‪.‬‬
‫إال أن القانون التنظيمي ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات وسع من مجال التعاون‬
‫والشراكة بين الجماعة وباقي الفاعلين من إدارة وجماعات ترابية أخرى‪.‬‬
‫كما خول القانون التنظيمي ‪ 11..19‬المجلس الجماعي صالحية إبرام اتفاقيات مع‬
‫فاعلين من خارج المملكة في إطار التعاون الدولي ‪ ،‬وكذا الحصول على تمويالت في‬
‫نفس اإلطار بعد موافقة السلطة العمومية طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وال يمكن إبرام اتفاقيات بين جماعة أو مؤسسة التعاون بين الجماعة ومجموع‬

‫‪42‬‬
‫الجماعات الترابية ودولة أجنبية‪.‬‬
‫إضافة ‪ ،‬إلى االختصاصات الذاتية منح المشرع للمجلس الجماعي اختصاصات‬
‫مشتركة بينه وبين الدولة وأخرى منقولة من هذه األخيرة ‪ ،‬وكذلك صات خوله صالحيات‬
‫واسعة في المجال المالي واإلداري‪.‬‬
‫‪ -)2‬االختصاصات المشتركة‬ ‫‪‬‬
‫تشتمل االختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعة االختصاصات التي يتبين أن‬
‫نجاعة ممارستها ال يمكن أن تتحقق إال بشكل مشترك مع الدولة‪ .‬كما تشمل االختصاصات‬
‫ا لمنقولة من الدولة إلى المجلس الجماعي مما يوسع من االختصاصات الذاتية بشكل‬
‫تدريجي‬
‫وتعتبر االختصاصات المشتركة مع الدولة من المستجدات التي نص عليها دستور‬
‫‪ 8111‬وحددها ونضمها القانون التنظيمي ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات بحيث كانت في‬
‫إطار القانون ‪ 12.11‬المتعلق بالميثاق الجماعي والمتمم بالقانون ‪ 11.11‬تعد من‬
‫االختصاصات االستشارية للمجلس الجماعي الذي كان دوره يقتصر فقط في اقتراح‬
‫األعمال الواجب القيام بها إلنعاش التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة وذلك‬
‫في حالة تجاوز هذه األعمال في نطاق االختصاصات الموكولة إليها أو تفوق الوسائل‬
‫المتوفرة لديها‪ ،‬ويقتصر دوره في إبداء رأيه كلما استوجب ذلك طبقا للقوانين المعمول بها‬
‫أو كلما طلبته الدولة أو الجماعات الترابية األخرى‪.‬‬
‫ومن ضمن االختصاصات الجديدة التي جاء بها الدستور المغربي لسنة ‪8111‬‬
‫ونضمها القانون التنظيمي الجديد ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات االختصاصات المشتركة‬
‫بين الجماعات والدولة وحددها في المادة ‪ 22‬في المجاالت التالية ‪:‬‬
‫تنمية االقتصاد المحلي وإنعاش الشغل و المحافظة على خصوصيات التراث الثقافي‬
‫المخلي وتنميته ؛‬
‫القيام باألعمال الالزمة إلنعاش وتشجيع االستثمارات الخاصة والسيما انجاز البنيات‬
‫التحتية والتجهيزات المساهمة في إقامة مناطق األنشطة االقتصادية وتحسين ظروف عمل‬
‫المقاوالت‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ولهذه الغاية يمكن للجماعة أن تساهم في انجاز األعمال التالية ‪:‬‬
‫إحداث دور الشباب ؛ إحداث دور الحضانة ودور األطفال ؛ إحداث المراكز‬
‫النسوية ؛ إحداث دور العمل الخيري ومأوى العجزة ؛‬
‫وتحدد بقانون كيفيات التعاقد بين الدولة والجماعة لممارسة االختصاصات‬
‫المشتركة‪.‬‬
‫‪ -).‬االختصاصات المنقولة‬ ‫‪‬‬
‫تشمل االختصاصات المنقولة االختصاصات التي تنقل من الدولة إلى الجماعة بما‬
‫يسمح بتوسيع االختصاصات الذاتية بشكل تدريجي وتحدد اعتمادا على مبدأ التفريع الذي‬
‫يعتبر من المستجدات التي جاء بها الدستور المغربي ‪ 8111‬مجاالت االختصاصات‬
‫المنقولة من الدولة إلى الجماعة وتشمل هذه المجاالت بصفة خاصة‪:‬‬
‫‪ -‬حماية وترميم المآثر التاريخية بصفة خاصة والحفاظ على المواقع الطبيعة‬
‫‪ -‬إحداث وصيانة المنشآت والتجهيزات المائية الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬
‫ويراعى مبدأ التدرج والتمايز بين الجماعات عند نقل االختصاصات من الدولة الى‬
‫الجماعة ولهذا يتم نقل االختصاص وفق المبدأين المشار إليهم في الفقرة السابقة عن طريق‬
‫التعاقد مع الدولة هذا من جهة ومن جهة أخرى يتم تحديد كيفيات التعاقد بين الدولة‬
‫والجماعة من أجل ممارسة االختصاصات المنقولة بموجب قانون‪.‬‬
‫وحسب البند الرابع من الفصل ‪ 192‬من الدستور يكون تحويل اختصاصات ذاتية‬
‫للجماعة أو الجماعات المعنية بموجب قانون تنظيمي ( المادة ‪.)41‬‬
‫ب ‪ -‬صالحيات المجلس الجماعي وتنظيمه‬
‫منح المشرع في إطار القانون التنظيمي ‪ 11..19‬مجلس الجماعة صالحيات مالية‬
‫وإدارية واسعة من أجل النهوض بالتنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة‪.‬‬
‫‪ -)1‬الصالحيات المالية للمجلس الجماعي‬ ‫‪‬‬
‫نظرا للدور الكبير الذي تلعبه ميزانية الجماعة في تسيير شؤون ومصالح الجماعة‬
‫فبدون موارد م الية للجماعة ال يمكن الحديث عن مجلس جماعي أو تنمية اقتصادية أو‬
‫اجتماعية وثقافية للجماعة ومن أجل ذلك منح القانون التنظيمي ‪ 11..19‬صالحيات‬

‫‪44‬‬
‫واسعة للمجلس الجماعي واستقاللية في تحضير الميزانية وفتح الحسابات الخصوصية‬
‫والميزانيات الملحقة وفتح اعتمادات جديدة و الرفع من مبالغ االعتمادت وتحويلها داخل‬
‫نفس الفصل ‪ ،‬وتحديد سعر الرسوم واإلتاوة‪ .‬و إحداث أجرة عن الخدمات المقدمة وتحديد‬
‫سعرها الهبات والوصايا الممنوحة للجماعة وتدبير أمالك الدولة والمحا فضة عليها و‬
‫صيانتها‪.‬‬
‫صالحيات المجلس في التعليم والصحة وتنظيم اإلدارة والتعاون والشراكة‬ ‫‪‬‬
‫إضافة إلى الصالحيات المالية نص المشرع المجلس الجماعي بصالحية في ضوابط‬
‫البناء والتعمير واألنظمة العامة الجماعية للوقاية الصحية والنظافة العمومية ‪ ،‬وإبداء‬
‫الرأي حول وثائق التعمير طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل كما به صالحية‬
‫الساحات والطرق العمومية واتخاذ التدابير أالزمة لمحاربة عوامل انتشار اإلمراض ‪،‬‬
‫وإحداث وتنظيم المكاتب الجماعية لحفظ الصحة‪.‬‬
‫كما تدخل مهمة تنظيم اإلدارة وتحديد اختصاصات إدارة الجماعة ضمن صالحياته‬
‫كما له صالحيات التعاون والشراكة وذلك بالمساهمة في إحداث مجموعة الجماعات‬
‫الترا بية ومؤسسات التعاون بين الجماعات أو االنضمام اليها أو االنسحاب منها‪ .‬كما له‬
‫صالحية إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة مع القطاع العام أو الخاص ومشاريع اتفاقية‬
‫التوأمة والتعاون االمركزي مع جماعات ترابية وطنية أو أجنبية وصالحية االنخراط أو‬
‫المشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية ‪.‬‬
‫كما نص القانون التنظيمي ‪ 11..19‬على وجوب موافقة والي الجهة على كل أشكال‬
‫التبادل بين الجماعة والجماعات الترابية األجنبية وذلك في إطار احترام االلتزامات الدولية‬
‫للمملكة‪.‬‬
‫‪ -)2 ‬تنظيم وتسيير مجلس الجماعة‬
‫الجماعات هي أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة ‪ ،‬وهي جماعات ترابية خاضعة‬
‫للقانون العام تتمتع بالشخصية االعتبارية واإلستقالل المالي واإلداري ‪ ،‬ويرتكز تدبير‬
‫شؤونها على مبدأ التدبير الحر الذي يعطي لكل جماعة في حدود اختصاصاتها سلطة‬
‫التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مداوالتها ومقرراتها‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ ‬تنظيم مجلس الجماعة‬
‫يدير شؤون الجماعة مجلس ينتخب أعضاؤه باإلقتراع العام المباشر‪.‬‬
‫ويجتمع مجلس الجماعة النتخاب الرئيس ونوابه في جلسة واحدة خالل الخمسة‬
‫عشر(‪ )11‬يوما الموالية النتخاب أعضاء المجلس ‪ ،‬وال يمكن أن يتداول بكيفية صحيحة‬
‫إال بحضور األغلبية المطلقة لألعضاء المزاولين مهامهم‪.‬‬
‫ويتعين على المترشحين للرئاسة توفرهم على الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬االنتماء إلى األحزاب الحاصلة على المراتب الخمس األولى ‪ ،‬أما المستقلون فال‬
‫يطلب منهم هذا الشرط ؛‬
‫‪ -‬إرفاق طلب الترشيح بتزكية الحزب الذي ينتمون إليه ‪ ،‬وال يطلب حصول هذا‬
‫الشرط في المستقلين‪.‬‬
‫وتوضع الترشيحات لرئاسة المجلس لدى عامل العمالة أو اإلقليم خالل الخمسة أيام‬
‫(‪ )1‬الموالية النتخاب أعضاء المجلس ‪ ،‬ويسلم العامل وصال على ذلك ‪ ،‬ومباشرة بعد‬
‫انتخاب الرئيس وتحت رئاسته يتم انتخاب نوابه ‪ ،‬بحضور العامل أو من ينوب عنه ‪ ،‬كما‬
‫ينتخب المجلس في أول دورة يعقدها بعد المصادقة على نظامه الداخلي لجنتين دائمتين‬
‫على األقل وخمسة (‪ )1‬لجان على األكثر ‪ ،‬وينتخب أيضا رئيسا لكل لجنة ونائبا له ‪،‬‬
‫ويراعى مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء في رئاسة اللجان مع تخصيص رئاسة إحدى‬
‫اللجان للمعارضة‪.‬‬
‫وبالنسبة للدورات ؛ يعقد المجلس وجوبا ثالث دورات عادية خالل السنة أثناء‬
‫شهور‪ :‬فبراير‪ -‬ماي – أكتوبر‪ ،‬ويحدد لكل دورة جدولة زمنية والنقط التي سيتداول في‬
‫شانها المجلس‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة أخرى ‪ ،‬فإن مداوالت المجلس ال تكون صحيحة‬
‫إال بحضور أكثر من نصف عدد أعضاءه المزاولين مهامهم ‪ ،‬وتتخذ المقررات باألغلبية‬
‫المطلقة لألصوات المعبر عنها‪.‬‬
‫‪ ‬تسيير المجلس الجماعي‬
‫يتولى رئيس المجلس الجماعي إعداد جدول أعمال الدورات بتعاون مع أعضاء‬
‫المكتب ويبلغه إلى عامل العمالة أو اإلقليم عشرين يوما (‪ )81‬على األقل قبل تاريخ انعقاد‬

‫‪46‬‬
‫الدورة ‪ ،‬وتسجل وجوبا في جدول األعمال العرائض المقدمة من قبل المواطنات‬
‫والمواطنين والجمعيات‪.‬‬
‫وإذا رغب رئيس المجلي في التخلي عن مهامه وجب عليه تقديم استقالته إلى عامل‬
‫العمالة أو اإلقليم ‪ ،‬وبالنسبة لنواب الرئيس أو أحد األعضاء وجب عليهم تقديم استقالتهم‬
‫لرئيس المجلس الذي يخبر فورا وكتابة العامل بذلك‪.‬‬
‫أما فيما يخص العزل أو التصريح ببطالن مداوالت المجلس أو إيقاف تنفيذ‬
‫المقررات والقرارات التي قد تشوبها عيوب قانونية فالقضاء وحده المختص في ذلك‪.‬‬
‫هذا ويمنع على كل عضو من أعضاء المجلس بالجماعة ‪ ،‬أن يربط مصالح خاصة‬
‫مع الجماعة أو مع مؤسسات التعاون أو مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة‬
‫عضوا فيها أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة للجماعة ‪ ،‬أو أن يبرم‬
‫معها عقود للكراء أو اإلقتناء أو التبادل أو أي معاملة تهم أمالك الجماعة أو صفقات‬
‫األشغال أو التوريدات أو الخدمات ‪ ،‬وسواء كان ذلك بصفة شخصية أو وكيال عن غيره‬
‫أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه‪.‬‬
‫وفي حالة عدم تلبية كل عضو لإلستدعاء لحضور جلسات المجلس ثالث دورات‬
‫بصفة متقطعة دون مبرر يعتبر مقاال بحكم القانون ‪ ،‬وإذا وقع حل المجلس أو توقيفه أو‬
‫استقال نصف أعضائه وتعذر انتخاب مجلس جديد وجب تعيين لجنة إدارية خاصة بقرار‬
‫يتذ من طرف السلطة المكلفة بالداخلية خالل أجل خمسة عشر (‪ )11‬يوما ‪ ،‬ويحدد عدد‬
‫أعضائها في خمسة (‪ ) 1‬أعضاء يكون من بينهم بحكم القانون إما المدير أو المدير العام‬
‫للمصالح ‪ ،‬ويترأس اللجنة العامل أو من ينوب عنه ‪ ،‬والذي يمارس الصالحية المخولة‬
‫لرئيس المجلس ‪ ،‬وتنحصر مهمتها في تصريف األعمال وال يمكن أن تلزم أموال الجماعة‬
‫أكثر من الموارد المتوفرة خالل السنة المالية الجارية[‪.]107‬‬
‫ثانيا‪ :‬مستجدات منشور وزير الداخلية رقم ‪ 43‬حول تنظيم إدارات الجماعات‬
‫مما ال شك فيه أن منشور وزارة الداخلية رقم ‪ 9.‬المتعلق بتنظيم إدارة الجماعات‬

‫[‪ - ]107‬عبد العزيز أشرقي ‪ ،‬الجماعات الترابية ‪ ،‬اآلفاق المستقبلية وتحديات التنمية المستدامة ‪ ،‬الجهات العماالت واألقاليم ‪ ،‬الجماعات المحلية ‪،‬‬
‫طبعة ‪ ،8013‬ص‪.20- 22 :‬‬

‫‪47‬‬
‫جاء بمجموعة من المستجدات ‪ ،‬خاصة منها تلك المقتضيات التي تهم تظيم هياكل اإلدارة‬
‫الجماعية‪ ،‬وعليه؛ فما هي أهداف ومرامي ها المنشور ؟ (أ) وماهي معايير اعتماد أو‬
‫تحديد اإلدارية للجاماعات ؟ (ب) وذلك اعتمادا على مستجدات المنشور‪.‬‬
‫أ‪ -‬أهداف ومرامي المنشور‬
‫بالرجوع إلى منشور وزير الداخلية عدد ‪ 43‬بتاريخ ‪ 28‬يوليو ‪ 2016‬بشأن تنظيم‬
‫إدارات ألجماعات وبعد استقراء مضمونه ‪ ،‬يتضح جليا أن األهداف المسطرة به هو‬
‫تمكين رؤساء مجالس الجماعات من تنفيذ السياسات العمومية المرسومة من طرف‬
‫مجالس الجماعات و السند في ذالك بحسب ما أشار اليه المنشور يجد وعاؤه فيما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 94‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات على أن المقرر‬
‫القاضي بتنظيم إدارة الجماعات و تحديد اختصاصاتها يكون قابال للتنفيذ بعد التأشير عليه‬
‫من السيد العامل وعلى هدا األساس يحدد هدا المنشور معايير و نماذج الهياكل التنظيمية‬
‫لإلدارات الجماعات و التي يقترح لالستئناس أخدها بعين االعتبار عند تداول المجالس‬
‫الجماعية بخصوص تنظيم إدارات الجماعات و تحديد اختصاصاتها وكذالك االعتماد‬
‫عليها من طرف السادة عمال المعاالت و األقاليم عند التأشير على مقررات مجالس‬
‫الجماعات وفق مقتضيات المادة ‪ 118‬من القانون التنظيمي للجماعات‪.‬‬
‫وفعال تم وضع نماذج تنظيمية بغية تمكين الجماعات من التوفر على إدارة جديدة من‬
‫شأنها توفير إطار مالئم للقيام بجميع المهام المنوطة بها بفعالية و نجاعة مع األخذ بعين‬
‫االعتبار خصوصية كل جماعة على حده‪.‬‬
‫ب‪ -‬معايير تحديد الهياكل اإلدارية للجماعات‬
‫يفيد ظاهر المنشور بأن تحديد الهياكل اإلدارية للجماعات تم وفق معايير كان أهمها‬
‫معيار عدد سكان الجماعة وفق أخر إحصاء رسمي ‪ ،‬وذالك وفق الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ - 1‬الجماعات التي يفوق عدد سكانها ‪ 250‬ألف نسمة تتوفر على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مدير عام للمصالح ؛‬
‫‪ -‬رئيس الديوان ؛‬
‫‪ -‬أربعة (‪ )9‬مستشارين بالنسبة للجماعات ذات نظام المقاطعات ؛‬

‫‪48‬‬
‫‪ -‬مكلف بمهمة ؛‬
‫‪ -‬عشرة (‪ )11‬أقسام ؛‬
‫‪ -‬أربعون (‪ )91‬مصلحة ؛‬
‫‪ -2‬الجماعات التي يتراوح عدد سكانها مابين ‪100.001‬و ‪ 251‬ألف نسمة تتوفر على‪:‬‬
‫‪ -‬مدير عام للمصالح أو مدير المصالح ؛‬
‫‪ -‬ستة (‪ )2‬أقسام ؛‬
‫‪ -‬عشرون (‪ )81‬مصلحة ؛‬
‫‪ -.‬الجماعات التي يتراوح عد سكانها ما بين ‪15.001‬و ‪111‬الف نسمة‪.‬‬
‫‪ -‬مدير عام للمصالح أو مدير المصالح ؛‬
‫‪ -‬ثالثة (‪ ).‬أقسام ؛‬
‫‪ -‬أثنى عشرة (‪ )18‬مصلحة ؛‬
‫‪ -1‬الجماعات التي يقل او يساوي عدد سكانها ‪ 15‬ألف نسمة ؛‬
‫‪ -‬مدير المصالح ؛‬
‫‪ -‬ثالثة (‪ ).‬مصالح [‪.]108‬‬
‫هكذا وبعد استقراء مضامين القانون المتعلق بالجماعات ؛ يتجلى واضحا ً أن القانون‬
‫التنظيمي للجماعات رقم ‪ 11..19‬أشار و ألول مرة إلى مصطلح اإلدارة الجماعية [‪،]109‬‬
‫وهدا أمر ايجابي لحد ما إذ أن من محاسنه انه يروم إلى إدراج المؤسسة الجماعية في‬
‫منظومة اإلدارة‪.‬‬
‫لكن هل القانون التنظيمي السالف الذكر كان كفيال لرد االعتبار للمؤسسة‬
‫الجماعية؟ نجيب على ذلك بالقول أن كثرة اإلحاالت المنصوص عليها باللجوء إلى‬
‫ّ‬
‫ستشف منها ضبابية وغياب‬ ‫نصوص تنظيمية ومراسيم ‪ ،‬و أخرى في شكل قرارات ي‬
‫تصور عام بغياب اإلر ادة الفعلية في تفعيل بنود القوانين التنظيمية ‪ ،‬إذ أن أكثر من ‪33‬‬

‫[‪ -]108‬منشور صادر عن وزارة الداخلية المغربية ‪ ،‬عدد ‪ 9.‬بتاريخ ‪ 82‬يوليو ‪ 8112‬بشأن تنظيم إدارات الجماعات‪.‬‬
‫[‪ - ]109‬نصت المادة ‪ 811‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات ‪ ،‬وألول مرة على اإلدارة الجماعية حيث جاء فيها‪" :‬يتخذ رئيس‬
‫مجلس الجماعة اإلجراءات الضرورية من أجل اعتماد األساليب الفعالة لتدبير الجماعة‪ ،‬والسيما‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد المهام ووضع دالئل للمساطر المتعلقة باألنشطة والمهام المنوطة بإدارة الجماعة وبأجهزتها التنفيذية والتدبيرية ‪ . "...‬وكذا المادة ‪ 12‬من‬
‫نفس القانون نصت على أنه‪":‬يحتفظ الرئيس المستفيد من وضعية اإللحاق أو حالة الوضع رهن اإلشارة ‪ ،‬داخل اإلدارة أو الجماعة الترابية أو‬
‫المؤسسة العمومية التي ينتمي إليها‪ ،‬بجميع حقوقه في األجرة والترقية والتقاعد المنصوص عليها في القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪."...‬‬

‫‪49‬‬
‫نصا تنظيميا لم يتم اإلفراج عنها اللهم في اآلونة األخيرة التي شهدت ميالد بعضها ‪ ،‬ولم‬
‫تكن تخص ما هو أهم في تلك النصوص ‪ ،‬آال وهو التنظيم الهيكلي و اإلداري للجماعات‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬النظام األساسي للمنتخب الجماعي‬
‫أوال‪ :‬تحسين النظام األساسي للمنتخب‬
‫يعد تحسين نظام المنتخب من أهم الركائز األساسية لتحديث اإلدارة الجماعية و‬
‫مواكبة الرهانات التنموية المحلية المطروحة‪.‬‬
‫أ – الضمانات المرتبطة بتحسين النظام األساسي للمنتخب الجماعي‪.‬‬
‫في هذا االتجاه عمل القانون التنظيمي رقم ‪ 119.1.‬من خالل المواد من ‪ 11‬إلى‬
‫‪ ، 11‬على إقرار مجموعة من البنود تعلقت باآلتي‪:‬‬
‫‪ -)1‬منع الترحال السياسي‬ ‫‪‬‬
‫حيث أكد على عدم جواز تخلي المنتخبين عن اإلنتماء السياسي الذي ترشح باسمه و‬
‫ذلك طيلة الفترة اإلنتدابية و ذلك تحت طائلة التجريد من عضوية المجلس بمقتضى حكم‬
‫قضائي من أجل عدم تبخيس العمل السياسي و إعطاءه مصداقية و إسترجاع ثقة الناخب و‬
‫تطبيق البرنامج اإلنتخابي المتعاقد حوله مع المواطنين[‪.]110‬‬
‫‪ -)2‬تكوين وتأهيل المنتخب الجماعي‬ ‫‪‬‬
‫على خالف مقتضيات الميثاق الجماعي رقم ‪ 12.11‬لسنة ‪ 8118‬و النص المغير و‬
‫المتمم له ‪11.12‬سنة ‪ 8114‬فإن القانون التنظيمي الجديد أفرد فصال إلستفادة أعضاء‬
‫المجلس لتكوين مستمر في المجاالت المرتبطة بإختصاصات الجماعة ؛ بحيث يحق‬
‫ألعضاء مجلس الجماعة االستفادة من تكوين مستمر في المجاالت المرتبطة‬
‫باالختصاصات المخولة للجماعة‪.‬‬

‫[‪ - ]110‬حيث نصت الفقرة األولى من المادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112.11‬يتعلق بالجماعات على أنه ؛ " طبقا ألحكام المادة ‪ 20‬من‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 29.11‬المتعلق باألحزاب السياسية ‪ ،‬يجرد العضو المنتخب بمجلس الجماعة الذي تخلى خالل مدة االنتداب عن االنتماء‬
‫للحزب السياسي الذي ترشح باسمه من صفة العضوية في المجلس‪." .‬‬

‫‪50‬‬
‫وتحدد بمرسوم يتخذ ب اقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية كيفيات تنظيم‬
‫دورات التكوين المستمر ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة الجماعة في تغطية‬
‫مصاريفها[‪.]111‬‬
‫فيبقى عاملي التكوين و التأطير أساسيين في األخذ بأسباب التنمية المحلية ‪ ،‬فقد‬
‫أثبتت البحوث و الدراسات الميدانية في هذا المجال بان سوء التدبير الذي تعاني منه‬
‫أغلب المجالس الجماعية خاصة القروية ال يرجع فقط إلى عوامل أخالقية مرتبطة‬
‫بالتحايل و التالعب بالمال العام ‪ ،‬و إنما كذلك إلى الجهل المركب الذي يعاني منه‬
‫القائمون المباشرون على تدبير هذه المجالس الجماعية ‪ ،‬إال أنه تم التراجع بالمقابل على‬
‫شرط المستوى الدراسي الواجب توفره في الرؤساء‪.‬‬
‫‪ -).‬ضمان استمرارية أداء المرفق العام‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫نص القانون التنظيمي في هذا السياق على منع المنتخبين القاطنين خارج‬
‫المملكة بسبب وظائفهم العمومية أو مزاولة أنشطتهم الخاصة من الترشح لمهام الرئيس أو‬
‫النواب و في حالة حصول ذلك فانه يعلن مباشرة عن إقالتهم بقرار من وزير‬
‫الداخلية[‪ ،]112‬و ذلك حفاظا على حسن سير أعمال المجلس و ضمان استمرارية أداء‬
‫الخدمة لفائدة المواطنين ‪ ،‬إذ أثبتت التجربة تعطل سريان مجموعة من المرافق في إطار‬
‫الالمركزية اإلقليمية أو الترابية بسبب غياب المسئولين المباشرين عن مراكزهم ‪ .‬في نفس‬
‫السياق نص القانون على منح أعوان وموظفي الدولة أو الجماعات الترابية الذين تم‬
‫انتخابهم رؤساء للمجالس الجماعية على إمكانية إلحاقهم أو وضعهم رهن اإلشارة‬
‫بالجماعة بناء على طلبهم [‪.]113‬‬
‫كما يستفيد بحكم القانون موظفي و أعوان الدولة أو الجماعات المحلية و المؤسسات‬
‫العامة و كذا المأجورين الذين يزاولون انتدابا جماعيا من رخصة استثنائية أو بإذن للتغيب‬
‫لحضور دورات المجلس و اجتماعات اللجان المنتمين إليها و الهيآت التي يمثلون المجلس‬
‫فيها و كذا المشاركة في دورات التكوي ن المستمر و ذلك في حدود المدة الفعلية لهذه‬

‫[‪ - ]111‬المادة ‪ 12‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬


‫[‪ - ]112‬المادة ‪ 32‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫[‪ - ]113‬المادة ‪ 12‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫اإلجتماعات[‪. ]114‬‬
‫‪ -)1‬الضمانات المالية للمنتخب الجماعي‬
‫احتفاظ المنتخب الذي تمنح له رخص بالتغيب بكامل المرتب ‪ ،‬دون أن يدخل ذلك‬
‫في حساب الرخص االعتيادية و ذلك في حدود المدة الفعلية لدورات المجلس و‬
‫اللجان الدائمة الذين هم أعضاء فيها و الهيآت التي يمثلون الجماعة بها ‪ ،‬وكذا‬
‫دورات التكوين المستمر‪.‬‬
‫إال أنه نص بالنسبة للمنتخبين الذين يعملون بالقطاع الخاص إنهم ال يتقاضون نفس‬
‫[‪]115‬‬
‫و ذلك دعما الستقاللية المنتخب و‬ ‫األجر كما يمكنهم إستدراك الوقت الذي تغيبوا فيه‬
‫جعله متحررا من كافة اإلكراهات و الضغوطات المالية سواء من طرف الجهاز اإلداري‬
‫المسئول عنه أو من طرف المؤسسة الجماعية التي يساهم في تدبير شؤونها ‪ ،‬إذ أثبتت‬
‫التجارب الجماعية السابقة بأن العديد من الغيابات سواء المقصودة أو الناتجة عن اإلهمال‬
‫أو الالمباالة التي كانت تسجل أثناء سير أشغال هذه المجالس كانت يرجع إلى الضغوطات‬
‫و اإلكراهات المالية التي كان يعاني منها المستشارون ‪.‬‬
‫كما تم تمديد نظام التعويضات عن المهام و التمثيل و التنقل المقررة لفائدة‬
‫أعضاء المكتب لتشمل رؤساء اللجان و نوابهم و كاتب المجلس و نائبه‪.‬‬
‫و يتقاضى أعضاء المجالس الجماعية تعويضات عن التنقل عندما يقومون بمهام‬
‫لفائدة الجماعة داخل أو خارج المملكة طبقا للشروط و المقادير المطبقة على موظفي‬
‫الدرجة العليا إقرار مسؤولية الجماعة عن األضرار التي تلحق المنتخبين بمناسبة انعقاد‬
‫الدورات ‪ ،‬أو اجتماعات اللجان التي هم أعضاء فيها أو أثناء قيامهم بمهام لفائدة‬
‫الجماعة[‪.]116‬‬
‫و من أجل تحقيق استقاللية أكبر تم منع انتخاب المحاسبون المشرفون على أموال‬

‫[‪ - ]114‬المادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬


‫[‪ - ]115‬المادة ‪ 13‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫[‪ - ]116‬تنص المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪112411‬يتعلق بالجماعات على أنه‪ " :‬تكون الجماعة مسؤولة عن األضرار الناجمة عن الحوادث التي قد‬
‫يتعرض لها أعضاء المجلس بمناسبة انعقاد دورات المجلس أو اجتماع اللجان التي هم أعضاء فيها ‪ ،‬أو أثناء قيامهم بمهام لفائدة الجماعة ‪= ،‬‬
‫= أو أثناء انتدابهم لتمثيل المجلس ‪ ،‬أو خالل مشاركتهم في دورات التكوين المستمر المشار إليه في المادة ‪53‬أعاله ‪ .‬ولهذه الغاية ‪ ،‬يتعين على‬
‫الجماعة االنخراط في نظام للتأمين وفق القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.".‬‬

‫‪52‬‬
‫الجماعة و مستخدمو الجماعة و العاملين بها و الحاصلون على إمتياز مرفق جماعي و‬
‫مديرو و كذا نواب أراضي الجموع كأعضاء بالمجالس الترابية‪.‬‬
‫ومع ذلك تبقى هذه المقتضيات أساسية ‪ ،‬و ما تحتاجه هو تحمل المسؤولية كل من‬
‫موقعه ‪ ،‬فالقضاء يجب أن يحرص على احترام مبدأ سيادة القانون في حدوده القصوى‬
‫دون التأثر بالتداعيات السلبية للنسق السياسي‪ ،‬و األحزاب السياسية بعملها على تخليق‬
‫سلوك و ممارسات أعضائها المسؤولين على تسيير المجالس الجماعية ‪ ،‬و حرصها‬
‫الشديد على منح التزكيات لمرشحين تتوفر فيهم شروط الحرية و المسئولية ‪ ،‬و الدولة‬
‫بعملها االيجابي في تحقيق التناسق بين مختلف المؤسسات الدستورية و ذلك بما يضمن‬
‫تحقيق مرونة األهداف بين الخطط و البرامج المتخذة على الصعيد الوطني و المتخذة على‬
‫الصعيد المحلي‪.‬‬

‫ب‪-‬حصر وتقليص المراقبة اإلدارية في إطار مواكبة أجهزة الجماعة في أداء مهامها‬

‫من المستجدات التي جاء بها دستور ‪ 8111‬فيما يخص الجماعات الترابية ‪ ،‬التخفيف‬
‫من حدة الوصاية وتعويضها بمفهوم المراقبة اإلدارية ‪ ،‬كما تم تكريس مجموعة من‬
‫المبادئ نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تعويض مفهوم الوصاية بالمراقبة اإلدارية تماشيا مع مقتضيات الدستور؛‬


‫‪ -‬ربط المراقبة اإلدارية بالجوانب المتعلقة بمشروعية القرارات والمقررات ؛‬
‫[‪]117‬‬
‫؛‬ ‫‪ -‬اختصاص المحكمة اإلدارية في البت في النزاعات المتعلقة بالمراقبة اإلدارية‬
‫‪ -‬تبليغ القرارات الفردية المتعلقة بالتعمير إلى عامل العمالة أو اإلقليم داخل أجل ‪ 1‬أيام‬
‫بعد تسليمها إلى المعني بها ؛‬

‫‪ -‬تعرض العامل يلزم المجلس بإجراء دراسة جديدة للمقرر وفي حالة اإلبقاء عليه يحيل‬
‫العامل األمر إلى القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية عوض بت الوزير األول في‬
‫المسألة بمرسوم ؛‬

‫‪ -‬المادة ‪ 32‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬ ‫[‪]117‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬تحديد أجل ‪ 81‬يوما دون تمديد للتأشير عوض ‪ 91‬و‪ .1‬يوما قابلة للتمديد ؛‬
‫‪ -‬اعتماد قاعدة المراقبة البعدية باستثناء بعض المجاالت المحدودة ‪ ،‬خاصة في الميدان‬
‫المالي ‪ ،‬التي تخضع للتأشيرة القبلية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مقاربة القانون التنظيمي للعاملين القانوني و السياسي‬


‫من األمور األساسية التي أكد عليها القانون رقم ‪ 11..19‬الفصل بين المهام‬
‫التداولية و المهام التنفيذية ‪ ،‬و كذا توضيح االختصاصات بشكل يساعد على توضيح‬
‫المسؤوليات و تحديدها ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى توضيح القواعد المتعلقة بانتخاب مكاتب‬
‫المجالس الجماعية و ضمان استقرارها‪.‬‬
‫الضمانات الخاصة بتحسين التدبير الجماعي‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪ -)1‬الفصل بين المهام التداولية و التنفيذية‬
‫أثبتت الممارسة الخلط الذي كان يشوب سلوك أعضاء المجالس الجماعية أثناء‬
‫ممارستهم لمهام انتدابهم ‪ ،‬إذ كانوا ال يفصلون بين المهام التداولية و المهام التنفيذية التي‬
‫أقرها المشرع ‪ ،‬مما قاد إلى التضارب و خرق مبدأ الفصل بين السلطات و بالتالي قواعد‬
‫مبدأ االختصاص ‪ ،‬و إهدار المسؤولية ‪ ،‬و في هذا السياق نص القانون ‪ 11..19‬في مادته‬
‫‪ 22‬على أنه ؛ " يمنع منعا كليا على كل عضو من المجلس الجماعي باستثناء الرئيس و‬
‫النواب ‪ ،‬أ ن يزاول داخل دوره التداولي داخل المجلس أو اللجان التابعة له ‪ ،‬المهام‬
‫اإلدارية للجماعة أو أن يوقع على الوثائق اإلدارية ‪ ،‬أو يدير أو يتدخل في شؤون المصالح‬
‫الجماعية ‪ ،‬و ذلك تحت طائلة العزل الذي يتم اإلعالن عنه وفق الشكليات المنصوص‬
‫عليها بالمادة ‪ 29‬أعاله"‪.‬‬
‫‪ -)2‬تقنين و ضبط التفويض‬
‫نظرا لألسباب المذكورة أعاله و التي تشوب كذلك عملية التصرف في التفويض‬
‫كإجراء قانوني لنقل االختصاص من الجهات األصلية إلى الجهات المشتقة أو التابعة‪:‬‬
‫فقد تم حصر التفويض في المهام على مساعدي الرئيس دون باقي المستشارين مع‬
‫فتح إمكانية التفوي ض لمدير اإلدارة الجماعية و رؤساء األقسام في مجال اإلشهاد على‬

‫‪54‬‬
‫صحة اإلمضاء و مطابقة نسخ الوثائق ألصولها والمدير في مجال أعمال التدبير اإلداري‬
‫الداخلي[‪.]118‬‬
‫تحقيق استقرار المجالس الجماعية‬ ‫ب‪-‬‬
‫تعلقت هذه اإلجراءات القانونية على الخصوص بتوضيح القواعد المتعلقة بانتخاب‬
‫المكاتب ومدة االنتداب و ملء الشغور الحاصل به‪.‬‬
‫يبقى أهم مستجد يكمن في الرجوع إلى المقتضيات السابقة و التي كانت تخول لثلثي‬
‫األعضاء المزاولين مهامهم إمكانية سحب الثقة من الرئيس بعد مرور ثالثة سنوات على‬
‫انتخابه ‪ ،‬رغم أن الممارسة أثبتت سوء تطبيق هذه اآللية القانونية ‪ ،‬فقد كانت تمارس على‬
‫الرئاسة كوسيلة ضغط بهدف تحقيق المآرب الذاتية أو الشخصية لمجموعة من‬
‫المستشارين‪ ،‬و استثمارها بشكل بعيد كل البعد عن تحقيق أهداف المصلحة العامة‪.‬‬
‫[‪]119‬‬
‫‪ -)1‬التخفيف من الوصاية‬
‫يهدف التخفيف من الوصاية ( الرقابة اإلدارية حاليا) إلى دعم االستقالل المحلي‬
‫للمجالس الجماعية و رؤسائها و تمثل هذا التخفيف من خالل القانون رقم ‪ 11..19‬في‬
‫المحاور اآلتية‪:‬‬
‫إحالل الرقابة و المواكبة المقربة محل الوصاية المركزية من خالل تكريسها‬
‫بمقتضى مجموعة من التدابير أهمها‪:‬‬
‫إسناد سلطة التأشير على المقررات الصادرة عن الجماعات إلى الوالة و العمال ؛‬
‫باستثناء تلك المتعلقة بالتدبير المفوض ؛ و ذلك تكريسا و تفعيال لدستور ‪8111.‬‬
‫‪ -)2‬تخفيض آجال التأشير‬ ‫‪‬‬
‫فيما يتعلق بتخفيض آجال التأشير ‪ ،‬فقد تم تقليصه بالنسبة لمقررات مجالس‬

‫[‪ -]118‬نصت المادة ‪ 108‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112.11‬يتعلق بالجماعات على أنه‪ ":‬يعتبر رئيس مجلس الجماعة ضابطا للحالة المدنية‪.‬‬
‫ويمكنه تفويض هذه المهمة إلى النواب كما يمكنه تفويضها أيضا للموظفين الجماعي طبقا ألحكام القانون المتعلق بالحالة المدنية‪ .‬يقوم ‪ ،‬طبق‬
‫الشروط المنصوص عليها في القوانين واألنظمة الجاري بها العمل ‪ ،‬باإلشهاد على صحة اإلمضاء ومطابقة نسخ الوثائق ألصولها‪ .‬ويمكنه‬
‫تفويض هذه المهام إلى النواب وإلى المدير العام أو المدير ‪ ،‬حسب الحالة ‪ ،‬ورؤساء األقسام والمصالح بإدارة الجماعة ‪.".‬‬
‫*[‪ - ]119‬تجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن مصطلح "الوصاية" تم استبداله بمصطلح "المراقبة اإلدارية" وذلك وفقا للمقتضيات الجديدة التي‬
‫حملها دستور ‪ ،8011‬حيث نص في الفصل ‪ 111‬البند الثاني منه على أنه ''[‪ ]...‬يعمل الوالة والعمال ‪ ،‬باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون ‪،‬‬
‫وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومققرراتها ‪ ،‬كما يمارسون المراقبة اإلدارية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الجماعات و بالنسبة للقرارات التنظيمية التي يتخذها رؤساء المجالس من ‪ .1‬يوما‬
‫إلى ‪ 81‬يوما‪.‬‬
‫‪ -).‬تعميم قاعدة تعليل القرارات الرقابية‬ ‫‪‬‬
‫ألزم القانون ‪ 11..19‬السلطة اإلدارية بتعليل قراراتها المتعلقة برفض التأشيرة‬
‫المخولة إليها بمقتضى القانون حيث حدد آجال ثالثة(‪ ).‬أيام من أيام العمل ليبلغ التعرض‬
‫كإجراء أسا سي لعقلنة سلوك اإلدارة في إطار عالقتها بالمجالس الجماعية ‪ ،‬و بما يضمن‬
‫كذلك مسؤولية كل جهة متدخلة في مجال التنمية المحلية[‪.]120‬‬
‫يشار كذلك إلى نقطة مهمة تتعلق بإعداد جدول أعمال المجلس ‪ ،‬ففي حالة رفض‬
‫رئيس المجلس االستجابة ألي مقترح من األعضاء يرمي إلى إدراج مسألة بجدول‬
‫األعمال ‪ ،‬فان الرئيس يكون ملزما بتعليل رفضه و تبليغه إلى األطراف المعنية على أن‬
‫يحاط المجلس علما بذلك أثناء افتتاح الدورة ‪.‬‬
‫و لمعالجة مشكل حساب النصاب القانوني عند انسحاب األعضاء أثناء الجلسة ‪ ،‬فان‬
‫احتساب النصاب القانوني يتم عند بداية كل جلسة بحيث ال يكون النسحاب األعضاء بعد‬
‫توفر هذا النصاب أي تأثير على مشروعية المقررات المتخذة‪.‬‬
‫‪ -)1‬التصدي الستغالل النفوذ أثناء ممارسة المهام التداولية‬ ‫‪‬‬
‫حرص القانون المذكور على وضع آليات في مجال ضمان نزاهة و شفافية التدبير‬
‫المحلي حفاظا على الصالح العام ‪ ،‬حيث أقر‪:‬‬
‫منع المنتخب من ربط أية عالقة مصلحية بين شؤونه الخاصة و الشؤون ذات‬
‫الطبيعة العامة[‪. ]121‬‬
‫‪ -‬تمديد حاالت القابلية للبطالن بسبب مشاركة عضو جماعي في مداولة تهمه‬
‫بصفة شخصية أو بصفته نائبا عن غيره‪ ،‬لتشمل أيضا زوجه أو أصوله أو فروعه‬

‫[‪ - ]120‬نصت المادة ‪ 108‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬يتعلق بالجماعات على أنه" يجوز ألعضاء المجلس المزاولين مهامهم أن يقدموا‬
‫للرئيس ‪ ،‬بصفة فردية أو جماعية ‪ ،‬طلبا كتابيا قصد إدراج كل نقطة تدخل في صالحيات المجلس في جدول أعمال الدورات‪ .‬يتعين أن يكون‬
‫رفض إدراج كل نقطة مقترحة معلال وأن يبلغ إلى مقدم أو مقدمي الطلب‪ .‬يحاط المجلس علما ‪ ،‬دون مناقشة ‪ ،‬عند افتتاح الدورة بكل رفض‬
‫إلدراج نقطة أو نقاط اقترح إدراجها في جدول األعمال ‪ ،‬ويدون ذلك وجوبا بمحضر الجلسة"‪.‬‬
‫[‪ -]121‬المادة المادة ‪ 31‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫المباشرين ؛‬
‫‪ -‬اعتماد البرامج والمشاريع في تبويب الميزانية ‪ ،‬في انسجام مع مقتضيات القانون‬
‫التنظيمي للمالية؛‬
‫‪ -‬إخضاع سلطة الحلول لرقابة القضاء اإلداري وتخفيض آجال التأشير ؛‬
‫‪ -‬اإلحالة على النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية لتحديد شروط وطرق‬
‫إبرام صفقات الجماعات المحلية ومجموعاتها والقواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها ؛‬
‫‪ -‬خضوع مالية ومحاسبة الجماعة لتدقيق سنوي ينجز إما من طرف المفتشية العامة‬
‫للمالية أو المفتشية العامة لإلدارة الترابية أو بشكل مشترك بينهما أو من طرف هيئة‬
‫للتدقيق؛‬
‫‪ -‬تمكين المجلس من إحداث لجان للتقصي‪.‬‬

‫‪ -‬تمكين كاتب المجلس بالمقاطعات ونائبه ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم الذين ال‬
‫يتقاضون أي تعويض بمجلس الجماعة ‪ ،‬من االستفادة من تعويضات عن المهام والتمثيل‬
‫تحدد بمرسوم[‪ ]122‬؛‬
‫‪ -‬تحديد عدد اللجان الدائمة التي يؤلفها مجلس المقاطعة في ‪ .‬لجان على األكثر مع تكمين‬
‫المجلس من تكوين لجان مؤقتة[‪ ]123‬؛‬
‫‪ -‬تحديد بعض الصالحيات في مجال التدابير المتعلقة بالشرطة اإلدارية التي يمارس‬
‫رئيس مجلس المقاطعة داخل حدود المقاطعة كتلقي التصاريح المتعلقة بمزاولة األنشطة‬
‫التجارية والحرفية غير المنظمة ‪ ،‬وتلقي التصاريح المتعلقة بفتح المؤسسات المضرة أو‬
‫المزعجة أو الخطيرة المرتبة في الصنف الثالث[‪ ]124‬؛‬
‫‪ -‬فتح اإلمكانية لرئيس مجلس الجماعة أن يعين رؤساء مجالس المقاطعات آمرين‬
‫مساعدين بصرف نفقات التجهيز المتعلقة بمشاريع القرب ؛‬
‫‪ -‬التنصيص على أن ال يقل مجموع المخصصات اإلجمالية لفائدة مقاطعات الجماعة عن‬

‫[ ‪ -]122‬المادة ‪ 812‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬


‫[‪ - ]123‬المادة ‪ 881‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات ‪.‬‬
‫[‪ - ]124‬المادة ‪ 823‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ % 11‬من ميزانية الجماعة‪.‬‬

‫ولإلشارة فان مسعى تطوير اإلدارة الجماعية و ضرورة إحداث هياكل تنظيمية‬
‫لإلدارة الجماعية كان من بين التوصيات التي نادت بها المناظرات الوطنية للجماعات‬
‫المحلية سابقا‪ .‬وذلك بسن قانون خاص بالموظفين الجماعيين مثل باقي األنظمة األساسية‬
‫المعمول بها في إدارات الدولة‪.‬‬

‫وخالصة القول ؛ ان غياب النصوص الموازية لتفعيل نجاح المنشور الوزاري‬


‫المتعلق بوضع إطار إداري قانوني تنظيمي للجماعات يكرس نفس االتجاهات السابقة على‬
‫مستوى اإلصالح اإلداري للجماعات ‪ ،‬ذلك انه كان من األجدر على الجهة الوزارية‬
‫المعنية أن ال تعمل على إخراج المن شور إلى حيز الوجود إال بعد استصحابه بمجموعة من‬
‫النصوص التنظيمية و المراسيم المتعلقة بتدبير اإلدارة الجماعية ‪ ،‬سواء تعلق بمرسوم‬
‫صرف تعويضات رؤساء األقسام و المصالح للعاملين باإلدارة الجماعية أو حول كيفية‬
‫اقتراح وولوج المناصب العليا لإلدارة الجماعية ‪ ،‬بما في ذالك مناصب المسؤولية وطرق‬
‫تدبيرها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلدارة الجماعية‪ :‬اإلختالالت والمعيقات‬


‫تشكل اإلدارة الجماعية الوسيلة القانونية والدستورية التي تستخدمها الدولة لتنفيذ‬
‫سياساتها وبرامجها‪ ،‬وبهذا المعني فهي تكتسي أهمية كبرى ضمن إهتمامات الفاعلين‬
‫السياسيين ‪ ،‬وكذا مختلف مكونات المجتمع‪.‬‬
‫والحديث عن تحديث اإلدارة الجماعية يعني وجود تغييرات و إختالالت ‪ ،‬يستلزم‬
‫البحث عن مخرج لها ‪ ،‬من هنا فإن تناول إشكالية تحديث اإلدارة الجماعية بالمغرب ‪،‬‬
‫تتطلب أوالً إلقاء نظرة على جهاز اإلدارة الجماعية بالمغرب ‪ ،‬بحيث أتضح من خالل‬
‫[‪]125‬‬
‫العديد من الدراسات واألبحاث باإلضافة إلى التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية‬
‫‪ ،‬أهمية اإلختالالت التي تطال هذا الجهاز على مختلف األصعدة‪.‬‬
‫من هذا المنطلق بات من الضروري التوجه نحو سياسة إصالحية جذرية تروم‬

‫[‪ - ]125‬تقرير البنك الدولي لسنة ‪ 1221‬حول وضعية اإلدارة المغربية ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫تحديث اإلدارة الجماعية المغربية ‪ ،‬وجعلها تستجيب لمتطلبات التنمية الشاملة وللتغيرات‬
‫الدولية التي يعرفها العالم ‪ ،‬لهذا أتجه الخطاب السياسي الرسمي إلى اإلهتمام بسياسة‬
‫التحديث اإلداري ‪ ،‬تهم كل القطاعات[‪.]126‬‬
‫وإذا كانت اإلدارة الجماعية بالمغرب تجر ورائها رصيد تاريخي واجتماعي ‪ ،‬فإن‬
‫واقع حالها يعرف إكراهات تحول دون أداء مهامها بالشكل الجيد وتؤدي إلى إضطراب و‬
‫ضعف في مكوناتها وبالتالي إلى ارتباك يسجل على أكثر من مظهر( المطلب األول)‪ ،‬وإذا‬
‫كانت اإلختالالت الداخلية تؤثر بشكل سلبي على عمل اإلدارة ‪ ،‬فإن المتغيرات الخارجية‬
‫هي األخرى تؤثر في عمل اإلدارة وتدفعها إلى نهج سياسة إدارية حديثة تواكب التحوالت‬
‫التي يشهدها العالم (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلكراهات الداخلية التي تواجه اإلدارة الجماعية‬
‫عرفت اإلدارة الجماعية في السنوات األخيرة تطورا ملحوظا ‪ ،‬إثر توسع وتنوع‬
‫مجاالت عملها وتدخلها ‪ ،‬وقد رافق هذا التطور تزايد الهياكل اإلدارية ‪ ،‬وكذا تزايد أعداد‬
‫الموظفين باإلدارات العمومية والجماعات الترابية ‪ ،‬باإلضافة إلى تشعب التشريعات‬
‫والمساطر اإلدارية‪.‬‬
‫وبالرغم من الدور الحيوي الذي أضحت اإلدارة الجماعية تلعبه في مجال التنمية ‪،‬‬
‫وكذا التطورات والتغييرات التي همت بعض جوانب تنظيمها ‪ ،‬إال أن مجموعة من‬
‫الدراسات والبحوث اإلدارية أبانت عن عمق اإلختالالت والنقائص التي تطال الجهاز‬
‫اإلداري على مختلف المستويات‪.‬‬
‫وعموما يمكن مالمسة جوانب القصور في اإلدارة الجماعية المغربية من خالل‬
‫التطرق إلى طبيعة اإلختالالت التي تطال اإلدارة الجماعية ( الفقرة األولى)‪ ،‬وهو ما‬
‫يجرنا للحديث عن مظاهر قصور اإلدارة الجماعية (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬طبيعة اإلختالالت داخل اإلدارة الجماعية‬
‫على الرغم من الدور الفعال الذي تلعبه اإلدارة الجماعية في بناء هياكل الدولة‬

‫[‪ -]126‬محمد عبد اللطيف أكنوش‪ ،‬واقع المؤسسة الشرعية في النظام السياسي المغربي على مشارف القرن الواحد والعشري‪ ،‬مطبعة بروفانس‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1228 ،‬ص‪.31 :‬‬

‫‪59‬‬
‫الحديثة‪ ،‬وتفعيل النشاط اإلقتصادي واإلجتماعي ‪ ،‬إال أنها ال زالت تعاني من عدة‬
‫إكراهات ‪ ،‬منها ما هو مرتبط بالجانب البنيوي الذي يعزى باألساس إلى عدم انسجام‬
‫مقتضيات النظام األساسي للوظيفة العمومية مع التطورات التي عرفتها اإلدارة الجماعية‬
‫(أوال)‪ ،‬ومنها أيضا ما هو مرتبط بالجانب الوظيفي (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلختالالت البنيوية‬
‫ر غم كل المجهودات المبذولة بهدف تمكين بالدنا من إدارة حديثة ومواطنة ‪ ،‬إال أن هذه‬
‫األخيرة مازالت تعاني من مجموعة من اإلختالالت التي تحد من فعاليتها ومن فعالية‬
‫البرامج المسطرة ألجل تطويرها وعصرنتها[‪.]127‬‬
‫لقد عرفت اإلدارة العمومية منذ سنة ‪ 1412‬تاريخ إصدار النظام األساسي للوظيفة‬
‫العمومية ‪ ،‬جملة من التحوالت قصد تجاوز اإلختالالت البنيوية التي تطبع هياكل وسلوك‬
‫اإلدارة وتعرقل تطورها ‪ ،‬غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو‪:‬‬
‫ما هي طبيعة هذه اإلختالالت؟ وهل هي مرتبطة بغياب سياسة موحدة للتحديث‬
‫اإلداري؟ أم أنها مرتبطة باضطراب أداء النخب وغياب الرقابة وسياسة التحفيز الوظيفي؟‬
‫و بالتالي اإلختالل في العالقات اإلنسانية داخل الجهاز اإلداري‪.‬‬
‫لإلجابة على هذه األسئلة وغيرها سنعمل على تناولها على الشكل التالي‪:‬‬
‫غياب رؤية مشتركة لتحديث اإلدارة الجماعية واختالل العالقات اإلنسانية‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪ -)1‬غياب رؤية موحدة ومشتركة لتحديث اإلدارة الجماعية‬
‫إن أي سياسة عمومية تقوم بها الدولة في مجال تحديث اإلدارة العمومية ومنها‬
‫اإلدارة الجماعية ‪ ،‬ال تأخذ بعين اإلعتبار التحوالت التي يعرفها العالم على أصعدة مختلفة‬
‫‪ ،‬وال تشرك مختلف المكونات والحساسيات الوطنية منها والمحلية ‪ ،‬يكون مصيرها الفشل‬
‫‪ ،‬ألن التحديث اإلداري يقوم على مدى تأصيل منهج مؤسساتي لتحقيق غاياته ‪ ،‬فهو كما‬
‫يقول '' حسن أبشر الطيب'' "ليس باختيار نظري ‪ ،‬وإنما هو اختيار إرادي عملي واقعي ‪،‬‬

‫* [‪ - ]127‬لقد غلب على العمل اإلداري الفساد وتعاطي الرشوة بصورة كبيرة خاصة في نطاق تمرير الصفقات العمومية ‪ ،‬فمنذ سنة ‪ 1212‬التسق‬
‫الفساد بسياسة مغرب المقوالت ؛ وابتدا ًء من أواسط التسعينات ارتبط الفساد بسياسة خوصصة المقوالت العمومية ‪ ،‬وقد سادت أدبيات تصف‬
‫الحالة بظهور طبقة برجوازية بروقراطية وبأن الرشوة تجاوزت الظرفية لتصبح هيكلية وممأسسة‪ .‬للمزيد من التوسع راجع‪:‬‬
‫‪ -‬لحسن بوعدين " الحكامة ومتطلبات ترسيخ دولة القانون" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واالجتماعية‪ -‬طنجة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 8018-8011‬ص‪.182 :‬‬

‫‪60‬‬
‫موجه ‪ ،‬يضع إعتباراً كافيا ً للمتغيرات البيئية المتج ّددة ؛ ويهدف إلثراء القدرات‬
‫واإلمكانات‪.]128["...‬‬
‫وفي هذا الصدد فقد أظهرت التجارب ‪ ،‬أن الحلول اإلنفرادية المعتمدة من طرف‬
‫اإلدارة ‪ ،‬ال يمكن أن تكون ناجعة إال إذا كانت جذرية وشمولية ‪ ،‬وهذا المعطى رغم ما‬
‫يتمتع به من وضوح وإجماع في الرأي ‪ ،‬إال أنه يجد عدة صعوبات على مستوى التطبيق‬
‫‪ ،‬وهذا راجع لعدة إعتبارات قانونية وإدارية منها وسياسية ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى كون‬
‫اإلدارة المغربية تتميز بحس حمائي ‪ ،‬للنظام اإلداري ولإليديولوجية السائدة ‪ ،‬ضد كل‬
‫مس خارجي ‪ ،‬وهو ما يجعل من الصعب التواصل مع المحيط ‪ ،‬ويعرقل إلى حد ما‬
‫مسلسل التغيير[‪.]129‬‬
‫إن عصرنة وتحديث اإلدارة يرتبط بالقيم الفلسفية التي تجمع األفراد في منظومة‬
‫منسجمة ‪ ،‬وتبقى اإلدارة تابعة لهذه القيم ‪ ،‬مما يجعل اإلدارة أول مقاوم للتغيير الجذري ‪،‬‬
‫وأول منظر ومنفذ للحلول الجزئية للتحديث[‪ .]130‬غير أن الصراع البيروقراطي ‪ ،‬البين‬
‫أحيانا ً والمستتر أحيانا ً أخرى ‪ ،‬بين متخذي القرار داخل الدوائر العليا لإلدارة ‪ ،‬حيث أن‬
‫كال يجادل بلوائحه واضعا ً كيانه في موضع التميز غير قابل للنقد من طرف أي جهة ‪،‬‬
‫وكذا عدم إش راك الفعاليات اإلجتماعية والسياسية والمهنية في مجهودات التغيير‪ ،‬لن‬
‫يضفي على التغييرات اإلدارية إال طابعا فوقيا بيروقراطيا ال يستجيب للحاجيات اآلنية‬
‫والمستقبلية للجمهور المتعامل مع اإلدارة‪ .‬غير أن المشكل ال يقف عند حد غياب رؤية‬
‫مشتركة للتحديث اإلداري ‪ ،‬بل يمتد أيضا ليشمل إختالل العالقة اإلنسانية داخل اإلدارة‬
‫الجماعية ‪ ،‬وهذا ما يجرنا للتساؤل حول طبيعة اإلختالالت المرتبطة بالعالقة اإلنسانية‬
‫داخل اإلدارة الجماعية؟ ومدى تأثيرها على مستقبل اإلدارة؟‬
‫‪ -)8‬اإلختالل في العالقة االنسانية داخل الجهاز اإلداري‬
‫تعتبر إشكالية العالقات داخل المحيط اإلداري من أهم اإلنشغاالت الراهنة ‪ ،‬إن على‬
‫المستوى الحكومي أو المجتمعي ‪ ،‬وذلك بالنظر لتحديات المرحلة الراهنة التي تعرف‬

‫[‪ - ]128‬حسن أبشر الطيب ‪ " ،‬اإلصالح اإلداري بالوطن العربي بين األصالة والمعاصرة" في كتاب اإلدارة العامة واإلصالح اإلداري بالوطن‬
‫العربي ‪ ،‬تحرير الدكتور ناصر الصائغ ‪ ،‬المنظمة العربية للعلوم اإلدارية‪ ،1222 ،‬ص‪.212 :‬‬
‫‪]129[ - Hammouda El Caid : « l’administration et le problème de l’emploi au Maroc », 1981, p : 178‬‬
‫‪]130[ - Charles Debbach : « science administratif », Dalloz 4émé édition 1980, p : 73.‬‬

‫‪61‬‬
‫استكمال بناء دولة الحق والقانون‪ .‬كما أن المفهوم الجديد للمنظمة ‪ ،‬ومفهوم العمل‬
‫الجماعي (عمل الفريق)‪ ،‬والتضامن ‪ ،‬كلها عوامل تلعب دورا أساسيا في تحقيق األهداف‬
‫‪ ،‬فاإلدارة تسعى لتحقيق غايتين‪ :‬إقتصادية وبشرية ؛ وعليها أن تحقق التوافق الالزم بين‬
‫هذه األهداف اإلقتصادية والمرامي البشرية ‪ ،‬منة خالل مستوى العالقات السائدة داخل‬
‫المنظمة إما بالرضا أو التذمر[‪.]131‬‬
‫فاإلهتمام بالعنصر البشري خاصة في الدول المتقدمة ‪ ،‬أضحى القلب النابض‬
‫لكلقيادة إدارية رشيدة ‪ ،‬حيث تعمل اإلدارات المكلفة بتدبير وتسيير الموارد البشرية على‬
‫إحترام العامل أو الموظف ومنحه جميع حقوقه اإلنسانية‪ .‬وفي هذا الصدد أسفرت‬
‫مجموعة من الدراسات الحديثة ‪ ،‬ونذكر منها بالخصوص الدراسة التي قامت بها جامعة‬
‫منشغان )‪ (Michiggan‬بالواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬بأن هناك نسبة عالية من العمال‬
‫ذوي اإلنتاج المرتفع ‪ ،‬يمتلكون شعورا قويا بالفخر واإلعتزاز بفريقهم ‪ ،‬بالمقارنة مع‬
‫العمال قليلي اإلنتاج ‪ ،‬كما أوضحت هذه الدراسة أن تطور العالقات اإلنسانية داخل‬
‫المنظمات ‪ ،‬بإتباع منهج القيادة الجماعية ‪ ،‬يساعد على تنمية روح العمل الجماعي ‪ ،‬األمر‬
‫الذي يخلق لدى المنظمات الرائدة القناعة بالدور الذي يمكن أن تلعبه العالقات اإلنسانية‬
‫في الرفع من الكفاءة اإلنتاجية[‪.]132‬‬
‫وعلى أساس ما تقدم فإن معالجة إشكالية إختالل العالقة اإلنسانية داخل الجهاز‬
‫اإلداري ‪ ،‬يجب أن تكون في إطار نظرة شمولية إلدارة الموارد البشرية الحديثة ‪ ،‬تأخذ‬
‫بعين اإلعتبار فلسفة المنهج المتكامل ‪ ،‬الذي يعتمد وجود رابطة وطيدة وفعالة بين‬
‫الجوانب اإلدارية والسلوكية والفنية ‪ ،‬وذلك إنطالقا من حتمية إرتباط أداء أي عمل أو‬
‫وظيفة بهذه الجوانب الثالثة[‪ ، ]133‬واألكيد أن مسألة استثمار الكفاءات الوطنية مرده‬
‫باألساس إلى تقارب مرجعيات التكوين وصراع العقليات‪.‬‬
‫كما أن عدم الترابط بين التعليم ومتطلبات الوظيفة ‪ ،‬قد قلص من فرص استخدام‬

‫[‪ - ]131‬طه أنماس ‪"،‬دور النظام التواصلي في تحقيق إدارة فعالة ومنتجة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬أكدال‪ -‬الرباط السنة الجامعية ‪ ، 1444-1442 ،‬ص‪.11. :‬‬
‫[‪ - ]132‬تور الدين بوعجيلة ‪ " ،‬تنمية الموارد البشرية في الوط ن العربي واقع وآفاق"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية إلدارة ‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 22‬السنة الجامعية ‪ ، 1221-1222 ،‬ص‪.81 :‬‬
‫[‪ - ]133‬نور الدين بوعجيلة ‪ " ،‬تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي واقع وآفاق"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية إلدارة ‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 22‬السنة الجامعية ‪ ،1221-1222 ،‬ص‪.20-82 :‬‬

‫‪62‬‬
‫هذه الطاقات ‪ ،‬خاصة تلك التي ال تتوفر على انتماء عائلي متميز‪ ،‬يفتح أمامه الطريق نحو‬
‫أفضل المراتب‪ .‬ونتيجة لهذا الوضع برزت ظاهرة اإلنطواء على النفس لدى العديد من‬
‫األطراف األمر الذي أنعكس سلبا على أداء مهامهم‪.‬‬
‫تلك ؛ كانت أهم العوامل وراء عدم وجود اإلنسان المناسب ‪ ،‬في المكان المناسب ‪،‬‬
‫وفي انتشار الفوضى والتسيب في العديد من المصالح العمومية[‪.]134‬‬
‫وعليه ؛ فإن طبيعة تحديد المناصب ‪ ،‬يجب أن يتم في استقالل تام عن شاغله ‪،‬‬
‫وبالطريقة المحددة قانونا ‪ ،‬وهذا التحديد قد يؤدي إلى ترتيب المناصب موضوعيا ‪ ،‬مما‬
‫يشكل قاعدة يمكن استغاللها في تدبير الموظفين ‪ ،‬وفق سياسة تستند إلى مستوى وقيمة‬
‫المنصب[‪ ، ]135‬غير أن تحقيق ذلك يبقي رهين بوجود سياسة ناجعة للتحفيز ‪ ،‬والتي من‬
‫شأنها خلق الرضا الوظيفي للعاملين ‪ ،‬حتى يقومون بواجبهم على أكمل وجه‬
‫وبإخالص[‪.]136‬‬
‫غياب سياسة ناجعة للتحفيز الوظيفي وضعف مستويات الرقابة اإلدارية‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪ -)1‬غياب سياسة ناجعة للتحفيز الوظيفي‬
‫تعد معضلة غياب التحفيز من أهم تجليات اإلختالالت باإلدارة الجماعية ‪ ،‬وبالتالي‬
‫تنعكس سلبا على مسلسل التنمية ‪ ،‬فتشجيع الفرد وتحفيزه على العطاء واإلنتاج ‪ ،‬يجب أن‬
‫يحظى باألولوية ‪ ،‬وذلك بإعطاء السلوك اإلنساني اإلهتمام الكامل ‪ ،‬مع إخضاعه للدراسة‬
‫وفق أسلوب علمي دقيق ‪ ،‬يهدف إلى التنبؤ بإفرازاته وردود فعله ‪ ،‬وإلى جانب ذلك يجب‬
‫توفير كل الشروط التي تمنح الموظف اإلستقرار الوظيفي لإلطمئنان على مستقبله المهني‪،‬‬
‫وخلق لديه اإلرتياح والرضا والرغبة في العمل أكثر[‪.]137‬‬
‫غير أن المتمعن في واقع إدارتنا ‪ ،‬يالحظ أنها تتسم بالعالقات المتحجرة التي يشوبها‬
‫التحكم وإعطاء األوهام ‪ ،‬وعدم إثارة دوافع األفراد اتجاه التعاون الواجب أن يسود‬
‫المنظمة ‪ ،‬وكذا عدم تحرر الموظف والعامل من القلق النفسي بسبب حاضره ومستقبله‬

‫[‪ - ]134‬محمد لحموشي ‪ " ،‬المفهوم الجديد للسلطة بالمغرب"‪ ،‬مطبعة إقرأ ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 8002‬ص‪.32 :‬‬
‫[‪ - ]135‬عبد الحق عقلة ‪" ،‬مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة "‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬دار القلم ‪ ،1222 ،‬ص‪.22 :‬‬
‫[‪ - ]136‬خالد الغاري ‪ " ،‬الفكر اإلداري الحسني" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬الرباط ‪ -‬أكدال ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1222-1222 ،‬ص‪.18 :‬‬
‫[‪ - ]137‬عيد الحق عقلة‪ " ،‬القانون اإلداري " الجزء الثاني ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬طبعة ‪ ، 8008‬ص‪.21 :‬‬

