Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
Untitled
Ministère de l’Education Nationale, de la وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني و التعليم
Formation Professionnelle, de l’Enseignement العالي و البحث العلمي
Supérieur et de la Recherche Scientifique جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية
Université Sidi Mohamed Ben Abdellah Faculté واإلقتصادية واإلجتماعية
des Sciences Juridiques Economiques et فــاس
Sociales -Fès
لجنةالمناقشة
الدكتور أحمد مفيد أستاذ بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس /مشرفا
الدكتور عبد اهلل حارسي أستاذ بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس /رئيس
الدكتور عبد الحق عزوزي أستاذ بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس /عضوا
الدكتورة فاضمة توفيق أستاذة بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس /عضوا
وتعد اإلدارة الجماعية في الوقت الحاضر ،من أهم اآلليات الناجعة لتدبير المجال
الترابي والتنمية ،على مستوى أبعادها وجوانبها اإلجتماعية واإلقتصادية واإلدارية والثقافية
ذلك ؛ ألن اإلدارة الجماعية متصلة بالحياة اليومية للسكان ،وتشكل اإلطار المؤسساتي الذي
تنتظم فيه الحياة اإلجتماعية لألفراد في المدن والقرى ،في الخدمات المهيأة للسكان ومختلف
التجهيزات الجماعية الموضوعة رهن إشارتهم وكذا المرافق اإلدارية واإلجتماعية والصحية
والمعدة لفائدتهم إنما مصدرها في كثير من األحيان اإلدارة الجماعية[.]3
إن الرهان على التدبير اإلداري الجماعي للمساهمة إلى جانب الدولة والقطاع الخاص
ومختلف الفاعلين في عملية تدبير وتنمية المجال ،ال يستقيم إال بالرهان على التحديث
كمفهوم شامل ،تندرج ضمنه الدولة والمجتمع ومختلف القطاعات الضرورية للحياة
الجماعية المتفرعة عنهما .فاليوم وفي كل بقاع العالم ؛ في الدول المتطورة كما في البلدان
النامية ،أصبح موضوع تحديث اإلدارة الجماعية من أجل جودة أفضل في اإلنتاج واألداء ،
يفرض نف سه كضرورة تاريخية ،فالقواعد التقليدية للتسيير اإلداري الجامدة منذ سنوات
طويلة ،لم تتكيف مع المتطلبات الجديدة للعصر الحديث ،ذلك أن اإلدارة كمجموعة من
التدخالت اإلنسانية والقانونية والتقنية وغيرها من التدخالت ،تؤثر وتتأثر ببنية محيطها
[ -]1آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية ، 8002/8002 ،ص.1 :
[ - ]2موالي محمد البعزاوي ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،الرباط -اكدال ،
السنة الجامعية ،8012-8018 ،ص.01 :
[ -]3إبراهيم زياني ،دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة ،دار القلم ،الرباط ،طبعة ، 8000ص.2 :
2
الترابي والوطني بل وحتى الدولي ،إذ البد لإلدارة الجماعية من أن تواكب التحوالت
الداخلية والخارجية ،األمر الذي يستدعي العمل على استخراج منظومة كلية وشاملة
لتحديث اإلدارة الجماعية[.]4
- Iتحديد المفاهيم:
-1-1اإلدارة الجماعية:
يطرح مفهوم اإلدارة الجماعية عدة استفهامات ،وذلك بالنظر للخلط الحاصل في تحديد
المفاهيم المرتبطة بالنظام الالمركزي بالمغرب ]...[،كالجماعات الترابية واإلدارة الترابية
واإلدارة الجماعية .وعليه سنحاول رصد تعاريف لهذه المفاهيم على النحو التالي:
ورغم الطابع القانوني ذي الصبغة العامة لتحديد مفهوم الجماعات الترابية ،فإن
المالحظ بحسب الواقع العملي للجماعات الترابية ،أن هناك اختالفا وتباينا بين الوحدات
المكونة للمفهوم ،فبالرغم من الوجود المادي الملموس لهذه األخيرة في واقع الحياة الجماعية
للسكان المحليين داخل محيط ترابي محدد بحكم القانون ،إال أن مفهوم الجماعات الترابية
بحسب بعض الباحثين ال زال يعاني من هشاشة على مستوى األرضية السوسيولوجية ؛ إذ
أن " تعبير الجماعات الترابية (المحلية سابقا) ال يستمد وجوده من البيئة المغربية[ ، "]6علما
[ -]4علي سدجاري ،الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث ،دار المناهل للطباعة والنشر طبعة ، 1221الرباط ،ص.81:
-5الفصل 121من دستور المملكة المغربية لسنة .8011
[ - ]6إبراهيم زياتي " ،دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة " ،دار القلم ،الرباط ،طبعة ، 8000ص.22 :
* "-وعن التساؤالت التي يطرحها مفهوم الجماعات الترابية يمكن إجمالها مع إبراهيم زياتي على النحو التالي :
-Iضعف في أرضيته السوسيولوجية ؛
-IIاالختالف الكبير بين المكونات األساسية للمفهوم ( الجهات ،العمالت واألقاليم والجماعات) ؛ =
= -IIIاالستعمال المكثف لمصطلح الجماعات المحلية (الترابية) يثير تساؤال حول وظيفته اإليديولوجية.
3
بأن لمفهوم الجماعة في المغرب جذور في عمق التاريخ .ويكتسي مدلول الجماعة الترابية
طابعا عمليا وإجرائيا ،ألنه عبارة عن تعبير له وجود ملموس على أرض الواقع ،فمن
الخصائص المميزة له كونه يحيل على شيء محدد ومجسد في الحياة اليومية لألفراد
والمجتمع ،هذا باإلضافة إلى كون الجماعة الترابية تعتبر قانونيا وقضائيا سلطة إدارية.
غير أن مسألة تسيير المجاالت الترابية ومواجهة حاجيات ومتطلبات الساكنة ومشاكلها
ال تقع على عاتق الجماعة الترابية لوحدها ؛ وإنما تقع إيضا على مجموعة من الوحدات
الترابية[.]7
فبخصوص التساؤل األول المتعلق بضعف األرضية السوسيولوجية لمفهوم الجماعات الترابية ؛ هو " وجود عالقة هاشة بين المصطلح والواقع
الذي يدل عليه ،الن تعبير الجماعة المحلية (الترابية) كما نعلم ال يستمد وجوده من البيئة المغربية ،فهو من المصطلحات الموروثة عن النظام
التشريعي الفرنسي ،ولعل إثارة مالحظات من هذا القبيل تحيلها على التساؤلين ؛ الثاني والثالث ،فأما األول ؛ فإن البون الشاسع الموجود بين
نظام العماالت واالقاليم من ناحية والنظام القانوني للجماعات الترابية ومن ناحية ثانية والذي يطال كل جميع المجاالت واألصعدة ،يكاد يفر
مفهوم الجماعات الترابية من كل مضمون قانوني هذا إذا وضعنا جانبا الجهة التي استحدثت كجماعة محلية سنة 1228وتم تأكيدها بموجب دستور
.8011أما التساؤل الثالث الذي يطرحه مفهوم الجماعات الترابية والمتعلق بوظيفة اإليديولوجية في إطار سياسة الالمركزية التي تنهجها الدولة.
ومبعث هذا التساؤل هو المغاالة في استعمال هذا المصطلح من طرف اإلدارة المركزية في صيغته العامة مع أن األمر يتعلق في كثير من
األحيان بالجماعة الترابية وحدها دون الجهة أو العماالت واألقاليم"؛ يراجع في هذا الصدد :إبراهيم زياني " ،دراسات في اإلدارة المحلية من
منظور علم اإلدارة " ،نفس المرجع السابق ،ص ص.23 -21 -21 -22 :
*[ " – ]7وبمقتضاه يخفف العبء عن اإلدارة المركزية عن طريق تخويل بعض موظفي الوزارة في العاصمة أو اإلقليم البحث نهائيا في بعض
األمور .وتتجسد ظاهرو عد التركيز اإلداري أساسا ً في تفويض اإلختصاص ؛ أنظر :محمد باهي " ،المصطلحات اإلدارية المتعلقة بالتنظيم
الجماعي -دليل المصطلحات اإلدارية العدد األول ،الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة -الدار البيضاء ، 1222ص.81:
*[ – ]8وهنا نسجل أن الخطاب الملكي ل 18أكتوبر 1222قد أورد هذا المفهوم ،وذلك كالتالي" [ ]...إن على إدارتنا الترابية أن تركز اهتمامها
على ميادين أضحت تحضى باألهمية واألولوية مثل حماية البيئة والعمل اإلجتماعي ،وبأن تشخر جميع الوسائل إلدماج الفئات المحرومة في
المجتمع وضمان كرامتها" .أنظر :بوشعيب قايدي " ،التحديث اإلد اري المحلي " ،رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،
جامعة الحسن األول ،كلية العلوم القانونية واإلقتصاديو واإلجتماعية-سطات السنة الجامعية ، 8002-8003ص.22 :
[ - ]9إبراهيم زياني " ،دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة" ،دار القلم طبعة ، 8000ص.22 :
[ - ]10إبراهيم زياني " ،دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة" ،دار القلم طبعة ، 8000ص.22 :
4
والدوائر الحضرية والمقاطعات والوالية بالوسط الحضري[ .]11أما المدلول الثاني فيتمثل
في الصلة القوية لإلدارة الترابية بالمركز " فالوحدات الترابية المنتشرة على صعيد المجال
الوطني هي امتداد لإلدارة المركزية – وزارة الداخلية.-
مما سبق نستنتج أن مصطلح اإلدارة الترابية يدخل في إطار المفهوم المركزي للتنظيم
اإلداري[ ،]12ولو كانت تعمل في مجال ترابي مباشر مع السكان ومختلف الهيئات
المنتخبة[.]13
وتماشيا مع ذلك أصدرت وزارة الداخلية بتاريخ 82يوليو 8112منشور بشأن تنظيم
[]15
،وهو أيضا يحمل مصطلح اإلدارة الجماعية .وعموما ؛ فمفهوم إدارات الجماعات
*[ - ]11نشير في هذا الصدد إلى أن ابتدا ًء من سنة 1221إنضافت إلى هذه الوحدات الترابية الوالية ؛ وهي وحدة إدارية أنشئت داخل المراكز
الحضرية الكبرى .للمزيد من التفاصيل راجع في هذا الصدد :إبراهيم زياني ،نفس المرجع ،ص.22 :
*[ " - ]12ولعل المهمة الرئيسية التي تضطلع بها اإلدارة الترابية ؛ هي تجسيد التواجد الفعلي للدولة على الصعيد المحلي سعيا للمحافظة على
التوازنات اإلجتماعية القائمة ؛ ينظر في هذا الصدد :إبراهيم زياني ،نفسه ص.22 :
[ - ]13إبراهيم زياني " ،دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة" ،نفسه ،ص ص.22-22 :
*[ - ]14هذا وقد نصت المادة 820من نفس القانون على مصطلح اإلدارة الجماعية حيث جاء فيها ":يتعين على مجلس الجماعة ورئيسه والهيئات
التابعة للجماعة ومؤسسات التعاون بين الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية التقيد بقواعد الحكامة المنصوص عليها في المادة 269أعاله ،
ولهذه الغاية ،تتخذ اإلجراءات الالزمة من أجل ضمان احترام...[ :؛] -القواعد والشروط المتعلقة بولوج الوظائف بإدارة الجماعة والهيئات
التابعة لها ومؤسسات التعاون بين الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية" ،هذا وقد حملت أيضا المواد 12و 28من القانون التنظيمي رقم
111412مقتضيات تشير إلى مصطلح اإلدارة الجماعية.
[ -]15منشور صادر عن وزارة الداخلية المغربية ،عدد 12بتاريخ 82يوليو 8013بشأن تنظيم إدارات الجماعات.
5
اإلدارة الجماعية يحيل على وظائف تدبير القضايا المحلية المرتبطة بحاجيات السكان
اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية[.]16
فاإلدارة الجماعية إذن ؛ هي مجموع األجهزة اإلدارية الجماعية سواء أكانت معينة أم
منتخبة داخلة في إطار الالمركزية اإلدارية ؛ تهدف إلى تدبير حاجيات ومشاكل المجتمع
المحلي تدبيرا ديمقراطيا يرتكز على مفاهيم :المشاركة والتشاركية ؛ القرب والشفافية ؛
المساواة واإلنصاف ؛ الرقابة والتقييم ؛ المحاسبة والمساءلة ؛ التحفيز والمسؤولية وغيرها
من المفاهيم المساعدة على تجسيد "فكرة الصالح العام" على المستوى المحلي ؛ ذلك ألن
اإلدارة تحتل مكانة متميزة داخل العناصر المحددة للتغيير [.]17
-2-1التحديث:
تدل التجارب المستقاة من الدول النامية عامة والدول العربية خاصة ؛ أن هناك خلط
في المفاهيم المتعلقة بعملية تحديث اإلدارة وإصالحها ،ولم يقتصر هذا الخلط على الباحثين
المهتمين بالشؤون اإلدارية ؛ بل حتى اإلداريين الممارسين.
ومن أهم التعاريف التي أعطيت لهذا المفهوم نجد تعريف » بيتر بيرجو«؛ الذي يقول
بأن التحديث يعني " تلك الوسيلة التي تمكن من نقل مجموعة من القيم الحضارية المكونة
لمفهوم »الغربنة« ؛ وهي تشمل مجموع المؤسسات السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية
والقيم التكنولوجية والثقافية ،التي تروج لها والتي يتم نقلها من المجتمعات الحديثة إلى
المجتمعات النامية [."]18
ومهما ت عددت عبارات المعاجم ،وتنوعت معاني كلمة "حدث" فإنها تجمع على أن
المقصود منها شيء جديد يقع في الحاضر أو المستقبل ،وقد يتخذ أشكاال مغايرة أو مختلفة
أو مناقضة لما هو قديم ،بحيث يكون "الحادث" قطعا مع الماضي.
[ - ]16بوشعيب قايدي " ،التحديث اإلداري المحلي " ،رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة الحسن األول ،كلية
العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية-سطات السنة الجامعية ، 8002-8003ص.22 :
[ – ]17علي سدجاري " ،الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث " ،مرجع سابق ،ص.2 :
[ -]18محمد الداودي "،تحديث اإلدارة القضائية كآلية إلصالح القضاء بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة عبد المالك
السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،بطنجة ،السنة الجامعية ، 8011-8010ص.2 ،
6
[]19
هو مسلسل من التغييرات على مستوى النظم فالحداثة دينامية تاريخية والتحديث
والبنيات والهياكل ،وذلك بإدخال قوانين وتكنولوجيا متطورة على معمار الدولة وعلى بنية
المجتمع ،كما أن الحداثة أيضا ؛ هي رؤية جديدة للعالم ،تقتضي اإللتزام بالصرامة
العقالنية في العلم والعمل وتحرير اإلنسان من كل أشكال التقليد واإلتباع غير المنتجين.
بينما التحديث هو ذلك الشكل اإلجرائي العلمي الملموس للحداثة كصورة فكرية مجردة
ال تتخذ إال كعمليات إجرائية قطاعية في هذا الميدان أو ذلك ،بمعنى اإلنتقال من الحداثة
كرؤية مجردة ،الى الحداثة كواقع ملموس ،وذلك بمأسسة ركائز الحكم عن طريق إدخال
قوانين أو تعديلها ونشر ثقافة سموها وتفعيلها.
*[ - ]19وعن سؤال :هل هناك فرق بين الحداثة والتحديث؟ يقول محمد سبيال " الحداثة ؛ مفهوم نوعي مصدر يشير إلى ما هو مشترك ،أي إلى
الخصائص المشتركة الشاملة بين كافة المستويات ؛ فهو يعني العقلنة والتمايز والفصل بين المقدس والدنيوي وذلك في التجربة األوربية طبعا.
بينما يشير مصطلح التحديث إلى الوجه السيروري والصيروري للحداثة .فالحداثة هي االسم النوعي لهذه العمليات أو التحديثات على كافة
المستويات .هناك فرق آخر هو أن الفلسفة االلمانية والسوسيولوجيا الفلسفية االلمانية (فيبر -هابر ماس )...تتحدث عن الحداثة في حين يتحدث
التقليد االنجلوساكسوني عن التحديث ،لذا يمكن أن نقول إن التقليد الفكري األلماني خاصة منه السوسيولوجي والفلسفي ،يتحدث عن الحداثة بينما
تركز البحوث العلمية الميدانية االنجلوساكسونية على التحديث .وما نظريات التنمية إال التصريف االقتصادي والسوسيولوجي للحداثة ؛ أنظر:
" -محمد سبيال " ،دفاعا عن العقل والحداثة – حوارات منشورات الزمن " ،عدد ، 22طبعة ، 8002ص.12 :
[ - ]20عبد هللا العروي " ،عوائق التحديث " ،منشورات اتحاد كتاب المغرب ،سلسلة محاضرات الشهر ،الطبعة األولى نوفبر ، 8003ص11 :
؛ ويسترسل عبد هللا العروي قائال " من هذا التطور استنبط » المفهوم « ،وعلى فترات هذا المفهوم يدور حول المفاهيم التالية :سلطنة الفرد ،
حريته ،عقله تدبيره لشؤونه ،وهيمنته على الطبيعة .إذن ؛ مكونات هذا المفهوم المستنبط بعد أن "حدث" ،بعد أن "وقعت" الحداثة هي :
الفردانية ،العقالنية الحرة ،الديمقراطية العلمية أ ,العلمانية (،بمعنى العلم الحديث) ؛ أنظر - :عبد هللا العروي ،نفس المرجع ،ص.11 :
*[" - ]21حيث كانت الحداثة األوربية (الغربية) ثمرة فكر عصر األنوار واإلصالح الديني والنهضة الصناعية ،وتطور الرأسمالية خالل القرنين
12م و 12م " ؛ أنظر :محمد سبيال " ،دفاعا عن العقل والحداثة" ،منشورات الزمن ،عدد ، 22 ،طبعة ، 8002ص.31 :
[ - ]22عبد هللا العروي " ،عوائق التحديث " ،منشورات اتحاد كتاب المغرب ،سلسلة محاضرات الشهر المرجع السابق ،ص.11 :
[ - ]23علي أومليل " ،أسئلة راهنة – الثقافة والحداثة " ،أطروحة فيبر ،جريدة اإلتحاد اإلشتراكي – المغرب ،-عدد 12و ، 32الخميس 1يناير
.8002
7
ومهما يكن تبقى الحداثة مفهوما ملتبسا والذي يتطلب إجماال ارتقاء تاريخيا وتغييراً
للعقليات[.]24
من خالل هذه المحددات تبرز الحداثة ؛ كواقعة تاريخية انطلقت من تصور مجرد ،
وتبلورت في شكل ملموس بفعل التحديث ،وانتقلت من رؤية مجردة إلى واقع ملموس هو
الحداثة .والتحديث بهذا المعنى يعتبر شرطا أساسيا النتقال المجتمعات إلى الحداثة ؛ وهو
كآلية من آليات "النهوض" و"التحول" أو "اإلرتقاء اإلجتماعي[.]25
وإجماال؛ فالمقصود بالتحديث إدخال وتطبيق أنظمة ،وطرق وتقنيات وتكنولوجيات
حديثة ل لتدبير بهدف تحسين إنتاجية األجهزة اإلدارية ،وإشاعة مناخ مالئم للتجديد واإلبداع
وإعادة تنظيم البنيات والصالحيات اإلدارية ،وتبسيط النصوص والمساطر والشكليات
وإشراك المستعملين في تجديد المرفق العمومي.
وهكذا فالتحديث يجب أن يفهم في إطاره العام ،باعتباره خطة تنبني على اإلنتقال من
نموذج إداري ذي التسيير التقليدي البيروقراطي ،إلى نموذج للتسيير الحديث من الطراز
التدبيري ؛ وبهذا يفهم التحديث أساسا كمراجعة لنموذج من الدولة "العانية " ،حيث بات
مقبوالً أن التحديث اإلداري يرتبط ارتباطا وثيقا بتحديث الدولة ،وحتى إذا كان الجدال
متمركزا حول اإلدارة ؛ فإن الدولة أيضا ًمعنية بهذه السيرورة التي تفرض نفسها ،ليس بناء
على حتمية تاريخية معينة ،بل بسبب التحوالت الجارية[.]26
وإذا كانت أغلب الدول عمدت إلى نهج مقاربة التحديث اإلداري كأداة لتطوير اإلدارة
العمومية ،فإن المغرب لم يشذ عن هذه القاعدة []27؛ ذلك أنه منذ مراحل متقدمة من تاريخه
عرف أشكاال تقليدية لإلدارة ،كانت حاضرة في الحياة اليومية لإلنسان المغربي ،وكانت
قريبة بشكل يمكنها من البث في أموره الشرعية والعرفية التي تبتدئ باألحوال الشخصية
وتنتهي بتنظيم التجارة وأمور األمن و المنازعات ،ومن هنا جاءت اإلدارة الجماعية التي
8
أملتها عدة متطلبات منها الحفاظ على وحدة الدولة من التوتر الداخلي والخارجي وكذا تأطير
وتنظيم العالقات اإلنسانية واإلجتماعية داخل مجتمع متنوع ومنفتح على البحر
والصحراء[.]28
فالجماعات الترابية تعتبر من بين أهم األسس التي يعتمدها المغرب في نظامه
الالمركزي ،هذه األخيرة عرفت عدة تطورات انعكست على الدور المنوط باإلدارة
الجماعي ة باعتبارها تشكل األساس القانوني واإلداري للتنظيم الجماعي المغربي .فتدبير
الشأن العام الترابي بالمغرب مر سواء على مستوى الممارسة أو المفهوم بعدة محطات
ومراحل.
[ -]28موالي محمد البعزاوي ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،الرباط -اكدال
،السنة الجامعية ،8012-8018 ،ص.01 :
[ - ]29المهدي بنمير " :الجماعات المحلية ومسألة التنمية المحلية " سلسلة الالمركزية والجماعات المحلية ،المطبعة و الوراقة الوطنية ،ط1221 .
ص.23 ،
*[ - ]30كان آنذاك رئيس "أجماعة" يطلق (يلقب) عليه " أمغار"؛ وهو شيخ القبيلة المعين عادة لمدة سنة له صالحيات تنفيذ قرارات الجماعة
وهذه السلطات محددة ومراقبة بكيفية دقيقة من طرف الجماعات .أنظر :الجماعات المحلية ،منشورات مركز التوثيق للجماعات المحلية ،
،8002المديرية العامة للجماعات المحلية ،وزارة الداخلية ،المملكة المغربية ،ص18 :
9
المركزية ،مما يعني أن الجماعة كانت تتمتع باستقالل يتجاوز الحدود العادية لالمركزية
التي أصبحت عليه اليوم[.]31
10
االستفادة منها لتذليل الصعوبات التي كانت تعترض ذلك بما يتناسب والظروف الالمركزية
دستوريا[.]33
انطالقا مما سبق يمكن القول أن التنظيم اإلداري قد عرف مرحلتين منالتطور:
تميزت المرحلة األولى بوضع المرتكزات واألسس القانونية والدستورية للجماعة ،
حيث عرفت مرحلة مابين 1411و 1428صدور أول قانون يتعلق بانتخاب أعضاء
المجالس المنتخبة وذلك سنة ، 1414تاله ظهير 8دجنبر 1414م المتعلق بتقسيم المملكة
إلى عماالت وأقاليم ودوائر وقيادات وجماعات حضرية وقروية .ويعتبر هذا الظهير اللبنة
األولى لسياسة الالمركزية وعدم التركيز اإلداري بالمغرب .وبعد ذلك جاء ظهير 8.يونيو
1421م الذي يعتبر أول تنظيم قانوني لإلدارة الالمركزية بالمغرب في عهد االستقالل.
وقد شكل ظهير 8.يونيو 1421النواة األولى في مسلسل التنظيم الجماعي ،لكن
المغرب وعلى غرار الدول الحديثة العهد بعد حصوله على االستقالل كانت في أمس الحاجة
إلى بسط رقابتها الشاملة على البالد وتقوية سلطاتها والحفاظ على مقومات الدولة ومنها
صيانة الوحدة الوطنية ،مما جعل سياستها اإلدارية تتسم بالمركزية المفرطة ،وبالتالي لم
تسمح هذه السياسة المتبعة للجماعة الترابية الجديدة آنذاك ( الجماعات الحضرية والقروية )
بالقيام بدور أولي في تدبير الشؤون والقضايا المحلية ،إذ ظلت الدولة دائما تدور في اتجاه
توسيع السلطة وظلت اختصاصات المجالس الجماعية المنتخبة جد محدودة وهامش الحرية
لديها في التصرف ضيقا لم يسعف في بلورة األهداف المتوخاة[.]34
مرحلة الشروع في العمل الجماعي 2116/1691
لقد تميزت هذه المرحلة بصدور أول ظهير مؤرخ في 8.يونيو 1421يتعلق بالتنظيم
الجماعي ،بحيث أقر هذا األخير نوعين من الجماعات:
الجماعات الحضرية والقروية ،لذا فالجماعة المحلية قد احتلت مكانة قانونية بمقتضى
هذا الظهير قبل أن تحتلها من الناحية الدستورية[ .]35وقد تم تعديل الميثاق الجماعي لسنة
[ -]33مليكة الصروخ" :القانون اإلداري ،دراسة مقارنة " مطبعة النجاح الدار البيضاء ،الطبعة السابعة ،سنة ، 2010ص.103 :
[ - ]34حليمة الهادف " ،التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث" ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية آكدال -الرباط ،السنة الجامعية ، 8018-8011 ،ص.2-2 :
[ - ]35الظهير الشريف رقم ،234122الصادر بتاريخ 1شوال 1222الموافق ل ، 1223/02/20بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي كما تم
،
تعديله بمقتضى القوانين الصادرة خالل سنوات 8002 – 8008وأخرها سنة 8011بمقتضى القانون رقم .111412
11
1421بمقتضى ظهير .1شتنبر ، 1412إذ اعتبر تحول جذري في مجال الالمركزية
الترابية بالمغرب ،باعتباره طفرة في مجال الديمقراطية المحلية و كضمانة الستقاللية
الجماعات الترابية تجاه الدولة المركزية ،حيث وسع من اختصاصات المجالس الجماعية
بصنفيها الحضري والقروي كما وسع من سلطات رؤساء المجالس الجماعية .غير أن
الميثاق الجماعي من حيث التطبيق العملي لم يحقق األهداف المنتظر منه وذلك راجع لعدة
أسباب أهمها قلة الموارد المالية باإلضافة إلى ضعف مردودية الموارد البشرية الناتج عن
ضعف التكوين الجدير بتحقيق التنمية المحلية.
فالسياسة المتبعة في مجال تدبير الشأن العام الترابي ،أثبتت قصورها عن بلوغ النتائج
المرجوة منها ،ونتيجة لذلك تم إصدار مجموعة من القوانين المؤطرة للجماعات الترابية ،
بهدف مسايرة التطورات الحاصلة وتحديث أساليب التدبير المحلي ،وعلى هذا األساس تم
إصدار بتاريخ .أكتوبر 8118ميثاق جماعي رقم 12:11يتعلق بالجماعات[ .]36هذا الميثاق
لم يأت من فراغ ؛ بل جاء لمالئمة اإلطار القانوني مع التطورات والمستجدات التي عرفها
الشأن المحلي ،وكذلك لتجاوز اإلختالالت والصعوبات التي أفرزتها الممارسة.
فإذا كانت أهم اإلصالحات الكبرى التي أتى بها الميثاق الجماعي لسنة 8118تنحصر
في تحسين نظام المنتخب ،تعزيز آليات المراقبة ،حماية الصالح العام ،تحديد اختصاصات
المجلس الجماعي ورئيسه بكل دقة ،توسيع االختصاصات التي تشمل االختصاصات الذاتية
والقابلة للنقل واالستشارية ،وتقليص أجال المصادقة واعتماد نظام وحدة المدينة في
التسيير .فإن التطبيق الفعلي للميثاق على مستوى الواقع أبان عن عدة سلبيات وعيوب تم
الوقوف عليها من خالل تنفيذ مقتضياته[ .]37وردا على جميع اإلختالالت التي شابت تطبيق
[]38
بمجموعة من المستجدات همت مختلف المواثيق السابقة ،جاء القانون رقم 11.12
جوانب القصور التي أبانت عليها تجربة تطبيق الميثاق الجماعي الذي تم تعديله .
[ - ]36الظهير الشريف رقم ،14084822الصادر بتاريخ 81رجب 1182الموافق ل ، 8008/10/02بتنفيذ القانون رقم 22400بمثابة قانون
يتعلق بالتنظيم الجماعي.
[ - ]37حليمة الهادف " ،التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث" ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة مجمد الخامس ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادسة واالجتماعية آكدال -الرباط ،السنة الجامعية ، 8118-8111 ،ص .11-4
[ - ]38الظهير الشريف رقم ،14024112الصادر بتاريخ 81رجب 1120الموافق ل ،8002/08/12بتنفيذ القانون رقم 12402بمثابة قانون
يتعلق بالتنظيم الجماعي .
12
مرحلة ما بعد دستور 2111
[]39
ارتقى بالجماعات إلى مصاف الجماعات بصدور دستور فاتح يوليوز8111
الترابية مع منحها اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات
[]40
،كما كرس مبدأ التدبير الحر والتعاون والتضامن بين منقولة إليها من هذه األخيرة
الجماعات والجماعات الترابية األخرى ومبدأ تأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير
شؤونهم .ومن اجل تنزيل وتفعيل االختصاصات الدستورية صدر القانون التنظيمي 11..19
المتعلق بالجماعات ليحدد ويدقق ويضبط اختصاصات المجلس الجماعي ويعزز دور أجهزة
تدبير مجلس الجماعة و توحيد أنظمة تسييره ،هذا باإلضافة إلى صدور القانون رقم
111.19يتعلق بالجهات والقانون رقم 118.19بمثابة قانون يتعلق بالعماالت واألقاليم ،هذه
القوانين حملت في طياتها مجموعة من المستجدات المتعلقة بالتنظيم اإلداري للجماعات
وتوسيع الترابية أهمها تكريس المبادئ الدستورية المتعلقة بالتدبير الحر و التفريع
اختصاصات مجالس الجماعات الترابية ،كما عمل المشرع على تدقيقها وتحديدها وضبطها.
ولعل أهم مستجد الذي حمله القانون التنظيمي رقم 11..19المتعلق بالجماعات ،
والذي يهم أيضا موضوعنا هذا ؛ هو تنصيصه وألول مرة في تاريخ القوانين المنظمة
للجماعات الترابية على اإلدارة الجماعية ،وهو المقتضى الذي كان غائبا في السابق.
هذا فيما يخص النصوص القانونية المنظمة للجماعات الترابية ،أما بالنسبة للمحدد
الدستوري فيتبين من خالل فصول الدساتير المتعاقبة على المملكة ابتداء من دستور 1428
انتها ًء بدستور .8111أن الحياة السياسية بعد حصول المغرب على االستقالل عرفت عدة
دساتير ؛ كان أولها دستور 19دجنبر 1428والذي نص في الفصل 4.على أن "الجماعات
المحلية بالغرب هي العماالت واألقاليم والجماعات" [ ،]41وتنتخب الجماعات المحلية مجالس
هذا بالنسبة لدستور []42
مكلفة بتدبير شؤونها تدبيراً ديمقراطيا طبق الشروط المحددة قانونا.
، 1428أما بخصوص دستور 11مارس 1418فقد عرف تطورا طفيفا بالمقارنة مع
[ - ]39الظهير الشريف رقم 1411421الصادر بتاريخ 82من شعبان 82( 1128يوليوز )8011بتنفيذ نص الدستور؛ الجريدة الرسمية عدد
1231مكرر بتاريخ 82شعبان 20( 1128يوليو )8011
[ - ]40ينص الفصل 110من دستور المملكة المغربية على أنه" للجماعات الترابية ،وبناء على مبدأ التفريع اختصاصات ذاتية واختصاصات
مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه األخيرة".
[ - ]41الفصل 22من دستور المملكة المغربية لسنة .1238
[ - ]42الفصل 21من دستور المملكة المغربية لسنة .1238
13
دستور ، 1428إذ أنه اكتفى بذكر نوعين من الجماعات وهي العماالت واألقاليم ،
والجماعات بصنفيها الحضري والقروي دون أن يحدد أنواع الجماعات الترابية .وبالتالي
ترك هذه المهمة للمشرع إلحداث أي نوع أخر منها ،وهذا ما يظهر جليا من خالل الفصل
21من دستور 1418الذي ينص على أن" الجماعات المحلية للمملكة هي العماالت واألقاليم
والجماعات الحضرية وكل جماعة تحدث بقانون"[ .]43وهكذا فإن دستور 9شتنبر 1448قد
ادخل ضمن الجماعات المحلية الجهة ،وهذا ما تم تأكيده بمقتضى دستور 1.شتنير،1442
وبهذا نجد أن المشرع قد خطى خطوات متقدمة ال سيما وأنه صنف الجهة ضمن مكون
الجماعات المحلية وقد خص الدستور المراجع لسنة ]44[ 1442الجماعات المحلية ثالثة ().
فصول ضمن بابه الحادي عشر (.)11
وأخيرا دستور 84يوليوز ،]45[ 8111والذي خصص الباب التاسع المتعلق بالجهات
والجماعات الرابية األخرى بكامله للجماعات الترابية ،وغير من تسمية الجماعات المحلية
إلى الجماعات الترابية ،هذا باإلضافة إلى تبوئه للجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات
الترابية األخر ى [.]46
إذن فالجماعات الترابية غايتها الرفع من المستوى المعيشي لسكان الجماعات الترابية ،
وتحقيق التنمية الشاملة المندمجة والمستدامة ،من هنا يستمد موضوع تحديث اإلدارة
الجماعية بالمغرب راهنتيه ،وذلك انطلقا من التحوالت النوعية والكمية التي عرفتها الساحة
السياسية واإلجتماعية بالمغرب ،والتي ساهمت في تسريع وثيرة المطالبة بحتمية تطوير
وتحديث اإلدارة الجماعية ،وذلك بالنظر للتطورات التي يعرفها المجتمع بشكل دوري
ومنتظم األمر الذي يستدعي من اإلدارة مواكبة هذه التطورات لمواجهة الرهانات الجديدة
التي أصبحت تواجهها ،نظرا لعدة أساب مباشرة كانت أو غير مباشرة ،كارتفاع الوعي
بالمواطنة وحقوق اإلنسان داخل التجمعات البشرية ،وكذا السرعة التي أضحت عليها
تكنولوجيا التواصل الحديثة والمعلوميات.
[ - ]43الفصل 22من دستور المملكة المغربية لسنة ، 1228الجريدة الرسمية عدد ، 1131صادرة بتاريخ 81سبتمر ،1228ص.1011 :
[ - ]44الجريدة الرسمية عدد ، 1180صادرة بتاريخ 10أكتوبر ، 1223ص.8821 :
[ .- ]45الظهير الشريف رقم 1411421الصادر بتاريخ 82من شعبان 82( 1128يوليوز )8011بتنفيذ نص الدستور .الجريدة الرسمية عدد
1231مكرر بتاريخ 82شعبان 20( 1128يوليو )8011
[ - ]46الفصل 112من دستور المملكة المغربية لسنة .8011
14
- IIأهمية الموضوع:
يتوقف نجاح المجتمع في تحقيق األهداف وتلبية احتياجات المواطنين على إدارة فعالة
قادرة على استغالل الموارد المتاحة وتعظيم العائد منها.
فقد باتت اإلدارة الجماعية في الوقت الحالي مطالبة باالنصياع لمتطلبات التحديث
والتجديد ،السيما في ظل التحوالت العالمية الكبرى االقتصادية واالجتماعية والثقافية
واآلثار االقتصادية الناتجة عن العولمة التي تهم اإلنتاجية والتنافسية ،وبروز مفاهيم جديدة
كحسن التدبير والحكامة الجيدة ،مما يجعل اإلدارة الجماعية أمام تحديات كبرى ،إذ بات
مفروضا عليها أن تطور وتجدد أساليب اشتغالها ووسائل عملها حتى تستجيب النتظارات
المواطنين وتكون أداة محورية في خدمة التنمية.
من هنا يستمد موضوع اإلدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث أهميته إنطالقا من
كونه موضوعا ذو راهنيه ملحة وورشا إصالحيا كبيراً تم فتحه في إطار الدينامية التي
تعرفها البالد خاصة في العشرية األخيرة ،كذلك بالنظر للتحديات السوسيو -إقتصادية
والثقافية التي تفرضها سياقات دولية وإقليمية تتسم بتنامي اقتصاد المعرفة ومجتمع التواصل.
فأهمية هذه الدراسة تكمن في كون تحديث اإلدارة الجماعية يعتبر المدخل الرئيسي
للرفع من األداء واالرتقاء بالمرفق العام إلى مستوى النجاعة والفعالية والمردودية العالية
للقيام بواجباته تماشيا مع الدور المتعاظم الذي أضحت تلعبـه الوحدات الترابية على جميع
األصعدة االقتصادية و االجتماعية ،وأهمية تحديث اإلدارة الجماعية تكمن أيضا في اإلطالع
على نظـم اإلدارة الحديثة ،كما تعكسها التشريعات النافذة ،و التعرف على المشكالت
والصعوبات والعـوائق التي تواجه اإلدارة الجماعية وسبل تجاوزها و آفاق تطويرها.
كما تعد هذه الدراسة في غاية من األهمية من الناحية الزمنية والمكانية ،وتتجلى
أهميتها في:
كون التحديث خيار استراتيجي لتأهيل اإلدارة الجماعية بالمغرب وأحد
الرهانات الكبرى لمواكبة التغيير في ظل االصالحات المؤسساتية والدستورية ؛
15
كون تحديث اإلدارة الجماعية ورشا إصالحيا كبيرا يروم تأهيل اإلدارة
كرافعة للتنمية االقتصادية واالجتماعية ؛
مدخل أساسي لتعزيز عالقة اإلدارة بالمواطن من خالل إعادة الثقة بين
اإلدارة والمواطنين والرفع من مستوى أدائها ومردوديتها ،وتحسين جودة الخدمات
المقدمة للمرتفقين وتسهيل الولوج إليها ؛ تحسين االستقبال وتبسيط المساطر اإلدارية
ودعم اإلدارة اإللكترونية ...؛
آلية فعالة لترسيخ آليات الحكامة الترابية والشفافية وتدعيم الثقة في المرفق
العام ؛ وتأكيد مكانة اإلدارة الجماعية في مسار التنمية الوطنية وتعزيزها كفضاء
للديمقراطية ؛
التعرف على المشكالت والصعوبات التي تواجه تحديث اإلدارية الجماعية في
المغرب وبالتالي إعطاء المكانة التي تستحقها ومن ثم وضع بدائل واقعية لتذليل التحديث
اإلداري الجماعي.
كون رهان تحديث اإلدارة الجماعية يعد شرطا الزما لإلنتقال إلى الحداثة
كتصور مجرد ،إلى الحداثة كواقعة تاريخية تتجسد بالملموس على أرض الواقع.
- IIIدواعي اختيار الموضوع:
بجانب الدوافع األكاديمية لنيل الدرجة العلمية هناك دوافع ذاتية وأخـرى موضوعية
علمية وفكـرية دفعت إلى دراسة موضوع " اإلدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث "
بخصوص األسباب الذاتية :اختيار موضوع " اإلدارة الجماعية بالمغرب ورهان
ال تحديث " لم يكن وليد ظرفية آنية بقدر ما كان وليد تفكير عميق ومستمر ناتج عن رغبتي
الملحة في دراسة هذا الجانب من السياسات العمومية المتعلق باإلدارة الجماعية ورهان
التحديث.
هذا باإلضافة إلى الرغبة في تحصيل مهارات البحث العلمي ،وكون موضوع الدراسة
يتوافق مـع السياق العـام للدراسة حيث جاء اختيار هذا الموضوع ،باعتباره يدخل في مجال
16
تخصصي "ماستر قانون وإدارة الجماعات الترابية" و المغرب باعتبارها موطن الباحث و
النموذج األقرب للدراسة.
أما بالنسبة لألسباب الموضوعية :فتتمثل في كون هذا الموضوع يثير نقاشات عدة
وموضوع اهتمام مجموعة من الفاعلين السياسيين والباحتين األكاديميين في المجال اإلداري
على اعتبار مبادرات التحديث في مجال اإلدارة الجماعية وسيلة اندماج إيجابي في تيار
التكيف مع صيرورة العولمة والمنافسة الحادة ،ومن تم فإن عوامل كثيرة تدفعنا إلى
االنخراط في هذا االتجاه مثل االستجابة للمتطلبات الملحة والمستجدة للمواطنين للحصول
على منتجات وخدمات ذات جودة عالية .
وعلى هذا األساس ؛ فإن لهذا البحث أهمية راهنية ،حيث بات موضوع التحديث
و"الحكامة الحيدة "و "حسن التدبير" و"الديمقراطية التشاركية" و" التدبير الحر" من بين
المفاهيم المهيمنة على مستوى النقاش العام الداخلي والخارجي.
-IVإشكالية الدراسة:
يكتسي موضوع اإلدارة الجماعية ورهان التحديث أهمية كبرى في انشغاالت السلطات
العامة ،باعتباره خيارا إستراتيجيا ال محيد عنه ورهان أساسي يتموقع في صلب إهتمامات
الحكومة ،وهو ما يستوجب التوفر على إدارة جماعية عصرية حديثة قادرة على تجاوز نمط
التسيير التقليدي لإلدارة و رفع التحديات وإشباع حاجيات المرتفقين
ولعل أهمية التوجهات التي ينهجها المغرب على أصعدة مختلفة إدارية إقتصادية
وإجتماعية ،ال تكفي لتحديد مقومات التحديث باإلدارة الجماعية ،وطبيعة اإلستراتيجيات
لتفعيل هذا الورش.
كما أن المقاربة الموضوعية لرهان تحديث اإلدارة الجماعية ،ال تتوقف على رصد
مرتكزات وأسس هذا التحديث ( المرتكزات القانونية – المرتكزات المؤسساتية -
المرتكزات التنظيمية ) بقدر ما تقوم على رؤية شمولية ،تمر باألساس عبر تشخيص
مظاهر اإلختالالت التي تشوب اإلدارة والمتغيرات التي تدفع في اتجاه تحديثها مع الوقوف
17
على مكامن القوة والضعف ،وبالتالي رصد المبادرات الرامية إلى تطوير وتحديث اإلدارة
وتحليلها وتقييمها وفق منهج علمي دقيق.
إن موضوع التحديث مرتبط بإشكالية التغيير في اإلدارة العمومية ،وهذا األخير رهين
بتغيير في البنيات والعقليات ،غير أن تحقيق ذلك لن يتم إال بالتوفيق بين اإلدارة والمجتمع
الحديث ،وهو األمر الذي يسمح بتبني مفهوم جديد للسلطة يكون القضية المفتاح في األفق
يرغم تحديد جهاز إداري مصمم يكون وسيلة تسمح باندماج أفضل لإلدارة في المجتمع .ومن
ناحية أخرى أخذ موضوع تحديث اإلدارة الجماعية منعطفا جديدا خاصة بعد الخطاب الملكي
لـ 4مارس ، 8111ومجموعة من اإلصالحات التي تلت الخطاب خاصة صدور دستور 84
يوليو 8111والقوانين المنظمة للجماعات.
بناء على ما سبق ونظرا ألهمية الموضوع فإن اإلشكال المحوري لموضوع دراستنا
يتمركز حول:
مدى مساهمة تحديث اإلدارة الجماعية في ترسيخ ثقافة المواطنة وكسب رهان
الديمقراطية والتنمية ؟ وبعبارة أخرى ،إذا كان التحديث اإلداري أداة أساسية لتحسين
وتطوير أداء اإلدارة ،فإلى أي حد يمكن اعتبار الرهان على تحديث اإلدارة الجماعية ،هو
رهان على التغيير في العقليات ومدخل أساسي لمواكبة المتغيرات؟
لإلجابة على اإلشكالية المحورية ال مناص من طرح أسئلة فرعية ذات الصلة
باإلشكالية المركزية ،وهي كالتالي:
فما هي طبعة األسس التي ينبني عليها تحديث اإلدارة الجماعية؟ وهل اإلدارة الجماعية
قادرة على النهوض باألعباء الملقاة على عاتقها في ظل التحديات والمتغيرات المطروحة
عليها؟
مدى مواكبة اإلدارة الجماعية للمستجدات الوطنية وهل يمكن اعتبار الحكامة آلية
للتحديث.
مدى انفتاح اإلدارة الجماعية على المحيط الدولي ،وكيف يؤثر على أداء أدوارها ؟
18
أمام التطور الهائل للتكنولوجيا وتطور مناهج التدبير الحديث أي دور الستعمل
التكنولوجيا في تحديث اإلدارة وتحسين أدائها؟
وهل يمكن جعل أو اعتبار تحديات العولمة ومعها المتغيرات الخارجية والداخلية
المستجدة محفزات نحو التحديث؟ وما هي اآلفاق المستقبلية لهذا التحديث؟
من حيث المنهج العلمي المتبع في الدراسة فهو المنهج "التاريخي" الذي يسمح لنا بإلقاء
نظـرة على تنظيم اإلدارة الجماعية بالمغرب ؛ و" المنهج الوصفـــي التحليلي" لتحليل
مختلف الخطوات اإلصالحية ،بحيث تعتبر المناهج الوصفية إحدى الوسائل المنهجية
لدراسة اإلدارة الجماعية ،وهي وسيلة مفيدة في تحليل المنظمات.
وبخصوص سبب اختيار المنهج" الوصفي التحليلي" فيكمن فـي التعرف على نظـام
اإلدارة الجماعية بشكل واضح ،كما يمكننا من رصد نقاط القوة والضعف في نظام اإلدارة
الجماعية ،ومحاولة وضع مقترحات واضحة واقعية تضمن تحديث وتطوير اإلدارة
الجماعية.
كما اعتمدنا ايضا على المنهج القانوني لتسليط الضوء على معطيات قانونية وتنظيمية
لها أهمية بالغة في تحديد تحديث اإلدارة الجماعية بالمغرب.
وعلى هذا األساس ،فإن مساهمتنا في الجدل الدائر حول رهان تحديث اإلدارة الجماعية
،هي مح اولة بسيطة لرصد أسسها ومظاهرها وأبعادها وبهدف الخروج بمقاربة شمولية ؛
سيتم تقسيم موضوع البحث على الشكل اآلتي:
19
األول: الفصـــــــــــــــــــــــــــــــــــل
بالمغ ـ ـ ـ ــرب
20
إن الظرفية التي يعيشها المغرب ،تفرض عليه كدولة رافعة لمجموعة من
التحديات ،أهمها إعادة النظر في إدارته التي تعد كمدخل أساسي لتحقيق التنمية.
وتشكل اإلدارة الجماعية الوسيلة القانونية والدستورية التي تستخدمها الدولة لتنفيذ
برامجها ،فهي جوهر كل بناء ونماء في كافة واجهات الحياة العامة والمناخ العام للتنمية
المستدامة[ . ]47وبالتالي فهي تتموقع في صلب عمل الدولة ،كما أن تطورها يخضع
لطبيعة عالقتها بالمجتمع ،ومدى قدرتها على أن يجعل منها أداة لخدمته.
وعليه ؛ فالحديث عن اإلدارة الجماعية ورهان تحديثها يستلزم الوقوف عن الخلل
و البحث عن مخرج لها ،ومن هنا فإن اإلجابة عن اإلشكالية المحورية لهذه الدراسة ،
تتطلب ؛ إلقاء نظرة على الجهاز اإلداري الجماعي ،حيث تبين أن هناك فرقا ً كبيراً بين
الفعل والنوايا ،هذه المفارقة التي تكشف عن األزمة التي تطال الجهاز اإلداري ،إذ
تعتريه مجموعة من النواقص واإلختالالت ،كما تواجهه الكثير من التحديات ،تجعل من
مسألة تطوير وتحديث اإلدارة ضرورة كانت وما زالت ملحة ،ألن اإلدارة الجماعية
تدخل في عالقة جدلية مع كافة مكونات المجتمع ،فهي تتلقى األزمات وفي نفس الوقت
هناك ترقب مستمر لردود فعلها[.]48
ورغم العديد من اإلصالحات التي حاولت السلطات العمومية القيام بها لتجاوز هذه
اإلختالالت ؛ فإنها لم تؤت أكلها ،وذلك إما بسبب عدم شموليتها واإلقتصار على بعض
التعديالت الجزئية ،أو بسبب غياب رؤية موحدة ومشتركة ؛ نتيجة إلكراهات الواقع أو
تحت واقع الضغوط الخارجية.
من هذا المنطلق بات من الضروري التوجه نحو سياسة إصالحية جذرية تروم
تحديث اإلدارة الجماعية وجعلها تستجيب لمتطلبات المواطن ،ومواكبة التغيرات التي
يعرفها العالم ،لهذا أهتم الخطاب السياسي الرسمي بسياسة التحديث اإلداري واتجه إلى
وضع سياسات عامة تهم كل القطاعات[.]49
[ - ]47آمنة حطان " ،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واإلجتماعية ،الرباط -أكدال ،السنة الجامعية ، 1222-1222 ،ص.80 :
[ - ]48عبد الرزاق العكاري " ،مفارقات إصالح اإلدارة العمومية بالمغرب" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج ، 22-28
يناير ، 8002ص.181 :
[ - ]49محمد عبد اللطيف أكنوش " ،واقع الممارسة التشريعية في النظام السياسي المغربي على مشارف القرن الواحد والعشرين ،مطبعة
بروفانس ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ، 1228ص.31 :
21
وانطالقا مما سبق فإن معالجتنا لهذا الفصل سوف تتركز على دراسة أسس
ومرتكزات اإلدارة الجماعية ؛ في (مبحث أول) في حين سنعرج في (المبحث الثاني) إلى
الحديث عن مختلف جوانب القصور و اإلختالالت التي تواجه اإلدارة الجماعية ،هذا
باإلضافة إلى المتغيرات التي تدفع في اتجاه تحديث اإلدارة الجماعية.
المبحث األول :أسس ومرتكزات تحديث اإلدارة الجماعية بالمغرب
تقوم اإلدارة الجماعية على مجموعة من األسس تشكل في مجملها محور أساسي
لتحديث اإلدارة الجماعية ،غير أن هذا التحديث يحتاج إلى إطار مؤسساتي كفيل بضبطه،
وذلك وفق نظرة شمولية تأخذ بعين االعتبار العوامل والتحوالت التي يشهدها العالم.
وإذا كانت الجوانب المؤسساتية (المطلب األول) تعتبر الفاعل الرئيسي في سياسة
التحديث اإلداري بالمغرب ،فإن اإلطار القانوني ال يقل أهمية ،إذ يشكل مكون أساسي
لهياكل اإلدارة الجماعية ،باعتباره إطار مرجعي وقانوني لسياسة الدولة ( المطلب
الثاني).
المطلب األول :المقومات المؤسساتية لتحديث اإلدارة الجماعية
إن مهمة تحديث وتنمية اإلدارة الجماعية تتطلب وجود إطار مؤسساتي فعال
ومتكامل لتحقيق هذا المبتغى ،فالمؤسسات الرسمية المهتمة بعملية العصرنة والتحديث
في المجال اإلداري ،لن تكتسب الجدوى والفعالية الالزمة ،إال إذا تحقق إسهام مختلف
مكونات المجتمع ،فالتوافق المجتمعي يعتبر شرطا ضروريا لتحقيق النجاح وكسب رهان
التغيير.
وتلعب المؤسسات الدستورية (الفقرة األولى) و المؤسسات اإلستشارية إلى جانب
السلطة الحكومية (الفقرة الثانية) ،دورا أساسيا في تنفيذ السياسات الحكومية في مجال
تحديث إدارات الدولة.
22
تلعب المؤسسات الدستورية دوراً مهما في عملية التحديث اإلداري ،وذلك بالنظر
للمسؤوليات والمهام الملقاة على عاتقها.
وتتربع المؤسسة الملكية على هرم هذه المؤسسات ،باعتبار الملك ممثل للشرعية
والقانون داخل الدولة وعلى هذا األساس يعد الملك فاعال أساسيا في عملية التحديث
اإلداري ،إلى جانب القضاء اإلداري (أوال) ،هذا باإلضافة إلى الدور الهام الذي تقوم به
السلطتين التشريعية والتنفيذية في ميدان التحديث (ثانيا).
أوال :المؤسسة الملكية كفاعل رئيسي في التحديث اإلداري
المؤسسة الملكية أ-
في أول حديث صحفي له ،قال الملك محمد السادس لمجلة التايم ]...["،إنه يريد
األفضل للمغرب وإن كثيرا من األشياء ما يزال المغرب في حاجة للقيام بها في المجال
الديمقراطي "[.]50
و يعتبر الملك الممثل الشرعي للدولة يتمتع بسلطات قد تكون فعلية ،وقد تكون
شرفية ال يمارسها من الناحية الواقعية إال من خالل وزراءه ،فهو يتمتع بمكانة خاصة
تخوله الهيمنة والغلبة داخل النظام السياسي المغربي الشيء الذي جعل منه أهم مقرر
بالمملكة[ ، ]51وبغض النظر عن مدى حرية رئيس الدولة في مباشرة شؤون الحكم ،فهو
الحكم الرشيد الذي يعمل على إيجاد التوازن بين سلطات الدولة بتوجيهها نحو الطريق
السليم الذي يمليه الصالح العام.
لقد أضحى الحديث عن المؤسسة الملكية وموقعها في النظام السياسي المغربي ،
حديث ليس فقط عن مؤسسة المؤسسات ،بل تجاوز ذلك ليصبح حديث عن الدولة
المغربية نفسها ،أي من المغرب وملكه أو الملك ومغربه[ .]52وذلك ألن المؤسسة الملكية
كمؤسسة متجدرة في النسيج اإلجتماعي والرمزي وفي الكينونة العميقة للمجتمع المغربي
،ظلت المحور والمركز الذي تدور حوله جميع أجهزة السلطة في الدولة طوال التاريخ
[ - ]50يعود أول حوار أجراه الملك محمد السادس إلى سنة 8000؛ أي أشهرا قليلة بعد جلوسه على العرش ،استقبل فيه "سكوت ماكلود" ،مدير
المجلة األمريكية الشهيرة "التايم" بالقاهرة ،الذي أجرى الحوار على ثالث محطات بعد ما قضى أكثر من ثالثة أيام رفقة ملك المغرب.
]51[ - leveau. R : « aperçu de l’évolution du système politique Marocain depuis vingt ans », Machrek-Maghreb,
n° 106 , 1984, p :23.
[ - ]52عبد الحي المؤذن " ،إشكالية إنتقال الملك في المغرب -قضايا وأسئلة " ،مجلة وجهة نظر ،عدد مزدوج 2/2 ،سنة ، 8000ص.3:
23
المغربي القديم منه والحديث[.]53
خاصة وأن قيمة المؤسسات وطبيعتها تبقى رهينة بقيمة العملين فيها ،وهذا يصدق
وإلى درجة كبيرة على المؤسسة الملكية ،فشخصية الملك محمد السادس مثال طبعت بقوة
هذه المؤسسة أضفت عليها سموا وعلوا ليس داخل المغرب وحسب ،بل حتى على
الصعيد الخارجي.
فالملك يشكل كائن تواصلي مقدس[ ،]54ويتضح ذلك من خالل التنصيص الدستوري
على عدم الخضوع لإلختيار النقدي للصالحية ،بوضع الكالم الملكي ضمن دائرة القداسة
،ذلك أن الملك ،شخص مقدس ال تنتهك حرمته[ ،]55وهذا ما نستشفه من خطاب جاللة
الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة واألربعين لثورة الملك والشعب و الذي جاء
فيه" [ ]...وسنبقى على النهج الحسني سائرين تمسكا ببيعة اإلمامة الشرعية التي
تطوق عنقنا وعنقك موصولة بما سبقها على امتداد أزيد من اثنى عشرة( )12قرنا
موثقة السند بكتاب هللا وسنة رسوله الكريم ومشدودة العرى إلى الدستور المغربي
"[]56؛ الذي ينص على أن الملك أمير المؤمنين[ ]57والممثل األسمى لألمة ورمز وحدتها
وضامن دوام الدولة واستمرارها[.]58
فرغبات ومطامح و آمال الشعب المغربي يجسدها الملك ،في حين أن األحزاب
السياسية تعبر عن رغبات ومطامح وآمال ومصالح الفئة التي تمثلها ،وكذلك باقي
المؤسسات األخرى ،وهكذا فالواقع السياسي المغربي يفترض فيه أن يكون ترجمة
صادقة للفكر السياسي لجاللة الملك[.]59
[ - ]53الماوردي أبو الحسن علي بن حبيب البصري البغدادي " ،األحكام السلطانبة" مكتبة مصطفى البابلي الحلي وأوالده ،القاهرة ، 1233
ص.2:
* [ - ]54حيث نجد خطبه الموجهة للبرلمان و األمة ال يمكن أن تكون محل أي نقاش ،الفصل 23من دستور .1223
[ – ]8بحيث ينص الفصل 13من دستور المملكة المغربية لسنة 8011على أنه":شخص الملك ال تنتهك حرمته ،وللملك واجب التوقير واالحترام".
[ - ]56الخطاب الملكي الموجه إلى األمة بمناسبة الذكرى السادسة واألربعين لثورة الملك والشعب 80-غشت .1222
[ - ]57ينص الفصل 11من دستور المملكة المغربية لسنة 8011في بنده األول على أن ":الملك؛ أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين
والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية".
[ - ]58ينص الفصل 18من دستور المملكة المغربية لسنة 8011على أن ":الملك رئيس الدولة ،ورمز وحدة األمة ،وضامن دوام الدولة
واستمرارها والحكم األسمى بين مؤسساتها ،يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية ؛ [ ]...الملك هو ضامن استقالل البالد
وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة ؛ يمارس الملك هذه المهام ،بمقتضى ظهائر ،من خالل السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور".
-]59محمد العمراني بوخبزة "،البعد الديمقراطي في الفكر السياسي للملك الحسن الثاني -دراسة في تحليل المضمون" ،رسالة لنيل شهادة
الدكتوراه في الحقوق ،السنة الجامعية ،1999/1998 ،ص.7 :
24
[]60
كمعهد إلصدار القيم وقواعد التواصل بهذا المعنى يعد الملك "أمير المؤمنين"
اإلداري والسياسي امتدادا لدوره كمعهد إلصدار القيم الدينية والدستورية والسياسية[، ]61
فاإلنتساب أو باألحرى اإلنحدار من البيت النبوي بواسطة ابنة النبي صلى هللا عليه وسلم
فاطمة رضي عنها ،يحمل مضمون بيولوجي وسياسي إسالمي ،يضفي على السلطة
السياسية المغربية تعاليا سياسيا يجعلها في موقع الحكم ،إنطالقا من شعورها بانتمائها
[ ،]62إلى وحدة تتجاوز القبيلة ومستقلة عنها ،كما يضفي عليها كذلك رمزية سياسية
تستمد داللتها من مجموعة من الموروثات المتعلقة أساسا بكل ما هو ديني ثقافي ،
إجتماعي ونفسي ،ألن طبيعة المؤسسة الملكية في المغرب والشرعيات المتعددة للملك ،
الكرزماتية ،إضافة إلى طبيعة الثقافة السياسية التي تشبع بها العاهل المغربي تجعل من
الفكر السياسي الملكي المجال المثالي لتحديد الديمقراطية[ ،]63في المغرب بشكل عام ،
مما يجعل المشروعية الدينية وسيلة للتدخل السياسي ،الشيء الذي يؤثر على المؤسسات
السياسية[ ،]64حيث ال يسمح للفاعلين السياسيين ولوج حقل الممارسة إال بعد القبول
باالمتثال ألوامر أمير المؤمنين ،وفي هذا الصدد يقول المغفور له الحسن الثاني "[ ]...كل
من قلدناه مهمة مدنية أو عسكرية يجب عليه أن يمثل مهمتنا ومسؤوليتنا تلك الخاصة
بأمير المؤمنين الحريص على أن يكون الظل اإللهي في األرض وروحه...وكونوا
جسامنا ...وكونوا روحنا الذي يضرب ...كل من خرج عن وحدة صفوفنا وكل من تمرد
على أمارة أمير المؤمنين"
من هنا يبدو أن الملك بوصفه فاعال سياسيا وإداريا يبدي نوعا من الوعي بموقفه
التواصلي المتعالي ،ويتضح ذلك جليا في تصوراته الفعلية لإلدارة وطبيعة عملها ،والقيم
التي تنبني عليها والمبادئ التي تعمل بها ،وكذا نوع ونمط العالقات اإلنسانية الواجب
* [ - ]60يعتبر عمر بن الخطاب أول من سمي ب "أ مير المؤمنين" بدل "خليفة رسول هللا" ،الذي ارتبط بالخليفة األول أبي بكر فيما ارتبط لقب
اإلمام بنشأة الفكر النظري الشيعي في موضوع اإلمامة.
