Professional Documents
Culture Documents
خرافة الإحتلال الإسلامي لشمال افريقيا
خرافة الإحتلال الإسلامي لشمال افريقيا
خرافة الإحتلال الإسلامي لشمال افريقيا
=========================================
تنبيه هام إلخوتنا األمازيغ :بعض الشهادات التاريخية في هذا البحث يمكن أن تبدو جارحة أو مهينة بعض الشيء ،و لكنها
شهادات حول األمازيغ الوثنيين الذين كانو يعيشون في كنف الرومان ،و ليس األمازيغ المسلمين الذين هم إخوتنا و تاج
رؤوسنا ،و ليس أيضا األمازيغ غير المسلمين الذين لم يكونو تابعين للروم و استقبلو الفتح اإلسالمي بدون قتال ألنهم رأوه
تحريراً لهم من ظلم و جور الروم البيزنطيين.
=========================================
.
.
.
ً
-هل كانت شمال إفريقيا بالدا حرة مستقلة يحكمها األمازيغ أم أنها كانت تحت اإلحتالل ؟ و هل مر يوم عليها قبل
الفتوحات كانت فيه موحدة تحت راية واحدة أو كيانا مستقالً بذاته ؟
يقول المؤرخ الفرنسي "غوتييه" عن حالة شمال إفريقيا عبر التاريخ ما نصه (( :بقدر ما رجعنا في ماضي (شمال
إفريقيا) ،سنجد و نرى سلسلة متواصلة من الهيمنة األجنبية :قام الفرنسيون بخالفة األتراك الذين قاموا بخالفة العرب
الذين قاموا بخالفة البيزنطيين الذين قاموا بخالفة الوندال الذين قاموا بخالفة الرومان الذين قاموا بخالفة القرطاجيين
الفينيقيين....و نالحظ أن الفاتح أيا كان ،ال يزال سيد و حاكم دول المغرب حتى يتم طرده أو انتزاع حكمه من فاتح آخر
جديد خلفا ً له....طيلة تاريخ هذه األرض لم يتمكن أبداً سكانها Pالمحليون من طرد سيدهم]1[ .)) .
.
.
.
-من كان يحكم شمال إفريقيا عند قدوم السلمين إليها ؟ األمازيغ أم اإلحتالل البيزنطي ؟
نجد اإلجابة في أحد السجالت التاريخية الالتينية المعنية بالشؤون العربية-البيزنطية ،حيث نقرأ منها نصا ً صريحا ً يقول:
(( الوالي الرومي "غريغوري" يتحكم بكل شيء بين طرابلس و طنجة ))]2[ .
و ننقل أيضا ً تعليق ابن خلدون على الوضع السياسي في شمال إفريقيا قبل اإلسالم حيث قال (( :وكذا األمة الذين كانوا
بإفريقية غالبين على البربر ونازلين بمدنها وحصونها إنما كانوا من الفرنجة )) []3
.
.
.
-كيف كانت حال األمازيغ قبل الفتوحات ؟ هل كانوا يعيشون في ازدهار و ثراء أم أنهم كانوا يعيشون في فقر مدقع تحت
الظلم و القمع البيزنطي؟
كان الحال سيئا لدرجة أن شمال إفريقيا كادت Pتفقد مواردها و ثرواتها بسبب البيزنطيين ،حيث يخبرنا المؤرخون أنه:
((...تعددت الضرائب و اإلتاوات على اختالفها و كثرت نفقات الدولة ،فثقلت المغارم على الرعايا مما حمل المؤرخ
"بروكوب " Procope-على القول بأن الظلم و التعدي الصادرين عن اإلدارة البيزنطية فيما يتعلق بالمسألة المالية كانا
سببين في امتصاص ثروة البالد المغربية و إفقار أهلها]4[ )) .
.
.
.
-هل كان األمازيغ أبداً متوحدين ؟ هل كانوا في يوم ما أمة واحدة أو شعبا ً واحداً أو كان عندهم أي شعور بالقومية أو
اإلنتماء القومي إلى األمازيغ ؟
يخبرنا المؤرخ البريطاني المرموق "هيو كينيدي" عن طبيعة انتماءات األمازيغ ما نصه:
(( كانت سكنى األمازيغ تمتد من حدود وادي النيل في الشرق و حتى بالد المغرب في الغرب.....و لم يكونوا بأي شكل
من األشكال متوحدين سياسيا ً بل كانو ينتمون إلى عدد ضخم جداً من القبائل المختلفة]5[ .))...