‫‪63‬‬
‫هو وأفراد أسرته ‪ ،‬فاألجر رغم اعتباره أحد الحوافز المادية الهامة [‪ ،]138‬إالّ أنه في كثير‬
‫من األحيان يبتعد عن مضمونه وطبيعته التحفيزية ‪ ،‬وأصبح يثير مشاكل ‪ ،‬تنعكس سلبا‬
‫على سير الوظائف‪.‬‬
‫وإذا أخذنا على سبيل المثال ال الحصر ‪ ،‬الفوارق بين الرواتب الممنوحة لوظائف‬
‫المسؤولية ‪ ،‬نجدها تثير عدة مشاكل حول المفهوم الحقيقي لمبدأ التسلسل داخل اإلدارة ‪،‬‬
‫وهذا راجع في [إعتقادنا] إلى عدم مراجعة وتقييم بعض مناصب المسؤولية ‪ ،‬وهو ما‬
‫يدفعنا للتساؤل حول مدى مساهمة الرواتب في عقلنة العمل اإلداري؟ وهل تشكل هذه‬
‫الرواتب حافزا بالنسبة للعامل داخل اإلدارة؟ أم أنها مجرد راتب شهري يؤدى مقابل‬
‫العمل؟‬
‫إن الراتب العادل ؛ المكيف ؛ المبني على تقييم حقيقي لقيمة النشاط ‪ ،‬يعتبر حافزا‬
‫على العمل ‪ ،‬ولكن تقييم هذا العمل ليس باألمر الهين[‪ ،]139‬وعليه فإن التغيير اإلداري‬
‫اإليجابي ال يمكن تصوره دون إدخال عنصر التحفيز كمحرك أساسي للقوى العاملة داخل‬
‫الوحدات اإلدارية ‪ ،‬ال سيما الجماعية منها ‪ ،‬ولن يكون هذا التحفيز فعليا دون وضعه في‬
‫نسق محكم ‪ ،‬يضمن مبدأ اإلستحقاق واإلنصاف ‪ ،‬وتكافؤ الفرص في الولوج لإلدارة ‪،‬‬
‫وفي عملية تقويم عناصر التحفيز[‪.]140‬‬
‫وإضافة إلى مشكل غياب الحوافز‪ ،‬فإن اإلدارة الجماعية المغربية تعاني من مشكل‬
‫المحسوبية والزبونية ‪ ،‬بحيث يعد المجال اإلداري ‪ ،‬مكان تتقاطع فيه عدة توجهات وأفكار‬
‫وسلوكات وبحكم الطابع اإلنساني الذي يتميز به هذا المجال ‪ ،‬وبحكم األطراف الفاعلة‬
‫فيه ‪ ،‬تتولد تارة عالقات قانونية محددة ‪ ،‬وتارة أخرى عالقات صراع ومصالح ‪ ،‬وإذا كان‬
‫هذا هو واقع التحفيز الوظيفي داخل اإلدارة الجماعية ‪ ،‬فماذا عن مستويات الرقابة؟‬
‫‪ -)8‬ضعف مستويات الرقابة داخل اإلدارة الجماعية‬
‫لقد تولد عن غياب العدالة اإلجتماعية ‪ ،‬داخل الوسط اإلداري ‪ ،‬تدمر مختلف‬
‫العاملين باإلدارة ‪ ،‬مما جعل معظمهم يفقد حب العمل ‪ ،‬وأصبحت السلوكيات المشينة‬

‫[‪ - ]138‬نور الدين بوعجيلة ‪ " ،‬تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي واقع وآفاق"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية إلدارة ‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 22‬السنة الجامعية ‪ ، 1221-1222 ،‬ص‪.102 :‬‬
‫‪]139[ - Mathis : « gestion prévisionnelle et valorisation des ressources humaines », 1984, p :103.‬‬

‫[‪ - ]140‬عبد الحق عقلة‪" ،‬مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة "‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1222‬ص‪.13:‬‬

‫‪64‬‬
‫تنتشر من قبيل الالمباالة والفوضى وكثرة الغياب ‪ ،‬وهذه الحاالت ال يمكن أن تزول إال‬
‫بزوال األسباب الكامنة وراءها‪ .‬هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن من بين األسباب‬
‫الجوهرية ألزمة الجهاز اإلداري ‪ ،‬ضعف الرقابة الذاتية على أعمال اإلدارة ‪ ،‬فالروتين‬
‫والتعقيد والوساطة والمحسوبية واستغالل النفوذ اإلداري واإلجراءات الغمضة ‪ ،‬ونظام‬
‫اإلتصاالت والموظف غير المناسب في المكان غير المناسب ‪ ،‬وتداخل اإلختصاصات ‪،‬‬
‫واإلزدواجية ‪ ،‬ومستوى أسلوب القرابة واإلشراف ‪ ،‬واختالل التوازن بين القدرات‬
‫اإلدارية ‪ ،‬وحجم وطبيعة المسؤوليات[‪ ،]141‬هذه األخيرة كلها أدوات ظاهرة األعراض ‪،‬‬
‫تنتظر أن ينبذها الجسم العليل ويراقب تطورها ‪ ،‬إلجتثاثها الواحدة تلوى األخرى ‪ ،‬ضمن‬
‫إطار معقلن وشفاف ؛ وهذا لن يتأتى إال باعتماد أسلوب الرقابة والتدقيق على أعمال‬
‫اإلدارة‪.‬‬
‫وتأخذ الرقابة على أعمال اإلدارة عدة أشكال تختلف بإختالف الغاية من ورائها ‪،‬‬
‫ومن حيث طبيعتها ‪ ،‬ومن بين هذه األشكال نجد‪ :‬التواصل والتنسيق وتخليق اإلدارة‬
‫واحترام المشروعية والتدقيق الداخلي‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يعد التدقيق الداخلي إحدى التقنيات الحديثة في مجال رقابة أعمال‬
‫اإلدارة ‪ ،‬بحيث يعنى بجانب الفعالية ‪ ،‬والترشيد في استعمال الموارد وحسن تدبيرها ‪،‬‬
‫وهو يشكل في جوهره آلية داخلية لمراقبة الشرعية واإللتزام باإلجراءات المسطرية‬
‫والتوجيهات ‪ ،‬باإلضافة إلى تتبع مختلف المراحل والعمليات المباشرة من طرف‬
‫اإلدارة[‪ ،]142‬وتماشيا مع هذا التوجه نصت المادة ‪ 818‬من القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات على أنه" يجب على الجماعة ‪ ،‬تحت إشراف رئيس مجلسها ‪،‬‬
‫اعتماد التقييم ألدائها والمراقبة الداخلية واالفتحاص وتقديم حصيلة تدبيرها‪.‬‬
‫تقوم الجماعة ببرمجة دراسة تقارير التقييم واالفتحاص والمراقبة وتقديم الحصيلة‬
‫في جدول أعمال مجلسها ‪ ،‬وتنشر هذه التقارير بجميع الوسائل المالئمة ليطلع عليها‬
‫العموم"‪ .‬هذا ويقوم رئيس المجلس الجماع ‪ ،‬في إطار قواعد الحكامة بـــما يلي‪:‬‬

‫[‪ - ]141‬إبراهيم محمد العواجي ‪ "،‬العوامل المعيقة لفعالية األجهزة الحكومية الموجهة للجمهور"‪ ،‬ندوة األجهزة العامة ذات العالقة المباشرة‬
‫بالجمهور ‪ ،‬وارد في كتاب اإلدارة العامة واإلصالح اإلداري في الوطن العربي ‪ ،‬المنظمة العربية للعلوم اإلدارية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 1223 ،‬‬
‫ص‪.82 :‬‬
‫[‪ - ]142‬محمد حركات ‪ " ،‬التدبير اإلستراتيجي والمنافسة "‪ ،‬مطبعة فضالة المحمدية ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1222‬ص‪.121 :‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -‬تسليم نسخة من محاضر الجلسات لكل عضو من أعضاء المجلس داخل أجل الخمسة‬
‫عشر (‪ ) 11‬يوما الموالية الختتام الدورة على أبعد تقدير‪ ،‬وفق مسطرة يحددها النظام‬
‫الداخلي للمجلس؛‬
‫‪ -‬تعليق ملخص المقررات في ظرف ثمانية (‪ ) 2‬أيام بمقر الجماعة‪ .‬ويحق لكل‬
‫المواطنات والمواطنين والجمعيات ومختلف الفاعلين أن يطلبوا االطالع على المقررات ‪،‬‬
‫طبقا للتشريع الجاري به العمل[‪.]143‬‬
‫وعموما يمكن القول أن الجهود اإلصالحية التي أقدمت عليها السلطات العمومية‪،‬‬
‫بهدف تطوير وتحديث اإلدارة الجماعية ‪ ،‬لم تصل إلى الحد المطلوب على إعتبار اإلدارة‬
‫ال زالت تعاني من عجز بنيوي أثر بشكل كبير على فعالية أدائها ‪ ،‬على أن مشكلة اإلدارة‬
‫الجماعية ال تقتصر فقط على المشاكل البنيوية ‪ ،‬بل تتعداها إلى إختالالت وظيفية جعلت‬
‫منها إدارة بيروقراطية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلختالالت الوظيفية‬
‫إن تعريض وظائف اإلدارة لإلختالالت ‪ ،‬يجعلها تحيد عن الغاية التي أحدثت من‬
‫أجلها‪ ،‬حيث باتت مجموعة من الظواهر تفرغ العمل اإلداري من الموضوعية والتدبير‬
‫السليم‪ ،‬وهذا ما يظهر من خالل هيمنة أشكال البيروقراطية (أ) ‪ ،‬إلى جانب تعقد المساطر‬
‫اإلدارية وسوء إدارة الموارد البشرية (ب) ‪ ،‬وظواهر أخرى ال تقل أهمية عن سابقتها‬
‫وتشكل عائقا أمام التنمية والسير العادي للنشاط اإلداري‪.‬‬
‫هيمنة أشكال البيروقراطية في تسيير اإلدارة‬ ‫أ‪-‬‬
‫لقد أعطيت للبيروقراطية عدة تعاريف تختلف باختالف الزوايا المعتمد عليها ؛‬
‫فهناك من ينظر إليها على أساس أنها خاصية من خاصيات اإلدارة المثالية ‪ ،‬وهناك من‬
‫يربطها بمفهوم البطء وتعدد وتعقد المساطر واإلجراءات اإلدارية ‪ ،‬وهذا هو التعريف‬
‫الذي يقابل البيروقراطية بمفهومها السلبي والقدحي‪.‬‬
‫[‪]144‬‬
‫‪ ،‬أول من‬ ‫ويعد عالم السياسة األلماني ماكس فيبر ‪MAX WEBER‬‬
‫وضع نظرية حول البيروقراطية ‪ ،‬حيث عرفها على أنها " ذلك التنظيم الضخم المتواجد‬

‫[‪ - ]143‬المادة ‪ 822‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 111412‬يتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫في المجتمع المعقد والمتحضر لتحقيق األهداف القومية ‪ ،‬وإلخراج السياسة العامة إلى‬
‫حيز الواقع ووضعها موضع تنفيذ"‪.‬‬
‫إن التنظيم البيروقراطي [‪]145‬هو عبارة عن مجموعة من األساليب المسخرة‬

‫لتحقيق الغايات اإلدارية[‪ ]146‬وهذا يعني أن هذا التنظيم ليس قاراً بل قابل للتغيير حسب‬
‫الزمان والمكان وحسب الغاية ‪ ،‬مما جعله معرضا للعديد من اإلنتقادات ‪ ،‬ليس بوصفه‬
‫كمفهوم وإنما نظراً لطبيعة بعض األساليب التي ينهجها‪.‬‬
‫فالتنظيم البيروقراطي ببالدنا قد جاء نتاجا لبنيات قانونية وبشرية‪:‬‬
‫‪ -)1‬من حيث البنية القانونية‪ :‬تمثل في كون المغرب ورث غداة اإلستقالل جهازاً‬
‫إداريا مثقال بالمواد المقننة والمنمطة بالتنظيمات الهيكلية المندرجة ‪ ،‬وبالمركزية الوظيفية‬
‫المفرطة ‪ ،‬وباللوائح واإلجراءات اإلدارية المعقدة‪ .‬هذه كلها عوامل تحد من حرية المبادرة‬
‫واإلبداع والتصدي للظروف الطارئة والسرعة في التنفيذ[‪.]147‬‬
‫إن الخلل البيروقراطي يبدأ من اللحظة التي يستطيع فيها الجهاز اإلداري مع‬
‫المعطيات والتأثيرات الخارجية ‪ ،‬بسبب استعمال آليات قانونية عميقة تكرس استمرارية‬
‫القطيعة بين الجهاز اإلداري والجمهور[‪.]148‬‬
‫‪ -)8‬من حيث البنية البشرية‪ :‬فالمجتمع اإلداري ليس إال مجموعة من األشخاص‬
‫والبنيات البشرية التي أسندت إليها مجموعة من األدوار والوظائف ‪ ،‬غير أن أداء هذه‬
‫المهام على أحسن وجه يبقى رهين بمدى كفاءة وفعالية العنصر البشري ‪ ،‬وخصوصا‬

‫* [‪ - ]144‬لقد ا ستعمل ماكس فيبر بشكل واسع مفهوم البيروقراطية بعد الثورة الصناعية وفق ما اسماه بالنموذج المثالي ‪ ،‬وعرف البيروقراطية كنوع‬
‫من التنظيم اإلجتماعي واإلداري يتطور إذا كانت أسس السلطة هي العقالنية واحترام السلطة‪ .‬للتوسع أكثر أنظر‪:‬‬
‫‪- WEBER max , « le savant et l politique cité par jean luis (quermonne) », l’appareil administratif de l’Etat4‬‬
‫‪Edition du seuil , p :16.‬‬
‫* [‪ - ]145‬إن كلمة بيروقراطية مكونة من كلمتين‪ Bureau :‬والتي تعني مكتب و ‪ Cratie‬وتعني السلطة أو القوة ‪ ،‬وعليه فكلمة ‪bureaucratie‬‬
‫عبارة عن مصطلح يعني السلطة المكتب ‪ ،‬أما ‪ Bureaucrates‬؛ فهي تعني ذلك الجهاز من الموظفين الذين يتولون الوظائف التنفيذية‬
‫واالستشارية في األجهزة الحكومية‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪-Aldred Saury , « Buraex et bureaucratie, passe universitaire de France –que sai-je paris ,1967 , p :5.‬‬
‫* [‪ - ]146‬اعتبر األلماني ماكس فيبر ‪ ،‬أن البيروقراطية نظام معقلن أساسه السلطة المنظمة‪ ،‬حياد القوانين واختصار األدوار ‪ ،‬وهذه هي‬
‫البيروقراطية بمفهومها العلمي ‪ .‬أنظر‪ :‬عبد الحق عقلة‪ " ،‬القانون اإلداري" الجزء الثاني مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 31 :‬‬
‫‪]147[- Mohammed El Yaagoubi : « Les grandes contradiction de la reformes administratif au Maroc » REMALD,‬‬

‫‪n° 28 , thème actuels 2001 , p :145.‬‬


‫[‪ -]148‬خالد الغاري‪ " ،‬الفكر اإلداري الحسني" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬كلية العلوم القانونية واالقصادية‬
‫واالجتماعية الرباط‪ -‬أكدال ‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،1222-1222 ،‬ص‪.82:‬‬

‫‪67‬‬
‫ضميره المهني والوازع الخلقي لديه[‪. ]149‬‬
‫لقد نعت تقرير البنك الدولي اإلدارة المغربية بأنها تجاوزها الزمن ‪ ،‬من حيث طرق‬
‫التسيير المتقدمة ‪ ،‬ومن حيث عالقة اإلدارة مع المواطنين والقطاع الخاص ‪ ،‬فالوظيفة‬
‫الداخلية لإلدارة يعوقها التسيير الروتيني ‪ ،‬وغياب الشفافية وتعقد اإلجراءات والمساطر‬
‫اإلدارية[‪.]150‬‬
‫ولذا ؛ فإن الحل يكمن في استعمال األساليب الحديثة في التدبير‪ ،‬واللجوء آلليات‬
‫العلوم اإلدارية ‪ ،‬يعتبر ثورة على المناهج البيروقراطية المتقادمة ‪ ،‬فعبر تطبيقات أدوات‬
‫العلوم اإلدارية وموضوعاتها العلمية ‪ ،‬يمكن ضمان التحديث المستمر للتسيير اإلداري ‪،‬‬
‫حتى يتمكن هذا األخير من مسايرة التطور الذي يعرفه المجتمع[‪.]151‬‬
‫غير أن الواقع يقول عكس ذلك ‪ ،‬فإدارتنا ال زالت بعيدة عن هذه الغاية ‪ ،‬و‬
‫البيروقراطية العقيمة بكل مظاهرها ال زالت متجدرة [‪ ،]152‬وتحول دون أي تحول‬
‫جذري‪ ،‬من شأنه أن يرفع من مستوى الممارسة ‪ ،‬حتى تصبح قادرة على التطور‪ ،‬وعلى‬
‫اإلستجابة لرغبات ومتطلبات المواطنين‪.‬‬
‫تعقد المساطر اإلدارية و سوء إدارة الموارد البشرية‬ ‫ب‪-‬‬
‫إلى جانب مظاهر البيروقراطية المتفشية داخل اإلدارة ‪ ،‬ساهمت األساليب‬
‫المسطرية الجامدة ‪ ،‬وسوء تدبير الموارد البشرية ‪ ،‬في إختالالت وظيفية أثرت بشكل‬
‫سلبي على النسق اإلقتصادي للبالد‪.‬‬
‫‪ -)1‬تعقد المساطر واإلجراءات اإلدارية كعائق أمام التحديث‬
‫ان اعتماد المقترب القانوني في اإلدارة الجماعية جعلها تبقى رهينة التنميط ‪ ،‬الشيء‬
‫الذي دفع بها إلى نوع من الرتابة والتصلب اإلداري ‪ ،‬مما يشكل حاجزا أمام التنمية التي‬
‫تتطلب تجنيد كل الوسائل بهدف تحقيقها ‪ ،‬بالسرعة والكفاءة المطلوبتين‪ .‬فبطء المساطر‬
‫والشكليات المفرطة تعتبر عوامل تؤثر على فعالية ومردودية الجهاز اإلداري ‪ ،‬ذلك أن‬
‫المساطر اإلدارية إما تشكل وسيلة لتحسين العالقات بين المصالح العمومية وبين‬

‫[‪ - ]149‬محمد العربي الخطابي ‪ " ،‬الوازع الخلقي في الوظيفة العمومية "‪ ،‬مجلة الشؤون اإلدارية‪ ،‬العدد الثاني ‪ ،‬سنة ‪ ، 8008‬ص‪.2 :‬‬
‫[‪ - ]150‬جريدة العلم عدد ‪ ، 13311‬صادرة بتاريخ ‪ 80 ،‬أكتوبر ‪.1221‬‬
‫‪ -151‬مصطفى الكثيري ‪ ،‬تأمالت في التغيير واإلصالح والصالح بالمغرب" دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ، 8008‬ص‪.121 :‬‬
‫[‪ - ]152‬علي سدجاري ‪ " ،‬اإلدارة بين التقليد والتحديث"‪ ،‬دار المناهل للطباعة والنشر ‪ ،‬يوليوز ‪ ، 1221‬ص‪.88 :‬‬

‫‪68‬‬
‫المتعاملين معها أو مصدر للتقهقر[‪.]153‬‬
‫ومن بين أسباب تعقيد المساطر اإلدارية نجد غياب التفويض وذلك لعدم ثقة‬
‫المسؤول في المرؤوسين ‪ ،‬والتخوف من إضعاف مركزه ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى غياب مبدأ‬
‫تعليل القرارات اإلدارية ‪ ،‬ذلك أن الموظف أو المنتخب الجماعي ال يكلف نفسه عناء‬
‫تعليل رفض تقديم خدمة إدارية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد أكد جاللة الملك محمد السادس في الرسالة الملكية الموجهة إلى‬
‫أشغال الندوة الوطنية لتخليق المرفق العام ‪ ،‬والمنظمة تحت رعايته ‪ ،‬بتاريخ ‪.1-84‬‬
‫أكتوبر ‪ ، 1444‬على أهمية تبسيط المساطر اإلدارية‪ ]...[" :‬إن هدف اإلجراءات‬
‫العمومية التسهيل والتيسير وليس التعقيد والتعسير وهو منهاج لترسيخ روح اإلستقامة‬
‫والوضوح والشفافية والتعجيل في إيصال النفع للناس‪ ...‬لذلك آمرنا بتبسيط اإلجراءات‬
‫وتحيين النصوص اإلدارية وتحديث وسائل التدبير والعمل على التوفيق المستمر بين‬
‫المقتضيات اإلدارية وروح العصر التي طبعت اليوم كل العالقات البشرية‪" ...‬‬
‫إنها دعوة إلى ضرورة مراجعة النمط البيروقراطي التقليدي وتكييفه مع الحقائق‬
‫اإلقتصادية الحديثة‪ ،‬ومتطلبات التغيير‪ ،‬بالتخفيف من اإلجراءات اإلدارية التي تشكل عائقا‬
‫أمام نمو عالم اإلستثمارات ‪ ،‬الذي يتطلب السرعة في اإلنجاز والفعالية في تحقيق‬
‫األهداف[‪.]154‬‬
‫‪ -)8‬سوء إدارة الموارد البشرية‬
‫تواجه اإلدارة الجماعية بالمغرب عدة إكراهات ‪ ،‬تعرقل مسيرتها ‪ ،‬وتجهض مفعول‬
‫القوانين المنظمة لها ‪ ،‬وكذا القرارات المتخذة عن طريق التراضي ‪ ،‬و أحيانا فإن التطبيق‬
‫الحرفي والجامد للقانون يكون فيه إجحاف‪ .‬ففي غياب تفكير عقالني علمي يتصور الحلول‬
‫للمشكالت المطروحة على مستوى الظواهر الفعالة في الحقل اإلداري يجعل اإلدارة تعيش‬
‫منسلخة عن وسطها‪.‬‬
‫فاإلدارة الجماعية تضطلع بوظائف جد حيوية ‪ ،‬تهدف في مجموعها إلى استيعاب‬

‫[‪ - ]153‬علي سدجاري ‪ " ،‬اإلدارة بين التقليد والتحديث"‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫[‪ - ]154‬عبد الحفيظ أدمينو ‪ " ،‬نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8008-8001 ،‬ص‪.800 :‬‬

‫‪69‬‬
‫التعقيدات المجتمعية ‪ ،‬وتنفيذ إختيارات السلطة السياسية ‪ ،‬غير أن الممارسة العملية قد‬
‫تكشف عن مجموعة من اإلختالالت الوظيفية الناتجة عن إنتهاك المبادئ التنظيمية‬
‫واألخالقية المؤطرة للعمل اإلداري ‪ ،‬مما يؤثر تبعا لذلك على البنية اإلجتماعية الكلية ‪،‬‬
‫ويخلق ارتباكا واضحا في تحديد المسؤوليات وضبط النتائج‪.‬‬
‫إن الظواهر المبنية على الوالءات الشخصية تؤدي إلى الفوضى القيمية ‪ ،‬وأهم‬
‫مظهر يمكن رصده في هذا اإلطار ‪ ،‬هو إنفصام مجتمعي يتجسد في اإلنحراف المنهجي‬
‫عن القيم والمعايير المعلنة ‪ ،‬مما يترتب عنه أزمة وعي ‪ ،‬حيث يالحظ وجود ترسانة من‬
‫القوانين واللوائح ‪ ،‬إال أنها تبقى حبر علة ورق[‪.]155‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مظاهر قصور اإلدارة الجماعية‬


‫تبعا لصيرورة التطور التاريخي لإلدارة الجماعية بالمغرب والذي عرضنها في‬
‫مقدمة هذه الدراسة ‪ ،‬حيث ظهر أن هذه األخيرة قد عرفت تطورا مضطردا منذ بداية‬
‫اإلستقالل ‪ ،‬غير أن ذلك ال يمنع من الوقوف على مواطن الضعف واإلختالل التي تواجه‬
‫هذه التجربة ‪ ،‬والتي تتجلى أساسا في إضطراب أدائها (أوال)‪ ،‬وضعف مردودية نخبها‬
‫(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬غياب التخطيط والتدبير التوقعي في الوظيفة الجماعية‬
‫أ‪ -‬غياب التخطيط‬
‫عرف األستاذ محمد الكثيري " التخطيط بأنه تحديد األنشطة اإلدارية ورصد‬
‫الموارد المادية والبشرية واختيار أحسن الوسائل الستخدامها لتحقيق أهداف معينة "‪.‬‬
‫من خالل هذا التعريف يتضح بأن التخطيط المحكم يساعد على االستعمال الفعال‬
‫لكل الموارد سواء المادية والبشرية إال أنه في الواقع يالحظ أن هناك ضعف في الرؤيا‬
‫حيال تخطيط الموارد البشرية داخل اإلدارة الجماعية‪ ،‬وذلك راجع إلى‪:‬‬
‫‪ -‬إن برمجة المشاريع المستقبلية تغلب االرتجالية والتلقائية وتفتقر إلى األساليب‬
‫العلمية التي تعتمد على التوقعات واالحتماالت والدراسات المستقبلية ‪ ،‬وهذا ليس باألمر‬

‫[‪ - ]155‬عبد الرحمان الطماوي‪" ،‬إستراتيجيات الوساطات في النسق السياسي المغربي مساهمة في دراسة العالقات الزبونبة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫السلك العالي للمدرسة الوطنية لإلدارة ‪ ،‬ص‪.111 :‬‬

‫‪70‬‬
‫الهين بل يستلزم كفاءات ومهارات عالية يمكنها التعامل مع الدراسات والبحوث‬
‫والمعطيات اإلحصائية وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬إن غياب أو إن صح القول ضعف عمليات التخطيط واعتماد اإلدارة الجماعية في‬
‫التنفيد على الروتين والقرارات االضطرارية ‪ ،‬فضال عن عدم استخدام األساليب اإلدارية‬
‫في التخطيط والتنفيذ وعدم استخدام نظم معلومات اإلدارة في عملية القرارات مما يجعل‬
‫قراراتها مجرد تصرفات تلقائية وهذا من شأنه أن يؤثر على مردودية اإلدارة[‪.]156‬‬
‫‪ -‬إن ما تتخبط فيه اإلدارة الجماعية اليوم من مشاكل تتعلق بالتضخم الوظيفي ‪ ،‬عدم‬
‫تحديد دقيق للمهام ‪ ،‬عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ‪ ،‬إنما يرجع في حقيقة‬
‫األمر إلى غياب مرحلة هامة في تدبير الموارد البشرية ‪ ،‬وهي التخطيط ‪ ،‬فما هي‬
‫انعكاسات عدم التخطيط على أداء الموارد البشرية داخل اإلدارة الجماعية؟‪.‬‬
‫‪ -‬مما ال شك فيه أن ظاهرة التضخم الوظيفي تعد من أهم انعكاسات غياب التخطيط‬
‫‪ ،‬ويعرف الدكتور عبد الحميد بهجت التضخم الوظيفي بأنه " زيادة الموظفين بنسبة تفوق‬
‫الزيادة في حجم نوع الموظفين الذين ينفذون األعمال المرتبطة بتقديم الخدمات " ومن بين‬
‫العوامل التي ساهمت في تفاقم هذا المشكل نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الوظيفة العمومية في المغرب سواء في اإلدارات العمومية أو الجماعات‬
‫الترابية كانت وال زالت تعتبر مصدرا من مصادر التغطية االجتماعية ‪ ،‬كما أن المواطنين‬
‫يطمحون إلى ضمان االستقرار المهني الذي توفره هذه الوظيفة‪.‬‬
‫‪ -8‬أن نقص مستويات األداء وضعف المردودية الناتج عن غياب التخطيط اإلداري‬
‫‪ ،‬أو التحديد الدقيق للمهام يدفع المسؤولين داخل اإلدارات الجماعية إلى التفكير في إكثار‬
‫عدد الموظفين دون التفكير في الحفاظ على التوازن الوظيفي من حيث االحتياجات الفعلية‬
‫لمتطلبات العمل اإلداري[‪.]157‬‬
‫ب‪ -‬غياب التدبير الوظيفي‬

‫‪ -‬عادل مزين ‪ " :‬أسس ووسائل عقلنة التدبير اإلداري " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ .‬وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪،‬‬ ‫[‪]156‬‬

‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،800-8001 .‬ص‪.21 :‬‬
‫[‪ -]157‬محمد بن التهامي ‪ " ،‬الوظيفة العمومية بين وحدة الدور والهدف وتعدد األنظمة "‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8001 -8000‬ص‪.18 :‬‬

‫‪71‬‬
‫إن النظام التدبيري الذي يرتكز على قواعد حديثة في التسيير اإلداري يتضمن عدة‬
‫أنظمة فرعية تساعد على تطوير العمل اإلداري داخل اإلدارة ‪ ،‬فهو نظام للقيم وتقريري‬
‫ويعتمد البرمجة كأسلوب للعمل‪ .‬وفي هذا اإلطار يندرج التدبير التوقعي للموارد الذي‬
‫يشكل أحد األقطاب المعقدة في تدبير الموارد البشرية بالنظر إلى حجم المعلومات التي‬
‫يتطلبها ودقتها وتنظيمها وهو وسيلة استقطاب اإلدارات للكفاءات الفنية واإلدارية لسير‬
‫العملية اإلدارية و اإلنتاجية المختلفة خالل فترة مستقبلية من أجل تحقيق أهداف اقتصادية‬
‫و اجتماعية محددة‪.‬‬
‫‪ -1‬غياب أو إهمال التخطيط العلمي للموارد البشرية نتيجة نقص البيانات اإلحصائية‬
‫األساسية والمعلومات الدقيقة ‪ ،‬وأن عدم دقة أو توفر بعض هذه البيانات في عناصر‬
‫التحليل يجعل من الصعب استخدام منهاج معين للتدبير التوقعي للموارد البشرية‪.‬‬
‫‪ -8‬عدم احتمال المنهاج الشامل لعملية التدبير التوقعي للموارد البشرية وفق إطار‬
‫عام كلي شامل‪.‬‬
‫‪ -.‬لهذا المطلب يمكن القول أن جميع هذه العوامل والصعوبات التي تعيق الوظيفة‬
‫الجماعية تجعل الموظف غير مستقر وال يستطيع أن يقدم على المبادرات في أي اتجاه ‪،‬‬
‫إال إذا وجد إلى جانبه من يؤازره ويسانده ‪ ،‬وبالتالي يقتصر على األعمال الروتينية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضعف أداء المنتخب الجماعي‬
‫من المعلوم أن العنصر البشري كان وال يزال المحور الرئيس والركيزة األساسية‬
‫في أي مشروع مجتمعي سواء تعلق األمر بالدولة أو الجماعات الترابية ‪ ،‬ويعتبر كل من‬
‫المنتخب الجماعي والموظف الجماعي فاعلين أساسيين في تحقيق المشروع التنموي‪.‬‬
‫إن المهام الجماعية تطورت في حجمها وبعدها ‪ ،‬بل وفي فلسفتها العامة ‪ ،‬وأصبحت‬
‫الجماعات الترابية مطالبة بتحمل مسؤوليات معقدة و خطيرة ‪ ،‬ومن تم وجب حصول‬
‫تحول في مستوى ومسؤولية المنتخبين ما دام مستوى التسيير داخل الجماعة مرتبطا‬
‫بمسؤولية المنتخبين[‪.]158‬‬
‫أ ‪ -‬ضعف المستوى الثقافي والتكوين لدى المنتخبين الجماعيين‬

‫[‪ - ]158‬محمد حركات ‪ "،‬مظاهر الفساد وتداعياته " مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.11:‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -1‬ضعف المستوى الثقافي للمنتخبين‬
‫إن ضعف المستوى الثقافي هو السمة الغالبة لمعظم المنتخبين مما ينعكس سلبا على‬
‫مكانتهم ودورهم داخل اإلدارة ‪ ،‬وهو ما أكدته اإلحصائيات األخيرة أن ‪ %81‬من‬
‫[‪]159‬‬
‫وضعية تجعلهم في تبعية لرجل السلطة‬ ‫المنتخبين الجماعيين ال يعرفون القراءة‬
‫والمصالح التقنية والسبب في ذلك هو أن جل المنتخبين ينتخبون لوضعهم االجتماعي دون‬
‫أن تراعي توفرهم على الكفاءة والخبرة مما يدعوا للتساؤل كيف يمكن لمنتخب أمي أن‬
‫يدبر ويسهر على تدبير الشأن المحلي وهو في هذه الوضعية؟ مما ال شك فيه أن المستوى‬
‫الثقافي للمنتخبين الجماعيين يلعب دورا بارزاً في مسيرة تطور الجماعات الترابية‪.‬‬
‫ذلك أن ضعف هذا المستوى خاصة في البادية حيث تهيمن األمية على بنية المجالس‬
‫الجماعية ‪ ،‬ينعكس سلبا على أمور الجماعة ‪ ،‬األمر الذي يجسد مرة أخرى عدم التكافؤ‬
‫بين المدينة والقرية في جوانبه اإلنسانية‪.‬‬
‫ولو أن المستوى الثقافي ال يرتبط دائما بالمستوى الدراسي ‪ ،‬فإن ما يثير الجدل في‬
‫التجربة الجماعية هو ولوج مستشارين للعمل الجماعي دون معرفة بأبسط قواعد القراءة‬
‫والكتابة ‪ ،‬ويزيد المشكل استفحاال عندما يتعلق األمر بالرئيس ‪ ،‬ولعل األسباب المباشرة‬
‫التي ساهمت في تضخيم هذه الوضعية متعددة و متشعبة‪ ،‬يمكن إجمالها في العناصر‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ضعف مستوى التمدرس خصوصا في المجال القروي؛‬
‫عدم تقدير مسؤولية التسيير من طرف المنتخب أو الناخب؛‬ ‫‪-8‬‬
‫‪ -.‬تفشي عالقات الزبونية والمحسوبية وشراء األصوات بين الناخب والمنتخب؛‬
‫‪ -1‬ضعف التأطير السياسي للمواطنين خاصة من قبل األحزاب السياسية التي يحدث‬
‫عندها زواج انتخابي وطالق مع المرشحين بمجرد انتهاء التصويت‪.‬‬
‫لهذا فإن شرط الشهادة االبتدائية غير منطقي بالنظر لالختصاصات الكثيرة الملقاة‬
‫على عاتق رئيس المجلس الجماعي وكان على المشرع أن يشترط مستوى أعلى من‬
‫الشهادة االبتدائية‪.‬‬

‫[‪ - ]159‬علي سدجاري ‪ "،‬الدولة واإلدارة بين التقليد و التحديث" ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32:‬‬

‫‪73‬‬
‫فشرط معرفة القراءة والكتابة بقدر ما يطرح مشكل كيفية التأكد منه هل عن طريق‬
‫االمتحان أو على أساس الشواهد ‪ ،‬بقدر ما كان يجب أن يكون معمما على جميع أعضاء‬
‫المجلس الجماعي وليس فقط على الرئيس ألنه من غير المعقول أن يكون ممال للسكان‬
‫ومخاطبا مباشرا فهم أشخاص أميون يجهلون القراءة والكتابة ونحن دخلنا على األلفية‬
‫الثالثة[‪.]160‬‬
‫كما أن شرط المستوى التعليمي الذي يعادل على األقل مستوى نهاية الدروس‬
‫االبتدائية يعد غير مؤهل إلدارة الشؤون المحلية وخصوصا في الجماعات التي يتعقد‬
‫تسيير شؤونها[‪.]161‬‬
‫ولهذا الغرض ومن أجل تدبير معقلن للشؤون المحلية فإن الدولة مدعوة ألن تعيد‬
‫النظر في الشهادة االبتدائية وأن تنص على مستوى علمي أعلى من هذه الشهادة‪ ،‬حتى‬
‫تنسجم مع نفسها ومع توجهاتها الكبرى على مستوى التنمية البشرية واالنتقال الديمقراطي‬
‫وتحديات الفترة المعاصرة كما أن األحزاب وفي إطار تقاسم المسؤوليات يتعين عليها أن‬
‫ال تعطي التزكية لمن ال يستحقها[‪.]162‬‬
‫ويتضح من خالل هذه المعطيات أن هناك تطورا نسبيا يسير في اتجاه التخفيف من‬
‫حدة تدني المستوى الثقافي لدى المنتخبين الجماعيين ‪ ،‬الشيء الذي سيؤثر إيجابا على‬
‫مسيرة العمل الجماعي ويعمق التجربة الالمركزية غير أن المستوى الثقافي وحده ال يكفي‬
‫لتحقيق هذا الطموح‪.]163[ .‬‬

‫‪ -‬ضعف التكوين اإلداري للمنتخبين‬ ‫‪2‬‬


‫إن المنتخب الجماعي مطالب ليس فقط بأن يتوفر على مستوى ثقافي دراسي معين‪،‬‬
‫بل البد أن تكون له ثقافة وتكوين إداريين من حيث الكفاءة والمعرفة والقدرة على مواجهة‬
‫المشاكل وطرح الحلول يجب أن يتوفر على حد أدنى وعملي لممارسة مهامه‪ ،‬ومهام‬

‫[‪ - ]160‬أحمد أجعون ‪ " ،‬تكوين المنتخب الجماعي "‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية الحقوق والعلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،0776 -0779‬ص‪.001 :‬‬
‫[‪ - ]161‬أحمد أجعون ‪ " ،‬تكوين المنتخب الجماعي " المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.031 :‬‬
‫[‪ - ]162‬إبراهيم النوري ‪ " ،‬تدبير المجالس الجماعية بين القانون والممارسة" ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫الرباط السنة الجامعية ‪ ،2116 -2119 ،‬ص‪.001 :‬‬
‫[‪ - ]163‬المهدي بنمير ‪ "،‬الجماعات المحلية والممارسات المالية بالمغرب " ‪ ،‬المطبعة والوارقة الوطنية ‪-‬مراكش ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1221‬ص‪.812 :‬‬

‫‪74‬‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫حتى ال تبقى عرضة لتدخل رجل السلطة الذي يخضع لتكوين دقيق وشامل‬
‫خصوصا وأن المسؤوليات الجماعية في تراكم مستمر‪.‬‬
‫إن االهتمام بالعنصر البشري وبضرورة تكوينه المتواصل يعد من واجب الواجبات‬
‫ومن أولويات التسيير الجماعي‪ ،‬فيجب أن يكون المنتخب خاصة الرئيس ومساعدين‬
‫مؤهلين لفهم النصوص التشريعية والقانونية والتنظيمية واإلجرائية حتى ال يؤدي افتقاره‬
‫هذا التكوين أن يكون مستمرا لإللمام بكيفيات التسيير الجماعي ومستجداته‪.‬‬
‫عن مسألة تكوين المنتخبين لم تطرح فقط بالنسبة للدول النامية ‪ ،‬بل إن الدول‬
‫المتقدمة نفسها في بداية تقدمها عانت من ضعف تكوين المنتخبين‪.‬‬
‫وفيما يخص مسألة تفرغ رئيس المجلس الجماعي نالحظ أن معظم رؤساء‬
‫الجماعات ال يتفرغون لشؤون الجماعة بشكل مستمر استثناء حضور دورات المجلس ‪،‬‬
‫كما أن معظمهم يكون حضوره مناسباتي خالل أيام السوق خاصة في الجماعات القروية ‪،‬‬
‫ولهذا يتعين على المشرع أن يحسم في هذه المسألة خاصة كما قلنا مع تزايد أعباء رئيس‬
‫المجلس الجماعي الذي تفرض نوعا من التفرغ لقضايا الجماعة‪.‬‬
‫ولقد عمدت الكثير من الدول في مقدمتها الدول الديمقراطية على إصدار قوانين تمنع‬
‫هذا الجمع للوظائف[‪ ، ]164‬والذي يتناقض تماما مع الدور الجديد للجماعات الترابية التي‬
‫لم تعد في حاجة إلى منتخب يحضر من حين آلخر لتوقيع الوثائق اإلدارية بعد أن يتم‬
‫جمعها لمدة زمنية يضيع فيها المواطن من كثرة التردد على الجماعة ‪ ،‬وإنما أصبحت في‬
‫حاجة إلى من يعانق الناخب ويحل مشاكله ‪ ،‬كما تجدر اإلشارة إلى أن المناظرات الوطنية‬
‫‪ ،‬وبعض اللقاءات الجهوية ‪ ،‬بالرغم من أهميتها فإنها غير كافية بسبب التباعد الزمني‬
‫الذي يفصل بينهما ‪ ،‬وبسبب الطريقة التي تنجز بها أشغالها ‪ ،‬إذ كثيرا ما تتم صياغة‬
‫توصياتها بناء على منظور موظفي الدولة وخاصة وزارة الداخلية‪.‬‬
‫ومن المسائل المثيرة للنقاش والتي استقرت في الممارسة الالمركزية بفعل أبعادها‬

‫[‪]164‬‬
‫‪- Jean-Emile VIÉ « les septs plaies de la décentralisation », La Revue administrative, 39e Année, No. 230‬‬
‫‪Mars- Avril 1986. [Journal] p : 48 .‬‬

‫‪75‬‬
‫وانعكاساتها ‪ ،‬على غرار ما هو معمول به في النظام الفرنسي ‪ ،‬وهي مجانبة مهام‬
‫المنتخب ‪ ،‬إال ما يتصل ببعض التعويضات‪.‬‬
‫هذا العنصر الذي أفرز تاريخيا باإلضافة إلى عوامل أخرى نخبا محلية تتكون من‬
‫األعيان واألغنياء الذين ال يتمتعون بتكوين سياسي أو إداري ‪ ،‬همهم الوحيد الدفاع عن‬
‫مصالحهم ‪ ،‬وجعل منصب المنتخب فرصة للتباهي والنشوة وإثارة الصراعات القبلية‬
‫خاصة في الوسط القروي ‪ ،‬كما أن غياب عنصر األجر أو الراتب مقابل أداء العمل فتح‬
‫المجال لألشخاص الذين لهم الوقت الكافي والفراغ الزمني ‪ ،‬في حين أن المفهوم الجديد‬
‫للجماعة الترابية لمقاولة يتطلب خبرات في التسيير واإلدارة ويتطلب دراسات قانونية‬
‫وثقافية ومحاسبية ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وأخيرا ؛ ال يمكن الحديث عن التدبير البشري الجيد دون وجود إدارة جماعية مهيكلة‬
‫ومنظمة وموظفين أكفاء[‪.]165‬‬
‫ب ‪ -‬الموظف الجماعي‬
‫إن الفئة األكثر أهمية في العنصر البشري في الجماعات الترابية هي فئة الموظفين‬
‫الجماعيين الذين يكونون جهازا ضخما ال زال يحتل أهمية كبيرة في تسيير المرافق‬
‫الجماعية‪.‬‬
‫لكن السؤال المطروح هل استطاعت اإلدارة الجماعية أن تحقق ذلك البعد التدبيري؟‬
‫وبعبارة أخرى ‪ ،‬هل استطاعت أن تبلور مفهوما صحيحا لتوظيف مواردها البشرية[‪.]166‬‬
‫إن التأطير البشري للجماعات الترابية يرتهن بمجموعة من الصعوبات والمعوقات‬
‫يمكن اختزال مظاهرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -)1‬ضعف التأطير اإلداري‬
‫ال يمكن حاليا القول بأن المشكل المطروح على مستوى إيجاد األطر اإلدارية في‬
‫المستوى هو قلة هذه األطر‪ ،‬إذ أن سوق العمل المغربية تزخر بأعداد هائلة من العاطلين‬
‫في مختلف المستويات وعلى اختالف تكوينهم ومشاربهم العلمية‪.‬‬

‫[‪ - ]165‬المصطفى دليل ‪ " ،‬المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد "‪ ،‬م‪ .‬م‪ .‬إ‪ .‬م و التنمية ‪ ،‬عدد ‪ 10‬سنة ‪ ، 8002‬ص‪:‬‬
‫‪.22‬‬
‫[‪ - ]166‬شيخي حسن ‪ " ،‬الدولة والجماعات المحلية بالمغرب" ‪ ،‬توزيع االختصاصات وتحويل الموارد "‪ ،‬مرجع سابق ص‪.802 :‬‬

‫‪76‬‬
‫يبقى السؤال المعلق هو مدى قدرة الجماعات الترابية بمواردها المحدودة على‬
‫االستفادة من هذه الوفرة واستثمارها سواء بإجراء تداريب أولية ومكثفة أو باالندماج‬
‫المباشر في ساحة العمل‪.‬‬
‫إذن من بين مظاهر صعوبات التأطير اإلداري للجماعات الترابية نجد‪:‬‬
‫‪ -‬المظهر األول‪ :‬يتجلى في عدم كفاية األطر اإلدارية والتقنية لالستجابة الكاملة‬
‫لضرورات العمل الجماعي ‪ ،‬رغم االرتفاع المتزايد ألعداد الموظفين واألعوان‬
‫الجماعيين خاصة بعد سنة ‪ ،1441‬حيث انطلقت عملية توظيف الشباب الحامل للشهادات‬
‫غداة إنشاء المجلس الوطني للشباب والمستقبل في إطار العملية الوطنية لتشغيل الشباب‬
‫الحاصل على الشهادات ‪ ،‬إذ انتقل عدد الموظفين الجماعيين حتى حدود سنة ‪ 1441‬إلى‬
‫‪ 11821.‬بعد أن كان ال يتجاوز ‪ .1.111‬موظف سنة ‪ 1411‬أي بزيادة تقدر نسبتها‬
‫‪ 1%81‬دون احتساب األعوان المياومين و الرسميين ‪ ،‬ومع ذلك يظهر أن التأطير ال‬
‫زال ضعيفا ‪ ،‬رغم أن معدل التأطير البشري لكل من السكان انتقل من ‪ 8.12‬عونا سنة‬
‫‪ 1411‬إلى ‪ 1.1.‬سنة ‪ 1441‬مقابل ‪ 81‬موظفا لكل ألف ساكن فيما يخص التأطير الذي‬
‫توفره الدولة[‪.]167‬‬
‫المظهر الثاني‪ :‬يكمن في الخلل الحاصل في توزيع هذه األطر بين الجماعات‬
‫الترابية المختلفة ‪ ،‬وهذا الالتوازن أو ما يمكن أن نطلق عليه مركزية التأطير تتجلى في‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬األعداد الهائلة التي تحتوي عليها اإلدارة المركزية من األطر بمختلف‬
‫أصنافها ‪ ،‬خاصة األطر العليا ‪ ،‬بينما تفقد المناطق األخرى الذاتية بالخصوص ‪ ،‬إلى هذه‬
‫األطر ‪ ،‬بل حتى إلى بعض األطر اإلدارية العادية ‪ ،‬أما التقنية فتكاد تكون منعدمة ‪ ،‬إذن‬
‫هناك تضخم خاصة في العاصمة وفقر مدقع في جل المناطق األخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عدم التوازن بين الجماعات الترابية نفسها حيث تتضرر الجماعات القروية ‪،‬‬
‫إذ هناك عوامل تتحكم في هذا التوزيع غير المتكافئ ترجع في أغلبها إلى مركزية جل‬
‫األنشطة االقتصادية واالجتماعية والبنايات التحتية ‪ ،‬وافتقار المناطق المحيطة بأبسط‬
‫التجهيزات ‪ ،‬إذ أظهرت التجربة اإلدارية أن الجماعات القروية وخاصة النائية منها تشكل‬

‫[‪ - ]167‬معني السنوسي ‪ " ،‬دور الجماعات المحلية في قطاع التعمير والسكن "‪ ،‬مجلة الموئل ‪ ،‬عدد ‪ ، 3‬السنة ‪ ، 1222‬ص ‪.832 :‬‬

‫‪77‬‬
‫بيئة "طاردة اجتماعيا" لألطر التي تعودت على نمط الحياة المدينية[‪.]168‬‬
‫المظهر الثالث‪ :‬يعبر عن عدم التوازن بين األصناف المختلفة لألطر التي تتوفر‬
‫عليها الجماعات الترابية ‪ ،‬حيث نجد أن األطر العليا أقل مقارنة مع أعوان التنفيذ التي‬
‫تغرق وترهق ميزانية الجماعات‪.‬‬
‫باإلضافة إلى نقص في عدد األطر العليا هناك توزع داخل هذا الصنف بدوره ‪،‬‬
‫حيث شكلت نسبة األطر اإلدارية وحدها ‪ %2..21‬من مجموع األطر العليا ‪ ،‬في حين أن‬
‫الصنف التقني منها ال يتعدى ‪ %2.91‬فضال عن عدم التوازن في توزيع األصناف بين‬
‫الجماعات الحضرية و القروية ‪ ،‬فالبلديات تتوفر على حوالي ‪ %2.‬من األطر التقنية ‪،‬‬
‫بينما تبقى نسبة ‪ %1‬للجماعات القروية ‪ ،‬ويصل عدد المهندسين المعماريين في الوسط‬
‫الحضري إلى ‪ %..‬مهندس لكل ‪ 111‬ألف ساكن ‪ ،‬بينما ال يتعدى ‪ 1.8‬لكل مليون ساكن‬
‫في المجال القروي‪.‬‬
‫ويرجع هذا الخلل في التوزيع باإلضافة إلى العوامل المذكورة إلى قلة إمكانيات‬
‫أغلب الجماعات ‪ ،‬إلى انغماس هذه الجماعات في أداء مهام إدارية بسيطة قد ال تتطلب‬
‫هذه األصناف المؤهلة من الموظفين ألن هناك تأثيرا جدليا بين عدد ونوع الموظفين وبين‬
‫حجم وطبيعة الخدمات التي تقدمها الجماعات الترابية ‪ ،‬األمر الذي أصبح يفرض أطرا‬
‫جديدة متخرجة من مدارس مراكز غير تلك التي يلجأ إليها لالستجابة لالختصاصات‬
‫المتجددة المسندة إليها ‪ ،‬فالمدربين المتخرجين مثال من المدرسة الوطنية للتجارة ‪ ،‬مما‬
‫سيمكن الجماعات من االنخراط في عالم االستثمار والمقاولة[‪ .]169‬وعالوة على ذلك ال‬
‫زالت الجماعات تواجه مشاكل عديدة على مستوى توظيف مواردها البشرية ‪ ،‬إذ ال تعتمد‬
‫سياسة لتقدير احتياجاتها من الموظفين و األعوان ‪ ،‬وذلك راجع إلى‪:‬‬
‫‪ ‬عدم وضوح األهداف باإلدارة الجماعية أو تجاهلها ؛‬
‫‪ ‬عدم وجود هيكلة تنظيمية واضحة ودليل تنظيمي للوحدات اإلدارية ؛‬
‫‪ ‬عدم وجود وصف تحليلي للوظائف والمسؤوليات والواجبات التي تصاحبها‬

‫[‪ - ]168‬مصطفى الجندي ‪ " ،‬المرجع في اإلدارة المحلية " ‪ ،‬مرجع سابق ص‪.22 :‬‬
‫[‪ - ]169‬أحمد أبو السء ‪ "،‬تدبير الموارد البشرية نموذج اإلدارة الجماعية "‪ ،‬سنة ‪ ،8001‬ص‪.128 :‬‬

‫‪78‬‬
‫والمؤهالت والخبرة والمهارات الالزمة لتنفيذها ؛‬
‫‪ ‬صعوبة قياس المردودية باألنشطة اإلدارية وعدم توفر معلومات كافية عن‬
‫معدالت األداء للفرد ؛‬
‫‪ ‬اللجوء في بعض األحيان إلى التوظيفات في غياب مناصب مالية ؛‬
‫‪ ‬عدم تناسب الموظفين المختارين من حيث النوعية والعدد[‪.]170‬‬
‫‪ -8‬اختالل العالقة االنسانية داخل اإلدارة الجماعية‬
‫هناك اختالل أيضا على مستوى العمل الجماعي في اإلدارة الجماعية ‪ ،‬وهنا نقصد‬
‫به تلك العالقة التي تربط بين الرئيس والموظفين الجماعيين والتي هي واضحة كون‬
‫رئيس المجلس الجماعي هو الرئيس التسلسلي للموظفين الجماعيين وجميع مسيري‬
‫مصالح الجماعة ‪ ،‬وهذا ما ضمنه له النص القانوني في المادة ‪ 19‬من ظهير ‪ 8114‬حيث‬
‫كل مخالفة ألوامره يتصدر عنها إجراءات زجرية وعقوبات تأديبية المنصوص عليها في‬
‫[‪]171‬‬
‫الشيء الذي قلما يثير إشكاال لكن األشكال‬ ‫الفصل ‪ 22‬من قانون الوظيفة العمومية‬
‫الذي عنه ينتج خلل فقط على مستوى عالقة المستشار الجماعي مع الموظفين الجماعيين‬
‫حيث لوجود لعالقة قانونية ومسطرة تربطهم الشيء الذي يوقع نزاعات وصدامات مع‬
‫موظفي اإلدارة الجماعية ‪ ،‬وذلك لسببين رئيسيين‪:‬‬
‫‪ ‬وعي الموظف الجماعي باختصاصاته بمنطق التسلسل اإلداري بحقوقه وواجباته‬
‫‪ ،‬ونتيجة لذلك ال يأبه إال بتعليمات رؤسائهم من المفروض تجاهل أوامر المستشارين غير‬
‫المفوضين‪.‬‬
‫‪ ‬جهل المستشارين لحدود حقوقهم واعتقادهم بأن عملية االنتخاب كافية إلخضاع‬
‫الموظفين الجماعيين لرغباتهم وإلجبارهم على طاعة أوامرهم‪.‬‬
‫هذه المعطيات تطرح إشكالية دور المستشار الجماعي في اإلدارة الجماعية وحدود‬
‫عالقته بالموظفين الجماعيين ودوره بشكل عام وهي إشكالية أخرى تضاف إلى ضرورة‬
‫التنصيص على تلقي المستشار الجماعي والموظف الجماعي على حد سواء تكوينا لنضمن‬

‫[‪ - ]170‬عبد الغني اعبيزة ‪ " ،‬سياسة التحدي اإلداري بالمغرب "‪ ،‬دار القلم – الرباط ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،.8111‬ص‪.20-22 :‬‬
‫* [‪ - ]171‬يراجع في هذا الباب ؛ الفصل ‪ 33‬من ظهير الوظيفة العمومية ‪ ،‬الصادر فبراير ‪.1212‬‬

‫‪79‬‬
‫توازنا فعليا بين طرفي التسيير بين موظفين جماعيين أو بعالقته مع باقي المرافق‬
‫العمومية المحلية[‪.]172‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات الخارجية التي تواحه اإلدارة الجماعية‬

‫ترتبط االكراهات الخارجية بطبية التطورات التي عرفها المحيط الدولي من الناحية‬
‫اال قتصادية ‪ ،‬حيث أسفر التطور الدولي مناهج وأشكال تدبيرية حديثة بحكم ثورة المعلومات‬
‫ووسائل االتصال ‪ ،‬هذا الفكر التدبيري الجديد له آثار عدة على الدول سواء المتقدمة أو‬
‫النامية ‪ ،‬ويتعلق األمر هنا بظاهرة العولمة وتأثيرها على اإلدارة الجماعية‪.‬‬

‫وعليه فإن تحديث نظام اإلدارة الجماعية أصبح حاجة ملحة ليس فقط نتيجة التحوالت‬
‫التي أدت إلى تطور الوعي لدى المواطن بضرورة جعل اإلدارة في خدمته وأداة لتحقيق‬
‫التنمية الشاملة ‪ ،‬بل كذلك نتيجة عوامل خارجية ‪ ،‬لعل أهمها العولمة والتي هي ظاهرة‬
‫إقتصادية قبل كل شيء ‪ ،‬والتي تعني نمواً ال مثيل له للقطاع الخاص وتراجعا كبيرا للدولة‬
‫[‪]173‬‬
‫وهذا التحول سيلقي بظالله على‬ ‫التدخلية ‪ ،‬أي تدخل أقل للدولة في الميدان اإلقتصادي‬
‫اإلدارة المغربية التي أصبحت عاجزة عن مواكبة هذه التطورات العالمية‪.‬‬
‫وإذا كان هذا هو واقع حال اإلدارة ‪ ،‬فإن الظرفية الحالية تجعل من اإلدارة األداة‬
‫الرئيسية لتشجيع اإلستثمار والمساهمة في تأهيل اإلقتصاد الوطني ‪ ،‬وهو ما يدعو إلى‬
‫ضرورة إعادة النظر في طريقة عملها وتطوير مناهجها وتكييفها مع التغييرات التي يشهدها‬
‫العالم‪ ،‬وأمام الثورة المعلوماتية والتطور التكنولوجي وتطور مناهج التدبير الحديث ‪ ،‬نتساءل‬
‫عن‪ :‬مدى تأثير المتغيرات الخارجية على اإلدارة الجماعية؟ وكيفت تساهم المساعدات‬
‫الدولية ومؤسساتها في هيكلة برامج التحديث اإلداري؟ وما هي توجهات صندوق النقد‬
‫الدولي في هذا المجال؟‬

‫[‪ - ]172‬مصطفى دليل ‪ " ،‬المجالس الجماعية بالمغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد "‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة ‪ ،‬منشورات م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت ‪ ،‬عدد‬
‫‪ ، 10‬طبعة ‪ ، 8002‬ص‪.12 :‬‬
‫[‪ - ]173‬عبد المجبد بن جلون ‪" ،‬تأهيل اإلدارة للعولمة بعض عناصر المقاربة"‪ ،‬وارد في كتاب تأهيل اإلدراة للعولمة ‪ ،‬لعلي سدجاري ‪ ،‬م‪ .‬س ‪،‬‬
‫ص‪.83 :‬‬

‫‪80‬‬
‫وبناء على ذلك ؛ سنحاول في هذا المطلب دراسة أثر العولمة على اإلدارة الجماعية في‬
‫(فقرة أولى) ‪ ،‬على أن نعرج في (الفقرة الثانية) لتناول التحديات المرتبطة باإلستثمار‬
‫الخارجي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلدارة الجماعية وتحديات العولمة‬


‫[‪]174‬‬
‫جزء ال يتجزأ من تطور بنية النظام الرأسمالي ؛ وهي ظاهرة‬ ‫تعتبر العولمة‬
‫كونية تهدف إلى تدويل العالقات بين الدول إقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وإعالميا ‪ ،‬وتتباين‬
‫أثارها من دولة ألخرى ‪ ،‬حيث أن التأهيل والعولمة هما من اآلراء الحديثة واألكثر تداوال‬
‫في مادة تدبير الشأن العام وال سيما منه الترابي ؛ فهذه اآلراء الجديدة التي بلورت جهد‬
‫الباحثين والمخططين ليست إال ثمرة لنقلة عميقة تزعزع المبادئ التقليدية للتدبير العمومي‬
‫ولألسس الكالسيكية للتعاون بين الدول ونظم اإلنتاج الوطنية والدولية[‪.]175‬‬
‫فنتيجة للتغيرات التي شهدها العالم خالل السنوات األخيرة وما أفرزته العولمة من‬
‫تحديات على مختلف األصعدة ‪ ،‬كان لزاما على الدول والحالة هذه أن تجدد إطارها‬
‫المؤسساتي وتكييفه مع التنافسية اإلقتصادية ‪ ،‬بهدف مسايرة التطور السريع الذي تفرضه‬
‫العولمة اإلقتصادية‪.‬‬
‫هذا ما سنتناوله من خالل التطرق لدور المساعدات الدولية كآلية للضغط في اتجاه‬
‫تحديث اإلدارة الجماعية (أوال)‪ ،‬وكهدف إلدماج الدولة في النظام العالمي (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬دور المساعدات الدولية في الضغط في اتجاه تحديث اإلدارة الجماعية‬
‫لقد اتجه المغرب إلى اإلقتراض من المؤسسات الدولية وإلى الحصول على‬
‫المساعدات منذ بداية اإلستقالل وذلك لتمويل العديد من المشاريع التي فرضتها ضرورة‬
‫تأهيل وتحديث البنيات التحتية واإلقتصادية ‪ ،‬وقد بلغت هذه المساعدات إلى حدود‬

‫* [‪ - ]174‬العولمة كفكرة برزت منذ بداية القرن العشرين (‪ )80‬ولم تأخذ دالالتها إال مع حرب الخليج الثانية وانهيار االتحاد السوفيتي وتداوالت‬
‫مصحوبة بعبارات النظام العالمي الجديد إقامة نظام ذي قطب واحد‪ ، ...‬ومفهوم العولمة بالتعقيد وإثارة الجدل ؛ وهو مفهوم يعبر في الواقع عن‬
‫حقيقة أو عن حقائق قديمة وهذا ما دعا البعض للقول أن مفهوم العولمة جديد لواقع قديم‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الواحد الناصر ‪ " ،‬المتغيرات الدولية الكبرى" مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ، 8001‬ص‪.108 :‬‬
‫‪]175[- Ali Sedjari , « rapport introductif in la mise a niveau de l’administration face à la mondialisation », Edition‬‬

‫‪l’Harmattan1222 , p :9 .‬‬

‫‪81‬‬
‫السبعينيات من القرن الماضي حولي‪ 181.2‬مليون درهم[‪ ،]176‬رصدت لتمويل خدمات‬
‫الخبراء األجانب الذين عملوا ما يفوق ‪ .1‬سنة والتي فاقت ‪ ، %.2‬من مجموع تكلفة‬
‫المشاريع التي أنجزت بالمغرب طيلة هذه المدة تحت إشراف برنامج األمم المتحدة للتنمية‬
‫وباقي هيئاته المتخصصة‪.‬‬
‫إال أن بداية الثمانينات ستتجه المؤسسات الدولية وخاصة البنك الدولي اتجاها آخر‬
‫في تقديم المساعدات والقروض وذلك بهدف إعادة تشكيل الهياكل ‪ ،‬بحيث سيتم اعتماد‬
‫اإلقتراض من أجل التقويم الهيكلي ‪ ،‬وهذه القروض هي قروض للبرامج [‪.]177‬‬
‫إن هذه المساعدات المقدمة من طرف البنك الدولي تنطوي على العديد من المخاطر‬
‫المرتبطة بالسيادة الوطنية ‪ ،‬فهي وسيلة لجعل هذه المنظمات تتدخل في الشؤون الداخلية‬
‫للدول عبر توجيه إقتصادياتها وإيالء العديد من الشروط المتعلقة بتحديث اإلدارة‬
‫والتغييرات السياسية ‪ ،‬فمقابل المساعدات فإنه يتوقع من البلد المتلقي تنفيذ إصالحات هامة‬
‫[‪.]178‬‬
‫في إقتصاده تتفق مع المطالب التي يعلنها البنط دائما‬
‫والمغرب كغيره من الدول وانسجاما مع الفلسفة اإلقتصادية الليبرالية ‪ ،‬أدى توقيعه‬
‫برنامج التقويم الهيكلي في سنة ‪ 142.‬إلى إدخال العديد من التغييرات مست أساسا طرق‬
‫تدبير المرفق العام ‪ ،‬لتمتد فيما بعد إلى المجال السياسي ‪ ،‬ويمكن اعتبار تقرير البنك‬
‫العالمي لسنة ‪ 1441‬مرحلة مهمة في التحسين بموقع اإلدارة العمومية ومنها الجماعية‬
‫ومركزيتها في نجاح مختلف التحديثات القطاعية األخرى‪.‬‬
‫وفي نفس السياق وجه صندوق النقد الدولي مذكرة توجيهية سنة ‪ 1441‬تؤكد على‬
‫أن التدبير العمومي الجيد يساهم في اإلستقرار المكرو‪-‬إقتصادي وفي النمو ‪ ،‬وعليه يجب‬
‫على الدولة أن تتجه نحوى تركيز جهودها على محاربة الفساد وسوء التدبير‪.‬‬
‫إن تحديث اإلدارة الجماعية أصبح رهان أساسي ال رجعة فيه ‪ ،‬خاصة وأن المغرب‬
‫يتوفر على موقع جغرافي متميز قريب من اإلتحاد األوربي ‪ ،‬ويتمتع باستقرار سياسي‬
‫فضال عن توفره على خصوصيات تؤهله لجذب استثمارات أجنبية بهدف ضمان تنمية‬

‫[‪ - ]176‬بلقاسم كريمني ‪ "،‬دراسة فقهية وتأصيلية للنظرية العامة للتنظيم الدولي ولألمم المتحدة والوكاالت المتخصصة والمنظمات اإلقليمية" دار‬
‫النهضة العربية – القاهرة الطبعة السادسة يناير ‪ ،1220‬ص‪.201 ،‬‬
‫[‪ - ]177‬شيريل بيار‪ " ،‬البنك الدولي‪ -‬دراسة نقدية"‪،‬ترجمة أحمد فؤاد بلبع‪ ،‬دار سينا للنشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1221 ،‬ص‪.121 :‬‬
‫[‪ - ]178‬شيريل بيار ‪ " ،‬البنك الدولي‪ -‬دراسة نقدية"‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.122 :‬‬