[ - ]61محمد معتصم ،الحياة السياسية المغربية ،1221/1238-مؤسسة أيزيس للنشر ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،ماي ،1228ص.11:
* [ -]62للمزيد من التوسع في موضوع اإلنحدار من البيت النبوي أنظر:
M.Lahbabi:" le gouvernement Marocain à l'aube du 2emé siècle ", les éditions Maghrébines Casablanca 1975,
p:26.
* [ - ]63لقد عرَّ ف جاللة الملك الحسن الثاني رحمه هللا ،الديمقراطية بأنها " حكم الشعب في صالح الشعب بنخبة من الشعب.
[ - ]64محمد الطوزي " ،الملكية واإلسالم السياسي بالمغرب " ترجمة محمد حتمي وخالد شكروي الفنك ،الدار البيضاء ،طبعة ،8001ص.11:
25
توفرها[.]65
وهكذا فإن الملك يحتل مكانة مركزية بين مختلف الفاعلين اإلداريين على مستوى
إدارة شؤون الدولة ،فالفصل 98من دستور 2011يعطي للملك إختصاصات شاملة لكل
المجاالت ،ومنها اإلدارة الجماعية ،كما ينص الدستور في فصوله األخرى على
مجموعة من اإلختصاصات الملكية ،يندرج بعضها في صميم الوظيفة اإلدارية.
وقصد اعادة النظر في مهام اإلدارة على ضوء التوجه الجديد للدولة ،أكد جاللة
الملك محمد السادس على ضرورة تأسيس تصور شمولي حول مسألة التحديث اإلداري
بكل آلياته وقواعده ]...[" :إن مسلسل التحديث يتطلب تشخيص واقع مؤسساتنا
واالنكباب عليه لعقلنته .فكما أن لكل زمن رجاله ونسائه فإنه كذلك لكل زمن مؤسساته،
والعقلنة تقتضي إحداث مؤسسات جديدة بدل تلك التي أدت وظائفها وأن وقت تجديدها
واستبدالها بأخرى تستجيب لمتطلبات التحوالت المستجدة" [.]66
ونجد تركيزا مهما من طرف المؤسسة الملكية في مجال التحديث اإلداري نحو خلق
األجواء المناسبة لجلب اإلستثمارات الوطنية و األجنبية ،وتشكل دولة الحق والقانون
مرجعية مهمة في المنظور الملكي للتحديث اإلداري ،إذ أن جل النخب تؤكد على
ضرورة بناء مجتمع حداثي قوامه دولة الحق والقانون ،وما يفرضه ذلك من تطوير
وتحديث ألساليب اإلدارة ،ويتميز المنظور الملكي باستخدام الخطاب األخالقي ،وكذا
تركيزه على قيم الحداثة داخل المجتمع واإلدارة.
وفي هذا السياق أكدت الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الندوة الوطنية حول
دعم األخالقيات داخل المرفق العام المنظمة بتاريخ 84و .1أكتوبر ، 1444على أن
"[ ]...األخالق هي أساس من أسس الدولة تقوم بقيامها وتنهار بانهيارها. "...
وفي الرسالة الملكية السامية الموجه إلى المشاركين بالمناظرة اإلستراتيجية الوطنية
إلدماج المغرب في مجتمع اإلعالم والمعرفة ،المنظمة بتاريخ 8.أبريل ،8118أكد
جاللته على أنه "[ ]...سيظل إصالح اإلدارة العمومية وعصرنتها ممن بين الرهانات
[ - ]65آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية ، 8002/8002 ،ص.181 -181 :
[ - ]66مقتطف من نص الخطاب الملكي السامي الموجه إلى األمة بمناسبة عيد العرش ،بتاريخ 81مارس .811.
26
الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا ،إذ يتعين أن نوفر ألجهزتنا اإلدارية ما يلزم من
أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها "االنترنيت" لتمكينها من اإلنخراط في الشبكة
العالمية".
فنظرا لهيمنة المنظور الليبرالي وتأثير ثقافة حقوق اإلنسان والديمقراطية التشاركية
على عمل مؤسسات الدولة ،كان لزاما أن يتوجه المقترب الملكي لتحديث اإلدارة إلى
تكييف اإلدارة المغربية مع هذه التحوالت ،وهو ما نلمسه من خالل تأكيد الخطب الملكية
على ضرورة ترسيخ القيم الديمقراطية وقيم المواطنة وأن تؤطر اإلصالحات التي أعلنتها
المؤسسة الملكية سواء داخل األجهزة اإلدارية أو خارجها ،في إطار شمولي يستوعب
إدماج كل العناصر واألنساق المكونة للدولة.
هكذا نستنتج أن التحديث اإلداري بالمغرب بصفة عامة ،واإلدارة الجماعية على
وجه الخصوص ،شكل انشغاال رسميا للمؤسسة الملكية ،وإحدى اهتماماته األساسية
لبناء هياكل الدولة الحديثة.
كما أن التحديث اإلداري شكل هاجس القضاء اإلداري ،فعلى الرغم من عدم وضع
كل من المخطط الخماسي ( )1429-1421والمخطط الثالثي ( ،)1421-1421ضمن
اهتماماته المجال اإلداري ،فإن المخطط الخماسي ( )1418-1422أولى اهتماما خاصا
للميدان اإلداري حيث عمل على توفير إدارة عصرية تتصف أعمالها بالبساطة والفعالية ،
إضافة إلى الالمركزية اإلدارية وتبسيط المساطر اإلدارية إصالح األسالك وانتهاج سياسة
معقولة في م يدان المساعدة التقنية وتطبيق المحاسبة الوظيفية قصد تحقيق إدارة تتصف
أعمالها بالفعالية والجدوى.
مواكبة القضاء اإلداري للمشروع التحديثي ب-
تتجلى مساهمة القضاء اإلداري في مجال التحديث اإلداري من خالل التزام جانب
الشرعية القانونية ،وعبر اإلجتهادات القضائية التي تحمي المتعاملين مع اإلدارة ،
وتساهم في تخليق هذه األخيرة .ولقد كان إلحداث المحاكم اإلدارية وتفعيل دور المجلس
الجهوي للحسابات ،أثر كبير في تدعيم هذا التوجه وفرض رقابة دائمة على أعمال
اإلدارة حتى تتسم بالشرعية ،فالقانون اإلداري هو قبل كل شيء قانون قضائي متجدد
27
بفضل اإلجتهادات القضائية " ...مما ال شك فيه أن القضاء الفعال يعتبر األداة الضرورية
لحماية الحقوق والحريات والعنصر األساسي لتحقيق التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية
وتشجيع اإلستثمار وتأمين استقرار المعامالت ،]67["...ولتمكين القضاء من القيام بهذه
األدوار وال مهام الجسيمة يجب على السلطة السياسية أن توفر للقاضي خصوصا اإلداري
اآلليات القانونية والعملية لتقويم إنحرافات اإلدارة أثناء تنفيذها للسياسات العامة للدولة
التي من ضمن مكوناتها المشروع التحديثي المجتمعي في شقه اإلداري.
وتتخذ مواكبة القضاء اإلداري للمشروع التحديثي وحمايته شكلين :األول يتعلق
بمراقبة السلطة التقديرية لإلدارة وضرورة تعليل القرارات اإلدارية ؛ والثاني يتعلق بتنفيذ
األحكام والقرارات القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة.
لكن إذا كان التبسيط والشفافية وضبط السلطة التقديرية بتعليل قراراتها وإخضاعها
للقضاء ضروري لتيسير العملية التحديثية ،فإنه في مقابل ذلك قد تنشأ وضعيات يضعف
فيها األفراد تجاه اإلدارة فيلجؤون إلى القضاء الذي ينصفهم في مواجهتها بأحكام وقرارات
نهائية وحائزة لقوة الشيء المقضي به ،ومع ذلك تمتنع اإلدارة عن تنفيذها فتكون العودة
لنقطة الصفر وتسود مشاعر اإلحباط وفقدان الثقة.
ثانيا :دور السلطة التنفيذية والتشريعية في ميدان التحديث
لتيسير عملية التحديث تعمل مختلف السلطات داخل الدولة على تسخير كل
اإلمكانيات المتاحة قصد تأهيل اإلدارة المغربية وعصرنتها.
السلطة التنفيذية أ-
تقوم السلطة التنفيذية[ ]68بعدة تدخالت في مجال التحديث اإلداري ،وقصد تيسير
هذا التوجه يعتمد القطاع الحكومي ،وبمساندة من السلطة التنفيذية ،إلى وضع سياج
يجعل من الوظيفة العمومية مجاال خصبا لمختلف الفاعلين اإلداريين.
ويساهم الجهاز التنفيذي في عملية التحديث وذلك عبر:
[ - ]67حكم عدد ، 828صادر بتاريخ 83شتنبر ، 1220شركة دومين سان جان ،أحمد البخاري ،وأمينة جبران ،إجتهادات المجلس األعلى
الغرفة اإلدارية ،المنشورات الجماعية ،مراكش ،1223 ،ص.28:
[ - ]68ينص الفصل 22من دستور المملكة المغربي لسنة 8011على أنه ":تمارس الحكومة السلطة التنفيذية .تعمل الحكومة ،تخت سلطة
رئيسها ،على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين واإلدارة تحت تصرفها(.")...
28
إستصدار المراسيم في المجال التنظيمي. -
إقتراح مشاريع القوانين على البرلمان. -
[]69
إتخاذ النصوص التطبيقية ( القرارات المناشير والمذكرات)... -
إن مشاريع المراسيم ،ومشاريع القوانين التي يقترحها الوزراء ،إلدخال تحديثات
أو إصالحات على قطاعاتهم ،تتم دراستها والتداول بشأنها في مجلس حكومي برئاسة
السيد ريس الحكومة ،قبل أن تعرض على مجلس الوزراء الذي يرأسه الملك للمصادقة
عليها ،قبل عرضها على أنظار غرفتي البرلمان من أجل التصويت عليها.
السلطة التشريعية ب-
[]70
من أهم الوظائف التي تنيطها عادة ، تعتبر الوظيفة التشريعية للبرلمان
الدساتير بهذه المؤسسة .غير أن تطور األحداث وتعدد المشاكل التي فرضها التقدم العلمي
والتكنولوجي ،وما يتطلبه ذلك من سرعة كبيرة وكفاءة عالية في التصدي لألحداث
ومعالجة األمور ،أظهر عدم كفاية المجالس النيابية لتأدية مهامها ،ذات الطبيعة التشريعية
على أكمل وجه[ ،]71األمر الذي فرض منح السلطة التنفيذية جزءا هاما من الوظيفة
التشريعية ،التي كنت حكرا على البرلمان وحده.
وتعتبر السلطة التشريعية من المصادر الهامة للتحديث اإلداري ،ألنها تقوم بمناقشة
وتحديد األهداف العامة ،كما تناقش النفقات والواردات وتعتمد الحسابات الختامية للدولة ،
كما تراجع السلطة التشريعية مدى فعالية سير العمل اإلداري عن طريق المناقشة وطرح
األسئلة الشفوية ،وتراقب عمل الجهاز اإلداري من خالل لجان للمراقبة والتقصي.
ومن التحديات التي تواجهها محاوالت التحديث والتغيير باإلدارة الجماعية ،البطء
البالغ في أعمال األجهزة التشريعية ،فجهود اإلصالح والتحديث تتطلب وضع أنظمة
تشريع ديناميكية وهو ما يؤدي بالجهاز الحكومي إلى وضع وتطبيق اإلصالحات في
معزل عن الجهاز التشريعي .ويقوم هذا الجهاز بعملية التحديث أوال عبر مقترحات
29
القوانين التي يتقدم بها السادة النواب والمستشارين ،كما يتجلى هذا الدور عبر التعديالت
التي يتم إدخالها من طرف مختلف اللجان البرلمانية الدائمة[ ]72على مشاريع القوانين التي
تتقدم بها الحكومة.
الفقرة الثانية :السلطة الحكومية والمؤسسات اإلستشارية
تعتبر السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ،المحرك
األساسي لتفعيل السياسة الحكومية المعتمدة في مجال التحديث اإلداري (أوال) ،كما خول
المشرع المغربي جملة من الصالحيات والمهام في ميدان التحديث اإلداري ،لفائدة
المؤسسات اإلستشارية (ثانيا).
أوال :دور السلطة الحكومية واللجان اإلدارية في مجال التحديث
تعد السلطة الحكومية أهم عنصر في الحياة السياسية ،إنها مؤسسة أساسية وجهاز
ضروري ،فوضعية الحكومة في الدستور المغربي تؤهلها لتنفيذ القوانين تحت سلطة
رئيسها واإلدارة موضوعة رهن تصرفاتها[.]73
السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة أ-
تبعا للمادة األولى من المرسوم رقم ،8.12.28الصادر بتاريخ 11نوفمبر ،8112
" تناط بالسلطة الحكومية المكلفة بتحديث القطاعات العامة مهمة اإلعداد والسهر على
تنفيذ السياسة الحكومية المتعلقة بالوظيفة العمومية وبتحديث القطاعات العامة.]74["...
ولهذه الغاية تتكلف بما يلي:
السهر على تطبيق ا لنظام األساسي العام للوظيفة العمومية وعلى انسجام القواعد
المتعلقة باألنظمة األساسية ،وبالتعويضات واإلحتياط اإلجتماعي لجميع موظفي الدولة
والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية.
وتشتمل وزارة تحديث القطاعات العامة ،باإلضافة إلى ديوان الوزير والمفتشية
العامة ،على إدارة مركزية تتألف من:
30
كتابة عامة ؛ -
مدير الوظيفة العمومية ؛ -
مدير نظم المعلوميات ؛ -
مدير الموارد والتعاون والتواصل. -
وتتولى مديرية تحديث اإلدارة القيام بمشاريع تحديث القطاعات العامة ،خاصة
تنمية جودة الخدمات العمومية وتحسين العالقات مع المرتفقين (المواطنين) ،وضمان
تتبع إعادة هيكلة اإلدارات وفق أهداف التحديث والالتمركز اإلداري ،باإلضافة إلى:
الدفع وتتبع المشاريع المتعلقة بتبسيط المساطر وتوحيد المساطر اإلدارية ؛ -
المساهمة في تدعيم األخالقيات والحكامة الجيدة في القطاعات العمومية ؛ -
تقييم سياسات التحديث ،وإعداد مشاريع تطوير وتثمين الموارد البشرية -
لإلدارة ،من خالل دعم التكوين المستمر وإعداد مناهج التدبير.
وفي نفس السياق تقوم مديرية نظم المعلوميات بعدة مهام تتجلى:
المشاركة في إنشاء وتحديث نظم المعلوميات ؛ -
المساهمة في البرنامج الوطني إلدارة الرقمية ؛ -
تدبير مركز توجيه وإرشاد المرتفقين. -
تعتبر اللجان اإلدارية المتساوية األعضاء استثناء بالنسبة لباقي الهيئات اإلستشارية ،
وذلك نظرا للدور الذي تقوم به داخل الوظيفة العمومية ،إذ نجد استشارتها إلزامية في
كثير من المجاالت ،بل نجد أيض ا أن من هذه اللجان اإلدارية المتساوية األعضاء ينبثق
ممثلو الموظفين بمجلس المستشارين ،المنتخبون بصفة غير مباشرة لعضوية هذا المجلس
،تطبيقا لمقتضيات الظهير الشريف بتنفيذ القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس
المستشارين بتاريخ 9شتنبر .]75[ 1441
[ - ]75ظهير شريف رقم ، 14224123صادر بتاريخ فاتح جمادي األول ( ، 1112الموافق ل 1شتنبر ، )1222بتنفيذ القانون رقم 28-22
المتعلق بمجلس المستشارين .الجريدة الرسمية ،عدد 1113صادرة بتاريخ 11 ،شتنبر ،1222ص.2101 :
31
وإذا ما نضرنا لمقتضيات ظهير 89فبراير 1412نجده يخول اللجان اإلدارية
المتساوية األعضاء عدة اختصاصات ،بحيث تعرض عليها الئحة ترقي الموظفين ،
والقيام بدور المجلس التأديبي ،وإبداء الرأي قبل اتخاذ بعض القرارات اإلدارية الخاصة
بالموظفين[.]76
ثانيا :دور المؤسسات االستشارية الفاعلة في مجال التحديث
يلعب المجلس األعلى للوظيفة العمومية دورا أساسيا في مجال التحديث اإلداري ،
حيث يتولى النظر في مختلف مشاريع القوانين الرامية إلى تغيير وتتميم النظام األساسي
للوظيفة العمومية ( ،أ) وإلى جانب ذلك ،بات المجتمع المدني يحتل مكانة أساسية في كل
عملية تهم تحديث اإلدارة ،بحكم أن التحديث عملية مجتمعية تتطلب تضافر الجهود بين
مختلف الفاعلين(ب).
دور المجلس األعلى في ميدان التحديث اإلداري أ-
يجد هذا المجلس أصله في الفصل العاشر( )11من ظهير 89فبراير 1412المتعلق
بالنظام األساسي العام للوظيفة العمومية[.]77
فبالنسبة إلختصاصات هذا المجلس تتجلى أساسا في :
يؤسس مجلس أعلى للوظيفة العمومية يختص بالنظر في جميع مشاريع -
القوانين الرامية إلى تغيير أو تتميم النظام األساسي العام للوظيفة العمومية ؛
كما يختص بالنظر في جميع القضايا ذات الطابع العام المتعلقة بالوظيفة -
العمومية المعروضة عليه من طرف الحكومة.
وفي هذا الصدد يكلف بما يلي:
إبداء رأيه حول توجهات السياسة الحكومية في مجال التكوين المستمر -
لموظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية ؛
إقتراح جميع التدابير التي من شأنها تطوير منظومة الموارد البشرية ؛ -
"ويسهر المجلس األعلى للوظيفة العمومية في إطار المهام الموكولة اليه بموجب
[ - ]76عبد القادر باينة " ،الموظفون العموميون بالمغرب" ،دار توبقال للنشر ،الطبعة األولى ،. 8118ص.20 :
* [ - ]77لقد تم تغيير وتتميم هذا الفصل العاشر ( )10بمقتضى القانون رقم ، 21-22الذي صادق عليه البرلمان في نهاية سنة 8008م ،وتم تنفيذه
بظهير شريف ،منشور في الجريدة الرسمية ،عدد ، 1233بتاريخ يناير .8001
32
القانون على احترام الضمانات األساسية المخولة للموظفين".
األطراف المساهمة في عملية التحديث ب-
المقصود باألطراف المساهمة والفاعلة في عملية التحديث اإلداري :السلطة التنفيذية
والتشريعية واألحزاب السياسية والنقابات والرأي العام وجماعات الضغط والصحافة ،إال
أنه وتوخيا للتركيز سنعمل على بلورة دور الرأي العام واألحزاب السياسية ومعها النقابات
في تحريك عملية التحديث اإلداري ،وهذا ال يعني أن دور باقي الفعاليات غير مهم.
-)1الرأي العام :ويتجسد دوره أساسا عبر الصحافة واإلحتجاجات واإلضرابات
العمالية .فالصحافة تضطلع بدور مهم في تنوير الجمهور حول العديد من القضايا
والشؤون العمة التي تتضمن إخالال بحسن التسيير والتي يقتضي األمر تقويمها ،كما
تعمل الصحافة على تنوير الجهات الحكومية باإلقتراحات التي تتقدم بها ،وهي بحق تعتبر
[]78
ليس فقط من الناحية الرقابية والوقوف أمام أوجه التعسف ،ولكن من سلطة رابعة
خالل الدور الذي يمكن أن تلعبه في تفعيل عملية التحديث اإلداري ،إذا ما أعطيت لها
حرية التعبير[.]79
كما أن اإلضرابات واإلحتجاجات العمالية تعتبر هي األخرى وسيلة من وسائل
الرأي العام لتنبيه السلطات اإلدارية إلى الجوانب السلبية التي قد تشوب تسييرها ،
وتمارس عليها ضغوطات ،لجعلها تقوم باإلصالحات الضرورية التي يتطلبها تدبير
الشأن العام.
-)8القيادات اإلدارية :تلعب القيادات اإلدارية دورا هاما في عملية التحديث
اإلداري ،وذلك عبر تبني أهدافه وسياساته وبرامجه ،إنطالقا من تهيئة الظروف
والمقومات األساسية إلعمال هذا التغيير الكلي .فالقيادة السياسية هي وحدها القادرة على
إعطاء التغيير أو التحديث اإلداري مضمونه السياسي ،خاصة في الحاالت التي يعاني
منها الجهاز اإلداري للدولة مشاكل تجعل منه عرقلة لإلستثمار والنمو ،كالفساد اإلداري
مثال ،فالدور الذي تلعبه القيادة السياسية في تبني قضية التغيير اإلداري ،وإعطائها
[ - ]78بيار ألبير" ،الصحافة" ترجمة محمد برجاوي منشورات عويدات األولى ،طبعة ، 0791ص.86:
[ - ]79التقرير اإلستراتيجي للمغرب ( )0777 -0776من إنجاز مركز الدراسات واألبحاث ،تطرق للصحافة والصحفيين ،ص 323 :وما
بعدها.
33
الدفعة والحسم واإلستمرارية الالزمة تعتبر شرطا أساسيا لنجاح عملية التحديث.
وفي هذا الصدد يرى د .أحمد صقر عاشور أن ":دور القيادات السياسية ال يقتصر
على إعطاء دفعة قوية لإلصالح ،وإنما يمتد ليشمل حل التناقضات التي تنشأ بين
األطراف المختلفة خالل عملية التغيير ،وفك التحالفات المقاومة لإلصالح وكسر حدة هذه
المقاومة من قبل العناصر التي تبدي مقاومة للتغيير أو استمالة هذه العناصر .فهذه المهام
تعتبر القيادة السياسية مؤهلة للقيام بها مما ال يتاح لغيرها من األطراف.]80["...
-).الهيئات النقابية :للنقابات المهنية دور مهم في صناعة القرارات السياسية،
باعتبارها المزود األساسي للمقررين السياسيين بالمعطيات المتعلقة بموضوع القرار.
فحسب المادة .42من الباب األول من القسم األول من القانون رقم 21 – 44
[]81
"تهدف النقابات المهنية باإلضافة إلى ما تنص عليه مقتضيات المتعلق بمدونة الشغل
الفصل الثالث من الدستور إلى الدفاع عن المصالح االقتصادية واالجتماعية والمعنوية
والمهنية ،الفردية منها والجماعية للفئات التي تؤطرها وإلى دراسة وتنمية هذه المصالح
وتطوير المستوى الثقافي للمنخرطين بها .كما تساهم في التحضير للسياسة الوطنية في
الميدانين االقتصادي واالجتماعي ،وتستشار في جميع الخالفات ،والقضايا التي لها
ارتباط بمجال تخصصها"[.]82
وتتجلى مساهمتها في مجال التحديث من خالل التواصل الدائم مع أرباب العمل
واإلدارة .فقد أبانت المركزيات النقابية عن قوتها ووقفت وقفة الند بالند إزاء الحكومة من
خالل المشاركة في الحوار اإلجتماعي المتعلق بمطالب الشغيلة ،وهو ما أسفر عن
تحقيق العديد من المكتسبات من حيث الزيادة في األجور ،وفتح باب الترقية أمام بعض
الفئات المتضررة ،غير أن هذه المكتسبات تضل ضعيفة في ظل األدوار الجديدة التي
أصبحت تلعبها ،بحيث نرى أنه بإشراك هذه النقابات في عضوية المجلس األعلى للوظيفة
العمومية ،ستجعل دورها أكثر فاعلية في تحقيق اإلصالح المتوازن ،األمر الذي يضمن
[ - ]80أحمد صقر عاشور " ،نظرة مستقبلية إلستراتيجيات اإلصالح اإلداري في الوطن العربي" ،موسوعة اإلصالح اإلداري بالوطن العربي ،
مرجع سابق ص.027 :
[ - ]81الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-. – 149بتاريخ 19من رجب 11( 1989سبتمبر .)811.
[ -]82محمد بنيحيى "،قانون الحريات العامة " ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،الطبعة الثانية مزيدة ومحينة ، 8018
ص.123:
34
له فرص أكبر للنجاح واإلنسجام داخل المجتمع.
-)9جماعات الضغط :الجماعات الضاغطة تلعب دورا مهما وعمليا في مختلف
األقطار ،وتعتمد طرق مشاركتهم وسبل تأثيرهم في السياسات العامة على طبيعة
مجتمعاتهم ونظمهم[ .]83فهي بذلك تلعب دورا مهما في إدارة الشؤون العامة ،من خالل
مشاركتها في توجيه سياسة الدولة والتأثير في موظفي الحكومة ،غير أن تأثيرها في
السياسة يقتصر على المواضيع التي تعنيها فقط ،وبالتالي فهي ال تهدف للسيطرة على
السلطة العامة للدولة ككل[.]84
وتعد الجماعات الضاغطة إحدى أهم القوى المؤثرة في األنظمة السياسية الحديثة ،
وذلك من خالل تأثيرها في العمليات االنتخابية واألحزاب السياسية والرأي العام...؛ وكل
ما له عالقة بالحياة السياسية عموما ً في إطار دولة ما .إالّ أن درجة هذا التأثير تختلف من
دولة ألخرى[.]85
فالجماعات الضاغطة تقوم بنقل المطالب إلى المختصين بإصدار القرار السياسي ،
ويتعلق األمر بوظيفة التعبير عن المصالح ،وهي في هذا اإلطار بمثابة نقطة التقاء
المجتمع بالنظام السياسي .والجدير باإلشارة إليه هو أن النظام السياسي يعتمد كثيرا على
الجماعات الضاغطة التي تزوده بهذه المطالب[ .]86فهذه الجماعات تسهم في بلورة
المطالب وتجميعها وإيصالها وطرح البدائل للسياسات العامة خاصة حين تكون
الموضوعات ذات طبيعة فنية ،وبعملهم هذا فإنهم يسهمون في ترشيد السياسات التي
تتخذ[ ، ]87وحسب ( )Meynaudفإن الجماعات الضاغطة تؤدي وظائف أساسية هي :
توفير معلومات مفصلة حول القضايا أو القطاعات التي تدافع عنها هذه
الجماعات ،وذلك لفائدة المسؤولين اإلداريين المختصين بإصدار القرار السياسي ؛
-جيمس أندرسون "،صنع السياسات العامة" ،جامعة هيوستن-تكساس ،ترجمة عامر الكبسي ،دار المسيرة للنشر والتوزيع ، 1222ص: []83
.32
[ - ]84سليمان صالح الغويل "،ديمقراطية األحزاب السياسية والجماعات الضاغطة دراسة تحليلية في ضوء القوانين الدستورية المقارنة ،
ص.122:
[ - ]85أحمد مفيد ،النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية دراسة في الدولة والدستور وأنظمة الحكم الديمقراطي وآليات المشاركة
السياسية ,الطبعة األولى 8002ص.881 :
[ - ]86نور الدين أشحشاح " القوى السياسية :األحزاب والجماعات والرأي العام" مطبعة اسبارطيل – طنجة ،طبعة ، 8002ص .128 :
[ - ]87جيمس أندرسون "، ،صنع السياسات العامة" ،المرجع السابق ،ص 32 :
35
تحقق التراضي بشأن التدابير التي تم التوصل إلى إصدارها فهذه الجماعات
تخدم كثيرا مصالح النظام عندما يأخذ مسيريها على عاتقهم مهمة شرح ما تم التوصل إليه
ألعضائها ،وفرض احترامه واالنضباط له من قبل األعضاء ؛
عقلنة المطالب والطموحات ،أي تقديمها في صورة قابلة للتحقق ودون أن
تكون ماسة بالمرتكزات التي يقوم عليها النظام السياسي.
فالجماعات الضاغطة انطالقا مما سبق تتصرف كحليف للنظام السياسي ال كخصم
له ،فهي وظائف تساعد النظام على التكيف مع محيطه وأداء الوظائف واألدوار المنوطة
به[.]88
وعموما فالجماعات الضاغطة يظهر دورها بشكل كبير في الديمقراطيات الغربية
،حيث أن لها بصمات واضحة في مجموعة من القرارات المتخذة ،وعلى العكس من ذلك
فإن تأثيرها جد ضعيف إن لم يكن منعدم في مجموعة كبيرة من دول العالم الثالث[.]89
-)1دور األحزاب السياسية :تؤدي األحزاب السياسية وظائف متعددة تمس مجاالت
عدة ،اإلدارية منها والسياسية واالقتصادية واالجتماعية ،فهي فضاء يوفر فرصة مناسبة
لكل أفراد المجتمع في المساهمة والمشاركة في عملية صنع القرار السياسي ،حيث تقوم
هذه األحزاب بتجميع وبلورة وجهة نظر سياسية واحدة على مستوى الحزب ،والتعبير
عنها أمام الهيئات السياسية[ .]90كما أن األحزاب السياسية جاءت إلعطاء نوع من
الطمأنينة للمواطنين من خالل توضيح االختيارات االنتخابية من جهة ولتلعب من جهة
ثانية دوراً وقائيا ً للحكام هذا وتقوم األحزاب السياسية بدمج المواطنين في المحيط الذي
يعيشون فيه ،وتعتبر بذلك وسيطا ً بين المواطنين والسلطة لتقلل بذلك من مخاطر المجابهة
بين السلطة والمواطنين.
وعليه ؛ فإنها تقدم وسيلة لتصريف الصراعات الكامنة وإمكانية إعطائها صيغة
واقعية لتخدم النظام عبر المساهمة في اإلبقاء على التوازن العام.
[ - ]88نور الدين أشحشاح " ،القوى السياسية :األحزاب والجماعات والرأي العام" ،مرجع سابق ،ص .122 :
[ -]89أحمد مفيد ،النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية ،مرجع سابق ،ص.882 :
[ - ]90بهدين نوال " ،الفاعلون في رسم معالم السياسة الخارجية المغربية وفق مقتضيات الدستور الجديد" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية عدد
111-114مارس -يونيو ، 811.ص.21 :
36
المجتمع المدني في العصر الحاضر من -)2دور المجتمع المدني :يعتبر
المكونات األساسية لكل مجتمع ديمقراطي حداثي ،لذلك متعها الدستور المغربي الجديد
لسنة 8111بحق ممارسة أنشطتها بحرية في إطار احترام الدستور والقانون ،مخوال ً
إياها جملة من الضمانات القضائية التي تجعل أمر حلها أو توقيفها من قبل السلطات
[]91
،أضف إلى ذلك أن الجمعيات المهتمة العمومية ال يتم إال بمقتضى مقرر قضائيي
بقضايا الشأن العام تساهم في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد قرارات ومشاريع
[]92
وكذا في تفعيلها وتقييمها وعلى هذه لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية
المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة طبق شروط وكيفيات يحددها القانون [.]93
وقد مكن الدستور المغربي المجتمع المدني من المشاركة في صناعة القرار
العمومي عبر مجموعة من اآلليات والميكانزمات في سياق عالمي تراجعت فيه
الديمقرا طية التمثيلية لصالح الديمقراطية التشاركية باعتبارها آلية مثلى لتفعيل مساهمة
المجتمع المدني في مسلسل صنع القرار العمومي.
فالفصل 18من الدستور أعطى مفهوم المجتمع المدني وجعل منه شريكا خالل كل
مراحل دورات السياسات العامة ،من الصياغة واإلعداد إلى التقييم مرورا بلحظة التنفيذ
ومن جهة أخرى يوسع مجال هذه الديمقراطية التشاركية لكي ال تقتصر فقط على
المؤسسات المنتخبة (المحلية والوطنية) بل لتشمل كذلك كل السلطات العمومية[.]94
حيث أن المقتضيات الدستورية المنظمة ألشكال وصيغ الديمقراطية التشاركية
يمكن التمييز فيها بين المستوى الوطني والمستوى الترابي.
على المستوى الوطني
[ - ]91ينص الفصل 18من دستور المملكة المغربية في بنده الثاني على أنه " :ال يمكن حل هذه الجمعيات والمنظمات أو توقيفها من لدن السلطات
العمومية إال بمقتضى مقرر قضائي" .كما جاء في البند األول نمنه على أنه " تؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية
وتمارس أنشطتها بحرية ،في نطاق احترام الدستور والقانون".
[ - ]92الفصل 18من دستور المملكة المغربية لسنة ، 8011البند الثاني والثالث منه.
[ - ]93كريم لحرش " الدستور الجديد للمملكة المغربية -شرح وتحليل ، " -سلسلة العمل التشريعي واالجتهادات القضائية ،العدد ، 2سنة
،.8018ص.80 :
[ - ]94حسن طارق " ،السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد " ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال
جامعية عدد 28سنة ، 8018مرجع سابق ،ص.12:
37
يتعلق األمر بالتنصيص على هيئات للتشاور لدى السلطات العمومية [ ،]95والحق
[]96
،كما تنص على ذلك الفقرة األولى من المادة في تقديم ملتمسات في مجال التشريع
8من مشروع القانون التنظيمي رقم 29-19التي جاء فيها "كل مبادرة يتقدم بها مواطنات
ومواطنون وفق أحكام هذا القانون التنظيمي بهدف المساهمة في المبادرة التشريعية
[]98 []97
كما أن الفقرة وكذلك حق تقديم العرائض ويشار إليها بعده باسم "الملتمس".
األولى من المادة 8تنص على أن "العريضة كل طلب مكتوب يتضمن مطالب أو
مقترحات أو توصيات يوجهه بصفة جماعية ،مواطنات ومواطنون مقيمون بالمغرب أو
خارجه إلى السلطة العمومية المعنية قصد اتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات في إطار
احترام أحكام الدستور والقانون وطبقا لإلجراءات المنصوص عليها في هذا القانون
التنظيمي"[.]99
وفي نفس السياق ينص الفصل 1.من دستور 8111على أنه " تعمل السلطات
العمومية على إحداث هيئات التشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين في إعداد
السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها".
وقد أثبتت العديد من التجارب السياسية أن للفاعلين الجمعويين دور هام في تنشيط
الحياة السياسية والتنموية وأضحى تواجدهم إلى جانب الفاعلين السياسيين أمر ال مناص
منه[.]100
وقد إنتقل توسيع األطراف المعنية بهذا التشاور مع السلطات العمومية من مجرد
جمعيات أو منظمات غير حكومية إلى مفهوم أوسع ليشمل مختلف الفاعلين االجتماعيين
مما يجعل إطارات أخرى كالنقابات أو التنظيمات المهنية مدمجة في هذه المقاربة.
تعتبر مسألة التشاور واإلشراك تعزيزا لدور هؤالء الفاعلين االجتماعيين في التأثير
38
على السياسات العمومية في كل مراحلها :اإلعداد ،التفعيل والتنفيذ ثم التقييم[.]101
[ - ]101حسن طارق " ،السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد" ،مرجع سابق ،ص.11 :
[ - ]102الفصل 123من دستور المملكة المغربية لسنة .8011
[ -]103كريم لحرش " ،الدستور الجديد للمملكة المغربية -شرح وتحليل " ،مرجع سابق ،ص.132:
[ -]104حسن طارق ،السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد ،مرجع سابق ،ص.11:
39
وبديهي أن يكون مجال األسرة من بين المجاالت المهمة التي أدلت فيها جمعيات المجتمع
المدني ،وال سيما الجمعيات النسائية مطالبة بإنصاف النساء ورفع الظلم عنهن وحماية
حقوق الطفل وغيرها من المطالب المرتبطة بحقوق األسرة وكل ذلك في إطار تشاركي
مع مؤسسات الدولة المعنية بقضايا حقوق اإلنسان ومن أهم المحطات البارزة التي عرفت
مشاركة فعالة للجمعيات النسائية نجد:
اإلعداد لمشروع "الخطة الوطنية إلدماج المرأة في التنمية"؛
عملية إعداد التقارير الدولية الخاصة بإعمال اتفاقية القضاء على جميع
أشكال التمييز ضد المرأة.
وكذلك الدور الذي لعبه المجتمع المدني في تغيير مضمون الفصل 911من القانون
الجنائي الذي ينص على إعفاء المغتصب من العقوبة إذا تزوج من الضحية القاصر.
المطلب الثاني :المقومات القانونية لإلدارة الجماعية.
تقوم اإلدارة الجماعية على مجموعة من األسس تشكل في مجملها ركائز أساسية
لهذه األخيرة ،ويعد القانون التنظيمي رقم 11..19من بين أهم الركائز القانونية لإلدارة
الجماعية إلى جانب المنشور الوزاري رقم 9.المتعلق بتنظيم إدارات الجماعات(الفقرة
األولى) ،هذا باإلضافة إلى النظام األساسي للمنتخب الجماعي (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :مضمون القانون التظيمي رقم 11..11المتعلق بالجماعات
لقد حمل القانون التنظمي رقم 11..19يتعلق بالجماعات عدة مقتضيات تهم
اإلدارة الجماعية سواء من حيث التنظيم أو اإلختصاص (أوال) كما حمل المنشور رقم 9.
حول تنظيم إدارات الجماعات عدة مستجدات ( ثانيا).
أوال :اختصاص و تنظيم اإلدارة الجماعية
لقد شكل صدور دستور فاتح يوليوز 8111عهد جديد في مجال الالمركزية ،إذ
اختصاصات ذاتية ارتقى بالجماعات إلى مصاف الجماعات الترابية مع منحها
واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه األخيرة .كما كرس
مبدأ التدبير الحر والتعاون والتضامن بين الجماعات والجماعات الترابية األخرى ومبدأ
تأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم.
40
ومن اجل تنزيل وتفعيل االختصاصات الدستورية صدر القانون التنظيمي 11..19
المتعلق بالجماعات ليحدد ويدقق ويضبط اختصاصات المجلس الجماعي
اختصاصات الجماعة الترابية أ-
يمارس المجلس الجماعي داخل دائرته الترابية مجموعة من االختصاصات تشمل
اإلختصاصات الذاتية والمشتركة مع الدولة والمنقولة إليها من هذه األخيرة.
-)1اإلختصاصات الذاتية للجماعة.
يعد برنامج عمل الجماعة من االختصاصات الذاتية الجديدة األصيلة التي ضمنها
القانون التنظيمي 11..19بعدما كان المجلس الجماعي في إطار القانون 12.11والمتمم
بالقانون 11.12يختص بوضع مخطط التنمية االجتماعية واالقتصادية ويصوت عليه
المجلس الجماعي بعد إعداده من طرف الرئيس إال أن المشرع في إطار القانون التنظيمي
11..19المتعلق بالجماعات ؛ ومن أجل تعزيز اختصاصات المجلس الجماعي جاء
ببرنامج عمل تضعه الجماعة تحت إشراف رئيسها في السنة األولى من مدة انتدابه على
أبعد تقدير بانسجام مع توجهات البرامج التنموية الجهوية ،وتعمل على تتبعه وتحينه
وتقيمه ،ويتضمن هذا البرنامج األعمال التنموية المقرر إنجازها بعد تشخيص حاجيات
وإمكانيات الجماعة وتحديد األولويات وتقدير مواردها ونفقاتها الخاصة بالثالث سنوات
األولى وأن يأخذ بعين االعتبار مقاربة النوع كما يمكن تحين عمل الجماعة ابتداء من
السنة الثالثة من دخول حيز التفنيد[.]105
وتفعيال لمبدأ التعاون والتضامن المنصوص عليه في دستور ]106[ 8111يستوجب
إمداد اإلدارة والجماعات الترابية األخرى والمؤسسات والمقاوالت العمومية المجلس
الجماعي بالوثائق المتعلقة بمشاريع التجهيز المراد إنجازها بتراب الجماعة.
عمال بمبدأ التوزيع المتكامل لالختصاصات بين السلطة المركزية والجماعات خول
القانون التنظيمي 11..19المتعلق بالجماعات المجلس الجماعي إدارة المرافق العمومية
للجماعة وتسييرها كما خصها باختصاصات في مجال التجهيز.
41
فالمجلس الجماعي يقوم بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية أالزمة لتقديم
خدمات القرب للمواطنين والمواطنات في مجموعة من الميادين من بينها توزيع الماء
الصالح للشرب والكهرباء واإلنارة العمومية ،وكذا تنظيف الطرقات والساحات العمومية
وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى المطارح ومعالجتها وتثمينها وغيرها من
االختصاصات المنصوص عليها في المادة 2.من القانون التنظيمي 11..19المتعلق
بالجماعات.
ومن المستجدات أيضا المتعلق بالجماعات أنه يمكن للمجلس تفعيال لمبدأ التفريع
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 192من الدستور وخاصة البند التاسع منه المتعلق باآلليات
الرامية إلى ضمان تكيف تطور التنظيم الترابي يمكن للمجلس الجماعي تحويل اختصاص
أو بعض االختصاصات الموكولة لها إلى مجلس العمالة أو اإلقليم .ويتم تحويل هذه
االختصاصات إما بطلب من الجماعة أو الجماعة الراغبة في ذلك أو بطلب من الدولة
التي تخص تحفيزات مالية في إطار التعاقد بين الجماعات أو بمبادرة من العمالة أو اإلقليم
المعني.
وتعد آلية التعاون والشراكة من االختصاصات التي ضمنها القانون 12.11المتعلق
بالميثاق الجماعي المتمم بالقانون رقم 11.12ضمن مجال مخطط للتنمية االقتصادية
واالجتماعية حيث كان المجلس الجماعي يختص بجميع أعمال التعاون والشراكة التي من
شأنها أن تنعش التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة بشراكة مع اإلدارة
واألشخاص المعنوية األخرى الخاضعة للقانون العام والشركاء االقتصاديين واالجتماعيين
أو من كل منظمة أجنبية.
إال أن القانون التنظيمي 11..19المتعلق بالجماعات وسع من مجال التعاون
والشراكة بين الجماعة وباقي الفاعلين من إدارة وجماعات ترابية أخرى.
كما خول القانون التنظيمي 11..19المجلس الجماعي صالحية إبرام اتفاقيات مع
فاعلين من خارج المملكة في إطار التعاون الدولي ،وكذا الحصول على تمويالت في
نفس اإلطار بعد موافقة السلطة العمومية طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل.
وال يمكن إبرام اتفاقيات بين جماعة أو مؤسسة التعاون بين الجماعة ومجموع
42
الجماعات الترابية ودولة أجنبية.
إضافة ،إلى االختصاصات الذاتية منح المشرع للمجلس الجماعي اختصاصات
مشتركة بينه وبين الدولة وأخرى منقولة من هذه األخيرة ،وكذلك صات خوله صالحيات
واسعة في المجال المالي واإلداري.
-)2االختصاصات المشتركة
تشتمل االختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعة االختصاصات التي يتبين أن
نجاعة ممارستها ال يمكن أن تتحقق إال بشكل مشترك مع الدولة .كما تشمل االختصاصات
ا لمنقولة من الدولة إلى المجلس الجماعي مما يوسع من االختصاصات الذاتية بشكل
تدريجي
وتعتبر االختصاصات المشتركة مع الدولة من المستجدات التي نص عليها دستور
8111وحددها ونضمها القانون التنظيمي 11..19المتعلق بالجماعات بحيث كانت في
إطار القانون 12.11المتعلق بالميثاق الجماعي والمتمم بالقانون 11.11تعد من
االختصاصات االستشارية للمجلس الجماعي الذي كان دوره يقتصر فقط في اقتراح
األعمال الواجب القيام بها إلنعاش التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة وذلك
في حالة تجاوز هذه األعمال في نطاق االختصاصات الموكولة إليها أو تفوق الوسائل
المتوفرة لديها ،ويقتصر دوره في إبداء رأيه كلما استوجب ذلك طبقا للقوانين المعمول بها
أو كلما طلبته الدولة أو الجماعات الترابية األخرى.
ومن ضمن االختصاصات الجديدة التي جاء بها الدستور المغربي لسنة 8111
ونضمها القانون التنظيمي الجديد 11..19المتعلق بالجماعات االختصاصات المشتركة
بين الجماعات والدولة وحددها في المادة 22في المجاالت التالية :
تنمية االقتصاد المحلي وإنعاش الشغل و المحافظة على خصوصيات التراث الثقافي
المخلي وتنميته ؛
القيام باألعمال الالزمة إلنعاش وتشجيع االستثمارات الخاصة والسيما انجاز البنيات
التحتية والتجهيزات المساهمة في إقامة مناطق األنشطة االقتصادية وتحسين ظروف عمل
المقاوالت.
43
ولهذه الغاية يمكن للجماعة أن تساهم في انجاز األعمال التالية :
إحداث دور الشباب ؛ إحداث دور الحضانة ودور األطفال ؛ إحداث المراكز
النسوية ؛ إحداث دور العمل الخيري ومأوى العجزة ؛
وتحدد بقانون كيفيات التعاقد بين الدولة والجماعة لممارسة االختصاصات
المشتركة.
-).االختصاصات المنقولة
تشمل االختصاصات المنقولة االختصاصات التي تنقل من الدولة إلى الجماعة بما
يسمح بتوسيع االختصاصات الذاتية بشكل تدريجي وتحدد اعتمادا على مبدأ التفريع الذي
يعتبر من المستجدات التي جاء بها الدستور المغربي 8111مجاالت االختصاصات
المنقولة من الدولة إلى الجماعة وتشمل هذه المجاالت بصفة خاصة:
-حماية وترميم المآثر التاريخية بصفة خاصة والحفاظ على المواقع الطبيعة
-إحداث وصيانة المنشآت والتجهيزات المائية الصغيرة والمتوسطة.
ويراعى مبدأ التدرج والتمايز بين الجماعات عند نقل االختصاصات من الدولة الى
الجماعة ولهذا يتم نقل االختصاص وفق المبدأين المشار إليهم في الفقرة السابقة عن طريق
التعاقد مع الدولة هذا من جهة ومن جهة أخرى يتم تحديد كيفيات التعاقد بين الدولة
والجماعة من أجل ممارسة االختصاصات المنقولة بموجب قانون.
وحسب البند الرابع من الفصل 192من الدستور يكون تحويل اختصاصات ذاتية
للجماعة أو الجماعات المعنية بموجب قانون تنظيمي ( المادة .)41
ب -صالحيات المجلس الجماعي وتنظيمه
منح المشرع في إطار القانون التنظيمي 11..19مجلس الجماعة صالحيات مالية
وإدارية واسعة من أجل النهوض بالتنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة.
-)1الصالحيات المالية للمجلس الجماعي
نظرا للدور الكبير الذي تلعبه ميزانية الجماعة في تسيير شؤون ومصالح الجماعة
فبدون موارد م الية للجماعة ال يمكن الحديث عن مجلس جماعي أو تنمية اقتصادية أو
اجتماعية وثقافية للجماعة ومن أجل ذلك منح القانون التنظيمي 11..19صالحيات
44
واسعة للمجلس الجماعي واستقاللية في تحضير الميزانية وفتح الحسابات الخصوصية
والميزانيات الملحقة وفتح اعتمادات جديدة و الرفع من مبالغ االعتمادت وتحويلها داخل
نفس الفصل ،وتحديد سعر الرسوم واإلتاوة .و إحداث أجرة عن الخدمات المقدمة وتحديد
سعرها الهبات والوصايا الممنوحة للجماعة وتدبير أمالك الدولة والمحا فضة عليها و
صيانتها.
صالحيات المجلس في التعليم والصحة وتنظيم اإلدارة والتعاون والشراكة
إضافة إلى الصالحيات المالية نص المشرع المجلس الجماعي بصالحية في ضوابط
البناء والتعمير واألنظمة العامة الجماعية للوقاية الصحية والنظافة العمومية ،وإبداء
الرأي حول وثائق التعمير طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل كما به صالحية
الساحات والطرق العمومية واتخاذ التدابير أالزمة لمحاربة عوامل انتشار اإلمراض ،
وإحداث وتنظيم المكاتب الجماعية لحفظ الصحة.
كما تدخل مهمة تنظيم اإلدارة وتحديد اختصاصات إدارة الجماعة ضمن صالحياته
كما له صالحيات التعاون والشراكة وذلك بالمساهمة في إحداث مجموعة الجماعات
الترا بية ومؤسسات التعاون بين الجماعات أو االنضمام اليها أو االنسحاب منها .كما له
صالحية إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة مع القطاع العام أو الخاص ومشاريع اتفاقية
التوأمة والتعاون االمركزي مع جماعات ترابية وطنية أو أجنبية وصالحية االنخراط أو
المشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية .
كما نص القانون التنظيمي 11..19على وجوب موافقة والي الجهة على كل أشكال
التبادل بين الجماعة والجماعات الترابية األجنبية وذلك في إطار احترام االلتزامات الدولية
للمملكة.
-)2 تنظيم وتسيير مجلس الجماعة
الجماعات هي أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة ،وهي جماعات ترابية خاضعة
للقانون العام تتمتع بالشخصية االعتبارية واإلستقالل المالي واإلداري ،ويرتكز تدبير
شؤونها على مبدأ التدبير الحر الذي يعطي لكل جماعة في حدود اختصاصاتها سلطة
التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مداوالتها ومقرراتها.
45
تنظيم مجلس الجماعة
يدير شؤون الجماعة مجلس ينتخب أعضاؤه باإلقتراع العام المباشر.
ويجتمع مجلس الجماعة النتخاب الرئيس ونوابه في جلسة واحدة خالل الخمسة
عشر( )11يوما الموالية النتخاب أعضاء المجلس ،وال يمكن أن يتداول بكيفية صحيحة
إال بحضور األغلبية المطلقة لألعضاء المزاولين مهامهم.
ويتعين على المترشحين للرئاسة توفرهم على الشروط التالية:
-االنتماء إلى األحزاب الحاصلة على المراتب الخمس األولى ،أما المستقلون فال
يطلب منهم هذا الشرط ؛
-إرفاق طلب الترشيح بتزكية الحزب الذي ينتمون إليه ،وال يطلب حصول هذا
الشرط في المستقلين.
وتوضع الترشيحات لرئاسة المجلس لدى عامل العمالة أو اإلقليم خالل الخمسة أيام
( )1الموالية النتخاب أعضاء المجلس ،ويسلم العامل وصال على ذلك ،ومباشرة بعد
انتخاب الرئيس وتحت رئاسته يتم انتخاب نوابه ،بحضور العامل أو من ينوب عنه ،كما
ينتخب المجلس في أول دورة يعقدها بعد المصادقة على نظامه الداخلي لجنتين دائمتين
على األقل وخمسة ( )1لجان على األكثر ،وينتخب أيضا رئيسا لكل لجنة ونائبا له ،
ويراعى مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء في رئاسة اللجان مع تخصيص رئاسة إحدى
اللجان للمعارضة.
وبالنسبة للدورات ؛ يعقد المجلس وجوبا ثالث دورات عادية خالل السنة أثناء
شهور :فبراير -ماي – أكتوبر ،ويحدد لكل دورة جدولة زمنية والنقط التي سيتداول في
شانها المجلس ،هذا من جهة ومن جهة أخرى ،فإن مداوالت المجلس ال تكون صحيحة
إال بحضور أكثر من نصف عدد أعضاءه المزاولين مهامهم ،وتتخذ المقررات باألغلبية
المطلقة لألصوات المعبر عنها.
تسيير المجلس الجماعي
يتولى رئيس المجلس الجماعي إعداد جدول أعمال الدورات بتعاون مع أعضاء
المكتب ويبلغه إلى عامل العمالة أو اإلقليم عشرين يوما ( )81على األقل قبل تاريخ انعقاد
46
الدورة ،وتسجل وجوبا في جدول األعمال العرائض المقدمة من قبل المواطنات
والمواطنين والجمعيات.
وإذا رغب رئيس المجلي في التخلي عن مهامه وجب عليه تقديم استقالته إلى عامل
العمالة أو اإلقليم ،وبالنسبة لنواب الرئيس أو أحد األعضاء وجب عليهم تقديم استقالتهم
لرئيس المجلس الذي يخبر فورا وكتابة العامل بذلك.
أما فيما يخص العزل أو التصريح ببطالن مداوالت المجلس أو إيقاف تنفيذ
المقررات والقرارات التي قد تشوبها عيوب قانونية فالقضاء وحده المختص في ذلك.
هذا ويمنع على كل عضو من أعضاء المجلس بالجماعة ،أن يربط مصالح خاصة
مع الجماعة أو مع مؤسسات التعاون أو مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة
عضوا فيها أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة للجماعة ،أو أن يبرم
معها عقود للكراء أو اإلقتناء أو التبادل أو أي معاملة تهم أمالك الجماعة أو صفقات
األشغال أو التوريدات أو الخدمات ،وسواء كان ذلك بصفة شخصية أو وكيال عن غيره
أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه.
وفي حالة عدم تلبية كل عضو لإلستدعاء لحضور جلسات المجلس ثالث دورات
بصفة متقطعة دون مبرر يعتبر مقاال بحكم القانون ،وإذا وقع حل المجلس أو توقيفه أو
استقال نصف أعضائه وتعذر انتخاب مجلس جديد وجب تعيين لجنة إدارية خاصة بقرار
يتذ من طرف السلطة المكلفة بالداخلية خالل أجل خمسة عشر ( )11يوما ،ويحدد عدد
أعضائها في خمسة ( ) 1أعضاء يكون من بينهم بحكم القانون إما المدير أو المدير العام
للمصالح ،ويترأس اللجنة العامل أو من ينوب عنه ،والذي يمارس الصالحية المخولة
لرئيس المجلس ،وتنحصر مهمتها في تصريف األعمال وال يمكن أن تلزم أموال الجماعة
أكثر من الموارد المتوفرة خالل السنة المالية الجارية[.]107
ثانيا :مستجدات منشور وزير الداخلية رقم 43حول تنظيم إدارات الجماعات
مما ال شك فيه أن منشور وزارة الداخلية رقم 9.المتعلق بتنظيم إدارة الجماعات
[ - ]107عبد العزيز أشرقي ،الجماعات الترابية ،اآلفاق المستقبلية وتحديات التنمية المستدامة ،الجهات العماالت واألقاليم ،الجماعات المحلية ،
طبعة ،8013ص.20- 22 :
47
جاء بمجموعة من المستجدات ،خاصة منها تلك المقتضيات التي تهم تظيم هياكل اإلدارة
الجماعية ،وعليه؛ فما هي أهداف ومرامي ها المنشور ؟ (أ) وماهي معايير اعتماد أو
تحديد اإلدارية للجاماعات ؟ (ب) وذلك اعتمادا على مستجدات المنشور.
أ -أهداف ومرامي المنشور
بالرجوع إلى منشور وزير الداخلية عدد 43بتاريخ 28يوليو 2016بشأن تنظيم
إدارات ألجماعات وبعد استقراء مضمونه ،يتضح جليا أن األهداف المسطرة به هو
تمكين رؤساء مجالس الجماعات من تنفيذ السياسات العمومية المرسومة من طرف
مجالس الجماعات و السند في ذالك بحسب ما أشار اليه المنشور يجد وعاؤه فيما نصت
عليه المادة 94من القانون التنظيمي رقم 11..19المتعلق بالجماعات على أن المقرر
القاضي بتنظيم إدارة الجماعات و تحديد اختصاصاتها يكون قابال للتنفيذ بعد التأشير عليه
من السيد العامل وعلى هدا األساس يحدد هدا المنشور معايير و نماذج الهياكل التنظيمية
لإلدارات الجماعات و التي يقترح لالستئناس أخدها بعين االعتبار عند تداول المجالس
الجماعية بخصوص تنظيم إدارات الجماعات و تحديد اختصاصاتها وكذالك االعتماد
عليها من طرف السادة عمال المعاالت و األقاليم عند التأشير على مقررات مجالس
الجماعات وفق مقتضيات المادة 118من القانون التنظيمي للجماعات.
وفعال تم وضع نماذج تنظيمية بغية تمكين الجماعات من التوفر على إدارة جديدة من
شأنها توفير إطار مالئم للقيام بجميع المهام المنوطة بها بفعالية و نجاعة مع األخذ بعين
االعتبار خصوصية كل جماعة على حده.
ب -معايير تحديد الهياكل اإلدارية للجماعات
يفيد ظاهر المنشور بأن تحديد الهياكل اإلدارية للجماعات تم وفق معايير كان أهمها
معيار عدد سكان الجماعة وفق أخر إحصاء رسمي ،وذالك وفق الشكل التالي:
- 1الجماعات التي يفوق عدد سكانها 250ألف نسمة تتوفر على ما يلي:
-مدير عام للمصالح ؛
-رئيس الديوان ؛
-أربعة ( )9مستشارين بالنسبة للجماعات ذات نظام المقاطعات ؛
48
-مكلف بمهمة ؛
-عشرة ( )11أقسام ؛
-أربعون ( )91مصلحة ؛
-2الجماعات التي يتراوح عدد سكانها مابين 100.001و 251ألف نسمة تتوفر على:
-مدير عام للمصالح أو مدير المصالح ؛
-ستة ( )2أقسام ؛
-عشرون ( )81مصلحة ؛
-.الجماعات التي يتراوح عد سكانها ما بين 15.001و 111الف نسمة.
-مدير عام للمصالح أو مدير المصالح ؛
-ثالثة ( ).أقسام ؛
-أثنى عشرة ( )18مصلحة ؛
-1الجماعات التي يقل او يساوي عدد سكانها 15ألف نسمة ؛
-مدير المصالح ؛
-ثالثة ( ).مصالح [.]108
هكذا وبعد استقراء مضامين القانون المتعلق بالجماعات ؛ يتجلى واضحا ً أن القانون
التنظيمي للجماعات رقم 11..19أشار و ألول مرة إلى مصطلح اإلدارة الجماعية [،]109
وهدا أمر ايجابي لحد ما إذ أن من محاسنه انه يروم إلى إدراج المؤسسة الجماعية في
منظومة اإلدارة.
لكن هل القانون التنظيمي السالف الذكر كان كفيال لرد االعتبار للمؤسسة
الجماعية؟ نجيب على ذلك بالقول أن كثرة اإلحاالت المنصوص عليها باللجوء إلى
ّ
ستشف منها ضبابية وغياب نصوص تنظيمية ومراسيم ،و أخرى في شكل قرارات ي
تصور عام بغياب اإلر ادة الفعلية في تفعيل بنود القوانين التنظيمية ،إذ أن أكثر من 33
[ -]108منشور صادر عن وزارة الداخلية المغربية ،عدد 9.بتاريخ 82يوليو 8112بشأن تنظيم إدارات الجماعات.
[ - ]109نصت المادة 811من القانون التنظيمي رقم 11..19يتعلق بالجماعات ،وألول مرة على اإلدارة الجماعية حيث جاء فيها" :يتخذ رئيس
مجلس الجماعة اإلجراءات الضرورية من أجل اعتماد األساليب الفعالة لتدبير الجماعة ،والسيما:
-تحديد المهام ووضع دالئل للمساطر المتعلقة باألنشطة والمهام المنوطة بإدارة الجماعة وبأجهزتها التنفيذية والتدبيرية . "...وكذا المادة 12من
نفس القانون نصت على أنه":يحتفظ الرئيس المستفيد من وضعية اإللحاق أو حالة الوضع رهن اإلشارة ،داخل اإلدارة أو الجماعة الترابية أو
المؤسسة العمومية التي ينتمي إليها ،بجميع حقوقه في األجرة والترقية والتقاعد المنصوص عليها في القوانين واألنظمة الجاري بها العمل."...
49
نصا تنظيميا لم يتم اإلفراج عنها اللهم في اآلونة األخيرة التي شهدت ميالد بعضها ،ولم
تكن تخص ما هو أهم في تلك النصوص ،آال وهو التنظيم الهيكلي و اإلداري للجماعات.
الفقرة الثانية :النظام األساسي للمنتخب الجماعي
أوال :تحسين النظام األساسي للمنتخب
يعد تحسين نظام المنتخب من أهم الركائز األساسية لتحديث اإلدارة الجماعية و
مواكبة الرهانات التنموية المحلية المطروحة.
أ – الضمانات المرتبطة بتحسين النظام األساسي للمنتخب الجماعي.
في هذا االتجاه عمل القانون التنظيمي رقم 119.1.من خالل المواد من 11إلى
، 11على إقرار مجموعة من البنود تعلقت باآلتي:
-)1منع الترحال السياسي
حيث أكد على عدم جواز تخلي المنتخبين عن اإلنتماء السياسي الذي ترشح باسمه و
ذلك طيلة الفترة اإلنتدابية و ذلك تحت طائلة التجريد من عضوية المجلس بمقتضى حكم
قضائي من أجل عدم تبخيس العمل السياسي و إعطاءه مصداقية و إسترجاع ثقة الناخب و
تطبيق البرنامج اإلنتخابي المتعاقد حوله مع المواطنين[.]110
-)2تكوين وتأهيل المنتخب الجماعي
على خالف مقتضيات الميثاق الجماعي رقم 12.11لسنة 8118و النص المغير و
المتمم له 11.12سنة 8114فإن القانون التنظيمي الجديد أفرد فصال إلستفادة أعضاء
المجلس لتكوين مستمر في المجاالت المرتبطة بإختصاصات الجماعة ؛ بحيث يحق
ألعضاء مجلس الجماعة االستفادة من تكوين مستمر في المجاالت المرتبطة
باالختصاصات المخولة للجماعة.
