Professional Documents
Culture Documents
كتابي الجمع والضم لمسألة الشرف من الأم
كتابي الجمع والضم لمسألة الشرف من الأم
كتابي الجمع والضم لمسألة الشرف من الأم
ٌواصل الباحث فً هذا الجزء الثانً واألخٌر بحث مسؤلة الشرف من األم
،و كان قد تقدم نشر الجزء األول فً تارٌخ سابق ..
المبحث الثالث :أصل المسؤلة من جهة الشرع :
إذا نظرت إلى أصل الشرع وقانون الفقه فً أصل هذه المسؤلة ،تجد أن
القاعدة عند الفقهاء " :أن المولود ٌتبع أحد والدٌه فً شًء دون شًء " ،
ومن صور ذلك ":
ٔ -النسب ٌ :تبع فٌه المولود أباه .
ٕ -الدٌن ٌ :تبع المولود فٌه خٌرهما دٌنا .
ٖ -الحرٌة والرق ٌ :تبع فٌه األم .
ٗ -السبً ٌ :تبع فٌه سابٌه فً االسالم ،إذا سبً وحده . ]٘٘[ " .
وتلك القاعدة محكمة لها أدلة كثٌرة فً الشرع ،خاصة مسؤلة النسب منها
،فإنه ال ٌعرف خالف عند الفقهاء أن االبن ٌتبع أباه فً النسب ،إال فً
مسؤلَتًْ المرأة الزانٌة والمالعنة ،فإن الولد ٌُنسبُ إلٌهما ،و على هذا
جادة كتب المذاهب الفقهٌة المشهورة .
و أصل ذلك من الكتاب و السنة و اإلجماع .
أما الكتاب فمن محكمه فً أصل هذه المسؤلة قوله تعالى ":ادعوهم آلبائهم
هو أقسط عند هللا " ( األحزاب :آٌة رقم٘) .و قوله تعالى ":و على
المولود له رزقهن" .
و أما السنة النبوٌة فؤدلتها كثٌرة فً هذا الشؤن .منها حدٌث ":ملعون من
انتسب إلى غٌر أبٌه . " ..و حدٌث ":لٌس من رجل ادعى لغٌر أبٌه وهو
ٌعلمه إال كفر باهلل ،ومن ادعى قوما لٌس له فٌهم نسب فلٌتبوأ مقعده من
النار " رواه البخاري .و حدٌث ":من انتسب إلى غٌر أبٌه و هو ٌعلمه
فالجنة علٌه حرام " رواه مسلم .و غٌر ذلك من محكم الحدٌث النبوي .
و أما اإلجماع على تبعٌة االبن ألبٌه فً حمل النسب ،فقد حكاه غٌر
واحد .منهم :
ٔ – ابن عبدالسالم المالكً [. ]٘ٙ
ٕ – و ابن مفلح الحنبلً [. ]٘5
وقال خٌر الدٌن الرملً الحنفً ":قد استفاض النقل بؤن النسب لآلباء دون
األمهات بحٌث ٌُعْ ِجز نقله الكتبة ،و إن أجهدوا أنفسهم ! " أهـ.
بل نقل اإلمام العالمة ابن القٌم اتفاق المسلمٌن على ذلك ،فقال …" :اتفق
المسلمون على أن النسب لؤلب ،كما اتفقوا على أنه ٌتبع األم فً الحرٌة و
الرق ،و هذا هو الذي تقتضٌه حكمة هللا شرعا و قدرا ؛ فإن األب هو
المولود له ،و األم وعاء و إن تكون فٌها ،و هللا سبحانه جعل الولد خلٌفة
أبٌه و شجنته ،و القائم مقامه ،و وضع األنساب بٌن عباده ،فٌقال :فالن
ابن فالن ،و ال تتم مصالحهم و تعارفهم و معامالتهم إال بذلك ،كما قال
تعالى ٌ ":ا أٌها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل
لتعارفوا " ،فلوال ثبوت األنساب من قبل اآلباء لما حصل التعارف ،و
لفسد نظام العباد ،فإن النساء محتجبات مستورات عن العٌون ،فال ٌمكن
فً الغالب أن تعرف عٌن األم ،فٌشهد على نسب الولد منها ،فلو جعلت
األنساب لؤلمهات لضاعت و فسدت ،و كان ذلك مناقضا للحكمة و الرحمة
و المصلحة ،و لهذا إنما ٌدعى الناس ٌوم القٌامة بآبائهم ال بؤمهاتهم .قال
البخاري فً صحٌحه :باب ٌدعى الناس بآبائهم ٌوم القٌامة ،ثم ذكر
حدٌث ":لكل غادر لواء ٌوم القٌامة عند إسته بقدر غدرته ٌ ،قال :هذه
غدرة فالن ابن فالن " .
