Professional Documents
Culture Documents
معنى السَّمَاحَة لغةً واصطلاحًا
معنى السَّمَاحَة لغةً واصطلاحًا
احة لغةً:
معنى ال َّس َم َ
مادة (سمح) تدل على ساَل س ٍة َوسُهول ٍة .والمسا َمحة :المساهَلة ،وسمح بكذا يسمح ُس ُموحً ا و َسماحه :جاد وأعطى ،أو وافق على ما أريد منه
الثاني( :في معنى التَّسامح مع الغير ،في المعامالت المختلفة ،ويكون ذلك بتيسير Aاألمور ،والمالينة فيها ،التي تتجلى في التيسير وعدم القهر)
قال السعدي( :هذه اآلية جامعة لحسن الخلق مع النَّاس ،وما ينبغي Aفي معاملتهم A،فالذي ينبغي أن يعامل به النَّاس ،أن يأخذ العفو ،أي :ما سمحت به أنفسهم ،وما سهل عليهم من األعمال
واألخالق ...ويتجاوز Aعن تقصيرهم ،ويغض طرفه عن نقصهم(
قال ابن عاشور( :ومعنى كون العفو أقرب للتقوى ،أنَّ العفو أقرب إلى صفة التقوى من التمسك بالحق؛ ألن التمسك بالحق ال ينافي التقوى ،لكنه يؤذن بتصلب صاحبه وشدته ،والعفو يؤذن
احة والرَّحْ َمة أقرب إلى التقوى ،من القلب الصلب الشديد؛ ألنَّ التقوى تقرب بمقدار ق َّوة الوازع ،والوازع شرعي وطبيعي ،وفي القلب
بسماحة صاحبه ورحمته ،والقلب المطبوع Aعلى ال َّس َم َ
احة ،لين يزعه عن المظالم والقساوة ،فتكون التقوى أقرب إليه؛ لكثرة أسبابها فيه) المفطور على الرَّأفة وال َّس َم َ
َاورْ هُ ْم فِي اَأل ْم ِر }آل -ونفى هللا عن رسوله الفظاظة ،وغلظ القلب ،فقال تعالى :فَ ِب َما َرحْ َم ٍة ِّمنَ هّللا ِ لِنتَ لَهُ ْم َولَوْ ُكنتَ فَظًّا َغلِيظَ ْالقَ ْل ِ
ب الَنفَضُّ ْ
وا ِم ْن حَوْ لِكَ فَاعْفُ َع ْنهُ ْم َوا ْستَ ْغفِرْ لَهُ ْم َوش ِ
عمران{159 :
قال السعدي( :أي :برحمة هللا لك وألصحابك ،منَّ هللا عليك أن ألنت لهم جانبك ،وخفضت لهم جناحك ،وترققت عليهم ،وحسنت لهم خلقك ،فاجتمعوا عليك وأحبوك ،وامتثلوا أمركَ .ولَوْ
ُكنتَ فَظًّا أي :سيئ الخلق َغلِيظَ ْالقَ ْل ِ
ب أي :قاسيه ،الَنفَضُّ ْ
وا ِم ْن حَوْ لِكَ ألنَّ هذا يُنفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيِّئ(
َص َّدقُ ْ
وا خَ ْي ٌر لَّ ُك ْم ِإن ُكنتُ ْم تَ ْعلَ ُمونَ }البقرة{280 : -وقال تعالىَ :وِإن َكانَ ُذو ُعس َْر ٍة فَن َِظ َرةٌ ِإلَى َم ْي َس َر ٍة َوَأن ت َ
ففي هذه اآلية (وجَّه هللا الدائنين إلى التيسير على المدينين المعسرين ،فعلَّمهم هللا بذلك سماحة النفس ،وحسن التغاضي عن المعسرين)
سنَّة النَّبويَّة
احة في ال ُّ
س َم َ
ثانيًا :الترغيب في ال َّ
عن جابر بن عبد هللا ،رضي هللا عنهما أنَّ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال(( :رحم هللا رجاًل سمحً ا إذا باع ،وإذا اشترى ،وإذا اقتضى ))