[ - ]110حيث نصت الفقرة األولى من المادة 11من القانون التنظيمي رقم 112.11يتعلق بالجماعات على أنه ؛ " طبقا ألحكام المادة 20من
القانون التنظيمي رقم 29.11المتعلق باألحزاب السياسية ،يجرد العضو المنتخب بمجلس الجماعة الذي تخلى خالل مدة االنتداب عن االنتماء
للحزب السياسي الذي ترشح باسمه من صفة العضوية في المجلس." .
50
وتحدد بمرسوم يتخذ ب اقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية كيفيات تنظيم
دورات التكوين المستمر ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة الجماعة في تغطية
مصاريفها[.]111
فيبقى عاملي التكوين و التأطير أساسيين في األخذ بأسباب التنمية المحلية ،فقد
أثبتت البحوث و الدراسات الميدانية في هذا المجال بان سوء التدبير الذي تعاني منه
أغلب المجالس الجماعية خاصة القروية ال يرجع فقط إلى عوامل أخالقية مرتبطة
بالتحايل و التالعب بالمال العام ،و إنما كذلك إلى الجهل المركب الذي يعاني منه
القائمون المباشرون على تدبير هذه المجالس الجماعية ،إال أنه تم التراجع بالمقابل على
شرط المستوى الدراسي الواجب توفره في الرؤساء.
-).ضمان استمرارية أداء المرفق العام.
نص القانون التنظيمي في هذا السياق على منع المنتخبين القاطنين خارج
المملكة بسبب وظائفهم العمومية أو مزاولة أنشطتهم الخاصة من الترشح لمهام الرئيس أو
النواب و في حالة حصول ذلك فانه يعلن مباشرة عن إقالتهم بقرار من وزير
الداخلية[ ،]112و ذلك حفاظا على حسن سير أعمال المجلس و ضمان استمرارية أداء
الخدمة لفائدة المواطنين ،إذ أثبتت التجربة تعطل سريان مجموعة من المرافق في إطار
الالمركزية اإلقليمية أو الترابية بسبب غياب المسئولين المباشرين عن مراكزهم .في نفس
السياق نص القانون على منح أعوان وموظفي الدولة أو الجماعات الترابية الذين تم
انتخابهم رؤساء للمجالس الجماعية على إمكانية إلحاقهم أو وضعهم رهن اإلشارة
بالجماعة بناء على طلبهم [.]113
كما يستفيد بحكم القانون موظفي و أعوان الدولة أو الجماعات المحلية و المؤسسات
العامة و كذا المأجورين الذين يزاولون انتدابا جماعيا من رخصة استثنائية أو بإذن للتغيب
لحضور دورات المجلس و اجتماعات اللجان المنتمين إليها و الهيآت التي يمثلون المجلس
فيها و كذا المشاركة في دورات التكوي ن المستمر و ذلك في حدود المدة الفعلية لهذه
51
اإلجتماعات[. ]114
-)1الضمانات المالية للمنتخب الجماعي
احتفاظ المنتخب الذي تمنح له رخص بالتغيب بكامل المرتب ،دون أن يدخل ذلك
في حساب الرخص االعتيادية و ذلك في حدود المدة الفعلية لدورات المجلس و
اللجان الدائمة الذين هم أعضاء فيها و الهيآت التي يمثلون الجماعة بها ،وكذا
دورات التكوين المستمر.
إال أنه نص بالنسبة للمنتخبين الذين يعملون بالقطاع الخاص إنهم ال يتقاضون نفس
[]115
و ذلك دعما الستقاللية المنتخب و األجر كما يمكنهم إستدراك الوقت الذي تغيبوا فيه
جعله متحررا من كافة اإلكراهات و الضغوطات المالية سواء من طرف الجهاز اإلداري
المسئول عنه أو من طرف المؤسسة الجماعية التي يساهم في تدبير شؤونها ،إذ أثبتت
التجارب الجماعية السابقة بأن العديد من الغيابات سواء المقصودة أو الناتجة عن اإلهمال
أو الالمباالة التي كانت تسجل أثناء سير أشغال هذه المجالس كانت يرجع إلى الضغوطات
و اإلكراهات المالية التي كان يعاني منها المستشارون .
كما تم تمديد نظام التعويضات عن المهام و التمثيل و التنقل المقررة لفائدة
أعضاء المكتب لتشمل رؤساء اللجان و نوابهم و كاتب المجلس و نائبه.
و يتقاضى أعضاء المجالس الجماعية تعويضات عن التنقل عندما يقومون بمهام
لفائدة الجماعة داخل أو خارج المملكة طبقا للشروط و المقادير المطبقة على موظفي
الدرجة العليا إقرار مسؤولية الجماعة عن األضرار التي تلحق المنتخبين بمناسبة انعقاد
الدورات ،أو اجتماعات اللجان التي هم أعضاء فيها أو أثناء قيامهم بمهام لفائدة
الجماعة[.]116
و من أجل تحقيق استقاللية أكبر تم منع انتخاب المحاسبون المشرفون على أموال
52
الجماعة و مستخدمو الجماعة و العاملين بها و الحاصلون على إمتياز مرفق جماعي و
مديرو و كذا نواب أراضي الجموع كأعضاء بالمجالس الترابية.
ومع ذلك تبقى هذه المقتضيات أساسية ،و ما تحتاجه هو تحمل المسؤولية كل من
موقعه ،فالقضاء يجب أن يحرص على احترام مبدأ سيادة القانون في حدوده القصوى
دون التأثر بالتداعيات السلبية للنسق السياسي ،و األحزاب السياسية بعملها على تخليق
سلوك و ممارسات أعضائها المسؤولين على تسيير المجالس الجماعية ،و حرصها
الشديد على منح التزكيات لمرشحين تتوفر فيهم شروط الحرية و المسئولية ،و الدولة
بعملها االيجابي في تحقيق التناسق بين مختلف المؤسسات الدستورية و ذلك بما يضمن
تحقيق مرونة األهداف بين الخطط و البرامج المتخذة على الصعيد الوطني و المتخذة على
الصعيد المحلي.
ب-حصر وتقليص المراقبة اإلدارية في إطار مواكبة أجهزة الجماعة في أداء مهامها
من المستجدات التي جاء بها دستور 8111فيما يخص الجماعات الترابية ،التخفيف
من حدة الوصاية وتعويضها بمفهوم المراقبة اإلدارية ،كما تم تكريس مجموعة من
المبادئ نجملها فيما يلي:
-تعرض العامل يلزم المجلس بإجراء دراسة جديدة للمقرر وفي حالة اإلبقاء عليه يحيل
العامل األمر إلى القضاء االستعجالي بالمحكمة اإلدارية عوض بت الوزير األول في
المسألة بمرسوم ؛
53
-تحديد أجل 81يوما دون تمديد للتأشير عوض 91و .1يوما قابلة للتمديد ؛
-اعتماد قاعدة المراقبة البعدية باستثناء بعض المجاالت المحدودة ،خاصة في الميدان
المالي ،التي تخضع للتأشيرة القبلية.
54
صحة اإلمضاء و مطابقة نسخ الوثائق ألصولها والمدير في مجال أعمال التدبير اإلداري
الداخلي[.]118
تحقيق استقرار المجالس الجماعية ب-
تعلقت هذه اإلجراءات القانونية على الخصوص بتوضيح القواعد المتعلقة بانتخاب
المكاتب ومدة االنتداب و ملء الشغور الحاصل به.
يبقى أهم مستجد يكمن في الرجوع إلى المقتضيات السابقة و التي كانت تخول لثلثي
األعضاء المزاولين مهامهم إمكانية سحب الثقة من الرئيس بعد مرور ثالثة سنوات على
انتخابه ،رغم أن الممارسة أثبتت سوء تطبيق هذه اآللية القانونية ،فقد كانت تمارس على
الرئاسة كوسيلة ضغط بهدف تحقيق المآرب الذاتية أو الشخصية لمجموعة من
المستشارين ،و استثمارها بشكل بعيد كل البعد عن تحقيق أهداف المصلحة العامة.
[]119
-)1التخفيف من الوصاية
يهدف التخفيف من الوصاية ( الرقابة اإلدارية حاليا) إلى دعم االستقالل المحلي
للمجالس الجماعية و رؤسائها و تمثل هذا التخفيف من خالل القانون رقم 11..19في
المحاور اآلتية:
إحالل الرقابة و المواكبة المقربة محل الوصاية المركزية من خالل تكريسها
بمقتضى مجموعة من التدابير أهمها:
إسناد سلطة التأشير على المقررات الصادرة عن الجماعات إلى الوالة و العمال ؛
باستثناء تلك المتعلقة بالتدبير المفوض ؛ و ذلك تكريسا و تفعيال لدستور 8111.
-)2تخفيض آجال التأشير
فيما يتعلق بتخفيض آجال التأشير ،فقد تم تقليصه بالنسبة لمقررات مجالس
[ -]118نصت المادة 108من القانون التنظيمي رقم 112.11يتعلق بالجماعات على أنه ":يعتبر رئيس مجلس الجماعة ضابطا للحالة المدنية.
ويمكنه تفويض هذه المهمة إلى النواب كما يمكنه تفويضها أيضا للموظفين الجماعي طبقا ألحكام القانون المتعلق بالحالة المدنية .يقوم ،طبق
الشروط المنصوص عليها في القوانين واألنظمة الجاري بها العمل ،باإلشهاد على صحة اإلمضاء ومطابقة نسخ الوثائق ألصولها .ويمكنه
تفويض هذه المهام إلى النواب وإلى المدير العام أو المدير ،حسب الحالة ،ورؤساء األقسام والمصالح بإدارة الجماعة .".
*[ - ]119تجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن مصطلح "الوصاية" تم استبداله بمصطلح "المراقبة اإلدارية" وذلك وفقا للمقتضيات الجديدة التي
حملها دستور ،8011حيث نص في الفصل 111البند الثاني منه على أنه ''[ ]...يعمل الوالة والعمال ،باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون ،
وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومققرراتها ،كما يمارسون المراقبة اإلدارية.
55
الجماعات و بالنسبة للقرارات التنظيمية التي يتخذها رؤساء المجالس من .1يوما
إلى 81يوما.
-).تعميم قاعدة تعليل القرارات الرقابية
ألزم القانون 11..19السلطة اإلدارية بتعليل قراراتها المتعلقة برفض التأشيرة
المخولة إليها بمقتضى القانون حيث حدد آجال ثالثة( ).أيام من أيام العمل ليبلغ التعرض
كإجراء أسا سي لعقلنة سلوك اإلدارة في إطار عالقتها بالمجالس الجماعية ،و بما يضمن
كذلك مسؤولية كل جهة متدخلة في مجال التنمية المحلية[.]120
يشار كذلك إلى نقطة مهمة تتعلق بإعداد جدول أعمال المجلس ،ففي حالة رفض
رئيس المجلس االستجابة ألي مقترح من األعضاء يرمي إلى إدراج مسألة بجدول
األعمال ،فان الرئيس يكون ملزما بتعليل رفضه و تبليغه إلى األطراف المعنية على أن
يحاط المجلس علما بذلك أثناء افتتاح الدورة .
و لمعالجة مشكل حساب النصاب القانوني عند انسحاب األعضاء أثناء الجلسة ،فان
احتساب النصاب القانوني يتم عند بداية كل جلسة بحيث ال يكون النسحاب األعضاء بعد
توفر هذا النصاب أي تأثير على مشروعية المقررات المتخذة.
-)1التصدي الستغالل النفوذ أثناء ممارسة المهام التداولية
حرص القانون المذكور على وضع آليات في مجال ضمان نزاهة و شفافية التدبير
المحلي حفاظا على الصالح العام ،حيث أقر:
منع المنتخب من ربط أية عالقة مصلحية بين شؤونه الخاصة و الشؤون ذات
الطبيعة العامة[. ]121
-تمديد حاالت القابلية للبطالن بسبب مشاركة عضو جماعي في مداولة تهمه
بصفة شخصية أو بصفته نائبا عن غيره ،لتشمل أيضا زوجه أو أصوله أو فروعه
[ - ]120نصت المادة 108من القانون التنظيمي رقم 113.14يتعلق بالجماعات على أنه" يجوز ألعضاء المجلس المزاولين مهامهم أن يقدموا
للرئيس ،بصفة فردية أو جماعية ،طلبا كتابيا قصد إدراج كل نقطة تدخل في صالحيات المجلس في جدول أعمال الدورات .يتعين أن يكون
رفض إدراج كل نقطة مقترحة معلال وأن يبلغ إلى مقدم أو مقدمي الطلب .يحاط المجلس علما ،دون مناقشة ،عند افتتاح الدورة بكل رفض
إلدراج نقطة أو نقاط اقترح إدراجها في جدول األعمال ،ويدون ذلك وجوبا بمحضر الجلسة".
[ -]121المادة المادة 31من القانون التنظيمي رقم 113.14يتعلق بالجماعات.
56
المباشرين ؛
-اعتماد البرامج والمشاريع في تبويب الميزانية ،في انسجام مع مقتضيات القانون
التنظيمي للمالية؛
-إخضاع سلطة الحلول لرقابة القضاء اإلداري وتخفيض آجال التأشير ؛
-اإلحالة على النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية لتحديد شروط وطرق
إبرام صفقات الجماعات المحلية ومجموعاتها والقواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها ؛
-خضوع مالية ومحاسبة الجماعة لتدقيق سنوي ينجز إما من طرف المفتشية العامة
للمالية أو المفتشية العامة لإلدارة الترابية أو بشكل مشترك بينهما أو من طرف هيئة
للتدقيق؛
-تمكين المجلس من إحداث لجان للتقصي.
-تمكين كاتب المجلس بالمقاطعات ونائبه ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم الذين ال
يتقاضون أي تعويض بمجلس الجماعة ،من االستفادة من تعويضات عن المهام والتمثيل
تحدد بمرسوم[ ]122؛
-تحديد عدد اللجان الدائمة التي يؤلفها مجلس المقاطعة في .لجان على األكثر مع تكمين
المجلس من تكوين لجان مؤقتة[ ]123؛
-تحديد بعض الصالحيات في مجال التدابير المتعلقة بالشرطة اإلدارية التي يمارس
رئيس مجلس المقاطعة داخل حدود المقاطعة كتلقي التصاريح المتعلقة بمزاولة األنشطة
التجارية والحرفية غير المنظمة ،وتلقي التصاريح المتعلقة بفتح المؤسسات المضرة أو
المزعجة أو الخطيرة المرتبة في الصنف الثالث[ ]124؛
-فتح اإلمكانية لرئيس مجلس الجماعة أن يعين رؤساء مجالس المقاطعات آمرين
مساعدين بصرف نفقات التجهيز المتعلقة بمشاريع القرب ؛
-التنصيص على أن ال يقل مجموع المخصصات اإلجمالية لفائدة مقاطعات الجماعة عن
57
% 11من ميزانية الجماعة.
ولإلشارة فان مسعى تطوير اإلدارة الجماعية و ضرورة إحداث هياكل تنظيمية
لإلدارة الجماعية كان من بين التوصيات التي نادت بها المناظرات الوطنية للجماعات
المحلية سابقا .وذلك بسن قانون خاص بالموظفين الجماعيين مثل باقي األنظمة األساسية
المعمول بها في إدارات الدولة.
[ - ]125تقرير البنك الدولي لسنة 1221حول وضعية اإلدارة المغربية .
58
تحديث اإلدارة الجماعية المغربية ،وجعلها تستجيب لمتطلبات التنمية الشاملة وللتغيرات
الدولية التي يعرفها العالم ،لهذا أتجه الخطاب السياسي الرسمي إلى اإلهتمام بسياسة
التحديث اإلداري ،تهم كل القطاعات[.]126
وإذا كانت اإلدارة الجماعية بالمغرب تجر ورائها رصيد تاريخي واجتماعي ،فإن
واقع حالها يعرف إكراهات تحول دون أداء مهامها بالشكل الجيد وتؤدي إلى إضطراب و
ضعف في مكوناتها وبالتالي إلى ارتباك يسجل على أكثر من مظهر( المطلب األول) ،وإذا
كانت اإلختالالت الداخلية تؤثر بشكل سلبي على عمل اإلدارة ،فإن المتغيرات الخارجية
هي األخرى تؤثر في عمل اإلدارة وتدفعها إلى نهج سياسة إدارية حديثة تواكب التحوالت
التي يشهدها العالم (المطلب الثاني).
المطلب األول :اإلكراهات الداخلية التي تواجه اإلدارة الجماعية
عرفت اإلدارة الجماعية في السنوات األخيرة تطورا ملحوظا ،إثر توسع وتنوع
مجاالت عملها وتدخلها ،وقد رافق هذا التطور تزايد الهياكل اإلدارية ،وكذا تزايد أعداد
الموظفين باإلدارات العمومية والجماعات الترابية ،باإلضافة إلى تشعب التشريعات
والمساطر اإلدارية.
وبالرغم من الدور الحيوي الذي أضحت اإلدارة الجماعية تلعبه في مجال التنمية ،
وكذا التطورات والتغييرات التي همت بعض جوانب تنظيمها ،إال أن مجموعة من
الدراسات والبحوث اإلدارية أبانت عن عمق اإلختالالت والنقائص التي تطال الجهاز
اإلداري على مختلف المستويات.
وعموما يمكن مالمسة جوانب القصور في اإلدارة الجماعية المغربية من خالل
التطرق إلى طبيعة اإلختالالت التي تطال اإلدارة الجماعية ( الفقرة األولى) ،وهو ما
يجرنا للحديث عن مظاهر قصور اإلدارة الجماعية (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :طبيعة اإلختالالت داخل اإلدارة الجماعية
على الرغم من الدور الفعال الذي تلعبه اإلدارة الجماعية في بناء هياكل الدولة
[ -]126محمد عبد اللطيف أكنوش ،واقع المؤسسة الشرعية في النظام السياسي المغربي على مشارف القرن الواحد والعشري ،مطبعة بروفانس،
الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،1228 ،ص.31 :
59
الحديثة ،وتفعيل النشاط اإلقتصادي واإلجتماعي ،إال أنها ال زالت تعاني من عدة
إكراهات ،منها ما هو مرتبط بالجانب البنيوي الذي يعزى باألساس إلى عدم انسجام
مقتضيات النظام األساسي للوظيفة العمومية مع التطورات التي عرفتها اإلدارة الجماعية
(أوال) ،ومنها أيضا ما هو مرتبط بالجانب الوظيفي (ثانيا).
أوال :اإلختالالت البنيوية
ر غم كل المجهودات المبذولة بهدف تمكين بالدنا من إدارة حديثة ومواطنة ،إال أن هذه
األخيرة مازالت تعاني من مجموعة من اإلختالالت التي تحد من فعاليتها ومن فعالية
البرامج المسطرة ألجل تطويرها وعصرنتها[.]127
لقد عرفت اإلدارة العمومية منذ سنة 1412تاريخ إصدار النظام األساسي للوظيفة
العمومية ،جملة من التحوالت قصد تجاوز اإلختالالت البنيوية التي تطبع هياكل وسلوك
اإلدارة وتعرقل تطورها ،غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:
ما هي طبيعة هذه اإلختالالت؟ وهل هي مرتبطة بغياب سياسة موحدة للتحديث
اإلداري؟ أم أنها مرتبطة باضطراب أداء النخب وغياب الرقابة وسياسة التحفيز الوظيفي؟
و بالتالي اإلختالل في العالقات اإلنسانية داخل الجهاز اإلداري.
لإلجابة على هذه األسئلة وغيرها سنعمل على تناولها على الشكل التالي:
غياب رؤية مشتركة لتحديث اإلدارة الجماعية واختالل العالقات اإلنسانية أ-
-)1غياب رؤية موحدة ومشتركة لتحديث اإلدارة الجماعية
إن أي سياسة عمومية تقوم بها الدولة في مجال تحديث اإلدارة العمومية ومنها
اإلدارة الجماعية ،ال تأخذ بعين اإلعتبار التحوالت التي يعرفها العالم على أصعدة مختلفة
،وال تشرك مختلف المكونات والحساسيات الوطنية منها والمحلية ،يكون مصيرها الفشل
،ألن التحديث اإلداري يقوم على مدى تأصيل منهج مؤسساتي لتحقيق غاياته ،فهو كما
يقول '' حسن أبشر الطيب'' "ليس باختيار نظري ،وإنما هو اختيار إرادي عملي واقعي ،
* [ - ]127لقد غلب على العمل اإلداري الفساد وتعاطي الرشوة بصورة كبيرة خاصة في نطاق تمرير الصفقات العمومية ،فمنذ سنة 1212التسق
الفساد بسياسة مغرب المقوالت ؛ وابتدا ًء من أواسط التسعينات ارتبط الفساد بسياسة خوصصة المقوالت العمومية ،وقد سادت أدبيات تصف
الحالة بظهور طبقة برجوازية بروقراطية وبأن الرشوة تجاوزت الظرفية لتصبح هيكلية وممأسسة .للمزيد من التوسع راجع:
-لحسن بوعدين " الحكامة ومتطلبات ترسيخ دولة القانون" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واالجتماعية -طنجة ،السنة الجامعية ، 8018-8011ص.182 :
60
موجه ،يضع إعتباراً كافيا ً للمتغيرات البيئية المتج ّددة ؛ ويهدف إلثراء القدرات
واإلمكانات.]128["...
وفي هذا الصدد فقد أظهرت التجارب ،أن الحلول اإلنفرادية المعتمدة من طرف
اإلدارة ،ال يمكن أن تكون ناجعة إال إذا كانت جذرية وشمولية ،وهذا المعطى رغم ما
يتمتع به من وضوح وإجماع في الرأي ،إال أنه يجد عدة صعوبات على مستوى التطبيق
،وهذا راجع لعدة إعتبارات قانونية وإدارية منها وسياسية ،هذا باإلضافة إلى كون
اإلدارة المغربية تتميز بحس حمائي ،للنظام اإلداري ولإليديولوجية السائدة ،ضد كل
مس خارجي ،وهو ما يجعل من الصعب التواصل مع المحيط ،ويعرقل إلى حد ما
مسلسل التغيير[.]129
إن عصرنة وتحديث اإلدارة يرتبط بالقيم الفلسفية التي تجمع األفراد في منظومة
منسجمة ،وتبقى اإلدارة تابعة لهذه القيم ،مما يجعل اإلدارة أول مقاوم للتغيير الجذري ،
وأول منظر ومنفذ للحلول الجزئية للتحديث[ .]130غير أن الصراع البيروقراطي ،البين
أحيانا ً والمستتر أحيانا ً أخرى ،بين متخذي القرار داخل الدوائر العليا لإلدارة ،حيث أن
كال يجادل بلوائحه واضعا ً كيانه في موضع التميز غير قابل للنقد من طرف أي جهة ،
وكذا عدم إش راك الفعاليات اإلجتماعية والسياسية والمهنية في مجهودات التغيير ،لن
يضفي على التغييرات اإلدارية إال طابعا فوقيا بيروقراطيا ال يستجيب للحاجيات اآلنية
والمستقبلية للجمهور المتعامل مع اإلدارة .غير أن المشكل ال يقف عند حد غياب رؤية
مشتركة للتحديث اإلداري ،بل يمتد أيضا ليشمل إختالل العالقة اإلنسانية داخل اإلدارة
الجماعية ،وهذا ما يجرنا للتساؤل حول طبيعة اإلختالالت المرتبطة بالعالقة اإلنسانية
داخل اإلدارة الجماعية؟ ومدى تأثيرها على مستقبل اإلدارة؟
-)8اإلختالل في العالقة االنسانية داخل الجهاز اإلداري
تعتبر إشكالية العالقات داخل المحيط اإلداري من أهم اإلنشغاالت الراهنة ،إن على
المستوى الحكومي أو المجتمعي ،وذلك بالنظر لتحديات المرحلة الراهنة التي تعرف
[ - ]128حسن أبشر الطيب " ،اإلصالح اإلداري بالوطن العربي بين األصالة والمعاصرة" في كتاب اإلدارة العامة واإلصالح اإلداري بالوطن
العربي ،تحرير الدكتور ناصر الصائغ ،المنظمة العربية للعلوم اإلدارية ،1222 ،ص.212 :
]129[ - Hammouda El Caid : « l’administration et le problème de l’emploi au Maroc », 1981, p : 178
]130[ - Charles Debbach : « science administratif », Dalloz 4émé édition 1980, p : 73.
61
استكمال بناء دولة الحق والقانون .كما أن المفهوم الجديد للمنظمة ،ومفهوم العمل
الجماعي (عمل الفريق) ،والتضامن ،كلها عوامل تلعب دورا أساسيا في تحقيق األهداف
،فاإلدارة تسعى لتحقيق غايتين :إقتصادية وبشرية ؛ وعليها أن تحقق التوافق الالزم بين
هذه األهداف اإلقتصادية والمرامي البشرية ،منة خالل مستوى العالقات السائدة داخل
المنظمة إما بالرضا أو التذمر[.]131
فاإلهتمام بالعنصر البشري خاصة في الدول المتقدمة ،أضحى القلب النابض
لكلقيادة إدارية رشيدة ،حيث تعمل اإلدارات المكلفة بتدبير وتسيير الموارد البشرية على
إحترام العامل أو الموظف ومنحه جميع حقوقه اإلنسانية .وفي هذا الصدد أسفرت
مجموعة من الدراسات الحديثة ،ونذكر منها بالخصوص الدراسة التي قامت بها جامعة
منشغان ) (Michigganبالواليات المتحدة األمريكية ،بأن هناك نسبة عالية من العمال
ذوي اإلنتاج المرتفع ،يمتلكون شعورا قويا بالفخر واإلعتزاز بفريقهم ،بالمقارنة مع
العمال قليلي اإلنتاج ،كما أوضحت هذه الدراسة أن تطور العالقات اإلنسانية داخل
المنظمات ،بإتباع منهج القيادة الجماعية ،يساعد على تنمية روح العمل الجماعي ،األمر
الذي يخلق لدى المنظمات الرائدة القناعة بالدور الذي يمكن أن تلعبه العالقات اإلنسانية
في الرفع من الكفاءة اإلنتاجية[.]132
وعلى أساس ما تقدم فإن معالجة إشكالية إختالل العالقة اإلنسانية داخل الجهاز
اإلداري ،يجب أن تكون في إطار نظرة شمولية إلدارة الموارد البشرية الحديثة ،تأخذ
بعين اإلعتبار فلسفة المنهج المتكامل ،الذي يعتمد وجود رابطة وطيدة وفعالة بين
الجوانب اإلدارية والسلوكية والفنية ،وذلك إنطالقا من حتمية إرتباط أداء أي عمل أو
وظيفة بهذه الجوانب الثالثة[ ، ]133واألكيد أن مسألة استثمار الكفاءات الوطنية مرده
باألساس إلى تقارب مرجعيات التكوين وصراع العقليات.
كما أن عدم الترابط بين التعليم ومتطلبات الوظيفة ،قد قلص من فرص استخدام
[ - ]131طه أنماس "،دور النظام التواصلي في تحقيق إدارة فعالة ومنتجة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،
كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،أكدال -الرباط السنة الجامعية ، 1444-1442 ،ص.11. :
[ - ]132تور الدين بوعجيلة " ،تنمية الموارد البشرية في الوط ن العربي واقع وآفاق" ،بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية إلدارة ،
العدد ، 22السنة الجامعية ، 1221-1222 ،ص.81 :
[ - ]133نور الدين بوعجيلة " ،تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي واقع وآفاق" ،بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية إلدارة ،
العدد ، 22السنة الجامعية ،1221-1222 ،ص.20-82 :
62
هذه الطاقات ،خاصة تلك التي ال تتوفر على انتماء عائلي متميز ،يفتح أمامه الطريق نحو
أفضل المراتب .ونتيجة لهذا الوضع برزت ظاهرة اإلنطواء على النفس لدى العديد من
األطراف األمر الذي أنعكس سلبا على أداء مهامهم.
تلك ؛ كانت أهم العوامل وراء عدم وجود اإلنسان المناسب ،في المكان المناسب ،
وفي انتشار الفوضى والتسيب في العديد من المصالح العمومية[.]134
وعليه ؛ فإن طبيعة تحديد المناصب ،يجب أن يتم في استقالل تام عن شاغله ،
وبالطريقة المحددة قانونا ،وهذا التحديد قد يؤدي إلى ترتيب المناصب موضوعيا ،مما
يشكل قاعدة يمكن استغاللها في تدبير الموظفين ،وفق سياسة تستند إلى مستوى وقيمة
المنصب[ ، ]135غير أن تحقيق ذلك يبقي رهين بوجود سياسة ناجعة للتحفيز ،والتي من
شأنها خلق الرضا الوظيفي للعاملين ،حتى يقومون بواجبهم على أكمل وجه
وبإخالص[.]136
غياب سياسة ناجعة للتحفيز الوظيفي وضعف مستويات الرقابة اإلدارية ب-
-)1غياب سياسة ناجعة للتحفيز الوظيفي
تعد معضلة غياب التحفيز من أهم تجليات اإلختالالت باإلدارة الجماعية ،وبالتالي
تنعكس سلبا على مسلسل التنمية ،فتشجيع الفرد وتحفيزه على العطاء واإلنتاج ،يجب أن
يحظى باألولوية ،وذلك بإعطاء السلوك اإلنساني اإلهتمام الكامل ،مع إخضاعه للدراسة
وفق أسلوب علمي دقيق ،يهدف إلى التنبؤ بإفرازاته وردود فعله ،وإلى جانب ذلك يجب
توفير كل الشروط التي تمنح الموظف اإلستقرار الوظيفي لإلطمئنان على مستقبله المهني،
وخلق لديه اإلرتياح والرضا والرغبة في العمل أكثر[.]137
غير أن المتمعن في واقع إدارتنا ،يالحظ أنها تتسم بالعالقات المتحجرة التي يشوبها
التحكم وإعطاء األوهام ،وعدم إثارة دوافع األفراد اتجاه التعاون الواجب أن يسود
المنظمة ،وكذا عدم تحرر الموظف والعامل من القلق النفسي بسبب حاضره ومستقبله
[ - ]134محمد لحموشي " ،المفهوم الجديد للسلطة بالمغرب" ،مطبعة إقرأ ،الطبعة األولى ، 8002ص.32 :
[ - ]135عبد الحق عقلة " ،مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة " ،الجزء األول ،دار القلم ،1222 ،ص.22 :
[ - ]136خالد الغاري " ،الفكر اإلداري الحسني" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واإلجتماعية ،الرباط -أكدال ،السنة الجامعية ،1222-1222 ،ص.18 :
[ - ]137عيد الحق عقلة " ،القانون اإلداري " الجزء الثاني ،دار القلم ،الرباط ،طبعة ، 8008ص.21 :
63
هو وأفراد أسرته ،فاألجر رغم اعتباره أحد الحوافز المادية الهامة [ ،]138إالّ أنه في كثير
من األحيان يبتعد عن مضمونه وطبيعته التحفيزية ،وأصبح يثير مشاكل ،تنعكس سلبا
على سير الوظائف.
وإذا أخذنا على سبيل المثال ال الحصر ،الفوارق بين الرواتب الممنوحة لوظائف
المسؤولية ،نجدها تثير عدة مشاكل حول المفهوم الحقيقي لمبدأ التسلسل داخل اإلدارة ،
وهذا راجع في [إعتقادنا] إلى عدم مراجعة وتقييم بعض مناصب المسؤولية ،وهو ما
يدفعنا للتساؤل حول مدى مساهمة الرواتب في عقلنة العمل اإلداري؟ وهل تشكل هذه
الرواتب حافزا بالنسبة للعامل داخل اإلدارة؟ أم أنها مجرد راتب شهري يؤدى مقابل
العمل؟
إن الراتب العادل ؛ المكيف ؛ المبني على تقييم حقيقي لقيمة النشاط ،يعتبر حافزا
على العمل ،ولكن تقييم هذا العمل ليس باألمر الهين[ ،]139وعليه فإن التغيير اإلداري
اإليجابي ال يمكن تصوره دون إدخال عنصر التحفيز كمحرك أساسي للقوى العاملة داخل
الوحدات اإلدارية ،ال سيما الجماعية منها ،ولن يكون هذا التحفيز فعليا دون وضعه في
نسق محكم ،يضمن مبدأ اإلستحقاق واإلنصاف ،وتكافؤ الفرص في الولوج لإلدارة ،
وفي عملية تقويم عناصر التحفيز[.]140
وإضافة إلى مشكل غياب الحوافز ،فإن اإلدارة الجماعية المغربية تعاني من مشكل
المحسوبية والزبونية ،بحيث يعد المجال اإلداري ،مكان تتقاطع فيه عدة توجهات وأفكار
وسلوكات وبحكم الطابع اإلنساني الذي يتميز به هذا المجال ،وبحكم األطراف الفاعلة
فيه ،تتولد تارة عالقات قانونية محددة ،وتارة أخرى عالقات صراع ومصالح ،وإذا كان
هذا هو واقع التحفيز الوظيفي داخل اإلدارة الجماعية ،فماذا عن مستويات الرقابة؟
-)8ضعف مستويات الرقابة داخل اإلدارة الجماعية
لقد تولد عن غياب العدالة اإلجتماعية ،داخل الوسط اإلداري ،تدمر مختلف
العاملين باإلدارة ،مما جعل معظمهم يفقد حب العمل ،وأصبحت السلوكيات المشينة
[ - ]138نور الدين بوعجيلة " ،تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي واقع وآفاق" ،بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية إلدارة ،
العدد ، 22السنة الجامعية ، 1221-1222 ،ص.102 :
]139[ - Mathis : « gestion prévisionnelle et valorisation des ressources humaines », 1984, p :103.
[ - ]140عبد الحق عقلة" ،مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة " ،الجزء األول ،دار القلم ،طبعة ، 1222ص.13:
64
تنتشر من قبيل الالمباالة والفوضى وكثرة الغياب ،وهذه الحاالت ال يمكن أن تزول إال
بزوال األسباب الكامنة وراءها .هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن من بين األسباب
الجوهرية ألزمة الجهاز اإلداري ،ضعف الرقابة الذاتية على أعمال اإلدارة ،فالروتين
والتعقيد والوساطة والمحسوبية واستغالل النفوذ اإلداري واإلجراءات الغمضة ،ونظام
اإلتصاالت والموظف غير المناسب في المكان غير المناسب ،وتداخل اإلختصاصات ،
واإلزدواجية ،ومستوى أسلوب القرابة واإلشراف ،واختالل التوازن بين القدرات
اإلدارية ،وحجم وطبيعة المسؤوليات[ ،]141هذه األخيرة كلها أدوات ظاهرة األعراض ،
تنتظر أن ينبذها الجسم العليل ويراقب تطورها ،إلجتثاثها الواحدة تلوى األخرى ،ضمن
إطار معقلن وشفاف ؛ وهذا لن يتأتى إال باعتماد أسلوب الرقابة والتدقيق على أعمال
اإلدارة.
وتأخذ الرقابة على أعمال اإلدارة عدة أشكال تختلف بإختالف الغاية من ورائها ،
ومن حيث طبيعتها ،ومن بين هذه األشكال نجد :التواصل والتنسيق وتخليق اإلدارة
واحترام المشروعية والتدقيق الداخلي...إلخ.
وفي هذا اإلطار يعد التدقيق الداخلي إحدى التقنيات الحديثة في مجال رقابة أعمال
اإلدارة ،بحيث يعنى بجانب الفعالية ،والترشيد في استعمال الموارد وحسن تدبيرها ،
وهو يشكل في جوهره آلية داخلية لمراقبة الشرعية واإللتزام باإلجراءات المسطرية
والتوجيهات ،باإلضافة إلى تتبع مختلف المراحل والعمليات المباشرة من طرف
اإلدارة[ ،]142وتماشيا مع هذا التوجه نصت المادة 818من القانون التنظيمي رقم
11..19يتعلق بالجماعات على أنه" يجب على الجماعة ،تحت إشراف رئيس مجلسها ،
اعتماد التقييم ألدائها والمراقبة الداخلية واالفتحاص وتقديم حصيلة تدبيرها.
تقوم الجماعة ببرمجة دراسة تقارير التقييم واالفتحاص والمراقبة وتقديم الحصيلة
في جدول أعمال مجلسها ،وتنشر هذه التقارير بجميع الوسائل المالئمة ليطلع عليها
العموم" .هذا ويقوم رئيس المجلس الجماع ،في إطار قواعد الحكامة بـــما يلي:
[ - ]141إبراهيم محمد العواجي "،العوامل المعيقة لفعالية األجهزة الحكومية الموجهة للجمهور" ،ندوة األجهزة العامة ذات العالقة المباشرة
بالجمهور ،وارد في كتاب اإلدارة العامة واإلصالح اإلداري في الوطن العربي ،المنظمة العربية للعلوم اإلدارية ،الطبعة األولى ، 1223 ،
ص.82 :
[ - ]142محمد حركات " ،التدبير اإلستراتيجي والمنافسة " ،مطبعة فضالة المحمدية ،طبعة ، 1222ص.121 :
65
-تسليم نسخة من محاضر الجلسات لكل عضو من أعضاء المجلس داخل أجل الخمسة
عشر ( ) 11يوما الموالية الختتام الدورة على أبعد تقدير ،وفق مسطرة يحددها النظام
الداخلي للمجلس؛
-تعليق ملخص المقررات في ظرف ثمانية ( ) 2أيام بمقر الجماعة .ويحق لكل
المواطنات والمواطنين والجمعيات ومختلف الفاعلين أن يطلبوا االطالع على المقررات ،
طبقا للتشريع الجاري به العمل[.]143
وعموما يمكن القول أن الجهود اإلصالحية التي أقدمت عليها السلطات العمومية،
بهدف تطوير وتحديث اإلدارة الجماعية ،لم تصل إلى الحد المطلوب على إعتبار اإلدارة
ال زالت تعاني من عجز بنيوي أثر بشكل كبير على فعالية أدائها ،على أن مشكلة اإلدارة
الجماعية ال تقتصر فقط على المشاكل البنيوية ،بل تتعداها إلى إختالالت وظيفية جعلت
منها إدارة بيروقراطية.
ثانيا :اإلختالالت الوظيفية
إن تعريض وظائف اإلدارة لإلختالالت ،يجعلها تحيد عن الغاية التي أحدثت من
أجلها ،حيث باتت مجموعة من الظواهر تفرغ العمل اإلداري من الموضوعية والتدبير
السليم ،وهذا ما يظهر من خالل هيمنة أشكال البيروقراطية (أ) ،إلى جانب تعقد المساطر
اإلدارية وسوء إدارة الموارد البشرية (ب) ،وظواهر أخرى ال تقل أهمية عن سابقتها
وتشكل عائقا أمام التنمية والسير العادي للنشاط اإلداري.
هيمنة أشكال البيروقراطية في تسيير اإلدارة أ-
لقد أعطيت للبيروقراطية عدة تعاريف تختلف باختالف الزوايا المعتمد عليها ؛
فهناك من ينظر إليها على أساس أنها خاصية من خاصيات اإلدارة المثالية ،وهناك من
يربطها بمفهوم البطء وتعدد وتعقد المساطر واإلجراءات اإلدارية ،وهذا هو التعريف
الذي يقابل البيروقراطية بمفهومها السلبي والقدحي.
[]144
،أول من ويعد عالم السياسة األلماني ماكس فيبر MAX WEBER
وضع نظرية حول البيروقراطية ،حيث عرفها على أنها " ذلك التنظيم الضخم المتواجد
66
في المجتمع المعقد والمتحضر لتحقيق األهداف القومية ،وإلخراج السياسة العامة إلى
حيز الواقع ووضعها موضع تنفيذ".
إن التنظيم البيروقراطي []145هو عبارة عن مجموعة من األساليب المسخرة
لتحقيق الغايات اإلدارية[ ]146وهذا يعني أن هذا التنظيم ليس قاراً بل قابل للتغيير حسب
الزمان والمكان وحسب الغاية ،مما جعله معرضا للعديد من اإلنتقادات ،ليس بوصفه
كمفهوم وإنما نظراً لطبيعة بعض األساليب التي ينهجها.
فالتنظيم البيروقراطي ببالدنا قد جاء نتاجا لبنيات قانونية وبشرية:
-)1من حيث البنية القانونية :تمثل في كون المغرب ورث غداة اإلستقالل جهازاً
إداريا مثقال بالمواد المقننة والمنمطة بالتنظيمات الهيكلية المندرجة ،وبالمركزية الوظيفية
المفرطة ،وباللوائح واإلجراءات اإلدارية المعقدة .هذه كلها عوامل تحد من حرية المبادرة
واإلبداع والتصدي للظروف الطارئة والسرعة في التنفيذ[.]147
إن الخلل البيروقراطي يبدأ من اللحظة التي يستطيع فيها الجهاز اإلداري مع
المعطيات والتأثيرات الخارجية ،بسبب استعمال آليات قانونية عميقة تكرس استمرارية
القطيعة بين الجهاز اإلداري والجمهور[.]148
-)8من حيث البنية البشرية :فالمجتمع اإلداري ليس إال مجموعة من األشخاص
والبنيات البشرية التي أسندت إليها مجموعة من األدوار والوظائف ،غير أن أداء هذه
المهام على أحسن وجه يبقى رهين بمدى كفاءة وفعالية العنصر البشري ،وخصوصا
* [ - ]144لقد ا ستعمل ماكس فيبر بشكل واسع مفهوم البيروقراطية بعد الثورة الصناعية وفق ما اسماه بالنموذج المثالي ،وعرف البيروقراطية كنوع
من التنظيم اإلجتماعي واإلداري يتطور إذا كانت أسس السلطة هي العقالنية واحترام السلطة .للتوسع أكثر أنظر:
- WEBER max , « le savant et l politique cité par jean luis (quermonne) », l’appareil administratif de l’Etat4
Edition du seuil , p :16.
* [ - ]145إن كلمة بيروقراطية مكونة من كلمتين Bureau :والتي تعني مكتب و Cratieوتعني السلطة أو القوة ،وعليه فكلمة bureaucratie
عبارة عن مصطلح يعني السلطة المكتب ،أما Bureaucrates؛ فهي تعني ذلك الجهاز من الموظفين الذين يتولون الوظائف التنفيذية
واالستشارية في األجهزة الحكومية .أنظر:
-Aldred Saury , « Buraex et bureaucratie, passe universitaire de France –que sai-je paris ,1967 , p :5.
* [ - ]146اعتبر األلماني ماكس فيبر ،أن البيروقراطية نظام معقلن أساسه السلطة المنظمة ،حياد القوانين واختصار األدوار ،وهذه هي
البيروقراطية بمفهومها العلمي .أنظر :عبد الحق عقلة " ،القانون اإلداري" الجزء الثاني مرجع سابق ،ص. 31 :
]147[- Mohammed El Yaagoubi : « Les grandes contradiction de la reformes administratif au Maroc » REMALD,
67
ضميره المهني والوازع الخلقي لديه[. ]149
لقد نعت تقرير البنك الدولي اإلدارة المغربية بأنها تجاوزها الزمن ،من حيث طرق
التسيير المتقدمة ،ومن حيث عالقة اإلدارة مع المواطنين والقطاع الخاص ،فالوظيفة
الداخلية لإلدارة يعوقها التسيير الروتيني ،وغياب الشفافية وتعقد اإلجراءات والمساطر
اإلدارية[.]150
ولذا ؛ فإن الحل يكمن في استعمال األساليب الحديثة في التدبير ،واللجوء آلليات
العلوم اإلدارية ،يعتبر ثورة على المناهج البيروقراطية المتقادمة ،فعبر تطبيقات أدوات
العلوم اإلدارية وموضوعاتها العلمية ،يمكن ضمان التحديث المستمر للتسيير اإلداري ،
حتى يتمكن هذا األخير من مسايرة التطور الذي يعرفه المجتمع[.]151
غير أن الواقع يقول عكس ذلك ،فإدارتنا ال زالت بعيدة عن هذه الغاية ،و
البيروقراطية العقيمة بكل مظاهرها ال زالت متجدرة [ ،]152وتحول دون أي تحول
جذري ،من شأنه أن يرفع من مستوى الممارسة ،حتى تصبح قادرة على التطور ،وعلى
اإلستجابة لرغبات ومتطلبات المواطنين.
تعقد المساطر اإلدارية و سوء إدارة الموارد البشرية ب-
إلى جانب مظاهر البيروقراطية المتفشية داخل اإلدارة ،ساهمت األساليب
المسطرية الجامدة ،وسوء تدبير الموارد البشرية ،في إختالالت وظيفية أثرت بشكل
سلبي على النسق اإلقتصادي للبالد.
-)1تعقد المساطر واإلجراءات اإلدارية كعائق أمام التحديث
ان اعتماد المقترب القانوني في اإلدارة الجماعية جعلها تبقى رهينة التنميط ،الشيء
الذي دفع بها إلى نوع من الرتابة والتصلب اإلداري ،مما يشكل حاجزا أمام التنمية التي
تتطلب تجنيد كل الوسائل بهدف تحقيقها ،بالسرعة والكفاءة المطلوبتين .فبطء المساطر
والشكليات المفرطة تعتبر عوامل تؤثر على فعالية ومردودية الجهاز اإلداري ،ذلك أن
المساطر اإلدارية إما تشكل وسيلة لتحسين العالقات بين المصالح العمومية وبين
[ - ]149محمد العربي الخطابي " ،الوازع الخلقي في الوظيفة العمومية " ،مجلة الشؤون اإلدارية ،العدد الثاني ،سنة ، 8008ص.2 :
[ - ]150جريدة العلم عدد ، 13311صادرة بتاريخ 80 ،أكتوبر .1221
-151مصطفى الكثيري ،تأمالت في التغيير واإلصالح والصالح بالمغرب" دار النشر المغربية ،الدار البيضاء ، 8008ص.121 :
[ - ]152علي سدجاري " ،اإلدارة بين التقليد والتحديث" ،دار المناهل للطباعة والنشر ،يوليوز ، 1221ص.88 :
68
المتعاملين معها أو مصدر للتقهقر[.]153
ومن بين أسباب تعقيد المساطر اإلدارية نجد غياب التفويض وذلك لعدم ثقة
المسؤول في المرؤوسين ،والتخوف من إضعاف مركزه ،هذا باإلضافة إلى غياب مبدأ
تعليل القرارات اإلدارية ،ذلك أن الموظف أو المنتخب الجماعي ال يكلف نفسه عناء
تعليل رفض تقديم خدمة إدارية.
وفي هذا الصدد أكد جاللة الملك محمد السادس في الرسالة الملكية الموجهة إلى
أشغال الندوة الوطنية لتخليق المرفق العام ،والمنظمة تحت رعايته ،بتاريخ .1-84
أكتوبر ، 1444على أهمية تبسيط المساطر اإلدارية ]...[" :إن هدف اإلجراءات
العمومية التسهيل والتيسير وليس التعقيد والتعسير وهو منهاج لترسيخ روح اإلستقامة
والوضوح والشفافية والتعجيل في إيصال النفع للناس ...لذلك آمرنا بتبسيط اإلجراءات
وتحيين النصوص اإلدارية وتحديث وسائل التدبير والعمل على التوفيق المستمر بين
المقتضيات اإلدارية وروح العصر التي طبعت اليوم كل العالقات البشرية" ...
إنها دعوة إلى ضرورة مراجعة النمط البيروقراطي التقليدي وتكييفه مع الحقائق
اإلقتصادية الحديثة ،ومتطلبات التغيير ،بالتخفيف من اإلجراءات اإلدارية التي تشكل عائقا
أمام نمو عالم اإلستثمارات ،الذي يتطلب السرعة في اإلنجاز والفعالية في تحقيق
األهداف[.]154
-)8سوء إدارة الموارد البشرية
تواجه اإلدارة الجماعية بالمغرب عدة إكراهات ،تعرقل مسيرتها ،وتجهض مفعول
القوانين المنظمة لها ،وكذا القرارات المتخذة عن طريق التراضي ،و أحيانا فإن التطبيق
الحرفي والجامد للقانون يكون فيه إجحاف .ففي غياب تفكير عقالني علمي يتصور الحلول
للمشكالت المطروحة على مستوى الظواهر الفعالة في الحقل اإلداري يجعل اإلدارة تعيش
منسلخة عن وسطها.
فاإلدارة الجماعية تضطلع بوظائف جد حيوية ،تهدف في مجموعها إلى استيعاب
[ - ]153علي سدجاري " ،اإلدارة بين التقليد والتحديث" ،مرجع سابق ،ص.12 :
[ - ]154عبد الحفيظ أدمينو " ،نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية
العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية ،8008-8001 ،ص.800 :
69
التعقيدات المجتمعية ،وتنفيذ إختيارات السلطة السياسية ،غير أن الممارسة العملية قد
تكشف عن مجموعة من اإلختالالت الوظيفية الناتجة عن إنتهاك المبادئ التنظيمية
واألخالقية المؤطرة للعمل اإلداري ،مما يؤثر تبعا لذلك على البنية اإلجتماعية الكلية ،
ويخلق ارتباكا واضحا في تحديد المسؤوليات وضبط النتائج.
إن الظواهر المبنية على الوالءات الشخصية تؤدي إلى الفوضى القيمية ،وأهم
مظهر يمكن رصده في هذا اإلطار ،هو إنفصام مجتمعي يتجسد في اإلنحراف المنهجي
عن القيم والمعايير المعلنة ،مما يترتب عنه أزمة وعي ،حيث يالحظ وجود ترسانة من
القوانين واللوائح ،إال أنها تبقى حبر علة ورق[.]155
[ - ]155عبد الرحمان الطماوي" ،إستراتيجيات الوساطات في النسق السياسي المغربي مساهمة في دراسة العالقات الزبونبة" ،رسالة لنيل دبلوم
السلك العالي للمدرسة الوطنية لإلدارة ،ص.111 :
70
الهين بل يستلزم كفاءات ومهارات عالية يمكنها التعامل مع الدراسات والبحوث
والمعطيات اإلحصائية وغيرها.
-إن غياب أو إن صح القول ضعف عمليات التخطيط واعتماد اإلدارة الجماعية في
التنفيد على الروتين والقرارات االضطرارية ،فضال عن عدم استخدام األساليب اإلدارية
في التخطيط والتنفيذ وعدم استخدام نظم معلومات اإلدارة في عملية القرارات مما يجعل
قراراتها مجرد تصرفات تلقائية وهذا من شأنه أن يؤثر على مردودية اإلدارة[.]156
-إن ما تتخبط فيه اإلدارة الجماعية اليوم من مشاكل تتعلق بالتضخم الوظيفي ،عدم
تحديد دقيق للمهام ،عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ،إنما يرجع في حقيقة
األمر إلى غياب مرحلة هامة في تدبير الموارد البشرية ،وهي التخطيط ،فما هي
انعكاسات عدم التخطيط على أداء الموارد البشرية داخل اإلدارة الجماعية؟.
-مما ال شك فيه أن ظاهرة التضخم الوظيفي تعد من أهم انعكاسات غياب التخطيط
،ويعرف الدكتور عبد الحميد بهجت التضخم الوظيفي بأنه " زيادة الموظفين بنسبة تفوق
الزيادة في حجم نوع الموظفين الذين ينفذون األعمال المرتبطة بتقديم الخدمات " ومن بين
العوامل التي ساهمت في تفاقم هذا المشكل نذكر منها:
-1أن الوظيفة العمومية في المغرب سواء في اإلدارات العمومية أو الجماعات
الترابية كانت وال زالت تعتبر مصدرا من مصادر التغطية االجتماعية ،كما أن المواطنين
يطمحون إلى ضمان االستقرار المهني الذي توفره هذه الوظيفة.
-8أن نقص مستويات األداء وضعف المردودية الناتج عن غياب التخطيط اإلداري
،أو التحديد الدقيق للمهام يدفع المسؤولين داخل اإلدارات الجماعية إلى التفكير في إكثار
عدد الموظفين دون التفكير في الحفاظ على التوازن الوظيفي من حيث االحتياجات الفعلية
لمتطلبات العمل اإلداري[.]157
ب -غياب التدبير الوظيفي
-عادل مزين " :أسس ووسائل عقلنة التدبير اإلداري " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة .وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة، []156
جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،الرباط ،800-8001 .ص.21 :
[ -]157محمد بن التهامي " ،الوظيفة العمومية بين وحدة الدور والهدف وتعدد األنظمة " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد
الخامس الرباط ،السنة الجامعية ،8001 -8000ص.18 :
71
إن النظام التدبيري الذي يرتكز على قواعد حديثة في التسيير اإلداري يتضمن عدة
أنظمة فرعية تساعد على تطوير العمل اإلداري داخل اإلدارة ،فهو نظام للقيم وتقريري
ويعتمد البرمجة كأسلوب للعمل .وفي هذا اإلطار يندرج التدبير التوقعي للموارد الذي
يشكل أحد األقطاب المعقدة في تدبير الموارد البشرية بالنظر إلى حجم المعلومات التي
يتطلبها ودقتها وتنظيمها وهو وسيلة استقطاب اإلدارات للكفاءات الفنية واإلدارية لسير
العملية اإلدارية و اإلنتاجية المختلفة خالل فترة مستقبلية من أجل تحقيق أهداف اقتصادية
و اجتماعية محددة.
-1غياب أو إهمال التخطيط العلمي للموارد البشرية نتيجة نقص البيانات اإلحصائية
األساسية والمعلومات الدقيقة ،وأن عدم دقة أو توفر بعض هذه البيانات في عناصر
التحليل يجعل من الصعب استخدام منهاج معين للتدبير التوقعي للموارد البشرية.
-8عدم احتمال المنهاج الشامل لعملية التدبير التوقعي للموارد البشرية وفق إطار
عام كلي شامل.
-.لهذا المطلب يمكن القول أن جميع هذه العوامل والصعوبات التي تعيق الوظيفة
الجماعية تجعل الموظف غير مستقر وال يستطيع أن يقدم على المبادرات في أي اتجاه ،
إال إذا وجد إلى جانبه من يؤازره ويسانده ،وبالتالي يقتصر على األعمال الروتينية.
ثانيا :ضعف أداء المنتخب الجماعي
من المعلوم أن العنصر البشري كان وال يزال المحور الرئيس والركيزة األساسية
في أي مشروع مجتمعي سواء تعلق األمر بالدولة أو الجماعات الترابية ،ويعتبر كل من
المنتخب الجماعي والموظف الجماعي فاعلين أساسيين في تحقيق المشروع التنموي.
إن المهام الجماعية تطورت في حجمها وبعدها ،بل وفي فلسفتها العامة ،وأصبحت
الجماعات الترابية مطالبة بتحمل مسؤوليات معقدة و خطيرة ،ومن تم وجب حصول
تحول في مستوى ومسؤولية المنتخبين ما دام مستوى التسيير داخل الجماعة مرتبطا
بمسؤولية المنتخبين[.]158
أ -ضعف المستوى الثقافي والتكوين لدى المنتخبين الجماعيين
[ - ]158محمد حركات "،مظاهر الفساد وتداعياته " مرجع سابق ،ص.11:
72
-1ضعف المستوى الثقافي للمنتخبين
إن ضعف المستوى الثقافي هو السمة الغالبة لمعظم المنتخبين مما ينعكس سلبا على
مكانتهم ودورهم داخل اإلدارة ،وهو ما أكدته اإلحصائيات األخيرة أن %81من
[]159
وضعية تجعلهم في تبعية لرجل السلطة المنتخبين الجماعيين ال يعرفون القراءة
والمصالح التقنية والسبب في ذلك هو أن جل المنتخبين ينتخبون لوضعهم االجتماعي دون
أن تراعي توفرهم على الكفاءة والخبرة مما يدعوا للتساؤل كيف يمكن لمنتخب أمي أن
يدبر ويسهر على تدبير الشأن المحلي وهو في هذه الوضعية؟ مما ال شك فيه أن المستوى
الثقافي للمنتخبين الجماعيين يلعب دورا بارزاً في مسيرة تطور الجماعات الترابية.
ذلك أن ضعف هذا المستوى خاصة في البادية حيث تهيمن األمية على بنية المجالس
الجماعية ،ينعكس سلبا على أمور الجماعة ،األمر الذي يجسد مرة أخرى عدم التكافؤ
بين المدينة والقرية في جوانبه اإلنسانية.
ولو أن المستوى الثقافي ال يرتبط دائما بالمستوى الدراسي ،فإن ما يثير الجدل في
التجربة الجماعية هو ولوج مستشارين للعمل الجماعي دون معرفة بأبسط قواعد القراءة
والكتابة ،ويزيد المشكل استفحاال عندما يتعلق األمر بالرئيس ،ولعل األسباب المباشرة
التي ساهمت في تضخيم هذه الوضعية متعددة و متشعبة ،يمكن إجمالها في العناصر
التالية:
-1ضعف مستوى التمدرس خصوصا في المجال القروي؛
عدم تقدير مسؤولية التسيير من طرف المنتخب أو الناخب؛ -8
-.تفشي عالقات الزبونية والمحسوبية وشراء األصوات بين الناخب والمنتخب؛
-1ضعف التأطير السياسي للمواطنين خاصة من قبل األحزاب السياسية التي يحدث
عندها زواج انتخابي وطالق مع المرشحين بمجرد انتهاء التصويت.
لهذا فإن شرط الشهادة االبتدائية غير منطقي بالنظر لالختصاصات الكثيرة الملقاة
على عاتق رئيس المجلس الجماعي وكان على المشرع أن يشترط مستوى أعلى من
الشهادة االبتدائية.
[ - ]159علي سدجاري "،الدولة واإلدارة بين التقليد و التحديث" ،مرجع سابق ،ص.32:
73
فشرط معرفة القراءة والكتابة بقدر ما يطرح مشكل كيفية التأكد منه هل عن طريق
االمتحان أو على أساس الشواهد ،بقدر ما كان يجب أن يكون معمما على جميع أعضاء
المجلس الجماعي وليس فقط على الرئيس ألنه من غير المعقول أن يكون ممال للسكان
ومخاطبا مباشرا فهم أشخاص أميون يجهلون القراءة والكتابة ونحن دخلنا على األلفية
الثالثة[.]160
كما أن شرط المستوى التعليمي الذي يعادل على األقل مستوى نهاية الدروس
االبتدائية يعد غير مؤهل إلدارة الشؤون المحلية وخصوصا في الجماعات التي يتعقد
تسيير شؤونها[.]161
ولهذا الغرض ومن أجل تدبير معقلن للشؤون المحلية فإن الدولة مدعوة ألن تعيد
النظر في الشهادة االبتدائية وأن تنص على مستوى علمي أعلى من هذه الشهادة ،حتى
تنسجم مع نفسها ومع توجهاتها الكبرى على مستوى التنمية البشرية واالنتقال الديمقراطي
وتحديات الفترة المعاصرة كما أن األحزاب وفي إطار تقاسم المسؤوليات يتعين عليها أن
ال تعطي التزكية لمن ال يستحقها[.]162
ويتضح من خالل هذه المعطيات أن هناك تطورا نسبيا يسير في اتجاه التخفيف من
حدة تدني المستوى الثقافي لدى المنتخبين الجماعيين ،الشيء الذي سيؤثر إيجابا على
مسيرة العمل الجماعي ويعمق التجربة الالمركزية غير أن المستوى الثقافي وحده ال يكفي
لتحقيق هذا الطموح.]163[ .
[ - ]160أحمد أجعون " ،تكوين المنتخب الجماعي " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس كلية الحقوق والعلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،السنة الجامعية ،0776 -0779ص.001 :
[ - ]161أحمد أجعون " ،تكوين المنتخب الجماعي " المرجع نفسه ،ص .031 :
[ - ]162إبراهيم النوري " ،تدبير المجالس الجماعية بين القانون والممارسة" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس
الرباط السنة الجامعية ،2116 -2119 ،ص.001 :
[ - ]163المهدي بنمير "،الجماعات المحلية والممارسات المالية بالمغرب " ،المطبعة والوارقة الوطنية -مراكش ،طبعة ، 1221ص.812 :
74
الجماعة.
حتى ال تبقى عرضة لتدخل رجل السلطة الذي يخضع لتكوين دقيق وشامل
خصوصا وأن المسؤوليات الجماعية في تراكم مستمر.
إن االهتمام بالعنصر البشري وبضرورة تكوينه المتواصل يعد من واجب الواجبات
ومن أولويات التسيير الجماعي ،فيجب أن يكون المنتخب خاصة الرئيس ومساعدين
مؤهلين لفهم النصوص التشريعية والقانونية والتنظيمية واإلجرائية حتى ال يؤدي افتقاره
هذا التكوين أن يكون مستمرا لإللمام بكيفيات التسيير الجماعي ومستجداته.
عن مسألة تكوين المنتخبين لم تطرح فقط بالنسبة للدول النامية ،بل إن الدول
المتقدمة نفسها في بداية تقدمها عانت من ضعف تكوين المنتخبين.
وفيما يخص مسألة تفرغ رئيس المجلس الجماعي نالحظ أن معظم رؤساء
الجماعات ال يتفرغون لشؤون الجماعة بشكل مستمر استثناء حضور دورات المجلس ،
كما أن معظمهم يكون حضوره مناسباتي خالل أيام السوق خاصة في الجماعات القروية ،
ولهذا يتعين على المشرع أن يحسم في هذه المسألة خاصة كما قلنا مع تزايد أعباء رئيس
المجلس الجماعي الذي تفرض نوعا من التفرغ لقضايا الجماعة.