‫‪82‬‬
‫مستدامة ‪ ،‬وفي مقابل هذه المميزات فإن المنافسة الدولية والتطور التكنولوجي تفرض‬
‫على المغرب إعادة النظر في نماذج التدبير العمومي ‪ ،‬وقد حاول البنك الدولي رسم معالم‬
‫تحديث اإلدارة المغربية بمطالبته تبسيط اإلجراءات والمساطر المالية عن طريق‪:‬‬
‫خلق نظام للتحفيز وتخفيض عدد الموظفين ‪ ،‬وكذا تحسين العالقة بين اإلدارة‬
‫والقطاع الخاص و تحسين بنية اإلستثمار بواسطة الحد من المرض البيروقراطي‪.‬‬
‫وكخالصة لما سبق يمكن القول أن اإلصالحات التي شملت قطاع اإلدارة العمومية‬
‫خصوصا منذ فترة الثمانيات هي من توجيه المنظمات الدولية ‪ ،‬وعليه فاإلصالحات التي‬
‫عرفها المغرب ‪ ،‬باإلضافة إلى الدور الذي لعبته الظروف الداخلية والتي تظل أقل درجة‬
‫بالمقارنة مع اإلكراهات الخارجية التي تبقى أهم مصدر وموجه لمعظمها[‪ ، ]179‬هذا كله‬
‫بغية توفير الظروف والمناخ لجعل المغرب جزء من إستراتيجية دولية لتقسيم العمل الذي‬
‫يستجيب لمتطلبات العولمة ‪ ،‬ورغبات الشركات غير القارة التي أضحت تحكم العالم‬
‫والذي يرى البض أنها تستخدم المنظمات الدولية لخدمة مصالحها‪.‬‬
‫فإذا كانت المساعدات المقدمة من قبل المؤسسات الدولية قد ساهمت في اإلصالحات‬
‫اإلدارية واإلقتصادية ‪ ،‬فإن ذلك كان له أثر بعيد المدى وهو خدمة الشركات العالمية عبر‬
‫إدماج المغرب ضمن المنظومة الدولية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المساعدات الدولية وهدف إدماج الدولة في النظام العالمي‬
‫إذا كانت جل الدول المتخلفة حصلت على استقاللها منذ أكثر من نصف قرن وهي‬
‫فترة كافية لتقديم حصيلة ‪ ،‬حصيلة تكشف بعض المظاهر التي قد تشكلت وانتشرت ‪ ،‬لكن‬
‫التنمية لم تتحقق بعد بمفهومها الشامل ‪ ،‬بل ازدادت أعباء الدولة تفاقما من جراء‬
‫المصاعب اإلدارية‪ .‬هذه الوضعية أفرزت اتجاها نحو الحد من دور الدولة بنموذج‬
‫الليبرالية الذي خلخل األساس اإلقتصادي واإلجتماعي للدولة ولإلدارة ‪ ،‬مما أدى إلى تغير‬
‫في أدوار الدولة نتيجة أثار العولمة(أ)‪ ،‬في مقابل ذلك أضحت اإلدارة أداة لتحقيق األهداف‬
‫الدولية على الصعيد الوطني نتيجة لغياب الفعالية واألزمة البنيوية للتغيير (ب)‪.‬‬

‫[‪ -]179‬عبد الحفيظ أدمينو ‪ " ،‬نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8008-8001 ،‬ص‪.821 :‬‬

‫‪83‬‬
‫دور العولمة في التأثير على مفهوم الدولة‬ ‫أ‪-‬‬
‫لقد دفعت العولمة العديد من الدول إلى تغيير وظائفها وكذا موقعها ‪ ،‬وهو تغيير‬
‫فرضته ضرورة عدم التدخل في قوانين السوق السياسية واإلقتصادية‪ .‬فالليبرالية السياسية‬
‫ال تقبل بوجود دولة تراقب الحياة اإلجتماعية[‪ ،]180‬هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى ‪،‬‬
‫فإن نظام العولمة أدى إلى خلق أنواع جديدة من المشكالت والتحديات ال تستطيع الدول‬
‫واإلدارات بشكلها الكالسيكي لتعامل معها ومواجهتها ‪ ،‬وما الحفاظ على البيئة وحمايتها‬
‫من التلوث ومحاربة اإلرهاب على النطاق العالمي ألمثلة دالة على هذه المواضيع‬
‫المستجدة‪.‬‬
‫إن إعادة النظر في دور الدولة يتزامن مع العودة القوية للنظام النيوليبرالي الذي‬
‫يتميز بثالثة (‪ ).‬خصائص‪:‬‬
‫إدماج الدولة في النظام العالمي ‪ système monde‬؛‬ ‫‪o‬‬
‫إعادة اإلعتبار لقدرات ومبادرات اإلنسان ؛‬ ‫‪o‬‬
‫الرجوع إلى اإلقليمية عبر مأسسة السلطات والقرارات‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫فمذهب التخلي الجديد [‪ ]désengagement‬ينبني على إضعاف دور الدولة‬
‫وقدرتها على خلق التغيير‪ ،‬بحيث تضمحل سلطة المركز لصالح الحلول التي تقدمها‬
‫الوحدات التؤابية ‪ ،‬وهو ما يطرح أسئلة جديدة على دور الوحدات اإلدارية المحلية‬
‫(الجماعية) في تدبير قيادة هذا التحول خاصة وأن النموذج البيروقراطي السلطوي أصبح‬
‫محط انتقاد و لم يعد وحده يجسد المصلحة العامة التي طالما شكلت عنصر ارتكازه‬
‫األساسي‪.‬‬
‫فالعولمة إذن ساهمت إلى حد كبير في تناقض سلطة الدولة الوطنية وانحصار‬
‫صياغة وإعداد السياسات العمومية وتفعيلها ومراقبة تنفيذها من منظور وطني خالص ‪،‬‬
‫وذلك من جراء انتقال بعض صالحياتها للمؤسسات الدولية أو للقطاع الخاص الوطني‬
‫واألجنبي ‪ ،‬وهذا ناتج بطبيعة الحال عن آثار التكنولوجيا المعلوماتية التي شهدها العالم‬

‫‪]180[ -‬‬ ‫‪Ben ali (d), « l’Etat nation à l’heur des mutations politico-économiq ajustement économique et‬‬
‫‪libéralisation politique » , in l’Etat nation perspective des territoires , l’Hamattan 1999. p :59.‬‬

‫‪84‬‬
‫والتي هي من مظاهر العولمة الحديثة ‪ ،‬حيث شكلت قوة ضرب وتحرك في سبيل اختراق‬
‫الحدود الطبيعية للكيانات الوطنية ‪ ،‬ومن تم تكتسي العولمة صيغة احتواء لإلقتصاديات‬
‫النامية وإدماجها في اإلقتصاد العالمي ‪ ،‬وأكثر من ذلك فالعولمة اإلقتصادية تستهدف‬
‫تجحيم وتدجين الدولة الوطنية المستقلة ‪ ،‬إذ تتطلب العولمة كما يقول الدكتور جالل أمين‬
‫[‪.]181‬‬
‫"الدولة الرخوة وليست الدولة القوية الوطنية المستقلة"‬

‫اإلدارة الجماعية بين أزمة الفعالية وضرورة التحديث‬ ‫ب‪-‬‬


‫تشكل الريادة اإلدارية أحد أهم المرتكزات األساسية ألي نهوض تنموي بصرف‬
‫النظر عن النهج المتبع ‪ ،‬سواء كان نحو اإلعتماد على الذات في التنمية المستقلة ‪ ،‬أو نحو‬
‫اإلندماج في منظومة اإلقتصاد العالمي ‪ ،‬خاصة إذا تعلق األمر بالدول النامية ‪ ،‬بحيث‬
‫تعتبر تنمية اإلقتصاد الوطني ركيزة أساسية في أي مشروع تنموي ‪ ،‬والشك أن غياب‬
‫مثل هذه اإلدارة أو سوء أدائها يمثل سببا مركزيا في النتائج المتواضعة للتنمية على صعيد‬
‫[‪.]182‬‬
‫الدول‬
‫إن التحوالت التي يعرفها المنتظم الدولي خصوصا التحول من منطق التعامل مع‬
‫الدولة وسيادتها مباشرة إلى منطق الشبكات غير القومية ‪ ،‬جعل من إصالح اإلدارة‬
‫وتحديثها مهمة رئيسية ألي مشروع مجتمعي يهدف إلى تحقيق التنمية ‪ ،‬وهو ما يتطلب‬
‫إنخراط جل الفعاليات والقوى الحية والفاعلة والمؤثرة في المجتمع وتعبئتها وتسخير‬
‫قدراتها وإمكاناتها الذاتية لخدمته وإنجاحه ويعد العنصر البشري الحلقة األساسية لكل‬
‫عملية تحديث إداري ‪ ،‬إال أنه ال يكفي وحده لتحقيق التنمية إن أغلقت باقي المحاور‬
‫األخرى المتالزمة ‪ ،‬فعلى الصعيد اإلداري هناك إصالح جذري ملموس للبنيات اإلدارية‬
‫والقواعد المنظمة لها وللسلوك اإلداري ‪ ،‬إلسقاط مختلف الحواجز واإلكراهات التي تشمل‬
‫روح المبادرة ونقص الهمم والعزائم وتلغي الكفاءة والجودة والنجاعة في األداء‬
‫[‪.]183‬‬
‫اإلداري‬

‫[‪ - ]181‬مصطفى الكثيري ‪ ،‬تأمالت في التغيير واإلصالح بالمغرب" ‪ ،‬دار النشر المغربية ‪ ،‬الدار البيضاء طبعة ‪ ، 8008‬ص‪.22 :‬‬
‫[‪ - ]182‬أسامة عبد الرحمان ‪ " ،‬تنمية التخلف وإدارة التنمية في الوطن العربي وفي النظام العالمي الجديد" ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪،‬‬
‫‪ ، 1222‬ص‪.81 :‬‬
‫[‪ -]183‬مصطفى الكثيري ‪ ،‬تأمالت في التغيير واإلصالح بالمغرب" مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.133 :‬‬

‫‪85‬‬
‫إن ما ينبغي القيام به اليوم ليس فقط إصالح اإلدارة ‪ ،‬بل تحديثها اتستجابة‬
‫للتطورات التي يشهدا العالم بما يعني ذلك من مراجعة دور الدولة في المجتمع بكيفية‬
‫تؤدي إلى إرساء عالقة متينة مبنية على المسؤولية والفعالية والشفافية ‪ ،‬بحيث يوضع‬
‫التأكيد مبدئيا على التصور الجديد للسلطة وعالقتها بمحيطها أو بيئتها ‪ ،‬وهذا هو المفتاح‬
‫الذي يشكل مدخال للتغيير في األفق يكون من شأنه جعل اإلدارة المقل األعلى ‪ ،‬ووسيلة‬
‫أحسن إلدماج اإلداري في المجتمع[‪.]184‬‬
‫وعلى خالف اإلصالح اإلداري الذي تتجلى آثاره في مظاهر التدبير والمساطر‬
‫والهياكل ‪ ،‬فإن التحديث اإلداري له متطلبات أكثر وهي تهم تنظيم مستويين‪ :‬السياسي‬
‫واإلداري ؛ ألنه أضحى من المقبول القول بأن التحديث اإلداري ال ينفك عن تحديث الدولة‬
‫‪ ،‬فهم متالزمان وكالهما يؤثر في األخر ‪ ،‬على اعتبار أن تحديث اإلدارة الجماعية يساهم‬
‫هو في حد ذاته تحديث لإلدارة العمومية وللدولة نفسها والعكس صحيح ‪ ،‬غير أن خوض‬
‫غمار اإلصالح والتحديث ال يجب أن يظل حبيس نظرة قطاعية ‪ ،‬بل يجب أن ينصرف‬
‫نحو اعتماد نظرة شمولية تسعى إلى تحديث اإلدارة وفق منظور يدمج مختلف األبعاد‬
‫اإلجتماعية السياسية اإلقتصادية الثقافية التربوية والمؤسساتية ‪ ،‬لذا فنجاح أي سياسة‬
‫إصالحية يتو قف على أن تندرج في إطار مقترب شامل لكافة الحساسيات يدمج الدولة‬
‫والمجتمع ‪ ،‬لكي تنتقل سياسة الدولة اإلصالحية من محاربة األوهام إلى تصور يرتكز‬
‫على النهوض الشامل بأوضاع اإلدارة والدولة[‪ .]185‬هذا فضال عن تأهيل المجتمع من‬
‫أجل أن يستوعب اإلصالحات المراد إدخالها ‪ ،‬وتعويض ثقافة الجمود بثقافة الحركية‬
‫والخلق واإلبداع‪.‬‬
‫إن من بين أهم األسباب التي تجعل من التحديث اإلداري أمراً ملحا ً في زمن‬
‫العولمة نجد‪:‬‬
‫‪ -‬النسق الزمني‪ :‬فالهياكل اإلدارية التي تعتبر بمثابة كائنات حية تلحقها شيخوخة ‪،‬‬
‫يجب إعادة تكييفها ومالءمتها للواقع ‪ ،‬بالنظر للنقالت العميقة التي يعرفها المجتمع ؛‬

‫[‪ - ]184‬علي سدجاري ‪ " ،‬تأهيل اإلدارة للعولمة"‪ ،‬منشورات مجموعة البحث في المجال والتراب ‪ ،‬منشورات كريت)‪ ، (Gret‬طبعة ‪،.8000‬‬
‫ص‪.101 :‬‬
‫[‪ -]185‬عبد الحفيظ أدمينو ‪ " ،‬نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب" ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.201 :‬‬

‫‪86‬‬
‫‪-‬النسق األخالقي‪ :‬ومعناه أنه يجب حماية اإلدارة ضد نفسها وضد محيطها وضد‬
‫السلطات العمومية وضد كل محاولة لالستغالل تعد خيانة للوظيفة ‪ ،‬وهذا ما يفترض‬
‫بالطبع وجود سلطات سياسية شجاعة قوية ومنسجمة ؛‬
‫‪ -‬النسق اإلستراتيجي‪ :‬بمعنى جعل اإلدارة أكثر مردودية وكفاءة وأقل كلفة قادرة على‬
‫خلق الثروة وتحريك النمو‪.‬‬
‫النسق األخير يكتسي طابعا خارجيا ‪ ،‬ألن األمر يتعلق بالضرورة الملحة بتكييف‬
‫اإلدارة مع السياق العالمي والجهوي ‪ ،‬وباختصار فالعوامل الخارجية التي تؤثر في دور‬
‫الدولة هي من صنفين‪ :‬األول يرتبط بالتغيرات التي يعرفها النظام العالمي ‪ ،‬ذلك أن‬
‫المفهوم الواسع للعولمة يؤدي إلى إفراز آثار على اإلدارة نفسها والتي ضلّت مدة طويلة‬
‫سجينة تصورات المركزية وتجسيد سلطة الدولة ‪ ،‬أما الصنف الثاني فهو مرتبط اإلندماج‬
‫المغربي ‪ ،‬سواء مع اإلتحاد األوربي الذي يرتبط مع المملكة المغربية باتفاقية‬
‫[‪]186‬‬
‫‪ ،‬أو مع القارة اإلفريقية المتجسد في الرجوع القوي للمقرب إلى الحضن‬ ‫الشراكة‬
‫اإلفريقي‪.‬‬
‫وإذا كانت العوامل الخارجية المتمثلة في مساعدات المنظمات الدولية ‪ ،‬وكذا‬
‫تحوالت العولمة قد أدت إلى إدماج المغرب في النظام العالمي ‪ ،‬و اإلسراع في إصالح‬
‫اإلدارة وتحديثها ‪ ،‬فإن ضرورة تشجيع اإلستثمار خاصة األجنبي منه أصبح شعار‬
‫المرحلة الراهنة ‪ ،‬مما يشكل سببا أساسيا يدفع باتجاه التحديث‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلدارة الجماعية وتحدي اإلستثمار الخارجي‬
‫تقوم العولمة في جوهرها على مبدأ الحرية اإلقتصادية وفتح الحدود أمام الشركات‬
‫من أجل اإلستثمار ‪ ،‬بحيث ال تعترف بالحدود بمفهومها القديم ؛ مؤ ّمنة وبصورة كبيرة من‬
‫طرف القوى التي تستخدمها والمتمثلة في صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وكذلك‬
‫منظمة التجارة العالمية والشركات المتعددة الجنسية ‪ ،‬وما ظهر مؤخرا أطلق عليه أممية‬
‫رؤوس األموال ‪ ،‬فمنظمة التجارة العالمية تقوم بتحرير التجارة العالمية ‪ ،‬في حين يراقب‬
‫صندوق النقد الدولي اقتصاديات معظم دول العالم وطبعا لصالح الرأسمالية العالمية ولم‬

‫[‪ - ]186‬إدريس الكراوي ‪ " ،‬اإلقتصاد المغربي‪ -‬التحوالت و الرهانات"‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ص‪.181 :‬‬

‫‪87‬‬
‫يفت الدول النامية بأن عمل صندوق النقد الدولي يتجه لخدمة مصالح الدول الغنية الثمانية‬
‫وخاصة منها الواليات المتحدة األمريكية وذلك بفتح األسواق وفتح الحواجز أمام‬
‫اإلستثمارات األجنبية ‪ ،‬وهو ما يتطلب العمل على خلق الظروف المالئمة لحرية المبادرة‬
‫والتجارة‪.‬‬
‫والمغرب كغيره من البلدان دخل نهج السوق مما حتم عليه العمل على توفير إدارة‬
‫قادرة على تنظيم القطاع وحمايته ‪ ،‬وذلك بإدخال مناهج جديدة تتماشى والتدبير‬
‫اإلقتصادي الحديث(ثانيا) ولكن قبل ذلك البد من إلقاء نظرة على واقع اإلدارة اإلقتصادية‬
‫في المغرب ‪ ،‬وذلك حتى يتسنى لنا الوقوف على مكامن الخلل (أوال)‬
‫أوال‪ :‬اإلدارة الجماعية وإشكالية عدم مواكبة تحديات العولمة‬

‫تعد ظاهرة العولمة أهم تحدي يواجه المجتمعات ‪ ،‬والدول في العصر الحالي؛‬
‫وآثار هذه الظاهرة ال يقتصر على جانب بحد ذاته ‪ ،‬وإنما يشمل جميع الجوانب اإلنسانية‬
‫والجوانب اإلدارية ليست استثناء‪ .‬لهذا فإن التحديات التي تواجه اإلدارة متعددة ‪ ،‬وذات‬
‫آثار كبي رة وعميقة ‪ ،‬وهذه األخيرة تحاول المحافظة على استقرارها وديمومتها في ظل‬
‫هذه المتغيرات المحيطة بها التي تتصف بالتغير وعدم االستقرار‪.‬‬

‫ففي ظل التحرير المتزايد للمبادالت الدولية ‪ ،‬فإن الدولة أضحت مطالبة بلعب أدوار‬
‫جديدة ليس فقط على صعيد وضع وتحديث البنيات المؤسساتية والقانونية ‪ ،‬ولكن أيضا‬
‫على صعيد االستثمار سواء االستثمار المباشر في البنيات التحتية أو على صعيد توفير‬
‫المناخ المالئم لإلستثمارات الخاصة واإلدارة العمومية الترابية ومنها الجماعية تأخذ حيزا‬
‫هاما في تحديد مصير هذه االستثمارات ‪ ،‬حيث بالرغم من كون هذه األخيرة تعد عامال‬
‫محفزا على استقطاب االستثمارات سواء األجنبية أو الوطنية ‪ ،‬تبقى مسؤوليات ومهام‬
‫اإلدارة محددة‪.‬‬

‫وقد أضحى الجميع مقتنع بالدور الهام الذي يمكن أن يلعبه اإلستثمار الخاص‬
‫األجنبي والوطني لتحقيق نمو إقتصادي معقول ‪ ،‬و كذا التغلب على اإلشكاالت التي‬

‫‪88‬‬
‫يواجهها المجتمع ‪ ،‬وذلك في إطار إستراتيجية شمولية‪.‬‬

‫وإذا كان هذا المسعى يستوجب إدارة فعالة ‪ ،‬فإن واقع اإلدارة المغربية يؤكد بما ال‬
‫يدع مجاال لشك أن هناك عدة عراقيل تحول دون تحقيق أهدافها لعل أهمها التعقيد‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫فاإلدارة المغربية عرفت وال تزال تعرف نزوحا نحو البيروقراطية ‪ ،‬كما تعتبر‬
‫بمثابة بناء أجوف أو آلية جامدة ال تقوم على العقالنية ‪ ،‬بل تتحكم آليات تقليدية وعالقات‬
‫شخصانية تطغى على معظم أعمالها [‪ .]187‬فهي إدارة عقيمة وذات نمط مغلق حيث تتعامل‬
‫مع فئة معينة تحددها ‪ ،‬في حين أن المرتفق ال يمكنه ولوج هذه اإلدارة رغم القوانين‬
‫واإلمكانيات المتاحة والتي ال تلقى سبيلها إلى لتطبيق [‪ ،]188‬وما يزيد األمور تعقيدا هو‬
‫عجز اإلجراءات والمساطر اإلدارية مواكبة التغيرات التي يعرفها المجتمع والدولة ‪ ،‬ما‬
‫ولد نوعا من الجمود والتعقيد المبالغ فيه من خالل إخضاع كل التعامالت للقانون‬
‫والشكليات الرسمية ‪ ،‬وذلك من خالل إخضاع كل وظيفة أو خدمة تقدم للمرتفق لمجموعة‬
‫من القواعد واإلجراءات التي تتميز بصفة الثبات والعمومية والعالقة التي تربط المرتفق‬
‫باإلدارة ‪ ،‬وقد شكلت اإلجراءات والمساطر اإلدارية التي يخضع لها المستثمرون‬
‫الخواص نموذجا واضحا للتباعد القائم بين اإلدارة ومتطلبات التنمية ببالدنا ‪ ،‬فوضعية‬
‫التنظيم اإلداري المغربي وواقع اشتغال األجهزة وكذا طبيعة مسلسل اتخاذ القرار‬
‫اإلداري تعتبر عوامل محددة لوضعية التعقيد التي تميز إجراءات اإلستثمار الخاص‬
‫بالمغرب[‪.]189‬‬

‫وعموما يمكن تلخيص اإلختالالت التي تساهم في تكريس خاصية التعقيد‬


‫اإلداري في مستويين‪:‬‬

‫‪ -)1‬على مستوى اإلدارة‪ :‬إن أول ما يصطدم به المستثمر الخاص سواء األجنبي أو‬

‫[‪ - ]187‬محمد أمين بن عبد هللا ‪" ،‬إعادة التفكير في اإلدارة"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬عدد ‪ 3‬سنة ‪ ، 1223-1221‬ص‪.2 :‬‬
‫[‪ - ]188‬علي سدجاري ‪ " ،‬اإلدارة بين التقليد والتحديث" مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.88 :‬‬
‫[‪ - ]189‬عبد الحمبد بن شقرون‪ " ،‬تشجيع اإلستثمار الخاص بالمغرب وإشكالية تعقيد المساطر واإلجراءات اإلدارية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪8001-8000 ،‬‬
‫‪ ،‬ص‪.11 :‬‬

‫‪89‬‬
‫الوطني هو مشكل تعدد المتدخلين ‪ ،‬بحيث تتعدد اإلدارات واألجهزة المتدخلة في الميدان‬
‫‪ ،‬وينتج عن هذه الوضعية اختالفات مستمرة بين المؤسسات اإلدارية ‪ ،‬فالمستثمر يجد‬
‫نفسه ملزما بالتعامل مع العديد من اإلدارات وطرق أكثر من أربعين (‪ )91‬بابا ً بغية إتمام‬
‫[‪]190‬‬
‫‪ ،‬وإلى جانب ذلك فإن التنسيق يعتب‬ ‫اإلجراءات التي تخوله اإلستثمار بالمغرب‬
‫بمثابة الوظيفة األساسية التي تحقق التكامل و اإلنسجام الحاصلين بين الفاعلين داخل‬
‫األجهزة اإلدارية ‪ ،‬كما يعمل التنسيق على تجنب تكرار الوظائف المزدوجة ‪ ،‬وتطهر‬
‫أهمية التنسيق أكثر داخل جهاز إداري متضخم ينحو نحو التوسع ويفتقد إلى قانون‬
‫التواصل المؤسساتي ‪ ،‬وهي بكل تأكيد وضعية الجهاز اإلداري في المغرب ‪ ،‬فبالرغم من‬
‫كل المحاوالت العديدة التي استهدفت تنسيق الجهود اإلدارية ‪ ،‬إال أنها ال زالت تصطدم‬
‫بالتكرار واإلزدواجية والتعارض والتضارب في العمليات ‪ ،‬وأهم دليل يجسد ذلك هو‬
‫غياب التواصل مع المحيط الخارجي وحتى الداخلي أي بين تواصل اإلدارات فيما‬
‫بينها[‪.]191‬‬

‫مما سبق يالحظ وجود تعارض بين متطلبات التنمية وبين طريقة اتخاذ القرار‬
‫اإلداري في المغرب ‪ ،‬وذلك بسبب المركزية المفرطة التي تعاني منها اإلدارة والتي أدت‬
‫إلى تجميع سلط اتخاذ القرار بيد اإلدارة المركزية ‪ ،‬وهو ما يؤثر سلبا على سرعة اتخاذ‬
‫القرار‪.‬‬

‫‪ )8‬على مستوى إكراهات السلوك اإلداري‪ :‬ويتعلق األمر هنا بمجموعة من‬
‫التصرفات الصادرة عن العاملين داخل اإلدارة أثناء تعاملهم مع المستثمر الخاص ‪ ،‬بحيث‬
‫[‪]192‬‬
‫األفراد داخل الجهاز اإلداري محددا أساسيا لمدى فعالية األجهزة‬ ‫يعد سلوك‬
‫المؤسساتية ‪ ،‬خاصة وأن هذه األخيرة ينضر إليها كأطر مجردة تكتسب نجاعتها وقدرتها‬

‫‪]190[ - Rapport préliminaire, « Le parcours de l’investisseur au MAROC- l’agence des ETATS-UNIS pour le‬‬
‫‪développement international », price water house Cooper, novembre 1998 ,p :11 .‬‬
‫‪]191[ - Hasouni Abdellah, « La politique d’encouragement des investissement privé étrangers au MAROC », thèse‬‬

‫‪de doctorat d’Etat, université des sciences juridique politique sociales et de technologie , stratsbourg, 1985,‬‬
‫‪p:710.‬‬
‫* [‪ " – ]192‬السلوك باختصار هو مجموع الطرق والوسائل التي يسلكها الكائن الفردي واإلجتماعي استجابة لمؤثرات قابلة للرصد والقياس‬
‫بمعايير وقيم المحيط الذي ينتسب إليه "‪ .‬أورده ‪ - :‬حميد قهوي ‪ " ،‬مساهمة في دراسة سلوك اإلدارة المغربية"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 8008-8001 ،‬ص‪.18 :‬‬

‫‪90‬‬
‫على ال تواصل اإليجابي مع اآلخرين بناء على التجاوب الذي يعبر عنه الفاعلون‬
‫المركزيون داخلها أي اإلداريون [‪.]193‬‬

‫إن خاصية التعقيد التي تميز عالقة اإلدارة بالمستثمرين ليست فقط مرتبطة بالعوامل‬
‫الخارجية ‪ ،‬بل هي أيضا نتاج مساهمة العاملين أنفسهم داخل اإلدارة ‪ ،‬هذه األخير‬
‫باعتبارها تنظيم تقوم بتنفيذ السياسات العمومية للدولة ‪ ،‬وتتواصل مع محيطها الخارجي‬
‫بناء على نسق محدد ‪ ،‬غيران فعالية ذلك النسق تبقى رهينة بدور الفاعلين الذين يحركونه‬
‫ويؤثرون فيه[‪.]194‬‬

‫وبذلك فإن التعقيد اإلداري الذي يطبع المساطر واإلجراءات اإلدارية يرتبط في‬
‫جان ب منه بسلوكات إدارية منحرفة وبعقليات ال تستند في حاالت متعددة إلى إي أساس‬
‫قانوني أو تنظيمي أو أي اعتبار تمليه ضرورة المصلحة[‪ ،]195‬ضمن هذا السياق ‪ ،‬ينظر‬
‫إلى السلوك اإلداري كسلوك تغلب عليه في أحيان كثيرة خاصية السرية التي تترجم‬
‫هاجس الحيطة والحذر وعدم القدرة على التواصل من جانب الموظف العمومي الذي‬
‫يتحصن بمقتضيات الفصل ‪ 12‬من قانون الوظيفة العمومية المتعلق بالسر المهني وهو ما‬
‫يجعل اإلدارة المغربية من أكثر اإلدارات العمومية تعلقا بالسر اإلداري و أقلها شفافية ‪،‬‬
‫هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى نجد الموظف يمتنع عن إعطاء كل المعلومات ويسعى في‬
‫القابل الحتكارها وهذا المعطى باألساس هو الذي يؤثر على عالقة المستثمر باإلدارة‬
‫وعلى قدرته على الحصول على المعلومات التي يحتاجها[‪.]196‬‬

‫وإلى جانب ذلك فإن المتغيرات والتحوالت التي يعرفها العالم شكلت واقع جديد‬

‫[‪ - ]193‬عبد الحمبد بن شقرون ‪ " ،‬تشجيع اإلستثمار الخاص بالمغرب وإشكالية تعقيد المساطر واإلجراءات اإلدارية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪،8001-8000 ،‬‬
‫ص‪.38 :‬‬
‫‪]194[ - Cozier Michel, Fridberg (f), « L’acteur et le système des contraintes de l’action collective », édition du seul‬‬

‫‪1977, p :8.‬‬
‫[‪ - ]195‬عبد هللا شنفار ‪ " ،‬اإلدارة المغربية ومتطلبات التنمية"‪ ،‬دراسة سوسيو‪-‬قانونية وتحليلية ‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية ‪ ،‬سلسلة أعمال ومؤلفات جامعية ‪ ،‬العدد ‪ ،8000 ، 12 ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪]196[ - Gllovedec-Genuts (f), « problème et méthodes d’amélioration de la communication à l’intérieur de‬‬

‫‪l’administration et entre celle-ci et la population en tenat compte des différentes contexte socio-culturel in‬‬
‫‪cootro (la proche socio-culturelle communicative et participative de l’administration publique) », IISA_unisco‬‬
‫‪1986,p : 58.‬‬

‫‪91‬‬
‫وكذلك مفاهيم وتقنيات إدارية جدي دة ‪ ،‬تتسم بمالمح ورؤى تتوافق مع الطبيعة العامة للعالم‬
‫المعاصر القائم على الحركة والتغيير والعلم والتقنية واالنفتاح واالنتشار والتواصل‪.‬‬
‫وتمثل هذه األفكار اإلدارية الجديدة األساس الذي تبنى عليه فلسفة وتقنيات إدارة الموارد‬
‫البشرية اإلستراتيجية‪ .‬وإدارة المنظمات على اختالفها ومن ثم تعتمد فلسفة اإلدارة الجديدة‬
‫المفاهيم والتوجهات التالية كأساس لتنظيم إلدارة الموارد البشرية بها‪:‬‬

‫‪ -‬االقتناع بأهمية المناخ الخارجي المحيط باإلدارة وضرورة التعامل معه وعدم‬
‫االنحصار في داخل المنظمة ؛‬

‫‪ -‬التوجه بالسوق في كافة القرارات واالختيارات التي تتخذها اإلدارة ‪ ،‬عمال‬


‫وقواعد احتكام ومعايير تعكس ظروف السوق ومتطلباته ؛‬

‫‪ -‬السعي إلرضاء المرتفقين من خالل تقديم الخدمات في الوقت وباألسلوب وفي‬


‫المكان وبالشروط التي يقبلونها ؛‬

‫‪ -‬استثمار تقنية اعادة التنظيم والهيكلة وتطوير المعلومات واألساليب والعالقات‬


‫البشرية في ضوء إمكانيات تقنية المعلومات ؛‬

‫‪ -‬الترابط والتشابك بين قطاعات ومستويات اإلدارة وفيما بينها وبين اإلدارات‬
‫األخرى المحلية أو الخارجية ذات العالقة‪.‬‬

‫إذن ؛ ال مناص للمغرب من العمل على تأهيل وتحديث إدارته وتكييف بنياته‬
‫التنظيمية الكالسيكية مع مستلزمات العولمة ‪ ،‬وذلك بتهيئ إدارة عصرية متمكنة من‬
‫تكنولوجيا المعلومات تجهيزا وممارسة ‪ ،‬وامتناعها عن ممارسة األنشطة اإلنتاجية‬
‫التنافسية التي تتركها للخواص في إطار توزيع أفضل لألدوار بين القطاعين العام‬
‫والخاص بمعنى أن تكون الدولة مجبرة على إعادة النظر في أدوارها أمام تحديات‬
‫العولمة‪.‬‬

‫على اعتبار أن العولمة تفرض المرور من الدولة القوية والمحاطة بشبكة المصالح‬

‫‪92‬‬
‫وجماعات الضغط واإلقطاعيات التقليدية إلى الدولة اإلستراتيجية التي تخول لنفسها‬
‫وساءل من أجل التوقع والتقسيم والتدبير والضبط والتحديث‪.‬‬

‫فبخصوص التوقع والتق سيم ؛ فإن الدولة بامتالكها لعناصر التحليل الماكرو والميكرو‬
‫اقتصادي تستطيع إعادة النظر في االتجاهات الثقيلة العبء ورهانات المستقبل وتوجيه‬
‫القرار وتفضيل الحوار المسبق بين الشركاء االجتماعيين حول التحديثات التي يجب القيام‬
‫بها‪.‬‬

‫وفيما يخص التدبير ‪ ،‬فيجب إعادة نشر مستخدمي اإلدارة تماشيا مع خريطة الحاجة‬
‫الجديدة ‪ ،‬كما يجب إلغاء مختلف ذيول اإلدارة التي لم تعد نافعة وتقوية العملين الذين‬
‫يكونون إدارة حقيقية للمواطنين ‪ ،‬ويجب البدء بإلغاء الوظائف الوهمية باإلدارة الجماعية‬
‫والتخفيض التدريجي من نفقات ميزانيات التسيير‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالضبط والتحديث ؛ تقتضي العولمة تخفيفا قويا للمساطر واإلجراءات‬
‫اإلدارية التي تخنق روح االبتكار وتلجم النشاط االقتصادي ‪ ،‬كما تقتضي إصالح النظم‬
‫ال قانونية التي تولدت عن سياقات سياسية لإلستقالل والبناء الموجه القتصاد والتي لم تع‬
‫لها أي صلة بالرهانات الحالية الملقاة على عاتق الدولة ومنها على مختلف اإلدارات‬
‫العمومية‪ .‬ومن الواضح أن التحديث أو اإلصالح السياسي واإلداري يتكامالن بصورة‬
‫تبادلية ويمكن أن تكون هذه اإلصالحات مدخالً لعصرنة العمل اإلداري إذا ما أخدنا بعين‬
‫االعتبار أن المنتخبين الجماعيين لهم نصيبهم في هذا اإلصالح وبهم يتم ‪ ،‬نظرا لقربهم من‬
‫المواطن وكل سلوك يصدر منهم يكون معيار لتقييم عملهم ‪ ،‬وهذا من شأنه أن يؤدي إلى‬
‫تجاوز التعقيد اإلداري‪.‬‬

‫وعل يه فإذا كان التعقيد اإلداري قد ساهم بشكل كبير في عرقلة المشاريع اإلستثمارية‬
‫؛ فإن اإلعتماد على المناهج الجديدة في مجال التدبير الحديث ‪ ،‬يعد مدخال أساسيا لتأهيل‬
‫اإلدارة الجماعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مناهج التدبير الحديثة بوابة لتأهيل اإلدارة الجماعية‬

‫‪93‬‬
‫إن االنتقال الفعلي من تسيير شؤون الموظفين إلى تدبير الموارد البشرية باإلدارة‬
‫الجماعية ‪ ،‬ال يكتمل فقط بإعادة النظر في اإلطار القانوني والتنظيمي للوظيفة الجماعية ‪ ،‬بل‬
‫األمر أكبر من ذلك ‪ ،‬أي ضرورة اعتماد وتوظيف العناصر األخرى للتدبير توظيفا صحيحا‬
‫حتى يمكننا أن نصل إلى تدبير للموارد البشرية باإلدارة الجماعية كنظيره المعمول به على‬
‫صعيد المنظمات الخاصة‪.‬‬
‫وتتمثل العناصر األساسية لت دبير الموارد البشرية في التخطيط والتنظيم والتوظيف‬
‫وتقييم ألداء ‪ ،‬ثم التحفيز ‪ ،‬لهذا فال يمكن أن ينفصل أي عنصر تدبيري عن باقي العناصر‬
‫األخرى ‪ ،‬وبالتالي فذلك الترابط واالنسجام بينهما هو الذي يؤدي إلى حسن استعمال‬
‫واستغالل المنظمة لمواردها البشرية‪.‬‬
‫وقد أدى دخول المغرب إلى نظام السوق الليبرالية إلى ضرورة تطوير مناهجه‬
‫وإمكاناته التنافسية لالستجابة لحاجيات المواطنين المتزايدة وحاجات الشركاء اإلقتصادين ‪،‬‬
‫لهذا أصبح لزاما على اإلدارة المغربية أن تتطور كزميالتها في باقي دول العالم ‪ ،‬وذلك‬
‫باعتماد أساليب جديدة في توجيه نمط التدبير اإلداري ‪ ،‬كالتسيير المرتبط بالنتيجة المحصلة ‪،‬‬
‫وكذا ترشيد الن فقات من أجل تلبية حاجيات المرتفقين وتقديم خدمات نوعية وذات جودة عالية‬
‫وتكلفة أقل وهذا ما يعرف في النظامين اإلداري والتدبيري بالنظام التعاقدي [‪le système‬‬
‫‪.]197[ ]contractuel‬‬

‫هذا النظام الذي عرف تطورا ال مثيل له في توجيه تمط التدبير اإلداري ‪ ،‬كما قدم‬
‫ر سميا كنتيجة منطقية للتوجهات الجديدة من أجل إرساء آليات اقتصاد ليبرالي والذي‬
‫يفترض وجود إدارة أقل تدخال وأكثر فعالية ‪ ،‬فالتعاقد يعتبر من اآلليات القانونية األكثر‬
‫مالءمة لتحقيق التعاون وتوحيد الجهود وتوفير الشروط الموضوعية والذاتية لتعبئة كل‬
‫[‪]198‬‬
‫‪ ،‬والتعاقد بهذا المعنى‬ ‫األطراف المهتمة والمتدخلة من انصهارها في بوتقة العمل الجاد‬
‫يعتبر وسيلة لحكامة جيدة ألنه يمكن من تحقيق ازدواجية الدولة األقل تدخال واألكثر فعالية‪.‬‬

‫[‪]197‬‬‫‪-LUC de Wulf, « modernisation des secteurs publics dans les P.V.D : in la mise a niveau de l’administration‬‬
‫‪face à la mondialisation » édition l’Harmattan, 1222, p :239.‬‬
‫[‪ - ]198‬مصطفى حنين ‪ "،‬البعد اإلقتصادي للجهة بالمغرب"‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ‪ ،‬عدد خاص يونيو ‪ ،8001‬ص‪.11:‬‬

‫‪94‬‬
‫إن النظام التعاقدي كوسيلة من وسائ ل التدبير الحديثة له ارتباط وثيق بتدويل السياسات‬
‫اإلقتصادية ؛ لكونها سياسة مفروضة من قبل المنظمات الدولية والتي تربط بها مساعداتها ‪،‬‬
‫وهو وسيلة تخطيط بالنسبة للدولة حيث يمكنها من توجيه الفعاليات اإلقتصادية العمومية‬
‫والخاصة للعمل في إطار التوجهات السياسية المرسومة من قبل السلطات المركزية‪ ،‬وفي‬
‫هذا الصد فالنظام التعاقدي يترجم إرادة الفاعلين وكذا ترشيد الوسائل والطرق بهدف‬
‫الوصول إلى تحقيق المصالح المشتركة‪ .‬وبالتالي فهذا النظام يعد وسيلة لتحديث اإلدارة على‬
‫اعتبار أن التعاقد بين الوحدات الترابية أضحى يشكل األداة القانونية األكثر مالءمة لتحقيق‬
‫التعاون بين الجماعات الترابية إلنجاز مشاريع كبرى مشتركة من قبيل فتح مناطق صناعية‬
‫أو البنى التحتية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وإذا كان التعاقد بين الجماعات الترابية يشكل أداة قانونية متميزة لتنسيق الجهود ‪ ،‬فإن‬
‫التعاقد بين الدولة والجماعات الترابية خاصة الجهات ‪ ،‬يشكل إطارا آخر من أجل التوازن‬
‫الجهوي وذلك عن طريق عقود التصاميم ‪ des contrats programme‬كآلية للتعاون‬
‫‪ ،‬وهذه اآللية تجعل الميادين التي يتوزع فيها اإلختصاص بين الدولة والجهات يتم القيام بها‬
‫بأعمال مشتركة في إطار إختصصاص كل جماعة مما يسمح بتكاثف الجهود وتماسك‬
‫[‪]199‬‬
‫من الدولة إلى الجهات حتمت عليها التفاوض‬ ‫المبادرات المحلية ‪ ،‬فنقل اإلختصاصات‬
‫بدل التنازع وانتهاج أساليب تعاقدية ‪ ،‬كوسيلة لتقويم وتدعيم العمل الجماعي وتوحيد تدخالت‬
‫جميع الفاعلين سواء على مستوى الدولة أو الجماعات الترابية[‪.]200‬‬

‫وفي هذا الصدد ؛ فقد أخذت الدولة تتخلي عن دورها التنموي التقليدي ‪ ،‬و تبنيها‬
‫لمفهوم الدولة المنظمة [‪ ،]l’Etat régulateur‬لعجزها عن تحقيق التنمية لوحدها ‪ ،‬نظرا‬
‫لقلة وسائلها وبطء إجراءاتها ‪ ،‬لذا بات من الضروري إشراك الفاعلين اإلقتصاديين‬
‫والوحدات الترابية في هذه العملية ‪ ،‬خاصة بعد التعديالت التي همت القوانين المنظمة لهذه‬
‫األخيرة ‪ ،‬كما أن دور القطاع الخاص قد تقوى خاصة بعد سياسة الخوصصة التي عرفها‬

‫[‪]199‬‬ ‫‪- Bruno Remonde, « Le couple état région et la mais en place des politique – in région croisé des chemnes‬‬
‫‪perspectives fronçais et enjeux Européen » s/d Elaizabith dupioner presse de la fondation nationale des‬‬
‫‪sciences politiques Paris 1998, p : 71.‬‬
‫‪]200[ - Mohamed Zriouli, « l’administration public au Maroc quel avenir », édition Okad 1990, p :74.‬‬

‫‪95‬‬
‫المغرب في السنوات األخيرة في القطاعات العمومية بهدف تقليص تدخل الدولة في عدة‬
‫ميادين ‪ .‬لهذا فإن التعاقد يساهم بشكل أو بآخر في تحديد دور الدولة وجعله أكثر فعالية وليس‬
‫أكثر حجما ‪ ،‬ذلك أن القطاع الخاص أبان عن قدرته على اإلستجابة للمتطلبات المتزايدة‬
‫للمجتمع في حين أن القطاع العام غير من طريقة عمله ليتوجه إلى طريقة التسيير المتبعة من‬
‫طرف الخواص‪.‬‬

‫وإلى جانب ما سبق ذكره ؛ تعتبر الموارد البشرية أهم محرك لإلنتاج والعامل األساسي‬
‫في تطوير وتحديث اإلدارة الجماعية ‪ ،‬وعلى هذا األساس ‪ ،‬فإن إشكالية تدبير هاته الموارد‬
‫من األمور التي تشكل حاجزا أمام تحقيق حكامة جيدة ‪ ،‬فحسن التدبير ال يمكن أن يتم إال إذا‬
‫وكلت إدارة أقسام ومصالح الموارد البشرية لمن لهم رصيد مهم من التجارب و لهم دراية‬
‫وتكوين في هذا التخصص‪.‬‬
‫وانطالقا من النظريات المتعددة في مجال تدبير الموارد البشرية ‪ ،‬فإن اإلدارة ملزمة‬
‫بإشراك موظفيها في أي تحديث تزعم القيام به ‪ ،‬وذلك عبر مجموعة من التقنيات المعروفة‬
‫في هذا اإلطار ؛ كالتواصل ؛ التعبئة و التكوين‪...‬الخ‪.‬‬
‫إال أن واقع حال اإلدارة الجماعية بالمغرب ال يزال بعيدا عن التدبير الجيد للموارد‬
‫البشرية ‪ ،‬والسبب يعود باألساس إلى النموذج البيروقراطي الصرف المتسم بالمركزية في‬
‫تدبير الموارد البشرية‪.‬‬
‫وعليه ؛ فإن تحديث اإلدارة المغربية يحتاج إلى جرأة سياسية أكبر‪ ،‬فالخطاب الرسمي‬
‫ودستور المملكة يؤكدان على أن إصالح اإلدارة أصبح ضرورة ال محيد عنها ‪ ،‬إال أن‬
‫االنتقال إلى الفعل الزال يعاني من مجموعة من المعوقات ‪ ،‬وهذا األمر لن يتحقق إال إذا‬
‫تضافرت جهود كل الفاعلين ‪ ،‬بد ًء بالمواطن ‪ ،‬الموظف ‪ ،‬المنتخب ‪ ،‬هيئات المجتمع المدني‬
‫الحقيقي ‪ ،‬األحزاب السياسية الديمقراطية و الجهات العليا‪.‬‬
‫إن المغرب كما هو معروف يتميز باقتصاد دوالتي حيث تكون الدولة فيه وفي آن‬
‫واحد مالكة ومقاولة ومنتجة ومديرة ‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن أولى السياسات التي يجب تطبيقها‬
‫في هذا الصدد ‪ ،‬تتمثل في عادة النظر جذريا في دور الدولة في المجال اإلداري واإلقتصادي‬
‫تماشيا ومتطلبات العولمة‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫وعلى مستوى آخر؛ فقد كان من نتاج العولمة أنه تم التراجع واإلساءة لدولة الضمان‬
‫االجتماعي وذلك باسم سياسة تقشف الميزانية ‪ ،‬فلكي تكون الدولة ومن خاللها اإلدارة فعالة‬
‫وتنافسية ‪ ،‬يجب أ ن ال تكلف غاليا ‪ ،‬أيضا من نتائجها نذكر تفاقم مشكل البطالة ‪ ،‬لهذا فالدولة‬
‫رغم تطورها اقتصاد السوق تظل ملزمة بتأمين الحماية االجتماعية للمواطنين تحت طائلة‬
‫اشتداد اإلقصاء االجتماعي ‪ ،‬وبالتالي فالتضامن االجتماعي في ظل العولمة أصبح مهددا ‪،‬‬
‫لكن في مقابل هذا الشر خ االجتماعي ظهر ما يعرف بالعمل الجمعوي كأحد اآلثار غير‬
‫المتوقعة للعولمة والذي شجعه اإلنفتاح الديمقراطي ‪ ،‬هذا األخير عمل على سد الفراغ الذي‬
‫تركه انسحاب الدولة التضامنية من الميدان االجتماعي من ناحية ‪ ،‬وتحديد نشاط المنظمات‬
‫التقليدية كالجماعات والزوايا من ناحية أخرى ‪ .‬إذن ؛ فعلى المجتمع المدني أن يسد الفجوات‬
‫المتنامية والتي نتجت عن تقصير الدولة ‪.‬‬
‫وخالصة القول أن ما يجري اليوم انقالب جذري في العالقات بين الدول ‪ ،‬و يمكن‬
‫طرح التساؤل التالـي‪ :‬لمـن السيـادة في هذا العالـم الجديـد ؟‬

‫‪97‬‬
‫خاتمة الفصل األول‪:‬‬

‫لقد حاولنا من خالل هذا الفصل الوقوف على طبيعة اإلدارة الجماعية ومالمسة األسس‬
‫والمرتكزات التي تقوم عليها ؛ حيث تبين أن اإلدارة الجماعية تتطور وفق نسق تصاعدي‬
‫متدرج ‪ ،‬وهو ما الحظناه من خالل توفر اإلدارة على أرضية قابلة للتطور والتحديث ‪،‬‬
‫واستيعاب مختلف السياسات والبرامج اإلصالحية اكتسبتها نتيجة لرصيدها التاريخي‬
‫األصيل ‪ ،‬مستفيدة من الحركية المؤسساتية والقانونية التي شاهدتها البالد منذ فجر االستقالل‬
‫‪ ،‬دون أن ننسى ما جاء به دستور ‪ 8111‬من مستجدات ‪ ،‬وما صاحب ذلك من حركية غير‬
‫مسبوقة على مستويات عدة ؛ شكلت ثورة حقيقية خاصة في المجالين القانوني والمؤسساتي‬
‫‪ ،‬فالربط بين ما هو مؤسساتي وتدبيري ظل الثنائي األهم الذي ميز منحى التطور في اإلدارة‬
‫الجماعية ‪ ،‬واستجابة للترسانة القانونية والمؤسساتية والهيكلية المؤسسة لرهان التحديث ‪،‬‬
‫والتي تضمنها الدستور بهدف ترشيد اإلدارة باعتماد أخر مناهج التدبير والفعالية ‪ ،‬فإن‬
‫اإلدارة الجماعية تنتظرها عدة تحديات حتى يمكن أن تكون قاطرة لباقي المبادرات‬
‫اإلصالحية‪.‬‬

‫وتبقى المؤسسة الملكية هي القائد الحقيقي لمسيرة إصالح وتحديث اإلدارة المغربية منذ‬
‫انطالق مسلسل اإلصالح والتحديث‪،‬‬

‫‪98‬‬
‫هذا وقد لعبت االس تراتيجيات المتخذة من طرف السلطات العمومية في مجال التحديث‬
‫اإلداري دور كبير في تطوير العمل اإلداري ‪ ،‬باإلضافة إلى انفتاح اإلدارة الجماعية على‬
‫المؤسسات اإلستشارية ‪ ،‬إال أن ذلك لم يصل إلى مستوى طموحات المواطن‪.‬‬

‫والمالحظة التي يمكن استنتاجها هنا ؛ هي أن المقاربة القانونية والمؤسساتية غير كافية‬
‫لتحديث اإلدارة الجماعية ‪ ،‬إذ يجب البحث عن مقاربات أخرى من أجل إيجاد الحلول الممكنة‬
‫إلشكالية عميقة تهم مجال تقديم الخدمة للمترفقين والمواطنين على حد السواء‪.‬‬

‫من جهة أخرى ‪ ،‬تعرضنا لمختلف المتغيرات الداخلية والخارجية التي فرضت عدة‬
‫تحديات أظهرت حجم اإلختالالت التي تعاني منها اإلدارة الجماعية ‪ ،‬كما كشفت عن طبيعة‬
‫األزمة داخل هذه اإلدارة ؛ وهي أزمة متعددة الجوانب بنيوية وظيفية ‪ ،‬قانونية بشرية ‪،‬‬
‫تساهم بشكل كبير في جعل اإلدارة الجماعية المغربية ال تواكب التطور الذي يعرفه المجتمع‬
‫على جميع المستويات ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى التحديات التي فرضتها العولمة‪.‬‬

‫فالتحديات الداخلية أثرت بشكل كبير على اإلدارة وجعلتها ال تؤدي وظيفتها في مسلسل‬
‫التنمية ‪ ،‬فالطبيعة الهرمية لإلدارة المغربية والمقتبسة من النموذج الفرنسي ادت إلى سيادة‬
‫البيروقراطية اإلدارية ‪ ،‬وما ينتج عنها من استفراد في اتخاذ القرارات ‪ ،‬يغلب عليها طابع‬
‫االرتجالية والعشوائية ‪ ،‬هذا دون أن ننسى ضعف المشاركة في التنمية اإلدارية‪.‬‬

‫في حين تعود األسباب األخرى إلى جوانب إدارية محضة مرتبطة بغياب التدبير‬
‫الحديث داخل اإلدارة الجماعية واإلقتصار على المعالجة التقليدية دون األخذ بعين االعتبار‬
‫الواقع الذي أفرزها‪.‬‬

‫والمالحظ أنه لم تكن هذه التحديات نتيجة عوامل داخلية فقط ؛ بل كذلك نتيجة‬
‫إلكراهات خارجية مرتبطة أساسا بالعولمة‪.‬‬

‫وهي تحديات تشكل في حد ذاتها دافع نحو التحديث‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫الفصـــــــــــــــل الثـاني‪:‬‬

‫نــح ـ ـ ـ ـ ــو إدارة جمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعيـ ــة‬

‫‪100‬‬
‫حــديثـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫بمرور أكثر من قرن من الزمن على استعمار المغرب من طرف فرنسا واسبانيا‬
‫(‪ )8118-1418‬وأكثر من نصف قرن على حصول المغرب على استقالله ‪ ،‬يكون الوقت قد‬
‫حان للوقوف على ما تم تحقيقه م ن إنجازات وما لم يتحقق نتيجة إلخفاقات ‪ ،‬فهي لحظة‬
‫تاريخية تتطلب وقفة تأمل لتشخيص وتقييم المرحلة الراهنة ‪ ،‬مع استحضار الروح الوطنية‬
‫واستنهاض الهمم في سبيل تشييد دولة حديثة يكون لها مستقبل واعد ‪ ،‬فإذا كانت هذه المناسبة‬
‫فرصة لتعريف أجيال اليوم بتاريخ وطنهم الحديث ‪ ،‬فإنها أيضا تشكال موعدا مفصليا ال‬
‫محيد عنه في تاريخ بناء الدولة الحديثة ‪ ،‬وذلك بالنظر لحجم اإلصالحات الدستورية‬
‫والسياسية التي استهل بها المغرب األلفية الجديدة وأعطت نفسا ً جديداً للجهود المبذولة على‬
‫أكثر من صعيد وفي أكثر من مستوى‪.‬‬

‫فالتعديالت الدستورية األخيرة شكلت منعطفا جديدا خاصة على مستوى الجماعات‬
‫الترابية التي افرض لها الدستور باب خاص بها ‪ ،‬كما شكل صدور القوانين الجديدة المنظمة‬
‫قفزة نوعية في صيرورة هذه األخيرة ‪ ،‬اعتباراً لما تضمنته هذه‬ ‫[‪]201‬‬
‫للجماعات الترابية‬
‫النصوص القانونية من مستجدات وتوسيعها وتدقيقها لإلختصاصات ‪ ،‬مما يعني معه أن‬

‫[‪ - ]201‬القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬


‫‪ -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫اإلدارة الجماعية أضحت مكون رئيسي إلى جانب مختلف المؤسسات العمومية في مجال‬
‫النهوض والتأسيس لدولة حديثة قوامها اقتصاد قوى يلبى طموحات الشعب المغربي في‬
‫الرخاء والتنمية الشاملة‪.‬‬

‫فهذه اإلصالحات شملت جميع مفاصل الحياة السياسية واألمنية واالقتصادية‬


‫واالجتماعية للدولة ؛ إنها تؤسس النطالقة تنموية قائمة على األمن واالستقرار‪ ،‬خصوصا ً‬
‫في زمن التقلبات والتحوالت التي نعيشها من حولنا ‪ ،‬وال شك أن هذه األخيرة سوف تسهم‬
‫في إدارة شؤون البالد وفق إدارة حديثة قوامها الشباب الطموح ‪ ،‬ألنها صدرت وفق‬
‫إستراتيجية تتطلع لبناء المستقبل الواعد للمملكة وفق أطر تأسيسية وتنظيمية تمهيداً لنقل‬
‫بالدنا إلى مرحلة جديدة خالل حقبة زمنية محددة ‪ ،‬وهذه القرارات الشك أنها قرارات‬
‫مدروسة وجادة تصدر من أعلى سلطة في البالد من ملك يمتلك خبرات واسعة تكونت لديه‬
‫منذ نعومة أظ فاره ‪ ،‬فهو من تبنى النماء واعتاد على البناء ‪ ،‬وهو من حول خطط التنمية إلى‬
‫واقع ملموس من خالل المسؤوليات الكبيرة التي توالها خالل مسيرة عطائه لهذا الوطن‪.‬‬

‫هذا كله يترجم السعي نحو القضاء على البيروقراطية التي تعيق الكثير من اإلنجازات‬
‫‪ ،‬ويؤكد العزم على تطوير األداء الحكومي وكذلك العمل الجماعي ‪ ،‬كما أن مضامين‬
‫اإلصالحات الدستورية تؤكد بما ال يدع مجاالً للشك أنها جاءت لخدمة المواطنين بكافة‬
‫أعمارهم وشرائحهم واهتماماتهم وتسعى إلى تحقيق رفاههم ‪.‬‬

‫مما سبق يتضح أن اإلدارة الجماعية تنتظرها آفاقا ً واسعة ومفتوحة على التطور ‪،‬‬
‫ولعب أدوار رئيسية في ظل المسيرة التنموية والبناء الديمقراطي للبالد‪ .‬فأمام التطور الكبير‬
‫الذي عرفته تكنولوجيا اإلتصال والتواصل اليومي مع مجتمعات متطورة رقميا وإعالميا ‪،‬‬
‫وفي ظل التراجع الذي يشهده مبدأ السيادة لصالح الشركات الدولية وحركية النظام‬
‫اإلقت صادي والمالي العالمي السريعة ‪ ،‬وانتشار المصالح المادية على حساب القيم األخالقية‬
‫التضامنية ‪ ،‬واإلنتقال من مبادئ التدبير اإلقتصادي المبني على المصالح المتبادلة نحو‬
‫التدبير المصلحي األناني ‪ ،‬وفي ظل الصراع الكبير على المواقع الجيو‪ -‬سياسية إثر إعادة‬
‫رسم الخريط ة العالمية ‪ ،‬بناء على معطيات جديدة تتمثل أساسا في بروز العبين جدد على‬

‫‪102‬‬
‫الساحة الدولية يؤثرون في القرار العالمي ‪ ،‬وكذا ظهور جيل جديد من األزمات الدولية من‬
‫قبيل عدم قدرة األمم المتحدة على فرض السلم واألمن وحل النزاعات بطرق سلمية وتنامي‬
‫ظاهرة اإلرهاب واتساع ر قعته بمختلف أشكاله وصوره خاصة في السنوات األخيرة ‪،‬‬
‫واشتداد ضراوته وعنفه وأصبح يهدد أمن الدول استقرارها ‪ ،‬باإلضافة إلى انتشار ظاهرة‬
‫االحتقان الطائفي البغيض و امتداد رقعته لما يشكله من تهديد لكيان األمم وتفتيت لوحدتها‪.‬‬

‫أمام هذه العوامل أصبح لزاما على المغرب أن يكون في الموعد لمواكبة التطورات‬
‫[‪]202‬‬
‫إستباقية تعتمد التواصل واإلنفتاح واإلبداع ثم الحفاظ على‬ ‫العالمية بتبني استراتيجيات‬
‫المكتسبات وتثمينها ؛ وهي مسؤولية تلقى على عاتق كل مكونات الدولة دونما استثناء بد ًء‬
‫بالجهاز التنفيذي والتشريعي وصوالً إلى أصغر مكون للمجتمع المدني‪.‬‬

‫واعتبارا لما سبق فإن تناولنا لهذا الفصل سينصب على نقطتين أساسيين ‪ :‬أولهما‬
‫سيتطرق إلى جهود السلطات العمومية في عملية تحديث اإلدارة الجماعية من خالل‬
‫االستراتيجيات المعتمدة في هذا اإلطار (المبحث األول) ‪ ،‬وثانيهما سينكب بالدراسة والتحليل‬
‫على مستقبل اإلدارة الجماعية في ظل التطبيقات والتوجهات الجديدة في مجال التحديث ‪،‬‬
‫ومدى مواكبتها للبرامج الدولية وللعمق اإلفريقي (البحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إستراتيجية تحديث اإلدارة الجماعية‬

‫إذا كان الورش الكبير المفتوح حاليا حول تحديث اإلدارة الترابية ومنها الجماعية ‪ ،‬في‬
‫ظل التغيير الديمقراطي خيارا ال رجعة فيه ‪ ،‬فإن إنجاز هذا المشروع المجتمعي النهضوي‬
‫الذي بلورته القناعة الجماعية واإلرادة السياسية ‪ ،‬والتوافق بين أعلى سلطة في البالد والقوى‬
‫الديمقراطية ‪ ،‬رهين بمدى ترجمته على أرض الواقع وتجسيده في الحياة اليومية لتعظيم‬
‫فوائده ومكاسبه والتخفيف من كلفته وأعبائه‪.‬‬

‫[‪ - ]202‬يفيد إصطالح "إستراتيجية" في األدبيات المعاصرة دالالت مختلفة ‪ ،‬وفي –اعتقادنا‪ -‬؛ إن الداللة التي أبرزها[ محمد خليفة التونسي –‬
‫في كتابه‪ " -‬أضواء على لغتنا السمحة" ‪ ،‬ص‪ ].28-20 :‬؛ هي األصوب للكلمة األنجليزية » ‪ « Strategy‬التي تعرب باإلستراتيجية مأخوذة عن‬
‫الفرنسية عن الالتينية ؛ عن أًل إغريقي هو‪ « Strategos » :‬بمعنى القائمة هو مركب من كلمتين ‪ « startos » :‬أي جيش و » ‪ « AGA‬وأما‬
‫بقي ة المعنى فتشمل األهداف الكبرى ‪ ،‬كما تشمل كل األعمال التنفيذية للشروع في العمل وضمان سيره أو تفوقه في آمان ‪ ،‬وسير وسرعة قبل‬
‫مباشرته فعالً‪ .‬أنظر‪ :‬محمد شريف ‪ ،‬اإلدارة اإللكترونية رهان اإلصالح والتحديث – نموذج المدرية العامة للضرائب‪ ، -‬بحث لنيل شهادة =‬
‫=الماس تر في القانون العام ‪ ،‬تخصص تدبير اإلدارة المحلية ‪ ،‬جامعة الحسن األول ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجتماعية‪ -‬سطات ‪،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ، 8002-8002‬ص‪.83 :‬‬

‫‪103‬‬
‫فالخط السياسي للتصريح الحكومي يتميز بحمولة كبيرة من اإلشارات القوية برمزيتها‬
‫والمبادرات اإلصالحية في سموها وقوة برنامجية إقتراحية في مقاصدها وثوابتها في صنع‬
‫المشهد السياسي والمجتمع العصري بناء على قواعد الحداثة السياسية والشفافية وتخليق‬
‫الحياة العامة وحسن التدبير والحكم الرشيد‪ .‬وطبيعي أن هذا البناء الهادف للتغيير يستوجب‬
‫تضافر الشروط والعوامل الذاتية والموضوعية الضرورية لتعبئة الطاقات والقدرات الكامنة‬
‫في المجتمع‪.‬‬

‫واإلدارة الجماعية كإطار مؤسساتي وتنظيمي وأدواتي بتأثيراته وعالقاته وتفاعالته مع‬
‫مشهد الحياة اليومية في واجهاتها المتعددة تتموقع في قلب فضاءات ومجاالت التغيير؛ فهي‬
‫بالتأكيد نقطة اإلنطالق والحلقة األولى التي يجب أن يبدأ بها ومنها التغيير لمكانتها الوازنة‬
‫في الحياة العامة كوسيط بين الشرعية السياسية وجمهور المواطنين ومختلف الفاعلين‪.‬‬

‫فمتى يستقيم التحديث والعود اإلداري أعوج؟ وهل يستطيع التحكم في إنجاز التغيير من‬
‫ال يمك أدوات إنجازه مهما كانت قدراته الفكرية وتصوراته النظرية وحسه الديمقراطي؟‬

‫وهنا يحضرني قول الشاعر الذي تساءل عن جدوى ما نبنيه » إذا كنت تبني وغيرك‬
‫يهدم! « ‪ ،‬أال فانهضوا أيها النيام واستحدثوا أنفسكم !‬

‫وعليه فإن معالجة كل هذه المقاربات سيسمح بتناول جهود الدولة في عملية تحديث‬
‫اإلدارة الجماعية (المطلب األول) ‪ ،‬و دور الشفافية في تقريب اإلدارة من المواطن (المطلب‬
‫الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬جهود السلطات العمومية في عملية التحديث اإلداري‬

‫لقد أجمع رأي الممارسين واألكاديميين في حقل اإلدارة على األهمية القصوى للحكامة‬
‫الجيدة في تحقيق نتائج مثالية في اإلدارة الجماعية (الفقرة األولى)‪ ،‬وهو ما ينطبق أيضا على‬
‫الشفافية اإلدارية نظرا لدورها الفعال في تقريب اإلدارة من المواطن ( الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكامة اإلدارية الجيدة مدخل أساسي لتحديث اإلدارة الجماعية‬

‫‪104‬‬
‫تحديث اإلدارة أو التحديث اإلداري ‪ ،‬باإلمكان اعتباره مدخال مساعدا لمقابلة الحكامة‬
‫اإلدارية في توجهها المغربي ‪ ،‬فرغم الحضور التاريخي المحدود لتحديث اإلداري ‪ ،‬إال أنه‬
‫سيعرف نقلة نوعية بصدور دستور ‪.8111‬‬

‫أوال‪ :‬الحكامة الجيدة كآلية لتحديث اإلدارة الجماعية‬

‫في رسالة موجهة إلى أشغال الدورة الخامسة للجماعات والحكومات المحلية بإفريقيا‬
‫)‪ (AfriCités‬المنعقدة بمراكش بتاريخ ‪ 81-12‬دجنبر ‪ ، 8114‬أكد جاللة الملك محمد‬
‫السادس بأنه "[‪ ]...‬في إطار تقوية وتأطير الديمقراطية المحلية والحكامة المحلية الجيدة‬
‫فإن المغرب سيؤسس لجهوية موسعة تهم جميع جهات المغرب" ‪ ،‬ثم جاءت اإلصالحات‬
‫الدستورية لسنة ‪ 8111‬التي شكلت قفزة نوعية ومدخال أساسيا في اتجاه تكريس الحكامة ‪،‬‬
‫[‪]203‬‬
‫ال أدل‬ ‫ولعل تخصيص الدستور الجديد باب بأكمله للحكامة الجيدة (الباب الثاني عشر)‬
‫على ذلك‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار أشارت الوثيقة الدستورية في تصديرها في فصلها األول[‪]204‬والفصل‬


‫[‪]205‬‬
‫إلى الحكامة الجيدة ‪ ،‬ثم جاء في الفصل ‪ 114‬على أن" تكون الهيئات المكلفة‬ ‫‪111‬‬
‫بالحكامة مستقلة وتستفيد من دعم أجهزة الدولة‪ "...‬وقد شرع في تنزيل هذه المقتضيات بعد‬
‫أن تم تنصيب الحكومة المنبثقة عن تشريعات ‪ 81‬نونبر ‪ 8111‬وألول مرة تضم قطاعا‬
‫حكوميا (وزارة) مكلفة بتحديث القطاعات العامة والحكامة ‪ ،‬في إشارة قوية على اقتران‬
‫تحديث اإلدارة باعتماد آليات الحكامة الجيدة[‪.]206‬‬

‫وقد تم تكريس هذا التوجه باعتماد المناظرة الوطنية األولى للحكامة[‪ ]207‬كموعد وطني‬
‫يساهم في تكريس الحكامة داخل المؤسسات والسياسات العمومية ‪ ،‬ودعت المناظرة في‬
‫صيغتها األولى إلى إحداث منظومة متكاملة للحكامة تبتدئ بوضع إطار مؤسساتي (الهيئة‬