احة ،وحسن المعاملة ،واستعمال معالي األخالق ومكارمها A،وترك المشاحة والرقة في البيع ،وذلك سبب إلى وجود البركة فيه؛ ألن النَّبي عليه السالم القال ابن بطال( :فيه الحضُّ على ال َّس َم َ
يحض أمته إال على ما فيه النفع لهم ،في الدنيا واآلخرة)
وقال المناوي(( ...( :رحم هللا عبدًا)) دعاء أو خبر ،وقرينة االستقبال المستفاد من(( .إذا)) تجعله دعاءَ (( .س ْمحً ا)) Aبفتح فسكون ،جوادًا أو متساهاًل ،غير مضايق في األمور ،وهذا صفة
مشبَّهة تدل على الثبوت؛ ولذا كرر أحوال البيع والشراء والتقاضي ،حيث قال(( :إذا باع ،سمحً ا إذا اشترى ،سمحً ا إذا قضى)) أي :وفى ما عليه بسهولة(( .سمحً ا إذا اقتضى)) أي :طلب
قضاء حقه ،وهذا مسوق للحث على المسامحة في المعاملة ،وترك المشاححة والتضييق في الطلب ،والتَّخلُّق بمكارم األخالق ،وقال القاضي :رتَّب الدعاء على ذلك؛ ليدل على أنَّ السهولة
والتسامح سبب الستحقاق الدعاء ،ويكون أهاًل للرحمة واالقتضاء والتقاضي ،وهو طلب قضاء الحق)
-وعن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ((أال أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار؟ على كل قريب هيِّن سهل ))
قال القاري( :أي :تحرم على كل سهل طلق حليم ،ليِّن الجانب ،قيل :هما يطلقان على اإلنسان بالتثقيل والتخفيف(( .قريب)) Aأي :من النَّاس بمجالستهم في محافل الطاعة ،ومالطفتهم Aقدر
الطاعة(( .سهل)) Aأي :في قضاء حوائجهم ،أو معناه Aأنَّه سمح القضاء ،سمح االقتضاء ،سمح البيع ،سمح الشراء)
-وعن أبي موسى األشعري رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم(( :إنَّ هللا خلق آدم من قبضة قبضها من جميع األرض ،فجاء بنو آدم على قدر األرض ،جاء منهم
األحمر ،واألبيض ،واألسود ،وبين ذلك ،والسهل ،والحزن ،والخبيث ،والطيب ))
قال الطيبي( :ولما كانت األوصاف األربعة ظاهرة في اإلنسان واألرض ،أجريت على حقيقتها A،وُأ ِّولت األربعة األخيرة؛ ألنَّها من األخالق الباطنة ،فإنَّ المعني بالسهل :الرفق واللين،
وبالحزن :الخرق والعنف ،وبالطيِّب :الذي يعني به األرض العذبة ،المؤمن الذي هو نفع كله ،بالخبيث :الذي يراد به األرض السبخة ،الكافر الذي هو ضر كله ،والذي سبق له الحديث هو
األمور الباطنة؛ ألنَّها داخلة في حديث القدر بالخير والشر ،وأما األمور الظاهرة من األلوان ،وإن كانت مقدرة فال اعتبار لها فيه)
(والنفس السَّمحة كاألرض الطَّيِّـبَة الهيِّنَة المستوية ،فهي لكل ما يراد منها من خير صالحة ،إن أردت عبورها هانت ،وإن أردت حرثها وزراعتها النت ،وإن أردت البناء فيها سهلت ،وإن
شئت النوم عليها تمهدت)
-وعن حذيفة رضي هللا عنه قال(( :أتى هللا بعبد من عباده آتاه هللا مااًل ،فقال له :ماذا عملت فى الدنيا؟ -قال وال يكتمون هللا حديثًا – قال :يا رب آتيتني Aمالك ،فكنت أبايع النَّاس ،وكان من