ولقد عمدت الكثير من الدول في مقدمتها الدول الديمقراطية على إصدار قوانين تمنع
هذا الجمع للوظائف[ ، ]164والذي يتناقض تماما مع الدور الجديد للجماعات الترابية التي
لم تعد في حاجة إلى منتخب يحضر من حين آلخر لتوقيع الوثائق اإلدارية بعد أن يتم
جمعها لمدة زمنية يضيع فيها المواطن من كثرة التردد على الجماعة ،وإنما أصبحت في
حاجة إلى من يعانق الناخب ويحل مشاكله ،كما تجدر اإلشارة إلى أن المناظرات الوطنية
،وبعض اللقاءات الجهوية ،بالرغم من أهميتها فإنها غير كافية بسبب التباعد الزمني
الذي يفصل بينهما ،وبسبب الطريقة التي تنجز بها أشغالها ،إذ كثيرا ما تتم صياغة
توصياتها بناء على منظور موظفي الدولة وخاصة وزارة الداخلية.
ومن المسائل المثيرة للنقاش والتي استقرت في الممارسة الالمركزية بفعل أبعادها
[]164
- Jean-Emile VIÉ « les septs plaies de la décentralisation », La Revue administrative, 39e Année, No. 230
Mars- Avril 1986. [Journal] p : 48 .
75
وانعكاساتها ،على غرار ما هو معمول به في النظام الفرنسي ،وهي مجانبة مهام
المنتخب ،إال ما يتصل ببعض التعويضات.
هذا العنصر الذي أفرز تاريخيا باإلضافة إلى عوامل أخرى نخبا محلية تتكون من
األعيان واألغنياء الذين ال يتمتعون بتكوين سياسي أو إداري ،همهم الوحيد الدفاع عن
مصالحهم ،وجعل منصب المنتخب فرصة للتباهي والنشوة وإثارة الصراعات القبلية
خاصة في الوسط القروي ،كما أن غياب عنصر األجر أو الراتب مقابل أداء العمل فتح
المجال لألشخاص الذين لهم الوقت الكافي والفراغ الزمني ،في حين أن المفهوم الجديد
للجماعة الترابية لمقاولة يتطلب خبرات في التسيير واإلدارة ويتطلب دراسات قانونية
وثقافية ومحاسبية ...إلخ.
وأخيرا ؛ ال يمكن الحديث عن التدبير البشري الجيد دون وجود إدارة جماعية مهيكلة
ومنظمة وموظفين أكفاء[.]165
ب -الموظف الجماعي
إن الفئة األكثر أهمية في العنصر البشري في الجماعات الترابية هي فئة الموظفين
الجماعيين الذين يكونون جهازا ضخما ال زال يحتل أهمية كبيرة في تسيير المرافق
الجماعية.
لكن السؤال المطروح هل استطاعت اإلدارة الجماعية أن تحقق ذلك البعد التدبيري؟
وبعبارة أخرى ،هل استطاعت أن تبلور مفهوما صحيحا لتوظيف مواردها البشرية[.]166
إن التأطير البشري للجماعات الترابية يرتهن بمجموعة من الصعوبات والمعوقات
يمكن اختزال مظاهرها فيما يلي:
-)1ضعف التأطير اإلداري
ال يمكن حاليا القول بأن المشكل المطروح على مستوى إيجاد األطر اإلدارية في
المستوى هو قلة هذه األطر ،إذ أن سوق العمل المغربية تزخر بأعداد هائلة من العاطلين
في مختلف المستويات وعلى اختالف تكوينهم ومشاربهم العلمية.
[ - ]165المصطفى دليل " ،المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد " ،م .م .إ .م و التنمية ،عدد 10سنة ، 8002ص:
.22
[ - ]166شيخي حسن " ،الدولة والجماعات المحلية بالمغرب" ،توزيع االختصاصات وتحويل الموارد " ،مرجع سابق ص.802 :
76
يبقى السؤال المعلق هو مدى قدرة الجماعات الترابية بمواردها المحدودة على
االستفادة من هذه الوفرة واستثمارها سواء بإجراء تداريب أولية ومكثفة أو باالندماج
المباشر في ساحة العمل.
إذن من بين مظاهر صعوبات التأطير اإلداري للجماعات الترابية نجد:
-المظهر األول :يتجلى في عدم كفاية األطر اإلدارية والتقنية لالستجابة الكاملة
لضرورات العمل الجماعي ،رغم االرتفاع المتزايد ألعداد الموظفين واألعوان
الجماعيين خاصة بعد سنة ،1441حيث انطلقت عملية توظيف الشباب الحامل للشهادات
غداة إنشاء المجلس الوطني للشباب والمستقبل في إطار العملية الوطنية لتشغيل الشباب
الحاصل على الشهادات ،إذ انتقل عدد الموظفين الجماعيين حتى حدود سنة 1441إلى
11821.بعد أن كان ال يتجاوز .1.111موظف سنة 1411أي بزيادة تقدر نسبتها
1%81دون احتساب األعوان المياومين و الرسميين ،ومع ذلك يظهر أن التأطير ال
زال ضعيفا ،رغم أن معدل التأطير البشري لكل من السكان انتقل من 8.12عونا سنة
1411إلى 1.1.سنة 1441مقابل 81موظفا لكل ألف ساكن فيما يخص التأطير الذي
توفره الدولة[.]167
المظهر الثاني :يكمن في الخلل الحاصل في توزيع هذه األطر بين الجماعات
الترابية المختلفة ،وهذا الالتوازن أو ما يمكن أن نطلق عليه مركزية التأطير تتجلى في:
أوال :األعداد الهائلة التي تحتوي عليها اإلدارة المركزية من األطر بمختلف
أصنافها ،خاصة األطر العليا ،بينما تفقد المناطق األخرى الذاتية بالخصوص ،إلى هذه
األطر ،بل حتى إلى بعض األطر اإلدارية العادية ،أما التقنية فتكاد تكون منعدمة ،إذن
هناك تضخم خاصة في العاصمة وفقر مدقع في جل المناطق األخرى.
ثانيا :عدم التوازن بين الجماعات الترابية نفسها حيث تتضرر الجماعات القروية ،
إذ هناك عوامل تتحكم في هذا التوزيع غير المتكافئ ترجع في أغلبها إلى مركزية جل
األنشطة االقتصادية واالجتماعية والبنايات التحتية ،وافتقار المناطق المحيطة بأبسط
التجهيزات ،إذ أظهرت التجربة اإلدارية أن الجماعات القروية وخاصة النائية منها تشكل
[ - ]167معني السنوسي " ،دور الجماعات المحلية في قطاع التعمير والسكن " ،مجلة الموئل ،عدد ، 3السنة ، 1222ص .832 :
77
بيئة "طاردة اجتماعيا" لألطر التي تعودت على نمط الحياة المدينية[.]168
المظهر الثالث :يعبر عن عدم التوازن بين األصناف المختلفة لألطر التي تتوفر
عليها الجماعات الترابية ،حيث نجد أن األطر العليا أقل مقارنة مع أعوان التنفيذ التي
تغرق وترهق ميزانية الجماعات.
باإلضافة إلى نقص في عدد األطر العليا هناك توزع داخل هذا الصنف بدوره ،
حيث شكلت نسبة األطر اإلدارية وحدها %2..21من مجموع األطر العليا ،في حين أن
الصنف التقني منها ال يتعدى %2.91فضال عن عدم التوازن في توزيع األصناف بين
الجماعات الحضرية و القروية ،فالبلديات تتوفر على حوالي %2.من األطر التقنية ،
بينما تبقى نسبة %1للجماعات القروية ،ويصل عدد المهندسين المعماريين في الوسط
الحضري إلى %..مهندس لكل 111ألف ساكن ،بينما ال يتعدى 1.8لكل مليون ساكن
في المجال القروي.
ويرجع هذا الخلل في التوزيع باإلضافة إلى العوامل المذكورة إلى قلة إمكانيات
أغلب الجماعات ،إلى انغماس هذه الجماعات في أداء مهام إدارية بسيطة قد ال تتطلب
هذه األصناف المؤهلة من الموظفين ألن هناك تأثيرا جدليا بين عدد ونوع الموظفين وبين
حجم وطبيعة الخدمات التي تقدمها الجماعات الترابية ،األمر الذي أصبح يفرض أطرا
جديدة متخرجة من مدارس مراكز غير تلك التي يلجأ إليها لالستجابة لالختصاصات
المتجددة المسندة إليها ،فالمدربين المتخرجين مثال من المدرسة الوطنية للتجارة ،مما
سيمكن الجماعات من االنخراط في عالم االستثمار والمقاولة[ .]169وعالوة على ذلك ال
زالت الجماعات تواجه مشاكل عديدة على مستوى توظيف مواردها البشرية ،إذ ال تعتمد
سياسة لتقدير احتياجاتها من الموظفين و األعوان ،وذلك راجع إلى:
عدم وضوح األهداف باإلدارة الجماعية أو تجاهلها ؛
عدم وجود هيكلة تنظيمية واضحة ودليل تنظيمي للوحدات اإلدارية ؛
عدم وجود وصف تحليلي للوظائف والمسؤوليات والواجبات التي تصاحبها
[ - ]168مصطفى الجندي " ،المرجع في اإلدارة المحلية " ،مرجع سابق ص.22 :
[ - ]169أحمد أبو السء "،تدبير الموارد البشرية نموذج اإلدارة الجماعية " ،سنة ،8001ص.128 :
78
والمؤهالت والخبرة والمهارات الالزمة لتنفيذها ؛
صعوبة قياس المردودية باألنشطة اإلدارية وعدم توفر معلومات كافية عن
معدالت األداء للفرد ؛
اللجوء في بعض األحيان إلى التوظيفات في غياب مناصب مالية ؛
عدم تناسب الموظفين المختارين من حيث النوعية والعدد[.]170
-8اختالل العالقة االنسانية داخل اإلدارة الجماعية
هناك اختالل أيضا على مستوى العمل الجماعي في اإلدارة الجماعية ،وهنا نقصد
به تلك العالقة التي تربط بين الرئيس والموظفين الجماعيين والتي هي واضحة كون
رئيس المجلس الجماعي هو الرئيس التسلسلي للموظفين الجماعيين وجميع مسيري
مصالح الجماعة ،وهذا ما ضمنه له النص القانوني في المادة 19من ظهير 8114حيث
كل مخالفة ألوامره يتصدر عنها إجراءات زجرية وعقوبات تأديبية المنصوص عليها في
[]171
الشيء الذي قلما يثير إشكاال لكن األشكال الفصل 22من قانون الوظيفة العمومية
الذي عنه ينتج خلل فقط على مستوى عالقة المستشار الجماعي مع الموظفين الجماعيين
حيث لوجود لعالقة قانونية ومسطرة تربطهم الشيء الذي يوقع نزاعات وصدامات مع
موظفي اإلدارة الجماعية ،وذلك لسببين رئيسيين:
وعي الموظف الجماعي باختصاصاته بمنطق التسلسل اإلداري بحقوقه وواجباته
،ونتيجة لذلك ال يأبه إال بتعليمات رؤسائهم من المفروض تجاهل أوامر المستشارين غير
المفوضين.
جهل المستشارين لحدود حقوقهم واعتقادهم بأن عملية االنتخاب كافية إلخضاع
الموظفين الجماعيين لرغباتهم وإلجبارهم على طاعة أوامرهم.
هذه المعطيات تطرح إشكالية دور المستشار الجماعي في اإلدارة الجماعية وحدود
عالقته بالموظفين الجماعيين ودوره بشكل عام وهي إشكالية أخرى تضاف إلى ضرورة
التنصيص على تلقي المستشار الجماعي والموظف الجماعي على حد سواء تكوينا لنضمن
[ - ]170عبد الغني اعبيزة " ،سياسة التحدي اإلداري بالمغرب " ،دار القلم – الرباط ،الطبعة الثانية ،.8111ص.20-22 :
* [ - ]171يراجع في هذا الباب ؛ الفصل 33من ظهير الوظيفة العمومية ،الصادر فبراير .1212
79
توازنا فعليا بين طرفي التسيير بين موظفين جماعيين أو بعالقته مع باقي المرافق
العمومية المحلية[.]172
ترتبط االكراهات الخارجية بطبية التطورات التي عرفها المحيط الدولي من الناحية
اال قتصادية ،حيث أسفر التطور الدولي مناهج وأشكال تدبيرية حديثة بحكم ثورة المعلومات
ووسائل االتصال ،هذا الفكر التدبيري الجديد له آثار عدة على الدول سواء المتقدمة أو
النامية ،ويتعلق األمر هنا بظاهرة العولمة وتأثيرها على اإلدارة الجماعية.
وعليه فإن تحديث نظام اإلدارة الجماعية أصبح حاجة ملحة ليس فقط نتيجة التحوالت
التي أدت إلى تطور الوعي لدى المواطن بضرورة جعل اإلدارة في خدمته وأداة لتحقيق
التنمية الشاملة ،بل كذلك نتيجة عوامل خارجية ،لعل أهمها العولمة والتي هي ظاهرة
إقتصادية قبل كل شيء ،والتي تعني نمواً ال مثيل له للقطاع الخاص وتراجعا كبيرا للدولة
[]173
وهذا التحول سيلقي بظالله على التدخلية ،أي تدخل أقل للدولة في الميدان اإلقتصادي
اإلدارة المغربية التي أصبحت عاجزة عن مواكبة هذه التطورات العالمية.
وإذا كان هذا هو واقع حال اإلدارة ،فإن الظرفية الحالية تجعل من اإلدارة األداة
الرئيسية لتشجيع اإلستثمار والمساهمة في تأهيل اإلقتصاد الوطني ،وهو ما يدعو إلى
ضرورة إعادة النظر في طريقة عملها وتطوير مناهجها وتكييفها مع التغييرات التي يشهدها
العالم ،وأمام الثورة المعلوماتية والتطور التكنولوجي وتطور مناهج التدبير الحديث ،نتساءل
عن :مدى تأثير المتغيرات الخارجية على اإلدارة الجماعية؟ وكيفت تساهم المساعدات
الدولية ومؤسساتها في هيكلة برامج التحديث اإلداري؟ وما هي توجهات صندوق النقد
الدولي في هذا المجال؟
[ - ]172مصطفى دليل " ،المجالس الجماعية بالمغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد " ،سلسلة مواضيع الساعة ،منشورات م.إ.م.ت ،عدد
، 10طبعة ، 8002ص.12 :
[ - ]173عبد المجبد بن جلون " ،تأهيل اإلدارة للعولمة بعض عناصر المقاربة" ،وارد في كتاب تأهيل اإلدراة للعولمة ،لعلي سدجاري ،م .س ،
ص.83 :
80
وبناء على ذلك ؛ سنحاول في هذا المطلب دراسة أثر العولمة على اإلدارة الجماعية في
(فقرة أولى) ،على أن نعرج في (الفقرة الثانية) لتناول التحديات المرتبطة باإلستثمار
الخارجي.
* [ - ]174العولمة كفكرة برزت منذ بداية القرن العشرين ( )80ولم تأخذ دالالتها إال مع حرب الخليج الثانية وانهيار االتحاد السوفيتي وتداوالت
مصحوبة بعبارات النظام العالمي الجديد إقامة نظام ذي قطب واحد ، ...ومفهوم العولمة بالتعقيد وإثارة الجدل ؛ وهو مفهوم يعبر في الواقع عن
حقيقة أو عن حقائق قديمة وهذا ما دعا البعض للقول أن مفهوم العولمة جديد لواقع قديم .أنظر:
-عبد الواحد الناصر " ،المتغيرات الدولية الكبرى" مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ، 8001ص.108 :
]175[- Ali Sedjari , « rapport introductif in la mise a niveau de l’administration face à la mondialisation », Edition
l’Harmattan1222 , p :9 .
81
السبعينيات من القرن الماضي حولي 181.2مليون درهم[ ،]176رصدت لتمويل خدمات
الخبراء األجانب الذين عملوا ما يفوق .1سنة والتي فاقت ، %.2من مجموع تكلفة
المشاريع التي أنجزت بالمغرب طيلة هذه المدة تحت إشراف برنامج األمم المتحدة للتنمية
وباقي هيئاته المتخصصة.
إال أن بداية الثمانينات ستتجه المؤسسات الدولية وخاصة البنك الدولي اتجاها آخر
في تقديم المساعدات والقروض وذلك بهدف إعادة تشكيل الهياكل ،بحيث سيتم اعتماد
اإلقتراض من أجل التقويم الهيكلي ،وهذه القروض هي قروض للبرامج [.]177
إن هذه المساعدات المقدمة من طرف البنك الدولي تنطوي على العديد من المخاطر
المرتبطة بالسيادة الوطنية ،فهي وسيلة لجعل هذه المنظمات تتدخل في الشؤون الداخلية
للدول عبر توجيه إقتصادياتها وإيالء العديد من الشروط المتعلقة بتحديث اإلدارة
والتغييرات السياسية ،فمقابل المساعدات فإنه يتوقع من البلد المتلقي تنفيذ إصالحات هامة
[.]178
في إقتصاده تتفق مع المطالب التي يعلنها البنط دائما
والمغرب كغيره من الدول وانسجاما مع الفلسفة اإلقتصادية الليبرالية ،أدى توقيعه
برنامج التقويم الهيكلي في سنة 142.إلى إدخال العديد من التغييرات مست أساسا طرق
تدبير المرفق العام ،لتمتد فيما بعد إلى المجال السياسي ،ويمكن اعتبار تقرير البنك
العالمي لسنة 1441مرحلة مهمة في التحسين بموقع اإلدارة العمومية ومنها الجماعية
ومركزيتها في نجاح مختلف التحديثات القطاعية األخرى.
وفي نفس السياق وجه صندوق النقد الدولي مذكرة توجيهية سنة 1441تؤكد على
أن التدبير العمومي الجيد يساهم في اإلستقرار المكرو-إقتصادي وفي النمو ،وعليه يجب
على الدولة أن تتجه نحوى تركيز جهودها على محاربة الفساد وسوء التدبير.
إن تحديث اإلدارة الجماعية أصبح رهان أساسي ال رجعة فيه ،خاصة وأن المغرب
يتوفر على موقع جغرافي متميز قريب من اإلتحاد األوربي ،ويتمتع باستقرار سياسي
فضال عن توفره على خصوصيات تؤهله لجذب استثمارات أجنبية بهدف ضمان تنمية
[ - ]176بلقاسم كريمني "،دراسة فقهية وتأصيلية للنظرية العامة للتنظيم الدولي ولألمم المتحدة والوكاالت المتخصصة والمنظمات اإلقليمية" دار
النهضة العربية – القاهرة الطبعة السادسة يناير ،1220ص.201 ،
[ - ]177شيريل بيار " ،البنك الدولي -دراسة نقدية"،ترجمة أحمد فؤاد بلبع ،دار سينا للنشر ،الطبعة األولى ،1221 ،ص.121 :
[ - ]178شيريل بيار " ،البنك الدولي -دراسة نقدية" ،المرجع نفسه ،ص.122 :
82
مستدامة ،وفي مقابل هذه المميزات فإن المنافسة الدولية والتطور التكنولوجي تفرض
على المغرب إعادة النظر في نماذج التدبير العمومي ،وقد حاول البنك الدولي رسم معالم
تحديث اإلدارة المغربية بمطالبته تبسيط اإلجراءات والمساطر المالية عن طريق:
خلق نظام للتحفيز وتخفيض عدد الموظفين ،وكذا تحسين العالقة بين اإلدارة
والقطاع الخاص و تحسين بنية اإلستثمار بواسطة الحد من المرض البيروقراطي.
وكخالصة لما سبق يمكن القول أن اإلصالحات التي شملت قطاع اإلدارة العمومية
خصوصا منذ فترة الثمانيات هي من توجيه المنظمات الدولية ،وعليه فاإلصالحات التي
عرفها المغرب ،باإلضافة إلى الدور الذي لعبته الظروف الداخلية والتي تظل أقل درجة
بالمقارنة مع اإلكراهات الخارجية التي تبقى أهم مصدر وموجه لمعظمها[ ، ]179هذا كله
بغية توفير الظروف والمناخ لجعل المغرب جزء من إستراتيجية دولية لتقسيم العمل الذي
يستجيب لمتطلبات العولمة ،ورغبات الشركات غير القارة التي أضحت تحكم العالم
والذي يرى البض أنها تستخدم المنظمات الدولية لخدمة مصالحها.
فإذا كانت المساعدات المقدمة من قبل المؤسسات الدولية قد ساهمت في اإلصالحات
اإلدارية واإلقتصادية ،فإن ذلك كان له أثر بعيد المدى وهو خدمة الشركات العالمية عبر
إدماج المغرب ضمن المنظومة الدولية.
ثانيا :المساعدات الدولية وهدف إدماج الدولة في النظام العالمي
إذا كانت جل الدول المتخلفة حصلت على استقاللها منذ أكثر من نصف قرن وهي
فترة كافية لتقديم حصيلة ،حصيلة تكشف بعض المظاهر التي قد تشكلت وانتشرت ،لكن
التنمية لم تتحقق بعد بمفهومها الشامل ،بل ازدادت أعباء الدولة تفاقما من جراء
المصاعب اإلدارية .هذه الوضعية أفرزت اتجاها نحو الحد من دور الدولة بنموذج
الليبرالية الذي خلخل األساس اإلقتصادي واإلجتماعي للدولة ولإلدارة ،مما أدى إلى تغير
في أدوار الدولة نتيجة أثار العولمة(أ) ،في مقابل ذلك أضحت اإلدارة أداة لتحقيق األهداف
الدولية على الصعيد الوطني نتيجة لغياب الفعالية واألزمة البنيوية للتغيير (ب).
[ -]179عبد الحفيظ أدمينو " ،نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية
العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية ،8008-8001 ،ص.821 :
83
دور العولمة في التأثير على مفهوم الدولة أ-
لقد دفعت العولمة العديد من الدول إلى تغيير وظائفها وكذا موقعها ،وهو تغيير
فرضته ضرورة عدم التدخل في قوانين السوق السياسية واإلقتصادية .فالليبرالية السياسية
ال تقبل بوجود دولة تراقب الحياة اإلجتماعية[ ،]180هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ،
فإن نظام العولمة أدى إلى خلق أنواع جديدة من المشكالت والتحديات ال تستطيع الدول
واإلدارات بشكلها الكالسيكي لتعامل معها ومواجهتها ،وما الحفاظ على البيئة وحمايتها
من التلوث ومحاربة اإلرهاب على النطاق العالمي ألمثلة دالة على هذه المواضيع
المستجدة.
إن إعادة النظر في دور الدولة يتزامن مع العودة القوية للنظام النيوليبرالي الذي
يتميز بثالثة ( ).خصائص:
إدماج الدولة في النظام العالمي système monde؛ o
إعادة اإلعتبار لقدرات ومبادرات اإلنسان ؛ o
الرجوع إلى اإلقليمية عبر مأسسة السلطات والقرارات. o
فمذهب التخلي الجديد [ ]désengagementينبني على إضعاف دور الدولة
وقدرتها على خلق التغيير ،بحيث تضمحل سلطة المركز لصالح الحلول التي تقدمها
الوحدات التؤابية ،وهو ما يطرح أسئلة جديدة على دور الوحدات اإلدارية المحلية
(الجماعية) في تدبير قيادة هذا التحول خاصة وأن النموذج البيروقراطي السلطوي أصبح
محط انتقاد و لم يعد وحده يجسد المصلحة العامة التي طالما شكلت عنصر ارتكازه
األساسي.
فالعولمة إذن ساهمت إلى حد كبير في تناقض سلطة الدولة الوطنية وانحصار
صياغة وإعداد السياسات العمومية وتفعيلها ومراقبة تنفيذها من منظور وطني خالص ،
وذلك من جراء انتقال بعض صالحياتها للمؤسسات الدولية أو للقطاع الخاص الوطني
واألجنبي ،وهذا ناتج بطبيعة الحال عن آثار التكنولوجيا المعلوماتية التي شهدها العالم
]180[ - Ben ali (d), « l’Etat nation à l’heur des mutations politico-économiq ajustement économique et
libéralisation politique » , in l’Etat nation perspective des territoires , l’Hamattan 1999. p :59.
84
والتي هي من مظاهر العولمة الحديثة ،حيث شكلت قوة ضرب وتحرك في سبيل اختراق
الحدود الطبيعية للكيانات الوطنية ،ومن تم تكتسي العولمة صيغة احتواء لإلقتصاديات
النامية وإدماجها في اإلقتصاد العالمي ،وأكثر من ذلك فالعولمة اإلقتصادية تستهدف
تجحيم وتدجين الدولة الوطنية المستقلة ،إذ تتطلب العولمة كما يقول الدكتور جالل أمين
[.]181
"الدولة الرخوة وليست الدولة القوية الوطنية المستقلة"
[ - ]181مصطفى الكثيري ،تأمالت في التغيير واإلصالح بالمغرب" ،دار النشر المغربية ،الدار البيضاء طبعة ، 8008ص.22 :
[ - ]182أسامة عبد الرحمان " ،تنمية التخلف وإدارة التنمية في الوطن العربي وفي النظام العالمي الجديد" ،مركز دراسات الوحدة العربية ،
، 1222ص.81 :
[ -]183مصطفى الكثيري ،تأمالت في التغيير واإلصالح بالمغرب" مرجع سابق ،ص.133 :
85
إن ما ينبغي القيام به اليوم ليس فقط إصالح اإلدارة ،بل تحديثها اتستجابة
للتطورات التي يشهدا العالم بما يعني ذلك من مراجعة دور الدولة في المجتمع بكيفية
تؤدي إلى إرساء عالقة متينة مبنية على المسؤولية والفعالية والشفافية ،بحيث يوضع
التأكيد مبدئيا على التصور الجديد للسلطة وعالقتها بمحيطها أو بيئتها ،وهذا هو المفتاح
الذي يشكل مدخال للتغيير في األفق يكون من شأنه جعل اإلدارة المقل األعلى ،ووسيلة
أحسن إلدماج اإلداري في المجتمع[.]184
وعلى خالف اإلصالح اإلداري الذي تتجلى آثاره في مظاهر التدبير والمساطر
والهياكل ،فإن التحديث اإلداري له متطلبات أكثر وهي تهم تنظيم مستويين :السياسي
واإلداري ؛ ألنه أضحى من المقبول القول بأن التحديث اإلداري ال ينفك عن تحديث الدولة
،فهم متالزمان وكالهما يؤثر في األخر ،على اعتبار أن تحديث اإلدارة الجماعية يساهم
هو في حد ذاته تحديث لإلدارة العمومية وللدولة نفسها والعكس صحيح ،غير أن خوض
غمار اإلصالح والتحديث ال يجب أن يظل حبيس نظرة قطاعية ،بل يجب أن ينصرف
نحو اعتماد نظرة شمولية تسعى إلى تحديث اإلدارة وفق منظور يدمج مختلف األبعاد
اإلجتماعية السياسية اإلقتصادية الثقافية التربوية والمؤسساتية ،لذا فنجاح أي سياسة
إصالحية يتو قف على أن تندرج في إطار مقترب شامل لكافة الحساسيات يدمج الدولة
والمجتمع ،لكي تنتقل سياسة الدولة اإلصالحية من محاربة األوهام إلى تصور يرتكز
على النهوض الشامل بأوضاع اإلدارة والدولة[ .]185هذا فضال عن تأهيل المجتمع من
أجل أن يستوعب اإلصالحات المراد إدخالها ،وتعويض ثقافة الجمود بثقافة الحركية
والخلق واإلبداع.
إن من بين أهم األسباب التي تجعل من التحديث اإلداري أمراً ملحا ً في زمن
العولمة نجد:
-النسق الزمني :فالهياكل اإلدارية التي تعتبر بمثابة كائنات حية تلحقها شيخوخة ،
يجب إعادة تكييفها ومالءمتها للواقع ،بالنظر للنقالت العميقة التي يعرفها المجتمع ؛
[ - ]184علي سدجاري " ،تأهيل اإلدارة للعولمة" ،منشورات مجموعة البحث في المجال والتراب ،منشورات كريت) ، (Gretطبعة ،.8000
ص.101 :
[ -]185عبد الحفيظ أدمينو " ،نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،مرجع سابق ،ص.201 :
86
-النسق األخالقي :ومعناه أنه يجب حماية اإلدارة ضد نفسها وضد محيطها وضد
السلطات العمومية وضد كل محاولة لالستغالل تعد خيانة للوظيفة ،وهذا ما يفترض
بالطبع وجود سلطات سياسية شجاعة قوية ومنسجمة ؛
-النسق اإلستراتيجي :بمعنى جعل اإلدارة أكثر مردودية وكفاءة وأقل كلفة قادرة على
خلق الثروة وتحريك النمو.
النسق األخير يكتسي طابعا خارجيا ،ألن األمر يتعلق بالضرورة الملحة بتكييف
اإلدارة مع السياق العالمي والجهوي ،وباختصار فالعوامل الخارجية التي تؤثر في دور
الدولة هي من صنفين :األول يرتبط بالتغيرات التي يعرفها النظام العالمي ،ذلك أن
المفهوم الواسع للعولمة يؤدي إلى إفراز آثار على اإلدارة نفسها والتي ضلّت مدة طويلة
سجينة تصورات المركزية وتجسيد سلطة الدولة ،أما الصنف الثاني فهو مرتبط اإلندماج
المغربي ،سواء مع اإلتحاد األوربي الذي يرتبط مع المملكة المغربية باتفاقية
[]186
،أو مع القارة اإلفريقية المتجسد في الرجوع القوي للمقرب إلى الحضن الشراكة
اإلفريقي.
وإذا كانت العوامل الخارجية المتمثلة في مساعدات المنظمات الدولية ،وكذا
تحوالت العولمة قد أدت إلى إدماج المغرب في النظام العالمي ،و اإلسراع في إصالح
اإلدارة وتحديثها ،فإن ضرورة تشجيع اإلستثمار خاصة األجنبي منه أصبح شعار
المرحلة الراهنة ،مما يشكل سببا أساسيا يدفع باتجاه التحديث
الفقرة الثانية :اإلدارة الجماعية وتحدي اإلستثمار الخارجي
تقوم العولمة في جوهرها على مبدأ الحرية اإلقتصادية وفتح الحدود أمام الشركات
من أجل اإلستثمار ،بحيث ال تعترف بالحدود بمفهومها القديم ؛ مؤ ّمنة وبصورة كبيرة من
طرف القوى التي تستخدمها والمتمثلة في صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وكذلك
منظمة التجارة العالمية والشركات المتعددة الجنسية ،وما ظهر مؤخرا أطلق عليه أممية
رؤوس األموال ،فمنظمة التجارة العالمية تقوم بتحرير التجارة العالمية ،في حين يراقب
صندوق النقد الدولي اقتصاديات معظم دول العالم وطبعا لصالح الرأسمالية العالمية ولم
[ - ]186إدريس الكراوي " ،اإلقتصاد المغربي -التحوالت و الرهانات" ،م .س .ص.181 :
87
يفت الدول النامية بأن عمل صندوق النقد الدولي يتجه لخدمة مصالح الدول الغنية الثمانية
وخاصة منها الواليات المتحدة األمريكية وذلك بفتح األسواق وفتح الحواجز أمام
اإلستثمارات األجنبية ،وهو ما يتطلب العمل على خلق الظروف المالئمة لحرية المبادرة
والتجارة.
والمغرب كغيره من البلدان دخل نهج السوق مما حتم عليه العمل على توفير إدارة
قادرة على تنظيم القطاع وحمايته ،وذلك بإدخال مناهج جديدة تتماشى والتدبير
اإلقتصادي الحديث(ثانيا) ولكن قبل ذلك البد من إلقاء نظرة على واقع اإلدارة اإلقتصادية
في المغرب ،وذلك حتى يتسنى لنا الوقوف على مكامن الخلل (أوال)
أوال :اإلدارة الجماعية وإشكالية عدم مواكبة تحديات العولمة
تعد ظاهرة العولمة أهم تحدي يواجه المجتمعات ،والدول في العصر الحالي؛
وآثار هذه الظاهرة ال يقتصر على جانب بحد ذاته ،وإنما يشمل جميع الجوانب اإلنسانية
والجوانب اإلدارية ليست استثناء .لهذا فإن التحديات التي تواجه اإلدارة متعددة ،وذات
آثار كبي رة وعميقة ،وهذه األخيرة تحاول المحافظة على استقرارها وديمومتها في ظل
هذه المتغيرات المحيطة بها التي تتصف بالتغير وعدم االستقرار.
ففي ظل التحرير المتزايد للمبادالت الدولية ،فإن الدولة أضحت مطالبة بلعب أدوار
جديدة ليس فقط على صعيد وضع وتحديث البنيات المؤسساتية والقانونية ،ولكن أيضا
على صعيد االستثمار سواء االستثمار المباشر في البنيات التحتية أو على صعيد توفير
المناخ المالئم لإلستثمارات الخاصة واإلدارة العمومية الترابية ومنها الجماعية تأخذ حيزا
هاما في تحديد مصير هذه االستثمارات ،حيث بالرغم من كون هذه األخيرة تعد عامال
محفزا على استقطاب االستثمارات سواء األجنبية أو الوطنية ،تبقى مسؤوليات ومهام
اإلدارة محددة.
وقد أضحى الجميع مقتنع بالدور الهام الذي يمكن أن يلعبه اإلستثمار الخاص
األجنبي والوطني لتحقيق نمو إقتصادي معقول ،و كذا التغلب على اإلشكاالت التي
88
يواجهها المجتمع ،وذلك في إطار إستراتيجية شمولية.
وإذا كان هذا المسعى يستوجب إدارة فعالة ،فإن واقع اإلدارة المغربية يؤكد بما ال
يدع مجاال لشك أن هناك عدة عراقيل تحول دون تحقيق أهدافها لعل أهمها التعقيد
اإلداري.
فاإلدارة المغربية عرفت وال تزال تعرف نزوحا نحو البيروقراطية ،كما تعتبر
بمثابة بناء أجوف أو آلية جامدة ال تقوم على العقالنية ،بل تتحكم آليات تقليدية وعالقات
شخصانية تطغى على معظم أعمالها [ .]187فهي إدارة عقيمة وذات نمط مغلق حيث تتعامل
مع فئة معينة تحددها ،في حين أن المرتفق ال يمكنه ولوج هذه اإلدارة رغم القوانين
واإلمكانيات المتاحة والتي ال تلقى سبيلها إلى لتطبيق [ ،]188وما يزيد األمور تعقيدا هو
عجز اإلجراءات والمساطر اإلدارية مواكبة التغيرات التي يعرفها المجتمع والدولة ،ما
ولد نوعا من الجمود والتعقيد المبالغ فيه من خالل إخضاع كل التعامالت للقانون
والشكليات الرسمية ،وذلك من خالل إخضاع كل وظيفة أو خدمة تقدم للمرتفق لمجموعة
من القواعد واإلجراءات التي تتميز بصفة الثبات والعمومية والعالقة التي تربط المرتفق
باإلدارة ،وقد شكلت اإلجراءات والمساطر اإلدارية التي يخضع لها المستثمرون
الخواص نموذجا واضحا للتباعد القائم بين اإلدارة ومتطلبات التنمية ببالدنا ،فوضعية
التنظيم اإلداري المغربي وواقع اشتغال األجهزة وكذا طبيعة مسلسل اتخاذ القرار
اإلداري تعتبر عوامل محددة لوضعية التعقيد التي تميز إجراءات اإلستثمار الخاص
بالمغرب[.]189
-)1على مستوى اإلدارة :إن أول ما يصطدم به المستثمر الخاص سواء األجنبي أو
[ - ]187محمد أمين بن عبد هللا " ،إعادة التفكير في اإلدارة" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد 3سنة ، 1223-1221ص.2 :
[ - ]188علي سدجاري " ،اإلدارة بين التقليد والتحديث" مرجع سابق ،ص.88 :
[ - ]189عبد الحمبد بن شقرون " ،تشجيع اإلستثمار الخاص بالمغرب وإشكالية تعقيد المساطر واإلجراءات اإلدارية بالمغرب" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية 8001-8000 ،
،ص.11 :
89
الوطني هو مشكل تعدد المتدخلين ،بحيث تتعدد اإلدارات واألجهزة المتدخلة في الميدان
،وينتج عن هذه الوضعية اختالفات مستمرة بين المؤسسات اإلدارية ،فالمستثمر يجد
نفسه ملزما بالتعامل مع العديد من اإلدارات وطرق أكثر من أربعين ( )91بابا ً بغية إتمام
[]190
،وإلى جانب ذلك فإن التنسيق يعتب اإلجراءات التي تخوله اإلستثمار بالمغرب
بمثابة الوظيفة األساسية التي تحقق التكامل و اإلنسجام الحاصلين بين الفاعلين داخل
األجهزة اإلدارية ،كما يعمل التنسيق على تجنب تكرار الوظائف المزدوجة ،وتطهر
أهمية التنسيق أكثر داخل جهاز إداري متضخم ينحو نحو التوسع ويفتقد إلى قانون
التواصل المؤسساتي ،وهي بكل تأكيد وضعية الجهاز اإلداري في المغرب ،فبالرغم من
كل المحاوالت العديدة التي استهدفت تنسيق الجهود اإلدارية ،إال أنها ال زالت تصطدم
بالتكرار واإلزدواجية والتعارض والتضارب في العمليات ،وأهم دليل يجسد ذلك هو
غياب التواصل مع المحيط الخارجي وحتى الداخلي أي بين تواصل اإلدارات فيما
بينها[.]191
مما سبق يالحظ وجود تعارض بين متطلبات التنمية وبين طريقة اتخاذ القرار
اإلداري في المغرب ،وذلك بسبب المركزية المفرطة التي تعاني منها اإلدارة والتي أدت
إلى تجميع سلط اتخاذ القرار بيد اإلدارة المركزية ،وهو ما يؤثر سلبا على سرعة اتخاذ
القرار.
)8على مستوى إكراهات السلوك اإلداري :ويتعلق األمر هنا بمجموعة من
التصرفات الصادرة عن العاملين داخل اإلدارة أثناء تعاملهم مع المستثمر الخاص ،بحيث
[]192
األفراد داخل الجهاز اإلداري محددا أساسيا لمدى فعالية األجهزة يعد سلوك
المؤسساتية ،خاصة وأن هذه األخيرة ينضر إليها كأطر مجردة تكتسب نجاعتها وقدرتها
]190[ - Rapport préliminaire, « Le parcours de l’investisseur au MAROC- l’agence des ETATS-UNIS pour le
développement international », price water house Cooper, novembre 1998 ,p :11 .
]191[ - Hasouni Abdellah, « La politique d’encouragement des investissement privé étrangers au MAROC », thèse
de doctorat d’Etat, université des sciences juridique politique sociales et de technologie , stratsbourg, 1985,
p:710.
* [ " – ]192السلوك باختصار هو مجموع الطرق والوسائل التي يسلكها الكائن الفردي واإلجتماعي استجابة لمؤثرات قابلة للرصد والقياس
بمعايير وقيم المحيط الذي ينتسب إليه " .أورده - :حميد قهوي " ،مساهمة في دراسة سلوك اإلدارة المغربية" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية ، 8008-8001 ،ص.18 :
90
على ال تواصل اإليجابي مع اآلخرين بناء على التجاوب الذي يعبر عنه الفاعلون
المركزيون داخلها أي اإلداريون [.]193
إن خاصية التعقيد التي تميز عالقة اإلدارة بالمستثمرين ليست فقط مرتبطة بالعوامل
الخارجية ،بل هي أيضا نتاج مساهمة العاملين أنفسهم داخل اإلدارة ،هذه األخير
باعتبارها تنظيم تقوم بتنفيذ السياسات العمومية للدولة ،وتتواصل مع محيطها الخارجي
بناء على نسق محدد ،غيران فعالية ذلك النسق تبقى رهينة بدور الفاعلين الذين يحركونه
ويؤثرون فيه[.]194
وبذلك فإن التعقيد اإلداري الذي يطبع المساطر واإلجراءات اإلدارية يرتبط في
جان ب منه بسلوكات إدارية منحرفة وبعقليات ال تستند في حاالت متعددة إلى إي أساس
قانوني أو تنظيمي أو أي اعتبار تمليه ضرورة المصلحة[ ،]195ضمن هذا السياق ،ينظر
إلى السلوك اإلداري كسلوك تغلب عليه في أحيان كثيرة خاصية السرية التي تترجم
هاجس الحيطة والحذر وعدم القدرة على التواصل من جانب الموظف العمومي الذي
يتحصن بمقتضيات الفصل 12من قانون الوظيفة العمومية المتعلق بالسر المهني وهو ما
يجعل اإلدارة المغربية من أكثر اإلدارات العمومية تعلقا بالسر اإلداري و أقلها شفافية ،
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى نجد الموظف يمتنع عن إعطاء كل المعلومات ويسعى في
القابل الحتكارها وهذا المعطى باألساس هو الذي يؤثر على عالقة المستثمر باإلدارة
وعلى قدرته على الحصول على المعلومات التي يحتاجها[.]196
وإلى جانب ذلك فإن المتغيرات والتحوالت التي يعرفها العالم شكلت واقع جديد
[ - ]193عبد الحمبد بن شقرون " ،تشجيع اإلستثمار الخاص بالمغرب وإشكالية تعقيد المساطر واإلجراءات اإلدارية بالمغرب" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية،8001-8000 ،
ص.38 :
]194[ - Cozier Michel, Fridberg (f), « L’acteur et le système des contraintes de l’action collective », édition du seul
1977, p :8.
[ - ]195عبد هللا شنفار " ،اإلدارة المغربية ومتطلبات التنمية" ،دراسة سوسيو-قانونية وتحليلية ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،سلسلة أعمال ومؤلفات جامعية ،العدد ،8000 ، 12 ،ص.38 :
]196[ - Gllovedec-Genuts (f), « problème et méthodes d’amélioration de la communication à l’intérieur de
l’administration et entre celle-ci et la population en tenat compte des différentes contexte socio-culturel in
cootro (la proche socio-culturelle communicative et participative de l’administration publique) », IISA_unisco
1986,p : 58.
91
وكذلك مفاهيم وتقنيات إدارية جدي دة ،تتسم بمالمح ورؤى تتوافق مع الطبيعة العامة للعالم
المعاصر القائم على الحركة والتغيير والعلم والتقنية واالنفتاح واالنتشار والتواصل.
وتمثل هذه األفكار اإلدارية الجديدة األساس الذي تبنى عليه فلسفة وتقنيات إدارة الموارد
البشرية اإلستراتيجية .وإدارة المنظمات على اختالفها ومن ثم تعتمد فلسفة اإلدارة الجديدة
المفاهيم والتوجهات التالية كأساس لتنظيم إلدارة الموارد البشرية بها:
-االقتناع بأهمية المناخ الخارجي المحيط باإلدارة وضرورة التعامل معه وعدم
االنحصار في داخل المنظمة ؛
-الترابط والتشابك بين قطاعات ومستويات اإلدارة وفيما بينها وبين اإلدارات
األخرى المحلية أو الخارجية ذات العالقة.
إذن ؛ ال مناص للمغرب من العمل على تأهيل وتحديث إدارته وتكييف بنياته
التنظيمية الكالسيكية مع مستلزمات العولمة ،وذلك بتهيئ إدارة عصرية متمكنة من
تكنولوجيا المعلومات تجهيزا وممارسة ،وامتناعها عن ممارسة األنشطة اإلنتاجية
التنافسية التي تتركها للخواص في إطار توزيع أفضل لألدوار بين القطاعين العام
والخاص بمعنى أن تكون الدولة مجبرة على إعادة النظر في أدوارها أمام تحديات
العولمة.
على اعتبار أن العولمة تفرض المرور من الدولة القوية والمحاطة بشبكة المصالح
92
وجماعات الضغط واإلقطاعيات التقليدية إلى الدولة اإلستراتيجية التي تخول لنفسها
وساءل من أجل التوقع والتقسيم والتدبير والضبط والتحديث.
فبخصوص التوقع والتق سيم ؛ فإن الدولة بامتالكها لعناصر التحليل الماكرو والميكرو
اقتصادي تستطيع إعادة النظر في االتجاهات الثقيلة العبء ورهانات المستقبل وتوجيه
القرار وتفضيل الحوار المسبق بين الشركاء االجتماعيين حول التحديثات التي يجب القيام
بها.
وفيما يخص التدبير ،فيجب إعادة نشر مستخدمي اإلدارة تماشيا مع خريطة الحاجة
الجديدة ،كما يجب إلغاء مختلف ذيول اإلدارة التي لم تعد نافعة وتقوية العملين الذين
يكونون إدارة حقيقية للمواطنين ،ويجب البدء بإلغاء الوظائف الوهمية باإلدارة الجماعية
والتخفيض التدريجي من نفقات ميزانيات التسيير.
أما فيما يتعلق بالضبط والتحديث ؛ تقتضي العولمة تخفيفا قويا للمساطر واإلجراءات
اإلدارية التي تخنق روح االبتكار وتلجم النشاط االقتصادي ،كما تقتضي إصالح النظم
ال قانونية التي تولدت عن سياقات سياسية لإلستقالل والبناء الموجه القتصاد والتي لم تع
لها أي صلة بالرهانات الحالية الملقاة على عاتق الدولة ومنها على مختلف اإلدارات
العمومية .ومن الواضح أن التحديث أو اإلصالح السياسي واإلداري يتكامالن بصورة
تبادلية ويمكن أن تكون هذه اإلصالحات مدخالً لعصرنة العمل اإلداري إذا ما أخدنا بعين
االعتبار أن المنتخبين الجماعيين لهم نصيبهم في هذا اإلصالح وبهم يتم ،نظرا لقربهم من
المواطن وكل سلوك يصدر منهم يكون معيار لتقييم عملهم ،وهذا من شأنه أن يؤدي إلى
تجاوز التعقيد اإلداري.
وعل يه فإذا كان التعقيد اإلداري قد ساهم بشكل كبير في عرقلة المشاريع اإلستثمارية
؛ فإن اإلعتماد على المناهج الجديدة في مجال التدبير الحديث ،يعد مدخال أساسيا لتأهيل
اإلدارة الجماعية.
93
إن االنتقال الفعلي من تسيير شؤون الموظفين إلى تدبير الموارد البشرية باإلدارة
الجماعية ،ال يكتمل فقط بإعادة النظر في اإلطار القانوني والتنظيمي للوظيفة الجماعية ،بل
األمر أكبر من ذلك ،أي ضرورة اعتماد وتوظيف العناصر األخرى للتدبير توظيفا صحيحا
حتى يمكننا أن نصل إلى تدبير للموارد البشرية باإلدارة الجماعية كنظيره المعمول به على
صعيد المنظمات الخاصة.
وتتمثل العناصر األساسية لت دبير الموارد البشرية في التخطيط والتنظيم والتوظيف
وتقييم ألداء ،ثم التحفيز ،لهذا فال يمكن أن ينفصل أي عنصر تدبيري عن باقي العناصر
األخرى ،وبالتالي فذلك الترابط واالنسجام بينهما هو الذي يؤدي إلى حسن استعمال
واستغالل المنظمة لمواردها البشرية.
وقد أدى دخول المغرب إلى نظام السوق الليبرالية إلى ضرورة تطوير مناهجه
وإمكاناته التنافسية لالستجابة لحاجيات المواطنين المتزايدة وحاجات الشركاء اإلقتصادين ،
لهذا أصبح لزاما على اإلدارة المغربية أن تتطور كزميالتها في باقي دول العالم ،وذلك
باعتماد أساليب جديدة في توجيه نمط التدبير اإلداري ،كالتسيير المرتبط بالنتيجة المحصلة ،
وكذا ترشيد الن فقات من أجل تلبية حاجيات المرتفقين وتقديم خدمات نوعية وذات جودة عالية
وتكلفة أقل وهذا ما يعرف في النظامين اإلداري والتدبيري بالنظام التعاقدي [le système
.]197[ ]contractuel
هذا النظام الذي عرف تطورا ال مثيل له في توجيه تمط التدبير اإلداري ،كما قدم
ر سميا كنتيجة منطقية للتوجهات الجديدة من أجل إرساء آليات اقتصاد ليبرالي والذي
يفترض وجود إدارة أقل تدخال وأكثر فعالية ،فالتعاقد يعتبر من اآلليات القانونية األكثر
مالءمة لتحقيق التعاون وتوحيد الجهود وتوفير الشروط الموضوعية والذاتية لتعبئة كل
[]198
،والتعاقد بهذا المعنى األطراف المهتمة والمتدخلة من انصهارها في بوتقة العمل الجاد
يعتبر وسيلة لحكامة جيدة ألنه يمكن من تحقيق ازدواجية الدولة األقل تدخال واألكثر فعالية.
[]197-LUC de Wulf, « modernisation des secteurs publics dans les P.V.D : in la mise a niveau de l’administration
face à la mondialisation » édition l’Harmattan, 1222, p :239.
[ - ]198مصطفى حنين "،البعد اإلقتصادي للجهة بالمغرب" ،المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،عدد خاص يونيو ،8001ص.11:
94
إن النظام التعاقدي كوسيلة من وسائ ل التدبير الحديثة له ارتباط وثيق بتدويل السياسات
اإلقتصادية ؛ لكونها سياسة مفروضة من قبل المنظمات الدولية والتي تربط بها مساعداتها ،
وهو وسيلة تخطيط بالنسبة للدولة حيث يمكنها من توجيه الفعاليات اإلقتصادية العمومية
والخاصة للعمل في إطار التوجهات السياسية المرسومة من قبل السلطات المركزية ،وفي
هذا الصد فالنظام التعاقدي يترجم إرادة الفاعلين وكذا ترشيد الوسائل والطرق بهدف
الوصول إلى تحقيق المصالح المشتركة .وبالتالي فهذا النظام يعد وسيلة لتحديث اإلدارة على
اعتبار أن التعاقد بين الوحدات الترابية أضحى يشكل األداة القانونية األكثر مالءمة لتحقيق
التعاون بين الجماعات الترابية إلنجاز مشاريع كبرى مشتركة من قبيل فتح مناطق صناعية
أو البنى التحتية...إلخ.
وإذا كان التعاقد بين الجماعات الترابية يشكل أداة قانونية متميزة لتنسيق الجهود ،فإن
التعاقد بين الدولة والجماعات الترابية خاصة الجهات ،يشكل إطارا آخر من أجل التوازن
الجهوي وذلك عن طريق عقود التصاميم des contrats programmeكآلية للتعاون
،وهذه اآللية تجعل الميادين التي يتوزع فيها اإلختصاص بين الدولة والجهات يتم القيام بها
بأعمال مشتركة في إطار إختصصاص كل جماعة مما يسمح بتكاثف الجهود وتماسك
[]199
من الدولة إلى الجهات حتمت عليها التفاوض المبادرات المحلية ،فنقل اإلختصاصات
بدل التنازع وانتهاج أساليب تعاقدية ،كوسيلة لتقويم وتدعيم العمل الجماعي وتوحيد تدخالت
جميع الفاعلين سواء على مستوى الدولة أو الجماعات الترابية[.]200
وفي هذا الصدد ؛ فقد أخذت الدولة تتخلي عن دورها التنموي التقليدي ،و تبنيها
لمفهوم الدولة المنظمة [ ،]l’Etat régulateurلعجزها عن تحقيق التنمية لوحدها ،نظرا
لقلة وسائلها وبطء إجراءاتها ،لذا بات من الضروري إشراك الفاعلين اإلقتصاديين
والوحدات الترابية في هذه العملية ،خاصة بعد التعديالت التي همت القوانين المنظمة لهذه
األخيرة ،كما أن دور القطاع الخاص قد تقوى خاصة بعد سياسة الخوصصة التي عرفها
[]199 - Bruno Remonde, « Le couple état région et la mais en place des politique – in région croisé des chemnes
perspectives fronçais et enjeux Européen » s/d Elaizabith dupioner presse de la fondation nationale des
sciences politiques Paris 1998, p : 71.
]200[ - Mohamed Zriouli, « l’administration public au Maroc quel avenir », édition Okad 1990, p :74.
95
المغرب في السنوات األخيرة في القطاعات العمومية بهدف تقليص تدخل الدولة في عدة
ميادين .لهذا فإن التعاقد يساهم بشكل أو بآخر في تحديد دور الدولة وجعله أكثر فعالية وليس
أكثر حجما ،ذلك أن القطاع الخاص أبان عن قدرته على اإلستجابة للمتطلبات المتزايدة
للمجتمع في حين أن القطاع العام غير من طريقة عمله ليتوجه إلى طريقة التسيير المتبعة من
طرف الخواص.
وإلى جانب ما سبق ذكره ؛ تعتبر الموارد البشرية أهم محرك لإلنتاج والعامل األساسي
في تطوير وتحديث اإلدارة الجماعية ،وعلى هذا األساس ،فإن إشكالية تدبير هاته الموارد
من األمور التي تشكل حاجزا أمام تحقيق حكامة جيدة ،فحسن التدبير ال يمكن أن يتم إال إذا
وكلت إدارة أقسام ومصالح الموارد البشرية لمن لهم رصيد مهم من التجارب و لهم دراية
وتكوين في هذا التخصص.
وانطالقا من النظريات المتعددة في مجال تدبير الموارد البشرية ،فإن اإلدارة ملزمة
بإشراك موظفيها في أي تحديث تزعم القيام به ،وذلك عبر مجموعة من التقنيات المعروفة
في هذا اإلطار ؛ كالتواصل ؛ التعبئة و التكوين...الخ.
إال أن واقع حال اإلدارة الجماعية بالمغرب ال يزال بعيدا عن التدبير الجيد للموارد
البشرية ،والسبب يعود باألساس إلى النموذج البيروقراطي الصرف المتسم بالمركزية في
تدبير الموارد البشرية.
وعليه ؛ فإن تحديث اإلدارة المغربية يحتاج إلى جرأة سياسية أكبر ،فالخطاب الرسمي
ودستور المملكة يؤكدان على أن إصالح اإلدارة أصبح ضرورة ال محيد عنها ،إال أن
االنتقال إلى الفعل الزال يعاني من مجموعة من المعوقات ،وهذا األمر لن يتحقق إال إذا
تضافرت جهود كل الفاعلين ،بد ًء بالمواطن ،الموظف ،المنتخب ،هيئات المجتمع المدني
الحقيقي ،األحزاب السياسية الديمقراطية و الجهات العليا.
إن المغرب كما هو معروف يتميز باقتصاد دوالتي حيث تكون الدولة فيه وفي آن
واحد مالكة ومقاولة ومنتجة ومديرة ،وبطبيعة الحال فإن أولى السياسات التي يجب تطبيقها
في هذا الصدد ،تتمثل في عادة النظر جذريا في دور الدولة في المجال اإلداري واإلقتصادي
تماشيا ومتطلبات العولمة.
96
وعلى مستوى آخر؛ فقد كان من نتاج العولمة أنه تم التراجع واإلساءة لدولة الضمان
االجتماعي وذلك باسم سياسة تقشف الميزانية ،فلكي تكون الدولة ومن خاللها اإلدارة فعالة
وتنافسية ،يجب أ ن ال تكلف غاليا ،أيضا من نتائجها نذكر تفاقم مشكل البطالة ،لهذا فالدولة
رغم تطورها اقتصاد السوق تظل ملزمة بتأمين الحماية االجتماعية للمواطنين تحت طائلة
اشتداد اإلقصاء االجتماعي ،وبالتالي فالتضامن االجتماعي في ظل العولمة أصبح مهددا ،
لكن في مقابل هذا الشر خ االجتماعي ظهر ما يعرف بالعمل الجمعوي كأحد اآلثار غير
المتوقعة للعولمة والذي شجعه اإلنفتاح الديمقراطي ،هذا األخير عمل على سد الفراغ الذي
تركه انسحاب الدولة التضامنية من الميدان االجتماعي من ناحية ،وتحديد نشاط المنظمات
التقليدية كالجماعات والزوايا من ناحية أخرى .إذن ؛ فعلى المجتمع المدني أن يسد الفجوات
المتنامية والتي نتجت عن تقصير الدولة .
وخالصة القول أن ما يجري اليوم انقالب جذري في العالقات بين الدول ،و يمكن
طرح التساؤل التالـي :لمـن السيـادة في هذا العالـم الجديـد ؟
97
خاتمة الفصل األول:
لقد حاولنا من خالل هذا الفصل الوقوف على طبيعة اإلدارة الجماعية ومالمسة األسس
والمرتكزات التي تقوم عليها ؛ حيث تبين أن اإلدارة الجماعية تتطور وفق نسق تصاعدي
متدرج ،وهو ما الحظناه من خالل توفر اإلدارة على أرضية قابلة للتطور والتحديث ،
واستيعاب مختلف السياسات والبرامج اإلصالحية اكتسبتها نتيجة لرصيدها التاريخي
األصيل ،مستفيدة من الحركية المؤسساتية والقانونية التي شاهدتها البالد منذ فجر االستقالل
،دون أن ننسى ما جاء به دستور 8111من مستجدات ،وما صاحب ذلك من حركية غير
مسبوقة على مستويات عدة ؛ شكلت ثورة حقيقية خاصة في المجالين القانوني والمؤسساتي
،فالربط بين ما هو مؤسساتي وتدبيري ظل الثنائي األهم الذي ميز منحى التطور في اإلدارة
الجماعية ،واستجابة للترسانة القانونية والمؤسساتية والهيكلية المؤسسة لرهان التحديث ،
والتي تضمنها الدستور بهدف ترشيد اإلدارة باعتماد أخر مناهج التدبير والفعالية ،فإن
اإلدارة الجماعية تنتظرها عدة تحديات حتى يمكن أن تكون قاطرة لباقي المبادرات
اإلصالحية.
وتبقى المؤسسة الملكية هي القائد الحقيقي لمسيرة إصالح وتحديث اإلدارة المغربية منذ
انطالق مسلسل اإلصالح والتحديث،
98
هذا وقد لعبت االس تراتيجيات المتخذة من طرف السلطات العمومية في مجال التحديث
اإلداري دور كبير في تطوير العمل اإلداري ،باإلضافة إلى انفتاح اإلدارة الجماعية على
المؤسسات اإلستشارية ،إال أن ذلك لم يصل إلى مستوى طموحات المواطن.
والمالحظة التي يمكن استنتاجها هنا ؛ هي أن المقاربة القانونية والمؤسساتية غير كافية
لتحديث اإلدارة الجماعية ،إذ يجب البحث عن مقاربات أخرى من أجل إيجاد الحلول الممكنة
إلشكالية عميقة تهم مجال تقديم الخدمة للمترفقين والمواطنين على حد السواء.
من جهة أخرى ،تعرضنا لمختلف المتغيرات الداخلية والخارجية التي فرضت عدة
تحديات أظهرت حجم اإلختالالت التي تعاني منها اإلدارة الجماعية ،كما كشفت عن طبيعة
األزمة داخل هذه اإلدارة ؛ وهي أزمة متعددة الجوانب بنيوية وظيفية ،قانونية بشرية ،
تساهم بشكل كبير في جعل اإلدارة الجماعية المغربية ال تواكب التطور الذي يعرفه المجتمع
على جميع المستويات ،هذا باإلضافة إلى التحديات التي فرضتها العولمة.
فالتحديات الداخلية أثرت بشكل كبير على اإلدارة وجعلتها ال تؤدي وظيفتها في مسلسل
التنمية ،فالطبيعة الهرمية لإلدارة المغربية والمقتبسة من النموذج الفرنسي ادت إلى سيادة
البيروقراطية اإلدارية ،وما ينتج عنها من استفراد في اتخاذ القرارات ،يغلب عليها طابع
االرتجالية والعشوائية ،هذا دون أن ننسى ضعف المشاركة في التنمية اإلدارية.
في حين تعود األسباب األخرى إلى جوانب إدارية محضة مرتبطة بغياب التدبير
الحديث داخل اإلدارة الجماعية واإلقتصار على المعالجة التقليدية دون األخذ بعين االعتبار
الواقع الذي أفرزها.
والمالحظ أنه لم تكن هذه التحديات نتيجة عوامل داخلية فقط ؛ بل كذلك نتيجة
إلكراهات خارجية مرتبطة أساسا بالعولمة.
99
الفصـــــــــــــــل الثـاني:
100
حــديثـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
بمرور أكثر من قرن من الزمن على استعمار المغرب من طرف فرنسا واسبانيا
( )8118-1418وأكثر من نصف قرن على حصول المغرب على استقالله ،يكون الوقت قد
حان للوقوف على ما تم تحقيقه م ن إنجازات وما لم يتحقق نتيجة إلخفاقات ،فهي لحظة
تاريخية تتطلب وقفة تأمل لتشخيص وتقييم المرحلة الراهنة ،مع استحضار الروح الوطنية
واستنهاض الهمم في سبيل تشييد دولة حديثة يكون لها مستقبل واعد ،فإذا كانت هذه المناسبة
فرصة لتعريف أجيال اليوم بتاريخ وطنهم الحديث ،فإنها أيضا تشكال موعدا مفصليا ال
محيد عنه في تاريخ بناء الدولة الحديثة ،وذلك بالنظر لحجم اإلصالحات الدستورية
والسياسية التي استهل بها المغرب األلفية الجديدة وأعطت نفسا ً جديداً للجهود المبذولة على
أكثر من صعيد وفي أكثر من مستوى.