‫* [‪ - ]203‬وقد خص الدستور الجديد لسنة ‪ 8011‬ضمن الباب الثاني عشر(‪ )18‬المتعلق بالحكامة ثمانية عشرة فصالً [ من الفصل ‪ 111‬إلى الفصل‬
‫‪.]121‬‬
‫[ ‪ -]204‬ينص الفصل األول من دستور المملكة المغربية ‪ ،‬البند الثاني منه على أنه ‪ " :‬يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ‪،‬‬
‫وتوازنها وتعاونها ‪ ،‬والديمقراطية المواطنة والتشاركية ‪ ،‬وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة"‪.‬‬
‫[‪ -]205‬وهذا الفصل ينص على أنه " يحدد ميثاق للمرافق العمومية قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير اإلدارات العمومية والجهات والجماعات‬
‫الترابية األجهزة العمومية" ؛ الفصل ‪ 111‬من دستور المملكة لسنة ‪.8111‬‬
‫‪-http://www.mmsp.gov.ma‬‬ ‫[‪ - ]206‬المملكة المغربية ‪ ،‬وزارة الوظيفة العمومية و تحديث اإلدارة ؛ الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫[‪ - ]207‬المناظرة الوطنية األولى للحكامة‪ ،‬تحت شعار (اإللتقائية) ‪ ،‬الصخيرات ‪ ،‬بتاريخ ‪ 1.-11‬فبراير ‪.811.‬‬

‫‪105‬‬
‫الوطنية للحكامة) واعتماد ميثاق اإللتقائية لتفادي الهدر المالي والتداخل الموضوعي‬
‫والمجالي[‪ . ]208‬وهذا ما يجعل من الحكامة التزام ال محيد عنه بالنظر لحجم اإلصالحات التي‬
‫إنخرطت فيها البالد والتي جاءت بذورها في سياق وطني ودولي يتسم ب[‪:]209‬‬

‫التزام الحكومة بتنزيل الدستور في إطار مسلسل دمقرطة المجتمع وتخليق‬ ‫‪‬‬
‫تدبير الشأن العام ‪ ،‬وانفتاح اإلقتصاد الوطني على محيطه الدولي ؛‬
‫إطالق مجموعة من اإلصالحات القطاعية خصوصل في التعليم والقضاء‬ ‫‪‬‬
‫والصحة والسكن ‪ ،‬وتمتيع العالم القروي بالتجهيزات األساسية من ماء وكهرباء وطرق‬
‫ومدارس ؛‬
‫تشجيع اإلستثمارات األجنبية والولوج للبنيات التحتية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فبالنظر لحجم اإلختالالت التي مست العديد من القطاعات والمجاالت السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ...‬وأثر ذلك على التمتع بالعديد من الحقوق والحريات ومسار‬
‫التنمية والديمقراطية ‪ ،‬وفي خضم تحوالت عالمية نوعية همت طريقة اتخاذ القرار وكيفية‬
‫صناعة السياسات العمومي ة وطرق المحاسبة وبعد مخاض ليس باليسير تم الخلوص إلى أن‬
‫تحقيق التنمية ومحاربة الفساد رهين بمدى إعمال آليات وقواعد الحكامة في مختلف‬
‫القطاعات وسائر المجاالت[‪.]210‬‬

‫ولتحقيق ذلك كان من الضروري التوفر على إدارة حديثة يمكن المراهنة عليها لتحقيق‬
‫التنمية المستدامة وإنعاش اإلستثمار ‪ ،‬وفي هذا السياق جاء برنامج الحكامة المحلية والتنمية‬
‫[‪]211‬‬
‫‪ ،ART-GOLD Marco‬كنتاج عمل تشاوري بين مؤسسات وطنية ودولية‬ ‫بالمغرب‬
‫عديدة في إطار برنامج األمم المتحدة للتنمية )‪ (PNUD‬الذي يضم سياسات الشراكة‬
‫األورو‪-‬متوسطية المعلنة في مؤتمر برشلونة اإلسبانية سنة ‪ ،1441‬وسياسات التنمية في‬
‫بلدان الشرق األوسط وشمال إفريقيا )‪ ، (MENA‬أو في إطار أهداف األلفية للتنمية المحددة‬

‫[‪ – ]208‬موالي محمد البعزاوي ‪ "،‬تحديث اإلدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية"‪ ،‬سلسلة البحث األكاديمي ‪،‬‬
‫منشورات مجلة العلوم القانونية ‪ ، MarocDroit.com ،‬مطبعة األمنية ‪ ، 8111 ،‬ص‪. 112 :‬‬
‫[‪]209‬‬
‫‪- Mohamed Samir Tazi , « Améliorer la gouvernance de la gestion publique » la Lettre d’information‬‬
‫‪trimestrielle du Groupe de la B.M. au Maghreb , 2007 , n° 05.‬‬
‫[‪ - ]210‬أحمد مفيد‪ ،‬الحكامة الجيدة على ضوء دستور ‪ ،8011‬المجلة المغربية للسياسات العمومية عدد‪ ، 8011/11 :‬ص‪.2:‬‬
‫[‪]211‬‬
‫‪- ART-GOLD Maroc , (Appui aux réseau Territoriaux Locale et Développement).‬‬

‫‪106‬‬
‫في قمة األلفية في شتنبر ‪ 8111‬وخصوصا تحت إسم الهدف الثامن" خلق شراكات شمولية‬
‫من أجل التنمية"[‪.]212‬‬

‫وقد فتحت هذه الشركات نقاشا عميقا وغير مسبوق بين القوى اإلقليمية يهم في مجمله‬
‫دعم ومساعدة الدول على اعتماد آليات الحكامة الترابية وعلى رأسها تحديث اإلدارة ودعم‬
‫الشراكة بين القطاع العام والخاص واعتماد اإلفتحاص والتدقيق وتطبيق القانون ‪ ،‬وباعتبار‬
‫اإلدارة المغربية تتصف ببنية مركبة ذات مكونين اثنين‪ :‬األول يتعلق بالبنية أو المكون‬
‫البشري وهذا يعتبر العنصر الفاعل في اإلدارة ‪ ،‬أما الثاني فهو مرتبط بالبنية التنظيمية وهذه‬
‫وسيلة عمل اإلدارة وهي تتشكل من طرق وآليات ومساطر وإجراءات إدارية‪ .‬والحكامة‬
‫اإلدارية تبقى في آخر المطاف ذات ارتباط بهذين المكونين أو المجالين ‪ ،‬وبدرجة التفاعل‬
‫معها من خالل‪:‬‬

‫التأثير في الموارد البشرية ؛ عن طريق إعادة النظر في وظيفة وتنشيط‬ ‫‪‬‬


‫وتسيير وتدبير الموارد البشرية ‪ ،‬واليت تهتم بإجراءات ما قبل التعيين وسياسات التعيين‬
‫وحتى التقاعد ‪ ،‬مروراً بالتكوين والـتأهيل والتحفيز فالتتبع والتقييم ثم اإلفتحاص والتدقيق‪...‬‬
‫الخ‪.‬‬
‫التأثير في الوضع التنظيمي لإلدارة ؛ وذلك عن طريق إعادة تنظيم الجهة ذات‬ ‫‪‬‬
‫العالقة اعتمادا على مبادئ علم اإلدارة ‪ ،‬وخاصة ما يتعلق منها بالتنظيم العلمي للعمل ‪،‬‬
‫والنظر في حجم وتنظيم اإلدارات المركزية والمصالح الخارجية وحذف الهياكل ‪ ،‬التي لم‬
‫تعد تستجيب لحاجيات المواطنين نتيجة إسناد مهامها إلى مؤسسات عمومية أو إلى هيآت‬
‫أخرى‪.‬‬
‫فالمجالين البشري والتنظيمي لإلدارة يفترضان في مقاربة حكامتها اإلعتداد بعناصر‬
‫ومؤشرات الحكامة الجيدة ‪ ،‬وهي بالترتيب الذي وظفناها به‪ » :‬المشاركة ‪ ،‬دولة القانون ‪،‬‬
‫الشفافية ‪ ،‬الفعالية ‪ ،‬المسؤولية ‪ ،‬التقييم ‪ ،‬الالمركزية ‪ ،‬والرؤية اإلستراتيجية « [ ‪.]213‬‬
‫وهذه مؤشرات تشكل في واقع األمر عالمات بل أكثر من ذلك فهي خارطة طريق لقياس و‬
‫[‪]212‬‬
‫‪- Programme des Nations Unies pour le Développement , Fiche de Projet Gouvernance – développement‬‬
‫‪humain ,2005-2006.‬‬
‫[‪ - ]213‬أحمد َمنيرة ‪ " ،‬اإلدارة العمومية المغربية وسؤال اإلصالح؟"‪ ،‬الشركة المغربية لتوزيع الكتاب ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 811.‬ص‪.19.-198 :‬‬

‫‪107‬‬
‫أجرأة التحول المطلوب في كل عملية تحديث لإلدارة ‪ ،‬ينبني على بلورة إستراتيجية إرادية‬
‫شاملة ومندمجة وتشاركية للتحديث‪.‬‬
‫المشاركة اإلدارية ؛ وهذا المؤشر يأخذ في مجال الحكامة اإلدارية بعدين‬ ‫‪‬‬
‫اثنين‪ :‬بعد عام ؛ يدفع إلى استحضار حضور ومشاركة المواطن خاصة المواطن المنتفع من‬
‫الخدمة العمومية في كل توجه يروم عمل وخدمات اإلدارة [إنتاجا ً ومواكبة وتتبع وتقييماً]‬
‫وب عد خاص ؛ وهذا يستلزم استحضار وتشجيع موضوع الشراكة خاصة الشراكة قطاع عام‪/‬‬
‫قطاع خاص[‪.(P.P.P)]214‬‬
‫المشروعية اإلدارية ؛ تنبني معايير المشروعية على جملة متعددة من‬ ‫‪‬‬
‫العناصر تتطلب اإلحترام منها‪:‬‬
‫‪ -‬خضوع نشاط اإلدارة في كل مراحله للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل حتى‬
‫يكتسب نشاطها صفة المشروعية ‪ ،‬ولهذا الخضوع جوانب عدة هي خضوع المعامالت‬
‫اإلدارية نفسها من ديتها إلى نهايتها للقوانين ‪ ،‬وكذا خضوع المتعاملين معها (موظفين‪-‬‬
‫مقوالت – مؤسسات‪ ، )...‬نفس األمر بالنسبة للموظفين واألعوان العاملين باإلدارة ؛‬
‫‪ -‬احترام حقوق وحريات المتعاملين مع اإلدارة ؛‬
‫‪ -‬خضوع اإلدارة ألحكام القضاء واإللتزام بتنفيذها في آجال معقولة ؛‬
‫الشفافية اإلدارية ؛ ويمكن مقابلتها بالعلنية ‪ ،‬وهذا يقتضي توفير‬ ‫‪‬‬
‫[‪]215‬‬
‫الدقيقة والوضوح في وقتها ‪ ،‬وبصفة عامة‪ ،‬فالشفافية هي أن تكون‬ ‫المعلومات‬
‫غير اإلدارية‬ ‫األفعال والقرارات واتخاذها مفتوحة للفحص من طرف جهات أخرى‬
‫كالمؤسسات الخارجية والمجتمع المدني‪ ،‬كما أنها إمكانية مهمة لتوسيع مجال الرقابة‬
‫والمحاسبة‪.‬‬

‫* [‪ - ]214‬تأخذ صيغة التعاقد أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص شكل العقدة‪ -‬البرنامج الذي يحدد التزامات وحقوق األطراف‪ ،‬ومن ذلك طريقة‬
‫التمويل التعاقدي الذي تمنح بواسطته السلطات العمومية لممونين خواص القيام بتمويل تجهيزات تعود لمصلح عمومية في مقابل أن توصل الشريك‬
‫الخصوصي بمقابل‪.‬‬
‫* [‪ -]215‬يستوجب الحق في المعلومة ثالثة (‪ ).‬ركائز أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫_ الركيزة األولى‪ :‬أن تكون المعلومة ميسرة ومتاحة للجمهور ؛‬
‫_ الركيزة الثانية‪ :‬أن تكون المعلومة وثيقة ذات الصلة بالموضوع ؛‬
‫_ الركيزة الثالثة‪ :‬توخي الدقة والحداثة في تلك المعلومة ؛‬
‫وهناك أدوات ووسائل تساعد على تكريس الشفافية ‪ ،‬منها على سبي المثال القوانين والمساطر ووسائل اإلعالم‪ .‬للمزيد من المعلومات أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عماد الشيخ ‪ " ،‬الشفافية ومراقبة الفساد – في الفساد والحكم الصالح في البالد العربية" ‪ ،‬منشورات مركز دراسات الوحدة العربية والعهد‬
‫السويدي باإلسكندرية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 8112‬ص‪.192 :‬‬

‫‪108‬‬
‫المسؤولية اإلدارية ؛ وهذه تأخذ بعدين اثنين ‪ :‬بعد قانوني ضيق وبعد أخالقي‬ ‫‪‬‬
‫واسع ‪ ،‬فالمسؤولية اإلدارية ؛ هي مسؤولية تنتج باألساس عن خطأ في أعمال اإلدارة ‪ ،‬غير‬
‫أنها تأخذ عدة تمظهرات خاصة على المستور األخالقي ‪ ،‬سواء في جوانبها السياسية‬
‫اإلقتصادية أو اإلجتماعية‪.‬‬
‫هذه األخيرة خاصة في جانبها اإلداري‬ ‫الالمركزية اإلدارية ؛ وتقضي‬ ‫‪‬‬
‫باإلعتراف بصالحيات إدارية لوحدات قانونية في مجاالت ذات اإلرتباط بالشؤون المحلية ‪،‬‬
‫وهو ما جسدته التعديالت األخيرة للقوانين المنظمة للجماعات الترابية ‪ ،‬خاصة ما يتعلق‬
‫بتفعيل الجهوية الموسعة وتقليص عدد الجهات من ‪ 12‬إلى ‪.18‬‬
‫اإلدارة اإلستراتيجية ؛ وتأخذ اإلدارة في هذا المستوى بالتخطيط الجيد أو‬ ‫‪‬‬
‫التخطيط اإلستراتيجي ذي البعدين المتوسط األمد والبعيد المدى ‪ ،‬مع تحديد للوسائل وأساليب‬
‫العمل واألهداف ‪ ،‬وذلك بهدف تخفيض التكاليف المالية والبشرية‪ .‬ويتضمن التخطيط‬
‫اإلستراتيجي ثالث (‪ ) .‬خطوات أو مراحل رئيسية تشمل كل واحدة منها خطوات ثانوية‬
‫مواكبة ؛ وهي التحليل اإلستراتيجي ثم صياغة اإلستراتيجية فاإلختيار اإلستراتيجي[‪.]216‬‬
‫إن المؤشرات المعتمدة لمقاربة الحكامة الجيدة اإلدارية كأجرأة متكاملة للتحديث‬
‫اإلداري ‪ ،‬يلزم أن يقوم على مقاربة مزدوجة في تعاطيها من المكونين البشري والتنظيمي‬
‫لإلدارة ‪ ،‬وهي مقاربة تقتضي اإلهتمام أكثر بالموارد البشرية ‪ ،‬واإلبتعاد عن تغليب الجوانب‬
‫الشكلية التقنية و المسطرية في كل عملية تحديث إداري‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد ؛ فقد شكلت المناظرة الوطنية األولى حول اإلصالح اإلداري إنطالقة‬
‫التفكير في تحديث اإلدارة المغربية وتكييفها مع الظروف و التطورات العالمية المتسارعة ‪،‬‬
‫كما ستشكل البوبات السبع المالمح الكبرى ألهداف اإلصالح اإلداري بالمغرب ‪ ،‬وبين‬
‫ترتيب االهداف واألولويات المعلنة ستأخذ هذه البوابات الترتيب التالي‪:‬‬

‫* [‪ -]216‬تكمن المهام اإلستراتيجية لإلدارة في عناصر أربعة ؛ وهي‪:‬‬


‫دعم الوظائف اإلستراتيجية والتوقعات المستقبلية ؛‬
‫_ العمل على تنمية الوظيفة اإلستراتيجية ‪ ،‬بما يفيد ذلك من القيام بالدراسات اإلقتصادية واإلدارية واإلجتماعية بهدف تخفيض التكاليف ؛‬
‫_ تحديد مهمة التخطيط لتحسين جودة القرار اإلداري ؛‬
‫_ إعداد وتقييم السياسات العمومية ؛ للتوسع أكثر أنظر‪ - :‬خليل حسين ‪ "،‬السياسة العامة في الدول النامية " دار المنهل اللبناني للطباعة‬
‫والنشر ‪ ،‬الطبعة األولى بيروت ‪ ، 7002‬ص‪.21-1. :‬‬

‫‪109‬‬
‫دعم الالتركيز اإلداري وإعادة تحديد مهام اإلدارة ؛‬ ‫‪-1‬‬
‫دعم األخالقيات بالمرفق العام ؛‬ ‫‪-8‬‬
‫تأهيل الموارد البشرية وتحديث أساليب تدبيرها ؛‬ ‫‪-.‬‬
‫إصالح منظومة األجور في الوظيفة العمومية ؛‬ ‫‪-9‬‬
‫تحسين عالقة اإلدارة بالمتعاملين معها ؛‬ ‫‪-1‬‬
‫تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية ؛‬ ‫‪-2‬‬
‫تنمية استعمال تكنولوجيا المعلوميات واإلتصال ؛‬ ‫‪-1‬‬
‫إن الحجم الكمي للتدابير وتوزيعها حسب البوابات السبع لإلصالح اإلداري سيعدل من‬
‫الترتيب العام بإعطاء األولوية لتأهيل الموارد البشرية‪ ،‬وسيضع عنصر الشفافية والمساءلة‬
‫التي هي من أبر آليات الحكامة ‪ ،‬وهذا اإلختالل إن لم نقل» التخبط « في أولويات التحديث‬
‫اإلداري ‪ ،‬مما يدفع إلى الدعوة إلى عقلنة اإلستراتيجيات بما يكرس أهداف ومرامي الحكامة‬
‫الجيدة في قطاع اإلدارة الجماعية ‪ ،‬ويسمح بإرساء مفاهيم من قبيل التخليق اإلداري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التخليق الشامل كإحدى مستلزمات الحكامة اإلدارية الجيدة‬

‫لم تتوانى التوجيهات الملكية السامية عن لفت النظر والتنبيه لخطر بعض الممارسات‬
‫الفاسدة على المنظومة اإلدارية ومردوديتها "[‪ ]...‬إن أول واجبات المرفق العام أن يلتزم‬
‫باألخالق الحميدة ‪ ،‬وأن يخدم المواطنين باإلخالص الجدير بالشأن العام والمصلحة العليا‬
‫على النحو الذي يقتضيه اإلختيار الديمقراطي في دولة الحق والقانون"[‪... ".]217‬فال مكان‬
‫للممارسات المخالفة للقانون ‪ ،‬في كل المجاالت ‪ ،‬مهما يكن مرتكبوها‪ .‬فمحاربة الرشوة‬
‫والفساد واستغالل النفوذ وإقطاعيات الريع وتوزيع الغنائم مسؤولية الجميع‪ :‬سلطات‬
‫[‪]218‬‬
‫وهيئات ‪ ،‬مواطنين وجماعات ‪ ،‬وذلكم في نطاق دولة المؤسسات والحكامة الجيدة "‬
‫وفي خطاب آخر أكد جاللته "[‪ ]...‬واننا لنحث مختلف الهيئات أن تمارس الصالحيات‬
‫المنوطة بها‪ ...‬ومع إدراكنا بأن الرشوة تعد معضلة ال يسلم منها أي مجتمع ‪ ،‬فإننا ال‬

‫[‪ - ]217‬مقتطف من الرسالة السامية الموجهة للندوة الوطنية حول دعم األخالقيات بالمرفق العمومي ‪ ،‬الرباط‪ ،.1-84 ،‬أكتوبر ‪.1444‬‬
‫[‪ -]218‬مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب ‪ 81 ،‬غشت ‪.8111‬‬

‫‪110‬‬
‫نعتبرها قدرا محتوما ‪ ،‬وقد آن األوان للتصدي ألضرارها الوخيمة ‪ ،‬المعرقلة للتنمية ‪،‬‬
‫والمنافية للقانون والمواطنة والتعاليم الدينية"[‪.]219‬‬

‫ويأتي هذا الحرص الملكي على محاربة مظاهر الضعف والفساد نتيجة تفاقم عدة‬
‫ظواهر سلبية ارتبطت باإلدارة العمومية كتعدد الهياكل وتعقد المساطر وتضخم أعداد‬
‫الموظفين واختالل منظومة األجور إضافة إلى أمراض الرشوة واإلختالس وغيرهما‪.‬‬

‫ولعل الدينامية الجديدة التي شهدها المغرب في اآلونة األخيرة جعلت إستراتيجية‬
‫محاربة جيوب الفساد تأخذ بعدا مؤسساتيا مهيكال من خالل التأسيس لشبكة من األجهزة‬
‫والقوانين ‪ ،‬كما اتخذت الحكومة مجموعة من اإلجراءات القانونية لترسيخ المبادئ والقيم‬
‫األخالقية منها ‪:‬‬

‫المصادقة عل اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ‪ ،‬بتاريخ ‪ 14‬ماي ‪، 8111‬‬ ‫‪‬‬
‫تم نشرها بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1142‬بتاريخ ‪ 11‬يناير ‪ 8112‬؛‬
‫إصدار مجموعة من القوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات ؛ وهي التي تروم‬ ‫‪‬‬
‫إنجاز مظاهر القصور التي تطال التشريع الجاري به العمل في هذا المجال ‪ ،‬وذلك على‬
‫مستوى األشخاص الملزمين بالتصريح ‪ ،‬وآليات المراقبة والتتبع؛‬
‫؛ الذي يهدف إلى إدراج مظاهر‬ ‫[‪]220‬‬
‫نشر القانون المتعلق بتبييض األموال‬ ‫‪‬‬
‫الفساد من رشوة واختالس واستغالل النفوذ ضمن عملية تبييض األموال ؛‬
‫؛ الذي يهدف إلى إرساء إطار‬ ‫[‪]221‬‬
‫نشر القانون المتعلق بالتدبير المفوض‬ ‫‪‬‬
‫قانوني واضح ومحدد ‪ ،‬لضمان الشفافية والنزاهة في المرفق العام المحلي‪.‬‬
‫إن ما ي مكن مالحظته في هذا الصدد ؛ هو أن النظام السياسي المغربي أعتمد لمحاربة‬
‫الفساد داخل اإلدارة العمومية مقاربة قانونية مؤسساتية ‪ ،‬غير أن هذه المقاربة لم تساعد على‬

‫[‪ -]219‬مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس بمناسبة إفتتاح السنة التشريعية ‪ ، 8114-8112‬الرباط ‪ 11‬أكتوبر ‪.8112‬‬
‫[‪ - ]220‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 1188‬الصادرة بتاريخ ‪ .‬ماي ‪.8111‬‬
‫[‪ - ]221‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 1919‬الصادرة بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪.8112‬‬

‫‪111‬‬
‫[‪]222‬‬
‫‪ ،‬فما هي إذن السبل التي من‬ ‫الحد من الظواهر الألخالقية التي تشوب عمل اإلدارة‬
‫شأنها أن تسعفنا لبلوغ إدارة أخالقية؟‬
‫لوقاية الصرح اإلداري من كل ما يخل بالسلوك المرغوب فيه ‪ ،‬والرفع من مستوى‬
‫أداء اإلدارة وترسيخ دولة الحق والقانون وتعميم الشفافية ومحاربة الرشوة وجميع مظاهر‬
‫الفساد ‪ ،‬وما إلى ذلك من مقومات أساسية تهدف إلى تحقيق النهضة المنشودة واإلرتقاء‬
‫ببالدنا إلى المستوى الالئق بها‪.‬‬
‫واستجابتا لإلرادة الملكية المعبر عنها من خالل الرسالة السامية الموجهة إلى‬
‫المشاركين في أشغال الندوة الوطنية حول دعم األخالقيات بالرفق العام المنعقدة بتاريخ ‪-84‬‬
‫‪ .1‬أكتوبر ‪ ، 1444‬والرامية إلى التعجيل باتخاذ ما يلوم من إجراءات عملية لتخليق الحياة‬
‫العامة ‪ ،‬وفي هذا الصدد أعدت وزارة تحديث القطاعات العامة قانونا [‪ ]223‬يهدف إلى‬
‫وضع آليات تمكن من استقبال وتتبع ومراقبة تصاريح األشخاص الخاضعين لمقتضيته‪ .‬أما‬
‫بالنسبة لتنفيذ األحكام القضائية فنجد أن التعليمات الواردة في منشور السيد الوزير األول عدد‬
‫‪ 9/44‬الصادر في ‪ 11‬فبراير ‪ 1444‬بشأن تنفيذ األحكام الصادرة ضد الدولة‪.‬‬
‫وفي إطار تكريس البعد األخالقي باإلدارة العمومية ‪ ،‬ومن أجل المحافظة والحماية‬
‫المؤسساتية لحقوق المواطن المغربي تم إحداث ديوان المظالم بمقتضى ظهير شريف رقم‬
‫‪ 1-11-842‬وتمت المصادقة على نظامه الداخلي بمقتضى ظهير شريف رقم ‪، 1-1.-891‬‬
‫وهو مؤسسة جاءت على غرار مؤسسات الوسيط التي تلعب دورا أساسيا في تقريب وجهات‬
‫النزر بين اإلدارة والمواطن وتخفيف العبء القضائي[‪ ، ]224‬ووعيا منها بأهمية المقاربة‬
‫األخالقية عملت حكومة التناوب على إعداد "ميثاق حسن التدبير " الذي يشكل إطارا مشتركا‬
‫لمرجعية تحدد القيم والمبادئ التي تكون منطلقا إلدارة العمومية التي يتحتم عليها تنفيذ تلك‬

‫[‪ - ]222‬عبد الغني عبيزة‪" ،‬سياسة التحديث اإلداري بالمغرب‪ -‬دراسة قانونية مؤسساتية" ‪ ،‬دار القلم الرباط ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 8111‬ص‪.111 :‬‬
‫[‪ - ]223‬القانون رقم ‪ 81.48‬المتعلق بإقرار األشخاص الذين يشغلون منصبا عموميا بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها‬
‫أوالدهم القاصرين‪.‬‬
‫[‪ -[224‬عبد الغني عبيزة ‪ ،‬سياسة التحديث اإلداري بالمغرب‪ -‬دراسة قانونية مؤسساتية‪ ،‬دار القلم الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،8111‬ص‪.118-111 :‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ ،‬ويعد "ميثاق حسن التدبير" إطاراً مرجعيا للقيم‬ ‫[‪]225‬‬
‫القيم في شكل أعمال ملموسة‬
‫والمبادئ الكبرى التي يجب أن تشكل أساس العمل في جميع اإلدارات ‪.‬‬
‫باإل ضافة إلى الهيئات والمؤسسات ذات الطابع " الكالسيكي" سواء السياسية منها ‪،‬‬
‫[كالبرلمان مثال] أو اإلدارية ‪[ ،‬كالمفتشيات العامة للوزارات] أو القضائية [كالمحاكم‬
‫اإلدارية والمالية] وهي مؤسسات ال يستهان بدورها في تعزيز أنظمة الشفافية والمساءلة‪.‬‬
‫حرص المغرب على استحداث هيئات جديدة تشكل جيال جديداً من أنماط الرقابة ‪ ،‬وحسبي‬
‫هنا الوقوف على نموذج واحد وهو؛ الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة‬
‫ومحاربتها[‪ ]226‬لصلتها المباشرة بموضوع البحث ‪ ،‬وبالموازاة مع ذلك تم إشراك المجتمع‬
‫المدني والقطاع الخاص ‪ ،‬باعتبارهم مداخل أساسية لتخليق الحياة العامة وكذلك لتقريب‬
‫اإلدارة من المواطن‪.‬‬

‫أ‪ -‬دور الهيأة الوطنية لمحاربة الرشوة في التخليق اإلداري‬


‫إن إحدات الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها [‪ ]227‬يأتي في إطار‬

‫تجاوب المغرب مع اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد[‪ ]228‬وال سيما المادة السادسة منه‬
‫التي توصي الدول األطراف بإحداث هيئة وطنية مستقلة ‪ ،‬تتولى الوقاية من الفساد ‪ ،‬ومن‬
‫خالل إحداث هذه الهيأة إنخرط المغرب في المجهود الدولي لمكافحة الفساد وتخليق الحياة‬
‫العامة‪.‬‬
‫وقد أناط المرسوم المحدث للهيأة المركزية للوقاية من الرشوة سابقا[‪ ،]229‬عدة‬
‫إختصاصات ‪ ،‬قبل أن يتم تعديل بالقانون رقم ‪ 11..18‬المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة‬
‫والوقاية من الرشوة ومحاربتها[‪.]230‬‬

‫[‪ - ]225‬علي سدجاري ‪" ،‬تصورات من أجل مشروع حداثي إلصالح اإلدارة المغربية‪ -‬تأهيل اإلدارة للعولمة" منشورات مجموعة البحث في‬
‫المجال والتراتب ‪ ،‬ص‪.118:‬‬
‫[‪ - ]226‬الفصل ‪ 121‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8111‬‬
‫[‪ - ]227‬ظهير شريف رقم ‪ ،0.01.81‬صادر في ‪ 20‬شعبان ‪(،0137‬يونيو ‪ )2101‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 003.02‬المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة‬
‫والوقاية من الرشوة ومكافحتها‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪8391‬بتاريخ ‪ 01‬رمضان ‪ 2( 0138‬يوليو ‪ ،)2101‬ص ‪.8191‬‬
‫* [‪ - ]228‬تم التوقيع عليها في ‪ 30‬أكتوبر ‪ 2113‬لتدخل حيز التنفيذ ابتداء من ‪ 01‬دجنبر ‪.2111‬‬
‫[‪ -]229‬مرسوم رقم ‪ ، 0226‬صادر بتاريخ ‪ 23‬صفر ‪0126‬ه‪ ،‬الموافق ل (‪ 03‬مارس ‪ )2119‬بإحداث الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة ‪،‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،1103‬بتاريخ ‪ 2‬أبريل ‪2119‬م‪.‬‬
‫[‪ - ]230‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 8391‬صادرة بتاريخ ‪ 01‬رمضان ‪ 0138‬الموافق ل(‪ 2‬يوليو ‪ ، )2101‬ص‪.8191:‬‬

‫‪113‬‬
‫فطبقا لمقتضيات الفصل ‪ 121‬من الدستور[‪ ، ]231‬تتولى الهيئة على الخصوص مهام‬
‫المبادرة والتنسيق واإلشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد ‪ ،‬وتلقي ونشر‬
‫المعلومات في هذا المجال ‪ ،‬والمساهمة في تخليق الحياة العامة ‪ ،‬وترسيخ مبادئ الحكامة‬
‫الجيدة‪ ،‬وثقافة المرفق العام ‪ ،‬وقيم المواطنة المسؤولة‪.‬‬
‫ولهذه الغاية ؛ تمارس الهيئة االختصاصات التالية ‪ ،‬مع مراعاة االختصاصات الموكلة‬
‫لسلطات أو هيئات أخرى بمقتضى النصوص التشريعية الجاري بها العمل‪:‬‬

‫‪ -‬تلقي التبليغات والشكايات والمعلومات المتعلقة بحاالت الفساد ودراستها‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫والتأكد من حقيقة األفعال والوقائع التي تتضمنها وفق المسطرة المنصوص عليها في الباب‬
‫الرابع من هذا القانون ‪ ،‬وإحالتها عند االقتضاء إلى الجهات المختصة؛‬

‫‪ -‬القيام بعمليات البحث والتحري عن حاالت الفساد التي تصل إلى علم الهيئة ؛‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬إعداد برامج للوقاية من جرائم الفساد واإلسهام في تخليق الحياة العامة ؛‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬العمل على نشر قواعد الحكامة الجيدة والتعريف بها ‪ ،‬طبقا لميثاق المرافق‬ ‫‪‬‬
‫العمومية المنصوص عليه في الفصل ‪ 111‬من الدستور؛‬

‫‪ -‬وضع برامج للتواصل والتوعية والتحسيس ونشر قيم النزاهة والسهر على‬ ‫‪‬‬
‫تنفيذها؛‬

‫‪ -‬إبداء الرأي بطلب من الحكومة ‪ ،‬بخصوص كل برنامج أو تدبير أو مشروع‬ ‫‪‬‬


‫أو مبادرة ترمي إلى الوقاية من الفساد أو مكافحته ؛‬

‫‪ -‬إبداء الرأي بطلب من الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان في مشاريع‬ ‫‪‬‬


‫و مقترحات القوانين ومشاريع النصوص التنظيمية ذات الصلة بمجال الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته ‪ ،‬كل فيما يخصه ؛‬

‫[‪ - ]231‬أنظر الظهير الشريف رقم ‪ 0.00.70‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬من شعبان ‪ 27( 0132‬يوليو ‪ )2100‬بتنفيذ نص الدستور؛ الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 1781‬مكرر بتاريخ ‪ 26‬شعبان ‪ 31( 0132‬يوليو ‪ )2100‬الفصل ‪ 089‬منه‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬تقديم كل اقتراح أو توصية إلى الحكومة أو إلى مجلسي البرلمان ‪ ،‬تهدف‬ ‫‪‬‬
‫إلى نشر وتعزيز قيم النزاهة والشفافية وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام‬
‫وقيم المواطنة المسؤولة ؛‬

‫‪ -‬تقديم كل مقترح أو توصية إلى الحكومة بشأن تبسيط المساطر واإلجراءات‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارية الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته؛‬

‫‪ -‬دراسة التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية واإلقليمية والوطنية المتعلقة‬ ‫‪‬‬


‫بوضع المغرب في مجال الفساد ‪ ،‬واقتراح اإلجراءات المناسبة وتتبعها؛‬

‫‪ -‬إنجاز دراسات وتقارير موضوعاتية حول مظاهر الفساد وسبل الوقاية منه‬ ‫‪‬‬
‫ومكافحته ونشرها ؛‬

‫‪ -‬إعداد تقرير سنوي حول حصيلة أنشطة الهيئة يقدم إلى البرلمان للمناقشة ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫طبقا ألحكام الفصل ‪ 121‬من الدستور؛‬

‫‪ -‬إقامة عالقات التعاون مع الهيئات العمومية والمنظمات غير الحكومية‬ ‫‪‬‬


‫والجامعات ومراكز البحوث الوطنية والدولية ذات األهداف المماثلة في مجال الوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته وتبادل الخبرات في هذا المجال ؛‬

‫‪ -‬يقوم رئيس الحكومة ورئيسا مجلسي البرلمان ‪ ،‬كل واحد فيما يخصه ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بإخبار الهيئة بمآل اآلراء والتوصيات التي أدلت بها في إطار اإلحاالت المنصوص عليها في‬
‫هذه المادة [‪.]232‬‬

‫أن هذه المهام ستمكن الهيأة من اإلضطالع بدور هام في مكافحة الفساد والمساهمة في‬
‫تخليق الحياة ‪ ،‬كخطوة أولى عقب تأسيسها ‪ ،‬وهكذا فقد شاركت الهيأة إحداث مرصد‬
‫لألخالقيات‪ ،‬كما وضعت بوابة مشتركة للتبليغ عن ممارسات الرشوة[‪.]233‬‬

‫ب‪ -‬مساهمة المجتمع المدني في تحديث اإلدارة‬

‫[‪ - ]232‬أنظر المادة ‪ .‬من القانون رقم ‪ 11..18‬المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها ‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ ، 2.19‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 8( 19.2‬يوليو ‪.)8111‬‬
‫* [‪ - ]233‬إطالق البوابة اإللكترونية ؛ " أوقفو الرشوة" » ‪.« www.stopcorruption.ma‬‬

‫‪115‬‬
‫أصبح المجتمع المدني في ظل األدوار الجديدة التي خوله الدستور لعبا أساسيا في الدفع‬
‫نحو عقلنة العمل الجماعي وتطوير أداءه ‪ ،‬وقد حضي هذا األخير باهتمام خاص في الخطب‬
‫الملكية وفي هذا الصدد جاء في الخطاب السامي لجاللة الملك محمد السادس "[‪ ]...‬أن‬
‫المغرب ‪ ،‬في حاجة لكل أبنائه ‪ ،‬ولجميع القوى الحية والمؤثرة ‪ ،‬وخاصة هيئات المجتمع‬
‫المدني ‪ ،‬التي ما فتئنا نشجع مبادراتها الجادة ‪ ،‬اعتبارا لدورها االيجابي كسلطة مضادة‬
‫وقوة اقتراحية ‪ ،‬تساهم في النقد البناء وتوازن السلط"[‪.]234‬‬
‫ويحيل مفهوم المجتمع المدني إلى قطاع وسيط ومركب ‪ ،‬يشمل مجموعة من الهيئات‬
‫والجمعيات النشيطة في مجاالت التنمية ‪ ،‬والثقافة وحقوق اإلنسان‪...‬إلخ‪ .‬وأهم مكونات‬
‫المجتمع المدني هي ؛ النقابات المهنية والعمالية ‪ ،‬الحركات اإلجتماعية ‪ ،‬الجمعيات‬
‫التعاونية‪ ،‬الصحافة المستقلة ‪ ،‬والجمعيات الثقافية[‪.]235‬‬
‫وتلعب هذه الهيئات المدنية دورا محوريا في تعزيز النزاهة والشفافية في الحياة العامة‬
‫‪ ،‬ال يقل عن أهمية دور الحكومة والقطاع الخاص‪ ،‬فباإلضافة إلى دورها في رفع الوعي‬
‫بموضوع الفساد ومحاربته والرقابة على القطاع العام ‪ ،‬تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا‬
‫الشأن العام ‪ ،‬والمنظمات غير الحكومية ‪ ،‬في إطار الديمقراطية التشاركية ‪ ،‬في إعداد‬
‫قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ‪ ،‬وكذا في تفعيلها وتقييمها ‪،‬‬
‫وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة ‪ ،‬طبق قوانين وكيفيات يحددها‬
‫قانون[‪.]236‬‬
‫وبالنظر لألدوار الدستورية الجديدة التي خولها الدستور الجديد للمجتمع المدني ‪ ،‬أصبح‬
‫لزاما عليه المشاركة في الحد من فرص الفساد وذلك من خالل اإلجراءات والتدابير التالية‪:‬‬
‫تعزيز نظام المساءلة والشفافية والمحاسبة ‪ ،‬من خالل المشاركة في بلورة‬ ‫‪‬‬
‫البرامج والسياسات العمومية للدول ؛‬

‫[‪ - ]234‬مقتطف من نص الخطاب الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد السادس ‪ ،‬نصره هللا ‪ ،‬في افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية الرابعة‬
‫من الوالية التشريعية التاسعة ‪ ،‬بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪.8119‬‬
‫[‪ - ]235‬حسن قرنفل ‪" ،‬المجتمع المدني والنخبة السياسية‪ -‬إقصاء أم تكامل" ‪ ،‬إفريقيا الشرق ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1441‬ص‪.91:‬‬
‫[‪ - ]236‬الفصل ‪ 18‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.2011‬‬

‫‪116‬‬
‫توطيد وترسيخ عالقات هيئات المجتمع المدني مع السلطات التشريعية‬ ‫‪‬‬
‫والتنفيذية ‪ ،‬والمتابعة القضائية لحاالت الفساد ؛‬
‫مطالبة الحكومة بنشر لوائح ومعلومات حول الفساد ‪ ،‬ونشر ثقافة مقاومة‬ ‫‪‬‬
‫الفساد؛‬
‫ووعيا منه بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في نشر ثقافة األخالق‬
‫والنزاهة والشفافية ‪ ،‬وهو األمر الذي يساعد على تقريب اإلدارة من المواطن ‪ ،‬قام المشرع‬
‫الدستوري في اإلصالح األخير بدسترة هذا الدور من خالل التأكيد على تمثيل هيئات‬
‫المجتمع المدني في مجموعة من الهيئات الدستورية واإلعتداد برأيها أثناء وضع البرامج‬
‫والسياسات العمومية ‪ ،‬بما يحقق فلسفة اإلشراك والمشاركة التي نص عليها الدستور في‬
‫فصله األول[‪ .]237‬وباإلضافة إلى دور المجتمع المدني هناك قطاع آخر ال يقل أهمية في‬
‫تخليق الحياة العامة والمساهمة في تحقيق التحديث اإلداري المنشود‪.‬‬

‫مما سبق يتضح أن تخليق اإلدارة الجماعية يطرح تحديا مصيريا على السلطات‬
‫العمومية ‪ ،‬إذ يشكل إلى جانب آليات الحكامة اإلدارية (شرطا واقفا) إلنجاح أي عملية‬
‫تحديث‪ ،‬وهذا ناتج عن الدور المحوري واإلستراتيجي الذي أضحت تضطلع به اإلدارة‬
‫الجماعية في سياق التدبير العمومي الحديث ‪ ،‬حيث أثبتت التجارب الدولية في هذا الصدد أن‬
‫"السياسات التنموية الجيدة يمكن أن تفشل باإلدارة السيئة ‪ ،‬وأن السياسات الضعيفة يمكن‬
‫إنقاذها باإلدارة الجيدة" بل أكثر من هذا يمكن القول مع بيتر دروكو بأنه "ليس هناك دوال‬
‫متخلفة ‪ ،‬بل هناك دوال متخلفة إداريا ‪ ،‬فاإلدارة هي المحرك األساس في تحقيق التنمية ‪ ،‬وأن‬
‫هذه األخيرة شيء مشتق من هذا المحرك"[‪.]238‬‬
‫وهذا ما تعضده أبحاث الهيئات والمنظمات الدولية ؛ ففي دراسة للبنك الدولي –مثال‪-‬‬
‫عن أسباب نجاح الدوال التي يطلق عليها النمور األسيوية (ماليزيا ‪ -‬سان غفورة‪ )...‬في‬

‫[‪ - ]237‬تنص الفقر الثانية من الفصل األول من دستور المملكة على أنه "‪ ...‬يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ‪ ،‬وتوازنها‬
‫وتعاونها ‪ ،‬والديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة"‪.‬‬
‫[‪ - ]238‬مصطفى المريني ‪" ،‬دور الحكامة الجيدة في تخليق اإلدارة العمومية المغربية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ‪ ،‬جامعة‬
‫الحسن الثاني ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬المحمدية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8111-8111‬ص‪.11.:‬‬

‫‪117‬‬
‫تحقيق التقدم اإلقتصاد ي ‪ ،‬برز أمران أساسيان ‪ ،‬أولهما ؛ قطاع خاص نشيط ومبادر‪،‬‬
‫وثانيهما ؛ توافر إدارة عمومية حديث فاعلة ذات قدرة على وضع السياسة العامة المناسبة‪.‬‬
‫واإلدارة بهكذا توصيف تكون محصنة ضد ممارسات الفساد ومتفرغة كليا ألداء دورها‬
‫المتمثل في تحقيق التنمية البشرية المندمجة والمستدامة بكل أبعادها ‪ ،‬وذلك بما يلزم الفعالية‬
‫والشفافية والمساءلة ‪ ،‬لكن الوصول إلى هكذا إدارة جماعية ‪ ،‬يتطلب مقاربة شمولية متكاملة‬
‫تأخذ بعين اإلعتبار كافة األبعاد المتضمنة لإلدارة الجماعية‪.‬‬
‫ولعل هذه المقاربة المنشودة تجد ضالتها في العنصر البشري المؤهل ‪ ،‬يستجيب‬
‫لمتطلبات التدبير العصري ‪ ،‬وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول دور العنصر البشري في تحديث‬
‫اإلدارة الجماعية ؟ وبعبارة أخر هل العنصر البشري العامل باإلدارة المغربية مؤهل لمواكبة‬
‫التطورات الحاصلة في المجال اإلداري؟‬
‫هذه األسئلة وغيرها من اإلشكاالت المرتبطة بمساهمة العنصر البشري في التحديث‬
‫اإلداري ستشكل عنوان هذا المحور‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تثمين العنصر البشري والرفع من قدراتها‬
‫إن أداء وفعالية اإلدارة مرتبطتان أوثق اإلرتباط بمستوى مردودية العنصر البشري‬
‫المكنون لها ‪ ،‬فالموارد البشرية تعد ركيزة أساسية للنهوض باإلدارة وتأهيلها وتحديثها‬
‫لإلندماج في محيطها اإلجتماعي واإلقتصادي والمساهمة في رقع التحديات التي تفرضها‬
‫العولمة والتنافسية الدولية ‪ ،‬فالنظريات الحديثة والمعاصرة الخاصة بتدبير الموارد البشرية‬
‫تعتبر العنصر البشري رأسماالً لها ‪ ،‬وعليه فجودة المتوج أو الخدمة هي من جودة تدبير‬
‫الموارد البشرية‪.‬‬
‫وهنا نتساءل إلى أي مدى يساهم التدبير الحديث في تنمية العنصر البشري؟ (أوالً)‬
‫وكيف يمكن للمفهوم الجديد للسلطة أن يكون آلية لتقريب اإلدارة من المواطن؟ (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التدبير الحديث للموارد البشرية‬
‫يعتبر تثمين العنصر البشري باإلدارة العمومية في صلب اهتمام وزارة الوظيفة‬
‫العمومية وتحديث اإلدارة ‪ ،‬فنظرا للدور المحوري الذي تلعبه الموارد البشرية ‪ ،‬في االرتقاء‬
‫باإلدارة المغربية إلى المستوى الذي ينشده المجتمع المغربي ‪ ،‬والذي يجعل منها إدارة فعالة‬

‫‪118‬‬
‫وناجعة وذات مردودية ‪ ،‬ومتشبعة بقيم ومبادئ حسن سير المرافق العامة ‪ ،‬فقد تم العمل‬
‫على اعتماد سياسة تدبيرية طموحة ‪ ،‬تجعل من الموارد البشرية حجر الزاوية في إعداد‬
‫وتنفيذ السياسات العمومية في مختلف المجاالت الحيوية[‪.]239‬‬
‫وعلى هذا األساس يعتبر العنصر البشري أهم مدخل لتحقيق إدارة جماعية بمواصفات‬
‫الحداثة والق رب ‪ ،‬ومفتاح لكل سياسة تنموية تهتم باإلدارة الترابية ‪ ،‬ونظرا للدور الطالئعي‬
‫الذي يلعبه ‪ ،‬فإن اإلهتمام به من قبل الدولة بات ملحا ً ‪ ،‬فتطور المجتمعات رهين بتطور‬
‫طاقاته البشرية ‪ ،‬باعتبارها تشكل األداة الرئيسية لتحديث الجهاز اإلداري وعصرنته وتقوية‬
‫كفئاته[‪ .]240‬وهنا نستحضر قولة ‪ " Jean Bodin‬ما من ثروة إال باإلنسان" ‪ ،‬حيث يربط‬
‫بين اإلنسان كقيمة والثروة كنتاج ‪ ،‬وتعني التنمية اإلدارية حسب ‪ " Bernard Cornet‬إنها‬
‫ليست واقعة مادية أو ميكانيكية ‪ ،‬إنها ظاهرة يريدها اإلنسان ولصلحه‪ ...‬وكل جماعة بشرية‬
‫تحدد لنفسها أهدافها الخا صة بالتنمية اإلدارية بما يتناسب مع وسطها الطبيعي واقتصادها‬
‫وتراثها التاريخي والثقافي" ومن هنا يدخل البعد السلوكي في العملية اإلدارية ‪ ،‬حيث تم‬
‫تطوير عدة نظريات وآليات حديثة لتدبير الموارد البشرية ‪ ،‬هذه اآلليات واألساليب العصرية‬
‫و الحديثة في تدبير الموارد البشرية تتجلى أسسا في ‪:‬‬
‫‪ -)1‬التدبير بأسلوب اإلدارة باألهداف ؛ ويقوم هذا األسلوب على منهج وفلسفة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،‬تهدف إلى تحسين الخدمات وتسهيل عملية تقييم المردودية أو األداء داخل المنشأة اإلدارية‬
‫‪ ،‬ومدى تطابق األساسية التي تبنتها اإلدارة[‪ .]241‬فاإلدارة باألهداف ترتكز على فرضية‬
‫اإلدارة بالشراكة [‪ ]management Participatif‬أي تعريف كل شخص بأهداف اإلدارة‬
‫وكيفية المشاركة في تحقيقها واإلندماج فيها ‪ ،‬ويرتكز هذا األسلوب على الشروط التالية‪:‬‬
‫تفويض السلطات بقدر الهدف[‪ ]Délégation by Objective‬؛‬ ‫‪‬‬
‫إعطاء الحرية الكاملة في التصرف [ ‪]Freedom to Act‬؛‬ ‫‪‬‬

‫[‪ - ]239‬تقرير حول الموارد البشرية بالوظيفة العمومية ‪ ،‬منشورات وزارة الوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ‪(،‬في إطار اختصاصاتها في مجال‬
‫ضبط وتتبع تطور توزيع أعداد الموارد البشرية باإلدارة العمومية ‪ ،‬قامت مصالح الوزارة بإعداد هذا التقرير‪ ،‬الذي هو نتاج دراسة أنجزت برسم‬
‫سنة ‪.)2013‬‬
‫[‪ - ]240‬كريم لحرش ‪ " ،‬مغرب الحكامة – التطورات‪ -‬المقاربات –الرهانات"‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬العدد ‪، 4‬‬
‫‪ ، 8111‬ص‪.112 :‬‬
‫[‪ -]241‬عبد اللطيف الجبراني ‪ "،‬دور الموارد البشرية في تدبير الشأن العام المحلي"‪ ،‬دروس موجهة إلى طلبة المعهد الملكي لإلدارة الترابية‪،‬‬
‫القنيطرة‪ ،811.،‬ص‪.11 :‬‬

‫‪119‬‬
‫توضيح قنوات اإلتصال [‪.]242[ ] Clear communication Channels‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -)2‬التدبير التوقعي لموارد البشرية ؛ يعد هذا األسلوب بمثابة نظام مفتوح‬ ‫‪‬‬
‫يعمل داخل محيط اقتصادي واجتماعي معقد ومركب ‪ ،‬وهو نظام ينبني على دراسة مميزات‬
‫المحيط السوسيو‪-‬اقتصادي وتحليل طبيعة األهداف المسطرة ‪ ،‬ثم فهم أو تفهم المحيط‬
‫المؤسساتي‪ .‬ويعتمد التدبير التوقعي في البداية على تحديد األولويات و الحاجيات البشرية‬
‫وتقدير الكفاءات الطبيعية لكل عنصر ‪ ،‬ثم تحدي الطرق واألساليب التي يتم عبرها توفير‬
‫الموارد البشرية الضرورية إلدارة ؛ وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫تشخيص الحالة الراهنة للموارد البشرية ؛‬ ‫‪‬‬
‫توقع اإلحتياجات البشرية داخل اإلدارة ؛‬ ‫‪‬‬
‫تحديد الفروقات ؛‬ ‫‪‬‬
‫تقرير آلية تغطية الحاجيات(توظيف‪ -‬تكوين‪ -‬تحفيز‪ -‬تنقل‪ )...‬؛‬ ‫‪‬‬
‫تفعيل اآلليات المختارة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -).‬التدبير اإلستراتيجي للموارد البشرية ؛ تعد الموارد البشرية عنصرا‬ ‫‪‬‬
‫تنافسيا ه اما يستدعي اعتماد أحدث المناهج في ضبطه واستثماره كالتدقيق [‪ ]Audit‬مثال ‪،‬‬
‫والذي يسمح بجمع المعلومات الكفيلة بخلق سياسة تشخيصية ورقابية للوسائل واألهداف ‪،‬‬
‫على أن يجتمع الكل فيما يصطلح علية التدبير اإلستراتيجي للموارد البشرية‪ .‬فالتدقيق هنا هو‬
‫اختيار وظيفي منص ب على حول تحليل وتفسير مختلف المعطيات المتدخلة في مسألة تدبير‬
‫الموارد البشرية واستصدار توصيات في هذا الشأن تكزن كفيلة بتطوير هذا التدبير ‪ ،‬ومن‬
‫هذا التعريف نستنتج النقط التالية‪:‬‬
‫الميزة الوظيفية للتدقيق الستخدامه عناصر ووسائل في سياق تجريبي‬ ‫‪‬‬
‫ووظيفي ؛‬
‫اتساع نطاق التدقيق ليشمل كل جوانب تدبير الموارد البشرية ؛‬ ‫‪‬‬
‫استخدام التحليل والتفسير لكل معطى أو مكون في تدبير العنصر البشري وقد‬ ‫‪‬‬
‫يكون التحليل تاريخيا ‪ ،‬تنظيميا ‪ ،‬أو قانونيا‪.‬‬

‫[‪ - ]242‬عبد اللطيف الجبراني ‪ "،‬دور الموارد البشرية في تدبير الشأن العام المحلي"‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.1. :‬‬

‫‪120‬‬
‫أما بخصوص البعد اإلستراتيجي في تدبير الموارد البشرية فقد تم التأسيس له بمناسبة‬
‫انعقاد مؤتمر جمعية موظفي الموارد البشرية بكيبك سنة ‪ ، 1448‬حيث انصب النقاش حول‬
‫المقاربات والمناهج العلمية الكفيلة بربط التدبير البشري بإستراتيجية اإلدارة ‪ ،‬ومنذ ذلك‬
‫الحين ‪ ،‬تم التركيز على أهمية الفكر اإلستراتيجي في تحسين جودة التدبير والمراقبة المنصبة‬
‫على الموارد البشر ية ‪ ،‬وتهتم المقاربة اإلستراتيجية للموارد البشرية على إعداد تصاميم‬
‫خاصة باألهداف والوسائل ترتكز على تشخيص داخلي وخارجي للمعطيات و العوامل‬
‫المتدخلة في ذلك ‪ ،‬ومن تم رصد المتطلبات المادية الخاصة بتحقيق األهداف المسطرة على‬
‫أن يواكب ذلك تقييم للمراحل المتبعة في سبيل إنجاح التصميم برمته باإلستعانة بمجموعة من‬
‫المجاالت والعلوم على رأسها المعلوميات والمحاسبة وغيرهما[‪.]243‬‬

‫‪ -)1‬المرونة واإلشراك كمقومات للتدبير الحديث للموارد البشرية ؛ لقد‬ ‫‪‬‬


‫أضحى العمل اإلداري الحديث مقرونا بمدى تبنيه لألساليب الجديدة في مجال تدبير الموارد‬
‫البشرية ‪ ،‬ولهذا اتجهت النظم اإلدارية الى تبني أساليب المرونة [‪ ]Flexibilité‬لتأكيد‬
‫مشروعية عملها من جهة ‪ ،‬ولتحسين أدائها من جهة أخرى ‪ ،‬وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول ؛‬
‫مدى استعداد أو أهلية القوانين والمبادئ المنظمة لتدبير الموارد البشرية للتكيف مع‬
‫متغيرات ال حياة اإلدارية اليومية؟ وهذا السؤال يجد جوابه في طبيعة االستقبال والمرونة‬
‫والتواصل في تدبير الموارد البشرية ‪ ،‬والدور اإلقتصادي لإلدارة ‪ ،‬بل أكثر من ذلك‬
‫فالمرونة ؛ هي آلية يجب تطبيقها على كل تجليات تدبير العنصر البشري من تكوين وتحفيز‬
‫وتوظيف‪ ...‬كما يجب أن تطال الجوانب التالية[‪:]244‬‬
‫المرونة الكمية الداخلية ؛ الموجهة نحو التسيير اإلداري الداخلي ‪ ،‬من قبيل‬ ‫‪‬‬
‫الرفع من أوقات العمل وطريقة التعامل مع الموظفين ؛‬
‫المرونة الكمية الخارجية؛ الموجهة نحو إيجاد العدد الضروري من الموظفين؛‬ ‫‪‬‬

‫[‪ - ]243‬موالي محمد البعزاوي ‪ " ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪-‬‬
‫اكدال‪ ،‬السنة الجامعية‪ ، 811.-8118 ،‬ص‪. 42 :‬‬
‫[‪]244‬‬
‫‪- OCDE ,Flexibilité dans la gestion du personnel de l’administration publique , étude sur la gestion publique,‬‬
‫‪paris, 1990.‬‬

‫‪121‬‬
‫اإلنتقال المرن ؛ إمكانية انتقال الموظف إلدارة أخرى في حاجة لكفاءته‬ ‫‪‬‬
‫وخبرته ؛‬
‫ويمكن تركيز أهم التدابير الكفيلة بجعل المساطر اإلدارية أكثر مرونة باإلعتماد على‪:‬‬

‫من حيث الزمن ؛ التقليص من آجال تنفيذ المساطر ؛‬ ‫‪o‬‬


‫من حيث التكلفة ؛ تخفيض التكلفة الناتج عن تعقيد المساطر ؛‬ ‫‪o‬‬
‫من حيث الفاعلين؛ الحد أو التقليص من عدد المتدخلين واعتماد الشباك‬ ‫‪o‬‬
‫الوحيد؛‬
‫من حيث الوثائق ؛ تقليص وتحديد الوثائق المطلوبة في المعامالت‬ ‫‪o‬‬
‫اإلدارية[‪.]245‬‬
‫وإلى جانب ما سبق فإن آلية التواصل ‪ Communication‬تعد النواة األولى للقرار‬
‫اإلداري ‪ ،‬كما أن اعتماد سياسة تواصلية فعالة كفيلة بانسياب المعلومة بشكل شفاف ومرن‬
‫يساعد على خلق جو الثقة الداخلي فيما بين مكونات الوحدة اإلدارية وخارجي يربط هذه‬
‫األخيرة بمحيطها الكبير ‪ ،‬وهو ما يساعد على تقريب اإلدارة من المواطن وخلق جو من الثقة‬
‫والترابط والتكامل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المفهوم الجديد للسلطة كأساس لتجديد العالقة بين اإلدارة والمواطن‬
‫منذ توليه العرش سنة ‪ 1442‬ما فتئ جاللة الملك محمد السادس على إدخال نهج جديد‬
‫في تعامل السلطات العمومية مع المواطن ‪ ،‬من أجل تجاوز سلبيات العهد القديم التي أعطت‬
‫األولوية لهاجس األمن واإلستقرار على حساب حريات وحقوق المواطن ‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫يأتي إعال ن صاحب الجاللة في خطابه أمام أعضاء الحكومة ومسؤولي اإلدارة الترابية عن‬

‫[‪ -]245‬فؤاد الكرطي ‪ ،‬الحاجة إلى التنمية اإلدارية ضرورة لتغيير النسق اإلداري المغربي ومسايرة التحدي العالمي‪ ،‬مجلة التنمية‪ ،‬المقال ‪، 11142‬‬
‫‪ 2‬أبريل ‪.8111‬‬

‫‪122‬‬
‫تبني المفهوم الجديد للسلطة[‪ ،]246‬وهو الذي تم تأكيده في خطاب العرش لسنة ‪8111‬م‪ .‬وهكذا‬
‫فالمفهوم الجديد للسلطة يقول جاللة الملك محمد السادس "[‪ ]...‬المفهوم الجديد للسلطة يعني‬
‫المساءلة والمحاسبة ‪ ،‬التي تتم عبر آليات الضبط والمراقبة ‪ ،‬وتطبيق القانون‪ .‬وبالنسبة‬
‫للمنتخبين فإن ذلك يتم أيضا ‪ ،‬عن طريق االنتخاب ‪ ،‬وكسب ثقة المواطنين ؛ كما أن‬
‫مفهومنا للسلطة يقوم على محاربة الفساد بكل أشكاله ‪ :‬في االنتخابات واإلدارة والقضاء ‪،‬‬
‫وغيرها‪ .‬وعدم القيام بالواجب ‪ ،‬هو نوع من أنواع الفساد"[‪.]247‬‬

‫وعليه ؛ فالهدف من تبني هذا المفهوم هو تجديد العالقة بين السلطة والمواطن تحديداً‬
‫لعالقة القيادة بالتنمية والمواطنة ونظرة المواطن للسلطة‪ .‬كما يعني تجديد الثقة على أساس‬
‫سمات مقبولة بين الطرفين ‪ ،‬مما يعني أن النهج الجديد هو نهج مبني على رعاية المصالح‬
‫العمومية والشؤون المحلية والحريات الفردية والجماعية وعلى السهر على األمن‬
‫واإلستقرار وتدبير الشأن المحلي والحفاظ على السلم اإلجتماعي[‪.]248‬‬
‫وهكذا يتضح أن المفهوم الجديد لسلطة جاء كرد مباشر لتجاوز المفهوم القديم الذي من‬
‫سماته‪ :‬المركزية المفرطة والالتركيز ‪ ،‬مع الشطط في استعمال السلطة وما يصاحب ذلك‬
‫من سوء التدبير والالمباالة وتغليب المصلحة الخاصة على العام ‪ ،‬وهيمنة أساليب الرشوة‬
‫والمحسوبية وغيرها من أشكال الفساد ‪ ،‬مما أدى إلى نشوء مناخ سياسي يزكي هذه المسالك‬
‫عن طريق تزوير اإلنتخابات واستعمال األموال للحصول على مقاعد سواء داخل البرلمان‬
‫أو داخل مجالس الجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي إفساد الحياة العامة‪.‬‬
‫واإلعالن عن المفهوم الجديد للسلطة جاء ليقطع مع هذه الممارسات واألساليب‬
‫المتجاوزة ‪ ،‬كما فطن إلى ذلك المغفور له الحسن الثاني ؛ ذات خطاب تاريخي مؤثر يقرع‬
‫أجراس اإلنذار في آذان المسؤولين منبها إلى خطورة المصير الذي يتهدد المغرب في حال‬
‫استمرار المقاربات والسياسات القديمة[‪]249‬؛ وعليه فالمفهوم الجديد للسلطة يروم تحقيق‬
‫اإلنتقال من إدارة مخزنية إلى إدارة مواطنة ‪ ،‬ومن إدارية بيروقراطية إلى إدارة خدماتية ‪،‬‬
‫* [‪ - ]246‬تم اإلعالن عن المفهوم الجديد للسلطة ‪ ،‬في خطاب جاللة الملك محمد السادس بالدار البيضاء ‪ ،‬بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ ، 1444 ،‬أمام أعضاء‬
‫الحكومة ومسؤولي اإلدارة الترابية‪.‬‬
‫‪ - 247‬مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ‪ 12‬لعيد العرش بتاريخ ‪ 20‬يوليوز ‪8013‬‬
‫[‪ - ]248‬مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس ‪ ،‬بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪.1444‬‬
‫[‪ - ]249‬مصطفى المريني ‪" ،‬دور الحكامة الجيدة في تخليق اإلدارة العمومية المغربية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬جامعة‬
‫الحسن الثاني ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬المحمدية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8111-8111‬ص‪.48 :‬‬

‫‪123‬‬
‫وهو ما يتطلب مساهمة كل الفاعلين في الحياة اإلدارية والسياسية من موظفين وأحزاب‬
‫ووسائل اإلعالم وسلطات عمومية والمجتمع المدني‪.‬‬
‫وتأسيسا على ذلك يبقى تفعيل المفهوم الجديد للسلطة رهين بتطور العقليات وتغييرها‬
‫وتغييرها في إطار عالقة جديدة بين السلطة والمواطن مبنية على اإلنفتاح والتواصل ‪ ،‬على‬
‫على أن اإلنفتاح هنا يعني تغيير عقليات المسؤولين أكثر من إنفتاح اإلدارة بوصفها مجموعة‬
‫من البنيات المؤسساتية [‪.]250‬‬
‫وهكذا فإن المفهوم الجديد يستهدف‪:‬‬
‫إرساء دعائم إدارة مواطنة وحديثة متجاوبة مع محيطها وبعث ثقافة من نوع‬ ‫‪‬‬
‫جديد ؛‬
‫إشاعة ثقافة بديلة مبنية على اتصاف السلطة والجهاز اإلداري باللباقة‬ ‫‪‬‬
‫واالستقامة والنزاهة قومها التمسك بالمبادئ األخالقية ؛‬
‫إقرار مبدأ التشارك واإلنفتاح على مشاكل مختلف الفرقاء ؛‬ ‫‪‬‬
‫جعل حسن إستقبال المواطنين وإرشادهم وتوجيههم من اإلنشغاالت المركزية‬ ‫‪‬‬
‫للمصالح اإلدارية والحرص على تعامل كافة العاملين باإلدارة من موظفين ومنتخبين ‪.‬‬
‫وإلى جانب ذلك يعتبر تقريب اإلدارة من المواطن إحدى اهتمامات السلطات العمومية؛‬
‫باعتبارها من السبل الحقيقية أل ْنسنة السلطة والجهاز اإلداري ‪ ،‬وجعلها أقرب من المواطن ‪،‬‬
‫يشعرون فيها باألمن والعدل و اإلنصاف ‪ ،‬أخذاً بما أكده جاللة الملك بأن المسؤولية‬
‫الموضوعة على عاتق السلطة تتطلب انفتاحا ً حقيقيا ً وتواصالً فاعليا ً واقترابا ً حميميا ً من‬
‫المواطن ‪ ،‬مما يكشف عن التصور والعميق واإلدراك الدقيق لمفهوم اإلدارة المجاورة من‬
‫طرف جاللته [‪.]251‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحقيق الشفافية اإلدارية مدخل أساسي لتحديث اإلدارة الجماعية‬

‫لقد اعتبر تحقيق الشفافية اإلدارية هاجسا مستمرا في مسلسل تطوير وتحديث اإلدارة‬
‫العمومية بشكل عام والجماعية بالخصوص ‪ ،‬بحيث لم تعد اإلدارة الحديثة تستمد مشروعيتها‬
‫[‪ - ]250‬آمنة حطان ‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلحتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 8114-8112‬ص‪..21 :‬‬
‫[‪ - ]251‬آمنة حطان‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" مرجع سابق ‪ ،‬ص‪..29 :‬‬

‫‪124‬‬
‫من مؤسساتها فحسب ‪ ،‬وإنما أيضا من مدى قدرتها على تحسين عالقتها بجمهورها ‪ ،‬وهو‬
‫ما يقتضي منها في المقام األول ؛ القيام بمجهودات دائمة لتلميع صورتها ومحاولة تحسيس‬
‫الجمهور بأهمية ما تقوم به من أنشطة في كافة الميادين ‪ ،‬بغية تحفيزه على التعاون معها في‬
‫تدبيرها ‪ ،‬عن طريق تبني إستراتيجية موجهة لخلق التواصل بين المواطن ومؤسساته‬
‫اإل دارية (المفقرة األولى) ‪ ،‬وكذا خلق جو مالئم لإلستقبال (الفقرة الثانية) يجعل من المرتفق‬
‫الذي يلج إلى اإلدارة في موقع المشارك والمساهم ‪ ،‬وبالتالي يكون المواطن في قلب‬
‫السياسات العمومية المرتبطة باإلدارة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دورا لتواصل في تحقيق الشفافية‬

