مدخل الفكرالسياسي.pdfالاستاذ ملمان

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫مدخل لدراسة الفكر السياسي‬

‫السياس هو نتاج األفكار اإلنسانية حول وضع اإلنسان يف المجتمع والذي‬


‫ي‬ ‫إن الفكر‬
‫الت لم‬
‫ربط بي التمثالت أو األفكار ي‬ ‫ساهم بقوة يف ُصنع الحضارات فهو ينسق وي‬
‫ُ ُ ََ َى‬
‫الت‬
‫ي‬ ‫والجذابة‬ ‫األساسية‬ ‫الظاهرة‬ ‫َل‬ ‫يكن بإمكان العقل ‪،‬وال يمكن له إال أن يكونها ع‬
‫ُ‬
‫والت توصف رصاحة أو ضمنا بالسياسة‪.‬‬ ‫تسىم بالسلطة ي‬

‫الت تطرحها ظاهرة السلطة‪ :‬ال يمكن فصلها عن‬ ‫إن جملة هذه األسئلة الرئيسية ي‬
‫السياسة ‪ ،‬ولقد اعتبيت هذه األسئلة الشائكة والصعبة وال يت يستحيل حلها بطريقة‬
‫التقاض معها‪.‬‬
‫ي‬ ‫حاسمة‪ ،‬العقل اإلنسان عَل رصورة‬
‫السياس من وجهة النظر هذه ‪,‬له أهمية خاصة يف مجال المعرفة اإلنسانية‬ ‫ي‬ ‫فالفكر‬
‫عموما والمعرفة السياسية بصفة خاصة ‪,‬فهو يكتسب هذه األهمية من الوظائف‬
‫َ َ‬
‫الت ُيؤذ ْي َها َوال يت من أخصها يتناول اإلطار العام ب ُصورة مختلفة لحياة‬
‫المتعددة ي‬
‫اإلنسان والجماعة من ناحية ‪ ،‬كما أنه يعكس تطورهم من ناحية ثانية ‪ ،‬باإلضافة‬
‫إىل أنه كثيا ما ُيقدم حلوال أو توقعا أو تصورا للمستقبل من ناحية ثالثة هذه الوظائف‬
‫السياس نجعل منه معىط أساسيا يف مجال المعرفة‬ ‫ي‬ ‫الت يصطلح بيها الفكر‬ ‫ي‬
‫اإلنسانية عَل وجه العموم والمعرفة السياسية عَل وجه الخصوص ‪.‬‬
‫وتأسيسا عَل هذا كانت المعرفة السياسية مرتبطة بصورة أساسية بدراسة الفكر‬
‫السياس إذ ُيحاول هذا الفكر دراسة الظواهر السياسية من حيث كيفية وسبب أو‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫أسباب الحدوث وكذلك اآلثار الميتبة عن أي التطور‪.‬‬
‫السياس‬
‫ي‬ ‫وإذا كان البحث وراء المعرفة السياسية ذاتها ترتبط بدراسة تطور الفكر‬
‫إال أن تطور هذا الفكر ال يمكن إدراكه بسهولة وبصورة كامله إال من خالل دراسة‬
‫السياس ذاته‪ ،‬حيث تتناقض األفكار أو األضداد وتتوالد بعضها عن‬‫ي‬ ‫تاري خ الفكر‬
‫بعض اتفاقا أو إختالفا أو تأليفا والحال‪ ،‬أن هذه الوضعية تشي مسألة يتعي إبرازها‬
‫وه العالقة بي التاري خ والفكر فالتاري خ يمثل للباحثي معرفة مساعدة لفهم‬ ‫ي‬
‫الظواهر السياسية بما فيها طاهرة السلطة ذاتها ‪ ،‬حيث أن الظواهر السياسية ال‬
‫التاريخ وال يمكن أن‬
‫ي‬ ‫تفهم عَل حقيقيها إال بوصفها يف مكانها عن مراحل التطور‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫تكون دراسة الفكر الشاملة إال بقدر ارتباطيها أو عَل األقل إدراكها لهذا التطور‬
‫التاريخ وإن كان ُيساعد عَل إدراك وفهم وتفسيكثي‬
‫ي‬ ‫ومراحله ‪,‬غاية األمر أن المنهج‬
‫الت يموج بها بحر الحياة السياسية إال أنه تبعت مع ذلك إدراك أمرين‬‫من الظواهر ي‬
‫أساسي ؛ األمر األول‬

