Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
تعريف اإلعجاز
هو أن تضعف القدرة اإلنسانية عن محاولة اإلتيان بمثيل للمتحدى به ،واستمرار هذا
َّ َ َ َ َ َ
الضعف على تر ِّاخي الزم ِّن وتقد ِّم ِّه.
ْ َ
واملراد من اإلعجاز القرآني هنا :إثبات صدق النبي في دعوى الرسالة بإظهار عج ِّز العرب
وغيرهم عن معارضته في معجزته الخالدة –وهي القرآن– واستمرار هذا العجز إلى أن تقوم
الساعة.
نظرا لكثرة وجوه اإلعجازفي القرآن الكريم فسنقتصرفي هذا الدرس على توضيح جانبين من جوانب اإلعجاز
القرآني ،وهما :اإلعجازالبياني ،واإلعجازالعلمي.
أوال :اإلعجازالبياني:
َّ أجمع العلماء على َّ
أن القرآن الكريم معجز في َب َيا ِّنه ،و أنه ال يستطيع أحد من البشراإلتيان بمثله ،فما املقصود
باإلعجازالبياني؟
َْ ْ َّ ْ
لشع ِّر العرب ونث ِّر ِّهم ،إلى جانب فصاحة
يقصد باإلعجاز البياني للقرآن الكريم :ذلك النظم املتميز ،املخالف ِّ
ألفاظه ،وبالغة عباراته ،وجودة نظمه ،وما تضمنه من املزايا الظاهرة في فواتح سوره وخواتيمها ،وما
اشتمل عليه من خصائص فريدة.
فما هذه الخصائص؟
وزارة التربية والتعليم – الفصل الدراس ي الثاني 2021-2020م
إعجازالقرآن الكريم (دين )103
من خصائص أسلوب القرآن الكريم
َّ
-2توجيه الخطاب لجميع الناس -1االقتصاد في اللفظ
يوجه القرآن الكريم خطابه لجميع أسلوب القرآن مبني على االقتصاد في اللفظ،
العامة وال َّ
َّ َّ بحق املعنى ،حتى إنه لو ن ِّز َعت من آية
خاصة، الناس ،بحيث يفهمه مع الوفاء ِّ
الذكي وال ُّ
ُّ َ ْ
الخ َتلَّ
عادي ،يحس واملتعلم،
ِّ م ال
ِّ الع من آياته لفظة ،أو استبدلت بأخرى،
َ َ
الجميع بحالوة أسلوبه ،ويشعرون تركيبها ،وضعف بيانها وفصاحتها .وهو كما
َ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ َ
بروعته .قال هللا تعالى﴿ :ولقد يسرنا وصفه هللا تعالى في قوله سبحانه﴿ :الر ِّكتاب
َّ ُّ ْ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ َّ ْ َ ْ َّ َ ْ َ ْ
القرآن ِّل ِّلذك ِّرفهل ِّمن مد ِّكر﴾ [القمر.]17/ أح ِّكمت آياته ثم ف ِّصلت ِّمن لدن ح ِّكيم خ ِّبير﴾
[هود.]1/
جودة َس ْب ِّك آيات القرآن الكريم ،وإحكام َن ْظم ِّه مماَّ من خصائص أسلوب القرآن إقناعه للعقل
ِّ ِّ ِّ
بأنه سبيكة واحدة ،أو قطعة فنيةَّ َّ َّ
ِّ ِّ يشعر الدارس والقلب معا فأسلوب القرآن الكريم يخاطب
َ
وجز في جانب آخر، رائعة ،ويف ِّصل من جانب وي ِّ العقل ويسوق األدلة املقنعة له ،ويخاطب
ْ َ َ ْ
يجمل تارة ويشرح تارة أخرى ،وال يملك املرء -إزاء القلب ،ويحرك فيه املشاعر واألحاسيس،
َّ َ َّ ْ َّ َ َ ْ َ َ
ذلك -إال أن ي ِّقر ِّبعظم ِّة هذا الكتاب الكريم و أنه من ويؤ ِّثرفي ِّ
الوجد ِّان.