فكان من تمام الحكمة أن جعل الحرٌة و الرق تبعا لؤلم ،و النسب تبعا
لؤلب … " أهـ [.]٘1
وقال ابن مفلح ":و تبعٌة النسب لؤلب ( ع ) ما لم ٌنتف منه ،كابن
مالعنة ،فول ُد قرشً من غٌر قرشٌة :قرشً ،ال عكسه .و تبعٌة حرٌة و
رق ألم (ع) إال من عذر للعٌب أو غرور … ،و ٌتبع خٌرهما دٌنا .
وقاله شٌخنا ".أهـ[.]٘5
وقال ابن القٌم رحمة هللا علٌه أٌضا … ":فإن النسب فً األصل لؤلب ،
فإذا انقطع من جهته صار لؤلم ،كما أن الوآلء فً األصل لمعتق األب ،
فإذا كان األب رقٌقا ،كان لمعتق األم .فلو أعتق األب بعد هذا ،انجر
كذبالوآلء من موالً األم إلٌه ،ورجع إلى أصله ،وهو نظٌر ما إذا ّ
المالعن نفسه ،واستلحق الولد ،رجع النسب والتعصٌب من األم
وعصبتها إلٌه ،فهذا محض القٌاس وموجب األحادٌث واآلثار ،وهو
مذهب حبر األمة وعالمها عبدهللا بن مسعود ،ومذهب إمامً أهل األرض
فً زمانهما ،أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوٌه ،وعلٌه ٌدل القران
بؤلطف إٌماء وأحسنه ،فإن هللا سبحانه جعل عٌسى من ذرٌة ابراهٌم
بواسطة مرٌم أمه ،وهً من صمٌم ذرٌة ابراهٌم… " أهـ [ٓ.]ٙ
ومن المسلم به عند الفقهاء أن النسب ال ٌقبل النقل ،و لهذا قالوا " :النسب
ال ٌقبل النقل "[ٔ .]ٙو قال ابن بطال ":أجمع العلماء على أنه ال ٌجوز
تحوٌل النسب …"[ٕ .]ٙو قال القرطبً – عن حدٌث " نهى عن بٌع
الوالء … " " :و وجه الداللة :أنه أمر وجودي ،ال ٌتؤتى االنفكاك عنه
كالنسب ،فكما ال تنتقل األبوة و الجدودة ،فكذلك ال ٌنتقل الوالء … "
[ٖ. ]ٙ
وتصوٌر المسؤلة بذلك الشكل المتقدم ،و إثبات الشرف و النسب من
خاللها بإطالق ٌ ،عارض هذه المسلمة المقررة فً كالم الفقهاء .
وإذا كان األمر كذلك عند الفقهاء ،فما هً حجة من قال باستثناء ولد
الشرٌفة ،وهل عنده ما ٌقاوم تلك األدلة المحكمة والقواعد المستقرة فً
الشرع أم ال؟
قبل اإلجابة عن ذلك ٌ ،نبغً التفرٌق بٌن مسؤلتٌن قد تختلط على البعض
وهً :مسؤلة حمل عمود النسب ،ومسؤلة الدخول فً الذرٌة والنسل
والعقب ،فإن بٌنهما عموما وخصوصا وجهً ،ومن لم ٌفرق بٌنهما ال
ٌطرد له قول .ولهذا ٌتجاذب أصل هذه المسؤلة عدة أبواب وفروع فقهٌة ،
مثل مسآئل :الوقف والوصٌة لؤلوالد ،وأوالد األوالد :هل ٌدخل فٌهم
أوالد البنات أم ال ؟ وهً مسؤلة مشهورة عند الفقهاء ،وأرباب الفتوى ،ال
ٌكاد أن ٌخلو كتاب فقه من االشارة إلٌها .