‫األمر الثان‬

‫السياس تاريخا خاصا يدخل يف نطاق التاري خ العام‪ ،‬وهذا التاري خ الخاص‬
‫ي‬ ‫إن للفكر‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ُ ُ‬
‫هو أحد فروع التاري خ العميقة واألكي أهمية من التحركات السطحية واألكي ظهورا‬
‫ر‬
‫المباشة‬ ‫للعيان‪ ،‬إنه تاري خ ف يت بمضمونه الفكري وزاخر يف تفسي الوقت بالنتائج‬
‫السياس‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وانطالقا من هذا كان وصف الفكر‬ ‫المباشة عَل السلوك‬‫ر‬ ‫وغي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ىَ‬
‫بأنه يتطور أدق من غيه من األوصاف حيث أن هذا الفكر يعتي فن اإلنسان وواقعه‬
‫اإلنسان يتغي تغيا ملموسا بفعل اإلنسان نفسه ‪ ،‬وما تمكن هذا اإلنسان‬
‫ي‬ ‫وهذا الواقع‬
‫السياس أن يكون‬
‫ي‬ ‫من إخياع أساليب وعوامل التطوير ومن ثم يتعي عَل الفكر‬
‫وبالتاىل مالئما لهذا الواقع المتغي خاصة إذا كان هدفه أن يحقق له القبول‬
‫ي‬ ‫متطورا‬
‫يضف عَل هذا النمط من التفكي صفة التاريخية‬
‫ي‬ ‫أي التطبيق وهو ما‬
‫المبحث األول‪ :‬النشأة والموضوع والمنهج‬
‫ه صيورة نشؤها‬ ‫تنشأ األفكار وتنموا وتتطور يف سياقات تاريخية معينة‪ ،‬كما أنها ي‬
‫اإلنسان ‪.‬‬
‫ي‬ ‫وتطورها تتمي بخصائص محددة تشكل هويتها ضمن اإلنتاج الفكري‬
‫المطلب االول‪ :‬نشأة الفكر السياسي‬
‫السياس ليس إال مظهرا من مظاهر الفكر اإلنسان وتعبيا عن تطوره فهو‬ ‫ي‬ ‫الفكر‬
‫إنسان لذالك لم يظهر هذا الفكر‬
‫ي‬ ‫يرتبط بهذا الفكر ويعي عن هذا التطور وحيث أنه‬
‫اال بعد ظهور اإلنسان نفسه‪ ،‬كما أن تطوره ارتبط بتطور هذا اإلنسان‪ ،‬وحيث أن‬
‫ح أي يشغل مكانا وزمانا محددين لذلك ندرك الدور الهائل الذي لعبه‬ ‫اإلنسان كائن ي‬
‫اإلنسان ‪.‬‬
‫ي‬ ‫كل من المكان والزمان يف تكوين الفكر‬
‫ولعل خي ما يظهر لنا ذلك يمثل يف تطور عالقة اإلنسان بالبيئة ‪،‬وكذلك عالقته بما‬
‫يوجد عَل هذه البيئة ويعيش عليها من كائنات أخرى ‪ ،‬وقد بدأت األفكار اإلنسانية‬
‫يف التكوين والتنوع والتحديد مع تعرف اإلنسان عَل هذه البيئة‪ ،‬وما يتصل ذلك من‬
‫قيامه بالدفاع عن وجوده ثم محاولة تسخي البيئة ومن عليها بخدمته ومن ناحية‬
‫أخرى ظهرت مشاكل متعلقة بتعدد أعضاء الجماعة اإلنسانية‪ ،‬وما ييتب عَل ذلك‬
‫من ظهور التناسق أو التوافق ‪ ،‬ويمكن أن نمي ان هذا التطور سبب مرحلتي‬
‫البشية و مرحلة تنظيم الجماعة ر‬
‫البشية ‪.‬‬ ‫أساسيتي مرحله إستقرار الجماعات ر‬

‫اإلنسان‪ ،‬مرحلة‬ ‫البشية من أهم مراحل تطور الفكر‬‫أول‪ :‬مرحلة استقرار الجماعة ر‬
‫ي‬
‫الت اعتمد فيها اإلنسان الزراعة باإلضافة‬ ‫ر‬
‫اإلستقرار الجماعات البشية وهيا المرحلة ي‬
‫والرع ‪ ..‬وقد ترتب عَل هذا االستقرار تكوين جماعات مختلفة‬
‫ي‬ ‫إىل القنص والصيد‬
‫َ َ‬
‫األمر الذي ترتب عنه مشاكل عديدة وجديدة تمس الفرد و الجماعة عَل حد سواء‬
‫والت كان من أهمها ظهور الحاجة إىل تنظيم العالقات المختلفة داخل هذه‬ ‫ي‬
‫التجمعات اإلنسانية من ناحية وبي التجمعات المختلفة من ناحية أخرى‪ ،‬ومن‬
‫أجل إشباع هذه الحاجة وضبط العيش داخلها ‪,‬‬
‫البشية يتوج هذا المسار بنضج الفكر وذلك من‬ ‫ثانيا‪ :‬مرحلة تنظيم الجماعة ر‬
‫خالل ظهور تنظيم ما داخل كل جماعة ‪ ،‬وبي الجماعات المختلفة هذا التنظيم‬
‫من وجهة النظر العقلية يمر بمرحلتي أساسيتي معيتي عن هذا التطور العام‪.‬‬
‫وه‬
‫وه كذلك ال من حيث قيمتها‪ ،‬ولكن من ناحية الشمول ُ ي‬
‫ي‬
‫تتسم بظهور التنظيم االختياري أي غي المفروض و الذي يمكن تعريفه بأنه كل‬
‫رضان يف مجتمع معي ‪.‬‬
‫ي‬ ‫تنظيم‬
‫وه‬ ‫ر‬
‫و هيا المرحلة األكي أهمية من ناحية دراسة تطور الفكر ي‬
‫الت تمي مرحلة التنظيم‬
‫مرحلة التنظيم المفروض حيث ال تبدو فيه تلك التلقائية ي‬
‫وف جميع الحاالت يتبي بوضوح أن‬ ‫اإلختياري أو عَل األقل ال تظهر بنفس الدرجة‪ ،‬ي‬
‫يعت أيضا تعدد هذا الفكر و بالذات‬
‫يعت يف حد ذاته‪ ،‬وجود فكر‪ ،‬كما ي‬‫وجود تنظيم ي‬
‫يعت بداهة وجود‬
‫يف حالة التنظيم المفروض حيث أن مجرد فرض تنظيم‪ ،‬معي ي‬
‫تصور أو تصورات أخرى لهذا التنظيم‪.‬‬
‫يعت بصف‬ ‫َ َ َ‬
‫يعت أساسا محاولة ضبط حياة الجماعة وهذا بالضبط ي‬ ‫هذا التنظيم ي‬
‫النظر عما إذا كانت وسيلته ( االقناع أو اإلجبار أو كليهما ‪ -‬محاولة تسخي وسائل‬
‫موجودة أو ُيمكن إيجادها من أجل تحقيق الصالح العام ‪ ،‬أي من أجل تحقيق هدف‬
‫َ‬
‫جماع ال يمكن للفرد ب ُمفرده أن ُيحققه بمعزل عن الجماعة ‪ ،‬وهكذا يتبي قدم‬‫ي‬
‫ُ ُ‬
‫وجود الظاهرة السياسية ‪ ،‬أي ظاهرة السلطة ومن ثم ندرك قدم وجود الفكر‬
‫السياس‪.‬‬
‫ي‬
‫الت عبدها‬‫كانت هذه األفكار مستمدة أساسا من مصادر غيبية ممثلة يف اآللهة ي‬
‫اإلنسان أو من مصادر مادية طبيعية ومع تعدد وتنوع الجماعات اإلنسانية وتطور‬
‫الت يعشها‬ ‫أدوات اإلتصال بي هذه الجماعات من ناحية‪ ،‬واختالف المشاكل ي‬
‫وموجهتها من ناحية أخرى بدأت تظهر أفكار إنسانية متكاملة لضبط وتنظيم الحياة‬
‫ُ‬
‫اإلنسان يجعل التفاعل بي كل هذه‬
‫ي‬ ‫رف الفكر‬
‫يف هذه التجمعات وقد كان تطور و ي‬
‫العنارص من أهم نتائج هذا التطور العام ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الموضوعاته والعوامل المؤثر في‬