َ
لد ِّن عليم حكيم.
اقرأ اآليات اآلتية ،آيات النعيم ،و آيات العذاب ،ثم بين الفرق بينهما من حيث التناسب بين اللفظ واملعنى.
َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َ
﴿وجوه يوم ِّئذ خ ِّاشعة ع ِّاملة ن ِّاصبة تصلى نارا حا ِّمية﴾ [الغاشية.]4-2/
َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َّ
﴿وجوه يوم ِّئذ ن ِّاعمة ِّلسع ِّيها ر ِّاضية ِّفي جنة ع ِّالية﴾ [الغاشية.]10-8/
اإلجابة
اآليات األولى تخبرعن حال أهل النار ،فتصف وجوههم بأنها خاشعة وعاملة وناصبة ،أي ذليلة ومرهقة وخائفة،
وال ريب أن حالة الوجه تكشف عن شعور اإلنسان ووضعه النفس ي ،أما اآليات األخرى فتخبر عن حال أهل
الجنة ،فتصف وجوههم بأنها ناعمة وراضية ،أي مبتسمة ومسرورة ،وهذا الوصف يناسب حالهم ويكشف عن
وضعهم النفس ي ،وشعورهم الداخلي .فالنتيجة هي أن في اآليتين تناسبا وتو افقا بين اللفظ واملعنى.
وزارة التربية والتعليم – الفصل الدراس ي الثاني 2021-2020م
إعجازالقرآن الكريم (دين )103
تأثر العرب بهذا اإلعجاز للقرآن الكريم ،وشهدوا له ِّبعل ِّو ِّه في َب َيا ِّن ِّه وبالغته وخصائصه ،ومن األمثلة على ذلك
شهادة الوليد بن املغيرة.
َ َ َ َ َ َ ْ ْ ْ َ َ َ َ َّ َ َّق َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َّ
عن ْاب ِّن َع َّباس َر ِّض َي هللا عنهما" ،أن الو ِّليد بن امل ِّغير ِّة ،جاء ِّإلى الن ِّب ِّي فقرأ علي ِّه القرآن ،فكأن ر له ،فبلغ
ََ َ َْ َ َ ََ َ ْ َ َ َْ َْ ْ َ َ َ َ َ ََ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ََْ َ َ َ ْ َ َ ْ
هللا ما ِّفيكم رجل أعلم ِّباألشع ِّار ِّم ِّني ،وال أعلم ِّبرج ِّز ِّه وال ذ ِّلك أبا جهل ،فذكر ما جرى بينهما ِّإلى أن قال الو ِّليد :و ِّ
يدته منيَ ،وَال ب َأ ْش َعار ْالجنَ ،وهللا َما ي ْشبه َّالذي َيقول َش ْيئا م ْن َه َذاَ ،وهللا إ َّن ل َق ْوله َّالذي َيقولَ :ح َال َوة َوإنَّ َ َ
ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّبق ِّص ِّ ِّ ِّ ِّ
ْ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ
علي ِّه لطالوة ،و ِّإنه ملث ِّمرأعاله مغ ِّدق أسفله ،و ِّإنه ليعلو وما يعلى"[ .رواه البيهقي في الشعب ،حديث رقم .]133
ص َح ِّائ َها ،خرج ذات يوم فسمع فتاة تنشد أبياتا رائعة من الشعر،
أن األصمعي أحد علماء اللغة وف َ يروى َّ
وهزت فيه النفس والقلب بجمال أسلوبها ،وروعة بيانها ،وفصاحة ألفاظها .فقال لها: فأعجب بتلك األبياتَّ ،
َ َْ ََْ َ َْ َ
قاتلك هللا! ما أفصحك! فقالت له :ويحك! أو يعد هذا فصاحة بعد قول هللا تعالى﴿ :وأوحينا ِّإلى أ ِّم موس ى أن
َ ْ ْ َ َ َ َ ْ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َّ َ ُّ َ َ َ ْ ََْ ََْ ْ َ
أر ِّض ِّع ِّيه ف ِّإذا ِّخف ِّت علي ِّه فأل ِّق ِّيه ِّفي الي ِّم وال تخ ِّافي وال تحزِّني ِّإنا رادوه ِّإلي ِّك وج ِّاعلوه ِّمن املرس ِّلين﴾ [القصص.]7/
ثم قالت له :فقد جمعت هذه اآلية على وجازتها بين أمرين ونهيين ،وخبرين ،وبشارتين.