وكثٌر من األدلة التً قد ٌسوقها بعضهم لالنتصار للشرف من األم وثبوته
صلَ ِ
ب األدلة ، ،ال ٌوجد كبٌر فآئدة من مناقشتها وتتبعها ،ألنها لٌست من ُ
وهً غٌر صرٌحة فً المسؤلة ،فهً أدلة تثبت شٌئا من الشرف و المتات
،والصلة والرحم ؛ والنسبُ شًء ورآء ذلك .
وفً حقٌقة األمر ،فإن الشرف المتنازع فً إثباته بٌن الفقهاء الخائضٌن
فً المسؤلة لم ٌحرر المراد به .و لهذا قال الشٌخ أبو عبدهللا الشرٌف
المالكً فً هذه المسؤلة لما سئل عنها " :ال أعلم فً المسؤلة نصا للمتقدمٌن
من أصحابنا المالكٌة ،و ال للمتؤخرٌن ،إال ما وقفت علٌه للتونسٌٌن ،
القاضً أبً إسحاق ابن عبدالرفٌع ،و هو ٌذهب إلى أن الشرف ال ٌثبت
من جهة األم ،و رئٌس البجائٌٌن الشٌخ أبو علً ناصر الدٌن ،و هو
ٌذهب إلى أن الشرف ٌثبت من جهة األم .
وكالم الفرٌقٌن لم ٌتحقق فٌه معنى الشرف المتنازع فٌه نفٌا و إثباتا ،لكن
المفهوم من كالم أبً إسحاق أن الشرف هو النسب ،و المفهوم من كالم
الشٌخ أبً علً أن الشرف هو الفضٌلة على الغٌر ،و كؤن الشٌخ أبا علً
راعى فً ذلك الوضع اللغوي .]ٙٗ[ " … ،
أقول :و لكن أبا علً ومن نحى منحاه ٌقول بإثبات النسب أٌضا !
ومن جملة أدلتهم :استداللهم بآٌة األنعام و ما فٌها من ذكر أن عٌسى علٌه
السالم من ذرٌة ابراهٌم علٌه الصالة والسالم ،وستؤتً مناقشة ابن القٌم
لها عند عرض كالمه فً المسؤلة .
واستدل بعضهم بحدٌث ":ابن أخت القوم منهم " [٘ . ]ٙوهذا الحدٌث –
كما ٌقول الحافظ ابن حجر – ":لٌس على عمومه ،إذ لو كان على
عمومه ،لجاز أن ٌنسب إلى خاله مثال ،وكان معارضا لحدٌث ":من
ادعى إلى غٌر أبٌه … " المصرح بالوعٌد الشدٌد لمن فعل ذلك ،فعرف
أنه خاص ،والمراد به :أنه منهم فً الشفقة والبر والمعاونة ،ونحو ذلك
" أهـ[. ]ٙٙ
ومما ٌبٌن أن هذا الحدٌث لٌس المراد به أمر النسب :استدالل من استدل
به فً مسؤلة ذوي األرحام هل ٌرثون كما ٌرث العصبات أم ال ؟! والذي
ٌبٌن ذلك " :أنه لو صح االستدالل بقوله ":ابن أخت القوم منهم " على
إرادة المٌراث لصح االستدالل به على أن العتٌق ٌرث ممن أعتقه لورود
مثله فً حقه ،فدل على أن المراد بقوله ":من أنفسهم " وكذا ":منهم "
فً المعاونة واالنتصار والبر والشفقة ،ونحو ذلك ال فً المٌراث".