و قد كانت الحروب و المناحرات الدموية بين األمازيغ شديدة الوطئة ،حيث أن البيزنطيين قد زرعوا بذور الفتنة و الشقاق
في صفوف األمازيغ بعد احتاللهم لشمال إفريقيا ،و استمالوا بعض قادة األمازيغ و ألّبوهم ضد األمازيغ اآلخرين و
اختلقوا الحروب األهلية بغية إضعاف السكان حتى تسهل السيطرة عليهم تطبيقا ً لمبدأ "ف ّرق تسد"]6[ .
.
.
.
-و هل كانوا جميعا ً سكان شمال إفريقيا منذ القدم أم أن بعضهم قد هاجر إليها في وقت متأخر و قبل قدوم الفتوحات
بقليل ؟
بعد دراسة اآلثار التي تركتها المستوطنات المتأخرة في غرب ليبيا في أواخر العصر البيزنطي ،تبين أن هناك قبائالً من
األمازيغ لم تأتي إلى شمال إفريقيا إال في منتصف القرن السادس الميالدي (قبل الفتوحات اإلسالمية بقرن واحد فقط)،
حيث كانت هناك حركة هجرة منبثقة من مصر و منطقة برقة باتجاه طرابلس و ما حولها]7[ .
.
.
.
-هل كان األمازيغ قبل الفتوحات مسالمين و تاركين للشعوب المجاروة في حالها أم أنهم كانوا هم أيضا غزاة محتلين ؟
يخبرنا المؤرخ األمريكي "والتر كايغي" بأن قبائل األمازيغ في زمن الفتوحات كانت قبائل غازية للشعوب المجاورة و
تقوم بتدمير كل ما تجده في طريقها ،خصوصا ً تلك المناطق التي تق ّل بها الحامية العسكرية و الحراس ،حيث يقول أثناء
حديثه عن وضع الجيوش اإلسالمية في مصر ما نصه:
(( لم يكن هناك الكثير من الجنود المتوفرين ليتمركزوا في غرب مصر و نوميديا و البطريركيات اإلفريقية ،و التي كانت
مكشوفة أمام غزوات األمازيغ ذات اآلثار الكارثية البشعة]8[ .)) .
.
.
.
-هل كان العرب هم الذين أتوا بالعبودية إلى شمال إفريقيا ؟ أم أن األمازيغ هم الذين كانو يستعبدون بعضهم البعض و
يبيعون بعضهم البعض لألمم األخرى حول العالم ؟
يجيبنا عن هذا القديس "أغوسطينوس" (مات سنة 430ميالدية) الذي كان هو نفسه أمازيغيا ً و أحد آباء الكنيسة حول
العالم ،حيث يخبر في أحد رسائله إلى القديس "آليبيوس الطاغاسطي" عن مدى ضخامة و فظاعة ممارسات Pالعبودية في
شمال إفريقيا في ذلك الزمن قائالً:
(( إن هناك الكثير من هؤالء في إفريقيا و المعروفين عامة بـ"اإلستعباديين" ،و الذين قاموا بتجفيف إفريقيا من البشر و
إفراغ مساحات Pشاسعة من أراضيها من السكان و نقلوهم كالبضاعة للمناطق األخرى عبر البحر ،كل هؤالء العبيد كانو
أحراراً في األصل]9[ .)) .
و قد أكدت المؤرخة األمريكية "سينثيا نيلسن" أن أوغسطينوس كان يقصد شمال إفريقيا على وجه التحديد بهذه العبارات و
ليس إفريقيا بالكامل]10[ .
.
.
.
-ما مدى درجة العبودية التي وصلت إليها بالد شمال إفريقيا قبل اإلسالم ؟ و من كان يستعبد من ؟
الواقع هو أنه لم يكن يوجد بيت في شمال إفريقيا و ليس فيه عبيد ،على األقل عبد ذكر و جارية أنثى ،و كانوا يعيشون مع
باقي األسرة داخل المنزل.
و يذكر أيضا ً أن األمازيغ هم الذين كانو يقومون ببيع أبنائهم و بناتهم إلى اآلخرين لتخفيف المصاريف الناتجة عن
الضرائب الثقيلة ،حيث كان اإلبن أو البنت يباعون ليصبحو خدما ً عند اآلخرين حتى يبلغو منتصف العقد الثالث من
أعمارهم]11[ .