‫الفكر السياسي‬

‫السياس باهتمامه الخاص بتنظيم الحياة يف‬


‫ي‬ ‫السياس الفكر‬ ‫أوال ‪ :‬موضوع الفكر‬
‫َ يى‬
‫جماعة يكاد يتعرض لكل مظاهر هذه الحياة الثقافية و االقتصادية واالجتماعية‬
‫السياس للحياة يف الجماعة‬
‫ي‬ ‫وبذاهة السياسية وإذا كان هذا الفكر يهتم بالمظهر‬
‫ه من حيث طرق إسنادها وأشكالها‬ ‫األساس ‪،‬و ي‬
‫ي‬ ‫وبالذات لقضية هذا المظهر‬
‫وبالتاىل حقوق و واجبات األفراد‪ ..‬إىل أن‬
‫ي‬ ‫وأجهزتها والقائمي عليها وحدود سلطتهم‬
‫واالجتماع األمر الذي‬
‫ي‬ ‫الثقاف واالقتصادي‬
‫ي‬ ‫هذا الفكر يتأثر ويؤثر يف واقع التطور‬
‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫السياس فقد كان للتطور‬
‫ي‬ ‫ييتب عليه تعددية األفكار وهوما أغت بدوره الفكر‬
‫إجتماع أهمية بالغة يف تعدد طفرات –‬
‫ي‬ ‫واالقتصادي ما ترتب عَل ذلك من تطور‬
‫اإلنسان‬
‫ي‬ ‫السياس ومن هنا ندرك كيف أن تحول االقتصاد‬ ‫ي‬ ‫إن لم تكن ثورات – الفكر‬
‫السوف‬
‫ي‬ ‫تبادىل ثم إقتصاد‬
‫ي‬ ‫اع ‪ -‬مغلق أو‬
‫والرع إىل إقتصاد زر ي‬
‫ي‬ ‫مع القنص والصيد‬
‫السياس ولعل ذلك ينضج مع‬
‫ي‬ ‫أسماىل أثر وتأثر بالفكر‬
‫ي‬ ‫مع ظهور النقود ‪،‬ثم اقتصاد ر‬
‫تغي النظر إىل دور الجماعة أي ظهور وظيفة إقتصادية للسلطة يف المجتمع ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫والواقع أن كل هذا إقين به وترتب عليه يف كثي من األحوال‪ ،‬تغيات هائلة يف الهيكل‬
‫السكان ‪ ،‬ما استدع بدوره رصورة التفكي والذي ظهر من خالل تدخل‬ ‫ي‬ ‫االجتماع بل‬
‫ي‬
‫السلطة يف مجاالت متعددة‪.‬‬
‫السياس مسألة هامة ‪ ،‬وهيا عالقة السياسة باإلقتصاد‬ ‫ي‬ ‫و يتصل بموضوع الفكر‬
‫ر‬
‫حيت أن االقتصاد وهو علم دراسة ظواهر إنتاج وتوزي ع واستهالك اليوات‬
‫والخدمات يف المجتمع ‪ ،‬يمثل أهمية بالغة يف حياة اإلنسان هذه األهمية ساعدت‬
‫عَل ظهور دراسات تضع االقتصاد يف المقدمة بحيث تكون السياسة مجرد إنعكاس‬
‫السياس مسألة أخرى صاحبت هذا التطور‬ ‫ي‬ ‫لالقتصاد ويرتبط أيضا بموضوع الفكر‬
‫واالجتماع‪ ،‬وأثرت بدورها يف هذا الفكر كما جعلته أقرب إىل‬
‫ي‬ ‫الثقاف واالقتصادي‬
‫ي‬
‫بالتاىل إال اإلنتشار وهيا بدء إبتعاد هذا الفكر يف التصورات الفلسفية‬‫ي‬ ‫اإلدراك و‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الوصف أوال وصوال إليه‬
‫ي‬ ‫بتبت المنهج‬
‫ي‬ ‫التجريدية المطلقة أو شبه المطلقه ‪ ،‬وذلك‬
‫المنهخ أثر بالغ ليس فقط من ناحية تطور‬ ‫ي‬ ‫التحليَل فقد كان لهذا التطور‬
‫ي‬ ‫المنهج‬
‫هذا الفكر ولكن أيضا من ناحية إغناء هذا الفكر بدخول موضوعات جديدة يف دائرة‬
‫وبالتاىل أقرب إىل المعرفة العلمية‪.‬‬ ‫إهتمامه ‪ ،‬ودراسته من منهجية ر‬
‫أكي واقعية‬
‫ي‬
‫السياس‬
‫ي‬ ‫السياس تتعدد العوامل المؤثرة يف الفكر‬
‫ي‬ ‫ثانيا ‪ :‬العوامل المؤثرة يف الفكر‬
‫تعددا ملموسا وبفعل أسباب عديدة ‪..‬و إن كان من الممكي إرجاعها بشكل موجز‬
‫السياس‪.‬‬