فالتعديالت الدستورية األخيرة شكلت منعطفا جديدا خاصة على مستوى الجماعات
الترابية التي افرض لها الدستور باب خاص بها ،كما شكل صدور القوانين الجديدة المنظمة
قفزة نوعية في صيرورة هذه األخيرة ،اعتباراً لما تضمنته هذه []201
للجماعات الترابية
النصوص القانونية من مستجدات وتوسيعها وتدقيقها لإلختصاصات ،مما يعني معه أن
101
اإلدارة الجماعية أضحت مكون رئيسي إلى جانب مختلف المؤسسات العمومية في مجال
النهوض والتأسيس لدولة حديثة قوامها اقتصاد قوى يلبى طموحات الشعب المغربي في
الرخاء والتنمية الشاملة.
هذا كله يترجم السعي نحو القضاء على البيروقراطية التي تعيق الكثير من اإلنجازات
،ويؤكد العزم على تطوير األداء الحكومي وكذلك العمل الجماعي ،كما أن مضامين
اإلصالحات الدستورية تؤكد بما ال يدع مجاالً للشك أنها جاءت لخدمة المواطنين بكافة
أعمارهم وشرائحهم واهتماماتهم وتسعى إلى تحقيق رفاههم .
مما سبق يتضح أن اإلدارة الجماعية تنتظرها آفاقا ً واسعة ومفتوحة على التطور ،
ولعب أدوار رئيسية في ظل المسيرة التنموية والبناء الديمقراطي للبالد .فأمام التطور الكبير
الذي عرفته تكنولوجيا اإلتصال والتواصل اليومي مع مجتمعات متطورة رقميا وإعالميا ،
وفي ظل التراجع الذي يشهده مبدأ السيادة لصالح الشركات الدولية وحركية النظام
اإلقت صادي والمالي العالمي السريعة ،وانتشار المصالح المادية على حساب القيم األخالقية
التضامنية ،واإلنتقال من مبادئ التدبير اإلقتصادي المبني على المصالح المتبادلة نحو
التدبير المصلحي األناني ،وفي ظل الصراع الكبير على المواقع الجيو -سياسية إثر إعادة
رسم الخريط ة العالمية ،بناء على معطيات جديدة تتمثل أساسا في بروز العبين جدد على
102
الساحة الدولية يؤثرون في القرار العالمي ،وكذا ظهور جيل جديد من األزمات الدولية من
قبيل عدم قدرة األمم المتحدة على فرض السلم واألمن وحل النزاعات بطرق سلمية وتنامي
ظاهرة اإلرهاب واتساع ر قعته بمختلف أشكاله وصوره خاصة في السنوات األخيرة ،
واشتداد ضراوته وعنفه وأصبح يهدد أمن الدول استقرارها ،باإلضافة إلى انتشار ظاهرة
االحتقان الطائفي البغيض و امتداد رقعته لما يشكله من تهديد لكيان األمم وتفتيت لوحدتها.
أمام هذه العوامل أصبح لزاما على المغرب أن يكون في الموعد لمواكبة التطورات
[]202
إستباقية تعتمد التواصل واإلنفتاح واإلبداع ثم الحفاظ على العالمية بتبني استراتيجيات
المكتسبات وتثمينها ؛ وهي مسؤولية تلقى على عاتق كل مكونات الدولة دونما استثناء بد ًء
بالجهاز التنفيذي والتشريعي وصوالً إلى أصغر مكون للمجتمع المدني.
واعتبارا لما سبق فإن تناولنا لهذا الفصل سينصب على نقطتين أساسيين :أولهما
سيتطرق إلى جهود السلطات العمومية في عملية تحديث اإلدارة الجماعية من خالل
االستراتيجيات المعتمدة في هذا اإلطار (المبحث األول) ،وثانيهما سينكب بالدراسة والتحليل
على مستقبل اإلدارة الجماعية في ظل التطبيقات والتوجهات الجديدة في مجال التحديث ،
ومدى مواكبتها للبرامج الدولية وللعمق اإلفريقي (البحث الثاني).
إذا كان الورش الكبير المفتوح حاليا حول تحديث اإلدارة الترابية ومنها الجماعية ،في
ظل التغيير الديمقراطي خيارا ال رجعة فيه ،فإن إنجاز هذا المشروع المجتمعي النهضوي
الذي بلورته القناعة الجماعية واإلرادة السياسية ،والتوافق بين أعلى سلطة في البالد والقوى
الديمقراطية ،رهين بمدى ترجمته على أرض الواقع وتجسيده في الحياة اليومية لتعظيم
فوائده ومكاسبه والتخفيف من كلفته وأعبائه.
[ - ]202يفيد إصطالح "إستراتيجية" في األدبيات المعاصرة دالالت مختلفة ،وفي –اعتقادنا -؛ إن الداللة التي أبرزها[ محمد خليفة التونسي –
في كتابه " -أضواء على لغتنا السمحة" ،ص ].28-20 :؛ هي األصوب للكلمة األنجليزية » « Strategyالتي تعرب باإلستراتيجية مأخوذة عن
الفرنسية عن الالتينية ؛ عن أًل إغريقي هو « Strategos » :بمعنى القائمة هو مركب من كلمتين « startos » :أي جيش و » « AGAوأما
بقي ة المعنى فتشمل األهداف الكبرى ،كما تشمل كل األعمال التنفيذية للشروع في العمل وضمان سيره أو تفوقه في آمان ،وسير وسرعة قبل
مباشرته فعالً .أنظر :محمد شريف ،اإلدارة اإللكترونية رهان اإلصالح والتحديث – نموذج المدرية العامة للضرائب ، -بحث لنيل شهادة =
=الماس تر في القانون العام ،تخصص تدبير اإلدارة المحلية ،جامعة الحسن األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجتماعية -سطات ،السنة
الجامعية ، 8002-8002ص.83 :
103
فالخط السياسي للتصريح الحكومي يتميز بحمولة كبيرة من اإلشارات القوية برمزيتها
والمبادرات اإلصالحية في سموها وقوة برنامجية إقتراحية في مقاصدها وثوابتها في صنع
المشهد السياسي والمجتمع العصري بناء على قواعد الحداثة السياسية والشفافية وتخليق
الحياة العامة وحسن التدبير والحكم الرشيد .وطبيعي أن هذا البناء الهادف للتغيير يستوجب
تضافر الشروط والعوامل الذاتية والموضوعية الضرورية لتعبئة الطاقات والقدرات الكامنة
في المجتمع.
واإلدارة الجماعية كإطار مؤسساتي وتنظيمي وأدواتي بتأثيراته وعالقاته وتفاعالته مع
مشهد الحياة اليومية في واجهاتها المتعددة تتموقع في قلب فضاءات ومجاالت التغيير؛ فهي
بالتأكيد نقطة اإلنطالق والحلقة األولى التي يجب أن يبدأ بها ومنها التغيير لمكانتها الوازنة
في الحياة العامة كوسيط بين الشرعية السياسية وجمهور المواطنين ومختلف الفاعلين.
فمتى يستقيم التحديث والعود اإلداري أعوج؟ وهل يستطيع التحكم في إنجاز التغيير من
ال يمك أدوات إنجازه مهما كانت قدراته الفكرية وتصوراته النظرية وحسه الديمقراطي؟
وهنا يحضرني قول الشاعر الذي تساءل عن جدوى ما نبنيه » إذا كنت تبني وغيرك
يهدم! « ،أال فانهضوا أيها النيام واستحدثوا أنفسكم !
وعليه فإن معالجة كل هذه المقاربات سيسمح بتناول جهود الدولة في عملية تحديث
اإلدارة الجماعية (المطلب األول) ،و دور الشفافية في تقريب اإلدارة من المواطن (المطلب
الثاني)
لقد أجمع رأي الممارسين واألكاديميين في حقل اإلدارة على األهمية القصوى للحكامة
الجيدة في تحقيق نتائج مثالية في اإلدارة الجماعية (الفقرة األولى) ،وهو ما ينطبق أيضا على
الشفافية اإلدارية نظرا لدورها الفعال في تقريب اإلدارة من المواطن ( الفقرة الثانية)
الفقرة الثانية :الحكامة اإلدارية الجيدة مدخل أساسي لتحديث اإلدارة الجماعية
104
تحديث اإلدارة أو التحديث اإلداري ،باإلمكان اعتباره مدخال مساعدا لمقابلة الحكامة
اإلدارية في توجهها المغربي ،فرغم الحضور التاريخي المحدود لتحديث اإلداري ،إال أنه
سيعرف نقلة نوعية بصدور دستور .8111
في رسالة موجهة إلى أشغال الدورة الخامسة للجماعات والحكومات المحلية بإفريقيا
) (AfriCitésالمنعقدة بمراكش بتاريخ 81-12دجنبر ، 8114أكد جاللة الملك محمد
السادس بأنه "[ ]...في إطار تقوية وتأطير الديمقراطية المحلية والحكامة المحلية الجيدة
فإن المغرب سيؤسس لجهوية موسعة تهم جميع جهات المغرب" ،ثم جاءت اإلصالحات
الدستورية لسنة 8111التي شكلت قفزة نوعية ومدخال أساسيا في اتجاه تكريس الحكامة ،
[]203
ال أدل ولعل تخصيص الدستور الجديد باب بأكمله للحكامة الجيدة (الباب الثاني عشر)
على ذلك.
وقد تم تكريس هذا التوجه باعتماد المناظرة الوطنية األولى للحكامة[ ]207كموعد وطني
يساهم في تكريس الحكامة داخل المؤسسات والسياسات العمومية ،ودعت المناظرة في
صيغتها األولى إلى إحداث منظومة متكاملة للحكامة تبتدئ بوضع إطار مؤسساتي (الهيئة
* [ - ]203وقد خص الدستور الجديد لسنة 8011ضمن الباب الثاني عشر( )18المتعلق بالحكامة ثمانية عشرة فصالً [ من الفصل 111إلى الفصل
.]121
[ -]204ينص الفصل األول من دستور المملكة المغربية ،البند الثاني منه على أنه " :يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ،
وتوازنها وتعاونها ،والديمقراطية المواطنة والتشاركية ،وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة".
[ -]205وهذا الفصل ينص على أنه " يحدد ميثاق للمرافق العمومية قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير اإلدارات العمومية والجهات والجماعات
الترابية األجهزة العمومية" ؛ الفصل 111من دستور المملكة لسنة .8111
-http://www.mmsp.gov.ma [ - ]206المملكة المغربية ،وزارة الوظيفة العمومية و تحديث اإلدارة ؛ الموقع اإللكتروني:
[ - ]207المناظرة الوطنية األولى للحكامة ،تحت شعار (اإللتقائية) ،الصخيرات ،بتاريخ 1.-11فبراير .811.
105
الوطنية للحكامة) واعتماد ميثاق اإللتقائية لتفادي الهدر المالي والتداخل الموضوعي
والمجالي[ . ]208وهذا ما يجعل من الحكامة التزام ال محيد عنه بالنظر لحجم اإلصالحات التي
إنخرطت فيها البالد والتي جاءت بذورها في سياق وطني ودولي يتسم ب[:]209
التزام الحكومة بتنزيل الدستور في إطار مسلسل دمقرطة المجتمع وتخليق
تدبير الشأن العام ،وانفتاح اإلقتصاد الوطني على محيطه الدولي ؛
إطالق مجموعة من اإلصالحات القطاعية خصوصل في التعليم والقضاء
والصحة والسكن ،وتمتيع العالم القروي بالتجهيزات األساسية من ماء وكهرباء وطرق
ومدارس ؛
تشجيع اإلستثمارات األجنبية والولوج للبنيات التحتية.
فبالنظر لحجم اإلختالالت التي مست العديد من القطاعات والمجاالت السياسية
واالقتصادية واالجتماعية ...وأثر ذلك على التمتع بالعديد من الحقوق والحريات ومسار
التنمية والديمقراطية ،وفي خضم تحوالت عالمية نوعية همت طريقة اتخاذ القرار وكيفية
صناعة السياسات العمومي ة وطرق المحاسبة وبعد مخاض ليس باليسير تم الخلوص إلى أن
تحقيق التنمية ومحاربة الفساد رهين بمدى إعمال آليات وقواعد الحكامة في مختلف
القطاعات وسائر المجاالت[.]210
ولتحقيق ذلك كان من الضروري التوفر على إدارة حديثة يمكن المراهنة عليها لتحقيق
التنمية المستدامة وإنعاش اإلستثمار ،وفي هذا السياق جاء برنامج الحكامة المحلية والتنمية
[]211
،ART-GOLD Marcoكنتاج عمل تشاوري بين مؤسسات وطنية ودولية بالمغرب
عديدة في إطار برنامج األمم المتحدة للتنمية ) (PNUDالذي يضم سياسات الشراكة
األورو-متوسطية المعلنة في مؤتمر برشلونة اإلسبانية سنة ،1441وسياسات التنمية في
بلدان الشرق األوسط وشمال إفريقيا ) ، (MENAأو في إطار أهداف األلفية للتنمية المحددة
[ – ]208موالي محمد البعزاوي "،تحديث اإلدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية" ،سلسلة البحث األكاديمي ،
منشورات مجلة العلوم القانونية ، MarocDroit.com ،مطبعة األمنية ، 8111 ،ص. 112 :
[]209
- Mohamed Samir Tazi , « Améliorer la gouvernance de la gestion publique » la Lettre d’information
trimestrielle du Groupe de la B.M. au Maghreb , 2007 , n° 05.
[ - ]210أحمد مفيد ،الحكامة الجيدة على ضوء دستور ،8011المجلة المغربية للسياسات العمومية عدد ، 8011/11 :ص.2:
[]211
- ART-GOLD Maroc , (Appui aux réseau Territoriaux Locale et Développement).
106
في قمة األلفية في شتنبر 8111وخصوصا تحت إسم الهدف الثامن" خلق شراكات شمولية
من أجل التنمية"[.]212
وقد فتحت هذه الشركات نقاشا عميقا وغير مسبوق بين القوى اإلقليمية يهم في مجمله
دعم ومساعدة الدول على اعتماد آليات الحكامة الترابية وعلى رأسها تحديث اإلدارة ودعم
الشراكة بين القطاع العام والخاص واعتماد اإلفتحاص والتدقيق وتطبيق القانون ،وباعتبار
اإلدارة المغربية تتصف ببنية مركبة ذات مكونين اثنين :األول يتعلق بالبنية أو المكون
البشري وهذا يعتبر العنصر الفاعل في اإلدارة ،أما الثاني فهو مرتبط بالبنية التنظيمية وهذه
وسيلة عمل اإلدارة وهي تتشكل من طرق وآليات ومساطر وإجراءات إدارية .والحكامة
اإلدارية تبقى في آخر المطاف ذات ارتباط بهذين المكونين أو المجالين ،وبدرجة التفاعل
معها من خالل:
107
أجرأة التحول المطلوب في كل عملية تحديث لإلدارة ،ينبني على بلورة إستراتيجية إرادية
شاملة ومندمجة وتشاركية للتحديث.
المشاركة اإلدارية ؛ وهذا المؤشر يأخذ في مجال الحكامة اإلدارية بعدين
اثنين :بعد عام ؛ يدفع إلى استحضار حضور ومشاركة المواطن خاصة المواطن المنتفع من
الخدمة العمومية في كل توجه يروم عمل وخدمات اإلدارة [إنتاجا ً ومواكبة وتتبع وتقييماً]
وب عد خاص ؛ وهذا يستلزم استحضار وتشجيع موضوع الشراكة خاصة الشراكة قطاع عام/
قطاع خاص[.(P.P.P)]214
المشروعية اإلدارية ؛ تنبني معايير المشروعية على جملة متعددة من
العناصر تتطلب اإلحترام منها:
-خضوع نشاط اإلدارة في كل مراحله للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل حتى
يكتسب نشاطها صفة المشروعية ،ولهذا الخضوع جوانب عدة هي خضوع المعامالت
اإلدارية نفسها من ديتها إلى نهايتها للقوانين ،وكذا خضوع المتعاملين معها (موظفين-
مقوالت – مؤسسات ، )...نفس األمر بالنسبة للموظفين واألعوان العاملين باإلدارة ؛
-احترام حقوق وحريات المتعاملين مع اإلدارة ؛
-خضوع اإلدارة ألحكام القضاء واإللتزام بتنفيذها في آجال معقولة ؛
الشفافية اإلدارية ؛ ويمكن مقابلتها بالعلنية ،وهذا يقتضي توفير
[]215
الدقيقة والوضوح في وقتها ،وبصفة عامة ،فالشفافية هي أن تكون المعلومات
غير اإلدارية األفعال والقرارات واتخاذها مفتوحة للفحص من طرف جهات أخرى
كالمؤسسات الخارجية والمجتمع المدني ،كما أنها إمكانية مهمة لتوسيع مجال الرقابة
والمحاسبة.
* [ - ]214تأخذ صيغة التعاقد أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص شكل العقدة -البرنامج الذي يحدد التزامات وحقوق األطراف ،ومن ذلك طريقة
التمويل التعاقدي الذي تمنح بواسطته السلطات العمومية لممونين خواص القيام بتمويل تجهيزات تعود لمصلح عمومية في مقابل أن توصل الشريك
الخصوصي بمقابل.
* [ -]215يستوجب الحق في المعلومة ثالثة ( ).ركائز أساسية ،وهي:
_ الركيزة األولى :أن تكون المعلومة ميسرة ومتاحة للجمهور ؛
_ الركيزة الثانية :أن تكون المعلومة وثيقة ذات الصلة بالموضوع ؛
_ الركيزة الثالثة :توخي الدقة والحداثة في تلك المعلومة ؛
وهناك أدوات ووسائل تساعد على تكريس الشفافية ،منها على سبي المثال القوانين والمساطر ووسائل اإلعالم .للمزيد من المعلومات أنظر:
-عماد الشيخ " ،الشفافية ومراقبة الفساد – في الفساد والحكم الصالح في البالد العربية" ،منشورات مركز دراسات الوحدة العربية والعهد
السويدي باإلسكندرية ،الطبعة الثانية ، 8112ص.192 :
108
المسؤولية اإلدارية ؛ وهذه تأخذ بعدين اثنين :بعد قانوني ضيق وبعد أخالقي
واسع ،فالمسؤولية اإلدارية ؛ هي مسؤولية تنتج باألساس عن خطأ في أعمال اإلدارة ،غير
أنها تأخذ عدة تمظهرات خاصة على المستور األخالقي ،سواء في جوانبها السياسية
اإلقتصادية أو اإلجتماعية.
هذه األخيرة خاصة في جانبها اإلداري الالمركزية اإلدارية ؛ وتقضي
باإلعتراف بصالحيات إدارية لوحدات قانونية في مجاالت ذات اإلرتباط بالشؤون المحلية ،
وهو ما جسدته التعديالت األخيرة للقوانين المنظمة للجماعات الترابية ،خاصة ما يتعلق
بتفعيل الجهوية الموسعة وتقليص عدد الجهات من 12إلى .18
اإلدارة اإلستراتيجية ؛ وتأخذ اإلدارة في هذا المستوى بالتخطيط الجيد أو
التخطيط اإلستراتيجي ذي البعدين المتوسط األمد والبعيد المدى ،مع تحديد للوسائل وأساليب
العمل واألهداف ،وذلك بهدف تخفيض التكاليف المالية والبشرية .ويتضمن التخطيط
اإلستراتيجي ثالث ( ) .خطوات أو مراحل رئيسية تشمل كل واحدة منها خطوات ثانوية
مواكبة ؛ وهي التحليل اإلستراتيجي ثم صياغة اإلستراتيجية فاإلختيار اإلستراتيجي[.]216
إن المؤشرات المعتمدة لمقاربة الحكامة الجيدة اإلدارية كأجرأة متكاملة للتحديث
اإلداري ،يلزم أن يقوم على مقاربة مزدوجة في تعاطيها من المكونين البشري والتنظيمي
لإلدارة ،وهي مقاربة تقتضي اإلهتمام أكثر بالموارد البشرية ،واإلبتعاد عن تغليب الجوانب
الشكلية التقنية و المسطرية في كل عملية تحديث إداري.
وفي هذا الصدد ؛ فقد شكلت المناظرة الوطنية األولى حول اإلصالح اإلداري إنطالقة
التفكير في تحديث اإلدارة المغربية وتكييفها مع الظروف و التطورات العالمية المتسارعة ،
كما ستشكل البوبات السبع المالمح الكبرى ألهداف اإلصالح اإلداري بالمغرب ،وبين
ترتيب االهداف واألولويات المعلنة ستأخذ هذه البوابات الترتيب التالي:
109
دعم الالتركيز اإلداري وإعادة تحديد مهام اإلدارة ؛ -1
دعم األخالقيات بالمرفق العام ؛ -8
تأهيل الموارد البشرية وتحديث أساليب تدبيرها ؛ -.
إصالح منظومة األجور في الوظيفة العمومية ؛ -9
تحسين عالقة اإلدارة بالمتعاملين معها ؛ -1
تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية ؛ -2
تنمية استعمال تكنولوجيا المعلوميات واإلتصال ؛ -1
إن الحجم الكمي للتدابير وتوزيعها حسب البوابات السبع لإلصالح اإلداري سيعدل من
الترتيب العام بإعطاء األولوية لتأهيل الموارد البشرية ،وسيضع عنصر الشفافية والمساءلة
التي هي من أبر آليات الحكامة ،وهذا اإلختالل إن لم نقل» التخبط « في أولويات التحديث
اإلداري ،مما يدفع إلى الدعوة إلى عقلنة اإلستراتيجيات بما يكرس أهداف ومرامي الحكامة
الجيدة في قطاع اإلدارة الجماعية ،ويسمح بإرساء مفاهيم من قبيل التخليق اإلداري.
لم تتوانى التوجيهات الملكية السامية عن لفت النظر والتنبيه لخطر بعض الممارسات
الفاسدة على المنظومة اإلدارية ومردوديتها "[ ]...إن أول واجبات المرفق العام أن يلتزم
باألخالق الحميدة ،وأن يخدم المواطنين باإلخالص الجدير بالشأن العام والمصلحة العليا
على النحو الذي يقتضيه اإلختيار الديمقراطي في دولة الحق والقانون"[... ".]217فال مكان
للممارسات المخالفة للقانون ،في كل المجاالت ،مهما يكن مرتكبوها .فمحاربة الرشوة
والفساد واستغالل النفوذ وإقطاعيات الريع وتوزيع الغنائم مسؤولية الجميع :سلطات
[]218
وهيئات ،مواطنين وجماعات ،وذلكم في نطاق دولة المؤسسات والحكامة الجيدة "
وفي خطاب آخر أكد جاللته "[ ]...واننا لنحث مختلف الهيئات أن تمارس الصالحيات
المنوطة بها ...ومع إدراكنا بأن الرشوة تعد معضلة ال يسلم منها أي مجتمع ،فإننا ال
[ - ]217مقتطف من الرسالة السامية الموجهة للندوة الوطنية حول دعم األخالقيات بالمرفق العمومي ،الرباط ،.1-84 ،أكتوبر .1444
[ -]218مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب 81 ،غشت .8111
110
نعتبرها قدرا محتوما ،وقد آن األوان للتصدي ألضرارها الوخيمة ،المعرقلة للتنمية ،
والمنافية للقانون والمواطنة والتعاليم الدينية"[.]219
ويأتي هذا الحرص الملكي على محاربة مظاهر الضعف والفساد نتيجة تفاقم عدة
ظواهر سلبية ارتبطت باإلدارة العمومية كتعدد الهياكل وتعقد المساطر وتضخم أعداد
الموظفين واختالل منظومة األجور إضافة إلى أمراض الرشوة واإلختالس وغيرهما.
ولعل الدينامية الجديدة التي شهدها المغرب في اآلونة األخيرة جعلت إستراتيجية
محاربة جيوب الفساد تأخذ بعدا مؤسساتيا مهيكال من خالل التأسيس لشبكة من األجهزة
والقوانين ،كما اتخذت الحكومة مجموعة من اإلجراءات القانونية لترسيخ المبادئ والقيم
األخالقية منها :
المصادقة عل اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،بتاريخ 14ماي ، 8111
تم نشرها بالجريدة الرسمية عدد 1142بتاريخ 11يناير 8112؛
إصدار مجموعة من القوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات ؛ وهي التي تروم
إنجاز مظاهر القصور التي تطال التشريع الجاري به العمل في هذا المجال ،وذلك على
مستوى األشخاص الملزمين بالتصريح ،وآليات المراقبة والتتبع؛
؛ الذي يهدف إلى إدراج مظاهر []220
نشر القانون المتعلق بتبييض األموال
الفساد من رشوة واختالس واستغالل النفوذ ضمن عملية تبييض األموال ؛
؛ الذي يهدف إلى إرساء إطار []221
نشر القانون المتعلق بالتدبير المفوض
قانوني واضح ومحدد ،لضمان الشفافية والنزاهة في المرفق العام المحلي.
إن ما ي مكن مالحظته في هذا الصدد ؛ هو أن النظام السياسي المغربي أعتمد لمحاربة
الفساد داخل اإلدارة العمومية مقاربة قانونية مؤسساتية ،غير أن هذه المقاربة لم تساعد على
[ -]219مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس بمناسبة إفتتاح السنة التشريعية ، 8114-8112الرباط 11أكتوبر .8112
[ - ]220الجريدة الرسمية عدد ، 1188الصادرة بتاريخ .ماي .8111
[ - ]221الجريدة الرسمية عدد ، 1919الصادرة بتاريخ 12مارس .8112
111
[]222
،فما هي إذن السبل التي من الحد من الظواهر الألخالقية التي تشوب عمل اإلدارة
شأنها أن تسعفنا لبلوغ إدارة أخالقية؟
لوقاية الصرح اإلداري من كل ما يخل بالسلوك المرغوب فيه ،والرفع من مستوى
أداء اإلدارة وترسيخ دولة الحق والقانون وتعميم الشفافية ومحاربة الرشوة وجميع مظاهر
الفساد ،وما إلى ذلك من مقومات أساسية تهدف إلى تحقيق النهضة المنشودة واإلرتقاء
ببالدنا إلى المستوى الالئق بها.
واستجابتا لإلرادة الملكية المعبر عنها من خالل الرسالة السامية الموجهة إلى
المشاركين في أشغال الندوة الوطنية حول دعم األخالقيات بالرفق العام المنعقدة بتاريخ -84
.1أكتوبر ، 1444والرامية إلى التعجيل باتخاذ ما يلوم من إجراءات عملية لتخليق الحياة
العامة ،وفي هذا الصدد أعدت وزارة تحديث القطاعات العامة قانونا [ ]223يهدف إلى
وضع آليات تمكن من استقبال وتتبع ومراقبة تصاريح األشخاص الخاضعين لمقتضيته .أما
بالنسبة لتنفيذ األحكام القضائية فنجد أن التعليمات الواردة في منشور السيد الوزير األول عدد
9/44الصادر في 11فبراير 1444بشأن تنفيذ األحكام الصادرة ضد الدولة.
وفي إطار تكريس البعد األخالقي باإلدارة العمومية ،ومن أجل المحافظة والحماية
المؤسساتية لحقوق المواطن المغربي تم إحداث ديوان المظالم بمقتضى ظهير شريف رقم
1-11-842وتمت المصادقة على نظامه الداخلي بمقتضى ظهير شريف رقم ، 1-1.-891
وهو مؤسسة جاءت على غرار مؤسسات الوسيط التي تلعب دورا أساسيا في تقريب وجهات
النزر بين اإلدارة والمواطن وتخفيف العبء القضائي[ ، ]224ووعيا منها بأهمية المقاربة
األخالقية عملت حكومة التناوب على إعداد "ميثاق حسن التدبير " الذي يشكل إطارا مشتركا
لمرجعية تحدد القيم والمبادئ التي تكون منطلقا إلدارة العمومية التي يتحتم عليها تنفيذ تلك
[ - ]222عبد الغني عبيزة" ،سياسة التحديث اإلداري بالمغرب -دراسة قانونية مؤسساتية" ،دار القلم الرباط ،الطبعة الثانية ، 8111ص.111 :
[ - ]223القانون رقم 81.48المتعلق بإقرار األشخاص الذين يشغلون منصبا عموميا بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها
أوالدهم القاصرين.
[ -[224عبد الغني عبيزة ،سياسة التحديث اإلداري بالمغرب -دراسة قانونية مؤسساتية ،دار القلم الرباط ،الطبعة الثانية ،8111ص.118-111 :
112
،ويعد "ميثاق حسن التدبير" إطاراً مرجعيا للقيم []225
القيم في شكل أعمال ملموسة
والمبادئ الكبرى التي يجب أن تشكل أساس العمل في جميع اإلدارات .
باإل ضافة إلى الهيئات والمؤسسات ذات الطابع " الكالسيكي" سواء السياسية منها ،
[كالبرلمان مثال] أو اإلدارية [ ،كالمفتشيات العامة للوزارات] أو القضائية [كالمحاكم
اإلدارية والمالية] وهي مؤسسات ال يستهان بدورها في تعزيز أنظمة الشفافية والمساءلة.
حرص المغرب على استحداث هيئات جديدة تشكل جيال جديداً من أنماط الرقابة ،وحسبي
هنا الوقوف على نموذج واحد وهو؛ الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة
ومحاربتها[ ]226لصلتها المباشرة بموضوع البحث ،وبالموازاة مع ذلك تم إشراك المجتمع
المدني والقطاع الخاص ،باعتبارهم مداخل أساسية لتخليق الحياة العامة وكذلك لتقريب
اإلدارة من المواطن.
تجاوب المغرب مع اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد[ ]228وال سيما المادة السادسة منه
التي توصي الدول األطراف بإحداث هيئة وطنية مستقلة ،تتولى الوقاية من الفساد ،ومن
خالل إحداث هذه الهيأة إنخرط المغرب في المجهود الدولي لمكافحة الفساد وتخليق الحياة
العامة.
وقد أناط المرسوم المحدث للهيأة المركزية للوقاية من الرشوة سابقا[ ،]229عدة
إختصاصات ،قبل أن يتم تعديل بالقانون رقم 11..18المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة
والوقاية من الرشوة ومحاربتها[.]230
[ - ]225علي سدجاري " ،تصورات من أجل مشروع حداثي إلصالح اإلدارة المغربية -تأهيل اإلدارة للعولمة" منشورات مجموعة البحث في
المجال والتراتب ،ص.118:
[ - ]226الفصل 121من دستور المملكة المغربية لسنة .8111
[ - ]227ظهير شريف رقم ،0.01.81صادر في 20شعبان (،0137يونيو )2101بتنفيذ القانون رقم 003.02المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة
والوقاية من الرشوة ومكافحتها ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 8391بتاريخ 01رمضان 2( 0138يوليو ،)2101ص .8191
* [ - ]228تم التوقيع عليها في 30أكتوبر 2113لتدخل حيز التنفيذ ابتداء من 01دجنبر .2111
[ -]229مرسوم رقم ، 0226صادر بتاريخ 23صفر 0126ه ،الموافق ل ( 03مارس )2119بإحداث الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة ،
منشور بالجريدة الرسمية عدد ،1103بتاريخ 2أبريل 2119م.
[ - ]230الجريدة الرسمية عدد 8391صادرة بتاريخ 01رمضان 0138الموافق ل( 2يوليو ، )2101ص.8191:
113
فطبقا لمقتضيات الفصل 121من الدستور[ ، ]231تتولى الهيئة على الخصوص مهام
المبادرة والتنسيق واإلشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد ،وتلقي ونشر
المعلومات في هذا المجال ،والمساهمة في تخليق الحياة العامة ،وترسيخ مبادئ الحكامة
الجيدة ،وثقافة المرفق العام ،وقيم المواطنة المسؤولة.
ولهذه الغاية ؛ تمارس الهيئة االختصاصات التالية ،مع مراعاة االختصاصات الموكلة
لسلطات أو هيئات أخرى بمقتضى النصوص التشريعية الجاري بها العمل:
-القيام بعمليات البحث والتحري عن حاالت الفساد التي تصل إلى علم الهيئة ؛
-إعداد برامج للوقاية من جرائم الفساد واإلسهام في تخليق الحياة العامة ؛
-العمل على نشر قواعد الحكامة الجيدة والتعريف بها ،طبقا لميثاق المرافق
العمومية المنصوص عليه في الفصل 111من الدستور؛
-وضع برامج للتواصل والتوعية والتحسيس ونشر قيم النزاهة والسهر على
تنفيذها؛
[ - ]231أنظر الظهير الشريف رقم 0.00.70الصادر بتاريخ 29من شعبان 27( 0132يوليو )2100بتنفيذ نص الدستور؛ الجريدة الرسمية
عدد 1781مكرر بتاريخ 26شعبان 31( 0132يوليو )2100الفصل 089منه.
114
-تقديم كل اقتراح أو توصية إلى الحكومة أو إلى مجلسي البرلمان ،تهدف
إلى نشر وتعزيز قيم النزاهة والشفافية وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام
وقيم المواطنة المسؤولة ؛
-تقديم كل مقترح أو توصية إلى الحكومة بشأن تبسيط المساطر واإلجراءات
اإلدارية الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته؛
-إنجاز دراسات وتقارير موضوعاتية حول مظاهر الفساد وسبل الوقاية منه
ومكافحته ونشرها ؛
-إعداد تقرير سنوي حول حصيلة أنشطة الهيئة يقدم إلى البرلمان للمناقشة ،
طبقا ألحكام الفصل 121من الدستور؛
-يقوم رئيس الحكومة ورئيسا مجلسي البرلمان ،كل واحد فيما يخصه ،
بإخبار الهيئة بمآل اآلراء والتوصيات التي أدلت بها في إطار اإلحاالت المنصوص عليها في
هذه المادة [.]232
أن هذه المهام ستمكن الهيأة من اإلضطالع بدور هام في مكافحة الفساد والمساهمة في
تخليق الحياة ،كخطوة أولى عقب تأسيسها ،وهكذا فقد شاركت الهيأة إحداث مرصد
لألخالقيات ،كما وضعت بوابة مشتركة للتبليغ عن ممارسات الرشوة[.]233
[ - ]232أنظر المادة .من القانون رقم 11..18المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها ،منشور بالجريدة الرسمية عدد
، 2.19بتاريخ 11رمضان 8( 19.2يوليو .)8111
* [ - ]233إطالق البوابة اإللكترونية ؛ " أوقفو الرشوة" » .« www.stopcorruption.ma
115
أصبح المجتمع المدني في ظل األدوار الجديدة التي خوله الدستور لعبا أساسيا في الدفع
نحو عقلنة العمل الجماعي وتطوير أداءه ،وقد حضي هذا األخير باهتمام خاص في الخطب
الملكية وفي هذا الصدد جاء في الخطاب السامي لجاللة الملك محمد السادس "[ ]...أن
المغرب ،في حاجة لكل أبنائه ،ولجميع القوى الحية والمؤثرة ،وخاصة هيئات المجتمع
المدني ،التي ما فتئنا نشجع مبادراتها الجادة ،اعتبارا لدورها االيجابي كسلطة مضادة
وقوة اقتراحية ،تساهم في النقد البناء وتوازن السلط"[.]234
ويحيل مفهوم المجتمع المدني إلى قطاع وسيط ومركب ،يشمل مجموعة من الهيئات
والجمعيات النشيطة في مجاالت التنمية ،والثقافة وحقوق اإلنسان...إلخ .وأهم مكونات
المجتمع المدني هي ؛ النقابات المهنية والعمالية ،الحركات اإلجتماعية ،الجمعيات
التعاونية ،الصحافة المستقلة ،والجمعيات الثقافية[.]235
وتلعب هذه الهيئات المدنية دورا محوريا في تعزيز النزاهة والشفافية في الحياة العامة
،ال يقل عن أهمية دور الحكومة والقطاع الخاص ،فباإلضافة إلى دورها في رفع الوعي
بموضوع الفساد ومحاربته والرقابة على القطاع العام ،تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا
الشأن العام ،والمنظمات غير الحكومية ،في إطار الديمقراطية التشاركية ،في إعداد
قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ،وكذا في تفعيلها وتقييمها ،
وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة ،طبق قوانين وكيفيات يحددها
قانون[.]236
وبالنظر لألدوار الدستورية الجديدة التي خولها الدستور الجديد للمجتمع المدني ،أصبح
لزاما عليه المشاركة في الحد من فرص الفساد وذلك من خالل اإلجراءات والتدابير التالية:
تعزيز نظام المساءلة والشفافية والمحاسبة ،من خالل المشاركة في بلورة
البرامج والسياسات العمومية للدول ؛
[ - ]234مقتطف من نص الخطاب الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد السادس ،نصره هللا ،في افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية الرابعة
من الوالية التشريعية التاسعة ،بتاريخ 11أكتوبر .8119
[ - ]235حسن قرنفل " ،المجتمع المدني والنخبة السياسية -إقصاء أم تكامل" ،إفريقيا الشرق ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،1441ص.91:
[ - ]236الفصل 18من دستور المملكة المغربية لسنة .2011
116
توطيد وترسيخ عالقات هيئات المجتمع المدني مع السلطات التشريعية
والتنفيذية ،والمتابعة القضائية لحاالت الفساد ؛
مطالبة الحكومة بنشر لوائح ومعلومات حول الفساد ،ونشر ثقافة مقاومة
الفساد؛
ووعيا منه بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في نشر ثقافة األخالق
والنزاهة والشفافية ،وهو األمر الذي يساعد على تقريب اإلدارة من المواطن ،قام المشرع
الدستوري في اإلصالح األخير بدسترة هذا الدور من خالل التأكيد على تمثيل هيئات
المجتمع المدني في مجموعة من الهيئات الدستورية واإلعتداد برأيها أثناء وضع البرامج
والسياسات العمومية ،بما يحقق فلسفة اإلشراك والمشاركة التي نص عليها الدستور في
فصله األول[ .]237وباإلضافة إلى دور المجتمع المدني هناك قطاع آخر ال يقل أهمية في
تخليق الحياة العامة والمساهمة في تحقيق التحديث اإلداري المنشود.
مما سبق يتضح أن تخليق اإلدارة الجماعية يطرح تحديا مصيريا على السلطات
العمومية ،إذ يشكل إلى جانب آليات الحكامة اإلدارية (شرطا واقفا) إلنجاح أي عملية
تحديث ،وهذا ناتج عن الدور المحوري واإلستراتيجي الذي أضحت تضطلع به اإلدارة
الجماعية في سياق التدبير العمومي الحديث ،حيث أثبتت التجارب الدولية في هذا الصدد أن
"السياسات التنموية الجيدة يمكن أن تفشل باإلدارة السيئة ،وأن السياسات الضعيفة يمكن
إنقاذها باإلدارة الجيدة" بل أكثر من هذا يمكن القول مع بيتر دروكو بأنه "ليس هناك دوال
متخلفة ،بل هناك دوال متخلفة إداريا ،فاإلدارة هي المحرك األساس في تحقيق التنمية ،وأن
هذه األخيرة شيء مشتق من هذا المحرك"[.]238
وهذا ما تعضده أبحاث الهيئات والمنظمات الدولية ؛ ففي دراسة للبنك الدولي –مثال-
عن أسباب نجاح الدوال التي يطلق عليها النمور األسيوية (ماليزيا -سان غفورة )...في
[ - ]237تنص الفقر الثانية من الفصل األول من دستور المملكة على أنه " ...يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ،وتوازنها
وتعاونها ،والديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ،وربط المسؤولية بالمحاسبة".
[ - ]238مصطفى المريني " ،دور الحكامة الجيدة في تخليق اإلدارة العمومية المغربية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ،جامعة
الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية -المحمدية ،السنة الجامعية ،8111-8111ص.11.:
117
تحقيق التقدم اإلقتصاد ي ،برز أمران أساسيان ،أولهما ؛ قطاع خاص نشيط ومبادر،
وثانيهما ؛ توافر إدارة عمومية حديث فاعلة ذات قدرة على وضع السياسة العامة المناسبة.
واإلدارة بهكذا توصيف تكون محصنة ضد ممارسات الفساد ومتفرغة كليا ألداء دورها
المتمثل في تحقيق التنمية البشرية المندمجة والمستدامة بكل أبعادها ،وذلك بما يلزم الفعالية
والشفافية والمساءلة ،لكن الوصول إلى هكذا إدارة جماعية ،يتطلب مقاربة شمولية متكاملة
تأخذ بعين اإلعتبار كافة األبعاد المتضمنة لإلدارة الجماعية.
ولعل هذه المقاربة المنشودة تجد ضالتها في العنصر البشري المؤهل ،يستجيب
لمتطلبات التدبير العصري ،وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول دور العنصر البشري في تحديث
اإلدارة الجماعية ؟ وبعبارة أخر هل العنصر البشري العامل باإلدارة المغربية مؤهل لمواكبة
التطورات الحاصلة في المجال اإلداري؟
هذه األسئلة وغيرها من اإلشكاالت المرتبطة بمساهمة العنصر البشري في التحديث
اإلداري ستشكل عنوان هذا المحور.
الفقرة الثانية :تثمين العنصر البشري والرفع من قدراتها
إن أداء وفعالية اإلدارة مرتبطتان أوثق اإلرتباط بمستوى مردودية العنصر البشري
المكنون لها ،فالموارد البشرية تعد ركيزة أساسية للنهوض باإلدارة وتأهيلها وتحديثها
لإلندماج في محيطها اإلجتماعي واإلقتصادي والمساهمة في رقع التحديات التي تفرضها
العولمة والتنافسية الدولية ،فالنظريات الحديثة والمعاصرة الخاصة بتدبير الموارد البشرية
تعتبر العنصر البشري رأسماالً لها ،وعليه فجودة المتوج أو الخدمة هي من جودة تدبير
الموارد البشرية.
وهنا نتساءل إلى أي مدى يساهم التدبير الحديث في تنمية العنصر البشري؟ (أوالً)
وكيف يمكن للمفهوم الجديد للسلطة أن يكون آلية لتقريب اإلدارة من المواطن؟ (ثانيا).
أوال :التدبير الحديث للموارد البشرية
يعتبر تثمين العنصر البشري باإلدارة العمومية في صلب اهتمام وزارة الوظيفة
العمومية وتحديث اإلدارة ،فنظرا للدور المحوري الذي تلعبه الموارد البشرية ،في االرتقاء
باإلدارة المغربية إلى المستوى الذي ينشده المجتمع المغربي ،والذي يجعل منها إدارة فعالة
118
وناجعة وذات مردودية ،ومتشبعة بقيم ومبادئ حسن سير المرافق العامة ،فقد تم العمل
على اعتماد سياسة تدبيرية طموحة ،تجعل من الموارد البشرية حجر الزاوية في إعداد
وتنفيذ السياسات العمومية في مختلف المجاالت الحيوية[.]239
وعلى هذا األساس يعتبر العنصر البشري أهم مدخل لتحقيق إدارة جماعية بمواصفات
الحداثة والق رب ،ومفتاح لكل سياسة تنموية تهتم باإلدارة الترابية ،ونظرا للدور الطالئعي
الذي يلعبه ،فإن اإلهتمام به من قبل الدولة بات ملحا ً ،فتطور المجتمعات رهين بتطور
طاقاته البشرية ،باعتبارها تشكل األداة الرئيسية لتحديث الجهاز اإلداري وعصرنته وتقوية
كفئاته[ .]240وهنا نستحضر قولة " Jean Bodinما من ثروة إال باإلنسان" ،حيث يربط
بين اإلنسان كقيمة والثروة كنتاج ،وتعني التنمية اإلدارية حسب " Bernard Cornetإنها
ليست واقعة مادية أو ميكانيكية ،إنها ظاهرة يريدها اإلنسان ولصلحه ...وكل جماعة بشرية
تحدد لنفسها أهدافها الخا صة بالتنمية اإلدارية بما يتناسب مع وسطها الطبيعي واقتصادها
وتراثها التاريخي والثقافي" ومن هنا يدخل البعد السلوكي في العملية اإلدارية ،حيث تم
تطوير عدة نظريات وآليات حديثة لتدبير الموارد البشرية ،هذه اآلليات واألساليب العصرية
و الحديثة في تدبير الموارد البشرية تتجلى أسسا في :
-)1التدبير بأسلوب اإلدارة باألهداف ؛ ويقوم هذا األسلوب على منهج وفلسفة
،تهدف إلى تحسين الخدمات وتسهيل عملية تقييم المردودية أو األداء داخل المنشأة اإلدارية
،ومدى تطابق األساسية التي تبنتها اإلدارة[ .]241فاإلدارة باألهداف ترتكز على فرضية
اإلدارة بالشراكة [ ]management Participatifأي تعريف كل شخص بأهداف اإلدارة
وكيفية المشاركة في تحقيقها واإلندماج فيها ،ويرتكز هذا األسلوب على الشروط التالية:
تفويض السلطات بقدر الهدف[ ]Délégation by Objective؛
إعطاء الحرية الكاملة في التصرف [ ]Freedom to Act؛
[ - ]239تقرير حول الموارد البشرية بالوظيفة العمومية ،منشورات وزارة الوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة (،في إطار اختصاصاتها في مجال
ضبط وتتبع تطور توزيع أعداد الموارد البشرية باإلدارة العمومية ،قامت مصالح الوزارة بإعداد هذا التقرير ،الذي هو نتاج دراسة أنجزت برسم
سنة .)2013
[ - ]240كريم لحرش " ،مغرب الحكامة – التطورات -المقاربات –الرهانات" ،سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية ،الطبعة الثانية ،العدد ، 4
، 8111ص.112 :
[ -]241عبد اللطيف الجبراني "،دور الموارد البشرية في تدبير الشأن العام المحلي" ،دروس موجهة إلى طلبة المعهد الملكي لإلدارة الترابية،
القنيطرة ،811.،ص.11 :
119
توضيح قنوات اإلتصال [.]242[ ] Clear communication Channels
-)2التدبير التوقعي لموارد البشرية ؛ يعد هذا األسلوب بمثابة نظام مفتوح
يعمل داخل محيط اقتصادي واجتماعي معقد ومركب ،وهو نظام ينبني على دراسة مميزات
المحيط السوسيو-اقتصادي وتحليل طبيعة األهداف المسطرة ،ثم فهم أو تفهم المحيط
المؤسساتي .ويعتمد التدبير التوقعي في البداية على تحديد األولويات و الحاجيات البشرية
وتقدير الكفاءات الطبيعية لكل عنصر ،ثم تحدي الطرق واألساليب التي يتم عبرها توفير
الموارد البشرية الضرورية إلدارة ؛ وذلك على النحو التالي:
تشخيص الحالة الراهنة للموارد البشرية ؛
توقع اإلحتياجات البشرية داخل اإلدارة ؛
تحديد الفروقات ؛
تقرير آلية تغطية الحاجيات(توظيف -تكوين -تحفيز -تنقل )...؛
تفعيل اآلليات المختارة.
-).التدبير اإلستراتيجي للموارد البشرية ؛ تعد الموارد البشرية عنصرا
تنافسيا ه اما يستدعي اعتماد أحدث المناهج في ضبطه واستثماره كالتدقيق [ ]Auditمثال ،
والذي يسمح بجمع المعلومات الكفيلة بخلق سياسة تشخيصية ورقابية للوسائل واألهداف ،
على أن يجتمع الكل فيما يصطلح علية التدبير اإلستراتيجي للموارد البشرية .فالتدقيق هنا هو
اختيار وظيفي منص ب على حول تحليل وتفسير مختلف المعطيات المتدخلة في مسألة تدبير
الموارد البشرية واستصدار توصيات في هذا الشأن تكزن كفيلة بتطوير هذا التدبير ،ومن
هذا التعريف نستنتج النقط التالية:
الميزة الوظيفية للتدقيق الستخدامه عناصر ووسائل في سياق تجريبي
ووظيفي ؛
اتساع نطاق التدقيق ليشمل كل جوانب تدبير الموارد البشرية ؛
استخدام التحليل والتفسير لكل معطى أو مكون في تدبير العنصر البشري وقد
يكون التحليل تاريخيا ،تنظيميا ،أو قانونيا.
[ - ]242عبد اللطيف الجبراني "،دور الموارد البشرية في تدبير الشأن العام المحلي" ،المرجع نفسه ،ص.1. :
120
أما بخصوص البعد اإلستراتيجي في تدبير الموارد البشرية فقد تم التأسيس له بمناسبة
انعقاد مؤتمر جمعية موظفي الموارد البشرية بكيبك سنة ، 1448حيث انصب النقاش حول
المقاربات والمناهج العلمية الكفيلة بربط التدبير البشري بإستراتيجية اإلدارة ،ومنذ ذلك
الحين ،تم التركيز على أهمية الفكر اإلستراتيجي في تحسين جودة التدبير والمراقبة المنصبة
على الموارد البشر ية ،وتهتم المقاربة اإلستراتيجية للموارد البشرية على إعداد تصاميم
خاصة باألهداف والوسائل ترتكز على تشخيص داخلي وخارجي للمعطيات و العوامل
المتدخلة في ذلك ،ومن تم رصد المتطلبات المادية الخاصة بتحقيق األهداف المسطرة على
أن يواكب ذلك تقييم للمراحل المتبعة في سبيل إنجاح التصميم برمته باإلستعانة بمجموعة من
المجاالت والعلوم على رأسها المعلوميات والمحاسبة وغيرهما[.]243
[ - ]243موالي محمد البعزاوي " ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،الرباط-
اكدال ،السنة الجامعية ، 811.-8118 ،ص. 42 :
[]244
- OCDE ,Flexibilité dans la gestion du personnel de l’administration publique , étude sur la gestion publique,
paris, 1990.
121
اإلنتقال المرن ؛ إمكانية انتقال الموظف إلدارة أخرى في حاجة لكفاءته
وخبرته ؛
ويمكن تركيز أهم التدابير الكفيلة بجعل المساطر اإلدارية أكثر مرونة باإلعتماد على:
ثانيا :المفهوم الجديد للسلطة كأساس لتجديد العالقة بين اإلدارة والمواطن
منذ توليه العرش سنة 1442ما فتئ جاللة الملك محمد السادس على إدخال نهج جديد
في تعامل السلطات العمومية مع المواطن ،من أجل تجاوز سلبيات العهد القديم التي أعطت
األولوية لهاجس األمن واإلستقرار على حساب حريات وحقوق المواطن ،وفي هذا اإلطار
يأتي إعال ن صاحب الجاللة في خطابه أمام أعضاء الحكومة ومسؤولي اإلدارة الترابية عن
[ -]245فؤاد الكرطي ،الحاجة إلى التنمية اإلدارية ضرورة لتغيير النسق اإلداري المغربي ومسايرة التحدي العالمي ،مجلة التنمية ،المقال ، 11142
2أبريل .8111
122
تبني المفهوم الجديد للسلطة[ ،]246وهو الذي تم تأكيده في خطاب العرش لسنة 8111م .وهكذا
فالمفهوم الجديد للسلطة يقول جاللة الملك محمد السادس "[ ]...المفهوم الجديد للسلطة يعني
المساءلة والمحاسبة ،التي تتم عبر آليات الضبط والمراقبة ،وتطبيق القانون .وبالنسبة
للمنتخبين فإن ذلك يتم أيضا ،عن طريق االنتخاب ،وكسب ثقة المواطنين ؛ كما أن
مفهومنا للسلطة يقوم على محاربة الفساد بكل أشكاله :في االنتخابات واإلدارة والقضاء ،
وغيرها .وعدم القيام بالواجب ،هو نوع من أنواع الفساد"[.]247
وعليه ؛ فالهدف من تبني هذا المفهوم هو تجديد العالقة بين السلطة والمواطن تحديداً
لعالقة القيادة بالتنمية والمواطنة ونظرة المواطن للسلطة .كما يعني تجديد الثقة على أساس
سمات مقبولة بين الطرفين ،مما يعني أن النهج الجديد هو نهج مبني على رعاية المصالح
العمومية والشؤون المحلية والحريات الفردية والجماعية وعلى السهر على األمن
واإلستقرار وتدبير الشأن المحلي والحفاظ على السلم اإلجتماعي[.]248
وهكذا يتضح أن المفهوم الجديد لسلطة جاء كرد مباشر لتجاوز المفهوم القديم الذي من
سماته :المركزية المفرطة والالتركيز ،مع الشطط في استعمال السلطة وما يصاحب ذلك
من سوء التدبير والالمباالة وتغليب المصلحة الخاصة على العام ،وهيمنة أساليب الرشوة
والمحسوبية وغيرها من أشكال الفساد ،مما أدى إلى نشوء مناخ سياسي يزكي هذه المسالك
عن طريق تزوير اإلنتخابات واستعمال األموال للحصول على مقاعد سواء داخل البرلمان
أو داخل مجالس الجماعات الترابية ،وبالتالي إفساد الحياة العامة.
واإلعالن عن المفهوم الجديد للسلطة جاء ليقطع مع هذه الممارسات واألساليب
المتجاوزة ،كما فطن إلى ذلك المغفور له الحسن الثاني ؛ ذات خطاب تاريخي مؤثر يقرع
أجراس اإلنذار في آذان المسؤولين منبها إلى خطورة المصير الذي يتهدد المغرب في حال
استمرار المقاربات والسياسات القديمة[]249؛ وعليه فالمفهوم الجديد للسلطة يروم تحقيق
اإلنتقال من إدارة مخزنية إلى إدارة مواطنة ،ومن إدارية بيروقراطية إلى إدارة خدماتية ،
* [ - ]246تم اإلعالن عن المفهوم الجديد للسلطة ،في خطاب جاللة الملك محمد السادس بالدار البيضاء ،بتاريخ 18أكتوبر ، 1444 ،أمام أعضاء
الحكومة ومسؤولي اإلدارة الترابية.
- 247مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 12لعيد العرش بتاريخ 20يوليوز 8013
[ - ]248مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس ،بتاريخ 18أكتوبر .1444
[ - ]249مصطفى المريني " ،دور الحكامة الجيدة في تخليق اإلدارة العمومية المغربية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ،جامعة
الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية -المحمدية ،السنة الجامعية ،8111-8111ص.48 :
123
وهو ما يتطلب مساهمة كل الفاعلين في الحياة اإلدارية والسياسية من موظفين وأحزاب
ووسائل اإلعالم وسلطات عمومية والمجتمع المدني.
وتأسيسا على ذلك يبقى تفعيل المفهوم الجديد للسلطة رهين بتطور العقليات وتغييرها
وتغييرها في إطار عالقة جديدة بين السلطة والمواطن مبنية على اإلنفتاح والتواصل ،على
على أن اإلنفتاح هنا يعني تغيير عقليات المسؤولين أكثر من إنفتاح اإلدارة بوصفها مجموعة
من البنيات المؤسساتية [.]250
وهكذا فإن المفهوم الجديد يستهدف:
إرساء دعائم إدارة مواطنة وحديثة متجاوبة مع محيطها وبعث ثقافة من نوع
جديد ؛
إشاعة ثقافة بديلة مبنية على اتصاف السلطة والجهاز اإلداري باللباقة
واالستقامة والنزاهة قومها التمسك بالمبادئ األخالقية ؛
إقرار مبدأ التشارك واإلنفتاح على مشاكل مختلف الفرقاء ؛
جعل حسن إستقبال المواطنين وإرشادهم وتوجيههم من اإلنشغاالت المركزية
للمصالح اإلدارية والحرص على تعامل كافة العاملين باإلدارة من موظفين ومنتخبين .
وإلى جانب ذلك يعتبر تقريب اإلدارة من المواطن إحدى اهتمامات السلطات العمومية؛
باعتبارها من السبل الحقيقية أل ْنسنة السلطة والجهاز اإلداري ،وجعلها أقرب من المواطن ،
يشعرون فيها باألمن والعدل و اإلنصاف ،أخذاً بما أكده جاللة الملك بأن المسؤولية
الموضوعة على عاتق السلطة تتطلب انفتاحا ً حقيقيا ً وتواصالً فاعليا ً واقترابا ً حميميا ً من
المواطن ،مما يكشف عن التصور والعميق واإلدراك الدقيق لمفهوم اإلدارة المجاورة من
طرف جاللته [.]251
المطلب الثاني :تحقيق الشفافية اإلدارية مدخل أساسي لتحديث اإلدارة الجماعية
لقد اعتبر تحقيق الشفافية اإلدارية هاجسا مستمرا في مسلسل تطوير وتحديث اإلدارة
العمومية بشكل عام والجماعية بالخصوص ،بحيث لم تعد اإلدارة الحديثة تستمد مشروعيتها
[ - ]250آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلحتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية ، 8114-8112ص..21 :
[ - ]251آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" مرجع سابق ،ص..29 :
124
من مؤسساتها فحسب ،وإنما أيضا من مدى قدرتها على تحسين عالقتها بجمهورها ،وهو
ما يقتضي منها في المقام األول ؛ القيام بمجهودات دائمة لتلميع صورتها ومحاولة تحسيس
الجمهور بأهمية ما تقوم به من أنشطة في كافة الميادين ،بغية تحفيزه على التعاون معها في
تدبيرها ،عن طريق تبني إستراتيجية موجهة لخلق التواصل بين المواطن ومؤسساته
اإل دارية (المفقرة األولى) ،وكذا خلق جو مالئم لإلستقبال (الفقرة الثانية) يجعل من المرتفق
الذي يلج إلى اإلدارة في موقع المشارك والمساهم ،وبالتالي يكون المواطن في قلب
السياسات العمومية المرتبطة باإلدارة.
يعتبر اال تصال اإلداري أداة إجتماعية يتم من خاللها التفاهم بين األفراد والجماعات في
المنظمة(اإلدارة) .واالتصال وسيلة رئيسية من الوسائل التي تستخدم لتحقيق أهداف اإلدارة ،
حيث يتم من خاللها نقل المعلومات والبيانات واآلراء واألفكار بين األفراد والجماعات
لغرض تحقيق األد اء المستهدف من لإلدارة( ،أوال) ولكي يكون اإلتصال فعاال البد من توفر
بنية لإلستقبال تكون بمثابة جسر يربط اإلدارة بمحيطها (ثانيا).
وكذلك فإن اإلتصال عملية حيوية في مجال العالقات بين الرؤساء والمرؤوسين ،ومن
خالله يتم إنجاز األعمال وخلق التنسيق بين أقسام اإلدارة بعضها ببعض ،مما يترتب عليه
تحسين األداء وخلق تفهما ً أعمق ووضوحا أشمل بين اإلدارة وجمهورها ،واإلتصال فضال
125
عن كونه عامال يقوم على التوجيه ،فإنه إلى جانب ذلك يعد من أهم العوامل الالزمة
للتخطيط والتنظيم والرقابة ،ولكل ما يتعلق باتخاذ القرار.
وفيما يلي شكل يوضح العالقات بين عملية اإلتصال والعمليات اإلدارية لتحقيق
أهدافها[:]252
اإلدارة أهداف
التخطيط
التنظيم
التنسيق
التوجيه
التوظيف
التقرير
املوازنة
والبد من اإلحاطة علما أن لإلتصال إكراهات وعقبات عدة ،وهي تعد أكبر المشاكل
أهمية في اإلدارة الجماعية ،هذه المعوقات يمكنا أن تظهر في كل عمليات االتصال ،خاصة
في بدايته ؛ إذا من الضروري أن تقوم اإلدارة بين الفينة واألخرى بدراسة اإلجراءات التي
تستعمل من أجل تيسير وتسهيل عملية االتصال والتواصل.
[ - ]252أحمد الخطيب "،اإلدارية الحديثة-نظريات واستراتيجيات ونماذج حديثة"،جدارا للكتاب العالمي عمان ،الطبعة األولى ،8114ص-.19:
..11
126
وقد زاد اإلهتمام بهذا الموضوع في الوقت الحالي ،ويتوقع أن يشهد مجال التواصل
تطورا كبيرا في السنوات المقبلة .ولهذا الغرض فإن أغلب اإلدارات بدأت حديثا تنشأ بعض
الوحدات المتخصصة في أعمال تتعلق باالتصال ،وتقوم هذه الوحدات بتقديم المساعدات
وتسجيل المعلومات وتجميعها من المصادر الداخلية والخارجية ،ولعل مثل هذه اإلجراءات
ستحقق الوصول إلى إيجاد نظام اتصال فعال يضمن تنقل المعلومات بكل يسر وحرية
والتأثير في سلوك العامل داخل اإلدارة ومن خالله في الجمهور بما يتوافق والصالح
العام[.]253
[ - ]253آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلحتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية ،8114-8112ص.82.:
[ -]254محمد الداودي" ،اإلدارة العمومية وإشكالية التنمية اإلقتصادية بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة عبد المالك
السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-طنجة ،السنة الجامعية ، 811.-8118،ص...1:
127
وقد اهتم المغرب شأنه شأن الدول الحديثة بموضوع تنمية التواصل داخل اإلدارة
العمومية مستنيرا بالتوجهات الملكية السامية المضمنة بالخطاب الملكي أثناء المناظرة
األولى لإلعالم سنة 144.م ،حيث خاطب الملك الراحل الحسن الثاني المتناظرين بقوله:
"[ ]...إن اإلدارة مطالبة بأن تكون أكثر تفتحا عبر كل الوسائل للتحول إلى مصدر ال ينضب
من المعلومات التي من شأنها تمكين الفاعلين في اإلعالم واإلتصال من الرقي بمهمتهم
داخل المجتمع".