.
.
.
-بعد الفتوحات اإلسالمية ،من الذي كان يقوم بالسبي و يستعبد األمازيغ و يبيعهم للعرب ؟ هل كان العرب أنفسهم أم كان
األمازيغ هم الذين يفعلون هذا ببني جلدتهم ؟
تتحدث المؤرخة األمريكية "إليزابيث سافاج" Pعن وضع نظام السبي و الرق بعد الفتوحات اإلسالمية قائلة:
(( لقد كان الطلب على العبيد مستمراً حتى بعد انتهاء الفتوحات , P،و كان التجار الشمال-إفريقيون هم الذين يقومون بتلبية
هذا الطلب بعد ذلك بفترة قصيرة]12[ .)) .
.
.
.
-هل قاوم كل األمازيغ الفتوحات اإلسالمية أم أنهم رحبوا بها ؟
.
يقول المؤرخ األسترالي "مايلز لويس" عن ذلك ما نصه (( :إن الموجة األولى من الفتوحات العربية كان ينظر إليها على
نطاق واسع على أنها قوات تحرير جائت لتطرد البيزنطيين الذين كانوا مكروهين بسبب ضرائبهم الثقيلة و موقفهم
المتعنت تجاه المذاهب المسيحية المحلية التي كانو يعتبرونها حركات هرطقة ضالة]13[ )) .
المفاجأة هي أن أول لقاءات العرب باألمازيغ لم تكن بالقتال أو الحرب ،حيث لم يحاول عمرو بن العاص أن يبدأهم
بالقتال ،بل إن قبائل األمازيغ غير الخاضعين للسيطرة البيزنطية في النصف الشرقي من ليبيا (و الذين كانو يكرهون
البيزنطيين و يحقدون عليهم أشد الحقد بسبب القمع الذي تعرضوا له من قبل قادتها) ،قد رحبو بقدوم المسلمين و عقدوا
معهم معاهدة سالم و صلح ،و وافقوا على دفع ضريبة معينة بشكل سنوي أو اإلستعاضة بذلك عن طريق بيع ما لديهم من
عبيد إلى العرب ،حيث كان األمازيغ في ذلك الوقت أكبر تجار العبيد في شمال إفريقيا]14[ .
هذا و تتفق كل المصادر التاريخية على أن فتح برقة كان صلحا ً و ليس عنوة ،حيث لم نسمع بمصدر تاريخي موثوق يقول
بأن برقة فتحت بالقتال]15[ .
.
.
.
-هل قام األمازيغ بمساعدة العرب في فتح شمال إفريقيا ؟
كان هناك الكثير من األمازيغ الذين ساعدوا العرب أثناء تقدمهم ضد قوات الروم البيزنطيين ،فمثالً ،كانت عندما وصل
المسلمون إلى تونس لم يقاتلوا األمازيغ بل قاتلوا "سيباستيان" الوالي البيزنطي عليها ،أما األمازيغ الذين كانو يسكنونها فقد
عرض الكثير منهم بالتسليم و الطاعة للمسلمين بدون أي قتال كما حدث في قرطاجنة ،أما سوسة فقد قام أهلها من
األمازيغ بفتح بواباتها أمام المسلمين و تسليمها لهم بدون قتال بعد أن هرب منها الروم]16[ .
و حتى في الجزائر ،قابل المسلمون بقيادة عقبة بن نافع مقاومة عنيفة من قبل الروم و معهم بعض األمازيغ ،بينما في نفس
الوقت أتت الكثير من القبائل األمازيغية إلى معسكر المسلمين طوعا ً و انضموا إليهم بدون قتال ،بل و أصبح الكثير منهم
يقاتلون في صف المسلمين ضد البيزنطيين ومن حالفهم من األمازيغ......أما األمازيغ الذين كانو يقاتلون في صف
البيزنطيين ،فحتى بعد هزيمتهم قام عقبة بمسامحتهم على ذلك و لم يعاقبهم ،بل قبل منهم اإلستسالم و ضمّهم إليه]17[.
.
.
.
