‫اليوم اخلامس عشر‪:‬‬

‫من قوله‪َ ( :‬و ُي ْك َر ُه‪ :‬إِ ْف َرا ُد َر َجب) إلى قوله‪( :‬إِ اَّل َع ْن َد ِم ُم ْت َعة َوقِ َران)‪.‬‬
‫شرح زاد املستقنع‬ ‫‪2‬‬

‫الش ِّك‪َ ،‬و ِع ِ‬

‫يد ال ُك اف ِ‬ ‫الجم َع ِة‪َ ،‬والسب ِ‬
‫ار‪ :‬بِ َص ْوم‪.‬‬ ‫ت‪َ ،‬و ا‬ ‫اْ‬ ‫َو ُي ْك َر ُه‪ :‬إِ ْف َرا ُد َر َجب‪َ ،‬و ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ِح ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ََلم‬
‫الص ََلة َو َّ‬ ‫الح ْمد ل َّله َرب ال َعا َلمي َن‪َ ،‬و َّ‬ ‫يم‪َ ،‬‬ ‫بِ ْس ِم ال َّله َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫آله‪َ ،‬و َأ ْص َحابِ ِه َأ ْج َم ِعي َن‪.‬‬
‫َع َلى َنبِينَا محم ٍد‪ ،‬و َع َلى ِ‬
‫َ َّ َ‬
‫لما ذكر رمحه اهلل األيام التي ي َسن صيامها؛ ذكر بعد ذلك األيام التي يكره‬
‫صومها؛ وذكر رمحه اهلل مخسة أيام‪:‬‬
‫(و ُي ْك َر ُه‪ :‬إِ ْف َرا ُد َر َجب) أي‪ :‬يكره إفراد شهر رجب‪،‬‬
‫اليوم األول‪ :‬قال‪َ :‬‬
‫(بِ َص ْوم) عن بقية الشهور؛ ألن شهر رجب كانت الجاهلية تعظمه‪ ،‬لذا نهي‬
‫المسلمون عن إفراده بالصوم‪ ،‬وشهر رجب ال يختص بشيء عن بقية الشهور؛‬
‫سوى أنه من أشهر ال َّله الحرم‪ ،‬أي‪ :‬التي ال يبدأ بالقتال فيها‪ ،‬عىل القول بعدم‬
‫النسخ يف ذلك‪.‬‬
‫الج ُم َع ِة) فعىل قول المصنف‬
‫(و ُ‬‫واليوم الثاين ‪ -‬الذي نهي عنه ‪ :-‬قال‪َ :‬‬
‫ي كره إفراد يوم الجمعة بصوم؛ ألنه يوم عيد‪ ،‬والدليل عىل ذلك أن النبي ﷺ‬
‫«ال َيص ْم َأ َحدك ْم َي ْو َم الجم َع ِة‪ ،‬إِ َّال َأ ْن َيصو َم َق ْب َله‪َ ،‬أ ْو َيصو َم َب ْعدَ ه»(‪ ،)1‬وألن‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ت‬‫النبي ﷺ دخل عىل جوي ِرية يوم الجمعة وهي صائمة‪ ،‬فقال‪َ « :‬أصم ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ َ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب صوم يوم الجمعة‪ ،‬رقم (‪ ،)1985‬ومسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪،‬‬
‫اه ِة ِص َيا ِم َي ْو ِم الجم َع ِة م ْن َف ِردا‪ ،‬رقم (‪ ،)1144‬واللفظ له‪ ،‬من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫َباب ك ََر َ‬
‫‪a-alqasim.com‬‬
‫‪3‬‬ ‫مقرر اليوم اخلامس عشر‬

‫يدي َن َأ ْن َتصومِي َغدا؟» َقا َل ْت‪َ :‬‬

‫ال‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫ال‪َ ،‬ق َال‪« :‬ت ِر ِ‬
‫س؟»‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬‬‫َأ ْم ِ‬

‫« َف َأ ْفطِ ِري»(‪.)1‬‬
‫فالراجح‪ :‬أن صوم يوم الجمعة محرم‪ ،‬وليس مكروها؛ ألن النبي ﷺ‬
‫هنى عن صومه‪ ،‬فَل يصام إال إذا وافق صومه صو َم يو ٍم كان يصومه‪ ،‬مثَل‪ :‬لو‬
‫أن شخصا يصوم يوما ويفطر يوما ووافق يوم الجمعة؛ فَل بأس‪.‬‬
‫ت) أي‪ :‬يكره صوم السبت؛ ألن النبي ﷺ‬ ‫(والسب ِ‬
‫واليوم الثالث‪ :‬قال‪ َ :‬ا ْ‬
‫يما ا ْفت ِر َض َع َليْك ْم»(‪ ،)2‬وألنه ‪ -‬عىل قول‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السبْت إِ َّال ف َ‬
‫«ال َتصوموا َي ْو َم َّ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫المصنف ‪ -‬يوم عيد لليهود فَل يصام فيه‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أن صوم السبت جائز‪ ،‬والحديث الذي فيه النهي عن صوم‬
‫يوم السبت‪ ،‬قال عنه شيخ اإلسَلم‪« :‬منسوخ أو شاذ»؛ ألن النبي عليه الصَلة‬
‫والسَلم كان يصوم يوم السبت ويوم األحد‪ ،‬ويقول‪« :‬إِنَّهما يوما ِع ِ‬
‫يد‬ ‫َ َْ َ‬
‫الم ْش ِركِي َن‪َ ،‬ف َأنَا أ ِحب َأ ْن أ َخال ِ َفه ْم»(‪ )3‬يعني‪ :‬ليخالفهم فيه‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب صوم يوم الجمعة‪ ،‬رقم (‪ ،)1986‬من حديث جويرية بنت‬
‫الحارث رضي اهلل عنها‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه أمحد يف المسند‪ ،‬رقم (‪ ،)17686‬من حديث عبد اهلل بن بسر رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه أمحد يف المسند‪ ،‬رقم (‪ ،)26750‬من حديث أم سلمة رضي اهلل عنها‪.‬‬
‫‪a-alqasim.com‬‬
‫شرح زاد املستقنع‬ ‫‪4‬‬