‫يعتبر اال تصال اإلداري أداة إجتماعية يتم من خاللها التفاهم بين األفراد والجماعات في‬
‫المنظمة(اإلدارة)‪ .‬واالتصال وسيلة رئيسية من الوسائل التي تستخدم لتحقيق أهداف اإلدارة ‪،‬‬
‫حيث يتم من خاللها نقل المعلومات والبيانات واآلراء واألفكار بين األفراد والجماعات‬
‫لغرض تحقيق األد اء المستهدف من لإلدارة‪( ،‬أوال) ولكي يكون اإلتصال فعاال البد من توفر‬
‫بنية لإلستقبال تكون بمثابة جسر يربط اإلدارة بمحيطها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلتصال ودوره في تقريب اإلدارة من المواطن‬

‫تعتبر عملية االتصال اإلداري‪-‬بجوانبها االجتماعية والسلوكية‪ -‬ضرورية الستمرار‬


‫العملية اإلدارية ‪ ،‬بحيث يمكن لإلدارة إحاطة األفراد والجماعات في المنظمة بالبيانات‬
‫والمعلومات الضرورية للتأثير في سلوكهم ‪ ،‬فاإلتصال إلى جانب كونه عملية إدارية ؛ هو‬
‫أيضا عملية إجتماعية ‪ ،‬عن طريقها تتفاعل الجماعة ‪ ،‬ويستطيع اإلداري تحقيق التأثير‬
‫المطلوب في تحريك الجماعة نحو تحقيق أهداف اإلدارة‪.‬‬

‫وكذلك فإن اإلتصال عملية حيوية في مجال العالقات بين الرؤساء والمرؤوسين ‪ ،‬ومن‬
‫خالله يتم إنجاز األعمال وخلق التنسيق بين أقسام اإلدارة بعضها ببعض ‪ ،‬مما يترتب عليه‬
‫تحسين األداء وخلق تفهما ً أعمق ووضوحا أشمل بين اإلدارة وجمهورها ‪ ،‬واإلتصال فضال‬

‫‪125‬‬
‫عن كونه عامال يقوم على التوجيه ‪ ،‬فإنه إلى جانب ذلك يعد من أهم العوامل الالزمة‬
‫للتخطيط والتنظيم والرقابة ‪ ،‬ولكل ما يتعلق باتخاذ القرار‪.‬‬

‫وفيما يلي شكل يوضح العالقات بين عملية اإلتصال والعمليات اإلدارية لتحقيق‬
‫أهدافها[‪:]252‬‬

‫اإلدارة‬ ‫أهداف‬

‫التخطيط‬

‫التنظيم‬

‫التنسيق‬

‫التوجيه‬

‫التوظيف‬

‫التقرير‬

‫املوازنة‬

‫الرقابة‪ /‬املساءلة‪ /‬التقويم‬

‫الشكل األول‪ :‬اجتهاد شخصي‬

‫والبد من اإلحاطة علما أن لإلتصال إكراهات وعقبات عدة ‪ ،‬وهي تعد أكبر المشاكل‬
‫أهمية في اإلدارة الجماعية ‪ ،‬هذه المعوقات يمكنا أن تظهر في كل عمليات االتصال ‪ ،‬خاصة‬
‫في بدايته ؛ إذا من الضروري أن تقوم اإلدارة بين الفينة واألخرى بدراسة اإلجراءات التي‬
‫تستعمل من أجل تيسير وتسهيل عملية االتصال والتواصل‪.‬‬

‫[‪ - ]252‬أحمد الخطيب ‪ "،‬اإلدارية الحديثة‪-‬نظريات واستراتيجيات ونماذج حديثة"‪،‬جدارا للكتاب العالمي عمان‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،8114‬ص‪-.19:‬‬
‫‪..11‬‬

‫‪126‬‬
‫وقد زاد اإلهتمام بهذا الموضوع في الوقت الحالي ‪ ،‬ويتوقع أن يشهد مجال التواصل‬
‫تطورا كبيرا في السنوات المقبلة‪ .‬ولهذا الغرض فإن أغلب اإلدارات بدأت حديثا تنشأ بعض‬
‫الوحدات المتخصصة في أعمال تتعلق باالتصال ‪ ،‬وتقوم هذه الوحدات بتقديم المساعدات‬
‫وتسجيل المعلومات وتجميعها من المصادر الداخلية والخارجية ‪ ،‬ولعل مثل هذه اإلجراءات‬
‫ستحقق الوصول إلى إيجاد نظام اتصال فعال يضمن تنقل المعلومات بكل يسر وحرية‬
‫والتأثير في سلوك العامل داخل اإلدارة ومن خالله في الجمهور بما يتوافق والصالح‬
‫العام[‪.]253‬‬

‫أ‪ -‬إشاعة ثقافة التواصل بين اإلدارة والمرتفقين‬


‫إن اإلدارة الجماعية أضحت اليوم رافعة للتنمية الشاملة والمستدامة ‪ ،‬وأصبح الحديث‬
‫عن التواصل اإلداري هو بالضرورة حديث عن التحديث واإلصالح ‪ ،‬نظرا لكون التحديث‬
‫والتواصل ال ينفصالن عن عملية التغيير اإلجتماعي والتطور االقتصادي ‪ ،‬ذلك أن كل إدارة‬
‫عمومية ال تعمل لوحدها أو ضمن حدودها المكانية والتنظيمية والبشرية ‪ ،‬ولكنها مؤسسة أو‬
‫منظمة في المجتمع اإلداري ترتبط وتتأثر بشكل مباشر وبتفاعل كل مكوناته‪.‬‬
‫إذن ؛ كيف السبيل لتفعيل الحق في الحصول على المعلومات ليكون اآللية التي‬
‫بواسطتها يتم تدعيم هذا التواصل؟‬
‫وعليه ‪ ،‬سيكون الجواب عن هذا التساؤل من خالل نقطتين أساسيتين‪ :‬األولى مرتبطة‬
‫بإشاعة ثقافة التواصل بين اإلدارة والمرتفقين ‪ ،‬والثانية تتعلق بآليات تدعيم هذا التواصل‬
‫المتمثلة في تفعيل الحق في الحصول على المعلومة‪.‬‬
‫و يشكل التواصل اإلداري إحدى الرهانات داخل نسيج اإلدارة الجماعية ‪ ،‬وذلك بالنظر‬
‫للد ور الذي يلعبه في تحريك وتسيير البنيات اإلدارة عن طريق المساهمة في ترسيخ صورة‬
‫إيجابية عن اإلدارة ‪ ،‬سواء على المستوى الداخلي ـ أو لدى الموظفين العاملين بالجهاز‬
‫اإلداري ‪ ،‬أو على المستوى الخارجي ‪ ،‬أو لدى جمهور المرتفقين[‪. ]254‬‬

‫[‪ - ]253‬آمنة حطان‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلحتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8114-8112‬ص‪.82.:‬‬
‫[‪ -]254‬محمد الداودي‪" ،‬اإلدارة العمومية وإشكالية التنمية اإلقتصادية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ، 811.-8118،‬ص‪...1:‬‬

‫‪127‬‬
‫وقد اهتم المغرب شأنه شأن الدول الحديثة بموضوع تنمية التواصل داخل اإلدارة‬
‫العمومية مستنيرا بالتوجهات الملكية السامية المضمنة بالخطاب الملكي أثناء المناظرة‬
‫األولى لإلعالم سنة ‪144.‬م ‪ ،‬حيث خاطب الملك الراحل الحسن الثاني المتناظرين بقوله‪:‬‬
‫"[‪ ]...‬إن اإلدارة مطالبة بأن تكون أكثر تفتحا عبر كل الوسائل للتحول إلى مصدر ال ينضب‬
‫من المعلومات التي من شأنها تمكين الفاعلين في اإلعالم واإلتصال من الرقي بمهمتهم‬
‫داخل المجتمع"‪.‬‬
‫فلتجتاز منطق السرية والكتمان في اإلدارة المغربية والتي تؤدي إلى انحرافات متعددة‬
‫تنعكس بالسلب على صورتها ؛ تم إطار اإلصالحات التي يشهدها المغرب ‪ ،‬تكريس‬
‫دستورية الولوج إلى المعلوميات[‪ ]255‬باعتبارها الوسيلة األكثر فاعلية للتواص بين اإلدارة‬
‫والمواطنين ؛ وبالتالي تحقيق الشفافية اإلدارية‪ .‬ويعد إعالم المرتفق بكل عناصر الحقيقة‬
‫المتعلقة بمصالحه وشؤونه هذا من األمور التي وجب على اإلدارة أن ال تغفلها ‪ ،‬فالمرتفق‬
‫(المواطن) في الدول المتقدمة ‪ ،‬كما في الدول النامية يبني موقفه من اإلدارة على أساس‬
‫األسلوب الذي تعتمده في تحقيق ما حققت ‪ ،‬ليس بناء على ما تقدمه من المشاريع والخدمات‬
‫‪ ،‬وارتباطا بذلك ‪ ،‬فإن اإلدارة مطالبة بإخبار المرتفق بحقوقه وواجباته ‪ ،‬والسعي إلى إقامة‬
‫عالقة معه تسودها الودية واإلحترام المتبادل ‪ ،‬وهذا واجب على اإلدارة على كل مستوى من‬
‫مستويات اإلدارة من قمة الهرم ‪ ،‬إلى أدنى مستوى فيها[‪ ، ]256‬وبالتالي فالمرتفق هو الذي‬
‫يحلل ويقيم المنتوج اإلداري بحكم هو الذي يباشره ويستفيد من جودته أو على‬
‫العكس[‪.]257‬‬

‫ب‪ -‬تكريس حق الحصول على المعلومات وآفاق تفعيلها‬


‫إن الحق في الحصول على المعلومات أخد في اآلونة األخيرة حيزاً كبيرا من النقاش‬
‫على الصعيد الساحة الوطنية خاصة بعد دستور المملكة الجديد لفاتح يوليوز ‪ 8111‬الذي‬

‫* [‪ - ]255‬سيتم التطرق لهذا الموضوع في العنوان الموالي‪.‬‬


‫[‪ - ]256‬إبراهيم ولد البان ‪ "،‬التواصل داخل اإلدارة اإلقليمية الموريتانية‪ ،‬وال ية نواكشوط نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‬
‫المعمق‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8114-8112‬ص‪.98:‬‬
‫[‪ -]257‬محمد بونعيجة ‪" ،‬البعد التواصلي في التنمية البشرية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬طنجة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8111-8119‬ص‪. .9:‬‬

‫‪128‬‬
‫أصبح بموجبه من حق المواطن الحصول على المعلومات [‪ ،]258‬وأيضا لما لهذا الحق من‬
‫أهمية بالغة في ترسيخ دولة الحق والقانون وفي تعميق الديمقراطية قيما وممارسة ‪ ،‬كما‬
‫تكمن أهمية حق المواطنين في الحصول على المعلومات في كونه يعد آلية قوية للحكامة‬
‫ولفعالية السياسات العمومية والنمو االقتصادي وخلق فرص الشغل‪.‬‬

‫وال ننسى بأن هذا الحق قد نصت عليه مجموعة من دساتير الدول العربية واألجنبية ‪،‬‬
‫فنجد المشرع السويدي في دستور ‪1122‬م ‪ ،‬اعترف بحق المواطن في اإلطالع على‬
‫[‪]259‬‬
‫‪ ،‬أما في اسبانيا فالمشرع الدستوري ضمن للمواطنين‬ ‫المعلومات والوثائق اإلدارية‬
‫الحق في الحصول على المعلومات ‪ ،‬بحيث ال يجيز حظر المطبوعات والتسجيالت وأية‬
‫وسائل أخرى‪ ،‬للحصول على المعلومات إال بموجب حكم قضائي[‪.]260‬‬

‫أما في المغرب ؛ فقبل دستور ‪ 8111‬لم يكن هناك سند قانوني واضح لهذا الحق ‪،‬‬
‫باستثناء بعض المواد المشتتة في قوانين مختلفة ‪ ،‬لكن ومع صدور دستور ‪ 8111‬أضحى‬
‫هذا الحق مكفوال دستوريا [‪ ،]261‬ولذل أصبح لزاما على المسؤولين بكل اإلدارات العمومية‬
‫تسهيل الحصول على المعلومات‪.‬‬

‫في هذا السياق أعدت وزارة الوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة في إطار لجنة مشتركة‬
‫بين الوزارات مشروع قانون رقم ‪ .1.1.‬يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات وفي‬
‫تصريح للسيد الو زير المكلف بالوزارة المذكورة أعاله أكد بأن إنشاء اإلطار القانوني سيعمل‬
‫على تعزيز كل المبادرات اإلصالحية من تشريعات قانونية وتنظيمية ذات الصلة بالموضوع‬

‫[‪ -]258‬ينص الفصل ‪ 81‬من دستور المملكة المغربية على أنه‪ " :‬للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة اإلدارة‬
‫العمومية‪ ،‬والمؤسسات المنتخبة‪ ،‬والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام‪."...‬‬
‫* [‪ - ]259‬تجدر اإلشارة هنا إلى أن السويد تعد الدولة األولى في العالم التي أصدرت قانونا يعطي الحق في الحصول على المعلومات المودعة لدى‬
‫الهيئات الحكومية‪ ،‬وجعل الوثائق اإلدارية رهن إشارة كل مواطن يطلبها ‪ ،‬ومن ثم فإن رفض اإلدارة لذلك يكون محط دعوى قضائية أمام المحاكم‬
‫اإلدارية السويدية‪.‬أنظر‪:‬‬
‫‪-DELAUBADERE (ANDR2) : « l’accès des citoyen aux documents administratifs », AJDA 1977, P :206.‬‬
‫[‪ - ]260‬المادة ‪ 81‬من الدستور اإلسباني‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 81‬دجنبر ‪1412‬م‪.‬‬
‫*[‪ - ]261‬الفصل ‪ 81‬أتى لسد الفراغ القانوني الحاصل في هذا المجال وإعطاء هذا الحق حصانة دستورية وقيمة إضافية‪ ،‬وخاصة وأنه ظل ينتهك‬
‫ومنذ مدة طويلة‪ ،‬أو باألحرى أريد له أن يبقى مغمورا حفاظا على بعض الموروثات التقليدية الت ال زالت تتحكم في العقليات المغربية ومن يعملون‬
‫بداخله‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ ،‬كما أن المملكة المغربية قد جعلت من حق الحصول على المعلومات قضية محورية في‬
‫منظومة الحقوق والحريات المكفولة للمواطنة والمواطن[‪.]262‬‬

‫أن دسترة الحق في الحصول على المعلومات وإيجاد قانون خاص يقنن كيفية ممارسته‬
‫‪ ،‬في انتظار المصادقة عليه ‪ ،‬ال يعني بالضرورة أنه قد تم فعال ترسيخه ‪ ،‬بل ال بد من‬
‫تكريس مبادئ هذا الحق وفوائده لدى كافة المواطنين ‪ ،‬ففي المغرب يكاد الحق في الحصول‬
‫على المعلومات مجهوال لدى فئات عريضة في المجتمع وخاصة الطبقة التي تشكو من‬
‫األمية ‪ ،‬أما على مستوى اإلدارة فال زالت غير مستوعبة لهذا الحق ولمدى أهميته في‬
‫تحسين جودة العمل اإلداري ‪ ،‬ولضمان هذا الحق ال بد من بذل مجهودات حثيثة لحسيس‬
‫الجمهور وتوعيته بمدى أهمية هذا الحق [‪ ،]263‬وكذا ضمان حسن تطبيق القانون المنظم لهذا‬
‫الحق بعد المصادقة عليه وحسن تنفيذه [‪.]264‬‬

‫ثانيا‪ :‬النهوض بجودة االستقبال واإلرشاد كأساس لخلق التقارب بين اإلدارة و المواطن‬

‫االستقبال يعد بمثابة بطاقة تعريف اإلدارة ‪ ،‬فبموجبه يحكم المواطن على اإلدارة ‪ ،‬ألنه‬
‫يشكل أول اتصال بين اإلدارة والمرتفق (المواطن) وبالتالي فما أهمية االستقبال؟ وكيف‬
‫يساهم في تطوير وتحديث اإلدارة؟‬

‫أن أهمية االستقبال تكمن في كونه المرحلة األساسية التي يكون فيها المواطن اإلنطباع‬
‫األول حول الجهاز اإلداري ‪ ،‬إنه انطالقا من هذا التصور سيحكم على اإلدارة بانفتاحها أو‬
‫انكماشها ‪ ،‬بتنظيمها المحكم أو فوضويتها العارمة‪ .‬كما أن أهمية هذا االستقبال تتمثل في‬
‫القضاء على التخلف اإلداري ومن وراءه كل أشكال االنحراف عن القانون ‪ ،‬وهذه األهمية‬
‫من شأنها أن تدفع بكل المؤثرات السلبية التي تؤثر على عالقة اإلدارة بالمواطنين ‪ ،‬فتوفر‬

‫[‪ - ]262‬مقتطف من كلمة السيد الوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ‪ ،‬والتي ألقاها بمناسبة افتتاح المناظرة الوطنية حول الحق في‬
‫الحصول على المعلومات‪ -‬رافعة للديمقراطية التشاركية ‪ ،‬المنظمة تحت الرعاية السامية لجاللة الملك يوم الخميس ‪ 1.‬يونيو ‪ ، 811.‬بفندق سوفتيل‬
‫بالرباط‪.‬‬
‫[‪ -]263‬يونس بنهدي ‪" ،‬حق الحصول على المعلومات ودوره في تنمية التواصل بين اإلدارة والمواطن"‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام‬
‫‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪،‬‬
‫[‪ - ]264‬من مذكرة تقديم مشروع قانون رقم ‪ .1.1.‬يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات ‪ ،‬ص‪.8 :‬‬

‫‪130‬‬
‫بذلك نوع من االستقرار والطمأنينة في نفسية المرتفقين اتجاه سير المصالح العمومية‬
‫لإلدارة[‪.]265‬‬

‫وإذا كان االستقبال يعد مدرسة لحياة االجتماعية ومصلحة حيوية وضرورية للمواطن ‪،‬‬
‫فمن هذا المنطلق جاءت ضرورة أ ْنسنة العالقة بين اإلدارة والمواطنين ‪ ،‬ألنه يساهم فعال في‬
‫بناء وخلق الثقة بين هذين الطرفين وذلك لبلوغ المستوى الذي حققته بعض الدول األوربية‬
‫في هذا المجال ‪ ،‬حيث نجد فرنسا اهتمت بإشكالية استقبال المواطنين داخل اإلدارة منذ‬
‫‪ ،142.-1428‬بحث سنت مجموعة من القوانين الهدف منها تقريب اإلدارة من المواطن‪،‬‬
‫وذلك عبر إنشاء مراكز تحمل اسم‪« ADMINISTRATION à VOTRE SERVICE » :‬‬
‫وذلك حتى يتعرف المرتفق أكثر على حقوقه‪ .‬وترتبط عملية االستقبال في أساسها بأربعة‬
‫عناصر مهمة وهي‪:‬‬

‫العنصر األول ؛ وهو مرتبط بتوجيه الجمهور عبر مختلف المصالح التابعة‬ ‫‪‬‬
‫لنفس الهيئة ؛‬
‫العنصر الثاني ؛ ويتعلق نقل المعلومات البسيطة إلى المرتفقين ( المواطنين)‬ ‫‪‬‬
‫وكذا المطبوعات والوثائق الواجب ملئها ؛‬
‫العنصر الثالث ؛ يتمحور حول إعداد معلومات شخصية ‪ ،‬بمعنى تكييف‬ ‫‪‬‬
‫المعلومات العامة مع الحاالت الخاصة ؛‬
‫العنصر الرابع ؛ ويرتبط بالمعالجة السريعة لكل طلب شخصي وتقديم النصح‬ ‫‪‬‬
‫والمساعدة للمرتفق ‪.‬‬
‫وبهذا ؛ فإن االستقبال داخل اإلدارة سوف لن يساهم فقط في تحسين جودة العمل‬
‫اإلداري ‪ ،‬بل سيعمل على جعل عالقة اإلدارة بالمواطن مطبوعة بالتفاهم والثقة بين‬
‫الطرفين‪ ،‬فاالستقبال اإلنساني للمرتفق سيخفف من شعوره الدائم بالحيطة والحذر والخوف‬

‫[‪ -]265‬بكار األغصف‪ " ،‬محاولة لمقاربة عالقة اإلدارة العمومية في المغرب بالمواطن"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬عين الشق‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8111-8112،‬ص‪.182 :‬‬

‫‪131‬‬
‫من اإلدارة في كل اتصال له بها ‪ ،‬األمر الذي سيشجعه مستقبال على االتصال باإلدارة كلما‬
‫دعت الضرورة لتحقيق رغباته وممارسة كل حقوقه المشروعة[‪.]266‬‬
‫إذن ؛ فلتحسين عملية االستقبال باإلدارة الجماعية ببالدنا وجب اإلهتمام بالبنية التحتية‬
‫لإلستقبال في المقام األول ‪ ،‬فكما هو معلوم أصبح االهتمام بعملية االستقبال متزايدا خاصة‬
‫في اآلونة األخيرة ‪ ،‬حيث دعت أعلى سلطة بالبالد في أكثر من مناسبة لتحسين جودة‬
‫االستقبال بمختلف اإلدارات العمومية‪.‬‬
‫وبالتالي ؛ فاإلدارة الجماعية مطالبة في الوقت الحالي بالتأقلم مع ما تفرضه ضرورات‬
‫تحسين جودة المرفق العمومي و تيسير ظروف اندماجه في المحيط االجتماعي ‪ ،‬وذلك‬
‫بتخصيص فضاءات استقبال المرتفقين واإلنصات الستفساراتهم[‪ ]267‬؛ ألن االستقبال من‬
‫خالل أثر التغذية االسترجاعية الذي يحققه يجب أن يكون لتحسيس اإلدارة بكافة المشاكل‬
‫التي يعاني منها المرتفقون وإلى المجاالت التي ال تزال في حاجة إلى إشباع[‪.]268‬‬
‫عالوة على هذا يجب تخصيص معامالت تفضيلية للمعاقين والنساء الحوامل ومن في‬
‫[‪]269‬‬
‫وتزويد األقسام اإلدارية بأجهزة الفاكس لتمكينها من إرسال أو استقبال‬ ‫حكمهم‪،‬‬

‫المراسالت في أسرع[‪.]270‬‬
‫وفي إطار اإلهتمام بجودة اإلستقبال والنهوض به كإطار مالئم لتحقيق الشفافية اإلدارية‬
‫وتقريبها من المواطن تم في هذا الصدد ‪:‬‬
‫إعداد مشروع إطار مرجعي ألجل إرساء نظام لالستقبال واإلرشاد وتعزيز‬ ‫‪‬‬
‫روابط الثقة بين اإلدارة والمرتفقين ؛‬
‫إعداد مرسوم لتدبير ومعالجة الشكايات ؛ يهدف إلى إلزام اإلدارات العمومية‬ ‫‪‬‬
‫والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية باإلجابة كتابة عن شكايات المرتفقين داخل آجال‬
‫ووفق مسطرة محددتين ؛‬
‫[‪]266‬‬
‫‪- A.AKLAA , « l’administration marocaine dans ses relations avec le public », doctorat d’Etat e, droit‬‬
‫‪publique , université Mohamed 5, F.S.J.E.S. Agdal- rabat, 1984, p :328.‬‬
‫[‪ - ]267‬من التقرير العام للمناظرة الوطنية حول المراجعة الشاملة للنظام ّاألساسي العام للوظيفة العمومية ‪ ،‬تحت شعار "رفع التحديات من أجل‬
‫تدبير ناجح وفعال" قصر المؤتمرات ‪ ،‬الصخيرات ‪ ،‬يوم الجمعة ‪، 81‬يونيو ‪.811.‬‬
‫[‪ -]268‬آمنة حطان ‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 822 :‬‬
‫[‪ - ]268‬المملكة المغربية ‪ ،‬وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ؛ تفعيل ميثاق حسن التدبير ‪ ،‬منشورات عكاظ ‪ ،‬الرباط ‪ ،8111‬ص‪.81 :‬‬
‫[‪ - ]269‬المملكة المغربية ‪ ،‬وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ؛ المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.81 :‬‬

‫‪132‬‬
‫إصدار ا لمرسوم المتعلق بتغيير الساعة القانونية ‪ ،‬الذي يحدد إضافة ساعة‬ ‫‪‬‬
‫بشكل منتظم كل سنة خالل فترة الصيف [‪.]271‬‬
‫إن إيالء العناية الكاملة لعملية االستقبال بمختلف اإلدارات العمومية وخاصة منها‬
‫الجماعية والنهوض بها وتحسين جودتها ؛ سيؤدي ال محالة إلى خلق جو من التفاهم بين‬
‫اإلدارة والمواطن وسيعزز ثقة هذا األخير باإلدارة ‪ ،‬األمر الذي سيؤدي إلى تحسين عالقته‬
‫باإلدارة التي ستصبح إدارة قريبة ومنفتحة على كل المواطنين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور تبسيط المساطر واستعمال التكنولوجيا في تحسين عالقة اإلدارة‬
‫بالمواطن‬

‫ما من شك في كون عالقة اإلدارة بالمرتفق تمر عبر إجراءات ومساطر إدارية تنظم‬
‫عملية اإلدستفادة من الخدمات اإلدارية ‪ ،‬كما أن هذه المساطر هي وسيلة لحماية المواطن من‬
‫تعسّفات اإلدارة من خالل تقييد عمل هذه األخيرة بمجموعة من الشكليات تمنعها من اتخاذ‬
‫قرارات متسرعة وغير سليمة (أوال)‪ ،‬ونظراً لهذه األهمية فمن الواجب العمل على تعديلها‬
‫وتكييفها من أجل مواكبة التطورات التي تعرفها اإلدارة والمجتمع على حد سواء ‪ ،‬وذلك‬
‫بإدخال تكنولوجيات حديثة (ثانيا) تتماشى ومتطلبات العصر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تأثير تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية على عالقة المرتفق باإلدارة‬

‫إن مغزى عملية تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية يكمن في تحسين عالقة اإلدارة‬
‫بالمواطن ‪ ،‬فاإلهتمام الذي أخذه مصطلح المواطن والمواطنة واإلدارة المواطنة في‬
‫السياسات العمومية والقطاع الخاص ؛ هو تجسيد للمفهوم الجديد للسلطة وإلدارة القرب‬
‫والتنمية البشرية وحماية حقوق اإلنسان واالنتقال الديمقراطي ‪ ،‬فهي مقومات ومنطلقات‬
‫العهد الجديد الذي أعلنه صاحب الجاللة الملك محمد السادس في رسالة موجهة إلى أشغال‬
‫الندوة الوطنية لتخليق المرفق العام (‪.)1444‬‬

‫[‪ -]271‬المرسوم رقم ‪ ، 8.18.182‬المتعلق بتغيير الساعة القانونية‪-‬يحدد إضافة ساعة بشكل منتظم كل فترة صيف ‪ ،‬الصادر في ‪ 82‬من جمادي‬
‫األولى ‪ ، 19..‬الموافق ل[‪ 12‬أبريل ‪.]8118‬‬

‫‪133‬‬
‫فأهداف تبسيط المساطر اإلدارية ؛ هي تسهيل الحياة اليومية للمواطن بتوطيد العالقات‬
‫والتواصل بين المنتفع واإلدارة وتسهيل الخدمات ذات العالقة بالدولة وتمكينها من المشاركة‬
‫النشيطة والفعلية في مجهودات التنمية الشاملة‪ .‬فتقليص اآلجال ومختلف الوثائق‬
‫والمطبوعات ‪ ،‬وتسهيل حياة المواطنين وضمان سرعة وجودة الخدمات العمومية ‪ ،‬يعد‬
‫جوهر تحديث اإلدارة العمومية والجماعي[‪.]272‬‬

‫وقد لمسنا في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى أشغال الندوة الوطنية لتخليق المرفق‬
‫العمومي الدور الهام للمساطر اإلدارية في ترسيخ قيم الشفافية وتحسين مستوى الخدمات‬
‫المقدمة ‪ ،‬حيث جاء فيها " أن هدف اإلجراءات العمومية ‪ ،‬التسهيل والتيسير وليس التعقيد‬
‫والتعسير ‪ ،‬وهو منهاج لترسيخ روح االستقامة والوضوح والشفافية والتعجيل في إيصال‬
‫النفع للناس‪ ...‬لذلك آمرنا بتبسيط اإلجراءات وتحيين النصوص اإلدارية وتحديث وسائل‬
‫التدبير والعمل على التوفيق المستمر بين المقتضيات اإلدارية وروح العصر التي طبعت‬
‫اليوم كل العالقات البشرية"‪.‬‬

‫فالتبسيط[‪ ]273‬بهذا المعني يتجاوز المفهوم التقليدي للمسطرة اإلدارية المرتبط بشرعية‬
‫التسيير الداخلي لإلدارة إلى مفهوم حديث يطمح أساسا لتحقيق وضمان فعالية هذه التسيير‬
‫وتحسين التعامل مع المرتفق [‪.]274‬‬

‫فمنذ سنة ‪ ، ]275[1448‬اتخذت اإلدارة العمومية عدة تدابير[‪ ]276‬بهدف تبسيط المساطر‬
‫واإلجراءات اإلدارية ‪ ،‬غير أن المنظور الحديث للمسطرة اإلدارية غير من نظرة اإلدارة‬
‫العمومية نحو تجاوز اإلصالحات الترقيعية التي غالبا ما كانت قطاعية أو موسمية ‪ ،‬واألخذ‬
‫بعين اإلعتبار األبعاد التالية‪:‬‬

‫[‪ - ]272‬عبد الغني اعبيزة ‪ " ،‬سياسة التحديث اإلداري بالمغرب‪ -‬دراسة قانونية ومؤسساتية"‪ ،‬دار القلم – الرباط ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 8111‬ص‪-11 :‬‬
‫‪.18‬‬
‫* [‪ - ]273‬إن الهيئة اإلدارية المكلفة بعملية التبسيط اإلداري هي اللجنة االستراتيجية لإلصالح اإلداري ؛ وتتولى هذه اللجنة عبر هيآتها مراقبة‬
‫مختلف البرامج القطاعية المندرجة ضمن عملية االصالح اإلداري ‪ ،‬وقد عهد إلى هذه اللجنة مهمة التتبع واإلشراف على هذا الورش ويظهر من‬
‫خالل المنشور الوزاري رقم ‪ .1/44‬الصادر في ‪ 8.‬نونبر ‪ ، 1444‬الذي يحدد المهام الموكولة لها ‪.‬‬
‫[‪ - ]274‬موالي محمد البعزوي ‪ "،‬تحديث االدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية"‪ ،‬سلسلة البحث األكاديمي ‪،‬‬
‫منشورات مجلة العلوم القانونية ‪ ، MarocDroit.com ،‬مطبعة األمنية ‪ ، 8111 ،‬ص‪.118-111 :‬‬
‫[‪ - ]275‬عبد الغني اعبيزة ‪ " ،‬سياسة التحديث اإلداري بالمغرب‪ -‬دراسة قانونية ومؤسساتية"‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.18:‬‬
‫[‪ -]276‬منشور السيد الوزير األول في ‪ 2‬أكتوبر ‪ 1448‬؛ و‪ 81‬نونبر ‪ 1448‬؛ ‪ 82‬فبراير ‪ ، 144.‬أو عن طريق توجيه تعليمات وأوامر أو مبادرات‬
‫شخصية‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ -‬صيانة حقوق وحريـــات األفراد ؛ ‪ -‬دمقرطة المؤسســــــات ؛‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬تحقيق الجودة والتنمــية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وعليه ؛ فإن تبسيط المساطر ومنه تحسين الخدمات يمر عبر مدى جودة اإلدارة نفسها‬
‫في شقي التدبير والمنتوج[‪ ، ]277‬ففي التقليد الديمقراطي تعتبر اإلدارة آلية تنفيذ السياسات‬
‫العمومية ومن مصلحة هذه األخيرة أن تكون آلية مرنة وأقل تكلفة‪.‬‬

‫وما دامت اإلدارة الجماعية في مفهومها الواسع والذي يشمل المصالح غير الممركزة‬
‫للقطاعات الحكومة هي األقرب من حيث بنيتها لهموم المواطن ‪ ،‬لذا وجب العمل على‬
‫تحسين جودتها مما سيكون له األثر البالغ في مؤشر رضا المرتفق على الخدمات التي‬
‫تقدمها اإلدارات العمومية الترابية ‪ .‬فإذا انطلقنا من نظام الحالة المدنية كنموذج لتبسيط‬
‫المساطر اإلدارية ومعها تحسين الخدمات يمكن الوقوف على المستجدات التالية‪:‬‬

‫مشروع إصالح نظام الحالة المدنية ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫وهو مثال تطبيقي لما وصلت إليه سياسة تبسيط المساطر اإلدارية ‪ ،‬بحيث أصبح‬
‫المغرب يتهيأ لدخول مرحلة جديدة في تطبيق الجيل الجديد من اإلصالحات ‪ ،‬وذلك من‬
‫إلكتروني‬ ‫األحوال الشخصية اليومية للمواطن بأحداث نظام‬ ‫خالل تحديث خدمات‬
‫ومعلوماتي لدفتر الحالة المدنية ؛ و يتمثل الهدف من ذلك في تيسير تسجيل الوثائق‬
‫الحكومية واستخراجها لدى المواطن‪.‬‬
‫والنظام عبارة عن قاعدة بيانات تستخدم تقنية المعلومات الحديثة لتحسين الخدمات‬
‫المقدمة للجمهور فيما يتعلق بتحديث القطاع ‪ ،‬فقد تم تحديد عدة مجاالت للتدخل أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬ترقيم ومسك رسوم الحالة المدنية ‪ ،‬والذي سيمكن من الحصول على قاعدة بيانات‬
‫وطنية هدفها استفادة المواطن من خدمات فعالة على المستوى القصير والحصول‬
‫على سجل وطني إلكتروني للسكان على المستوى البعيد ؛‬
‫‪ -‬تجديد وبناء مكاتب الحالة المدنية بغية تحسين ظروف استقبال المواطنين وظروف‬
‫عمل الموظفين ؛‬

‫[‪]277‬‬
‫‪- Piérre Pougnaud, « Collectivité locale –comment moderniser ? », Berger Levrault, gestion publique, 1991,‬‬
‫‪p : 157.‬‬

‫‪135‬‬
‫‪ -‬توفير بنيات تحتية تسمح بتجهيز إلكتروني معقلن مع وضع خطة وطنية للتسيير‬
‫والتدبير وذلك من أجل تقديم خدمات من جيل جديد للمواطنين ؛‬
‫‪ -‬التكوين والمواكبة والتواصل ؛‬
‫‪ -‬تأمين وسالمة النظام المعلوماتي والوثائق عبر تأمين سرية المعطيات وحمايتها وتتبع‬
‫أثر جميع العمليات التي تنجز بالنظام المعلوماتي ؛‬
‫‪ -‬تدبير وقيادة البرنامج‪.‬‬
‫وعن أهم المنجزات في هذا اإلطار فقد تم تطوير برنامج إعالمي بهدف رصد جميع‬
‫الرسوم المضمنة بسجالت الحالة المدنية منذ سنة ‪ ، 1411‬بعد عملية جردها وتصويرها‬
‫وتخزينها ومراقبتها‪ .‬وقد تمت تجربته ببعض المكاتب النموذجية ومن المنتظر تعميم العملية‬
‫على جميع مكاتب الحالة المدنية بالمملكة[‪.]278‬‬

‫وفي مثال آخر حول تحسين الخدمات اإلدارية نورد تجربة نظام المساعدة الطبية‬
‫‪ ، RAMED‬الذي أعطى جاللة الملك محمد السادس انطالقة تعميمه في ‪ 18‬مارس ‪8118‬‬
‫‪ ،‬التي تعتبر نموذج لتقريب وتحسين الخدمات خصوصا تلك التي تحمل طابع إجتماعي‬
‫استعجالي ‪ ،‬و من المنتظر أن يغطي هذا النظام ‪ 2.1‬مليون نسمة مستفيد بما يعادل ‪81‬‬
‫بالمائة من سكان البالد[‪.]279‬‬

‫وعموما تتعدد التجارب والمبادرات الخاصة بتبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية ‪،‬‬
‫والتي تعتبر عملية ثقافية وتقنية بالخصوص تعمد تحديث سلوكي وتكنولوجي للعمل اإلداري‬
‫بهدف عقلن إنجاز الخدمات ‪ ،‬فالتطور اإللكتروني والمعلومياتي وما تتيحه من إمكانيات‬
‫التسهيل والسعة والمرونة والفعالية يجعل من عدم استغالله نقطة سوداء في سبيل وضع‬

‫* [‪ -]278‬في إطار جهود عصرنة اإلدارة الجماعية وتطوير الخدمات اإلدارية الموجهة للمواطنين ‪ ،‬شرعت جماعة سال في مشروع شامل لتحديث‬
‫مصالح الحالة المدنية‪ .‬ولتحقيق ذلك ‪ ،‬تم إبرام مجموعة من الصفقات تتعلق بإعادة تهيئة المقرات اإلدارية لمكاتب الحالة المدنية وتجهيزها بمعدات‬
‫ولوازم العمل الضرورية وتكوين ا لموظفين القائمين على هذه المكاتب‪ .‬وتتمحور األهداف العامة للمشروع ‪ ،‬حول تحسين ظروف عمل موظفي هذه‬
‫المكاتب وتقديم خدمة أفضل للمواطنين من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬تهيئة مكاتب الحالة المدنية باعتماد الفضاء المفتوح ؛‬
‫‪ -‬تجهيز مكاتب الحالة المدنية بأثاث المكتب و العتاد المعلوماتي؛‬
‫‪ -‬رقمنة سجالت الحالة المدنية ( أزيد من ‪ 111‬ألف رسم) واعتماد تطبيق معلوماتي الستغاللها وتوفير قاعدة معطيات الكترونية لوثائق الحالة‬
‫المدنية بطريقة تعتمد تقنيات حديثة ؛‬
‫‪ -‬تزويد مكاتب الحالة المدنية بأجهزة لتنظيم االنتظار و بكاميرات المراقبة‪.‬‬
‫أنظر موقع جماعة سال‪www.villedesale.ma :‬‬
‫[‪ - ]279‬موالي محمد البعزاوي ‪ "،‬تحديث االدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية"‪ ،‬سلسلة البحث األكاديمي ‪،‬‬
‫منشورات مجلة العلوم القانونية ‪ ، MarocDroit.com ،‬مطبعة األمنية ‪.، 8111 ،‬ص‪.111-119 :‬‬

‫‪136‬‬
‫مقومات إدارة الكترونية مغربية تتحمل حاجيات العالم المطبوع بالعولمة والتنافس في إطار‬
‫دولة الرّفاه‪ .‬وهو ما يدفعنا للتساؤل حول مدى اعتماد اإلدارات الجماعية على التكنولوجيات‬
‫الحديثة في مجال التدبير اإلداري ؟ وما هي اإلستراتيجيات المعتمدة من طرف السلطات‬
‫العمومية في سبيل تحقيق ذلك؟ وأي دور يمكن أن تلعبه هذه التكنولوجيات في سبيل تحديث‬
‫اإلدارة الجماعية؟‬

‫ثانيا‪ :‬إدخال التكنولوجيا كإستراتيجية لتحديث اإلدارة الجماعية‬


‫[‪]280‬‬
‫في مجال تكنولوجيا المعلومات اإلطار الفلسفي العام الذي‬ ‫يقصد باإلستراتيجية‬
‫يحكم عوامل مالءمة هذه التكنولوجيا مع البيئة التي سيتم استخدامها فيها ‪ ،‬وانطالقا من هذه‬
‫اإلستراتيجية يتم تحديد مجموعة من السياسات والخطط والبرامج األزمة إليجاد المواءمة‬
‫المرغوبة ‪ ،‬ولذلك فإن صياغة وإعداد اإلستراتيجيات بشكل عام تتطلب دراسة وتحليل‬
‫عناصر البيئة الخارجية وعناصر الموضوع المراد مالءمته مع بهدف اكتشاف الطريقة‬
‫المثلى للتفاعل بين هذه المصادر[‪.]281‬‬

‫وبهدف مواكبة التطور الهائل في مجال التكنولوجيا والمعلوميات ‪ ،‬والمشكالت التي قد‬
‫تنجم عن عدم االستعداد لتقبل التغيرات الجذرية التي قد تطرأ على المجتمع جراء استخدام‬
‫هذه التكنولوجيا الحديثة ؛ فقد وضع المغرب خطة تدريجية مكونة من أربعة مراحل[‪811.‬‬
‫‪. ]8111/8112 - 8111/8111 - 8119/811. -‬‬

‫وخالل هذه الم حطات عملت الحكومة على تبني مناهج التدبير اإللكتروني بغية تسهيل‬
‫ولوج المرتفقين للخدمات العمومية وتحقيق تكاليف اإلدارة[‪.]282‬‬

‫وفي هذا اإلطار تم تفعيل " اللجنة الوطنية لإلدارة اإللكترونية" سنة ‪ .8119‬وقد تكللت‬
‫أشغال هذه اللجنة في الفترة الممتدة ما بين ‪ 8119‬و ‪ 8111‬بوضع البرنامج الوطني لإلدارة‬

‫* [‪ - ]280‬وتعرف االستراتيجية بأنها‪" :‬تقرير مسبق ألهداف طويلة األجل ثم اختيار ألفضل البدائل المتاحة وتحميل الموارد بما يمكن من تلك‬
‫األهداف‪ .‬أوردته آمنة حطان ‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلحتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8114-8112‬ص‪..14 :‬‬
‫[‪ - ]281‬آمنة حطان ‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪..14 :‬‬
‫[‪ - ]282‬عن مديرية النظم والمعلوميات التابعة لوزارة تحديث القطاعات العامة ؛ أنظر كذلك‪ :‬قرار للوزير المنتدب لدى الوزير األول المكلف‬
‫بتحديث القطاعات العامة رقم ‪ ، 929.11‬صادر في ‪ 1‬جمادى األولى ‪ 11( 19.8‬أبريل ‪ )8111‬بتحديد اختصاصات وتنظيم األقسام والمصالح‬
‫المركزية لوزارة تحديث القطاعات العامة ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1491‬الصادرة بتاريخ فاتح جمادى اآلخرة ‪ 1( 19.8‬ماي ‪.)8111‬‬

‫‪137‬‬
‫اإللكترونية المسمى "إدارتي" ‪ ،‬كما تم إعداد خطة العمل للفترة الممتدة مابين ‪8111‬‬
‫[‪.8111]283‬‬

‫وهنا سوف نستعرض بعض التجارب في هذا الصدد‪.‬‬

‫‪ -)1‬بوابة الخدمات العمومية ؛ ‪public.mawww.serveces-‬‬ ‫‪‬‬


‫تشكل بوابة الخدمات العمومية[‪ ]284‬مرجعا أساسيا للولوج ‪ ،‬عبر اإلنترنيت لمجموع‬
‫خدمات اإلدارة المغربية ‪ ،‬وهي آلية فعلية للتعريف بالمساطر اإلدارية ودعم الشفافية في‬
‫عالقة المواطنين بالمتعاملين معها وتمكن هذه البوابة من نشر أزيد من ‪ 121‬مسطرة األكثر‬
‫تداوال من قبل عامة المواطنين ومهني القطاع الخاص[‪.]285‬‬

‫‪ -)2‬خدمة الشباك الوحيد اإللكتروني لطلب الوثائق اإلدارية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫تعتبر خدمة الشباك االلكتروني[‪ ]286‬لطلب الوثائق اإلدارية من الخدمات المهمة التي‬
‫تقدها اإلدارة للمواطن ‪ ،‬حيث تمكن المواطن من الحصول على مختل الشواهد اإلدارية التي‬
‫يحتاجه ا في حياته اليومية بشكل إلكتروني ‪ ،‬وخاصة الخواص والمستثمرين منهم الذين غالبا‬
‫ما يكنون في حاجة ماسة للحصول على الوثائق في أقرب وقت‪.‬‬
‫ويقدم الشباك اإللكتروني لطلب الوثائق اإلدارية خدمة ميسرة الولوج لكافة المواطنين‬
‫المغاربة داخل الوطن وخارجه ‪ ،‬وهنا نؤكد على أ ن إقحام التكنولوجيا الحديثة في إدارتنا‬
‫سيساعد مما ال شط فيه على تجاوز تأزم العالقة بينها وبين المرتفقين وذلك من خالل‬
‫االستفادة القصوى من اإلمكانيات التي تتيحها التقنيات الحديثة لتكنولوجيا اإلعالم والتواصل‪.‬‬
‫فوعي اإلدارة المغربية بهذا الورش الكبير وبأهمية فتح مواقع الكترونية عن بعد‬
‫وإنجاز عمليات إدارية عبر شبكة اإلنترنيت ‪ ،‬وكذلك عبر تحسين بيئة تواصلية فعالة‬

‫[‪ - ]283‬آمنة حطان ‪ "،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص‪..11:‬‬
‫[‪ -]284‬بوابة عامة للولوج لخدمات الحكومة االلكترونية بالمغرب ‪ ،‬صادر في ‪ 2‬غشت ‪ ،8111‬وتعتبر أحد أهداف إدارتي؛‬
‫( ‪) public.ma www.serveces-‬‬
‫[‪ -]285‬وزارة تحديث القطاعات العامة ؛ حصيلة منجزات الوزارة برسم سنة ‪ ، 8112‬ص‪.81:‬‬
‫(‪)www.watiqa.ma‬‬ ‫[‪ -]286‬إعطاء خدمة جديدة للمواطن عبر بوابة وثيقة ‪:‬‬

‫‪138‬‬
‫والوصول إلى الهدف األسمى أال وهو إرضاء المرتفق وتجاوز العالقة بينها وبين هذا‬
‫األخير[‪.]287‬‬

‫وفي هذا الصدد نورد نموذج "الشباك الوحيد لرخص التعمير"[‪:]288‬‬


‫يحدث ال شباك الوحيد لدى الجماعات التي يتجاوز عدد ساكنتها ‪ 11.111‬نسمة ‪ ،‬وكذا‬
‫على مستوى المقاطعات‪ .‬ويعتمد لهذا الغرض‪ ،‬عدد الساكنة المثبت في آخر إحصاء عام‬
‫رسمي [‪.]289‬‬
‫ويعتبر الشباك الوحيد لرخص التعمير المخاطب الوحيد ألصحاب الشأن‪.‬‬

‫ولهذا الغرض؛ يضع رهن إشارتهم مجموع المعلومات الضرورية المتعلقة ب‪:‬‬

‫الوثائق المكونة لملفات طلبات الرخص ؛‬ ‫‪-‬‬

‫مسالك ومساطر منح الرخص ؛‬ ‫‪-‬‬

‫وضعية تقدم ملفات الرخص التي هي في طور الدراسة (م‪.) 18‬‬ ‫‪-‬‬

‫يدرس الشباك الوحيد لرخص التعمير‪ ،‬المشار إليه في المادة ‪ 11‬أعاله ‪ ،‬طلبات‬
‫الرخص المتعلقة بمشاريع البناء وإحداث التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم‬
‫العقارات‪ .‬لهذا الغرض‪ ،‬يقوم بجميع التدابير الالزمة لمنح الرخص من خالل أخذ اآلراء‬
‫والحصول على التأشيرات المقررة بموجب التشريعات واألنظمة الجاري بها العمل‪ .‬كما‬
‫يقوم كذلك‪ ،‬بإعداد القرارات اإلدارية التي تعرض على توقيع رئيس مجلس الجماعة(م‪.)1.‬‬

‫وتسحب الرخص المشار إليها أعاله من الشباك الوحيد لرخص التعمير‪ ،‬بمجرد‬
‫إعدادها[‪.]290‬‬

‫[‪ -]287‬مبارك الزيغام ‪ " ،‬اإلدارة االلكترونية" بحث منشور على المجلة المغربية ‪ ،‬الحوار المتمدن ‪ ،‬عدد ‪ ، 8111 ، 11.1..8211‬ص‪.11 :‬‬
‫[‪ - ]288‬مرسوم رقم ‪ 8.1..989‬صادر في ‪ 1.‬من رجب ‪ 19.9‬الموافق ل ( ‪ 89‬ماي ‪ )811.‬بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل‬
‫وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات‬
‫والنصوص الصادرة لتطبيقها ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2111‬الصادرة بتاريخ ‪ 12‬رجب ‪ 81( 19.9‬ماي‪.) 811.‬‬
‫[‪ - ]289‬المادة ‪ 11‬من المرسوم رقم ‪ 8.1..989‬صادر في ‪ 1.‬من رجب ‪ 19.9‬الموافق ل ( ‪ 89‬ماي ‪ .)811.‬نفس المرجع السابق‪.‬‬
‫[‪ - ]290‬المادة ‪ 19‬من المرسوم رقم ‪ 8.1..989‬صادر في ‪ 1.‬من رجب ‪ 19.9‬الموافق ل ( ‪ 89‬ماي ‪ )811.‬نفس المرجع السابق‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫وخالصة القول ؛ هو أن استعمال التكنولوجيا الحديثة في اإلدارة العمومية الترابية‬
‫خاصة منها الجماعية ساعد بشكل كبير على تبسيط المساطر اإلدارية وتقديم خدمات القرب‬
‫للمرتفقين بأقصى سرعة وبشكل متميز ‪ ،‬وهذا من شأنه تحقيق الشفافية ‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬
‫ال الحصر‪ ،‬فالمواقع اإللكترونية التي تقدم خدمات إدارية للمرتفقين تساهم وبشكل كبير في‬
‫التقليل من الرشوة ‪ ،‬نظرا لغياب الطرف المستقبل لهذه األخير ‪ ،‬وإلى جانب ذلك فالشباك‬
‫الوحيد من شأنه المساهمة في التقليل من عامل الوقت لدى المستثمرين وبالتالي المساهمة في‬
‫تحقيق التنمية المنشودة ‪ ،‬وهذا لن يكون إال بتكييف اإلدارة العمومية المغربية خاصة الترابية‬
‫منها مع نظيرتها في باقي دول المعمور ‪ ،‬على أن هذا ليس لوحده كفيال بتحديث اإلدارة‬
‫العمومية الجماعية بشكل شامل ‪ ،‬بل يتطلب األمر تكاثف الجهود واالنفتاح على اإلعالم‬
‫المحيط العالمي‪.‬‬

‫وهنا نتساءل عن أي مستقبل لإلدارة الجماعية في ظل للتوجهات الجديدة في مجال‬


‫التحديث اإلداري؟ وعن مدى مواكبتها للبرامج الدولية ؟ وهل اإلدارة الجماعية منفتحة على‬
‫محيطها اإلقليمي والدولي؟ وبعبارة أخرى إلى أي حد يمكن اعتبار اإلدارة الجماعية إدارة‬
‫مواكبة لمستجدات الساحة الوطنية والدولية؟‬

‫هذه األسئلة وغيرها تشكل محور (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مستقبل اإلدارة الجماعية في ظل التطبيقات الحديثة‬

‫ال شك أن اإلدارة الجماعية تأتي في صلب التحوالت المجتمعية الذي تعيشها البالد‬
‫وتعتبر واجهة إلعمال اإلصالحات ومؤشرا أو معيارا للتكور والتحديث ‪ ،‬وقد انفتحت فعال‬
‫وبشكل غير مسبوق على محيطها الوطني بكل أشكاله وعلى محيطها الدولي بكل متطلباته‬
‫والتزاماته ؛ والس ؤال الملح هنا ؛ هو مدى جاهزية اإلدارة الجماعية للتواصل والتفاعل مع‬
‫المحيط الخارجي؟‬

‫هذا السؤال يجد جوابه في طبيعة العالقة التي تجمع هذه األخيرة بالفعاليات الدولية وفي‬
‫مدى انفتاح اإلدارة على وسائل اإلعالم والمؤسسات الوطنية منها واألجنبية‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫كل ذلك يأتي في ظل تحول اجتماعي وثقافي بنيوي يشهده المجتمع المغربي ‪ ،‬حيث‬
‫أصبحت المرأة قوة اجتماعية رائدة في محيطها ‪ ،‬كما بدأ البعد البيئي يظهر في مختلف‬
‫السياسات العمومية بل حتى في عقلية المواطن المغربي ‪ ،‬فال أحد ينكر اليوم ظهور‬
‫توجهات جديدة في مجال التدبير الجماعي تجاوزت تلك التي طبعت المهام التقليدية لإلدارة‬
‫الجماعية ‪ ،‬وأصبحت هذه األخيرة مجبرة على تبني رؤية منفتحة وشاملة في كل برامجها‬
‫ومعامالتها ‪ ،‬وبالنظر للتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم فمن الضروري اإلنفتاح على‬
‫المحيط اإلفريقي لما يضمنه من نتائج هامة تجد خلفيتها في القواسم المشتركة التي يتقاسمها‬
‫المغرب مع الدول اإلفريقية والعربية (المطلب األول) ‪ ،‬غير أن هذا اإلنفتاح على المحيط‬
‫العالمي يجب أن يواكبه في المقابل تغيير داخلي بهدف التعاطي مع المستجدات التي تفرضها‬
‫التحوالت االجتماعية بالبالد (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلدارة الجماعية والتوجهات الجديدة في مجال التحديث‬

‫لقد أضحى اعتماد تكنولوجيا المعلوميات ورقمنة االتصال محددا رئيسيا للتحديث‬
‫اإلداري إلى جانب االنفتاح على وسائل اإلعالم والمؤسسات االستشارية (الفقرة األولى) ‪،‬‬
‫وفي نفس السياق فان اإلدارة الجماعية وجدت نفسها أمام شركاء ومخاطبين دوليين ‪ ،‬وذلك‬
‫بمناسبة االنفتاح على تجارب أجنبية لتحقيق برامج وأهداف تصب في تحديث اإلدارة‬
‫الجماعية ‪ ،‬وضمن أجندة التعاون الدولي فالعمق اإلفريقي كان حاضر (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫فكيف إذا يمكن تحقيق اإلنتقال الرقمي؟ وبأية رؤية يمكن لإلدارة الجماعية أن تنفتح‬
‫على وسائل اإلعالم والمؤسسات االستشارية؟ وما مدى جاهزية اإلدارة الجماعية المغربية‬
‫لإلنفتاح على المحيط الدولي؟ وكيف يمكنها تحقيق ذلك؟‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلدارة الرقمية‬

‫فتح المغرب ورشا رقميا كبيرا يم ِّكن من عصرنة المرفق العمومي حتى ال يتخلف على‬
‫ركب التكنولوجيا السريعة الذي أصبح السمة الرئيسية لمطلع القرن الواحد والعشرين (أوال)‬

‫‪141‬‬
‫‪ ،‬وحتى ال تنخدق اإلدارة بعيدة عن محيطها الكبير ال بد لها من نهج إستراتيجية إعالمية‬
‫وتشاوريه تقلص الهوة التي تفصلها عن هذا المحيط (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تحقيق اإلنتقال الرقمي‬

‫اإلدارة االلكترونية أو الرقمية بالتعبير العربي الفصيح ؛ هي تحويل كافة األعمال‬


‫والخدمات الورقية التقليدية إلى أخرى رقمية تتم عبر الوسائل التكنولوجية في اختصار‬
‫للوقت والتكلفة ورفع من الجودة والفعالية ؛ فهي بهذا المعنى إدارة افتراضية بدون مكان وال‬
‫زمان تستخدم أحدث ما يوفره البريد اإللكتروني (األرشيف االلكتروني – األدلة والمفكرات‬
‫االلكترونية – الرسائل الصوتية ونظم تطبيقات المتابعة اآللية ‪.]291[)...‬‬

‫وباعتباره الفاعل األول في مختلف السياسيات العمومية واألوراش اإلصالحية التي تم‬
‫[‪]292‬‬
‫أنه "[‪ ]...‬سيظل‬ ‫فتحها ببالدنا أكد جاللة الملك محمد السادس في رسالة توجيهية‬
‫إ صالح اإلدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسة التي يطرحها تقد بالدنا ‪ ،‬إذ‬
‫يتعين أن نوفر ألجهزتنا ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها االنترنيت لتمكينها‬
‫من اإلنخراط في الشبكة العالمية وتوفير خدمات أكثر جودة لمتطلبات األفراد والمقوالت"‪.‬‬

‫فقد توقعت الرسالة الملكية أن عالم األلفية الثالثة سيكون عالم الذكاء الرقمي كمصدر‬
‫للثروة االقتصادية والرفاهية االجتماعية ‪ ،‬وأهمية تطوير شبكة معلوماتية تربط اإلدارة‬
‫عموما بكل من أجل تبادل مختلف المعلومات والمعطيات ‪.‬‬

‫وعليه فالتأسيس لهذا المطلب يمر عبر‪:‬‬

‫وضع شبكة وزارية وبين‪-‬وزارية الهدف منها تمكين الفرد والمقاولة من‬ ‫‪‬‬
‫الحصول على المعلومات خصوصا في المجالت التي تكتسي طبيعة حيوية بالنسبة اليوم‬
‫(الخدمات اإلجتماعية – سوق الشغل – إرشادات صحية وعرفية‪ )...‬؛‬
‫وضع إطار قانوني للتجارة اإللكترونية ؛‬ ‫‪‬‬

‫[‪ - ]291‬موالي محمد البعزاوي ‪ "،‬تحديث االدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية"‪ ،‬سلسلة البحث األكاديمي ‪،‬‬
‫منشورات مجلة العلوم القانونية ‪ ، MarocDroit.com ،‬مطبعة األمنية ‪ ، 8111 ،‬ص‪.111 :‬‬
‫[‪ -]292‬الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى أشغال المناظ رة الوطنية المنظمة من لدن كتابة الدولة المكلفة بالبريد وتقنيات االتصال واإلعالم ‪ ،‬الرباط‬
‫‪ ،‬في ‪ 8.‬أبريل ‪.8111‬‬

‫‪142‬‬
‫وضع إطار قانوني للصحافة االلكترونية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن أجل توفير أكبر عدد من الخدمات على الخط ‪ ،‬عملت الحكومة المغربية على‬
‫توفير األرضية المثلى لتحقيق االنتقال الرقمية ببالدنا ‪ ،‬وذلك عبر إعداد إطار مشترك‬
‫للتبادل االلكتروني بين األنظمة من أجل سن معايير تقنية مشتركة وموحدة تمكن من تحسين‬
‫التواصل داخل الوزارات وخارجها ‪ .‬ويعتر برنامج [‪ ]e-gov‬مشروعا استراتيجيا طموحا‬
‫وضع البالد في سكة اإلدارة الرقمية وسهل الولوج الرقمي على كل اإلدارات‪.‬‬

‫ولعل ما يؤكد هذه المعطيات ؛ هو الرغبة الرسمية للحكومة في تفعيل اإلدارة الرقمية‬
‫ببالدنا من خالل البرنامج الحكومي[‪ ]293‬الذي شد على ما يلي ‪:‬‬

‫استكمال رزنامة الخدمات التي تمكن المواطن طلب الوثائق الضرورية على‬ ‫‪‬‬
‫االنترنيت ؛‬
‫تعميم خدمة أخذ المواعيد عبر الخط على الشبابيك ؛‬ ‫‪‬‬
‫الخدمات المرتبطة بالتغطية الصحية ؛‬ ‫‪‬‬
‫خدمة المصادقة االلكترونية علة مطابقة نسخ الوثائق ألصولها ؛‬ ‫‪‬‬
‫وضع وتتبع الشكايات المتعلقة بالخدمات العمومية المحلية عبر الخط‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كما أن المديرية العامة التابعة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية (المديرية العامة‬
‫للجماعات المحلية) واكبت الجماعات الترابية من أجل مساعدتها في إدخال التكنولوجيا‬
‫الحديثة إلى مصلح ها وتمكينها من توفير خدمات على الخط ‪ ،‬وفي هذا السياق ‪ ،‬وبعد توفير‬
‫البنية التحتية التقنية المالئمة لذلك شرع في تحديث مكاتب الحالة المدنية ووضع سجل‬
‫الكتروني للحالة المدنية‪.‬‬

‫وقد أسفرت هذه التدخالت عن نتائج مشجعة ؛ كثمرة لبرنامج الحكومة اإللكترونية‬
‫ضمن مخطط المغرب الرقمي ‪ 811.‬الذي أعطيت إنطالقته في أكتوبر ‪ ، 8114‬حيث مكن‬
‫من تحسين جودة مواقع الوزارات والخدمات االلكترونية المرتبطة بها خاصة في مجاالت‬
‫التربية والشؤون اإلجتماعية واالقتصادية والمالية والصحة والشغل واإلستثمار و ولوج‬

‫[‪ - ]293‬رئاسة الحكومة المغربية ‪ ،‬البرنامج الحكومي(‪ ، )1112-8118‬يناير ‪ 8118‬ص‪.8.:‬‬

‫‪143‬‬
‫المواطنين لإلدارة االلكترونية[‪ ،]294‬والولوج إلى المعلومات العمومية مع إطالق أول موقع‬
‫بإفريقيا[‪ ،]295‬فضال عن تحديث وتطوير المشاركة االلكترونية[‪ ]296‬مع األخذ بعين االعتبار‬
‫أفكار و آراء المواطنين‪.‬‬

‫ولع ّل ما يؤكد نجاح هذا التوجه ‪ ،‬هو مؤشر األمم المتحدة للحكومة االلكترونية الذي‬
‫حسن من ترتيب المغرب مطلع سنة ‪ 8118‬بستة نقاط ‪ ،‬مسجال ‪ 89‬بالمائة بالنسبة للخدمات‬
‫على شبكة االنترنيت و‪ 99‬بالمائة بالنسبة للرأسمال البشري و‪ 81‬بالمائة بالنسبة للبنية التحتية‬
‫‪ ،‬وتقيس هذه المؤشرات اإلطار التنظيمي والتشريعي والمشاركة االلكترونية ثم تقييم مواقع‬
‫االلكترونية الحكومية[‪.]297‬‬

‫وعموما يمكن القول ؛ أن برنامج الحكومة اإللكترونية منح اإلدارة المغربية جرعة‬
‫حياة جديدة جعلت منها كائنا أكثر حيوية في عالقتها مع المواطن الذي أصبح تعامله مع‬
‫اإلدارة أكثر تواصال‪.‬‬

‫فبالرغم من السلبيات التي طبعت التجربة الرقمية ‪ ،‬إال أن الخطوة في حد ذاتها تمثل‬
‫ثورة تكنولوجية داخل مجتمع في تطور وتحول مستمرين ‪ ،‬فاألرقام توضح التطور المتدرج‬
‫في حجم الميزانية المرصودة لمشاريع التكنولوجيا ‪ ،‬كما أن تحرير قطاع االتصاالت بمنح‬
‫أكثر من رخصتين أدى إلى تطور عدد مستعملي الهاتف النقال ( أكثر من ثمانية مليون‬
‫مشترك) ‪ ،‬إضا فة إلى االستعمال المتزايد للشبكة العنكبوتية ببالدنا (أكثر من مليون زائر) تم‬
‫التواصل الكبير عبر المواقع اإلجتماعية‪ .‬فهذه كلها مؤشرات تدل على نوعية مجتمع الغد‬
‫المطبوع باتساع رقعة االستعماالت التكنولوجية ‪.‬‬

‫وعليه ؛ فعلى اإلدارة العمومية الترابية ومنها الجماعية العمل والتركيز أكثر على‬
‫الفئات التالية‪:‬‬

‫[ ‪]294‬‬
‫‪- www.Maroc.gov.ma‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪www.service-public.ma‬‬
‫[ ‪]295‬‬
‫‪-www.data.gov.ma‬‬
‫[ ‪]296‬‬
‫‪-www.fikra.gov.ma‬‬
‫[‪ - ]297‬جريدة أخبار اليوم ‪ ،‬العدد ‪ ، 111‬بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪.8118‬‬

‫‪144‬‬
‫التركيز على الفئات التي تفضل الحصول على الخدمة اإلدارية إنطالقا من‬ ‫‪‬‬
‫الخط ؛‬
‫التركيز على الفئات التي تتوفر على أمكانية (ماجية ‪ /‬جغرافية ‪ /‬اجتماعية‬ ‫‪‬‬
‫الولوج إلى االنترنيت إنطالقا ً من الفضاءات العمومية ؛‬
‫التركيز على الفئات التي تتوفر على هواتف نقالة ذكية )‪.(Smartphone‬‬ ‫‪‬‬
‫وبالموازاة مع ذلك ال بد من التشجيع على التعاطي مع التكنولوجيا الحديثة في الحياة‬
‫اليومية من طرف اإلدارة والمواطن على حد السواء ‪ ،‬وفي هذا السياق فإن الشركة بين‬
‫القطاعين العام والخاص يشكل حال من الحلول الجيدة لالنفتاح الرقمي ‪ ،‬فهذه األخيرة تسمح‬
‫بخلق أسواق جديدة للمقاولة في اآلن نفسه الذي تستدرج المواطن إلى عمليات رقمية مستمرة‬
‫‪ ،‬ولعل النموذج البنكي الذي يبدو في قمة هرم التطبيقات ‪ ،‬من بين أحسن األمثلة العملية‬
‫بإتاحته إمكانية التعامل عبر الشبابيك االلكترونية وتفضيل بطائق األداء في العمليات‬
‫الحسابية[‪.]298‬‬

‫وإذا كان هذا هو حال اإلدارة الرقمية ببالدنا ‪ ،‬فما هو واقع عالقة اإلدارة باإلعالم‬
‫وبمكاتب المؤسسات االستشارية المتخصصة ؟ وما هي اإلستراتيجية المتبعة في سبيل تحقيق‬
‫ذلك؟‬

‫ثانيا‪ :‬اإلنفتاح على وسائل اإلعالم والمؤسسات االستشارية‬

‫'' [‪ ]...‬وعندما نقول الحرية ‪ ،‬فألنه ال سبيل لنهوض وتطور صحافة جيدة دون‬
‫ممارسة لحرية التعبير‪ .‬كما أن التأكيد على مالزمة المسؤولية للحرية ‪ ،‬مرده إلى اعتبار‬
‫أنه ال يمكن لإلعالم أن يكتسب المصداقية الضرورية ‪ ،‬وأن ينهض بالدور المنوط به‬
‫[‪.'']299‬‬
‫وتماشيا مع هذا التوجه ؛ وضعت الحكومة المغربية في بداية سنة ‪ 8111‬مبادئ‬
‫توجيهية عامة لتطوير البنية التحتية لالتصاالت في المغرب و ذلك من أجل تعميم استفادة‬