-ماذا عن األمازيغ الذين قاوموا الفتوحات ،هل قاوموها كحركة قومية تحررية أم كانوا فقط جنوداً و عمالء في الجيش
البيزنطي ؟
اإلجابة هي :ال ألن الحاكم البيزنطي "غريغوري" واألمازيغ الذين يقاتلون معه كانوا يقولون أنهم يقاتلون في سبيل
اإلمبراطورية البيزنطية و دفاعا ً عن مستعمراتها وليس عن األمازيغ أو بالد األمازيغ ،حيث كانوا يرون مهمتهم Pعلى أنها
"إنقاذ لبيزنطة من التهديد العربي كما قام هرقل من قبلهم بإنقاذها من قبضة الفرس"]18[ .
و نرى في أكثر من موضع أن المدن التي القى فيها المسلمون مقاومة لم تكن أمازيغية صرفة ،بل كانت تحت سيطرة
الروم البيزنطيين بشكل أو بآخر.
-ماذا عن الزعيم األمازيغي "كسيلة" ؟ هل كان يقاتل في سبيل التحرر والقومية األمازيغية أن كان فقط يخوض صراعا ً
في سبيل الكرسي والسلطة؟
ال يعرف الكثيرون أن "كسيلة" كان يشهد أن ال إله إال هللا و أن محمداً رسول هللا ،وقد شهد له المؤرخون بحسن إسالمه،
و أنه كان مجرد مالزم عند عقبة بن نافع ،و يحارب في صفوف المسلمين ضد البيزنطيين و من معهم من األمازيغ [
،]19حيث أنه و قومه قبل اإلسالم كانوا نص ارى و تحت السيطرة البيزنطية ،و قاموا باإلنضمام إلى العرب المسلمين
طوعا ً عند وصولهم إليهم]20[ .
و لكن السبب الحقيقي النشقاقه عن عقبة كان سياسيا صرفا ً ،حيث يذكر المؤرخون أن عقبة لم يكن يعامله على أنه ملك أو
زعيم ،بل كان يعامله كما يعامل باقي القادة المسلمين ،مما خلق في داخل كسيلة شعوراً باإلحتقار ألنه رأى أن هذا
استخفاف به و بمكانته ،فقرر أن ينقلب على عقبة و يستولي هو على البالد بدالً منه.....و قد صدرت منه الخيانة بسبب
هذا و أعلم البيزنطيين بتحركاته حتى يضمن انشغال المسلمين بمقاتلتهم بدالً من أن يواجههم لوحده]21[ .
زد على هذا أن هناك من المسلمين ممن لم يقاتل كسيلة و لم يرضى بقتاله ألنه كان في نظرهم مسلما ً و بالتالي ال يجوز
بدءه بالقتال ،و حتى المدن التي بناها المسلمون التي استولى عليها من عقبة و أبي المهاجر كان بها الكثير من العرب و
المسلمين ،و بقو يعيشون فيها حتى بعد أن سيطر عليها كسيلة]22[ .
وحتى بعد انتصار كسيلة ومن معه ،فقد انقلب هو وأتباعه على بعضهم البعض وتفرقوا إلى أحزاب متصارعة ،مما مهد
لرجوع المسلمين مرة أخرى]23[ .
و بهذا نرى أن الحرب التي وقعت بين كسيلة و غيرهم لم تكن حربا ً تحررية أو حركة مقاومة قومية ،بل كانت مجرد
صراع سياسي هدفه الوصول إلى الكرسي.
.
.
ً
-ماذا عن الكاهنة "ديهيا" ؟ أليست رمزا للمقاومة األمازيغية ضد اإلحتالل العربي الغاشم؟
هناك الكثير من األسباب الرئيسية التي تجعلنا ال نميل إلى تصديق هذه الخرافة ،حيث أن الحقائق التالية تظهر لنا عكس
ذلك بالضبط:
أوالً ،الكاهنة لم تكن ال قائدة قومية و ال غيره ،بل كانت امرأة يهودية من قبيلة أمازيغية تدين بالديانة اليهودية]24[ .
ثانيا ً ،لم تكن ثورتها حركة مقاومة ،بل كانت فقط حركة ثأر قبلي هدفه الثأر لكسيلة الذي قُتل في أحد المعارك ضد
المسلمين ،و قد كان خطابها األساسي مركزاً على الثأر لدم كسيلة و ليس على التحرر المزعوم ]25[ .حيث تذكر بعض
المصادر أن "كسيلة" كان إبن الكاهنة و أن الكاهنة كانت أ ّما ً له]26[ .