فلتجتاز منطق السرية والكتمان في اإلدارة المغربية والتي تؤدي إلى انحرافات متعددة
تنعكس بالسلب على صورتها ؛ تم إطار اإلصالحات التي يشهدها المغرب ،تكريس
دستورية الولوج إلى المعلوميات[ ]255باعتبارها الوسيلة األكثر فاعلية للتواص بين اإلدارة
والمواطنين ؛ وبالتالي تحقيق الشفافية اإلدارية .ويعد إعالم المرتفق بكل عناصر الحقيقة
المتعلقة بمصالحه وشؤونه هذا من األمور التي وجب على اإلدارة أن ال تغفلها ،فالمرتفق
(المواطن) في الدول المتقدمة ،كما في الدول النامية يبني موقفه من اإلدارة على أساس
األسلوب الذي تعتمده في تحقيق ما حققت ،ليس بناء على ما تقدمه من المشاريع والخدمات
،وارتباطا بذلك ،فإن اإلدارة مطالبة بإخبار المرتفق بحقوقه وواجباته ،والسعي إلى إقامة
عالقة معه تسودها الودية واإلحترام المتبادل ،وهذا واجب على اإلدارة على كل مستوى من
مستويات اإلدارة من قمة الهرم ،إلى أدنى مستوى فيها[ ، ]256وبالتالي فالمرتفق هو الذي
يحلل ويقيم المنتوج اإلداري بحكم هو الذي يباشره ويستفيد من جودته أو على
العكس[.]257
128
أصبح بموجبه من حق المواطن الحصول على المعلومات [ ،]258وأيضا لما لهذا الحق من
أهمية بالغة في ترسيخ دولة الحق والقانون وفي تعميق الديمقراطية قيما وممارسة ،كما
تكمن أهمية حق المواطنين في الحصول على المعلومات في كونه يعد آلية قوية للحكامة
ولفعالية السياسات العمومية والنمو االقتصادي وخلق فرص الشغل.
وال ننسى بأن هذا الحق قد نصت عليه مجموعة من دساتير الدول العربية واألجنبية ،
فنجد المشرع السويدي في دستور 1122م ،اعترف بحق المواطن في اإلطالع على
[]259
،أما في اسبانيا فالمشرع الدستوري ضمن للمواطنين المعلومات والوثائق اإلدارية
الحق في الحصول على المعلومات ،بحيث ال يجيز حظر المطبوعات والتسجيالت وأية
وسائل أخرى ،للحصول على المعلومات إال بموجب حكم قضائي[.]260
أما في المغرب ؛ فقبل دستور 8111لم يكن هناك سند قانوني واضح لهذا الحق ،
باستثناء بعض المواد المشتتة في قوانين مختلفة ،لكن ومع صدور دستور 8111أضحى
هذا الحق مكفوال دستوريا [ ،]261ولذل أصبح لزاما على المسؤولين بكل اإلدارات العمومية
تسهيل الحصول على المعلومات.
في هذا السياق أعدت وزارة الوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة في إطار لجنة مشتركة
بين الوزارات مشروع قانون رقم .1.1.يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات وفي
تصريح للسيد الو زير المكلف بالوزارة المذكورة أعاله أكد بأن إنشاء اإلطار القانوني سيعمل
على تعزيز كل المبادرات اإلصالحية من تشريعات قانونية وتنظيمية ذات الصلة بالموضوع
[ -]258ينص الفصل 81من دستور المملكة المغربية على أنه " :للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة اإلدارة
العمومية ،والمؤسسات المنتخبة ،والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام."...
* [ - ]259تجدر اإلشارة هنا إلى أن السويد تعد الدولة األولى في العالم التي أصدرت قانونا يعطي الحق في الحصول على المعلومات المودعة لدى
الهيئات الحكومية ،وجعل الوثائق اإلدارية رهن إشارة كل مواطن يطلبها ،ومن ثم فإن رفض اإلدارة لذلك يكون محط دعوى قضائية أمام المحاكم
اإلدارية السويدية.أنظر:
-DELAUBADERE (ANDR2) : « l’accès des citoyen aux documents administratifs », AJDA 1977, P :206.
[ - ]260المادة 81من الدستور اإلسباني ،الصادر بتاريخ 81دجنبر 1412م.
*[ - ]261الفصل 81أتى لسد الفراغ القانوني الحاصل في هذا المجال وإعطاء هذا الحق حصانة دستورية وقيمة إضافية ،وخاصة وأنه ظل ينتهك
ومنذ مدة طويلة ،أو باألحرى أريد له أن يبقى مغمورا حفاظا على بعض الموروثات التقليدية الت ال زالت تتحكم في العقليات المغربية ومن يعملون
بداخله.
129
،كما أن المملكة المغربية قد جعلت من حق الحصول على المعلومات قضية محورية في
منظومة الحقوق والحريات المكفولة للمواطنة والمواطن[.]262
أن دسترة الحق في الحصول على المعلومات وإيجاد قانون خاص يقنن كيفية ممارسته
،في انتظار المصادقة عليه ،ال يعني بالضرورة أنه قد تم فعال ترسيخه ،بل ال بد من
تكريس مبادئ هذا الحق وفوائده لدى كافة المواطنين ،ففي المغرب يكاد الحق في الحصول
على المعلومات مجهوال لدى فئات عريضة في المجتمع وخاصة الطبقة التي تشكو من
األمية ،أما على مستوى اإلدارة فال زالت غير مستوعبة لهذا الحق ولمدى أهميته في
تحسين جودة العمل اإلداري ،ولضمان هذا الحق ال بد من بذل مجهودات حثيثة لحسيس
الجمهور وتوعيته بمدى أهمية هذا الحق [ ،]263وكذا ضمان حسن تطبيق القانون المنظم لهذا
الحق بعد المصادقة عليه وحسن تنفيذه [.]264
ثانيا :النهوض بجودة االستقبال واإلرشاد كأساس لخلق التقارب بين اإلدارة و المواطن
االستقبال يعد بمثابة بطاقة تعريف اإلدارة ،فبموجبه يحكم المواطن على اإلدارة ،ألنه
يشكل أول اتصال بين اإلدارة والمرتفق (المواطن) وبالتالي فما أهمية االستقبال؟ وكيف
يساهم في تطوير وتحديث اإلدارة؟
أن أهمية االستقبال تكمن في كونه المرحلة األساسية التي يكون فيها المواطن اإلنطباع
األول حول الجهاز اإلداري ،إنه انطالقا من هذا التصور سيحكم على اإلدارة بانفتاحها أو
انكماشها ،بتنظيمها المحكم أو فوضويتها العارمة .كما أن أهمية هذا االستقبال تتمثل في
القضاء على التخلف اإلداري ومن وراءه كل أشكال االنحراف عن القانون ،وهذه األهمية
من شأنها أن تدفع بكل المؤثرات السلبية التي تؤثر على عالقة اإلدارة بالمواطنين ،فتوفر
[ - ]262مقتطف من كلمة السيد الوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ،والتي ألقاها بمناسبة افتتاح المناظرة الوطنية حول الحق في
الحصول على المعلومات -رافعة للديمقراطية التشاركية ،المنظمة تحت الرعاية السامية لجاللة الملك يوم الخميس 1.يونيو ، 811.بفندق سوفتيل
بالرباط.
[ -]263يونس بنهدي " ،حق الحصول على المعلومات ودوره في تنمية التواصل بين اإلدارة والمواطن" ،بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام
،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-طنجة ،السنة الجامعية ،
[ - ]264من مذكرة تقديم مشروع قانون رقم .1.1.يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات ،ص.8 :
130
بذلك نوع من االستقرار والطمأنينة في نفسية المرتفقين اتجاه سير المصالح العمومية
لإلدارة[.]265
وإذا كان االستقبال يعد مدرسة لحياة االجتماعية ومصلحة حيوية وضرورية للمواطن ،
فمن هذا المنطلق جاءت ضرورة أ ْنسنة العالقة بين اإلدارة والمواطنين ،ألنه يساهم فعال في
بناء وخلق الثقة بين هذين الطرفين وذلك لبلوغ المستوى الذي حققته بعض الدول األوربية
في هذا المجال ،حيث نجد فرنسا اهتمت بإشكالية استقبال المواطنين داخل اإلدارة منذ
،142.-1428بحث سنت مجموعة من القوانين الهدف منها تقريب اإلدارة من المواطن،
وذلك عبر إنشاء مراكز تحمل اسم« ADMINISTRATION à VOTRE SERVICE » :
وذلك حتى يتعرف المرتفق أكثر على حقوقه .وترتبط عملية االستقبال في أساسها بأربعة
عناصر مهمة وهي:
العنصر األول ؛ وهو مرتبط بتوجيه الجمهور عبر مختلف المصالح التابعة
لنفس الهيئة ؛
العنصر الثاني ؛ ويتعلق نقل المعلومات البسيطة إلى المرتفقين ( المواطنين)
وكذا المطبوعات والوثائق الواجب ملئها ؛
العنصر الثالث ؛ يتمحور حول إعداد معلومات شخصية ،بمعنى تكييف
المعلومات العامة مع الحاالت الخاصة ؛
العنصر الرابع ؛ ويرتبط بالمعالجة السريعة لكل طلب شخصي وتقديم النصح
والمساعدة للمرتفق .
وبهذا ؛ فإن االستقبال داخل اإلدارة سوف لن يساهم فقط في تحسين جودة العمل
اإلداري ،بل سيعمل على جعل عالقة اإلدارة بالمواطن مطبوعة بالتفاهم والثقة بين
الطرفين ،فاالستقبال اإلنساني للمرتفق سيخفف من شعوره الدائم بالحيطة والحذر والخوف
[ -]265بكار األغصف " ،محاولة لمقاربة عالقة اإلدارة العمومية في المغرب بالمواطن" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة الحسن
الثاني ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،الدار البيضاء -عين الشق ،السنة الجامعية ،8111-8112،ص.182 :
131
من اإلدارة في كل اتصال له بها ،األمر الذي سيشجعه مستقبال على االتصال باإلدارة كلما
دعت الضرورة لتحقيق رغباته وممارسة كل حقوقه المشروعة[.]266
إذن ؛ فلتحسين عملية االستقبال باإلدارة الجماعية ببالدنا وجب اإلهتمام بالبنية التحتية
لإلستقبال في المقام األول ،فكما هو معلوم أصبح االهتمام بعملية االستقبال متزايدا خاصة
في اآلونة األخيرة ،حيث دعت أعلى سلطة بالبالد في أكثر من مناسبة لتحسين جودة
االستقبال بمختلف اإلدارات العمومية.
وبالتالي ؛ فاإلدارة الجماعية مطالبة في الوقت الحالي بالتأقلم مع ما تفرضه ضرورات
تحسين جودة المرفق العمومي و تيسير ظروف اندماجه في المحيط االجتماعي ،وذلك
بتخصيص فضاءات استقبال المرتفقين واإلنصات الستفساراتهم[ ]267؛ ألن االستقبال من
خالل أثر التغذية االسترجاعية الذي يحققه يجب أن يكون لتحسيس اإلدارة بكافة المشاكل
التي يعاني منها المرتفقون وإلى المجاالت التي ال تزال في حاجة إلى إشباع[.]268
عالوة على هذا يجب تخصيص معامالت تفضيلية للمعاقين والنساء الحوامل ومن في
[]269
وتزويد األقسام اإلدارية بأجهزة الفاكس لتمكينها من إرسال أو استقبال حكمهم،
المراسالت في أسرع[.]270
وفي إطار اإلهتمام بجودة اإلستقبال والنهوض به كإطار مالئم لتحقيق الشفافية اإلدارية
وتقريبها من المواطن تم في هذا الصدد :
إعداد مشروع إطار مرجعي ألجل إرساء نظام لالستقبال واإلرشاد وتعزيز
روابط الثقة بين اإلدارة والمرتفقين ؛
إعداد مرسوم لتدبير ومعالجة الشكايات ؛ يهدف إلى إلزام اإلدارات العمومية
والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية باإلجابة كتابة عن شكايات المرتفقين داخل آجال
ووفق مسطرة محددتين ؛
[]266
- A.AKLAA , « l’administration marocaine dans ses relations avec le public », doctorat d’Etat e, droit
publique , université Mohamed 5, F.S.J.E.S. Agdal- rabat, 1984, p :328.
[ - ]267من التقرير العام للمناظرة الوطنية حول المراجعة الشاملة للنظام ّاألساسي العام للوظيفة العمومية ،تحت شعار "رفع التحديات من أجل
تدبير ناجح وفعال" قصر المؤتمرات ،الصخيرات ،يوم الجمعة ، 81يونيو .811.
[ -]268آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص . 822 :
[ - ]268المملكة المغربية ،وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ؛ تفعيل ميثاق حسن التدبير ،منشورات عكاظ ،الرباط ،8111ص.81 :
[ - ]269المملكة المغربية ،وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ؛ المرجع السابق ،ص.81 :
132
إصدار ا لمرسوم المتعلق بتغيير الساعة القانونية ،الذي يحدد إضافة ساعة
بشكل منتظم كل سنة خالل فترة الصيف [.]271
إن إيالء العناية الكاملة لعملية االستقبال بمختلف اإلدارات العمومية وخاصة منها
الجماعية والنهوض بها وتحسين جودتها ؛ سيؤدي ال محالة إلى خلق جو من التفاهم بين
اإلدارة والمواطن وسيعزز ثقة هذا األخير باإلدارة ،األمر الذي سيؤدي إلى تحسين عالقته
باإلدارة التي ستصبح إدارة قريبة ومنفتحة على كل المواطنين.
الفقرة الثانية :دور تبسيط المساطر واستعمال التكنولوجيا في تحسين عالقة اإلدارة
بالمواطن
ما من شك في كون عالقة اإلدارة بالمرتفق تمر عبر إجراءات ومساطر إدارية تنظم
عملية اإلدستفادة من الخدمات اإلدارية ،كما أن هذه المساطر هي وسيلة لحماية المواطن من
تعسّفات اإلدارة من خالل تقييد عمل هذه األخيرة بمجموعة من الشكليات تمنعها من اتخاذ
قرارات متسرعة وغير سليمة (أوال) ،ونظراً لهذه األهمية فمن الواجب العمل على تعديلها
وتكييفها من أجل مواكبة التطورات التي تعرفها اإلدارة والمجتمع على حد سواء ،وذلك
بإدخال تكنولوجيات حديثة (ثانيا) تتماشى ومتطلبات العصر.
أوال :تأثير تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية على عالقة المرتفق باإلدارة
إن مغزى عملية تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية يكمن في تحسين عالقة اإلدارة
بالمواطن ،فاإلهتمام الذي أخذه مصطلح المواطن والمواطنة واإلدارة المواطنة في
السياسات العمومية والقطاع الخاص ؛ هو تجسيد للمفهوم الجديد للسلطة وإلدارة القرب
والتنمية البشرية وحماية حقوق اإلنسان واالنتقال الديمقراطي ،فهي مقومات ومنطلقات
العهد الجديد الذي أعلنه صاحب الجاللة الملك محمد السادس في رسالة موجهة إلى أشغال
الندوة الوطنية لتخليق المرفق العام (.)1444
[ -]271المرسوم رقم ، 8.18.182المتعلق بتغيير الساعة القانونية-يحدد إضافة ساعة بشكل منتظم كل فترة صيف ،الصادر في 82من جمادي
األولى ، 19..الموافق ل[ 12أبريل .]8118
133
فأهداف تبسيط المساطر اإلدارية ؛ هي تسهيل الحياة اليومية للمواطن بتوطيد العالقات
والتواصل بين المنتفع واإلدارة وتسهيل الخدمات ذات العالقة بالدولة وتمكينها من المشاركة
النشيطة والفعلية في مجهودات التنمية الشاملة .فتقليص اآلجال ومختلف الوثائق
والمطبوعات ،وتسهيل حياة المواطنين وضمان سرعة وجودة الخدمات العمومية ،يعد
جوهر تحديث اإلدارة العمومية والجماعي[.]272
وقد لمسنا في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى أشغال الندوة الوطنية لتخليق المرفق
العمومي الدور الهام للمساطر اإلدارية في ترسيخ قيم الشفافية وتحسين مستوى الخدمات
المقدمة ،حيث جاء فيها " أن هدف اإلجراءات العمومية ،التسهيل والتيسير وليس التعقيد
والتعسير ،وهو منهاج لترسيخ روح االستقامة والوضوح والشفافية والتعجيل في إيصال
النفع للناس ...لذلك آمرنا بتبسيط اإلجراءات وتحيين النصوص اإلدارية وتحديث وسائل
التدبير والعمل على التوفيق المستمر بين المقتضيات اإلدارية وروح العصر التي طبعت
اليوم كل العالقات البشرية".
فالتبسيط[ ]273بهذا المعني يتجاوز المفهوم التقليدي للمسطرة اإلدارية المرتبط بشرعية
التسيير الداخلي لإلدارة إلى مفهوم حديث يطمح أساسا لتحقيق وضمان فعالية هذه التسيير
وتحسين التعامل مع المرتفق [.]274
فمنذ سنة ، ]275[1448اتخذت اإلدارة العمومية عدة تدابير[ ]276بهدف تبسيط المساطر
واإلجراءات اإلدارية ،غير أن المنظور الحديث للمسطرة اإلدارية غير من نظرة اإلدارة
العمومية نحو تجاوز اإلصالحات الترقيعية التي غالبا ما كانت قطاعية أو موسمية ،واألخذ
بعين اإلعتبار األبعاد التالية:
[ - ]272عبد الغني اعبيزة " ،سياسة التحديث اإلداري بالمغرب -دراسة قانونية ومؤسساتية" ،دار القلم – الرباط ،الطبعة الثانية ، 8111ص-11 :
.18
* [ - ]273إن الهيئة اإلدارية المكلفة بعملية التبسيط اإلداري هي اللجنة االستراتيجية لإلصالح اإلداري ؛ وتتولى هذه اللجنة عبر هيآتها مراقبة
مختلف البرامج القطاعية المندرجة ضمن عملية االصالح اإلداري ،وقد عهد إلى هذه اللجنة مهمة التتبع واإلشراف على هذا الورش ويظهر من
خالل المنشور الوزاري رقم .1/44الصادر في 8.نونبر ، 1444الذي يحدد المهام الموكولة لها .
[ - ]274موالي محمد البعزوي "،تحديث االدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية" ،سلسلة البحث األكاديمي ،
منشورات مجلة العلوم القانونية ، MarocDroit.com ،مطبعة األمنية ، 8111 ،ص.118-111 :
[ - ]275عبد الغني اعبيزة " ،سياسة التحديث اإلداري بالمغرب -دراسة قانونية ومؤسساتية" ،المرجع السابق ،ص .18:
[ -]276منشور السيد الوزير األول في 2أكتوبر 1448؛ و 81نونبر 1448؛ 82فبراير ، 144.أو عن طريق توجيه تعليمات وأوامر أو مبادرات
شخصية.
134
-صيانة حقوق وحريـــات األفراد ؛ -دمقرطة المؤسســــــات ؛
-تحقيق الجودة والتنمــية.
وعليه ؛ فإن تبسيط المساطر ومنه تحسين الخدمات يمر عبر مدى جودة اإلدارة نفسها
في شقي التدبير والمنتوج[ ، ]277ففي التقليد الديمقراطي تعتبر اإلدارة آلية تنفيذ السياسات
العمومية ومن مصلحة هذه األخيرة أن تكون آلية مرنة وأقل تكلفة.
وما دامت اإلدارة الجماعية في مفهومها الواسع والذي يشمل المصالح غير الممركزة
للقطاعات الحكومة هي األقرب من حيث بنيتها لهموم المواطن ،لذا وجب العمل على
تحسين جودتها مما سيكون له األثر البالغ في مؤشر رضا المرتفق على الخدمات التي
تقدمها اإلدارات العمومية الترابية .فإذا انطلقنا من نظام الحالة المدنية كنموذج لتبسيط
المساطر اإلدارية ومعها تحسين الخدمات يمكن الوقوف على المستجدات التالية:
[]277
- Piérre Pougnaud, « Collectivité locale –comment moderniser ? », Berger Levrault, gestion publique, 1991,
p : 157.
135
-توفير بنيات تحتية تسمح بتجهيز إلكتروني معقلن مع وضع خطة وطنية للتسيير
والتدبير وذلك من أجل تقديم خدمات من جيل جديد للمواطنين ؛
-التكوين والمواكبة والتواصل ؛
-تأمين وسالمة النظام المعلوماتي والوثائق عبر تأمين سرية المعطيات وحمايتها وتتبع
أثر جميع العمليات التي تنجز بالنظام المعلوماتي ؛
-تدبير وقيادة البرنامج.
وعن أهم المنجزات في هذا اإلطار فقد تم تطوير برنامج إعالمي بهدف رصد جميع
الرسوم المضمنة بسجالت الحالة المدنية منذ سنة ، 1411بعد عملية جردها وتصويرها
وتخزينها ومراقبتها .وقد تمت تجربته ببعض المكاتب النموذجية ومن المنتظر تعميم العملية
على جميع مكاتب الحالة المدنية بالمملكة[.]278
وفي مثال آخر حول تحسين الخدمات اإلدارية نورد تجربة نظام المساعدة الطبية
، RAMEDالذي أعطى جاللة الملك محمد السادس انطالقة تعميمه في 18مارس 8118
،التي تعتبر نموذج لتقريب وتحسين الخدمات خصوصا تلك التي تحمل طابع إجتماعي
استعجالي ،و من المنتظر أن يغطي هذا النظام 2.1مليون نسمة مستفيد بما يعادل 81
بالمائة من سكان البالد[.]279
وعموما تتعدد التجارب والمبادرات الخاصة بتبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية ،
والتي تعتبر عملية ثقافية وتقنية بالخصوص تعمد تحديث سلوكي وتكنولوجي للعمل اإلداري
بهدف عقلن إنجاز الخدمات ،فالتطور اإللكتروني والمعلومياتي وما تتيحه من إمكانيات
التسهيل والسعة والمرونة والفعالية يجعل من عدم استغالله نقطة سوداء في سبيل وضع
* [ -]278في إطار جهود عصرنة اإلدارة الجماعية وتطوير الخدمات اإلدارية الموجهة للمواطنين ،شرعت جماعة سال في مشروع شامل لتحديث
مصالح الحالة المدنية .ولتحقيق ذلك ،تم إبرام مجموعة من الصفقات تتعلق بإعادة تهيئة المقرات اإلدارية لمكاتب الحالة المدنية وتجهيزها بمعدات
ولوازم العمل الضرورية وتكوين ا لموظفين القائمين على هذه المكاتب .وتتمحور األهداف العامة للمشروع ،حول تحسين ظروف عمل موظفي هذه
المكاتب وتقديم خدمة أفضل للمواطنين من خالل:
-تهيئة مكاتب الحالة المدنية باعتماد الفضاء المفتوح ؛
-تجهيز مكاتب الحالة المدنية بأثاث المكتب و العتاد المعلوماتي؛
-رقمنة سجالت الحالة المدنية ( أزيد من 111ألف رسم) واعتماد تطبيق معلوماتي الستغاللها وتوفير قاعدة معطيات الكترونية لوثائق الحالة
المدنية بطريقة تعتمد تقنيات حديثة ؛
-تزويد مكاتب الحالة المدنية بأجهزة لتنظيم االنتظار و بكاميرات المراقبة.
أنظر موقع جماعة سالwww.villedesale.ma :
[ - ]279موالي محمد البعزاوي "،تحديث االدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية" ،سلسلة البحث األكاديمي ،
منشورات مجلة العلوم القانونية ، MarocDroit.com ،مطبعة األمنية .، 8111 ،ص.111-119 :
136
مقومات إدارة الكترونية مغربية تتحمل حاجيات العالم المطبوع بالعولمة والتنافس في إطار
دولة الرّفاه .وهو ما يدفعنا للتساؤل حول مدى اعتماد اإلدارات الجماعية على التكنولوجيات
الحديثة في مجال التدبير اإلداري ؟ وما هي اإلستراتيجيات المعتمدة من طرف السلطات
العمومية في سبيل تحقيق ذلك؟ وأي دور يمكن أن تلعبه هذه التكنولوجيات في سبيل تحديث
اإلدارة الجماعية؟
وبهدف مواكبة التطور الهائل في مجال التكنولوجيا والمعلوميات ،والمشكالت التي قد
تنجم عن عدم االستعداد لتقبل التغيرات الجذرية التي قد تطرأ على المجتمع جراء استخدام
هذه التكنولوجيا الحديثة ؛ فقد وضع المغرب خطة تدريجية مكونة من أربعة مراحل[811.
. ]8111/8112 - 8111/8111 - 8119/811. -
وخالل هذه الم حطات عملت الحكومة على تبني مناهج التدبير اإللكتروني بغية تسهيل
ولوج المرتفقين للخدمات العمومية وتحقيق تكاليف اإلدارة[.]282
وفي هذا اإلطار تم تفعيل " اللجنة الوطنية لإلدارة اإللكترونية" سنة .8119وقد تكللت
أشغال هذه اللجنة في الفترة الممتدة ما بين 8119و 8111بوضع البرنامج الوطني لإلدارة
* [ - ]280وتعرف االستراتيجية بأنها" :تقرير مسبق ألهداف طويلة األجل ثم اختيار ألفضل البدائل المتاحة وتحميل الموارد بما يمكن من تلك
األهداف .أوردته آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلحتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية ،8114-8112ص..14 :
[ - ]281آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب ،المرجع السابق ،ص..14 :
[ - ]282عن مديرية النظم والمعلوميات التابعة لوزارة تحديث القطاعات العامة ؛ أنظر كذلك :قرار للوزير المنتدب لدى الوزير األول المكلف
بتحديث القطاعات العامة رقم ، 929.11صادر في 1جمادى األولى 11( 19.8أبريل )8111بتحديد اختصاصات وتنظيم األقسام والمصالح
المركزية لوزارة تحديث القطاعات العامة ،الجريدة الرسمية عدد 1491الصادرة بتاريخ فاتح جمادى اآلخرة 1( 19.8ماي .)8111
137
اإللكترونية المسمى "إدارتي" ،كما تم إعداد خطة العمل للفترة الممتدة مابين 8111
[.8111]283
[ - ]283آمنة حطان "،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" نفس المرجع السابق ،ص..11:
[ -]284بوابة عامة للولوج لخدمات الحكومة االلكترونية بالمغرب ،صادر في 2غشت ،8111وتعتبر أحد أهداف إدارتي؛
( ) public.ma www.serveces-
[ -]285وزارة تحديث القطاعات العامة ؛ حصيلة منجزات الوزارة برسم سنة ، 8112ص.81:
()www.watiqa.ma [ -]286إعطاء خدمة جديدة للمواطن عبر بوابة وثيقة :
138
والوصول إلى الهدف األسمى أال وهو إرضاء المرتفق وتجاوز العالقة بينها وبين هذا
األخير[.]287
ولهذا الغرض؛ يضع رهن إشارتهم مجموع المعلومات الضرورية المتعلقة ب:
وضعية تقدم ملفات الرخص التي هي في طور الدراسة (م.) 18 -
يدرس الشباك الوحيد لرخص التعمير ،المشار إليه في المادة 11أعاله ،طلبات
الرخص المتعلقة بمشاريع البناء وإحداث التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم
العقارات .لهذا الغرض ،يقوم بجميع التدابير الالزمة لمنح الرخص من خالل أخذ اآلراء
والحصول على التأشيرات المقررة بموجب التشريعات واألنظمة الجاري بها العمل .كما
يقوم كذلك ،بإعداد القرارات اإلدارية التي تعرض على توقيع رئيس مجلس الجماعة(م.)1.
وتسحب الرخص المشار إليها أعاله من الشباك الوحيد لرخص التعمير ،بمجرد
إعدادها[.]290
[ -]287مبارك الزيغام " ،اإلدارة االلكترونية" بحث منشور على المجلة المغربية ،الحوار المتمدن ،عدد ، 8111 ، 11.1..8211ص.11 :
[ - ]288مرسوم رقم 8.1..989صادر في 1.من رجب 19.9الموافق ل ( 89ماي )811.بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل
وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات
والنصوص الصادرة لتطبيقها ،الجريدة الرسمية عدد 2111الصادرة بتاريخ 12رجب 81( 19.9ماي.) 811.
[ - ]289المادة 11من المرسوم رقم 8.1..989صادر في 1.من رجب 19.9الموافق ل ( 89ماي .)811.نفس المرجع السابق.
[ - ]290المادة 19من المرسوم رقم 8.1..989صادر في 1.من رجب 19.9الموافق ل ( 89ماي )811.نفس المرجع السابق.
139
وخالصة القول ؛ هو أن استعمال التكنولوجيا الحديثة في اإلدارة العمومية الترابية
خاصة منها الجماعية ساعد بشكل كبير على تبسيط المساطر اإلدارية وتقديم خدمات القرب
للمرتفقين بأقصى سرعة وبشكل متميز ،وهذا من شأنه تحقيق الشفافية ،فعلى سبيل المثال
ال الحصر ،فالمواقع اإللكترونية التي تقدم خدمات إدارية للمرتفقين تساهم وبشكل كبير في
التقليل من الرشوة ،نظرا لغياب الطرف المستقبل لهذه األخير ،وإلى جانب ذلك فالشباك
الوحيد من شأنه المساهمة في التقليل من عامل الوقت لدى المستثمرين وبالتالي المساهمة في
تحقيق التنمية المنشودة ،وهذا لن يكون إال بتكييف اإلدارة العمومية المغربية خاصة الترابية
منها مع نظيرتها في باقي دول المعمور ،على أن هذا ليس لوحده كفيال بتحديث اإلدارة
العمومية الجماعية بشكل شامل ،بل يتطلب األمر تكاثف الجهود واالنفتاح على اإلعالم
المحيط العالمي.
ال شك أن اإلدارة الجماعية تأتي في صلب التحوالت المجتمعية الذي تعيشها البالد
وتعتبر واجهة إلعمال اإلصالحات ومؤشرا أو معيارا للتكور والتحديث ،وقد انفتحت فعال
وبشكل غير مسبوق على محيطها الوطني بكل أشكاله وعلى محيطها الدولي بكل متطلباته
والتزاماته ؛ والس ؤال الملح هنا ؛ هو مدى جاهزية اإلدارة الجماعية للتواصل والتفاعل مع
المحيط الخارجي؟
هذا السؤال يجد جوابه في طبيعة العالقة التي تجمع هذه األخيرة بالفعاليات الدولية وفي
مدى انفتاح اإلدارة على وسائل اإلعالم والمؤسسات الوطنية منها واألجنبية.
140
كل ذلك يأتي في ظل تحول اجتماعي وثقافي بنيوي يشهده المجتمع المغربي ،حيث
أصبحت المرأة قوة اجتماعية رائدة في محيطها ،كما بدأ البعد البيئي يظهر في مختلف
السياسات العمومية بل حتى في عقلية المواطن المغربي ،فال أحد ينكر اليوم ظهور
توجهات جديدة في مجال التدبير الجماعي تجاوزت تلك التي طبعت المهام التقليدية لإلدارة
الجماعية ،وأصبحت هذه األخيرة مجبرة على تبني رؤية منفتحة وشاملة في كل برامجها
ومعامالتها ،وبالنظر للتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم فمن الضروري اإلنفتاح على
المحيط اإلفريقي لما يضمنه من نتائج هامة تجد خلفيتها في القواسم المشتركة التي يتقاسمها
المغرب مع الدول اإلفريقية والعربية (المطلب األول) ،غير أن هذا اإلنفتاح على المحيط
العالمي يجب أن يواكبه في المقابل تغيير داخلي بهدف التعاطي مع المستجدات التي تفرضها
التحوالت االجتماعية بالبالد (المطلب الثاني).
لقد أضحى اعتماد تكنولوجيا المعلوميات ورقمنة االتصال محددا رئيسيا للتحديث
اإلداري إلى جانب االنفتاح على وسائل اإلعالم والمؤسسات االستشارية (الفقرة األولى) ،
وفي نفس السياق فان اإلدارة الجماعية وجدت نفسها أمام شركاء ومخاطبين دوليين ،وذلك
بمناسبة االنفتاح على تجارب أجنبية لتحقيق برامج وأهداف تصب في تحديث اإلدارة
الجماعية ،وضمن أجندة التعاون الدولي فالعمق اإلفريقي كان حاضر (الفقرة الثانية).
فكيف إذا يمكن تحقيق اإلنتقال الرقمي؟ وبأية رؤية يمكن لإلدارة الجماعية أن تنفتح
على وسائل اإلعالم والمؤسسات االستشارية؟ وما مدى جاهزية اإلدارة الجماعية المغربية
لإلنفتاح على المحيط الدولي؟ وكيف يمكنها تحقيق ذلك؟
فتح المغرب ورشا رقميا كبيرا يم ِّكن من عصرنة المرفق العمومي حتى ال يتخلف على
ركب التكنولوجيا السريعة الذي أصبح السمة الرئيسية لمطلع القرن الواحد والعشرين (أوال)
141
،وحتى ال تنخدق اإلدارة بعيدة عن محيطها الكبير ال بد لها من نهج إستراتيجية إعالمية
وتشاوريه تقلص الهوة التي تفصلها عن هذا المحيط (ثانيا).
وباعتباره الفاعل األول في مختلف السياسيات العمومية واألوراش اإلصالحية التي تم
[]292
أنه "[ ]...سيظل فتحها ببالدنا أكد جاللة الملك محمد السادس في رسالة توجيهية
إ صالح اإلدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسة التي يطرحها تقد بالدنا ،إذ
يتعين أن نوفر ألجهزتنا ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها االنترنيت لتمكينها
من اإلنخراط في الشبكة العالمية وتوفير خدمات أكثر جودة لمتطلبات األفراد والمقوالت".
فقد توقعت الرسالة الملكية أن عالم األلفية الثالثة سيكون عالم الذكاء الرقمي كمصدر
للثروة االقتصادية والرفاهية االجتماعية ،وأهمية تطوير شبكة معلوماتية تربط اإلدارة
عموما بكل من أجل تبادل مختلف المعلومات والمعطيات .
وضع شبكة وزارية وبين-وزارية الهدف منها تمكين الفرد والمقاولة من
الحصول على المعلومات خصوصا في المجالت التي تكتسي طبيعة حيوية بالنسبة اليوم
(الخدمات اإلجتماعية – سوق الشغل – إرشادات صحية وعرفية )...؛
وضع إطار قانوني للتجارة اإللكترونية ؛
[ - ]291موالي محمد البعزاوي "،تحديث االدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية" ،سلسلة البحث األكاديمي ،
منشورات مجلة العلوم القانونية ، MarocDroit.com ،مطبعة األمنية ، 8111 ،ص.111 :
[ -]292الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى أشغال المناظ رة الوطنية المنظمة من لدن كتابة الدولة المكلفة بالبريد وتقنيات االتصال واإلعالم ،الرباط
،في 8.أبريل .8111
142
وضع إطار قانوني للصحافة االلكترونية.
ومن أجل توفير أكبر عدد من الخدمات على الخط ،عملت الحكومة المغربية على
توفير األرضية المثلى لتحقيق االنتقال الرقمية ببالدنا ،وذلك عبر إعداد إطار مشترك
للتبادل االلكتروني بين األنظمة من أجل سن معايير تقنية مشتركة وموحدة تمكن من تحسين
التواصل داخل الوزارات وخارجها .ويعتر برنامج [ ]e-govمشروعا استراتيجيا طموحا
وضع البالد في سكة اإلدارة الرقمية وسهل الولوج الرقمي على كل اإلدارات.
ولعل ما يؤكد هذه المعطيات ؛ هو الرغبة الرسمية للحكومة في تفعيل اإلدارة الرقمية
ببالدنا من خالل البرنامج الحكومي[ ]293الذي شد على ما يلي :
استكمال رزنامة الخدمات التي تمكن المواطن طلب الوثائق الضرورية على
االنترنيت ؛
تعميم خدمة أخذ المواعيد عبر الخط على الشبابيك ؛
الخدمات المرتبطة بالتغطية الصحية ؛
خدمة المصادقة االلكترونية علة مطابقة نسخ الوثائق ألصولها ؛
وضع وتتبع الشكايات المتعلقة بالخدمات العمومية المحلية عبر الخط.
كما أن المديرية العامة التابعة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية (المديرية العامة
للجماعات المحلية) واكبت الجماعات الترابية من أجل مساعدتها في إدخال التكنولوجيا
الحديثة إلى مصلح ها وتمكينها من توفير خدمات على الخط ،وفي هذا السياق ،وبعد توفير
البنية التحتية التقنية المالئمة لذلك شرع في تحديث مكاتب الحالة المدنية ووضع سجل
الكتروني للحالة المدنية.
وقد أسفرت هذه التدخالت عن نتائج مشجعة ؛ كثمرة لبرنامج الحكومة اإللكترونية
ضمن مخطط المغرب الرقمي 811.الذي أعطيت إنطالقته في أكتوبر ، 8114حيث مكن
من تحسين جودة مواقع الوزارات والخدمات االلكترونية المرتبطة بها خاصة في مجاالت
التربية والشؤون اإلجتماعية واالقتصادية والمالية والصحة والشغل واإلستثمار و ولوج
143
المواطنين لإلدارة االلكترونية[ ،]294والولوج إلى المعلومات العمومية مع إطالق أول موقع
بإفريقيا[ ،]295فضال عن تحديث وتطوير المشاركة االلكترونية[ ]296مع األخذ بعين االعتبار
أفكار و آراء المواطنين.
ولع ّل ما يؤكد نجاح هذا التوجه ،هو مؤشر األمم المتحدة للحكومة االلكترونية الذي
حسن من ترتيب المغرب مطلع سنة 8118بستة نقاط ،مسجال 89بالمائة بالنسبة للخدمات
على شبكة االنترنيت و 99بالمائة بالنسبة للرأسمال البشري و 81بالمائة بالنسبة للبنية التحتية
،وتقيس هذه المؤشرات اإلطار التنظيمي والتشريعي والمشاركة االلكترونية ثم تقييم مواقع
االلكترونية الحكومية[.]297
وعموما يمكن القول ؛ أن برنامج الحكومة اإللكترونية منح اإلدارة المغربية جرعة
حياة جديدة جعلت منها كائنا أكثر حيوية في عالقتها مع المواطن الذي أصبح تعامله مع
اإلدارة أكثر تواصال.
فبالرغم من السلبيات التي طبعت التجربة الرقمية ،إال أن الخطوة في حد ذاتها تمثل
ثورة تكنولوجية داخل مجتمع في تطور وتحول مستمرين ،فاألرقام توضح التطور المتدرج
في حجم الميزانية المرصودة لمشاريع التكنولوجيا ،كما أن تحرير قطاع االتصاالت بمنح
أكثر من رخصتين أدى إلى تطور عدد مستعملي الهاتف النقال ( أكثر من ثمانية مليون
مشترك) ،إضا فة إلى االستعمال المتزايد للشبكة العنكبوتية ببالدنا (أكثر من مليون زائر) تم
التواصل الكبير عبر المواقع اإلجتماعية .فهذه كلها مؤشرات تدل على نوعية مجتمع الغد
المطبوع باتساع رقعة االستعماالت التكنولوجية .
وعليه ؛ فعلى اإلدارة العمومية الترابية ومنها الجماعية العمل والتركيز أكثر على
الفئات التالية:
[ ]294
- www.Maroc.gov.ma et www.service-public.ma
[ ]295
-www.data.gov.ma
[ ]296
-www.fikra.gov.ma
[ - ]297جريدة أخبار اليوم ،العدد ، 111بتاريخ 14مارس .8118
144
التركيز على الفئات التي تفضل الحصول على الخدمة اإلدارية إنطالقا من
الخط ؛
التركيز على الفئات التي تتوفر على أمكانية (ماجية /جغرافية /اجتماعية
الولوج إلى االنترنيت إنطالقا ً من الفضاءات العمومية ؛
التركيز على الفئات التي تتوفر على هواتف نقالة ذكية ).(Smartphone
وبالموازاة مع ذلك ال بد من التشجيع على التعاطي مع التكنولوجيا الحديثة في الحياة
اليومية من طرف اإلدارة والمواطن على حد السواء ،وفي هذا السياق فإن الشركة بين
القطاعين العام والخاص يشكل حال من الحلول الجيدة لالنفتاح الرقمي ،فهذه األخيرة تسمح
بخلق أسواق جديدة للمقاولة في اآلن نفسه الذي تستدرج المواطن إلى عمليات رقمية مستمرة
،ولعل النموذج البنكي الذي يبدو في قمة هرم التطبيقات ،من بين أحسن األمثلة العملية
بإتاحته إمكانية التعامل عبر الشبابيك االلكترونية وتفضيل بطائق األداء في العمليات
الحسابية[.]298
وإذا كان هذا هو حال اإلدارة الرقمية ببالدنا ،فما هو واقع عالقة اإلدارة باإلعالم
وبمكاتب المؤسسات االستشارية المتخصصة ؟ وما هي اإلستراتيجية المتبعة في سبيل تحقيق
ذلك؟
'' [ ]...وعندما نقول الحرية ،فألنه ال سبيل لنهوض وتطور صحافة جيدة دون
ممارسة لحرية التعبير .كما أن التأكيد على مالزمة المسؤولية للحرية ،مرده إلى اعتبار
أنه ال يمكن لإلعالم أن يكتسب المصداقية الضرورية ،وأن ينهض بالدور المنوط به
[.'']299
وتماشيا مع هذا التوجه ؛ وضعت الحكومة المغربية في بداية سنة 8111مبادئ
توجيهية عامة لتطوير البنية التحتية لالتصاالت في المغرب و ذلك من أجل تعميم استفادة
[ - ]298موالي محمد البوعزاوي " ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،ص.121-122 :
[ - ]299مقتطف من نص الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى أسرة الصحافة واإلعالم بمناسبة اليوم الوطني لإلعالم ،الرباط في 11نونبر .8118
145
جميع أنحاء المملكة دون استثناء من الولوج إلى التقنيات الحديثة ،للحد من الفجوة الرقمية
وتشجيع التنمية على نطاق واسع.
ولهذا ؛ فإن اإلدارة الجماعية ال تعذر بانغالقها وتحصنها داخل هياكلها اإلدارية
المتحجرة ؛ بل من الواجب عليها التعامل اإليجابي مع الصحافة ووسائل اإلعالم سواء كانت
هذه األخيرة طرف في عالقة ثنائية تجاه اإلدارة ،أو لكونها وسيلة مثلى للتحاور مع المحيط.
أما مؤسسات االستشارة ؛ فهي بمثابة آلية للتداول تسمح لإلدارة الجماعية بالظهور
بوجه المؤسسة القوية والجادة ،المندمجة والفعالة.
وقد تطرقت عدة مواثيق وقوانين دولية لحرية التعبير والحق في المعلومة [ . ]301لكن
حتى الديمقراطيات العريقة والمتقدمة لم تسلم من تعقد العالقة بين الدولة عموما واإلعالم ،و
اتسمت بالصراع المستمر الذي غالبا ما كان المواطن هو المستفيد منه ،بحيث يجد نفسه
متمكنا من المعلومة بكل تنوعها في ظرف زمني معقول ،على أن يخضع هذا الصراع
للقانون وأخالقيات المهنة .أما في البلدان الحديثة العهد في ضرب لمبدأ الشفافية يقابله عدم
االحتكام لنصوص نوعية أو اإلنصات للضمير المهني قبل التعامل مع المعلومة.
وفي المغرب فقد تميزت سنة 8111بتعزيز مسار اعتماد مدونة للصحافة والنشر
حديثة وعصرية ،حيث صادق مجلس الحكومة يوم األربعاء 12دجنبر 8111على مشروع
قانون 88/13يتعلق بالصحافة والنشر وكذلك مصادقة البرلمان على مشروع قانون
90.13يتعلق بالمجلس الوطني للصحافة كهيئة منتخبة ومستقلة للتنظيم الذاتي للمهنة ،وكذا
على مشروع قانون 89.13يتعلق بالنظام األساسي للصحافيين المهنيين.
[ – ]300موالي محمد البوعزاوي " ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" مرجع سابق ،ص.124 :
[]301
- secrets d’Etat , « administration au Maroc – le défi du droit a l’information », CMF MENA , Rapport
d’une enquête Casablanca , Mai 2007 , p : 04.
146
كما تميزت سنة 2015بتفعيل االعتراف القانوني بالصحافة الرقمية وإدماجها في
منظومة الدعم العمومي للصحافة .كما يسجل خالل سنة 2015إنجاح ورش ومخطط انتقال
المغرب نحو التلفزة الرقمية كاستجابة لاللتزامات الدولية للمغرب في هذا المجال .ومن
سمات 2015أيضا تسجيل تناقص عدد حاالت التضييق على الصحافيين وعدم تسجيل أية
مصادرة للصحف الوطنية .كما تميزت سنة 2015باالستمرار في تنزيل عدد من مقتضيات
دفاتر تحمالت اإلعالم السمعي البصري العمومي ،وخاصة إرساء نظام طلبات العروض
وتعزيز أنظمة اإلنتاج باإلضافة إلى تعزيز الشفافية والحكامة في هذا القطاع .
كما شهدت سنة 2015تعزيز آليات التفاعل مع المنظمات الوطنية والدولية المعنية
بحرية الصحافة واإلعالم ،وتعزيز انفتاح المغرب على الخارج .وتميزت سنة 2015بتقوية
العرض التكويني في قطاع اإلعالم والصحافة ،مع تعزيز برامج لتقوية القدرات المهنية
للصحفيين ،إضافة إلى تسجيل تقدم على مستوى إقرار التعددية السياسية والثقافية واللغوية
في مختلف وسائل اإلعالم الوطني ،باإلضافة إلى تعزيز الشراكة مع الهيئات المهنية العاملة
في القطاع .
لقد كانت 2016سنة استكمال حلقات اإلصالح في قطاع االتصال والتي ابتدأت منذ
إقرار دستور سنة 2011وتنصيب الحكومة الحالية ( والية )8112-8118؛ ذلك أنه خالل
سنة 8111تم استكمال عدد من األوراش القانونية والمؤسساتية المرتبطة بقطاع االتصال
بغاية تعميق مسلسل تعزيز حريات الصحافة واإلعالم ،السيما تقوية مداخل التعددية
والحرية واالستقاللية والشفافية ،وتقوية تنافسية اإلعالم الوطني على مختلف األصعدة
عربيا وإقليميا ودوليا[.]302
-إلغاء العقوبة السّالبة للحرية من مدونة الصحافة والنشر ،واعتماد مجلس وطني
للصحافة إلقرار احترام أخالقيات المهنة واحترام كرامة األفراد وحياتهم الخاصة ؛
[ – ]302الحكومة المغربية ،التقرير السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة برسم سنة ، 8111ص.2 -1 :
147
-االعتراف القانوني بالصحافة اإللكترونية وجعل اختصاص إيقاف الصحف وحجب
المواقع اإلليكترونية من اختصاص القضاء ؛
وفي إطار هذه الدينامية التي يعرفها قطاع اإلعالم والتوصل ،ال بد لإلدارة أن تتحلى
بحس االن فتاح والتواصل والتعاون واإلرشاد في سبيل تمكين المواطن من المعلومات ،وذلك
بتحسين جودة خدماتها وتكييفها مع التطورات الوطنية واألجنبية ،هذا باإلضافة إلى كون
اإلدارة أضحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى باإلنفتاح على مكاتب االستشارة المتخصصة
في تقديم خدمات التواصل.
وإذا كانت الدولة الحديثة تتوفر على مؤسسات استشارية رسمية تختلف مجاالت
تدخلها بين السياسي ،الحقوقي واالجتماعي ،فإن اآلونة األخيرة شهدت ظهور مؤسسات
غير حكومية أخرى ذات مهام استشارية أيضا في المجاالت اإلدارية ،االقتصادية والمالية ،
وهي المؤسسات التي بدأت رقعة عملها في االتساع مؤخرا وانفتحت عليها مختلف اإلدارات
والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.
[ - ]303الحكومة المغربية ،حصيلة العمل الحكومي ( ، )8112 -8118يوليوز ، 8112ص..1 :
* [ - ]304إن مفهوم االستشارة Consultationيقارب كلمة اإلرشاد Orientationوالتي نعني أيضا التوجيه ، Guidanceوالمقصود
باالستشارة هي طلب اإلدال ء برأي ،وبها يتم تقديم المساعدة لخآخرين على اكتشاف قدراتهم وإمكانياتهم الستخدامها بفعالية في المهام المطلوبة
منهم .أورده ؛ -موالي محمد البوعزاوي " ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" مرجع سابق ص.141 :
[ - ]305دار الحديث الحسنية ،ندوة حول موضوع ":مجاالت تطبيق الشورى واالستشارة في التجربة المعاصرة" ،الرباط ،في 81-82أكتوبر
.8111
148
وقد أعطى دستور 8111دفعة جديدة لمؤسسات االستشارة وذلك من خالل نص
[]306
الذي يحث السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، الفصل الثالث عشرة ()1.
وإذا كان الحديث هنا عن هيئات ومجالس استشارية مهمتها تكريس الديمقراطية التشاركية
[]307
،فإن نفس الدور قد تلعبه مؤسسات اإلستشارة الخاصة والتي وتعزيز سلطة االستشارة
تمكن اإلدارة الجماعية ومختلف اإلدارات العمومية األخرى ،من المرونة وتطوير الفكر
واألداء والبحث عن الجودة مع اعتماد االتصال الجيد والفعال والتوقع والتكيف مع حاجيات
ومتغيرات البيئة ؛ وهي كلها مبادرات وعمليات تدعم اإلدارة الجماعية في تحديث وعصرنة
بنياتها وأسلوب تدبيرها اليومي.
وفي ظل المسار الذي اختاره المغرب نحو االنفتاح والتكتل مع دول إقليمية ودولية
(الصين -الهند -روسيا -الواليات المتحدة األمريكية -االتحاد األوربي وإفريقيا )...في إطار
من الشراكات واالتحادات المتعددة آخرها العودة إلى الحضن اإلفريقي ،مما مكن المغرب
من تكوين عالقات استراتيجييه مع عد ة دول ،كما أصبح عضوا ذا وضع متقدم في االتحاد
األوربي ،هذا باإلضافة إلى اتفاقيات ثنائية تهم التبادل الحر مع أكثر من دولة.
[ - ]306ينص الفصل 1.من دستور المملكة المغربية على أنه " تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور ،قصد إشراك مختلف الفاعلين
االجتماعيين ،في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها".
[ - ]307عثمان كاير " ،هيئات الحكامة وسلطة االستشارة " جريدة الصباح ،العدد ، .211صادرة في 2فبراير .8118
149
إن الظروف العصيبة التي يعيشها العالم وخاصة المنطقة العربية على الصعيد السياسي
،تعرف انسدادا تاريخيا واضطرابا قيميا ً ،ونكوصا خطيراً أفضى إلى أوضاع مأساوية في
بعض بلدان المنطقة ،وإلى قلق وارتباك كبيرين في السلوك والوعي السياسي والثقافي
ببلدان آخرى ،جعل الكثير من المكتسبات الديمقراطية المتحققة موضع صراع وتصادم من
جديد.
وهو م ا يدعو بالضرورة إعالن الحاجة إلى التنوير بمعاييره الفكرية والحضارية
والتربوية التي تتطلبها المرحلة السياسية والحضارية بالمنطقة العربية ،خصوصا شمال
إفريقيا والشرق األوسط[.]308
وفي ظل هذا الوضع المتأزم تحاول البالد تنصيب نفسها كشريك ذو مصداقية في
تعامالتها مع مختلف القوى الدولية ،هذه األخيرة ال تجد مانعا في الدخول في برامج
ومشاريع مشتركة تتنوع بين التمويل واالقتراح والمواكبة (أوال) ولتنويع عالقاته الدولية في
كل المجاالت التفت المغرب إلى أكثر من جهة منها الدول االفريقية (ثانيا) والتي تعتبر فضا ًء
للتعاون وتبادل الخبرات والتجارب.
أوال :تأثير برامج األمم المتحدة واإلتحاد األوربي على تحديث اإلدارة الجماعية
[ -]308نداء الدورة الثانية عشرة من مهرجان "ثويزا"جريدة هسبريس اإللكترونية الثالثاء 12غشت -8112طنجة http://www.hespress.com
* [ - ]309المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هي مشروع تنموي من أجل تحسين األوضاع االقتصادية واالجتماعية للفئات الفقيرة .انطلق المشروع
رسميا ً بعد الخطاب الملكي في 06ماي عام .2111و ترتكز على ثالث محاور أساسية :
• التصدي للعجز االجتماعي باألحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية األشد خصاصا ؛
• تشجيع األنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل ؛
• العمل على االستجابة للحاجيات الضرورية لألشخاص في وضعية صعبة ؛ للمزيد من المعلومات أنظر http://www.maroc.ma :
150
[]310
،وفي هذه اإلطار يقدم البرنامج األممي دعما للجماعات الترابية التي يفوق فعالة
عدد سكانها .1ألف نسمة في تهيئة البرامج ،وجاءت زيارة المدير التنفيذي لمؤسسة
تحدي األلفية األميركي » « Daniel Johansonفي يونيو 8118للمغرب لتثمين ما حققته
البالد من تقدم في هذا البرنامج الذي يخصص له غالف مالي قدره 111مليون دوالر
أمريكي ،وهو رقم له دالالت كبيرة بمقارنته بما بم تخصيصه لدول أخرى .
كما تقوم مجموعة من البرامج األممية بمتابعة أداء اإلدارة الجماعية من المنظور
[]311
على أهمية قيام القطاعي ،حيث أكدت توصيات القمة العالمية لمجتمع المعلومات
كافة دول العالم بتطوير المؤشرات الالزمة لقياس مجتمع المعلومات ؛ بهدف توضيح حجم
الفجوة الرقمية وطنيا ومحليا ،مما حذا باألمم المتحدة بمعية مجموعة من المنظمات الدولية
وفاعلين حكوميين يمثلون القطاعات التقنية واإلدارية المهتمة بتحديث اإلدارة .
وفي هذا الصدد تم إعداد برنامج تحديث اإلدارة العمومية PARAPبدعم من البنك
العالمي ،وعلى الصعيد اإلدارة الجماعية سبق لهذا األخير سنة 8111أن وضع إطار
للتعاون مع المغرب ،من بين األهداف التي يتوخى تحقيقها المساعدة على خلق مناصب
شغل جديدة والرفع من أداء قطاع التعليم الماء الصالح للشرب البنيات التحتية .بالموازاة مع
ذلك يقد م البنك الدعم التقني واالستشارات الضرورية حول إعداد الميزانيات الجماعية
والتدقيق والفعالية[.]312
باإلضافة إلى ما سبق تقوم األمم المتحدة على تشجيع الشراكات وأشكال التعاون
الثنائي ،حيث تربط المغرب برامج تعاون مع عدة دول من بينها :فرنسا ،الصين ،روسيا،
إفر يقيا ...؛ وهي برامج تصب في مجملها في اتجاه االستفادة من خبرات وتجارب هذه الدول
في مجاالت تهم االستشارة ،التكوين الحكامة [. ]313
[ ] 310
- Nour-eddine Boutayeb , « participation de MEDCITES à l’atelier de coordination autour des plans
communaux de développement » , ART GOLD-PNUD-DGCL , Rabat , 09-10 février 2010.
[ - ]311توصيات القمة العالمية لمجتمع المعلومات بمرحلتيها األولى المنعقدة في جنيف سنة ، 811.والثانية في تونس سنة .8111
[ - ]312موالي محمد البوعزاوي " ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" مرجع سابق ،ص.812-811 :
[ - ]313تقرير حول مشروع ميزانية وزارة تحديث القطاعات العامة برسم سنة ، 8114وزارة تحديث القطاعات العامة ،الرباط ،نونبر ، 8112
ص..2 :
151
في نفس السياق يأتي التعاون مع الوكالة األمريكية للتنمية الدولية [ ]USAIDفي عدة
ميادين ذات بعد محلي منها تشجيع الشفافية في الحكامة عن طريق تعزيز قدرات هذه
األخيرة على اإلستجابة لحاجيات المواطنين من خالل إعداد سياسات ودليل ممارسات من
شأنها تمكين السلطات الجماعية من قدر أكبر من المساعدات المالية ألجل التنمية الترابية ،
ومن بين أهم إنجازات هذه المؤسسة الدولية نجد:
وألول مرة في المغرب ؛ تم تصنيف ثالثة مدن مغربية (الدار البيضاء –
مراكش – سال) يخضعون لقانون التنقيط المالي من طرف وكالة دولية ،بغية تطوير أدائها
المالي ؛
اتخاذ مبادرة إعداد برنامج ميثاق شرف من طرف مجموعة من المنتخبين
والموظفين الجماعيين في الدار البيضاء ،بدعم من الوكالة األمريكية للتنمية الدولية ،
إلرساء مجموعة من القيم األساسية لمهامهم و كذا التزاماتهم تجاه المواطنين والجماعة ؛
عملت الوكالة األمريكية للتنمية الدولية على تشجيع سكان دمور الصفيح على
المشاركة في إعداد مشاريع لتحسين السكن في مجموعة من المدن المغربية ،ففي النواصر
مثال ،وبفضل تضافر جهود الفاعلين المحلين ،تم أخد حاجيات السكان المحتاجين بعين
االعتبار عند تسليم وحدات سكنية جديدة.
وعموما يمكن القول أن المدن المغربية أكدت حضورها القوي والمكثف على الساحة
الدولية ،بحيث أن المدة الطويلة التي أقامت فيها المدن لعالقات شراكة وتوأمة مع نظيرتها
األجنبية وما راكمته من خبرات جرّاء ذلك ،جعلتها تستفيد من البرامج المتنوعة لألمم
المتحدة .هذا نظير عن استفادتها من المكانة أو الوضع المتقدم الذي تحضى به من لذن
اإلتحاد األوربي.
152
وتعتبر المفوضية األوربية للجماعات الترابية شريك حقيقي في تهيئ برامج الحكامة
الترابية حسب اتفاقية [ ]Cotonouالمعدلة سنة ، 8111لها حق اإلعالم واإلشراك في
إعداد سياسات التعاون ،وكذا حق تلقي الدعم المالي والتقني لتأهيل القطاعات التي تعرف
مشاكل في التدبير والنمو[.]314
في سياق التحوالت التي تعرفها السياسة الدولية ،وفي إطار اإلستراتيجية الجديدة
للجوار التي ينهجها ؛ يقترح االتحاد األوربي معاملة تفضيلية مع المغرب على أساس
المسؤولية المتبادلة عبر التطبيق الكلي للقيم العالمية لحقوق اإلنسان والديمقراطية وسيادة
[]315
،وبهدف تطوير اإلدارة الجماعية القانون كحرية التصويت والتعبير وأمنت المواطن
ركزت اإلستراتيجية في المدى المتوسط على :
ومن نتائج هذا اللقاء اعتماد خطة لمواكبة مسلسل الالمركزية بالمغرب والعمل
الجماعي بغية النهوض باختصاصاته ،كما تمخض عن هذا اللقاء الدعوة إلى:
[]314
- Colooque « Bonne gouvernance locale et financements internationaux » , UE-AIMF ;24 Octobre 2007.
[ - ]315القانون المالي لسنة ، 8118التقرير االقتصادي والمالي ،ص.81 :
* [ - ]316وفي نفس السياق قامت الجمعية المغربية للجماعات الترابية بإبرام اتفاقيات شراكة مع هيئة المدن الفرنسية ، Cités Unies franca
والجمعية الفرنسية تويزة تضامن (.(Touiza Sodarité
153
تحسين العالقة بين الدولة والجماعات الترابية ؛
تكثيف برامج التكوين للمنتخبين الجماعيين واألطر اإلداري والتقنية ؛
تقوية إمكانيات و قدرات ضبط وتنفيذ المشاريع.
والمالحظ مما سبق قوله ؛ هو كون المغرب نهج سياسة ناجعة في إطار الشراكات التي
تربطه سواء مع اإلتحاد األوربي أو باقي دول العالم بما في ذلك المؤسسات الدولية ،وهو ما
يتجلى من خالل االنخراط الكبير في مجموعة من المشاريع التي يستفيد منها في إطار هذه
الشراكة وتنزيلها على أرض الواقع ،تجسيدا للثقة التي يحضى بها من مختلف الدول
والمؤسسات الدولية .هذه اإلستفادة والخبرات والتجارب التي راكمها المغرب منذ سنين
طويلة ؛ أبى إال أن يشاركها مع دولة إفريقية تجمعه بها عالقات متينة على أصعدة مختلفة.