‫[‪ - ]298‬موالي محمد البوعزاوي ‪ " ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط ‪ ،‬ص‪.121-122 :‬‬
‫[‪ - ]299‬مقتطف من نص الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى أسرة الصحافة واإلعالم بمناسبة اليوم الوطني لإلعالم ‪ ،‬الرباط في ‪ 11‬نونبر ‪.8118‬‬

‫‪145‬‬
‫جميع أنحاء المملكة دون استثناء من الولوج إلى التقنيات الحديثة ‪ ،‬للحد من الفجوة الرقمية‬
‫وتشجيع التنمية على نطاق واسع‪.‬‬
‫ولهذا ؛ فإن اإلدارة الجماعية ال تعذر بانغالقها وتحصنها داخل هياكلها اإلدارية‬
‫المتحجرة ؛ بل من الواجب عليها التعامل اإليجابي مع الصحافة ووسائل اإلعالم سواء كانت‬
‫هذه األخيرة طرف في عالقة ثنائية تجاه اإلدارة ‪ ،‬أو لكونها وسيلة مثلى للتحاور مع المحيط‪.‬‬
‫أما مؤسسات االستشارة ؛ فهي بمثابة آلية للتداول تسمح لإلدارة الجماعية بالظهور‬
‫بوجه المؤسسة القوية والجادة ‪ ،‬المندمجة والفعالة‪.‬‬

‫أ‪ -‬نحو إعالم حر ومتعدد ومستقل لمغرب المستقبل‬


‫تاريخيا ارتبطت الظاهرة اإلعالمية والصحافية بشكل خاص ارتباطا مصيريا بالحرية‪،‬‬
‫إال أن العال قة بينهما خضعت دائما لطبيعة العالقة السائدة بين الدولة والمجتمع أو بعبارة أدق‬
‫وأكثر وضوح ؛ لثنائية الحرية والسلطة[‪.]300‬‬

‫وقد تطرقت عدة مواثيق وقوانين دولية لحرية التعبير والحق في المعلومة [‪ . ]301‬لكن‬
‫حتى الديمقراطيات العريقة والمتقدمة لم تسلم من تعقد العالقة بين الدولة عموما واإلعالم ‪ ،‬و‬
‫اتسمت بالصراع المستمر الذي غالبا ما كان المواطن هو المستفيد منه ‪ ،‬بحيث يجد نفسه‬
‫متمكنا من المعلومة بكل تنوعها في ظرف زمني معقول ‪ ،‬على أن يخضع هذا الصراع‬
‫للقانون وأخالقيات المهنة‪ .‬أما في البلدان الحديثة العهد في ضرب لمبدأ الشفافية يقابله عدم‬
‫االحتكام لنصوص نوعية أو اإلنصات للضمير المهني قبل التعامل مع المعلومة‪.‬‬

‫وفي المغرب فقد تميزت سنة ‪ 8111‬بتعزيز مسار اعتماد مدونة للصحافة والنشر‬
‫حديثة وعصرية ‪ ،‬حيث صادق مجلس الحكومة يوم األربعاء ‪ 12‬دجنبر ‪ 8111‬على مشروع‬
‫قانون ‪ 88/13‬يتعلق بالصحافة والنشر وكذلك مصادقة البرلمان على مشروع قانون‬
‫‪ 90.13‬يتعلق بالمجلس الوطني للصحافة كهيئة منتخبة ومستقلة للتنظيم الذاتي للمهنة ‪ ،‬وكذا‬
‫على مشروع قانون ‪ 89.13‬يتعلق بالنظام األساسي للصحافيين المهنيين‪.‬‬

‫[‪ – ]300‬موالي محمد البوعزاوي ‪ " ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.124 :‬‬
‫[‪]301‬‬
‫‪- secrets d’Etat , « administration au Maroc – le défi du droit a l’information », CMF MENA , Rapport‬‬
‫‪d’une enquête Casablanca , Mai 2007 , p : 04.‬‬

‫‪146‬‬
‫كما تميزت سنة ‪ 2015‬بتفعيل االعتراف القانوني بالصحافة الرقمية وإدماجها في‬
‫منظومة الدعم العمومي للصحافة‪ .‬كما يسجل خالل سنة ‪ 2015‬إنجاح ورش ومخطط انتقال‬
‫المغرب نحو التلفزة الرقمية كاستجابة لاللتزامات الدولية للمغرب في هذا المجال‪ .‬ومن‬
‫سمات ‪ 2015‬أيضا تسجيل تناقص عدد حاالت التضييق على الصحافيين وعدم تسجيل أية‬
‫مصادرة للصحف الوطنية‪ .‬كما تميزت سنة ‪ 2015‬باالستمرار في تنزيل عدد من مقتضيات‬
‫دفاتر تحمالت اإلعالم السمعي البصري العمومي‪ ،‬وخاصة إرساء نظام طلبات العروض‬
‫وتعزيز أنظمة اإلنتاج باإلضافة إلى تعزيز الشفافية والحكامة في هذا القطاع ‪.‬‬

‫كما شهدت سنة ‪ 2015‬تعزيز آليات التفاعل مع المنظمات الوطنية والدولية المعنية‬
‫بحرية الصحافة واإلعالم ‪ ،‬وتعزيز انفتاح المغرب على الخارج‪ .‬وتميزت سنة ‪ 2015‬بتقوية‬
‫العرض التكويني في قطاع اإلعالم والصحافة‪ ،‬مع تعزيز برامج لتقوية القدرات المهنية‬
‫للصحفيين ‪ ،‬إضافة إلى تسجيل تقدم على مستوى إقرار التعددية السياسية والثقافية واللغوية‬
‫في مختلف وسائل اإلعالم الوطني‪ ،‬باإلضافة إلى تعزيز الشراكة مع الهيئات المهنية العاملة‬
‫في القطاع ‪.‬‬

‫لقد كانت ‪ 2016‬سنة استكمال حلقات اإلصالح في قطاع االتصال والتي ابتدأت منذ‬
‫إقرار دستور سنة ‪ 2011‬وتنصيب الحكومة الحالية ( والية ‪)8112-8118‬؛ ذلك أنه خالل‬
‫سنة ‪ 8111‬تم استكمال عدد من األوراش القانونية والمؤسساتية المرتبطة بقطاع االتصال‬
‫بغاية تعميق مسلسل تعزيز حريات الصحافة واإلعالم ‪ ،‬السيما تقوية مداخل التعددية‬
‫والحرية واالستقاللية والشفافية ‪ ،‬وتقوية تنافسية اإلعالم الوطني على مختلف األصعدة‬
‫عربيا وإقليميا ودوليا[‪.]302‬‬

‫وفي هذا الصدد فقد عملت الحكومة على ‪:‬‬

‫‪ -‬إلغاء العقوبة السّالبة للحرية من مدونة الصحافة والنشر‪ ،‬واعتماد مجلس وطني‬
‫للصحافة إلقرار احترام أخالقيات المهنة واحترام كرامة األفراد وحياتهم الخاصة ؛‬

‫[‪ – ]302‬الحكومة المغربية ‪ ،‬التقرير السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة برسم سنة ‪ ، 8111‬ص‪.2 -1 :‬‬

‫‪147‬‬
‫‪ -‬االعتراف القانوني بالصحافة اإللكترونية وجعل اختصاص إيقاف الصحف وحجب‬
‫المواقع اإلليكترونية من اختصاص القضاء ؛‬

‫‪ -‬مضاعفة برامج التعددية السياسة في اإلعالم السمعي البصري وارتفاع البرامج‬


‫الحوارية‪...‬الخ[‪.]303‬‬

‫وفي إطار هذه الدينامية التي يعرفها قطاع اإلعالم والتوصل ‪ ،‬ال بد لإلدارة أن تتحلى‬
‫بحس االن فتاح والتواصل والتعاون واإلرشاد في سبيل تمكين المواطن من المعلومات ‪ ،‬وذلك‬
‫بتحسين جودة خدماتها وتكييفها مع التطورات الوطنية واألجنبية ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى كون‬
‫اإلدارة أضحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى باإلنفتاح على مكاتب االستشارة المتخصصة‬
‫في تقديم خدمات التواصل‪.‬‬

‫حاجة اإلدارة الجماعية لمؤسسات االستشارة‬ ‫ب‪-‬‬


‫[‪]304‬‬
‫عدة تساؤالت ويكتنفه أحيانا غموض سياسي ومؤسساتي ؛‬ ‫يثير مفهوم االستشارة‬
‫فقد يختلف المفهوم بالشورى التي لها بعد ديني صرف يرتبط أيضا باالجتهاد ‪ ،‬كما قد يفهم‬
‫منه تبادل الرأي والمشاركة في التقرير وهنا تم االهتداء إلى لجمه األطراف داخل مؤسسات‬
‫لتقديم المشورة السياسية[‪.]305‬‬

‫وإذا كانت الدولة الحديثة تتوفر على مؤسسات استشارية رسمية تختلف مجاالت‬
‫تدخلها بين السياسي ‪ ،‬الحقوقي واالجتماعي ‪ ،‬فإن اآلونة األخيرة شهدت ظهور مؤسسات‬
‫غير حكومية أخرى ذات مهام استشارية أيضا في المجاالت اإلدارية ‪ ،‬االقتصادية والمالية ‪،‬‬
‫وهي المؤسسات التي بدأت رقعة عملها في االتساع مؤخرا وانفتحت عليها مختلف اإلدارات‬
‫والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪.‬‬

‫[‪ - ]303‬الحكومة المغربية ‪ ،‬حصيلة العمل الحكومي (‪ ، )8112 -8118‬يوليوز ‪ ، 8112‬ص‪..1 :‬‬
‫* [‪ - ]304‬إن مفهوم االستشارة ‪ Consultation‬يقارب كلمة اإلرشاد ‪ Orientation‬والتي نعني أيضا التوجيه ‪ ، Guidance‬والمقصود‬
‫باالستشارة هي طلب اإلدال ء برأي ‪ ،‬وبها يتم تقديم المساعدة لخآخرين على اكتشاف قدراتهم وإمكانياتهم الستخدامها بفعالية في المهام المطلوبة‬
‫منهم‪ .‬أورده ؛ ‪ -‬موالي محمد البوعزاوي ‪ " ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" مرجع سابق ص‪.141 :‬‬
‫[‪ - ]305‬دار الحديث الحسنية ‪ ،‬ندوة حول موضوع ‪ ":‬مجاالت تطبيق الشورى واالستشارة في التجربة المعاصرة" ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬في ‪ 81-82‬أكتوبر‬
‫‪.8111‬‬

‫‪148‬‬
‫وقد أعطى دستور ‪ 8111‬دفعة جديدة لمؤسسات االستشارة وذلك من خالل نص‬
‫[‪]306‬‬
‫الذي يحث السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور‪،‬‬ ‫الفصل الثالث عشرة (‪)1.‬‬
‫وإذا كان الحديث هنا عن هيئات ومجالس استشارية مهمتها تكريس الديمقراطية التشاركية‬
‫[‪]307‬‬
‫‪ ،‬فإن نفس الدور قد تلعبه مؤسسات اإلستشارة الخاصة والتي‬ ‫وتعزيز سلطة االستشارة‬
‫تمكن اإلدارة الجماعية ومختلف اإلدارات العمومية األخرى ‪ ،‬من المرونة وتطوير الفكر‬
‫واألداء والبحث عن الجودة مع اعتماد االتصال الجيد والفعال والتوقع والتكيف مع حاجيات‬
‫ومتغيرات البيئة ؛ وهي كلها مبادرات وعمليات تدعم اإلدارة الجماعية في تحديث وعصرنة‬
‫بنياتها وأسلوب تدبيرها اليومي‪.‬‬

‫فاإلدارة الجماعية في الوقت الحاضر أصبحت في حاجة فعال للمشورة و الحلول‬


‫المتكاملة الممكنة والتوصيات المناسبة ‪ ،‬خاصة في ميادين البناء التنظيمي وتبسيط‬
‫الجماعية بحاجة إلى مكاتب‬ ‫اإلجراءات وتخليق العمل اإلداري ‪ .‬وعموما فاإلدارة‬
‫ومؤسسات االستشارة في مختلف مجالت التدبير ‪ ،‬فتطور وتنامي المعرفة اإلنسانية‬
‫وخوض الحكومات في غمار العولمة ‪ ،‬والتطور المتسارع الذي تشهده قطاعات ومؤسسات‬
‫الدولة في إطار تطوير وتحديث عملها ‪ ،‬يستدعي التعاون مع القطاع الخاص بشكليه‬
‫المقاوالتي كما االستشاري واالستفادة من تخصصه وخبراته واحترافيته كقوة اقتراحية‪.‬‬

‫وفي ظل المسار الذي اختاره المغرب نحو االنفتاح والتكتل مع دول إقليمية ودولية‬
‫(الصين‪ -‬الهند ‪ -‬روسيا‪ -‬الواليات المتحدة األمريكية‪ -‬االتحاد األوربي وإفريقيا‪ )...‬في إطار‬
‫من الشراكات واالتحادات المتعددة آخرها العودة إلى الحضن اإلفريقي ‪ ،‬مما مكن المغرب‬
‫من تكوين عالقات استراتيجييه مع عد ة دول ‪ ،‬كما أصبح عضوا ذا وضع متقدم في االتحاد‬
‫األوربي ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى اتفاقيات ثنائية تهم التبادل الحر مع أكثر من دولة‪.‬‬

‫‪20‬الفقرة الثانية‪ :‬مواكبة اإلدارة الجماعية للبرامج الدولية‬

‫[‪ - ]306‬ينص الفصل ‪ 1.‬من دستور المملكة المغربية على أنه " تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور ‪ ،‬قصد إشراك مختلف الفاعلين‬
‫االجتماعيين ‪ ،‬في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها"‪.‬‬
‫[‪ - ]307‬عثمان كاير ‪ " ،‬هيئات الحكامة وسلطة االستشارة " جريدة الصباح ‪ ،‬العدد ‪ ، .211‬صادرة في ‪ 2‬فبراير ‪.8118‬‬

‫‪149‬‬
‫إن الظروف العصيبة التي يعيشها العالم وخاصة المنطقة العربية على الصعيد السياسي‬
‫‪ ،‬تعرف انسدادا تاريخيا واضطرابا قيميا ً ‪ ،‬ونكوصا خطيراً أفضى إلى أوضاع مأساوية في‬
‫بعض بلدان المنطقة ‪ ،‬وإلى قلق وارتباك كبيرين في السلوك والوعي السياسي والثقافي‬
‫ببلدان آخرى ‪ ،‬جعل الكثير من المكتسبات الديمقراطية المتحققة موضع صراع وتصادم من‬
‫جديد‪.‬‬

‫وهو م ا يدعو بالضرورة إعالن الحاجة إلى التنوير بمعاييره الفكرية والحضارية‬
‫والتربوية التي تتطلبها المرحلة السياسية والحضارية بالمنطقة العربية ‪ ،‬خصوصا شمال‬
‫إفريقيا والشرق األوسط[‪.]308‬‬

‫وفي ظل هذا الوضع المتأزم تحاول البالد تنصيب نفسها كشريك ذو مصداقية في‬
‫تعامالتها مع مختلف القوى الدولية ‪ ،‬هذه األخيرة ال تجد مانعا في الدخول في برامج‬
‫ومشاريع مشتركة تتنوع بين التمويل واالقتراح والمواكبة (أوال) ولتنويع عالقاته الدولية في‬
‫كل المجاالت التفت المغرب إلى أكثر من جهة منها الدول االفريقية (ثانيا) والتي تعتبر فضا ًء‬
‫للتعاون وتبادل الخبرات والتجارب‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تأثير برامج األمم المتحدة واإلتحاد األوربي على تحديث اإلدارة الجماعية‬

‫أ‪ -‬برنامج األمم المتحدة‬


‫للوفاء لألهداف التنموية التي نص عليها إعالن األلفية للتنمية [‪ ]OMD‬في أفق سنة‬
‫‪ ، 8111‬أظهر المغرب إرادة صريحة ترجمتها على سبيل المثال ال الحصر المبادرة الوطنية‬
‫[‪]309‬‬
‫‪ ،‬كما تمت دعوة المجالس الجماعية في إطار الشراكة إلى اعتماد‬ ‫للتنمية البشرية‬
‫برامج التنمية الجماعية [‪ ]PCD‬المبنية على ثقافة التخطيط التي تؤمنه إدارة جماعية‬

‫[‪ -]308‬نداء الدورة الثانية عشرة من مهرجان "ثويزا"جريدة هسبريس اإللكترونية الثالثاء ‪ 12‬غشت ‪-8112‬طنجة ‪http://www.hespress.com‬‬
‫* [‪ - ]309‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هي مشروع تنموي من أجل تحسين األوضاع االقتصادية واالجتماعية للفئات الفقيرة‪ .‬انطلق المشروع‬
‫رسميا ً بعد الخطاب الملكي في ‪ 06‬ماي عام ‪ .2111‬و ترتكز على ثالث محاور أساسية ‪:‬‬
‫• التصدي للعجز االجتماعي باألحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية األشد خصاصا ؛‬
‫• تشجيع األنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل ؛‬
‫• العمل على االستجابة للحاجيات الضرورية لألشخاص في وضعية صعبة ؛ للمزيد من المعلومات أنظر ‪http://www.maroc.ma :‬‬

‫‪150‬‬
‫[‪]310‬‬
‫‪ ،‬وفي هذه اإلطار يقدم البرنامج األممي دعما للجماعات الترابية التي يفوق‬ ‫فعالة‬
‫عدد سكانها ‪ .1‬ألف نسمة في تهيئة البرامج ‪ ،‬وجاءت زيارة المدير التنفيذي لمؤسسة‬
‫تحدي األلفية األميركي » ‪ « Daniel Johanson‬في يونيو ‪ 8118‬للمغرب لتثمين ما حققته‬
‫البالد من تقدم في هذا البرنامج الذي يخصص له غالف مالي قدره ‪ 111‬مليون دوالر‬
‫أمريكي ‪ ،‬وهو رقم له دالالت كبيرة بمقارنته بما بم تخصيصه لدول أخرى ‪.‬‬
‫كما تقوم مجموعة من البرامج األممية بمتابعة أداء اإلدارة الجماعية من المنظور‬
‫[‪]311‬‬
‫على أهمية قيام‬ ‫القطاعي ‪ ،‬حيث أكدت توصيات القمة العالمية لمجتمع المعلومات‬
‫كافة دول العالم بتطوير المؤشرات الالزمة لقياس مجتمع المعلومات ؛ بهدف توضيح حجم‬
‫الفجوة الرقمية وطنيا ومحليا ‪ ،‬مما حذا باألمم المتحدة بمعية مجموعة من المنظمات الدولية‬
‫وفاعلين حكوميين يمثلون القطاعات التقنية واإلدارية المهتمة بتحديث اإلدارة ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد تم إعداد برنامج تحديث اإلدارة العمومية ‪ PARAP‬بدعم من البنك‬
‫العالمي ‪ ،‬وعلى الصعيد اإلدارة الجماعية سبق لهذا األخير سنة ‪ 8111‬أن وضع إطار‬
‫للتعاون مع المغرب ‪ ،‬من بين األهداف التي يتوخى تحقيقها المساعدة على خلق مناصب‬
‫شغل جديدة والرفع من أداء قطاع التعليم الماء الصالح للشرب البنيات التحتية ‪ .‬بالموازاة مع‬
‫ذلك يقد م البنك الدعم التقني واالستشارات الضرورية حول إعداد الميزانيات الجماعية‬
‫والتدقيق والفعالية[‪.]312‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق تقوم األمم المتحدة على تشجيع الشراكات وأشكال التعاون‬
‫الثنائي ‪ ،‬حيث تربط المغرب برامج تعاون مع عدة دول من بينها ‪ :‬فرنسا ‪ ،‬الصين ‪ ،‬روسيا‪،‬‬
‫إفر يقيا ‪...‬؛ وهي برامج تصب في مجملها في اتجاه االستفادة من خبرات وتجارب هذه الدول‬
‫في مجاالت تهم االستشارة ‪ ،‬التكوين الحكامة [‪. ]313‬‬

‫[ ‪] 310‬‬
‫‪- Nour-eddine Boutayeb , « participation de MEDCITES à l’atelier de coordination autour des plans‬‬
‫‪communaux de développement » , ART GOLD-PNUD-DGCL , Rabat , 09-10 février 2010.‬‬
‫[‪ - ]311‬توصيات القمة العالمية لمجتمع المعلومات بمرحلتيها األولى المنعقدة في جنيف سنة ‪ ، 811.‬والثانية في تونس سنة ‪.8111‬‬
‫[‪ - ]312‬موالي محمد البوعزاوي ‪ " ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.812-811 :‬‬
‫[‪ - ]313‬تقرير حول مشروع ميزانية وزارة تحديث القطاعات العامة برسم سنة ‪ ، 8114‬وزارة تحديث القطاعات العامة ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬نونبر ‪، 8112‬‬
‫ص‪..2 :‬‬

‫‪151‬‬
‫في نفس السياق يأتي التعاون مع الوكالة األمريكية للتنمية الدولية [‪ ]USAID‬في عدة‬
‫ميادين ذات بعد محلي منها تشجيع الشفافية في الحكامة عن طريق تعزيز قدرات هذه‬
‫األخيرة على اإلستجابة لحاجيات المواطنين من خالل إعداد سياسات ودليل ممارسات من‬
‫شأنها تمكين السلطات الجماعية من قدر أكبر من المساعدات المالية ألجل التنمية الترابية ‪،‬‬
‫ومن بين أهم إنجازات هذه المؤسسة الدولية نجد‪:‬‬
‫وألول مرة في المغرب ؛ تم تصنيف ثالثة مدن مغربية (الدار البيضاء –‬ ‫‪‬‬
‫مراكش – سال) يخضعون لقانون التنقيط المالي من طرف وكالة دولية ‪ ،‬بغية تطوير أدائها‬
‫المالي ؛‬
‫اتخاذ مبادرة إعداد برنامج ميثاق شرف من طرف مجموعة من المنتخبين‬ ‫‪‬‬
‫والموظفين الجماعيين في الدار البيضاء ‪ ،‬بدعم من الوكالة األمريكية للتنمية الدولية ‪،‬‬
‫إلرساء مجموعة من القيم األساسية لمهامهم و كذا التزاماتهم تجاه المواطنين والجماعة ؛‬
‫عملت الوكالة األمريكية للتنمية الدولية على تشجيع سكان دمور الصفيح على‬ ‫‪‬‬
‫المشاركة في إعداد مشاريع لتحسين السكن في مجموعة من المدن المغربية ‪ ،‬ففي النواصر‬
‫مثال ‪ ،‬وبفضل تضافر جهود الفاعلين المحلين ‪ ،‬تم أخد حاجيات السكان المحتاجين بعين‬
‫االعتبار عند تسليم وحدات سكنية جديدة‪.‬‬
‫وعموما يمكن القول أن المدن المغربية أكدت حضورها القوي والمكثف على الساحة‬
‫الدولية ‪ ،‬بحيث أن المدة الطويلة التي أقامت فيها المدن لعالقات شراكة وتوأمة مع نظيرتها‬
‫األجنبية وما راكمته من خبرات جرّاء ذلك ‪ ،‬جعلتها تستفيد من البرامج المتنوعة لألمم‬
‫المتحدة‪ .‬هذا نظير عن استفادتها من المكانة أو الوضع المتقدم الذي تحضى به من لذن‬
‫اإلتحاد األوربي‪.‬‬

‫برنامج اإلتحاد األوربي‬ ‫ب‪-‬‬


‫يعد اإلتحاد األوربي الشريك االستراتيجي األول للمملكة المغربية ‪ ،‬وقد توج المسلسل‬
‫الطويل من الشراكات والمبادالت والمعامالت بتخويل المغرب وضع متقدم يمزج بين‬
‫الشراكة والعضوية التي تمكنه أحيانا من إبداء الرأي و حضور أشغال المؤسسات التقريرية‬
‫في االتحاد األوربي كمالحظ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫وتعتبر المفوضية األوربية للجماعات الترابية شريك حقيقي في تهيئ برامج الحكامة‬
‫الترابية حسب اتفاقية [‪ ]Cotonou‬المعدلة سنة ‪ ، 8111‬لها حق اإلعالم واإلشراك في‬
‫إعداد سياسات التعاون ‪ ،‬وكذا حق تلقي الدعم المالي والتقني لتأهيل القطاعات التي تعرف‬
‫مشاكل في التدبير والنمو[‪.]314‬‬

‫في سياق التحوالت التي تعرفها السياسة الدولية ‪ ،‬وفي إطار اإلستراتيجية الجديدة‬
‫للجوار التي ينهجها ؛ يقترح االتحاد األوربي معاملة تفضيلية مع المغرب على أساس‬
‫المسؤولية المتبادلة عبر التطبيق الكلي للقيم العالمية لحقوق اإلنسان والديمقراطية وسيادة‬
‫[‪]315‬‬
‫‪ ،‬وبهدف تطوير اإلدارة الجماعية‬ ‫القانون كحرية التصويت والتعبير وأمنت المواطن‬
‫ركزت اإلستراتيجية في المدى المتوسط على ‪:‬‬

‫دعم مشاريع القرب ؛‬ ‫‪‬‬


‫دعم توفير البنيات التحتية االجتماعية واالقتصادية خاصة في المناطق التي‬ ‫‪‬‬
‫تعرف ارتفاع مستويات الهجرة ؛‬
‫استكمال وضع الهياكل الدارية المكلفة بالتخطيط االستراتيجي للتنمية ؛‬ ‫‪‬‬
‫تبادل اآلراء والخبرات حول التجربة المغربية في مجال التنمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وتماشيا مع هذا التوجه فقد استقبلت مدينة فاس سنة ‪ 8111‬المناظرة األولى للتعاون‬
‫الالمركزي بين الجماعات الترابية المغربية والفرنسية لمواكبة تجربة المغرب في مجال‬
‫الالمركزية ‪ ،‬وتقديم مختلف أشكال الدعم من تكوين المنتخبين واألطر اإلدارية الجماعية ‪،‬‬
‫وإحداث صندوق خاص من طرف الجماعات الترابية الفرنسية وتخصيصه للتنمية المحلية‬
‫والجهوية بالمغرب ‪ ،‬هو التوجه الذي كرسه اللقاء المغربي‪ -‬الفرنسي السادس للحكومتين‬
‫بباريس في ‪ 11-19‬يوليوز ‪.]316[8119‬‬

‫ومن نتائج هذا اللقاء اعتماد خطة لمواكبة مسلسل الالمركزية بالمغرب والعمل‬
‫الجماعي بغية النهوض باختصاصاته ‪ ،‬كما تمخض عن هذا اللقاء الدعوة إلى‪:‬‬

‫[‪]314‬‬
‫‪- Colooque « Bonne gouvernance locale et financements internationaux » , UE-AIMF ;24 Octobre 2007.‬‬
‫[‪ - ]315‬القانون المالي لسنة ‪ ، 8118‬التقرير االقتصادي والمالي ‪ ،‬ص‪.81 :‬‬
‫* [‪ - ]316‬وفي نفس السياق قامت الجمعية المغربية للجماعات الترابية بإبرام اتفاقيات شراكة مع هيئة المدن الفرنسية ‪، Cités Unies franca‬‬
‫والجمعية الفرنسية تويزة تضامن (‪.(Touiza Sodarité‬‬

‫‪153‬‬
‫تحسين العالقة بين الدولة والجماعات الترابية ؛‬ ‫‪‬‬
‫تكثيف برامج التكوين للمنتخبين الجماعيين واألطر اإلداري والتقنية ؛‬ ‫‪‬‬
‫تقوية إمكانيات و قدرات ضبط وتنفيذ المشاريع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والمالحظ مما سبق قوله ؛ هو كون المغرب نهج سياسة ناجعة في إطار الشراكات التي‬
‫تربطه سواء مع اإلتحاد األوربي أو باقي دول العالم بما في ذلك المؤسسات الدولية ‪ ،‬وهو ما‬
‫يتجلى من خالل االنخراط الكبير في مجموعة من المشاريع التي يستفيد منها في إطار هذه‬
‫الشراكة وتنزيلها على أرض الواقع ‪ ،‬تجسيدا للثقة التي يحضى بها من مختلف الدول‬
‫والمؤسسات الدولية ‪ .‬هذه اإلستفادة والخبرات والتجارب التي راكمها المغرب منذ سنين‬
‫طويلة ؛ أبى إال أن يشاركها مع دولة إفريقية تجمعه بها عالقات متينة على أصعدة مختلفة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬انفتاح اإلدارة الجماعية على محيطها اإلفريقي وآفاق التعاون جانوب‪ -‬جانوب‬

‫أ‪ -‬اإلدارة الجماعية والتعاون اإلفريقي‬

‫من عاد إلى من؟ هل عاد المغرب إلى االتحاد اإلفريقي ‪ ،‬أم عاد االتحاد اإلفريقي إلى‬
‫المغرب؟ في الواقع "لم يغادر المغرب إفريقيا" يوما ‪ ،‬كما قال الملك مح ّمد السادس في‬
‫رسالته إلى القمة اإلفريقية المنعقدة في ميدنة كيغالي عاصمة رواندا‪.‬‬

‫كان المغرب في ك ّل وقت في قلب إفريقيا على الرغم من انّه في شمالها‪.‬‬


‫فبالرغم من كون المغرب قد غاب عن منظمة الوحدة اإلفريقية ؛ فإنه لم يفارق أبدا إفريقيا‪.‬‬
‫" [‪ ]...‬المغرب بلد إفريقى بانتمائه ‪ ،‬وسيبقى كذلك ‪ .‬وسنظل نحن المغاربة جميعا في‬
‫خدمة إفريقيا‪ ...‬وسنكون في المقدمة من أجل كرامة المواطن اإلفريقي واحترام‬
‫قارتنا"[‪.]317‬‬

‫لقد صدق تنبؤ الملك الراحل الحسن الثاني طيب هللا ثراه‪ .‬فالمغرب أوفى بوعده‪.‬‬

‫* [‪ - ]317‬بهذه العبارات توجه جاللة الملك الحسن الثاني‪ ،‬في خطابه للقمة العشرين لمنظمة الوحدة اإلفريقية‪ ،‬يوم ‪ 18‬نونبر ‪ ،1429‬الذي أعلن فيه‬
‫‪.‬‬
‫عن انسحاب المغرب‬

‫‪154‬‬
‫فبعد مرور أكث ر من ثالثة عقود ‪ ،‬لم يسبق إلفريقيا أن كانت في صلب السياسة‬
‫الخارجية للمغرب وعمله الدولي ‪ ،‬أكثر مما هي عليه اليوم‪.‬‬

‫( (( فقد تمكنا من بلورة نموذج فريد وأصيل وملموس للتعاون جنوب – جنوب‪ ،‬مكن‬
‫ليس فقط من تعزيز مجاالت التعاون التقليدية ‪ ،‬كالتكوين والدعم التقني ‪ ،‬وإنما طورها‬
‫لتشمل ميادين إستراتيجية جديدة ‪ ،‬كاألمن الغذائي ‪ ،‬وتطوير البنيات التحتية )) )[‪.]318‬‬

‫فعندما صرح الملك الراحل في إحدى خطبه بأن " المغرب شجرة غصونها في أوربا‬
‫وجذورها في إفريقيا " فألن المكون اإلفريقي ظ ّل دائما حاضرا في الشخصية والهوية‬
‫المغربيتين ‪ ،‬وتوضح مجموعة من المؤشرات أن أشكال التعاون المغربي‪ -‬اإلفريقي في‬
‫مختلف الميادين و المستويات آخذة في التطور والتوسع ‪ ،‬فمن الناحية البشرية التي تعتبر‬
‫عماد أية إستراتيجية تنموية فقد جعل المغرب من تأهيل وتكوين اإلنسان اإلفريقي أساس‬
‫سياسته التعاونية مع مختلف الدول اإلفريقية ‪ ،‬بحيث تم تكوين العديد من األطر في مجموعة‬
‫من التخصصات الجماعية والتقنية ‪ ،‬نهيك عن وضع الخبرة التي اكتسبها المغرب في عدة‬
‫مجاالت بالتعاون مع شركائه التقليديين رهن إشارة الدول اإلفريقية‪.‬‬

‫هذا التعاون يضم مجموعة من المجاالت تتوزع بين ؛ القطاعات االنتخابية ‪ ،‬التربية‬
‫والتكوين ‪ ،‬قطاعات إجتماعية وخدماتية ‪ ،‬وفي هذا السياق تبقى اإلدارة الجماعية فضاء‬
‫أساسي للتعاون والتعاضد ‪ ،‬بهدف توطيد وتطوير عالقات تضامن بين المدن والسلطات‬
‫الجماعية وتبادل المعلومات حول التجارب اإلفريقية في مجال التنظيم الجماعي ‪ ،‬وتنمية‬
‫ال ديمقراطية المحلية والعمل الجماعي في إفريقيا مع تحسين البيئة الحضرية والمساهمة في‬
‫حماية الطفولة والمرأة[‪.]319‬‬

‫[‪ - ]318‬مقتطف من نص الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس إلى القمة ال ‪ 81‬لالتحاد اإلفريقي المنعقدة بكيغالي بتاريخ‬
‫‪ ،8112/11/11‬وقد سلمت الرسالة الملكية يوم األحد ‪ 11‬يوليوز ‪ ، 8112‬إلى الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو الرئيس الحالي لالتحاد اإلفريقي‬
‫من قبل السيد رشيد الطالبي العلمي‪ ،‬رئيس مجلس النواب ‪.‬‬
‫[‪ -]319‬موالي محمد البوعزاوي ‪ " ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" مرجع سابق ص‪.889-88. :‬‬

‫‪155‬‬
‫وفي سياق التفاعل مع المحيط اإلفريقي احتضنت مدينة مراكش القمة اإلفريقية للمدن‬
‫[‪]320‬‬
‫التي حضرها حوالي أربعة آالف مشارك ‪ ،‬كنموذج للتعاون‬ ‫والحكومات المحلية‬
‫جنوب‪ -‬جنوب يروم ترسيخ الالمركزية والتشاور حول التنمية المحلية بدول القارة السمراء‬
‫ولتقديم حلول واقتراحات لتحديث اإلدارة الجماعية‪.‬‬

‫[‪]321‬‬
‫نتائج تمكنت من التأسيس لحركة مدنية على المستوى‬ ‫هذه القمم أثمرت‬
‫المؤسساتي والتنمية المحلية بها ‪ ،‬وتجاوز حاجز اللغة وتحقيق االندماج في الفضاء اإلفريقي‪،‬‬
‫وقد مكن هذا الحوار من استقطاب جهات حكومية لمثل هذه اللقاءات قصد توفير الخدمات‬
‫األساسية لإلنسان اإلفريقي ‪ ،‬كما انتقلت القمم من التأسيس والبناء إلى الحضور الفعلي و‬
‫خصوصا بعد نجاحا في تأسيس منظمة المدن‬ ‫في تحقيق أهداف األلفية‬ ‫المساهمة‬
‫والحكومات المحلية المنعقد بباريس سنة ‪.8119‬‬

‫وفي هذا الصدد فقد شكل الخطاب السامي الذي ألقاه جاللة الملك في افتتاح المنتدى‬
‫االقتصادي المغربي‪-‬اإليفواري بأبيدجان حدثا استثنائيا بكل المقاييس ‪ ،‬إذ أرسى معالم‬
‫لشراكة إستراتيجية متينة ومنفتحة ‪ ،‬يقول جاللته ''[‪ ]...‬إن إفريقيا قارة كبيرة ‪ ،‬بقواها‬
‫الحية وبمواردها وإمكاناتها‪ .‬فعليها أن تعتمد على إمكاناتها الذاتية‪ .‬ذلك أنها لم تعد قارة‬
‫مستعمرة‪ .‬لذا ‪ ،‬فإفريقيا مطالبة اليوم بأن تضع ثقتها في إفريقيا‪.‬‬

‫فقارتنا ليست في حاجة للمساعدات ‪ ،‬بقدر ما تحتاج لشراكات ذات نفع متبادل‪ .‬كما‬
‫أنها تحتاج لمشاريع التنمية البشرية واالجتماعية أكثر من حاجتها لمساعدات إنسانية‪.‬‬

‫وعلى إفريقيا أيضا أال تظل رهينة لماضيها ولمشاكلها السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية الحالية‪ .‬بل عليها أن تتطلع لمستقبلها ‪ ،‬بكل عزم وتفاؤل ‪ ،‬وأن تستثمر في‬
‫سبيل ذلك كل طا قاتها‪ .‬وإذا كان القرن الماضي بمثابة قرن االنعتاق من االستعمار بالنسبة‬

‫*[‪ -]320‬المنعقدة بمراكش أيام ‪ 81-12‬دجنبر ‪ ، 8114‬حول موضوع "التدابير المعتمدة من الجماعات المحلية (الترابية حالي) والجهات اإلفريقية‬
‫لمواجهات تداعيات األرمة العالمية" ‪ ،‬تحت شعار' تطوير التنمية المستدامة وإنعاش الشغل‪.‬‬
‫* [‪ -]321‬تنعقد مثل هذه الققم كل ثالث سنوات بالتناوب بين جهات إفريقيا [ أبيدجان ‪ / 1424‬ويندهوك ‪ / 8111‬نيروبي ‪ / 8112‬مراكش ‪/ 8114‬‬
‫داكار ‪.]8118‬‬

‫‪156‬‬
‫للدول اإلفريقية ‪ ،‬فإن القرن الحادي والعشرين ينبغي أن يكون قرن انتصار الشعوب على‬
‫آفات التخلف والفقر واإلقصاء" [‪.]322‬‬

‫وقد جاءت زيارة عمل وصداقة لصاحب الجاللة إلى جمهورية الكوت ديفوار في ماي‬
‫‪ 8111‬لتأكيد ما تم اإلتفاق عليه في المنتدى االقتصادي المغربي‪-‬اإليفواري‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد أوضح البيان المشترك الذي صدر بهذه المناسبة أن هذه الزيارة‬
‫"تندرج في إطار تعزيز الشراكة القوية والطموحة والمربحة للطرفين القائمة بين البلدين في‬
‫كافة القطاعات وكذا تمتين المشاورات السياسية المنتظمة بين قائدي البلدين بشأن القضايا‬
‫اإلفريقية والدولية"‪.‬‬

‫وسجل البيان أنه خالل السنوات الثالث المنصرمة تطورت الشراكة بين البلدين بشكل‬
‫كبير حيث تم التوقيع على نحو ‪ 11‬اتفاقية تعاون من ضمنها العديد من االتفاقيات التي تهم‬
‫االستثمار وإنجاز مشاريع تنموية[‪.]323‬‬

‫وإلى جانبك ذلك سعى المغرب من خالل بوابة المركز اإلفريقي للتدريب والبحث‬
‫اإلداري لإلنماء [‪ ]CAFRAD‬إلى تقوية عالقة التعاون في مجال اإلدارة الجماعية عن‬
‫طريق وضع برامج تكوين ألطر الدول اإلفريقية الشقيقة ‪ ،‬ودعم أنشطة الحكومات في‬
‫مجال تنمية ال قدرات اإلدارية والخدمات ‪ ،‬وتأهيل الموارد البشرية وتطوير الشراكات‬
‫اإلقليمية والدولية وتبادل الخبرات وإعداد الدراسات والبحوث‪.‬‬

‫ومن ثمرة هذا التعاون استفادة أكثر من ‪ 921‬إطارا إفريقيا من التكوين المستمر مع‬
‫استكمال الخبر بالمدرسة الوطنية لإلدارة ابتدا ًء من سنة ‪ 142.‬غير أنها عرفت تطورا كبيرا‬
‫خالل السنوات األخيرة خاصة بعد الزيارة الملكية التي قام بها جاللة الملك محمد السادس‬
‫إلى عدد من الدول اإلفريقية خالل سنة ‪ ( 1119‬السنغال – مالي ‪ -‬الكوت ديفوار – غينيا‬
‫بيساو‪ ، )...‬التي توجت بإبرام العديد من اإلتفاقيات ‪ ،‬كما تم إيفاد مجموعة من البعثات‬
‫مكونة من خبراء و مسؤولين مغاربة إلى مختل إداريات الدول اإلفريقية لمساعدتها في مجال‬
‫[‪ -]322‬الخطاب الذي ألقاه صاحب الجال لة الملك محمد السادس ‪ ،‬نصره هللا ‪ ،‬في افتتاح أشغال المنتدى االقتصادي المغربي اإليفواري الذي انطلقت‬
‫أشغاله يوم اإلثنين بأبيدجان‪.8119/18/89:‬‬
‫[‪ - ]323‬بيان مشترك ‪ :‬المغرب و الكوت ديفوار يعبران عن ارتياحهما لتعزيز الشراكة الثنائية القوية والطموحة والمربحة للطرفين بمناسبة زيارة‬
‫عمل وصداقة لصاحب الجاللة إلى جمهورية الكوت ديفوار ‪ ،‬ماي ‪.8111‬‬

‫‪157‬‬
‫تدبير الموارد البشرية واإلدارة االلكتروني ‪ ،‬غير أن التعاون جنوب‪-‬جنوب ال يقتصر فقط‬
‫على الدول اإلفريقية فقط بل يتعداها ليشمل مجموعة من الدول األخرى من دول عربية‬
‫وآسيوية والجنوب أمريكية‪ .‬والتي تربطها بالمغرب عدة شراكات واتفاقيات ‪ ،‬وعليه نتساءل‬
‫عن مدى انخراط المغرب في هذا التعاون وما هي األبعاد الدولية لهذا التعاون؟‬

‫ب‪ -‬البعد الدولي للتعاون جنوب‪ -‬جنوب‬


‫إن السياسة التعاونية الخارجية للمغرب جنوب‪-‬جنوب ال تقتصر على الفضاء اإلفريقي‬
‫فقط بل تتعدى ذلك لتشمل دول عربية وأسيوية وغيرها من الدول ‪ ،‬وفي هذا الصدد فقد‬
‫نجحت الجمعية المغربية للجماعات المحلية (الترابية) على سبيل المثال في نسج عالقات‬
‫شراكة مع العديد من المدن والمنظمات العربية واآلسيوية والجنوب أمريكية[‪.]324‬‬

‫وتعتبر المؤتمرات العربية في هذا الشأن مرجعا مهما ‪ ،‬يتم من خاللها التطرق للقضايا‬
‫العربية ومستقبلها ‪ ،‬ولعل أبرز مثال دال على ذلك ؛ نجاح مؤتمر مراكش ما بين ‪11-19‬‬
‫يوليوز ‪ 8111‬حول موضوع " شراكة فعالة من أجل تنمية مستدامة للمدن" في تعبئة شركاء‬
‫دوليين كبار منهم برنامج األمم المتحدة للمستوطنات البشرية [‪ ]UN-HABAIT‬والجمعية‬
‫الدولية للمدن الفرانكفونية وهيئة الشراكة األور‪ -‬متوسطية‪.‬‬

‫ولتعزيز التعاون البين‪-‬القاري شاركت مجموعة من المنظمات والمؤسسات اإلقليمية‬


‫التابعة لألمم المتحدة في مشاريع تعاونية لتحسين خدمات اإلسكان والبنية التحتية الحضرية‪،‬‬
‫ومن بين هذه المنظمات نجد‪:‬‬

‫اإلتحاد اإلفريقي ؛‬ ‫‪‬‬


‫جامعة الدول العربية ؛‬ ‫‪‬‬
‫اإلتحاد األوربي ؛‬ ‫‪‬‬
‫منظمة المؤتمر اإلسالمي ؛‬ ‫‪‬‬
‫مصرف التنمية اإلفريقي ؛‬ ‫‪‬‬
‫مصرف التنمية األسيوي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫* [‪ - ]324‬تم عقد أكثر من ‪ 88‬اتفاقية توأمة مع مدن القارة األسيوية و‪ 1.‬توأمة مع مدن القارة األمريكية‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫وعموما ؛ ميكن القول أن تعزيز روابط التضامن والتعاون بكل أبعادهما‬

‫مع القارة اإلفريقية اليت تشكل حمورا رئيسيا من السياسة الخارجية املغربية‬

‫كما حددها صاحب اجلاللة امللك حممد السادس تعبريا متجددا على الطابع‬

‫اإلفريقي للمغرب الذي يندرج يف سياق استمرارية تاريخية عمادها العديد‬

‫من املبادالت املثمرة على مستويات عدة‪.‬‬

‫وتشكل الزيارات المتعددة التي قام بها جاللة الملك محمد السادس إلى مختلف الدول‬
‫اإلفريقية دليال على اإلرادة الملكية لترسيخ وتعميق جذور “الشجرة المغربية” بشكل أكبر في‬
‫القارة التي ينتمي إليه بفعل الروابط المنسوجة عبر قرون من التاريخ‪.‬‬

‫فالتعاون جنوب‪-‬جنوب‪ ،‬يقول جاللته "[‪ ]...‬ليس مجرد شعار أو ترف سياسي ‪ ،‬بل‬
‫هو ضرورة ملحة تفرضها حدة وحجم التحديات التي تواجه بلداننا ‪ ،‬بحيث ال يمكن معها‬
‫االعتماد على أشكال التعاون التقليدية ‪ ،‬التي أصبحت غير قادرة على االستجابة للحاجيات‬
‫المتزايدة لشعوبنا‪.]325["...‬‬

‫كما دعا الملك محمد السادس إلى " [‪ ]...‬فضاء إلرساء نموذج للتعاون جنوب ‪ -‬جنوب‬
‫ف ّعال ‪ ،‬تضامني ومتعدد األبعاد ‪ ،‬يقوم على االستثمار األمثل للطاقات والثروات التي تزخر‬
‫بها بلداننا"‪ ،‬مشددا على ضرورة أن يتحرر هذا التعاون من إرث الماضي ‪ ،‬وأن يتوجه‬
‫لخدمة المصالح اإلستراتيجية لهذه البلدان‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مواكبة اإلدارة الجماعية للمستجدات الوطنية‬

‫مثلت سنة‪ ، 2011‬دون أدنى شك ‪ ،‬منعطفا تاريخيا فاصال ونتاجا لسنوات من‬
‫العمل المتواصل المتمثل في مختلف األوراش اإلصالحية والمبادرات التحديثية المتتالية في‬
‫سياق تاريخي دولي دقيق ‪ ،‬وفي خضم األحداث التي كان العالم العربي وما يزال مسرحا‬

‫‪325‬‬
‫]‪ -‬مقتطف من نص الخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد السادس في القمة الثالثة لمنتدى الهند – إفريقيا ‪ 2101‬المنعقدة‬ ‫[‬

‫بنيودلهي ‪ ،‬الخميس ‪ 27 ،‬أكتوبر ‪.2101‬‬

‫‪159‬‬
‫لها‪ ،‬توج اإلصالح بالمغرب بالخطاب الملكي لتاسع (‪ )4‬مارس ‪ 2011‬ليعلن عن المبادرة‬
‫الملكية الداعية إلى إجراء تعديالت دستورية عميقة وشاملة أقل ما يقال عنها أنها غير‬
‫مسبوقة‪.‬‬

‫ويمثل الدستور الجديد بحق ‪ ،‬قطيعة مع الماضي بالنظر إلى أهمية التعديالت التي جاء‬
‫بها والمستجدات التي أقرها وكلها ترمي إلى بناء دولة حديثة عصرية وديمقراطية‪ .‬وإذا كان‬
‫من الصعب أن نحصي جميع الجزئيات والتفاصيل التي احتوى عليها الدستور‪ ،‬فإنه مع ذلك‬
‫يمكن أن نشير إلى بعض المواضيع الجديدة التي تؤثث الدستور الجديد وتشكل ثورة حقيقية‬
‫في النظام الدستوري المغربي ‪ ،‬على أن نقتصر على واقع مقاربة النوع باإلدارات العمومية‬
‫خاصة منها الترابية (الفقرة األولى) وكذلك التوجه الجديد في مجال البيئة والسياسات‬
‫العمومية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مظاهر مقاربة النوع باإلدارة الجماعية‬

‫يشهد العالم تحوالت جذرية متالحقة على مختلف المستويات ‪ ،‬ويسير بوثيرة متسارعة‬
‫نحو تجسيد مفهوم القرية الكونية بكل ما تحمله من معاني ودالالت ‪ ،‬وتوجد اإلدارة بصفتها‬
‫األداة التي تنفذ بها ا لسياسات العمومية في قلب هذه التحوالت ‪ ،‬وهي التي يرجع إليها أمر‬
‫نجاح السياسات المتبعة أو فشلها‪ .‬وعلى هذا األساس تم إدراج مجموعة من المبادئ‬
‫المتعارف عليها عالميا والمفاهيم الحديثة المتمثلة في مقاربة النوع واإلنصاف والرهان‬
‫البيئي‪.‬‬

‫من هنا فإذا كان من مبادئ ا لدستور الحفاظ على حقوق األفراد وحرياتهم على حد‬
‫السواء ‪ ،‬فما هي المكانة التي يعطيها للمرأة المغربية داخل اإلدارة العمومية الجماعية ؟ وما‬
‫هي التغييرات التي جاء بها الدستور الجديد لصالح المرأة ؟‪.‬‬

‫أوال‪ :‬واقع المقاربة باإلدارة الجماعية‬

‫‪160‬‬
‫استجابة لمتطلبات المحيط الدولي وتغيراته أقبلت اإلدارة الجماعية المغربية على‬
‫توظيف المفاهيم الحديثة المتمثلة في الشفافية والحكامة والمقاربة التشاركية ومقاربة‬
‫النوع…‪ ،‬هذه األخيرة التي تعد آلية مهمة لكونها تحرص على تحقيق التقارب والتشارك‬
‫والتكامل بين الجنسين لكونهما يسهران معا على تحقيق مخططات اإلدارة ‪ ،‬وبالتالي تنفيذ‬
‫أهداف السياسة العمومية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد أكد جاللة الملك محمد السادس على أنه "[‪ ]...‬فإننا آلينا على أنفسنا‬
‫أن نحسن وضع المرأة بتعزيز مكتسباتها والسهر على تمتيعها بحقوقها اإلنسانسة‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية [‪."]326‬‬
‫وهو ما تم تأكيده من خالل دسترة كافة حقوق اإلنسان كما هو متعارف عليها عالميا‬
‫وسمو المواثيق الدولية كما صادق المغرب عليها على التشريعات الوطنية ‪ ،‬وعلى مساواة‬
‫[‪]327‬‬
‫في الحقوق المدنية وذلك في نطاق احترام أحكام الدستور وقوانين‬ ‫الرجل والمرأة‬
‫المملكة المستمدة من الدين اإلسالمي كما صادق على تكريس المساواة بين الجنسين في كافة‬
‫الحقوق السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية ‪ ،‬وعلى إحداث آلية للنهوض‬
‫بالمناصفة بين الرجل والمرأة[‪.]328‬‬

‫وعليه ؛ فالمرأة أصبحت مدعوة للعب أدوار طالئعية على المستوى المحلي وولوج‬
‫المناصب االنتخابية وتقوية قدراتها في المشاركة في مسلسل اتخاذ القرار ترابيا والمساهمة‬
‫في التنمية ‪ ،‬وهكذا فقد تبلور مفهوم النوع [‪ ]GENER‬خالل النصف الثاني من القرن‬
‫الماضي عندما حاول االقتصاديون اللبراليون الدفع نحو مساهمة أكبر للمرأة في التنمية[‪.]329‬‬

‫ولم تجد مقاربة النوع االجتماعي كريقها إلى التطبيق الرسمي إال مع المؤتمر الرابع‬
‫لألمم المتحدة حول المرأة المنعقدة ببكين سنة ‪ 1441‬عندما التزمت عدة دول باعتماد هذه‬
‫المقاربة في برامجها السياسية والتنموية ‪ ،‬في حين عرف المجلس االقتصادي واالجتماعي‬

‫[‪ - ]326‬مقتطف من الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى القمة العالمية للنساء المنعقدة بمراكش في ‪ 82‬يونيو ‪.811.‬‬
‫[‪ -]327‬ينص الفصل ‪ 14‬من دستور المملكة المغربية على أنه " يتمتع الرجل والمرأة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واإلقتصادية واألجتماعية‬
‫والثقافية والبيئية‪"...‬‬
‫[‪ -]328‬ينص البند الثاني من الفصل ‪ 14‬من دستور المملكة المغربية على أنه "‪ ...‬تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء‪ .‬وتحدث‬
‫لهذه الغاية ‪ ،‬هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز"‪.‬‬
‫[‪]329‬‬
‫‪- genre et gouvernance « pour un développement local équitable ,DGCL-USAID , Marakkech , 29 novembre‬‬
‫‪2007 .‬‬

‫‪161‬‬
‫لألمم المتحدة عناصر المقاربة بأنها تقييم ألداء المرأة والرجل لكل المساطر والبرامج في‬
‫جميع المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية بما يكرس المساواة واإلنصاف بينهما ‪،‬‬
‫كما تمكن مقاربة النوع االجتماعي من دراسة العالقات االجتماعية بين الرجل والمرأة‬
‫وتقريب أوجه االختالف بينها‪.‬‬

‫نسبة النساء الموظفات بمناصب المسؤولية النظامية والمماثلة ‪%11 :‬‬


‫نسبة التأنيث‬ ‫منصب المسؤولية‬
‫‪2%‬‬ ‫كاتب عام‬
‫‪4%‬‬ ‫مفتش عام‬
‫‪11%‬‬ ‫مدير‬
‫‪11%‬‬ ‫رئيس قسم‬
‫‪14%‬‬ ‫رئيس مصلحة‬
‫‪1%‬‬ ‫مندوب‬
‫‪12%‬‬ ‫سفير‬
‫‪9%‬‬ ‫نائب السفير‬
‫‪1%‬‬ ‫قنصل عام‬
‫‪.8%‬‬ ‫مكلف بمهمة ومكلف بالدراسات‬
‫‪12%‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬وزارة الوظيفية العمومية وتحديث اإلدارة‪ " ،‬نتائج الدراسة الخاصة بمكانة النساء بمراكز المسؤولية في‬
‫الوظيفة العمومية "‪ ،‬في ‪ 8‬مارس ‪211.‬‬

‫‪162‬‬
‫وعرفت السياسة المالية للدولة تحديثا وإصالحات خاصة على مستوى الميزانية بتبني‬
‫مقاربة النوع االجتماعي‪ ،‬بمساعدة البرنامج الشامل لـ ‪ .UNIFEM‬وأصبح المغرب يصدر‬
‫تقريرا حول النوع االجتماعي منذ سنة ‪ ، 8112‬وفي نفس السنة تم اعتماد إستراتيجية وطنية‬
‫لإلنصاف والمساواة بين الجنسين بإدماج مقاربة النوع االجتماعي في سياسات التنمية‬
‫وبرامجها‪ .‬ومنذ سنة ‪ 2012 ،‬تبنى تقرير النوع االجتماعي مقاربة منهجية جديدة تقوم على‬
‫تحليل السياسات العمومية من منظور حقوق اإلنسان‪ .‬وقد أدمج القانون التنظيمي للمالية رقم‬
‫‪ 1.1.1.‬لسنة ‪ 8111‬مقاربة النوع اإلجتماعي‪.‬‬

‫ويحتل المغرب الرتبة ‪119‬عالميا في مجال الديمقراطية وحقوق اإلنسان ‪ ،‬حسب‬


‫معطيات سنة ‪ .2011‬والرتبة ‪132‬في سلم التنمية البشرية ضمن ‪ 187‬بلدا ‪ ،‬شملهم التقرير‬
‫العالمي حول التنمية البشرية لسنة ‪ .2014‬ويظل التعليم العقبة الرئيسية التي تحول دون‬
‫تحقيق أداء جيد في مجال التنمية البشرية‪ .‬حيث احتل المغرب الرتبة ‪ 133‬من بين ‪ 187‬دولة‬
‫في مجال التعليم ‪ ،‬والرتبة على التوالي ‪ 110‬و‪ 116‬في مجالي الصحة ومستوى الدخل‪.‬‬

‫وعلى مستوى المساواة بين الجنسين ‪ ،‬يحتل المغرب الرتبة ‪129‬من أصل ‪136‬دولة‬
‫حسب مؤشر الفوارق المرتبطة بالنوع ‪ GGGI‬لسنة ‪ 2013 ،‬وذلك في أربعة مجاالت‬
‫رئيسة ‪ ،‬هي التربية والصحة واالقتصاد والمشاركة السياسية‪.‬‬

‫ويحتل المغرب الرتبة ‪ 92‬من حيث الفوارق بين الجنسين حسب تقرير التنمية البشرية‬
‫األممي لسنة ‪.]330[8119‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 181‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات على‬
‫إحداث لدى مجلس الجماعة ‪ ،‬هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص‬
‫بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع تسمى‪" :‬هيئة‬
‫المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع"‪ ،‬وقد أحال المشروع كيفية تأليفها وتسييرها إلى‬
‫النظام الداخلي للمجلس‪.‬‬

‫[‪ -]330‬هنية ناجيم ‪ ،‬تقرير ألطروحة في القانون العام ‪ ،‬بعنوان‪" :‬مقاربة النوع االجتماعي وإستراتيجية التنمية المستدامة في المغرب‪ "،‬جامعة عبد‬
‫المالك السعدي ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجاماعية‪ -‬طنجة ‪ 8112-8111،‬ص‪.9 :‬‬

‫‪163‬‬
‫[‪]331‬‬
‫على إحداث بشراكة‬ ‫وفي هذا الصدد ينص النظام الداخلي لمجلس جماعة فاس‬
‫مع فعليات المجتمع المدني هيئة استشارية تدعى هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة‬
‫النوع ‪ ،‬مهمتها دراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع‪.‬‬
‫وقد وضع النظام الداخلي عدة معايير في تشكيل الهيئة ؛ وبالتالي وجب على الراغبين‬
‫في االلتحاق بالهيئة أخذ بعين االعتبار المعايير التالية[‪:]332‬‬

‫مقاربة النوع االجتماعي حيث يتم تخصيص نسبة الثلث للنساء من مجموع‬ ‫‪‬‬
‫أعضاء اللجنة لضمان المساواة ؛‬
‫الخبرة في مجال النوع االجتماعي ؛‬ ‫‪‬‬
‫التنوع المهني ؛‬ ‫‪‬‬
‫السمعة داخل المجتمع ؛‬ ‫‪‬‬
‫االرتباط بالجماعة (اإلقامة الدائمة داخل تراب الجماعة)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ثانيا‪ :‬واقع المناصفة في الحياة العامة الجماعية‬

‫للإلشارة فالوازع الديني الذي يتحكم في موضوع المرأة في المجتمعات اإلسالمية لم‬
‫يكن يوما مثبطا لهذه األخيرة بقدر ما كان محفزا لها على البذل و العطاء ‪ ،‬فاإلسالم انتزع‬
‫للمرأة مكانتها المسلوبة حيث قال تعالى‪" :‬المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض‬
‫يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصالة ويؤدون الزكاة ويطيعون هللا‬
‫ورسوله إن هللا عزيز حكيم"[‪.]333‬‬

‫وقال رسول هللا صلى هلل عليه وسلم (( ( النساء شقاق للرجال في األحكام ) ))[‪. ]334‬‬
‫وبغض النظر عن الجدال التاريخي الكبير الذي واكب هذا الموضوع في المجتمعات‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬عندما انبرت في النزاع طائفتان مؤيدة و معارضة العتبار المرأة مكونا فاعال‬

‫[‪ - ]331‬المادة ‪ 11‬من النظام الداخلي لمجلس جماعة فاس‪.‬‬


‫[‪ -]332‬المادة ‪ 19‬من النظام الداخلي لجلس جماعة فاس ‪.‬‬
‫[‪ ]333‬ـ سورة التوبة ‪ ،‬اآلية ‪. 11‬‬
‫[‪ – ]334‬حديث صحيح ؛ أخرجه اإلمام أحمد في باقي مسند األنصار من حديث أم سليم بنت ملحان برقم ‪ ،1224‬والترمذي في كتاب الطهارة‪ ،‬باب ما‬
‫جاء في من يستقيظ فيرى بلالً وال يذكر احتالما ً برقم ‪ ،111‬وأبو داود في كتاب الطهارة‪ ،‬باب في الرجل يجد البله في منامه برقم ‪.819‬‬

‫‪164‬‬
‫في المنظومة المجتمعية[‪ ،]335‬فإن طبيعة الدولة الحديثة و الشكل الذي أخذته المجتمعات‬
‫الحالية و التفاعل اليومي مع واقع عالمي شمولي ال مكان فيه لالنزواء و اإلقصاء و التطرف‬
‫‪ ،‬فرض االعتراف للمرأة رغم تركيبتها الفزيولوجية و النفسية بأنها عنصرا فاعال في‬
‫المجتمع و مشاركة مدنيا و سياسيا كامال في الحركية المجتمعية في كل مناحيها ‪ ،‬ومن شأن‬
‫أي مق اربة اقصائية أو اختزالية أن تحد من فرض التنمية و التطور و ربما الوجود ألي‬
‫مجتمع‪.‬‬
‫وغداة االستقالل ‪ ،‬لم تتوانى دائرة المشاركة النسائية في كل مناحي الحياة في االتساع‬
‫لتصل مجاالت ظلت قلعة ذكورية بامتياز‪ ،‬فقد نصت جميع الدساتير السابقة على مساواة في‬
‫الحقوق بما ف ي ذلك تقلد الوظائف و المناصب العمومية و الحق في التربية و الشغل و حرية‬
‫الرأي و التعبير و االنخراط في الجمعيات والمنظمات النقابية و السياسية[‪ ،]336‬أما دستور‬
‫‪ 8111‬الذي يعتبر طفرة كبيرة فقد خصص الفصل ‪ 14‬منه الذي ينص على المساواة بين‬
‫الرجل والمرأة و على إحداث هيئات المناصفة ومكافحة كل األشكال التمييز ‪ ،‬في تناغم مع‬
‫المواثيق الدولية ذات الصلة[‪ ،]337‬أهمها المادة ‪ 1‬من اتفاقية " القضاء على كل أشكال‬

‫التمييز ضد المرأة‪.]338["CEDAW‬‬
‫وتماشيا مع ذلك أشار البرنامج الحكومي لسنة ‪ 8112-8118‬إلى ضرورة األخذ بعين‬
‫للمرأة في مناصب‬ ‫االعتبار مبدأ المناصفة في الوصول إلى تمثيلية منصفة‬
‫المسؤولية[‪.]339‬‬
‫وقد جاءت هذه المبادرات لتتوج النشاط الدءوب وحيوية الحركة النسائية ونضالها‬
‫وتشبثها بحقوقها وتوسيع دائرة المشاركة المواطنة في النضج السياسي وفي تثبيت هوية‬

‫[‪]335‬ـ بشرى التيجي ‪"،‬إشكا لية ولوج المرأة الموظفة مراكز القرار اإلداري"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام وحدة القانون اإلداري علم‬
‫اإلدارة ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكدال الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 8111‬ـ ‪ ، 8111‬ص ‪..‬‬
‫[‪ ]336‬ـ اعمال االيام الدراسية‪" ،‬المرأة وولوج مراكز القرار السياسي"‪ ،‬إصدارات الجمعية المغربية للبحث اإلداري‪ ،‬العدد األول أبريل ‪ ، 8111‬ص‬
‫‪. 12 :‬‬
‫[‪ - ]337‬بشرى التيجي‪ "، ،‬إشكالية ولوج المرأة الموظفة مراكز القرار اإلداري" ‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.22 :‬‬
‫[‪]338‬‬
‫‪- Milouda kerrouache , « l’approche genre dans la décentrasation au Maroc » , mémoireDESA , faculté ,des‬‬
‫‪sciences juridique économiques et sociales, Agdal-Rabat , UFR : développement politique et social ,2009-2010 ,‬‬
‫‪p :65 .‬‬
‫[‪ - ]339‬المملكة المغربية رئيس الحكومة ‪-‬البرنامج الحكومي (‪ ، )8112-8118‬يناير ‪ ، 8118‬ص‪.89 :‬‬

‫‪165‬‬
‫المجتمع المدني[‪ .]340‬وهو ما تمت ترجمته على أرض الواقع خالل االستحقاقات‬
‫االنتخابية التي شهدتها البالد في السنوات األخيرة ؛ والتي فتحت أمام المرأة باب المشاركة‬
‫السياسية البرلمانية والجماعية ‪ ،‬وباعتماد أسلوب الالئحة الوطنية المخصصة للنساء أضحى‬
‫حضور المرأة داخل البرلمان يعرف تزيدا ‪ ،‬وهو الشيء الذي انعكس على السلطة التنفيذية‬
‫ومنها إلى مجموعة من المناصب القطاعية خصوصا تلك التي تكتسي أبعاد اجتماعية وبيئية‬
‫‪ ،‬هذا الحضور الوازن في مجموعة من القطاعات خاصة داخل القبة البرلمانية ؛ جعل المرأة‬
‫تدافع عن مكانتها وحقها في الولوج إلى مناصب المسؤولية ‪ ،‬من خالل مشاركتها المكثفة في‬
‫مناقشة القوانين والتصويت عليها‪.‬‬
‫‪ ‬فمثال على مستوى المشاركة في اتخاذ القرار‪:‬‬
‫فقد التزم المغرب بالتحقيق التدريجي لتمتع التام للنساء بحقوقهن وذلك من خالل اعتماد‬
‫إصالحات قانونية واستراتيجيات تنموية تروم التخفيف أو القضاء على الفوارق التي تكرس‬
‫است مرار التمييز القائم على النوع ‪ .‬وقد تم تعزيز هذه الجهود باعتماد دستور ‪ 8111‬الذي‬
‫يرمي إلى مأسسة مبدأ المساواة واإلنصاف بالتمتع بالحقوق ‪ ،‬خاصة المدنية والسياسية منها‬
‫‪ ،‬إذ أن الفصل ‪ 11‬من الدستور الجديد ينص على أن" يتم تنظيم المرافق العمومية على‬
‫أساس الولوج المتساوي للمواطنات والمواطنين ‪."...،‬‬

‫وبخصوص حضور النساء في مناصب هيئات اتخاذ القرارات السياسية ‪ ،‬حدد اعتما‬
‫القانون رقم ‪ 81-11‬المؤرخ في أكتوبر ‪ 8111‬المتعلق بالولوج إلى مجلس النواب ‪ ،‬نسبة‬
‫‪ 21‬مقعداً )‪ (%15‬للنساء من أصل ‪..41‬‬

‫وهكذا ؛ فقد بلغ مجموع النساء المنتخبات في انتخابات نونبر ‪ 8111‬؛ ‪ 21‬نائبة‬
‫برلمانية أي ما يقارب ‪ % 11‬من مجموع النواب مقابل ‪ % 11.1‬سنة ‪ 8111‬و ‪ % 1.1‬سنة‬
‫‪. 1997‬‬