‫فالراجح‪ :‬أن صوم يوم السبت ال يكره؛ وإنما هو كبقية األيام سوى‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫الش ِّك) والمراد بيوم الشك‪ :‬هو اليوم الذي ييل‬
‫(و ا‬‫واليوم الرابع‪ :‬قال‪َ :‬‬
‫التاسع والعشرين من شعبان‪ ،‬فَل يصام احتياطا أنه قد يكون من رمضان؛‬
‫والدليل عىل ذلك قول عمار رضي اهلل عنه‪« :‬من صام اليوم ا َّل ِذي يشك فِ ِ‬
‫يه‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َْ َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫النَّاس َف َقدْ َعصى َأبا ال َق ِ‬
‫اس ِم ﷺ» ‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫أما إذا كان يوافق صومه صو َم يو ٍم كان يصومه؛ فَل يكره؛ مثل‪ :‬لو كان‬
‫يصوم االثنين‪ ،‬ووافق أن يوم الشك هو يوم االثنين؛ فَل يكره‪ ،‬إنما الذي يكره‪:‬‬
‫أن يصومه احتياطا أن يكون من رمضان‪.‬‬
‫الك اف ِ‬
‫ار) أي‪ :‬عىل قول المصنف رمحه اهلل‪:‬‬ ‫يد ُ‬‫(و ِع ِ‬
‫واليوم الخامس‪ :‬قال‪َ :‬‬
‫يكره أن يصام عيد من أعياد الكفار تعظيما لها‪ ،‬مثل‪ :‬أن يصام رأس السنة‬
‫يس ِمس‪ ،‬أو عيد األم‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الميَلدية‪ ،‬أو ما يسمى بعيد الك ِر ْ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪َ ،‬باب َق ْو ِل ال َّنبِي َص َّلى اهلل َع َل ْي ِه َو َس َّل َم‪« :‬إِ َذا َر َأ ْيتم ِ‬
‫الهَل ََل َفصوموا‪،‬‬
‫َوإِ َذا َر َأ ْيتموه َف َأ ْفطِروا»‪.‬‬
‫‪a-alqasim.com‬‬
‫‪5‬‬ ‫مقرر اليوم اخلامس عشر‬

‫والراجح‪ :‬أن الصوم يف أعياد الكفار محرم؛ ألن فيه إظهار من مظهر‬
‫الفرح بمعتقداهتم‪ ،‬وفيه خطر عىل العقيدة من اإلقرار بصحة أديان غير‬
‫اإلسَلم‪.‬‬

‫يق ‪َ -‬و َل ْو فِي َف ْرض ‪ -‬إِ اَّل َع ْن َد ِم ُم ْت َعة‬ ‫َوي ْحرم‪َ :‬ص ْوم ِ‬
‫الع َيد ْي ِن‪َ ،‬و َأ َيا ِم التا ْشرِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫َوقِ َران‪.‬‬
‫ولما ذكر رمحه اهلل األيام التي يكره صومها؛ ذكر بعد ذلك األيام التي‬
‫َّ‬
‫يحرم صومها؛ وهي نوعان‪:‬‬
‫(وي ْحرم‪َ :‬ص ْوم ِ‬
‫الع َيد ْي ِن) أي‪ :‬يحرم صوم عيد‬ ‫ُ‬ ‫أشار إىل النوع األول بقوله‪ُ ُ َ َ :‬‬
‫الفطر وعيد األضحى؛ ل ِ َما يف الصحيحين(‪ )1‬أن النبي ﷺ هنى عن صوم‬
‫العيدين‪ :‬عيد الفطر وعيد النحر‪ ،‬وقد اتفق العلماء عىل تحريم صيام العيدين‪.‬‬
‫(و َأ َيا ِم التا ْشرِ ِ‬
‫يق) وهي‪ :‬يوم الحادي عشر‪ ،‬والثاين‬ ‫والنوع الثاين‪ :‬قال‪َ :‬‬
‫عشر‪ ،‬والثالث عشر من ذي الحجة؛ ألهنا أيام عيد‪ ،‬قال عليه الصَلة والسَلم‪:‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب صوم يوم الفطر‪ ،‬رقم (‪ ،)1990‬ومسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪َ ،‬باب‬
‫ال َّن ْه ِي َع ْن َص ْو ِم َي ْو ِم ال ِف ْط ِر َو َي ْو ِم األَ ْض َحى‪ ،‬رقم (‪ )1137‬من حديث عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫‪a-alqasim.com‬‬
‫شرح زاد املستقنع‬ ‫‪6‬‬