ثانيا :انفتاح اإلدارة الجماعية على محيطها اإلفريقي وآفاق التعاون جانوب -جانوب
من عاد إلى من؟ هل عاد المغرب إلى االتحاد اإلفريقي ،أم عاد االتحاد اإلفريقي إلى
المغرب؟ في الواقع "لم يغادر المغرب إفريقيا" يوما ،كما قال الملك مح ّمد السادس في
رسالته إلى القمة اإلفريقية المنعقدة في ميدنة كيغالي عاصمة رواندا.
لقد صدق تنبؤ الملك الراحل الحسن الثاني طيب هللا ثراه .فالمغرب أوفى بوعده.
* [ - ]317بهذه العبارات توجه جاللة الملك الحسن الثاني ،في خطابه للقمة العشرين لمنظمة الوحدة اإلفريقية ،يوم 18نونبر ،1429الذي أعلن فيه
.
عن انسحاب المغرب
154
فبعد مرور أكث ر من ثالثة عقود ،لم يسبق إلفريقيا أن كانت في صلب السياسة
الخارجية للمغرب وعمله الدولي ،أكثر مما هي عليه اليوم.
( (( فقد تمكنا من بلورة نموذج فريد وأصيل وملموس للتعاون جنوب – جنوب ،مكن
ليس فقط من تعزيز مجاالت التعاون التقليدية ،كالتكوين والدعم التقني ،وإنما طورها
لتشمل ميادين إستراتيجية جديدة ،كاألمن الغذائي ،وتطوير البنيات التحتية )) )[.]318
فعندما صرح الملك الراحل في إحدى خطبه بأن " المغرب شجرة غصونها في أوربا
وجذورها في إفريقيا " فألن المكون اإلفريقي ظ ّل دائما حاضرا في الشخصية والهوية
المغربيتين ،وتوضح مجموعة من المؤشرات أن أشكال التعاون المغربي -اإلفريقي في
مختلف الميادين و المستويات آخذة في التطور والتوسع ،فمن الناحية البشرية التي تعتبر
عماد أية إستراتيجية تنموية فقد جعل المغرب من تأهيل وتكوين اإلنسان اإلفريقي أساس
سياسته التعاونية مع مختلف الدول اإلفريقية ،بحيث تم تكوين العديد من األطر في مجموعة
من التخصصات الجماعية والتقنية ،نهيك عن وضع الخبرة التي اكتسبها المغرب في عدة
مجاالت بالتعاون مع شركائه التقليديين رهن إشارة الدول اإلفريقية.
هذا التعاون يضم مجموعة من المجاالت تتوزع بين ؛ القطاعات االنتخابية ،التربية
والتكوين ،قطاعات إجتماعية وخدماتية ،وفي هذا السياق تبقى اإلدارة الجماعية فضاء
أساسي للتعاون والتعاضد ،بهدف توطيد وتطوير عالقات تضامن بين المدن والسلطات
الجماعية وتبادل المعلومات حول التجارب اإلفريقية في مجال التنظيم الجماعي ،وتنمية
ال ديمقراطية المحلية والعمل الجماعي في إفريقيا مع تحسين البيئة الحضرية والمساهمة في
حماية الطفولة والمرأة[.]319
[ - ]318مقتطف من نص الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس إلى القمة ال 81لالتحاد اإلفريقي المنعقدة بكيغالي بتاريخ
،8112/11/11وقد سلمت الرسالة الملكية يوم األحد 11يوليوز ، 8112إلى الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو الرئيس الحالي لالتحاد اإلفريقي
من قبل السيد رشيد الطالبي العلمي ،رئيس مجلس النواب .
[ -]319موالي محمد البوعزاوي " ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب" مرجع سابق ص.889-88. :
155
وفي سياق التفاعل مع المحيط اإلفريقي احتضنت مدينة مراكش القمة اإلفريقية للمدن
[]320
التي حضرها حوالي أربعة آالف مشارك ،كنموذج للتعاون والحكومات المحلية
جنوب -جنوب يروم ترسيخ الالمركزية والتشاور حول التنمية المحلية بدول القارة السمراء
ولتقديم حلول واقتراحات لتحديث اإلدارة الجماعية.
[]321
نتائج تمكنت من التأسيس لحركة مدنية على المستوى هذه القمم أثمرت
المؤسساتي والتنمية المحلية بها ،وتجاوز حاجز اللغة وتحقيق االندماج في الفضاء اإلفريقي،
وقد مكن هذا الحوار من استقطاب جهات حكومية لمثل هذه اللقاءات قصد توفير الخدمات
األساسية لإلنسان اإلفريقي ،كما انتقلت القمم من التأسيس والبناء إلى الحضور الفعلي و
خصوصا بعد نجاحا في تأسيس منظمة المدن في تحقيق أهداف األلفية المساهمة
والحكومات المحلية المنعقد بباريس سنة .8119
وفي هذا الصدد فقد شكل الخطاب السامي الذي ألقاه جاللة الملك في افتتاح المنتدى
االقتصادي المغربي-اإليفواري بأبيدجان حدثا استثنائيا بكل المقاييس ،إذ أرسى معالم
لشراكة إستراتيجية متينة ومنفتحة ،يقول جاللته ''[ ]...إن إفريقيا قارة كبيرة ،بقواها
الحية وبمواردها وإمكاناتها .فعليها أن تعتمد على إمكاناتها الذاتية .ذلك أنها لم تعد قارة
مستعمرة .لذا ،فإفريقيا مطالبة اليوم بأن تضع ثقتها في إفريقيا.
فقارتنا ليست في حاجة للمساعدات ،بقدر ما تحتاج لشراكات ذات نفع متبادل .كما
أنها تحتاج لمشاريع التنمية البشرية واالجتماعية أكثر من حاجتها لمساعدات إنسانية.
وعلى إفريقيا أيضا أال تظل رهينة لماضيها ولمشاكلها السياسية واالقتصادية
واالجتماعية الحالية .بل عليها أن تتطلع لمستقبلها ،بكل عزم وتفاؤل ،وأن تستثمر في
سبيل ذلك كل طا قاتها .وإذا كان القرن الماضي بمثابة قرن االنعتاق من االستعمار بالنسبة
*[ -]320المنعقدة بمراكش أيام 81-12دجنبر ، 8114حول موضوع "التدابير المعتمدة من الجماعات المحلية (الترابية حالي) والجهات اإلفريقية
لمواجهات تداعيات األرمة العالمية" ،تحت شعار' تطوير التنمية المستدامة وإنعاش الشغل.
* [ -]321تنعقد مثل هذه الققم كل ثالث سنوات بالتناوب بين جهات إفريقيا [ أبيدجان / 1424ويندهوك / 8111نيروبي / 8112مراكش / 8114
داكار .]8118
156
للدول اإلفريقية ،فإن القرن الحادي والعشرين ينبغي أن يكون قرن انتصار الشعوب على
آفات التخلف والفقر واإلقصاء" [.]322
وقد جاءت زيارة عمل وصداقة لصاحب الجاللة إلى جمهورية الكوت ديفوار في ماي
8111لتأكيد ما تم اإلتفاق عليه في المنتدى االقتصادي المغربي-اإليفواري.
وفي هذا الصدد أوضح البيان المشترك الذي صدر بهذه المناسبة أن هذه الزيارة
"تندرج في إطار تعزيز الشراكة القوية والطموحة والمربحة للطرفين القائمة بين البلدين في
كافة القطاعات وكذا تمتين المشاورات السياسية المنتظمة بين قائدي البلدين بشأن القضايا
اإلفريقية والدولية".
وسجل البيان أنه خالل السنوات الثالث المنصرمة تطورت الشراكة بين البلدين بشكل
كبير حيث تم التوقيع على نحو 11اتفاقية تعاون من ضمنها العديد من االتفاقيات التي تهم
االستثمار وإنجاز مشاريع تنموية[.]323
وإلى جانبك ذلك سعى المغرب من خالل بوابة المركز اإلفريقي للتدريب والبحث
اإلداري لإلنماء [ ]CAFRADإلى تقوية عالقة التعاون في مجال اإلدارة الجماعية عن
طريق وضع برامج تكوين ألطر الدول اإلفريقية الشقيقة ،ودعم أنشطة الحكومات في
مجال تنمية ال قدرات اإلدارية والخدمات ،وتأهيل الموارد البشرية وتطوير الشراكات
اإلقليمية والدولية وتبادل الخبرات وإعداد الدراسات والبحوث.
ومن ثمرة هذا التعاون استفادة أكثر من 921إطارا إفريقيا من التكوين المستمر مع
استكمال الخبر بالمدرسة الوطنية لإلدارة ابتدا ًء من سنة 142.غير أنها عرفت تطورا كبيرا
خالل السنوات األخيرة خاصة بعد الزيارة الملكية التي قام بها جاللة الملك محمد السادس
إلى عدد من الدول اإلفريقية خالل سنة ( 1119السنغال – مالي -الكوت ديفوار – غينيا
بيساو ، )...التي توجت بإبرام العديد من اإلتفاقيات ،كما تم إيفاد مجموعة من البعثات
مكونة من خبراء و مسؤولين مغاربة إلى مختل إداريات الدول اإلفريقية لمساعدتها في مجال
[ -]322الخطاب الذي ألقاه صاحب الجال لة الملك محمد السادس ،نصره هللا ،في افتتاح أشغال المنتدى االقتصادي المغربي اإليفواري الذي انطلقت
أشغاله يوم اإلثنين بأبيدجان.8119/18/89:
[ - ]323بيان مشترك :المغرب و الكوت ديفوار يعبران عن ارتياحهما لتعزيز الشراكة الثنائية القوية والطموحة والمربحة للطرفين بمناسبة زيارة
عمل وصداقة لصاحب الجاللة إلى جمهورية الكوت ديفوار ،ماي .8111
157
تدبير الموارد البشرية واإلدارة االلكتروني ،غير أن التعاون جنوب-جنوب ال يقتصر فقط
على الدول اإلفريقية فقط بل يتعداها ليشمل مجموعة من الدول األخرى من دول عربية
وآسيوية والجنوب أمريكية .والتي تربطها بالمغرب عدة شراكات واتفاقيات ،وعليه نتساءل
عن مدى انخراط المغرب في هذا التعاون وما هي األبعاد الدولية لهذا التعاون؟
وتعتبر المؤتمرات العربية في هذا الشأن مرجعا مهما ،يتم من خاللها التطرق للقضايا
العربية ومستقبلها ،ولعل أبرز مثال دال على ذلك ؛ نجاح مؤتمر مراكش ما بين 11-19
يوليوز 8111حول موضوع " شراكة فعالة من أجل تنمية مستدامة للمدن" في تعبئة شركاء
دوليين كبار منهم برنامج األمم المتحدة للمستوطنات البشرية [ ]UN-HABAITوالجمعية
الدولية للمدن الفرانكفونية وهيئة الشراكة األور -متوسطية.
158
وعموما ؛ ميكن القول أن تعزيز روابط التضامن والتعاون بكل أبعادهما
مع القارة اإلفريقية اليت تشكل حمورا رئيسيا من السياسة الخارجية املغربية
كما حددها صاحب اجلاللة امللك حممد السادس تعبريا متجددا على الطابع
وتشكل الزيارات المتعددة التي قام بها جاللة الملك محمد السادس إلى مختلف الدول
اإلفريقية دليال على اإلرادة الملكية لترسيخ وتعميق جذور “الشجرة المغربية” بشكل أكبر في
القارة التي ينتمي إليه بفعل الروابط المنسوجة عبر قرون من التاريخ.
فالتعاون جنوب-جنوب ،يقول جاللته "[ ]...ليس مجرد شعار أو ترف سياسي ،بل
هو ضرورة ملحة تفرضها حدة وحجم التحديات التي تواجه بلداننا ،بحيث ال يمكن معها
االعتماد على أشكال التعاون التقليدية ،التي أصبحت غير قادرة على االستجابة للحاجيات
المتزايدة لشعوبنا.]325["...
كما دعا الملك محمد السادس إلى " [ ]...فضاء إلرساء نموذج للتعاون جنوب -جنوب
ف ّعال ،تضامني ومتعدد األبعاد ،يقوم على االستثمار األمثل للطاقات والثروات التي تزخر
بها بلداننا" ،مشددا على ضرورة أن يتحرر هذا التعاون من إرث الماضي ،وأن يتوجه
لخدمة المصالح اإلستراتيجية لهذه البلدان.
مثلت سنة ، 2011دون أدنى شك ،منعطفا تاريخيا فاصال ونتاجا لسنوات من
العمل المتواصل المتمثل في مختلف األوراش اإلصالحية والمبادرات التحديثية المتتالية في
سياق تاريخي دولي دقيق ،وفي خضم األحداث التي كان العالم العربي وما يزال مسرحا
325
] -مقتطف من نص الخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد السادس في القمة الثالثة لمنتدى الهند – إفريقيا 2101المنعقدة [
159
لها ،توج اإلصالح بالمغرب بالخطاب الملكي لتاسع ( )4مارس 2011ليعلن عن المبادرة
الملكية الداعية إلى إجراء تعديالت دستورية عميقة وشاملة أقل ما يقال عنها أنها غير
مسبوقة.
ويمثل الدستور الجديد بحق ،قطيعة مع الماضي بالنظر إلى أهمية التعديالت التي جاء
بها والمستجدات التي أقرها وكلها ترمي إلى بناء دولة حديثة عصرية وديمقراطية .وإذا كان
من الصعب أن نحصي جميع الجزئيات والتفاصيل التي احتوى عليها الدستور ،فإنه مع ذلك
يمكن أن نشير إلى بعض المواضيع الجديدة التي تؤثث الدستور الجديد وتشكل ثورة حقيقية
في النظام الدستوري المغربي ،على أن نقتصر على واقع مقاربة النوع باإلدارات العمومية
خاصة منها الترابية (الفقرة األولى) وكذلك التوجه الجديد في مجال البيئة والسياسات
العمومية (الفقرة الثانية).
يشهد العالم تحوالت جذرية متالحقة على مختلف المستويات ،ويسير بوثيرة متسارعة
نحو تجسيد مفهوم القرية الكونية بكل ما تحمله من معاني ودالالت ،وتوجد اإلدارة بصفتها
األداة التي تنفذ بها ا لسياسات العمومية في قلب هذه التحوالت ،وهي التي يرجع إليها أمر
نجاح السياسات المتبعة أو فشلها .وعلى هذا األساس تم إدراج مجموعة من المبادئ
المتعارف عليها عالميا والمفاهيم الحديثة المتمثلة في مقاربة النوع واإلنصاف والرهان
البيئي.
من هنا فإذا كان من مبادئ ا لدستور الحفاظ على حقوق األفراد وحرياتهم على حد
السواء ،فما هي المكانة التي يعطيها للمرأة المغربية داخل اإلدارة العمومية الجماعية ؟ وما
هي التغييرات التي جاء بها الدستور الجديد لصالح المرأة ؟.
160
استجابة لمتطلبات المحيط الدولي وتغيراته أقبلت اإلدارة الجماعية المغربية على
توظيف المفاهيم الحديثة المتمثلة في الشفافية والحكامة والمقاربة التشاركية ومقاربة
النوع… ،هذه األخيرة التي تعد آلية مهمة لكونها تحرص على تحقيق التقارب والتشارك
والتكامل بين الجنسين لكونهما يسهران معا على تحقيق مخططات اإلدارة ،وبالتالي تنفيذ
أهداف السياسة العمومية.
وفي هذا الصدد أكد جاللة الملك محمد السادس على أنه "[ ]...فإننا آلينا على أنفسنا
أن نحسن وضع المرأة بتعزيز مكتسباتها والسهر على تمتيعها بحقوقها اإلنسانسة
واإلقتصادية واإلجتماعية [."]326
وهو ما تم تأكيده من خالل دسترة كافة حقوق اإلنسان كما هو متعارف عليها عالميا
وسمو المواثيق الدولية كما صادق المغرب عليها على التشريعات الوطنية ،وعلى مساواة
[]327
في الحقوق المدنية وذلك في نطاق احترام أحكام الدستور وقوانين الرجل والمرأة
المملكة المستمدة من الدين اإلسالمي كما صادق على تكريس المساواة بين الجنسين في كافة
الحقوق السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية ،وعلى إحداث آلية للنهوض
بالمناصفة بين الرجل والمرأة[.]328
وعليه ؛ فالمرأة أصبحت مدعوة للعب أدوار طالئعية على المستوى المحلي وولوج
المناصب االنتخابية وتقوية قدراتها في المشاركة في مسلسل اتخاذ القرار ترابيا والمساهمة
في التنمية ،وهكذا فقد تبلور مفهوم النوع [ ]GENERخالل النصف الثاني من القرن
الماضي عندما حاول االقتصاديون اللبراليون الدفع نحو مساهمة أكبر للمرأة في التنمية[.]329
ولم تجد مقاربة النوع االجتماعي كريقها إلى التطبيق الرسمي إال مع المؤتمر الرابع
لألمم المتحدة حول المرأة المنعقدة ببكين سنة 1441عندما التزمت عدة دول باعتماد هذه
المقاربة في برامجها السياسية والتنموية ،في حين عرف المجلس االقتصادي واالجتماعي
[ - ]326مقتطف من الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى القمة العالمية للنساء المنعقدة بمراكش في 82يونيو .811.
[ -]327ينص الفصل 14من دستور المملكة المغربية على أنه " يتمتع الرجل والمرأة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واإلقتصادية واألجتماعية
والثقافية والبيئية"...
[ -]328ينص البند الثاني من الفصل 14من دستور المملكة المغربية على أنه " ...تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء .وتحدث
لهذه الغاية ،هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز".
[]329
- genre et gouvernance « pour un développement local équitable ,DGCL-USAID , Marakkech , 29 novembre
2007 .
161
لألمم المتحدة عناصر المقاربة بأنها تقييم ألداء المرأة والرجل لكل المساطر والبرامج في
جميع المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية بما يكرس المساواة واإلنصاف بينهما ،
كما تمكن مقاربة النوع االجتماعي من دراسة العالقات االجتماعية بين الرجل والمرأة
وتقريب أوجه االختالف بينها.
162
وعرفت السياسة المالية للدولة تحديثا وإصالحات خاصة على مستوى الميزانية بتبني
مقاربة النوع االجتماعي ،بمساعدة البرنامج الشامل لـ .UNIFEMوأصبح المغرب يصدر
تقريرا حول النوع االجتماعي منذ سنة ، 8112وفي نفس السنة تم اعتماد إستراتيجية وطنية
لإلنصاف والمساواة بين الجنسين بإدماج مقاربة النوع االجتماعي في سياسات التنمية
وبرامجها .ومنذ سنة 2012 ،تبنى تقرير النوع االجتماعي مقاربة منهجية جديدة تقوم على
تحليل السياسات العمومية من منظور حقوق اإلنسان .وقد أدمج القانون التنظيمي للمالية رقم
1.1.1.لسنة 8111مقاربة النوع اإلجتماعي.
وعلى مستوى المساواة بين الجنسين ،يحتل المغرب الرتبة 129من أصل 136دولة
حسب مؤشر الفوارق المرتبطة بالنوع GGGIلسنة 2013 ،وذلك في أربعة مجاالت
رئيسة ،هي التربية والصحة واالقتصاد والمشاركة السياسية.
ويحتل المغرب الرتبة 92من حيث الفوارق بين الجنسين حسب تقرير التنمية البشرية
األممي لسنة .]330[8119
كما نصت المادة 181من القانون التنظيمي رقم 11..19يتعلق بالجماعات على
إحداث لدى مجلس الجماعة ،هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص
بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع تسمى" :هيئة
المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع" ،وقد أحال المشروع كيفية تأليفها وتسييرها إلى
النظام الداخلي للمجلس.
[ -]330هنية ناجيم ،تقرير ألطروحة في القانون العام ،بعنوان" :مقاربة النوع االجتماعي وإستراتيجية التنمية المستدامة في المغرب "،جامعة عبد
المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجاماعية -طنجة 8112-8111،ص.9 :
163
[]331
على إحداث بشراكة وفي هذا الصدد ينص النظام الداخلي لمجلس جماعة فاس
مع فعليات المجتمع المدني هيئة استشارية تدعى هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة
النوع ،مهمتها دراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع.
وقد وضع النظام الداخلي عدة معايير في تشكيل الهيئة ؛ وبالتالي وجب على الراغبين
في االلتحاق بالهيئة أخذ بعين االعتبار المعايير التالية[:]332
مقاربة النوع االجتماعي حيث يتم تخصيص نسبة الثلث للنساء من مجموع
أعضاء اللجنة لضمان المساواة ؛
الخبرة في مجال النوع االجتماعي ؛
التنوع المهني ؛
السمعة داخل المجتمع ؛
االرتباط بالجماعة (اإلقامة الدائمة داخل تراب الجماعة).
للإلشارة فالوازع الديني الذي يتحكم في موضوع المرأة في المجتمعات اإلسالمية لم
يكن يوما مثبطا لهذه األخيرة بقدر ما كان محفزا لها على البذل و العطاء ،فاإلسالم انتزع
للمرأة مكانتها المسلوبة حيث قال تعالى" :المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض
يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصالة ويؤدون الزكاة ويطيعون هللا
ورسوله إن هللا عزيز حكيم"[.]333
وقال رسول هللا صلى هلل عليه وسلم (( ( النساء شقاق للرجال في األحكام ) ))[. ]334
وبغض النظر عن الجدال التاريخي الكبير الذي واكب هذا الموضوع في المجتمعات
اإلسالمية ،عندما انبرت في النزاع طائفتان مؤيدة و معارضة العتبار المرأة مكونا فاعال
164
في المنظومة المجتمعية[ ،]335فإن طبيعة الدولة الحديثة و الشكل الذي أخذته المجتمعات
الحالية و التفاعل اليومي مع واقع عالمي شمولي ال مكان فيه لالنزواء و اإلقصاء و التطرف
،فرض االعتراف للمرأة رغم تركيبتها الفزيولوجية و النفسية بأنها عنصرا فاعال في
المجتمع و مشاركة مدنيا و سياسيا كامال في الحركية المجتمعية في كل مناحيها ،ومن شأن
أي مق اربة اقصائية أو اختزالية أن تحد من فرض التنمية و التطور و ربما الوجود ألي
مجتمع.
وغداة االستقالل ،لم تتوانى دائرة المشاركة النسائية في كل مناحي الحياة في االتساع
لتصل مجاالت ظلت قلعة ذكورية بامتياز ،فقد نصت جميع الدساتير السابقة على مساواة في
الحقوق بما ف ي ذلك تقلد الوظائف و المناصب العمومية و الحق في التربية و الشغل و حرية
الرأي و التعبير و االنخراط في الجمعيات والمنظمات النقابية و السياسية[ ،]336أما دستور
8111الذي يعتبر طفرة كبيرة فقد خصص الفصل 14منه الذي ينص على المساواة بين
الرجل والمرأة و على إحداث هيئات المناصفة ومكافحة كل األشكال التمييز ،في تناغم مع
المواثيق الدولية ذات الصلة[ ،]337أهمها المادة 1من اتفاقية " القضاء على كل أشكال
التمييز ضد المرأة.]338["CEDAW
وتماشيا مع ذلك أشار البرنامج الحكومي لسنة 8112-8118إلى ضرورة األخذ بعين
للمرأة في مناصب االعتبار مبدأ المناصفة في الوصول إلى تمثيلية منصفة
المسؤولية[.]339
وقد جاءت هذه المبادرات لتتوج النشاط الدءوب وحيوية الحركة النسائية ونضالها
وتشبثها بحقوقها وتوسيع دائرة المشاركة المواطنة في النضج السياسي وفي تثبيت هوية
[]335ـ بشرى التيجي "،إشكا لية ولوج المرأة الموظفة مراكز القرار اإلداري" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام وحدة القانون اإلداري علم
اإلدارة ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكدال الرباط ،السنة الجامعية 8111ـ ، 8111ص ..
[ ]336ـ اعمال االيام الدراسية" ،المرأة وولوج مراكز القرار السياسي" ،إصدارات الجمعية المغربية للبحث اإلداري ،العدد األول أبريل ، 8111ص
. 12 :
[ - ]337بشرى التيجي "، ،إشكالية ولوج المرأة الموظفة مراكز القرار اإلداري" ،المرجع نفسه ،ص.22 :
[]338
- Milouda kerrouache , « l’approche genre dans la décentrasation au Maroc » , mémoireDESA , faculté ,des
sciences juridique économiques et sociales, Agdal-Rabat , UFR : développement politique et social ,2009-2010 ,
p :65 .
[ - ]339المملكة المغربية رئيس الحكومة -البرنامج الحكومي ( ، )8112-8118يناير ، 8118ص.89 :
165
المجتمع المدني[ .]340وهو ما تمت ترجمته على أرض الواقع خالل االستحقاقات
االنتخابية التي شهدتها البالد في السنوات األخيرة ؛ والتي فتحت أمام المرأة باب المشاركة
السياسية البرلمانية والجماعية ،وباعتماد أسلوب الالئحة الوطنية المخصصة للنساء أضحى
حضور المرأة داخل البرلمان يعرف تزيدا ،وهو الشيء الذي انعكس على السلطة التنفيذية
ومنها إلى مجموعة من المناصب القطاعية خصوصا تلك التي تكتسي أبعاد اجتماعية وبيئية
،هذا الحضور الوازن في مجموعة من القطاعات خاصة داخل القبة البرلمانية ؛ جعل المرأة
تدافع عن مكانتها وحقها في الولوج إلى مناصب المسؤولية ،من خالل مشاركتها المكثفة في
مناقشة القوانين والتصويت عليها.
فمثال على مستوى المشاركة في اتخاذ القرار:
فقد التزم المغرب بالتحقيق التدريجي لتمتع التام للنساء بحقوقهن وذلك من خالل اعتماد
إصالحات قانونية واستراتيجيات تنموية تروم التخفيف أو القضاء على الفوارق التي تكرس
است مرار التمييز القائم على النوع .وقد تم تعزيز هذه الجهود باعتماد دستور 8111الذي
يرمي إلى مأسسة مبدأ المساواة واإلنصاف بالتمتع بالحقوق ،خاصة المدنية والسياسية منها
،إذ أن الفصل 11من الدستور الجديد ينص على أن" يتم تنظيم المرافق العمومية على
أساس الولوج المتساوي للمواطنات والمواطنين ."...،
وبخصوص حضور النساء في مناصب هيئات اتخاذ القرارات السياسية ،حدد اعتما
القانون رقم 81-11المؤرخ في أكتوبر 8111المتعلق بالولوج إلى مجلس النواب ،نسبة
21مقعداً ) (%15للنساء من أصل ..41
وهكذا ؛ فقد بلغ مجموع النساء المنتخبات في انتخابات نونبر 8111؛ 21نائبة
برلمانية أي ما يقارب % 11من مجموع النواب مقابل % 11.1سنة 8111و % 1.1سنة
. 1997
[ - ]340تقرير الخمسينية للتنمية البشرية بالمغرب وآفاق سنة ، 8181اللجنة المديرية الملخص التركيبي ،ص.11 :
166
هذا ،وقد صوت مجلس النواب باإلجماع شهر نونبر سنة 8111لفائدة االقتراح الرامي
إلى منح النساء %81من المقاعد في االنتخابات الجماعية (إلشارة لم يكن يتجاوز%18.1
سنة .]341[)8114
وقد تم تزكية هذا التوجه من خالل االنتخابات الجماعية والجهوية لسنة ، 8111والتي
تم فيها تخصيص جزء إضافي في اللوائح المترشحة خاص بالنساء ،كما نصت القوانين
االنتخابية الجديدة على ضرورة نسبة ثلث مقاعد المجالس الترابية للنساء تحت طائلة
البطالن .وقد أسفرت العملية االنتخابية السالفة الذكر عن انتخاب ما مجموعه 221.
مستشارة وهو رقم يعد بمثابة ضعف بالمقارنة مع ما حصلت عليه المرأة خالل استحقاقات
.]342[ 8114
وعموما فمشاركة المرأة المغربية في تدبير الشأن العام في تطور مضطرد فقد تمكنت
من ولوج مناصب المسؤولية ومواقع صنع القرار السياسي واإلداري.
إال أن هذا ال يلبي طموحات وتطلعات المرأة المغربية ،فرغم كل النتائج والمكتسبات
المحققة ،فلم تحتل مكانتها كاملة ،وهو ما أكده تقرير الخمسينية حيث جاء فيه " لم تحتل
المرأة مكانتها كاملة في مسار التنمية ،فمستوى التنمية لدى النساء وخاصة منهن القرويات
يظل مقلقا كما على ذلك معدل تمدرس الفتيات ومعدل بطالة النساء ،ويتمثل أول إجحاف
وقع في حق المرأة في مجال األمية التي تسببت في حرمانهن من االندماج الكلي في تطور
المغرب ومن حرمان البالد من مرهالت مكون واسع وهام من ساكنتها.]343[" ...
وعليه فبالرغم من االنجازات والمكاسب التي حققتها المرأة المغربية خاصة في اآلونة
األخير ،مازلت هناك عدة إكراهات تقف حجرة عثر أمام تحقيق غياتها وتحد من اندماجها
في صيرورة التطور الذي يشهده المغرب ،وهي مؤشرات دالة على وضعية النساء ببالدنا
في وضعية هاشة ،وهذا ما يتضح من خالل :
ضعف إدماج المرأة في السياسات والبرامج التنموية ؛
[ – ]341المملكة المغربية ،المندوبية السامية للتخطيط ـ التقرير الوطني لسنة " ، 8111المغرب بين أهداف األلفية من اجل التنمية وأهداف التنمية
المستدامة" ،ص.91 :
[ -]342بالغ صادر عن وزارة الداخلية بتاريخ 12شتنبر 8111على هامش االستحقاقات الجماعية والجهوية إلقتراع 19شتنبر .8111
[ - ]343تقرير الخمسينية للتنمية البشرية بالمغرب وآفاق سنة ، 8181اللجنة المديرية الملخص التركيبي ،ص.8.9 :
167
ضعف التقائية السياسات والبرامج التنموية المتعلقة بالمساواة ؛
انتشار العمل غير المؤدى عنه بالنسبة للعديد من النساء الناشطات المشتغالت
كمساعدة عائليات مما يزيد من هشاشتهن االقتصادية[ ]344؛
الصورة النمطية عن المرأة في اإلعالم والمخيلة االجتماعية والثقافية ؛
معاناة النساء من ظواهر إجتماعية :كالعنوسة ،الطالق ،العنف ...؛
التميز في الشغل بحيث ترتفع ساعات العمل مقابل أجر هزيل ؛
نسبة األمية عند النساء (الوسط القروي 54.4%وفي المدن .)46.2
الفقرة الثانية :الرهان البيئي و السياسات العمومية في قلب انشغاالت اإلدارة الجماعية
إن اإلهتمام بالبيئة وقضاياها المختلفة ،أضحى اليوم من الموضوعات الرئيسية الهامة
التي تحتل مرتبة الصدارة على موائد أصحاب القرار السياسي ،في جميع دول العالم ،سواء
المتقدمة منها أو النامية ،خاصة وبعد أن تبين بجالء مدى التلوث الذي لحق بالبيئة
وعناصرها المختلفة في كافة أرجاء المعمورة ،من قبيل تلوث الموارد المائية القارية ،
[]345
،وبذلك أصبحت البيئة السليمة عنصرا أساسيا من وتلوث المحيطات ،وتلوث الهواء..
عناص ر التنمية المستدامة ،وبات العيش في بيئة سليمة ومتوازنة من الحقوق األساسية التي
يجب تلبيتها(أوال) ،غير أن تحقيق ذلك رهين بتبني سياسات عمومية ذات بعد تشاركي
باعتبارها أداة هامة لتقويم أداء النظام السياسي وفعاليته ،إذ أنها ال تكتفي بدراسة مضمون
السياسة الع مومية ،وإنما يتطرق إلى كيفية صنعها وتكلفتها وبدائلها وكيفية تنفيذها والمطابقة
بين أهدافها المعلنة والنتائج العملية للتطبيق ويدخل في ذلك تحليل اآلثار المتوقعة من تنفيذ
سياسة ما[( ، ]346ثانيا) وهذا من شأنه المساهمة في تحديث اإلدارة الجماعية.
[ -]344المندوبية السامية للتخطيط ـ التقرير الوطني لسنة " ، 8111المغرب بين أهداف األلفية من اجل التنمية وأهداف التنمية المستدامة" ،ص:
.92-91
[ - ]345إبراهيم كونغار" :تدخالت الجماعات المحلية في ميدان البيئة" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،نونبر – دجنبر ، 811.عدد ،1.
مطبعة المعارف الجديدة ،ص... :
[ -]346وصال نجيب العزاوي " ،مبادئ السياسة العامة " ،الطبعة األولى دار أسامة للنشر و التوزيع ،األردن ،عمان ، 811. ،ص..84 :
168
تماشيا مع التغيرات المتالحقة التي تفرض نفسها على المستويين الوطني والدولي ،
فكان لزاما على الدولة تحديث الجهاز اإلداري ،ليضطلع بالمهام الجديدة الملقاة على عاتق
الدولة من حيث وظائفه ووسائله وأساليبه[.]347
ولقد كان أحد أهم مظاهر ذلك التحديث تعزيز الالمركزية والالتمركز ،كمنهج لتدبير
الشأن العام ،من خالل منح الجماعات الترابية مكانة بارزة في االقتصاد الترابي ،وفي
الحياة اليومية للمواطنين إيمانا بالدور المركزي الذي أصبحت تلعبه في ميدان التنمية
االقتصادية واالجتماعية على الصعيد المحلي.
ولهذا فإن ميدان البيئة لم يستثنى من هذا التوجه ،بحيث كرست القوانين المنظمة
لإلدارة ،انفتاح الهيئات الجماعية على قضايا البيئة ،من خالل تفصيل وتوضيح وتوسيع
أدائها في هذا المجال ،باعتبارها شريك أساسي في تنفيذ كل برنامج تنموي يهدف إلى خدمة
الصالح العام ،وهكذا تتوفر اإلدارة بالجماعية على اختصاصات واسعة في تدبير الشأن
البيئي ،باعتبارها مؤسسات قريبة من مواقع اإلختالالت البيئية ،الشيء الذي يساعدها على
التدخل لضبط األوضاع ،ومعالجة المشاكل البيئية المطروحة في الوقت المناسب.
ولضمان ذلك ،فإن دور المجالس الجماعية في مجال البيئة ،قد تم تأكيده تدريجيا منذ
إصدار ظهير التنظيم الجماعي لسنة ،]348[1412الذي أحدث تحوال كبيرا في ممارسة
الديمقراطية المحلية ،بما جاء به من تعزيز الختصاصات هذه األخيرة وتشجيع التنمية
المحلية ،وأخيرا توج بإصدار القانون التنظيمي الجديد رقم 11..19المتعلق بالجماعات.
وهكذا فقد شكلت هذه القوانين مراجعة عميقة للنظام القانوني للجماعات الترابية ،من
خالل تخويل هذه األخيرة اختصاصات واسعة في مجال حماية وتدبير الشأن البيئي.
[ -]347نادية المشيشي " ،حماية البيئة المحلية في القانون المغربي" ،مجلة األبحاث والدراسات القانونية ،كتابات في المادة اإلدارية ،العدد ، 8
يونيو – دجنبر ، 811. ،ص.24 :
[ - ]348ظهير شريف رقم 1.12.12.الصادر في 1شوال 1.42الموافق لـ ( .1شتنبر .)1412
169
ولعل ما يمكن مالحظته فيما يخص الجانب المتعلق باالختصاصات البيئية للمجلس
الجماعي ،هو اتساع مجاالت تدخلها من خالل االختصاصات الذاتية لهذا المجلس ،وكذا
االختصاصات المنقولة لها من الدولة ،ثم االختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة.
-1االختصاصات الذاتية البيئية لإلدارة الجماعية :
هي تلك االختصاصات المنصوص عليها في مقتضيات المواد )41-21-2.( :من
القانون التنظيمي رقم 11..19المتعلق بالجماعات[ ،]349وبناءا على هذه المواد يتدخل
المجلس في قطاعات متعددة تطال العديد من المجاالت البيئية ؛ نذكر من ضمنها:
التطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة ،كذلك تنظيف
الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ،ونقلها إلى المطارح
ومعالجتها وتثمينها.
-8االختصاصات المنقولة:
بالرجوع إلى المادة 41المتعلقة باالختصاصات القابلة للنقل ،نجد أن المجلس
الجماعي يعهد له القيام بموجب هذه المادة ،بحماية وترميم المآثر التاريخية ،والثراث
الثقافي والحفاظ على المواقع الطبيعية.
-.االختصاصات المشتركة:
بالرجوع إلى المادة 21من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ،نجد أن المجلس
الجماعي يسهر على المحافظة على خصوصيات التراث الثقافي المحلي وتنميته.
من هنا يتضح أ ن المشرع قد أصر على إظهار البعد البيئي في جميع االختصاصات
،سواء تعلق األمر بالسلطات الذاتية أو المنقولة من طرف الدولة أو السلطات المشتركة ،
ويتضح كذلك من خال تداول المجلس في قضايا وأنشطة ذات الصلة باإلشكالية البيئية ،
كحماية الساحل والشواطئ وضفاف األنهار ،والغابات والمواقع الطبيعية ،والحفاظ على
جودة الماء وخاصة الماء الصالح للشرب والمياه المخصصة للسباحة ،وتصريف ومعالجة
[ -]349ظهير شريف رقم 1.11.2.صادر في 81من رمضان ،19.2الموافق ل 1يوليوز 8111بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 11..19المتعلق
بالجماعات ،الجريدة الرسمية عدد ،2.21بتاريخ 8.يوليوز .8111
170
المياه العادمة ومياه األمطار ،وكذا محاربة عوامل انتشار األمراض المعدية ومحاربة جميع
أنواع وأشكال التلوث ،واإلخالل بالبيئة وبالتوازن الطبيعي.
هذا وقد خولت القوانين البيئية الجديدة[ ،]350اختصاصات بيئية هامة لإلدارة الجماعية،
لجعلها تساهم في الحفاظ على البيئة وحماية الموارد الطبيعية ،من خالل النصوص
األساسية المنظمة للبيئة ،وكذلك بعض القوانين ذات الصلة بالموضوع.
ويتعلق األمر بالقانون رقم 11.1.المتعلق بحماية واستصالح البيئة ،والقانون رقم
18.1.المتعلق بدراسة التأثير على البيئة ،والقانون رقم 1..1.المتعلق بمكافحة تلوث
الهواء ،ثم القانون رقم 82.11المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها.
أعطى هذا القانون مفهوما واسعا للبيئة [ ، ]351تكرر في النصوص األخرى ،مما
يعني أن مجاالتها عامة ،ويمكن أن يتدخل فيها كل طرف ،وال يقف الغموض عند هذا
األمر ،بل إن مصدره هو استعمال مصطلحات عامة وفضفاضة ،كاستعمال اإلدارة أو
اإلدارات المعنية أو المختصة ،دون تحديد بوضوح في الوقت الذي يتحدث فيه القانون
المذكور عن أمور قد تتدخل فيها عدة إدارات ،كحماية المستوطنات البشرية من اآلثار
السلبية الناجمة عن أي شكل من أشكال التلوث ،واإلزعاج من نفايات صلبة ،ومقذوفات
سائلة أو غازية ،وكذا كل أشكال الضجيج ،واالهتزازات التي ال تتوقف مع مقاييس ومعايير
جودة البيئة.]352["...
ويعتبر صدور هذا القانون الذي يعد بمثابة قانون إطار لحماية واستصالح البيئة ،
خطوة أساسة في طريق تحديث التشريع البيئي المغربي ،خاصة وأن البعد الحداثي لهذا
171
القانون ،يكمن في طابعه العام ،ونظريته الشمولية للبيئة ،باإلضافة إلى كونه يتضمن
العديد من المبادئ العمة المرتبطة بحماية البيئة واستصالحها.
فرغم الصيغة التعميمية لهذا النص ،فإن دور اإلدارة الجماعية كبير ،بحيث هناك
ميادين تدخل في نطاق اختصاصاتها ،ويمكن إدراج المقتضيات التي تهم الجماعات بصفة
خاصة في:
رفض الرخص المتعلقة بالبناء ،ورفض التجزيئات العقارية في حالة ما
سيترتب عنها من آثار سلبية تضر بالبيئة ؛
األخذ بعين االعتبار البعد البيئي ،عند إعداد وتنفيذ مخططات التعمير.
المساهمة في اتخاذ اإلجراءات الضرورية للحد من خطورة النفايات خاصة
في تدبيرها ومعالجتها والتخلص منها بطريقة سليمة.
أما اإلجراءات والمقتضيات العامة التي يمكن أن تهمها بعضها ،أو لها على أساس
أنها إدارة معينة ،فتتجلى بالخصوص:
توجيه اإلنذار للمشغل في حالة خطر كبير ،ويمكن لإلدارة إصدار قرار
التوقيف الجزئي آو الكلي لألنشطة المسؤولة عن الخطر ؛
إقدام اإلدارة بتعاون مع الهيئات المعنية بتحديد مقاييس ومعايير أكثر صرامة،
خاصة لبعض القطاعات الملوثة آو المناطق المتضررة أو المهددة بالتلوث[.]353
لقد خول القانون رقم 1..1.المتعلق بمكافحة تلوث الهواء عدة اختصاصات لإلدارة
الجماعية في هذا المجال ونخص بالذكر منها:
ضرورة اتخاذ كافة اإلجراءات والتدابير الالزمة لمراقبة تلوث الهواء ؛
[ - ]353نصت المادة 91من نفس القانون ،على أنه" تتخذ اإلدارة والجماعات المحلية وهيئاتها كل التدابير الضرورية قصد الحد من خطورة
النفايات وتدبيرها ومعالجتها والتخلص منها بطريقة مالئمة ،تزيل أو تحد من آثارها المضرة بصحة اإلنسان ،وبالموارد الطبيعية ،وبالحيوانات ،
والنباتات وبجودة البيئة بصفة عامة ".
172
وضع شبكات لمراقبة جودة الهواء ،ورصد المصادر الثابتة والمتحركة ؛
إلزام أصحاب المنشآت باتخاذ االحتياطات والتدابير الالزمة ،لعدم تسرب أو
انبعاث ملوثات الهواء داخل أماكن العمل إال في حدود المسموح به.
كما يمكن لإلدارة الجماعية أن تلعب دورا أساسيا في إطار البحث العمومي[ ،]354لكل
المشاريع الخاضعة لدراسات التأثير على البيئة التي ينص عليها القانون.
[]355
،فإن فحسب المادة .من القانون رقم 1..1.المتعلق بمكافحة تلوث الهواء
اإلدارة هي المختصة باتخاذ التدابير المشار إليها بتنسيق مع أطراف أخرى ،ومنها
الجماعات الترابية[.]356
إن استغالل المقالع بمختلف أشكالها له تأثير واضح على البيئة ،وعلى صحة
اإلنسان وسالمته ،وكذلك على صحة النبات والحيوان .لذلك عمل المشرع على تنظيمها بهذا
القانون الصادر سنة .]357[8118
بقراءة بعض مواد هذا القانون ؛ يتضح أن الدور المنوط بالجماعات الترابية غير
واضح ،إذ أشرك اإلدارة دون تحديد مدلولها ،وكذا كل الجماعات الترابية بدون تمييز في
إعداد مخططات تدبير المقالع المادة ،19وألزم المخططات الموجودة بالتقيد بالتعمير والبيئة
وحماية الطبيعة والمحافظة على األصناف السمكية البحرية ،والحفاظ على الموارد الغابوية
،وموارد القنص والموارد السمكية واستغاللها.
أما فيما يخص القانون رقم 18.11المتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية -1
االقتصاد الغابوي
* [ - ]354لقد تم إصدار مرسوم في شأن البحث العمومي ،مرسوم رقم 8-142-821الصادر في 8.رجب 2( 19.1نونبر )8111تحدد بموجبه
كيفية إعداد المخطط المديري الخاص بالعمالت أو األقاليم لتدبير النفايات المنزلية والنفايات السائلة ومسطرة تنظيم البحث العمومي المتعلق بهذا
المخطط.
[ -]355نصت المادة .مم القانون رقم 1..1.المتعلق بمكافحة تلوث الهواء ،على أن تقوم "اإلدارة بتنسيق مع الجماعات الترابية والمؤسسات
العمومية والمنظمات غير الحكومية ،وم ختلف الهيئات المعنية باتخاذ كل اإلجراءات والتدابير الالزمة لمراقبة التلوث الهوائي ،ووضع شبكات
لمراقبة جودة الهواء ورصد التلوث الثابتة والمتحركة ،التي من شأنها إلحاق الضرر بصحة اإلنسان والبيئة بصفة عامة
[ - ]356محمد بوجيدة " ،تدخل اختصاصات الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممارسة العملية" ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ،منشورات
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ، 8114 ، 12ص.11 :
[ - ]357القانون رقم 12.11المتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.1.1بتاريخ 1.
يونيو .8118
173
وقبل االستعراض في االختصاصات المسندة بموجب هذا القانون[ ،]358تجدر اإلشارة
إلى أن تدبير الغابة له تأثير واضح على التنمية بصفة عامة والبيئة بصفة خاصة ،لذلك
أدرج المشرع صالحيات الجماعات المتعلقة به ضمن االختصاصات الذاتية المتعلقة بالتنمية
االقتصادية واالجتماعية ،وهكذا فاستنادا إلى قانون تنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد
الغابوي ،فإن المجالس الجماعية ممثلة في المجلس الوطني للغابات بستة أعضاء[،]359
باإلضافة إلى إمكانية استدعاء رئيس المجلس الجماعي بصفة استشارية حضور أشغاله.
وقد خول الجزء الرابع من القانون ،سلطات لإلدارة الجماعية في الميدان الغابوي ،
حيث نص الفصل 11منه ،على ما يلي" :يفصل المجلس الجماعي بمقرراته في القضايا
اآلتية:
فيما يخص الملك الغابوي الداخل في حدود الجماعة ،وفقا للكيفيات المحددة
في التشريع المعمول به ،والمتعلق بالمحافظة على الغابات واستغاللها ،وللكيفيات المتعلقة
بتسيير المجالس الجماعية ؛
الطلبات المتعلقة باالحتالل المؤقت للملك الغابوي ،السيما الرامية منها إلى
استغالل المقالع ؛
الطلبات المقدمة من طرف المستعملين ،والمتعلقة بقطع وجمع الحطب ،أو
خشب البناء والطلبات المتعلقة باستخراج مواد البناء."..
وأخضع الفصل 18منه المداوالت المتعلقة باألمور المذكورة لتأشيرة وزارة الفالحة
واإلصالح الزراعي ورأي العامل.
وفضال عن ذلك ؛ اعتبر الفصل 1.رئيس المجلس الجماعي عضوا بحكم القانون ،
في المكتب المتعلق بالبرامج المشار إليها في الفصل .11
[ - ]358ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.12..11صادر بتاريخ 81رمضان 1.42الموافق ل 11شتنبر ،1412يتعلق بتنظيم مساهمة السكان في
تنمية االقتصاد الغابوي.
[ - ]359للوقوف على تركيبة المجلس الوطني للغابات ،راجع الفصل من قانون 81شتنبر .1412
174
لكن بالرجوع إلى ظهير 81أكتوبر 1411المتعلق بحفظ الغابات واستغاللها ،نالحظ
أنه ال يزال يخول الدولة االختصاصات األهم ،بل ويصعب معه فهم حدود دور المجالس
المنتخبة ورؤسائها[.]360
-5أما القانون اإلطار رقم 12. 66بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة
" [ ]...إن المغرب ،وهو يواجه كسائر البلدان النامية ،تحديات تنموية حاسمة وذات
أسبقية ،فإنه يستحضر ضرورة الحفاظ على المتطلبات البيئية[ ]...وفي هذا الصدد ،نوجه
الحكومة إلى إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجاالتها
ومحمياتها ومواردها الطبيعية ،ضمن تنمية مستدامة ،كما يتوخى صيانة معالمها
الحضارية ومآثرها التاريخية ،باعتبار البيئة رصيدا مشتركا لألمة ،ومسؤولية جماعية
ألجيالها الحاضرة والمقبلة "[.]361
يكتسي القانون اإلطار رقم 44.18بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة ،
أهمية خاصة ألنه سيمثل مرجعية أساسية لكل السياسات العمومية ببالدنا ،مرجعية كانت
مفقودة فيما مضى ،حيث كانت تلك السياسات موسومة بالعشوائية واالرتجالية ،كما أنه
سيؤسس إلستراتيجية وطنية في مجال البيئة والتنمية المستدامة ،وألول مرة أيضا فهذا
القانون سيجسد الطابع األفقي للقضية البيئية ،ولمبادئ االندماج وااللتقائية في كل السياسات
ذات الصلة ،ومن شأنه أيضا أن يأتي بتدابير جديدة ونوعية ضمنها إقرار نظام للحكامة
البيئية ونظام للمسؤولية البيئية ،ووضع نظام جبائي بيئي ،ونظام للتحفيزات المالية ،
وإجازة آلية الشرطة البيئية ونظام العالمة البيئية.
وعموما ؛ فإن الوعي بأهمية المحافظة على البيئة ،أصبح يزداد بشكل ملحوظ ،لذا
فإن القوانين السالفة الذكر ،تترجم عزم بالدنا على إدراج جهودها في مجال التنمية
االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية ،ضمن رؤية مستقبلية مستدامة مع السهر على
[ - ]360محمد بوجيدة " ،تدخل اختصاصات الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممارسة العملية" ،مرجع سابق ،ص.21 :
[ - ]361مقتطف من الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لسنة .8114
175
إعداد االستراتيجيات القطاعية ،وبرامج العمل ،مع االلتزام التام بمتطلبات حماية البيئة
والتنمية المستدامة.
من بين المهام الجديدة الموكولة لإلدارة الجماعية مساهمتها في إنجاح السياسات
العمومية للدول ة ؛ وهو رهان في حد ذاته من أجل تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة
االجتماعية وتأمين الولوج إلى الخدمات العمومية بطرق ميسرة وعصرية .
فالدولة لم تعد لوحدها تتحمل مسؤولية تأمين الخدمات األساسية المتعددة إضافة إلى
للشغل وللضمان اإلجتماعي ؛ وهي مكونات أساسية للتنمية المحلية ،حيث لإلدارة الجماعية
دورا أساسيا في تحقيقها ،كما أن الحركية الكبيرة التي يعرفها المجتمع المدني المحلي أدت
إلى بروز المطالب اإلجتماعية بشكل غير مسبوق.
من هنا يمكن الجزم بأن توفير الخدمات االجتماعية هو مطلب محلي قبل أن يكون
هاجسا وطنيا ،ولعل ما يؤكد ذلك هو طبيعة السياسة المعتمدة من خالل إحداث وكاالت
متخصصة ذات اختصاص ترابي وإطالق البرامج الجماعية التي تدخل في إطار السياسات
العمومية الترابية ،كما هو الحال في تنزيل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
176
الكريمتين ،ومحاربة الفقر واإلقصاء والتهميش ،وتوسيع قاعدة الطبقة المتوسطة والنهوض
بالمساواة بين الرجل والمرأة والعناية بسكان المناطق الريفية.
التي عرفتها البالد مطلع سنة 8111أسس الدستور استجابة للمطالب االجتماعية
المغربي الجديد لمرحلة جديدة دشنتها اإلصالحات الدستورية العميقة ،والتي مست مختلف
أوجه الحياة العامة للمواطن ،وسواء تم ذلك بالتنصيص عليها في تصديره أو في تخصيص
مجموعة من الفصول في الدستور كما هو الحال للفصل .1الذي يحدد الجهة المسؤولة عن
تبني السياسات العمومية وأبعادها القطاعية ،حيث جاء فيه " :تعمل الدولة والمؤسسات
العمومية والجماعات الترابية ،على تعبئة كل الوسائل المتاحة ،لتيسير أسباب استفادة
المواطنين والمواطنات ،على قدم المساواة ،من الحق في :
[ - ]362عثمان كاير "،سياسة وطنية لتكافؤ الفرص " جريدة االتحاد االشتراكي ،العدد ، 4494بتاريخ 11نونبر .8111
177
ولعل دور اإلدارة الجماعية في تكريس هذه الحقوق عمليا ،من الشروط األساسية
لبلوغ عدالة اجتماعية وطنية ،ويظهر هذا الدور ؛ في تبنيها و تنزيلها للسياسات االجتماعية
ومواكبة األوراش الكبرى للدولة ،وه و دور مركزي أبات عنه معطيات واقعية ؛ كما هو
الشأن بالنسبة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ونظام المساعدة الطبية ) (RAMEDالذي
يعتبر عنوانا للعدالة االجتماعية وتكافؤ فرص الولوج للعالج والضامن[.]363
ولم يقف األمر عند هذا الحد ،بل أضحت اإلدارة الجماعية العب أساسي في الحياة
العامة للدولة ،وهذا بفضل الترسانة القانونية التي تنظم عملها وتدخالتها ،وتنيط بها مهمة
المساهمة في تفعيل السياسات العمومية للدولة ،وفي إعداد السياسات العمومية الترابية ،من
خالل ممثليها في مجلس البرلمان [ ،]364ومن أجل القيام بدورها على أكمل وجه تعمل
السلطات العمومية من خالل ممثليها في الجماعات الترابية (الوالة والعمال) على مساعدة
رؤساء الجماعات الترابية ،وخاصة رؤساء المجالس الجهوية على تنفيذ المخططات
والبرامج التنموية[ .]365ويتولى رئيس مجلس الجماعة طبقا للقانون إعداد السياسات العمومية
الترابية وعرضها على المجلس الجماعي للتصويت عليها ،وفي هذا اإلطار تنص المادة 42
من القانون التنظيمي رقم 11..19يتعلق بالجماعات على انه " يقوم رئيس مجلس الجماعة
بتنفيذ مداوالت المجلس وبمقرراته ويتخذ جميع التدابير الالزمة لذلك ولهذا الغرض : -ينفذ
برنامج عمل الجماعة .]366["...وكما جاء في المادة 78من القانون التنظيمي رقم 11..19
المتعلق بالجماعات " تضع الجماعة ،تحت إشراف رئيس مجلسها ،برنامج عمل الجماعة
وتعمل على تتبعه وتحيينه وتقييمه ( )...يجب أن يتضمن برنامج عمل الجماعة تشخيصا
لحاجيات وإمكانيات الجماعة وتحديدا ألولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية الخاصة
بالسنوات الثالث األولى وأن يأخذ بعين االعتبار مقاربة النوع[.]367
[ - ]363موالي محمد البعزاوي "،تحديث االدارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية" ،سلسلة البحث األكاديمي ،
منشورات مجلة العلوم القانونية ، MarocDroit.com ،مطبعة األمنية ، 8111 ،ص .892-891
[ - ]364الفصل 1.1من دستور المملكة المغربية لسنة .8111
[ – ]365البند الثاني من الفصل 191من دستور المملكة المغربية لسنة .8111
[ - ]366المادة 42من القانون التنظيمي رقم 11..19يتعلق بالجماعات
[ - ]367المدة 12من القانون التنظيمي رقم 11..19يتعلق بالجماعات .
178
ويبدو جليا من خالل هذه المقتضيات الجديدة االتجاه نحو إشراك كل من االدارات
التابعة للدولة واإلدارات الجماعية في اعدات وتفعيل السياسات العمومية ،وبطبيعة الحال
سيكون تدخل الدولة في هذا المجال في إطار دورها الجديد كما حدده المخطط الخماسي في
توجيهاته االساسية المتعلقة باإلطار المؤسساتي لحسن التدبيرالمالئم للتنمية ،حيث جاء فيه
على الخصوص ما يلي ":واعتباراً لتوسع مجال اللبرالية وعلم االقتصاد يلزم وضع تصور
واضح وعلمي لتوزيع األدوار بين الدولة وباقي الفرقاء على أساس التوفيق بين استمرار
سلطة الدولة بالنظر لمسؤولياتها االستراتيجية ،وتطور أساليب تدخلها من ناحية ثانية "
وبالتالي فإن دور الدولة سبقى ذا أهمية بالغة على الرغم من تخليها عن بعض االنشطة
التنموية في إطار إعادة توزيع األدوار والصالحيات ،الذي تمليه المصلحة العمامة في ظل
تطور المجتمع وتوسيع اختصاصات الجماعات الترابية[.]368
من خالل ما سبق تتضح األهمية البالغة إلعداد السياسات العمومية الترابية .إال أن
األعمال الالزمة لتفعيلها تقتضي توفر المنتخبين على رؤية إستراتيجية و استشرافية
للمستقبل و هذا ما ينقص اغلب المسؤولين الجماعيين ،مما يجعل مسالة نجاح السياسات
العمومية الترابية رهينة بقرارات سياسية جريئة ،تهم باألساس النخب السياسية المحلية و
الوطنية.
من جانب آخر ،و في ظل غياب تتبع حقيقي للمشاريع المدرجة في إطار السياسات
العمومية الترابية ،ستعرف الفشل كما عرفتها مجموعة من السياسات السابقة التي لم تعرف
طريقها نحو التطبيق.
وعليه ؛ يجب تفعيل آليات تتبع فعالة لضمان تحقيق األهداف المرسومة في السياسات
العمومية الترابية عن طريق انجاز حقيقي للمشاريع.
لقد انصب جهدنا في هذا الفصل على أحد أوجه التطوير والتجديد في المجال اإلداري،
وبناء على مختلف البرامج اإلصالحية واالستراتيجيات التي تم اعتمادها من أجل تحديث
-عبد هللا حارسي ،دراسات في القانون العام -الجزء الثاني ،طبعة ، 8011ص.10-12 : []368
179
اإلدارة الجماعية ؛ فإننا اتجهنا إلى إبراز جهود السلطات العمومية في عملية التحديث ؛
فكانت المحاور التي اشتغلنا عليها دراسة وبيانا وتحليال وفق ما يلي :
فمن جهة أولى ؛ انصرفنا إلى دراسة مختلف الجهود التي بذلتها السلطات
العمومية في عملية تحديث اإلدارة الجماعية ؛ وقد تبين أن الفاعلين السياسيين واإلداريين
عملوا على إدخال العديد من اإلصالحات توخت ترسيخ آليات الحكامة الجيدة اإلدارية
وتأهيل العنصر البشري ،بجعله في خدمة التنمية المستدامة وعنصرا محوريا في عملية
التحديث وذلك باعتماد التدبري احلديث هلذه للموارد .ووعيا من السلطات الحكومية
بأن أي عملية سياسية تتوخي تحديث اإلدارة لن يكتب لها النجاح في غياب األرضية المالئمة
لها ،فقد توجه عملها نحو محاولة تخليق الحياة اإلدارية عبر تكريس الشفافية كآلية ال محيد
عنها لخلق أواصر التواصل ما بين اإلدارة والمرتفقين وباعتبارها من الوسائل األساسية
لمحاربة الفساد ،واستجابة لمتطلبات العصر ،عملت الدولة على تحسين جودة االستقبال
وإدخال تكنولوجيا االتصال والتواصل التي أضحت لغة عالمية ،وفي هذا السياق اتجهت
الحكومة إلى وضع إستراتيجية محكمة الستخدام التكنولوجيا الحديثة في مختلف اإلدارات ،
بهدف تسهيل عملية التواصل وجعل اإلدارة قريبة من المواطن ،وفي الوقت ذاته اتجهت
الجهود إلى م حاولة تبسيط المساطر والحد من تعقيدها ،خاصة ذات البعد اإلقتصادي حيث
تم إقرار العديد من اإلصالحات كاعتماد الشباك الوحيد ؛
ومن جهة ثانية ؛ سعينا إلى استخالص معالم اإلدارة الجماعية في ظل
التوجهات الجديدة في مجال التحديث ،سالكين مسلك المقاربة الشمولية ،حيث وقفنا على
مدى تحقيق اإلدارة الجماعية لإلنتقال الرقمي وانفتاحها على وسائل اإلعالم ،ففي ظل تزايد
ثقة شركائنا في النموذج المغربي ،يلقى على عاتق اإلدارة الجماعية مسؤولية كبيرة من أجل
ربح هذا الرهان ،وهو ما أكدته من خالل مواكبتها للبرامج الدولية ،باعتبارها الحلقة
األخيرة الموكول إليها التنزيل الميداني للعديد من االلتزامات الدولية ،كما هو الشأن بالنسبة
للمساواة واإلنصاف ومحاربة كل أشكال التمييز ،هذا باإلضافة إلى تنزيل وتفعيل السياسات
العمومية للدولة خاصة منها تلك التي تكتسي طابع بيئي.
180
ووعيا من جاللة الملك محمد السادس بأن هذه اإلصالحات الهادفة إلى تحديث العمل
اإلداري لن يكتب لها نجاح فقد دعا جاللته إلى تبني المفهوم الجديد للسلطة قوامه اإللتزام
بالقانون والشرعية.