ثالثاً ،لو كانت حركة الكاهنة فعالً حركة تحررية قومية ،لما كانت تعمل تحت إمرة اإلحتالل البيزنطي و تمهد له احتالل
البالد من جديد ،حيث أنها حاربت المسلمين أثناء محاربتهم للبيزنطيين ،و بعد نجاح تمردها قام البيزنطيون فوراً بالرجوع
إلى شمال إفريقيا و سيطروا على قرطاجة]27[ .
رابعا ً ،أن قوات الكاهنة كان في صفوفها الكثير من اليونانيين/اإلغريق [ ،]28فإذا كانت حركة تحرر أمازيغية صرفة،
فما دخل اإلغريق بها و لماذا كانوا مشاركين فيها ؟
خامسا ً ،حقيقة انضمام اآلالف من األمازيغ إلى صفوف جيوش المسلمين في حربهم ضد الكاهنة ،حيث كان هناك الكثير
من األمازيغ الذين يكرهون الكاهنة و ذهبوا إلى العرب و طلبوا منهم أن يأتوا و يحرروهم من قبضتها و جبروتها]29[ .
.
.
.
-من الذي قام بتدمير مدن و مزارع شمال إفريقيا ؟ هل دمرها العرب أم دمرها األمازيغ بأمر من الكاهنة ؟
الكاهنة هي التي أصدرت أوامرها إلى األمازيغ بتدمير كل مدن شمال إفريقيا بالكامل حتى ال يستفيد منها المسلمون ،و
كما قال المؤرخون (( :قام األمازيغ بتدمير المدن و القرى ،أما المعادن الثمينة و كل ما ال يمكن تدميره و له قيمة فإنهم
حملوه معهم إلى حصونهم في الجبال.....من طرابلس و حتى طنجة ،عانت كل المدن و القرى من آثار هذا التدمير )) [
]30
.
و لم يقف األمر عند هذا الحد ،بل قامت أيضا ً بحرق كل المحاصيل و المزارع و البساتين و حولتها إلى رماد ،مما أثار
حنق و غضب الكثير من األمازيغ الذين كانو يرفضون دعمها أو الوقوف إلى جانبها ،و تسببت أفعالها في جعل الكثير من
األمازيغ (حتى من أتباعها) يهجرونها و يهربون منها و من استبدادها [.]31
و األكثر من هذا هو أن الكثير من األمازيغ المنضمين تحت لوائها أدركو فداحة الخطأ الذي ارتكبوه بعدما جربوا قسوتها
و طغيانها و استبدادها في الحكم ،فقام الكثيرون منهم بالهرب منها و اإلنضمام إلى المسلمين ليحاربوا فيما بعد تحت راية
اإلسالم ضد الكاهنة و أتباعها]32[ .
.
.
-حقيقة مثيرة ال يعرفها الكثيرون عن الكاهنة ،بينما يحاول اآلخرون جاهدين إخفائها مع أنها مذكورة في كتب المؤرخين:
الكاهنة كانت تعرف أنها على خطأ ،حيث أنها أرسلت أبنائها إلى معسكر المسلمين ،و أمرتهم باعتناق اإلسالم و اإلنضمام
إلى جيش المسلمين و حتى أن يحاربوا معهم ضدها]33[ .
و فعالً ،فقد انضم أبناء الكاهنة إلى جيوش المسلمين و اعتنقو اإلسالم ،و لم يكونوا مجرد جنود عاديين في الجيش
اإلسالمي ،بل تم تنصيبهما قائدين على فيالق اآلالف من األمازيغ الذي كانو يقاتلون في صفوف المسلمين ،حيث كان
تحت كل منهما 12,000أمازيغي يحارب في جيش المسلمين ضد الكاهنة و من معها]34[ .
.
.
.
-هل قام المسلمون حقا ً باستعباد أعداد ضخمة من األمازيغ بعد هزيمة الكاهنة كما تورد بعض الروايات ؟
يرى المؤرخون في العصر الحديث أن هذه األرقام و اإلحصاءات التي تذكرها المصادر القديمة ال تمت للواقع بصلة،
حيث يقول المؤرخ البريطاني "هيو كينيدي" عن هذه القضية بالذات:
(( في قصة حملة موسى بن نصير على المغرب ،فإن عدد األسرى الذين تم سبيهم و إرسالهم إلى المشرق هو الذي يطغى
على كل الروايات...لقد تم تضخيم و تهويل هذه األرقام بشكل حماسي مستهتر و غير مسؤول ،و أصبح الجهاد اإلسالمي
يبدو بشكل غير مريح و كأنه مجرد غزوة استعباد هائلة]35[ )) .