‫ي‬ ‫السياس‪ ،‬ومنتج الفكر‬
‫ي‬ ‫اىل عاملي رئيسي‪ :‬موضوع الفكر‬
‫السياس يستهدف تفسي وتنظيم الحياة‬ ‫ي‬ ‫فإن الفكر‬ ‫❖‬
‫َْ‬
‫قتصنا عَل الجزئية األوىل وهيا‬ ‫يف الجماعة و بي الجماعات المختلفة ‪ ،‬فإذا ا‬
‫الحياة يف الجماعة وجدنا أن هذه الحياة تشمل عنارص متعددة النوع ومتباينة‬
‫تجاوزا_ حصوها يف العوامل و العنارص الثقافية‬ ‫الطبقية وإن كان من الممكن _ ُ‬
‫الت يعيش فيها وب ها ومعها اإلنسان والجماعة‪ ،‬وهذه‬ ‫و االقتصادية واالجتماعية ي‬
‫اإلنسان المستمر‪ ،‬وبعامل‬
‫ي‬ ‫العوامل تخضع بدورها لقاعدة التطور بفعل التدخل‬
‫السياس‬
‫ي‬ ‫التفاعل المتبادل فيما بينها و هكذا شهدت اإلنسانية تطورا يف فكرها‬
‫عَل مر العصور ‪ ،‬حقا إن بعض األفكار السياسية التتطور بصورة مطابقة للتطور‬
‫ُ‬
‫السياس الذي ينشد صاح َبه تطبيقه‬
‫ي‬ ‫واالجتماع‪ ،‬ومع ذلك فالفكر‬
‫ي‬ ‫االقتصادي‬
‫يتعي أن يكون مطابقا أو عَل األقل قريبا من الواقع‬‫عَل األقل إستمرار قبوليه َ‬
‫السياس بالتطور االقتصادي‬ ‫ُ‬
‫ومالئما لهذا الواقع ‪ ،‬وهكذا يظهر تأثي وتأثر الفكر‬
‫ي‬
‫االجتماع الذي عرفته اإلنسانية منذ مراحل القنص والصيد والزراعة وأخيا‬
‫ي‬ ‫و‬
‫الرأسمالية واإلشياكية َوصوال إىل المرحلة المعارصة ‪.‬‬
‫أي المفكرون السياسون ‪،‬فإنه اليجب أن يغيب عن‬ ‫❖‬
‫األذهان أن العوامل السابقة وإن كانت حاسمة‪ ،‬إال أن العوامل الشخصية‬
‫ُ‬
‫ه األخرى يف فكره بدرجة اليمكن تجهلها‬‫ي‬ ‫تتدخل‬ ‫مفكر‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫والتاريخية والنفسيه ل‬
‫َ‬
‫السياس هو اإلنسان‪ ،‬وهذا االنسان يف حد ذاته معقد التفسي فهو‬
‫ي‬ ‫فواضع الفكر‬
‫السياس لإلنسان عما يوجد‬ ‫الفكر‬ ‫ل‬ ‫عز‬
‫ً‬
‫مستحيال‬ ‫يبدو‬ ‫لذلك‬ ‫ب‬ ‫ك‬‫ر‬‫ىكائن ُم َ‬
‫ي‬
‫لد يه من القيم وما يؤمن به من معتقدات وما يسيطر عَل نفسيته من مفاهيم‬
‫‪.‬‬
‫السياسي‬ ‫الفكر‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مناهج‬
‫وف المناهج المتبقية‬
‫السياس مقومات واسعة الفكر نفسها‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫تستند خصائص الفكر‬
‫كباف حلول المقرؤة السياسية المريضة‬
‫وف وجوه تميه ي‬‫يف بلورة هذا الفكر ي‬
‫طبقة الفكر السياسي‬ ‫المطلب األول ‪:‬‬
‫اإلنسان عموما‪ ،‬والفكر‬
‫ي‬ ‫السياس‪ ،‬تظهر لفائدة أن الفكر‬
‫ي‬ ‫إن دراسة تطور الفكر‬
‫ُ‬
‫السياس عَل وجه التحديد ليس فكرا مطلق القبول والصالحه لك ِّل زمان َ‬
‫ومكان‬ ‫ي‬
‫السياس‬
‫ي‬ ‫السياس‪ ,‬ومن هنا يتبي أن الفكر‬
‫ي‬ ‫األمر الذي يجعلنا نسلم بنسبية الفكر‬
‫ً‬
‫ال يمكن أن يكون خالدا إال من حيث النظر إليه باعتباره عمال عن أعمال الفن ناتجا‬
‫عن المعرفة ‪،‬وداخل هذه النسبية توجد نسبية أخرى‪ ،‬تتمثل يف إمكانية استمرارية‬
‫ً‬
‫تواجد مكونات هذا الفكر واالستغناء عن نقضها فالجدل مثال يف فكر " هيغل "‬
‫والدي يمكن العودة بأصوله إىل الفكر القديم‪ ،‬وبالذات إىل أفالطون وأرسطو هو‬