خلقي الجواز ،فكنت أتيسَّر على الموسر ،وأنظر المعسر .فقال هللا :أنا أحق بذا منك ،تجاوزوا عن عبدي ))
قال النووي( :والتَّجاوز والتَّجوز معناهما ،المسامحة في االقتضاء ،واالستيفاء A،وقبول ما فيه نقص يسير ،كما قال وأتجوَّز في ال ِّس َّكة ،وفي هذه األحاديث فضل إنظار المعسر والوضع عنه،
إ َّما كل الدين ،وإما بعضه من كثير ،أو قليل ،وفضل المسامحة في االقتضاء وفي االستيفاء ،سواء استوفي من موسر أو معسر ،وفضل الوضع من الدين ،وأنَّه ال يحتقر شيء من أفعال
الخير ،فلعله سبب السعادة والرَّحْ َمة)
صب ِْر َوت ََواصَوْ ا بِ ْال َمرْ َح َم ِة [البلد ]17 :وهذا أعلى من ذاك ،وهو أن يكون صبَّارً ا شكورً ا ،فيه سماحة
احة والصبر ،فخلقان في النفس .قال تعالىَ :وت ََواصَوْ ا بِال َّ
قال ابن تيمية( :وأما ال َّس َم َ
بالرَّحْ َمة لإلنسان ،وصبر على المكاره ،وهذا ضد الذي خلق هلوعًا ،إذا مسه الشر جزوعًا ،وإذا مسه الخير منوعًا؛ فإنَّ ذاك ليس فيه سماحة عند النعمة ،وال صبر عند المصيبة)
يستطيع سمح النفس الهين اللين ،أن يغنم في حياته أكبر قسط من السعادة وهناءة Aالعيش؛ ألنه بخلقه هذا يتكيَّف مع األوضاع الطبيعية واالجتماعية بسرعة ،مهما كانت غير مالئمة لما -1
يحب.
ويستطيع Aأن يستقبل المقادير بالرضى والتسليم ،مهما كانت مكروهة للنفوس. -2
اح ة والبشر ولين الجانب ،والتغاضي عن السيئات والنقائص ،فإذا دعاه الواجب ويستطيع Aسمح النفس الهين اللين ،أن يظفر بأكبر Aقسط من محبة النَّاس له ،وثقة النَّاس به؛ ألنه يعاملهم بال َّس َم َ -3
إلى تقديم النصح ،كان في نصحه رفيقًا لـيِّنًا ،سمحً ا هيِّنًا ،يسر بالنصيحة ،وال يريد الفضيحة ،يسد الثغرات ،وال ينشر الزاَّل ت والعثرات.
احة في األمور المادية ،فإذا باع كان سمحً ا ،وإذا اشترى كان سمحً ا ،وإذا أخذ كان سمحً ا ،وإذا أعطى كان سمحً ا ،وإذا قضى ما عليه كان سمحً ا ،وإذا اقتضى ما ويعامل النَّاس أيضً ا بال َّس َم َ -4
له كان سمحً ا.
ويجلب سمح النفس ،الهيِّن الليِّن لنفسه ،الخير الدنيوي بتسامحه؛ وذلك ألنَّ النَّاس يحبون المتسامح الهيِّن الليِّن ،فيميلون إلى التعامل معه ،فيكثر عليه الخير بكثرة Aمحبيه والواثقين به. -5
ويجلب سمح النفس الهيِّن الليِّن لنفسه رضى هللا تعالى والخير األخروي العظيم ،ما ابتغى بسماحته رضوان هللا عز وجل) -6
احة
س َم َ
صور ال َّ
النَّاس على اختالف مستوياتهم ،واختالف نماذجهم الخلقية ،يوجد فيهم من يتمتعون بخلق سماحة النفس ،فهم هيِّنون ليِّنون سمحاء ،ويوجد فيهم آخرون نكدون ،متشددون ،يتذمرون من كل
شيء ال يوافق هواهم وصور سماحة النفس كثيرة Aفمنها:
اح ة ،والفوائد التي يجنونها في العاجلة واآلجلة ،والسعادة التي يظفرون بها في الحياة الدنيا واآلخرة.