أهـ[.]ٙ5
وتكون الحكمة – وهللا أعلم – فً إٌراد هذا الحدٌث ":إبطال ما كانوا
علٌه فً الجاهلٌة من عدم االلتفات إلى أوالد البنات فضال عن أوالد
األخوات حتى قال قائلهم :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن بنو الرجال األباعد
فؤراد بهذا الكالم التحرٌض على األلفة بٌن األقارب " أهـ[. ]ٙ1
قال الحافظ ابن حجر رحمه هللا تعالى ":قلت :وأما القول فً الموالً ،
فالحكمة فٌه ما تقدم ذكره من جواز نسبة العبد إلى مواله ال بلفظ البنوة ،
لما سٌؤتً قرٌبا من الوعٌد الثابت لمن انتسب إلى غٌر أبٌه ،وجواز نسبته
إلى نسب مواله بلفظ النسبة ،وفً ذلك جمع بٌن األدلة ،وباهلل التوفٌق "
أهـ[. ]ٙ5
المحاجـة بٌن القولٌن عند اإلمام ابن القٌم
أجرى المحاجة بٌن القولٌن باختصار ابن القٌم فً " جالء األفهام " ،فقال
رحمه هللا تعالى… " :الذرٌ ُة :األوال ُد وأوالدهم ،وهل ٌدخل فٌها أوالد
البنات ؟ فٌه قوالن للعلماء ،هما رواٌتان عن أحمد .إحداهما ٌ :دخلون ،
وهو مذهب الشافعً .والثانٌة :ال ٌدخلون ،وهو مذهب أبً حنٌفة .
واحتج من قال بدخولهم :بؤن المسلمٌن مجمعون على دخول أوالد فاطمة
رضً هللا عنها فً ذرٌة النبً صلى هللا علٌه وسلم المطلوب لهم من هللا
الصالة ؛ ألن أحدا من بناته لم ٌعقب غٌرها ؛ فمن انتسب إلٌه صلى هللا
علٌه وسلم من أوالد ابنته ،فإنما هو من جهة فاطمة رضً هللا عنها
خاصة ،ولهذا قال النبً صلى هللا علٌه وسلم فً الحسن ابن ابنته ":إن
ابنً هذا سٌد " ،فسماه ابنه ،ولما أنزل هللا سبحانه وتعالى آٌة المباهلة ":
فمن حاجك فٌه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنآءكم "
اآلٌة .دعا النبً صلى هللا علٌه وسلم فاطمة وحسنا وحسٌنا ،وخرج
للمباهلة .قالوا :وأٌضا فقد قال تعالى فً حق ابراهٌم ":ومن ذرٌته داود
وسلٌمان واٌوب وٌوسف وهارون وكذلك نجزي المحسنٌن .وزكرٌا
وٌحٌى وعٌسى" ،ومعلوم أن عٌسى لم ٌنتسب إلى ابراهٌم إال من جهة أمه
مرٌم علٌها السالم.
وأما من قال بعدم دخولهم :فحجته أن ولد البنات إنما ٌنتسبون إلى آبائهم
حقٌقة .ولهذا إذا ولد الهذلً أو التٌمً أو العدوي هاشمٌة لم ٌكن ولدها
هاشمٌا ،فإن الولد فً النسب ٌتبع أباه ،وفً الحرٌة والرق أمه ،وفً
الدٌن خٌرهما دٌنا ،ولهذا قال الشاعر :
بنونا بنـو أبناءنـا وبناتنـا بنوهن أبناء الرجال األباعد
ولو وصى أو وقف على قبٌلة لم ٌدخل فٌها أوالد بناتها من غٌرها .قالوا :
وأما دخول فاطمة رضً هللا عنها فً ذرٌة النبً صلى هللا علٌه وسلم ،
فلشرف هذا األصل العظٌم والوالد الكرٌم ،الذي الٌدانٌه أحد من العالمٌن
،سرى ونفذ إلى أوالد البنات لقوته وجاللته وعظم قدره ،ونحن نرى من
ال نسبة له إلى هذا الجناب العظٌم من العظماء والملوك وغٌرهم تسري
حرمة إٌالدهم وأبوتهم إلى أوالد بناتهم ،فتلحظهم العٌون بلحظ أبنائهم ،
وٌكادون ٌضربون عن ذكر آبائهم صفحا ،فما الظن بهذا االٌالد العظٌم
قدره ،الجلٌل خطره ؟!
قالوا :وأما تمسككم بدخول المسٌح فً ذرٌة ابراهٌم ،فالحجة لكم فٌه .