‫الجدل المستخدم من قبل انجلز و ماركس و إن كان َمجال االستخدام قد تغي من‬
‫الفكر إىل المادة ‪،‬وكذلك يشهد عالم الفكر يف وقتنا الراهن نوعا من الفكر المختلط‬
‫التوفيف الذي يبدو انه يسي يف اتجاه الفكر الوحيد‬
‫ي‬ ‫أو‬
‫أوال ‪:‬مناهج المفكرين السياسين ‪:‬‬
‫اك‬
‫دم و فكر محافظ‪ ،‬اىل فكر إشي ي‬ ‫السياس‪ ،‬بي فكر تق ي‬
‫ي‬ ‫تعددت تقسيمات الفكر‬
‫وفكر حر والواضح أن هذه التصنيفات‪ ،‬تعكس يف إحدى دالالتها تأثي المناهج‬
‫المستخدمة من قبل المفكريي السياسيي ومن مراحل التطور العام للمعرفة ُيمكن‬
‫الفلسف‬
‫ي‬ ‫إرجاع المناهج المقدمة يف هذا الشأن إىل نوعي من المناهج المنهج‬
‫الفلسف قد يساعد عَل‬
‫ي‬ ‫يأن من أن المنهج‬
‫الواقع والحقيقة أن اإلختالف ي‬
‫ي‬ ‫والمنهج‬
‫السياس بما يصدر من أصحابه عن تطور السلطة يف الجماعة وليس‬
‫ي‬ ‫فهم الواقع‬
‫العلىم الذي يبدأ من الواقع إستقراء‬
‫ي‬ ‫واقع السلطة يف الجماعة ‪ ،‬وهو ما يوفره المنهج‬
‫ى ً‬ ‫ً‬
‫هذا الواقع‪ ،‬وصوال إىل تفسيه َوأ َمال ‪ -‬إن أمكن – يف تقديم توقع دون تدخل لوجهة‬
‫الشخص للمفكر والنتجة أن الفكر‬ ‫ي‬ ‫نظر الباحث الذاتية ‪ ...‬إدراك تدخل الفكر‬
‫السياس قد أن يف كثي من األحيان وبالنسبة لموضوعات معينة وبصورة فلسفية‬ ‫ي‬
‫الفلسف كان الوحيد‬
‫ي‬ ‫من ناحية علمية ومن ناحية أخرى ‪ ،‬يمكن القول أن المنهج‬
‫العلىم وزدهر خاصة‬ ‫اح ثم بدأ يظهر المنهج‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫أو األكي إنتشارا بي المفكرين يف المن ي‬
‫الفلسف خالل العصور‬ ‫عش‪ ،‬فقد ساد المنهج‬ ‫عند النصف الثان من القرن التاسع ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫الثان من القرن التاسع عش حيث قد بدأ ينازعه‬ ‫القديمة وحت بداية النصف‬
‫ي‬
‫الفلسف يقوم عَل أساس االنطالق من أفكار ومعتقدات‬ ‫ي‬ ‫العلىم هذا المنهج‬
‫ي‬ ‫المنهج‬
‫معينة يعتيها مسلمات وذلك بهدف استنباط َمايراه أفضل تنظيم للحياة يف‬
‫المجتمع‪ ،‬وهكذا نرى ‪ -‬أفالطون – يقوم فكره أساسا عَل تقديم تجريد نظري‬
‫َ‬
‫فلسف لخي تصور تكون عليه الحياة يف الجماعة أي المدينة و " أرسطو "– ال يفيق‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫كثيا عن أستاذه حيث أنه وإن كان يبدأ من الواقع مستعمال المالحظة والمقارنة‪ ،‬إال‬
‫أنه ال يلبث أن ينطلق يف التصور لما هو أفضل للحياة يف الجماعة‪ ،‬ومن هنا نمي‬
‫فكره باالهتمام بالواقع ‪,‬والتأثر بالفلسفة ‪ ،‬واالرتكاز إىل األشكال التنظيمية واالرتباط‬
‫شيشون " لم ينتهج منهجا ُمغايرا‬ ‫ر‬ ‫الرومان نجد "‬
‫ي‬ ‫وف الفكر‬
‫بالمدينة أي الدولة ي‬
‫لإلغريق ‪،‬وإن كان قد اهتم بإبراز دور القانون – تحت تأثي التقدم الملموس للقانون‬
‫السياس الذي‬
‫ي‬ ‫القانون للمجتمع‬
‫ي‬ ‫الرومان – يف تعريفية للدولة‪ ،‬باعتبارها التنظيم‬
‫ي‬
‫كان يطلق عليه إسم " ر‬
‫الشء العام ‪..‬‬
‫ي‬