التأمل في الترغيبات التي رغب هللا بها الذين يتحلون بخلق ال َّس َم َ -1
حذر هللا منها Aالنكدين المتشدِّدين العسيرين ،وما يجلبه لهم خلقهم وظواهره السلوكية ،من مضار عاجلة وآجلة ،ومتاعب وآالم كثيرة A،وخسارة مادية التأمل في المحاذير التي َّ -2
ومعنوية)A
احة ،يحكي لنا أنس رضي هللا عنه ما القاه من النَّبي صلى هللا عليه وسلم من حسن المعاملة
كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سمحً ا في تعامله وهو المثل األكمل في ال َّس َم َ
((خدمت النَّبي صلى هللا عليه وسلم عشر سنين ،فما قال لي :أف ،وال :لم صنعت؟ وال :أال صنعت؟)) ُ فيقول :
ً َّ
-وعنه أيضً ا قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من أحسن الناس خلقا ،فأرسلني يو ًم ا لحاجة ،فقلت :وهللا ال أذهب ،وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم،
فخرجت حتى أمر على صبيان ،وهم يلعبون في السوق ،فإذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي ،قال :فنظرت إليه وهو يضحك ،فقال(( :يا أنيس ذهبت حيث
أمرتك؟ قلت :نعم أنا أذهب يا رسول هللا))
-ومن سماحته صلى هللا عليه وسلم قضاء حوائج النَّاس ،فعن أنس رضي هللا عنه قال( :إن كانت األمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فتنطلق به حيث
شاءت)
َّ َّ
-ومن سماحته صلى هللا عليه وسلم ،عفوه عمن أراد قتله ،فعن جابر رضي هللا عنه أنه غزا مع النبي صلى هللا عليه وسلم قِبَ َل نجد ،فلما قفل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،قفل معهم
فأدركتهم القائلة في واد كثير Aالعضاه ،فنزل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وتفرق النَّاس يستظلون بالشجر ،ونزل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تحت سمرة ،فعلق بها سيفه ،ونمنا نومة،
فإذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يدعونا ،وإذا عنده أعرابي فقال(( :إن هذا اخترط عل َّي سيفي وأنا نائم ،فاستيقظت وهو في يده صلتًا قال :من يمنعك مني؟ قلت :هللا ثالثًا ،ولم يعاقبه
وجلس))
-ومن سماحته صلى هللا عليه وسلم ،تعامله مع األعرابي الذي جذب رداءه بشدة؛ ليأمر له بعطاء ،فعن أنس رضي هللا عنه قال(( :كنت أمشي مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه
برد نجراني غليظ الحاشية ،فأدركه أعرابي ،فجبذه بردائه جبذة شديدة ،ورجع نبي هللا صلى هللا عليه وسلم في نحر األعرابي ،حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم ،قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ،ثم قال :يا محمد مر لي من مال هللا الذي عندك ،فالتفت إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،ثم ضحك ،ثم أمر له بعطاء
في خالفة أبي بكر رضي هللا عنه ،كتب Aخالد بن الوليد رضي هللا عنه في عقد الذمة ألهل الحيرة بالعراق -وكانوا من النصارى( :-وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل ،أو -
أصابته آفة من اآلفات ،أو كان غنيًّا فافتقر ،وصار أهل دينه يتصدقون عليه ،طرحت جزيته ،وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله)
وأوصى عمر رضي هللا عنه الخليفة من بعده بأهل الذمة أن يُوفَى لهم بعهدهم ،وأن يقاتل من ورائهم وأن ال يكلفوا فوق طاقته -
وذبحت لعبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما ،شاة في أهله ،فلما جاء ،قال :أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول(( :ما -
زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت Aأنَّه سيورثه))
وفي خالفة عمر بن عبد العزيز رحمه هللا كتب إلى عدي بن أرطأة( :وانظر من قبلك من أهل الذمة ،قد كبرت سنه ،وضعفت قوته ،وولَّت عنه المكاسب ،فأجر عليه من بيت -
مال المسلمين ما يصلحه)
احة منها:
هناك عالمات للمتصف بخلق ال َّس َم َ
طالقة الوجه ،واستقبال النَّاس بالبشر ،ومشاركتهم Aبالسمع والفكر والقلب. -1
وطلق الوجه حسن البشر بالنَّاس ،محبب إليهم ،مألوف في نفوسهم ،قريب إلى قلوبهم.
