Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
ويقال إن قدر العزيمة هو الذي جعل في الرجال عظمة أو صغرا ,فإن الرجل سيصير عظيما متىعزم على معالي األمور ونالها ,أو سيبقى
صغيرا رذيال إذا بقي على عزائم صغيرة وسفاسف األمور
ومثل ذلك حال الكرم ,الكرماء يتفاوتون في الكرم بعضهم بعضا .كلما زاد كرم الكريم زاد له المكرمة واالحترام من الناس ,إذ اإلنسان عبد
اإلحسان .المكرمة والعطاء تأتي على قدر المعطي ,فإن كان شريفا غالعطاء منه جزيل كثير .وإن كان ضعيفا فال يأتي العطاء منه إال قليال.
أما الجل الصغير الخامل الذي سكن واطمأن بحاله العادي فإنه سوف يرى صغار األمور وصغار األمور أمرا عظيما ,وال سيما عظائم
األمور فسيراها أمرا يستحيل عليه حصوله.
َّعيه الض ِ
ك ماال تَد ِ ِ
راغ ُم َ فس ِه َو َذل َ
الناس ما ِع َند نَ ِ
ب ِع َند ِ
َويَطلُ ُ
الرجل متى حصل على شيء نفيس بفعله أراد أن يكون للناس مثله .فيريد سيف الدولة ان يكون الناس مثله في الشجاعة واإلقدام والقوة في
المعركة ,وذلك أمر ال تدعيه األسود األقوياء؛ فكيف يتحمله البشر؟
وال يسع ألحد أن يقول إنه لم يفعل؛ لألنه متى عزم فعل فورا
وال يدع ألحد من الناس أن يقول له ل ّم ا يفعل؛ لألنه متى عزم ونوى ال على أمر يستبطئ أصله وسعى على أسباب حصوله.
وال يذر أحدا أن يقول له :ال تفعل؛ فمن هو سيف الدولة حتى يمنعه الناس إذا عزم على أمر!
ديد َكَأهنُ ْم َسَروا جِبِ ياد ما هَلُ َّن قَواِئ ُم
َأتوك جَيُّرو َن احلَ َ
َ
قال المتنبي :كان جيش الروم يواجهون سيف الدولة ليحاربوه بأسلختهم الكثيرة .ولكثرة أسلحتهم كأن الخيول التي يركبونها فاقدات aالقوائم
اَألبطال من ال ي ِ
ِ رع َوال َقنا َو َفَّر ِم َن ِ
صاد ُمَ ُ َت َقطَّ َع ماال يَقطَ ُع الد َ
قد نكسرت السيوف الضعيفة التي ال يقطع دروعهم ورماحهم وقد هرب الجبناء من الجنود والفرسان وإن يُقال إنهم أبطال
ضاح وثَغر َك ِ
باس ُم مَتُر بِ َ
ك َو ّ ٌ ُجه َ
اَألبطال َكلمى َهزميَةً َو َو ُ
ُ ك
تمر أمامك جيوشك حالة كونهم هاربين مجروحين ,ولكنك يا سيف الدولة تبتسم ألن شأن المنتصر في الحرب دائما يكون في موقف القوة مما
يجعلك مبتسما وضاحكا بخالف المنهزم فيكون حزينا عابس الوجه؛ فكأنه سبق لك المعرفة لنصرك مما يجعلك ثابتا مطمئنا.