Professional Documents
Culture Documents
الحكمة الثانية
الحكمة الثانية
إرادتك التجريد مع إقامة هللا إياك في األسباب من الشهوة الخفية ،وإرادتك األسباب
.مع إقامة هللا إياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية
:شرح الحكمة
حالة األسباب :فيجد اإلنسان نفسه متقلبا في سلطان األسباب ال مناص له من التعامل-
مع أسباب يتعامل معها و يتحرك فيها
حالة التجريد :أي أن اإلنسان يجد نفسه معزوال عن سلطة األسباب ،فتكون بعيدة منه
و عن المناخ الذي أقامه هللا فيه
.و من ث م ف اإل نسان يجب أن يت عرف على ح الته ،و يت عامل معها ،فال يعمل هواه
لمن أقيم في عالم التجريد ،طلبعلم ،و طاعاتو دراسة دين هللا
لمن أقيم في عالم األسباب ،يتمثل في خدمة أمته ،و اإلخالص في أداء مهمته
...لكن
ال ننسى أن هناك طاعاتيشترك ف يها كل الفئات
:الحكمة الثالثة
سوابق الهمم ال تخرق أسوار األقدار
:شرح الحكمة
و هنا قد يس أل سائل :إن كان الرزق مسطرا في علم هللا ف فيم السعي وراءه إذن و
لماذا نتعامل مع األسباب؟؟
و الجواب ألن هللا عز و جل أقامنا في خضم األسباب و أمرنا ب الت عامل معها مع اليقين
أن الفاعلية (النتيجة) يتبع إلرادة هللا و حكمه ،و كل القوانين و األنظمة الكونية إنما
هي من تدبير هللا عزو جل ،فانظر إلى اآليات التالية)هّللا ُ الَ ِإ َل َ
ـه ِإالَّ ه َُو ْال َح ُّي
س َم اء َو اَأْل ْر ُ
ض وم ال َّ جل(وم ِْن َآي ات ِِه َأن َت قُ َ
َ وم)البقرة ،255 :و قوله عز و ْال َق ُّي ُ
ض َأن َت ُز واَل َو َلِئن ِب َأ ْم ِر هِ)الروم ،25 :و قوله أيضا )ِإنَّ هَّللا َ ُي ْم سِ ُك َّ
الس َم َاو اتِ َو اَأْل ْر َ
َز َال َت ا إن أمسكهما ِم ْن َأ َح ٍد ِّم ن َب ْع ِد ِه ِإن َُّه َكانَ َحلِيما ً َغفُ وراً)فاطر41:
.ف ه ذ ه اآليات ت بين أن األسباب إنما ت ستمد ف اعليتها ونتيجتها من هللا عز و جل
ث م قد يس أل السائل ،ف فيم إذن التعامل مع األسباب؟ لماذا نجلس ف ننتظر حكم هللا و
سلطانه؟؟
و الجواب أن التعامل مع هللا يكون ب اال نسجام مع أوامره و التعامل مع نظامه ،ف إن
جعنا نأكل ،و إن مرضنا نتداوى ،و إن ظمئنا نشرب ،و مع كل هذا ال فاعلية إال هلل ،و
ال تأثير إال بحكم هللا .و انظر إلى قصة السيدة مريم العذراء حين أنبت هللا لها التمر
(و ه ُِّز ي
في غير ميعاده وأسقطها في حجرها لكن هللا سبحانه أمرها بهز جذع النخلة َ
ِإ َل ْي كِ ِب ِج ْذ ِع الن َّْخ َلةِ) مريم ،25:ف ق د أمرها ب القيام ب وظيفة التعامل مع األسباب ،و هي
.هز جذع النخلة ،و تكلف هللا برزقها
أمااألثرالتربويحين تتعامل شرعيا مع األسباب ،فهواليقينالذي يمأل قليك ،و لسانك
الذي سيكون دائما في حالة شكر و حمد و ثناء عليه عزو جل ،و تزداد ثقتك باهلل و
.الطمأنينة إلى قضائه و قدره
هكذا إذن يكون المسلم ،يت عامل مع األسباب مع اليقين التام في هللا و قضائه و قدره،
تنفيذا لوصية الرسول صلى هللا عليه و سلم من حديث أبي هريرة رضي هللا عنه الذي
رواه مسلم (...استعن باهلل و ال تعجز ،و إن أصابك شيء فال تقل لو أني فعلت كذا
.لكان كذا ،فإن لو تفتح عمل الشيطان ،و لكن قل قدر هللا و ما شاء فعل)