وقد حث الرسول صلى هللا عليه وسلم على هذه الظاهرة بقوله وعمله ،فمن ذلك ما جاء عن جابر رضي هللا عنه ،إذ قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم(( :كل معروف
صدقة ،وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق ،وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك))
وهكذا يكون سمح النفس طلق الوجه باس ًما مشرق المحيَّا ،بخالف النكد الصعب ،حتى يبدو كأنه قَ ِرف من كل شيء ،فإذا واجه النَّاس واجههم بسحنة منقبضة ،ال انبساط فيها
وال بشر ،وإذا اجتمع معهم ،لم يشاركهم بمشاعره وال بحواسِّه ،وكان بينهم Aكأنه غريب عنهم ،وكأنهم غرباء عنه ...وهذا الوضع يجعله ممقوتًا مكروهًا بعيدًا عن قلوب النَّاس؛
ألنَّه وضع يالزمه في معظم أحواله بسبب Aنكد نفسه المالزم له...
مبادرة النَّاس بالتحية والسالم والمصافحة وحسن المحادثة: -2
َّ َّ
فمن كان سمح النفس بادر إلى هذه المحاسن ،ووجودها في اإلنسان طبيعية غير متكلفة ،يدل على أنه سمح هيِّن ليِّن رقيق حاشية النفس ،ألوف ودود ال فظ وال غليظ.
حسن المصاحبة والمعاشرة والتغاضي وعدم التشدد في األمور: -3
فمن كان سمح النفس ،كان حسن المصاحبة إلخوانه ،وألهله ،وألوالده A،ولخدمه ،ولكل من يخالطه ،ولكل من يرعاه.
وكان حسن المعاشرة خفيف المحاسبة والمؤاخذة ،متغاضيًا عن المخالفات التي تتعلق به ،ال يتشدد في األمور ،وال يعظِّم الصغائر ،بل يلتمس العذر لمن يقصر معه ،أو ال
يعطيه من االحترام أو الخدمة حقه.