فإن المسٌح لم ٌكن له أب ،فنسبه من جهة األب مستحٌل ،فقامت أمه مقام
أبٌه ،وهكذا كل من انقطع نسبه من جهة األب ،إما لعان أو غٌره ،قامت
أمه فً النسب مقام أبٌه ،ولهذا تكون فً هذا الحال عصبة فً أصح
األقوال… " .انتهى كالم ابن القٌم [ٓ.]5
وبالجملة ،فمن التفت إلى التفرٌق بٌن مسؤلة حمل النسب ،ومسؤلة الذرٌة
والعقب ،وبان له الفرق بٌنهما ،انحل عنده اشكال مسؤلة ":أوالد البنات
" ودخولهم فً الوقف والوصٌة وغٌرها من المسآئل .وبه ٌظهر الراجح
فً مسؤلة " الشرف من األم " ،وهللا تعالى أعلم .
وممن قال من األئمة والفقهاء أن الرجل الٌحمل نسب آل البٌت األشراف
إنْ لم ٌكن أبوه كذلك جمع من محققً المذاهب الفقهٌة األربعة :
• فقهاء الحنفٌة :
قال بهذا القول العالمة ابن عابدٌن الحنفً خاتمة محققً الحنفٌة فً حاشٌته
،المشتهرة باسم "حاشٌة ابن عابدٌن " [ٔ .]5وقد صرّ ح رحمة هللا علٌه
فً الفتاوى الحامدٌة بؤن ":ولد الشرٌفة لٌس بشرٌف " [ٕ.]5
• فقهاء المالكٌة :
فً شرح الزرقانً على " خلٌل " ":و أما ابن الشرٌفة :فذهب ابن عرفة
و من وافقه إلى أن له شرفا دون من أبوه شرٌف ؛ و خالفه جمع من
محققً المشاٌخ التلمسانٌٌن ،و ذهبوا إلى أنه شرٌف مثله " [ٖ . ]5و
منهم :محمد بن عرفة الدسوقً المالكً فً حاشٌته على " الشرح الكبٌر "
[ٗ.]5
• قول الشافعٌة :
جعل السٌوطً رحمه هللا هذا القول مما جرى علٌه السلف والخلف ،فقال
فً " الحاوي للفتاوى " ":ولهذا جرى عمل السلف والخلف على أن ابن
الشرٌفة ال ٌكون شرٌفا " أهـ[٘.]5
وفً " الفتاوى الحدٌثٌة " البن حجر الهٌتمً … ":ولهذا جرى الخلف
كالسلف على ان ابن الشرٌفة من غٌر الشرٌف غٌر شرٌف ،ولو عمّت
الخصوصٌة أن " ابن كل شرٌفة شرٌف " :تحر ُم علٌه الصدقة ،ولٌس
كذلك…" أهـ[.]5ٙ
• قول الحنابلة :
قٌاس المذهب عندهم عدم إثبات النسب الشرٌف من جهة األم .و قد تقدم
قول ابن حمٌد الحنبلً فً تضعٌفه للقول بهذه المسؤلة ،و هو أحد متؤخرة
الحنابلة ،و هللا أعلم .
و هذا القول ،وهللا أعلم ،هو الراجح ،وٌتؤٌد ذلك بعدة أمور أخرى غٌر
ما ذكر:
منها :أن القول بؤن ولد الشرٌفة شرٌف قد جرّ إلى ادعاء النسب الشرٌف،
وتعرض فاعل ذلك لكبٌرة من كبائر االثم ،وذلك أن ٌدعً الرجل غٌر
أبٌه ،كما فً الحدٌث ":لٌس من رجل ادعى لغٌر أبٌه وهو ٌعلمه إال كفر
باهلل ،ومن ادعى قوما لٌس له فٌهم نسب فلٌتبوأ مقعده من النار " رواه
البخاري .
ومن قاعدة الشرع سده للذرائع ،وقد أصبح القول بهذه المسؤلة سببا
الدعاء النسب وحمله على غٌر المعروف عند النسابٌن ،ولهذا ٌجب سد
هذا الباب .
وقد وصل الحال فً بعض العصور إلى أن ٌتسنم نقابة األشراف من ال
ٌحمل نسبهم ،بل قد ٌُطرد عنها صاحب النسب الثابت لٌتولى أمرها من
ثبت شرفه من جهة األم ؟! و من ذلك أٌضا تسلم الشٌخ محمد بن أحمد بن
محمد المعروف بـ " الدواخلً " الشافعً للنقابة بعد موت محمد بن وفا ،
وكان ٌقال للدواخلً ":السٌد " ،وذلك ":ألن أباه تزوج بفاطمة بنت السٌد
عبدالوهاب البردٌنً ،فولد له المترجم منها ،ومنها جاءه الشرف ،وهم
من محلة الداخل بالغربٌة " أهـ [.]55
ومنها :أن طرد هذا القول ٌشغب على أصول مستقرة ثابتة فً أبواب الفقه
ومسائل الشرع ،مثل مسائل الوقف ،والوصاٌا ،والموارٌث ،وسهم
ذوي القربى ،وتحرٌم الزكاة على اآلل المحمدي ،وغٌر ذلك من المسائل
والفروع .