‫[‪ - ]340‬تقرير الخمسينية للتنمية البشرية بالمغرب وآفاق سنة ‪ ، 8181‬اللجنة المديرية الملخص التركيبي ‪ ،‬ص‪.11 :‬‬

‫‪166‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد صوت مجلس النواب باإلجماع شهر نونبر سنة ‪ 8111‬لفائدة االقتراح الرامي‬
‫إلى منح النساء ‪ %81‬من المقاعد في االنتخابات الجماعية (إلشارة لم يكن يتجاوز‪%18.1‬‬
‫سنة ‪.]341[)8114‬‬

‫وقد تم تزكية هذا التوجه من خالل االنتخابات الجماعية والجهوية لسنة ‪ ، 8111‬والتي‬
‫تم فيها تخصيص جزء إضافي في اللوائح المترشحة خاص بالنساء ‪ ،‬كما نصت القوانين‬
‫االنتخابية الجديدة على ضرورة نسبة ثلث مقاعد المجالس الترابية للنساء تحت طائلة‬
‫البطالن‪ .‬وقد أسفرت العملية االنتخابية السالفة الذكر عن انتخاب ما مجموعه ‪221.‬‬
‫مستشارة وهو رقم يعد بمثابة ضعف بالمقارنة مع ما حصلت عليه المرأة خالل استحقاقات‬
‫‪.]342[ 8114‬‬
‫وعموما فمشاركة المرأة المغربية في تدبير الشأن العام في تطور مضطرد فقد تمكنت‬
‫من ولوج مناصب المسؤولية ومواقع صنع القرار السياسي واإلداري‪.‬‬
‫إال أن هذا ال يلبي طموحات وتطلعات المرأة المغربية ‪ ،‬فرغم كل النتائج والمكتسبات‬
‫المحققة ‪ ،‬فلم تحتل مكانتها كاملة ‪ ،‬وهو ما أكده تقرير الخمسينية حيث جاء فيه " لم تحتل‬
‫المرأة مكانتها كاملة في مسار التنمية ‪ ،‬فمستوى التنمية لدى النساء وخاصة منهن القرويات‬
‫يظل مقلقا كما على ذلك معدل تمدرس الفتيات ومعدل بطالة النساء ‪ ،‬ويتمثل أول إجحاف‬
‫وقع في حق المرأة في مجال األمية التي تسببت في حرمانهن من االندماج الكلي في تطور‬
‫المغرب ومن حرمان البالد من مرهالت مكون واسع وهام من ساكنتها‪.]343[" ...‬‬
‫وعليه فبالرغم من االنجازات والمكاسب التي حققتها المرأة المغربية خاصة في اآلونة‬
‫األخير ‪ ،‬مازلت هناك عدة إكراهات تقف حجرة عثر أمام تحقيق غياتها وتحد من اندماجها‬
‫في صيرورة التطور الذي يشهده المغرب ‪ ،‬وهي مؤشرات دالة على وضعية النساء ببالدنا‬
‫في وضعية هاشة ‪ ،‬وهذا ما يتضح من خالل ‪:‬‬
‫ضعف إدماج المرأة في السياسات والبرامج التنموية ؛‬ ‫‪‬‬

‫[‪ – ]341‬المملكة المغربية ‪ ،‬المندوبية السامية للتخطيط ـ التقرير الوطني لسنة ‪" ، 8111‬المغرب بين أهداف األلفية من اجل التنمية وأهداف التنمية‬
‫المستدامة" ‪ ،‬ص‪.91 :‬‬
‫[‪ -]342‬بالغ صادر عن وزارة الداخلية بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪ 8111‬على هامش االستحقاقات الجماعية والجهوية إلقتراع ‪ 19‬شتنبر ‪.8111‬‬
‫[‪ - ]343‬تقرير الخمسينية للتنمية البشرية بالمغرب وآفاق سنة ‪ ، 8181‬اللجنة المديرية الملخص التركيبي ‪ ،‬ص‪.8.9 :‬‬

‫‪167‬‬
‫ضعف التقائية السياسات والبرامج التنموية المتعلقة بالمساواة ؛‬ ‫‪‬‬
‫انتشار العمل غير المؤدى عنه بالنسبة للعديد من النساء الناشطات المشتغالت‬ ‫‪‬‬
‫كمساعدة عائليات مما يزيد من هشاشتهن االقتصادية[‪ ]344‬؛‬
‫الصورة النمطية عن المرأة في اإلعالم والمخيلة االجتماعية والثقافية ؛‬ ‫‪‬‬
‫معاناة النساء من ظواهر إجتماعية‪ :‬كالعنوسة ‪ ،‬الطالق ‪ ،‬العنف‪ ...‬؛‬ ‫‪‬‬
‫التميز في الشغل بحيث ترتفع ساعات العمل مقابل أجر هزيل ؛‬ ‫‪‬‬
‫نسبة األمية عند النساء (الوسط القروي ‪ 54.4%‬وفي المدن ‪.)46.2‬‬ ‫‪‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرهان البيئي و السياسات العمومية في قلب انشغاالت اإلدارة الجماعية‬

‫إن اإلهتمام بالبيئة وقضاياها المختلفة ‪ ،‬أضحى اليوم من الموضوعات الرئيسية الهامة‬
‫التي تحتل مرتبة الصدارة على موائد أصحاب القرار السياسي ‪ ،‬في جميع دول العالم ‪ ،‬سواء‬
‫المتقدمة منها أو النامية ‪ ،‬خاصة وبعد أن تبين بجالء مدى التلوث الذي لحق بالبيئة‬
‫وعناصرها المختلفة في كافة أرجاء المعمورة ‪ ،‬من قبيل تلوث الموارد المائية القارية ‪،‬‬
‫[‪]345‬‬
‫‪ ،‬وبذلك أصبحت البيئة السليمة عنصرا أساسيا من‬ ‫وتلوث المحيطات ‪ ،‬وتلوث الهواء‪..‬‬
‫عناص ر التنمية المستدامة ‪ ،‬وبات العيش في بيئة سليمة ومتوازنة من الحقوق األساسية التي‬
‫يجب تلبيتها(أوال) ‪ ،‬غير أن تحقيق ذلك رهين بتبني سياسات عمومية ذات بعد تشاركي‬
‫باعتبارها أداة هامة لتقويم أداء النظام السياسي وفعاليته ‪ ،‬إذ أنها ال تكتفي بدراسة مضمون‬
‫السياسة الع مومية ‪ ،‬وإنما يتطرق إلى كيفية صنعها وتكلفتها وبدائلها وكيفية تنفيذها والمطابقة‬
‫بين أهدافها المعلنة والنتائج العملية للتطبيق ويدخل في ذلك تحليل اآلثار المتوقعة من تنفيذ‬
‫سياسة ما[‪( ، ]346‬ثانيا) وهذا من شأنه المساهمة في تحديث اإلدارة الجماعية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلدارة الجماعية وتدبير الشأن البيئي‬

‫[‪ -]344‬المندوبية السامية للتخطيط ـ التقرير الوطني لسنة ‪" ، 8111‬المغرب بين أهداف األلفية من اجل التنمية وأهداف التنمية المستدامة" ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.92-91‬‬
‫[‪ - ]345‬إبراهيم كونغار‪" :‬تدخالت الجماعات المحلية في ميدان البيئة"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬نونبر – دجنبر ‪ ، 811.‬عدد ‪،1.‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬ص‪... :‬‬
‫[‪ -]346‬وصال نجيب العزاوي ‪" ،‬مبادئ السياسة العامة " ‪ ،‬الطبعة األولى دار أسامة للنشر و التوزيع ‪ ،‬األردن ‪ ،‬عمان ‪ ، 811. ،‬ص‪..84 :‬‬

‫‪168‬‬
‫تماشيا مع التغيرات المتالحقة التي تفرض نفسها على المستويين الوطني والدولي ‪،‬‬
‫فكان لزاما على الدولة تحديث الجهاز اإلداري ‪ ،‬ليضطلع بالمهام الجديدة الملقاة على عاتق‬
‫الدولة من حيث وظائفه ووسائله وأساليبه[‪.]347‬‬

‫ولقد كان أحد أهم مظاهر ذلك التحديث تعزيز الالمركزية والالتمركز ‪ ،‬كمنهج لتدبير‬
‫الشأن العام ‪ ،‬من خالل منح الجماعات الترابية مكانة بارزة في االقتصاد الترابي ‪ ،‬وفي‬
‫الحياة اليومية للمواطنين إيمانا بالدور المركزي الذي أصبحت تلعبه في ميدان التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية على الصعيد المحلي‪.‬‬

‫ولهذا فإن ميدان البيئة لم يستثنى من هذا التوجه ‪ ،‬بحيث كرست القوانين المنظمة‬
‫لإلدارة ‪ ،‬انفتاح الهيئات الجماعية على قضايا البيئة ‪ ،‬من خالل تفصيل وتوضيح وتوسيع‬
‫أدائها في هذا المجال ‪ ،‬باعتبارها شريك أساسي في تنفيذ كل برنامج تنموي يهدف إلى خدمة‬
‫الصالح العام ‪ ،‬وهكذا تتوفر اإلدارة بالجماعية على اختصاصات واسعة في تدبير الشأن‬
‫البيئي ‪ ،‬باعتبارها مؤسسات قريبة من مواقع اإلختالالت البيئية ‪ ،‬الشيء الذي يساعدها على‬
‫التدخل لضبط األوضاع ‪ ،‬ومعالجة المشاكل البيئية المطروحة في الوقت المناسب‪.‬‬

‫ولضمان ذلك ‪ ،‬فإن دور المجالس الجماعية في مجال البيئة ‪ ،‬قد تم تأكيده تدريجيا منذ‬
‫إصدار ظهير التنظيم الجماعي لسنة ‪ ،]348[1412‬الذي أحدث تحوال كبيرا في ممارسة‬
‫الديمقراطية المحلية ‪ ،‬بما جاء به من تعزيز الختصاصات هذه األخيرة وتشجيع التنمية‬
‫المحلية ‪ ،‬وأخيرا توج بإصدار القانون التنظيمي الجديد رقم ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫أ‪ -‬اإلختصاصات البيئية للمجلس الجماعي‬

‫وهكذا فقد شكلت هذه القوانين مراجعة عميقة للنظام القانوني للجماعات الترابية ‪ ،‬من‬
‫خالل تخويل هذه األخيرة اختصاصات واسعة في مجال حماية وتدبير الشأن البيئي‪.‬‬

‫[‪ -]347‬نادية المشيشي ‪" ،‬حماية البيئة المحلية في القانون المغربي"‪ ،‬مجلة األبحاث والدراسات القانونية ‪ ،‬كتابات في المادة اإلدارية ‪ ،‬العدد ‪، 8‬‬
‫يونيو – دجنبر ‪ ، 811. ،‬ص‪.24 :‬‬
‫[‪ - ]348‬ظهير شريف رقم ‪ 1.12.12.‬الصادر في ‪1‬شوال ‪ 1.42‬الموافق لـ ( ‪ .1‬شتنبر ‪.)1412‬‬

‫‪169‬‬
‫ولعل ما يمكن مالحظته فيما يخص الجانب المتعلق باالختصاصات البيئية للمجلس‬
‫الجماعي ‪ ،‬هو اتساع مجاالت تدخلها من خالل االختصاصات الذاتية لهذا المجلس ‪ ،‬وكذا‬
‫االختصاصات المنقولة لها من الدولة ‪ ،‬ثم االختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة‪.‬‬
‫‪ -1‬االختصاصات الذاتية البيئية لإلدارة الجماعية ‪:‬‬
‫هي تلك االختصاصات المنصوص عليها في مقتضيات المواد‪ )41-21-2.( :‬من‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات[‪ ،]349‬وبناءا على هذه المواد يتدخل‬
‫المجلس في قطاعات متعددة تطال العديد من المجاالت البيئية ؛ نذكر من ضمنها‪:‬‬

‫التطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة ‪ ،‬كذلك تنظيف‬ ‫‪‬‬
‫الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ‪ ،‬ونقلها إلى المطارح‬
‫ومعالجتها وتثمينها‪.‬‬
‫‪ -8‬االختصاصات المنقولة‪:‬‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 41‬المتعلقة باالختصاصات القابلة للنقل ‪ ،‬نجد أن المجلس‬
‫الجماعي يعهد له القيام بموجب هذه المادة ‪ ،‬بحماية وترميم المآثر التاريخية ‪ ،‬والثراث‬
‫الثقافي والحفاظ على المواقع الطبيعية‪.‬‬

‫‪ -.‬االختصاصات المشتركة‪:‬‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 21‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ‪ ،‬نجد أن المجلس‬
‫الجماعي يسهر على المحافظة على خصوصيات التراث الثقافي المحلي وتنميته‪.‬‬

‫من هنا يتضح أ ن المشرع قد أصر على إظهار البعد البيئي في جميع االختصاصات‬
‫‪ ،‬سواء تعلق األمر بالسلطات الذاتية أو المنقولة من طرف الدولة أو السلطات المشتركة ‪،‬‬
‫ويتضح كذلك من خال تداول المجلس في قضايا وأنشطة ذات الصلة باإلشكالية البيئية ‪،‬‬
‫كحماية الساحل والشواطئ وضفاف األنهار‪ ،‬والغابات والمواقع الطبيعية ‪ ،‬والحفاظ على‬
‫جودة الماء وخاصة الماء الصالح للشرب والمياه المخصصة للسباحة ‪ ،‬وتصريف ومعالجة‬

‫[‪ -]349‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.2.‬صادر في ‪ 81‬من رمضان ‪ ،19.2‬الموافق ل ‪ 1‬يوليوز ‪ 8111‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬المتعلق‬
‫بالجماعات‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،2.21‬بتاريخ ‪ 8.‬يوليوز ‪.8111‬‬

‫‪170‬‬
‫المياه العادمة ومياه األمطار‪ ،‬وكذا محاربة عوامل انتشار األمراض المعدية ومحاربة جميع‬
‫أنواع وأشكال التلوث ‪ ،‬واإلخالل بالبيئة وبالتوازن الطبيعي‪.‬‬

‫هذا وقد خولت القوانين البيئية الجديدة[‪ ،]350‬اختصاصات بيئية هامة لإلدارة الجماعية‪،‬‬
‫لجعلها تساهم في الحفاظ على البيئة وحماية الموارد الطبيعية ‪ ،‬من خالل النصوص‬
‫األساسية المنظمة للبيئة ‪ ،‬وكذلك بعض القوانين ذات الصلة بالموضوع‪.‬‬

‫ويتعلق األمر بالقانون رقم ‪ 11.1.‬المتعلق بحماية واستصالح البيئة ‪ ،‬والقانون رقم‬
‫‪ 18.1.‬المتعلق بدراسة التأثير على البيئة‪ ،‬والقانون رقم ‪ 1..1.‬المتعلق بمكافحة تلوث‬
‫الهواء ‪ ،‬ثم القانون رقم ‪ 82.11‬المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها‪.‬‬

‫ب‪ -‬النصوص القانونية ذات الصلة بتدبير الشؤون البيئية الجماعية‬


‫‪ -1‬بالنسبة للقانون رقم ‪ 11.1.‬المتعلق بحماية واستصالح البيئة‬

‫أعطى هذا القانون مفهوما واسعا للبيئة [‪ ، ]351‬تكرر في النصوص األخرى ‪ ،‬مما‬
‫يعني أن مجاالتها عامة ‪ ،‬ويمكن أن يتدخل فيها كل طرف ‪ ،‬وال يقف الغموض عند هذا‬
‫األمر ‪ ،‬بل إن مصدره هو استعمال مصطلحات عامة وفضفاضة ‪ ،‬كاستعمال اإلدارة أو‬
‫اإلدارات المعنية أو المختصة ‪ ،‬دون تحديد بوضوح في الوقت الذي يتحدث فيه القانون‬
‫المذكور عن أمور قد تتدخل فيها عدة إدارات‪ ،‬كحماية المستوطنات البشرية من اآلثار‬
‫السلبية الناجمة عن أي شكل من أشكال التلوث‪ ،‬واإلزعاج من نفايات صلبة‪ ،‬ومقذوفات‬
‫سائلة أو غازية‪ ،‬وكذا كل أشكال الضجيج‪ ،‬واالهتزازات التي ال تتوقف مع مقاييس ومعايير‬
‫جودة البيئة‪.]352["...‬‬

‫ويعتبر صدور هذا القانون الذي يعد بمثابة قانون إطار لحماية واستصالح البيئة ‪،‬‬
‫خطوة أساسة في طريق تحديث التشريع البيئي المغربي ‪ ،‬خاصة وأن البعد الحداثي لهذا‬

‫[‪ - ]350‬القوانين الجديدة لحماية البيئة ‪ ،‬قانون رقم ‪.11.41‬‬


‫[‪ -]351‬حيث جاء في المادة الثالثة (‪ ) .‬منه " إن البيئة مجموعة من العناصر الطبيعية ‪ ،‬والمنشآت البشرية ‪ ،‬وكذا العوامل االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية‪ ،‬التي تمكن من تواجد الكائنات الحية‪ ،‬واألنشطة اإلنسانية‪ ،‬وتساعد على تطورها ‪."..‬‬
‫[‪ - ]352‬محمد بوجيدة ‪" ،‬تدخل اختصاصات الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممارسة العملية" ‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ‪ ،‬منشورات‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬العدد ‪ ، 8114 ، 12‬ص‪.12.‬‬

‫‪171‬‬
‫القانون ‪ ،‬يكمن في طابعه العام ‪ ،‬ونظريته الشمولية للبيئة ‪ ،‬باإلضافة إلى كونه يتضمن‬
‫العديد من المبادئ العمة المرتبطة بحماية البيئة واستصالحها‪.‬‬

‫فرغم الصيغة التعميمية لهذا النص ‪ ،‬فإن دور اإلدارة الجماعية كبير‪ ،‬بحيث هناك‬
‫ميادين تدخل في نطاق اختصاصاتها ‪ ،‬ويمكن إدراج المقتضيات التي تهم الجماعات بصفة‬
‫خاصة في‪:‬‬

‫رفض الرخص المتعلقة بالبناء ‪ ،‬ورفض التجزيئات العقارية في حالة ما‬ ‫‪‬‬
‫سيترتب عنها من آثار سلبية تضر بالبيئة ؛‬
‫األخذ بعين االعتبار البعد البيئي ‪ ،‬عند إعداد وتنفيذ مخططات التعمير‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المساهمة في اتخاذ اإلجراءات الضرورية للحد من خطورة النفايات خاصة‬ ‫‪‬‬
‫في تدبيرها ومعالجتها والتخلص منها بطريقة سليمة‪.‬‬
‫أما اإلجراءات والمقتضيات العامة التي يمكن أن تهمها بعضها ‪ ،‬أو لها على أساس‬
‫أنها إدارة معينة ‪ ،‬فتتجلى بالخصوص‪:‬‬

‫توجيه اإلنذار للمشغل في حالة خطر كبير ‪ ،‬ويمكن لإلدارة إصدار قرار‬ ‫‪‬‬
‫التوقيف الجزئي آو الكلي لألنشطة المسؤولة عن الخطر ؛‬
‫إقدام اإلدارة بتعاون مع الهيئات المعنية بتحديد مقاييس ومعايير أكثر صرامة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫خاصة لبعض القطاعات الملوثة آو المناطق المتضررة أو المهددة بالتلوث[‪.]353‬‬

‫‪ -2‬أما بخصوص القانون رقم ‪ 1..1.‬المتعلق بمكافحة تلوث الهواء‬

‫لقد خول القانون رقم ‪ 1..1.‬المتعلق بمكافحة تلوث الهواء عدة اختصاصات لإلدارة‬
‫الجماعية في هذا المجال ونخص بالذكر منها‪:‬‬

‫ضرورة اتخاذ كافة اإلجراءات والتدابير الالزمة لمراقبة تلوث الهواء ؛‬ ‫‪‬‬

‫[‪ - ]353‬نصت المادة ‪ 91‬من نفس القانون ‪ ،‬على أنه" تتخذ اإلدارة والجماعات المحلية وهيئاتها كل التدابير الضرورية قصد الحد من خطورة‬
‫النفايات وتدبيرها ومعالجتها والتخلص منها بطريقة مالئمة ‪ ،‬تزيل أو تحد من آثارها المضرة بصحة اإلنسان ‪ ،‬وبالموارد الطبيعية ‪ ،‬وبالحيوانات ‪،‬‬
‫والنباتات وبجودة البيئة بصفة عامة "‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫وضع شبكات لمراقبة جودة الهواء ‪ ،‬ورصد المصادر الثابتة والمتحركة ؛‬ ‫‪‬‬
‫إلزام أصحاب المنشآت باتخاذ االحتياطات والتدابير الالزمة ‪ ،‬لعدم تسرب أو‬ ‫‪‬‬
‫انبعاث ملوثات الهواء داخل أماكن العمل إال في حدود المسموح به‪.‬‬
‫كما يمكن لإلدارة الجماعية أن تلعب دورا أساسيا في إطار البحث العمومي[‪ ،]354‬لكل‬
‫المشاريع الخاضعة لدراسات التأثير على البيئة التي ينص عليها القانون‪.‬‬

‫[‪]355‬‬
‫‪ ،‬فإن‬ ‫فحسب المادة ‪ .‬من القانون رقم ‪ 1..1.‬المتعلق بمكافحة تلوث الهواء‬
‫اإلدارة هي المختصة باتخاذ التدابير المشار إليها بتنسيق مع أطراف أخرى‪ ،‬ومنها‬
‫الجماعات الترابية[‪.]356‬‬

‫‪ -.‬وفيما يتعلق بالقانون رقم ‪ 18.11‬المتعلق باستغالل المقالع‬

‫إن استغالل المقالع بمختلف أشكالها له تأثير واضح على البيئة ‪ ،‬وعلى صحة‬
‫اإلنسان وسالمته ‪ ،‬وكذلك على صحة النبات والحيوان‪ .‬لذلك عمل المشرع على تنظيمها بهذا‬
‫القانون الصادر سنة ‪.]357[8118‬‬

‫بقراءة بعض مواد هذا القانون ؛ يتضح أن الدور المنوط بالجماعات الترابية غير‬
‫واضح‪ ،‬إذ أشرك اإلدارة دون تحديد مدلولها ‪ ،‬وكذا كل الجماعات الترابية بدون تمييز في‬
‫إعداد مخططات تدبير المقالع المادة ‪ ،19‬وألزم المخططات الموجودة بالتقيد بالتعمير والبيئة‬
‫وحماية الطبيعة والمحافظة على األصناف السمكية البحرية ‪ ،‬والحفاظ على الموارد الغابوية‬
‫‪ ،‬وموارد القنص والموارد السمكية واستغاللها‪.‬‬

‫أما فيما يخص القانون رقم ‪ 18.11‬المتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية‬ ‫‪-1‬‬
‫االقتصاد الغابوي‬
‫* [‪ - ]354‬لقد تم إصدار مرسوم في شأن البحث العمومي‪ ،‬مرسوم رقم ‪ 8-142-821‬الصادر في ‪ 8.‬رجب ‪ 2( 19.1‬نونبر ‪ )8111‬تحدد بموجبه‬
‫كيفية إعداد المخطط المديري الخاص بالعمالت أو األقاليم لتدبير النفايات المنزلية والنفايات السائلة ومسطرة تنظيم البحث العمومي المتعلق بهذا‬
‫المخطط‪.‬‬
‫[‪ -]355‬نصت المادة ‪ .‬مم القانون رقم ‪ 1..1.‬المتعلق بمكافحة تلوث الهواء ‪ ،‬على أن تقوم "اإلدارة بتنسيق مع الجماعات الترابية والمؤسسات‬
‫العمومية والمنظمات غير الحكومية ‪ ،‬وم ختلف الهيئات المعنية باتخاذ كل اإلجراءات والتدابير الالزمة لمراقبة التلوث الهوائي ‪ ،‬ووضع شبكات‬
‫لمراقبة جودة الهواء ورصد التلوث الثابتة والمتحركة ‪ ،‬التي من شأنها إلحاق الضرر بصحة اإلنسان والبيئة بصفة عامة‬
‫[‪ - ]356‬محمد بوجيدة ‪" ،‬تدخل اختصاصات الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممارسة العملية" ‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ‪ ،‬منشورات‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬العدد ‪ ، 8114 ، 12‬ص‪.11 :‬‬
‫[‪ - ]357‬القانون رقم ‪ 12.11‬المتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.18.1.1‬بتاريخ ‪1.‬‬
‫يونيو ‪.8118‬‬

‫‪173‬‬
‫وقبل االستعراض في االختصاصات المسندة بموجب هذا القانون[‪ ،]358‬تجدر اإلشارة‬
‫إلى أن تدبير الغابة له تأثير واضح على التنمية بصفة عامة والبيئة بصفة خاصة ‪ ،‬لذلك‬
‫أدرج المشرع صالحيات الجماعات المتعلقة به ضمن االختصاصات الذاتية المتعلقة بالتنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وهكذا فاستنادا إلى قانون تنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد‬
‫الغابوي ‪ ،‬فإن المجالس الجماعية ممثلة في المجلس الوطني للغابات بستة أعضاء[‪،]359‬‬
‫باإلضافة إلى إمكانية استدعاء رئيس المجلس الجماعي بصفة استشارية حضور أشغاله‪.‬‬

‫وقد خول الجزء الرابع من القانون ‪ ،‬سلطات لإلدارة الجماعية في الميدان الغابوي ‪،‬‬
‫حيث نص الفصل ‪ 11‬منه ‪ ،‬على ما يلي‪" :‬يفصل المجلس الجماعي بمقرراته في القضايا‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫فيما يخص الملك الغابوي الداخل في حدود الجماعة ‪ ،‬وفقا للكيفيات المحددة‬ ‫‪‬‬
‫في التشريع المعمول به ‪ ،‬والمتعلق بالمحافظة على الغابات واستغاللها‪ ،‬وللكيفيات المتعلقة‬
‫بتسيير المجالس الجماعية ؛‬
‫الطلبات المتعلقة باالحتالل المؤقت للملك الغابوي ‪ ،‬السيما الرامية منها إلى‬ ‫‪‬‬
‫استغالل المقالع ؛‬
‫الطلبات المقدمة من طرف المستعملين ‪ ،‬والمتعلقة بقطع وجمع الحطب ‪ ،‬أو‬ ‫‪‬‬
‫خشب البناء والطلبات المتعلقة باستخراج مواد البناء‪."..‬‬
‫وأخضع الفصل ‪ 18‬منه المداوالت المتعلقة باألمور المذكورة لتأشيرة وزارة الفالحة‬
‫واإلصالح الزراعي ورأي العامل‪.‬‬

‫وفضال عن ذلك ؛ اعتبر الفصل ‪ 1.‬رئيس المجلس الجماعي عضوا بحكم القانون ‪،‬‬
‫في المكتب المتعلق بالبرامج المشار إليها في الفصل ‪.11‬‬

‫ويتضح من خالل ما تم استعراضه أن المجالس الجماعية تتمتع باختصاصات هامة‬


‫في تدبير الغابة‪.‬‬

‫[‪ - ]358‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪1.12..11‬صادر بتاريخ ‪ 81‬رمضان ‪ 1.42‬الموافق ل ‪ 11‬شتنبر ‪ ،1412‬يتعلق بتنظيم مساهمة السكان في‬
‫تنمية االقتصاد الغابوي‪.‬‬
‫[‪ - ]359‬للوقوف على تركيبة المجلس الوطني للغابات ‪ ،‬راجع الفصل من قانون ‪ 81‬شتنبر ‪.1412‬‬

‫‪174‬‬
‫لكن بالرجوع إلى ظهير ‪ 81‬أكتوبر ‪ 1411‬المتعلق بحفظ الغابات واستغاللها ‪ ،‬نالحظ‬
‫أنه ال يزال يخول الدولة االختصاصات األهم ‪ ،‬بل ويصعب معه فهم حدود دور المجالس‬
‫المنتخبة ورؤسائها[‪.]360‬‬

‫‪ -5‬أما القانون اإلطار رقم ‪ 12. 66‬بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة‬

‫" [‪ ]...‬إن المغرب ‪ ،‬وهو يواجه كسائر البلدان النامية ‪ ،‬تحديات تنموية حاسمة وذات‬
‫أسبقية ‪ ،‬فإنه يستحضر ضرورة الحفاظ على المتطلبات البيئية[‪ ]...‬وفي هذا الصدد ‪ ،‬نوجه‬
‫الحكومة إلى إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجاالتها‬
‫ومحمياتها ومواردها الطبيعية ‪ ،‬ضمن تنمية مستدامة ‪ ،‬كما يتوخى صيانة معالمها‬
‫الحضارية ومآثرها التاريخية ‪ ،‬باعتبار البيئة رصيدا مشتركا لألمة ‪ ،‬ومسؤولية جماعية‬
‫ألجيالها الحاضرة والمقبلة "[‪.]361‬‬

‫يكتسي القانون اإلطار رقم ‪ 44.18‬بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة ‪،‬‬
‫أهمية خاصة ألنه سيمثل مرجعية أساسية لكل السياسات العمومية ببالدنا ‪ ،‬مرجعية كانت‬
‫مفقودة فيما مضى ‪ ،‬حيث كانت تلك السياسات موسومة بالعشوائية واالرتجالية ‪ ،‬كما أنه‬
‫سيؤسس إلستراتيجية وطنية في مجال البيئة والتنمية المستدامة ‪ ،‬وألول مرة أيضا فهذا‬
‫القانون سيجسد الطابع األفقي للقضية البيئية ‪ ،‬ولمبادئ االندماج وااللتقائية في كل السياسات‬
‫ذات الصلة ‪ ،‬ومن شأنه أيضا أن يأتي بتدابير جديدة ونوعية ضمنها إقرار نظام للحكامة‬
‫البيئية ونظام للمسؤولية البيئية ‪ ،‬ووضع نظام جبائي بيئي ‪ ،‬ونظام للتحفيزات المالية ‪،‬‬
‫وإجازة آلية الشرطة البيئية ونظام العالمة البيئية‪.‬‬

‫وعموما ؛ فإن الوعي بأهمية المحافظة على البيئة ‪ ،‬أصبح يزداد بشكل ملحوظ ‪ ،‬لذا‬
‫فإن القوانين السالفة الذكر ‪ ،‬تترجم عزم بالدنا على إدراج جهودها في مجال التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية ‪ ،‬ضمن رؤية مستقبلية مستدامة مع السهر على‬

‫[‪ - ]360‬محمد بوجيدة ‪" ،‬تدخل اختصاصات الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممارسة العملية"‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫[‪ - ]361‬مقتطف من الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لسنة ‪.8114‬‬

‫‪175‬‬
‫إعداد االستراتيجيات القطاعية ‪ ،‬وبرامج العمل‪ ،‬مع االلتزام التام بمتطلبات حماية البيئة‬
‫والتنمية المستدامة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مواكبة اإلدارة الجماعية للسياسات العمومية‬

‫أ‪ -‬السياسات العمومية في صلب اهتمامات اإلدارة الجماعية‬

‫من بين المهام الجديدة الموكولة لإلدارة الجماعية مساهمتها في إنجاح السياسات‬
‫العمومية للدول ة ؛ وهو رهان في حد ذاته من أجل تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة‬
‫االجتماعية وتأمين الولوج إلى الخدمات العمومية بطرق ميسرة وعصرية ‪.‬‬

‫فالدولة لم تعد لوحدها تتحمل مسؤولية تأمين الخدمات األساسية المتعددة إضافة إلى‬
‫للشغل وللضمان اإلجتماعي ؛ وهي مكونات أساسية للتنمية المحلية ‪ ،‬حيث لإلدارة الجماعية‬
‫دورا أساسيا في تحقيقها ‪ ،‬كما أن الحركية الكبيرة التي يعرفها المجتمع المدني المحلي أدت‬
‫إلى بروز المطالب اإلجتماعية بشكل غير مسبوق‪.‬‬

‫من هنا يمكن الجزم بأن توفير الخدمات االجتماعية هو مطلب محلي قبل أن يكون‬
‫هاجسا وطنيا ‪ ،‬ولعل ما يؤكد ذلك هو طبيعة السياسة المعتمدة من خالل إحداث وكاالت‬
‫متخصصة ذات اختصاص ترابي وإطالق البرامج الجماعية التي تدخل في إطار السياسات‬
‫العمومية الترابية ‪ ،‬كما هو الحال في تنزيل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪.‬‬

‫ب‪ -‬نحو تحقيق عدالة اجتماعية‬


‫فباإل ضافة إلى توفير الخدمات األساسية فمن شروط العدالة االجتماعية أيضا تقليص‬
‫الفوارق وتكافؤ الفرص والتضامن والحد من الريع اإلجتماعي ‪ ،‬فالحراك الذي شهدته‬
‫العواصم العربية (الربيع العربي) خالل سنة ‪ 8111‬كانت وراءه مطالب اجتماعية بتعزيز‬
‫السياسات اإلجتماعية عبر التوزيع المتكافئ للثروات وتوفير مقومات الحياة والعيش‬

‫‪176‬‬
‫الكريمتين ‪ ،‬ومحاربة الفقر واإلقصاء والتهميش ‪ ،‬وتوسيع قاعدة الطبقة المتوسطة والنهوض‬
‫بالمساواة بين الرجل والمرأة والعناية بسكان المناطق الريفية‪.‬‬

‫التي عرفتها البالد مطلع سنة ‪ 8111‬أسس الدستور‬ ‫استجابة للمطالب االجتماعية‬
‫المغربي الجديد لمرحلة جديدة دشنتها اإلصالحات الدستورية العميقة ‪ ،‬والتي مست مختلف‬
‫أوجه الحياة العامة للمواطن ‪ ،‬وسواء تم ذلك بالتنصيص عليها في تصديره أو في تخصيص‬
‫مجموعة من الفصول في الدستور كما هو الحال للفصل ‪ .1‬الذي يحدد الجهة المسؤولة عن‬
‫تبني السياسات العمومية وأبعادها القطاعية ‪ ،‬حيث جاء فيه ‪" :‬تعمل الدولة والمؤسسات‬
‫العمومية والجماعات الترابية ‪ ،‬على تعبئة كل الوسائل المتاحة ‪ ،‬لتيسير أسباب استفادة‬
‫المواطنين والمواطنات ‪ ،‬على قدم المساواة ‪ ،‬من الحق في ‪:‬‬

‫العالج والعناية الصحية ؛‬ ‫‪‬‬


‫الحماية االجتماعية والتغذية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن‬ ‫‪‬‬
‫الدولة ؛‬
‫الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة ؛‬ ‫‪‬‬
‫التكوين المهني واالستفادة من التربية البدنية والفنية ؛‬ ‫‪‬‬
‫السكن الالئق ‪ ،‬والشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن‬ ‫‪‬‬
‫منصب شغل ‪ ،‬أو في التشغيل الذاتي ؛‬
‫ولوج الوظائف العمومية حسب االستحقاق ‪ ،‬والحصول على الماء والعيش في‬ ‫‪‬‬
‫بيئة سليمة ؛‬
‫التنمية المستدامة "‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وعليه ؛ فالدستور يؤسس لمجتمع يرتكز على اإلنصاف والمساواة بين جميع المواطنين‬
‫‪ ،‬بالنظر لسعيه لتحقيق الولوج المنصف للحقوق ‪ ،‬انطالقا من توفير تكفؤ في آليات الولوج‬
‫إليها والتي تكتسي في غالب األحيان طبيعة بنيوية [‪.]362‬‬

‫[‪ - ]362‬عثمان كاير ‪ "،‬سياسة وطنية لتكافؤ الفرص " جريدة االتحاد االشتراكي ‪ ،‬العدد‪ ، 4494‬بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪.8111‬‬

‫‪177‬‬
‫ولعل دور اإلدارة الجماعية في تكريس هذه الحقوق عمليا ‪ ،‬من الشروط األساسية‬
‫لبلوغ عدالة اجتماعية وطنية ‪ ،‬ويظهر هذا الدور ؛ في تبنيها و تنزيلها للسياسات االجتماعية‬
‫ومواكبة األوراش الكبرى للدولة ‪ ،‬وه و دور مركزي أبات عنه معطيات واقعية ؛ كما هو‬
‫الشأن بالنسبة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ونظام المساعدة الطبية )‪ (RAMED‬الذي‬
‫يعتبر عنوانا للعدالة االجتماعية وتكافؤ فرص الولوج للعالج والضامن[‪.]363‬‬

‫ولم يقف األمر عند هذا الحد ‪ ،‬بل أضحت اإلدارة الجماعية العب أساسي في الحياة‬
‫العامة للدولة ‪ ،‬وهذا بفضل الترسانة القانونية التي تنظم عملها وتدخالتها ‪ ،‬وتنيط بها مهمة‬
‫المساهمة في تفعيل السياسات العمومية للدولة ‪ ،‬وفي إعداد السياسات العمومية الترابية ‪ ،‬من‬
‫خالل ممثليها في مجلس البرلمان [‪ ،]364‬ومن أجل القيام بدورها على أكمل وجه تعمل‬
‫السلطات العمومية من خالل ممثليها في الجماعات الترابية (الوالة والعمال) على مساعدة‬
‫رؤساء الجماعات الترابية ‪ ،‬وخاصة رؤساء المجالس الجهوية على تنفيذ المخططات‬
‫والبرامج التنموية[‪ .]365‬ويتولى رئيس مجلس الجماعة طبقا للقانون إعداد السياسات العمومية‬
‫الترابية وعرضها على المجلس الجماعي للتصويت عليها ‪ ،‬وفي هذا اإلطار تنص المادة ‪42‬‬
‫من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات على انه " يقوم رئيس مجلس الجماعة‬
‫بتنفيذ مداوالت المجلس وبمقرراته ويتخذ جميع التدابير الالزمة لذلك ولهذا الغرض ‪: -‬ينفذ‬
‫برنامج عمل الجماعة‪ .]366["...‬وكما جاء في المادة ‪ 78‬من القانون التنظيمي رقم ‪11..19‬‬
‫المتعلق بالجماعات " تضع الجماعة ‪ ،‬تحت إشراف رئيس مجلسها ‪ ،‬برنامج عمل الجماعة‬
‫وتعمل على تتبعه وتحيينه وتقييمه (‪ )...‬يجب أن يتضمن برنامج عمل الجماعة تشخيصا‬
‫لحاجيات وإمكانيات الجماعة وتحديدا ألولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية الخاصة‬
‫بالسنوات الثالث األولى وأن يأخذ بعين االعتبار مقاربة النوع[‪.]367‬‬

‫[‪ - ]363‬موالي محمد البعزاوي ‪ "،‬تحديث االدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية"‪ ،‬سلسلة البحث األكاديمي ‪،‬‬
‫منشورات مجلة العلوم القانونية ‪ ، MarocDroit.com ،‬مطبعة األمنية ‪ ، 8111 ،‬ص ‪.892-891‬‬
‫[‪ - ]364‬الفصل ‪ 1.1‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8111‬‬
‫[‪ – ]365‬البند الثاني من الفصل ‪ 191‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.8111‬‬
‫[‪ - ]366‬المادة ‪ 42‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات‬
‫[‪ - ]367‬المدة ‪ 12‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬يتعلق بالجماعات ‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫ويبدو جليا من خالل هذه المقتضيات الجديدة االتجاه نحو إشراك كل من االدارات‬
‫التابعة للدولة واإلدارات الجماعية في اعدات وتفعيل السياسات العمومية ‪ ،‬وبطبيعة الحال‬
‫سيكون تدخل الدولة في هذا المجال في إطار دورها الجديد كما حدده المخطط الخماسي في‬
‫توجيهاته االساسية المتعلقة باإلطار المؤسساتي لحسن التدبيرالمالئم للتنمية ‪ ،‬حيث جاء فيه‬
‫على الخصوص ما يلي ‪ ":‬واعتباراً لتوسع مجال اللبرالية وعلم االقتصاد يلزم وضع تصور‬
‫واضح وعلمي لتوزيع األدوار بين الدولة وباقي الفرقاء على أساس التوفيق بين استمرار‬
‫سلطة الدولة بالنظر لمسؤولياتها االستراتيجية ‪ ،‬وتطور أساليب تدخلها من ناحية ثانية "‬
‫وبالتالي فإن دور الدولة سبقى ذا أهمية بالغة على الرغم من تخليها عن بعض االنشطة‬
‫التنموية في إطار إعادة توزيع األدوار والصالحيات ‪ ،‬الذي تمليه المصلحة العمامة في ظل‬
‫تطور المجتمع وتوسيع اختصاصات الجماعات الترابية[‪.]368‬‬

‫من خالل ما سبق تتضح األهمية البالغة إلعداد السياسات العمومية الترابية‪ .‬إال أن‬
‫األعمال الالزمة لتفعيلها تقتضي توفر المنتخبين على رؤية إستراتيجية و استشرافية‬
‫للمستقبل و هذا ما ينقص اغلب المسؤولين الجماعيين ‪ ،‬مما يجعل مسالة نجاح السياسات‬
‫العمومية الترابية رهينة بقرارات سياسية جريئة ‪ ،‬تهم باألساس النخب السياسية المحلية و‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫من جانب آخر‪ ،‬و في ظل غياب تتبع حقيقي للمشاريع المدرجة في إطار السياسات‬
‫العمومية الترابية ‪ ،‬ستعرف الفشل كما عرفتها مجموعة من السياسات السابقة التي لم تعرف‬
‫طريقها نحو التطبيق‪.‬‬

‫وعليه ؛ يجب تفعيل آليات تتبع فعالة لضمان تحقيق األهداف المرسومة في السياسات‬
‫العمومية الترابية عن طريق انجاز حقيقي للمشاريع‪.‬‬

‫خاتمة الفصل الثاني‪:‬‬

‫لقد انصب جهدنا في هذا الفصل على أحد أوجه التطوير والتجديد في المجال اإلداري‪،‬‬
‫وبناء على مختلف البرامج اإلصالحية واالستراتيجيات التي تم اعتمادها من أجل تحديث‬

‫‪ -‬عبد هللا حارسي ‪ ،‬دراسات في القانون العام‪ -‬الجزء الثاني ‪ ،‬طبعة ‪ ، 8011‬ص‪.10-12 :‬‬ ‫[‪]368‬‬

‫‪179‬‬
‫اإلدارة الجماعية ؛ فإننا اتجهنا إلى إبراز جهود السلطات العمومية في عملية التحديث ؛‬
‫فكانت المحاور التي اشتغلنا عليها دراسة وبيانا وتحليال وفق ما يلي ‪:‬‬

‫فمن جهة أولى ؛ انصرفنا إلى دراسة مختلف الجهود التي بذلتها السلطات‬ ‫‪‬‬
‫العمومية في عملية تحديث اإلدارة الجماعية ؛ وقد تبين أن الفاعلين السياسيين واإلداريين‬
‫عملوا على إدخال العديد من اإلصالحات توخت ترسيخ آليات الحكامة الجيدة اإلدارية‬
‫وتأهيل العنصر البشري ‪ ،‬بجعله في خدمة التنمية المستدامة وعنصرا محوريا في عملية‬
‫التحديث وذلك باعتماد التدبري احلديث هلذه للموارد‪ .‬ووعيا من السلطات الحكومية‬

‫بأن أي عملية سياسية تتوخي تحديث اإلدارة لن يكتب لها النجاح في غياب األرضية المالئمة‬
‫لها ‪ ،‬فقد توجه عملها نحو محاولة تخليق الحياة اإلدارية عبر تكريس الشفافية كآلية ال محيد‬
‫عنها لخلق أواصر التواصل ما بين اإلدارة والمرتفقين وباعتبارها من الوسائل األساسية‬
‫لمحاربة الفساد ‪ ،‬واستجابة لمتطلبات العصر‪ ،‬عملت الدولة على تحسين جودة االستقبال‬
‫وإدخال تكنولوجيا االتصال والتواصل التي أضحت لغة عالمية ‪ ،‬وفي هذا السياق اتجهت‬
‫الحكومة إلى وضع إستراتيجية محكمة الستخدام التكنولوجيا الحديثة في مختلف اإلدارات ‪،‬‬
‫بهدف تسهيل عملية التواصل وجعل اإلدارة قريبة من المواطن ‪ ،‬وفي الوقت ذاته اتجهت‬
‫الجهود إلى م حاولة تبسيط المساطر والحد من تعقيدها ‪ ،‬خاصة ذات البعد اإلقتصادي حيث‬
‫تم إقرار العديد من اإلصالحات كاعتماد الشباك الوحيد ؛‬
‫ومن جهة ثانية ؛ سعينا إلى استخالص معالم اإلدارة الجماعية في ظل‬ ‫‪‬‬
‫التوجهات الجديدة في مجال التحديث ‪ ،‬سالكين مسلك المقاربة الشمولية ‪ ،‬حيث وقفنا على‬
‫مدى تحقيق اإلدارة الجماعية لإلنتقال الرقمي وانفتاحها على وسائل اإلعالم ‪ ،‬ففي ظل تزايد‬
‫ثقة شركائنا في النموذج المغربي ‪ ،‬يلقى على عاتق اإلدارة الجماعية مسؤولية كبيرة من أجل‬
‫ربح هذا الرهان ‪ ،‬وهو ما أكدته من خالل مواكبتها للبرامج الدولية ‪ ،‬باعتبارها الحلقة‬
‫األخيرة الموكول إليها التنزيل الميداني للعديد من االلتزامات الدولية ‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للمساواة واإلنصاف ومحاربة كل أشكال التمييز ‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تنزيل وتفعيل السياسات‬
‫العمومية للدولة خاصة منها تلك التي تكتسي طابع بيئي‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫ووعيا من جاللة الملك محمد السادس بأن هذه اإلصالحات الهادفة إلى تحديث العمل‬
‫اإلداري لن يكتب لها نجاح فقد دعا جاللته إلى تبني المفهوم الجديد للسلطة قوامه اإللتزام‬
‫بالقانون والشرعية‪.‬‬

‫خاتمة عامة‬

‫‪181‬‬
‫تعتبر دراسة انظمة االدارة االلجماعية وسبل تحديثها وعصرنتها مـن اهـم الدراسات‬
‫الحديثة التـي تساهم في خلق التنمية والتطوير االداري ‪ ،‬حيث نالحظ ان هناك اتفـاق عام‬
‫لدى غالبية االكاديميين و الباحثين والممارسين علـى وجود اخفاقات على مستوى اإلدارة‬
‫الجماعية ‪ ،‬و لإلجابة على االشكالية المطروحة في مقدمة الدراسة والتساؤالت الفرعية التي‬
‫تبعتها ‪ ،‬حاولنا إلقاء الضوء على نمط من األنماط الحديثة لإلدارة و عنصر أو جزء أساسي‬
‫من أجزاء التطوير كمحاولة لإلجابة على سؤال‪ :‬مدى مساهمة تحديث اإلدارة الجماعية في‬
‫ترسيخ ثقافة المواطنة وكسب رهان الديمقراطية والتنمية؟‬

‫و قد وجدنا أن أكبر مرض تعرفه اإلدارة الجماعية بالمغرب ؛ هو مرتبط أساسا ً‬


‫بالعقليات التي تشرف على سيرها ‪ ،‬أكثر منه ارتباطا ببنياتها أو أجزائها ‪ ،‬فأمر تغيير‬
‫العقليات اإلدارية بمختلف مستوياتها وعلى رأسها عقليات المنتخبين والسلطات اإلدارية ‪،‬‬
‫أضحى أمراً ضروريا في ظل الظرفية الراهنة التي يعيشها المغرب ‪ ،‬األمر الذي يستدعي‬
‫خلق نخب إدارية قادرة على مواجهة مختلف التحديات التي تواجه اإلدارة الجماعية وأهمها‬
‫تحدي العولمة الزاحفة التي ألقت بظاللها على اإلدارة المغربية ؛ لتبين حجم العجز الناتج عن‬
‫تبعات فتح الحدود ‪ ،‬والتجارة الحرة وعولمة أنماط العيش والتفكير ‪ ،‬فأصبح لزاما إعادة‬
‫النظر في المنظومة اإلدارية بالمغرب‪.‬‬

‫ونظرا ؛ لألهمية التي تستدعي ضرورة تحديتها ‪ ،‬فقد أخذت حيزا كبيرا من اهتمام‬
‫الفاعلين الرسمين خاصة في اآلونة األخيرة ‪ ،‬وعلى رأسهم المؤسسة الملكية التي ما فتئت‬
‫تدعوا المسؤولين إلى ضرورة تكثيف الجهود في عملية تحديث اإلدارة المغربية‪.‬‬

‫فالملك محمد السادس وجه الحكومة في خطبه األخيرة إلى ضرورة إعادة النظر في‬
‫عملية إصالح و تحديث اإلدارة ‪ ،‬وشدد على ذلك نظرا لمتطلبات المرحلة الراهنة ‪ ،‬وفي ظل‬
‫الوعي الذي أصبح يتمتع به المواطن بضرورة قضاء مطالبه بالسرعة والجودة التي يريدها ‪،‬‬
‫ويسانده في ذلك المستجدات التي حملها دستور‪.8111‬‬

‫وعليه فإن التوصل إلى نتائج تفيد في القيام بعملية تحديث اإلدارة الجماعية بالغرب ؛‬
‫أضحى أمراً ال مفر منه ‪ ،‬فالضرورة تقتضي ذلك ‪ ،‬فإذا كان تطوير الالتركيز اإلداري‬
‫‪182‬‬
‫ضروري ألجل تحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة ‪ ،‬فإن ؛ عملية‬
‫تحديث و بناء جهاز إداري جماعي فعال ورشيد تتطلب ؛ ضرورة إتخاذ إجراءات حاسمة و‬
‫جريئة لوضع إستراتيجية بديلة للتنمية اإلدارية ‪ ،‬وهذا لن يتم ـ حسب تصوري ـ إال بتأصيل‬
‫اإلدارة الجماعية واإلنطالق من فهم األبعاد الحضارية والبيئية للمجتمع المغربي‪.‬‬

‫فعلى الرغم من وجود دوافع القوى الداخلية و الخارجية إلحداث التغيير في السياسات‬
‫والقوانين حتى تتماشى والتحوالت اإلجتماعية الكبرى ‪ ،‬إال أن بيئة اإلدارة الجماعية ما زالت‬
‫تعتمد في تعاملها مع البيئات األخرى اإلجتماعية واإلقتصادية باإلرث اإلداري والتنظيمي‬
‫الموروث ‪ ،‬وسلوك القيادة البيروقراطية ما زال يستند على األسلوب التقليدي القائم على سد‬
‫الثغرات ‪ ،‬و إتخاذ شكل رد الفعل في التعامل مع األوضاع الجديدة ‪ ،‬عوض اإلعتماد على‬
‫مدخل إدارة التغيير‪ .‬كل هذا أنتج الرداءة و الفساد لواقع اإلدارة الجماعية‪ .‬هذا الواقع الذي‬
‫يتلخص في‪:‬‬

‫عدم وضوح البرامج والسياسات العمومية لإلدارة الجماعية ‪ ،‬مما أنتج‬ ‫‪‬‬
‫إزدواجية وتضاربا بين المسؤوليات أ ّديا إلى تكبيـل الجهاز اإلداري ؛‬
‫عدم المساواة و تكافؤ الفرص الناتج عن المحسوبية و الوساطة ‪ ،‬و عدم وضع‬ ‫‪‬‬
‫المواطن في صلب إهتمام اإلدارة ؛‬
‫ضعف التدريب اإلداري و عدم إنتظامه ؛‬ ‫‪‬‬
‫ضعف أداء النخب وانعكاسه على مردودية اإلدارة الجماعية‬ ‫‪‬‬
‫تسييس موظفي الجهاز اإلداري الجماعي ‪ ،‬األمر الذي أدى إلى ضعف‬ ‫‪‬‬
‫إهتماماتهم بتنمية قدراتهم ومعارفهم اإلدارية ؛‬
‫اإلعتماد على الحلول المعدة مسبقا ‪ ،‬و تقبل كل ما هو جديد دون حاجة‬ ‫‪‬‬
‫لمراجعة تجديد ‪ ،‬ودون إعتبار اإلختالف في الظروف والبيئة الثقافية واإلجتماعية و‬
‫اإلقتصادية ‪ ،‬لذلك ال بد من توفير األصالة التي ال تستغني في جوهرها عن اإلبتكار‬
‫(‪ )Innovation‬وعن الخلق و اإلبداع (‪ )Creativity‬ألن اإلبتكار واإلبداع عنصرا‬
‫األصالة ‪ ،‬وهما في جوهرهما يشكالن توليد التجديد في ضوء الظروف والمستجدات البيئية ؛‬

‫‪183‬‬
‫عدم القدرة على تغيير السلوك والقيم السلبية نتيجة وجود قوى تقاوم التغيير ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫األمر الذي أدى إلى شيوع الفساد في الوسط اإلداري المحلي ‪ ،‬وغلبة المصالح الشخصية‬
‫على المصالح العامة و ضعف الرقابة اإلدارية‪.‬‬
‫تعقد المساطر واإلجراءات اإلدارية ؛‬ ‫‪‬‬
‫إخفاء حقيقة اإلخفاقات وعدم اإلعتراف بالمشكالت أمام الرأي العام ‪ ،‬و هذا‬ ‫‪‬‬
‫اإلخفاء يعتبر عامال سلبيا في وجه برامج و إستراتيجيات محاربة الفساد ؛‬
‫إنتشار المظاهر السلبية في المؤسسات اإلدارية الجماعية ‪ ،‬نتيجة إنحسار المد‬ ‫‪‬‬
‫ا لقيمي األخالقي وتحلل العاملين فيها من القيم المهنية واألخالق الوظيفية التي توجه سلوكهم‬
‫وتحكم قراراتهم وترشد تصرفاتهم الرسمية وغير الرسمية ؛‬
‫التهرب من المسؤولية ‪ ،‬وانتشار أساليب اإلتكال ‪ ،‬والتهرب من الواجبات‬ ‫‪‬‬
‫إلعتقادهم بأنهم يعملون وغيرهم يجني الثمار ‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى إنعدام روح المبادرة و‬
‫اإلبتكار؛‬
‫الظاهرة األخرى التي ال تقل خطورة عن سابقتها تتمثل في إسهام العديد من‬ ‫‪‬‬
‫المؤسسات اإلدارية في التخفيف من وطأة القيم اإليجابية األصيلة المستمدة من التراث‬
‫الحضاري لألمة ‪ ،‬والتواطؤ مع الممارسات السلوكية الشاذة والمنحرفة التي تقترفها العناصر‬
‫الضعيفة التي إستطاعت أن تقفز إلى المواقع القيادية بأساليب ملتوية و غير مشروعة ‪.‬‬
‫غياب الرقابة الفعالة في اإلدارة الجمعية المغربية أدى إلى تفشي الظواهر‬ ‫‪‬‬
‫السلبية للبيروقراطية كالفساد اإلداري ‪ ،‬والرشوة ‪ ،‬والمحسوبية ‪ ،‬والوصولية ‪ ،‬والتحايل‬
‫على القوانين ‪ ،‬والغيابات غير الشرعية ‪ ،‬وإحتقار العمل كقيمة حضارية ؛‬
‫التناقض الكبير بين الوضع الرسمي والواقع ‪ ،‬ويتجلى هذا في الظهور بما‬ ‫‪‬‬
‫يجب أن تكون عليه األمور خالفا لما هو عليه الواقع ‪ .‬والغريب أن يتم إخفاء هذه الفجوة بين‬
‫التوقعات و الحقائق عن طريق إصدار القوانين التي ال يتم تطبيقها ‪ ،‬والعمل بتنظيمات تتعلق‬
‫بشؤون المواطنين ‪ ،‬ولكن يتم تجاوزها ‪ ،‬وإصدار التقارير بأن النتائج قد حققت األهداف‬
‫المرجوة بينما الحقيقة أن النتائج لم تتحقق إال جزئيا ؛‬

‫‪184‬‬
‫هذا باإلضافة إلى إشكالية عدم مواكبة اإلدارية الجماعية لتحديات العولمة ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وللمتغيرات الخارجية المتمثلة أساسا في تحول دور المساعدات الدولية من منطق المساعدة‬
‫والدعم إلى هدف التدخل واإلدماج في النظام العالمي ؛‬
‫تجاهل دور المجالس الجماعية في حل قضايا أساسية مثل البطالة ‪ ،‬وتنظيم‬ ‫‪‬‬
‫األسرة ‪ ،‬ومحو األمية ‪ ،‬وحماية البيئة‪..‬‬
‫إن شيوع ه ذه الممارسات ما هو إال إستمرار لقيم متأصلة و مكتسبة من ثقافة إدارية‬
‫إستعمارية من جهة ‪ ،‬وإلى عدم تجديد اإلدارة وتحديثها من جهة ثانية ؛‬

‫وفي هذا الصدد يقول جاللة الملك محمد السادس " [‪ ]...‬إن المشاكل التي تعاني منها‬
‫الشعوب اإلفريقية حاليا ‪ ،‬كالتخلف والفقر والهجرة ‪ ،‬والحروب والصراعات ‪ ،‬واليأس‬
‫واالرتماء في أحضان جماعات التطرف واإلرهاب ‪ ،‬هي نتاج للسياسة الكارثية ‪ ،‬التي‬
‫اعتمدها االستعمار‪ ،‬طيلة عقود من الزمن‪ .‬فقد نهب خيراتها ‪ ،‬ورهن قدرات ومستقبل‬
‫أبنائها ‪ ،‬وعرقل مسار التنمية بها ‪ ،‬وزرع أسباب النزاع بين دوله"[‪.]369‬‬

‫هذا إذا علمنا أن اإلدارة في الدول المستضعفة هي إدارة مقلدة في نظامها وقوانينها‬
‫للغرب ‪ ،‬ويشمل التراث اإلداري الفرنسي مظهرا مستمرا في تأثيره على النظام اإلداري‬
‫المغربي ‪ ،‬الذي لم يتخلص بعد من ظاهرة التبعية الثقافية والقانونية واإلدارية‪ .‬ولم يتجنب‬
‫بعد أسلوب العالج بالمثل " ‪" Homéo Pathic‬الذي يجعله مجرد جهاز إداري تابع‬
‫ومستغل ومتغرب عن المجتمع ‪ ،‬خصوصا وأننا نعلم " أن الغرب اليوم و أكثر من أي وقت‬
‫مضى ‪ ،‬يريد لنا غير ما نريده ألنفسنا ؛ نحن نريد السيادة على أرضنا ‪ ،‬وهو يجبرنا على‬
‫قبول التبعية ‪ ،‬نحن نصبو إلى التحرر والوحدة ‪ ،‬وهو يفرض علينا الدكتاتورية باسم‬
‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان"[‪.]370‬‬

‫وعليه ؛ فإن مع إقتران هذا الكم الهائل من المظاهر السلبية لألجهزة اإلدارية‬
‫الجماعية بضعف أجهزة الرقابة و المساءلة في المجالس الجماعية المنتخبة‪ .‬ومع انتشار‬
‫[‪ – ]369‬مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس ‪ ،‬بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب ‪ ،‬بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪.2002‬‬
‫[‪- ]370‬هشام شرابي ‪ " ،‬المثقفون العرب والغرب في نهاية القرن العشرين "‪ ،‬المستقبل العربي ‪ ،‬العدد ‪ ، 175‬سبتمبر ‪ ، 1993‬ص‪:‬‬
‫‪.00‬‬
‫‪185‬‬
‫الفساد والمفسدين ‪ ،‬فإن العمل الشريف الجاد يفقد قيمته بل إن القانون نفسه يفقد هيبته‬
‫واحترامه‪.‬‬

‫ذلك أن بترسّخ الفساد فإنه يعمل على حماية نفسه و ذلك بإبقاء كل الهياكل التي أنتجته‬
‫على حالها ‪ ،‬لذلك نجد أن المسؤولين المحليين غير مبالين بالتغيير و ذلك ضمان إلستمرار‬
‫مناخ وثقافة الفساد اللذان يضمنان لهم إستغالل النفوذ‪.‬‬

‫هذه الثقافة التي ترسّخت في المجتمع المغربي عامة ‪ ،‬والجهاز اإلداري خاصة ما‬
‫تزال تتسع دائرتها ‪ ،‬و تتشابك حلقاتها ‪ ،‬وتترابط آلياتها بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل‪.‬‬

‫وحتى يتم التصدي لهذه المشكالت ال بد من إستراتيجية بديلة لتحديث اإلدارة‬


‫[‪]371‬‬
‫التي ينبغي أن ال‬ ‫الجماعية ودعم التنمية و تقليص مظاهر الفساد ؛ هذه اإلستراتيجية‬
‫تتعاطى مع موضوع فساد األجهزة اإلدارية في المغرب بصورة ردة فعل (‪)Réactive‬‬
‫وبالتالي كأمر يجب محاربته و معاقبة المفسدين (‪ )Approche Corrective‬؛ وإنما أن‬
‫تتعاطى مع الموضوع بصورة إستباقية (‪ )Proactive‬عبر معالجة أسباب و عوامل تأخير‪،‬‬
‫وتعطيل ‪ ،‬وفساد أجهزة اإلدارة في المغرب و ذلك من أجل الوصول ترشيد سلوك قيادتها في‬
‫أفق تحديثها‪.‬‬

‫ففي ظل التغييب المستمر للشفافية ‪ ،‬والمساءلة ‪ ،‬والرقابة ‪ ،‬وحكم القانون‪ ،‬نتساؤل‬


‫عن ماذا قدمت اإلدارة الجماعية للمواطن ؟ و ما قيمة التكلفة التي دفعتها الخزينة العامة على‬
‫تلك الخدمات ؟ ثم أن المشاريع الكبرى تنفق فيها األموال الطائلة ثم تتوقف ألبسط األسباب ‪،‬‬
‫و منها مشاريع إنعاش اإلقتصاد ‪ ،‬و القضاء على البطالة ‪ ،‬و منها عقود الصفقات العامة‪ .‬و‬
‫كم كلفت القرارات الخاطئة الخزينة العامة للدولة ؟ وكم ضيعت اإلدارة الجماعية من فرص‬
‫منذ اإلستقالل سنة ‪ 1912‬إلى اليوم ‪ 8112‬للتنمية وفي مجاالت مختلفة إنعكست آثارها على‬
‫األوضاع اإلجتماعية واإلقتصادية وعلى العالقة بين المواطن و أجهزة اإلدارات العمومية‬
‫* [‪ - ]371‬اإلستراتيجية معناها غاية و أهداف مختارة تتكامل مع السياق البيئي ومنهج لبلورة و تحقيق هذه الغاية واألهداف المرتبطة بها‪.‬‬
‫فهي تشتمل على أهم ما هو مستهدف ‪ ،‬و الصيغة التي يتكامل بها مع البيئة ‪ ،‬و تشمل كذلك المنهج الذي حددت به النتائج المستهدفة‪.‬‬
‫فاإلستراتيجية إذن هي رؤية عامة وشاملة لما هو مستهدف ولكيفية الوصول إليه في إطار السياق البيئي الذي تتعامل معه المنظمة‪.‬‬
‫أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد صقر عاشور‪ "،‬إصالح اإلدارة الحكومية‪ -‬آفاق إستراتيجية لإلصالح اإلداري والتنمية اإلدارية العربية في مواجهة التحديات العالمية" ‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ‪ ، 1221،‬ص‪.103 :‬‬

‫‪186‬‬
‫الترابية ؟ وما هو مبرر وجود أجهزة ومؤسسات تكاليفها أكبر بكثير من عائداتها ؟ و هل‬
‫تحولت السلطة و المسؤولية في المغرب من إعتبار أنها تكليف فأصبحت ترقية و تشريف ؟‬
‫و من مسؤولية وواجبات إلى حقوق وإمتيازات ؟ وفي كل ذلك لماذا ال تحاسب القيادة‬
‫البيروقراطية على نتائج عملهم فتحسب لهم أو عليهم ؟‬

‫كل هذ ه األسئلة و غيرها التي يطرحها العام و الخاص تحتاج إلى إجابة علمية تصحح‬
‫مسار العمل التنموي اإلداري ‪ ،‬و تنقية الجهاز من البيروقراطية و اإلنحراف و الفساد وغير‬
‫ذلك من المظاهر السلبية‪.‬‬

‫من هذا المنطلق ؛ فإن أول عمل يجب القيام به هو توفير المناخ العام المالئم لتطبيق‬
‫اإلصالحات ‪ ،‬األمر الذي يستلزم إعادة النظر في بناء وأداء الجهاز اإلداري الجماعي حتى‬
‫يواكب التحوالت اإلقتصادية واإلجتماعية والثقـافية العميقة ‪ ،‬ذلك أن أي محاولة لتحديث‬
‫الجهاز اإلداري الجماعي تتم بمعزل عن هذه التحوالت و التأثيرات البيئية محكوم عليها‬
‫بال فشل‪ .‬لذا يجب على مخططي التنمية وبناء قدرات اإلدارة الجماعية واإلستفادة من األخطاء‬
‫السابقة‪.‬‬

‫إذن ؛ فالبيئة اإلدارية هي جزء ال يتجزأ من البيئة اإلجتماعية واإلقتصادية و الثقـافية‬


‫وأي خلل فيها سيؤدي حتما ـ بحكم التجارب ـ إلى الفشل واإلخفاق في العملية التنموية‬
‫الشاملة ‪ ،‬مما يستلزم على صانعي القرارات اإلستراتيجية أن ينظروا إلى العامل البيئي بعين‬
‫اإلعتبار‪ ،‬ال على المستوى الداخلي المحلي والوطني فقط ‪ ،‬بل وعلى المستوى الخارجي‬
‫الدولي ‪ ،‬خاصة ونحن في عصر التكتالت الدولية والصراعات الحضارية والسيطرة على‬
‫المؤسسات والمنظمات المالية واإلدارية ‪ ،‬ودراسة الواقع اإلجتماعي ‪ ،‬ومراعاة العوامل‬
‫البيئية المحيطة باإلدارة‪.‬‬