سماحة اإلسالم
اح ة عفوهللا ومغفرته للمذنبين من عباده ،وحلمه تبارك وتعالى على عباده ،وتيسير احة ،فإنَّ ال َّس َم َ
احة من خلق اإلسالم نفسه ،فمن ال َّس َم َ كما دعا اإلسالم المسلمين إلى التحلي بخلق ال َّس َم َ
الشريعة عليهم ،وتخفيف التكاليف عنهم ،ونهيهم عن الغلو في الدين ،ونهيهم عن التشديد في الدين على عباد هللا
قال تعالى :ي ُِري ُد هّللا ُ بِ ُك ُم ْاليُس َْر َوالَ ي ُِري ُد بِ ُك ُم ْال ُعس َْر[ البقرة ]185 : -
ج َولَـ ِكن ي ُِري ُد ِليُطَه ََّر ُك ْAم َولِيُتِ َّم نِ ْع َمتَهُ َعلَ ْي ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْش ُكرُونَ [ المائدة ]6 :وقالَ :ما ي ُِري ُد هّللا ُ لِيَجْ َع َل َعلَ ْي ُكم ِّم ْن َح َر ٍ -
ض ِعيفا[ النساء ]28 : ً ق اِإل ن َسانُ َ وقال سبحانه :ي ُِري ُد هّللا ُ َأن يُخَ فِّفَ عَن ُك ْم َوخلِ َ
ُ -
قال صلى هللا عليه وسلم(( :إنَّ الدين يسر ،ولن يشا َّد الدين أحد إال غلبه ،فسددوا وقاربوا وأبشروا ،واستعينوا بالغدوة ،والروحة ،وشيء من الدلجة)) -
ونهى النَّبي عن التنطع والتَّشدد في الدين ،فعن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم(( :هلك المتنطعون )) قالها ثالثاً -
ق عليهم ،فاشقق عليه ،ومن ولي من أمر أمتي شيًئا فرفق بهم، ودعا الرسول صلى هللا عليه وسلم على من يشق على المسلمين فقال(( :اللهم من ولي من أمر أمتي شيًئا فش َّ -
فارفق به))
وأمر بالتخفيف على المسلمين ونهى عن التثقيل في أمور الدين فعن أبي مسعود رضي هللا عنه ،قال(( :أتى رج ٌل النَّب َّي صلى هللا عليه وسلم ،فقال :إني ألتأخر عن صالة الغداة -
من أجل فالن مما يطيل بنا ،قال :فما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قط أشد غضبًا في موعظة منه يومئذ A،قال :فقال :يا أيها النَّاس إنَّ منكم منفِّرين ،فأيُّكم ما صلى
بالنَّاس فليتجو َّْز ،فإنَّ فيهم المريض ،والكبير ،وذا الحاجة))
ومن سماحة اإلسالم ،تيسيره لشؤون مناسك الحج ،فعن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما(( :أنَّ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس -
يسألونه ،فجاءه رجل ،فقال :لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ،فقال :اذبح وال حرج ،فجاء آخر فقال :لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ،قال :ارم وال حرج ،فما سئل النَّبي صلى هللا
عليه وسلم عن شيء قُ ِّد َم وال ُأ ِّخر ،إال قال :افعل وال حرج))
سماحة اإلسالم في التعامل مع غير المسلمين؛ فاإلسالم لم تقتصر سماحته على المسلمين فحسب ،بل شمل غير المسلمين ،من اليهود والنصارى ،والمشركين ،حتى في حالة -
الحرب ،فنهى اإلسالم عن قتل األطفال ،والنساء ،والشيوخ ،والعجزة ،فعن بريدة رضي هللا عنه قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم(( إذا أ َّمر أميرً ا على جيش ،أو سريَّة،
أوصاه في خاصته بتقوى Aهللا ،ومن معه من المسلمين خيرً ا ،ثم قال :اغزوا باسم هللا ،في سبيل هللا ،قاتلوا من كفر باهلل ،اغزوا وال تغلوا ،وال تغدروا ،وال تمثلوا ،وال تقتلوا
وليدًا ،وإذا لقيت عدوَّك من المشركين فادعهم إلى ثالث خصال -أو خالل :-فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم ،وكفَّ عنهم ،ثم ادعهم إلى اإلسالم))
وقال صلى هللا عليه وسلم(( :إذا فتحتم مصر ،فاستوصوا بالقبط خيرً ا ،فإن لهم ذمةً ورح ًما)) -
الجميل
ِ بالفعال
ِ فص ِل الوع َد
ِ للصديق بوع ٍد
ِ وإذا جدتَ
البخيل
ِ إنَّما المط ُل في عدا ِ
ت اح ِة مط ٌل
ليس في وع ِد ذي ال َّس َم َ
وقال الشافعي:
يُغطِّيه كما َ
قيل السَّخا ُء تَ َستَّر بالسَّخَ ا ِء ف ُكلُّ َع ْي ٍ
ب
وقال آخر:
يل وقاحة
وفيهَا على البَ ِخ ِ قد تحابى الجواد نائبة ال َّد ْهر