‫‪ 1‬مفاهيم أساسية‪:‬‬
‫تردد يف حقل دراسة األفكار السياسية عدة مفاهيم ترتبط بشكل أو بآخر بالفكر‬
‫السياس ومن جملة هذه المفاهيم ‪،‬مفهوم النظرية السياسية ‪ ،‬والفلسفة السياسية‬
‫ي‬
‫ه حدود تداخلها مع الفكر‬
‫فماه مضامن هذه المفاهيم وما ي‬
‫ي‬ ‫والمذاهب السياسية‪،‬‬
‫السياس؟‬
‫ي‬
‫_أالنظرية السياسية ‪:‬‬
‫ه المعرفة الواقعة واإليجابية‬‫ه نتاج المالحظة والتجربة ‪ ..‬بل ي‬ ‫النظرية السياسة ي‬
‫الشح والتفسي ثم وضع القواعد‬ ‫الت تنتج عن تسجيل الحقائق‪ ،‬وتتعدى ذلك إىل ر‬
‫ي‬
‫القابلة بالطبع لتنقيح والتعديل ‪ ،‬يختلف المفكرون السياسيون يف تعريف النظرية‬
‫السياسية منهم من يرى أن النظرية السياسية تقف عند جميع الحقائق واألحداث‬
‫السياس‪ ،‬بينما يرى البعض أن النظرية السياسية‬
‫ي‬ ‫دون تعليق عليها لتحليل الواقع‬
‫السياس للجماعة يف محاولة لبلورة‬
‫ي‬ ‫أشمل وأعمق من ذلك إذ تتناول إطار النظام‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫العالقة السليمة بي الفرد والدولة‪َ ،‬و َمدى طابقية النظام وحدود المثل السياسية‬
‫الت تستنيد إليها أسس الدولة ‪ ،‬تبدأ النظرية السياسية من مشاهدة‬ ‫واألخالقية ي‬
‫الظواهر السياسية ثم تنتقل إىل تسجيل األحداث وترتييها ‪ ،‬ثم تفسيها علميا بهدف‬
‫الت تحكم تلك الظواهر‪ ،‬وبعبارة أخرى يقصد بالنظرية‬ ‫الكشف عن القواني ي‬
‫فت‬ ‫الت تؤدي إىل إكتشاف قواعد التحكم يف النشاط ي‬ ‫السياسية ‪ ،‬الدراسة التجريبية ي‬
‫السياس ‪ ،‬و تأسيسا عَل ذلك تقوم النظرية السياسية عَل أصول عديدة‬ ‫ي‬ ‫التطور‬
‫وه‬
‫الواقع للحقيقة السياسية‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫ه نظرية تجريبية بمعت أنها تقوم عَل التحليل‬ ‫ف ي‬
‫السياس‬
‫ي‬ ‫نظرية عامة بمعت أنها تشمل جميع أنواع النشاط الفكري ‪ ،‬و التطور‬
‫ه عامة أيضا ‪ ،‬بمعت أنها تفيض إقامة البنيان الفكري الذي‬ ‫والجماع و ي‬
‫ي‬ ‫الفردي‬
‫وه أيضا نظرية مركبة بمعت أنها‬ ‫السياس‪ .‬ي‬
‫ي‬ ‫يدور حول مبادئ أصيلة لفهم الوجود‬
‫تكتف بأن تكون مجرد وصف للحقيقة السياسية‪ .‬كما أنها ال تقتص عَل التحليل‬ ‫ي‬ ‫ال‬
‫الدينا يم لما هو حادث بالفعل‪ ،‬بل تتجاوز إىل التنبؤ بما سيكون‪.‬‬
‫‪ -‬ب الفلسفةالسياسية‪:‬‬
‫السياس‪ ،‬وهذا التصور‬
‫ي‬ ‫فه تقدم تصور الفيلسوف للوجود‬ ‫أما الفلسفة السياسية ي‬
‫ان ويعكس خيته وتجربته كما تعكس الظروف المحيطة به‪.‬‬ ‫ينبعث من منطقه الذ ي‬
‫ه عبارة عن تجميع وتقابل‬ ‫وعَل هذا يمكن القول أن رأي الفيلسوف‪ :‬السياسية ي‬
‫ىم إليها‪ .‬وعَل ذلك‬
‫بي عنارص ثالث‪ :‬خية ذاتية و مشكلة محلية و حضارة ينت ي‬
‫اليونان العائم يف‬
‫ي‬ ‫دون أن نتعرف عَل الياث‬ ‫ال نستطيع أن نتصور فلسفة ا‬
‫الديمقراطية السياسية يف مدلولها التقليدي والمرتبط بمجتمع المدينة ‪ /‬الدولة أما‬
‫أرسطو فهو الذي وضع اللبنات األوىل لفلسفة السياسة‪ ،‬حيث استخدم مفهوم‬
‫اىل جانب‬‫عىط بينية او تركيب العائلة ي‬
‫السياسية بمعت واسع للغاية بهدف أن ي ي‬
‫اصطالح "الدولة ‪/‬المدينة والسياسة عند " أرسطو " تشمل كيانات محلية أو‬
‫إقليمية أو دولية‪ ،‬وقد صور أرسطو " علم السياسة بمثابة علم العلوم ألنه ُيقدم‬
‫المعرفة والفهم اىل أولئك الدين يديرون شؤون الدولة‪.‬‬
‫إن النظرية السياسية بالنسبة للمفكر و الفيلسوف تشكل نقطة البداية‪ ،‬فهو يشاهد‬
