Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫الك ِ‬

‫رام َم َكا ِر ُم‬ ‫َأهل الع ِ‬


‫زم تَأيت العزاِئم وتَأيت على قَد ِر ِ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َعلى قَد ِر ِ َ‬
‫الرجال قوالب األحوال فإن العزيمة تصغر وتعظم على حسب قدر أهلها‪ ....‬إن كان صاحب العزيمة عظيما فعزيمته عظيمة‪ ,‬وإن كان‬
‫صاحب العزيمة صغيرا فالعزيمة صغيرة‪ ,,‬وقدر كل إنسان على قدر همته‪.‬‬

‫ويقال إن قدر العزيمة هو الذي جعل في الرجال عظمة أو صغرا‪ ,‬فإن الرجل سيصير عظيما متىعزم على معالي األمور ونالها‪ ,‬أو سيبقى‬
‫صغيرا رذيال إذا بقي على عزائم صغيرة وسفاسف األمور‬

‫ومثل ذلك حال الكرم‪ ,‬الكرماء يتفاوتون في الكرم بعضهم بعضا‪ .‬كلما زاد كرم الكريم زاد له المكرمة واالحترام من الناس‪ ,‬إذ اإلنسان عبد‬
‫اإلحسان‪ .‬المكرمة والعطاء تأتي على قدر المعطي‪ ,‬فإن كان شريفا غالعطاء منه جزيل كثير‪ .‬وإن كان ضعيفا فال يأتي العطاء منه إال قليال‪.‬‬

‫العظاِئ ُم‬ ‫غارها َوتَصغُُر يف َعنْي ِ َ‬


‫العظي ِم َ‬
‫ِ ِ‬
‫الصغري ص ُ‬
‫َوتَعظُ ُم يف َع ِي َ‬
‫الرجل العظيم يستصغر عزائمه العظام ألنه اعتادها واعتاد على معالي األمور‪ ,‬فال يراه عظيما كما يراه عامة الناس‪.‬‬

‫أما الجل الصغير الخامل الذي سكن واطمأن بحاله العادي فإنه سوف يرى صغار األمور وصغار األمور أمرا عظيما‪ ,‬وال سيما عظائم‬
‫األمور فسيراها أمرا يستحيل عليه حصوله‪.‬‬

‫يوش اخلَضا ِر ُم‬ ‫ي َكلِّف سيف َ ِ‬


‫ت َعنه اجلُ ُ‬
‫يش مَهَّه َوقَد َع َجَز ْ‬
‫الدولَة اجلَ َ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬
‫من عظام رجال الدنيا سيف الدولة‪ .‬كان يوما يكلف جيشه أمرا عظيما حسب يقتضيه همته‪ .‬ولكن هذا األمر شيء ال تستطيع أت تقوم به‬
‫الجيوش الكثيرة‪ ,‬فكلوا وضعفوا؛ لألن همة سيف الدولة أعظم من همة ألوف رجال الدنيا‪ ,‬وأعظم من أن يتحمله جيوشه األقوياء‪ ,‬وأعظم من‬
‫أن يتحمله رعيته‪.‬‬

‫َّعيه الض ِ‬
‫ك ماال تَد ِ‬ ‫ِ‬
‫راغ ُم‬ ‫َ‬ ‫فس ِه َو َذل َ‬
‫الناس ما ِع َند نَ ِ‬
‫ب ِع َند ِ‬
‫َويَطلُ ُ‬
‫الرجل متى حصل على شيء نفيس بفعله أراد أن يكون للناس مثله‪ .‬فيريد سيف الدولة ان يكون الناس مثله في الشجاعة واإلقدام والقوة في‬
‫المعركة‪ ,‬وذلك أمر ال تدعيه األسود األقوياء؛ فكيف يتحمله البشر؟‬

‫نويه فِعال مضا ِرعا مضى قَبل َأن تُلقى ِ‬


‫عليه اجلَوا ِز ُم‬ ‫ِإذا كا َن ما تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فإن سيف الدولة متى عزم على أمر ونوى فعله فإنه لن يقطعه في سبيله قواطع ولن يعوق عن طريقه بعائق‪.‬‬

‫وال يسع ألحد أن يقول إنه لم يفعل؛ لألنه متى عزم فعل فورا‬

‫وال يدع ألحد من الناس أن يقول له ل ّم ا يفعل؛ لألنه متى عزم ونوى ال على أمر يستبطئ أصله وسعى على أسباب حصوله‪.‬‬

‫وال يذر أحدا أن يقول له ‪:‬ال تفعل؛ فمن هو سيف الدولة حتى يمنعه الناس إذا عزم على أمر!‬
‫ديد َكَأهنُ ْم َسَروا جِبِ ياد ما هَلُ َّن قَواِئ ُم‬
‫َأتوك جَيُّرو َن احلَ َ‬
‫َ‬
‫قال المتنبي‪ :‬كان جيش الروم يواجهون سيف الدولة ليحاربوه بأسلختهم الكثيرة‪ .‬ولكثرة أسلحتهم كأن الخيول التي يركبونها فاقدات‪ a‬القوائم‬

‫العماِئ ُم‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإذا برقوا مل تُ ِ‬