و بغض النظر عن عددهم الحقيقي ،فإنه ال يجب إغفال حقيقة مهمة بخصوص مصيرهم ،أال و هي أن هناك الكثير منهم
ممن تولّو مناصب عليا في الدولة األموية ،حيث أصبح البعض منهم والة و حكاماً Pلواليات األمويين في شمال إفريقيا ،و
أيضا ً كانت لهم اليد العليا و دور استثنائي و رئيسي في فتح إسبانيا]36[ .
.
.
.
-هل قام المسلمون بإجبار األمازيغ على اعتناق اإلسالم بالقوة و اإلكراه ؟ و هل اعتنقوا اإلسالم جميعا ً دفعة واحدة بسبب
الهزيمة العسكرية أمام المسلمين كما يدعي البعض ؟
إن من أكبر األدلة على كذب هذا اإلدعاء هو أن الكثير من األمازيغ بقو على الديانة النصرانية و الديانات الوثنية حتى
نهاية العصور الوسطى ،حيث يخبرنا المؤرخ البريطاني "توماس آرنولد" ....(( :إن اعتناق األمازيغ الإلسالم كان بال
شك عملية استغرقت قرونا ً عديدة ،و حتى في يومنا الحاضر فإنهم ال يزالون يحتفظون بالكثير من عاداتهم البدائية التي
تتعارض مع الشريعة اإلسالمية]37[ )) .
و يكفينا أن نعرف أن أمازيغ المناطق الداخلية (الجنوب الغربي للجزائر و بالد المغرب) التي لم تصلها الفتوحات كانو
على دين اإلسالم حتى قبل أن يطأ أراضيهم جندي عربي واحد ،حيث أن القوات العربية لم تتجاوز حدود المناطق التي
كان يسيطر عليها الروم البيزنطيون في الشمال و لم تتوغل فيها إلى الداخل ،و مع هذا فقد كان األمازيغ في تلك األراضي
معتنقين لمبادئ الدين اإلسالمي و إن كانت الممارسات Pالدينية اإلسالمية غير منتشرة فيما بينهم ،حيث أنه لم يكن هناك
مسلمون عرب في مناطقهم ليفقهوهم بالدين]38[ .
و حتى نأتي بحقيقة الحال بشكل عام و مختصر ،فإننا نقتبس من "تاريخ إفريقيا الشمالية" التابع للموسوعة البريطانية:
(( إن أسلمة األمازيغ كانت نتيجة للفتح العربي ،و لكن مع هذا لم يتم إجبارهم على اعتناق اإلسالم بالقوة و اإلكراه ،و ال
حتى إخضاعهم لنشاطات دعويّة ممنهجة من قبل فاتحيهم]39[ .)) .
.
.
-هل تسببت الفتوحات اإلسالمية بتدمير شمال إفريقيا ؟ هل كان قدوم المسلمين وباالً على المدن و الحضارة في تلك
البالد ؟
هذه النظرة التقليدية التي يعتقد بها الكثير من الناس ليس لديها أي أساس أثري أو تاريخي ،بل على العكس ،فإن العلماء
اكتشفو ما يضاد هذه النظرية بالضبط ،حيث تخبرنا البروفيسورة األمريكية "كوريساندي فينويك" عن جهود بعض العلماء
و الباحثين األثريين في تحطيم هذه النظرة قائلة:
(( بتأكيدهم على استمرارية الحياة الحضرية و مستويات التجارة و ازدهار الريف حتى القرن الرابع عشر ،فإنهم يؤكدون
بأن الدمار الكارثي الذي تسبب به الفتح العربي في القرن السابع ليس إال مجرد خرافة]40[ .)) .
.
.
.
.
:المصادر و المراجع
=============
.
.
E.F.Gautier, Le Passe de l'Afrique du Nord, p.24 - ]1[
.
The Byzantine-Arab Chronicle of 741, Passage No.24 - ]2[
.
- ديوان المبتدأ و الخبر في تاريخ العرب و البربر و من عاصرهم من ذوي الشأن األكبر (دار الفكر، ابن خلدون- ] 3[
140 صـ، الجزء السادس،)2000
.