‫ويستنتج ‪ ،‬فإذا استطاع أن يصل إىل تأكيد عالقات ارتباطية لجأ إىل التاري خ يستقرئه‬
‫و يسيشده ‪ ،‬ثم استعان بالمقارنة لإلستنباط حت إذا ما استطاع أن ُيصميم مدلول‬
‫َ َُ‬
‫مالحظاته ‪ ،‬فإنه يقوم بصياغتها يف شكل قانون ‪:‬عالقة ارتباطية تجعل من إحدى‬
‫الظواهر السياسية سببا ومصدرا لظاهرة أخرى عند ما تتحقق متغيات أخرى ‪،‬وعَل‬
‫باشة فيتأ كد ذلك‬ ‫هذا فإن الفيلسوف يبدأ من المنطق فإذا وصل إىل الخية الم ر‬
‫المنطق ‪ ،‬أما عالم النظرية السياسية فهو يبدأ من الخيية ذ اتها منفصلة عن شخصه‬
‫خاضعة لمقاييس ومعايي مطلقة ال تأثر وال تتأثر بسخط واصيفها أو ُمنتقديها‬
‫فالفارق يف الفلسفة السياسية والنظرية السياسية يكون دقیقا يف كثي من األحيان‬
‫و يبدو ذلك بصورة واضحة عند سقراط لما يعرف بالقيم السياسية‪ ،‬فبدأ بالحرية‬
‫ه أخالقيات سياسية أو قيم سياسية يف جزء ال يتجرأ من الفلسفة‬ ‫أو فكرة العدالة و ي‬
‫وه يف نفس الوقت تمثل الجوهر الذى يجب أن تدور حوله عملية‬ ‫السياسية ي‬
‫السياس إلطار التحليل يف نطاق النظرية السياسية‪ ،‬ومن المهم اإلشارة هنا‬‫ي‬ ‫اليكيب‬
‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫إىل أن كل له قیمة سياسية ‪ ،‬يمكن النظر إليها من أبعاد ثالثة كل منها يملك إستقالله‬
‫َُ ُ‬
‫السياس المرتبط بتلك‬
‫ي‬ ‫التطور‬ ‫ناك‬ ‫ه‬ ‫الوظيف‪ ،‬فهناك القيمة السياسية يف ذاتها ‪ ،‬ثم‬
‫ي‬
‫الت تستخدمها من المشاهدة والمالحظة‬ ‫القيمة السياسية‪ ،‬وأخيا هناك الداللة ي‬
‫الثان َيدخل‬
‫ي‬ ‫لتلك القيمة‪ ،‬وعَل هذا فالبعد األول هو الفلسفة السياسية ‪ ،‬والبعد‬
‫السياس‪ ،‬أما البعد الثالث فهو ما تتواله النظرية السياسية ‪.‬‬
‫ي‬ ‫يف نطاق التاري خ‬
‫عت بالصورة النظرية السياسية‬
‫السياس ال ي ي‬
‫ي‬ ‫وهكذا يمكن أن نخلص إىل أن الفكر‬
‫وقد يشكل فكرا سياسيا معينا نظرية سياسية وقد يكون بعيدا تماما عن المجال‬
‫النظري عَل إطالقه‪.‬‬
‫‪ -‬ب المذهب السياسي ‪:‬‬
‫فه تبدأ باألحداث‬‫تقع النظرية السياسية بأكملها يف نطاق الفلسفة الوضعية ‪ ،‬ي‬
‫ليتبها يف مجموعات متجانسة بهدف تفسيها عَل أسس موضوعة ‪ ,‬يف حي أن‬
‫ً‬
‫المذاهب السياسية تيك مجاال للمثالية وتتشابه المذاهب السياسية والنظريات‬
‫السياسية يف أنهما يبدأن معا من واقع الظواهر ولكن النظريات السياسية ال تظل‬
‫مرتبطة بهذا الواقع ُمستهدفة ُمجرد تنظيم هذه الظواهر‪ ،‬وإنما تنطلق منها بقصد‬
‫تقيميها لتوليها أو رفضها عَل ضوء مثل معينة بينما تحكم المذاهب السياسة عَل‬
‫األحداث ‪،‬فإن المذاهب السياسية ال تقع كل عنارصها يف نطاق واقع األحداث وإنما‬
‫ه مجرد موضوع لنقد أو التأييد ومن خالل قيم معينة ومع‬ ‫ترتبط بها من حيث ي‬
‫ذلك فإن الخلط يبف قائما بي النظرية والواقع‬
‫فكثيا ما تعرف المذاهب السياسية عَل أنها نظريات بل إن أصحاب مذاهب معي‬
‫قد ُيقدمون مذاهبهم يف صورة نظريات سياسية‪ ,‬و بشكل ُمبسط جدا يمكن القول‬
‫السياس یھ نتاج الفكر‬
‫ي‬ ‫أن كل من النظرية السياسية والفلسفة السياسية والمذهب‬
‫ً‬
‫هذا الفكر إذا كان متكامال يف كليته أو يف جزئيته أطلق عليه نظرية وإذا طبق أوراق‬
‫َ‬
‫متوفرة ومطالبا بتطبيقه أطلق عليه مذهب وتأسيسا عَل ذلك فالفكر يقدم رؤيته‬
‫ً‬
‫فإذا ما اكتملت هذه الرؤية بتشکيلها بناء نظريا متكامال أطلق عليها نظرية سياسية‬
‫هذه النظرية السياسية إذا صادقها التطبيق أو بدأت المطالبة بتطبيقها أطلق عليها‬
‫سياس ‪.‬‬
‫ي‬ ‫مذهب‬