‫البيض م ُنه ُم ثياهبُ ُم من مثلها َو َ‬
‫عرف ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫إذا وقع عليهم ضوء الشمس برقوا؛ فلم يتميز بين السيوف وبين هؤالء الجيوش‪ ,‬وثيابهم وعمائمهم التي يلبسونها صُنعت مما صُنع منه‬
‫السيوف‪.‬‬

‫رب زح ُفه ويف ُأذُ ِن اجل ِ‬ ‫مخَيس بِ َش ِ‬


‫وزاء منه َزما ِز ُم‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَألرض َوالغَ ِ َ‬
‫ِ‬ ‫رق‬
‫هم جيوش عظيمة‪ ,‬ولكقرتهم كأنهم يعمون األرض شرقا وغربا‪ ,‬حتى إن أصواتهم سمعتها الجوزاء في السماء‬

‫اث ِإاّل الرَت ِاج ُم‬ ‫جَت َّمع ِ ِ‬


‫فيه ُكل لسن َوُأمة فَما يُف ِه ُم احلُ ّد َ‬ ‫َ َ‬
‫تجمع في هذا الجيش كل جيل من الناس خاصها وعامها من أهل مختلف اللغات‪ .‬وإذا أراد بعضهم محاورة بعض فال بد من مترجم؛ لألن في‬
‫هذا الجيش ناسا من أقوام مختلفة يأتون من كل أنحاء العالم‪.‬‬

‫اَألبطال من ال ي ِ‬
‫ِ‬ ‫رع َوال َقنا َو َفَّر ِم َن‬ ‫ِ‬
‫صاد ُم‬‫َ ُ‬ ‫َت َقطَّ َع ماال يَقطَ ُع الد َ‬
‫قد نكسرت السيوف الضعيفة التي ال يقطع دروعهم ورماحهم وقد هرب الجبناء من الجنود والفرسان وإن يُقال إنهم أبطال‬

‫هو ناِئ ُم‬ ‫و‬ ‫دى‬ ‫الر‬


‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ف‬ ‫ج‬ ‫يف‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫َأ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ك لِواقِ ِ‬
‫ف‬ ‫ٌّ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫و َق ْفت وما لِْلمو ِ‬
‫ت‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ َْ‬
‫ت من كان فيها من شدة المعركة وقوتها‪ ,‬ولكنك تنجو أنت يا سيف‬ ‫وقفت يا سيف الدولة في في ساحة المعركة حيث ال يُوجد ش ٌّ‬
‫ك في مو ِ‬
‫الدولة فكأنك واقف على عين الموت كاإلنسان النائم‪ ,‬متى فتح عينه زلت قدمك فتموت‬

‫ضاح وثَغر َك ِ‬
‫باس ُم‬ ‫مَتُر بِ َ‬
‫ك َو ّ ٌ ُ‬‫جه َ‬
‫اَألبطال َكلمى َهزميَةً َو َو ُ‬
‫ُ‬ ‫ك‬
‫تمر أمامك جيوشك حالة كونهم هاربين مجروحين‪ ,‬ولكنك يا سيف الدولة تبتسم ألن شأن المنتصر في الحرب دائما يكون في موقف القوة مما‬
‫يجعلك مبتسما وضاحكا بخالف المنهزم فيكون حزينا عابس الوجه؛ فكأنه سبق لك المعرفة لنصرك مما يجعلك ثابتا مطمئنا‪.‬‬

‫َأنت بِالغَ ِ‬ ‫جاع ِة والنُّهى ِإىل قَ ِ‬ ‫جَت اوزت ِ‬


‫يب عاملُ‬ ‫ول قَوم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الش‬
‫َ‬ ‫قدار‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َ‬
‫إن سيف الدولة قد جاوز القدر الذي وقفت عنده الشجاعة والموضع الذي تجمد عنده العقل حتى يقول القائل ‪ :‬إتك عالم بالغيب فقد علمت أنتك‬
‫ستنتصر‪ .‬فكأن المتبي يريد أن يقول أن الشجاعة وحسن التدبير ليسا سببا في انتصاره وإنما هو من نصرة اللع تعالى له‪.‬‬

‫عن يف العِدا‬ ‫يف َ ِ‬


‫الدولَة الطَ ُ‬
‫تس ِ‬
‫عاد ُ َ‬
‫َو َ‬ ‫لِ ُك ِّل اِم ِرئ ِمن َده ِره ما َت َع َّودا‬
‫يقول المتنبي مادحا‪ a‬سيف الدولة‪ ......‬كل امرئ يعمل بعادته وبما تعوده وتربى عليه دون تكلف‪ .‬وعادة سيف الدولة أن يغزو أعداءه يقتلهم‬
‫ويطعنهم برمحه‪ .‬فمأن سيف الدولة جعل رمحه سيفا يضرب به أعداءه فيقتله‪.‬‬

‫رأى سي َفه يف َكف ِ‬ ‫ِ‬


‫ِّه َفتَ َش َّهدا‬ ‫َ َ‬ ‫َو ُمستَكرِب ٍ ملَ يَع ِرف اللَه َ‬
‫ساعةً‬
‫ورُبَّ كاغر متكبر عن اإليمان إذا رأى الدولة والسيف في يده فآمن وأى بكلمة الشهادة؛ إما خوفا من سيف الدولة وإما ظنا بأن دين سيف‬
‫الدولة هو الحق حين رأى نور وجهه وكمال وصفه‪.‬‬

You might also like