150 صـ،) إفريقيا الشمالية في العصر القديم (دار الكتب العربية، محمد محيي الدين المشرفي- ] 4[
.
Hugh Kennedy, The Great Arab Conquests: How the Spread of Islam Changed the World - ]5[
We Live In, p. 205
.
156-153 صـ، المصدر السابق، المشرفي- ]6[
Isabella Sjostrom, Tripolitania in Transition: Late Roman to Islamic Settlement: With a - ]7[
catalogue of sites (Aldershot, 1993), p.26
.
Walter E. Kaegi, Byzantium and the Early Islamic Conquests, p.42 - ]8[
.
William Harmless, Augustine in His Own Words, p.102 - ]9[
.
Cynthia R. Nielsen, Divjak Letter 10* and St. Augustine as Socio-Political Activist (Part - ]10[
II)l
http://percaritatem.com/tag/divjak-letter-10
.
Joseph T. Kelley, Saint Agustine of Hippo: Selections from Confessions and Other - ]11[
Essential Writings - Annotated and Explained, p.178
.
Elizabeth Savage, Berbers and Blacks: Ibadi Slave Traffic in Eighth-Century North - ]12[
Africa, (The Journal of African History, Vol.33, No.3 (1992), p.353
.
Miles Lewis, Ifriqaya: Notes for a Tour of Northern Africa in September-October 2011, - ]13[
p.32
.
Robert G. Hoyland, In God's Path. The Arab Conquests and the Creation of an Islamic - ]14[
Empire, p.79
.
29 صـ، تاريخ شمال إفريقيا من الفتح اإلسالمي إلى نهاية الدولة األغلبية، عبد العزيز الثعالبي- ] 15[
.
39-38 صـ، المصدر السابق، الثعالبي- ]16[
.
52-51 صـ، المصدر السابق، الثعالبي- ]17[
.
Hoyland, Ibid, p.80 - ]18[
207 صـ، الجزء الثالث،)1997 - الكامل في التاريخ (دار الكتاب العربي، ابن األثير- ] 19[
Hsain Ilahiane, Historical dictionary of the Berbers (Imazighen), p.83 - ]20[
.
209-208 صـ، المصدر السابق، ابن األثير- ]21[
.
56 صـ، المصدر السابق، الثعالبي- ]22[
.
Kevin Shillington (ed.), Encyclopedia of African History, vol. 2, p.889 - ]23[
.
Shlomo Sand, The Invention of the Jewish People (2009), pp.199-206 - ]24[
.
61 صـ، المصدر السابق، الثعالبي- ]25[
.
Hoyland, Ibid, p.143 - ]26[
.
Alan G. Jamieson, Faith and Sword: A Short History of Christian-Muslim Conflict, - ]27[
pp.22-23
.
Andrew Sharf, Byzantine Jewry: From Justinian to the Fourth Crusade (1971), p.54 - ]28[
.
Kennedy, Ibid, p.221 - ]29[
.
Kahar Wahab Sarumi, Islam in North Africa and Spain, p.16 - ]30[
.
Abdelmajid Hannoum, Historiography, Mythology and Memory in Modern North - ]31[
Africa: The Story of the Kahina, Studia Islamica, No. 85 (1997), p.88
.
Andre N. Chouraqui, Between East and West: A History of the Jews of North Africa - ]32[
(Translated by Michael M. Bernet, 2001) ,pp.35-36
.
Thomas J. Arnold, The Preaching of Islam: A History of the Propagation of the Muslim - ]33[
Faith (1913), p.314
.
Chouraqui, Ibid, p.37 - ]34[
.
Kennedy, Ibid, pp.222-223 - ]35[
.
Daniel Pipes, Slave Soldiers and Islam: The Genesis of a Military System, pp.125-126 - ]36[
.
Arnold, Ibid, p.313 - ]37[
.
Michael Brett, The Islamisation of Egypt and North Africa (A Lecture Delievered 12 - ]38[
January 2005 at the Levtzion Center for Islamic Studies ), p.17
.
Amy Mckenna, The History of Northern Africa (The Britannica Guide to Africa), p.38 - ]39[
.
Corisande Fenwick, "From Africa to Ifriqiya: Settlement and Society in Early Medieval - ]40[
North Africa (650-800)", Al-Masaq: Journal of the Medieval Mediterranean (2013), Vol.25,
No.1, p.10, Footnote.5