خاتمة عامة
181
تعتبر دراسة انظمة االدارة االلجماعية وسبل تحديثها وعصرنتها مـن اهـم الدراسات
الحديثة التـي تساهم في خلق التنمية والتطوير االداري ،حيث نالحظ ان هناك اتفـاق عام
لدى غالبية االكاديميين و الباحثين والممارسين علـى وجود اخفاقات على مستوى اإلدارة
الجماعية ،و لإلجابة على االشكالية المطروحة في مقدمة الدراسة والتساؤالت الفرعية التي
تبعتها ،حاولنا إلقاء الضوء على نمط من األنماط الحديثة لإلدارة و عنصر أو جزء أساسي
من أجزاء التطوير كمحاولة لإلجابة على سؤال :مدى مساهمة تحديث اإلدارة الجماعية في
ترسيخ ثقافة المواطنة وكسب رهان الديمقراطية والتنمية؟
ونظرا ؛ لألهمية التي تستدعي ضرورة تحديتها ،فقد أخذت حيزا كبيرا من اهتمام
الفاعلين الرسمين خاصة في اآلونة األخيرة ،وعلى رأسهم المؤسسة الملكية التي ما فتئت
تدعوا المسؤولين إلى ضرورة تكثيف الجهود في عملية تحديث اإلدارة المغربية.
فالملك محمد السادس وجه الحكومة في خطبه األخيرة إلى ضرورة إعادة النظر في
عملية إصالح و تحديث اإلدارة ،وشدد على ذلك نظرا لمتطلبات المرحلة الراهنة ،وفي ظل
الوعي الذي أصبح يتمتع به المواطن بضرورة قضاء مطالبه بالسرعة والجودة التي يريدها ،
ويسانده في ذلك المستجدات التي حملها دستور.8111
وعليه فإن التوصل إلى نتائج تفيد في القيام بعملية تحديث اإلدارة الجماعية بالغرب ؛
أضحى أمراً ال مفر منه ،فالضرورة تقتضي ذلك ،فإذا كان تطوير الالتركيز اإلداري
182
ضروري ألجل تحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة ،فإن ؛ عملية
تحديث و بناء جهاز إداري جماعي فعال ورشيد تتطلب ؛ ضرورة إتخاذ إجراءات حاسمة و
جريئة لوضع إستراتيجية بديلة للتنمية اإلدارية ،وهذا لن يتم ـ حسب تصوري ـ إال بتأصيل
اإلدارة الجماعية واإلنطالق من فهم األبعاد الحضارية والبيئية للمجتمع المغربي.
فعلى الرغم من وجود دوافع القوى الداخلية و الخارجية إلحداث التغيير في السياسات
والقوانين حتى تتماشى والتحوالت اإلجتماعية الكبرى ،إال أن بيئة اإلدارة الجماعية ما زالت
تعتمد في تعاملها مع البيئات األخرى اإلجتماعية واإلقتصادية باإلرث اإلداري والتنظيمي
الموروث ،وسلوك القيادة البيروقراطية ما زال يستند على األسلوب التقليدي القائم على سد
الثغرات ،و إتخاذ شكل رد الفعل في التعامل مع األوضاع الجديدة ،عوض اإلعتماد على
مدخل إدارة التغيير .كل هذا أنتج الرداءة و الفساد لواقع اإلدارة الجماعية .هذا الواقع الذي
يتلخص في:
عدم وضوح البرامج والسياسات العمومية لإلدارة الجماعية ،مما أنتج
إزدواجية وتضاربا بين المسؤوليات أ ّديا إلى تكبيـل الجهاز اإلداري ؛
عدم المساواة و تكافؤ الفرص الناتج عن المحسوبية و الوساطة ،و عدم وضع
المواطن في صلب إهتمام اإلدارة ؛
ضعف التدريب اإلداري و عدم إنتظامه ؛
ضعف أداء النخب وانعكاسه على مردودية اإلدارة الجماعية
تسييس موظفي الجهاز اإلداري الجماعي ،األمر الذي أدى إلى ضعف
إهتماماتهم بتنمية قدراتهم ومعارفهم اإلدارية ؛
اإلعتماد على الحلول المعدة مسبقا ،و تقبل كل ما هو جديد دون حاجة
لمراجعة تجديد ،ودون إعتبار اإلختالف في الظروف والبيئة الثقافية واإلجتماعية و
اإلقتصادية ،لذلك ال بد من توفير األصالة التي ال تستغني في جوهرها عن اإلبتكار
( )Innovationوعن الخلق و اإلبداع ( )Creativityألن اإلبتكار واإلبداع عنصرا
األصالة ،وهما في جوهرهما يشكالن توليد التجديد في ضوء الظروف والمستجدات البيئية ؛
183
عدم القدرة على تغيير السلوك والقيم السلبية نتيجة وجود قوى تقاوم التغيير ،
األمر الذي أدى إلى شيوع الفساد في الوسط اإلداري المحلي ،وغلبة المصالح الشخصية
على المصالح العامة و ضعف الرقابة اإلدارية.
تعقد المساطر واإلجراءات اإلدارية ؛
إخفاء حقيقة اإلخفاقات وعدم اإلعتراف بالمشكالت أمام الرأي العام ،و هذا
اإلخفاء يعتبر عامال سلبيا في وجه برامج و إستراتيجيات محاربة الفساد ؛
إنتشار المظاهر السلبية في المؤسسات اإلدارية الجماعية ،نتيجة إنحسار المد
ا لقيمي األخالقي وتحلل العاملين فيها من القيم المهنية واألخالق الوظيفية التي توجه سلوكهم
وتحكم قراراتهم وترشد تصرفاتهم الرسمية وغير الرسمية ؛
التهرب من المسؤولية ،وانتشار أساليب اإلتكال ،والتهرب من الواجبات
إلعتقادهم بأنهم يعملون وغيرهم يجني الثمار ،وهذا ما يؤدي إلى إنعدام روح المبادرة و
اإلبتكار؛
الظاهرة األخرى التي ال تقل خطورة عن سابقتها تتمثل في إسهام العديد من
المؤسسات اإلدارية في التخفيف من وطأة القيم اإليجابية األصيلة المستمدة من التراث
الحضاري لألمة ،والتواطؤ مع الممارسات السلوكية الشاذة والمنحرفة التي تقترفها العناصر
الضعيفة التي إستطاعت أن تقفز إلى المواقع القيادية بأساليب ملتوية و غير مشروعة .
غياب الرقابة الفعالة في اإلدارة الجمعية المغربية أدى إلى تفشي الظواهر
السلبية للبيروقراطية كالفساد اإلداري ،والرشوة ،والمحسوبية ،والوصولية ،والتحايل
على القوانين ،والغيابات غير الشرعية ،وإحتقار العمل كقيمة حضارية ؛
التناقض الكبير بين الوضع الرسمي والواقع ،ويتجلى هذا في الظهور بما
يجب أن تكون عليه األمور خالفا لما هو عليه الواقع .والغريب أن يتم إخفاء هذه الفجوة بين
التوقعات و الحقائق عن طريق إصدار القوانين التي ال يتم تطبيقها ،والعمل بتنظيمات تتعلق
بشؤون المواطنين ،ولكن يتم تجاوزها ،وإصدار التقارير بأن النتائج قد حققت األهداف
المرجوة بينما الحقيقة أن النتائج لم تتحقق إال جزئيا ؛
184
هذا باإلضافة إلى إشكالية عدم مواكبة اإلدارية الجماعية لتحديات العولمة ،
وللمتغيرات الخارجية المتمثلة أساسا في تحول دور المساعدات الدولية من منطق المساعدة
والدعم إلى هدف التدخل واإلدماج في النظام العالمي ؛
تجاهل دور المجالس الجماعية في حل قضايا أساسية مثل البطالة ،وتنظيم
األسرة ،ومحو األمية ،وحماية البيئة..
إن شيوع ه ذه الممارسات ما هو إال إستمرار لقيم متأصلة و مكتسبة من ثقافة إدارية
إستعمارية من جهة ،وإلى عدم تجديد اإلدارة وتحديثها من جهة ثانية ؛
وفي هذا الصدد يقول جاللة الملك محمد السادس " [ ]...إن المشاكل التي تعاني منها
الشعوب اإلفريقية حاليا ،كالتخلف والفقر والهجرة ،والحروب والصراعات ،واليأس
واالرتماء في أحضان جماعات التطرف واإلرهاب ،هي نتاج للسياسة الكارثية ،التي
اعتمدها االستعمار ،طيلة عقود من الزمن .فقد نهب خيراتها ،ورهن قدرات ومستقبل
أبنائها ،وعرقل مسار التنمية بها ،وزرع أسباب النزاع بين دوله"[.]369
هذا إذا علمنا أن اإلدارة في الدول المستضعفة هي إدارة مقلدة في نظامها وقوانينها
للغرب ،ويشمل التراث اإلداري الفرنسي مظهرا مستمرا في تأثيره على النظام اإلداري
المغربي ،الذي لم يتخلص بعد من ظاهرة التبعية الثقافية والقانونية واإلدارية .ولم يتجنب
بعد أسلوب العالج بالمثل " " Homéo Pathicالذي يجعله مجرد جهاز إداري تابع
ومستغل ومتغرب عن المجتمع ،خصوصا وأننا نعلم " أن الغرب اليوم و أكثر من أي وقت
مضى ،يريد لنا غير ما نريده ألنفسنا ؛ نحن نريد السيادة على أرضنا ،وهو يجبرنا على
قبول التبعية ،نحن نصبو إلى التحرر والوحدة ،وهو يفرض علينا الدكتاتورية باسم
الديمقراطية وحقوق اإلنسان"[.]370
وعليه ؛ فإن مع إقتران هذا الكم الهائل من المظاهر السلبية لألجهزة اإلدارية
الجماعية بضعف أجهزة الرقابة و المساءلة في المجالس الجماعية المنتخبة .ومع انتشار
[ – ]369مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس ،بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب ،بتاريخ 20شتنبر .2002
[- ]370هشام شرابي " ،المثقفون العرب والغرب في نهاية القرن العشرين " ،المستقبل العربي ،العدد ، 175سبتمبر ، 1993ص:
.00
185
الفساد والمفسدين ،فإن العمل الشريف الجاد يفقد قيمته بل إن القانون نفسه يفقد هيبته
واحترامه.
ذلك أن بترسّخ الفساد فإنه يعمل على حماية نفسه و ذلك بإبقاء كل الهياكل التي أنتجته
على حالها ،لذلك نجد أن المسؤولين المحليين غير مبالين بالتغيير و ذلك ضمان إلستمرار
مناخ وثقافة الفساد اللذان يضمنان لهم إستغالل النفوذ.
هذه الثقافة التي ترسّخت في المجتمع المغربي عامة ،والجهاز اإلداري خاصة ما
تزال تتسع دائرتها ،و تتشابك حلقاتها ،وتترابط آلياتها بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل.
186
الترابية ؟ وما هو مبرر وجود أجهزة ومؤسسات تكاليفها أكبر بكثير من عائداتها ؟ و هل
تحولت السلطة و المسؤولية في المغرب من إعتبار أنها تكليف فأصبحت ترقية و تشريف ؟
و من مسؤولية وواجبات إلى حقوق وإمتيازات ؟ وفي كل ذلك لماذا ال تحاسب القيادة
البيروقراطية على نتائج عملهم فتحسب لهم أو عليهم ؟
كل هذ ه األسئلة و غيرها التي يطرحها العام و الخاص تحتاج إلى إجابة علمية تصحح
مسار العمل التنموي اإلداري ،و تنقية الجهاز من البيروقراطية و اإلنحراف و الفساد وغير
ذلك من المظاهر السلبية.
من هذا المنطلق ؛ فإن أول عمل يجب القيام به هو توفير المناخ العام المالئم لتطبيق
اإلصالحات ،األمر الذي يستلزم إعادة النظر في بناء وأداء الجهاز اإلداري الجماعي حتى
يواكب التحوالت اإلقتصادية واإلجتماعية والثقـافية العميقة ،ذلك أن أي محاولة لتحديث
الجهاز اإلداري الجماعي تتم بمعزل عن هذه التحوالت و التأثيرات البيئية محكوم عليها
بال فشل .لذا يجب على مخططي التنمية وبناء قدرات اإلدارة الجماعية واإلستفادة من األخطاء
السابقة.
إن تأمين أي إستراتجية لتطوير اإلدارة يبقى رهينا بإدماج مختلف األبعاد السياسية
االجتماعية االقتصادية ،المالية ،التربوية والثقافية في إطار إصالح شمولي يتوخى تحديث
و عصرنة اإلدارة الجماعية و المؤسسات المكونة لها.
187
وفي هذا اإلطار جاءت الرسالة الملكية بخصوص المفهوم الجديد لسلطة ،و الرسالة
الملكية بشأن التدبير الالمتمركز لالستثمار ،لتشكال تحوال نوعيا و منعطفا جديدا في مفهوم
اإلدارة و إنعاش االستثمار على المستوى المحلي باعتباره وسيلة لتحقيق التنمية االقتصادية
و االجتماعية و عقالنية وأداة لالندماج االقتصادي العالمي ،لذا ينبغي االستمرار بتطوير
آليات التدبير الالتمركز لالستثمار لجعل المغرب قطبا متميزا بالنسبة للمستثمرين من جميع
أنحاء العالم.
وتماشيا مع ذلك ؛ فقد اعتمدت السلطات العمومية المغربية مجموعة من
اإلستراتيجيات ،توخت منها تكييف اإلدارة مع التحوالت التي يعرفها المجتمع .ولعل أبرز
مثال على ذلك هو اعتماد اإلدارة الرقمية كأسلوب حديث في التدبير هذا باإلضافة إلى تبني
مبادئ الحكامة اإلدارية.
وعليه ؛ فإن ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة سيؤدي ال محالة إلى تحديث اإلدارة من
خالل تكريس قيم الشفافية والنزاهة ،والعمل بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ،وهذا لن
يتأتى بدون االهتمام باألخالقيات داخل اإلدارة الجماعية ،فأية إدارة أو منظمة لن تصيب
أهدافها مالم تحترم الحد األدنى من القيم ومعايير التدبير السليم والشفاف المتعارف عليه
عالميا .هذا من جهة ومن جهة أخرى ،فنجاح تحديث اإلدارة الجماعية رهين بتثمين الموارد
البشرية الكفأة والمؤهلة للعمل اإلداري ،والتواصل مع المواطنين ؛ زبناء اإلدارة والفاعلين
اإلجتماعيين واإلقتصاديين والمستثمرين ،مع تأمين شروط وظروف األداء اإلداري الجيد
والمسؤول والشفاف على قاعدة المهنية بما يخدم مقاصد وأهداف إدارة التنمية الشاكلة.
وفي هذا الصدد تم بذل العديد من المجهودات من أجل إرساء حكامة إدارية قوامها
إدارة مواطنة ومتجانسة ومنفتحة ،ونخص بالذكر:
188
إلزام الجماعات الترابية وهيأتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها
بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها بموجب القانون رقم 1.-11المتعلق ؛
إلزام الجماعات الترابية باعتماد التقييم ألدائها والمراقبة الداخلية واالفتحاص وتقديم
حصيلة تدبيرها[ ]372؛
اعتماد الجماعات الترابية على قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير
الحر؛ و هذا من شأنه تحقيق المساواة بين المواطنين في ولوج المرافق العمومية التابعة
[]373
،من جانب آخر فعصرنة عمل اإلدارة الجماعية باعتماد أساليب جديدة في للجماعة
التدبير من شأنها المساهمة في القيام بعملية تحديثها وذلك عن طريق:
تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية التي تعد أهم مدخل لتحسين جودة العمل اإلداري
،وذلك بجعلها شفافة وسريعة ومحفزة على االستثمار ؛ لتحقيق الفعالية والمرونة الواجب
توافرها في كل عمل إداري ،وفي هذا اإلطار فقد تم خالل أكتوبر سنة 8118إعطاء
إنطالقة تدوين وتبسيط عينة أولى من المساطر ذات األولوية بالنسبة للمواطن والمقاولة من
قبيل اعتماد الشباك الوحيد ،وقد همت هذه المقاربة حولي 111مسطرة أثر تداوال منها 11
مسطرة تهمك األشخاص الذاتيين .1مسطرة تهم المقاوالت.
أيضا تم العمل على تحديث اإلدارة وتطويرها ؛ بتطبيق نموذج اإلدارة الرقمية باإلدارة
الجماعية فالديمقراطية التمثيلية أو المباشرة والتشاركية ؛ كلها أشكال قديمة جديدة تلعب
التقنية فيها دور هادم الفجوات ومقصر المسافات لجعل العالقة بين الحاكم وبين المحكوم
مباشرة وتفاعلية .تمكن هذه التعبيرات الجديدة للديمقراطية من تيسير المشاركة المباشرة
للمواطنين في تدبير ا لشأن المحلي بما يحقق األهداف دون اللجوء إلى األشكال الثقيلة
والعقيمة أحيانا للديمقراطية التمثيلية.
ولئن استطاعت التقنية الرقمية أن تعيد تشكيل وصياغة مجاالت حيوية كاإلعالم
والصحافة ،فإننا نعتقد أنها باالعتماد على الهوية الجديدة للجيل الجديد وعلى تحول العالم
إلى قرية صغيرة لديها من التأثير والفاعلية ما يجعلها تغير العمل الجماعي بشكل بنيوي.
[ – ]372الفقر األولى من المادة 828من القانون التنظيمي رقم 112411المتعلق بالجماعات.
[ - ]373المادة 832من القانون التنظيمي رقم 112411المتعلق بالجماعات.
189
طبعا ،هذه التأثيرات قد تأخذ وقتا وجهدا ،وقد تتعارض مع مصالح ،وتواجه مقاومة
شديدة للتغيير؛ لكنها ستنتهي ،أخيرا ،بإحداث التغيير المنشود[.]374
وبالرغم من كون تجربة المغرب ما زالت في بدايتها إال أن اعتماد التكنولوجية الحديثة
في التدبير لها دور فعال في تحقيق الحكامة اإلدارية بما في ذلك تحسين التواصل والخدمات
التي ستعمل على خلق إدارة حديثة وقريبة من انشغاالت المرتفقين.
ومما يساعد كذلك تطوير اإلدارة الجماعية وتحسين صورتها القائمة لدى المرتفقين ،
تفعيل المقتضيات الجديدة المضمنة في دستور ، 8111خاصة ما يتعلق بمقاربة النوع
والمناصفة بين الرجل والمرأة ،دون أن نغفل الحق في الحصول على المعلومات التي تكون
في حوزة اإلدارات العمومية بموجب الفصل 81من الدستور ،وكذا مقتضيات القانون رقم
.1.1.المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات المصادق عليه مؤخرا.
ومن شأن ترسيخ هذا الحق تحسين جودة العمل اإلداري وعودة الثقة التي كانت مفقودة
في اإلدارة ،و تكريس الديمقراطية التشاركية قيما وممارسة من خالل تحفيز المواطن من
المشاركة في مراقبة عمل اإلدارة وفي اتخاذ القرار.
وإلى جانب ذلك ؛ فقد وجدت اإلدارة الجماعية في ظل المستجدات التي تعرفها
الساحة الوطنية مطالبة بمواكبة توجهات الدولة في عدة مجاالت ،ولهذا أضحت السياسات
العمومية خاصة المتعلقة منها بالمجال البيئي في قلب انشغاالت المجالس الجماعية ،رغبة
م نها في اإلنخراط الفعلي في إنجاح القمة الثانية للبيئة التي ستحتضنها مدينة مراكش نهاية
هذه السنة (.)8112
ولإلرتقاء باإلدارة الجماعية بالمغرب إلى نظيرتها بباقي دول العلم ،اعتمدت هذه
األخيرة على سياسة منفتحة على المحيط الدولي ،توجت بإبرام عدة اتفاقيات توأمة
وشراكات تجمع بين المغرب ودول أخرى إفريقية ،أوربية ،عربية أسيوية و أمريكية ،إلى
جانب استفادتها من برامج األمم المتحدة واإلتحاد األوربي الخاصة بالتوجهات الجدية في
[ - ]374محسن الخديسي " ،الشباب والتحول الرقمي ..السلطة الخامسة في الديمقراطية الجديدة " ،منشور بجريدة هيسبريس
اإللكترونية في تاريخ 81غشت .8112
190
مجال التحديث اإلداري ،كما شكلت عودة المغرب إلى حضن اإلتحاد اإلفريقي دفعة جديدة
بالنسبة للجماعات الترابية بهدف تقوية التعاون جنوب-جنوب وخلق جو من التفاعل بين هذه
الدول ،عبر تبادل الخبرات والتجارب وعقد شراكات يكون الهدف منها خدمة للمواطن.
صفوة القول ؛ أن الرهان على اإلدارة الجماعية ومسألة تحديثها ؛ رهين بالتحول في
العقليات وفي منهجية التفكير اإلجتماعي المحلي ،وإيالء األهمية للجانب الثقافي اإلجتماعي
واإلقتصادي المهيكل للتنمية البشرية .وهذا لن يتحقق إال بالرهان على العنصر البشري
داخل المجتمع المحلي واإلدارة الجماعية ،سواء أكان ناخبا أو منتخبا أم موظف باإلدارة ،
حيث إن " اإلدارة الجماعية تعد بمثابة مرتكز أساسي محرك وموجه لحركة المجتمع في
سائر المجاالت ،وعلى مختلف القطاعات اإلنتاجية ،وهذه المجاالت اإلنتاجية قد تكون
سلعية وخدماتية واقتصادية ؛ كما يمكن أن تكون تربوية تعليمية وصحية ترفيهية وثقافية
خدمة للشؤون العامة"[. ]375
وعليه ؛ يمكن القول أن هناك عالقة تأثير وتأثر ،تجمع بين اإلدارة والمجتمع ؛ إلى
درجة أنه بإمكان البوح بأن الرهنات المرتبطة بتحديث اإلدارة الجماعية لها عالقة وطيدة
بالرهانات على مستوى تحديث المجتمع .فهل القيام بدراسات لسوسيولوجية اإلدارة الجماعية
في عالقتها بالنخبة والمجتمع المحلي ؛ من شأنها فك رموز اإلشكاليات التي يطرحها
موضوع اإلدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث؟
تم بحمد اهلل وتفيقه
[ – ]375علي سلمي " ،السياسات اإلدارية في عصر المعلوميات" ،دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ،مكتبة اإلدارة الجديدة -الدار البيضاء ،
الكتاب السابع ،طبعة ، 1221ص.2 :
191
~ أبشر الطيب حسن " اإلصالح اإلداري بالوطن العربي بين األصالة والمعاصرة" في كتاب
اإلدارة العامة واإلصالح اإلداري بالوطن العربي ،تحرير الدكتور ناصر الصائغ ،المنظمة العربية للعلوم
اإلدارية.1421 ،
~ أشرقي عبد العزيز " الجماعات الترابية ،اآلفاق المستقبلية وتحديات التنمية المستدامة ،الهات
العماالت واألقاليم ،الجماعات المحلية" ،طبعة .8112
~ اعبيزة عبد الغني " سياسة التحديث اإلداري بالمغرب -دراسة قانونية ومؤسساتية" ،دار القلم
– الرباط ،الطبعة الثانية .8111
~ أكنوش محمد عبد اللطيف " واقع الممارسة التشريعية في النظام السياسي المغربي على
مشارف القرن الواحد والعشرين ،مطبعة بروفانس ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى . 1448
~ ألبيز بيار "الصحافة" ترجمة محمد برجاوي منشورات عويدات األولى ،طبعة .1411
~ الجندي مصطفى " ،المرجع في اإلدارة المحلية "اإلسكندرية منشأة المعارف طبعة . 1971
~ الخطيب أحمد " اإلدارية الحديثة :نظريات واستراتيجيات ونماذج حديثة" ،جدارا للكتاب
العالمي عمان-االردن ،الطبعة األولى .8114
~ الشيخ عماد " الشفافية ومراقبة الفساد – في الفساد والحكم الصالح في البالد العربية"،
منشورات مركز دراسات الوحدة العربية والعهد السويدي باإلسكندرية ،الطبعة الثانية .8112
~ الصروخ مليكة "القانون اإلداري ،دراسة مقارنة " مطبعة النجاح الدار البيضاء ،الطبعة
السابعة.2010 ،
~ الطوزي محمد " الملكية واإلسالم السياسي بالمغرب " ترجمة محمد حتمي وخالد شكروي
الفنك ،الدار البيضاء ،طبعة .8111
~ العروي عبد هللا "عوائق التحديث ،منشورات اتحاد كتاب المغرب" ،سلسلة محاضرات
الشهر ،الطبعة األولى نوفمبر . 8112
~ العواجي إبراهيم محمد " اإلدارة العامة واإلصالح اإلداري في الوطن العربي" ،المنظمة
العربية للعلوم اإلدارية ،الطبعة األولى . 1422 ،
~ الغويل سليمان صالح "،ديمقراطية األحزاب السياسية والجماعات الضاغطة :دراسة تحليلية
في ضوء القوانين الدستورية المقارنة ،منشورات جامعة قاريونس-بنغازي ،الطبعة األولى .2003
~ الكثيري مصطفى "تأمالت في التغيير واإلصالح بالمغرب" ،مطبعة دار النشر المغربية ،
عين السبع -الدار البيضاء ،طبعة .8118
~ الماوردي أبو الحسن علي بن حبيب البصري البغدادي " األحكام السلطانبة" مكتبة مصطفى
البابلي الحلي وأوالده ،القاهرة . 1422
~ المملكة المغربية ،وزارة الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري ؛ تفعيل ميثاق حسن التدبير ،
منشورات عكاظ ،الرباط .8111
~ الناصر عبد الواحد " المتغيرات الدولية الكبرى" مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء 8119
~ أندرسون جيمس "صنع السياسات العامة" ،جامعة هيوستن-تكساس ،ترجمة عامر الكبسي ،
دار المسيرة للنشر والتوزيع . 1444
~ أنوار أحمد رسالن" التنظيم الجماعي الجديد " مطبعة النجاح الدار البيضاء ،طبعة .1411
~ باهي محمد "المصطلحات اإلدارية المتعلقة بالتنظيم الجماعي -دليل المصطلحات اإلدارية
العدد األول ،الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة -الدار البيضاء .1442
192
~ باينة عبد القادر "الموظفون العموميون بالمغرب" ،دار توبقال للنشر ،الطبعة األولى .8118
~ بنمير المهدي " الجماعات المحلية والممارسات المالية بالمغرب " المطبعة والوراقة الوطنية
مراكش ،طبعة .1449
~ بنمير المهدي " ،الجماعات المحلية ومسألة التنمية المحلية " سلسلة الالمركزية والجماعات
المحلية ،المطبعة و الوراقة الوطنية ،طبعة .1441 .
~ جفري سعيد و َمنيرة أحمد " اإلدارة العمومية المغربية وسؤال اإلصالح؟" ،الشركة
المغربية لتوزيع الكتاب ،الطبعة األولى .811.
~ حارسي عبد هللا ،دراسات في القانون العام -الجزء الثاني ،طبعة .8111
~ حركات محمد " التدبير اإلستراتيجي والمنافسة " ،مطبعة فضالة المحمدية ،طبعة . 1441
~ خليل حسين " السياسة العامة في الدول النامية " دار املنهل اللبناني للطباعة والنشر،
الطبعة األوىل بريوت . 8111
~ زياني إبراهيم "دراسات في اإلدارة المحلية من منظور علم اإلدارة " ،دار القلم ،الرباط،
طبعة .8111
~ سبيال محمد "دفاعا عن العقل والحداثة – حوارات منشورات الزمن " ،عدد ، .4طبعة 811.
.
~ سدجاري علي " الدولة و اإلدارة بين التقليد والتحديث" ،دار المناهل للطباعة والنشر ،طبعة
يوليوز . 1449
~ سدجاري علي " تأهيل اإلدارة للعولمة" ،منشورات مجموعة البحث في المجال والتراب ،
منشورات كريت) ، (Gretطبعة .8111
~ سلمي علي " ،السياسات اإلدارية في عصر المعلوميات" ،دار غريب للطباعة والنشر
والتوزيع ،مكتبة اإلدارة الجديدة-الدار البيضاء ،الكتاب السابع ،طبعة .1441
~ سورة التوبة ،اآلية .11
~ شرابي هشام " ،المثقفون العرب والغرب في نهاية القرن العشرين " ،المستقبل العربي ،
العدد ، 175سبتمبر .1993
~ شيريل بيار " ،البنك الدولي -دراسة نقدية" ،ترجمة أحمد فؤاد بلبع ،دار سينا للنشر ،الطبعة
األولى.1449 ،
~ عاشــور ،أحمــد صــقر " إصالح اإلدارة الحكومية -آفاق إستراتيجية لإلصالح اإلداري
والتنمية اإلدارية العربية في مواجهة التحديات العالمية" ،القاهرة ،المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ،
. 1441
~ عاشــور ،أحمــد صــقر "نظــرة مســتقبلية الســتراتيجيات اإلصــالح اإلداري فــي الــوطن
العربــي ،دراسـة منشـورة فـي كتـاب :اإلدارة العامـة واإلصـالح اإلداري فـي الـوطن العربي ،تحرير د.
ناصر محمد الصائغ ،عمان :المنظمة العربية للعلوم اإلدارية طبعة .1422
~ عبد الرحمان أسامة " تنمية التخلف وإدارة التنمية في الوطن العربي وفي النظام العالمي
الجديد" ،مركز دراسات الوحدة العربية . 1441 ،
~ عقلة عبد الحق " القانون اإلداري :المبادئ األساسية لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلداريين
" ،الجزء األول ،دار القلم للنشر والتوزيع ،الرباط . 8118
193
~ عقلة عبد الحق "مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة " ،الجزء األول ،دار القلم ،
طبعة . 1442
~ قرنفل حسن "المجتمع المدني والنخبة السياسية -إقصاء أم تكامل" إفريقيا الشرق ،الدار
البيضاء ،الطبعة األولى .1441
~ كريمني بلقاسم "،دراسة فقهية وتأصيلية للنظرية العامة للتنظيم الدولي ولألمم المتحدة
والوكاالت المتخصصة والمنظمات اإلقليمية" دار النهضة العربية– القاهرة الطبعة السادسة يناير .1441
~ لحرش كريم الدستور الجديد للمملكة المغربية -شرح وتحليل ، " -سلسلة العمل التشريعي
واالجتهادات القضائية ،العدد ، .سنة .8118
~ لحموشي محمد " المفهوم الجديد للسلطة بالمغرب" ،مطبعة إقرأ ،الطبعة األولى . 8111
~ معتصم محمد " الحياة السياسية المغربية ،1441/1428-مؤسسة أيزيس للنشر ،الدار البيضاء
،الطبعة األولى ،ماي .1448
~ مفيد أحمد "النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية :دراسة في الدولة
والدستور وأنظمة الحكم الديمقراطي وآليات المشاركة السياسية" ،الطبعة األولى . 8111
~ نجيب العزاوي وصال " ،مبادئ السياسة العامة " ،الطبعة األولى دار اسامة للنشر و التوزيع ،
االردن ،عمان .811. ،
~ نصار علي " الطليعة الفاعلة والقوة االجتماعية والسياسية من منظور المشروع الحضري –
نحو مشروع نهضوي عربي " ،بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة
العربية ،الطبعة األولى ،بيروت ،ديسمبر . 8111
األطروحات:
-أبوالس حميد " ،تدبير الموارد البشرية :نموذج اإلدارة الجماعية ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية .811. – 8118
194
-أدمينو عبد الحفيظ " ،نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية .8118-8111 ،
-األغصف بكار " ،محاولة لمقاربة عالقة اإلدارة العمومية في المغرب بالمواطن"،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،الدار البيضاء -عين الشق ،السنة الجامعية.8111-8112،
-البعزاوي محمد ،تحديث اإلدارة المحلية بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،الرباط -اكدال ،السنة الجامعية811.-8118 ،
ـ التيجي بشرى "،اشكالية ولوج المرأة الموظفة مراكز القرار االداري" ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون العام وحدة القانون اإلداري علم االدارة ،كلية العلوم القانونية و
االقتصادية و االجتماعية أكدال الرباط ،السنة الجامعية 8111ـ . 8111
-الداودي محمد " ،اإلدارة العمومية وإشكالية التنمية اإلقتصادية بالمغرب"،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية-طنجة ،السنة الجامعية.811.-8118،
-الغاري خالد " ،الفكر اإلداري الحسني" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام
،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجتماعية ،الرباط -أكدال ،
السنة الجامعية . 1444-1442 ،
-النوري إبراهيم " ،تدبير المجالس الجماعية بين القانون والممارسة ،أطروحة لنيل
ا لدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية.8112 -8111 :
-الهادف حليمة " ،التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث" ،أطروحة لنيل
شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة مجمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادسة
واالجتماعية آكدال -الرباط ،السنة الجامعية . 8118-8111 ،
-بن التهامي محمد " ،الوظيفة العمومية بين وحدة الدور والهدف وتعدد األنظمة "،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية
.8111-8111
-بن شقرون عبد الحميد " ،تشجيع اإلستثمار الخاص بالمغرب وإشكالية تعقيد
المساطر واإلجراءات اإلدارية بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة
الجامعية.8111-8111 ،
-بوعجيلة نور الدين " ،تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي واقع وآفاق"،
بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية إلدارة ،العدد ، 4.السنة الجامعية -144. ،
. 1449
195
-بوعدين لحسن " الحكامة ومتطلبات ترسيخ دولة القانون" أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واالجتماعية -كنجة ،السنة الجامعية . 8118-8111
-قهوي حميد " ،مساهمة في دراسة سلوك اإلدارة المغربية" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،أكدال-الرباط ،السنة الجامعية .8118-8111 ،
أجعون أحمد " ،تكوين المنتخب الجماعي " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
العام ،جامعة محمد الخامس كلية الحقوق والعلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،
السنة الجامعية .1442 -1441
حطان آمنة " ،أسس اإلصالح اإلداري بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-
الرباط ،السنة الجامعية. 8114/8112 ،
الرسائل:
-الطماوي عبد الرحمان " ،إستراتيجيات الوساطات في النسق السياسي المغربي
مساهمة في دراسة العالقات الزبونب ة" ،رسالة لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية
لإلدارة .
-العمراني بوخبزة محمد "،البعد الديمقراطي في الفكر السياسي للملك الحسن
الثاني -دراسة في تحليل المضمون" ،رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق ،السنة
الجامعية.1999/1998 ،
-المريني مصطفى " ،دور ا لحكامة الجيدة في تخليق اإلدارة العمومية المغربية"،
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية -المحمدية ،السنة الجامعية .8111-8111
-أنماس طه "،دور النظام التواصلي في تحقيق إدارة فعالة ومنتجة رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية،
جامعة محمد الخامس ،أكدال -الرباط السنة الجامعية .1444-1442 ،
-بنهدي يونس " ،حق الحصول على المعلومات ودوره في تنمية التواصل بين
اإلدار ة والمواطن" ،بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-طنجة ،السنة الجامعية.
-بونعيجة محمد " ،البعد التواصلي في التنمية البشرية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية-طنجة ، ،السنة الجامعية .8111-8119
196
-شريف حممد ،اإلدارة اإللكرتونية رهان اإلصالح والتحديث – منوذج
املدرية العامة للضرائب ، -حبث لنيل شهادة املاسرت يف القانون العام = ،
تخصص تدبري اإلدارة احمللية ،جامعة احلسن األول ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واإلجتماعية -سطات ،السنة اجلامعية .8002-8002
-قايدي بوشعيب " ،التحديث اإلداري المحلي " ،رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا
المعمقة في القانون العام ،جامعة الحسن األول ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية-سطات السنة الجامعية . 8111-8112
-مزين عادل " ،أسس ووسائل عقلنة التدبير اإلداري " رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة .وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،الرباط.8118-8111 .
-ولد البان إبراهيم "،التواصل داخل اإلدارة اإلقليمية الموريتانية ،والية نواكشوط
نموذجا" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق ،جامعة عبد المالك السعدي ،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-طنجة ،السنة الجامعية .8114-8112
المقاالت والمجالت
- الزيغام مبارك " ،اإلدارة االلكترونية" بحث منشور على المجلة المغربية ،الحوار
المتمدن -العدد8111 - 8211 :
بن جلون عبد المجيد ،تأهيل اإلدارة للعولمة بعض عناصر المقاربة :بعض عناصر
المقاربة "تأهيل اإلدارة للعولمة" تحت إشراف علي سدجاري ،سنة .8111
بنيحيى محمد "،قانون الحريات العامة " ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،الطبعة الثانية مزيدة ومحينة .8118
بهدين نوال ،الفاعلون في رسم معالم السياسة الخارجية المغربية وفق مقتضيات
الدستور الجديد المجلة المغربية لإلدارة المحلية عدد 111-114مارس -يونيو .811.
بوجيدة محمد " ،تدخل اختصاصات الدولة والجماعات المحلية بين القانون
والممارسة العملية" ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية ،العدد . 8114 ، 12
حركات محمد "،مظاهر الفساد وتداعياته ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،
يونيو سنة .8111
حسن طارق ،السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد 48سنة . 8118
حنين مصطفى "،البعد اإلقتصادي للجهة بالمغرب" ،المجلة المغربية لألنظمة
القانونية والسياسية ،عدد خاص يونيو .8111
197
الخديسي محسن " ،الشباب والتحول الرقمي ..السلطة الخامسة في الديمقراطية
الجديدة " ،منشور بجريدة هيسبريس اإللكترونية في تاريخ 81غشت .8112
الخطابي محمد العربي " ،الوازع الخلقي في الوظيفة العمومية " ،مجلة الشؤون
اإلدارية ،العدد الثاني ،سنة .142.
دليل المصطفى " ،المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي
الجديد " ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد 91سنة .811.
دليل مصطفى " ،المجالس الجماعية بالمغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد "،
سلسلة مواضيع الساعة ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ، 91
طبعة . 811.
السنوسي معني " ،دور الجماعات المحلية في قطاع التعمير والسكن " ،مجلة
الموئل ،عدد ، 2السنة . 144.
شنفار عبد هللا " ،اإلدارة المغربية ومتطلبات التنمية" ،دراسة سوسيو-قانونية
وتحليلية ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة أعمال ومؤلفات
جامعية ،العدد .8111 ، 14 ،
العكاري عبد الرزاق " ،مفارقات إصالح اإلدارة العمومية بالمغرب" ،المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج ، 1.-18يناير .8111
الكرطي فؤاد ،الحاجة إلى التنمية اإلدارية ضرورة لتغيير النسق اإلداري المغربي
ومسايرة التحدي العالمي ،مجلة التنمية ،المقال 2 ،11142أبريل .8111
كونغار إبراهيم" :تدخالت الجماعات المحلية في ميدان البيئة" ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية ، ،عدد ،1.مطبعة المعارف الجديدة ،نونبر – دجنبر .811.
لحرش كريم " ،مغرب الحكامة – التطورات -المقاربات –الرهانات" ،سلسلة
الالمركزية واإلدارة المحلية ،الطبعة الثانية ،العدد .8111 ،4
محمد أمين بن عبد هللا " ،إعادة التفكير في اإلدارة" ،المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية ،عدد ، 2سنة . 1442-1441
المشيشي نادية " ،حماية البيئة المحلية في القانون المغربي" ،مجلة األبحاث
والدراسات القانونية ،كتابات في المادة اإلدارية ،العدد ، 8يونيو – دجنبر .811. ،
مفيد أحمد ،الحكامة الجيدة على ضوء دستور ، 8111المجلة المغربية للسياسات
العمومية عدد 19طبعة .8111
المؤذن عبد الحي " ،إشكالية إنتقال الملك في المغرب -قضايا وأسئلة " ،مجلة وجهة
نظر ،عدد مزدوج .8111 ، 4/2 ،
الجرائد:
198
ناجيم هنية ،تقر ير ألطروحة في القانون العام ،بعنوان" :مقاربة النوع االجتماعي
واستراتيجية التنمية المستدامة في المغرب "،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واإلجاماعية -طنجة السنة الجامعية ، 8112-8111مجلة الكترونية:
.marocdroit.com
كاير عثمان " ،هيئات الحكامة وسلطة االستشارة " جريدة الصباح ،العدد ، .211
صادرة بتاريخ 2فبراير .8118
كاير عثمان "،سياسة وطنية لتكافؤ الفرص " جريدة االتحاد االشتراكي ،العدد
، 4494صادرة بتاريخ 11نونبر .8111
أومليل علي " ،أسئلة راهنة – الثقافة والحداثة" ،أطروحة فيبر ،جريدة اإلتحاد
اإلشتراكي ،عدد 11و ، 2.الخميس 9يناير .811.
جريدة أخبار اليوم ،العدد ، 111صادرة بتاريخ 14مارس .8118
جريدة العلم عدد ،12211صادرة بتاريخ 81 ،أكتوبر .1441
نداء الدورة الثانية عشرة من مهرجان "ثويزا"جريدة هسبريس اإللكترونية الثالثاء
12غشت -8112طنجة http://www.hespress.com
القوانين والنصوص التنظمية
~ دستور المملكة المغربية للتاسع والعشرين من يوليو ،8111صادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.11.41الصادر بتاريخ 81من شعبان 84( 19.8يوليو )8111
بتنفيذ نص الدستور؛ صادر بالجريدة الرسمية عدد 1429مكرر بتاريخ 82شعبان 19.8
( .1يوليو )8111
~ دستور المملكة المغربية لفاتح مارس ،1418صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 1.18.121بتاريخ 8.محرم 1.48المرافق ل [ 11مارس ]1418صادر بالجريدة
الرسمية عدد ، .142بتاريخ 82محرم 1.48المرافق ل ل[ 11مارس .]1418
~ دستور المملكة المغربية للسابع من دجنبر ،1428صادر األمر بتنفيذه الظهير
الشريف بتاريخ 11رجب 1.28المرافق ل [ 19دجنبر ]1428صادر بالجريدة الرسمية
عدد 8212مكرر بتاريخ 88رجب 1.28الموافق ل [ 14دجنبر .]1428
~ الدستور اإلسباني ،الصادر بتاريخ 81دجنبر 1412م.
~ ظهير شريف رقم 1.11.2.صادر في 81من رمضان ،19.2الموافق ل 1
يوليوز 8111بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 11..19المتعلق بالجماعات ،الجريدة الرسمية
عدد ،2.21بتاريخ 8.يوليوز .8111
~ ظهير شريف رقم ،1.11.21صادر في 81شعبان (،19.4يونيو )8111بتنفيذ
القانون رقم 11..18المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها ،منشور
بالجريدة الرسمية عدد 2.19بتاريخ 11رمضان 8( 19.2يوليو )8111
199
~ الظهير الشريف رقم ،1.12.11.الصادر بتاريخ 81رجب 19.1الموافق ل
،8114/18/12بتنفيذ القانون رقم 11.12بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي.
~ الظهير الشريف رقم ،1.18.841الصادر بتاريخ 81رجب 198.الموافق ل
، 8118/11/1.بتنفيذ القانون رقم 12.11بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي.
~ الظهير الشريف رقم 1.12.12.الصادر بتاريخ 1شوال الموافق ل
.1(1.42سبتمبر )1412بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي.
~ ظهير شريف رقم ، 1.41.122صادر بتاريخ فاتح جمادي األول 1912ه ،
الموافق ل 9شتنبر ، 1441بتنفيذ القانون رقم .8-41المتعلق بمجلس المستشارين .
الجريدة الرسمية ،عدد 9112صادرة بتاريخ 11 ،شتنبر .1441
~ ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.12..11بتاريخ 81رمضان 1.42الموافق ل
11شتنبر ،1412يتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي.
~ ظهير شريف رقم 1.12.211بتاريخ 9شعبان 89( 1.11فبراير )1412يحتوي
على القانون األساسي العام للوظيفة العمومية الجريدة الرسمية عدد 8.18بتاريخ 81
رمضان 11 - 1.11أبريل .1412
~ القانون رقم 12.11الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.1.1بتاريخ 1.
يونيو .8118
~ القانون رقم 11..18المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة
ومكافحتها
~ القانون رقم 1..1.المتعلق بمكافحة تلوث الهواء
~ القانون رقم 81.48المتعلق بإقرار األشخاص الذين يشغلون منصبا عموميا
بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها أوالدهم القاصرين.
~ مشروع القانون التنظيمي رقم 99-91بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في
تقديم العرائض إلى السلطات العمومية
~ الجريدة الرسمية عدد ، 9981الصادرة بتاريخ 11أكتوبر .1442
~ الجريدة الرسمية عدد ،1919الصادرة بتاريخ 12مارس .8112
~ الجريدة الرسمية عدد ، 1188الصادرة بتاريخ .ماي .8111
~ الجريدة الرسمية عدد ، 2.19الصادرة بتاريخ 8يوليو .8111
الجريدة الرسمية ،عدد ، 9222الصادرة بتاريخ يناير .8111
~ النظام الداخلي لمجلس جماعة فاس.
~ المرسوم رقم 8.1..989صادر في 1.من رجب 19.9الموافق ل ( 89ماي
.)811.
200
~ المرسوم رقم ، 8.18.182المتعلق بتغيير الساعة القانونية -يحدد إضافة ساعة
بشكل منتظم كل فترة صيف ،الصادر في 82من جمادي األولى 19..ه ،الموافق ل[12
أبريل .]8118
~ المرسوم رقم 8-142-821الصادر في 8.رجب 2( 19.1نونبر )8111تحدد
بموجبه كيفية ا عداد المخطط المديري الخاص بالعمالت أو األقاليم لتدبير النفايات المنزلية
والنفايات السائلة ومسطرة تنظيم البحث العمومي المتعلق بهذا المخطط.
~ مرسوم رقم 8.11.1882صادر في 8.من صفر 1.( 1982مارس )8111
بإحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ،منشور بالجريدة الرسمية عدد ،111.
بتاريخ 8أبريل .8111
~ المرسوم رقم ، 8.12.28الصادر بتاريخ 12من شوال 1981ه ،الموافق ل 11
نوفمبر ، 8112المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة تحديث القطاعات العامة.
~ قرار للوزير المنتدب لدى الوزير األول المكلف بتحديث القطاعات العامة رقم
، 929.11صادر في 1جمادى األولى 11( 19.8أبريل )8111بتحديد اختصاصات
وتنظيم األقسام والمصالح المركزية لوزارة تحديث القطاعات العامة ،الجريدة الرسمية عدد
1491الصادرة بتاريخ فاتح جمادى اآلخرة 1( 19.8ماي .)8111
~ منشور السيد الوزير األول في 2أكتوبر 1448؛ و 81نونبر 1448؛ 82فبراير
، 144.
~ منشور صادر عن وزارة الداخلية المغربية ،عدد 9.بتاريخ 82يوليو 8112
بشأن تنظيم إدارات الجماعات.
~ المنشور الوزاري رقم .1/44الصادر في 8.نونبر .1444
~ الحكومة المغربية ،حصيلة العمل الحكومي ( ، )8112 -8118يوليوز .8112
~ رئاسة الحكومة المغربية ،البرنامج الحكومي( ، )1112-8118يناير.8118
~ بيان مشترك - ،المغرب والكوت ديفوار -بمناسبة زيارة عمل وصداقة لصاحب
الجاللة إلى جمهورية الكوت ديفوار ،ماي .8111
~ حكم عدد ،848صادر بتاريخ 82شتنبر ، 1421شركة دومين سان جان ،أحمد
البخاري ،وأمينة جبران ،إجتهاجات المجلس األعلى الغرفة اإلدارية ،المنشورات
الجماعية ،مراكش .1442 ،
الخطب والرسائل الملكية
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 11لعيد العرش
بتاريخ .1يوليوز 8112
201
-الخطاب الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس ،بمناسبة ذكرى ثورة الملك
والشعب ،بتاريخ 81شتنبر .8112
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد
السادس ،في القمة الثالثة لمنتدى الهند – إفريقيا 8111المنعقدة بنيودلهي ،في 84أكتوبر
8111
-الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد السادس ،في افتتاح أشغال
المنتدى االقتصادي المغربي اإليفواري الذي انطلقت أشغاله بأبيدجان :بتاريخ 89فبرابر
.8119
-الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجاللة الملك محمد السادس ،في افتتاح
الدورة األولى من السنة التشريعية الرابعة من الوالية التشريعية التاسعة ،بتاريخ 11
أكتوبر .8119
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس الموجه إلى األمة بمناسبة عيد
العرش ،بتاريخ 81مارس .811.
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لسنة .8114
الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة إفتتاح السنة التشريعية -8112
،8114الرباط 11أكتوبر .8112
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب ،
81غشت .8111
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس ،الموجه إلى األمة بمناسبة الذكرى
السادسة واألربعين لثورة الملك والشعب 81-غشت . 1444
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس ،بتاريخ 18أكتوبر .1444
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس بالدار البيضاء ،بتاريخ 18أكتوبر ،
،1444أمام أعضاء الحكومة ومسؤولي اإلدارات الترابية.
-الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك الحسن الثاني ،في القمة العشرين لمنظمة الوحدة
اإلفريقية ،يوم 18نونبر .1429
-الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة إلى القمة ال 81لالتحاد
اإلفريقي المنعقدة بكيغالي بتاريخ .8112/11/11
-الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة إلى أشغال المناظرة
الوطنية المنظمة من لدن كتابة الدولة المك لفة بالبريد وتقنيات االتصال واإلعالم ،الرباط ،
في 8.أبريل .8111
202
-الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة إلى القمة العالمية للنساء
المنعقدة بمراكش في 82يونيو .811.
-الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة إلى أسرة الصحافة
واإلعالم بمناسبة اليوم الوطني لإلعالم ،الرباط في 11نونبر .8118
-الرسالة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الموجهة للندوة الوطنية حول دعم
األخالقيات بالمرفق العمومي ،الرباط ،.1-84 ،أكتوبر .1444
التقارير والوثائق الرسمية
المملكة المغربية رئيس الحكومة -البرنامج الحكومي ،يناير .8118
المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،الجماعات المحلية ،منشورات مركز التوثيق
للجماعات المحلية ،811. ،المديرية العامة للجماعات المحلية
الحكومة المغربية ،التقرير السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة برسم سنة
.8111
وزارة تحديث القطاعات العامة ؛ حصيلة منجزات الوزارة برسم سنة . 8112
المندوبية السامية للتخطيط ـ التقرير الوطني لسنة " ، 8111المغرب بين أهداف
األلفية من اجل التنمية وأهداف التنمية المستدامة" .
تقرير البنك الدولي حول وضعية اإلدارة المغربية لسنة .1441
تقرير الخمسينية للتنمية البشرية بالمغرب وآفاق سنة ، 8181اللجنة المديرية
الملخص التركيبي .
تقرير حول الموارد البشرية بالوظيفة العمومية ،منشورات وزارة الوظيفة العمومية
وتحديث اإلدارة ،برسم سنة .2013
تقرير حول مشروع ميزانية وزارة تحديث القطاعات العامة برسم سنة ، 8114
وزارة تحديث القطاعات العامة ،الرباط ،نونبر . 8112
التقرير العام للمناظرة الوطنية حول المراجعة الشاملة للنظام األساسي العام للوظيفة
العمومية ،تحت شعار "رفع التحديات من أجل تدبير ناجح وفعال" قصر المؤتمرات ،
الصخيرات ،يوم الجمعة ، 81يونيو .811.
التقرير اإلستراتيجي للمغرب ( )1444 -1442عن إنجاز مركز الدراسات
واألبحاث ،تطرق للصحافة والصحفيين .
بالغ صادر عن وزارة الداخلية بتاريخ 12شتنبر 8111على هامش االستحقاقات
الجماعية والجهوية لإلقتراع 19شتنبر .8111
مذكرة تقديم مشروع قانون رقم .1.1.يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات .
203
المناظرات
المناظرة الوطنية األولى للحكامة ،تحت شعار (اإللتقائية) ،الصخيرات ،بتاريخ -11
1.فبراير .811.
توصيات القمة العالمية لمجتمع المعلومات بمرحلتيها األولى المنعقدة في جنيف سنة
، 811.والثانية في تونس سنة .8111
القمة المنعقدة بمراكش أيام 81-12دجنبر ، 8114حول موضوع "التدابير المعتمدة
من الجماعات المحلية (الترابية حالي) والجهات اإلفريقية لمواجهات تداعيات األرمة
العالمية" ،تحت شعار' تطوير التنمية المستدامة وإنعاش الشغل
-كلمة السيد الوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ،التي ألقاها بمناسبة
افتتاح المناظرة الوطنية حول الحق في الحصول على المعلومات -رافعة للديمقراطية
التشاركية ،المنظمة تحت الرعاية السامية لجاللة الملك يوم الخميس 1.يونيو ، 811.
بفندق سوفتيل بالرباط.
ـ اعمال االيام الدراسية" ،المرأة ولوج مراكز القرار السياسي" ،إصدارات الجمعية
المغربية للبحث اإلداري ،العدد األول أبريل . 8111
عبد اللطيف الجبراني "،دور الموارد البشرية في تدبير الشأن العام المحلي"،
دروس موجهة إلى طلبة المعهد الملكي لإلدارة الترابية ،القنيطرة.811.،
دار الحديث الحسنية ،ندوة حول موضوع ":مجاالت تطبيق الشورى واالستشارة
في التجربة المعاصرة" ،الرباط ،في 81-82أكتوبر .8111
204
Ali Sedjari , « rapport introductif in la mise a niveau de
l’administration face à la mondialisation », Edition l’Harmattan1444 .
Debbach Charles: « science administratif », Dalloz 4émé édition
1980 .
Piérre Pougnaud, « Collectivité locale –comment moderniser »
Berger Levrault , gestion publique, 1991.
Cotteret Jean Marie : « Le pouvoir législatif en France », L. G.
D. J. Paris, 1962.
Lahbabi Mohamed « le gouvernement Marocain à l'aube du
2emé siècle » , les éditions Maghrébines Casablanca 1975
Zriouli Mohamed, « l’administration public au Maroc quel
avenir », édition Okad 1990.
Thèses et mémoire
Hasouni Abdellah, « La politique d’encouragement des
investissement privé étrangers au MAROC », thèse de doctorat d’Etat,
université des sciences juridique politique sociales et de technologie ,
stratsbourg, 1985
Milouda kerrouache , « l’approche genre dans la décentrasation
au Maroc » , mémoireDESA , faculté ,des sciences juridique
économiques et sociales, Agdal-Rabat , UFR : développement
politique et social ,2009-2010.
Aldred Saury , « Buraex et bureaucratie, passe universitaire de
France –que sai-je paris ,1967 .
Cozier Michel, Fridberg (f), « L’acteur et le système des
contraintes de l’action collective », édition du seul 1977.
Les articles
El Yaagoubi Mohammed: « Les grandes contradiction de la
reformes administratif au Maroc » REMALD, n° 28 , thème actuels
2001 .
leveau. R : « aperçu de l’évolution du système politique
Marocain depuis vingt ans », Machrek-Maghreb, N° 106 , 1984.
205
El Caid Hammouda: « l’administration et le problème de
l’emploi au Maroc », société nouvelle des impression et cartonnage
« IDEALE » Casa édition Aout 1981.
LUC de Wulf, « modernisation des secteurs publics dans les
P.V.D : in la mise a niveau de l’administration face à la
mondialisation » édition l’Harmattan, 0999.
Mathis .L : « gestion prévisionnelle et valorisation des
ressources humaines » les édition d’organisation , 0984.
Ben ali (d), « l’Etat nation à l’heur des mutations politico-
économiq ajustement économique et libéralisation politique » , in
l’Etat nation perspective des territoires , l’Hamattan 0999.
Tazi Mohamed Samir, Maroc, « Améliorer la gouvernance de
la gestion publique » la Lettre d’information trimestrielle du Groupe
de la B.M. au Maghreb, n° 05, 2007.
Boutayeb Nour-eddine , « participation de MEDCITES à
l’atelier de coordination autour des plans communaux de
développement » , ART GOLD-PNUD-DGCL , Rabat , 09-10 février
2010.
Programme des Nations Unies pour le Développement , Fiche
de Projet Gouvernance – développement humain ,2005-2006.
OCDE ,Flexibilité dans la gestion du personnel de
l’administration publique , étude sur la gestion publique, paris, 0990.
secrets d’Etat , « administration au Maroc – le défi du droit a
l’information », CMF MENA , Rapport d’une enquête Casablanca ,
Mai 2007 .
WEBER max , « le savant et l politique cité par jean
luis (quermonne) » , l’appareil administratif de l’Etat. Edition du seuil.
Encyclopédia Universalis , Coprus 15 , Messiaen Nataliat 1991
Rencontre et Séminaire :
Colloque « Bonne gouvernance locale et financements
internationaux » , UE-AIMF, 24 Octobre 2007.
206
genre et gouvernance « pour un développement local
équitable ,DGCL-USAID , Marakkech , 29 novembre 2007 .
Rapport préliminaire, « Le parcours de l’investisseur au
MAROC- l’agence des ETATS-UNIS pour le développement
international », price water house Cooper, novembre 1998 .
Jean-Emile VIÉ « les septs plaies de la décentralisation », La
Revue administrative, 39e Année, No. 230 Mars- Avril 1986.
Programme ART/GOLD Maroc : Appui aux Réseaux
Territoriaux et Thématiques/Gouvernance et Développement
Local ; RAPPORT D’ACTIVITES , 2006.
Saïd Balbachir : « Administration locale au Maroc ».
Bruno Remonde, « Le couple état région et la mais en
place des politique – in région croisé des chemnes perspectives
fronçais et enjeux Européen » s/d Elaizabith dupioner presse de
la fondation nationale des sciences politiques Paris 1998.
Gllovedec-Genuts (f), « problème et méthodes
d’amélioration de la communication à l’intérieur de
l’administration et entre celle-ci et la population en tenat compte
des différentes contexte socio-culturel in cootro (la proche
socio-culturelle communicative et participative de
l’administration publique) », IISA_unisco 1986.
DELAUBADERE (ANDR2) : « l’accès des citoyen aux
documents administratifs », AJDA 1977 .
207
Webographie :
: وزارة الوظيفة العمومية و تحديث اإلدارة ؛ الموقع اإللكتروني، المملكة المغربية-
http://www.mmsp.gov.ma
www.stopcorruption.ma البوابة اإللكترونية" أوقفو الرشوة-
1.1. http://www.villedesale.ma
1.2. http://www.serveces- public.ma
1.3. www.Maroc.gov.ma
1.4. http://www.service-public.ma
1.5. http://www.data.gov.ma
1.6. http://www.fikra.gov.ma
1.7. http://www.watiqa.ma
1.8. http://www.maroc.ma
الفـ ـ ـ ـ ــهرس
1 ..........................................................................................مقدمة
208
81 المبحث األول :أسس ومرتكزات اإلدارة الجماعية …………………………
81 المطلب األول :المقومات المؤسساتية لتحديث اإلدارة الجماعية………………….
88 الفقرة األولى :المؤسسات الدستورية الفاعلة في مجال التحديث…………………..
88 أوال :املؤسسة امللكية كفاعل رئيسي يف التحديث
اإلداري……………………….
اجلماعات……….
209
28 ثانيا :ضعف أداء النخب الجماعية…………………………………………..
22 المطلب الثاني :التحديات الخارجية التي تواجه اإلدارة الجماعية……....................
20 الفقرة األولى :اإلدارة الجماعية وتحديات العولمة ……………………………..
21 أوال :دور المساعدات الدولية في الضغط في اتجاه تحديث اإلدارة الجماعية………...
22 ثانيا :المساعدات الدولية وهدف إدماج الدولة في النظام العالمي…………………..
الفقرة الثانية :اإلدارة الجماعية وتحدي االستثمار الخارجي……………………… 22
22 أوال :اإلدارة الجماعية وإشكالية عدم مواكبة تحديات العولمة…………………….
ثانيا :مناهج التدبير الحديثة بوابة لتأهيل اإلدارة الجماعية22 ………………………..
الفصـــــــــــل الثاني :نحو إدارة جماعية حديثة…22 ……………………….........
المبحث األول :إستراتيجية تحديث اإلدارة الجماعية بالمغرب……108 ………......
المطلب األول :جهود السلطات العمومية في عملية التحديث اإلدار……102 ……….....
الفقرة األولى :الحكامة اإلدارية الجيدة مدخل أساسي لتحديث اإلدارة الجماعية102 ……...
أوال :الحكامة الجيدة كآلية لتحديث اإلدارة الجماعية …………………………… 102
102 ثانيا :التخليق الشامل كإحدى مستلزمات الحكامة اإلدارية الجيدة………………….
113 الفقرة الثانية :تثمين الموارد البشرية وتحسين قدراتها………………………….
112 أوال :التدبير الحديث للموارد البشرية ……………………………………….
180 ثانيا :المفهوم الجديد للسلطة كأساس لتجديد العالقة بين اإلدارة والمواطن…………..
المطلب الثاني :تحقيق الشفافية اإلدارية مدخل أساسي لتحديث اإلدارة الجماعية…… 182
املواطن……………………………
182 ثانيا :النهوض جبودة االستقبال واإلرشاد كأساس لخلق التقارب بني
اإلدارة واملواطن…
121 الفقرة الثانية :دور تبسيط المساطر واستعمال التكنولوجيا في تحسين عالقة اإلدارة بالمواطن…...
210
121 أوال :تأثري تبسيط املساطر واالجراءات اإلدارية على عالقة املرتفق
باإلدارة……….
اجلماعية………………
211
212