‫ب َو ِذك ٍْر ل ِ َّل ِه» رواه مسلم(‪ ،)1‬وألن النبي ﷺ هنى‬ ‫« َأ َّيام الت َّْش ِر ِ‬
‫يق َأ َّيام َأ ْك ٍل َوش ْر ٍ‬

‫عن صيام أيام التشريق رواه البخاري(‪.)2‬‬

‫ف يف أيام التشريق إضافة إىل يومي‬
‫وعليه‪ :‬فيجوز للنساء أن يضربن الد َّ‬
‫العيدين‪ ،‬أما يف عيد الفطر فَل يضربنه إال يف يوم العيد فحسب‪.‬‬
‫(و َل ْو فِي َف ْرض) يعني‪ :‬يحرم صوم أيام التشريق ولو‬
‫ثم قال رمحه اهلل‪َ :‬‬
‫كان عن قضاء فرض‪ ،‬وكذا يحرم النذر بصيامها‪.‬‬
‫قال‪( :‬إِ اَّل َع ْن َد ِم ُم ْت َعة َوقِ َران) أي‪ :‬إال الحاج الذي نسكه تمتع أو قِ َران ومل‬
‫يجد الهدْ ي؛ فإنه يصوم يف الحج ثَلثة أيام‪ ،‬ويجوز أن يصوم يف أيام التشريق‪.‬‬
‫والدليل عىل ذلك‪ :‬ما جاء يف البخاري(‪ )3‬أن النبي ﷺ هنى عن صيام أيام‬
‫َ‬ ‫التشريق إال لمن مل يجد الهدي‪ ،‬وال َّله عز وجل يقول‪َ ﴿ :‬ف َم ْن َت َم َّت َع ب ُ‬
‫الع ْم َرة ِ إَِل‬‫ِ‬
‫َ َ ْ ََ ْ َْ َ ْ َ َ ُ ََ َ َ‬ ‫احلج َف َما ْ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫َيد ف ِصيام ثَلثةِ أيا ٍم ِِف احل ِج﴾‪،‬‬ ‫م‬‫ل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫اله‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫اس َتيْ َ َ‬
‫َس‬ ‫َِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫يم َص ْو ِم َأ َّيا ِم الت َّْش ِر ِ‬

‫يق‪ ،‬رقم (‪ ،)1141‬من حديث ن َب ْي َشة‬ ‫(‪ )1‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪َ ،‬باب َت ْح ِر ِ‬
‫الهذيل رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫يق‪ ،‬رقم (‪ )1997‬من حديث عائشة وابن عمر رضي اهلل‬ ‫(‪ )2‬كتاب الصيام‪َ ،‬باب ِص َيا ِم َأ َّيا ِم الت َّْش ِر ِ‬

‫ج ِد ال َهدْ َي»‪.‬‬
‫يق َأ ْن ي َص ْم َن‪ ،‬إِ َّال لِ َم ْن َل ْم َي ِ‬
‫ص فِي َأ َّيا ِم الت َّْش ِر ِ‬ ‫عنهما‪ ،‬ولفظه‪َ « :‬ل ْم ي َر َّخ ْ‬
‫يق‪ ،‬رقم (‪ )1997‬من حديث عائشة وابن عمر رضي اهلل‬ ‫(‪ )3‬كتاب الصيام‪َ ،‬باب ِص َيا ِم َأ َّيا ِم الت َّْش ِر ِ‬

‫ج ِد ال َهدْ َي»‪.‬‬
‫يق َأ ْن ي َص ْم َن‪ ،‬إِ َّال لِ َم ْن َل ْم َي ِ‬
‫ص فِي َأ َّيا ِم الت َّْش ِر ِ‬
‫عنهما‪ ،‬ولفظه‪َ « :‬ل ْم ي َر َّخ ْ‬
‫‪a-alqasim.com‬‬
‫‪7‬‬ ‫مقرر اليوم اخلامس عشر‬

‫ََ َْ َ َ َ ُْْ ْ َ‬
‫ك َع َ َ‬
‫َشةٌ‬ ‫فيجوز أن يبدأ بصيام ثَلثة أيام بعد يوم العيد‪﴿ ،‬وسبع ٍة إِذا رجعتم ت ِل‬
‫َ ٌَ‬
‫َكمِلة﴾ [البقرة‪.]196 :‬‬

‫وال َّله أعلم‪ ،‬وصىل ال َّله وس َّلم عىل نبينا محمد وعىل آله وأصحابه أمجعين‪.‬‬
‫***‬

‫‪a-alqasim.com‬‬