‫ه الحقيقة‪ ،‬وعليه فإن القواني اإلنسانية نسبية المالحظة‬ ‫وليست يف الغالب ي‬


‫حيت أن هنالك عدالة مطلقة ولكنها عدالة ال يمكن أن تدرك إال بالعلم أو المعرفة‬
‫ه المعرفة " ‪.‬‬ ‫الت ترتبط أشد ارتباط بغاياتها و يحب ان تصي " الفضيلة ي‬
‫ي‬
‫ه الطريقة األفضل و الدليل‬ ‫وإنطالقا من هذا فإن طريقة االختيار بالقرعة ليست ي‬
‫عَل ذلك عدم إستخدامها الختيار المهندسي المعماريي أو قادة السفن ومن ثم‬
‫السياس لذى سقراط يف صورة أخالق سياسية فليس هذا الشكل أوذاك‬ ‫ي‬ ‫يظهر الفكر‬
‫من النظام السياسية أو المؤسسات السياسية هو الذي يجعل الحكم يف المدينة‬
‫صالحا ‪ ،‬ولكن استخدامها لتحقيق العدالة المثالية هو الذي يجعلها صالحة ويرى‬
‫سقراط أن الخي الفردي ال يفصل عن الخي العام و إن مصلحة الفرد تتفق دائما مع‬
‫مصلحة المجموع‪ ،‬والعدالة يف نظره ال تتحقق إال إذا كان الحكم يف أيدي الحكماء‬
‫ط الذي‬ ‫الحقيف‪ ،‬ومن هنا عدائه للحكم الديمقرا ي‬
‫ي‬ ‫ألن الحكم السليم مصدره العلم‬
‫يكون فيه الحكم بأيدي غي الحكماء‬
‫االتيت عَل أساس أن القرارات‬
‫ي‬ ‫ط‬‫السوفسطائيوں ‪ :‬قام النظام الديموقرا ي‬
‫الهامة يتم الموافقة عليها يف جمعية يحصها المواطنون ويستطيع كل منهم‬
‫التحدث و االشتباك يف المناقشات كذا كان نظام القرعة يسمح لكل مواطن بالحكم‬
‫وعَل الرغم من أن ذلك من أسس الديموقراطية إال أن ذلك أظهر يف نفس الوقت‬
‫الحاجة إىل تعليم المواطني وتمكينهم من قدر من المعرفة السياسية وقد قام‬
‫السفسطائيون بهذه المهمة لقاء أمر حيت تولوا تدريب المواطني عَل التحدث‬
‫والخطابة لكسب المنارصين والمؤيدين و التأثي يف المعارظي ‪ ،‬وكانت مناهجهم‬
‫تعتمد عَل تلقي الطالب كيف يكتشفون القواني ‪ ،‬بانفسهم واالقتناع بعدم وجود‬
‫عدالة مطلقة أو حقيقة مطلقة‪ ،‬وكذلك التفرقة بي القواني أي قواني الطبيعة‬
‫الت ليست بالنسبة اليهم سوى إتفاقات ‪ ،‬ومن خالل طرحهم‬ ‫والقواني الوضعية ي‬
‫هذا بدأت تتضح ‪ ،‬مسألة نسبية القواني بمعت أن القانون الصالح يف بلد ما ليس‬
‫ى‬
‫صالحا يف بلد آخر‪ ،‬كما أن القانون الصالح لزمانينا اليصلح بالصورة لكل األزمينة ‪.‬‬

‫المراجع‬
‫‪ 1‬المراجع المعتمدة يف انجاز المقدمة ‪ :‬جان جاك شوفاليه ‪ .‬تاري خ الفكر السياس‬
‫يف المدينة الدولة إىل الدولة الفرعية ترجمة محمد ترجمة و محمد عرب بيوت‪.‬‬
‫الطبعة األوىل سنة ‪1985‬‬
‫الغرن‬
‫ي‬ ‫‪ 2‬ور جريفر أسس النظرية السياسية ‪ .‬ترجمة عبد الكريم أحمد ‪ .‬دار الفكر‬
‫عمر سنة ‪1941‬‬
‫العروس مص الطبعة‬
‫ي‬ ‫السياس‪ .‬ترجمة حسن خالل‬
‫ي‬ ‫‪ 3‬جورج سباب تطور الفكر‬
‫الرابعة سنة‪.1961‬‬

‫السياس والنظريات والمذاهب السياسية الكيى ‪-‬‬


‫ي‬ ‫‪ 4‬ثروت بدوي ‪ .‬أصول الفكر‬
‫القاهره سنة ‪1972‬‬
‫‪5‬محمد طه بدوي ‪ ،‬نظي السياسة ‪ .‬القاهرة سنة ‪2 – 1967‬‬

‫‪ 6‬بطرس بطرس ي‬
‫غاىل ‪ .‬دراسات يف المذاهة السياسية القاهرة سنة ‪1962‬‬
‫‪7 George Burdeau, Methode de la Science politique Paris DALLO‬‬
‫‪1959.‬‬
‫‪8 Gacques ELLUL Histoire des institutions Pros 1972‬‬

You might also like