ومنها :أن إطالق لقب " الشرٌف " أو " السٌد " أصبح فً العرف
مقصورا على " ذرٌة الحسنٌٌن" ،أو أحدهما دون اآلخر ،أو أن المراد
به " كل آل البٌت " على خالف طوٌل فً ذلك ،ال طائل شرعً من
تحقٌق المراد به ،فالقول بهذه المسؤلة مما ٌزٌد النزاع فً ذلك المصطلح
وٌوسعه ،و ٌغٌر األعراف شبه المستقرة ،و ال ٌخفى ما فً هذا من
محاذٌر .
كل ذلك مما ٌتؤٌد به المنع من حمل النسب الشرٌف عبر تلك المسؤلة .
وأما من قال من األئمة و الفقهاء بؤن ":الشرف ٌثبت لمن كانت أمه شرٌفة
" ؛ فٌقال :نعم ٌ ،حصل الشرف لمن حصل له االٌالد من جهة اآلل
المحمدي لوجود الصلة والرحم بالنبً صلى هللا علٌه وسلم ،والرٌب أن
فً هذا شرفا لصاحبه ،كما تقدم ذكره فً كالم ابن القٌم رحمه هللا تعالى ،
لكن هذا ال ٌسوغ له شرعا أن ٌخاطب ب ":الحسنً " ،أو " الحسٌنً " ،
أو حتى ":الشرٌف " .
و أنت خبٌر بما تقدم ،أن هناك فرقا بٌن حمل عمود النسب الشرٌف ،
ومسؤلة الشرف ،وأن ذلك مطرد فً الشرع والقدر .فإثبات نوع من
الشرف لمن حصل له ذلك االٌالد الكرٌم ،موجود فً كالم من منع من
حمل عمود النسب الشرٌف ،فقد صرح ابن عابدٌن رحمه هللا تعالى
وغٌره بؤن الشرف ٌحصل له ،ولكن ٌمنع صاحبه من حمل نسب
غٌره[ . ]51ولهذا مضت عادة بعض من ٌترجم ألخبار الناس وسٌرهم أن
ٌقول فً ترجمة بعض من حصل له ذلك الشرف ":ابن الشرٌفة " [،]55
وال ٌقول فٌه " :الشرٌف " ،وهللا تعالى أعلم .
خاتمة المختصر
ما ٌتعلق بآل البٌت ،سوآء فً اآلحكام الشرعٌة أو المسائل العقدٌة أو
الحدٌث عن الفرق المنتسبة إلٌهم أو المتمسحة بعتبات أبوابهم ،أو الكالم
فً ما ٌتعلق بتوارٌخهم و أنسابهم … كل ذلك و غٌره ٌحتاج إلى بحث
علمً طوٌل بعٌد عن الغرض و الهوى ،و أناس كآل محمد ال ٌلٌق بهم
أن تبحث المسائل المتعلقة بهم على أي وجه كان ،بل البد من التحقٌق و
الجمع و استنطاق نصوص الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح من
الصحابة والتابعٌن ،و تحرٌر المسائل تحرٌرا ٌلٌق بمثل هذا البٌت
الشرٌف الذي ال ٌوجد على ظهر األرض بٌت ٌوزاٌه أو ٌقاربه فً نسبه و
منزلته .
و أرجو من هللا تعالى أن ٌكون فً هذا المختصر هدى لمن شاء هللا رحمته
من العباد ،و بالغا للحاضر و الباد ،و تنبٌها لمن ٌشتغل بنسب آل البٌت
على غٌر وجه مرضً ،فإن … ":النعام فً القرى " .
إذا كان أث ُل الواد ٌجمع بٌننا فغٌرُ خفً شٌحُ ُه من ُخ َزامِه
———————————————————