اإلجابة
األمران :أرضعيه ،وألقيه.
األمثلة كثيرة على ما جاء به القرآن الكريم من الحقائق العلمية والظواهرالكونية ،والتي تثبت له السبق
العلمي ،والتقدم على البحث العلمي الحديث ،نذكر منها ما يأتي:
-2التمثيل الضوئي
-3الرياح لو اقح. -1جريان الشمس.
(الكلوروفيل).
يم الناس كما أنه كتاب تشريع يوضح األحكام التي ينبغي أن ي َق َ
ِّ
َّ َ َ ْ ْ َ َ َ ومع أن تلك اإلشارات الدقيقة إلى بعض العلوم الكونية،
عليها حياتهمَ ،وينظموا شؤونهم .قال هللا تعالىِّ ﴿ :إن هذا القرَآن
صال َحات أنَّ ي ْهدي ل َّلتي ه َي أ ْق َوم َوي َبشر ْامل ْؤمن َين َّالذ َ
ين َي ْع َملو َن ال َّ
ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ والحقائق العلمية ،التي تضمنها كتاب هللا تعالى ،تعتبر
َ ْ َ ْ َ
لهم أجرا ك ِّبيرا﴾[ .اإلسراء.]9/
علميا من العلوم الطبيعية أو ًّ والقرآن الكريم ليس كتابا وجها من وجوه إعجازه ،ودليال على صدق نسبته إلى
َّ
الهندسية ،أو الفلكية أو الطبية ،ولكنه أشار في العديد من آياته
َْ
إلى سن ِّن هللا تعالى في الخل ِّق ،وحقائق التكوين التي لها صلة
َ الحق تبارك وتعالى ،إال أنه يظل كتاب هداية وإرشاد،
فإنه ال يعقل أن تتعارض آياته مع حقائق بالعلوم السابقة ،ولذلك ِّ يعرف الناس بربهم ،ويهديهم إلى دينه القويم ،وي َب ِّين لهم
ِّ
العلم.
فالقرآن الكريم كالم هللا تعالى ،والكون عمله ،وكالم هللا تعالى ملاذا خلقهم ،وما دورهم في عمارة األرض ،وواجبهم في هذه
ألن مصدرهما وعمله ال يتناقضان أبدا ،بل يصدق أحدهما اآلخرَّ ،
واحد. الحياة الدنيا ،وما املصير الذي ينتظرهم.
يقول الكاتب والطبيب الفرنس ي (موريس بوكاي)" :لقد أدهشني في البداية هذه الصورة العلمية الخاصة
َّ
بالقرآن إلى حد بعيد ،ألني لم أكن أظن أبدا أنه يمكن حتى هذا الزمن أن نكشف في نص مكتوب منذ أكثر
َّ َ
من ثالثة عشر قرنا ،عددا من اليقينيات املتصلة بموضوعات شديدة التنوع ومت ِّفقة تماما مع املعارف
العلمية الحديثة".
ْ ََ
إن كل ما في هذا القرآن الكريم ،من آيات بينة ،ودالئل معجزة لتدعو اإلنسان إلى اإليمان باهلل ورسوله
َ
محمد ،وما جاء به من الدينِّ ،لي َح ِّق َق لإلنسان السعادة في الدنيا ،والنعيم في اآلخرة ،ويفوز برضوان هللا
تعالى وتقديرمجتمعه.
انتهى الدرس
شكرا على حسن االنتباه واملتابعة