‫إن تأمين أي إستراتجية لتطوير اإلدارة يبقى رهينا بإدماج مختلف األبعاد السياسية‬
‫االجتماعية االقتصادية ‪ ،‬المالية ‪ ،‬التربوية والثقافية في إطار إصالح شمولي يتوخى تحديث‬
‫و عصرنة اإلدارة الجماعية و المؤسسات المكونة لها‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫وفي هذا اإلطار جاءت الرسالة الملكية بخصوص المفهوم الجديد لسلطة ‪ ،‬و الرسالة‬
‫الملكية بشأن التدبير الالمتمركز لالستثمار ‪ ،‬لتشكال تحوال نوعيا و منعطفا جديدا في مفهوم‬
‫اإلدارة و إنعاش االستثمار على المستوى المحلي باعتباره وسيلة لتحقيق التنمية االقتصادية‬
‫و االجتماعية و عقالنية وأداة لالندماج االقتصادي العالمي ‪ ،‬لذا ينبغي االستمرار بتطوير‬
‫آليات التدبير الالتمركز لالستثمار لجعل المغرب قطبا متميزا بالنسبة للمستثمرين من جميع‬
‫أنحاء العالم‪.‬‬
‫وتماشيا مع ذلك ؛ فقد اعتمدت السلطات العمومية المغربية مجموعة من‬
‫اإلستراتيجيات ‪ ،‬توخت منها تكييف اإلدارة مع التحوالت التي يعرفها المجتمع‪ .‬ولعل أبرز‬
‫مثال على ذلك هو اعتماد اإلدارة الرقمية كأسلوب حديث في التدبير هذا باإلضافة إلى تبني‬
‫مبادئ الحكامة اإلدارية‪.‬‬

‫وعليه ؛ فإن ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة سيؤدي ال محالة إلى تحديث اإلدارة من‬
‫خالل تكريس قيم الشفافية والنزاهة ‪ ،‬والعمل بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ‪ ،‬وهذا لن‬
‫يتأتى بدون االهتمام باألخالقيات داخل اإلدارة الجماعية ‪ ،‬فأية إدارة أو منظمة لن تصيب‬
‫أهدافها مالم تحترم الحد األدنى من القيم ومعايير التدبير السليم والشفاف المتعارف عليه‬
‫عالميا‪ .‬هذا من جهة ومن جهة أخرى ‪ ،‬فنجاح تحديث اإلدارة الجماعية رهين بتثمين الموارد‬
‫البشرية الكفأة والمؤهلة للعمل اإلداري ‪ ،‬والتواصل مع المواطنين ؛ زبناء اإلدارة والفاعلين‬
‫اإلجتماعيين واإلقتصاديين والمستثمرين ‪ ،‬مع تأمين شروط وظروف األداء اإلداري الجيد‬
‫والمسؤول والشفاف على قاعدة المهنية بما يخدم مقاصد وأهداف إدارة التنمية الشاكلة‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد تم بذل العديد من المجهودات من أجل إرساء حكامة إدارية قوامها‬
‫إدارة مواطنة ومتجانسة ومنفتحة ‪ ،‬ونخص بالذكر‪:‬‬

‫توقيع المغرب على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ؛‬ ‫‪‬‬


‫دسترة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربها ‪ ،‬والتي من شأنها‬ ‫‪‬‬
‫المساهمة في محاربة الفساد بفعالية أكثر وكذا في تخليق الحياة العامة ؛‬

‫‪188‬‬
‫إلزام الجماعات الترابية وهيأتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها‬ ‫‪‬‬
‫بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها بموجب القانون رقم ‪ 1.-11‬المتعلق ؛‬
‫إلزام الجماعات الترابية باعتماد التقييم ألدائها والمراقبة الداخلية واالفتحاص وتقديم‬ ‫‪‬‬
‫حصيلة تدبيرها[‪ ]372‬؛‬
‫اعتماد الجماعات الترابية على قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير‬ ‫‪‬‬
‫الحر؛ و هذا من شأنه تحقيق المساواة بين المواطنين في ولوج المرافق العمومية التابعة‬
‫[‪]373‬‬
‫‪ ،‬من جانب آخر فعصرنة عمل اإلدارة الجماعية باعتماد أساليب جديدة في‬ ‫للجماعة‬
‫التدبير من شأنها المساهمة في القيام بعملية تحديثها وذلك عن طريق‪:‬‬
‫تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية التي تعد أهم مدخل لتحسين جودة العمل اإلداري‬
‫‪ ،‬وذلك بجعلها شفافة وسريعة ومحفزة على االستثمار ؛ لتحقيق الفعالية والمرونة الواجب‬
‫توافرها في كل عمل إداري ‪ ،‬وفي هذا اإلطار فقد تم خالل أكتوبر سنة ‪ 8118‬إعطاء‬
‫إنطالقة تدوين وتبسيط عينة أولى من المساطر ذات األولوية بالنسبة للمواطن والمقاولة من‬
‫قبيل اعتماد الشباك الوحيد ‪ ،‬وقد همت هذه المقاربة حولي ‪ 111‬مسطرة أثر تداوال منها ‪11‬‬
‫مسطرة تهمك األشخاص الذاتيين ‪ .1‬مسطرة تهم المقاوالت‪.‬‬
‫أيضا تم العمل على تحديث اإلدارة وتطويرها ؛ بتطبيق نموذج اإلدارة الرقمية باإلدارة‬
‫الجماعية فالديمقراطية التمثيلية أو المباشرة والتشاركية ؛ كلها أشكال قديمة جديدة تلعب‬
‫التقنية فيها دور هادم الفجوات ومقصر المسافات لجعل العالقة بين الحاكم وبين المحكوم‬
‫مباشرة وتفاعلية‪ .‬تمكن هذه التعبيرات الجديدة للديمقراطية من تيسير المشاركة المباشرة‬
‫للمواطنين في تدبير ا لشأن المحلي بما يحقق األهداف دون اللجوء إلى األشكال الثقيلة‬
‫والعقيمة أحيانا للديمقراطية التمثيلية‪.‬‬

‫ولئن استطاعت التقنية الرقمية أن تعيد تشكيل وصياغة مجاالت حيوية كاإلعالم‬
‫والصحافة ‪ ،‬فإننا نعتقد أنها باالعتماد على الهوية الجديدة للجيل الجديد وعلى تحول العالم‬
‫إلى قرية صغيرة لديها من التأثير والفاعلية ما يجعلها تغير العمل الجماعي بشكل بنيوي‪.‬‬

‫[‪ – ]372‬الفقر األولى من المادة ‪ 828‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫[‪ - ]373‬المادة ‪ 832‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112411‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫طبعا ‪ ،‬هذه التأثيرات قد تأخذ وقتا وجهدا ‪ ،‬وقد تتعارض مع مصالح ‪ ،‬وتواجه مقاومة‬
‫شديدة للتغيير؛ لكنها ستنتهي ‪ ،‬أخيرا ‪ ،‬بإحداث التغيير المنشود[‪.]374‬‬

‫وبالرغم من كون تجربة المغرب ما زالت في بدايتها إال أن اعتماد التكنولوجية الحديثة‬
‫في التدبير لها دور فعال في تحقيق الحكامة اإلدارية بما في ذلك تحسين التواصل والخدمات‬
‫التي ستعمل على خلق إدارة حديثة وقريبة من انشغاالت المرتفقين‪.‬‬
‫ومما يساعد كذلك تطوير اإلدارة الجماعية وتحسين صورتها القائمة لدى المرتفقين ‪،‬‬
‫تفعيل المقتضيات الجديدة المضمنة في دستور ‪ ، 8111‬خاصة ما يتعلق بمقاربة النوع‬
‫والمناصفة بين الرجل والمرأة ‪ ،‬دون أن نغفل الحق في الحصول على المعلومات التي تكون‬
‫في حوزة اإلدارات العمومية بموجب الفصل ‪ 81‬من الدستور ‪ ،‬وكذا مقتضيات القانون رقم‬
‫‪ .1.1.‬المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات المصادق عليه مؤخرا‪.‬‬
‫ومن شأن ترسيخ هذا الحق تحسين جودة العمل اإلداري وعودة الثقة التي كانت مفقودة‬
‫في اإلدارة ‪ ،‬و تكريس الديمقراطية التشاركية قيما وممارسة من خالل تحفيز المواطن من‬
‫المشاركة في مراقبة عمل اإلدارة وفي اتخاذ القرار‪.‬‬
‫وإلى جانب ذلك ؛ فقد وجدت اإلدارة الجماعية في ظل المستجدات التي تعرفها‬
‫الساحة الوطنية مطالبة بمواكبة توجهات الدولة في عدة مجاالت ‪ ،‬ولهذا أضحت السياسات‬
‫العمومية خاصة المتعلقة منها بالمجال البيئي في قلب انشغاالت المجالس الجماعية ‪ ،‬رغبة‬
‫م نها في اإلنخراط الفعلي في إنجاح القمة الثانية للبيئة التي ستحتضنها مدينة مراكش نهاية‬
‫هذه السنة (‪.)8112‬‬
‫ولإلرتقاء باإلدارة الجماعية بالمغرب إلى نظيرتها بباقي دول العلم ‪ ،‬اعتمدت هذه‬
‫األخيرة على سياسة منفتحة على المحيط الدولي ‪ ،‬توجت بإبرام عدة اتفاقيات توأمة‬
‫وشراكات تجمع بين المغرب ودول أخرى إفريقية ‪ ،‬أوربية ‪ ،‬عربية أسيوية و أمريكية ‪ ،‬إلى‬
‫جانب استفادتها من برامج األمم المتحدة واإلتحاد األوربي الخاصة بالتوجهات الجدية في‬

‫[‪ - ]374‬محسن الخديسي ‪ " ،‬الشباب والتحول الرقمي ‪ ..‬السلطة الخامسة في الديمقراطية الجديدة "‪ ،‬منشور بجريدة هيسبريس‬
‫اإللكترونية في تاريخ ‪ 81‬غشت ‪.8112‬‬

‫‪190‬‬
‫مجال التحديث اإلداري ‪ ،‬كما شكلت عودة المغرب إلى حضن اإلتحاد اإلفريقي دفعة جديدة‬
‫بالنسبة للجماعات الترابية بهدف تقوية التعاون جنوب‪-‬جنوب وخلق جو من التفاعل بين هذه‬
‫الدول ‪ ،‬عبر تبادل الخبرات والتجارب وعقد شراكات يكون الهدف منها خدمة للمواطن‪.‬‬
‫صفوة القول ؛ أن الرهان على اإلدارة الجماعية ومسألة تحديثها ؛ رهين بالتحول في‬
‫العقليات وفي منهجية التفكير اإلجتماعي المحلي ‪ ،‬وإيالء األهمية للجانب الثقافي اإلجتماعي‬
‫واإلقتصادي المهيكل للتنمية البشرية ‪ .‬وهذا لن يتحقق إال بالرهان على العنصر البشري‬
‫داخل المجتمع المحلي واإلدارة الجماعية ‪ ،‬سواء أكان ناخبا أو منتخبا أم موظف باإلدارة ‪،‬‬
‫حيث إن " اإلدارة الجماعية تعد بمثابة مرتكز أساسي محرك وموجه لحركة المجتمع في‬
‫سائر المجاالت ‪ ،‬وعلى مختلف القطاعات اإلنتاجية ‪ ،‬وهذه المجاالت اإلنتاجية قد تكون‬
‫سلعية وخدماتية واقتصادية ؛ كما يمكن أن تكون تربوية تعليمية وصحية ترفيهية وثقافية‬
‫خدمة للشؤون العامة"[‪. ]375‬‬
‫وعليه ؛ يمكن القول أن هناك عالقة تأثير وتأثر ‪ ،‬تجمع بين اإلدارة والمجتمع ؛ إلى‬
‫درجة أنه بإمكان البوح بأن الرهنات المرتبطة بتحديث اإلدارة الجماعية لها عالقة وطيدة‬
‫بالرهانات على مستوى تحديث المجتمع‪ .‬فهل القيام بدراسات لسوسيولوجية اإلدارة الجماعية‬
‫في عالقتها بالنخبة والمجتمع المحلي ؛ من شأنها فك رموز اإلشكاليات التي يطرحها‬
‫موضوع اإلدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث؟‬
‫تم بحمد اهلل وتفيقه‬

‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة المراج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع‬


‫الئحة باللغة العربية‬
‫الكتب‬
‫~‬
‫أشحشاح نور الدين " القوى السياسية‪ :‬األحزاب والجماعات والرأي العام" مطبعة اسبارطيل‬
‫– طنجة‪ ،‬طبعة ‪.8111‬‬

‫[‪ – ]375‬علي سلمي ‪" ،‬السياسات اإلدارية في عصر المعلوميات" ‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬مكتبة اإلدارة الجديدة‪ -‬الدار البيضاء ‪،‬‬
‫الكتاب السابع ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1221‬ص‪.2 :‬‬

‫‪191‬‬
‫~ أبشر الطيب حسن " اإلصالح اإلداري بالوطن العربي بين األصالة والمعاصرة" في كتاب‬
‫اإلدارة العامة واإلصالح اإلداري بالوطن العربي‪ ،‬تحرير الدكتور ناصر الصائغ‪ ،‬المنظمة العربية للعلوم‬
‫اإلدارية‪.1421 ،‬‬
‫~ أشرقي عبد العزيز " الجماعات الترابية ‪ ،‬اآلفاق المستقبلية وتحديات التنمية المستدامة‪ ،‬الهات‬
‫العماالت واألقاليم‪ ،‬الجماعات المحلية" ‪ ،‬طبعة ‪.8112‬‬
‫~ اعبيزة عبد الغني " سياسة التحديث اإلداري بالمغرب‪ -‬دراسة قانونية ومؤسساتية"‪ ،‬دار القلم‬
‫– الرباط ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.8111‬‬
‫~ أكنوش محمد عبد اللطيف " واقع الممارسة التشريعية في النظام السياسي المغربي على‬
‫مشارف القرن الواحد والعشرين‪ ،‬مطبعة بروفانس ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 1448‬‬
‫~ ألبيز بيار "الصحافة" ترجمة محمد برجاوي منشورات عويدات األولى‪ ،‬طبعة ‪.1411‬‬
‫~ الجندي مصطفى ‪ " ،‬المرجع في اإلدارة المحلية "اإلسكندرية منشأة المعارف طبعة ‪. 1971‬‬
‫~ الخطيب أحمد " اإلدارية الحديثة‪ :‬نظريات واستراتيجيات ونماذج حديثة"‪ ،‬جدارا للكتاب‬
‫العالمي عمان‪-‬االردن ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.8114‬‬
‫~ الشيخ عماد " الشفافية ومراقبة الفساد – في الفساد والحكم الصالح في البالد العربية"‪،‬‬
‫منشورات مركز دراسات الوحدة العربية والعهد السويدي باإلسكندرية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.8112‬‬
‫~ الصروخ مليكة "القانون اإلداري ‪ ،‬دراسة مقارنة " مطبعة النجاح الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة‬
‫السابعة‪.2010 ،‬‬
‫~ الطوزي محمد " الملكية واإلسالم السياسي بالمغرب " ترجمة محمد حتمي وخالد شكروي‬
‫الفنك ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪.8111‬‬
‫~ العروي عبد هللا "عوائق التحديث ‪ ،‬منشورات اتحاد كتاب المغرب" ‪ ،‬سلسلة محاضرات‬
‫الشهر ‪ ،‬الطبعة األولى نوفمبر ‪. 8112‬‬
‫~ العواجي إبراهيم محمد " اإلدارة العامة واإلصالح اإلداري في الوطن العربي" ‪ ،‬المنظمة‬
‫العربية للعلوم اإلدارية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 1422 ،‬‬
‫~ الغويل سليمان صالح ‪ "،‬ديمقراطية األحزاب السياسية والجماعات الضاغطة‪ :‬دراسة تحليلية‬
‫في ضوء القوانين الدستورية المقارنة ‪ ،‬منشورات جامعة قاريونس‪-‬بنغازي ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2003‬‬
‫~ الكثيري مصطفى "تأمالت في التغيير واإلصالح بالمغرب" ‪ ،‬مطبعة دار النشر المغربية ‪،‬‬
‫عين السبع‪ -‬الدار البيضاء ‪ ،‬طبعة ‪.8118‬‬
‫~ الماوردي أبو الحسن علي بن حبيب البصري البغدادي " األحكام السلطانبة" مكتبة مصطفى‬
‫البابلي الحلي وأوالده ‪ ،‬القاهرة ‪. 1422‬‬
‫~ المملكة المغربية ‪ ،‬وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ؛ تفعيل ميثاق حسن التدبير ‪،‬‬
‫منشورات عكاظ ‪ ،‬الرباط ‪.8111‬‬
‫~ الناصر عبد الواحد " المتغيرات الدولية الكبرى" مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪8119‬‬
‫~ أندرسون جيمس "صنع السياسات العامة" ‪ ،‬جامعة هيوستن‪-‬تكساس‪ ،‬ترجمة عامر الكبسي ‪،‬‬
‫دار المسيرة للنشر والتوزيع ‪. 1444‬‬
‫~ أنوار أحمد رسالن" التنظيم الجماعي الجديد " مطبعة النجاح الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪.1411‬‬
‫~ باهي محمد "المصطلحات اإلدارية المتعلقة بالتنظيم الجماعي‪ -‬دليل المصطلحات اإلدارية‬
‫العدد األول ‪ ،‬الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة ‪ -‬الدار البيضاء ‪.1442‬‬

‫‪192‬‬
‫~ باينة عبد القادر "الموظفون العموميون بالمغرب" ‪ ،‬دار توبقال للنشر ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.8118‬‬
‫~ بنمير المهدي " الجماعات المحلية والممارسات المالية بالمغرب " المطبعة والوراقة الوطنية‬
‫مراكش ‪ ،‬طبعة ‪.1449‬‬
‫~ بنمير المهدي ‪ " ،‬الجماعات المحلية ومسألة التنمية المحلية " سلسلة الالمركزية والجماعات‬
‫المحلية ‪ ،‬المطبعة و الوراقة الوطنية‪ ،‬طبعة ‪.1441 .‬‬
‫~ جفري سعيد و َمنيرة أحمد " اإلدارة العمومية المغربية وسؤال اإلصالح؟"‪ ،‬الشركة‬
‫المغربية لتوزيع الكتاب ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.811.‬‬
‫~ حارسي عبد هللا ‪ ،‬دراسات في القانون العام‪ -‬الجزء الثاني ‪ ،‬طبعة ‪.8111‬‬
‫~ حركات محمد " التدبير اإلستراتيجي والمنافسة "‪ ،‬مطبعة فضالة المحمدية ‪ ،‬طبعة ‪. 1441‬‬
‫~ خليل حسين " السياسة العامة في الدول النامية " دار املنهل اللبناني للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الطبعة األوىل بريوت ‪. 8111‬‬
‫~ زياني إبراهيم "دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة "‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫طبعة ‪.8111‬‬
‫~ سبيال محمد "دفاعا عن العقل والحداثة – حوارات منشورات الزمن "‪ ،‬عدد ‪ ، .4‬طبعة ‪811.‬‬
‫‪.‬‬
‫~ سدجاري علي " الدولة و اإلدارة بين التقليد والتحديث"‪ ،‬دار المناهل للطباعة والنشر‪ ،‬طبعة‬
‫يوليوز ‪. 1449‬‬
‫~ سدجاري علي " تأهيل اإلدارة للعولمة"‪ ،‬منشورات مجموعة البحث في المجال والتراب ‪،‬‬
‫منشورات كريت)‪ ، (Gret‬طبعة ‪.8111‬‬
‫~ سلمي علي ‪" ،‬السياسات اإلدارية في عصر المعلوميات" ‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬مكتبة اإلدارة الجديدة‪-‬الدار البيضاء ‪ ،‬الكتاب السابع ‪ ،‬طبعة ‪.1441‬‬
‫~ سورة التوبة ‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬
‫~ شرابي هشام ‪ " ،‬المثقفون العرب والغرب في نهاية القرن العشرين "‪ ،‬المستقبل العربي ‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 175‬سبتمبر ‪.1993‬‬
‫~ شيريل بيار ‪ " ،‬البنك الدولي‪ -‬دراسة نقدية"‪ ،‬ترجمة أحمد فؤاد بلبع ‪ ،‬دار سينا للنشر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.1449 ،‬‬
‫~ عاشــور‪ ،‬أحمــد صــقر " إصالح اإلدارة الحكومية‪ -‬آفاق إستراتيجية لإلصالح اإلداري‬
‫والتنمية اإلدارية العربية في مواجهة التحديات العالمية" ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ‪،‬‬
‫‪. 1441‬‬
‫~ عاشــور‪ ،‬أحمــد صــقر "نظــرة مســتقبلية الســتراتيجيات اإلصــالح اإلداري فــي الــوطن‬
‫العربــي‪ ،‬دراسـة منشـورة فـي كتـاب‪ :‬اإلدارة العامـة واإلصـالح اإلداري فـي الـوطن العربي‪ ،‬تحرير د‪.‬‬
‫ناصر محمد الصائغ‪ ،‬عمان‪ :‬المنظمة العربية للعلوم اإلدارية طبعة ‪.1422‬‬
‫~ عبد الرحمان أسامة " تنمية التخلف وإدارة التنمية في الوطن العربي وفي النظام العالمي‬
‫الجديد"‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪. 1441 ،‬‬
‫~ عقلة عبد الحق " القانون اإلداري‪ :‬المبادئ األساسية لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلداريين‬
‫" ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬دار القلم للنشر والتوزيع ‪ ،‬الرباط ‪. 8118‬‬

‫‪193‬‬
‫~ عقلة عبد الحق "مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة "‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬دار القلم ‪،‬‬
‫طبعة ‪. 1442‬‬
‫~ قرنفل حسن "المجتمع المدني والنخبة السياسية‪ -‬إقصاء أم تكامل" إفريقيا الشرق‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪.1441‬‬
‫~ كريمني بلقاسم ‪"،‬دراسة فقهية وتأصيلية للنظرية العامة للتنظيم الدولي ولألمم المتحدة‬
‫والوكاالت المتخصصة والمنظمات اإلقليمية" دار النهضة العربية– القاهرة الطبعة السادسة يناير ‪.1441‬‬
‫~ لحرش كريم الدستور الجديد للمملكة المغربية ‪ -‬شرح وتحليل ‪ ، " -‬سلسلة العمل التشريعي‬
‫واالجتهادات القضائية ‪ ،‬العدد ‪ ، .‬سنة ‪.8118‬‬
‫~ لحموشي محمد " المفهوم الجديد للسلطة بالمغرب"‪ ،‬مطبعة إقرأ ‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 8111‬‬
‫~ معتصم محمد " الحياة السياسية المغربية‪ ،1441/1428-‬مؤسسة أيزيس للنشر ‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬ماي ‪.1448‬‬

‫~ مفيد أحمد "النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪ :‬دراسة في الدولة‬
‫والدستور وأنظمة الحكم الديمقراطي وآليات المشاركة السياسية"‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 8111‬‬
‫~ نجيب العزاوي وصال ‪" ،‬مبادئ السياسة العامة " ‪ ،‬الطبعة األولى دار اسامة للنشر و التوزيع ‪،‬‬
‫االردن ‪ ،‬عمان ‪.811. ،‬‬
‫~ نصار علي " الطليعة الفاعلة والقوة االجتماعية والسياسية من منظور المشروع الحضري –‬
‫نحو مشروع نهضوي عربي "‪ ،‬بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ديسمبر ‪. 8111‬‬

‫األطروحات والرسائل الجامعية‬

‫األطروحات‪:‬‬
‫‪ -‬أبوالس حميد ‪" ،‬تدبير الموارد البشرية‪ :‬نموذج اإلدارة الجماعية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.811. – 8118‬‬

‫‪194‬‬
‫‪ -‬أدمينو عبد الحفيظ ‪ " ،‬نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8118-8111 ،‬‬
‫‪ -‬األغصف بكار ‪ " ،‬محاولة لمقاربة عالقة اإلدارة العمومية في المغرب بالمواطن"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬عين الشق‪ ،‬السنة الجامعية‪.8111-8112،‬‬
‫‪ -‬البعزاوي محمد ‪ ،‬تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ -‬اكدال‪ ،‬السنة الجامعية‪811.-8118 ،‬‬
‫ـ التيجي بشرى ‪ "،‬اشكالية ولوج المرأة الموظفة مراكز القرار االداري"‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام وحدة القانون اإلداري علم االدارة ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 8111‬ـ ‪. 8111‬‬
‫‪ -‬الداودي محمد ‪" ،‬اإلدارة العمومية وإشكالية التنمية اإلقتصادية بالمغرب"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪-‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪.811.-8118،‬‬
‫‪ -‬الغاري خالد ‪ " ،‬الفكر اإلداري الحسني" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‬
‫‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬الرباط ‪ -‬أكدال ‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪. 1444-1442 ،‬‬

‫‪ -‬النوري إبراهيم ‪ " ،‬تدبير المجالس الجماعية بين القانون والممارسة‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫ا لدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.8112 -8111 :‬‬
‫‪ -‬الهادف حليمة ‪" ،‬التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث" ‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة مجمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادسة‬
‫واالجتماعية آكدال‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 8118-8111 ،‬‬
‫‪ -‬بن التهامي محمد ‪ " ،‬الوظيفة العمومية بين وحدة الدور والهدف وتعدد األنظمة "‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.8111-8111‬‬
‫‪ -‬بن شقرون عبد الحميد ‪ " ،‬تشجيع اإلستثمار الخاص بالمغرب وإشكالية تعقيد‬
‫المساطر واإلجراءات اإلدارية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪.8111-8111 ،‬‬
‫‪ -‬بوعجيلة نور الدين ‪ " ،‬تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي واقع وآفاق"‪،‬‬
‫بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية إلدارة ‪ ،‬العدد ‪ ، 4.‬السنة الجامعية ‪-144. ،‬‬
‫‪. 1449‬‬

‫‪195‬‬
‫‪ -‬بوعدين لحسن " الحكامة ومتطلبات ترسيخ دولة القانون" أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام ‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ -‬كنجة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 8118-8111‬‬
‫‪ -‬قهوي حميد ‪ " ،‬مساهمة في دراسة سلوك اإلدارة المغربية"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية ‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8118-8111 ،‬‬
‫أجعون أحمد ‪ " ،‬تكوين المنتخب الجماعي "‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية الحقوق والعلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.1442 -1441‬‬
‫حطان آمنة ‪" ،‬أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪. 8114/8112 ،‬‬
‫الرسائل‪:‬‬
‫‪ -‬الطماوي عبد الرحمان ‪" ،‬إستراتيجيات الوساطات في النسق السياسي المغربي‬
‫مساهمة في دراسة العالقات الزبونب ة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية‬
‫لإلدارة ‪.‬‬
‫‪ -‬العمراني بوخبزة محمد ‪ "،‬البعد الديمقراطي في الفكر السياسي للملك الحسن‬
‫الثاني‪ -‬دراسة في تحليل المضمون" ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق ‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪.1999/1998 ،‬‬
‫‪ -‬المريني مصطفى ‪" ،‬دور ا لحكامة الجيدة في تخليق اإلدارة العمومية المغربية"‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ‪ ،‬جامعة الحسن الثاني ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬المحمدية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8111-8111‬‬
‫‪ -‬أنماس طه ‪"،‬دور النظام التواصلي في تحقيق إدارة فعالة ومنتجة رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس ‪ ،‬أكدال‪ -‬الرباط السنة الجامعية ‪.1444-1442 ،‬‬
‫‪ -‬بنهدي يونس ‪" ،‬حق الحصول على المعلومات ودوره في تنمية التواصل بين‬
‫اإلدار ة والمواطن"‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام ‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪.‬‬
‫‪ -‬بونعيجة محمد ‪" ،‬البعد التواصلي في التنمية البشرية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪-‬طنجة‪ ، ،‬السنة الجامعية ‪.8111-8119‬‬

‫‪196‬‬
‫‪ -‬شريف حممد ‪ ،‬اإلدارة اإللكرتونية رهان اإلصالح والتحديث – منوذج‬
‫املدرية العامة للضرائب‪ ، -‬حبث لنيل شهادة املاسرت يف القانون العام = ‪،‬‬
‫تخصص تدبري اإلدارة احمللية ‪ ،‬جامعة احلسن األول ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واإلجتماعية‪ -‬سطات ‪،‬السنة اجلامعية ‪.8002-8002‬‬
‫‪ -‬قايدي بوشعيب ‪ " ،‬التحديث اإلداري المحلي " ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون العام ‪ ،‬جامعة الحسن األول ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪-‬سطات السنة الجامعية ‪. 8111-8112‬‬
‫‪ -‬مزين عادل ‪ " ،‬أسس ووسائل عقلنة التدبير اإلداري " رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة‪ .‬وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬الرباط‪.8118-8111 .‬‬
‫‪ -‬ولد البان إبراهيم ‪ "،‬التواصل داخل اإلدارة اإلقليمية الموريتانية‪ ،‬والية نواكشوط‬
‫نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي ‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8114-8112‬‬
‫المقاالت والمجالت‬
‫‪ - ‬الزيغام مبارك ‪ " ،‬اإلدارة االلكترونية" بحث منشور على المجلة المغربية ‪ ،‬الحوار‬
‫المتمدن ‪-‬العدد‪8111 - 8211 :‬‬
‫‪ ‬بن جلون عبد المجيد ‪ ،‬تأهيل اإلدارة للعولمة بعض عناصر المقاربة‪ :‬بعض عناصر‬
‫المقاربة "تأهيل اإلدارة للعولمة" تحت إشراف علي سدجاري‪ ،‬سنة ‪.8111‬‬
‫بنيحيى محمد ‪"،‬قانون الحريات العامة "‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬ ‫‪‬‬
‫والتنمية ‪ ،‬الطبعة الثانية مزيدة ومحينة ‪.8118‬‬
‫‪ ‬بهدين نوال ‪ ،‬الفاعلون في رسم معالم السياسة الخارجية المغربية وفق مقتضيات‬
‫الدستور الجديد المجلة المغربية لإلدارة المحلية عدد ‪ 111-114‬مارس‪ -‬يونيو ‪.811.‬‬
‫‪ ‬بوجيدة محمد ‪" ،‬تدخل اختصاصات الدولة والجماعات المحلية بين القانون‬
‫والممارسة العملية" ‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية ‪ ،‬العدد ‪. 8114 ، 12‬‬
‫حركات محمد ‪ "،‬مظاهر الفساد وتداعياته ‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫يونيو سنة ‪.8111‬‬
‫‪ ‬حسن طارق ‪ ،‬السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد ‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد ‪ 48‬سنة ‪. 8118‬‬
‫‪ ‬حنين مصطفى ‪ "،‬البعد اإلقتصادي للجهة بالمغرب"‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة‬
‫القانونية والسياسية ‪ ،‬عدد خاص يونيو ‪.8111‬‬
‫‪197‬‬
‫الخديسي محسن ‪ " ،‬الشباب والتحول الرقمي ‪ ..‬السلطة الخامسة في الديمقراطية‬ ‫‪‬‬
‫الجديدة "‪ ،‬منشور بجريدة هيسبريس اإللكترونية في تاريخ ‪ 81‬غشت ‪.8112‬‬
‫‪ ‬الخطابي محمد العربي ‪ " ،‬الوازع الخلقي في الوظيفة العمومية "‪ ،‬مجلة الشؤون‬
‫اإلدارية‪ ،‬العدد الثاني ‪ ،‬سنة ‪.142.‬‬
‫‪ ‬دليل المصطفى ‪ " ،‬المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي‬
‫الجديد "‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬عدد ‪ 91‬سنة ‪.811.‬‬
‫‪ ‬دليل مصطفى ‪ " ،‬المجالس الجماعية بالمغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد "‪،‬‬
‫سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬عدد ‪، 91‬‬
‫طبعة ‪. 811.‬‬
‫‪ ‬السنوسي معني ‪ " ،‬دور الجماعات المحلية في قطاع التعمير والسكن "‪ ،‬مجلة‬
‫الموئل ‪ ،‬عدد ‪ ، 2‬السنة ‪. 144.‬‬
‫‪ ‬شنفار عبد هللا ‪ " ،‬اإلدارة المغربية ومتطلبات التنمية"‪ ،‬دراسة سوسيو‪-‬قانونية‬
‫وتحليلية ‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬سلسلة أعمال ومؤلفات‬
‫جامعية ‪ ،‬العدد ‪.8111 ، 14 ،‬‬
‫‪ ‬العكاري عبد الرزاق ‪ " ،‬مفارقات إصالح اإلدارة العمومية بالمغرب" ‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ، 1.-18‬يناير ‪.8111‬‬
‫‪ ‬الكرطي فؤاد ‪ ،‬الحاجة إلى التنمية اإلدارية ضرورة لتغيير النسق اإلداري المغربي‬
‫ومسايرة التحدي العالمي‪ ،‬مجلة التنمية‪ ،‬المقال ‪ 2 ،11142‬أبريل ‪.8111‬‬
‫‪ ‬كونغار إبراهيم‪" :‬تدخالت الجماعات المحلية في ميدان البيئة"‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ، ،‬عدد ‪ ،1.‬مطبعة المعارف الجديدة ‪ ،‬نونبر – دجنبر ‪.811.‬‬
‫‪ ‬لحرش كريم ‪ " ،‬مغرب الحكامة – التطورات‪ -‬المقاربات –الرهانات"‪ ،‬سلسلة‬
‫الالمركزية واإلدارة المحلية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬العدد ‪.8111 ،4‬‬
‫محمد أمين بن عبد هللا ‪" ،‬إعادة التفكير في اإلدارة"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬ ‫‪‬‬
‫المحلية والتنمية ‪ ،‬عدد‪ ، 2‬سنة ‪. 1442-1441‬‬
‫‪ ‬المشيشي نادية ‪" ،‬حماية البيئة المحلية في القانون المغربي"‪ ،‬مجلة األبحاث‬
‫والدراسات القانونية ‪ ،‬كتابات في المادة اإلدارية ‪ ،‬العدد ‪ ، 8‬يونيو – دجنبر ‪.811. ،‬‬
‫‪ ‬مفيد أحمد ‪ ،‬الحكامة الجيدة على ضوء دستور ‪ ، 8111‬المجلة المغربية للسياسات‬
‫العمومية عدد ‪ 19‬طبعة ‪.8111‬‬
‫‪ ‬المؤذن عبد الحي ‪" ،‬إشكالية إنتقال الملك في المغرب‪ -‬قضايا وأسئلة "‪ ،‬مجلة وجهة‬
‫نظر‪ ،‬عدد مزدوج ‪.8111 ، 4/2 ،‬‬
‫الجرائد‪:‬‬

‫‪198‬‬
‫ناجيم هنية ‪ ،‬تقر ير ألطروحة في القانون العام‪ ،‬بعنوان‪" :‬مقاربة النوع االجتماعي‬ ‫‪‬‬
‫واستراتيجية التنمية المستدامة في المغرب‪ "،‬جامعة عبد المالك السعدي ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واإلجاماعية‪ -‬طنجة السنة الجامعية ‪ ، 8112-8111‬مجلة الكترونية‪:‬‬
‫‪.marocdroit.com‬‬
‫كاير عثمان ‪ " ،‬هيئات الحكامة وسلطة االستشارة " جريدة الصباح ‪ ،‬العدد ‪، .211‬‬ ‫‪‬‬
‫صادرة بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪.8118‬‬
‫كاير عثمان ‪ "،‬سياسة وطنية لتكافؤ الفرص " جريدة االتحاد االشتراكي ‪ ،‬العدد‬ ‫‪‬‬
‫‪ ، 4494‬صادرة بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪.8111‬‬
‫أومليل علي ‪ " ،‬أسئلة راهنة – الثقافة والحداثة" ‪ ،‬أطروحة فيبر ‪ ،‬جريدة اإلتحاد‬ ‫‪‬‬
‫اإلشتراكي ‪ ،‬عدد ‪ 11‬و ‪ ، 2.‬الخميس ‪ 9‬يناير ‪.811.‬‬
‫جريدة أخبار اليوم ‪ ،‬العدد ‪ ، 111‬صادرة بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪.8118‬‬ ‫‪‬‬
‫جريدة العلم عدد ‪ ،12211‬صادرة بتاريخ ‪ 81 ،‬أكتوبر ‪.1441‬‬ ‫‪‬‬
‫نداء الدورة الثانية عشرة من مهرجان "ثويزا"جريدة هسبريس اإللكترونية الثالثاء‬ ‫‪‬‬
‫‪ 12‬غشت ‪ -8112‬طنجة ‪http://www.hespress.com‬‬
‫القوانين والنصوص التنظمية‬
‫‪ ~ ‬دستور المملكة المغربية للتاسع والعشرين من يوليو ‪ ،8111‬صادر األمر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.41‬الصادر بتاريخ ‪ 81‬من شعبان ‪ 84( 19.8‬يوليو ‪)8111‬‬
‫بتنفيذ نص الدستور؛ صادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1429‬مكرر بتاريخ ‪ 82‬شعبان ‪19.8‬‬
‫(‪ .1‬يوليو ‪)8111‬‬
‫‪ ~ ‬دستور المملكة المغربية لفاتح مارس ‪ ،1418‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 1.18.121‬بتاريخ ‪ 8.‬محرم ‪ 1.48‬المرافق ل [ ‪ 11‬مارس ‪ ]1418‬صادر بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ، .142‬بتاريخ ‪ 82‬محرم ‪ 1.48‬المرافق ل ل[‪ 11‬مارس ‪.]1418‬‬
‫~ دستور المملكة المغربية للسابع من دجنبر ‪ ،1428‬صادر األمر بتنفيذه الظهير‬ ‫‪‬‬
‫الشريف بتاريخ ‪ 11‬رجب ‪ 1.28‬المرافق ل [‪ 19‬دجنبر ‪ ]1428‬صادر بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 8212‬مكرر بتاريخ ‪ 88‬رجب ‪ 1.28‬الموافق ل [ ‪ 14‬دجنبر ‪.]1428‬‬
‫‪ ~ ‬الدستور اإلسباني‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 81‬دجنبر ‪1412‬م‪.‬‬
‫‪ ~ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.2.‬صادر في ‪ 81‬من رمضان ‪ ،19.2‬الموافق ل ‪1‬‬
‫يوليوز ‪ 8111‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 11..19‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ ،2.21‬بتاريخ ‪ 8.‬يوليوز ‪.8111‬‬
‫‪ ~ ‬ظهير شريف رقم ‪ ،1.11.21‬صادر في ‪ 81‬شعبان ‪(،19.4‬يونيو ‪ )8111‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 11..18‬المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها‪ ،‬منشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2.19‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 8( 19.2‬يوليو ‪)8111‬‬
‫‪199‬‬
‫‪ ~ ‬الظهير الشريف رقم ‪ ،1.12.11.‬الصادر بتاريخ ‪ 81‬رجب ‪ 19.1‬الموافق ل‬
‫‪ ،8114/18/12‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 11.12‬بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي‪.‬‬
‫‪ ~ ‬الظهير الشريف رقم ‪ ،1.18.841‬الصادر بتاريخ ‪ 81‬رجب ‪ 198.‬الموافق ل‬
‫‪ ، 8118/11/1.‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 12.11‬بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي‪.‬‬
‫‪ ~ ‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.12.12.‬الصادر بتاريخ ‪ 1‬شوال الموافق ل‬
‫‪ .1(1.42‬سبتمبر ‪ )1412‬بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي‪.‬‬
‫‪ ~ ‬ظهير شريف رقم ‪ ، 1.41.122‬صادر بتاريخ فاتح جمادي األول ‪1912‬ه ‪،‬‬
‫الموافق ل ‪ 9‬شتنبر ‪ ، 1441‬بتنفيذ القانون رقم ‪ .8-41‬المتعلق بمجلس المستشارين ‪.‬‬
‫الجريدة الرسمية ‪ ،‬عدد ‪ 9112‬صادرة بتاريخ ‪ 11 ،‬شتنبر ‪.1441‬‬
‫‪ ~ ‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.12..11‬بتاريخ ‪ 81‬رمضان ‪ 1.42‬الموافق ل‬
‫‪ 11‬شتنبر ‪ ،1412‬يتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي‪.‬‬
‫‪ ~ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1.12.211‬بتاريخ ‪ 9‬شعبان ‪ 89( 1.11‬فبراير ‪ )1412‬يحتوي‬
‫على القانون األساسي العام للوظيفة العمومية الجريدة الرسمية عدد ‪ 8.18‬بتاريخ ‪81‬‬
‫رمضان ‪ 11 - 1.11‬أبريل ‪.1412‬‬
‫‪ ~ ‬القانون رقم ‪ 12.11‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.18.1.1‬بتاريخ ‪1.‬‬
‫يونيو ‪.8118‬‬
‫‪ ~ ‬القانون رقم ‪ 11..18‬المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة‬
‫ومكافحتها‬
‫‪ ~ ‬القانون رقم ‪ 1..1.‬المتعلق بمكافحة تلوث الهواء‬
‫‪ ~ ‬القانون رقم ‪ 81.48‬المتعلق بإقرار األشخاص الذين يشغلون منصبا عموميا‬
‫بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها أوالدهم القاصرين‪.‬‬
‫‪ ~ ‬مشروع القانون التنظيمي رقم ‪ 99-91‬بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في‬
‫تقديم العرائض إلى السلطات العمومية‬
‫‪ ~ ‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 9981‬الصادرة بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪.1442‬‬
‫‪ ~ ‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1919‬الصادرة بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪.8112‬‬
‫‪ ~ ‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 1188‬الصادرة بتاريخ ‪ .‬ماي ‪.8111‬‬
‫‪ ~ ‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 2.19‬الصادرة بتاريخ ‪ 8‬يوليو ‪.8111‬‬
‫‪ ‬الجريدة الرسمية ‪ ،‬عدد ‪ ، 9222‬الصادرة بتاريخ يناير ‪.8111‬‬
‫‪ ~ ‬النظام الداخلي لمجلس جماعة فاس‪.‬‬
‫‪ ~ ‬المرسوم رقم ‪ 8.1..989‬صادر في ‪ 1.‬من رجب ‪ 19.9‬الموافق ل ( ‪ 89‬ماي‬
‫‪.)811.‬‬

‫‪200‬‬
‫‪ ~ ‬المرسوم رقم ‪ ، 8.18.182‬المتعلق بتغيير الساعة القانونية‪ -‬يحدد إضافة ساعة‬
‫بشكل منتظم كل فترة صيف ‪ ،‬الصادر في ‪ 82‬من جمادي األولى ‪19..‬ه ‪ ،‬الموافق ل[‪12‬‬
‫أبريل ‪.]8118‬‬
‫‪ ~ ‬المرسوم رقم ‪ 8-142-821‬الصادر في ‪ 8.‬رجب ‪ 2( 19.1‬نونبر ‪ )8111‬تحدد‬
‫بموجبه كيفية ا عداد المخطط المديري الخاص بالعمالت أو األقاليم لتدبير النفايات المنزلية‬
‫والنفايات السائلة ومسطرة تنظيم البحث العمومي المتعلق بهذا المخطط‪.‬‬
‫‪ ~ ‬مرسوم رقم ‪ 8.11.1882‬صادر في ‪ 8.‬من صفر ‪ 1.( 1982‬مارس ‪)8111‬‬

‫بإحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪،111.‬‬
‫بتاريخ ‪ 8‬أبريل ‪.8111‬‬
‫‪ ~ ‬المرسوم رقم ‪ ، 8.12.28‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬من شوال ‪1981‬ه ‪ ،‬الموافق ل ‪11‬‬
‫نوفمبر ‪ ، 8112‬المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة تحديث القطاعات العامة‪.‬‬
‫‪ ~ ‬قرار للوزير المنتدب لدى الوزير األول المكلف بتحديث القطاعات العامة رقم‬
‫‪ ، 929.11‬صادر في ‪ 1‬جمادى األولى ‪ 11( 19.8‬أبريل ‪ )8111‬بتحديد اختصاصات‬
‫وتنظيم األقسام والمصالح المركزية لوزارة تحديث القطاعات العامة ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 1491‬الصادرة بتاريخ فاتح جمادى اآلخرة ‪ 1( 19.8‬ماي ‪.)8111‬‬
‫‪ ~ ‬منشور السيد الوزير األول في ‪ 2‬أكتوبر ‪ 1448‬؛ و‪ 81‬نونبر ‪ 1448‬؛ ‪ 82‬فبراير‬
‫‪، 144.‬‬
‫‪ ~ ‬منشور صادر عن وزارة الداخلية المغربية ‪ ،‬عدد ‪ 9.‬بتاريخ ‪ 82‬يوليو ‪8112‬‬
‫بشأن تنظيم إدارات الجماعات‪.‬‬
‫‪ ~ ‬المنشور الوزاري رقم ‪ .1/44‬الصادر في ‪ 8.‬نونبر ‪.1444‬‬
‫‪ ~ ‬الحكومة المغربية ‪ ،‬حصيلة العمل الحكومي (‪ ، )8112 -8118‬يوليوز ‪.8112‬‬
‫‪ ~ ‬رئاسة الحكومة المغربية ‪ ،‬البرنامج الحكومي(‪ ، )1112-8118‬يناير‪.8118‬‬
‫‪ ~ ‬بيان مشترك ‪- ،‬المغرب والكوت ديفوار‪ -‬بمناسبة زيارة عمل وصداقة لصاحب‬
‫الجاللة إلى جمهورية الكوت ديفوار ‪ ،‬ماي ‪.8111‬‬
‫‪ ~ ‬حكم عدد ‪ ،848‬صادر بتاريخ ‪ 82‬شتنبر ‪ ، 1421‬شركة دومين سان جان ‪ ،‬أحمد‬
‫البخاري ‪ ،‬وأمينة جبران ‪ ،‬إجتهاجات المجلس األعلى الغرفة اإلدارية ‪ ،‬المنشورات‬
‫الجماعية ‪ ،‬مراكش ‪.1442 ،‬‬
‫الخطب والرسائل الملكية‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ‪ 11‬لعيد العرش‬
‫بتاريخ ‪ .1‬يوليوز ‪8112‬‬

‫‪201‬‬
‫‪ -‬الخطاب الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس ‪ ،‬بمناسبة ذكرى ثورة الملك‬
‫والشعب ‪ ،‬بتاريخ ‪ 81‬شتنبر ‪.8112‬‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد‬
‫السادس‪ ،‬في القمة الثالثة لمنتدى الهند – إفريقيا ‪ 8111‬المنعقدة بنيودلهي ‪ ،‬في ‪ 84‬أكتوبر‬
‫‪8111‬‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد السادس ‪ ،‬في افتتاح أشغال‬
‫المنتدى االقتصادي المغربي اإليفواري الذي انطلقت أشغاله بأبيدجان‪ :‬بتاريخ ‪ 89‬فبرابر‬
‫‪.8119‬‬

‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد السادس ‪ ،‬في افتتاح‬
‫الدورة األولى من السنة التشريعية الرابعة من الوالية التشريعية التاسعة ‪ ،‬بتاريخ ‪11‬‬
‫أكتوبر ‪.8119‬‬

‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس الموجه إلى األمة بمناسبة عيد‬
‫العرش‪ ،‬بتاريخ ‪ 81‬مارس ‪.811.‬‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لسنة ‪.8114‬‬
‫الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة إفتتاح السنة التشريعية ‪-8112‬‬
‫‪ ،8114‬الرباط ‪ 11‬أكتوبر ‪.8112‬‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب ‪،‬‬
‫‪ 81‬غشت ‪.8111‬‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس ‪ ،‬الموجه إلى األمة بمناسبة الذكرى‬
‫السادسة واألربعين لثورة الملك والشعب ‪ 81-‬غشت ‪. 1444‬‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس ‪ ،‬بتاريخ‪ 18‬أكتوبر ‪.1444‬‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بالدار البيضاء ‪ ،‬بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪،‬‬
‫‪ ،1444‬أمام أعضاء الحكومة ومسؤولي اإلدارات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك الحسن الثاني‪ ،‬في القمة العشرين لمنظمة الوحدة‬
‫اإلفريقية‪ ،‬يوم ‪ 18‬نونبر ‪.1429‬‬
‫‪ -‬الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة إلى القمة ال ‪ 81‬لالتحاد‬
‫اإلفريقي المنعقدة بكيغالي بتاريخ ‪.8112/11/11‬‬
‫‪ -‬الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة إلى أشغال المناظرة‬
‫الوطنية المنظمة من لدن كتابة الدولة المك لفة بالبريد وتقنيات االتصال واإلعالم ‪ ،‬الرباط ‪،‬‬
‫في ‪ 8.‬أبريل ‪.8111‬‬

‫‪202‬‬
‫‪ -‬الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة إلى القمة العالمية للنساء‬
‫المنعقدة بمراكش في ‪ 82‬يونيو ‪.811.‬‬
‫‪ -‬الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة إلى أسرة الصحافة‬
‫واإلعالم بمناسبة اليوم الوطني لإلعالم ‪ ،‬الرباط في ‪ 11‬نونبر ‪.8118‬‬
‫‪ -‬الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة للندوة الوطنية حول دعم‬
‫األخالقيات بالمرفق العمومي‪ ،‬الرباط‪ ،.1-84 ،‬أكتوبر ‪.1444‬‬
‫التقارير والوثائق الرسمية‬
‫المملكة المغربية رئيس الحكومة ‪-‬البرنامج الحكومي ‪ ،‬يناير ‪.8118‬‬
‫المملكة المغربية‪ ،‬وزارة الداخلية ‪ ،‬الجماعات المحلية ‪ ،‬منشورات مركز التوثيق‬
‫للجماعات المحلية ‪ ،811. ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‬
‫الحكومة المغربية ‪ ،‬التقرير السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة برسم سنة‬
‫‪.8111‬‬
‫وزارة تحديث القطاعات العامة ؛ حصيلة منجزات الوزارة برسم سنة ‪. 8112‬‬
‫المندوبية السامية للتخطيط ـ التقرير الوطني لسنة ‪" ، 8111‬المغرب بين أهداف‬
‫األلفية من اجل التنمية وأهداف التنمية المستدامة" ‪.‬‬
‫تقرير البنك الدولي حول وضعية اإلدارة المغربية لسنة ‪.1441‬‬
‫تقرير الخمسينية للتنمية البشرية بالمغرب وآفاق سنة ‪ ، 8181‬اللجنة المديرية‬
‫الملخص التركيبي ‪.‬‬
‫تقرير حول الموارد البشرية بالوظيفة العمومية‪ ،‬منشورات وزارة الوظيفة العمومية‬
‫وتحديث اإلدارة ‪ ،‬برسم سنة ‪.2013‬‬
‫تقرير حول مشروع ميزانية وزارة تحديث القطاعات العامة برسم سنة ‪، 8114‬‬
‫وزارة تحديث القطاعات العامة ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬نونبر ‪. 8112‬‬
‫التقرير العام للمناظرة الوطنية حول المراجعة الشاملة للنظام األساسي العام للوظيفة‬
‫العمومية ‪ ،‬تحت شعار "رفع التحديات من أجل تدبير ناجح وفعال" قصر المؤتمرات ‪،‬‬
‫الصخيرات ‪ ،‬يوم الجمعة ‪ ، 81‬يونيو ‪.811.‬‬
‫التقرير اإلستراتيجي للمغرب (‪ )1444 -1442‬عن إنجاز مركز الدراسات‬
‫واألبحاث ‪ ،‬تطرق للصحافة والصحفيين ‪.‬‬
‫بالغ صادر عن وزارة الداخلية بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪ 8111‬على هامش االستحقاقات‬
‫الجماعية والجهوية لإلقتراع ‪ 19‬شتنبر ‪.8111‬‬
‫مذكرة تقديم مشروع قانون رقم ‪ .1.1.‬يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات ‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫المناظرات‬
‫المناظرة الوطنية األولى للحكامة‪ ،‬تحت شعار (اإللتقائية) ‪ ،‬الصخيرات ‪ ،‬بتاريخ ‪-11‬‬
‫‪ 1.‬فبراير ‪.811.‬‬
‫توصيات القمة العالمية لمجتمع المعلومات بمرحلتيها األولى المنعقدة في جنيف سنة‬
‫‪ ، 811.‬والثانية في تونس سنة ‪.8111‬‬
‫القمة المنعقدة بمراكش أيام ‪ 81-12‬دجنبر ‪ ، 8114‬حول موضوع "التدابير المعتمدة‬
‫من الجماعات المحلية (الترابية حالي) والجهات اإلفريقية لمواجهات تداعيات األرمة‬
‫العالمية" ‪ ،‬تحت شعار' تطوير التنمية المستدامة وإنعاش الشغل‬
‫‪-‬كلمة السيد الوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ‪ ،‬التي ألقاها بمناسبة‬
‫افتتاح المناظرة الوطنية حول الحق في الحصول على المعلومات‪ -‬رافعة للديمقراطية‬
‫التشاركية‪ ،‬المنظمة تحت الرعاية السامية لجاللة الملك يوم الخميس ‪ 1.‬يونيو ‪، 811.‬‬
‫بفندق سوفتيل بالرباط‪.‬‬
‫ـ اعمال االيام الدراسية‪" ،‬المرأة ولوج مراكز القرار السياسي"‪ ،‬إصدارات الجمعية‬
‫المغربية للبحث اإلداري‪ ،‬العدد األول أبريل ‪. 8111‬‬
‫عبد اللطيف الجبراني ‪ "،‬دور الموارد البشرية في تدبير الشأن العام المحلي"‪،‬‬
‫دروس موجهة إلى طلبة المعهد الملكي لإلدارة الترابية‪ ،‬القنيطرة‪.811.،‬‬
‫دار الحديث الحسنية ‪ ،‬ندوة حول موضوع ‪ ":‬مجاالت تطبيق الشورى واالستشارة‬
‫في التجربة المعاصرة" ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬في ‪ 81-82‬أكتوبر ‪.8111‬‬

‫الئحــ ــ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة باللغ ـة الفرنسيـ ـ ـة‬


‫‪Ouvrages‬‬

‫‪204‬‬
Ali Sedjari , « rapport introductif in la mise a niveau de
l’administration face à la mondialisation », Edition l’Harmattan1444 .
Debbach Charles: « science administratif », Dalloz 4émé édition
1980 .
Piérre Pougnaud, « Collectivité locale –comment moderniser »
Berger Levrault , gestion publique, 1991.
Cotteret Jean Marie : « Le pouvoir législatif en France », L. G.
D. J. Paris, 1962.
Lahbabi Mohamed « le gouvernement Marocain à l'aube du
2emé siècle » , les éditions Maghrébines Casablanca 1975
Zriouli Mohamed, « l’administration public au Maroc quel
avenir », édition Okad 1990.
Thèses et mémoire
 Hasouni Abdellah, « La politique d’encouragement des
investissement privé étrangers au MAROC », thèse de doctorat d’Etat,
université des sciences juridique politique sociales et de technologie ,
stratsbourg, 1985
 Milouda kerrouache , « l’approche genre dans la décentrasation
au Maroc » , mémoireDESA , faculté ,des sciences juridique
économiques et sociales, Agdal-Rabat , UFR : développement
politique et social ,2009-2010.
 Aldred Saury , « Buraex et bureaucratie, passe universitaire de
France –que sai-je paris ,1967 .
 Cozier Michel, Fridberg (f), « L’acteur et le système des
contraintes de l’action collective », édition du seul 1977.
Les articles
 El Yaagoubi Mohammed: « Les grandes contradiction de la
reformes administratif au Maroc » REMALD, n° 28 , thème actuels
2001 .
 leveau. R : « aperçu de l’évolution du système politique
Marocain depuis vingt ans », Machrek-Maghreb, N° 106 , 1984.

205
 El Caid Hammouda: « l’administration et le problème de
l’emploi au Maroc », société nouvelle des impression et cartonnage
« IDEALE » Casa édition Aout 1981.
 LUC de Wulf, « modernisation des secteurs publics dans les
P.V.D : in la mise a niveau de l’administration face à la
mondialisation » édition l’Harmattan, 0999.
 Mathis .L : « gestion prévisionnelle et valorisation des
ressources humaines » les édition d’organisation , 0984.
 Ben ali (d), « l’Etat nation à l’heur des mutations politico-
économiq ajustement économique et libéralisation politique » , in
l’Etat nation perspective des territoires , l’Hamattan 0999.
 Tazi Mohamed Samir, Maroc, « Améliorer la gouvernance de
la gestion publique » la Lettre d’information trimestrielle du Groupe
de la B.M. au Maghreb, n° 05, 2007.
 Boutayeb Nour-eddine , « participation de MEDCITES à
l’atelier de coordination autour des plans communaux de
développement » , ART GOLD-PNUD-DGCL , Rabat , 09-10 février
2010.
 Programme des Nations Unies pour le Développement , Fiche
de Projet Gouvernance – développement humain ,2005-2006.
 OCDE ,Flexibilité dans la gestion du personnel de
l’administration publique , étude sur la gestion publique, paris, 0990.
 secrets d’Etat , « administration au Maroc – le défi du droit a
l’information », CMF MENA , Rapport d’une enquête Casablanca ,
Mai 2007 .
 WEBER max , « le savant et l politique cité par jean
luis (quermonne) » , l’appareil administratif de l’Etat. Edition du seuil.
 Encyclopédia Universalis , Coprus 15 , Messiaen Nataliat 1991
Rencontre et Séminaire :

Colloque « Bonne gouvernance locale et financements
internationaux » , UE-AIMF, 24 Octobre 2007.

206

genre et gouvernance « pour un développement local
équitable ,DGCL-USAID , Marakkech , 29 novembre 2007 .

Rapport préliminaire, « Le parcours de l’investisseur au
MAROC- l’agence des ETATS-UNIS pour le développement
international », price water house Cooper, novembre 1998 .

Jean-Emile VIÉ « les septs plaies de la décentralisation », La
Revue administrative, 39e Année, No. 230 Mars- Avril 1986.

Programme ART/GOLD Maroc : Appui aux Réseaux
Territoriaux et Thématiques/Gouvernance et Développement
Local ; RAPPORT D’ACTIVITES , 2006.

Saïd Balbachir : « Administration locale au Maroc ».

Bruno Remonde, « Le couple état région et la mais en
place des politique – in région croisé des chemnes perspectives
fronçais et enjeux Européen » s/d Elaizabith dupioner presse de
la fondation nationale des sciences politiques Paris 1998.

Gllovedec-Genuts (f), « problème et méthodes
d’amélioration de la communication à l’intérieur de
l’administration et entre celle-ci et la population en tenat compte
des différentes contexte socio-culturel in cootro (la proche
socio-culturelle communicative et participative de
l’administration publique) », IISA_unisco 1986.

DELAUBADERE (ANDR2) : « l’accès des citoyen aux
documents administratifs », AJDA 1977 .

207
 Webographie :
:‫ وزارة الوظيفة العمومية و تحديث اإلدارة ؛ الموقع اإللكتروني‬، ‫ المملكة المغربية‬-
http://www.mmsp.gov.ma
www.stopcorruption.ma ‫ البوابة اإللكترونية" أوقفو الرشوة‬-
1.1. http://www.villedesale.ma
1.2. http://www.serveces- public.ma
1.3. www.Maroc.gov.ma
1.4. http://www.service-public.ma
1.5. http://www.data.gov.ma
1.6. http://www.fikra.gov.ma
1.7. http://www.watiqa.ma
1.8. http://www.maroc.ma

‫الفـ ـ ـ ـ ــهرس‬
1 ..........................................................................................‫مقدمة‬

12 ….......…………………‫ طبيعة اإلدارة الجماعية بالمغرب‬:‫الفصــــــــــــل األول‬

208
‫‪81‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أسس ومرتكزات اإلدارة الجماعية …………………………‬
‫‪81‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المقومات المؤسساتية لتحديث اإلدارة الجماعية‪………………….‬‬
‫‪88‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬المؤسسات الدستورية الفاعلة في مجال التحديث‪…………………..‬‬
‫‪88‬‬ ‫أوال‪ :‬املؤسسة امللكية كفاعل رئيسي يف التحديث‬

‫اإلداري‪……………………….‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور السلطة التشريعية والتنفيذية في ميدان التحديث‪82 ……………………….‬‬


‫‪82‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬السلطة الحكومية و المؤسسات اإلستشارية‪………………………..‬‬
‫‪82‬‬ ‫أوال‪ :‬دور السلطة الحكومية و واللجان اإلدارية في مجال التحديث…‪……………..‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور المؤسسات اإلستشارية الفاعلة في مجال التحديث‪21 …………………….‬‬

‫‪22‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المقومات القانونية لتحديث اإلدارة الجماعية………………‪…...‬‬


‫‪22‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬مضمون القانون التظيمي رقم ‪ 003.01‬المتعلق بالجماعات‪…….......‬‬
‫‪22‬‬ ‫أوال‪ :‬اختصاص وتنظيم اإلدارة الجماعية‪…………………………………....‬‬
‫‪12‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مستجدات منشور وزير الداخلية رقم ‪ 13‬حول تنظيم إدارات‬

‫اجلماعات‪……….‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬النظام األساسي للمنتخب الجماعي……………………………… ‪12‬‬


‫‪12‬‬ ‫أوال‪ :‬تحسين النظام االساسي للمنتخب‪……………………………………….‬‬
‫‪12‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مقاربة القانون التنظيمي للعاملين القانوني والسياسي‪……………………….‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلدارة الجماعية‪ :‬اإلختالالت والمعيقات‪12 ...............................‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اإلكراهات الداخلية التي تواجه اإلدارة الجماعية‪…………………..‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬طبيعة اإلختالالت داخل اإلدارة الجماعية‪12 .............……………….‬‬
‫‪12‬‬ ‫أوال‪ :‬اإلختالالت البنيوية‪……………..…………………………………...‬‬
‫‪31‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اإلختالالت الوظيفية…………………………………………………‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مظاهر قصور اإلدارة الجماعية………………………………… ‪32‬‬
‫‪20‬‬ ‫أوال‪ :‬غياب التخطيط والتدبير التوقعي في الوظيفة الجماعية ‪…………………….‬‬

‫‪209‬‬
‫‪28‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ضعف أداء النخب الجماعية‪…………………………………………..‬‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات الخارجية التي تواجه اإلدارة الجماعية…‪…....................‬‬
‫‪20‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬اإلدارة الجماعية وتحديات العولمة ‪……………………………..‬‬
‫‪21‬‬ ‫أوال‪ :‬دور المساعدات الدولية في الضغط في اتجاه تحديث اإلدارة الجماعية‪………...‬‬
‫‪22‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المساعدات الدولية وهدف إدماج الدولة في النظام العالمي‪…………………..‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلدارة الجماعية وتحدي االستثمار الخارجي……………………… ‪22‬‬
‫‪22‬‬ ‫أوال‪ :‬اإلدارة الجماعية وإشكالية عدم مواكبة تحديات العولمة‪…………………….‬‬
‫ثانيا‪ :‬مناهج التدبير الحديثة بوابة لتأهيل اإلدارة الجماعية‪22 ………………………..‬‬
‫الفصـــــــــــل الثاني‪ :‬نحو إدارة جماعية حديثة…‪22 ……………………….........‬‬
‫المبحث األول‪ :‬إستراتيجية تحديث اإلدارة الجماعية بالمغرب……‪108 ………......‬‬
‫المطلب األول‪ :‬جهود السلطات العمومية في عملية التحديث اإلدار……‪102 ……….....‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الحكامة اإلدارية الجيدة مدخل أساسي لتحديث اإلدارة الجماعية‪102 ……...‬‬
‫أوال‪ :‬الحكامة الجيدة كآلية لتحديث اإلدارة الجماعية …………………………… ‪102‬‬
‫‪102‬‬ ‫ثانيا‪ :‬التخليق الشامل كإحدى مستلزمات الحكامة اإلدارية الجيدة‪………………….‬‬
‫‪113‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬تثمين الموارد البشرية وتحسين قدراتها‪………………………….‬‬
‫‪112‬‬ ‫أوال‪ :‬التدبير الحديث للموارد البشرية ‪……………………………………….‬‬
‫‪180‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المفهوم الجديد للسلطة كأساس لتجديد العالقة بين اإلدارة والمواطن‪…………..‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تحقيق الشفافية اإلدارية مدخل أساسي لتحديث اإلدارة الجماعية…… ‪182‬‬

‫‪182‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬دور التواصل في تحقيق الشفافية………………………………‬


‫‪182‬‬ ‫أوال‪ :‬اإلتصال ودوره يف تقريب اإلدارة من‬

‫املواطن……………………………‬

‫‪182‬‬ ‫ثانيا‪ :‬النهوض جبودة االستقبال واإلرشاد كأساس لخلق التقارب بني‬

‫اإلدارة واملواطن…‬

‫‪121‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬دور تبسيط المساطر واستعمال التكنولوجيا في تحسين عالقة اإلدارة بالمواطن‪…...‬‬

‫‪210‬‬
‫‪121‬‬ ‫أوال‪ :‬تأثري تبسيط املساطر واالجراءات اإلدارية على عالقة املرتفق‬

‫باإلدارة‪……….‬‬

‫‪121‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إدخال التكنولوجيا احلديثة كإسرتاجتية لتحديث اإلدارة‬

‫اجلماعية………………‬

‫‪122‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مستقبل اإلدارة الجماعية في ظل التطبيقات الحديثة……………‬


‫‪122‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اإلدارة الجماعية والتوجهات الجديدة في مجال التحديث ‪…………..‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلدارة الرقمية……………………………………………… ‪122‬‬
‫‪122‬‬ ‫أوال‪ :‬تحقيق اإلنتقال الرقمي………………………………………………‪.‬‬
‫‪112‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اإلنفتاح على وسائل اإلعالم والمؤسسات اإلستشارية………………………‬
‫‪112‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬مواكبة اإلدارة الجماعية للبرامج الدولية…………………………‬
‫‪112‬‬ ‫أوال‪ :‬تأثير برنامج األمم المتحدة واإلتحاد األوربي على تحديث اإلدارة الجماعية‪…….‬‬
‫‪118‬‬ ‫ثانيا‪ :‬انفتاح اإلدارة الجماعية على محيطها اإلفريقي……………………………‬
‫‪112‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مواكبة اإلدارة الجماعية للمستجدات الوطنية……………………‬
‫‪112‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬مظاهر مقاربة النوع باإلدارة الجماعية…………………………‬
‫‪112‬‬ ‫أوال‪ :‬واقع المقاربة باإلدارة الجماعية‪………………………………………..‬‬
‫‪138‬‬ ‫ثانيا‪ :‬واقع المناصفة في الحياة العامة الجماعية‪………………………………..‬‬
‫‪131‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬الرهان البيئي والسياسات العمومية في قلب انشغاالت اإلدارة الجماعية…‬
‫أوال‪ :‬اإلدارة الجماعية وتدبير الشأن البيئي…………………………………… ‪133‬‬
‫‪122‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مواكبة اإلدارة الجماعية للسياسات العمومية‪.......................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫الخاتمة‪.........................................................................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫المراجع‪........................................................................................‬‬
‫الفهرس‪803 .........................................................................................‬‬

‫‪211‬‬
212

You might also like